نام اللبنانيون ليل أمس على ضجيج "الهجمات" المتبادلة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية. الحريري فتح "نار" الصلاحيات على باسيل، لأنه تجرأ على "تقييد" تعديات موظفي مفوضية الأمم المتحدة على سيادة الدولة في ملف النازحين السوريين البالغ الحساسية. لا أحد يعرف شروط "فض الإشتباك" بين كلا المسؤولين، لكن لوحظ إطلاق "نيران جانبية" على باسيل من غير مصدر سياسي وإعلامي تحوم شبهات كثيرة حول دوافعهم …
اللواء
إنفجار الخلاف بين المستقبل والتيار الحر يطرح علامات إستفهام حول التأليف؟
المرعبي لفرض عقوبات دولية على باسيل.. و«التحالف الثلاثي» يطالب عون بإلغاء مرسوم التجنيس
تلاشت موجة التفاؤل بإمكان تشكيل غير متأخر للحكومة الجديدة، التي كلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بتأليفها بناء على استشارات نيابية ملزمة قاربت الـ111 نائباً. وتزايدت الأسئلة وسط جمود يحيط بالاتصالات عن المدى الزمني الذي فيه ستشكل الوزارة.
وحسب أوساط معنية بالتأليف فإن معالم صعوبات غير متوقعة، بدأت بالتبلور، وهي تتجاوز المطالب الداخلية للكتل النيابية، لا سيما داخل الفريق المسيحي، حيث يستمر السجال الخلاف بين التيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية» حول المساواة أو اللامساواة في الحصص من الناحية الكمية، والنوعية من ناحية أخرى.
من هذه المعالم: 1 – ظهور الخلاف إلى العلن بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، حول اجراء اتخذه باسيل من جانب واحد، وقضى بإيقاف طلبات الإقامة المقدمة إلى الوزارة (الخارجية) الأمر الذي رفضه الرئيس الحريري على لسان مستشاره لشؤون النازحين السوريين نديم المنلا، بقوله انه اجراء باسيل احادي الجانب، ولا يعكس سياسة الحكومة اللبنانية أو رئيسها الذي سبق له وأبلغ وزير الخارجية انه ضد هذا الاجراء طالبا منه سحبه.
وفي السياق رأى وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة ان «وزير الخارجية يُطلق سياسة جديدة تجاه عودة النازحين السوريين والمنظمات الدولية، وكأن لا حكومة راحلة، ولا حكومة آتية، ولا مجلس نواب جديد».
واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي ان «قرار باسيل بشأن مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، منفرد ولا يلزم أحداً.
وقال المرعبي في حديث لقناة «الحدث»: «لا يوجد أي منطقة آمنة في سوريا لإعادة النازحين اليها».
وتابع: «ادعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات على باسيل بعد قراره بشأن المفوضية».
2- ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في ما خصَّ عودة حزبه من سوريا،فضلا عن تجدد الحملات على المملكة العربية السعودية ودول الخليج في خطابه أمس في يوم القدس.
وفي الشق المحلي دعوة أحزاب الكتائب اللبنانية و«القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» رئيس الجمهورية إلى إلغاء مرسوم التجنيس، وإصدار مرسوم آخر يتضمن فقط الحالات الخاصة جدا ولأسباب إنسانية محددة جدا ومتوافقة مع مقتضيات الدستور اللبناني ومعايير منح الجنسية اللبنانية خاصة في الظروف الحالية التي يضيق فيها لبنان أصلا بسكانه».
أزمة المفوضية- باسيل
وفي تقدير أوساط سياسية مطلعة، ان انفجار أزمة النازحين السوريين بين وزارة الخارجية والأمم المتحدة، عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ليس بعيداً عن أزمة مرسوم التجنيس، بعدما تبين وجود شبهات أمنية وقضائية حول بعض الأسماء التي تضمنها، وكأن إثارة أزمة المفوضية مع الخارجية جاءت للتغطية على «فضيحة» الأسماء في مرسوم التجنيس، والتي دفعت الأحزاب المعترضة عليه، وهي أحزاب الكتائب و«القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» إلى مطالبة رئيس الجمهورية بإلغاء المرسوم وإصدار مرسوم آخر جديد للحالات الخاصة، ولاسباب إنسانية محددة.
وبحسب هذه الأوساط، فإن ما اقدم عليه الوزير باسيل لجهة إيقاف طلبات الاقامات المقدمة إلى الوزارة لصالح مفوضية شؤون اللاجئين، لم يحظ بموافقة الرئيس الحريري، الذي سبق وأبلغ باسيل انه ضد هذا الاجراء وطلب منه سحبه، وفق ما كشفه مستشاره لشؤون النازحين نديم المنلا، الذي أعلن ايضا ان الاجراء الذي اتخذه وزير الخارجية احادي الجانب ولا يعكس سياسة الحكومة اللبنانية أو رئيسها.
وقال: «على الوزير باسيل ان يُدرك ان هناك رئيساً للحكومة ووزيراً معنياً بملف النزوح، وهو المخول التعبير عن سياسة النازحين، وليس مقبولاً بالشكل ان يجري تحقيقاً ويحاكم ويصدر حكماً بالتنفيذ، فهذا تعد على صلاحيات زملائه، إذ لا يحق له ان يتخذ اجراء بحق مؤسسة دولية، ورئيس الحكومة هو المعني الأساسي بسياسة لبنان الخارجية».
ومن جهته، انتقد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة أداء باسيل من دون ان يسميه، وقال ان « ان وزير الخارجية يتصرف وكأن الدولة تعلن حرب إلغاء على المؤسسات الدولية دون حساب للتداعيات المحلية على سمعة لبنان والخسائر المرتقبة إن لم يرحل النازحون وانقطعت المساعدات. وقال: «مهلا أيها الوزير، نذكرك أنه حتى إشعار آخر هناك رئيس وحكومة تصريف أعمال، وهناك رئيس مكلف لتشكيل الحكومة وهناك حكومة قادمة عليها أن تناقش أمام مجلس النواب سياسة الحكومة وترتيبات عودة النازحين».
وفي معلومات «اللواء»، ان خطوة باسيل ضد مفوضية اللاجئين هي التي دفعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالأنابة برنيل كارديل لزيارة الرئيس الحريري أمس في «بيت الوسط»، الا ان المسؤولة الأممية التزمت الصمت، ولم تشأ الإدلاء بأي موقف بعد اللقاء، لكن المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك، أوضح ان المهم بالنسبة إلى الأمين العام انطونيو غوتيرس هو ان أي لاجيء يتخذ قراره الخاص حول عودته، أي ان تكون عودته طوعية، فيما قالت أوساط «بيت الوسط» ان الرئيس الحريري يتابع الموضوع بكثير من الاهتمام.
ولوحظ ان تلفزيون «المستقبل» الناطق بلسان تيّار «المستقبل» نقل تصريحات المنلا، فيما ردّ الوزير المعني بشؤون النازحين معين المرعبي على باسيل داعيا المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات عليه، بعد قراره بشأن المفوضية، مؤكدا ان هذا القرار منفرد ولا يلزم أحداً وغير دستوري، ويعتبر نقضاً لمبادئ الأمم المتحدة ومعيباً. لافتا النظر إلى انه لا توجد منطقة آمنة في سوريا لعودة النازحين.
ورد وزير الطاقة المقرب من باسل باسيل سيزار أبي خليل على تصريحات حمادة والمرعبي، معتبرا انها «تغطية عجز أو تواطؤ»، وقال في تغريدة له عبر «تويتر»: «بات عليكم الاعتياد على وزراء يمارسون صلاحياتهم انطلاقاً من المصلحة الوطنية والسيادة اللبنانية دون غيرها».
كما غرد وزير العدل سليم جريصاتي بدوره عبر «تويتر» معتبرا انه «في مسألة النزوح السوري المصلحة اللبنانية العليا تسمو فوق كل اعتبار. اخبرهم جبران لماذا لم يوقع لبنان لحينه ودول الطوق العربي اتفاقية جنيف تاريخ 28 تموز 1951 وبروتوكول 1967 في حين سارعت إسرائيل إلى التوقيع لعلهم يفهمون».
