فُتِحت النار بين وزارتَي الداخلية والخارجية ـ قالت "الجمهورية" ـ إذ رَفع وزير الداخلية نهاد المشنوق سقفَ الانتقاد لسياسة وزارة الخارجية، حيث اعتبَر أنّ «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوكَ وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه. وقال: «إنّ التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامنَ الحكومي لمخاطر جدّية». وردَّ باسيل على المشنوق سريعاً، فقال مِن سوق الغرب، عن سياسة لبنان الخارجية: «مَن لا تعجبه سياستُنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبَعية، أمّا نحن فنعيش ورأسُنا مرفوع». لكن "الأخبار" التي لفتت إلى أن غالبية القوى السياسية لا تزال تعلن تمسّكها بالتسوية الداخلية، علمت بأن قراراً اتخذه الحريري خلال اجتماعٍ مع فريقه اللّصيق الأسبوع الماضي، يقضي برفع الصوت ضدّ اندفاعة رئاسة الجمهورية وحلفائه تجاه سوريا في ما خصّ أزمة النازحين. وهذا التصعيد، كما قالت "الأخبار" يعود لأسباب انتخابية داخلية، وأسباب أميركية ـ سعودية. وأكدت أن "الرؤساء الثلاثة وجنبلاط يرون أن السبيل الأمثل لمواجهة التحديات يكمن في تحصين الاستقرار الداخلي". وأشارت "الأخبار" إلى أن الرئيس سعد الحريري هو الأكثر عرضة للضغط. يُدرك أن تنفيذ ما يريده الأميركيون والسعوديون يعني مغامرة محسومة النتائج سلفاً لغير صالحه" …
الجمهورية
برّي: الإنتخابات باتت أمراً واقعاً… ومخاوف على الإستقرار
إنتقال التركيز الأميركي – السعودي على طهران و»حزب الله» لم يترجَم بعد تصعيداً عملياً، إنّما رفعَ منسوب المواقف التصعيدية، ويؤشّر إلى دخول المنطقة في مرحلة جديدة لا يمكن التكهّن بمسارها ومآلِها وتداعياتها، ما أثارَ مخاوفَ من انهيار الاستقرار العام، فيما تبدو الساحة اللبنانية كأنّها ستبقى محيَّدةً حتى إشعار آخَر عن الكباش الأميركي – السعودي مع إيران تجنّباً لتمدّدِ الأزمة السورية وحِرصاً على ملفّ النازحين، ولكن هذا لا ينفي أنّ الأمور مفتوحة على احتمالات شتّى، خصوصاً في حال احتدامِ المواجهة وشعورِ جميع الأطراف بالحاجة إلى رفعِ مستوى المواجهة بالانتقال من الرسائل الصوتية إلى الرسائل العملية.
فرَض المشهد الدولي والإقليمي الساخن نفسَه على الأجواء المحلّية، إلّا أنّ المظلة الدولية لحماية لبنان واستقراره لا تزال قائمة، إن لم تكن أقوى من ذي قبل، على حدّ تأكيد مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، قائلةً «إنّ التهدئة في لبنان مطلوبة داخلياً وخارجياً.
من جهتِها، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الوفاق «ماشي» ومستمر ويُظلّل الحكومة، ولا مصلحة لأحد من أعضائها المستفيدين منها في تفجيرها والتسبّبِ بدوّامة على أبواب الانتخابات النيابية». وأضافت: «لنفترضْ أنّ الحكومة فرَطت، فلن تتشكّل حكومة جديدة من دون «حزب الله»، فالحزب قوّة سياسية في البلد وجزء اساسي في المعادلة اللبنانية، ولا أحد يستطيع تجاوزَه».
وعلى رغم هذه التطمينات، إضافةً إلى إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري من روما الجمعة الفائت أنّ «لبنان غيرُ معني بالأزمة الأميركية – الإيرانية وأنّ المواضيع الخلافية الداخلية لن تدفع الى الاستقالة، وأنّ الحكومة لن تتفجّر، استمرّ التوتّر الكلامي الداخلي، وارتفعَ منسوب الاتهامات المتبادلة بين مكوّنات الحكومة، ما دفعَ مرجعاً سياسياً إلى القول «إنّ من يتابع مواقفَ اهلِ السلطة، خصوصاً في الساعات الـ 24 الأخيرة يقع في حالةِ ضياع او قرَف، فيوماً يتّفقون على كلّ شيء ويوماً يختلفون على كلّ شيء، فبَعد سجالاتِ ما قبل جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، انعقدت الجلسة واتّخِذت فيها قرارات، كتعيين اعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتوفير اعتماد تمويل الانتخابات النيابية، بعدما كانوا توزّعوا أخيراً التشكيلات القضائية، وما إن انتهوا حتى عادت السجالات تطلّ برأسِها على رغم كلّ التطورات في المنطقة».
وتبعاً لذلك، فُتِحت النار بين وزارتَي الداخلية والخارجية، إذ رَفع وزير الداخلية نهاد المشنوق سقفَ الانتقاد لسياسة وزارة الخارجية، حيث اعتبَر أنّ «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوكَ وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه.
وقال: «إنّ التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامنَ الحكومي لمخاطر جدّية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن الاستمرار في سياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، ومشدّداً على أنه يُفرّق «بين رئيس الجمهورية الذي له كلّ احترام وتقدير وعلاقتُنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارَض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».
ورأى المشنوق أنّ «سياسة النأي بالنفس التي كانت أحدَ بنود التسوية الرئاسية، قد تعرَّضت لضربات في الفترة الأخيرة، إنْ على صعيد زيارة عددٍ من الوزراء إلى سوريا ومشاركتهم في معرض دمشق الدولي، أو في لقاء نيويورك بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير خارجية سوريا وليد المعلم، الذي لم يكن منسَّقاً مع رئيس الحكومة، كما تنصّ بنود التسوية».
وأوضَح أنّ «نتائج الحكومة الائتلافية ليست ممتازة، لكن هناك إمكانية جدّية لإنجاز مشاريع، إنْ على صعيد بيروت أو على صعيد لبنان، بطريقة معقولة، وتحويلها إلى التنفيذ».
وردَّ باسيل على المشنوق سريعاً، فقال مِن سوق الغرب، عن سياسة لبنان الخارجية: «مَن لا تعجبه سياستُنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبَعية، أمّا نحن فنعيش ورأسُنا مرفوع». وقال: «إنّنا نسامح لكن لا ننسى، وتاريخُنا نفتخر به»، مشيراً إلى «أنّ المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر أو استتباعاً له، وهي لم تكتمل وقواعدُها معروفة».
وكان باسيل قد اعتبَر من رشميا «أنّنا في نزاعٍ مع الوقت ويؤخّروننا حتى تصبحَ وزارة الطاقة والمياه مع غيرنا، ولكن هذا لن يحصلَ «شو منعمِلّن». واعتبَر أنّ «من يؤخّر ملفَّ الكهرباء هدفُه عدم تأمين الكهرباء قبل الانتخابات النيابية فقط لا غير، وما يفعلونه بالكهرباء يمارسونه في النفط ومارَسوه في قانون الانتخاب، والخاسر هو الناس، لأنّ الوقت يَضيع ودائماً يبتدعون الحجَج».
جنبلاط
ودخل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على خط التراشق بين المشنوق وباسيل، فغرَّد عبر «تويتر»، فقال: «السلام عليك يا بطريرك السلام مار نصرالله بطرس صفير».
