في مأتم رسميّ في وزارة الدفاع، شيّع لبنان أمس العسكريين الشهداء الذين اختطفهم تنظيم «داعش» من عرسال، في الثاني من آب عام 2014. وبعد مرور موكب التشييع في ساحة رياض الصلح، جرى دفن الشهداء كلٌّ في بلدته. ولاحظت "الجمهورية"، "أنّ الموقف السعودي" الذي عبرت عنه "تغريدات" الوزير ثامر السبهان ضد حزب الله، "لم يلقَ بعد تجاوباً من أيّ مسؤول لبناني، لأنّ المسؤولين اللبنانيين يعتقدون بأنّ السعودية غيرُ حاضرة بعد للعودة إلى الساحة اللبنانية". لكن "البناء" رأت أن "أي تحدٍّ جديد من السعوديبن للإيرانيين والسوريين وحلفائهم عبر الساحة اللبنانية سيكلف هذه المرة إخراج الرئيس سعد الحريري من المعادلة السياسية، فهل هي مستعدة لذلك؟.". ونقلت "الأخبار" عن "المصادر الدبلوماسية" إن الحريري الذي سيزور موسكو في الأيام المقبلة، "لن يسمع موقفاً مغايراً عمّا يقوله الروس في العلن. وهذه المرّة، سيكون ترميم العلاقات اللبنانية ــ السورية الرسمية في أولوية النصائح الروسية للحريري، لما فيه خير لبنان ولضرورة حلّ أزمة النازحين. إلّا أن بعض المحيطين بالحريري يروّجون لتكرار لرهانات خاسرة!".
الجمهورية
الرياض تساوي «حزب الله» بـ«داعش» وسلام يردّ على عون: إرفعوا السرّية
ودَّع لبنانُ في مأتمٍ رسميّ وشعبي مهيب، الشهداءَ العسكريين الذين سقطوا على يد «داعش»، واحتضَن الترابُ اللبنانيّ الجثامين في جوّ من الحداد امتدّ على مساحة الوطن. ولا يعني هذا الوداع طيَّ هذه الصفحة السوداء من كتاب الإرهابيين وما اقترَفوه بحقّ لبنان وجيشِه وأبنائه، بل ترَك بابَ هذه القضية مفتوحاً على مصراعيه وصولاً حتى الاقتصاص من الجُناة. على أنّ العلامة النافرة التي رافقَت التشييعَ الوطنيّ للشهداء العسكريين، هي إصرارُ أهلِ السياسة على إدخال هذه القضية الوطنية إلى حلبة السجال السياسي وتقاذُف المسؤوليات، والذي لا يؤتى منه سوى إعادة ضخّ مناخِ التوتير فى الأجواء الداخلية، في وقتٍ وضَعت الأجهزة العسكرية والأمنية الوضعَ الداخلي في عين الرصدِ الحثيث لتضييقِ الخناق على الخلايا الإرهابية النائمة وضربِها وشلِّ حركتِها، تحسّباً لأيّ خطوات غادرة يمكن أن تلجأ إليها في الداخل اللبناني.أعطى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، إشارةً إلى أنّ قضية العسكريين تحتلّ رأسَ قائمة الأولويات لدى أركان الدولة، مع التأكيد على المضيّ في التحقيق لجلاءِ ملابساتِ ما حصَل في 2 آب 2014، وهو ما أكّد عليه عون، موضحاً أنّ التحقيق الذي طلب إجراءَه في أحداث عرسال وجرودِها في 2 آب وما تلاها هدفُه وضعُ حدّ لِما يَصدر من مواقف واجتهادات وتحليلات.
وجاء تأكيد عون على التحقيق، بعد كلمته خلال المأتم الرسمي الذي أقيمَ للعسكريين في مقرّ قيادة الجيش في اليرزة، والتي غَمز فيها من قناة بعض مسؤولي تلك المرحلة من دون أن يسمّيهم، حيث قال: «دماء الشهداء أمانة في أعناقنا حتى تحقيقِ الأهداف التي استشهدوا من أجلها وجلاءِ كلّ الحقائق، وهؤلاء الشهداء العسكريون الذين خطِفوا وقتِلوا على يد التنظيمات الإرهابية، وَقفوا في العام 2014، على خطوط الدفاع عن لبنان غيرَ آبهين بما ظلّلَ تلك المرحلة من غموض في مواقف المسؤولين، سبَّبت جراحاً في جسمِ الوطن».