وكان باسيل، الذي يدرس اعتماد إجراءات تصاعدية أخرى في حق مفوضية اللاجئين في حال بقيت تعتمد سياسة تخويف النازحين من العودة إلى سوريا، قد استند في الاجراء الذي اتخذه بوقف طلبات الاقامة، إلى التقرير الخطي الذي رفعته إليه البعثة المرسلة من قبله إلى منطقة عرسال، والتي تبين لها من خلال مقابلاتها مع نازحين سوريين راغبين طوعيا بالعودة الى سوريا، ومع موظفين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إلى أنها تعتمد على عدم تشجيع النازحين للعودة، لا بل إلى تخويفهم عبر طرح أسئلة محددة تثير في نفوسهم الرعب من العودة نتيجة اخافتهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السكن والعيش وقطع المساعدات عنهم وعودتهم دون رعاية اممية، وغيرها من المسائل التي تدفعهم إلى عدم العودة.
وأوضح مكتب باسيل ان تبريره يأتي بعد عدة تنبيهات من الوزارة وجهت مباشرة إلى مديرة المفوضية في بيروت السيدة ميراي جيرار، وبعد استدعائها مرتين إلى وزارة الخارجية وتنبيهها من هذه السياسة، وبعد مراسلات مباشرة من الوزير باسيل إلى الامين العام للأمم المتحدة، ومراسلات من الوزارة إلى المفوضية والأمم المتحدة، دون أي تجاوب لا بل امعنت المفوضية في نفس سياسة التخويف.
مرسوم التجنيس
اما مرسوم التجنيس، فإن نشره، أمس الأول على موقع وزارة الداخلية، كاملاً وبالاسماء، عزّز قناعة الأحزاب المعارضة له، وكذلك الذين اطلعوا عليه ودققوا في الأسماء الواردة فيه، الشبهات الأمنية والقضائية التي تحدث عنها بيان الداخلية، لكن الجديد فيه هو علامات الاستفهام التي طرحت حول ما إذا كان المتمولون السوريون والعراقيون والايرانيون الذين طلبوا منحهم الجنسية اللبنانية، جاء بدافع حماية رؤوس اموالهم من خلال نظام السرية المصرفية التي يتمتع بها النظام المصرفي اللبناني، وليس بدافع استثمار اموالهم في مشاريع انتاجية، واستطراداً عمّا إذا كان هؤلاء دفعوا رشاوى لهذا الغرض، تبعاً لممارساتهم المشبوهة في هذا المجال.
وبطبيعة الحال، فإن أي خطوة يُمكن ان يلجأ إليها رئيس الجمهورية بعد ان ظهرت عيوب المرسوم، فضلاً عن الشبهات التي تحيط بعدد لا بأس به من المجنسين الجدد، ومنها على سبيل المثال إلغاء المرسوم، وفق ما تمنى عليه البيان المشترك الذي صدر عن الأحزاب الثلاثة، لن تتقرر إلا في ضوء التقرير الذي سيرفعه إليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي بات يتمتع بصدقية كبيرة لدى قصر بعبدا، وفي ضوء هذا التقرير يُمكن صدور ملحق يتضمن شطب الأسماء المشبوهة، من دون إلغاء المرسوم باعتباره بات نافذاً.
غير ان الأوساط القريبة من العهد ومن «التيار الوطني الحر»، ما زالت على اعتقادها بأن المرسوم شكل وسيلة لاستهداف رئيس الجمهورية بغية اضعافه في المرحلة المقبلة، علماً ان المرسوم لم يقترن باسمه فحسب، ويتساءل هؤلاء لماذا لم نسمع بهذه الأصوات عندما مررت 3 مراسيم في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان؟
وإذ لا يستبعد المقرّبون عودة الأمور إلى طبيعتها قريباً، يؤكدون: هل هناك شفافية أكثر من نشر المرسوم وتعريض الحياة الشخصية لمن وردت اسماؤهم فيه، لكن المطلوب كما هو ظاهر إضعاف الرئيس القوي لمنعه من القيام بشيء وتبديل المعادلات التي أرساها في ملفات كبيرة، ومنها ملف أزمة النازحين السوريين، علماً ان هناك من أبدى خشيته من التمدد الشعبي الذي عكسته مشاركة النّاس في انتخاب نواب «التيار الوطني الحر» وحلفائه، ليقينهم انهم انتخبوا الرئيس عون، كما ان هناك خشية مما يقال عن قيام حكومة العهد الاولى قريباً.
الحكومة
والسؤال: لماذا هذه الإشارة إلى حكومة العهد، ولماذا برز فجأة حديث عن تباطؤ مقصود في عملية تأليف الحكومة لأسباب ربما لا يعرفها الا الرئيس المكلف نفسه؟ بالتزامن مع تكهنات بأن تكون وراء هذا التباطؤ ضغوط خارجية مغطاة بقشرة لبنانية؟
وهل صحيح ان ثمة بعض الدول الخارجية تتصلب في منح «حزب الله» حقائب أساسية وموزانة كما يريد، قد يكون وراء تصلب بعض الأطراف الداخلية وراء تصعيد مطالبها لتأخير التشكيل بهدف الضغط لعدم الاستجابة لمطالب الحزب؟
كل هذه التساؤلات وغيرها طرحت، فيما مفاوضات التأليف أنهت اسبوعها الثاني، من دون ان يبدو في الأفق، ان أسبوع عيد الفطر السعيد أو الذي يليه سيكون حاسماً في ولادة الحكومة، فالرئيس الحريري، بحسب المعلومات سيسافر الأربعاء المقبل إلى موسكو بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور افتتاح مباريات كأس العالم، ومن ثم سيتوجه إلى السعودية لتمضية عطلة العيد مع عائلته هناك.
وأفادت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» أن ما من تصور شبه نهائي للحكومة حتى يعرضه الرئيس الحريري على الرئيس ميشال عون وقالت إن الرئيس عون أبدى أمام من التقاهم أمس ولا سيما الوزير غطاس خوري المكلف بالاتصالات خول ملف تشكيل الحكومة رغبة بالإسراع بوتيرة التشكيل.
وأشارت إلى أن العناوين حول عدد أعضاء الحكومة باتت محسومة لجهة أن تكون ثلاثينية، موسعة لكنها قد لا تضم جميع الأطراف.
ولفتت إلى أن التمثيل المسيحي أي الحصص لم يحسم وكذلك الأمر بالنسبة إلى التمثيل الدرزي والسنة المستقلين وكل المطالب تخضع للأخذ والرد بما فيها مطالب الوزارات السيادية والخدماتية والأساسية.
وأشارت إلى وجود تفاهم على شكل الحكومة وليس على نسبة التمثيل.
وفهم أن حزب «القوات اللبنانية» يطالب بـ5 وزراء من ضمنها نيابة رئاسة الحكومة فيما يطالب تكتل فرنجية بوزيرين، وأشارت إلى أن الرئيس عون لن يقول كلمته قبل أن ترسو نتيجة المفاوضات على بر والوصول إلى شكل أولي للحكومة.
وأوضحت أن الاجتماعات حول ملف التأليف متواصلة, وكان محورها الوزراء الرياشي وخوري وعلي حسن خليل والنائب وائل أبو فاعور، وكشفت في هذا السياق عن لقاء بين الوزير باسيل مع الوزير خوري. وأفادت أن أي طرف لم يبلغ الحريري بأي اسم لمرشحه لكنها كشفت أن شخصيات تبلغت انها غير عائدة إلى الحكومة.
ورأت أنه إذا أدت المطالب والشروط إلى عرقلة قيام حكومة وحدة وطنية فإن خيار حكومة الأكثرية قد يخضع للبحث، وقالت إنه يجب حسم نسبة التوزيع في الحكومة متحدثة عن توجه بأن يكون لأي كتلة مؤلفة من أربعة نواب وزير أي بمعدل كل 4 بوزير.
