حذرت "اللواء" من نية المصارف رفع أسعار الفائدة على الليرة اللبنانية. وناشدت حاكم المصرف المركزي ووزير المال والمعنيين بتحمل مسؤولياتهم. لكن هذه المناشدة سوف تتلاشى، رغم "صعود الرئيس المكلّف سعد الحريري مجدداً الى منصة التأليف"، الذي ـ حسبما قالت "الجمهورية" ـ "مُمتلىء سلفاً بتعقيدات ومطبّات سياسية مفتعلة، يُنذر تراكمها المتزايد باستفحال أزمة التأليف أكثر فأكثر وفقدان الأمل بولادة الحكومة في المدى المنظور". وهذا ما جعل "البناء" تسال : حتّام "سيبقى الحريري رهن مناورات حلفائه ومقيّداً بحدود ما تطلبه السعودية". إذ لم يعد خافياً أنه يخضع لضغوط "الشقيقة"، ويخشى من غضبها عليه، بحسب التلميحات التي أوردتها "الأخبار" …
البناء
الأسد يتحدّث للدبلوماسيين متجاهلاً العروض… وارتباك في واشنطن وتل أبيب عشية قمة ترامب بوتين
الجيش السوري يحسم درعا ويتوجّه نحو حدود الجولان… واستعداد لمواجهة أيّ تدخل «إسرائيلي»
الأزمة الاقتصادية لا تحرّك المسار الحكومي… وتراشق بالاتهامات حول الأسباب والمسؤوليات
الصمت السياسي السوري تجاه العروض الأميركية «الإسرائيلية»، تُرجم ارتباكاً في واشنطن وتل أبيب، حيث ارتفعت التوقعات بإمكانية تطرّق الرئيس السوري للعروض المتصلة بتفعيل اتفاق فك الاشتباك في الحوار الذي أعلن عن إجرائه مع الدبلوماسيين السوريين في وزارة الخارجية، وجاءت الانتظارات بلا عائد يمكن البناء عليه، مع تجاهل الرئيس بشار الأسد لهذه العروض وتركيزه على الحوار الداخلي وعمليات إعادة الإعمار وتفعيل الدور الدبلوماسي. ما رفع نسبة القلق والتوتر والارتباك تجاه مستقبل المواجهة في سورية، حيث الطريق مقفل في وجه كلّ محاولة لتغيير السياق الذي بات قدراً وعنوانه انتصارات الجيش السوري، واسترداده الجغرافيا التي تمّ انتزاعها بقوة التدخلات الأميركية «الإسرائيلية» لجماعات ليس خافياً ارتباطها بتنظيم القاعدة وأفكاره، وتبدو القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين بوابة الأمل الوحيدة لمعرفة النيات السورية، في كيفية إدارة معاركها المقبلة، بعدما صار واضحاً أنّ روسيا ترفض التعامل معها كوصيّ على القرار السوري، وتؤكد على البعد السيادي للقرار السياسي والعسكري الذي تُمسك به الدولة السورية ورئيسها وجيشها.
تطوّرات أمس، كانت مناسبة للمزيد من هذا الارتباك، فقد نجح الجيش السوري ببلوغ اللحظات الأخيرة ما قبل الإعلان عن تحرير مدينة درعا، ووحداته تُنجز تنظيف العديد من قرى وبلدات الريف الغربي لمحافظة درعا، وتقترب تدريجاً من الخط الحدودي مع الجولان المحتلّ، وتضع جماعات النصرة وداعش اللتان تحظيان بالرعاية والدعم من كيان الاحتلال وجيشه واستخباراته، بين خيارَيْ المواجهة والرحيل، في ظلّ قرار واضح بالتصدّي لأيّ تدخل «إسرائيلي»، سواء عبر الإسناد الناري للجماعات التابعة لداعش والنصرة أو بالغارات المشابهة لغارة أول أمس، على مطار التيفور قرب حمص، فيما قالت مصادر متابعة للمواجهة العسكرية السورية للتدخّلات «الإسرائيلية»، إنّ التصدّي سيرتفع منسوبه إلى الأعلى في ظلّ معركة الجنوب، وإنّ ميزان الردع الذي رسمت قواعده ليلة الصواريخ الطويلة في الجولان سيكون على موعد مع المزيد إذا أراد «الإسرائيليون» اختبار القرار السوري، من دون أن يسمعوا كلمة تروي عطشهم لمعرفة طبيعة النيات السورية لما بعد استرداد الجنوب، وربما كامل الجغرافيا السورية لما كانت عليه قبل العام 2011.
لبنانياً، حيث الحكومة الجديدة خارج أيّ مؤشرات إيجابية، وحيث التأقلم مع انتظار طويل صار عنوان كلّ حديث سياسي تضغط الأزمة الاقتصادية بقوة، ويشير المعنيون إلى أنّ الاقتراب من الخط الأحمر يتمّ بسرعة، وحيث الأزمات تطلّ برأسها بعناوين متعدّدة، من أزمات المعلمين المصروفين في المدارس الخاصة وأزمات أسعار خدمات المولدات الكهربائية مع برامج تقنين تزداد قسوة في ظلّ صيف شديد الحرارة، ونفايات تتراكم تلالاً وجبالاً وسهولاً وتنهش الأخضر واليابس وتلوّث الجامد والسائل بحراً ونهراً ومياهاً جوفية، وركود اقتصادي مميت يتحدّث عنه أصحاب الشأن مع خشية من ظهور أزمة خانقة للشيكات المرتجعة، في ظلّ وضع مصرفي مقلق عبّر عنه التوقف عن استقبال القروض السكنية، وكان لافتاً أنّ التعامل مع هذه الأزمة وضغوطها تحوّل مادة سجالية في تراشق بالاتهامات عن التسبّب بها وتحمّل مسؤوليتها، فمقابل ذهاب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لربط الأزمة ببواخر الكهرباء كسبب لعجز الموازنة، قال وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إنّ أزمة النازحين تشكل العنصر الرئيس في الأزمة وضغوطها، بينما تذهب الهيئات الاقتصادية إلى ربط تفاقم مخاطر الأزمة بالغياب الحكومي الذي يبدو طويلاً.
الحريري: متفائل ولكن!
