وجه رئيس الجمهورية ميشال عون إلى الرئيس السوري بشار الأسد، برقية تعزية بالشهداء الذين اغتالهم إرهابيو الدولة الإسلامية / داعش في محافظة ومدينة السويداء. يواسي رئيس لبنان، وكل لبنان، شعب سوريا وقيادة سوريا في مصابهم. يشاركهم حزنهم. هذا واجب قومي يعزز تيار الأخوة العربية. وهذا رد وطني على بُهْتان "السياسيين المحليين" وتخاذلهم أو تكاملهم مع جرائم قوى الإرهاب التكفيري. قبل السويداء، وكيف لا تذكرون، ألسنة البُهْتان تدجل على العامة بشأن ما جرى من جرائم إرهابية في "جبل السماق" بمحافظة إدلب. أمس، تكرر الدجل في "خطاب عبيه". أمس، مَثُلَ البهتان في "عبيه" على ساقين هزيلتين، ونفخ في بوق الفتنة …
البناء
ترامب يوافق على تلبية دعوة بوتين إلى موسكو… والكرملين يؤكد التواصل المستمر
ملامح الحلحلة الحكومية لا تزال عند العقدة الدرزية… ومساعٍ لتسوية يرضاها جنبلاط
14 آذار متمسّكة بالحصول على الثلث المعطل لمنع العلاقة اللبنانية السورية وفقاً لجعجع
بقي الإنجاز الأهم لقمة هلسنكي، الاختراق الذي حققه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجذب الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التموضع على ضفة التعاون في ملف النازحين السوريين بمعزل عن الحل السياسي، كمدخل للتطبيع السياسي والمالي مع الدولة السورية، ورغم مواصلة التنسيق الروسي الأميركي، وفقاً للكرملين، في ظل التعثر في ملف تطبيق فك الاشتباك في الجولان بسبب التصعيد الإسرائيلي، وتراجع الرئيس الأميركي عن دعوته للرئيس الروسي إلى البيت الأبيض في الخريف، بادر الرئيس الروسي لدعوة معاكسة لترامب لزيارة الكرملين بادر البيت الأبيض لقبولها، لكن رغم أهمية هذا الاختراق لم يتحقق أي اختراق موازٍ في لبنان. فصارت المبادرة الروسية عند بعض اللبنانيين الذين وقفوا ضد مبادرات إعادة النازحين التي أطلقها رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وحزب الله والتيار الوطني الحر، وتلك التي رعاها ونفّذها الأمن العام، مجرد مسعى روسي كرمى لعيونهم لتجنبيهم إحراج العلاقة المباشرة بالدولة السورية، ولم ينفع كلام الوفد الروسي في بعبدا لإفهامهم أن التعاون سيكون ثلاثياً روسياً سورية لبنانياً، وبعد مجزرة السويداء التي ارتكبها تنظيم داعش برعاية إسرائيلية مباشرة، كرسالة تعلن الحرب الأمنية على سورية، ولو نجحت في تطهير جغرافيتها العسكرية من الجماعات الإرهابية، للضغط من أجل تعديل شروط التفاوض مع روسيا حول شروط فك الاشتباك، ظهر بوضوح أن الفريق اللبناني المعادي لسورية متماسك، متمسّك بعدائيته، ويخوض المفاوضات الحكومية على خلفية هذا العداء. وهذا ما كشف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في حديثه لمجلة المسيرة، بقوله إن روح الرابع عشر من آذار لا تزال تجمع القوات وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، محدداً هذه الروح بالعداء للدولة السورية، مشيراً إلى تصدّي النائب السابق وليد جنبلاط ونواب تيار المستقبل لمبادرات وزير الخارجية في ملف النازحين نيابة عن القوات.
كلام جعجع أكدته مواقف جنبلاط العدائية ضد سورية في تأبين رمزي أقامه لشهداء مجزرة السويداء، وهو ما دفع مصادر متابعة للتساؤل عن خلفية التمسك بالثلث المعطل لمجموع قوى الرابع عشر من آذار في الحكومة المقبلة، ولو تمّ تجميع الحصص بالمفرق لتشكل ما مجموعه 13 وزيراً تكفي لتعطيل الحكومة عند أول بحث بالعلاقة الجدية مع سورية من موقع يعكس المتغيرات التي بدأت دول الغرب تقرأها. ويتمسّك بعض اللبنانيين بضبط موقفهم منها على التوقيت السعودي. وقالت المصادر إن التسوية الحكومية التي يُقال إنها قيد الإنضاج، شهدت حلحلة في العقدة المسيحية، لكن العقدة الدرزية لم تُحَل رغم موافقة رئيس الجمهورية على تمثيل النائب السابق وليد جنبلاط بثلاثة وزراء، والبحث يجري عن تسوية تُرضي جنبلاط بضمان موافقته على الوزراء الدروز الثلاثة، في ظل استعادته أشد خطاباته تصعيداً ضد سورية. وهو ما قالته مصادر مقربة من النائب طلال إرسلان أنه سيكون موضوع رد مفصل في كلمته في الاحتفال التأبيني لشهداء السويداء الذي سيقيمه في دارته في خلدة يوم غد الأحد صباحاً.
الخطة الروسية على سكة التنفيذ…
في وقتٍ يسُود التفاؤل الحذِر ملف التأليف الحكومي الذي يعيش شد حبالٍ بين القوى المعنية بالتفاوض، بقي ملف النازحين السوريين الحدث الأبرز على الساحة الداخلية، مع تفاعل المبادرة الروسية التي كانت محل نقاش الوفد الروسي وأركان الدولة اللبنانية في بعبدا أمس الأول، حيث فُعِلت قنوات التواصل الروسية اللبنانية السورية لوضع آليات تنفيذية لمضمون الخطة الروسية لإعادة 890 ألف نازحٍ الى سورية، كما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس. وإذ غادر الموفد الرئاسي الروسي الى الأردن من المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل حراكاً روسياً لبنانياً سورياً فعالاً على هذا الصعيد.
ويبدو أن البعض في لبنان لم يقرأ التحولات الدولية بعد واستمرّ بالعزف على وتر الخلافات السياسية والمواقف التي تضرّ بالعلاقات اللبنانية السورية خدمة لمصالح إقليمية، فكان وقع المبادرة الروسية التي تُحتِم التواصل مع الدولة السورية على رؤوسهم قاسياً ولم يتمكنوا من استساغة ذلك ويعملون على تغطية تواطئهم على النازحين ولبنان بإطلاق المواقف المعادية لسورية لم تسلم منها روسيا أيضاً، غير أن القرار الأميركي – الروسي سيفرض أمراً واقعاً على الجميع بمن فيهم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، كما قالت مصادر سياسية لـ«البناء»، حيث أن حكومة الحريري الجديدة ستكون ملزمة بالتواصل مع الدولة السورية بموجب الخطة الروسية. في المقابل نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ «البناء» ارتياحه للاجتماع الرئاسي مع الوفد الروسي والجدية التي أبداها الروس لحل أزمة النازحين، ومشيداً بالموقف اللبناني الموحّد على هذا الصعيد.
وبعد الاتفاق الرئاسي على تكليفه رسمياً بالتنسيق مع روسيا وسورية لوضع الخطة الروسية موضع التنفيذ، بحث المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع السفير السوري علي عبد الكريم علي، في أوضاع النازحين السوريين في لبنان. وشكر الأخير جهود المديرية العامة في تسهيل عودة النازحين الى بلادهم.
