تصدر المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف المشهد السياسي أمس. وأكدت نتائج الإجتماعات التي عقدها لافرنتييف والوفد المرافق مع أركان الدولة، أن مبادرة الرئيس بوتين لإعادة النازحين السوريين، تتلاءم مع مطالب لبنان بعودتهم. وتدل موافقة بعض السياسيين على "المبادرة الروسية"، لا سيما بند التنسيق الحكومة السورية، على فشل "المحور المحلي" في الإستمرار باستغلال ملف النزوح لأهداف طائفية وخارجية. أما بشأن الحكومة الجديدة، فقد تضاربت الأنباء عن التوصل إلى حلول لبعض "العقد" من دون تأكيدها…
اللواء
مبادرة بوتين لإعادة النازحين: اللجنة قَيْد التشكيل والعدد الرسمي 890 ألفاً
برّي: ما عندي إيجابيات عن الحكومة.. ومسؤول أميركي يثير مع باسيل وضع حزب الله
بعد عمان ودمشق حط موفد الرئيس الروسي الكسندر لافرنتييف في بيروت، بهدف اطلاع المسؤولين اللبنانيين على المبادرة التي طرحتها بلاده لضمان عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتحديداً من الأردن ولبنان، وسمع الرؤساء ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري من موفد الرئيس فلاديمير بوتين ان بلاده معنية بانجاح المبادرة، وعلى المجتمع الدولي ان يدعمها مالياً، لأن «الحكومة السورية، غير قادرة على تقديم الكثير من الدعم المالي».. معتبراً انه يتوقف على الدعم الدولي توفير العودة الآمنة والعملية..
وفي المعلومات الدبلوماسية المتوافرة ان الاجتماعات التي عقدت سواء في بيت الوسط أو القصر الجمهوري بين المسؤولين اللبنانيين والوفد الدبلوماسي والعسكري الروسي ركزت على العودة الآمنة والطوعية للنازحين..
والأهم في المحادثات اقتراح تشكيل لجنة من الجانب اللبناني تتولى المتابعة مع الجانب الروسي، والروس يتولون العمل مع الحكومة السورية.
مع العلم ان الموفد الروسي طلب قبل مغادرته إلى تركيا ان تبادر الحكومة إلى التعاون مع الجهات المعنية.
وكشفت مصادر لبنانية مطلعة لـ«اللواء» ان اللجنة المقترحة قيد التشاور وسيسند إلى وزارتي الدفاع والداخلية اختيار الأعضاء الذين سينضمون إلى اللجنة أو تتكون منهم.
وقالت المصادر ان الموقف اللبناني كان موحداً تجاه المبادرة الروسية، التي رحب بها لبنان، وقالت المصادر ان الموفد الروسي أبلغ الجانب اللبناني ان الاتصال مستمر مع الأميركيين وانه سيرفع تقريراً إلى حكومة بلاده حول النتائج التي تحققت.
وكشفت المصادر ان الخطوة الأولى التي تحققت أمس هي بداية مسار طويل، يحتاج إلى أموال وضمانات أمنية، واستعداد الدولة السورية لتوفير ما يلزم لمواطنيها العائدين..
وعلمت «اللواء» ان عدد النازحين السوريين المسجلين رسمياً يقارب 890 ألفاً، وهناك بين 300 و400 ألف لديهم إقامة أو دخول غير شرعي.
لقاء الرؤساء الثلاثة
وإذا كان الانهماك اللبناني الرسمي بملف عودة النازحين السوريين، بفعل المبادرة الروسية اشاح النظر إلى فترة عن ملف تأليف الحكومة، فإن هذا الملف بقي في أولوية اهتمامات الرؤساء الثلاثة، الذين كان لهم اجتماع في مكتب الرئيس عون، في أعقاب اللقاء الذي جمعهم مع الموفد الرئاسي لافرنتييف، بدليل إشارة المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، إلى ان البحث في هذا الاجتماع «تطرق إلى آخر تطورات تشكيل الحكومة الجديدة، في ضوء الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري بعد زيارته القصر الجمهوري أمس الأوّل»، وأنه «تم التوافق على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، وعلى ان يُكثّف الرئيس الحريري لقاءاته خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة لتحقيق هذا الهدف».