نصر الله
وفيما نقل عن الرئيس نبيه برّي قوله أمس انه لا يجد مبرراً للتباطؤ في تأليف الحكومة، وانه لا يمكّن ترك البلد تتخبط في الفراغ القائم، وحتمية تشكيل حكومة جددة بات ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في الداخل التي تضغط على رقاب اللبنانيين، لوحظ أن الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله لم يتطرق في كلمته في احتفال الحزب بـ«باليوم القدس العالمي» الذي أحياه في بلدة مارون الراس، إلى الشأن السياسي الداخلي، ولا إلى موضوع تأليف الحكومة، وحصر كلامه حول موضوع القدس وغزة، ووجود الحزب في سوريا، حيث أكّد انه ليس للحزب مشروع خاص في سوريا، «وانه لو اجتمع العالم كلّه على ان يخرجنا منها لن يستطيع، ويكون فقط مطلب من سوريا، فنحن موجودون حيث يجب ان نكون موجودين، وحيث تطلب منا القيادة السورية ان نتواجد بحسب تطورات الميدان».
وأوضح انه «عندما ذهبنا إلى سوريا ذهبنا نتيجة فهمنا بأن ما يجري في سوريا مؤامرة كبرى تستهدف كيان سوريا ومحور المقاومة، وكذلك ذهبنا بطلب من القيادة السورية ولم يكن لدينا مشروع خاص».
البناء
قمّة روسية صينية لإطار تفاوضي حول كوريا… ورئيسا أركان روسيا وأميركا يبحثان التسوية السورية
ملايين يوم القدس في فلسطين وخارجها… ونصرالله: نعود من سورية بعد نصرنا وهزيمة أعدائنا
باسيل يقيّد مفوضية اللاجئين… والحريري للقاء إبن سلمان في موسكو… والناشف لحقّ المقاومة
مِن رسم خريطة الطريق للمفاوضات الأميركية الكورية الشمالية في القمة التي جمعت رئيسَي روسيا فلاديمير بوتين والصين شي جين بينغ في بكين، إلى رسم إطار للتسوية في سورية في الاجتماع الذي ضمّ رئيسَي أركان الجيوش الروسية فاليري غراسيموف والأميركية جوزيف دانفورد، تبدو الحروب الكبرى قد صارت خارج الاحتمالات، ويبدو التفاوض مع حروبه الصغيرة، لكن الساخنة، هو سيّد الموقف في كلّ الملفات.
وحدها فلسطين تبدو الاستثناء، حيث لا فرص للتسويات، وحيث الحرب التي يخوضها الفلسطينيون بلحمهم العاري، ليست لتحسين شروط تفاوض، ولا لرسم حدود، بل حرب وجود، شكّل اليوم العالمي للقدس مناسبة لتظهيرها قضية عالمية، يصعب طمسها وتخطي التداعيات التي تتركها على سائر الملفات الإقليمية والدولية المعقدة، فالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال لا يجعلها كذلك، والإعلان عن الدولة اليهودية لا يعني قيامها، لأنّ دونهما معاً إرادة ملايين الفلسطينيين الذين وضعوا دماءهم في كفة موازية، وقد بدا بوضوح رغم الغياب العربي الرسمي إلى حدّ التآمر، أنّ الفلسطينيين ليسوا وحدهم، فالملايين التي خرجت في يوم القدس من صنعاء إلى بغداد ومارون الراس وبلدان الغرب والشرق، قالت إنّ قضية فلسطين كما كانت قضية القرن العشرين فهي باقية قضية القرن الحادي والعشرين.
إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالمناسبة أعادت رسم سياق المواجهة التي تدور حول فلسطين، والتي تقع المقاومة وحروبها في قلبها، من الحرب في سورية إلى الحرب في اليمن إلى مستقبل العراق، ومحور المقاومة الذي يواجه الضغوط والعقوبات دفاعاً عن فلسطين، ينتصر وانتصاراته رصيد لفلسطين.
عن الحرب في سورية، قال السيد نصرالله إنّ النصر التاريخي الكبير يقترب، وإنّ سورية تحتفل بهذا النصر، وإنّ عودة حزب الله من سورية تعني انتصاره مع سورية، ولن تنجح محاولات تصوير هذه العودة نصراً لأعداء سورية والمقاومة الذين كانت حربهم لإسقاط سورية، وكان وجود المقاومة وشراكتها في سورية تلبية لقرار دولتها وجيشها ورئيسها.
لبنانياً، مع تراجع المشهد الحكومي من الواجهة في ظلّ برود حركة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يبدو أنه ربط توقيت حركته نحو وضع تصوّر أوّلي للحكومة العتيدة بساعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي لم تتح للحريري فرصة لقائه في زيارته الأخيرة للسعودية، ويراهن على تحقيق هذا اللقاء بسفره إلى موسكو للمشاركة في حفل افتتاح مونديال موسكو، الذي يشهد في مباراته الأولى لقاء منتخبي روسيا والسعودية، ويُنتظر أن يحضره ابن سلمان، وتوقفت مصادر متابعة أمام هذا المشهد الذي يرهن الحكومة اللبنانية لوصاية سعودية مكشوفة، رغم ما يجلبه من شعور بالمهانة لغالبية لبنانية جامعة شاركت في الانتخابات النيابية، ظناً منها بأنّ الحكومة التي تلي الانتخابات ستحترم إرادة الناخبين التي قرّرت الأحجام والأوزان المفترض الاحتكام إليها في التشكيلة الحكومية، بينما يقول ما يجري للجميع إنّ أصواتهم بلا قيمة، وإنّ الصوت الذهبي سيبقى للخارج ممثلاً برضا ولي الأمر، الذي له أن يقرّر ما إذا كان التمثيل المسيحي سيحترم الأحجام النيابية أم سيكون هناك «زودة بيّاع» للبعض، وتهميش لبعض آخر، وله وحده أن يقرّر مَن سيشغل المقاعد العائدة للطائفة السنية، وليس نوابها وناخبوهم. وختمت المصادر بسخرية من المشهد الراهن بقولها، ربما نكون على موعد مع حكومة من إثنين وعشرين وزيراً يستوحي عددها ولي العهد السعودي من ملاعب كرة القدم وعدد اللاعبين.
وفي تهيئة الأجواء للقاء الحريري مع إبن سلمان، شنّ تيار المستقبل هجوماً على قرار وزير الخارجية جبران باسيل بتقييد حصول موظفي مفوضية اللاجئين الأممية، بعد توجيه تحذيرات عدة لهم للتوقف عن تحريض النازحين السوريين على رفض المشاركة في مبادرات العودة الطوعية التي ينسقها الأمن العام اللبناني بتكليف من رئيس الجمهورية، وشارك في الهجوم المستقبلي وزراء ونواب التيار الأزرق، لتأكيد عدم وجود تفاهم على ملف النازحين وعودتهم بين رئيسَي الجمهورية والحكومة.
وفي الشأنين الإقليمي والداخلي كانت لرئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي حنا الناشف كلمة في اجتماع المنفذين العامين في الحزب، أكد فيها محورية القضية الفلسطينية كبوصلة للنضال القومي، داعياً لتأكيد حق المقاومة في لبنان كعامل حماية للحقوق، خصوصاً الثروات النفطية أمام أطماع العدو، مؤكداً الحاجة لخطة اقتصادية تعزّز قطاعات الإنتاج الوطني.
نصرالله: لن ننسحب من سورية إلا بطلب من قيادتها
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن حزب الله لن ينسحب من سورية إلا بطلب من القيادة السورية، مؤكداً أنّه «لو اجتمع العالم كله على أن يخرجنا من سورية فلن يستطيع، وهناك طريقة واحدة أن تطلب القيادة السورية ذلك».
وقال نصرالله: «عندما ذهبنا إلى سورية ذهبنا نتيجة فهمنا بأن ما يجري في سورية مؤامرة كبرى تستهدف كيان سورية ومحور المقاومة. وكذلك ذهبنا بطلب من القيادة السورية»، وأكد أنه «ليس لحزب الله مشروع خاص في سورية على الإطلاق، ونحن موجودون حيث يجب أن نكون موجودين، وحيث طلبت منا القيادة السورية أن نوجد بحسب تطوّرات الميدان».