وإذ لوحظ تراجع حركة مفوضية شؤون اللاجئين في مخيمات النزوح عقب قرارات قمة هلسنكي في مسألة النازحين، نقلت أوساط مطلعة على المزاج الشعبي للنازحين لـ «البناء» حماسة النازحين للتحرك الروسي، مشيرة الى أن «روسيا تشكل ضمانة حقيقية لأغلب النازحين رغم أن النازحين لا يحتاجون الى مثل هذه الضمانات. فالدولة السورية هي الضامنة أمنهم ووجودهم وكرامتهم وعيشهم الكريم، لكن حملات التخويف التي روّجتها بعض المنظمات الدولية والإعلام اللبناني أدت الى تخوف النازحين من العودة». وأكدت الأوساط بأن «دفعات النازحين الذين عادوا الى مناطقهم في سورية لم يشكوا من أي سوء معاملة بل عملت الدولة على تأمين كل ما يحتاجونه ويراسلون أقاربهم في لبنان ويحثونهم على العودة».
ورحّب رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري بالخطوة الروسية وتوقع أن يتلقفها النازحون في عرسال، مرجحاً عودة أكثر من 70 في المئة من مخيمات عرسال الى سورية فور بدء تنفيذ الخطة، وأشار لـ«البناء» الى أن «أهالي عرسال والنازحين دفعوا ثمناً باهظاً جراء الأخطاء السياسية الرسمية، حيث كان من المفترض على المسؤولين في الدولة اللبنانية عدم انتظار أي تحرك خارجي بل المبادرة للاتصال بالدولة السورية لحل هذه الأزمة».
واستبعد الحجيري أن يكون هناك إرهابيون ضمن النازحين في مخيمات عرسال، موضحاً أن «بعض المطلوبين للسلطات السورية ممكن أن يرسلوا عائلاتهم الى سورية على أن يلحقوا بهم بعد تسوية أوضاعهم القانونية»، ولفت الى أن «الارهابيين الذين قاتلوا الجيشين اللبناني والسوري من تنظيمي داعش والنصرة خرجوا من عرسال بالباصات الخضر بعد تسويات ترحيلهم عقب تحرير الجرود اللبنانية السورية من الإرهابيين العام الماضي، وبالتالي لا يوجد خطر أمني على سورية إن عاد النازحون اليها».
كما أوضح الحجيري أن «مبادرة حزب الله لتسهيل عودة النازحين مستمرة، لكن تعترضها بعض المعوقات، ومنها أن الكثير من النازحين في عرسال لا يملكون إقامات ووجودهم في لبنان غير شرعي وبالتالي يخشون إلقاء القبض عليهم خلال انتقالهم الى المراكز التي حدّدها الحزب لتسجيل أسمائهم للعودة».
ومن المتوقع أن يُشرف الأمن العام اللبناني اليوم إعادة دفعة جديدة من النازحين الى سورية.
وبحسب المعلومات، فقد «لمس وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل من المسؤولين الأميركيين خلال لقاءاته على هامش مؤتمر الحرية الدينية، إرادة أميركية لحل أزمة النزوح وتقبّل للأمر الواقع، إذ إن الإرادتين الأميركية والروسية والأوروبية تلاقت جميعها مع ظروف أمنية وعسكرية ملائمة في سورية لعودة النازحين».
وأبلغ الرئيس عون ممثلة الامين العام للامم المتحدة في لبنان بيرنيل كارديل، ان «لبنان رحّب بالمبادرة الروسية التي تم التطرق اليها خلال قمة هلسنكي بين الرئيسين الروسي والأميركي. وهي تؤمّن عودة نحو 890 ألف سوري الى بلادهم، وان لبنان سيشكّل من جانبه لجنة للتنسيق مع المسؤولين الروس المكلفين، لدرس التفاصيل التقنية المتعلقة بآلية العودة. ولفت عون الى أن «الفقرة التي وردت في تقرير الامين العام للامم المتحدة الى مجلس الامن حول النازحين السوريين والذي قدّم قبل ايام في نيويورك، لم تعكس بدقة الموقف اللبناني الذي نادى دائماً بعودة طوعية وآمنة للنازحين». اما بالنسبة الى بقية النقاط التي وردت في التقرير، فإن لبنان يعتبرها إيجابية… الى ذلك، طلب عون من كارديل إبلاغ الامانة العامة للأمم المتحدة برغبة لبنان في التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب لولاية جديدة، من دون تغيير لا في مهامها ولا في عديدها».
الحكومة تنتظر لقاء الحريري – باسيل
وفي الشأن الحكومي لم تُترجَم الأجواء التفاؤلية التي سادت اللقاء الرئاسي الأخير في بعبدا على أرض التأليف، كما «لم يُسجل يوم أمس أي لقاءات بين الرئيس المكلف وكل من الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية كما وعد الحريري عون»، لكن خطوط التواصل بين الحريري مع كل من القوات والاشتراكي لم تنقطع طيلة يوم أمس، بحسب معلومات «البناء» التي أشارت الى أن «الحكومة تنتظر اللقاء المرتقب بين الحريري وباسيل الذي عاد أمس الى بيروت»، لكن مصادر بعبدا أبدت «ارتياحها للأجواء التي حملها الرئيس المكلف تجاه تأكيده تمسكه بالتسوية الرئاسية وتفهمه موقف رئيس الجمهورية من تأليف الحكومة وبأن رئيس الجمهورية لا يخالف الدستور بكلامه، فيما يتعلق بالصلاحيات لأن الدستور يقول بأن تأليف الحكومة يتم بالتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية الذي يوقع مرسوم تأليفها».
وبحسب ما قالت المصادر لـ «البناء» فإن الحريري سمع من عون موقفه بأن «الأحجام داخل الحكومة يجب أن تتحدّد وفق ما أفرزته الانتخابات النيابية مع اعتماد معيار موحّد، لأن من الضروري تشكيل حكومة متجانسة تستطيع أن تعالج الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية»، وأن الرئيس عون بحسب المصادر لا يعمل على إقصاء أحد فهو يريد حكومة تمثل كافة القوى السياسية وفق احجامها».
وفي سياق ذلك، تشير المعلومات الى أن «لقاء عون – الحريري لم يتطرّق الى أي موعد زمني لتأليف الحكومة لا سيما أن رئيس الجمهورية يتطلع الى أن يعود الحريري الى بعبدا بصيغة حكومية متوازنة بعيداً عن أي تضخيم لأحجام بعض القوى، وبالتالي فإن الأجواء التفاؤلية التي يشيعها البعض لا تزال حتى الساعة تدور في فلك المواقف السياسية بانتظار أن تترجم على أرض الواقع. فالحزب الاشتراكي لا يزال مصراً على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة، فالنائب وليد جنبلاط لن يقبل بتسوية تُعطيه وزيرين دُرزين ووزيراً مسيحياً»، أما القوات اللبنانية التي قبلت بـ4 وزراء بالتنسيق مع الرئيس الحريري تريد، بحسب المصادرـ حقيبة أساسية وخدمية مقابل تنازلها عن الوزير الخامس». لكنها عادت ورفعت سقف مطالبها يوم أمس، وقالت مصادر قواتية لقناة الـ أو تي في «بأننا دخلنا بمرحلة مفاوضات دقيقة وكل الامور ستتضح في الساعات الـ24 الآتية كحد أقصى». أما تفاصيل هذه المفاوضات فقد كشفت عنها قناة أم تي في نقلاً عن مصدر قواتي، بأن «القوات توافق على أربع حقائب لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف، شرط أن ننال بالإضافة إلى حقيبة سيادية أو نيابة رئاسة الحكومة ، حقيبتين واحدة أساسية وأخرى خدمية مع احتفاظنا طبعًا بحقيبة الشؤون الاجتماعية».
