دعا النائب اللواء جميل السيد إلى "التكامل بين الدولة والمقاومة"، وإسناد حقيبة العدل الى "فريقنا السياسي كرد اعتبار" لما تعرض له في قضية شهود الزور. ورأت مصادر سياسية أن دعوة النائب السيد توضح قراءة هذا "الفريق" لطبيعة المرحلة السياسية القادمة، واستعداده لمواجهة الضغوط الإقليمية والأميركية المتوقعة فيها. وليس بعيداً عن هذه الضغوط صعد "النصف الثاني من تفاهم معراب" مواقفه، وهدد، تلفزيونياً، بتعطيل التأليف إذا لم يقبل التيار الوطني بمنحه نصف المقاعد الوزارية المسيحية. وكان لافتاً حديث النائب إيلي الفرزلي عن قيام معارضة للحكومة الجديدة …
الأخبار
كوابيس الحريري :
جميل السيد «يحاكم» الحريري
بورصة الأسماء الوزارية تُفتح… الجنبلاطيون: فليمنح عون «مقعداً مسيحيا» لارسلان
بات سعد الحريري في الفترة الأخيرة مسكوناً بهاجس التفرد بالزعامة السنية. لهذه الغاية، استبعد كل الرموز «المستقبلية» التي تشكل بالنسبة إليه تهديداً حقيقياً، فيما تمكنت شخصيات سنية من خارج التيار الأزرق من ترسيخ حضورها في الانتخابات النيابية الأخيرة. هي لا تشكّل مصدر قلق للحريري وحسب، بل إنها أقرب ما تكون إلى الكوابيس التي تلاحقه. ففيما هو يتراجع شعبياً، أظهرت الانتخابات الاخيرة تقدم منافسيه، أو على الأقل، ثبات شعبيتهم (مقال ميسم رزق).
بدافع الحاجة إلى التفاف جمهوره حوله، كان سعد الحريري، في ما مضى، يصّور النواب السّنة الخارجين عنه بأنهم لا يُمثلون «بيئتهم»، وبأن رافعتهم للوصول إلى مجلس النواب ليست سنّية، بل يصلون من خلال تحالفاتهم السياسية، سواء معه أو مع خصومه. قبل تكليفه مجدّداً تشكيل الحكومة، كرّر الحريري النغمة ذاتها. قال إنهم «وصلوا على أكتاف غيرهم». هي نغمة يُمكن تصديقها في زمن القانون الأكثري، فحسب. أما في ظل القانون النسبي، فلا ينفَع تجريدهم من صفتهم التمثيلية، التي كانت جسر عبورهم إلى النيابة.
اختلف مشهد اليوم عن عام 2009. فقد خاض هؤلاء انتخابات السادس من أيار 2018 ضمن لوائح هم كانوا على رأسها، وفازوا بالمقاعد التي كان يستولي عليها تيار المُستقبل بقوة بلوكات القانون الانتخابي الأكثري.
حينَ احتفلَ في بيتِه وبين جمهوره بالنصر – بعد أيام من الانتخابات ـــ لم يقصِد الحريري التعبير عن الفرح بالفوز، إنمّا الفرح بالحدّ من الخسارة. أكثَر تواضعاً من الجميع كان، حين اعترف بأن ثمّة خسارة في مكان ما (يوم أعلن أسماء نوابه الناجحين من وادي أبو جميل). وأكثر واقعية، أيضاً، لم يحسِبها كغيره بعدد المقاعد التي فقدها أو نالها. بل بعدد النواب ـــ الخصوم (تحديداً السنّة) الذين حالفهم الحظ. يشكّل هؤلاء مُثلّثاً سنّياً يربط الشمال بالبقاع، ثمّ الجنوب وبيروت، ويضمّ زعامات مناطقية ستسعى الى تشكيل لوبي ضاغط على رئيس الحكومة في المرحلة المقبلة. هؤلاء سيشكلون كابوساً حقيقياً بالنسبة إليه.
الإيجابية الوحيدة التي يُمكن تسجيلها، هي عدم اضطراره إلى التعايش مع واقع سياسي على يمينه. نجح قبلَ الانتخابات في استبعاد النائب السابق خالد الضاهر، وأُخرج الوزير السابق أشرف ريفي من التركيبة بحكم النتائج. فيما بقيت على يساره، مجموعة سنية من 10 نواب مستقلّة عن الحريرية السياسية.
لا ينضوي أعضاء هذه المجموعة في إطار سياسي موحّد. وليس بالضرورة أن يكون لهم موقف واحد من مجمل القضايا. حتى إن نسب تأثيرهم على الحريري متفاوتة. بعضهم ينضم الى كتل نيابية كبيرة، وبالتالي، لن يكون قادراً على بناء حيثية مستقلّة. كما في حالة النائب قاسم هاشم (كتلة التنمية والتحرير)، والنائب الوليد سكرية (كتلة الوفاء للمقاومة)، والنائب بلال عبد الله (اللقاء الديموقراطي).
بعضهم الآخر، قد يسعى الحريري إلى اجتذابه. أو قد تدخل مساعٍ خارجية (سعودية وإماراتية وربّما مصرية) لخفض منسوب معارضته. فبحُكم التجربة، ثبُت أن فيهم من يُراعي جيداً مصالحه الخارجية، بعيداً عن اعتبارات الداخل اللبناني، والحديث هنا، يعني رئيس حزب الحوار فؤاد مخزومي الذي جهِد لأن يكون على لائحة الحريري في بيروت دون جدوى. بينما يمكن أن يشكل النائب عبد الرحيم مراد حالة فريدة من نوعها، فهو كرس زعامته في البقاع الغربي، من جهة، وله حساباته اللبنانية والعربية من جهة ثانية، ويريد أن يتوازن في صياغة حضور مركب في معادلة البيت السني اللبناني.
هناك مستوى آخر من المعارضة، أكثر إزعاجاً وقلقاً. نموذجه الفاقع أسامة سعد في صيدا وجهاد الصمد في الضنية. لا يتعامل الحريري مع «الأحباش» (عدنان طرابلسي في بيروت) بصفتهم ظاهرة مقلقة حتى الآن، بل قوة يسهل استيعابها. يسري الأمر نفسه على فيصل كرامي. أما نجيب ميقاتي، فهو مصدر قلق متعدد الأبعاد. نال الرجل أصواتاً تفضيلية في طرابلس تضاهي أصوات ثلاثة نواب من المستقبل، فتصدّر الفائزين، حتى إن الحريري نفسه قال بعد زيارته له (جولة رئيس الحكومة المكلف على رؤساء الحكومات السابقين) بأن ميقاتي «هو خير من يمثل طرابلس». للرجل مشروع سياسي يتخطى عاصمة الشمال. يملك شبكة علاقات أخطبوطية من الخليج إلى تركيا والأردن وأوروبا وأميركا، وصولاً إلى علاقة مميزة مع حركة أمل وحزب الله، وعينه دوماً على رئاسة الحكومة. في جيبه ورقة يرفعها دائماً في وجه الحريري، عنوانها إنماء الشمال.
مجرد وجود هذه الكتلة، يعني أن الحريري لم يعُد قادراً على ادعاء أنه الزعيم السنّي الأوحد. لهؤلاء النواب توجهات سياسية بعيدة كل البعد عن المستقبل ومشروعه. لم يعُد الحريري قادراً أيضاً على القول إنهم يأتون برافعات شيعية أو مسيحية. ففي وقت شكّل فيه هو رافعة لكل نوابه، نجحوا هم في حصد أصوات تفضيلية من بيئتهم فاقت أحياناً تلك التي نالها نواب المستقبل.
على سبيل المثال، نال النائب عبد الرحيم مراد 15111 صوتاً، مقابل 8767 صوتاً لمرشّح تيار المستقبل محمد القرعاوي. وقد حل النائب عدنان طرابلسي في المرتبة الثانية (بالنسبة للمقاعد السنية) في دائرة بيروت، بعد الحريري بنيله 13018، وفؤاد مخزومي الثالث (11346 صوتاً). أما في طرابلس، فقد تقدّم ميقاتي على الجميع بحصوله على 21300 (أكثر مما ناله الحريري في بيروت).