واستتبَع كلامُ رئيس الجمهورية ردّاً من رئيس الحكومة السابق تمام سلام الذي قال إنّه يضمّ صوته إلى صوت رئيس الجمهورية لضرورةِ جلاءِ كلّ الحقائق، مؤكّداً على فتحِ التحقيق على مصراعيه ورفعِ السرّية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء، ليتسنّى للّبنانيين، وفي مقدّمتهم عائلات الشهداء، الاطّلاعُ عليها، حتى لا تصيرَ أضاليلُ اليوم كأنّها حقائقُ الأمس».
أبحاث مجلس الدفاع
وعَلمت «الجمهورية» مِن مصادر المجتمعين أنّ اجتماع مجلس الدفاع الأعلى تناوَل بالتفصيل كلَّ الأمور والتفاصيل المرتبطة بالوضع الأمني إلى جانب قضية العسكريين.
وتَقرّر أن يتمركز الجيش اللبناني في المساحة الجردية التي تمّ تحريرها، من عرسال إلى القاع وتقدّر بـ٣٠٠ كلم مربّع، وهي أراضٍ صعبة جغرافيّاً، وتحتاج الى تجهيزات عالية تَحمي العسكر، منها أبراجُ المراقبة المتطوّرة، خصوصاً وأنّ الظروف المناخية لهذه الجرود قاسية، وتُرِك لقيادة الجيش تقديرُ عديد القوى المسلّحة التي تحتاجها للانتشار في هذه المنطقة، علماً أنّها تحتاج إلى ما يزيد عن١٠٠٠ عنصر.
وتقرّر أن تعمل قيادة الجيش على رفعِ مقترحاتٍ لمكافأة الوحدات التي خاضَت معركة الجرود، إمّا عبر ترفيعٍ أو تنويهٍ أو منحِ رتبٍ استثنائية وأوسمةٍ أو جوائز مالية. وكذلك أن يَرفع قائد الجيش تقريراً شاملاً عن متطلبات ومستلزمات المنشآت لتجهيز المواقع، وخصوصاً فوج الحدود البرّية التي ستَعمل على ضبطِ التهريب بعدما أصبحت الحدود ممسوكة.
وفي السياق ذاته، أشار وزير العدل الى انطلاق مسار التحقيق، وأنّ القضاء العسكري طلبَ من مخابرات الجيش البدءَ بالتعقّبات والتحقيقات لتكوين ملفّ على أساسه تبدأ الاستدعاءات، وأصبح بحوزة القضاء العسكري العديدُ من الأدلّة والفيديوهات والاعترافات التي على أساسها ستبدأ الملاحقة القضائية. وأبلغَ وزير العدل المجلسَ الأعلى للدفاع أنّ التحقيق سيَعتمد العناصر الجرمية لا الاتّهامات السياسية.
وتطرّقَ البحث إلى الوضع الأمني في البقاع، وخصوصاً وجوبُ استدارة القوى العسكري والأمنية إلى ضبطِ الأرض بعدما انشَغلت في السنوات الماضية بمنعِ التسلّل وصدّ الهجمات الارهابية الآتية من الجرود.
وفي سياق آخَر، تمّ التوافق على تكليفِ ضبّاطٍ للتواصل مع أهالي العسكريين لتفادي وقوع عمليات انتقامية من شأنها أن تُعيد البلاد إلى مرحلةٍ من التوتّر والتفلّتِ الأمني، الأمرُ الذي يُضيّع الانتصار والإنجازَ العسكري الكبير.واتُفِق على ملاحقة كلّ من تورَّط بخطف العسكريين أو وفَّر حمايةً للمسلحين، ولن يكون هناك غطاءٌ على أحد.
الحريري وموسكو
على صعيدٍ سياسيّ آخر، يتوجّه رئيس الحكومة سعد الحريري الاثنين المقبل الى موسكو برفقة عدد من الوزراء، يلتقي خلالها الرئيس فلاديمير بوتين ونظيرَه الروسي ديمتري ميدفيديف.