عاد اللاعبون والمفاوضون إلى حلبة التأليف بعدما أمضوا إجازاتهم العائلية في الخارج، لكن بالتأكيد لن يكون المشهد الحكومي كما كان قبيل سفرهم، فمساعي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم تتمكّن من احتواء الاحتقان بين التيار الوطني الحر و»القوات اللبنانية» ولم تحُل دون تفجّر العلاقة بينهما بسبب الخلاف حول الحصص الحكومية والتنافس على مستقبل الزعامة المسيحية ورئاسة الجمهورية المقبلة. أما الوقت فبدأ يداهم الشعب والاقتصاد ومستقبل البلد قبل القوى السياسية مع تفاقم الأزمات الحياتية والاجتماعية الخانقة لا سيما مع إعلان مدير عام مؤسسة الإسكان التوقف عن قبول طلبات لشراء شقق سكنية. وما يزيد الوضع هشاشة وسوءاً هو غياب المهل القانونية والدستورية لتأليف الحكومات ما يجعل الرئيس المكلف حراً طليقاً لا يملك أحدٌ حق إلزامه بموعد محدّد لا رئيس الجمهورية ولا الأكثرية النيابية الجديدة. فهل يستجيب الرئيس سعد الحريري الى الضغط الشعبي والمصلحة الوطنية لمرّة واحدة فقط ويخلع عبء القوات اللبنانية عنه ويشكل حكومة وفق معايير موحّدة ومستندة الى نتائج الانتخابات النيابية؟ أم أنه سيبقى رهن مناورات حلفائه ومقيّداً بحدود ما تطلبه المملكة العربية السعودية؟
ورغم عودة الحريري من إجازة خاصة الى إيطاليا، لم تُسجّل حركة اللقاءات والاتصالات في السراي الحكومي وبيت الوسط يوم أمس، أي جديد على صعيد التأليف، بانتظار أن يبدأ الحريري اليوم خطة تحرّك على اتجاهات عدة في محاولة جدية لإحداث ثغرة في جدار المواقف الصلبة، وبحسب ما علمت «البناء» فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال سيزور خلال الساعات المقبلة رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، للتشاور معه في العقد التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة على أن يزور بعدها قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية وقد يعرض عليه تعديلات على المسودة الحكومية الأخيرة. ونقلت أوساط الحريري عنه لـ»البناء» قلقه من تداعيات التصعيد القواتي العوني على التأليف، واستغرابه عودة الاشتباك بعدما بذل جهوداً على صعيد تهدئة الأمور مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس القوات سمير جعجع بهدف تهيئة الأرضية للإسراع في التشكيل»، مؤكدة أن الحريري «مستمر بمساعيه ومهمته حتى بلوغ الهدف وعلى تواصل مع باسيل وجعجع وكل الأطراف. أما الكلام في هذا عن اعتكاف أو استقالة غير وارد وسابق لأوانه»، لكن مصادر «البناء» تؤكد الفتور هو سيّد الموقف في العلاقة بين الحريري وباسيل.
وبحسب مصادر «البناء» فإن العقدة الرئيسية أمام التأليف هي الخلاف بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وجعجع من جهة وبين باسيل والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية على توزيع الحصص والحقائب، موضحة بأن «انهيار تفاهم معراب الذي كشف عن تقاسم الوزارات والمواقع بينهما وتمسّك الطرفين بموقفهما لن يولد حكومة».
وقال الحريري خلال رعايته في السراي احتفال اطلاق النسخة الثانية من «صيف الابتكار»: «متفائلٌ دائماً ولكن لا تعليق». وأشار رداً على سؤال عن تسريب «تفاهم معراب»، «يتشاجر الاخوة دائماً ومن ثم يتصالحون».
في وقت ينقل مقربون من الحريري انحيازه الى مطالب القوات الحكومية، برز موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق المنسجم مع المطلب القواتي فغمز المشنوق من قناة «الوزير جبران باسيل» بقوله: «بعض الناس وصل البخار الى رأسهم والمرحلة تتطلّب الكثير من التواضع والكثير من التفاهم». ودعا من دار الفتوى الى عدم الدخول في جدلٍ رقمي بشأن موضوع الحكومة و»كأنّها تتألّف على الآلة الحاسبة بينما هي مسألة سياسيّة».
وإذ لفتت المصادر الى أن «العقدة السنية ليست أساسية، فيمكن أن تجد طريقها الى الحل لاحقاً إن حُلّت العقدتان المسيحية والدرزية». أشارت مصادر في اللقاء التشاوري السني لـ»البناء» أنه كيف يريد المعنيون بالتأليف توزير النائب طلال أرسلان وتجاهل ثلث النواب السنة؟ ورأى النائب عبد الرحيم مراد أنه لا يجوز أن يحتكر الحريري او المستقبل، التمثيل السني في مجلس الوزراء ، ودعا في حديث تلفزيوني، رئيس الحكومة المكلف الى ان يبادر ويدعو النواب السنة من خارج كتلة المستقبل الى لقاء للوقوف عند رأيهم في تشكيل الحكومة ، منتقداً قيامه بـ»المبادرة تجاه جميع الأفر قاء، ما عدا النواب السنة».
برّي: سنطالب بحجمنا الحقيقي
وبعد أن لوّح بإمكان توجيه دعوة الى جلسة عامة للمجلس النيابي لمناقشة الوضع العام في البلاد ومن ضمنها أسباب عرقلة تشكيل الحكومة، نقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» امتعاضه من تأخير تأليف الحكومة ومما آلت اليه الأوضاع وقلقه من الوضع الاقتصادي، ولفت الزوار الى أن «برّي سيتمنى على الحريري خلال لقائه به على اعتماد معايير موحّدة للتأليف واتخاذه قراراً حاسماً في هذا المجال واعتماد نتائج الانتخابات كمعيار أساسي»، مشيرين الى أن رئيس المجلس قدّم كافة التسهيلات للرئيس المكلّف لكن في حال استمرت الأطراف برفع سقوفها سأعمد وحزب الله الى المطالبة بتعديل معادلة الأحجام والمطالبة بحصص تناسب حجمنا الطبيعي».
وحذّر بري من أن تأخير ولادة الحكومة يؤثر على دور وأداء المجلس النيابي، لا سيّما أنه أرجأ جلسة انتخاب اللجان النيابية بانتظار الحكومة، لكنّه سيدعو الى جلسة قريبة لانتخاب اللجان التي تمثل المطبخ الحكومي لجهة دراسة وإعداد مشاريع واقتراحات القوانين ورفعها للهيئة العامة الى جانب جلسة أخرى لمناقشة الوضع العام».
بكركي على خط التهدئة
أما على صعيد جبهة معراب – ميرنا الشالوحي، لا يزال التيار الوطني الحر يلتزم الصمت تجاه ما أقدمت عليه القوات من نشر مضمون تفاهم معراب، مع دخول بكركي على خط التهدئة بين الطرفين، لكن مصادر شككت بنجاح هذه المحاولات في ظل استمرار التصعيد القواتي ضد التيار والذي طال رئيس الجمهورية، حيث أكد النائب السابق أنطوان زهرا بأن نقض باسيل لبند تقاسم الوزارات والمواقع الغدارية والأمنية في الدولة يعني نقضه البنود الأخرى كافة، بما فيها وصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية. بينما برزت مساء أمس مرونة من القوات عبر عنها النائب السابق فادي كرم الذي كشف بأن «القوات تحاول إعادة فتح قنوات التواصل مع الوطني الحر وفقاً لمنطق الشراكة»، بينما فسّر مراقبون الصمت العوني وعدم الردّ بأنه تريّث لمعالجة الأزمة قبل الوصول الى نقطة اللاعودة مع القوات.
باسيل: لبنان على وشك التدهور
على صعيد أزمة النازحين، ورغم إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مبادرة للمساعدة في حلّ أزمة النازحين، برز موقف معارض من الوزير المشنوق الذي أشار الى أن «ما طرحه السيد نصرالله بمسألة النازحين هو تخلٍّ عن القانون وعن الدولة والأمن عام يقوم بعمل ممتاز في الملف والتنسيق بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والحكومة السورية موجود». غير أن الرئيس عون والتيار الوطني الحر يؤيدون خطوة السيد نصرالله وينسقون مع حزب الله في هذا الإطار، وحذر باسيل من انّ «الوضع الاقتصادي في لبنان على وشك التدهور بفعل وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين»، مشيراً بعد لقائه وزير التجارة الهولندية سيغريد كاغ الى «أني أكدت للوزيرة الهولندية أن لبنان استعاد استقراره وأمنه الداخلي، وذلك عزز استقلالنا وسيادتنا». بدورها شدّدت كاغ على انّ «هولندا تبحث عن وسائل لتعزيز التعاون مع لبنان في مجالات مختلفة ونتطلع الى الاستثمار والى تعزيز اقتصاد لبنان، كما أن تركيزنا منصبّ على العودة الآمنة للنازحين السوريين».