ونقل زوار رئيس المجلس النيابي عنه لـ «البناء» عدم تفاؤله بقرب ولادة الحكومة، مشيراً الى أن «العقد داخلية وليست خارجية لا سيما أن التفاهم الدولي الأميركي الروسي بدأ ينعكس على الملفات في المنطقة ولا سيما لبنان»، وأشار الى أن «العرقلة تتعلق بحصص الكتل النيابية وتضارب المصالح السياسية والوزارية والتنافس على الأدوار والقرار والوجود في المرحلة المقبلة»، وحذّر بري من تردي الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتفاقم الأزمات الحياتية بسبب تأخير ولادة الحكومة».
أما على المستوى الحكومي فقد أكدت مصادر متابعة أنّ الحلحلة ليست قريبة، رغم التقدّم المحقق على مسار التمثيل القواتي وتخفيض سقف المطالب من خمسة وزراء إلى أربعة، والقبول بدون حقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة. فالعقدة المتبقية لا تزال في التمثيل الدرزي جدية ومعقدة، بسبب إصرار اللقاء الديمقراطي على احتكار التمثيل الدرزي، ومجموع التمثيل الوزاري بين كتلتي الرابع عشر من آذار، أيّ تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، والثامن من آذار، أيّ حركة أمل وحزب الله وحلفاؤهما من دون التيار الوطني الحر، لا يزال مختلاً، فمقابل 44 نائباً بقي لقوى الرابع عشر من آذار وفقاً للصيغة المقترحة 13 وزيراً مقابل 7 وزراء للثامن من آذار مقابل 45 نائباً.
الجمهورية
فرحة المتفائلين بالتأليف لم تكتمل… وجنبلاط يقصف المبادرة الروسية
أسبوع حكومي جديد يقفل على تفاؤل بلا تأليف، ووعود سياسية على تنشيط حركة الاتصالات لعلها تفك صواعق التعقيدات التي ما زالت مزروعة في طريق الحكومة. وذلك في وقت ما زال البلد تحت تأثير الصدمة التي أحدثتها المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين، ولكن من دون معطيات ملموسة تحدد الاتجاه الذي ستسلكه هذه المبادرة، ومدى التغطية الدولية لها.
لبنان الرسمي على كل مستوياته يتفاعل إيجاباً مع المبادرة الروسية، وقد عبّر عن ذلك صراحة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أبلغ أمس ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بيرنيل دايلر كاردل ترحيبه بهذه المبادرة التي قال انها تؤمن عودة 890 الف نازح سوري من لبنان الى بلدهم، وكذلك من رئيس المجلس النيابي الذي امل أن تشكّل المبادرة فاتحة لعودة سريعة للنازحين، معتبراً انّ زيارة الوفد الروسي الى لبنان تشكّل منعطفاً هاماً في مصير الازمة السورية الدامية، مع تشديده مجدداً على فتح القنوات مع الدولة السورية، وكذلك من الرئيس المكلف سعد الحريري الذي تعكس أوساطه تأييده الكامل للمبادرة وبلوغ الهدف المنشود منها.
جنبلاط يقصف
على انّ اللافت للانتباه، هو الموقف الناري الذي أطلقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وشَنّ فيه هجوماً قاسياً على روسيا بقوله: لا نريد أن يُضحّى بالدروز ولا نقبل أن يمروا على أجسادنا في لبنان أو في سوريا، فنحن لسنا الشيشان. هذه رسالتي لأصدقائي الروس ليحافظوا على ما تبقّى من شعرة معاوية.
بالأمس جاء إلى لبنان رسول روسي، لقد بقيت هناك شعرة معاوية بيننا وبين روسيا ولكن نريد من هذه العلاقة ضماناً لأهل الجبل بأن يبقوا في الجبل وأن لا يستخدمهم بشار الأسد وقوداً من أجل مآربه الشخصية… ليتني أملك السلاح لأتوجّه معكم للقتال إلى جانبكم يا أبناء جبل العرب».
الى ذلك، وعلى أهمية اللقاء الروسي ـ اللبناني الذي عقد تحت عنوان مبادرة اعادة النازحين السوريين، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»: انّ افكاراً معمّقة صارت في حوزة الجانب اللبناني.
لبنان قبل الاردن
واشارت المصادر الى انّ المبادرة، وإن كانت تشمل الجانبين اللبناني والاردني، الّا انها قد تصل في تطوراتها الى تقديم الجانب اللبناني على الاردني، وهذا معناه انّ الكرة قد رميت في الملعب اللبناني ليكون جاهزاً لهذا الاحتمال في اي لحظة. وبالتالي، تحضير الارضية اللازمة والاجراءات اللوجستية التي تجعل من ملف النازحين في لبنان جاهزاً للتنفيذ.
واولى هذه الاجراءات هي قيام الجانب اللبناني بإعداد ملف كامل متكامل يتضمّن إحصاء دقيقاً وواضحاً للعدد الحقيقي للنازحين، وتحديدا دقيقا لعدد النازحين لأسباب أمنية، والنازحين لأسباب اقتصادية وغيرها، وتحديد الاماكن التي قدم منها كلّ نازح.
حيث لا يوجد رقم دقيق حتى الآن جرّاء العشوائية التي اعتمدت حيال هذا الامر، اضافة الى الإرباك الذي يُحدثه خروج ودخول سوريين من لبنان واليه، مع أنّ الكثير منهم مسجّل تحت خانة نازح، هؤلاء يجب تحديدهم بدقة ايضاً. وتجدر الاشارة هنا الى انّ المهمة هذه موكلة الى الامن الذي بدأ عملاً حثيثاً في هذا المجال، وبالتعاون من الهيئات المحلية والبلدية في كل أماكن انتشار النزوح السوري.
واكدت المصادر الديبلوماسية انّ من اهم أسباب نجاح هذه المبادرة، واي عمل يصبّ في خدمتها، هو تحصين التجاوب اللبناني معها بموقف سياسي جدي وموحد قولاً وفعلاً، وقبل كل ذلك إخراج الملف برمّته من بازار المزايدات السياسية.
الّا انّ المصادر لفتت الانتباه الى انه لا يمكن إنجاح المبادرة، على الرغم من اهميتها القصوى، من طرف واحد، اي من الطرف الروسي وحده، بل يجب ان يكون هناك غطاء دولي واضح، بالتوازي مع دور اميركي مباشر وفاعل.
علماً انّ رد الفعل الغربي بمجمله هو مؤيّد لعودة النازحين، وكذلك الحال في الامم المتحدة، فضلاً عن بعض الدول التي بدأت تعبّر عن رغبتها في المشاركة في عملية العودة، وآخرها مصر، على حد ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس.
وبرز في كلام المصادر، الحَذر الذي أبدَته حيال التفجير الارهابي الذي ضرب منطقة السويداء في سوريا، والذي تزامنَ مع بدء الحديث عن المبادرة الروسية.