غير ان المعلومات الخاصة بـ«اللواء» كشفت بأن الرؤساء الثلاثة عرضوا في اجتماع بعبدا لمسار تشكيل الحكومة سريعاً، لا سيما وان الرئيس نبيه برّي شارك في القسم الأوّل من الاجتماع، قبل ان يتحوّل اللقاء ثنائياً بين الرئيسين عون والحريري، حيث كان بحث في موضوع الحكومة، الا ان أي تطوّر جديد لم يطرأ منذ لقائهما أمس الأوّل، باستثناء ما تردّد بأن الرئيس عون احال الرئيس الحريري على رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، الذي سيعود إلى بيروت اليوم من زيارة واشنطن، للتفاهم معه على حل لمشكلة العقدتين المسيحية والدرزية، مع التركيز هنا على العقدة الدرزية، باعتبار ان حل مشكلة تمثيل الحزب الاشتراكي من شأنه ان يفتح الباب امام حل مشكلة تمثيل «القوات اللبنانية».
ونصح الرئيس عون الرئيس الحريري بالتفاهم مع النائب السابق وليد جنبلاط حول هذا الموضوع، وبالتالي اقناعه بأن يسمي اثنين من الوزراء الدروز، على ان يكون الثالث وسطياً، بمعنى انه يرضي جنبلاط والوزير باسيل، الذي يُصرّ على ان يتمثل الوزير طلال أرسلان في الحكومة، لكن مصادر الحزب الاشتراكي رفضت هذا الحل، واصرت على ان يسمي جنبلاط الوزراء الدروز الثلاثة.
وفي تقدير المصادر التي كشفت هذه المعلومات، ان مشكلة تمثيل «القوات اللبنانية» قابلة للحل، من خلال اعطائها أربعة وزراء، على ان يعطى اثنان حقيبتان اساسيتان، في مقابل عشر حقائب للفريق الرئاسي مع «التيار الحر» وحقيبة لتيار «المردة».
وكان لافتاً للانتباه في هذا السياق، قول رئيس «القوات» سمير جعجع، بعد اجتماع «تكتل الجمهورية القوي» أمس، بأنه «بات مقتنعاً بأننا لن نتمكن من الوصول إلى تأليف الحكومة من دون تدخل الرئيس عون»، وهو يقصد هنا إقناع صهره الوزير باسيل بالتنازل عن شروطه، والتي تهدف إلى دفع الرئيس المكلف إلى اعتماد تشكيلة حكومية بعيدة عن الواقع التمثيلي الذي أفرزته الانتخابات النيابية، ولا تنسجم مع قناعاته، بحسب جعجع نفسه الذي كرّر دعمه للعهد، رافضاً ان يقدم على أي تحالفات لمواجهته، مع الاشتراكي و«أمل» و«المستقبل».
وبحسب ما اشارت إليه المعلومات، فإنه من المرجح ان يعقد لقاء بين الحريري وباسيل بعد عودة الأخير من السفر، وكذلك لقاء بين الحريري وجنبلاط التي قالت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا انه يتجدد لأسباب خارجية، في إشارة إلى الضغوط الإقليمية والدولية التي تمارس لمنع هيمنة فريق الممانعة أي حلفاء «حزب الله» على الحكومة العتيدة من خلال الإصرار على ان تكون حصة الفريق الرئاسي مع التيار العوني 11 وزيراً.
وكانت أوّل إشارة رسمية إلى هذه الضغوط، ما كشفته الناطقة بلسان الخارجية الأميركية، من ان البحث بين الوزير باسيل ونائب وزير الخارجية الأميركية جون سليفان الذي التقاه أمس، على هامش الاجتماع الوزاري الدولي حول الحرية الدينية المنعقد في واشنطن، «تناول جهود تشكيل الحكومة، والقلق الكبير من جانب الولايات المتحدة حيال دور «حزب الله» في لبنان والمنطقة، وتهديده للاستقرار الاقليمي».