كان الحريري يتوقّع مثل هذه الخروق، لكنه لم يستطِع تقدير حجمها. حتى إن جزءاً من ترشيحاته حصل على هذا الأساس. لذلك ذهب إلى ضمّ مرشَّحَين سنّة في عكار كانا محسوبين على خصومه تفادياً لأي خرق (وليد البعريني ومحمد سليمان). هنا ثمة من يعتبر أن ضمانة وقوف هؤلاء إلى جانب خياراته الاستراتيجية أمر غير ثابت. الأمر نفسه ينطبق على البقاع الغربي، لجهة ترشيح محمد القرعاوي، مقابل خسارته صديقه المقرب زياد القادري.
خلطَ المشهد الأوراق السياسية، كما التوازنات القائمة. غداة خسارة تيار المستقبل ثلث النواب السنة، وفوز شخصيات أخرى محسوبة على فريق ٨ آذار، أو هي في الوسط، يعني ذلك تقليص تمثيل التيار الأزرق في الحكومة الجديدة، لمصلحة هؤلاء. ففي ظل الحديث عن أن كل أربعة نواب يحق لهم التمثل بوزير في الحكومة، معنى ذلك أن تكتلهم معاً سيحجز مقعدين وزاريين على الأقل، وهو أمر صعب المنال لأنه يصعب جمعهم في إطار واحد أو أكثر، كما كان يأمل بذلك عبد الرحيم مراد.
بعد الانتخابات، يُمكن الحديث عن تعددية في التمثيل السني. هؤلاء يجمعهم عنوان واحد وأساسي وهو الخصومة للحريري، ومواجهته. سيكون هؤلاء بمثابة قوة ضغط على تيار المستقبل. سيذكّرونه كل يوم بأنهم يقاسمونه صحن التمثيل السنّي، وخاصة عند أي استحقاق مفصلي، ولدى حصول أي انقسام عمودي في لبنان.
هذا الأمر سيفرض معادلات جديدة حالما تتغير الأوضاع والظروف الإقليمية. بمعنى أن حزب الله سيكون قادراً على تسمية أي شخصية سنية يجتمع على تأييدها هؤلاء، ولن يكون هناك إمكانية لنزع صفة التمثيل الشعبي أو الشرعية السنية عنها. صحيح أن الحريري لا يزال حتى الآن هو المرشّح الأوفر حظاً لترؤس حكومة ما بعد الانتخابات، لكن في حال سقوط التسوية واستبعاد الحريري، وتغيّر المعطيات، فلن يكون بإمكانه الخروج معلناً أن من يسمّى وفق الأكثرية لتولي رئاسة الحكومة، لا يمثّل البيئة السنية، لأن هؤلاء وصلوا إلى مجلس النواب بناءً على انتخابات وفق القانون النسبي، وهذا يعني أنهم يمثلون بيئتهم.
الخسارة الموصوفة
تشير أرقام انتخابات عام 2009 إلى أن التصويت السنّي كان لا يزال في أوجه، ومردّ ذلك إلى جملة أسباب، أهمّها التأييد الكبير الذي كان يتمتّع به الرئيس سعد الحريري شخصياً ومن ثم تياره. وهذا الواقع بدأ يتبدّل تدريجياً منذ عام 2012، وبلغ ذروته في السنوات الأخيرة، حتى تُرجم في صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة. ففي مقارنة بين أرقام 2009 و2018، يتضّح حجم التراجع في العاصمة. فقد نال مرشّح تيار المستقبل آنذاك الوزير نهاد المشنوق في دائرة بيروت الثانية 16.583صوتاً، حيث بلغت نسبة الاقتراع 27.3 في المئة، إذ كانت تسوية الدوحة تشمل انتخابات هذه الدائرة التي لم تشهد معركة تُذكر. أما في بيروت الثالثة فقد حصد الحريري 78.382 صوتاً من أصل 103.243 مقترعين (الفائز الأخير على لائحته نال نحو 76 ألف صوت). بحسبة بسيطة، فإن الدائرتين الثانية والثالثة، اللتين باتت غالبية أحيائهما تشكل دائرة بيروت الثانية في انتخابات 2018، سجّلتا أكثر من 92 ألف صوت للائحة تيار المستقبل وحلفائه عام 2009، في مقابل 62 ألف صوت حصلت عليها لائحة «المستقبل» هذا العام. وبالتأكيد، لا يمكن إحالة التراجع بنحو 30 ألف صوت في العاصمة إلى الجماعة الإسلامية التي كانت متحالفة مع الحريري قبل 9 سنوات، إذ لم ينل مرشحها، عماد الحوت، سوى 3938 صوتاً في أيار 2018. هذه الخسارة الحريرية الموصوفة، قابلها تقدّم خصومه السنّة، أو على الأقل، ثباتهم على ما كانوا عليه. هنا تحديداً يكمن شعور الحريري بالقلق.
جميل السيد «يحاكم» الحريري
فرض النائب جميل السيد أجندته على اللقاء الأول من نوعه بينه وبين الرئيس سعد الحريري. لديه الكثير ليقوله له عن فترة التحقيقات والاعتقال السياسي، التي يتحمل فريقه السياسي مسؤوليتها. كذلك أبلغه أنه ذاهب إلى لاهاي في 5 و6 و7 الشهر المقبل، للإدلاء بشهادته أمام المحكمة الخاصة بلبنان لمصلحة فريق الدفاع.
وقال السيد إن الحريري أبدى كل تفهم لطبيعة المرحلة السابقة والظروف الاستثنائية التي رافقتها «وكان إلى حد كبير يحاول أن يقول لي إنه في المرحلة التي نمر بها ووضع البلد والمنطقة، نحن نرسم خطاً بين الماضي والمستقبل والحاضر، باعتبار أنه بصرف النظر عن الخلاف الاستراتيجي الموجود، سيبقى هناك هاجس مشترك لكل الفرقاء السياسيين وللشعب اللبناني عامة عنوانه ضرورة وجود دولة في لبنان، لأنه إذا لم توجد هذه الدولة بصراحة ووضعت أسساً بأقرب وقت ممكن، الانهيار سيطاول الجميع وقد يكون هذا آخر مجلس نيابي تشاهدونه لأنه لن يبقى هناك بلد بصراحة».
كذلك دعا السيد إلى إسناد حقيبة العدل «إلى فريقنا السياسي كنوع من رد الاعتبار أو الاعتذار الضمني لما لحق هذا الفريق من تجن في الفترة التي لحقت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
بورصة الأسماء الوزارية تُفتح… الجنبلاطيون: فليمنح عون «مقعداً مسيحيا» لارسلان
انتهت استشارات تأليف الحكومة. ومن كان متفائلاً بتأليف سريع زاد تفاؤله. رئيس الحكومة الذي يغادر إلى الرياض، يبدو واثقاً من قدرته على حلحلة العقد التي تعترضه، وهو لن يتأخر قبل أن يضع رسماً أوّلياً لتشكيلته التي يراهن على إبصارها النور قبل زيارة الرئيس الفرنسي للبنان بعد شهر رمضان
استشارات عام 2018 ليست ككل ما اختبره الرئيس سعد الحريري من استشارات نيابية لتشكيل حكومة سابقاً. بدت استشارات أمس مرهقة له سياسياً وشخصياً. دفعةً واحدة، التقى كل من ناصبهم العداء في السنوات الماضية، إما لأنهم منافسون داخل الطائفة أو لأنهم من حلفاء سوريا، ومنهم من اتهمهم يوماً بالمشاركة في جريمة اغتيال والده. وجد نفسه يجالس الجميع ويسايرهم ويستمع إليهم وإلى نصائحهم ومطالبهم. من إيلي الفرزلي إلى جميل السيد فأسامة سعد وجهاد الصمد، إلى خصومه الذين سلّفوه تسميته لتشكيل الحكومة: الرئيس نجيب ميقاتي، عبد الرحيم مراد، فيصل كرامي، الحزب القومي…
في لقائه مع السيد، بدا عليه الارتباك أمام عدسات المصورين. لكنّ عزاءه أن اللقاءات بروتوكولية، ولا تأثير لها على مجرى التأليف، الذي انطلق فعلياً فور انتهاء الاستشارات. أولى المهمات جوجلة الأحجام الحكومية، على أن تليها الحقائب فالأسماء. العقد الأبرز تطال الحصتين المسيحية والدرزية. في الحصة السنية لا عقبات فعلية، حيث يُتوقع أن يوافق الحريري سريعاً على التخلي عن شرط حصول تكتله على المقاعد السنية الستة جميعها. سيسهل عليه أن يتخلى عن مقعد واحد، لكن المعضلة ستكون في التخلي عن مقعدين واحد لـ8 آذار وآخر لرئيس الجمهورية، وهو ما يبدو أنه لا مفر منه. وتشير مصادر الرئيس المكلف إلى انفتاحه على تكرار تجربة التبادل مع عون، فيحظى الأخير بمقعد سني، مقابل إعادة توزير غطاس خوري من كتلة الحريري. وإلى أن تتضح وجهة التوزير، يكثر الحديث عن انتقال وزير الاتصالات إلى الداخلية، على أن يحل محله في الأولى مستشاره نبيل يموت.
وحدها الحصة الشيعية لن تشهد أي إشكال، على الأقل في تحديد الأحجام الحكومية، إذ صار الحريري لا يمانع في تلبية مطلب حزب الله وحركة أمل بالحصول على ست حقائب حكومية، كما لا يبدو أن حقيبة المالية ستكون محل خلاف مع الرئيس المكلف، وإن طالب بها التيار الوطني الحر، وفق مبدأ المداورة وعدم حصر حقائب معينة لطوائف محددة. أما وزارة التخطيط التي طالب حزب الله باستحداثها، فوجودها يحتاج إلى قانون يصدر عن مجلس النواب، وإلى ذلك الحين، فإن اقتصارها على وزارة دولة، لا يعني موافقته على استبدال الحقيبة الأساسية التي يسعى إليها بها. وإضافة إلى مطالبة الحزب بحقيبة أساسية، يبدو أنه حسم قراره بتوزير ثلاثة حزبيين. يبدو ذلك رداً مباشراً على الربط بين لوائح الإرهاب الأميركية والسعودية وتشكيل الحكومة. النائب محمد رعد لم يترك مجالاً للشك. تهكّم بعد الاستشارات على هذا الربط، مؤكداً أن تأثيره خارج لبنان… في أميركا.
مشكلة المشاكل ستكون في توزير طلال أرسلان الذي طالب بحقيبة لنفسه، بوصفه ممثلاً لكتلة «ضمانة الجبل»، «احتراماً لنتائج الانتخابات النيابية». تيمور جنبلاط من ناحيته دعا إلى اعتماد المبدأ نفسه. فبالنسبة إلى اللقاء الديموقراطي، احترام نتائج الانتخابات النيابية يعني حصول اللقاء على الحصة الدرزية كاملة. كيف سيتعامل الرئيس المكلف مع هذه العقدة؟ لا يبدو واضحاً بعد، وهو حكماً سيكون محرجاً في تخطّي موقف رئيس الجمهورية المصرّ على توزير أرسلان، وكذلك في تخطّي القرار الاشتراكي، الذي أقفل زمن وهب الوزارة كما النيابة لأرسلان تحت شعار وحدة الجبل، خاصة في ظل رفع الكتلة لسقف التحدي، إلى حدّ قول مصادر جنبلاط إنه في حال أصرّ عون على توزير أرسلان، فلا مانع من أن يمنحه مقعداً درزياً رابعاً، من الحصة المسيحية، في استعادة لما قام به الرئيس بري مع الوزير فيصل كرامي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011، عندما منَح «مقعداً شيعيا» لوزيرٍ سنّي.
هذه العقدة، كما سعي الجميع إلى أن يتمثلوا في الوزارة، تجلت أمس في تغريدة أطلقها وليد جنبلاط هزأ فيها من عملية تشكيل الحكومة ومن المطالب المنفوخة للأطراف، معتبراً أن من التقاليد العريقة في تشكيل الحكومات إضافة «حصة الرئيس والصهر والعديل ولبنان القوي والجمهورية القوية والخرزة الزرقة والمصالحة والوسط المستقل والمردة وقلب القرار والتحرير والوفاء والضمانة ووحدة بعبدا ونواب الارمن والكتائب». أضاف: «اعذروني إذا كنت قد نسيت أحداً وممثل فتوش».
تكتل «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر وحلفاؤه) أعاد المطالبة بزيادة عدد الوزراء إلى 32 لكي يتمثل العلويون والسريان، لكن موقف الحريري عبّرت عنه عمته بعد انتهاء لقاء كتلة المستقبل مع الرئيس المكلف. فقالت النائبة بهية الحريري إن المطلوب أن تكون ثلاثين أو أقل. عملياً، لن يفتح الحريري على نفسه باباً للريح. فتكريس هذا العرف ليس لمصلحته، ويعطي مجاناً وزيرين لخصومه، خاصة أنه يدرك أن أي وزير علوي لن يكون إلا حليفاً لسوريا، كما أن الوزير السرياني سيكون من حصة رئيس الجمهورية.
مطلب العونيين بالحصول على المالية أو الداخلية قد يكون محقاً، فالتكتل لم يسبق أن نال أياً من هاتين الوزارتين منذ عودته إلى الحياة السياسية، لكن دون ذلك خطوط حمراء لا تنتهي. أوّلها أن حقيبة المالية لن تؤول لغير «أمل»، وإن لم يكشف الرئيس نبيه بري بعد إن كان سيبقى علي حسن خليل على رأسها أو لا. لكن الأكيد أنه صار لأمل وحزب الله تصور واضح لكيفة إدارة الوزارة، ولا سيما استعادة الصلاحيات المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف والتي آل الكثير منها إلى حاكم مصرف لبنان بفعل الأمر الواقع.
بعد الاستشارات، كان واضحاً أن «لبنان القوي» يتجنّب الحديث عن عدد الوزراء الذي يريده. وهو، بحسب مصادره، لم يتطرق إلى الأمر في اللقاء مع الحريري. وحساسية الأمر جعلت النائب الياس بو صعب يعترض على خبر أورده الموقع الإلكتروني لتلفزيون LBCI، ويشير فيه، نقلاً عن مصادر التكتل، إلى أنه طالب بستة وزراء يضاف إليهم ثلاثة وزراء من حصة الرئيس، علماً بأن موقع التيار عاد وأورد النفي.
ليس واضحاً إن كان الإصرار على النفي يعود إلى رغبة التيار في ترك أفق التفاوض مفتوحاً، لكن مصادره تؤكد أن الأمر عائد إلى قرار بترك أمور التأليف تسير في إطارها الدستوري، وانتظار التصور الأوّلي الذي سيخرج به الرئيس المكلف لعدد الحقائب وتوزيعها. وبالرغم من أن الوقت لا يزال مبكراً، إلا أن بورصة التوزير عند التيار فتحت، حيث تردد أن من الأسماء المطروحة النواب جبران باسيل وإبراهيم كنعان والياس بو صعب، إضافة إلى رئيس مجلس إدارة بنك سيدروس فادي عسلي (سنّي) ومستشارة وزير الطاقة ندى بستاني.
يستشعر حزب القوات الخطر، خاصة أن «لا مصلحة في استثناء قوة أساسية تمثيلية في الحكومة». لذلك، ومن على منبر مجلس النواب، أعاد جورج عدوان التذكير بورقة النوايا الموقّعة مع التيار، لا سيما من بوابة أن «تمثيل القوات اللبنانية يجب أن يوازي تمثيل التيار الوطني الحر». وأكثر من ذلك، قال: «نحن نتعهد بأن نكون حصة رئيس الجمهورية في الحكومة المقبلة، والجميع يعلم الدور الذي لعبناه في انتخابه». وفيما تُطالب القوات بحصة من 6 وزراء، يرد العونيون بالقول إن حصتها ستكون مساوية لحصة التيار، أي 3 وزراء لكل منهما، على أن يحظى حلفاء التيار الـ11 في التكتل بحصة وزارية أيضاً، فضلاً عن حصة رئيس الجمهورية.
مع ذلك، يبدو الحريري مقتنعاً بأنه قادر على حل مسألة عدد وزراء «القوات»، فيما يبدو أن الأخيرة ستعضّ على الجرح وتتخلى عن نيابة رئاسة الحكومة، التي يتوقع أن تكون من حصة رئاسة الجمهورية، ويمثله فيها نجاد عصام فارس أو الياس بو صعب.
في المقابل، طالب «التكتل الوطني» (المردة وفريد الخازن ومصطفى الحسيني وفيصل كرامي وجهاد الصمد) بمقعدين مسيحي ومسلم، تكون إحداهما سيادية والأخرى خدماتية. كما طالبت كتلة الوسط المستقل بوزارة، على ما قال النائب جان عبيد بعد الاستشارات (تردد أن الرئيس نجيب ميقاتي طرح أسماء عبيد ونقولا نحاس وخلدون الشريف للتوزير، بحيث يحدد الاسم حسب طائفة المقعد الوزاري الذي تحصل عليه الكتلة).
أما الكتائب، فلم يحسم مشاركته في الحكومة، بانتظار تبلور صورتها، علماً بأنه إذا توزّر فسيكون بوزارة دولة. وتمنى عبد الرحيم مراد أن يكون للبقاع الغربي حصة وزارية.
بولا يعقوبيان ما كادت تدخل إلى الاستشارات حتى خرجت. بالكاد اجتمعت مع الحريري لدقيقتين، دعت بعدها إلى تشكيل حكومة مصغرة يكون ربعها من النساء.
أما الحريري، فقال في ختام اليوم الطويل إن «الجميع كان متوافقاً على أن علينا التعجيل في التشكيل بسبب التحديات الإقليمية والاقتصادية التي نواجهها في البلد»، مؤكداً القدرة على الوصول إلى تفاهمات.
اللواء
باسيل ينتقم من التاريخ: نصف الحكومة للتيار والرئيس والأقليات!
الحريري يختتم يوم «المطالب المتضخمة» بالتفاؤل.. و«القوات» تحذّر من العزل
خارج المطالب «المتضخمة» التي دوّنها الرئيس سعد الحريري، مبتسماً، وهو يستمع إلى ممثلي الكتل والنواب المستقلين يطرحونها أمامه، بوصفها، من وجهة نظرهم، حقوقاً تكاد أن تكون مكتسبة، بدا ان التيار الوطني الحر يواجه على جبهات عدَّة، لتحويل الحكومة المنشودة إلى حكومة للوزير جبران باسيل الكلمة الأولى والاخيرة فيها تحت اعتبارات لا يخفيها.
ولذا، يتصرَّف التيار الوطني الحر، من زاوية، ان الكلمة في ما يتعلق بالوزراء المسيحيين، وحتى الاقليات: الدرزية، الأرمنية، والعلوية والسريانية، مع فصل مصطنع بين ما يسمى بحصة تكتل «لبنان القوي» وحصة رئيس الجمهورية، بحيث يكون ثلث الحكومة أو نصفها من لون واحد، وباقي الكتل ورئيس الحكومة النصف الآخر..
وعليه، يواجه التيار الوطني الحر «القوات اللبنانية» من موقع اقصاء عن الحصة الوزارية التي تطالب بها، بذرائع عدَّة، الأمر الذي يُفاقم من تعقيد الموقف التأليفي، ولو ان الرئيس المكلف حافظ على تفاؤله، واصفاً طريقة طرح المطالب، بأن الكل يرفع السقف للوصول إلى مكان تفاوضي.
وكشفت معلومات «اللواء» ان الرئيس ميشال عون يطالب بوزير سني مقابل ارثوذكسي لرئيس الحكومة.
وأضافت ان حصة الرئيس الحريري ستكون خمسة وزراء بينهم أربعة سنّة، موزعين بالاضافة إليه على بيروت (محمّد شقير، رئيس غرفة الصناعة والتجارة) ود. مصطفى علوش (طرابلس)، وثالث من صيدا أو الإقليم، قد يكون اللواء إبراهيم بصبوص.
بالمقابل، نفت «المعلومات توزير كريمة الرئيس عون ميراي عون الهاشم».
شهية استيزار
ومع ان الرئيس الحريري لم يظهر أي تخوف من بلوغ مهمته في تشكيل الحكومة العتيدة حدود «ازمة تأليف» وبقي محافظاً على تفاؤله، فإن حصيلة الاستشارات التي أجراها أمس في المجلس النيابي، مع الكتل النيابية والنواب المستقلين (127 نائباً) أظهرت شهية كل الكتل الكبيرة والصغيرة على التوزير والمطالبة بحقائب أساسية، ما دفع بعض المتابعين إلى التعليق على هذه الشهية بالقول ان «استجابة الحريري بما سمعه من مطالب يوجب حكومة توازي نصف عدد أعضاء المجلس النيابي وربما اكثر»، في حين هزأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، من مطالب الكتل النيابية في الاستشارات، وقال مغرداً عبر حسابه الخاص على «تويتر» ساخراً: «من التقاليد العريقة في عملية تشكيل الوزارات، يضاف اليها حصة الرئيس والصهر والعديل ولبنان القوي والجمهورية القوية والخرزة الزرقاء والمصالحة والوسط المستقل والمردة وقلب القرار والتحرير والوفاء والضمانة وحدة بعبدا ونواب الارمن والكتائب. اعذروني اذا كنت قد نسيت احدا وممثل فتوش».
في كل الأحوال، ومهما كانت المواقف المعلنة للكتل والتي لا تخلو من كونها ضمن لعبة التفاوض حيث يجري عادة رفع سقف المطالب للحصول على ما دونها، بحسب تعبير الرئيس المكلف، فإن مصادر مطلعة أوضحت لـ «اللواء» ليلا، ان العمل الجدي في موضوع تشكيل الحكومة الجديدة يفترض ان ينطلق بعد اللقاء المنتظر بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف.
ولفتت المصادر إلى ان موعد هذا اللقاء لم يُحدّد لكنه سينعقد كي يضع الرئيس الحريري في أجواء مشاوراته مع الكتل النيابية.
ولاحظت انه في انتظار ذلك ما من عوامل جديدة. مشيرة إلى ان ما من تصوّر نهائي بعد وان كان هناك كلام يرمى شمالا ويميناً، لكنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة.
ورأت ان هناك مواقف أعلنت ولا مجال للتراجع عنها، لافتة إلى ان هناك مفاوضات ستجري مع الأطراف وفي الواقع فإن جميع الكتل تريد حصصاً وازنة وحقائب، ومعلوم ان عدد الحقائب معروف ايضا وكذلك الأمر بالنسبة إلى عدد الكتل.
عقد وعراقيل
وإذا كانت «شهية الاستيراز» بطبيعة الحال، متعذرة لأكثر من سبب منطقي ومعقول، طالما ان الرئيس المكلف وضع سقفاً لحكومته من 30 أو 32 وزيراً في أقصى الاحتمالات، فإن ما طرح في «يوم الاستشارات الطويل»، كشف عن مجموعة عقد وعراقيل ستواجه عملية التأليف، حتى ولو كان الحريري تحدث عن «تعاون» الكتل معه، من باب امتصاص العقد أو «تفتيت الحصى بـ«لايزر التفاؤل» الذي أبداه في غير إشارة أو محطة كلام.
ومن أبرز ما سجل على هذا الصعيد من مواقف تؤشر إلى ان عملية التأليف ستكون اصعب مما يتم تداوله بأن تكون مثل «كرجة مي»، حديث نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي عن ضرورة وجود معارضة للحكومة، يعني ضمناً استبعاد كتل نيابية معنية عن ان تمثل بالحكومة، الأمر الذي يُؤكّد هاجس «القوات اللبنانية» باحتمال عزلها بحجة تعذر تحقيق مطالبها، خاصة وانه سبق وتم استبعادها من هيئة مكتب المجلس.
وتذكركثيرون، وهم يستمعون إلى نظرية الفرزلي، كلام الرئيس عون، قبل اجراء الانتخابات النيابية، عن حكومة أكثرية وأقلية معارضة، مما يوحي ان هذا الكلام ليس مجرّد فكرة أو اجتهاد، بقدر ما هو «خطة» يجري تنفيذها بدقة.
يضاف إلى هذه المشكلة رفض رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، باسم «تكتل لبنان القوي» تكريس أي حقيبة لأي طرف، مطالبا بحقيبة المالية أو الداخلية، الأمر الذي يعني عودة الاشتباك مع الرئيس نبيه برّي، الذي سبق ان جاهر بالمطالبة بالمالية لشخص الوزير علي حسن خليل، من دون ان يعني ذلك اشتباكا مع كتلة «المستقبل» التي لم تعلن صراحة انها لا تريد الداخلية، الا ان هذا الأمر قديحصل في حال أراد باسيل الاحتفاظ بالحقائب السيادية لنفسه أو لتكتله او من حصة رئيس الجمهورية.
وفي الموازاة، كان البارز مطالبة كتلة « القوات اللبنانية» بحصة وزارية مساوية لحصة تكتل «لبنان القوي» برغم فارق عدد نواب الكتلتين لمصلحة التيار الحر وحلفائه، لكن مصادر مسؤولة في «القوات» قالت لـ«اللواء»: ان تفاهم معراب نص على التساوي في الحقائب والتوزير، والحديث عن حصة وزارية للتيار وحصة لرئيس الجمهورية هو امر نراه غير منطقي، فحصة الرئيس عند التكتل. فبحسب ما حصل بعد اتفاق الطائف رئيس الجمهورية لم تكن عنده كتلة نيابية، فكان يأخذ حصة وزارية تعويضا بينما الرئيس عون عنده كتلة نيابية كبيرة.