وأضاف: «وجودنا بحجمنا وبمساهمتنا في الانتصار السوري الكبير على المؤامرة، وعندما ترى القيادة السورية أن لا يكون حزب الله موجوداً في سورية فسنكون شاكرين».
وفي كلمة له خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله في مارون الراس جنوب لبنان لمناسبة يوم القدس العالمي، ركّز السيد نصرالله كلمته على التطوّرات على الساحة الفلسطينية في ظلّ التظاهرات التي تعمّ المناطق الفلسطينية ضد مشاريع الاحتلال الصهويني وقرار الرئيس الأميركي نقل سفارة بلاده الى القدس.
وقال السيد نصرالله: «القدس هي حقيقة وجوهر الصراع الذي يدور منذ أكثر من 70 عاماً ورمزه وعنوانه، كما أنّها تتعرّض لمؤامرات لاسيما نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وما يُحكى عن «صفقة القرن» التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية».
وحذّر نصرالله من أن هناك تحدياً جديداً أيضاً في مواجهة قضية القدس وفلسطين لم نشهده في العالم العربي وبعض دول الخليج منذ 70 عاماً، وهو تقديم تنظير ديني وعقائدي وفلسفي وتاريخي للهزيمة أمام الكيان «الإسرائيلي». وهذا التنظير مسؤولة عنه السعودية بالدرجة الأولى ومن بعدها انتشر إلى الإمارات والبحرين، معتبراً أنه من التزييف لمفاهيم الإسلام ومن السخافة القول بأن «للإسرائيليين» حقاً دينياً وتاريخياً في القدس، لافتاً إلى أنه للأسف جاء مَن يريد أن يحمي عرشه هنا أو هناك من خلال التسليم لأميركا بموضوع فلسطين والقدس.
الناشف: ستبقى فلسطين البوصلة
وشدّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف على أن فلسطين ستبقى بوصلة المقاومة والنضال الحقيقي حتى استرجاع كامل التراب الفلسطيني. وشدّد بمناسبة يوم القدس العالمي على رفض كل الصفقات والمؤامرات الهادفة إلى شطب فلسطين من المعادلة، وأشار الى الانتصارات التي حققتها دول وقوى تصبّ في خانة مشروع المقاومة في المنطقة، بما يعني سقوط مخطط تصفية المسألة الفلسطينية. ودعا الى وضع خطة شاملة تؤكد التمسك بحق لبنان الثابت والمشروع في المقاومة والدفاع عن حقوقه الوطنية بوجه أي عدوان خارجي، وعلى رأسها الدفاع عن ثروته النفطيه في المياه الإقليمية بمواجهة الأطماع الصهيونية.
وخلال اجتماع عقده للمنفذين العامين في لبنان في مركز الحزب، أكد ضرورة إيجاد خطة فعلية تعزّز الاقتصاد الوطني، وتجعل المنتجات المحلية قادرة على المنافسة في الخارج، إضافة الى إيجاد أسواق لتصدير الإنتاج، حيث لا توجد أي خطوات داعمة للزراعة، بينما الأسواق الى الخارج مقفلة أمام حركة التصدير ما يؤدي الى كساد الإنتاج المحلي، في ظل غياب أي دعم فعلي للاقتصاد المحلي وتحفيزه على المنافسة.
إجراءات تصعيدية بحق مفوّضية النازحين
وفيما بقي ملف تشكيل الحكومة في ثلاجة الانتظار، ظهرت الأزمة بين لبنان والأمم المتحدة الى العلن بعدما بقيت في الكواليس لسنوات عدة، وذلك على خلفية تضارب المواقف والسياسات تجاه التعامل مع أزمة النزوح، وفي أول خطوة إجرائية لبنانية إزاء ممارسات المفوضية العليا لشؤون النازحين السوريين في لبنان، وبعد التحذيرات المتتالية التي وجهتها وزارة الخارجية اللبنانية اليها، أصدر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل تعليمات إلى مديرية المراسم في الوزارة بإيقاف طلبات الإقامات المقدّمة إلى الوزارة والموجودة فيها إلى حين صدور تعليمات أخرى. ما يعني بالمعنى الدبلوماسي أن لبنان لم يعُد يرحّب بوجود المفوضية وموظفيها على أراضيه، إذا لم تغيّر سلوكها. وأوضحت الخارجية في بيان أن «ذلك جرى استناداً إلى التقرير الخطي الذي رفعته إلى الوزير باسيل البعثة المرسلة من قبله إلى منطقة عرسال أمس، والتي تبيّن من خلال مقابلاتها مع نازحين سوريين راغبين طوعياً بالعودة الى سورية، ومع موظفين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تعمدوا تخويف النازحين عبر طرح أسئلة محددة تثير في نفوسهم الرعب من العودة نتيجة إخافتهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السكن والعيش وقطع المساعدات عنهم وعودتهم دون رعاية أممية، وغيرها من المسائل التي تدفعهم إلى عدم العودة». وطلب باسيل «دراسة الإجراءات التصاعدية الأخرى الممكن اعتمادها في حق المفوضية وهي عديدة، في حال إصرارها على اعتماد السياسة نفسها».
وأثارت خطوة باسيل حفيظة الامم المتحدة التي ردت عبر المتحدّث باسم أمينها العام انطونيو غوتيريس، ستيفان دوجاريك، أن «المفوضية العليا لشؤون الاجئين لم تتبلّغ رسمياً قرار الخارجية اللبنانية»، قائلاً: «حين تتبلّغه ستقيّم تأثيره». وقال دوجاريك: «المهم هو أن أي لاجئ يتخذ قراره الخاص حول عودته أي أن تكون العودة طوعية»، كما أثار إجراء وزارة الخارجية امتعاض رئاسة الحكومة وانقساماً بين القوى السياسية المحلية، ما يؤشر الى أن ملف النازحين سيكون أبرز الملفات الخلافية على طاولة مجلس الوزراء المقبل. وردّ مستشار رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لشؤون النازحين نديم الملا على باسيل، بالقول: «إن وزير الخارجية جبران باسيل أخطأ بالشكل والمضمون بالقرار الذي اتخذه بحق مفوّضية اللاجئين»، مشيراً الى أن «هذا قرار لا يعكس سياسة الحكومة اللبنانية بل موقف سياسي لباسيل». وفي حديث تلفزيوني له، أوضح المنلا أن «باسيل يعلم أنه بهذه الأمور عليه استشارة رئيس الحكومة، ومعطياته المهمة التي يتحدّث عنها كان يجب أن يطلع الحريري عليها ومن ثم يتخذ الموقف المناسب على أساسها».
واستنكرت مصادر في تيار المستقبل الإجراء ووصفته بالاعتباطي والمتفرّد، مشيرة لـ «البناء» الى أن «وزير الخارجية وبتغطية من رئيس الجمهورية يضع بهذا الإجراء لبنان بمواجهة الأمم المتحدة ويتحمّل هو مسؤولية نتائج هذه المواجهة»، موضحة بأن «الحلّ يتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة التي وحدها تحدّد الوضع الأمني في سورية وليس النظام في سورية»، لافتة الى أن «على لبنان الالتزام بالقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان ولا يستطيع إبعاد النازحين من أراضيه قسراً». ورأت أن «ملف النازحين هو أحد الملفات الخلافية بين رئيسي الجمهورية والحكومة وبين تيار المستقبل والوطني الحر، لكنه لن يؤثر على العلاقة بين الطرفين وسيتمّ حل الخلاف بالحوار». لكن اللافت هو دعوة وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي المجتمع الدولي لفرض عقوبات على باسيل. فردّ وزير الطاقة سيزار أبي خليل: «بات عليكم الاعتياد على وزراء يمارسون صلاحياتهم انطلاقاً من المصلحة الوطنية والسيادة اللبنانية دون غيرهما».
بري: لم أتلقّ أيّ عروض من الحريري
وحذّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري من التأخير في معالجة أزمة النزوح السوري في ظل ربط مؤتمر الدول الخارجية عودتهم بالحل السياسي مقابل إصرار لبنان البدء بوضع خطط لعودتهم الطوعية الآمنة قبل الحل النهائي في سورية.
ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ «البناء» استغرابه «البطء في عملية تأليف الحكومة الجديدة التي باتت ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية»، واعتبر الرئيس بري بحسب زواره، بأن «العلاقة بين الرؤساء الثلاثة هي على أفضل ما يرام وليس في الأمر «ترويكا»، بل تنسيق كامل حول القضايا الوطنية، كمثل ما حدث منذ يومين في مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية. لكن بري بحسب معلومات «البناء» «لم يتلقّ أي اقتراحات أو عروض من الرئيس المكلّف بمسألة تشكيل الحكومة حتى الآن وأن الأمر لم يخطُ أي خطوة جدية منذ المداولات الذي أجراها الحريري في المجلس النيابي، حيث كان بري يأمل تشكيل الحكومة قبل عيد الفطر وتقديمها عيدية للبنانيين، لكن لا يبدو أن ذلك سيتحقّق». ونقل الزوار عن بري تشديده على موضوع مكافحة الفساد واستعداده للتعاون مع رئيس الجمهورية والسيد حسن نصرالله لـ«محاربة هذه الآفة التي لا يمكن إصلاح وبناء الدولة من دون مواجهتها والقضاء عليها».
وفي الإطار نفسه، وضعت مصادر سياسية تريّث رئيس الحكومة وتردّده بإطلاق مفاوضات التأليف في «إطار الضغوط السياسية التي يتعرّض لها الرئيس المكلف من السعودية التي تستخدم مع الحريري منذ أن تدخل الفرنسيين للافراج عنه حتى الآن سياسة الترهيب والترغيب والإغراءات المالية مقابل إحكام قبضتهم عليه». ولفتت لـ«البناء» الى أن «السعودية تحاول استيعاب واحتواء نتائج الانتخابات النيابية من خلال تحجيم حصة فريق المقاومة ورئيس الجمهورية ومنح حصة وازنة لحلفائها لا سيما القوات اللبنانية لإظهار أن المملكة حققت انتصاراً سياسياً في لبنان».
في المقابل ترفض أوساط مستقبلية هذا الكلام، وتشير لـ «البناء» الى أن المشكلة ليست عند الرئيس المكلف بل عند رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في ظل الصراع بينهما على الحصص، الى جانب الصراع داخل البيت الدرزي على توزير النائب طلال أرسلان وإصرار بعض القوى على فرض توزير شخصية سنية من خارج تيار المستقبل، مشدّدة على أن الحريري لن يقبل بأن يحدّد أحد الحصة السنية، وإذا أراد أحد توزير النائب فيصل كرامي لمعارضة الحريري من داخل الحكومة فليوزّره من حصته»، ورجّحت أن يطول «أمد التأليف في ظل كثرة المستوزرين».
وجدد بري بأن التأكيد على أن «الموقف اللبناني موحد من الوساطة الاميركية، فهو مع أي حل تفاوضي يؤدي الى تحرير الأراضي اللبنانية ولا يمكن فصل التفاوض على الحدود البرية عن البحرية»، ومشدداً على انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا أولاً ولاحقاً تجري تسوية الوضع بين لبنان وسورية، لكن مصادر شككت بالنيات الاميركية وبالعروض المفخخة، لافتة الى أن «الولايات المتحدة تعمل للمصلحة الاسرائيلية، وربطت مصير المفاوضات في ملف الحدود البرية والبحرية بالوضع والتسوية في المنطقة».
وعلى صعيد مرسوم الجنسية علمت «البناء» بأن الرئيس بري «لم يكن على علم بصدور المرسوم وكان يفضل التريّث في صدوره في ظل الشبهات حول بعض الأسماء التي لا يحق لها أن تُعطى الجنسية اللبنانية وسط الضجة التي أثارها ودقة وحساسية الوضع الداخلي».
الجمهورية
عون تسلّم تشكيلة تستنسخ الحكومة.. وسعي لحل العقدتين القوّاتية والدرزية
لاحت في الأفق أمس مؤشّرات عدة على احتمال دخول الحكومة الجديدة في مخاض الولادة في وقتٍ ليس ببعيد، كان أبرزها مسوّدة أولى للتشكيلة الوزارية أبلغَها الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وجاءَت متضمّنةً توزيعةً للحصص الوزارية على مختلف الأفرقاء الذين سيمثلون في الحكومة، ولم يرِد فيها أيّ إسمٍ في اعتبار أنّ الأسماء تُسقَط على الحقائب بعد الاتفاق على الحصص وتوزيعة الحقائب الوزارية، السيادية منها والأساسية وغيرها. وتوقّعت مصادر مطّلعة أن يزور الحريري قصر بعبدا في عطلة نهاية الأسبوع ليُجري وعون تقويماً للتطوّرات وحصيلة المشاورات المتعلقة بالتأليف.
بعد أسبوعين على تكليفه تأليفَ الحكومة، أخرَج من جيبه المسوّدة الحكومية الأولى، وهي تشكيلة وزارية ثلاثينية موزّعة بين القوى السياسية مع عدد الوزراء على النحو التالي:
– حصّة رئيس الجمهورية مع تكتل «لبنان القوي» 9 وزراء مع هامش تفاوض على تخفيض العدد إلى 8 ليعطى الوزير التاسع لحزب الكتائب.
– «حزب الله» وحركة «أمل»: 6 وزراء
– تيار «المستقبل»: 6 وزراء يمكن تخفيضهم إلى 5
– «القوات اللبنانية»: 4 وزراء من بينهم نائب رئيس الحكومة.
– الدروز: 3 وزراء
– «المردة» : وزير
– الأرمن: وزير
ولم يعتمد الحريري في عملية التوزيع على معادلة «وزير لكلّ 4 نواب»، لأنّ هذا الأمر خلقَ إشكالية لجهة توسيع حجم الحكومة إلى أكثر من 30 وزيراً، وهذا ما يرفضه قطعياً، بالإضافة الى الكسور.
وأكّدت مصادر مطّلعة على اتّصالات التأليف لـ«الجمهورية» أنّ حركة اللقاءات والمشاورات حول تأليف الحكومة بدأت تنشط بقوّة وجدّية بعد وضعِ القواعد التي سترُكّب الحكومة على أساسها، وهي لن تختلف كثيراً عن تركيبة الحكومة الحاليّة لجهة الثوابت والحقائب السيادية وبعض الأسماء. وبمعنى آخر ستكون صورةً عن حكومة تصريف الأعمال مقرونةً ببعض التعديلات».
وكشَفت هذه المصادر أنّ «حركة الموفدين تنشط، وخصوصاً اللقاءات التي يعقدها الوزير غطاس خوري الذي كلّفه الحريري رسمياً التفاوضَ في هذا الملف. وكان منها لقاءات عدة عَقدها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزيرين علي حسن خليل وملحم رياشي، كذلك انعَقد لقاء بين الحريري وخليل» .
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري يتجه للإبقاء على حقيبتي الخارجية والطاقة لـ«التيار الوطني الحر»، المال للطائفة الشيعية، و«الاتصالات» لتيار «المستقبل»، ويرشّح لها المهندس حسن قباني، فيما تتأرجح حقيبة وزارة الداخلية التي ستبقى مع «المستقبل» بين الوزير جمال الجرّاح ومسؤول الماكينة الانتخابية «المستقبلية» سليم دياب. فيما لن تبقى وزارة الصحة مع «القوات اللبنانية»، أمّا الحقائب الأخرى فسيجري خلطها وتوزيعها مجدّداً. وتردَّد في الأوساط المعنية أنّ حقيبة وزارة الأشغال ستكون من حصّة «حزب الله».
العقدة الدرزية
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ لقاء الرئيس ميشال عون مع الوزير طلال أرسلان تناوَل العقدة الدرزية بعدما تبلّغَ جميع الأطراف المعنيين بالتشكيلة الحكومية بتمسّكِ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالحقائب الدرزية الثلاث في حال كانت التشكيلة تضمّ 30 وزيراً، طالما إنّ التمثيل سيكرّس نتائج الانتخابات النيابية التي وضَعت جنبلاط في موقعٍ يتيح له القول إنه «الممثل الوحيد للطائفة الدرزية» لمجرّد أنه يَحظى بدعم 7 نوّاب دروز من أصل ثمانية، بعدما لقيَ دعم النائبِ أنور الخليل الذي سمّيَ على لائحة «الوفاء والأمل» بدعم جنبلاط المباشر وترشيح النائب فيصل الصايغ على لائحة «المستقبل» في بيروت الثانية وفق المعادلة عينها.