وأكّد سليفان «ضرورة تقيد كل الأطراف اللبنانيين بالتزامات لبنان الدولية والكف عن خرق سياسة النأي بالنفس».
ووفق هذه المصادر، فإن ما تردّد عن احتمال ولادة الحكومة، قبل احتفال عيد الجيش في الأوّل من آب، يبدو من سابع المستحيلات، أو قد يحتاج إلى «معجزة».
بري: لا شيء عندي
وكان الرئيس برّي أكّد، أمس، أمام زواره، ان موضوع تأليف الحكومة، لم يكن في صلب لقاء الرؤساء في بعبدا، إلا انه أشار إلى انه حصل تناول هذا الموضوع في العموميات، حيث شدّد على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة اليوم قبل الغد.
وعندما سئل عن المعطيات الإيجابية التي تحدث عنها الرئيس الحريري، اجاب: «لا شيء عندي».
وأوضح برّي ان الاجتماع الرئاسي الذي اعقب اللقاء مع الوفد الرئاسي الروسي، تركز على ضرورة اتخاذ موقف لبناني موحد من مسألة عودة النازحيين السوريين.
اللجان المشتركة
إلى ذلك، اقرت اللجان النيابية المشتركة في أولى جلساتها التي عقدتها في ولاية المجلس الجديد، وحضور نيابي بارز ناهز الـ79 نائبا، مشروع قانون يتعلق بادارة النفايات الصلبة واقتراح قانون بحماية كاشفي الفساد. واتفق على ان تعقد اللجان جلسة كل يوم خميس من كل اسبوع..
وشهدت الجلسة انسحاب النواب سامي الجميل والياس حنكش وبولا يعقوبيان، احتجاجا على اقفال باب النقاش لدى مناقشة مشروع قانون ادارة النفايات الصلبة الذي اخذ نقاشاً استغرق حوالي الساعتين.وقد اقر المشروع بالتصويت حيث نال الاكثرية. وتساءل الجميل: «لماذا الاستعجال في اقرار المشروع طالما لن تعقد هيئة عامة للمجلس قبل تشكيل الحكومة»، فيما اكدت يعقوبيان «انها منعت من الكلام، والتوافق بات ناضجا في مسألة أن يأتوا بمحرقة ب 250 مليون دولار ووضعها في منطقة الكرنتينا المدور.. وهذه المرة الفساد لا يسرقنا انما هو قاتل».
وأعلن نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي الذي ترأس الجلسة انه «اتخذ قرار بأن نعقد جلسة للجان عند العاشرة والنصف من كل يوم خميس في كل اسبوع، ويتم اقرار مشاريع القوانين التي تهم الصالح العام وتعود بالنفع والخير العام للجميع».
واشار الى انه تم تعيين مقرر اللجان ابراهيم كنعان باعتباره رئيسا للجنة والموازنة، مؤكداً أن لا تمثيل للوزارة في اجتماعات اللجان واللجان المشتركة الا عبر الوزير شخصيا او المدير العام، والا سنضطر آسفين لان نطلب اعتبار هذه الوزارة غير ممثلة في الاجتماع الذي سيعقد.
وعن اعتراض كل من النائبين يعقوبيان والجميل، قال الفرزلي: «باب الاجتهاد في المجلس هو باب مفتوح، هناك وجهات نظر متعددة، بعد نقاش مستفيض لتقرير اللجان المشتركة برمته، هذا القانون موجود منذ سنة 2012، تم النقاش فيه مرارا وتكرارا، وتشكلت لجنة فرعية من اللجان المشتركة وضمت كل الاطراف والكتل السياسية التي تتكون منها الخريطة البرلمانية، وكان النائب السابق ايلي ماروني، كما سمعت، من الزميل جورج عدوان ممثلا في اللجنة وكان لها انتاج مهم، وحاولوا ان يعيدوا النقاش الى بداياته. كان للنواب وجهات نظر، وفي مقدمتهم النائب عدوان بأنه يجب اقفال باب النقاش وكان هناك تصويت. فكان التصويت بالاكثرية الساحقة الماحقة من قبل النواب للذهاب باتجاه اقرار القانون (النفايات الصلبة)».