اضافت المصادر: اذا اخذ التكتل ستة وزراء والرئيس خمسة، ماذا يبقى للاخرين؟ نحن نريد شراكة اساسية بين التيار والقوات لتشكل صمام امام للعهد ومرتكزا اساسيا لحكمه، وكلما كان الجو المسيحي مرتاحا كلما شكل ذلك راحة أكبر للرئيس في حكمه.
واوضحت المصادر انه لم تطرح افكار ولا شيء مقررا بعد، وما يطرح في الاعلام نرد عليه، ونحن نحدد رؤيتنا للحكومة، ونحن لا مشكلة بيننا وبين الرئيس عون لكننا نختلف مع الوزير جبران باسيل في طريقة مقاربته للامور، وحتى الان لا وساطة ولا اتصالات بيننا وبينهم.
تفاؤل الحريري
غير ان الرئيس الحريري، وفي ختام استشاراته التي امتدت من الحادية عشرة قبل الظهر ولغاية الرابعة والدقيقة العاشرة، عصرا، حافظ على تفاؤله، ملاحظاً ان التعاون كان كبيراً من الكتل لتسهيل تشكيل حكومة وفاق وطني»، مشيرا إلى ان الكل «متوافق على تسريع التشكيل بسبب التحديات التي تواجهها البلاد، ولا سيما التحدي الاقتصادي، آملاً ان تكون الحكومة حكومة وفاق وطني مع تحصين الساحة الداخلية، واصفاً الوضع الاقتصادي بأنه «الاخطر»، لافتا إلى ان هناك فرصة للخروج من هذا الوضع الخانق من خلال إصلاحات تحد من الهدر والفساد.
ولاحظ الحريري رداً على سؤال عن حصة رئيس الجمهورية ان للجميع الحق بالمطالبة بما يريد، ولا شك ان للرئيس حصة، مبدياً اعتقاده ان لا أحد يريد وضع العصي في الدواليب، ومن دون ان يستغرب طريقة طرح المطالب، على اعتبار ان الكل يرفع السقف للوصول الىمكان تفاوضي، معتبرا ان لا شيء يعيق التأليف طالما ان التشاورات بدأت وسنصل إلى تفاهم، ومن الضروري الوصول إلى تفاهمات ويجب ان نعول ونبني على الإيجابيات للوصول إلى حكومة في أسرع وقت».
وليلاً، غرد الرئيس الحريري عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «لقد كان يوماً حافلاً باللقاءات حيث حضرت كل الكتل النيابية، وأنا اشكرهم على ذلك، وكان هناك تعاون كبير بين الجميع لتسهيل تشكيل الحكومة، كما كان الجميع متوافقاً على انه علينا التسريع مع تشكيل الحكومة بسبب التحديات الإقليمية والاقتصادية التي نواجهها في البلد».
مطالب الكتل
أما أبرز المطالب التي تمخضت عنها استشارات الرئيس المكلف، فقد أتت على الشكل الآتي:
ـ تمسّك كتلة «التنمية والتحرير» بالمحافظة على ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، واشارتها الى ان من حقها التمثل بـ4 وزارات ومن بينها حقيبة سيادية «باتت معروفة»، بحسب تعبير أمين سر الكتلة النائب أنور الخليل، والمقصود بها طبعاً حقيبة المالية.
ـ واعلان تكتل «الجمهورية القوية» أن معايير التمثيل الحكومي يجب ان تنطلق من نتائج الانتخابات، «وبعد ان اختار المسيحيون كتلتين لتمثيلهم، يجب ان يكون تمثيل القوات في الحكومة موازيا لتمثيل التيار الوطني الحر». وقد برز قول النائب جورج عدوان باسم الكتلة «إننا كقوات، نتعهد ان نكون حصّة رئيس الجمهورية في الحكومة، لأننا لعبنا دورا أساسيا في انتخابه»، مشيرا الى ان «من يحاول عزل القوات يرفض ارادة الناس ويرفض محاربة الفساد ويرفض السيادة».
ـ رفض تكتل «لبنان القوي» تكريس اي حقيبة لأي طرف، معلناً بلسان رئيسه الوزير جبران باسيل ان «منذ العام 2005 نحن محرومون من الحصول على المالية او الداخلية وقد آن الاوان اليوم ليحصل تكتلنا عليهما لأنه يحق لنا الحصول على احدى الحقائب السيادية»، ومطالبته بوضع سياسة وطنية لمعالجة ازمة النزوح، مع تأكيده ان التمثيل الوزاري يجب ان ينطلق من نتائج الانتخابات.
ـ مطالبة كتلة «المستقبل» بتمثيل عادل للمناطق وبحكومة ثلاثينية بالحد الاقصى وباعتماد المداورة وتفعيل المشاركة النسائية».
ـ مطالبة كتلة «الوفاء للمقاومة» بـ«وزارة وازنة هي من حقنا» واعتبار «العقوبات الاقتصادية شأنا خارجيا» مع التأكيد على مبدأ التعاون مع الرئيس المكلف.
ـ مطالبة كتلة «اللقاء الديمقراطي» بلسان رئيسها النائب تيمور جنبلاط بحكومة وحدة وطنية تراعي نتائج الانتخابات، بما يعني ان تمثل الكتلة كامل الوزراء الدروز الثلاثة.
ـ تمسّك «التكتل الوطني» بـ«المشاركة في الحكومة عبر مقعدين مسيحي ومسلم كون التكتل عابرا للطوائف»، ومطالبته «بحقيبة الاشغال او الطاقة او الاتصالات مع بحقيبة أخرى خدماتية».
ـ تمسك كتلة «ضمانة الجبل» برئاسة النائب طلال ارسلان بـ«تمثيل درزي صريح احتراما لنتائج الإنتخابات» علماً ان الكتلة تضمه مع ثلاثة نواب موارنة من تكتل «لبنان القوى».
ـ مطالبة النائب جميل السيد بتكامل بين الدولة والمقاومة في البيان الوزاري، وبإسناد حقيبة العدل الى «فريقنا السياسي كنوع من رد الاعتبار لما تعرّضنا له لأن هذه الوزارة شهدت تركيب شهود الزور».
ـ مطالبة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بـالحفاظ على وجود «المعارضة»، وتمنيه على الحريري «أخذ هذا المطلب في الاعتبار والا يعيش عقدة حكومة أكثرية ساحقة لعدم تعطيل العمل الرقابي».
ـ اقتراح كتلة نواب الارمن بلسان رئيسها النائب هاغوب دمرجيان بحكومة من 32 وزيراً من ضمنهم وزيران أرمن وبعدم تكريس وزارات لطوائف.
ـ مطالبة كتلة «الوسط المستقل» بحقيبة وزارية من دون تحديدها.
وفيما اعتذر النائب ميشال المرّ عن المشاركة في الاستشارات، تريث النائب سامي الجميل، بلسان كتلة نواب الكتائب في أي موقف أو المطالبة بشيء، على اعتبار انه سيكون له جلسة أخرى مع الرئيس الحريري عندما يصبح لديه تُصوّر بشكل الحكومة والمشاركين فيها، في حين اكتفى النواب المنفردون بطرح وجهات نظر لم تتجاوز المطالبة بحقائب لمناطقهم.
البناء
قاعدة التنف في كفة موازية لتفاهم جنوب سورية… شرط أن يتسلّم الجيش السوري الحدود
القوات تضع الحريري بين خيارات: الاعتكاف أو تصريف الأعمال أو حكومة أقطاب فيها جعجع
العقد الحكومية في المالية والداخلية والتمثيل الدرزي والسني قابلة للحلحلة… وفق قاعدة التمثيل
تقدّم المشهد السوري مجدّداً على الملفين الإيراني والكوري الشمالي، مع تبادل المقترحات الأميركية والروسية علناً، فبعد نشر مبادرة نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد وما تضمّنته من إقرار بحتمية انتشار الجيش السوري حتى الحدود مع الأردن، وفتح المعبر الحدودي وسحب آلاف المسلحين إلى إدلب، مقابل تأكيد أميركي وأردني على عدم انتشار قوات إيرانية أو من حزب الله في المنطقة الحدودية، أجاب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف علناً، مؤكداً ما سبق تأكيده مع تفاهم منطقة خفض التصعيد بأنّ الجيش السوري وحده سينتشر على الحدود ومنطقتها، مضيفاً أنّ القضية التي يجب حلّها هي مصير قاعدة التنف الأميركية التي يشكّل تفكيكها عاملاً مساعداً على التهدئة آملاً أن يظهر الأميركيون نيّة حسنة للمساعدة على بلوغ التفاهم.
التفاوض يبدو الطريق المطروح حالياً لتأمين استعادة الجيش السوري مناطق سيطرة الجماعات المسلحة في الجنوب بعد الإعلان عن الاستعداد لخوض المواجهة العسكرية إذا فشل التفاوض، ومثلها تجري الأمور في شمال غرب سورية، حيث الجيش السوري يستعدّ لدخول مناطق ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، والأتراك يعدون بإبعاد الجماعات المسلحة عن الطريق الدولي لعشرات الكيلومترات لتأمين فتحه وصولاً للحدود التي يفترض أن ينتشر الجيش السوري وتتولّى المؤسسات السورية الحكومية تسلّم المعبر الحدودي مع تركيا في نهايتها.
لبنان يواصل مساره الدستوري وقد بلغ النقطة الأشدّ تعقيداً، رغم النيات الإيجابية التي تؤكد الحاجة للإسراع بتشكيل الحكومة وتذليل العقبات التي تعترضها، فالواضح كما قالت مقدّمة نشرة أخبار «أم تي في» بلسان «القوات اللبنانية» أنّ الاستعصاء يحكم التشكيل من دون أن تكشف عن حقيقة موقف «القوات» كسبب لهذا الاستعصاء بالتأكيد حاملة للرئيس المكلف سعد الحريري بشارات سلبية واضحة أقرب للتهديد منها للتحليل والاستكشاف، لتقول إنّ الرئيس المكلّف بين خيارات مواصلة تصريف الأعمال لفترة طويلة أو الاعتكاف، أو السير بخيار وحيد يخرج التشكيلة الحكومية من المطالب والمطالب المقابلة ويكون رداً على التحديات يتمثل بحكومة أقطاب، مستعيدة حكومة ما بعد مؤتمرَيْ لوزان وجنيف ومشاركة الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل والرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى جانب الرئيسين رشيد كرامي وسليم الحص في حكومة أقطاب مصغرة، وتسويقها كطاولة حوار دائمة يتخذ فيها القرار أصحاب القرار، ورأت مصادر مطلعة ربطاً بين طرح حكومة الأقطاب وما قاله الرئيس الحريري عن طرح البعض لحكومة من ستة عشر وزيراً، والأقرب هو أربعة عشر وزيراً وفقاً للتوزيع الطائفي والمذهبي، وقالت المصادر يبدو بذلك إنّ «القوات» هي صاحبة الطرح، في محاولة لملاقاة حصر التمثيل الدرزي بتوزير وليد جنبلاط، والتمثيل السني برئيس الحكومة ووزير من المستقبل والرئيس نجيب ميقاتي، وحلّ معضلة التمثيل المسيحي، بثلاثة موارنة هم جبران باسيل وسمير جعجع وسليمان فرنجية، وتساوي التمثيل القواتي مع التيار الوطني الحر أرثوذكسياً مقابل وزير كاثوليكي يختاره رئيس الجمهورية ووزير أرمني للطاشناق، مقابل تمثيل شيعي بثلاثة وزراء معلوم سلفاً توزيعهم بين حركة أمل وحزب الله بشخصيات قيادية من الصف الأول. وفيما وجدت المصادر أنّ هذا الطرح الحكومي لا يتناسب مع مرحلة ما بعد الانتخابات، ويقول ببساطة إن لا قيمة لكلّ العملية الانتخابية، كأنّ البلاد تخرج من حرب أهلية وتحتاج لحكومة تمسك خطوط التماس وتحلّ الميليشيات، لا حكومة تستند إلى ما قالته صناديق الاقتراع.
ورأت المصادر أنّ حكومة ثلاثينية بزيادة إثنين للعلويين والأقليات إذا اتفق على تمثيلهم تشكل موضع الإجماع إذا حُلّت عقدة تمثيل «القوات» وتهديدها بإنتاج أزمة حكومية، وإنّ هذه الحكومة يمكن أن تنطلق من مسودّة التمثيل الحكومي الراهن، كما يبدو ميل رئيس الحكومة المكلف، لتدخل التعديلات على هذه المسودة، وفقاً للقاعدة التي ستعتمد في تمثيل الكتل النيابية، ونسبية توزيعها وفقاً لعدد المقاعد النيابية، مستبعِدة إمكانية ولادة حكومة لا تلحظ التعدّدية داخل الطوائف التي أثبتت الانتخابات سقوط حصرية تمثيلها بطرف واحد أو تقاسم ثنائي بين طرفين، وهذا التفاهم على قاعدة التمثيل يفتح باب حلحلة العقد في التمثيل السني والدرزي ومسيحيّي الثامن من آذار وفي طليعتهم تيار المردة وحلفاؤه، وكذلك نوعية تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي.
مسار التأليف والعقد مسيحية
أوحت المشاورات غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف سعد الحريري في المجلس النيابي أمس، بأن لا عقد تعجيزية تعرقل التشكيل طالما تمّ الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة على عناوينها العامة، أي أن تكون وحدة وطنية وثلاثينية أو 32 كحد أقصى لتمثيل الأقليات وعلى القواعد التي تحكم توزيع الحصص والحقائب المستندة الى قانون النسبية والتناسب بين الأحجام النيابية والتمثيل الوزاري مع مراعاة التوازن الطائفي والسياسي. لكن وفق المعلومات فإن العقد الرئيسية تنحصر في الساحتين المسيحية والدرزية. ومن المرجّح أن يزور الحريري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات المقبلة لإطلاعه على أجواء المداولات وللتشاور معه في موضوع تشكيل الحكومة.
ونقلت مصادر الرئيس المكلف لـ «البناء» ارتياحه إزاء المشاورات مع الكتل النيابية الذي لمس منها نية جدية لتسهيل التأليف ولم تخرج مطالب الكتل عن المألوف رغم شهية الاستيزار التي ظهرت عند معظم الكتل. ومن الطبيعي أن يرفع كل طرف سقف مطالبه للحصول على حصة أكبر، وبرأي المصادر فإن الحريري سيعكف على دراسة المطالب ويضع تصوراً أولياً للتشكيلة ويعرضها على رئيس الجمهورية. وفي حال لم تبرز أي مطالب جديدة معرقلة فإن عملية التأليف ستأخذ مسارها الطبيعي ولن يطول أمد خروج الحكومة الى النور بعكس ما حصل في الحكومة الماضية، مشيرة الى أن «كل العقد قابلة للحل». وقالت مصادر كتلة المستقبل لـ»البناء» إن «المستقبل متمسك بجميع الحصة الوزارية السنية، لكن في حال رست الأمور في نهاية المطاف على توزيعة تفرض أن يتخلى المستقبل عن وزير سني لصالح رئيس الجمهورية، فإنه لن يعارض ذلك مقابل الحصول على وزير مسيحي انطلاقاً من أن تيار المستقبل عابر للطوائف»، مشدّدة على أن «التيار يؤيّد حكومة وفاق وطني، كما أنه يفصل النيابة عن الوزارة ويعمل، لأن تتمثل المرأة في الحكومة».
وفي التوازنات السياسية داخل الحكومة، واستناداً الى نتائج الانتخابات فإن فريق 8 آذار التقليدي سينال ثلث الحكومة أي 11 وزيراً إذا كانت ثلاثينية أو يوضع الوزير الحادي عشر في عهدة رئيس الجمهورية وبالتالي يبقى الثلث الضامن عند الرئيس، أما حاصل حصة 8 آذار والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية فتشكل أكثرية الحكومة، بينما لن تقارب حصة 14 آذار من دون النائب وليد جنبلاط الثلث في حين كان هذا الفريق يملك أكثرية نيابية كبيرة في المجالس النيابية والحكومات بين العامين 2005 و2009.
وكان يوم المشاورات بدأ بلقاء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف، وقد أظهرت حصيلة المشاورات مطالبة كتلة «المستقبل» بتمثيل عادل للمناطق وبحكومة ثلاثينية بالحدّ الأقصى وباعتماد المداورة وتفعيل المشاركة النسائية.
وطالبت كتلة «التنمية والتحرير» التمثل بـ4 وزارات من بينها حقيبة سيادية ومحسوم بأنها المالية من خلال ذكر الكتلة «التزام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني»، فيما أكد وزير الزرعة غازي زعيتر من المجلس النيابي بأن الوزير علي حسن خليل باقٍ في وزارة المال، فيما رفض تكتل «لبنان القوي» تكريس أي حقيبة لأي طرف، برز طلب الوزير جبران باسيل الذي قد يخلط أوراق اللعبة الحكومية إذ طالب باسيل بالحصول على المالية او الداخلية، كما طالب بوضع سياسة وطنية لمعالجة أزمة النزوح، مع تأكيده أن التمثيل الوزاري يجب أن ينطلق من نتائج الانتخابات». وفي سياق ذلك، نقلت قناة «أو تي في» عن مصادر في «التكتل» تأكيدها «الفصل يبن حصتي التكتل ورئيس الجمهورية في الحكومة »، في ما بقي مبدأ الفصل بين النيابة والوزارة محطّ نقاش وخلاف داخل التيار الوطني الحر. وأكد النائب شامل روكز في حديث تلفزيوني «أنني مع فصل النيابة عن الوزارة وكلام الرئيس ميشال عون سيد الكلام، ويمكن كثير أن يكون القرار لدينا فصل النيابة عن الوزراة». وأما اللافت فهو ترجمة شهية حزب «القوات اللبنانية» على الوزارات، بتمسك تكتل «القوات» بحصة موازية لتمثيل التيار الوطني الحر». وقال النائب جورج عدوان «نتعهّد أن نكون حصّة رئيس الجمهورية في الحكومة، لأننا لعبنا دوراً أساسياً في انتخابه»، مشيراً الى أن «مَن يحاول عزل القوات يرفض إرادة الناس ويرفض محاربة الفساد ويرفض السيادة». وكانت مصادر «القوات» هدّدت بكشف وثيقة تظهر توقيع الرئيس عون عليها مضمونها تقاسم الحصص بين التيار والقوات. غير أن النائب الياس بو صعب ردّ بالقول: «إننا مع مراجعة الاتفاق مع القوات اللبنانية لنرى من أخلّ به، إن كان في السياسة أو كتلة العهد»، مشيراً إلى أنه «يحق لهم المطالبة بموقع نائب رئيس الحكومة، ولكن لا يمكنهم القول إنه لهم تحصيل حاصل، فربما أخطأوا بالتعبير ورئيس الجمهورية هو مَن يبتّ بهذا الموضوع».
كما استقبل الحريري الكتلة القومية الاجتماعية وتحدّث النائب أسعد حردان بعد اللقاء، فقال: «نريد حكومة ترعى الشأن الاجتماعي والاقتصادي في لبنان وتكون شريكة مع المواطن، مع رجال الأعمال والعمال ليكون ثلاثي هذا التكوين هو قاعدة الاستقرار الاجتماعي في لبنان، لذلك نريد أن يكون عنوان الحكومة يطمئن المواطنين ويطمئن أصحاب الدخل المحدود في إطار الرعاية الاجتماعية. وهذا الجانب فيه الكثير من موجبات أساسية وأسباب موجبة، وكيف نطرح اللامركزية الإدارية وبالكاد البلديات نراها ونتابعها. وطرحنا على الرئيس الحريري أنه تجب إعادة تفعيل دور وزارة البلديات، لأن أمامها مسألة مهمة جداً هي موضوع اللامركزية الإدارية. وطرحنا أيضاً موضوع الانتخاب في الاغتراب، لجهة إعادة العمل بوزارة المغتربين وإعادة تفعيلها لتستطيع القيام بواجباتها لمتابعة قضايا الاغتراب، كما هناك بند أساسي اسمه الإنماء المتوازن وفقدانه يتسبّب بأحداث، وتجب إعادة تفعيل العمل بوزارة التصميم والتخطيط بحيث تكون هذه الوزارة موجودة على طاولة مجلس الوزراء».
وللمرة الأولى في تاريخ تشكيل الحكومات في لبنان طالبت كتلة «الوفاء للمقاومة» بـ«وزارة وازنة هي من حقنا». ما تعني ترجمة وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن مشاركة حزب الله في الحكومة ستكون فعّالة من باب مكافحة الفساد وبناء الدولة واعتبارها «العقوبات الاقتصادية شأناً خارجياً».
وأكد النائب محمد رعد بعد اللقاء أننا «أكدنا استعدادنا للتعاون الإيجابي مع الحريري، وعرضنا لبعض شؤون البلاد لا سيما على المستوى الاقتصادي». أكدنا ضرورة اعتماد وزارة التخطيط العام للبلاد».
وتمسّك «التكتل الوطني» بـ «المشاركة في الحكومة عبر مقعدين مسيحي ومسلم لكون التكتل عابراً للطوائف»، ومطالبته «بحقيبة الاشغال او الطاقة او الاتصالات مع حقيبة أخرى خدماتية». كما تمسكت كتلة «ضمانة الجبل» برئاسة النائب طلال ارسلان بـ«تمثيل درزي صريح احتراماً لنتائج الانتخابات».
أما اللافت والذي خرج عن رتابة المشهد، فكان اللقاء الذي يحصل للمرة الأولى والذي يحمل أبعاداً سياسية فهو بين الحريري والنائب جميل السيد الذي طالب بتكامل بين الدولة والمقاومة في البيان الوزاري، وبإسناد حقيبة العدل إلى «فريقنا السياسي كنوع من رد الاعتبار لما تعرّضنا له لأن هذه الوزارة شهدت تركيب شهود الزور»، وقال السيد: «رأيت استعداد ولطافة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في الاستشارات، وكأنه قال صفحة ماضية وانطوت بيننا».
وحافظ الرئيس الحريري في ختام استشاراته على تفاؤله، فقال «الكل متوافق على تسريع التشكيل بسبب التحديات»، مضيفاً رداً على سؤال عن حصة رئيس الجمهورية «للجميع الحق بالمطالبة بما يريد ولا شك في أن للرئيس حصة وأعتقد ألا أحد يريد وضع العصي في الدواليب. أنا متفائل واشكر الجميع على التعاون». واعتبر ان لا شيء يعيق التأليف والمشاورات بدأت وسنصل الى تفاهم وأرى ضرورة للتسريع قدر ما يمكننا ومن الضروري الوصول الى تفاهمات ويجب أن نعوّل ونبني على الإيجابيات للوصول الى حكومة في اسرع وقت».
وفي انتقاد للكتل دونما استثناء غرّد رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط عبر تويتر قائلاً: «من التقاليد العريقة في عملية تشكيل الوزارات، تضاف اليها حصة الرئيس والصهر والعديل ولبنان القوي والجمهورية القوية والخرزة الزرقة والمصالحة والوسط المستقل والمردة وقلب القرار والتحرير والوفاء والضمانة وحدة بعبدا ونواب الأرمن والكتائب. اعذروني اذا كنت قد نسيت أحد وممثل فتوش».
الجمهورية
التأليف محاصر بكثرة المطالب… والراعي يُسلِّم ماكرون ملفاً مكتوباً
لا شيء متوقعاً قريباً على مستوى ولادة الحكومة الجديدة، فالاستشارات النيابية غير الملزمة بنتائجها التي أجراها الرئيس المكلّف سعد الحريري في مجلس النواب أمس سيستتبعها بمشاورات سياسية، هي في الحقيقة جارية بطريقة غير رسمية منذ مدة ولكنه سيستكملها ربما قبل أن يَشدّ الرحال الى الرياض، ومنها الى مكة لأداء حج العمرة خلال الايام العشرة الأواخر من شهر رمضان، علماً أنّ كثيراً من الاطراف يبدون رغبة في ان تُبصر الحكومة النور قبل عيد الفطر السعيد منتصف حزيران المقبل. ولكنّ المؤشرات في هذا الاتجاه غير مشجّعة بعد في ظل الكم الكبير من المطالب التي تلقّاها الحريري حتى الآن، على رغم الرهان على معالجتها خلال المفاوضات الجارية، ومن خلال دالّة هذا الرئيس او ذاك على هذا الفريق السياسي او ذاك، لتأتي الحكومة مقبولة لدى الجميع وهي على الأرجح ستكون ثلاثينية، وربما أكثر…
لم تتّضِح معالم الحكومة العتيدة بعد، الّا انّ الكتل النيابية قد رمت بمطالبها وشروطها امام الرئيس المكلف سعد الحريري، بعضها لكي يأخذها في الاعتبار، وبعضها لإسماع المنافسين على الأحجام والحقائب.
وقد بدا واضحاً من كمية مطالب الاستيزار انّ التأليف الحكومي ليس مُيسّراً بعد، لأنّ هناك استحالة في تحقيق كل هذه المطالب «إلّا اذا شاء المطالبون والمعنيون بالتأليف نقل مقاعد مجلس النواب الى مقاعد مجلس الوزراء»، على حد تعبير احد السياسيين، الذي لاحظ «انّ المتميّزين المُنضوين في كتل نيابية قدِموا الى الاستشارات بمفردهم، كالنائبين نعمة افرام و رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوّض وغيرهما، الأمر الذي سيفرض على الرئيس المكلف، الذي أنهى استشاراته النيابية امس، إجراء استشارات سياسية مع رؤساء الكتل والمرجعيات، لعل المطالب تدخل في خرم التأليف، علماً أنّ الاستشارات السياسية ستُبرز ما اذا كانت أسباب التعقيدات داخلية ام تنطوي على خلفيات خارجية. على انّ زيارة الحريري المرتقبة للسعودية هي في حد ذاتها إعلان عن التداخل بين الخارج والداخل في عملية التأليف.
خلف الاضواء
وقالت مصادر متابعة للتأليف الحكومي لـ«الجمهورية»: «انّ الرئيس المكلف لم يتخذ بعد اي قرار، لا لجهة شكل الحكومة ولا لجهة التوزيع. فهو دَوّن ملاحظاته خلال اجتماعه مع الكتل والنواب، لكنّ المشاورات الفعلية التي سيجريها ستكون بعيداً من الاضواء، وفي ضوئها سيعطي نفسه بعض الوقت لكي يحدد طبيعة الحكومة وسيسير وفق الأولويات: بداية شكل الحكومة، ثم ايّ قاعدة سيتّبعها في توزيع الحقائب، ومن ثم عرض هذه الحقائب على الكتل النيابية لنيل موافقتها قبل ان يصل الى المرحلة الاخيرة، وهي إسقاط الاسماء على الحقائب». واعتبرت المصادر انّ كل ما قيل في هذا الصدد حتى الآن «يبقى كلاماً مبدئياً الغاية منه رفع السقف وتقوية الاوراق التفاوضية، قبل وضع كل هذه الاوراق على الطاولة للتفاوض».
الحريري
في أي حال إنّ الرئيس المكلف، وبعد استطلاعه آراء الكتل والنواب المستقلين في التشكيلة الوزارية العتيدة، أبدى تفاؤله وشدد على «ضرورة تأليف حكومة وفاق وطني لتحصين ساحتنا الداخلية أمام التحديات الاقليمية، بالاضافة الى الوضع الاقتصادي الذي نواجهه». واكد انه «كان هناك تعاون من الجميع لتسهيل تشكيل الحكومة، والجميع متوافق على الإسراع في التأليف».
وتعليقاً على حصة رئيس الجمهورية من الحقائب الوزارية، قال الحريري: «من حق الجميع أن يطلب ما يريد حالياً، ولكن في المرحلة المقبلة لا أتصوّر أنّ أحداً سيضع العصي في الدواليب ويعرقل تأليف الحكومة»، لافتاً إلى «أنّ الإنتخابات النيابية كانت بمثابة إنجاز لمصلحة المواطن، ويجب أن يُبنى على الإيجابيات من أجل تأليف الحكومة». وختم: «الآن نحن في مرحلة مشاورات، والبعض ينصح بحكومة كبيرة أو صغيرة، وسنصل إلى توافق كما جرى في الحكومة السابقة».
مطالب الكتل والنواب
وفي استعراض لأبرز مطالب الكتل والنواب، طالبت كتلة «الوفاء للمقاومة» بـ«وزارة وازنة» وكذلك باعتماد وزارة للتخطيط. وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد لـ«الجمهورية»، لدى سؤاله عن تعليقه على ما نُقل عن رأي الحريري من أنّ «حزب الله» لن يسمّي وزراء له مشمولين في العقوبات الاميركية: «نحن أصلاً لسنا معترفين بالعقوبات، ولن نعترف بحكومة تتعاطى مع العقوبات».
إلى ذلك اعتبر تكتل «لبنان القوي» الذي يجتمع اليوم برئاسة الوزير جبران باسيل أن «لا أحقية لأحد بالتمسّك بحقيبة معينة، وأنه حان الوقت لحصوله على «وزارة المال او وزارة الداخلية الى جانب حقائب اخرى اساسية». وطالبَ بتمثيل الطائفتين العلوية والسريانية في الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية على الطوائف الصغرى.
في حين شدّد تكتل «الجمهورية القوية» على «انّ تمثيل «القوات اللبنانية» يجب أن يوازي تمثيل «التيار الوطني الحر»، مُتعهداً بأن يكون «حصة رئيس الجمهورية في الحكومة المقبلة».
من جهتها أصرّت كتلة «التنمية والتحرير» على إعطائها وزارة سيادية، معتبرة أنه يحق لها بـ ٤ وزراء من ضمنهم وزارة سيادية «وهي وزارة المال، إذا كان المعيار أنّ لكل كتلة من ٤ نواب، وزيراً».
واستعجلت كتلة «المستقبل» ولادة الحكومة، وطالبت بأن تكون ثلاثينية.
وفي حين لم تكشف كتلة «اللقاء الديموقراطي» عن مطالبها، مؤيدة تأليف حكومة وحدة وطنية. أكدت كتلة «ضمانة الجبل» من جهتها حقّها في أن تتمثّل في الحكومة بنحو صريح.
وطالبت كتلة «الوسط المستقل» بحقيبة وزارية من دون تحديدها. كذلك طالبت كتلة «الوطن المستقل» بحقيبة اساسية: إمّا وزارة الاشغال وإما وزارة الطاقة أو الاتصالات، وبحقيبة خدماتية اخرى.
وطالبت كتلة «نواب الأرمن» بحكومة من ٣٢ وزيراً تتمثّل فيها الطائفة الأرمنية بوزيرين. واوضحت كتلة نواب «الكتائب» انها ستعقد جلسة أخرى مع الحريري «لأنّ ما يهمها، قبل النظر الى الاشخاص، النظر الى البرنامج والاولويات التي بناء عليها سنتّخذ الموقف المناسب».
السيّد
وفي إطار استشارات التأليف، كان لافتاً لقاء الرئيس المكلّف مع النائب جميل السيّد، الذي اعتبر انّ اللقاء «كان طبيعياً»، مشيراً الى انه تخلله استعراض موجَز عن المحطة الماضية التي طَغت على العام 2005. واشار الى «انّ الحريري أبدى كل تفهّم للمرحلة السابقة والظروف التي رافقتها»، وقال: «الحريري تعاطى معي وكأنه لم يكن بيننا شيء». وطلب السيّد من الحريري أن تُسند حقيبة وزارة العدل إلى فريقه السياسي «كنوع من رّد الاعتبار، ولأنّ هذه الوزارة شهدت تركيب شهود زور».
الراعي ـ ماكرون
الى ذلك، تتجه الانظار الى باريس اليوم حيث يتوّج البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي زيارته لها بلقاء يعقده بعد ظهر اليوم مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الايليزيه، وُصف بأنه «مهم جداً».
وعلمت «الجمهورية» انّ الراعي يحمل معه ملفاً مكتوباً سيسلّمه الى ماكرون، ويحتوي على مواضيع عدة أبرزها:
• أولاً، العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية عموماً والفرنسية ـ المسيحية خصوصاً.
• ثانياً، دور فرنسا في الحفاظ على كيان لبنان في المرحلة التي تَتفتّت فيها كيانات الشرق الاوسط.
• ثالثاً، موضوع النازحين السوريين ودور باريس في معالجة هذا الملف.
• رابعاً، الدور الثقافي والتربوي لفرنسا في لبنان والشرق الاوسط.
وقبَيل سفره الى باريس، اكد الراعي أنّ «لفرنسا والدول في الأسرة الدولية إيماناً بأنّ لبنان يشكل قيمة كبيرة في هذا الشرق، ويقولون انه اذا تمّت حمايته وأصبح قوياً بمؤسساته سيكون مساعداً للسلام، ليس في الشرق فقط وإنما في أوروبا».
وكرّر الراعي دعوته إلى «ضرورة الإسراع في الإصلاحات في القطاعات». وقال: «نصلّي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون حتى تتحقق أمنياته مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في تأليف الحكومة اليوم قبل غد».