وقالت: حتى الآن لم تتوفر قراءة لخلفيات هذا الاعتداء الارهابي، فقط هدفه التشويش على ما يحصل في الجنوب السوري والتطورات الميدانية المتلاحقة فيه، وقد يكون مرتبطاً بالتشويش على المبادرة. حتى الآن لا يمكن الجزم بكلا الأمرين لكنّ الواضح هو انّ الروس طرحوا مبادرة، والاميركيون في أجوائها، والاوروبيون هم الاكثر حماسة واستعداداً للتعاون مع الروس في هذا المجال.
تحركات ديبلوماسية
الى ذلك، وبعد ساعات على انتهاء زيارة الوفد الروسي للبنان، تحركت الدبلوماسية الغربية والعربية وممثلياث المؤسسات الأممية في لبنان، وسجّلت حركة ناشطة لبعض السفراء بين المقرات الرسمية والمراجع المعنية بعيداً من الاضواء من أجل استكشاف المبادرة وتفاصيلها والظروف التي دفعت اليها.
وعلى هذه الخلفيات رصدت حركة السفير الفرنسي برونو فوشيه الذي زار امس القصر الجمهوري في بعبدا، قبل ان يزور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي التقى ايضاً السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي ربطاً بملف النازحين. حيث نقل الأخير الى اللواء ابراهيم استعداد دمشق للمساعدة في هذا المجال، مشيداً بالجهد الذي يبذل سواء من الجانب اللبناني او من الجانب لإعادة النازحين.
وعلمت «الجمهورية» انّ السفير الفرنسي سعى الى استكشاف واستطلاع شكل ومضمون الآلية المقترحة من الجانب الروسي لعملية اعادة النازحين، وموقف لبنان منها، وعلى ايّ مستوى ستشكل لجنة التنسيق المشتركة مع الجانب الروسي وهل سينضمّ اليها الجانب الأميركي؟ وهل من أطراف اخرى يمكن ان تنضَمّ اليها، في إشارة غير مباشرة الى دور النظام السوري في هذه الآلية.
الحريري ينتظر
حكومياً، يُنتظر مع عودة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الى لبنان، أن تنقشع الغيوم اكثر حول مستقبل التأليف، وذلك من خلال لقائه المرتقب مع الرئيس المكلف، والذي سيأتي تتمة للقاء عون ـ الحريري قبل ثلاثة ايام.
وفيما اكد بري أمام زواره انّ «البلاد بحاجة ملحّة الى حكومة جديدة تنقذ الوضع الاقتصادي من التدهور وتضع حدّاً لهذا القلق العارم الذي ينعكس سلباً على المواطنين»، لم يطرأ جديد نوعي على خط التأليف، يترجم جو التفاؤل الذي أشاعه الرئيس المكلّف في اجواء التأليف.
فالساعات الماضية بَدا فيها المشهد الداخلي محافظاً على الوتيرة العالية من التفاؤل، لكنه ليس من النوع الذي يمكن ترجمته الى وقائع ملموسة بعد، خصوصاً وانّ ايّاً من المسؤولين لم يحدد بوضوح الأسس التي يرتكز اليها هذا التفاؤل.
وبحسب مواكبين لاتصالات الحريري، فإنها المرة الاولى منذ تكليفه، التي يرتفع فيها منسوب التفاؤل النظري الى حد افتراض انّ الحكومة صارت قاب قوسين او أدنى من الدخول الى غرفة الولادة، لكن لم يبرز الحريري بعد كيفية تسييل هذا التفاؤل على خط التأليف.
عين التينة
وبحسب أجواء عين التينة، فإنّ كل هذا المناخ التفاؤلي يبقى بلا اي قيمة إذا ظل في إطاره النظري ولم يدخل حيّز الترجمة والتطبيق على ارض الواقع في اسرع وقت ممكن. وهذا لسان حال الرئيس بري الذي يشدد على التعجيل بالحكومة، مع لحظ انه ليس في اليد شيء ملموس حتى الآن».
واللافت على الخط الحكومي، هو النقاش الجاري في المقرّات السياسية والحزبية والرسمية وبصوت مسموع حول اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، سعياً للتأكد ممّا اذا كان هذا اللقاء قد زرع النطفة التي ستؤسّس الى ولادة حتمية للحكومة وفي وقت قريب.
وبحسب المعلومات التي سيقت في هذا النقاش، يتبيّن انّ اولى نتائج لقاء الرئيسين، كان كسر الجليد بين الشريكين في تأليف الحكومة، وتبادل الحرص على أن تبقى العلاقة بينهما بمنأى عن التأثر بأيّ تباينات يمكن ان تطرأ على طريق التأليف، وخصوصاً في محيطيهما القريب او البعيد».
وإذ تلاحظ مصادر المعلومات توازي ما سمّتها «عودة الانسجام بين الرئيسين»، مع اشاعة إيجابيات أطلقها الرئيس المكلف، ويمكن اعتبارها مفتعلة حتى يثبت العكس، وهي ستتبيّن حتماً في اللقاء المرتقب بين الحريري وباسيل».
مخرجان للحل
وكشفت مصادر المعلومات عن مخرَجين جديدين يجري الحديث عنها في الاوساط القريبة من الرئاستين الاولى والثالثة، وهو ما دفع جهات سياسية مثل «القوات» الى الحديث عن بصيص نور بدأ يظهر في أفق التأليف، وجهات أخرى الى القول انها بدأت تتلمّس جدية في بلورة مخارج».
ولم تستبعد مصادر المعلومات ان يكون الحريري قد عرض المخرجين على رئيس الجمهورية في لقائهما الاخير، وهو ينتظر ان يلقى الجواب عليهما، ربما من لقائه مع باسيل، حيث يقوم الاول على صيغة حكومية ثلاثينية بتوزيعة مراعية للوحدة الوطنية وبتمثيل يعتبر الحريري انه افضل الممكن ويراعي كل الاطراف المكونة لهذه الحكومة، مع المحافظة فيها على حضور لـ«القوات» بـ4 حقائب وكذلك لجنبلاط بالحقائب الدرزية الثلاث.
وامّا المخرج الثاني، فيقوم على صيغة حكومية من 24 وزيراً مراعية ايضاً للوحدة الوطنية وبتمثيل يراعي كل الاطراف، والنقطة الجوهرية في هذه الصيغة انها تزيل العقد الماثلة حالياً في طريق التأليف خصوصاً الدرزية حيث يحصر التمثيل الدرزي لجنبلاط بوزيرين، ويُنهي العقدة السنية على نحو يخصّص رئيس الجمهورية بوزير سني، فيما يخّصص الحريري بـ4 وزراء سنّة الى جانبه من حصة تيار المستقبل.
توزيع أدوار
يأتي ذلك، في وقت عكست أجواء أحد المقرّات الرئاسية أجواء تفيد بأنّ تفاهماً جرى بين عون والحريري حول توزيع الأدوار والإتصالات، بحيث يتولى الرئيس الحريري حلّ مشكلة التمثيل الدرزي مقابل ان يتولى رئيس الجمهورية حل مشكلة تمثيل القوات اللبنانية.
وبحسب هذه الاجواء فإنه متى حصل لقاء الحريري – باسيل ستتوضّح الصورة. فإن نجح الحريري بحل العقدة الدرزية يمكن الانتقال الى البحث في توزيع الحقائب وفق التصنيف المثلّث الذي جرى التفاهم بشأنه وتوزيعها بين الحقائب السيادية والأساسية والعادية فوزراء الدولة.
وكان زوّار رئيس الجمهورية قد كشفوا لـ«الجمهورية» انّ الرئيس عون لا يرى انّ هناك مشكلة حول توزيعة الحقائب المسيحية. واذا نجح العاملون على خط مساعي التشكيل الى معالجة عقدتي التمثيل الدرزي وما يسمّى بتمثيل «سنّة 8 آذار»، فهو يتعهّد بحل ما يسمّى بمشكلة حقائب القوات اللبنانية.
الأخبار
برّي ينتظر من يدقّ بابه حكومياً… بشروط
السويداء لا توحّد «المُوحّدين» في لبنان
على رغم موعد مضروب لاحتمال إعلان الحكومة الجديدة قبل الأول من آب، في عيد الجيش، إلا أن أياً من العلامات الإيجابية لم تظهر بعد، ولا أحد همس بها في السر حتى. لا يزال أصحاب العقد معلقين بسقوفهم العالية، ويرفضون خفضها، ولسان حال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، التفاؤل ثم التفاؤل (مقال نيقولا ناصيف)!.
أشاع اجتماع الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري في قصر بعبدا، الخميس الماضي، في مناسبة لقائهم الموفد الرئاسي الروسي الخاص ألكسندر لافرنتييف، انطباعاً بدفع جدي لجهود تأليف الحكومة، قبل أن يتأكد أنهم لم يخوضوا في الموضوع العالق. على الأقل، بحسب ما أفضى به أحد الرؤساء الثلاثة على أثر ارفضاض الاجتماع، مشيراً إلى أن البحث اقتصر على المبادرة الروسية وعودة النازحين السوريين.
عزّز الانطباع الأول انضمام رئيس مجلس النواب إلى رئيسي الجمهورية والحكومة، من دون أن يكون ذا صفة مباشرة أو يمتلك صلاحية دستورية في مسار تأليف الحكومة. في الغالب، ثمة لحظتان فقط ترتبطان بدور رئيس البرلمان بإزاء تأليف حكومة، أي حكومة منذ اتفاق الطائف: أولى تنص عليها المادة 53 من الدستور عند اطلاعه من رئيس الجمهورية على نتائج الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف، وثانية، تقليدية أضحت عرفاً تقضي بحضور رئيس المجلس إلى القصر الجمهوري في الوقت القصير الذي يسبق الإعلان عن صدور مرسوم تأليف الحكومة الجديدة. في كل مرة، عنت اللحظة الثانية تبديد آخر ما تبقى من العراقيل. في المقابل، لا يجد رئيس المجلس نفسه معنياً بمراحل التأليف إلا بصفته هذه في الاستشارات التي يجريها الرئيس المكلف، ناهيك بكونه يرأس كتلة نيابية بارزة. لا يسقط ذلك الأخذ من الحسبان الدور الذي يضطلع به، خارج رئاسة المجلس، كأحد قطبي «الثنائي الشيعي»، من جهة، والمرجعية المفوض إليها في هذه الطائفة التفاوض في ما يتصل بتمثيلها كما بتمثيل كتلها وقواها السياسية، من جهة أخرى.
في الأسابيع الأخيرة، منذ معاودة جهود التأليف والمشاورات الموازية لها، لم يكن في الإمكان انتزاع موقف من برّي سوى قوله أمام زواره إن من الواجب استعجال تأليف كان يتوقعه في أيام قليلة غداة التكليف في 24 أيار. لم تُطلب منه وساطة على جاري العادة في استحقاقات مماثلة، لعل أبرزها مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ــــ كي تبصر النور في حزيران 2011 ــــ التنازل عن مقعد شيعي كي يحلّ فيه وزير سنّي هو فيصل كرامي، ثم في حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة الحريري حينما تخلى عن حقيبة من حصته هي الأشغال العامة لتيار المردة من أجل أن تبصر الحكومة النور في كانون الأول 2016. ما بينهما، لم تكن الحال أحسن مع حكومة الرئيس تمام سلام حينما انتظرت الطائرة في المطار رئيس المجلس لتذليل آخر العراقيل. لم تكن هذه سوى استيعاب صدمة التفاوض السيء لدى فريق 8 آذار حينذاك، إذ أفضى إلى حلول اللواء أشرف ريفي في حقيبة العدل والنائب نهاد المشنوق في حقيبة الداخلية ثمن بقاء الوزير جبران باسيل في حقيبة الخارجية. سرعان ما سمع برّي مرسوم الحكومة الجديدة، في شباط 2014، في السيارة في طريقه إلى المطار.
حتى الآن، لم يدُق أحد باب رئيس المجلس. عندما يُسأل هل طُرحت عليه مخارج محددة للعقبات المعروفة، يجيب بكلمة قاطعة: «أبداً». ليس أيضاً في وارد دق بابي المرجعين الدستوريين المعنيين بتأليف الحكومة، تفادياً لسجال جديد يتناول الصلاحيات الدستورية وحدود ممارستها وعدم التدخّل فيها. يصرّ الرئيس المكلف على أنه هو الذي يؤلف الحكومة تبعاً لصلاحياته، وهو يعرف في الوقت نفسه ـــــ في ظل النص نفسه الذي يتسلح به ـــــ أن دوره في التأليف مساوٍ لدور رئيس الجمهورية ما دام لا مرسوم يصدر دونما أن يمهره الرئيسان معاً. بذلك ينشأ مأزق التعثر ومصدره من المرجعين الأولين ذوي الاختصاص. ما اعتاد عليه رئيس المجلس النيابي هو انتظار استنزاف التأليف حتى يصبح أمام طريق مسدود. إذذاك يُستعان به لتليين موقف الرافضين، حلفائه في الغالب.
أكثر من سبب يجعل رئيس المجلس يقصر دوره على التفرّج، من دون أن يتكبّد مشقة السؤال كما الجواب. إلا أنه يدق ناقوس الخطر في الملفين الأكثر إلحاحاً في رأيه في الوقت الحاضر هما الضائقة الاقتصادية والنزوح السوري:
أول الأسباب تلك، تمسك أصحاب العقد الثلاث، المسيحية والدرزية والسنّية، بسقوفهم العالية التي تحملهم على عدم التزحزح عن شروطهم، والإصرار على أنها وحدها مقياس مشاركتهم في الحكومة. مع أنه يتفهّم موقفي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حيال مغزى شروطهما، ويلمس مرونة لدى جعجع، يعزو برّي المأزق إلى تعدّد المعايير المطبّقة في قواعد التوزير الحالي على نحو يبدو بعضها مناقضاً للبعض الآخر: تارة احتساب عدد نواب الكتلة الواحدة (أربعة نواب وما يزيد)، وطوراً الأخذ في الاعتبار الكتل الأكثر تمثيلاً. كلاهما ينتقص من العنوان العريض للحكومة الجديدة، وهو أن تكون حكومة وحدة وطنية.
ثاني الأسباب، عدم رضاه، غير المعلن، عن الطريقة التي يدار بها التأليف. مع إصرار رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على أنهما وحدهما صاحبا اختصاص تأليفها ــــ وهو ما يتمسك برّي به أيضاً ــــ إلا أن المشاورات الجارية لا تعكس صحة ما يُعلن. بل أن التفاوض الفعلي جار فحسب بين الرئيس المكلف ورئيس حزب وكتلة نيابية هو الوزير جبران باسيل، يتصرّف كما لو أنه هو الذي يرسم الأحجام ويحدد الحصص.
ثالث الأسباب، عدم استعداد بري للدخول طرفاً في التفاوض الجاري حالياً تبعاً للآلية المتبعة. في أي حال لا يقبل ــــ ولا يريد خصوصاً ـــ وضع أي اقتراحات حلحلة يُدعى إليها يكون الطرف الآخر فيها باسيل.
السويداء لا توحّد «المُوحّدين» في لبنان
«أقِف على حافّة النهر وأنتظِر جثّة عدوّي». على ما يبدو لم تعُد الحِكمة الصينية التي استخدمها وليد جنبلاط قبلَ عدة أعوام تستَهويه. باتَ أكثر اقتناعاً بأنها إن «حبِلت في سوريا فلا بدّ لها أن تلِد في لبنان». لذا قرّر رفع لواء القتال للدفاع عن نفسه أولاً، عابراً فوق سياسة النأي بالنفس التي طالما نادى بها (مقال ميسم رزق).
إذا كانت الوقائع الدموية غير المسبوقة على أرض السويداء السورية، لا يمكنها أن توحد طائفة الموحدين الدروز، فهل يجب أن ننتظر مجزرة أكثر دموية يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي في أماكن جديدة؟ سؤال يطرحه أحد الحرصاء على «البيت الدرزي»، آخذاً على الجميع أنهم لطالما فوّتوا سابقاً وهم يفوِّتون اليوم فرصة كبيرة للوحدة.
ما جرى في السويداء أذهل وليد جنبلاط. ومن دون أن يدقق، سارع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الدولة السورية. طرحَ تساؤلات كثيرة عن كيفية وصول عناصر تنظيم داعش إلى محافظة السويداء، واستقرّ رأيه في البداية على الاكتفاء بوقفة تضامنية. لكنه سُرعان ما فاجأ الجميع، أمس، بإلقاء خطاب من أمام مقام الشيخ أحمد أمين الدين في عبيه، من شأنه تعزيز الشرخ الواضح بين أبناء الطائفة في لبنان.
نظرياً، كان من المفترض أن تكون وقفة «عبيه» مجرّد وقفة تضامنية مع السويداء، وأن يشارك فيها الجميع. لكن مسارعة جنبلاط لإطلاق النار على النظام السوري، أعادت إحياء الانقسام السياسي في الطائفة على عنوان كبير لا يستهان به. فوّت جنبلاط المناسبة. على هذا الأساس، صار لقاء عبيه على شاكلة الخطاب الجنبلاطي. أتى إليه حشد يتقدمه عدد من مشايخ الطائفة، وبحسب أحد الحاضرين، اكتشف عدد من رجال الدين أن ثمة من خَدَعَهم. مسيرات سيارة. مظاهر مسلّحة وإطلاق نار عشوائي كثيف. ولو أنها كلها «جاءت من خارج الإطار التنظيمي للحزب التقدمي الاشتراكي»، على حدّ تعبير أحد الحزبيين.
فالوقفة التي دُعيت إليها الهيئات الدرزية كافة على أساس أنها «تضامنية» وحسب، لم يُمرّرها جنبلاط دون تمرير رسائله. اتهم الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «يريد تطويع أهل الجبل بالقوة»، وصوّب من جهة أخرى على الروس، قائلاً: «بقيَت هناك شعرة معاوية بيننا وبين روسيا، لكننا نريد من هذه العلاقة ضمان(ة) لأهل الجبل». وختم كلمته: «ليتني أملك السلاح لأتوجه معكم للقتال إلى جانبكم يا أبناء جبل العرب».
هذا الكلام الذي أتى على لسان جنبلاط ــــ وهو الذي عمل على تحييد دروز لبنان سابقاً عمّا يحصل في سوريا ــــ لا يُمكن أن يُفهم إلا بمثابة ضوء أخضر «لتسليح من يشاء من دروز لبنان وإرساله إلى سوريا للقتال»، يقول أحد المقربين من بعض المجموعات السلفية الدرزية في منطقة الشويفات، ويضيف: «كأن جنبلاط لا يعرف ثقل المهمّة التي يوشك أن يوكل الطائفة بها، وهو الذي مرّ بهذه التجربة من قبل، لبنانياً وذاق مراراتها»!
نعم، قصدَ جنبلاط بالرسالة التي وجهها، أمس، «جرّ الدروز إلى المعركة». هكذا تلخّص مشهدية عبيه مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي. هو أراد القول للدروز: «الذين سبقوا وأن قبلوا بتسليم سلاحهم للنظام السوري وتجريدهم منها، واقتنعوا بأنه سيؤمن لهم الحماية بأنهم كانوا على خطأ». تتوقف المصادر عند الاجتماع الذي سبق أن عُقد قبل نحو شهر بين ضباط روس والنظام و«مشايخ الكرامة»، «وطلب إليهم تسليم سلاحهم أو الالتحاق بقوات النظام وإعادة الشباب إلى الخدمة العسكرية وإلا فسيُصنّفون في خانة الإرهابيين». النظام السوري «غدّار وقاتل ومرتكب جرائم» هي الكلمات الوحيدة التي يستخدمها «الاشتراكيون» في معرض توصيف ما حصل، وصولاً إلى التأكيد أمام دروز السويداء أن لا ملاذ آمناً لهم سوى «وليد بِيك». هكذا ببساطة، يريد جنبلاط أن يقول إنه وحده يستطيع أن يوفّر الحماية لهم من طريق صداقاته الدولية والعربية. أراد أن يشدَ عصب الطائفة حول البيت الجنبلاطي من جهة وفي مواجهة معارضيه من جهة أخرى. بذلك، يسعى إلى حفظ ماء وجهه للتاريخ، في ظلّ ما يُحكى عن عودة العلاقات بين لبنان وسوريا، على اعتبار أنه مناوئ للنظام السوري، وأن معركته الحقيقية «هي مع بشار الأسد لا مع وئام وهاب ولا مع طلال أرسلان».
في المقابل، أعرب رئيس حزب «التوحيد» الوزير السابق وئام وهاب، عن صدمته بخطاب «عبيه» السياسي، وقال لـ «الأخبار» إننا «دُعينا للمشاركة على أساس أنه لقاء تضامني مع السويداء، وكنا قد تبلغنا بأن لن تكون هناك خطابات سياسية، لكننا فوجئنا بكلمة وليد جنبلاط، التي نرى فيها أنها تعبِّر عن رأي سياسي غير سليم، أي الكلام عن النظام في سوريا وعن الروس». ورأى وهاب في ما قاله جنبلاط أنه «دفع للانقسام السياسي الذي لا نريده، لأن ما حصل يستدعي الوحدة بين الدروز لا الشرذمة. إذ يجب التفكير بوضع الطائفة وليس إطلاق مواقف سياسية عبثية لها مفاعيل ظرفية». بنظر وهاب «واقع الطائفة اليوم على المحك، لا يُمكن التعاطي معه بخفة، والأصوات التي ارتفعت لن تلقى آذاناً صاغية، لا إقليمياً ولا دولياً، ولا سيما بعد الاتفاق على إطلاق يد روسيا في سوريا». ورأى أن جنبلاط «هو اليوم بحالة صدمة، نتيجة التراجع الأميركي. مثله مثل الكثير من القوى المحلية التي كانت تُراهن على سقوط سوريا والرئيس الأسد».
بدوره، لن يخرج رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، في مجلس العزاء الذي سيقيمه الأحد في دارته في خلدة، عن مضمون موقفه الأول: «توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، في التوقيت والأدوات والنتائج… وحتى في الاستثمار»، كما يقول أحد المقربين من أرسلان، آخذاً على جنبلاط أنه لا يقيس مصالح الطائفة الدرزية إلا بذهنية فئوية ضيقة جداً «وإلا فما معنى هذا الخطاب في مواجهة حمام الدم الذي حصل في السويداء والذي يمكن أن يتكرر إذا بدأت معركة إدلب غداً؟».
ــــــــــــــــــــــ
يا ممثلي دروز لبنان دعوا سوريا واهتموا بمشاكل رعيتكم هنا
الغريب في تعامل دروز لبنان مع جريمة السويداء، ليس في مشاعر الاستنكار لجريمة بهذا الحجم، ولا حتى بمحاولة استغلالها سياسياً. لكن الغريب، أن القيادات الدرزية في لبنان، من وليد جنبلاط إلى طلال أرسلان إلى وئام وهاب، يتصرفون وكأنهم مكلَّفون أمور أبناء نفس ديانتهم الذين يعيشون في بلد آخر، له قوانينه وظروفه الخاصة.
ما صدر خلال الأيام القليلة الماضية، فيه محاولة غير موفقة لتكبير حجم أدوار هذه القوى اللبنانية. وبدل أن يهتم جنبلاط وأرسلان ووهاب والآخرون بمشاكل دروز لبنان، حيث ترتفع نسبة الفقراء بينهم بصورة كبيرة، وحيث البطالة والتسرب المدرسي وانتشار المخدرات، بسبب سياسات من يدعي تمثيلهم في الدولة ومؤسساتها، أو حتى من ينال باسمهم حصة من كعكة القطاع الخاص.
هل من صوت يقول لهذه القيادات أن تتواضع قليلاً وتهتم بشؤونها الحالية المعقدة، حيث الخلاف على التمثيل الوزاري وعلى حصص التوظيفات داخل الدولة، وعلى الانحياز إلى هذه العاصمة العربية أو الأجنبية.
هل من صوت يقول لهؤلاء: اتركوا أهل سوريا وشأنهم، ولكم أن تفكروا في كل ما أبدعتم به سياسياً وإعلامياً وربما أبعد، خلال الأزمة السورية، وكانت نتائجه وبالاً على السوريين، وبينهم الدروز؟
يا ممثلي الدروز هنا، دعوا سوريا وشأنها، ودعوا الدروز هناك وشأنهم. اهتموا بأموركم فقط، فهذا أفضل لكم ولأهل بلدكم! (إ. أ)
اللواء
تقدُّم في التأليف والحكومة مسألة أيام؟
جنبلاط لن يتنازل بعد مجزرة السويداء
في ختام ما يمكن وصفه «بالويك اند» الروسي استراحت التوقعات والتكهنات حول الحكومة، وعاد الرؤساء والمستوزرون إلى الهدوء، فيما بقيت في الواجهة المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، على ان تبدأ الخطوات العملية بعد تلقي الأجوبة العربية والدولية من بيروت وعمان ودمشق وأنقرة وواشنطن والدول المانحة والمفوضية السامية للاجئين.
وإذا كانت الحكومة تنتظر مزيداً من المشاورات في ضوء التوجه لتوحيد المعايير، والاستفادة من الفرصة الدولية المؤاتية لإعادة النازحين، وتوفير ما يلزم من دعم للحفاظ على استقرار لبنان، بما في ذلك تسريع تشكيل حكومة وحدة وطنية، كان الرئيس المكلف، يعقد اجتماعاً مطولاً في بيت الوسط مع الفريق الاستشاري لشركة ماكينزي في حضور وزير الاقتصاد والتجارة والفريق الاقتصادي للرئيس الحريري ضمن ورشة عمل كبيرة تحدّد هدف تحرك القطاعات والتحوُّل إلى خارطة طريق انتاجية بعد تشكيل الحكومة..
وكشف مصدر مطلع ان اختراقاً حصل في اجتماع الأربعاء الماضي، في ما خص توزيع الحقائب على الكتل..
واعتبر المصدر انه في حال استمرت الإيجابية، فإنه في ضوء الاجتماع بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، فإن مسألة ولادة الحكومة ستكون مسألة أيام..
لقاء الحريري – باسيل
ولم يتأكد ما إذا كان اللقاء المرتقب بين الرئيس الحريري والوزير باسيل الذي عاد إلى بيروت أمس من زيارة واشنطن، قد حصل فعلاً في «بيت الوسط» بحسب ما تردّد في المعلومات المتداولة، فيما استمرت المراوحة عند ما تسرب عن صيغة قدمها الحريري الى الرئيس ميشال عون حول الحصص الوزارية للاطراف فوافق عليها من حيث المبدأ مع بعض التعديلات، على ان يتم البحث بين الحريري وباسيل في توزيع الحقائب. لذلك ترمي القوى السياسية عقدة التأخير الى ملعب باسيل، في حين قالت مصادر التيار الحر ان رئيسه لم يعد يتدخل في حصص الاخرين بل طرح مطالب التيار والعهد معا.
ولم تستبعد مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان يكون اللقاء حصل بعيداً عن الإعلام، طالما ان الاتجاه الغالب لدى المعنيين بتأليف الحكومة هو عقد لقاءات بعيداً عن الأضواء من أجل البحث عن حل العقد الحكومية.
وقالت هذه المصادر ان تطورات الملف الحكومي تنتظر استكمال مشاورات الرئيس الحريري الذي لن يتردد في تقديم تشكيلة حكومية بصيغة غير نهائية، متى عولجت العقد الحكومية، مشيرة إلى ان الجو الجيد الذي عكسه لقاء عون – الحريري في بعبدا قبل أيام لا يمكن ان يميل نحو أي اتجاه سلبي، خصوصاً وانهما لا يريدان ان تعود الأمور إلى الوراء.
وفي حين ترددت معلومات عن مطالبة باسيل بإحدى عشرة حقيبة للتيار وللرئيس عون، فإن مصادر نيابية في اللقاء الديموقراطي ذكرت ان التيار سيحصل على عشر حقائب بعد تعذر توزير الامير طلال ارسلان، وانه جرى التفاهم بين عون والحريري على منح «القوات اللبنانية» أربع حقائب بينها اثنتان اساسيتان بعد تعذر منحها وزارة الدفاع كحقيبة سيادية، وثلاث حقائب للقاء الديموقراطي من الطائفة الدرزية، اما منصب نائب رئيس الحكومة فالمرجح ان يكون من حصة رئيس الجمهورية، وان يكون من نصيب نجاد عصام فارس. ولكن برزت مخاوف من خلاف جديد قد يقع حول توزيع الحقائب بعد التفاهم على الحصص.
وفيما لم يتأكد ما اذا كانت «القوات اللبنانية» قد وافقت فعلا على اربع حقائب فقط، حيث ذكرت بعض المصادر انها لو وافقت على اربع حقائب فانها متمسكة اما بحقيبة سيادية واما بمنصب نائب رئيس الحكومة، لم يشأ نائب رئيس الحكومة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسّان حاصباني الكشف صراحة عن موقف «القوات» من هذا الطرح، الا انه نفى ان تكون مطالب «القوات» تُعرّقل تشكيل الحكومة، مشيراً، بعد زيارته لبكركي أمس، إلى ان القوات وضعت طروحاتها بشكل واضح جداً للمشاركة في هذه الحكومة، ونحن ندعو من مبدأ الشراكة الفعلية وليس من مبدأ المحاصصة، إلى تأليف حكومة مشاركة وطنية تمثل تطلعات الجميع وتمثل أيضاً المكونات باحجامها الحقيقية التي نتجت عن الانتخابات. ولفت إلى ان مبدأ المشاركة ان يكون هناك وجود وازن وفاعل يمثل ما أوكل به المواطن اللبناني الفئات المختلفة ومنها «القوات اللبنانية».
جنبلاط: لا تنازل
وأشارت مصادر اشتراكية إلى ان رئيس الحزب وليد جنبلاط، لن يقبل بأي تنازل عن حصته الدرزية بعد ما جرى في مجزرة السويداء، فيما أعلن عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فيصل الصايغ ان ما يتردد عن إعطاء وزيرين درزيين للاشتراكي وآخر مسيحي ليس صحيحاً، مؤكداً على مطلب الاشتراكي الثابت بثلاثة وزراء دروز، مشيراً إلى ان الرئيس الحريري ما زال على موقفه من هذا الموضوع، وهذا ما طرحه على الرئيس عون خلال زياراته إلى بعبدا، وان الرئيس كان ايجابياً، لكنه حول موضوع الحقائب إلى باسيل.
وكان جنبلاط، أكّد في كلمة له خلال وقفة تضامنية ومشاركة مع أبناء جبل العرب بدعوة من مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في عبيه، ان ما حصل في جبل العرب جريمة بحق أهلنا، واستمرار لما حدث عام 2015 عندما اغتالوا الشيخ وحيد البلعوس الذي رفض الخدمة العسكرية للشباب العربي الدرزي في الجيش السوري كي لا يذهبوا إلى جبهات القتال، معتبراً ان الأسد يريد تطويع أهل الجبل بالقوة وأخذ 50 ألف شاب درزي للمعركة القادمة في ادلب، متسائلاً: «لماذا بقي تنظيم «داعش» في بعض مناطق الشام، ولماذا اسراب الطيران المتعددة الأميركية والروسية لم تر تلك التجمعات التي فجأة اقتادها النظام خلسة وانقضت على جبل العرب؟».
ودعا جنبلاط روسيا لتقديم ضمان لأجل الجبل، وان يبقوا في الجبل، وان لا يستخدمهم بشار الأسد وقوداً من أجل مآربه الشخصية، خاتماً: «ليتني املك السلاح لاتوجه معكم للقتال إلى جانبكم يا أبناء جبل العرب».
ورد رئيس حزب التوحيد وئام وهاب على جنبلاط بالقول: أنا مستعد لتسليم السلاح لمن يريده للقتال في جبل العرب، وزار وهاب امس مدينة السويداء وشارك في تقديم التعازي بشهداء المجزرة، وقال لقناة «الميادين»: ان شيخ آلعقل في السويداء أبلغه أنه تلقى تهديدات من «داعش» قبل الهجوم، والجيش السوري ساهم بتسليح أبناء السويداء للدفاع عن مناطقهم.
المبادرة الروسية
في غضون ذلك، بقيت المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين في مواجهة الأحداث، بانتظار وصول الأجوبة الروسية على التساؤلات اللبنانية بالنسبة لترتيبات آلية العودة، مطلع الأسبوع المقبل، لكي يتخذ لبنان الرسمي من جانبه كامل الإجراءات على المستوى الداخلي.
وقد اعرب الرئيس عون عن أمله في ان تلقى المبادرة دعم الأمم المتحدة لوضع حدّ لمعاناة النازحين، لا سيما أولئك المنتشرين في المناطق اللبنانية، وأبلغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان بيرنيل كارديل ان لبنان رحب بالمبادرة الروسية التي تمّ التطرق إليها خلال قمّة هلسنكي من الرئيسين الروسي والاميركي وهي تؤمن عودة نحو 890 ألف سوري إلى بلادهم، وان لبنان سيشكل من جانبه لجنة للتنسيق مع المسؤولين الروس المكلفين لدرس التفاصيل التقنية المتعلقة بآلية العودة.
وفيما اعرب عون عن أمله في ان تحقق المبادرة الروسية عودة النازحين الموجودين في لبنان، لفت إلى ان الفقرة التي وردت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن حول النازحين السوريين، والذي قدم قبل أيام في نيويورك لم تعكس بدقة الموقف اللبناني الذي نادى دائماً بعودة طوعية وآمنة للنازحين. وطلب عون من كارديل إبلاغ الأمانة العامة للأمم المتحدة رغبة لبنان في التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب لولاية جديدة، من دون تغيير لا في مهامها ولا في عديدها.
وكانت كارديل نقلت أجواء المداولات التي تمت في مجلس الامن الدولي حول التقرير عن تنفيذ القرار 1701، مؤكدة ان الأمم المتحدة ملتزمة الشراكة العاملة مع لبنان للمحافظة على استقراره وابقائه بمنأى عن التطورات التي تجري في محيطه.
وإذا كان ملف النازحين بات عنصراً ضاغطاً بالمعنى الإيجابي على المعنيين بتأليف الحكومة، نظراً إلى ان الحاجة باتت ماسة لتأليف حكومة قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة على هذا النحو منذ قمّة هلسنكي، فإن المؤشرات المتأتية من المحادثات المكملة لقمة الرئيسين الأميركي والروسي توحي بأن مسار عودة النازحين وضع على السكة الصحيحة، وان الممانعات الإقليمية التي حالت سابقاً دون البحث حتى في العودة، قد انتفت نتيجة القرار الدولي الواضح في هذا الشأن، إلى جانب تلمس عواصم القرار المخاطر الناتجة عن استمرار مأساة النزوح، وهي بغالبيتها مخاطر أمنية وسياسية واجتماعية ضاغطة على النازحين وعلى الدول المضيفة على حدّ سواء.
وفيما لفتت مصادر دبلوماسية إلى ان هذا التطور الدولي المحلي سيشكل هو الآخر عنصر ضغط لمصلحة المنادين بإعادة العلاقة السياسية بين لبنان وسوريا، نظراً إلى ان عودة النازحين لا يمكن ان تتم من دون تنسيق يتعدى الشق الأمني، مثلما هو حاصل بواسطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أكدت أوساط سياسية في الفريق المناهض لإعادة هذه العلاقة، ان كل ما تكشف عن الاجتماعات اللبنانية – الروسية أثبتت ان لا دور للنظام السوري الذي تنحصر العلاقة معه بموسكو، وكل كلام خلاف ذلك لا يمت إلى الواقع والحقيقة بصلة، ويدخل في إطار التهويل والتضليل، معتبرة ان كل المحاولات الجارية على خط التواصل المباشر مع سوريا من أي جهة أتت سيكون مصيرها الفشل.
وفي هذا المجال، شدّد وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، على أن فتح قنوات اتصال مباشرة بين الحكومتين اللبنانية والسورية غير وارد بأي شكل، كاشفاً بأن هذا الموقف كرره الرئيس الحريري في اجتماعه أمس الأوّل مع الموفد الرئاسي الروسي أكثر من ست مرات على مسمع الوفد الروسي الذي تفهمه.
وتحدث عن ان اللجنة المكلفة التفاوض ستضع الخطة اللوجستية لتأمين العودة، بالتنسيق مع الجانب الروسي ستكون على مستوى أمني ولوجستي فقط.