البناء
الخليج وسوق النفط على صفيح ساخن… وسليماني يهدّد الأميركيين في العراق بعد البحر الأحمر
سورية تودّع شهداء السويداء وتمضي لنصرها… والأسد: إدلب وجهتنا المقبلة
دعوة موسكو لثلاثية لبنانية روسية سورية لعودة النازحين… وعقدة الحكومة درزية
ترجم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني المشهد الحاكم للمواجهة الأميركية الإيرانية بمجموعة معادلات رفعت سقف التحدي، واصفاً نتائج لغة الاستفزاز الأميركية بالمريعة، حيث تحوّل البحر الأحمر من ممرّ آمن للتجارة الدولية إلى أخطر الممرات المائية، وانتقلت السعودية من دولة مهيبة الجانب إلى ساحة لتساقط الصواريخ التي تهزّ استقرار عاصمتها، ويمتدّ القلق على عواصم أخرى تسير في الخطط الأميركية. وقال سليماني للرئيس الأميركي دونالد ترامب متحدياً تكذيبه في مناظرة علنية، لقد طلبتم مني ضمان عدم التعرّض لقواتكم في العراق فلماذا تتبجّحون، وقواتكم كلها لا تحتاج في مواجهة مقبلة إلى الجيش الإيراني. ففيلق القدس سيتكفل بها، ومشكلتكم معي ونحن أقرب إليكم مما تظنّون. وقد وصفت مصادر متابعة للعلاقات الأميركية الإيرانية تزامن كلام سليماني مع تعليق الملاحة النفطية في البحر الأحمر والملاحة الجوية مؤقتاً في مطار أبو ظبي بعد استهدافه بمتفجرات من طائرة بدون طيار، بأعلى درجة من التصعيد والتهديد في تاريخ المواجهة بين واشنطن وطهران، معتبرة التذكير بطلب تحييد القوات الأميركية في العراق بمثابة تهديد مباشر باستهداف هذه القوات.
في سورية كانت السويداء تودّع شهداءها، والحداد عام في المحافظات السورية، والرسالة «الإسرائيلية» بالقدرة على تحريك داعش لارتكاب المذابح حتى لو نجح الحسم العسكري بإنهاء سيطرتها على مناطق سورية، موضع دراسة من المراجع الأمنية في دمشق وموسكو وطهران، لكيفية خوض المواجهة مع هذا الوجه من الحرب، ومنع النيل من مهابة النصر المتدحرج في كلّ جبهات سورية. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد في حديث إعلامي تماسك جبهة حلفاء سورية، والقرار السيادي للدولة السورية بمواصلة الحسم مع الإرهاب، كاشفاً أنّ الوجهة المقبلة للجيش العربي السوري هي إدلب.
على المستوى السياسي الدولي والإقليمي، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السير بالتفاهمات حول سورية وسبل الحلّ السياسي فيها، بعد لقائه الرئيس التركي رجب أردوغان على هامش قمة «بريكس» المنعقدة في جنوب أفريقيا، والتي تشارك فيها تركيا للمرة الأولى، على خلفية تدهور علاقاتها بواشنطن، ويأتي لقاء بوتين أردوغان وكلام بوتين بعده تأكيداً لمساري أستانة وسوتشي، وما قاله الرئيس الروسي حولهما بعد قمة هلسنكي التي جمعته بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما كان وفد روسي رفيع يبحث الخطة الروسية لعودة النازحين في قصر بعبدا، بحضور رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، واللواء عباس إبراهيم المكلف ملفّ النازحين والتنسيق مع سورية وروسيا.
الوفد الروسي بدّد التسريبات والشائعات التي أطلقها فريق الرابع عشر من آذار حول ظروف وشروط المبادرة الروسية، فالمبادرة ليست لتسهيل عودة النازحين دون التنسيق مع الحكومة السورية، بل لضمان وتسهيل هذا التنسيق، والصيغة المقترحة هي ثلاثية روسية لبنانية سورية، والمبادرة مقترح قدّم وجرى إقراره في قمة روسية أميركية لتسهيل التطبيع الغربي مع سورية تدريجاً، وتحرير الملف الإنساني للنازحين من الفيتو السياسي، وليس تلبية لطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان لتحريره من إحراج التواصل مع الحكومة السورية.
أما على المستوى الحكومي فقد أكدت مصادر متابعة أنّ الحلحلة ليست قريبة، رغم التقدّم المحقق على مسار التمثيل القواتي وتخفيض سقف المطالب من خمسة وزراء إلى أربعة، والقبول بدون حقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة. فالعقدة المتبقية لا تزال في التمثيل الدرزي جدية ومعقدة، بسبب إصرار اللقاء الديمقراطي على احتكار التمثيل الدرزي، ومجموع التمثيل الوزاري بين كتلتي الرابع عشر من آذار، أيّ تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، والثامن من آذار، أيّ حركة أمل وحزب الله وحلفاؤهما من دون التيار الوطني الحر، لا يزال مختلاً، فمقابل 44 نائباً بقي لقوى الرابع عشر من آذار وفقاً للصيغة المقترحة 13 وزيراً مقابل 7 وزراء للثامن من آذار مقابل 45 نائباً.
روسيا للبنان: سورية المدخل الوحيد لحل أزمتكم
في ضوء القرار الدولي المنبثق عن قمة هلسينكي، وضع الاجتماع الروسي – اللبناني في بعبدا أمس، قطار عودة النازحين السوريين على السكة الرسمية الصحيحة، وذلك بعد محاولات شاقة قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم منفرداً كموفد شبه رسمي من خارج الإجماع الحكومي تمكن خلالها من إعادة قسم من النازحين، أما وقد دخل الروس على خط المعالجة بالاستناد الى مروحة تفاهمات مع الاميركيين، فلم يعد باستطاعة الفريق الآذاري وضع العصي في دواليب طريق العودة الآمنة والطوعية.
لكن هذا الطريق لن يكون سهل المرور، كما يشتهي رئيس الحكومة المكلف وحلفاؤه في 14 آذار، قالها الوفد الروسي للجانب اللبناني بأن المدخل الوحيد لحل أزمة النزوح في لبنان هو التواصل مع الدولة السورية وأي دربٍ آخر لن يحقق المرجو منه بل سيعقد الأمور ويحبط جهود اللجنة.
اجتماع بعبدا والموافقة «غير الطوعية» للفريق الآذاري على المبادرة الروسية، فضح الدور الذي لعبه هذا الفريق في إحباط مبادرات داخلية وخارجية عدة لحل أزمة النزوح، التي رتبت على لبنان أثماناً باهظة على المستويات كافة، ما يدفع الى التساؤل: لماذا لم يقبل رئيس الحكومة المكلف حل أزمة النزوح بالتواصل المباشر مع الدولة السورية منذ سنوات إن كان سيعود ويقبل مكرهاً بذلك في الوقت الراهن؟ وهل سيوافق على أن تُجري حكومته العتيدة مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية للاستفادة الاقتصادية من الفتح القريب لمعبر نصيب وإنقاذ اقتصاد لبنان من الانهيار أم أنه سينتظر ايضاً مبادرة روسية على هذا الصعيد؟
ووفق مطلعين على ملف النازحين فإن روسيا نسقت مع الدولة السورية بالمبادرة قبل زيارة لبنان، «إذ لا يمكن أن تُقدِم روسيا على أي خطوة من دون التنسيق مع سورية»، مشيرين لـ«البناء» الى أن «الدور الروسي هو محفز ومشجّع للنازحين للعودة الى سورية عبر ضمانات أمنية يوفرها للعائدين من منطلق وجود القوات العسكرية الروسية على الأرض السورية، لكن التواصل مع الدولة السورية هو الممر الوحيد لإعادة النازحين وحل أزمة النزوح في المنطقة».