ولذلك أكّد أرسلان بعد لقائه عون إصرارَه على المواجهة مع جنبلاط بدعمٍ مباشر من وزير الخارجية جبران باسيل، وفق ما سمّاه «المعايير التي وضَعها عون للحكومة الجديدة وينبغي على جميع الأطراف التزامها، لكي لا يطولَ مخاض الولادة الحكومية». وقال في ردٍّ غيرِ مباشر على مطالبة جنبلاط بحصر التمثيل الدرزي به: «إذا أراد البعض الاستمرارَ في الابتزاز، فإنّ الحكومة ستأخذ وقتاً أطول من المعقول ولن يكون تأليفها سريعاً».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوزير ملحم رياشي نَقل إلى عون أمس موقفَ «القوات اللبنانية» المتمسّك وفق «معايير الحجم» الذي كرَّسته الانتخابات بـ 6 حقائب وزارية مِن بينها موقع نائب رئيس الحكومة، الأمر الذي عزّز الاعتقاد بصعوبة مواجهة ما بات يسمّى «عقدة» تمثيل «القوات» بهذا الحجم الوزاري الكبير.
أمّا خوري فنَقل إلى رئيس الجمهورية تشكيلةً حكومية من 30 حقيبة تتضمّن توزيعة أوّلية للحصص الوزارية من دون الإشارة إلى أسماء محدّدة، لكنّها جاءت مرفقةً بالعُقد التي تواجهها، ولا سيّما منها العقدتان الدرزية و«القواتية».
وعند حديثه عن العُقد نَقل خوري إلى عون ما انتهت إليه اللقاءات التي عَقدها أمس الأوّل مع رياشي وخليل والنائب وائل ابو فاعور وتناوَلت صيغة الحريري المقترَحة والمحاولات الجارية للتقريب بين وجهات النظر، كاشفاً عن حجم العُقد التي ما زالت قائمة، ولا سيّما منها الفارق الكبير بين ما يريده باسيل من حصة لـ«القوات» وما تطالب به هي.
الحريري وباسيل
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري التقى بعد ظهر أمس باسيل الذي أكّد رغبة «التيار» في انضمام جميع الأفرقاء إلى الحكومة الجديدة بما يعكس تمثيلهم النيابي، ولا سيّما منهم «القوات» التي لا يَقبل إبقاءَها خارج الحكومة، على أن تتمثلَ بعدالة فيها. كذلك تناوَل البحث توزيرَ ممثلين عن العلويّين والأقليات المسيحية، حيث تمسّكَ باسيل بهذا التمثيل بغضّ النظرِ عن المواقف الأخرى التي صَدرت في المرحلة الأخيرة.
ملفّ النزوح
وفي جديد ملفّ عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، أعلنَ وزير الخارجية جبران باسيل في بيانٍ إيقافَ طلبات الإقامة المقدّمة لمصلحة مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى حين صدور تعليمات أخرى، متّهماً المفوّضية بـ«تخويف» النازحين السوريين عبر طرحِ أسئلةٍ محدّدة تثير في نفوسهم الرعبَ من العودة نتيجة إخافتِهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السَكن والعيش وقطعِ المساعدات عنهم وعودتهم من دون رعاية أممية، وغيرها من المسائل التي تدفعهم إلى عدم العودة إلى بلادهم. وطلبَ باسيل درس «إجراءات تصاعدية» أخرى قد تتَّخذ بحق المفوّضية في حال إصرارها على اعتماد السياسة نفسِها.
وأوضَحت وزارة الخارجية في بيانٍ أصدرَه مكتبها الإعلامي «أنّ هذا التدبير جاء بعد تنبيهات عدة وجّهتها الوزارة مباشرةً إلى مديرة المفوّضية في بيروت السيّدة ميراي جيرار، وبعد استدعائها مرّتين إلى وزارة الخارجية وتنبيهها من هذه السياسة، وبعد مراسلات مباشرة من الوزير باسيل إلى الامين العام للأمم المتحدة، ومراسلات من الوزارة إلى المفوّضية والأمم المتحدة، «من دون أيّ تجاوبٍ، لا بل أمعَنت المفوّضية في سياسة التخويف نفسها».
وقالت مصادر وزارة الخارجية لـ«الجمهورية: «هدفُنا واضح وموقفُنا أوضح، نحن مع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، ولن ندخل في أيّ سجال داخلي لا يؤدي إلّا إلى شرذمة وإضعاف الموقف الوطني. علماً أنّ أيّ إحصاء يُجرى الآن في كلّ لبنان ستقول الغالبية الساحقة فيه بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم».
وأكّدت المصادر أنّ «قرار وزير الخارجية يأتي من ضِمن صلاحياته ولا لبْس فيه البتة، كما أننا لسنا في وارد التصعيد ضد المفوضية إذا أحسَنت مسارَها في الملف، أمّا إذا تعنّتت فسيكون موقفنا متشدّداً أكثر، وهذا حقّنا، وكلّ خطواتنا ضمن المصلحة الوطنية العليا وتحفظ سيادتنا اللبنانية».
وعلِم أنّ تدبير باسيل الذي بَحث فيه مع الحريري أمس، هو خطوة أولى وستتبعها خطوات أخرى إذا لم تستجب المفوضية، خصوصاً في ظلّ وجود مناطق آمنة في سوريا يمكن النازحين أن يعودوا إليها. وأكّدت مصادر وزارة الخارجية أنّ خطوة وزير الخارجية هي من ضِمن صلاحياته وأنّ الكلام عن عدم جوازها في ظلّ حكومة تصريف أعمال مجافٍ للحقيقة، خصوصاً إذا كان هذا الكلام صادراً عمّن تاريخُه مطبوع بالوقوف مع الخارج على حساب مصلحة لبنان».
في الموازاة، شدّدت مصادر تواكب ملفّ النزوح «على وجوب أن تترافق خطوة باسيل مع دعوة رئيس الجمهورية سفراءَ الدول الخمس الكبرى وممثّلتي الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في لبنان إلى اجتماع عمل والإبلاغ إليهم أنّ لبنان قرّر نهائياً إعادة النازحين إلى بلادهم».
ولاحظت المصادر أنّ موقف وزارة الخارجية «لم يأتِ من عدم أو بين ليلة وضحاها، بل جاء بعد ما حصَل في عرسال وسعيِ مفوّضية اللاجئين للحؤول دون عودة النازحين الى سوريا، علماً أنّ محاولتها لم تترافق مع مساعدات فعلية للبنان الذي يرى أنّ الدول المانحة تعقد مؤتمرات وتعِد بمليارات لا يصل منها ما يكفي لمساعدة النازحين وتأمين عودة كريمة لهم».
وذكّرت المصادر بجهود لبنان لمعالجة هذا الملف منذ أكثر من أربع سنوات بدءاً من جهود حكومة الرئيس تمام سلام واللجنة الوزارية المكلفة ملف النازحين وصولاً الى جهود حكومة الحريري، إلّا أنّ كلّ هذه الجهود باءت بالفشل وظلّت المفوضية تتصرف على هواها و«فاتحة على حسابها» غير عابئة بكلّ التنبيهات المتكررة التي وجّهها إليها رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية، بل استمرّت في عملها لدمج النازحين بالمجتمع اللبناني».
إلّا أنّ هذه المصادر اعتبَرت «أنّ خطوة باسيل وإن كانت شكلية تعبّر عن خيبة أمل من المفوضية، يمكن أن تخلق صدمةً إيجابية لدى المجتمع الدولي، علماً أنّ على لبنان الرسمي أن يحاذر الدخول في نزاع مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عموماً، ويُحبّذ التحرّك في اتّجاه العواصم الدولية التي تملك القرار الحقيقي.