الجمهورية
التأليف: إتصالات.. ولا إختراقات… وبكركي تسعى لإحتواء إشتباك «التيار» و«القوات»
إمتلأ النصف الأول من الكوب الحكومي بعودة المسافرين من الخارج، وصعود الرئيس المكلّف سعد الحريري مجدداً الى منصة التأليف بمحاولة جديدة لبلورة صورة حكومته في الآتي من الايام، الّا انّ النصف الثاني من هذا الكوب مُمتلىء سلفاً بتعقيدات ومطبّات سياسية مفتعلة، يُنذر تراكمها المتزايد باستفحال أزمة التأليف أكثر فأكثر وفقدان الأمل بولادة الحكومة في المدى المنظور. وبالتزامن مع هذا الوضع، تبرز محاولة لاحتواء ارتدادات التأليف المعطّل، والتي أصابت شظايا الخلاف على الحصص والاحجام العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في صميم «تفاهم معراب». واللافت في هذا السياق دخول بكركي على هذا الخط لإعادة لحم ما تصدّع بين الطرفين. وترددت معلومات ليل أمس عن أن الوزير ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان سيلتقيان اليوم على أن يزورا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان بعد غد.
جديد التأليف، حديث عن محاولة جديدة هذا الاسبوع لإدخال الحكومة الى غرفة الولادة، لكنّ الرئيس المكلّف، الذي تقول أوساطه انه عائد من إجازته الخاصة بحيوية زائدة لتحقيق «اختراق ما»، عَبّر عن تفاؤل ناقص، لم يعزز الأمل بقرب الولادة، خصوصاً انّ الحريري قدّم تصريحاً مقتضباً لم يُرِح المتشائمين ولا المتفائلين في آن معاً، حيث قال «متفائلٌ دائماً ولكن no comment».
أفكار جديدة
أوساط الحريري أكدت لـ«الجمهورية» انه لم يقطع اتصالاته مع القوى السياسية، حتى خلال إجازته الخاصة، وثمّة أفكار موجودة لديه، إلّا انّ هذه الاوساط لم تكشف ما إذا كانت الامور قد بلغت حَدّ وضع مسودة جديدة لعرضها على رئيس الجمهورية في لقائهما المرتقَب، ربما اليوم، علماً انّ دوائر القصر الجمهوري لم تُشر الى موعد محدد لزيارة الحريري الى القصر الجمهوري ولقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لافتة في السياق نفسه الى انّ رئاسة الجمهورية لا تملك اي معطيات حول ما يمكن أن يطرحه الرئيس المكلّف، مع تشديدها الدائم على التعجيل في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه لبنان على كل المستويات.
الحريري يزور بري
وعلى هذا الخط، سجّلت الساعات الماضية حركة اتصالات مكثفة بين الحريري ورئيس الجمهورية، وكذلك بين الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث علم انّ بري سيلتقي اليوم الرئيس المكلّف وسيناقش معه أسباب التَعثّر المستمر في تشكيل الحكومة الجديدة. على خط آخر، جرى أمس اتصالان هاتفيّان بين بري وقائد الجيش العماد جوزف عون، جرى خلالهما التطرّق إلى ملفين: الأول مسار أعمال التخمين في الأضرار التي لحقت بعلبك جرّاء السيول الأخيرة، والثاني تداعيات قضية الخلاف العقاري بين العاقورة واليمونة. وعُلم في هذا الإطار انه تقرر إحالة هذا الملف إلى القضاء للبَتّ فيه. فيما شدّد بري من جهة ثانية على ضرورة إقرار اقتراح القانون المتعلّق بتشكيل مجلس إنماء لبعلبك وآخر لعكار، في سياق التخفيف من الحرمان الذي تعانيه هاتان المنطقتان.
زحمة اتصالات
وبالتوازي مع ذلك، جرت اتصالات مماثلة على خَطّي عين التينة وبيت الوسط، بدأت ظهراً بإيفاد النائب السابق وليد جنبلاط النائب السابق غازي العريضي للقاء الرئيس بري، وأتبعه جنبلاط مساء بإيفاد النائب وائل ابو فاعور للقاء الحريري. واقترنت هذه الحركة الدرزية بتصريح مُقتضب لرئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط، أكد فيه حق الحزب التقدمي الاشتراكي بالحصة الدرزية الثلاثية في الحكومة.
وسُجّل ليلاً أيضاً، لقاء بين الحريري ووزير المال علي حسن خليل مُوفداً من بري، وعُلم انّ اللقاء استعرض العقبات التي تحول دون استئناف البحث في التشكيلة الحكومية، والخلفيات التي بنى عليها الرئيس بري مواقفه الأخيرة، وما نقل عنه حول نيّته القيام بالدعوة الى جلسة عامة للمجلس النيابي الجديد لانتخاب أعضاء اللجان النيابية، وتلويحه بجلسة مناقشة لأسباب تأخير ولادة الحكومة أو تعطيلها.
بري: إشمئزاز
هذا الامر عاد وأكد عليه الرئيس بري أمام زواره أمس، وإشارته المتجددة الى انّ ما بلغته الأمور من تعطيل وتأخير هي غير مبررة، وتحمل على الاشمئزاز، خصوصاً انّ البلد يسير على حافّة الكارثة، والوضع الاقتصادي يزداد سوءاً، وصار أشبَه بقنبلة موقوتة، إن لم يتم تداركه سريعاً سيسقط، وانفجار هذه القنبلة سيكون مُكلفاً جداً. إنّ هذه اللامبالاة بحال البلد غير مقبولة على الاطلاق. كما لم يُشِر بري الى امتلاكه أيّ بارقة أمل تُبشّر في وضع الحكومة على السكة.
تحديات
الوضع الاقتصادي السيئ والمخاطر التي تهدده، هي أحد الاسباب الاساسية التي يراها مرجع سياسي كبير، موجِبة للدفع الى تشكيل الحكومة في أقرب وقت ممكن. وامّا الاسباب الاخرى، فخارجية، وكلها ترتبط بلبنان الذي طالما شَكّل ساحة تأثر بمحيطه، وبالتطورات الاقليمية والدولية. فالجنوب اللبناني على خط التوتر الاسرائيلي، خصوصاً بعد تعطيل تل أبيب للحل البحري وإصرارها على السطو على النفط البحري، والمنطقة أمام مخاطر كبرى. وهنا لا يجب المرور ببساطة على زيارة غير مُعلنة ولم يَمض عليها الزمن لرئيس الموساد الاسرائيلي الى واشنطن، بملف يتعلق بسوريا وإيران.
وأمّا الاساس، في رأي المرجع المذكور، فيتّصِل بالقمة المرتقبة بين الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وما يكشفه الديبلوماسيون من كلا الجانبين يوجِب التَعمّق فيه، لناحية انّ ترامب وبوتين يراهنان على هذه القمة لحلّ الكثير من القضايا الشائكة، وفي قلب هذه القضايا يقع الملف السوري.
ومعلوم انّ لبنان ليس بعيداً عن سوريا. والأهم في ما يكشفه الديبلوماسيون هو انّ ما يحصل في المنطقة حالياً يُنذر بالكثير من التحولات العابرة للحدود المرسومة بين دول الشرق الاوسط، الّا انّ السؤال هو عن المساحة الجغرافية لهذه التحولات، ومن الذي سيدفع فاتورتها المفتوحة على مستوى المنطقة كلها.
ولأنّ لبنان جزء من هذه المنطقة، فالأولى بالطاقم السياسي ان يُباشر في اتخاذ الاجراءات الاحترازية على كل المستويات، بدءاً بتشكيل حكومة قادرة على أن تُبعد لبنان عن ان يكون من بين دافعي الثمن.
إحتواء الاشتباك
على صعيد آخر، لوحِظ في الساعات الاربع والعشرين الماضية تحوّل في خطاب «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في اتجاه التخفيف من الحِدّة التي شابَته في الايام الاخيرة، وعُلم في هذا المجال انّ الجهود نجحت في إعادة بناء خط «التواصل الجدي» بين «القوات» ـ «التيار» الذي سبق واتفقا عليه قبل سفر باسيل في إجازته، وبَث مقابلته التلفزيونية المسجّلة واندلاع المواجهة نتيجة مواقف باسيل خلال المقابلة. وبحسب مشاركين في هذه الجهود، فإنه لا يمكن الكلام منذ هذه اللحظة عن أيّ مُعطى حسّي. ولكن كل ما يمكن قوله انّ البلاد دخلت اعتباراً من هذا الاسبوع في تحرّك جديد، والايام المقبلة ستكون كفيلة بتظهير ما اذا كان هناك إمكانية لأن يحقّق الاختراق المطلوب ام انّ الامور ستبقى في مجال المراوحة.
بكركي
وعلمت «الجمهورية» أنّ «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يتولّى شخصياً مسألة معالجة التوتّر الحاصل بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ»، ويجري اتصالات رفيعة المستوى بقيادات الطرفين من أجل تبريد الأجواء والعودة الى لغة التفاهم».
وأشارت المعلومات الى أنه من غير المُستبعد أن يُقدم الراعي على جَمع الدكتور سمير جعجع والوزير جبران باسيل تحت سقف بكركي في وقت قريب، من أجل إعادة الأمور الى نصابها الصحيح وعدم تأجيج الصراع، لأنّ البطريرك الماروني لا يرضى أن تعود الساحة المسيحية الى مرحلة الصدامات.
صيّاح
وفي السياق، أكد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنّ بكركي تضع كل ثقلها لضبط الخلاف على الساحة المسيحية، ومعالجة ذيول الإشكال الأخير بين «القوات» و»التيار الوطني الحرّ». وشَدّد صيّاح على أنّ بكركي ترفض العودة الى مرحلة حرب الإلغاء بين الطرفين، والدخول في حروب سياسية تضرب المجتمع المسيحي والوطني، بل إنها تعمل على ترميم التفاهم وعدم الذهاب الى حرب الإخوة.
«التيار» لـ«الجمهورية»
وقالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية»: «المصالحة نهائية ولا عودة الى الوراء، هذه مسألة ثابتة عندنا ولا جدل فيها، وهذه القناعة من رأس الهرم الى آخر ناشط في «التيار»، فلا يلعبنّ أحد بهذه الفكرة ولا يدخلنّ أحد «ويُخَيّط» فيها. المصالحة محمية من الشعب، محمية من المسيحيين، وأكدوا عليها منذ اللحظة الاولى لإعلان النيّات».
اضافت: «بعد إجراء الانتخابات تبيّن انه بالرغم من انّ «التيار» كان في جهة و«القوات» في جهة اخرى، كانت النتيجة واضحة بأنّ الاكثرية الكبرى من المسيحيين كانت معهما».
وتابعت: «هذا الاتفاق السياسي الذي اعتراه خَلل، يجب ان يخضع لتقييم. فالخلل نَتج احياناً عن سوء فهم لبعض بنوده، وفي مكان آخر اتخذت خيارات متناقضة برأينا كانت بعيدة برأي «التيار» عمّا تفاهمنا عليه. هذا كله يحتاج الى تقييم. كذلك يحتاج الى هدوء وحوار من اجل إعادة الامور الى نصابها. فإمّا ان نصل الى تطويره وإمّا الى تفسيره وإمّا الوصول الى «أمر جديد».
وقالت: «من هذا المنطلق، المطلوب حالياً وقف صَب الزيت على النار، الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي. وكذلك وقف الحملات الاعلامية، وعبور هذه المرحلة لأن تكون حافزاً لتثبيت المصالحة اكثر فأكثر، فربّ ضارّة نافعة، لأنه اذا لم نَمرّ بـ«خَضّات» بكل التفاهمات التي يعقدها اي طرف سياسي لا تُثبّت هذه الاتفاقات في النهاية او تُعَمّد».
واضافت: «اليوم، هذا امتحان كبير للمسيحيين ولـ«التيار» و«القوات»، يجب اجتيازه بكثير من الهدوء، حتى اذا كان هناك من خلاف فإعلان النيّات يقول أن نُدير خلافاتنا من دون ان نُلغي بعضنا، نستطيع ان نَحتكِم الى الديموقراطية والاصول والقواعد في ظل عدم وصولنا الى قواسم مشتركة، والاتفاق حول الحكومة في حال استمر هذا الوضع. واذا تمكنّا من الوصول الى قواسم مشتركة فإنّ ذلك يكون أفضل وأفضل.
في النهاية موضوع الحكومة يعود الى الرئيس المكلّف، الذي يتشاور مع رئيس الجمهورية ليؤلّفا الحكومة. رأينا ورأي «القوات» هو رأي في النهاية وليس قراراً. امّا القرار فيعود للرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية، وبالتالي علينا ان نعود لبناء الثقة بيننا وبمعزل عن هذا الخلاف».
أزمة القروض السكنية
ولا تزال أزمة تجميد القروض السكنية في الواجهة، بعد القرار الذي اتخذته المؤسسة العامة للإسكان بوَقف تلقّي طلبات جديدة، حتى إشعار آخر، فتحرّكَ القيّمون على القطاع في محاولة لإنقاذه من الأسوأ.
وفي هذا السياق، حاول تكتل تيار المستقبل أمس فتح ثُقب في جدار الأزمة المستفحلة، من خلال اقتراح قانون معجّل مكرر يقضي بأن تتحمّل الدولة مسؤولية دعم القروض السكنية.
ويستند الاقتراح الذي قدّمه النواب: رلى الطبش، سامي فتفت، طارق المرعبي وديمة جمالي الى مبدأ تقديم إعفاءات ضريبية الى المصارف، في مقابل دعم القروض الاسكانية التي تتمّ عبر المؤسسة العامة للإسكان.
ويأتي الاقتراح ليُلبّي أحد الشروط التي وضعتها المصارف لتقديم قروض سكنية مدعومة، إذ انّ إدارات المصارف لم تقبل بمبدأ تعهّد وزارة المالية بتسديد فارق الدعم، على اعتبار أنّ الأمر قد لا يكون مُستداماً، وقد تأتي حكومة جديدة في المستقبل تتوقف عن الدعم. وفي حال تمّ إقرار القانون، فإنه يشكّل قاعدة دائمة ترضى بها المصارف كضمانة لتقديم قروض مدعومة فوائدها من الدولة.
الأخبار
عون والحريري هما القطبة المخفية في طربوش التأليف
الحريري «وسيطاً» بين عون وجعجع… للاستثمار توقيته
الاستخبارات الألمانية في بيروت
انقضى شهر ونصف شهر على تكليف الرئيس سعد الحريري دونما أدنى تقدّم. كأن الاستحقاق لا يزال غداته. منذ اليوم الأول، لا أحد من الأفرقاء الرئيسيين المعنيين بالتكليف ــ وليسوا رئيسي الجمهورية والحكومة فحسب – يتزحزح عن شروطه (مقال نقولا ناصيف).
بانقضاء شهر ونصف شهر على 24 أيار، وُلدت على هامش تأليف الحكومة نزاعات موازية مستعرة: بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بين الرئيس سعد الحريري والسنّة المعارضين، داخل البيت الدرزي ومع القوى التي تتجاذب خلافاته. وحده «الثنائي الشيعي» يتفرّج. أقرب ما يكون إلى الشامت، منه إلى المعني بتذليل العراقيل سواء من خلال تأثير الرئيس نبيه برّي على نصف المتخاصمين أو من خلال تأثير حزب الله على النصف الآخر.
منذ ما قبل تكليف الحريري، رُفع عنوان واحد للحكومة الجديدة هو: حكومة وحدة وطنية يتمثّل فيها الجميع. لا يزال هذا العنوان وحده، منذ اليوم الأول، دليل تأليف الحكومة، لكن من دون تأليف بسبب الخلاف على قياس الأحجام وتقدير الحصص وتوزيع الحقائب. قد تكون طامة كبرى أنه العنوان الوحيد الذي يلتقي عليه المرجعان الدستوريان المعنيان بالتأليف، وهما الرئيس ميشال عون وسعد الحريري. ما عداه، أثبتت الأيام التالية أنهما على طرفي نقيض.
في الظاهر، التباين بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل المكلف من القصر الجمهوري إدارة ملف التأليف. في الواقع، أنه أيضاً بين رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين يقاربانه على نحو مختلف. يكفي أن يكون باسيل المحاور والمفاوض الوحيد باسم القصر الجمهوري كي يعبّر عن وجهة نظر الرئيس، مقدار تعبيره عن ترؤسه الحزب الذي يقود الكتلة النيابية الكبرى في البرلمان، ناهيك بأنه رئيس حزب الرئيس. بذلك يمسي التمييز بين رئيس الجمهورية وصهره الوزير باهتاً للغاية.
بضعة معطيات مرتبطة بتباين المقاربة:
أولاها، أن رئيسي الجمهورية والحكومة يحاولان – للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف وليس اتفاق الدوحة فحسب – تأكيد صلاحيتهما الدستورية، الحصرية، بتأليف الحكومة. الأمر الذي لم يُعطَ أياً من الرؤساء الياس هراوي واميل لحود وميشال سليمان مع رؤساء الحكومات المتعاقبين، إبان الحقبة السورية وبعدها. في ظل وجود سوريا، كان التأليف مقسّماً على ثلاثة: رئيسا الجمهورية والحكومة ودمشق الوحيدة تمتلك نصاب الثلثين مباشرة، وأحياناً مداورة مع أحد الرئيسين الآخرين. بعد اتفاق الدوحة، ظل التأليف مقسّماً على ثلاثة لكن بتفاوت: رئيس الجمهورية وفريقا 8 و14 آذار من ضمن الأخير حصة رئيس الحكومة. بدا المقصود بذلك، مع جلاء الجيش السوري، أن موازين القوى الداخلية هي الشريك الفعلي للرئيسين في التأليف، وفي كل ما يتجاوزه في طلب الحصص والحقائب.
ما يسمعه المطلعون عن قرب على موقف رئيس الجمهورية، أنه مصر على حكومة تتمكن من الحكم، وتجعله يحكم كرئيس للدولة. يريد بذلك إعادة الاعتبار إلى الرئاسة بما لا يجعل دورها يقتصر على توقيع مرسوم تأليفها لمجرد أن له حصة، بل طلب سلطة إجرائية جدية وقوية. بدوره، الرئيس المكلف يردّد كلاماً مماثلاً، بتأكيده أنه هو المرجع الوحيد لتأليف الحكومة قبل عرضها على رئيس الجمهورية، في معرض استنفار طائفته كما لو أن المستهدف هو المنصب وصلاحياته الدستورية، وليس الرجل، وكما لو أن الطائفة هي مرجع الصلاحيات الدستورية تلك. مع ذلك، لا يغرب عن بال الحريري – أو يُفترض – أن والده الرئيس رفيق الحريري لم يؤلف، بفعل صلاحياته الدستورية، أياً من حكوماته في عهدي هراوي ولحود، ولا يغرب أكثر عن باله أن أياً من أسلافه هو قبل وصوله إلى السرايا وبعده كالرؤساء فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام لم يؤلف بمفرده حكوماته، ولا حتماً تبعاً لصلاحياته الدستورية.
عند هذا التقاطع، يلتقي عون والحريري في حصر التأليف بهما، وتالياً دفع الاستحقاق إلى نطاقه الدستوري البحت للمرة الأولى منذ اتفاق الطائف. لا يكرّسان بالتأكيد عرفاً جديداً في الممارسة، بل يعودان إلى أصل الصلاحية التي تجعل توقيع أي منهما ملزماً للآخر لإبصار أي حكومة النور. ما يعني توافقهما على تأليفها كلها. ولأن كليهما يملك فيتو تعطيل التأليف، يتداخل دوراهما على نحو يتعذّر معه فرض إرادة أحدهما على الآخر. لكن ما يعلماه معاً، على السواء، أن ليس في وسعهما فرض حكومة أمر واقع على أي من الأفرقاء ذوي السقوف العالية كوليد جنبلاط وسمير جعجع، ولا بالتأكيد على «الثنائي الشيعي».
ثانيها، أن إصرارهما على أنهما المعنيان وحدهما بالتأليف لا يعفيهما من وجودهما عند مفترقين متناقضين. يتمسك عون بإعطاء القوات اللبنانية أقل مما تطلب بما في ذلك عدم حصولها على نيابة رئاسة الحكومة أو حقيبة سيادية، وبوضع مقعد درزي خارج جنبلاط، وبفصل حصته عن حصة حزبه التي يريدها مرجحة. في المقابل، يقيم الحريري في المقلب المعاكس: يدعم جنبلاط في المقاعد الدرزية الثلاثة، وجعجع في حصة زائدة مع حقيبة سيادية إذا لم تتوافر له نيابة رئاسة الحكومة. وأضاف الحريري إلى موقفه أحدث وسائل الضغط، تأكيده أنه لن يعتذر عن تأليف حكومته أياً تكن وطأة الضغوط أو مصدرها، وأياً يطول الوقت. ليس في وارد تكرار ما فعل في تكليف 2009 عندما اعتذر في اليوم الـ80 قبل أن يعاد تكليفه، ويرى في سابقة الأشهر الـ11 لسلفه سلام ما يعزّز حجته بأن الوقت لا يزال متاحاً أمامه.
ما يحتّمه تناقض موقفي الرئيسين أن لا حكومة جديدة ما لم يتخلَّ أحدهما عن شروطه، أو يوافقان على تنازلات متبادلة يكون الرابح فيها أو الخاسر جنبلاط أو جعجع.
ثالثها، ما يبدو جلياً أن عون ليس في وارد إرباك الحريري لدفعه إلى الاعتذار أو عرقلة مساعيه في التأليف، ولا في وارد التخلي عنه، ولا في صدد استعجال بت التأليف رغم ما سُرّب عنه في الأسابيع الأولى من التكليف أنه لن ينتظر طويلاً. يتصرّف حيال الوقت الذي مرّ على أنه لا يزال في نطاق طبيعي مقبول، لا يبرّر التسرّع في أي خطوة غير محسوبة. إلا أن تمسك الحريري بتكليفه وإعلانه سلفاً عدم الاعتذار لا يرسل سوى إشارة سلبية واحدة، إلى رئيس الجمهورية بالذات، المرجع المعني ببيان تكليفه وبإجراء استشارات نيابية ملزمة، مفادها إصراره على ممارسته صلاحياته الدستورية بلا قيود.
يعرف الحريري أيضاً أن أحداً، بما في ذلك مجلس النواب، لا يسعه تجريده من تكليفه ما خلا الرياض التي أرغمته في تشرين الثاني الفائت على الاستقالة. لا سابقة في ذلك منذ أول تطبيق للتكليف المنبثق من اتفاق الطائف مع حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1990. كان الرئيس نبيه برّي وجد أخيراً في تجريد الرئيس المكلف من تكليفه إيذاناً بـ «حرب مذهبية».
الحريري «وسيطاً» بين عون وجعجع… للاستثمار توقيته
سعد الحريري في وضع صعب ومُريح في الوقت ذاته. الخلاف بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية أصابه بشعور متناقض. من جهة، يستطيع استثمار هذا الخلاف لتصحيح مسار علاقته بالطرفين ورفع مسؤولية التعطيل عن كاهله، ومن جهة أخرى، يُمكن أن يتسبب هذا الخلاف في زيادة منسوب الضغط عليه، لا سيما من قبل رئيس الجمهورية
مع المنحى الدراماتيكي الذي أصاب العلاقة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وتحول العِناق بينهما إلى «خِناق»، يتبدّى لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شعور متناقض. الأول، قلق من أن يؤدي تهاوي اتفاق معراب إلى زيادة الضغط عليه في مسألة التشكيل، وبالتالي يُجبره على المفاضلة بين بعبدا ومعراب، بكل ما يُحيط بهذه المفاضلة من اعتبارات داخلية وخارجية. الشعور الثاني، وهو على النقيض الأول، إيجابي، لاستشعاره حاجة الطرفين إليه، ومن ثمّ قدرته على فرض نوع من التوازن في علاقته مع التيار الوطني ورئيس الجمهورية من جهة، وتوظيف موقفه من تمثيل القوات في الحكومة لصالحه سعودياً من جهة أخرى.
المطّلعون على سير المفاوضات يتحدثون عن «عدم استياء الحريري من تأخّر ولادة الحكومة». هو «يعلَم أنها ستتشكّل عاجلاً أو آجلاً، وسيكون هو رئيسها»، لا بل إنه «مُستفيد من الواقع الراهن، كما هو». طرحت إشكالية استفادة الحريري من الخلاف بين العونيين والقواتيين، خصوصاً في ضوء ما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج. على مدى 18 شهراً من عمر التسوية الرئاسية، تراجعت شعبية الحريري نتيجة وقوعه بالكامل في أحضان ميشال عون وجبران باسيل. تدريجياً، كانت تتوسع مروحة الانتقادات الى حدّ اتهامه بالتنازل عن صلاحيات رئاسة الحكومة لصالح الرئاسة الأولى. نتيجة هذا الأمر، يُمكن القول إن الخلاف العوني ــــ القواتي يشكّل بالنسبة إلى الحريري فرصة متعدّدة الأوجه؛ أولاً، نقل العقدة الحكومية من ملعبه الى الملعب المسيحي. وهو ينجح، الى حدّ ما، في رفع المسؤولية عن كاهله بالقول إنه لا عقد داخلية تخصّه هو، ولا حتى خارجية من نوع القول إن السعودية ليست صاحبة مصلحة في التأليف الحكومي السريع. حتى إنه نقل إلى رئيس الجمهورية، بحسب مصادر مطّلعة، أن «لا عوائق خارجية تحول دون تشكيل الحكومة».
ثانياً، يستطيع الحريري أن يدخل من باب الخلاف بين العونيين والقواتيين لفرض توازن ما في طبيعة علاقته بالطرفين. فرئيس الحكومة المكلف يعلم بأن وقوفه الى جانب رئيس الجمهورية يعني وجود طرف مسيحي على يمينه (سمير جعجع) سيظل يعتمد سياسة المزايدة عليه. وفي الوقت ذاته، سيسمح الانحياز لعون بأن ينجح الأخير في محاصرته. وقد بيّنت تجربة عامين صحّة هذه الفرضية. انطلاقاً من هنا، يستفيد الحريري من هذا الخلاف للوقوف في الوسط. يكفي لعب دور الوسيط بين عون وسمير جعجع، للإيحاء بأن الطرفين يتحملان مسؤولية عرقلة ولادة الحكومة، وهو بوقوفه هذا، يضع نفسه على سكة استثمار هذا المعطى في مرحلة ما بعد ولادة الحكومة.
لن ينجرّ الحريري الى أي ضغط من نوع أن يطلب عون منه السير بحكومة من دون القوات اللبنانية، ولن يقدم على أيّ أمر من شأنه أن يشعر وليد جنبلاط بالاستقواء عليه أو حتى تشريع اللعب في بيته الداخلي. بالنسبة إليه، فإن وقوفه اليوم إلى جانب جعجع وجنبلاط، يساعده لاحقاً في أن يرسي هذا الثنائي نوعاً من التوازن داخل الحكومة، لا سيما في حال وقوع خلاف بينه وبين عون أو باسيل. وقد ذهب بعضهم أبعد من ذلك للإشارة إلى تعويل الحريري على جنبلاط وجعجع في حال تغيّر المُعطى الإقليمي، أو تراجع الفريق الآخر عن التسوية، أو مثلاً في مواجهة طرح من نوع إعادة التواصل رسمياً مع الدولة السورية!
أما الشقّ الآخر، فيتصل بالجانب السعودي تحديداً. وعلى خلاف ما يُحكى عن عدم تدخّل السعوديين في ملف الحكومة، فإن إشاراتهم واضحة لجهة «رفض أي استهداف للقوات». السؤال هو الآتي: من يضمن أن لا يدفع الخلاف مع القوات رئيس الجمهورية إلى زيادة الضغط على الحريري لتشكيل الحكومة، سواء بتمثيل القوات (بما يرضي باسيل ولا يرضي جعجع) أو من دونها؟ وهل يستطيع الحريري الذي أكد أمام باسيل أكثر من مرة أنه لا يريد الاشتباك مع عون، مهما كانت الأسباب، أن يتفادى «الاشتباك»؟ وماذا إذا قرر المواجهة أو المهادنة، وأيّ كلفة سيدفعها في الحالتين؟.
الاستخبارات الألمانية في بيروت
علمت «الأخبار» أن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني برونو كال وصل إلى بيروت مساء أمس، برفقة عدد من مساعديه. وفيما لا يزال خبر وصوله غير معلن، تبين أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة من المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، وستتطرق إلى ملفات أمنية ثنائية.
اللواء
ولادة للحكومة متعسرة .. والحريري لحلّ العقد أولاً
برّي يلوّح بالورقة النيابية والمصارف برفع الفائدة.. وجنبلاط يحمِّل باسيل عجز الكهرباء
48 يوماً بالتمام والكمال، انقضت على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف أوّل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية..
لا حاجة لاستعراض المحطات التي قضتها رحلة التأليف حتى الآن.. إلا ان البارز، هو انه بعد «الهبات الساخنة» والباردة، تعصف بعملية التأليف عواصف الخلافات، وربما انهيار التسويات، وربما انعكاسات التجاذب بالحديد والنار في دول جوار لبنان الملتهبة، وسط تحولات في المشهد الإقليمي، وعواصف «الحرب الاقتصادية والجمركية» بين الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب والصين العظمى، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي في عهد فلاديمير بوتين..
وتلاحظ مصادر مطلعة على المجريات الراهنة، ان الوضع الاقتصادي، ليس مجرّد ورقة للتخويف أو التهويل، أو حتى الضغط على مسرح توليد الحكومة، بل هو ينطوي على وقائع قوية، ذات صدقية، من خجل النشاط الاقتصادي إلى أزمة القروض السكنية إلى رفع الفوائد على الليرة اللبنانية..
ولا تخفي مصادر سياسية مطلعة على التأليف تخوفها من الاجراءات التي تقوم بها بعض المصارف الكبرى من خلال رفع الفوائد على الليرة اللبنانية، ودعت هذه المصادر مصرف لبنان وحاكمه ووزير المال والمعنيين لالاطلاع بدقة على ما يجري على صعيد المصارف لاتخاذ القرارات المطلوبة، لانه لا يجوز القيام بمثل هكذا خطوات التي من شأنها هز الوضع المالي في البلد، وشددت على ضرورة عدم السكوت على مثل هكذا تصرفات.
على جبهة الرئاسات، لا يبدو الموقف موحداً، فالرئيس ميشال عون، متفائل بالحكومة المقبلة، فهو أبلغ وزيرة التجارة الخارجية والتعاون التنموي في هولندا سغريد كاغ ان الحكومة المقبلة ستولي عناية خاصة للشأن الاقتصادي واستكمال عملية مكافحة الفساد.
والرئيس نبيه برّي العائد من إجازة استجمام، يتجه إلى دعوة المجلس النيابي لانتخاب اللجان النيابية، وبعدها سيدعو إلى جلسة ثانية ستشكل سابقة في تاريخ الحياة السياسية في لبنان.
الرئيس المكلف سعد الحريري، يعتقد ان المشكلة عند سواه، وليس عنده، وهو متفائل بإيجاد الحل، والاخوة (في إشارة الي تفاهم معراب) يتشاجرون ثم يتصالحون، ويؤكد وزير الداخلية نهاد المشنوق من دار الفتوى ان الرئيس المكلف مصر على تشكيل حكومة تتمثل فيها كل القوى من دون مبالغات.
«التوربو» يتحرك
الى ذلك، ينتظر ان يعيد الرئيس المكلف تشغيل محركات «التوربو» التي وعد بها، وعلى جدول اعماله اكثر من موضوع، اولها حسب مصادرمتابعة رأب الصدع بين «التيار الوطني الحر» وبين «القوات اللبنانية»، باعتبار عقدة التمثيل المسيحي هي «امّ العقد»، وامامها تهون العقد الاخرى، برغم تمسك مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي بتمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي بالوزراء الدروز الثلاثة، وتمسك النواب السنة المستقلين بتمثيلهم الى جانب تمثيل احد المسيحيين من التكتل الوطني المستقل بالتمثيل ايضا.
وعليه، توقعت المصادر ان يبادرالحريري خلال الساعات المقبلة الى تجديد اتصالاته – إن لم يكن قدباشر بها فورا، واولها مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري كما توقع احد نواب كتلة المستقبل- مضيفا ان ما اعلنه رئيس القوات سميرجعجع قبل يومين من «انه مصر على استمرار التفاهم مع «تيار المستقبل» ومع «التيار الحر» وانه لمس بعض المؤشرات الإيجابية من الوزير جبران باسيل وان شاء الله تترجم عمليًا»، هو مؤشر الى ان الامور ذاهبة نحو الحلحلة. وتوقعت مصادر المعلومات ان يزور الحريري الرئيسين عون وبري بين ساعة وساعة.
ولم يشأ الرئيس الحريري، في أوّل ظهور له امام الصحافيين بعد عودته من اجازته العائلية، الحديث عن موضوع تأليف الحكومة، باستثناء التأكيد على استمرار تفاؤله.
الا ان زوّار الحريري نقلوا عنه تأكيده على ان الحكومة ستبصر النور من دون تحديد أي موعد لذلك، وشدّد هؤلاء على «أهمية ان تتشكل الحكومة بشكل جيد»، معتبرين ان الرئيس المكلف «يملك الكثير من الصبر وطول البال، وباستطاعته إيجاد الحلول للعقد الموجودة والعراقيل الموضوعة، من خلال حنكته السياسية وهدوئه الذي يتمتع به والرؤية التي يتبعها في هذه المرحلة رغم دقتها وحساسيتها».
اما أوساط «بيت الوسط» فأوضحت ان المشكلة باتت معروفة وهي عند الآخرين، وعلى رئيس الجمهورية إعادة تحريك خطوط التهدئة، لأن البلد بحاجة إلى حكومة، وهم (أي الآخرون) مسؤولون عن إيجاد مخرج وإعادة الأمور إلى نصاب الحوار السياسي الذي يصب في خانة التشكيل ويوفر الظروف الهادئة لاستئناف مفاوضات التأليف.
ودعت مصادر أخرى متابعة لمسار تشكيل الحكومة، الجميع إلى التنبه لما يتعرّض له البلد من صعوبات ومشاكل على الأصعدة كافة، إذ انه على «كف عفريت» بحسب تعبير المصادر التي اشارت إلى ان ما يصدر عن البعض من مواقف سياسية سلبية تجاه تشكيل الحكومة أمر غير بريء، وربما هو لإحراج الرئيس المكلف من أجل اخراجه.
لكن المصادر تؤكد ان الرئيس الحريري ليس في وارد الاستسلام للعقبات التي تعترض طريقه للتأليف، وتنصحه في حال استمر الوضع السياسي على ما عليه من سلبيات ولاءات ان يعمد إلى تشكيل حكومة مصغرة لا يتجاوز عددها الـ14 وزيراً، ومن غير الضروري ان تكون حكومة سياسية بالكامل.
بعبدا توضح
ويبدو ان كلام أوساط «بيت الوسط» لم يلق أصداء إيجابية لدى أوساط قصر بعبدا، التي سارعت إلى التأكيد بأن الرئيس عون حريص جدا على تسهيل مهمة الرئيس المكلف، وان اللقاءات التي عقدها، سواء مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كانت بهدف خلق مناخ هادئ للمباشرة بمعالجة العقد في تأليف الحكومة، لكن ما حصل في أعقاب ذلك لا يتحمل هو مسؤوليته، وبالتالي فإن استهداف جهود رئيس الجمهورية ليس صائباً، خصوصا وان لا علاقة للعهد بما يجري على صعيد التشنج الحاصل بين «التيار» و«القوات»، لافتة إلى ان ما يهم الرئيس عون هو المصالحة المسيحية التي عبّر عنها في ورقة «اعلان النوايا» في الرابية.
وتوضح مصادر مطلعة لـ «اللواء» في هذا السياق أن الرئيس عون جاهز للبحث في ملف الحكومة في أي لحظة يكون فيها الرئيس المكلف على استعداد لذلك، وهو أي الرئيس عون حريص على الإسراع بتشكيل الحكومة. وتنفي أن يكون وضع سقفا زمنيا لها، مشيرة إلى أن المهلة الحالية لا تزال ضمن المعقول قياسا لعملية تشكيل الحكومات في لبنان مع العلم أنه تخللها عطلة عيد الفطر واجازات للمسؤولين. وترى انه لا بد من الإسراع في إدارة محركات الحكومة وبقوة وهذا ما سيكون موضع بحث بين الرئيسين عون والحريري.
وتشير المصادر إلى ما من شيء في الأفق يوحي بوجود حلحلة عملية للعقد الثلاث. وتتحدث المصادر نفسها عن وجود جهات ربما تملك مصلحة في أن تروج أن الأمور غير قابلة للحل في الشأن الحكومي كما أن هناك جهات ربما غير راغبة في قيام الحكومة اصلا.
وبالنسبة لما تردّد عن اللجوء إلى حكومة مصغرة، أكدت المصادر ان هذا الأمر، مستبعد لأنه بعد الانتخابات يجب أن تأتي حكومة لتعكس التمثيل الذي افرزته هذه الانتخابات وبالتالي فإن الحكومة موسعة وسياسية وليست تكنوقراط بدليل أن كل كتلة تنادي بحصتها، كما تستبعد هذه المصادر أن يكون أي فريق باستثناء اللقاء الديمقراطي قد اتخذ قرارا بتسمية وزرائه في الحكومة العتيدة، بمن فيهم تسمية الرئيس عون لوزرائه ولاسيما نائب رئيس الحكومة والذي لم يحسم بعد.
برّي: نحو سابقة تاريخية
في المقابل، نقل زوار رئيس المجلس نبيه بري عنه انه يفكر جدّيا بدعوة هيئة المجلس لعقد جلسة الاسبوع المقبل لانتخاب مطبخ المجلس من اللجان النيابية، ما يشير الى انه يعتقد ان تشكيل الحكومة دونه بعض التأخير، وانه لن ينتظر مزيداً من التلكؤ اكثر مما انتظر ولا بد من اطلاق عمل المجلس النيابي عبر انتخاب المطبخ التشريعي.
واشار زوار بري امس، الى انه منزعج جداً من تأخير تشكيل الحكومة لانه لا يجد له مبررا كافيا ومقنعا، خاصة مع تردي الوضع الاقتصادي للدولة وللمواطن، ومع اتساع التوتر الاقليمي في المنطقة.
وأفادت قناة «المنار» نقلا عن مصادر عين التينة ان الرئيس برّي سينتظر 48 ساعة قبل الدعوة إلى جلسة لمجلس النواب لانتخاب اللجان النيابية، وبعدها سيدعو برّي إلى جلسة ثانية ستشكل سابقة في تاريخ الحياة السياسية في لبنان لمناقشة الوضع العام في البلاد.
واعتبرت المصادر ان إعلان برّي عن الخطوتين هو لحث الجميع للإسراع في تشكيل الحكومة وبقصد الاسهام في تخفيف التوتر على الساحة الحكومية، والحد من مقولة غياب عمل السلطة التشريعية، وليس قصده صب الزيت على نار التأليف، من خلال ما يُمكن ان يشاع من ان عقد جلسة عامة لمناقشة الوضع، قد ينسحب إلى احتمال سحب التكليف من الرئيس المكلف، بحسب ما سبق للنائب جميل السيّد ان لوح بعريضة نيابية يوقعها 64 نائباً يُمكن ان تؤدي لهذا الغرض، مع العلم ان المجلس اليوم، وبفعل استقالة الحكومة هو في عقد استثنائي حكمي ويستطيع الانعقاد ساعة يشاء.
وكان الرئيس برّي التقى أمس، في أوّل نشاط له في عين التينة بعد عودته من اجازته الإيطالية، وفدا من تكتل نواب بعلبك- الهرمل غاب عنه النائب السيّد رغم انه عضو في التكتل، ونقل عنه الوفد انه قلق من تأخير تشكيل الحكومة.
ولفت الوزير حسين الحاج حسن، إلى ان حركة «امل» وحزب الله، هما أكثر فريق سهل ويسهّل تشكيل الحكومة، واقل فريق لديه مطالب.
وقال: «نحن نساعد ونحن لسنا في موقف المتفرج، ونساعد دائما ما نستطيع عليه ،وأملنا كبير بأن تشكل الحكومة في أسرع وقت».
وحول ما يقال ان تأليف الحكومة مرتبط بأمور اقليمية وان هناك بعض المطالب من ايران وحزب الله قال :«من يقول ذلك ربما حضر فيلما من إخراج سيىء».
جنبلاط يرد على باسيل
والتقى برّي أيضاً النائب السابق غازي العريضي موفدا من جنبلاط، من دون ان يدلي بأي تصريح، لكن كان لافتا للانتباه، ردّ جنبلاط على الكلام الذي قاله رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل، بعد اجتماعه بوزيرة التجارة الخارجية والتعاون الهولندية سيغرد كاغ التي جالت ايضا على الرؤساء الثلاثة، حيث حذر باسيل من ان الوضع الاقتصادي على وشك الانهيار، بفعل وجود اعداد كبيرة من النازحين السوريين، فقال جنبلاط، على موقع «تويتر» «كفى الاستهتار بعقول الناس بأن الاقتصاد اللبناني قد ينهار نتيجة وجود المشردين السوريين، اوقفوا تلك المتاجرة العنصرية الرخيصة، وكأن الانهيار مطلوب لاضعاف لبنان وافقاره وجعله لقمة سائغة بلا اية مناعة بعد تسليم درعا للنظام»، اضاف قائلا «اوقفوا البوارج التركية السبب المركزي للعجز في الموازنة».
«القوات» و«التيار»
وعلى صعيد العلاقة بين «التيار الوطني» والقوات»، لم تحمل الساعات التي أعقبت عودة الوزير باسيل إلى بيروت أي جديد على هذا المستوى، باستثناء تأكيد رئيس «القوات» انه ما زال متمسكاً بأخر الحبال التي تمنع سقوط «تفاهم معراب»، مؤكدا انه يزال أقصى الممكن لإعادة تركيب الأمور، متحدثا عن إشارات إيجابية تلقاها من باسيل، وربما ان يعقد المعلومات التي ترددت بأن باسيل طلب من أمين سر «تكتل لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان التواصل مع وزير الإعلام ملحم رياشي لإعادة تحريك خطوط الحوار مع «القوات».
الا ان كنعان أبلغ L.B.C انه كان ولا يزال مكلفاً بالتواصل مع «القوات» وهذا الأمر لم ينقطع اصلاً.
وتحدثت مصادر متابعة عن ان المستوى الذي بلغه التأزم بين الطرفين بات يتطلب الكثير من الجهد، حتى لجمع جعجع – باسيل كما تمنى الرئيس عون اثر زيارة رئيس «القوات» إلى بعبدا، ذلك ان مكان عقد اللقاء يُشكّل في حدّ ذاته إشكالية، الا ان أفق المصالحة المأمولة لا يبدو مقفلاً بالكامل، خصوصاً مع عودة التهدئة إلى نبرة اعلام الحزبين، علماً ان الوكالة نفسها اشارت إلى ان باسيل سيغادر بيروت مجدداً خلال الساعات المقبلة، ما يُؤكّد معلومات محطة «الجديد»، من ان باسيل سيكون اليوم في روسيا لمتابعة مباريات كأس العالم في كرة القدم، ولا سيما المباراة النهائية التي ستقام الأحد المقبل.
واليوم يلتقي النائب كنعان والوزير رياشي ثم يتوجهان معاً إلى بكركي.
على صعيد متصل، أكد نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي أن «مجلس النواب يستطيع سحب الثقة من الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة سعد الحريري في حال بقي الباب مسدوداً أمام التأليف»، موضحا انه «حتى لو سحبت الثقة من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سيتم اعادة تسميته»، معتبرا ان «بعض الطروحات حول تشكيل الحكومة تؤدي إلى إلغاء دور مجلس النواب»، مشيرا الى ان «تأليف حكومة اكثرية هو أحد الحلول للخروج من تأخر الحريري في التأليف»، مشددا على انه «يجب أن تكون الطوائف في لبنان ممثلة في الحكومة بصورة عادلة وبنسبية في داخلها».