وفي تغريدةٍ لاحقة قال جنبلاط: «السلام عليكَ يا بطريرك المحبّة مار بشارة بطرس الراعي».
وكان النائبان أكرم شهيّب ووائل ابو فاعور قد ردّا على باسيل، فشدَّد الاوّل مجدّداً «على أنّ المصالحة راسخة وتُشكّل خطاً أحمر في مسيرتنا السياسية التي لم ولن تُبنى على مقعدٍ نيابي بالزائد أو بالناقص». فيما اعتبَر ابو فاعور أنّ «أهل المصالحة في الجبل وفي تنوّعِهم لن ينصتوا لأيّ خُطبٍ تحريضية، لأنّ المصالحة باتت واقعاً لن ينالَ منه أحد، وسنستمرّ في تكريسها ولن نُستدرج إلى منطق الكراهية ونبشِ القبور».
جعجع
ومِن أوستراليا، وبعدما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المبادرة من أجل استعادة قرار الدولة، شدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على أنّ «قيام الدولة له منطقٌ معيّن لا يتحمّل التأويل ولا الإشراك، لا يوجد نِصف دولة، فإمّا دولة موجودة أو لا دولة، وأولى مقوّمات قيام الدولة هي أن يكون القرار الاستراتيجي في يدها، بالإضافة الى حصريةِ استعمال السلاح، وهذان الشرطان غير متوافرين في لبنان».
وطالبَ الحكومة اللبنانية باتّخاذ قرار في شأن عودة النازحين «لأنه قرار سياديّ قبل أيّ شيء آخر»، مشدّداً على «ضرورة أن تقوم الحكومة بالترتيبات المطلوبة لإعادتهم الى بلدهم».
ملفّ النازحين
وفي شأن ملفّ النازحين، من المقرر أن يبدأ التعاطي الرسمي الجدّي مع هذا الموضوع اعتباراً من هذا الاسبوع، فينتقل رئيس الجمهورية، الذي كانت له مواقف صارمة ووطنية بهذا الملف، الى مرحلة التدابير وإجراء مشاورات اقليمية ودولية يفترض ان تبدأ من اليوم بلقاء مع سفراء الدول المعنية يَستتبعها بلقاء سفراء الدول المانحة ليَطرح عليهم خطة تنفيذية لعودة النازحين لكي لا يصبح مطلبُ إعادتهم صوتاً صارخاً فقط.
وفي هذا السياق، كشَفت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لـ»الجمهورية» انّ سفراء الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي سيَحضرون الى قصر بعبدا في الساعات المقبلة ملبّين دعوةَ رئيس الجمهورية للتشاور في التطوّرات على الساحتين اللبنانية والمنطقة.
وقالت هذه المصادر إنّ فريق عمل عون أنجَز ملفّاته الى هذه اللقاءات حيث يُتوقّع ان يشرَح رئيس الجمهورية للسفراء، بالإضافة الى ممثلي المنظمات الدولية الكبرى في وقتٍ لاحق، مضمونها، وخصوصاً ما يتصل بالأسباب والدوافع التي قادت إليه وما بلغه حجم النزوح على الأراضي اللبنانية والنتائج السلبية التي ترتبت عليه على كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحّية، عدا عن المنافسة التي تسبَّبت بها اليد العاملة السورية في الأسواق اللبنانية.
الحريري في ايطاليا
على صعيدٍ آخر، وعشية اللقاءِ المرتقب بين الحريري ونظيرِه الإيطالي باولو جينتيلوني، قالت مصادر الوفد اللبناني في روما لـ»الجمهورية»: «إنّ اللقاء سيركّز على الوضع العام في لبنان والمنطقة من بوّابة العلاقات المميّزة بين لبنان وايطاليا على أكثر من مستوى، وسيتناول عنوانَينِ أساسيَين هما: التحضيرات الجارية لمؤتمر روما ونتائج الاتّصالات التي جرت لجمعِ اكبرِ عددٍ من الدول المانحة المشاركة فيه، والتوقّعات في شأن حجمِ المساعدات العسكرية للجيش اللبناني لأنّ هذا الموضوع يشكّل العنوان الأساس للمؤتمر».
برّي والموازنة
على صعيد آخر، أنجَزت دوائر مجلس النواب التحضيرات لـ»ثلاثية الموازنة» التي تنطلق غداً في مجلس النواب بجلسات نهارية ومسائية، وبشهيّةٍ نيابية مفتوحة على الكلام، خصوصاً انّ وقائع الجلسة منقولة مباشرةً على الهواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
وتوقّعَ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن تسير مداخلات النواب في جوّ هادئ بعيد من التشنّجات، انعكاساً للأجواء السياسية الهادئة بين القوى السياسية. على ان يليَ ذلك إقرارُ مشروع قانون الموازنة للسَنة الجارية 2017 بطريقة انسيابية بما يُلغي الوضعَ الشاذّ الذي عاشَه البلد بلا موازنة منذ العام 2005، ويعيد بالتالي الوضعَ الماليّ والاقتصادي في البلاد الى الانتظام في مساره الطبيعي.
وأكّد بري امام زوّاره أمس، انّ إقرار موازنة السنة الجارية يفتح المجالَ لإنجاز موازنة السنة المقبلة في أسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً أنّ التحضيرات في شأنها قطَعت أشواطاً متقدمة، بما يؤشّر الى إمكان إحالتها من الحكومة الى المجلس النيابي في القريب العاجل.
واعتبَر بري «أنّ معاناة لبنان الدائمة هي من الفساد الموجود على غير صعيد، وأنّ إقرار الموازنة من شأنه ان يلغيَ بين 50 إلى 60 في المئة من هذا الفساد. وهذا لا يعفي أبداً من إطلاقِ حملةٍ سريعة بعد الانتهاء من الموازنة لمواجهة هذا الفساد».
وشدَّد على «انّ الانتخابات النيابية باتت أمراً واقعاً ولا مفرّ مِن إجرائها في مواعيدها»، إلّا انّه حرصَ على إعادة تأكيد أهمّية اللقاء الثلاثي الذي جَمعه في كليمنصو أخيراً مع الحريري وجنبلاط، مشدّداً على انّ هذا اللقاء «لا يستهدف أيّ فريق لبناني، بل كان لمصلحة لبنان وأوحى بالدرجة الأولى إلى التحصين».
وأكّد بري أنّه مطْمئن للوضع الداخلي في لبنان، منوِّهاً بمواقف الأفرقاء جميعاً ومقاربتهم المسؤولة للتطوّرات المتسارعة دوليّاً وإقليمياً.
الأخبار
الحريري يصعّد ضد عون
بري: لا بديل عن الحريري
تهدّد الملفات الخلافية، لا سيّما سياسة لبنان الخارجية والعلاقة مع سوريا وملف النازحين، التسوية التي نشأت مع انتخابات الرئاسة بالتصدّع. ومع قرار تيار المستقبل رفع السقف حيال توجّهات رئاسة الجمهورية الخارجية، برزت أمس مسألة تصويت لبنان في انتخابات اليونسكو، والكلام عن اتهام مصري للبنان بالتصويت إلى جانب قطر.