حمادة
وإلى ذلك، لاقت خطوة باسيل انتقاد الوزير مروان حمادة، الذي اعتبَر أنّ باسيل «يطلق سياسة جديدة تجاه عودة النازحين السوريين والمنظمات الدولية، وكأن لا حكومة راحلة ولا حكومة آتية ولا مجلس نواب جديد ولا معايير متفَق عليها ضِمن الدولة بقرار من الحكومة واللجنة الخاصة بالملف وبالتلازم مع شرعة حقوق الإنسان».
ورأى «أنّ وزير الخارجية يتصرّف وكأنّ الدولة تعلن «حرب إلغاء» على المؤسسات الدولية من دون حساب للتداعيات المحلية على سمعة لبنان والخسائر المرتقبة، إنْ لم يرحل النازحون وانقطعت المساعدات».
وقال حمادة: «لا يجوز أن تحوَّل المنابر لتهديد المنظمات الدولية وأن يحدّد وزير واحد يصرّف الأعمال سياسات تعني وزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية والدفاع والعدل والتربية والصحة أكثر ممّا تعنيه».
درباس
من جهته، قال الوزير السابق رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «الموقف من المجتمع الدولي سياسة عامة تتّخذه الحكومة وليس وزيراً حتى ولو كان محِقاً. الموقف هو من الخطورة بمكان. لدى لبنان مصالح كثيرة مع الأمم المتحدة بدءاً من قوات «اليونيفيل»، والمجابهة معها ولو كانت محِقّة لا يتحمّل مسؤوليتها فرد».
وهل يلمس أنّ مفوّضية اللاجئين تعرقل فعلاً عودة النازحين؟ أجاب: «هذه سياستها دوماً، لكن نحن نفتقر إلى السياسة. والحلّ هو في تطبيق السياسة التي أقرّها لبنان عام 2014 وأجمعَ عليها مجلس الوزراء، فليتوحّد الجميع وراء هذه الاستراتيجية وليُخرجوا الموضوع من التجاذب الطائفي والسياسي وليؤكّدوا أنّها قضية وطنية بامتياز، لا أن تتحوّل في الوقت الضائع لعبة ping pong. وضع المجتمع الدولي في ظهرنا مسؤولية مشتركة تتحمّلها الحكومة ومجلس النواب والقوى السياسية الفاعلة لا فردٌ».
الأخبار
نصرالله للصهاينة: ارحلوا
رئاسة الحكومة تُهاجم باسيل: قراره لا يُمثلنا!
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الحزب يقاتل في سوريا بطلب من القيادة السورية، وأنه يخرج من سوريا فقط متى تطلب منه القيادة السورية ذلك. وفي مناسبة يوم القدس العالمي، توجّه برسالة إلى الصهاينة قائلاً: «عودوا من حيث جئتم»
أطّل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم القدس العالمي، ليقدّم ملخّصاً عن تطوّرات الصراع مع العدو الإسرائيلي في يوم القدس العالمي. وبلا شكّ، فإن اختيار مارون الراس لإحياء الذكرى، وهي البلدة التي شكّلت رمزاً لهزيمة نخبة جيش العدو الإسرائيلي في حرب تمّوز 2006، تشكّل دلالة كبيرة في مجرى الصراع لقربها من فلسطين، ورسالة اختصرها نصرالله بالقول إنها «روح التحدي».
انطلق نصرالله شارحاً هدف الإمام الخميني من وراء إعلان يوم القدس، لـ«تبقى قضية القدس حاضرة في وجدان الأمة ويتضامن معها كل شعوب العالم، فالقدس هي حقيقة وجوهر الصراع الذي يدور منذ أكثر من 70 عاماً ورمزه وعنوانه». والأخطر بنظر نصرالله هذا العام، هو «الحديث حول صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتسليم القدس والمقدسات للكيان الغاصب». واعتبر أن القدس «اليوم أمام تحديات ثلاثة، أولها معركة ألا تعترف دول العالم بها عاصمة لإسرائيل وألا يستسلموا للقرار الأميركي، التحدي الثاني هو الديمغرافيا وتغيير الهوية السكانية للمدينة المقدسة، والثالث يتعلق بالمقدسات وهنا الرهان على المسلمين والمسيحيين في المدينة». وأكد أن «الرهان الأساسي هو على بقاء سكان القدس في منازلهم ومدينتهم، وحكومة العدو عجزت عن تحقيق أي تغيير في البنية الديمغرافية للقدس على رغم محاولاتها على مدى سنوات»، وقال إن «من يحمي هوية المدينة ومقدساتها هم المقدسيون بالدرجة الأولى على رغم كل أوضاعهم القاسية، والواجب على بقية المسلمين في العالم مساعدة المقدسيين بالمال لكي يصمدوا في المدينة». وكشف أن «بعض العرب من الخليج يعمدون إلى شراء منازل من المقدسيين بدل مساعدتهم على البقاء، عُرض على أحد المقدسيين مبلغ 20 مليون دولار مقابل شراء منزله وهذه صورة عن المؤامرة ضد القدس»، مؤكّداً أن «مساعدة المقدسيين بالمال للصمود هو خط الدفاع الأول عن القدس».
وأشار نصرالله إلى أن أخطر ما يحصل اليوم هو التأويل الديني والمبررات التي تصدر من الخليج وتعطي حقّاً للصهاينة في القدس، لافتاً إلى أن «ما يحصل مع القدس اليوم يشبه فتاوى وعاظ السلاطين في قضية قيادة المرأة للسيارة في السعودية»، مشدّداً على أن «مسؤولية العلماء ووسائل الإعلام وكل صاحب قلم هي مواجهة الفكر التحريفي لقضية القدس». ولفت إلى أن الأعداء «يراهنون على انقلاب الأولويات لدى أجيالنا وهنا تكمن معركتنا أي تحصين بيئتنا الاستراتيجية، فالغالبية الساحقة من عشرات الآلاف التي تتوجه إلى السياج الحدودي هم من الشباب وهذا مؤشر إيجابي»، وأن «الشعب الفلسطيني كله من قيادات سياسية وفصائل وشباب يتعرضون لضغوطات هائلة للقبول بصفقة القرن لكن هذا الشعب لن يتنازل عن قضيته».
واعتبر أن خروج العديد من المسيرات والفعاليات المختلفة في إيران وتركيا والهند وأفغانستان ونيجيريا وتنزانيا وعدد من الدول في أوروبا الشرقية والغربية وعدد كبير من دول أميركا اللاتينية وكندا دليل على أن القضية حية حتى خارج العالم العربي، مؤكّداً أن «كل مكان في العالم العربي يقع تحت ضغط المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي ممنوع عليهم حتى التنفس في أي موضوع يتعلق بالقدس». وفيما أكّد أن «الأنظمة العربية منعت خروج الشعوب إلى الساحات ضد قرار ترامب»، حيّا نصرالله الشعب اليمني ومدن اليمن التي خرجت فيها تظاهرات صنعاء وصعدة وحديدة، التي تواجه أكبر حشد أميركي وعدواني لإسقاطها، مؤكّداً أن «اليمنيين هم العرب الحقيقيون لا الدجالون الذين يقتلون الأطفال والنساء». وأشار إلى أن «نظام البحرين يتجه إلى مزيد من التطبيع وصولاً للإعلان أن لإسرائيل الحق في أن تدافع عن نفسها في الجولان».
وأكّد أن إيران ما كانت لتواجه «كل هذا العداء الأميركي الإسرائيلي الخليجي لو أن الإمام الخميني تخلى عن فلسطين»، وأن «الجهمورية الإسلامية مع الإمام الخميني والخامنئي تؤكد منذ 39 عاماً موقفها المطلق والحازم بالوقوف مع الشعب الفلسطيني». واعتبر نصرالله أن «كل من يعادي إيران من الطبيعي أن يجد نفسه حليفاً لإسرائيل، وشعوبنا معنية لأن لا تسمح لأميركا وإسرائيل بتحويل إيران إلى عدو»، وقال للذين «يراهنون على إسقاط النظام الإسلامي في إيران أقول لهم إن رهانهم أوهام وسراب، والشعب الإيراني الذي يقرأ القرآن والأدعية باللغة العربية لساعات تمسكاً بدينه وقائده لن يتخلى عن النظام الذي بناه بآلاف الشهداء».