وتبدو طبيعة الوفد المرافق للحريري وكذلك جدولُ الأعمال أنّهما يَمنحان الزيارة طابعاً اقتصادياً، بالدرجة الاولى، إلّا أنّ ذلك لا يَحجب عنها البُعد السياسي، خصوصاً أنّ زيارة الحريري تتمّ في مرحلة مزدحمة بالتطوّرات الاقليمية والدولية، وتحديداً على مستوى الساحة السورية، في ظلّ التطورات المتسارعة في الميدان التي تشهَد تقدّماً ملحوظاً للنظام السوري وحلفائه، والمثال الساطع الاخير تجلّى في دير الزور وما قد يَليه من تطوّرات مكمّلة لهذا التقدّم.
وكشَفت مصادر ديبلوماسية روسيّة لـ«الجمهورية» أنّ اللقاء بين الحريري وميدفيديف سيأخذ الطابَع الاقتصادي فيه حيّزاً أكبرَ مِن الطابع السياسي، حيث سيركّز على سُبل تعزيز العلاقات الثنائية، وعلى تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية.
على أنّ الاجتماع الأهمّ هو مع الرئيس الروسي، إذ إنّ جدولَ البحث فيه مفتوح على كلّ التطوّرات الاقليمية والدولية، إلى جانب الشقّ الأساسي الذي يَعني لبنان، المتعلّق بإحياء فرصة تنشيطِ التعاون العسكري بين موسكو وبيروت، والغاية من ذلك هي رفدُ الجيشِ اللبناني بسلاح روسيّ.
ولفَتت المصادر الروسيّة إلى أنّ ما سيُطرح على بساط البحث في الشقّ العسكري يتجاوز بكثير إطار الهبة الروسيّة السابقة التي طرِحت قبل سنوات ومن ثمّ تعثّرَت، وكشَفت أنّ بعض الافكار المقترَحة تتّصل بتعاونٍ واسعِ النطاق، إلّا أنّ القرار الأساس منوط بالقيادة العسكرية اللبنانية التي هي الجهة الصالحة والوحيدة القادرة على تحديد قائمة الأسلحة ونوعيتها التي يَحتاجها الجيشُ اللبناني لتعزيز قوّته، وخصوصاً في هذه المرحلة التي يخوض فيها الجيش حرباً قاسية ضدّ الإرهاب وحقّق إنجازات مشهودة من قبَل كلّ العالم.
إلّا أنّ الحجم الذي ستتّخذه المساهمة الروسية في تسليح الجيش، وكما قالت المصادر، يتوقّف على طبيعة الإطار المالي لهذه المساهمة، وعرَضت في السياق احتمالين: فإمّا أن يتمّ التسليح من خلال قرضِِ روسيّ، وحينها يصبح هامش الاستفادة من القدرات الروسية واسعاً، وإمّا أن يجريَ ذلك عبر الخزينة اللبنانية، وفي هذه الحالة ستتقلّص الخيارات.
عون إلى موسكو
وكشَفت المصادر الروسيّة أنّ موسكو تستعدّ لاستقبال الرئيس عون، مشيرةً في هذا المجال إلى أنّ التحضيرات قد بدأت منذ الآن لإتمام هذه الزيارة، حيث بدأت خطوط الاتّصال بين القصر الجمهوري اللبناني والكرملين تشهد حرارةً ملحوظة، في وقتٍ وجّهت القيادة الروسية تعليمات الى السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين للمباشرة بالإعداد لهذه الزيارة.
وعمّا إذا كان موعد زيارة عون الى موسكو قد تحدَّد بعد زيارة الحريري، قالت المصادر الديبلوماسية الروسية: «حتى الآن تمّ حسمُ مبدأ إتمامِ الزيارة، وأمّا الموعد فيَنتظر اختمارَ بعضِ الترتيبات اللوجستية والإجرائية، ولا سيّما تلك التي تتعلق ببرمجةِ روزنامة بوتين واختيار التوقيت المناسب للاجتماع بينه وبين الرئيس اللبناني».
السبهان مجدّداً
مِن جهةٍ ثانية، دخَل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان مجدّداً على المشهد اللبناني بتغريدةٍ جديدة هجومية على «حزب الله» وإيران، حيث قال: «الإرهاب والتطرّف في العالم منبعُه إيران وابنُها البكر حزب الشيطان، وكما تَعاملَ العالم مع داعش لا بدّ من التعاملِ مع منابعِه، شعوبُنا بحاجة للسلام والأمن.
وهي تأتي على مسافة أيامٍ قليلة من تغريدته الأولى التي جاءت بمضمون شديد القساوة على الحزب، وخيَّر فيها اللبنانيين بين أن يكونوا مع الحزب أو ضدّه.
ووصَفت مصادر سياسية تغريدةَ السبهان، ربطاً بالثانية، بأنّها لم تكن «سنونو» عابرة، بل هي موقفٌ سعوديّ قديمٌ ـ جديد.
وفيما انشَغلت الأوساط السياسية أمس بمعرفة خلفيات هذه التغريدات من دون أن تتمكّنَ من الوقوف على جوابٍ شافٍ، كشَف مصدر لبنانيّ اقتصادي، التقى في الساعات الـ 48 الماضية بعضَ المسؤولين السعوديين في المملكة، أنّ الموقف السعودي يَهدف إلى استنهاض 14 آذار في ظرفٍ تشير فيه المعطيات إلى انحياز لبنان إلى المحور السوري ـ الإيراني، وتخشى السعودية التي بدأت انفتاحاً على بغداد، من أن يردّ الإيرانيون بتشديد القبضة على الوضع اللبناني، لذلك قرّرَت تكثيفَ الرسائل إلى اصدقائها في لبنان ليصحّحوا مواقفهم.
إلّا أنّ مصادر سياسية اعتبَرت أنّ خَلق توازنٍ لا يكون بتغريدة إنّما بمشروع متكامل، على غرار الذي كان بين العامين 2005 و2009، وهو أمر لا يبدو أنّ السعودية عازمة على تجديده، إنّما تعتقد بأنّها قادرة على خلقِ مناخٍ جديد في الوقت الحاضر، وتطوّر موقفَها لاحقاً حسب الحاجة وحسب مدى تجاوبِ حلفائها السابقين في لبنان.
وكشَفت مصادر أخرى أنّ الموقف السعودي لم يلقَ بعد تجاوباً من أيّ مسؤول لبناني، لأنّ المسؤولين اللبنانيين يعتقدون بأنّ السعودية غيرُ حاضرة بعد للعودة إلى الساحة اللبنانية.
بدوره، رأى مصدر معارض أنّ تكرار الوزير السبهان لتغريداته يؤكّد أنّ ما قاله لم يكن زلّة لسان ولا موقفاً عابراً قيل عن غير قصد.
وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ استخدام الأسلوب نفسه في التغريدات وخلال أيام، يؤكّد أنّ الوزير السعودي يُعبّر عن موقفٍ مدروس للمملكة العربية السعودية، ويَرتكز على أنّ كَيلها طفحَ من تمادي النفوذ الإيراني في لبنان أمام تراخي السلطة اللبنانية بشكلٍ كامل».
أضاف: «وما أزعجَ الرياض أكثر هو استهدافُ الرئيس تمام سلام وغيره من القيادات، فجاء بيان سلام (الذي ردَّ فيه على عون أمس) ليلاقيَ تغريدةَ السبهان في اعتراضٍ سنّي عريض. فبدل أن يكون فتحُ ملفِّ المرحلة السابقة قضائيّاً، يتحوّل يوماً بعد يوم إلى قضيةٍ معنيةٍ فيها الطائفةُ السنّية برُمّتها.
الأخبار
بري لـ«الأخبار»: لن أقبل بغير التسجيل المسبق للمقترعين
الانتخابات النيابية في مهبّ الريح!
هل يفتح الحريري صفحة جديدة مع موسكو؟
اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين «نائمة» في اللجان النيابية
يزداد الحديث عن المخاطر التي تطال إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، مع الخشية من عدم القدرة على تنفيذ الاستحقاق في موعده في ظلّ الخلافات. «التسجيل المسبق» عقدة بارزة أمام العملية الانتخابية، ومع ذلك، لا تقارن بالتباينات التي لم تظهر بعد بين الكتل السياسية.
ومع إقفال ملفّ التهديد الإرهابي انطلاقاً من الجرود الشرقية اللبنانية، بدأت الانتخابات النيابية المقبلة تتصدّر المشهد السياسي اللبناني، في ظلّ الانقسام الذي يعصف بين الكتل السياسية، ويتمثّل في اختلاف وجهات النظر بين أعضاء اللجنة الوزارية المكلّفة ببحث كيفية تطبيق قانون الانتخاب.
وإذا كانت غالبية الأطراف لا ترى خطراً في مرور مهلة صدور مرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات في موعده المفترض، أي قبل 17 أيلول الحالي، فإن العقبات التي تقف في وجه تطبيق القانون الجديد تضع الاستحقاق الانتخابي بأسره في عين العاصفة.
الجلسة الثالثة للجنة الوزارية أوّل من أمس بدت نذير شؤم على إمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. فالانقسام كان سيّد الموقف بين ممثّلي الكتل البرلمانية من الوزراء، وجرى الحديث فيها بشكل واضح عن الصعوبات التي تواجهها وزارة الداخلية في المدّة المتبقية قبل الموعد، لتنفيذ الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات في أيار المقبل.
حتى إنه وصل الأمر بالوزير علي حسن خليل إلى القول داخل اللجنة، إنه بات مقتنعاً بأن وزارة الداخلية ستعجز عن تسليم البطاقات الممغنطة، في حال استمر الانقسام على حاله ولم يتمّ التوصّل إلى صيغة منطقية لآلية الاقتراع.
غير أن الانقسام الأبرز الآن لا يزال يتمحور حول مبدأ التسجيل المسبق للناخبين في حال أرادوا الاقتراع خارج مكان القيد. ومع أن هذا البند يزداد تعقيداً، مع انقسام الكتل إلى فريقين، إلا أنه يبدو أقلّ الأزمات، أمام ما يُعِدّ له كلّ من التيار الوطني وحركة أمل من مطالب لتعديل القانون، لا سيّما مسألة احتساب نسب الصوت التفضيلي على أساس الأقضية أو الدوائر الصغرى.
وينص اقتراح التسجيل المسبق على أن يبادر الناخب، قبل نهاية العام الذي يسبق إجراء الانتخابات، إلى إبلاغ وزارة الداخلية بالمكان الذي يريد التصويت فيه. مثلاً، إذا كان ناخب من الشوف يسكن في كسروان، يمكنه طلب الاقتراع في مركز قريب من مكان سكنه، بدل التوجه إلى بلدته يوم الانتخابات. وإذا تجاوز عدد الناخبين الشوفيين في كسروان رقماً معيناً، تخصّص لهم وزارة الداخلية قلم اقتراع حيث يقطنون، ليشاركوا في انتخاب نواب دائرة الشوف ــ عاليه. وفي هذه الحالة، تُشطَب أسماء هؤلاء الناخبين من لوائح الشطب في بلداتهم، لتوضع على لوائح شطب تمكّنهم من الاقتراع في المركز الذي خصّصته لهم الوزارة.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مسألة التسجيل المسبق يعارضها التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، بينما يتمسّك بها كل من حزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية. وإذا كان موقف التيار الوطني الحرّ، وعلى لسان الوزير جبران باسيل، مبرّراً بأن «مزاج الناخب يتحدّد قبل عشرة أيام، ولذلك علينا ترك الحرية للناخبين للاختيار يوم الاقتراع بين الاقتراع في أماكن قيدهم أو في أماكن سكنهم أو في الأقلام المركزية في بيروت»، فإن موقف تيار المستقبل ليس مفهوماً، سوى من باب دعم موقف العونيين.
وهذا الاستغراب سجّله رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أمس، الذي قال لـ«الأخبار» إن «مبدأ التسجيل المسبق هدفه تنظيم الانتخاب، وهو قد يكون سبباً إضافياً في حال غيابه لخسارة تيار المستقبل. وأنا لا أجد مبرّراً لرفض المستقبل له سوى مسايرة التيار الوطني الحرّ». لكنّ برّي الذي بات يشعر بأن «هناك من يريد وضع عراقيل بهدف تطيير الانتخابات»، أكّد أنّه «لا أقبل إلّا بالتسجيل المسبق، وهذا ليس مصلحة لأحد معيّن، بل طريقة لتنظيم الانتخابات. ولن أقبل بإلغائه حتى لو طارت الانتخابات برمّتها».
وتشرح مصادر وزارية شاركت في الجلسة أن عدم وجود التسجيل المسبق لا يسمح بتحديد عدد الناخبين في الأقلام المركزية أو في أقلام المناطق والقرى، وبالتالي لا يسمح بتحديد عدد رؤساء الأقلام ولا عدد اللوائح المطبوعة مسبقاً، والتي تكلّف الواحدة منها دولاراً واحداً. وهذا أيضاً يُجبر وزارة الداخلية على إجراء ربط تقني بين 7 آلاف مركز انتخابي، أي 7 آلاف «جهاز قراءة إلكتروني للناخبين»، موصولة بقواعد بيانات مركزية في المناطق، تكون موصولة بدورها بقاعدة بيانات مركزية في وزارة الداخلية. وهذه العملية ستكلّف الدولة عشرات ملايين الدولارات، من دون سبب.
أمّا بالنسبة إلى البطاقة البيومترية، فليس محسوماً بعد إن كان سيتمّ اعتماد بطاقة ممغنطة مخصصة للانتخابات فقط، أم بطاقة بيومترية تحمل معلومات كاملة عن المواطنين وتستعمل لاحقاً كبطاقة هوية. إلّا أن الثابت هو أن عدد البطاقات البيومترية المطلوب إنتاجها يصل حدّ 3 ملايين و800 ألف بطاقة. وتقول المصادر إن وزير الداخلية نهاد المشنوق قال إن المطلوب لإصدار هذا العدد إنتاج حوالى مليون بطاقة شهرياً، أي حوالى 40 ألف بطاقة يومياً، في ماكينة عمل لا تتوقّف 24 ساعة في اليوم. على أن تقديم الطلبات للبطاقات البيومترية يجب أن يبدأ بداية تشرين الأول حتى نهاية العام الحالي، وهو ما يبدو بالنسبة إلى أكثر من مصدر في اللجنة أمراً مستحيلاً، وخاصة أن مئات آلاف المواطنين اللبنانيين لم يحصلوا بعد على بطاقات هوياتهم، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على بدء عملية إصدارها.
الجيش إلى الحدود الشرقية
وفيما أقام الجيش احتفالاً تكريميّاً للشهداء العسكريين في اليرزة وشيّعت جثامين الشهداء بعده في مناطقهم، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً مهمّاً في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، كُلّف خلاله الجيش بـ«اتخاذ التدابير اللازمة لانتشار أفواج الحدود البرية (على الحدود الشرقية) ورفع الاقتراحات لتأمين جميع المستلزمات العسكرية واللوجستية بأقرب وقت ممكن». كذلك جرى تكليف وزير الخارجية جبران باسيل بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، بسبب خرق العدو الاسرائيلي الأجواء اللبنانية واستعمالها لقصف الأراضي السورية، بعد الغارات المعادية الأخيرة على مركز البحوث العلمية في منطقة مصياف السورية.
وبعد تقويم نتائج العملية العسكرية في الجرود، عرض رئيس الجمهورية التكليف بإجراء تحقيق في ما خصّ ظروف خطف العسكريين وأسرهم وقتلهم، حيث أشار وزير العدل سليم جريصاتي إلى أن «التحقيق سوف يتناول العناصر الجرمية لتفادي أيّ اتهام سياسي».
وفي السياق ذاته، دعا رئيس الحكومة السابق تمام سلام إلى «ضرورة جلاء كل الحقائق في قضية العسكريين الشهداء، وفتح التحقيق على مصراعيه ورفع السرية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء ليتسنّى للبنانيين، وفي مقدمتهم عائلات الشهداء، الاطلاع عليها، حتى لا تصير أضاليل اليوم كأنها حقائق الأمس».
هل يفتح الحريري صفحة جديدة مع موسكو؟
اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين «نائمة» في اللجان النيابية
لا تقارن زيارة الرئيس سعد الحريري غداً الأحد لموسكو بزياراته السابقة. ومع أن الحريري يزور العاصمة الروسية بصفته رئيساً للحكومة هذه المرّة، إلّا أن الظروف الدولية والإقليمية وعلاقة المملكة السعودية نفسها مع روسيا تغيّرت، وبات التسليم بالدور الروسي على شاطئ المتوسّط أمراً محتوماً، تماماً، كما ثبّت الميدان السوري شرعية الحكومة السورية وحكم الرئيس بشّار الأسد على المساحة الأوسع من البلاد (فراس الشوفي).
وما لا يمكن تجاهله هذه المرّة هو أن التسوية الإقليمية التي تتّضح معالمها يوماً بعد يوم، والتي أفضت إلى تحوّل في مواقف الدول المحيطة بسوريا برعاية روسية، لا سيّما الأردن وتركيا لناحية الاعتراف العلني أو المبطّن بشرعية الأسد، لا يمكن أن يبقى لبنان خارجها، ويبقى فريق الحريري مصّراً على موقفه الذي بات متقدّماً على المواقف الخليجية.
مصادر دبلوماسيّة روسيّة أكّدت لـ«الأخبار» أن «موسكو تلمس التحوّلات الخليجية تجاهها، على الرغم من المواقف الأميركية المعترضة»؛ فبعد التواصل القطري المتقدّم، على خلفيّة الخلاف القطري ــ السعودي، تنتظر موسكو زيارة وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي من المتوقّع أن «يسمع نصائح روسية بضرورة إعادة فتح الخطوط مع الأسد، لما فيه مصلحة السعودية وسوريا ومصلحة إنجاح مهمّة مكافحة الإرهاب».
وعدا عن التفاهمات والمداخلات التي طُلب من الوزراء المرافقين للحريري تقديمها أمام رئيس الحكومة الروسية ديمتري مدفيديف، فإن الحيّز السياسي وأزمة النازحين السوريين والملفّ السوري، ستأخذ مساحة من النقاش، إن كان مع مدفيديف، أو في اللقاء المرتقب مع الرئيس فلاديمير بوتين. وتقول المصادر الدبلوماسية إن الحريري لن يسمع موقفاً مغايراً في موسكو عمّا يقوله الروس في العلن. وهذه المرّة، «سيكون ترميم العلاقات اللبنانية ــ السورية الرسمية في أولوية النصائح الروسية للحريري، لما فيه خير لبنان ولضرورة حلّ أزمة النازحين». إلّا أن بعض المحيطين بالحريري يروّجون أن رئيس الحكومة سيسعى إلى تعديل الموقف الروسي من الأسد، بعد أن روّجوا خلال الأيام الماضية، بعد عودة الحريري من باريس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعد رئيس الحكومة برحيل الأسد في غضون ستّة أشهر خلال «المرحلة الانتقالية»… في تكرار لرهانات خاسرة!
يتلقّف الروس الإيجابية التي يتعامل بها العهد الجديد مع موسكو، والتي تُوِّجت بزيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف قبل أسبوعين، ومشاركته في «منتدى الجيش الروسي 2017». تركت زيارة الصّراف أثراً طيباً في العاصمة الروسية لدى المسؤولين العسكريين والسياسيين الروس. فوزير الدفاع، الذي عكس إيجابية موقف عون من روسيا خلال لقاءاته، جهد لدراسة آليات تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وأمضى أيام رحلته الثلاثة متنقّلاً بين مصانع الأسلحة ومقار الشركات المعنية بالتصنيع، واضعاً أمام المؤسسة العسكرية الروسية حاجيات الجيش اللبناني، من الدبابات والصواريخ والمدافع المتعدّدة المديات، والرشاشات المتعدّدة الأصناف والأسلحة المضادة للدروع والذخائر المتنوّعة. ويمكن القول إن زيارة الصّراف مسحت «السواد» الذي خلّفه وزير الدفاع السابق سمير مقبل في العلاقة بين لبنان وروسيا، والذي ترك أثراً سيّئاً حتى على مستوى البروتوكول، بعد تغيّبه عن عشاء رسمي دعاه إليه وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. ومن نتائج زيارة الصرّاف، قرار وزارة الدفاع الروسية تزويد لبنان بهبة عسكرية تصل خلال أسابيع، وتتضمّن ملايين الذخائر والقذائف والأعتدة العسكرية.
وفي مقابل ودّ الرئيس عون والصرّاف وعلاقة الرئيس نبيه برّي بروسيا وزيارة «التكفير عن الخطايا» التي قام