تتسارع وتيرة التوتّر السياسي الداخلي، على وقع الضغوط الخارجية الأميركية والسعودية، وتفجّر الملفّات الخلافية من التنسيق مع الحكومة السوريّة وملفّ النازحين، إلى السّجال الدائر حول تصويت لبنان في انتخابات مدير منظمة اليونيسكو الأسبوع الماضي.
ومع أن غالبية القوى السياسية لا تزال تعلن تمسّكها بالتسوية الداخلية التي ولدت قبيل انتخاب الرئيس ميشال عون، والتحالف الوثيق لأكثر من عامٍ بين عون والرئيس سعد الحريري، إلّا أن العلاقة مع سوريا واللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلّم، عادا ليكونا مصدراً للخلاف بين عون والحريري، بالتوازي مع التباين الحاد تجاه حلّ أزمة النزوح السوري.
وعلمت «الأخبار» أن قراراً اتخذه الحريري خلال اجتماعٍ مع فريقه اللّصيق الأسبوع الماضي، يقضي برفع الصوت ضدّ اندفاعة رئاسة الجمهورية وحلفائها تجاه سوريا في ما خصّ أزمة النازحين، لصالح التمسّك بمعزوفة الضمانات الدولية لعودة النازحين إلى بلادهم، عوضاً عن التنسيق مع السوريين.
واستند أصحاب هذه السياسة، إلى أن رفع الصوت ضد هذا التنسيق، يشدّ أوّلاً عصب تيار المستقبل من الآن وحتى الانتخابات النيابية التي باتت أمراً واقعاً مع فشل محاولات تأجيلها، ويعيد إلى التيار عنواناً سياسياً مفقوداً، مقابل المزايدات على موقف التيار من حزب الله وسوريا خصوصاً من الوزير السابق أشرف ريفي. وثانياً، يتماشى هذا التصعيد الكلامي، مع التصعيد السعودي والأميركي ضد حزب الله وإيران وسوريا، بما يمتصّ نقمة الرياض على موقف الحريري الذي لم يرفع السقف إلى المستوى المطلوب سعوديّاً ضد حزب الله، وفي الوقت نفسه، لا يكسر تصعيد الحريري العلاقة التوافقية مع رئيس الجمهورية، طالما أن الطرفين اتفقا مع بداية التسوية على تنظيم الخلاف حيال العناوين السياسية الكبرى.
إلّا أن حماوة المشهد، باتت تهدّد بانهيار التفاهمات السابقة، خصوصاً بعد الأخذ والردّ بين الوزير نهاد المشنوق وباسيل أمس، على خلفية تصويت لبنان في اليونيسكو. وفيما تمسّكت وزارة الخارجية، في بيان لها، بعدم كشف التصويت اللبناني ولمن أعطى لبنان صوته بعد انسحاب المرشّحة اللبنانية في ظلّ التنافس الذي كان قائماً بين قطر ومصر مؤكّدةً أن الموقف اللبناني جرى بالتنسيق بين الخارجية ورئاستي الجمهورية والحكومة، تبّنى تلفزيون «المستقبل» كلام وزير الداخلية، الذي اعتذر من مصر «بما أمثل ومن أمثل، حكومة وقيادة وشعباً، على تصويت لبنان ضد مرشحها في الأونيسكو لصالح مرشح قطر في حال ثبت هذا الأمر». وأكّد المشنوق أن «سياسة وزارة الخارجية تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري»، وأن «سياسة النأي بالنفس التي كانت أحد بنود التسوية الرئاسية، تعرضت لضربات في الفترة الأخيرة، إن على صعيد زيارة عدد من الوزراء إلى سوريا، أو لقاء نيويورك الذي لم يكن منسقاً مع رئيس الحكومة، كما تنص بنود التسوية». وفيما ترك وزير الداخلية هامشاً حيال عدم تأكيده أن لبنان صوّت للمرشّح القطري، يبدو مستحيلاً إثبات حقيقة تصويت لبنان، ما لم تكشف وزارة الخارجية عن هذا الأمر، إلّا أنه نُقل عن الجانب المصري، اقتناعه بأن لبنان منح صوته للمرشّح القطري. وبحسب معطيات الجلسة الرابعة، فإن مصر تعادلت مع فرنسا، بـ18 صوتاً لكلّ من مرشحيهما مقابل 22 صوتاً للمرشح القطري، الذي عاد وخسر أمام المرشحة الفرنسية في الجولة الأخيرة (28 صوتاً مقابل 30)، بعد أن فازت الفرنسية على المرشّحة المصريّة في تصويت جانبي بـ 25 صوتاً مقابل 31 للمصرية. وبالتالي، فإن صوت لبنان لم يكن ليكون مؤثّراً في الجولات الأخيرة في ظلّ الفارق في الأصوات، كما أن لا شيء يؤكّد منح لبنان صوته للمرشّح القطري ومنعه عن المصريّة، وأن المكان الوحيد الذي كان يمكن فيه للصوت اللبناني أن يؤثّر هو في الجولة الرابعة، أي عندما تعادلت الفرنسية والمصرية، من دون أي دليلٍ على اتجاه الصوت اللبناني. إلا أن مصادر مطلّعة أكّدت لـ«الأخبار» أن العتب المصري على لبنان، ليس بسبب الشكّ بالتصويت لصالح قطر، إنّما بسبب اقتراح اللبنانيين على المصريين مرتيّن الانسحاب لصالحهم، في الوقت الذي كانت تملك فيه المرشّحة اللبنانية 3 أصوات ومرّة ثانية أربعة أصوات، في مقابل 13 صوتاً للمرشّحة المصرية، بدل اقتراح العكس، أي انسحاب لبنان لصالح مصر. علماً أن مصادر معنيّة في التيار الوطني الحرّ، أكّدت لـ«الأخبار» أن التواصل مع المندوب اللبناني لم يكن محصوراً بوزارة الخارجية، وكان «مستشار الحريري نادر الحريري على اتصال دائم به».
سريعاً، ردّ باسيل على كلام المشنوق، خلال جولة له في منطقة عاليه، قائلاً إن «من لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة، هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبعية، أما نحن فنعيش ورأسنا مرفوع». وفي حين لم يردّ المشنوق على كلام باسيل، دخل مستشار الرئيس نجيب ميقاتي خلدون الشريف، على خطّ السّجال، قائلاً لباسيل إن «السياسة الخارجية للبنان منوطة بحسب المادة 65 من الدستور بمجلس الوزراء، وبالتالي من غير المسموح لأي وزير أن يتجاوز الدستور، ويبدو في رد معاليه وكأنه هو من يحدد السياسة الخارجية للبلاد».
باسيل لم يكتفِ بالردّ على تيار المستقبل، بل فتح سجالاً مع الحزب التقدّمي الاشتراكي، بعد مواقفه في عاليه التي عاد بها إلى زمن حرب الجبل، مؤكّداً أن «العودة ما تمت، والمصالحة ما اكتملت، ونريدها أن تكتمل وأن تكون العودة حقيقية وناجزة». وقال: «آن أوان العودة السياسية، وستتم من خلال إنتخاب من يمثل أهل هذه المنطقة التمثيل العادل والكامل». وأشار باسيل إلى أن «هذه المشكلة (العودة إلى الجبل) ما تعالجت بعد. عندما نتحدث عن حق المعرفة فلأن هذا حق الإنسان الطبيعي بأن يعرف أهله أين؟ وعظامهم أين؟ وترابهم أين؟ حقه ولا أحد يستطيع أن ينتزع منه هذا الحق».
كلام باسيل استنفر الاشتراكيين، فردّ النائبان وائل أبو فاعور وأكرم شهيّب عليه، فيما نشر النائب وليد جنبلاط صورتين للبطريرك بشارة الراعي والبطريرك نصرالله صفير على حسابه على «تويتر». وقال أبو فاعور إن «مصالحة الجبل راسخة وأهم من كل المقاعد النيابية، وأهل المصالحة في الجبل وفي تنوعهم لن ينصتوا لأي خطب تحريضية، لان المصالحة باتت واقعاً، لن ينال منه أحد، وسنستمر في تكريسها ولن نستدرج إلى منطق الكراهية ونبش القبور»، فيما أكّد شهيّب أن «المصالحة خط أحمر في مسيرتنا السياسية، التي لم ولن تبنى على مقعد نيابي بالزائد أو بالناقص».
بري: لا بديل عن الحريري
تستشعر القوى السياسية المكوّنة للحكومة الخطر الآتي من واشنطن. هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يبدو مستمراً بلا هوادة، في وجه محور المقاومة. وكعادة الحروب الأميركية، فإن «الأضرار الجانبية» و«الاخطاء» تكون أفدح من نتائج المعركة. ما جرى في سوريا والعراق وأفغانستان واليمن وغيرها دليل حي على ذلك. في لبنان، المعني الاول بالهجمة الأميركية هو حزب الله.
لكن القوى الرئيسية في الائتلاف الحكومي تبدو متنبّهة لما يجري التحضير له، تحت عنوان «محاصرة نفوذ إيران وحلفائها في الشرق الأوسط». لكن الحديث عن تنبّه هذه القوى واستشعارها الخطر لا يعني أن ثمة استنفاراً على كافة المستويات، لمواجهة المشروع الأميركي الجديد الذي أعلن عنه ترامب الجمعة الماضي، وسبقته تهديدات إسرائيلية ــــ على لسان وزير الأمن في حكومة العدو أفيغدور ليبرمان ــــ باستهداف الجيش اللبناني ومؤسسات الدولة في أي حرب مقبلة.
حتى اللحظة، يمكن تقسيم القوى السياسية المشاركة في الائتلاف الحكومي إلى ثلاث فئات رئيسية: الرؤساء الثلاثة ومعهم النائب وليد جنبلاط، حزب الله، والقوى الحليفة للرياض وواشنطن.
برنامج حزب الله واضح. وهو يقود مواجهة معلنة، ضمن محور المقاومة، بهدف إبعاد الخطر عن لبنان. يراكم القوة لرفع مداميك معادلة الردع مع العدو، ويقاتل في سوريا (ويقدّم الاستشارات للقوات العراقية)، لتجنيب لبنان الخطر التكفيري.
الرؤساء الثلاثة وجنبلاط يرون أن السبيل الأمثل لمواجهة التحديات يكمن في تحصين الاستقرار الداخلي. الرئيس سعد الحريري هو الأكثر عرضة للضغط. يُدرك أن تنفيذ ما يريده الأميركيون والسعوديون يعني مغامرة محسومة النتائج سلفاً لغير صالحه. وأن الحفاظ على ما بقي يستلزم التقيّد بالتسوية الرئاسية. لكن قراره عدم تعريض الأمن الداخلي لأي اهتزاز لا يعني انه ملزم بالخضوع للضغوط الداخلية، كما في مطلب الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ومعهما حزب الله وباقي حلفائه، لفتح قناة اتصال رسمية مع الدولة السورية. ولا يرى فريق الحريري مانعاً يحول دون تنفيذه سياسة فيها شيء من التوازن بين المطالب السعودية ــــ الأميركية من جهة، وضغوط فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر من جهة اخرى. ولهذا السبب، قد ينشب الكثير من المواجهات السياسية والإعلامية، على عناوين مختلفة، من دون أن يعني ذلك، حكماً، الإطاحة بنتائج التسوية. بري وجنبلاط يلاقيان رئيس تيار المستقبل. يؤكدان أن «لا بديل عن الحريري». العبارة الأخيرة كررها رئيس المجلس النيابي أمس، في عين التينة، مشيداً بمواقف رئيس الحكومة الأخيرة، خصوصاً التي أطلقها من روما الأسبوع الماضي، تعليقاً على إعلان ترامب استراتيجيته تجاه إيران. وذكّرت مصادر بري أن اجتماع كليمنصو الأخير حصل لاسباب ثلاثة: «تثبيت الإستقرار والتوازن الداخلي؛ دعم الرئيس الحريري؛ وتنسيق الموقف مع النائب جنبلاط بعد الزيارات التي قام بها البعض الى المملكة العربية السعودية».
الحديث عن زوار السعودية يوصل إلى الفئة الثالثة من القوى المشاركة في الحكومة، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية. يبدو رئيس هذا الحزب، سمير جعجع، ممثِّلاً لفريق سياسي قرّر الالتحاق بالركب الأميركي ــــ السعودي لمواجهة حزب الله في لبنان. لكنه، بحسب مرجع في فريق 8 آذار، يمثّل ظاهرة صوتية لا أكثر، تستمر في تقديم أوراق الاعتماد للرياض وواشنطن، من دون أن يكون له أي تأثير يُذكر في المجريات السياسية الداخلية والإقليمية.
اللواء
باسيل يسمِّم «المصالحة في الجبل» والمشنوق يحذِّره من تخريب التسوية
تفاصيل جديدة عن التصويت لصالح القطري في اليونسكو .. وسباق ماروني على أصوات المغتربينهل اعتاد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على إثارة المواقف السجالية، غير عابئ بتداعياتها على التسوية السياسية، التي ما تزال تحكم الوضع الداخلي، على الرغم من التوتر الدولي – الإقليمي، الذي يكاد ان يلامس حدود «الازمة الكبرى» المفتوحة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران؟
عشية مناقشة جلسات الموازنة، التي تبدأ غداً، فاجأ باسيل الوسط السياسي بنكء جراح احداث الجبل أو حرب الجبل عام 1983، عندما قال في افتتاح محوّل معمل كهرباء رشميا: آن أوان العودة السياسية بفعل قانون الانتخاب الجديد.. نحن لا نسعى لنبش الماضي، لكن حق المعرفة طبيعي وكل إنسان من حقه ان يعرف أهله أين، ترابهم أين، عظامهم أين.. وهذا ليس محاسبة بل علاج.
واعتبر ان المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر واستتباعا له، وهي لم تكتمل وقواعدها معروفة..
واشعلت هذه المواقف الصادمة مواقف سياسية ونيابية ووزارية فضلاً عن استيعاب أركان لقاء كليمنصو، نظرا لتزامن محاولات باسيل «تسميم مصالحة الجبل عام 2000، وتفخيخ التسوية السياسية، عبر ضرب المصالح اللبنانية مع العرب عرض الحائط، مما يُهدّد التسوية السياسية «ويعرض التضامن الحكومي لمخاطر جدية» على حدّ تعبير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي قال في معرض تعليقه امام حشد من جمعية «متخرجي المقاصد الإسلامية في بيروت «ان الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والارغام»، مفرقاً بين رئيس الجمهورية «الذي له كل احترام وتقدير»، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري، معتذراً من مصر حكومة وقيادة وشعباً عن «تصويت لبنان ضد مرشحتها في الأونيسكو لصالح مرشّح قطر في حال ثبت هذا الأمر».
وفي هذا الإطار كشفت مصادر ديبلوماسية في باريس لـ «اللواء» تفاصيل التصويت اللبناني في المرحلة الثالثة لانتخابات الأونيسكو ولمصلحة المرشح القطري، حيث تبين ان تعليمات الخارجية في بيروت قضت باستبدال المندوب اللبناني الدائم السفير خليل كرم، بالسفير اللبناني في العاصمة الفرنسية رامي عدوان المقرب من الوزير جبران باسيل، مع التأكيد على التصويت لمرشح قطر، في الجولة الثالثة من الانتخابات، ضد المرشحة المصرية.
وأشارت هذه المصادر الى ان المندوب اللبناني في اليونيسكو السفير كرم هو رئيس المجموعة العربية في المنظمة الدولية للثقافة والعلوم، ومعروف بعلاقاته الجيدة مع مختلف مندوبي الدول العربية.
وذكرت المصادر الدبلوماسية ان لبنان عاد وصوّت إلى جانب المرشحة الفرنسية اودري ازولاي في الجولة الرابعة والاخيرة التي أسفرت عن فوز فرنسا بمقعد المدير العام للمنظمة الدولية، وخسارة المرشح القطري.
بالمقابل، أوضحت مصادر دبلوماسية لـ «اللواء» ان تحركا ديبلوماسيا يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يستهله بلقاء سفراء الدول الكبرى في الساعات القليلة المقبلة ويتركز فيه البحث على الأوضاع والنازحين السوريين. وقالت المصادر ان الرئيس عون يشرح موقف لبنان ويعرض وجهة نظره والحلول التي يقترحها لمعالجة الملفات.
مؤتمر روما
ويختتم الرئيس الحريري اليوم زيارته بلقاء نظيره الإيطالي جنتليوني.
وقال مصدر مطلع لـ «اللواء» في روما ان البحث سيتركز على التحضيرات اللازمة لعقد مؤتمر روما المخصص لدعم الجيش اللبناني.
وأشار إلى رغبة اوروبا لدعم الجيش بالمعدات وبالتدريب والمساعدات انطلاقاً من ان دعم الجيش يؤدي إلى تثبيت الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
سجالات المحاور المتخاصمة
وعكست السجالات السياسية التي اندلعت نهاية الأسبوع، صورة الوضع الحكومي غير السوي، فضلا عن العلاقات بين القوى السياسية المؤتلفة ضمن التسوية السياسية التي انتجت العهد الحالي، لا سيما وأن هذه السجالات لم توفّر الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي على خلفية انتقادات الأخير للحكومة، ورد الحريري بأنه سيرد عليه بعد عودته إلى بيروت اليوم من زيارته الحالية إلى روما، أو من خلال عقد جلسة لمجلس الوزراء في طرابلس، في حين ان «نجم» هذه السجالات كان الوزير باسيل، الذي لم يوفّر بدوره من انتقاداته لا وزير الداخلية المشنوق، ولا مصالحة الجبل التي اعتبرها منقوصة، ولا عودة حقيقية الا في أقلام الاقتراع، مما استدعي ردوداً من العيار الثقيل من نائبي الحزب التقدمي الاشتراكي اكرم شهيب ووائل أبو فاعور، بينما اكتفى النائب وليد جنبلاط في رده على باسيل باستذكار البطريرك السابق نصر الله صفير، قائلاً عبر «تويتر»: السلام عليك أيها البطريرك صفير».
ولم ينج تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، من وقائع هذا السجال، ولو من وراء البحار، حيث ردّ مصدر في التيار على دعوة رئيس حزب «القوات» سمير جعجع الموجود حالياً في سيدني في اوستراليا، للرئيس ميشال عون باستعادة الدور السياسي للدولة بإعادة النازحين السوريين، معتبرا ان قرار الحكومة مصادر من قبل وزيري حزب الله.
مع ان جعجع كان يتحدث في احتفال للتيار بذكرى 13 تشرين 1990.
ردّ مصادر التيار كان صاعقاً، إذ اعتبر الحديث عن مصادرة القرار الحكومي بأنه اهانة لكل المشاركين في الحكومة، مشيرا لماذا لا يستقيل هؤلاء من الحكومة عندما يعتبرون قرارها مصادراً.
ودعت هذه المصادر إلى عدم المزايدة على التيار الذي يعتبر نفسه رأس حربة في قضية عودة النازحين.
على ان السجال الاعنف الذي رسم صورة قاتمة للوضع الحكومي، جاء على خلفية ما كشفته «اللواء» يوم السبت، حول «الفضيحة الديبلوماسية» والتي تمثلت في تصويت المرشحة اللبنانية لمنصب المدير العام لمنظمة الأونيسكو، قبل انسحابها لمصلحة المرشح القطري ضد المرشحة المصرية الدكتورة مشيرة خطاب، الأمر الذي دفع الوزير المشنوق، خلال افطار اقامته جمعية المقاصد الإسلامية في بيروت، إلى الاعتذار من مصر، بما «امثل ومن امثل حكومة وقيادة وشعبا»، مشيرا إلى ان مصر «دولة موزونة وموضوعية وهادئة، ودورها بناء في لبنان، وكان لها دور في دعم التسوية الرئاسية وفي تشكيل الحكومة، ولديها دوما رغبة في المحافظة على الاستقرار وعلاقاتها ممتازة بكل الفرقاء اللبنانيين».
وهاجم المشنوق السياسية الخارجية اللبنانية التي وصفها «بالشاردة» منتقداً سلوك الوزير باسيل دون ان يسميه».
ولم يتأخر ردّ باسيل على المشنوق، والذي جاء بدوره، خلال افتتاح مكتب للتيار في سوق الغرب، حيث اعتبر وزير الخارجية ان «من لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج».
وكان باسيل الذي جال أمس في عدد من قرى قضاء عاليه، يرافقه وزيرا التيار سيزار أبي خليل وطارق الخطيب، ودشن محولا للكهرباء في رشميا، قد تطرق إلى مصالحة الجبل التي رعاها البطريرك الماروني نصر الله صفير والنائب وليد جنبلاط في العام 2000، معتبرا ان العودة لم تتم والمصالحة لم تكتمل، وأن الجرح لم يختم، مشيرا إلى انه يسامح مثل كل النّاس ولكننا لن ننسى». لافتا إلى ان مفاتيح العودة تكون بالانتخابات المقبلة، وبتمثيل أهل هذه المنطقة التمثيل العادل والكامل، موضحا ان المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر أو استتباعاً وهي لم تكتمل.
وبتفويض من المختارة، جاء ردّ النائبين شهيب وأبو فاعور سريعاً، من دون ان يسميا باسيل بالاسم، اللذين اكدا ان «مصالحة الجبل راسخة وتشكل خطاً أحمر في المسيرة السياسية التي لم ولن تبنى على مقعد نيابي بالزايد أو بالناقص».
وقال شهيب ان «عيشنا الواحد في الجبل ينطلق من الإيمان بسياسة الانفتاح على أهلنا وجيراننا وجميع القوى السياسية في الجبل، منذ ان تجاوزنا مآسي الحروب الداخلية، واننا تأكيداً على ذلك شاركنا عن قناعة تامة في انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للبلاد ايماناً منّا بوحدة مكونات المجتمع اللبناني وصوناً للوطن».
أما أبوفاعور فأكد بدوره ان المصالحة باتت واقعاًَ، ولن ينال منه أحد، وسنستمر في تكريسها، ولن نستدرج إلى منطق الكراهية ونبش القبور».
ولفت إلى ان لقاء كليمنصو لم يكن له هدف انتخابي، بل هدفه سياسي للحفاظ على الاستقرار السياسي والوطني والسبل الآيلة إلى ذلك.
سباق ماروني
وسط هذه الأجواء الملبدة، أدرجت جولة د. جعجع في استراليا في إطار السعي لكسب أصوات النازحين هناك لمصلحة مشروعه، على الرغم من استثمار الوزير باسيل إمكانيات الوزارة لكسب هؤلاء للتصويت إلى مرشحي تياره.
وتتحدث المعلومات عن عزم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل القيام بجولة أميركية لهذا الغرض، وكذلك رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون، فضلاً عن تأكيد رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية العمل الدؤوب لتياره مع المقترعين.
جلسات الموازنة
وعلى واقع السجالات الداخلية وارتفاع وتيرة التخاطب حكومياً ونيابياً، تلتئم الهيئة العامة للمجلس النيابي غداً الثلاثاء في جلسة سريعة وقصيرة للتجديد لهيئة مكتب المجلس وأعضاء اللجان النيابية، من دون حصول تغييرات جذرية على قاعدة عدم تغيير التوازنات القائمة لقصر المهلة المتقية أمام عمر المجلس. ومن ثم يلي ذلك جلسة ماراتونية لمناقشة العام 2017، للمرة الأولى منذ آخر موازنة تمّ إقرارها في العام 2005، من المقرّر أن ثُبت وقائعها على الهواء مباشرة وعلى مدى ثلاثة أيام صباحية أو مسائية، ما يفتح الباب أمام طرح كل الملفات والمواضيع، لا سيما وأن الشهية الانتخابية ستكون بدورها مفتوحة، حيث قد لا يتاح للنواب تكرار هذه الفرصة الا في حال حصول جلسات مناقشة، بحسب ما وعد الرئيس نبيه برّي.
ورغم ان النتيجة معروفة لجهة إقرار الموازنة في نهاية هذه الجلسات، الا ان مسألة قطع الحساب ستأخذ جدلاً ومناورات قبل إقرار الصيغة التوافقية التي اقترحتها الحكومة لجهة اقرار المشروع المعجل بتأجيل تقديم قطع الحساب بين ستة أشهر وسنة، كالتفاف على المادة 87 من الدستور لتسهيل تمرير الموازنة، مع الإشارة إلى ان التفاهم الرئاسي سيفرمل أي دعسات ناقصة، ويمنع النواب من تخطي السقف المسموح به سياسياً.
قانون الانتخاب
وإذا تسنى للرئيس الحريري بالوقت، فانه، حسب ما هو مقرر، سيدعو اللجنة الوزارية المكلفة البحث في قانون الانتخاب إلى الاجتماع غداً في السراي الحكومي، لاستكمال البحث في تفاصيل الآلية التقنية للعملية الانتخابية، لتقرير الإجراءات الإدارية والتقنية اللوجستية التي ينبغي ان تتخذ، وسط استمرار الانقسام بين الأطراف السياسية الممثلين في اللجنة حول مسألة التسجيل المسبق للناخبين خارج أماكن قيدهم، رغم ان هذه الاطراف تقر بأن الوقت بات واضحاً ولم يعد يسمح بانجاز لا بطاقة الانتخاب الممغنطة ولا بطاقة الهوية البيومترية لجميع الناخبين، الأمر الذي يعني ان ثمة تعديلات يجب إدخالها على قانون الانتخاب الذي ينص على اعتماد البطاقة الانتخابية وعلى قضايا اجرائية أخرى مثل التسجيل المسبق، ما يستدعي أيضاً توافقاً سياسياً، لكي يتسنى للمجلس عقد جلسة تشريعية لهذا الغرض، علماً ان البلاد ستكون امام إشكالية دستورية وقانونية وزمنية حقيقية في حال تعذر التوافق، لا يعرف أحد كيف يتم تجاوزها، في ظل إصرار جميع القوى السياسية على إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر في أيار من العام المقبل.
وذكرت مصادر متابعة لعمل اللجنة، انها ستبحث في الاجتماع آلية تطبيق قانون الانتخاب وما سيطرحه وزير الداخلية من إجراءات وتدابير يجب ان تتخذ على عجل بسبب ضيق الوقت، سواء لجهة تقرير الموقف من التسجيل المسبق للناخبين الراغبين في التصويت لكن في مناطق سكنهم وليس في مناطق قيدهم، وهل سيُعتمد المركز الانتخابي الكبير «ميغاسنتر» أم لا، وهل ستُعتمد بطاقة الهوية البيومترية للراغبين فقط بالانتخاب في اماكن سكنهم ام لا، وما هي كلفة الانتخابات المالية حسب القرار الذي سيتخذ سواء سلباً ام إيجاباً؟
وأوضحت المصادر انه في ضوء القرار تتقرر الاجراءات التقنية والادارية والكلفة المالية، لكن الامر بحاجة الى قرار سياسي من القوى المشاركة في الحكومة، ليُبنى على الشيء مقتضاه. مشيرة الى ان وزير الداخلية لم يقل ان كلفة الانتخابات هي المبلغ الذي طلبه بل هو طلب سلفة خزينة لإجراء العملية الانتخابية بقيمة سبعين مليار ليرة تقريباً لكن ليس بالضرورة ان يتم صرفها كلها، خاصة اذا تضاءلت الاجراءات التقنية للانتخابات كاستبعاد البطاقة الانتخابية او الهوية البيومترية والعودة الى بطاقة الهوية العادية او جواز السفر او الاقتراع في مكان القيد في المدن والقرى.
البناء
واشنطن والميليشيات الكردية ترحّلان داعش لإعاقة الجيش السوري من التقدّم نحو البوكمال
الجنرال سليماني في أربيل لمشروع تسوية… والرياض تعدّل المعارضة وفق تفاهم موسكو
المشنوق يهدّد بالردّ الآتي… وباسيل: رأسنا مرفوع وهم الأتباع وسننسّق مع سورية كشقيقة
كشف تضارب التصريحات الصادرة عن قيادة التحالف الدولي والميليشيات الكردية حول حقيقة انسحاب مئات من مقاتلي داعش وآلاف المدنيين من الرقة، وجود قطبة مخفية يُراد إخفاؤها، فلم تمرّ المعلومات عن الأرقام لمئات المسلحين وآلاف المدنيين، كما لم تمر المعلومات عن احتجاز المسلحين، ومنع الأجانب من الخروج. فالصفقة بائنة، ومضمونها فتح باب الخروج لداعش من الرقة نحو دير الزور وصولاً للبوكمال، لتدعيم مواقع التنظيم هناك مع نجاح الجيش السوري وقوى المقاومة بالإمساك بمدينة الميادين، مقابل نجاح الجيش العراقي والحشد الشعبي بتحرير عانة وراوة وصولاً لمدينة القائم، وشعور الأميركيين بدنو ساعة نهاية داعش، واقتراب ساعة الحقيقة التي سيوضع فيها على الطاولة مصير السيطرة الكردية على مناطق من الجغرافيا السورية بداعي الاستعداد للانفصال، كما سيصير الوجود الأميركي العسكري المستظل بالحرب على داعش مكشوفاً بلا غطاء كاحتلال أجنبي، لا تفيده تغطية الميليشيات الكردية وأحلام الانفصال التي تبدو صعبة المنال في العراق، حيث لها تاريخها وبعض من شرعية ومشروعية، فيكف بها تمرّ في سورية؟
في العراق تتابع الحكومة إجراءات التموضع في كركوك وحولها متفادية التصادم مع البيشمركة، بينما الحدود البرية لكردستان مع إيران تمّ إعلان إقفالها من طهران، بانتظار خطوة تركية مماثلة، وفيما تنقطع المشتقات النفطية عن كردستان بالإقفال الإيراني ينقطع تصدير النفط الخام بالإقفال التركي. وهذه المخاطر والصورة المستقبلية إذا تواصل العناد هي المعادلة التي حملها الجنرال قاسم سليماني إلى أربيل لالتقاط الفرصة الأخيرة للتسوية، قبل دخول المواجهة وصعوبة العودة بعدها إلى الوراء، فيما تبدو كركوك عنوان التسوية وعنوان المواجهة.
الطريق المسدود لانفصال كردستان العراق، لم يمنع تعلّق قيادة رئيس الإقليم مسعود البرزاني بوعود أميركية و«إسرائيلية» وسعودية، وزاد العناد التصعيد الثلاثي بوجه إيران، بوهم الانضمام الكردي لهذا الحلف الثلاثي وقدرته على حمايته. وهو ما سيستكشفه الجنرال سليماني في زيارة أربيل، وبيده وقائع الخداع الأميركي والوهن «الإسرائيلي»، والمحاولات السعودية لمواكبة زمن التسويات مع محور المقاومة من بوابة موسكو، حيث ذهبت الرياض للتفاهم
حول الحلّ الذي ترعاه روسيا، وها هي تدعو المعارضة التي طالما شجّعتها على التصعيد لتعديلها وفق دفاتر الشروط الروسية، بينما تفعل بالأكراد ما سبق أن فعلته مع هذه المعارضات.
في لبنان، طفا على السطح تجاذب حادّ بين وزيرَي الخارجية جبران باسيل والداخلية نهاد المشنوق، الذي بادر لتحدي باسيل بالقول إن الردّ آتٍ على مواقفه وتصرفاته التي وصفها بتهديد التوافق الحكومي والاستقرار الداخلي، متهماً باسيل بفرض لغة التهديد والإرغام، بينما ردّ باسيل بقوة متهماً المشنوق بالتبعية لخارج على حساب مصلحة لبنان، خصوصاً في ملف النازحين الذي يستدعي التنسيق مع الحكومة السورية، قائلاً ننسّق وسننسّق مع سورية كدولة شقيقة تربطنا بها معاهدات ونحمي بذلك مصلحة لبنان العليا، وفيما بقي كلام المشنوق على ضفة السعي لتحييد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الداعم علناً لمواقف باسيل، لم يتجنّب باسيل في رده التساؤل عما إذا كانت زيارات رئيس الحكومة سعد الحريري للسعودية تحتاج لإذن من الحكومة؟
مصادر مطلعة رأت التصعيد بلسان المشنوق استجابة لتساؤلات سعودية عن سبب الصمت على لقاء نيويورك الذي جمع باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، ودعوتها للتحرك منعاً لتواصل أعلى على خلفية ملف النازحين، وتسخيناً انتخابياً لا يعني الذهاب للتصادم، بينما بالنسبة للرئيس عون والوزير باسيل تبدو الأمور محسومة للمضي في ملف العلاقة بسورية، وفتح باب التعاون الرسمي في ملف النازحين.
المشنوق لباسيل: لن «نبلط البحر» والرد آتٍ
في وقتٍ خيم الجمود على المشهد الداخلي في عطلة نهاية الأسبوع مع وجود رئيس الحكومة سعد الحريري خارج البلاد، يعود النشاط السياسي الى طبيعته بدءاً من الثلاثاء المقبل، ومن ساحة النجمة تحديداً، التي تشهد ثلاث جلسات تشريعية متتالية لمناقشة الموازنة وإقرارها، غير أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خرق هذه الرتابة مستحضراً مصطلحات التصعيد والتهديد بالاستقرار الحكومي احتجاجاً على سياسة وزارة الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع سورية وملف النزوح السوري. وهدد المشنوق بأننا لن «نبلّط البحر» وأن الرد آتٍ في الأيام المقبلة، ما ينذر بأزمة حكومية تلوح في الأفق قد تنفجر في أي لحظة مع استعداد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لطرح خطته لمعالجة أزمة النزوح على طاولة مجلس الوزراء في الجلسات المقبلة، ما يضع التسوية الرئاسية على محكّ الخلافات السياسية مجدداً بالتزامن مع اشتعال المشهد الإقليمي وارتفاع وتيرة التصعيد ضد حزب الله.
وقد اعتبر المشنوق، أمام حشدٍ من أعضاء «جمعية متخرّجي المقاصد الإسلامية في بيروت»، أن «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوك وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسميه.
وقال: «إن التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامن الحكومي لمخاطر جدية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، وميّز المشنوق بين رئيس الجمهورية «الذي له كل احترام وتقدير وعلاقتنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».
..وباسيل يردّ: من لا تعجبه سياستنا فهو المستَتْبَع
ردّ باسيل على اتهامات المشنوق لم يتأخر، فقد أشار في كلمة له خلال افتتاح مكتب التيار الوطني الحر في سوق الغرب الى أن «مَن لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة فهو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبعية اما نحن فنعيش ورأسنا مرفوع». كما أشار باسيل خلال افتتاحه محول معمل كهرباء رشميا الى «أننا عندما نحذّر من عدم عودة النازحين السوريين، فلأننا اصحاب تجربة مع نزوح اللبنانيين الى الخارج ونزوحهم في الداخل».
«التيار الحر»: لن ندفن الرؤوس في الرمال
وقال مصدر قيادي في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن «الرئيس ميشال عون دخل في تسوية رئاسية ثم حكومة وفاقٍ وطني لإعادة تقويم وبناء الدولة ومؤسساتها، لكنه لم يتخلَّ يوماً عن مسلماته الوطنية، وإذا أصرّ البعض على سياسة «المسايرة» لبعض الدول، فهذا شأنه، لكن هناك مصلحة وطنية عليا لا تسمح بدفن الرؤوس في الرمال، وبالتالي عودة النازحين السوريين الى بلدهم أولوية الأولويات لدى الرئيس عون، ولا يمكن التنازل عن ذلك كرمى لعيون أي دولة أخرى».
وأوضح المصدر أن «لقاء الوزير باسيل ونظيره السوري الوزير وليد المعلم، لم يخرق البيان الوزاري قيد أنملة ولم يتجاوز الدستور اللبناني الذي كرّس العلاقات المميّزة بين الدولتين اللبنانية والسورية فضلاً عن وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين واتفاقات مشتركة منذ العلم 1993». وتساءل المصدر: لماذا وافق رئيس الحكومة على تعيين سفير لبناني في سورية منذ أشهر قليلة؟ فليعلنوا رسمياً رفضهم للعلاقات مع سورية وللتبادل الدبلوماسي»، وأشار الى أن «باسيل التقى المعلم في الأمم المتحدة أولاً وثانياً مع وزير خارجية دولة شقيقة ومعترف بها في الأمم المتحدة أعلى هيئة دولية عالمية، فأين الخطأ في ذلك؟».
ولفت المصدر الى أن «لا تصريحات المشنوق ولا غيرها تثني باسيل والتيار والرئيس عون عن الدفع لحل ملف النازحين وإعادة آخر نازح الى بلده. وإن تطلب الأمر مزيداً من الزيارات واللقاءات والتنسيق مع سورية، وإلا فليقدموا لنا حلاً بديلاً»… وأضاف: «لا يهدّدنّ أحد بنسف التسوية وإسقاط الحكومة، فالبلد سيكون الخاسر الأول والحريري الثاني وليس العهد، كما يظنّون، فكفى ابتزازاً وإلحاق الضرر بالوطن»، ولفت المصدر الى أن «محاولة المشنوق دق إسفين بين عون وباسيل لن تنجح و«يخيّط بغير هالمسلة».
وفي حين علمت «البناء» أن ملف النزوح يشكل أحد أهم الملفات الخلافية بين التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار من جهة وتيار المستقبل و«القوات اللبنانية» من جهة ثانية، أوضح مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية الوزير السابق الياس بو صعب في تصريح تلفزيوني الى أن «هناك أعداداً هائلة من النازحين باتت موجودة في البلدات في لبنان في وقت الاقتصاد بات في وضع سيئ»، مضيفاً: «ما نقوله اليوم هو أن وضعنا في لبنان لم يعد يتحمل كل هذه الأعباء»، مؤكداً أننا «لن نقبل لغة العودة «الطوعية» للسوريين الى بلادهم بل نسعى الى العودة «الآمنة» الى سورية»، وتساءل بو صعب: ماذا لو اختار مليون ونصف المليون نازح البقاء في لبنان، هل نبقيهم هنا؟».
أمر عمليات خارجي؟
ولفتت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ «البناء» الى أن «العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية تفرض على لبنان احترام هذه العلاقات، وبالتالي من الطبيعي أن تنسق وزارة الخارجية اللبنانية مع وزارة الخارجية السورية في ما خصّ ملف النازحين وغيرها من القضايا التي تهم الدولتين بما فيها اللقاءات بين الوزراء». وحذرت المصادر من اطلاق البعض مواقف سياسية تهدف الى تقديم أوراق اعتمادهم الى الخارج ويحلمون بلعب أدوار وتبوء مناصب سياسية مستقبلية، لكنها تصيب في الوقت عينه الاستقرار الداخلي»، وأوضحت أن «هجوم البعض على زيارات بعض الوزراء الى سورية يقابله اعتراض من الفريق الآخر على زيارات ولقاءات مسؤولين لبنانيين مع دول عربية وخليجية كالسعودية». وتساءلت المصادر: هل يخرق الحريري سياسة النأي بالنفس عندما يزور السعودية؟ وهل يأخذ موافقة الحكومة عندما يزورها؟ وبالتالي ما يفرض علينا الطرف الآخر تطبيقه على سورية فلنطبقه على السعودية…
وحذّرت المصادر من «لغة التهديد والوعيد التي لم تعُد تجدي في ظل تهاوي وتعثر المشروع الاميركي «الاسرائيلي» السعودي في المنطقة. وبالتالي لا تؤدي إلا الى مزيدٍ من التأزيم السياسي»، موضحة أن «أي ترجمة لهذه اللغة يعني أمر عمليات خارجي الى أدوات الداخل لتفجير الحكومة ونسف التسوية، بهدف قلب المعادلة الداخلية وتشكيلها من جديد»، محذرة رئيس الحكومة والفريق المستقبلي من «الذهاب الى خيارات كهذه تطيح بما أنجز منذ انتخاب الرئيس عون حتى الآن».
وفي سياق ذلك، أكد وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ «البناء» أن «ما يُساق بحق وزارة الخارجية ووزير الخارجية الحالي جبران باسيل مجرد افتراءات واتهامات سياسية»، موضحاً أن «وزير الخارجية لم يخرج عن الإجماع الحكومي ولم يخرق الدستور ولا البيان الوزاري، بل هو وزير سيادي، وله الحق بأن يمارس سيادته على وزارته. وهو انطلق في مقاربة العلاقة مع سورية من الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين، وهي معاهدة الأخوة والصداقة والأمن والدفاع المشترك التي ترعى المصالح بين البلدين فضلاً عن وجود بروتوكولات موقعة بين الجانبين في مختلف المجالات، وبالتالي الزيارات المتبادلة للوزراء حد أدنى يتطلبه تسيير الشؤون والمصالح».
وعن ملف النازحين أشار منصور الى أن «الحل لمسألة النزوح يتم بالتنسيق بين المسؤولين في الحكومتين لوضع خريطة طريق لإعادة النازحين، لا سيما أن معظم النازحين أتوا من مناطق تم تحريرها، وعادت الى حضن الدولة. وبالتالي على الدولة اللبنانية الإسراع بالتواصل مع الحكومة السورية لإنهاء الملف»، مشيراً الى أن «الامم المتحدة لا تستطيع حل الأزمة وحدها بل بلد النزوح وبلد الموطن هما الأدرى بأعداد النازحين وأوضاعهم وأماكن تواجدهم والمناطق التي نزحوا منها»، محذراً من أن «التلكؤ الحكومي في هذه القضية سيؤدي الى إبقاء النازحين في لبنان لعشرات السنوات، كما حصل في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها».
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «لبنان أصبح بعد معادلة الجيش والشعب والمقاومة أكثر حصانة في مواجهة المؤامرات الخارجية، وأن نجاحه ضد «إسرائيل» أعطاه قوة الصمود والاستقلال، ونجاحه ضد الإرهاب التكفيري حصَّنه من الفتنة المذهبية وعدم الاستقرار، لم تعد الاتهامات ضدنا تُطعم خبزًا، والتحريض المذهبي يخنق أصحابه، والدفاع عن التكفيريين بات مذلّة، والتعليمات الخارجية لبعض مَن في الداخل أصبحت عبئاً على المأمورين بها».
وصول جثامين ضحايا حادثة «غرينفيل» لبيروت
على صعيد آخر، وبعد الحادثة المأساوية التي تعرّض لها الاغتراب اللبناني في بريطانيا في حزيران الماضي، وصلت الطائرة التي تقل جثامين عائلة اللبناني باسم طعان شقير الستة الذين قضوا في حريق برج «غرينفيل» في لندن لمطار بيروت مساء أمس.
وكان في استقبال الجثامين في صالون الشرف في المطار وزير الزراعة غازي زعيتر ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة حركة أمل، ووزير الصناعة حسين الحاج حسن ووفد من بلدة نحلة البقاعية مسقط رأس الضحايا، وذوو الضحايا وعدد كبير من أهالي البلدة.
وأمل زعيتر أن تكون هذه الكارثة «آخر الكوارث بحق المغتربين، داعياً الحكومة الى الاهتمام بالضحايا»، بينما أشار الحاج حسن الى أن «هناك أزمات أدّت إلى هجرة لبنانيين باحثين عن فرص عمل في الخارج ونأمّل أن يتمّ حلّ هذا الموضوع».
وقد رافق الجثامين على متن الطائرة الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، ممثلاً الرئيس الحريري، ويشيع الجثامين الستة صباح اليوم في بلدة نحلة.