وعن العراق، قال إن «داعش التي جاءت بها أميركا وإسرائيل والسعودية هزمها العراقيون ونرى اليوم عروضات عسكرية في يوم القدس العالمي في بغداد»، وأن «موقف المرجعية في النجف الأشرف موقف تاريخي وتقليدي ومعروف، والعراق الذي أرادته هذه القوى بلداً محتلاً لم ولن يكون كذلك».
أما حول سوريا، فأكد أنها «تعرضت لحرب كبرى استخدمت فيها كل الوسائل واليوم المساحة الكبرى من سوريا أصبحت آمنة، والإسرائيليون أكدوا قبولهم أي حل غير بقاء الرئيس بشار الأسد». وحول التطورات الأخيرة والتصريحات التي يخرج بها قادة العدو، قال نصرالله إنه «الآن أصبح العدو الإسرائيلي يتحدث أن المعركة في سوريا باتت إخراج إيران وحزب الله من سوريا»، مؤكّداً أنه «على الصهاينة أن يعترفوا بهزيمتهم وفشلهم في سوريا». وكرّر أنه «ذهبنا إلى سوريا لفهمنا أن ما يجري هو مؤامرة تستهدف كيان وشعب سوريا ومحور المقاومة وللدفاع عن عمود المقاومة في المنطقة، ولم نذهب إلى سوريا من أجل مشروع خاص في الشؤون الداخلية السورية». ونفى أن يكون لحزب الله أي مشروع خاص في سوريا على الإطلاق، و«نحن موجودون في سوريا حيث يجب أن نكون موجودين فحسب، بناء على طلب الحكومة السورية، وعندما ينجز الهدف في سوريا سنعتبر نفسنا انتصرنا بمساهمتنا في الانتصار السوري الكبير على الحرب الكونية، وعندما تنهار الجماعات المسلحة في سوريا عندها نعتبر أنفسنا أنجزنا المهمة والانتصار وسنكون سعداء عندما نستعيد شبابنا ورجالنا إلى قراهم وعائلاتهم في لبنان ونشعر بالنصر وأننا أنجزنا المهمة في سوريا». وفي الوقت نفسه الذي أصرّ فيه نصرالله على القول إن خروج الحزب مشروط بطلب من القيادة السورية، أكّد أنه «لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا الخروج من سوريا فلن يستطيع إخراجنا». وختم بالقول إن «القدس ستتحرر وستعود لأهلها وهذا إيمان قطعي وعقائدي وتاريخي»، موجّهاً رسالة إلى «الصهاينة الغزاة المحتلين اركبوا سفنكم وطائراتكم وعودوا من حيث جئتم»، و«يوم الحرب الكبرى قادم وهو اليوم الذي سنصلي فيه جميعاً في القدس».
رئاسة الحكومة تُهاجم باسيل: قراره لا يُمثلنا!
ما إن صدر قرار الوزير جبران باسيل «الهجومي» ضدّ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، حتّى خرجت رئاسة الحكومة عن طورها. هو «تحسّس» من باسيل، لأنّه «استفرد» بقرار يخصّ سياسة لبنان الخارجية. كما أنّه «خوفٌ» من ردّ فعل ذاك «المجتمع الدولي». في كلّ الأحوال، نجح باسيل في أن يحدّ من وقاحة «المفوضية» في لبنان
لم يعتد ما يُسمّى بـ«المجتمع الدولي» ومنظماته، أن يسمعوا كلمة «كلّا»، تحديداً من دول «العالم الثالث». هم في «بلادنا»، نصّبوا أنفسهم أولياء، يريدون فرض رؤيتهم وسياساتهم، مُفترضين (وهم مُحقون) أنّ حكومات وشعوب هذه الدول، سيُلبّون أوامرهم. إصدار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تعليماته إلى مديرية المراسم في «الخارجية»، لإيقاف الإقامات المُقدّمة إلى الوزارة لمصلحة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، أتى من خارج السياق المُعتاد. «تجرّأ» الوزير اللبناني، أن يرفع صوته في وجه المفوضية، «قامعاً» عنجهية مُنظمة تعمل على ترهيب اللاجئين السوريين لثنيهم عن العودة إلى بلادهم، وفي الإقدام على تصرفات ليست من اختصاصها. الحُجّة «الدولية» المُعلنة هي في أنّ الظروف في سوريا غير آمنة للعودة. في حين أنّ هدف «المجتمع الدولي» الباطني، تشتيت السوريين وإبقاءهم في بلدان اللجوء، تمهيداً لاستخدامهم في المفاوضات السياسية مُستقبلاً.
كن من المُفترض أن يُلاقى إجراء باسيل، «بحفاوةٍ» لبنانية رسمية. لا سيّما أنّ كلّ القوى السياسية، تُعلن أنّها مع عودة اللاجئين. إلا أنّ رفع باسيل لصوته في وجه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، «مَغَصَ» من اعتاد استرضاء «المجتمع الدولي». وتسبّب بهجوم من جانب رئاسة الحكومة باتجاه باسيل، قاده مستشار رئيس الوزراء سعد الحريري لشؤون النازحين نديم المنلا.
أعلن المنلا أمس، في بداية نشرة أخبار تلفزيون المستقبل، أنّ إيقاف باسيل طلبات الإقامة لمصلحة «المفوضية»، لا يعكس سياسة الحكومة، «بل هو موقف سياسي لباسيل». واعتبر مستشار الحريري أنّه كان على وزير الخارجية «أن يستشير رئيس الحكومة، الذي يتخذ القرار المُناسب. قرار باسيل أتى خلافاً لإرادة الحريري». لم يكتفِ المنلا بذلك، بل ذكّر بأنّه يوجد «رئيس حكومة معني بالملّف (اللاجئين)، وهو الذي يُحدّد الإطار العام لسياسة لبنان الخارجية»، مُتمنياً على باسيل أن «يتراجع عن القرار، لأنّه سيأخذنا إلى صدامٍ مع المجتمع الدولي».
وعلى الوتر نفسه، عزف الوزير مروان حمادة. «غيرة» الوزير الاشتراكي على مفوضية اللاجئين، دفعته إلى القول إنّ «هذا الوزير يتصرّف وكأنّ الدولة تُعلن حرب إلغاء على المؤسسات الدولية من دون حساب للتداعيات المحلية على سمعة لبنان والخسائر المرتقبة إن لم يرحل النازحون وانقطعت المساعدات (…) في كل الأحوال، لا يجوز أن تُحوّل المنابر لتهديد المنظمات الدولية وأن يُحدِّد وزير واحد تصريف الأعمال بتحديد سياسات تعني الداخلية والشؤون والدفاع والعدل والتربية والصحة أكثر مما تعنيه».
بعد صدور قرار باسيل، نفى المتحدث باسم «المفوضية» في جنيف، ويليام سبيندلر، أن تكون المنظمة لا تُشجع اللاجئين على العودة. وقال إنّه «نحن لا نعيق أو نُعارض العودة إن كانت خياراً شخصياً، هذا حقهم (…) لكن من وجهة نظرنا، فإنّ الظروف في سوريا ليست مؤاتية بعد للمساعدة على العودة، على رغم أنّ الوضع يتغير، ونحن نُتابع عن كثب». وقالت مصادر في «الخارجية» لـ«الأخبار» إنّ سلسلة إجراءات تصاعدية ستُتخذ في حال لم ترتدع مفوضية اللاجئين، «كمنع مُمثليها من الدخول إلى مناطق لبنانية مُحدّدة، أو إلزامهم بأن يُرافقهم مُمثلون عن الدولة اللبنانية»، إضافةً إلى مراقبة المساعدات التي تصل إلى لبنان، وصولاً إلى إقفال مراكز للمفوضية وسحب إقامات عددٍ من العاملين فيها، واعتبارهم أشخاصاً غير مرغوب بهم، أي طردهم. ومن غير المستبعد أن يشمل إجراء كهذا، في حال الوصول إليه، ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار.