قفزت موسكو على التجاذبات اللبنانية الداخلية في ملف النازحين السوريين وقدمت مبادرة عملية لحل هذه المأساة الإنسانية. ويصل إلى بيروت مبعوث الرئاسة الروسية ومعه ممثلون عن وزارتي الخارجية والدفاع، غداً، لبحث سبل عودة النازحين إلى سوريا. والمضحك أن بعض المسؤولين مثل الوزير معين المرعبي، يرفعون أمام الروس "لافتات التأييد" لمبادرتهم، من دون أن يفسروا طبيعة المصالح السياسية التي جعلتهم "يجمدون" هذه العودة، وينازعون أطرافاً لبنانية عليها. وقد اكتفى المرعبي بالقول : نعتبر إن المبادرة الروسية "جيدة جدا، ونعوّل عليها كثيرا، وأنها تشكل مصدر طمأنينة للدولة اللبنانية أيضا بشأن ضمان أمر العائدين" السوريين إلى بلادهم!.
الجمهورية
وفد روسي لتنسيق عودة النازحين.. وسجال جديد حول المحكمة
لا تأليفَ حكومياً بعد على رغم كثرة «المؤلّفين».. فالمَعمعة، بل «المنتَعة» الداخلية مستمرّة على أشدّها بين المعنيين الذين أمضوا حتى الآن شهرين وهم يتقاذفون كرة الاتهام بالتعقيد والتصعيد والتأزيم.. والأدهى أنّ الجميع يعلنون مواقفَ شِبه يومية يستعجلون فيها ولادة الحكومة الموعودة نافِضين أيديَهم من الاتهام بمنعِ التوافق على التأليف.. أمّا الصورة الخارجية فهي الأُخرى ضبابية على رغم نفضِ هذه الجهة الإقليمية أو تلك يدَها من التدخّل في الاستحقاق الحكومي والتبرّؤ من أيّ اتّهامٍ بتعطيل المحاولات لإنجازه. والنتيجة إلى الآن أنّ البلاد تعيش تحت سلطةِ حكومةِ تصريف أعمالٍ يُخشى أنّها ستقيم طويلاً، خصوصاً إذا صحَّ ما بدأ يُردّده البعض من أنّ تأليف الحكومة قد لا يحصل قبل الخريف الآتي !؟
شاع في بعض الأوساط السياسية ليلَ أمس أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري، وبعد الجمود والمراوحة في تأليف الحكومة، يتّجه إلى حسمِ موقفه من هذه العملية الدستورية، حيث سيزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الساعات المقبلة طالباً المساعدة على اتّخاذ قرارات نهائية في شأن التأليف، لأنّ الوقت لم يعُد يتيح الانتظار. وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري لن يحملَ معه إلى هذا اللقاء أيَّ مقترحات جديدة، بل سيَطلب البتَّ بالمقترحات التي كان قدّمها في الآونة الأخيرة لجهة توزيع الحصص الوزارية على الأفرقاء الذين سيتمّ تمثيلهم في الحكومة، وسيقول لِـ عون: «هذه تشكيلتي». وأوضح أمس أنه لم يحدّد أيَّ مهلة للتأليف وأنه غيرُ ملزم بأيّ مهلة.
ونَقل زوّار عون عنه قوله، لدى سؤاله عن احتمال سحبِ التكليف من الحريري: «ليس لديّ أيّ سلطة لسحبِ التكليف من رئيس الحكومة المكلف تشكيلَ الحكومة الجديدة».
وعندما قيل له إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو إلى جلسة نيابية تشاورية لمناقشة مسألة التأخير في تأليف الحكومة، أجاب: «يستطيع الرئيس بري القيام بما يريد، ليس هناك من هو قادر على تعطيل عملِ مجلس النواب». وردّاً على سؤال حول ما يأمله من هذه الجلسة، أجاب: «مجلس النواب لا يستطيع سحبَ التكليف أيضاً، فلِمَ هذه الجلسة»؟
ملفّ النازحين
وفي الانتظار، يستمرّ ملف النازحين السوريين متصدّراً واجهة الأحداث في ضوء التطوّرات التي يشهدها غداة قمّة هلسنكي الاميركية ـ الروسية، حيث لا يزال لبنان الرسمي ينتظر تبليغاً رسمياً من الولايات المتحدة الاميركية وروسيا، لمعرفة مدى جدّيةِ المحاولات الدولية لإعادة النازحين إلى بلادهم.
وكشَفت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ ملفّ المبادرة الروسية سيَحضر بقوّة في بيروت غداً، حيث من المقرّر أن يزورها وفد روسي هو الأرفع ديبلوماسياً وعسكرياً للقاء رئيس الجمهورية ونقلِ رسالةٍ خاصة إليه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتناول آخِر التطوّرات في لبنان والمنطقة عموماً والمبادرة الخاصة بالنازحين خصوصاً.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد يضمّ السيّد ألكسندر لافراتييف الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين وعدداً من ضبّاط الأركان الكبار في القيادة المركزية للجيش الروسي.
وأعلنَت وزارة الدفاع الروسية أنّ سفير روسيا لدى لبنان ألكسندر زاسبكين سيَرأس مركز إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى ديارهم.
وعشية وصولِ الوفد الروسي، عقِد اجتماع في «بيت الوسط» بين الحريري والقائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف، في حضور مساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، وتمّ خلال اللقاء البحثُ في المقترح الروسي في شأن عودة النازحين.
وأبلغ ماسودوف إلى الحريري بوصول ممثّل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثّل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الأسبوع الجاري إلى بيروت لمناقشة المقترح الروسي واستكمال البحثِ فيه.
اللواء ابراهيم
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوفد الروسي الذي زار الحريري، سيَجتمع اليوم مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قبل سفر الأخير إلى العراق في مهمّة خاصة. وأكّد ابراهيم لـ»الجمهورية» أنّ حلّ مسألة النازحين «يفرض التواصلَ المباشر مع الأمن العام من أيّ جهة كان»، وشدّد على جدّيةِ معالجة هذا الملف «أكثر من أيّ وقتٍ مضى»، داعياً إلى إبعاده «عن التجاذب السياسي، لأنّ الجميع سيَستفيد من معالجته».
الحريري
في هذا الوقت، وبعد موقفِ رئيس الجمهورية الجازم بأنّه «لن يمرَّ شيء دون عِلمنا أو عبرنا»، أوضَح المكتب الإعلامي للحريري في بيان قال فيه إنه «تعقيباً على التطوّرات الخاصة بملف النزوح السوري، وما رافقها من تفسيرات وتأويلات»، فإنّ دور الحريري في ملف عودة النازحين، «توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً إدراجَ هذا الدور في خانةِ بعض المزايدات والسباق السياسي المحلّي على مكاسب عالمية وشعبوية لا طائلَ منها. فالرئيس الحريري لا يخوض في هذا المجال السباقَ مع أحد، بل هو يسابق الزمن لمساعدة الأشقّاء السوريين على توفير مقوّمات العودة الآمنة والسريعة إلى ديارهم، ورفعِ أعباءِ النزوح الاجتماعية والاقتصادية عن كاهل المجتمع اللبناني».
التواصل مع سوريا
تزامناً مع هذه التطوّرات والمواقف، تعالت أصواتٌ تنادي بضرورة التواصل مع النظام السوري والتنسيق المباشر معه لضروراتٍ اقتصادية وتجارية، والتواصل من أجل إعادة النازحين، وأصوات تطالب بإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وتباينَت المواقف والآراء بين مؤيّد ورافض.
وأيَّد النائب عبد الرحيم مراد «انطلاقَ الحملة الوطنية لإلغاء المحكمة، قائلاً: «آنَ الأوان لإيقاف خطأ المحكمة الدولية ونقلِها إلى لبنان لنكملَ البحث عن الحقيقة مع إمكان الاستعانة بقضاةٍ دوليين».
واعتبَر نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّ «الاقتصاد اللبناني لن يتمكّن من الاستفادة من الاقتصاد السوري إلّا عبر الاتفاق بين الحكومتين، ودعا «الأصوات النشاز التي تحاول أن تمنع التفاهم مع سوريا إلى أن تسكت لمصلحة الشعب اللبناني».
حمادة
وقال الوزير مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «مشهد هذه الأيام يعود بنا إلى ما قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونرى استهدافاً مباشراً من خلال تعطيل تأليف الحكومة والتهويل على الرئيس المكلف، ونقلِ لبنان إلى عبودية جديدة والقضاءِ على علاقاته العربية والدولية وتكبيلِه داخل القفص السوري ـ الإيراني. هذا لن يحصل، فلن تؤلَّف حكومةٌ على هذا الأساس، ولن تنجح مساعي إبعاد الحريري، ولن ينصاع أحد إلى الإملاءات التي ترِد عبر أصواتٍ تعوَّدنا عليها وتغَلّبنا عليها، ولن نسمح بأن تحتلّ فضاءَنا السياسي. لا تطبيع مع النظام السوري إلّا بعد حلّ متوازن مقبول لبنانياً وعربياً ودولياً وقبلَ كلّ شيء سوريّاً. أي من قبَل كلّ الأطراف وبعد انتهاء حرب لا تزال، رغم مظاهر غلبةِ الميدان، مستمرّةً ومفتوحة على كلّ الاحتمالات. أمّا بالنسبة إلى الهجوم الجديد على المحكمة الدولية فلا أُفقَ له، خصوصاً وأنّها مُنشَأة بقرار دوليّ تحت الفصل السابع ومستمرّة على الأقلّ حتى صدور الحكم النهائي في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وأخيراً إلى المدّعين أنّ أصوات النشاز هي التي تَحول دون انتعاش الاقتصاد اللبناني، إلى هؤلاء نقول: اللحاقُ بأطلالِ نظامِ الاقتصاد السوري وبالهيكل المتداعي للنظام الاقتصادي الإيراني لا يَدفعنا إلى اعتماد مدارس اقتصادية بالية منعزلة عن العالم وعن العصر وعن كلّ القواعد المالية والنقدية والاقتصادية».
منصور لـ«الجمهورية»
في المقابل، شدّد النائب ألبير منصور على ضرورة التواصل مع النظام السوري، وقال لـ«الجمهورية»: «في النهاية، لا بدّ من عودة العلاقة الطبيعية مع النظام السوري، لأن لا حلّ للمشكلات العالقة بين لبنان وسوريا إلّا عبر إعادةِ هذه العلاقة، وأبرز هذه المشكلات مشكلة النازحين التي لا حلَّ لها لا في أميركا ولا في روسيا أو في أيّ بلد من دون التفاهم مع النظام السوري. كذلك فإنّ سوريا هي طريقنا البرّي إلى الداخل العربي، ويستحيل تأمين مصالح لبنان من دون التفاهم مع النظام. ثمّ إنّ سوريا مقبلة على إعمار ما تهدّم فيها، وهي فرصة تاريخية للبنان للمساهمة في إعادة الإعمار».
وعن الأصوات المعترضة لهذا المنحى، قال منصور: «إنّ الرئيس الحريري سيضطرّ في النهاية رغماً عنه للسير في هذا المنحى». واعتبَر «أنّ ما قام به في ملفّ النازحين ليس من صلاحياته، بل من صلاحيات وزارة الخارجية. كذلك فإنّ الخارجية هي التي تعيد علاقات لبنان بصورةٍ طبيعية، والقرار يتّخَذ في مجلس الوزراء. صحيح أنّ الحكومة اليوم تُصرّف الأعمال لكن هناك وزير خارجية عليه القيامُ بواجباته». واعتبَر «أنّ عودة النازحين من الأعمال الملِحّة والضرورية. واستبعَد عودة اصطفاف 14 آذار، واصفاً الأصوات المعترضة بأنّها «للمكابرة فقط ورفعِ السعر ليس إلّا»، وقال: «في النهاية سيتعاملون رويداً رويداً مع الواقع القاسي بالنسبة إليهم بعدما استعاد النظام السوري بعضاً من عافيته».
قانصوه لـ«الجمهورية»
وقال الأمين القِطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان النائب السابق عاصم قانصوه لـ«الجمهورية»: «يجب التفتيش عن مصلحة لبنان أوّلاً، فبماذا نفعَتنا سياسة «النأي بالنفس»؟ منذ عهد الرئيس ميشال سليمان ونحن نرفض التحدّثَ مع النظام السوري، «طيّب، وبَعدين»، لدينا مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضنا يستهلكون مياهنا وكهرباءَنا وبُنانا التحتية، ألا يَستلزم ذلك معالجة؟». وشدّد «على وجوب أن يتّخذ الرئيس الحريري قراراً بعودة العلاقة الطبيعية مع سوريا ومِن دون أيّ خلفية، إذ لا يجب أن نكون صدى للخلاف السعودي ـ السوري في لبنان، فإمّا يكون رئيس حكومة يَعمل لمصلحة لبنان وإمّا ليتنحَّ، وبذلك يحفظ ماء وجهِه، لعدم قدرتِه على تأليف الحكومة».
«المستقبل»
ورأت كتلة «المستقبل» التي اجتمعت برئاسة الحريري في المطالبة بإلغاء المحكمة الدولية «دليلاً قاطعاً على أنّ المحكمة قد قطعت شوطاً كبيراً في إظهار الحقيقة وإحقاق الحق في هذه القضية الوطنية الكبرى». وذكّرَت بأنّ المحكمة «هي مِن ضِمن قرارات الشرعية الدولية التي يلتزم بها لبنان التزاماً كاملاً»، محذّرةً من «أنّ العودة إلى التشكيك بها وبعملِها تفتح البابَ أمام عودة مرحلةِ الانقسام العامودي وما رافقها من فِتن، وهي مرحلة تخطّاها اللبنانيون بحكمةِ الرئيس سعد الحريري ومبادرته الشجاعة، لحفظِ الأمان والاستقرار في لبنان».
تسليم جثث الحمودية
إلى ذلك، سلّمت قيادة الجيش جثث سبعة قتلى من أصل ثمانٍ إلى ذويهم، والذين كانوا قد سقطوا خلال عملية دهم منزل المطلوب علي زيد اسماعيل، وهم إضافة إلى الأخير، السوري حسين علي المطر، واللبنانيون: محمد زيد اسماعيل, أحمد علي إسماعيل، يحي أحمد اسماعيل، زينب محمد اسماعيل، وبول نعمان الذي كان موجوداً داخل منزل المطلوب علي اسماعيل خلال تنفيذ عملية الدهم.
أسقاط طائرة سورية
إقليميًّا، أعلنت إسرائيل أمس عن أسقاط طائرة حربية سورية من نوع «سوخوي»، قالت إنّها اخترقت المجال الجوّي الواقع تحت سيطرتها فوق هضبة الجولان التي تحتلّها، الأمر الذي نفته دمشق مؤكّدةً أنّ الاستهداف الاسرائيلي لهذه الطائرة حصَل في الأجواء السورية، عندما كانت تشارك في غارات على مسلّحي المعارضة داخل سوريا، في حين ذكر مصدر «غير سوري» قريب من دمشق أنّ الطيار قُتِل.
الأخبار
رسالة عون إلى المجلس: حث على التأليف أم أزمة دستورية؟
مجلس الأمن يحمي الحريري: مقدمة لما سيطلب من لبنان؟
الحصرية الجنبلاطية الوزارية: الميثاقية مهددة بالاستقالة أو الاعتكاف
من المخارج التي يجري التداول بها في القصر الجمهوري لهدف حل أزمة التكليف، أن يبادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب (مقال ميسم رزق).
لم تعُد تنفَع مُحاولات سعد الحريري الفصل بينَ رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. لطالما حرِص رئيس الحكومة المكلّف في مجالسه الخاصة على تحييد عون عن اشتباكه السياسي أو الحكومي مع باسيل. كان دائم الترداد بأن «الرئيس (عون) شيء وجبران شيء آخر». أكثر من ذلك، قدّم الحريري نفسه من بين المُدافعين عن بعبدا ليؤكّد بأن «العلاقة معها أكبر من كل الإشاعات والأخبار». لكن جوّ المحيطين بالحريري يلتقط الإشارات السلبية الآتية من بعبدا. يستند هؤلاء إلى جملة المواقف التي أطلقها عون وباسيل في الفترة الأخيرة في شأن الحكومة، للتأكيد أن الاثنين «هما شخص واحد»، في دلالة على أن الأمور مع عون «تسير إلى الوراء». التسوية الرئاسية التي أبرمت في خريف 2016 تهتزّ، لأن «أرباب العهد يعمَدون إلى الضغط على رئيس الحكومة عبر فرض الشروط عليه، ومحاولة تحجيم صلاحياته».
ثمّة اعتقادٌ عند المستقبليين بأن الأيام المقبلة سوف تشهد مزيداً من الخطوات في سبيل إحراج الرئيس المكلف. تتوالى المعلومات إلى وادي أبو جميل على طريقة الرسائل المشفرة. تتحدث عن مخارج يجري البحث بها في القصر الجمهوري للضغط على الحريري. وقد مهّد لها باسيل حينَ فجّر مفاجأة بتصريح له عن أن مهلة تأليف الحكومة بدأت تنتهي. في الدستور، لا فترة زمنية تقيّد الرئيس المكلف. لكن موقف باسيل السياسي جعل رئيس الحكومة «يضرب أخماساً بأسداس»، لا سيما أنه ترافق مع كلام كثير حُكي عن نزع التفويض النيابي للحريري بتأليف الحكومة، تمهيداً للذهاب نحو تشكيل حكومة أكثرية أو حكومة أمر واقع.
لكن ما هي سبل الضغط التي يُمكن أن يلجأ إليها قصر بعبدا؟
بحسب معلومات المستقبليين، فإن رئيس الجمهورية سوف يبعث برسالة إلى مجلس النواب، ويتوجه فيها إليهم بصفتهم هم من قاموا بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة. طبعاً لن يتقدم منهم بطلب دستوري محدد، وإنما مجرّد طرح هكذا رسالة، يصبح العنوان هو محاصرة رئيس الحكومة عبر مجلس النواب، كما يقول الحريريون. وعلى ذمتهم فإن «الرئيس عون قد انتهى من كتابتها (الرسالة) وهو بصدد إرسالها إلى المجلس في غضون أسبوعين». وفي وقت لم تنف مصادر القصر الجمهوري بأن «الرسالة واحدة من الخيارات الكثيرة التي يتمّ التداول بها للإسراع في تشكيل الحكومة»، رأت أن لا بوادر إيجابية في شأن التأليف الحكومي حتى الآن.
ترافق ذلك مع طرح علامات استفهام حول دستورية ما ينوي رئيس الجمهورية القيام به. بالنسبة إلى حقوقيين مخضرمين في المجلس النيابي، فإن الرسالة «حق مشروع لرئيس الجمهورية، وقد نص عليها الدستور في مادته رقم 53 ــــ الفقرة العاشرة». إذ نصت المادة على أن «رئيس الجمهورية ـــــ يوجه عندما تقتضي الضرورة ــــ رسائل إلى مجلس النواب». بالنسبة إلى هؤلاء «فإن المادة لم تحدّد فحوى الموضوع الذي يتناوله رئيس الجمهورية، وبالتالي يحق له الكلام عن الحكومة». علماً أن «التوجه برسالة إلى البرلمان تتعلق بتشكيل الحكومة هي سابقة من نوعها». وفي رأي آخر، يقول هؤلاء إن «رئيس الجمهورية عادة يوجه الرسالة إلى مجلس النواب في معرض الشكوى أو الخلاف مع رئيس الحكومة أو مجلس الوزراء في حال عدم الأخذ برأيه». وهو في هذه الحال يحتكم إلى البرلمان لأن الحكومة مسؤولة أمامه». لكن «في موضوع الحكومة لا يستطيع أن يشتكي على الرئيس المكلف، لأن له الحق (رئيس الجمهورية) في رفض أي صيغة حكومية أو القبول بها. وهو شريك في القرار». وبالتالي فإن «خطوة من هذا النوع لا يمكن أن تفسر سوى من باب الضغط على الحريري وعلى الجهة التي فوضته تكليف الحكومة أي الكتل النيابية».
حرب لـ «الأخبار»: الرسالة مفيدة إن ساعدت بحلّ الأزمة، وسلبية إن كانت تؤدي إلى خلق أزمة دستورية حرب لـ «الأخبار»: الرسالة مفيدة إن ساعدت بحلّ الأزمة، وسلبية إن كانت تؤدي إلى خلق أزمة دستوريحرب لـ «الأخبار»: الرسالة مفيدة إن ساعدت بحلّ الأزمة، وسلبية إن كانت تؤدي إلى خلق أزمة دستورية
ليست المرة الأولى التي يستعمل فيها الرئيس عون هذه الصلاحية. فعلها قبلاً حين طالب بإعادة النظر بمضمون المادة 49 من قانون الموازنة المتعلّقة بمنح إقامة لكلّ عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان. لكن طبعاً «هي سابقة لم تحصل بأن يعمد رئيس الجمهورية إلى توجيه رسالة يتحدث فيها عن تشكيل الحكومة، لأن تشكيل الحكومات في لبنان عادة ما يتطلب أشهراً طويلة، وقد كانت ظروف التشكيل تؤخذ في الاعتبار»، كما يقول الوزير والنائب السابق بطرس حرب . الأخير رأى في هذا التصرف (إن كان ما يقال صحيحاً) بأنه «مقاربة جديدة في التعامل مع تشكيل الحكومة». يقول لـ«الأخبار» إن «كل شيء متوقف على مضمون الرسالة». قد تكون مفيدة في حال «ساعدت على حلّ الأزمة، وحثت الكتل النيابية على أخذ مصلحة البلد في الاعتبار»، وقد تكون «سيئة إن كانت تؤدي إلى خلق أزمة دستورية».
في ظل هذه الأجواء، أعلن الحريري أمس أنه سيزور بعبدا قريباً (اليوم على الأرجح). واستبق الزيارة بتأكيده أنه ليس ملزماً بأي مهلة للتشكيل، وكأن بموقفه يقطع الطريق على أي تحرك رئاسي باتجاه مجلس النواب. وبالتزامن، أعلنت النائب ديما جمالي بأن الحريري سيطرح على عون صيغة جديدة لتأليف الحكومة، وأنه قد نقل إلى الكتلة أجواء إيجابية.
مجلس الأمن يحمي الحريري: مقدمة لما سيطلب من لبنان؟
تضغط المناوشات السياسية وتفعيل العلاقة مع سوريا على الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة. لكن مجلس الأمن بمطالبته بحكومة اتحاد وطني، أمّن له الغطاء الدولي. والسؤال ما هو الثمن وما هو مطلوب من لبنان (مقال هيام القصيفي)؟
مع تصاعد الكلام تدريجاً حول ملف العلاقات اللبنانية – السورية وإعادتها إلى طبيعتها عبر القنوات الرسمية، والتجاذب السياسي بين مؤيد ورافض، يتأرجح مسار تشكيل الحكومة.
منذ اللحظة التي بدأ فيها الكلام جدياً و«رسمياً» حول ملف العلاقات اللبنانية – السورية، جرت محاولات لاستطلاع ما وراء هذه المطالبة وتوقيتها، بعيداً من ملف النازحين السوريين والمبادرة الروسية. إذ إن ثمة جانباً أساسياً يتعلق بجوهر الخلافات الداخلية التي انطلقت من النظرة إلى هذه العلاقات، والرئيس سعد الحريري معني في شكل رئيسي أكثر من غيره من القوى المناهضة للنظام السوري والمطالبة بأن يكون للحكومة مجتمعة حق تقرير مصير مستقبل هذه العلاقات.
ولا يمكن أن يكون توقيت فتح هذا الملف بعيداً من الضغوط التي تمارس حالياً من أجل تأليف الحكومة، وتتركز في شكل أساسي على الحريري الذي لا يزال متريثاً في الإقدام على وضع التشكيلة التي يريدها فعلياً على الورق، وطرحها أمام رئيس الجمهورية.
ووسط كم العراقيل التي تقف مانعاً أمام تشكيل الحكومة، ثمة سؤال طرح في الأيام الأخيرة عن تفعيل العلاقة مع سوريا. هل هذا التوقيت، يتعدى معالجة النزوح السوري، ويهدف من ضمن حملة التصعيد الداخلي ضد الحريري وصلاحياته، إلى إحراجه فإخراجه. والسؤال له تتمة، هل المطلوب إخراج الحريري من الحكومة العتيدة، ومعه القوى السياسية التي يتضامن مع مطالبها في الحكومة، كالحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، وكلاهما معروف موقفه من النظام السوري. هذه الأسئلة ترتبط بجملة وقائع تدرجت منذ الانتخابات النيابية وصولاً إلى الجو التصعيدي منذ أن بدأ الحريري يرسم معالم مختلفة عن تلك التي وضعتها التسوية الرئاسية.
يستعيد سياسيون الكلام الذي قاله قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بعد الانتخابات النيابية عن فوز الأكثرية التابعة لحزب الله في المجلس النيابي وعن «حكومة المقاومة» كما أسماها. ومن ثم توالي الضغوط لتأليف الحكومة من دون الأخذ برأي القوى السياسية كلها التي فازت في الانتخابات، وصولاً إلى فتح ملف العلاقات اللبنانية – السورية. صحيح أن هذا الملف موضوع على الطاولة كما أنه من الصحيح أن الحريري كان سيضطر عاجلاً أم آجلاً إلى مقاربته، وسيكون في وقت من الأوقات مادة نزاع سياسي بين طرفين متناقضين في الرؤية لدور سوريا والنظام السوري. لكن تسريع طرح المشكلة، بعد سلسلة إشكالات مع الحريري، هو الذي طرح علامة الاستفهام. فهل يراد منه الدفع في اتجاه حكومة أكثرية من التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائهما، فلا تكون القوى المعارضة للنظام السوري فيها. وبذلك يترجم العهد ما قاله سليماني بحرفيته؟
يزيد من وطأة هذه الأسئلة أن حزب الله المعني أولاً وآخراً بتشكيل الحكومة، لم يتصرف علانية ولم يظهر بعد أنه يدفع في اتجاه إنتاج هذا النوع من الحكومات التي سبق أن عمل عليها مع الرئيس نجيب ميقاتي. والغموض الذي يكتنف موقف الحزب الذي لم يتحرك عملياً لتذليل العقد الوزارية الداخلية، يقابله ترجيح بأن الحزب وسط التجاذب الإقليمي والدولي حول سوريا وإيران، يتمهل في خطوة حادة من نوع تشكيل حكومة أكثرية. إذ إنه يعرف تماماً مدى خطورتها وانعكاساتها عليه وعلى لبنان، خصوصاً مع تنامي الدور الروسي في المنطقة والتقاطع الإيراني – الروسي في ضرورة خفض التوتر.
وقد جاء موقف مجلس الأمن ليعكس من جهته الجانب الدولي الذي يضع مجدداً خريطة طريق لمسار الوضع اللبناني الداخلي. ففي وقت تمارس الضغوط على الحريري داخلياً وتعود صورة التوتر السوري – اللبناني إلى الواجهة، يطالب مجلس الأمن بحكومة اتحاد وطني. علماً أن الحريري نفسه في مواجهته لحملة التضييق عليه حكومياً، يصر على تشكيل حكومة اتحاد وطني، رابطاً بينها وبين نتائج مؤتمر سيدر والإصلاحات الاقتصادية.
وربط حكومة الوحدة الوطنية بواجهتين دوليتين، كمجلس الأمن وسيدر، يعكس أمرين. الأول، له صلة مباشرة بالحريري إذ إنه يرفع مظلة دولية سياسية واقتصادية فوقه، ويؤمن له الحماية وسط حملة كثيفة من الشروط التي توضع عليه. وهذا الأمر ليس بسيطاً، خصوصاً أن الحريري يعمل على استعادة موقعه سعودياً، بحماية دولية. أما النتيجة الثانية، فهي أن تفعيل الحماية الدولية للوضع اللبناني، في ظل الترتيبات التي تشهدها المنطقة انطلاقاً من سوريا والدور الإيراني، قد يكون مقدمة لما سيطلب من لبنان دولياً. فكأن ثمة ما يحضر دولياً على مستوى المنطقة… وعلى لبنان أن يكون حاضراً كي يغطيه. وهذه التغطية لا تتأمن إلا على مستوى حكومة اتحاد وطني تتشارك فيها كل الأطراف والقوى السياسية. لأن أي حكومة أكثرية من جانب واحد لا تستطيع بظروفها وتركيبتها أن تلبي شروط المجتمع الدولي للتسويات المطلوبة.
الحصرية الجنبلاطية الوزارية: الميثاقية مهددة بالاستقالة أو الاعتكاف
لا جديد حكومياً باستثناء التفاؤل الذي أبداه الرئيس المكلَّف سعد الحريري قبل سفره، وأعاد تكراره من أوروبا، ومن ثم بعد عودته إلى بيروت، أمس، لكنه وحده يعلم سبب تفاؤله (مقال داود رمال)
ما سُجِّل في الأيام الأخيرة هو نقيض «التفاؤل المفرط» لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لا بل يصحّ القول إن الأمور تزداد تعقيداً مع ارتفاع وتيرة التخاطب الكلامي، ولا سيما على الجبهة الدرزية، بعدما جدد الحزب التقدمي الاشتراكي رفضه لأي تسوية خارج تسمية رئيس الحزب وليد جنبلاط للوزراء الدروز الثلاثة، بلا شريك له، ومع الحملة غير المسبوقة التي يشنّها رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان على جنبلاط، والتي بلغت للمرة الأولى حدّ التناول الشخصي ونبش أوراق الحرب الأهلية والبيت الدرزي.
وعلى جبهة حزب القوات اللبنانية، رفع وزير الإعلام ملحم رياشي سقف مطالب معراب، بتأكيده أن «القوات» لن تقبل بأقل من خمسة وزراء، ربطاً بنتائج الانتخابات النيابية وقراءة قيادة التيار الوطني الحر لهذه النتائج. أما النواب السُّنة من خارج تيار المستقبل، فهم يتمسكون بموقفهم بتأكيد أحقيتهم بالتمثيل في الحكومة. لذلك، كان طبيعياً أن يجد الحريري بعد عودته، أمس، التعقيدات نفسها التي كان على بيِّنة منها منذ اليوم الأول للتكليف.
وإذا كان ملف القوات اللبنانية رهن قدرة الحريري على إجراء «صولد» سياسي معها (خفض العدد من خمسة وزراء إلى أربعة وزراء وبلا أية حقيبة سيادية)، يصرّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تمثيل كل المكونات الدرزية، والسبب ــ وفق زوار بعبدا ــ «أن الحكومة يجب أن تكون نتيجة طبيعية للإفرازات التي أنتجتها الانتخابات النيابية، بعدما أعطى قانون الانتخاب وفق قاعدة النسبية مجالاً لتمثيل أوسع مما كان عليه وفق قاعدة الأكثري، وبالتالي لماذا نؤلف حكومة وفق الأسس التي كانت تتشكل عليها الحكومات السابقة التي كانت تعكس نتيجة الانتخابات وفق الأكثري؟».
ويوضح زوار بعبدا أنه استناداً إلى قاعدة الأكثري «كان من يحصل على أكثر من خمسين في المئة يفوز بكل المقاعد النيابية والوزارية، ومن يحوز ما دون ذلك يخسر بالكامل، وبالتالي كانت الحكومات تعكس هذا الواقع المشوَّه. أما إذا استندنا إلى قاعدة النسبية، فقد تغيّرت الأمور وتمثّلت فئات لم تكن تتمثل قبلاً، وحصل توزيع عادل أكثر من السابق، وبالتالي على الحكومة الجديدة أن تكون صورة مصغرة عن هذا التمثيل، أي تمثيل المكوَّنات الدرزية، كما ارتضى المسيحيون بتمثيل كل المكونات، أقله من حاز كتلة من أربعة نواب وما فوق، ومن يتذرع بالواقع الشيعي المختلف، فالجواب البديهي أن النواب الشيعة كانوا نتيجة ائتلاف حزب الله وحركة أمل باستثناء نائب جبيل الشيعي».
ويشير زوار بعبدا إلى نقطة أساسية في مسألة حصرية التمثيل الدرزي، إذ إنه عندما يحتكر جنبلاط الوزراء الدروز الثلاثة، يصبح بإمكانه تهديد مجلس الوزراء في أي لحظة بالتعطيل، ليس بالضرورة نتيجة خلاف مع رئيس الجمهورية، بل ربما نتيجة خلاف مع رئيس الحكومة أو بسبب مطالب يريدها داخل مجلس الوزراء أو أمور يرفض إمرارها. وإذا استقال الوزراء الثلاثة أو اعتكفوا أو علقوا مشاركتهم، يفقد مجلس الوزراء القاعدة الميثاقية المعمول بها لجهة تمثيل كل الطوائف، وهذا ما حصل سابقاً، لذلك لا يمكن إلغاء تمثيل المكونات الدرزية الأخرى، خصوصاً أن القاصي والداني يعلم أن هناك خطاً يزبكياً وخطاً جنبلاطياً، وهما الأساس في تركيبة الطائفة الدرزية وتمثيلها في لبنان».
ويلفت زوار بعبدا إلى أنه «لا بد من مخرج لتمثيل النواب السُّنة خارج تيار المستقبل، لأن الحريري لا يريد الاعتراف بتمثيلهم، وهناك مخارج مطروحة للبحث والتوافق. أما القوات اللبنانية، فإن آخر عرض قُدِّم لها، هو حصولها على أربعة وزراء، ذلك أن تمثيلها بخمسة وزراء يعني سقوط قاعدة أن لكل أربعة نواب وزيراً، في المقابل، سينسحب تمثيل كل كتلة من ثلاثة نواب بوزير على حزب الكتائب والحزب القومي، ومن غير المستبعد أن يشكل النائب ميشال المر كتلة من ثلاثة نواب مع آخرين ليستحق وزيراً». وعلمت «الأخبار» أن جنبلاط سيعقد اليوم اجتماعاً لنواب كتلة اللقاء الديموقراطي، ويوجّه بعده رسائل تصعيدية.
اللواء
الحريري قبل زيارته بعبدا: الحكومة أولوية ولا مُهلة للتأليف
« المال» تحذِّر من العودة إلى القاعدة الإثنى عشرية .. والموفد الروسي غداً في بيروت
قبل ان يزور الرئيس المكلف سعد الحريري قصر بعبدا، قبل نهاية الأسبوع، وثمة معلومات رشحت ان تكون الزيارة اليوم, أعلن، على نحو قاطع «لست ملزماً بأي مهلة لتقديم مشروع حكومة وبالتالي فإن العملية تخضع لمسارات عملية، وليس لتحكم زمني أو أية مهلة، مع ان الأولوية هي لتأليف الحكومة».
على الضفة الرئاسية، ترقب وتحذير وانتظار، وعدم حصر المراوحة بلعبة الحصص والتحالفات المسهلة أو المعطلة، بل تأشير على أسباب إقليمية – دولية تغطي مرحلة المراوحة وما شاكل..
والأبرز في المواقف، ما أعلنه النائب جورج عدوان من عين التينة، ان هناك رئيساً مكلفاً «هو من لديه المهمة الأولى ليعرض الحكومة التي يرى انها تجد الإجماع أو التفاهم الوطني العريض، لأننا لا نتحمل في هذا الظرف سوى وجود حكومة تضم تفاهماً وطنياً عريضاً»، ناقلاً عن الرئيس برّي انه يدعم ان يقدم الرئيس الحريري تصوراً للتفاهم الذي يراه أنه ينقذ لبنان ويشكل الحكومة..
واستبعد فكرة تجاوز الرئيس المكلف، وهو لديه «دعمنا ودعم رئيس المجلس، وهناك تمسك من رئيس المجلس ومنا بالدستور الذي يعطيه الصلاحية مع فخامة الرئيس»..
«عنق الزجاجة»
ومع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، تحرّكت اتصالات تشكيل الحكومة، وسجل على هذا الصعيد لقاء في منزل الوزير غطاس خوري ضمه والوزير ملحم رياشي عن «القوات اللبنانية» والنائب وائل أبو فاعور عن الحزب الاشتراكي، فيما كان لافتاً للانتباه، موقفان بارزان اوحيا ان مسألة التأليف ما تزال عالقة في «عنق الزجاجة» على حدّ تعبير النائب عدوان بعد لقائه الرئيس برّي.
الموقف الأوّل أعلنه الرئيس الحريري، حين أكّد انه «ليس ملزماً بأي مهلة»، وأنه «لم يضع لنفسه أي مهلة للتأليف»، وهذا يعني عملياً ان مهلة الأسبوع أو الأسبوعين التي حددها قبل سفره إلى مدريد ولندن، لم تعد واردة في حسابات الرئيس المكلف.
اما الموقف الثاني، فهو التحذير الذي اطلقه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، من انه إذا لم تشكّل الحكومة هذا الشهر، فسنكون امام مشكلة على صعيد الموازنة، وبالتالي العودة إلى الاتفاق على القاعدة الاثني عشرية.
ولم يشأ الرئيس الحريري أيضاً ان يحدّد لنفسه موعداً لزيارة قصر بعبدا، وان كان أكّد في دردشة مع الصحافيين، على هامش الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» النيابية في «بيت الوسط» انه سيزور رئيس الجمهورية قريباً، مشيراً إلى انه يتابع اتصالاته في ملف تأليف الحكومة.
ولا تستبعد مصادر في «القوات اللبنانية» ان يطرح الرئيس الحريري، خلال زيارته المرتقبة إلى قصر بعبدا، تصوراً لصيغة حكومية للتفاهم عليها مع الرئيس عون، وقالت ان هذا التصور يقوم على إعطاء «القوات» أربع حقائب، في مقابل عشرة مقاعد للفريق الرئاسي، أي تكتل «التيار الوطني الحر» مع حصة رئيس الجمهورية، وحقيبة واحدة «للمردة»، ويلحظ أيضاً ثلاثة مقاعد للحزب الاشتراكي يسميهم رئيسه وليد جنبلاط.
ونقل النائب عدوان عن الرئيس برّي بأنه يدعم بأن يقدم الرئيس الحريري تصوراً للتفاهم الذي يراه ممكناً لإنقاذ لبنان وتشكيل حكومة. وقال: نحن ننتظر في الأيام المقبلة ان يحصل هذا الأمر، ونقدم له كل التسهيلات الممكنة، مشدداً على ان المهمة الأساسية عند الرئيس المكلف هي تأليف الحكومة، وهذا الدور لا يمكن ولا أحد منا يريد تجاوزه، ويجب الا يفكر أحد ان هناك إمكانية لا اليوم ولا غداً ولا بعده بمدة طويلة لتجاوزه في تأليف الحكومة.
ونفى عدوان وجود تدخلات خارجية في تأليف الحكومة، مؤكداً ان الرئيس برّي علم بذلك أيضاً، كاشفاً بأن رئيس المجلس عدل عن عقد جلسة تشاورية نيابية تخفيفاً للضغط على الحريري.
اما كتلة «المستقبل» التي أكدت ان تشكيل الحكومة حاجة وطنية توجبها التحديات الاقتصادية والتطورات الإقليمية المتسارعة، وفي مقدمتها عودة النازحين السوريين، فقد لفتت إلى ان «التنسيق والتشاور القائمين بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يشكلان الرافعة الأساس لعملية تشكيل الحكومة، وان تعاون الأطراف السياسية على تدوير الزوايا وتقديم التنازلات المتبادلة من شأنه ان يعطي دفعاً قوياً لهذه الرافعة، وينهي دوّامة التجاذب حول الحصص الوزارية وتوزيعها».
وتوقفت الكتلة أمام «بروز بعض الأصوات النشاز المطالبة بإلغاء المحكمة الخاصة للبنان التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه». ورأت في هذه المطالبة «دليلا قاطعا على أن المحكمة قد قطعت شوطا كبيرا في إظهار الحقيقة وإحقاق الحق في هذه القضية الوطنية الكبرى». وذكرت أن «المحكمة هي من ضمن قرارات الشرعية الدولية التي يلتزم بها لبنان التزاما كاملا»، محذرة من أن «العودة إلى التشكيك بها وبعملها تفتح الباب أمام عودة مرحلة الإنقسام العمودي وما رافقها من فتن، وهي مرحلة تخطاها اللبنانيون بحكمة الرئيس سعد الحريري ومبادرته الشجاعة، لحفظ الأمان والاستقرار في لبنان».
اتصالات لبنانية – روسية
وكانت الكتلة اشادت في بيانها «مسارعة الرئيس الحريري إلى التواصل مع القيادة آلروسية بشأن عودة النازحين السوريين، ورأت في مساعيه «ترجمة صادمة للموقف الثابت بأن المصير الحتمي للنازحين هو العودة إلى سوريا، وان هذه العودة يجب ان تتم بضمانات دولية تحفظ للنازحين العائدين أمنهم وكرامتهم».
اما الرئيس الحريري، فقد لفت الانتباه إلى ان الروس والاميركيين هم من قرروا عودة النازحين وليس النظام السوري، مشيراً إلى ان التنسيق لإعادة النازحين قائم بالطريقة المعروفة، في إشارة إلى الدور الذي يضطلع به الأمن العام اللبناني في هذا السياق، والذي أكّد انه «يتكامل مع الضمانات الدولية وكل جهود إنهاء مأساة النزوح السوري»، في حين أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ان «الامن العام هو الممر الاجباري لحل قضية النازحين».
وبحث الرئيس المكلّف في بيت الوسط هذا الموضوع مع القائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف ومساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وخلال اللقاء ابلغ ماسودوف الرئيس الحريري بوصول ممثل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الاسبوع الى بيروت لمناقشة واستكمال البحث في الموضوع.
وقال مصدر شارك في الاجتماع أن «الوفد الروسي الرفيع المستوى سيصل الى بيروت غداً الخميس ويضم مبعوث الرئيس الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، الى جانب ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، وسيجول على الرؤساء.
وتعقيباً على التطورات الخاصة بملف النزوح السوري، وما رافقها من تفسيرات وتأويلات، نوّه الرئيس الحريري في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي «بالجهود الدولية التي تعمل على تأمين عودة النازحين السوريين الى ديارهم. وهو يتابع في هذا الشأن المقترحات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، وتجري مناقشتها مع الادارة الاميركية، في ضوء النتائج التي أسفرت عنها قمة هلسنكي بين الرئيسين الاميركي والروسي»، وهو يترقّب خريطة الطريق التي اعدتها وزارة الدفاع الروسية، متطلعاً لأن يُشكّل التنسيق مع الادارة الأميركية والأمم المتحدة وسائر الجهات المعنية جهداً جدياً لمعالجة أزمة النزوح.
وفي ما يشبه الرد على السباق الرئاسي لقطف ثمار المبادرة الروسية، شدّد الحريري في بيانه، على أن دوره في ملف عودة النازحين، توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً ادراج هذا الدور في خانة بعض المزايدات والسباق السياسي المحلي على مكاسب إعلامية وشعبوية لا طائل منها، موضحا انه لا يخوض في هذا المجال السباق مع أحد، بل هو يسابق الزمن لمساعدة الاشقاء السوريين على توفير مقومات العودة الآمنة والسريعة الى ديارهم، ورفع أعباء النزوح الاجتماعية والاقتصادية عن كاهل المجتمع اللبناني».
زاسبيكين لرئاسة إعادة النازحين
وفي تطور جديد حول الموضوع، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، انّ «سفير روسيا لدى لبنان الكسندر زاسبكين الموجود في موسكو سيرأس مركز إعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى ديارهم».
وقال رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف امس،، بأنه أصدر تعليماته للعمل مع الجانبين الأردني واللبناني حول مسألة إنشاء مركز عمليات مشترك يعمل على مدار 24 ساعة لنقل اللاجئين إلى سوريا.
واضاف ميزينتسيف في اجتماع مركز تنسيق وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين لعودة اللاجئين: يتم العمل على الأرض مع الجانبين الأردني واللبناني حول مسألة إنشاء مركز عمليات مشترك على مدار 24 ساعة لنقل اللاجئين إلى سوريا. يجب أن تكون نتيجة عمل مجموعات العمل العليا تطوير خطط مفصلة لحركة اللاجئين من أراضي الأردن ولبنان. وأكد ميزينتسف أن «مراكز العمليات ستكون جاهزة للعمل في الأردن ولبنان يوم 30 تموز».
وقال ميزينتسيف موجها حديثه إلى ممثل وزارة الخارجية نيكولاي بورتسيف: في المرحلة الأولى، سأطلب من سفيرينا لدى الأردن ولبنان، لأن يقودا شخصياً أعمال مركز العمليات المشتركة لنقل اللاجئين إلى سوريا».
وآخذاً في الاعتبار أن غالبية اللاجئين لا يملكون المال اللازم للسفر عن طريق النقل الجوي والبحري، أصدر ميزينتسيف تعليمات لتحديد الطريقة الرئيسية لنقل المواطنين السوريين عن طريق البر. وفي الوقت نفسه، لفت الانتباه إلى ضرورة الموافقة الطوعية من المواطنين على العودة إلى سوريا. (وكالة سبوتنيك).
واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، «أن المبادرة الروسية الأخيرة بشأن إنشاء مركز لتنسيق عودة اللاجئين السوريين تمثل خطوة مهمة من شأنها أن تخفف من مأساة الشعب السوري، مشيرا إلى أنها قد تكون بداية للحلول العملية في هذا الإطار».
وقال المرعبي، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية:نعتبر إن المبادرة الروسية « استكمالا للمرحلة السابقة من مناطق خفض التصعيد، وهي مبادرة جيدة جدا، ونعوّل عليها كثيرا، خصوصا أن ضمان الأمن للعائدين من قبل قوى عظمى مثل روسيا والولايات المتحدة يطمئن النازحين كثيرا، لافتا إلى أنها تشكل مصدر طمأنينة للدولة اللبنانية أيضا بشأن ضمان أمر العائدين».
احتجاجات بريتال
في غضون ذلك، تفاعلت المداهمات التي نفذها الجيش في بلدة الحمودية القريبة من بريتال البقاعية، والتي أسفرت عن قتل ما وصف بأنه «أكبر واخطر تجار المخدرات» علي زيد إسماعيل الملقب بـ«اسكوبار البقاع»، حيث نفذ أهالي بريتال تهديداتهم بقطع طريق البلدة والطرق الرئيسية المؤدية إليها، احتجاجاً على ما اسموه استهداف مدنيين في المداهمات، مطالبين قيادة الجيش بتحقيق شفاف حول ملابسات ما جرى في هذه المداهمات.
وعمد الأهالي منذ الصباح إلى قطع الطرق باشعال الدواليب، واطلقوا هتافات احتجاجية ضد الأحزاب في المنطقة، ولا سيما «حزب الله» وحركة «أمل»، فيما انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة من الشبان يحرقون راية لـ«حزب الله» وأخرى لحركة «أمل»، إلا ان وحدات الجيش تدخلت وعمدت على فتح الطريق الدولية عند مفرق بريتال لجهة الحمودية امام السيّارات المتجهة من البقاع الشمالي باتجاه زحلة، في مقابل وعد من الجيش بتسليم جثامين القتلى، فانسحب المحتجون من الطرقات، على ان يتم تشييع القتلى قبل ظهر اليوم في البلدة، ورفع آل إسماعيل لافتة عند مدخل الحمودية اعلنوا فيها اعتذارهم عن استقبال ممثلي الأحزاب والدولة لأنهم شركاء في الجريمة».
في المقابل، أوضحت مصادر عسكرية، ان العملية تمّ التحضير لها في اضيق إطار تجنباً لوقوع ضحايا وابرياء، وكشفت ان القوة التي دهمت منزل إسماعيل بعد فرض طوق أمني استخدمت سلاحاً فردياً واطلقت النار على من استهدف عناصرها مباشرة بعدما خاطبتهم عبر مكبرات الصوت بوجوب تسليم أنفسهم، فلم يمتثلوا ومن بين هؤلاء والدة اسماعيل التي تواجدت في المكان كما سائر المطلوبين.
ووصفت المصادر العملية «بالانظف» و«الاقل تسجيلاً للخسائر في الارواح»، إذ ان خمسة من القتلى الذين تمّ التعرف على جثثهم من بين ثمانية ثبت انهم من المتورطين والمطلوبين الخطرين، وان زوجة إسماعيل التي تمّ توقيفها خلال المداهمات أطلق سراحها مساءً بعد التحقيق معها احتراماً للمعايير الإنسانية.
البناء
تحرُّش «إسرائيلي» بإسقاط طائرة سوخوي سورية… بعد العرض الروسي لشروط فكّ الاشتباك
الجيش السوري يقترب من إنجاز سياديّ كبير جنوباً ويستعدّ للتوجه شمالاً
«القومي» يُطلق مبادرة وطنية لعودة النازحين تبدأ بهيئة برلمانية مشتركة
فتحت حكومة الاحتلال منصة الرسائل العسكرية منذ قمة هلسنكي والتفاهمات التي لم تجلب لها ما طلبت لجهة مخرج يحفظ ماء الوجه، وتستطيع تقديمه كإنجاز أمني يغطي هزيمة المشروع الذي استثمرت عليه لتدمير الدولة السورية، وتفتيت جغرافيتها واقتطاع جزء منها كحزام أمني وتتمة لمشروعها بضمّ الجولان المحتلّ، وحلمت بالحصول على انسحاب إيران وحزب الله من سورية لتصوير انتصار سورية على مشروع الحرب واستعادة الدولة لسيادتها على كامل الجغرافيا السورية التي استهدفها العبث الدولي والإقليمي، بصفته مجرد صفقة كانت «إسرائيل» جزءاً منها، بل العراب الرئيس لها، ووجدت ضالّتها بالعودة الانتقائية لبنود فك الاشتباك المعمول به منذ العام 1974 والذي أسقطته حكومة الاحتلال علناً، لاستبداله بقواعد اشتباك تتضمن إطلاق اليد لاعتداءاتها على كامل الجغرافيا السورية وإنشاء حزام أمني على حدود الجولان، ولما لم تلقَ دعواتها آذاناً صاغية من الحكومة السورية التي واصلت بصمت عملياتها لتحرير الجنوب السوري من سيطرة الجماعات التي رعتها وشغلتها حكومة الاحتلال، ذهب رئيس حكومة الاحتلال مراراً إلى موسكو أملاً بالحصول على مبتغاه، ولما فشل راهن على قمة هلسنكي، ولما فشل، وجاءه العرض الروسي بمفهوم فك الاشتباك الأصلي، لجهة وقف الانتهاكات للسيادة السورية جواً وبراً، وفتح ملف الانسحاب من الجولان وفقاً للقرارات الأممية 242 و338 التي تشكل سند اتفاق فك الاشتباك، ومن دون المقابل المرتجى بانسحاب إيران وحزب الله، بدأت الرسائل العسكرية «الإسرائيلية» للتلويح بأنّ خطر التصعيد سيورّط الجميع ما لم يتمّ الوقوف على المطالب «الإسرائيلية». وفي هذا السياق كانت الغارة على مصياف وجاءت أمس، عملية إسقاط طائرة سوخوي سورية كانت تقوم بقصف أهداف تنظيم داعش في منطقة اليرموك جنوب غرب سورية، لكن ارتباك حكومة الاحتلال يزداد مع مضيّ الجيش السوري في عملياته وصولاً لتحرير كامل الجنوب السوري إلى نقاط انتشار الجيش السوري عام 2011، ومع احتمالات ردّ مؤلم على التحرّشات يأتي بالجملة وليس بالمفرّق، كما كانت ليلة الصواريخ الطويلة في الجولان، فيما يستعدّ الجيش السوري للتوجّه شمالاً مع المعارك التي تحرّكت إشاراتها الأولى في محاور ريف اللاذقية الشمالي، المتصل بمنطقة جسر الشغور وبأرياف إدلب، وحيث تنتشر جماعات جبهة النصرة وداعش.
لبنانياً، وفي إطار خطة متكاملة لإطلاق مشروع شعبي وسياسي لاحتضان ورعاية عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي دعمه لمبادرات رئيس الجمهورية الخاصة برعاية العودة، معلناً عن مشروعه للعودة في اجتماع عقده رئيس الحزب حنا الناشف ورئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، في «دار سعاده الثقافية الاجتماعية» – ضهور الشوير للهيئات المسؤولة في لبنان، ويتضمّن المشروع تشكيل هيئة نيابية لبنانية سورية تشكل الكتلة القومية في المجلسين نواتها، داعياً الكتل النيابية للمشاركة فيها، وتوجّه الحزب لرئيس المجلس النيابي نبيه بري لتلقف الدعوة وقيادتها، كاشفاً عن خطة إعلامية تعبوية متعدّدة الوسائل تحت شعار «شكراً لبنان… أنا عائد إلى بلدي… إلى سورية».
أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي من «دار سعاده الثقافية الاجتماعية» – ضهور الشوير، عن خطة عمل للمساهمة في عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم، وذلك خلال اجتماع للهيئات المسؤولة في لبنان مع رئيس الحزب حنا الناشف ورئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان.
وأكد الناشف أن «المسألة الفلسطينية هي المحور الأساسي لقضية الأمة السورية»، معتبراً أن «ما حصل على أرض فلسطين لا ينفصل عما يجري اليوم على أرض الشام وما تتعرّض له سورية من هجوم كوني ممنهج». وقال: «نحن نؤيد حق عودة كل مواطن اضطرته الحرب إلى النزوح، وسنساهم في دعم إعادة النازحين خاصة أننا أكثر حزب قادر على ذلك لكوننا موجودين في الكيانين اللبناني والشامي وفاعلين على الأرض وفي نسيج المجتمع بقوة، لأننا حزب لا طائفي ولا عرقي. ومن هنا نبدأ بورش عمل جادة ومدروسة وعلمية لتسهيل عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم ومدنهم ونطلق خطة في هذا الخصوص».
بدوره، عرض حردان لخطة العمل قائلاً «نقدّم برنامجاً متكاملاً وآلية تنفيذية لعودة النازحين وخلال الأيام المقبلة سنعقد لقاءً إعلامياً بهذا الخصوص»، مشيراً إلى أن خطتنا تفاعلية وداعمة لموقف رئيس الجمهورية والقوى التي تشاركنا التوجّه والهدف تنسيق كل الجهود في سبيل إيجاد الحلول الناجعة لقضية النزوح. ودعا الى تشكيل هيئة نيابية لبنانية ـ سورية نواتها الكتلة القومية الاجتماعية في المجلسين بالاشتراك مع وزراء في الحكومتين والأمن العام اللبناني والأجهزة المختصة السورية لتتولى مجتمعة هذه المسؤولية بما خصّ عودة النازحين، متمنياً على رئيس مجلس النواب اللبناني تبنيها.
وحدّد حردان آلية تقتضي دراسة مستلزمات البرنامج ومنهجه على نحو علمي وإقراره مسبقاً ابتداء من تسميته مروراً بمراحله التنفيذية وصولاً إلى إنجازه وذلك عن طريق الاستعانة بالخبراء وأصحاب الاختصاص على أن يعتمد البرنامج المعطيات والأساليب العلمية كالزيارات الميدانية والجداول الإحصائية والتوثيق والحملات الإعلانية والإعلامية والتعبوية، وبرنامج خاص على محطات إذاعية وتلفزيونية هدفها الترويج والسعي لعودة النازحين، واللقاءات المباشرة والاجتماعات الخاصة، محملاً «قوى ومنظمات دولية ودولاً إقليمية وعربية وقوى محلية المسؤولية عن هذه المشكلة»، لافتاً إلى أن «مخيمات النزوح أقيمت في عدد من الدول مع بداية الحرب الإرهابية على سورية».
وشدّد على «حق الدولتين اللبنانية والسورية المطلق باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة النازحين إلى بلادهم، لأن هذا الأمر فعل انسيابي لكل من الدولتين تكفله القوانين الداخلية والمواثيق الدولية».
وقال: نحن وضعنا عنواناً لهذا المشروع «شكراً لبنان أنا عائد إلى بلدي، إلى سورية». وهذا الشعار يُسهم في خلق جو تعبوي لمواجهة ما تصدّع ، وليشعر من كل مواطن سوري أنه نزح إلى لبنان بشكل مؤقت وليشعر اللبنانيون أن هذا المواطن السوري قد حمل الجميل وأنه عائد إلى بيته بكرامته وعنفوانه واعتزازه ببلده.
ملف النازحين يتحرّك رسمياً
ويبدو أن مفاعيل القرار الأميركي الروسي بحلّ أزمة النزوح بدأت تتظهّر على الساحة الداخلية في لبنان، وفي أول لقاء لبناني روسي رسمي على صعيد تنفيذ الخطة الروسية لإعادة النازحين، التقى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في بيت الوسط القائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف ومساعد الملحق العسكري دينيس خيتريى، بحضور مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وخلال اللقاء أبلغ ماسودوف الحريري بوصول ممثل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الأسبوع الى بيروت لمناقشة واستكمال البحث في الموضوع.
لكن يبدو أن الرئيس الحريري لم يهضم المقترح الروسي الذي سيجد طريقه للتنفيذ بالتواصل مع الحكوم السورية في نهاية المطاف، وللتغطية على هذه الحقيقة الواقعية، واصل هجومه على الدولة السورية في مؤشر سلبي في ظل المساعي لتأليف الحكومة الجديدة، وقال الحريري: «لفتني كيف أن الروس والأميركيين هم مَن قرروا عودة النازحين وليس النظام السوري، أما التنسيق لإعادة النازحين فهو قائم بالطريقة المعروفة».
وقالت مصادر دبلوماسية لـ «البناء» إن «الاتفاق الأميركي – الروسي الذي انبثق عن قمة هلسنكي شكل الغطاء الدولي لإعادة النازحين السوريين في لبنان والأردن، ما يعني وجود قرار دولي لحل هذه الأزمة المزمنة في المنطقة»، مشيرة الى أن «هذا القرار يجب أن يشكل فرصة ثمينة للبنان عليه أن يستغلها لحل أزمته التي انعكست سلباً على جميع نواحي الحياة فيه». لكنها أشارت الى أن «اللجنة التي ستتشكل بين روسيا ولبنان والأمم المتحدة ستعمل بالتعاون مع الحكومة السورية»، ولفتت الى أن «سبب التحول الدولي بمسألة النازحين جاء نتيجة التطوّرات العسكرية في سورية منذ سنوات بعد أن اقتنعت الولايات المتحدة وحلفاؤها بعدم جدوى استمرار الحرب العسكرية في سورية»، لكنها أوضحت أن «البصمات الأميركية في بيان مجلس الأمن الأخير حول لبنان واضحة وتظهر التدخل الأميركي للضغط على حزب الله وإيران لمصلحة «اسرائيل» وأمنها في المنطقة وتحاول أميركا الضغط على روسيا بتبني موقفها بإبعاد ايران وحزب الله مسافة مئة كلم عن الحدود مع الجولان». وحذرت المصادر من تصاعد وتيرة الضغط على حزب الله وإيران طالما لم ترضَ «إسرائيل» بشكل كامل بالتسوية الروسية الأميركية في الجنوب السوري».
وأكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل أن «الخارجية اللبنانية باشرت اتصالاتها بالخارجية الروسية من أجل التنسيق في موضوع تشكيل اللجنة المشتركة الخاصة بإعادة النازحين السوريين، وذلك قبل سفره الى الولايات المتحدة الأميركية، حيث يشارك هناك في المؤتمر الدولي حول حرية الأديان.
وأشار باسيل إلى أنه سيبحث موضوع اللجنة المشتركة خلال لقاءاته في واشنطن مع مسؤولي اللجان بالخارجية الأميركية لافتاً إلى أنّه، وإذا تسنى له سيبحث الموضوع مع وزير الخارجية الأميركي بومبيو».
إلى ذلك، وبعدما أثارت خطوة الحريري بإيفاد مستشاره إلى موسكو لإقناع روسيا بأن تكون الضامنة لعودة النازحين حفيظة بعبدا، أصدر المكتب الإعلامي للحريري بياناً أكد فيه أن «دور الرئيس المكلّف في ملف عودة النازحين»، توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً إدراج هذا الدور في خانة بعض المزايدات والسباق السياسي المحلي على مكاسب إعلامية وشعبوية لا طائل منها. فالرئيس الحريري لا يخوض في هذا المجال السباق مع أحد، بل هو يسابق الزمن لمساعدة الأشقاء السوريين على توفير مقومات العودة الآمنة والسريعة الى ديارهم، ورفع أعباء النزوح الاجتماعية والاقتصادية عن كاهل المجتمع اللبناني»، لافتاً إلى أن «الرئيس الحريري يؤكد أهمية المهمات التي يضطلع بها الأمن العام اللبناني، بالنسبة الى تسهيل عودة النازحين، وتأمين خطوط العودة لكل من يطلبها على الاراضي اللبنانية، ويتطلع الى أن تتكامل هذه المهمات مع الضمانات الدولية وكل الجهود التي تتضافر في سبيل إنهاء مأساة النزوح السوري، في لبنان وسائر دول الجوار».
والتقى الرئيس بري في عين التينة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وعرض معه الوضع الأمني وموضوع عودة النازحين.
التأليف في دائرة المراوحة
وإذ لم تسجل حركة الرئيس المكلف العائد من لندن ما يوحي بتفعيل خطوط التواصل على خط تأليف الحكومة الذي لا يزال في دائرة المراوحة، أشار الرئيس المكلف أمس، الى انه سيزور رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا قريباً، لافتاً الى أنه يتابع اتصالاته بشأن تاليف الحكومة، وقال: «لم أضع أي مهلة للتأليف ولست ملزماً بها».
ونقل زوار الرئيس بري عنه لـ «البناء» استغرابه للمسار الذي يسلكه التأليف، مشيراً الى أنه «يبدو أن ظروف التأليف الداخلية لم تنضج بعد ولا مؤشرات في الأفق توحي بولادة قريبة للحكومة، متسائلاً عن سبب تأخر الرئيس المكلف عن تقديم تشكيلة أولية لرئيس الجمهورية. وقالت مصادر «البناء» إن «العقدة الأساس في التأليف تكمن في الصراع بين القوى السياسية على الأحجام من جهة وعلى الحصول على الثلث المعطل من جهة ثانية، أي صراع على التوازات السياسية داخل الحكومة، الى جانب توتر العلاقة على الساحة المسيحية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا سيما بعد تسريب مضمون اتفاق معراب وتعليق العمل به والتهديد بسقوط المصالحة».
وقد أوحى تصريح النائب جورج عدوان من عين التينة بُعيد لقائه رئيس المجلس بأن العقدة القواتية لم تحل حتى الآن، وأن الصراع على الحصص بين التيار والقوات هو سيد الموقف، وقال عدوان «لا يمكننا ربط الشأن الحكومي بالتدخل الخارجي، لأن ذلك ينافي الحقيقة، فالشأن الحكومي يقف أمام مشاكل تتعلق بأرقام ومطالب من الصعب تحقيقها ويجب العودة الى الأحجام الحقيقية التي انتجتها الانتخابات».
وقبيل سفره الى الولايات المتحدة غرّد باسيل غامزاً من قناة الرئيس سعد الحريري قائلاً: «أغادر لبنان لأيام وكلي أمل أن ينتهي الرئيس المكلّف سريعاً من قصة الأعداد والعدّ داخل الحكومة تثبيتاً لمعيار التمثيل العادل في نظامنا.. أغادر من اجل حرية الأديان، علّة وجود لبنان، كلي أمل ان ننتهي من قصة العدّ في لبنان والمنطقة تثبيتاً لتعدديتنا ورفضاً لأيّة أحادية دينية أو سياسية».
وحذّر وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل امام وفد من نقابة المحررين زاره اليوم من «أننا لا نملك ترف إضاعة الوقت حكومياً واذا لم نشكل الحكومة هذا الشهر فسنكون أمام مشكلة على صعيد الموازنة».