وقال مصدر معني بالعلاقات اللبنانية السورية لـ«البناء» إن «سورية أبلغت السلطات الروسية الموافقة المبدئية على المبادرة واستعدادها للتعاون وتقديم ما يلزم من ضمانات للمترددين في العودة وعقد مصالحات داخلية من خلال اللجان الأهلية والرعاية الخدمية لإنجاح المبادرة ومستعدة ايضاً لاستقبال اللجنة الروسية اللبنانية والبحث بالآليات التنفيذية لذلك». ووفقاً للمبادرة الروسية أضاف المصدر «فقد اتفق الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري على أن يكون اللواء إبراهيم موفداً من قبل الدولة اللبنانية وليس موفداً رئاسياً فقط في اللجنة للتنسيق مع الجانبين الروسي والسوري، وذلك بعد أن وافق الحريري على ذلك». وكشف المصدر بأن «فتح معبر نصيب ينتظر التواصل بين سورية والاردن، وأن سورية مستعدة لفتح هذا المعبر لكنها تطالب الأردن بتصحيح العلاقات السياسية على مستوى حكومتي البلدين وكذلك ستفعل مع لبنان، إذ إن أي انفتاح اقتصادي على سورية سيقابله تطبيع للعلاقات السياسية على مستويات رسمية». ودعا المصدر الدولة اللبنانية لـ«العمل لتحقيق قفزة نوعية في مسار العلاقات بين لبنان وسورية عبر الانتقال الى المستوى السياسي وأن لا يبقى التواصل محصوراً بمستوى القناة الأمنية والمدراء العامين في الوزارات»، ودعا أيضاً الى «فتح القنوات السياسية الرسمية بأسرع وقت لتمكين لبنان من تحقيق مصالحه الوطنية عبر خطوط ثلاثة: إعادة النازحين أولاً والاستفادة من فتح معبر نصيب ثانياً والدخول في عملية إعادة الإعمار في سورية ثالثاً»، محذراً من أن «استمرار اعتراض بعض المسؤولين اللبنانيين على ذلك سيخسر لبنان فرصاً ذهبية على صعيد الخروج من أزماته المالية والاقتصادية وتشجيع الاستثمار والتجارة الخارجية لتحقيق نهوض اقتصادي حُرِم منه لبنان منه طوال الثماني سنوات الماضية بسبب الحروب في سورية والمنطقة».
وأكد اللواء إبراهيم في حديث تلفزيوني أن «رئيس الجمهورية طلب منه المشاركة بالاجتماع المعني بملف عودة النازحين السوريين، لأنه مكلف الحوار مع سلطات سورية»، مشيراً الى أنه «إذا كان هناك قرار دولي بالعودة، فلا شيء يوقف هذا المسار». ولفت الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يدرك حجم تجاوب السلطات السورية بتوليه الملف»، موضحاً أنه «لا مشكلة لدي أن أكون عضواً في أي لجنة معنية بهذا الملف او لا اكون». مشدداً على أن «العلاقات بين لبنان وسورية ستعود الى طبيعتها والجغرافيا والتاريخ يحددان شكل العلاقة بغض النظر عن شكل النظام».
وكان رئيس الجمهورية رأس الاجتماع اللبناني – الروسي الذي عرض الخطة التي أعدتها وزارة الدفاع الروسية بالاشتراك مع وزارة الخارجية الروسية لتنظيم إعادة النازحين، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري، وكان بحث في المقترحات الروسية لتأمين عودة النازحين السوريين الى اراضيهم. وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني، الى الرئيسين بري والحريري، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وقادة الأجهزة الامنية وممثل وزارة الخارجية، بينما ضم الوفد الروسي مبعوث الرئيس الروسي الى سورية ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، القائم باعمال السفارة الروسية في بيروت فاتشلاف مقصودوف، الجنرال ستانيسلاف غادجيما غوميدوف والجنرال فانسييف، اضافة الى الدبلوماسيين والضباط والمستشارين في وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين والسفارة الروسية في بيروت.
وأكد لافرنتييف باسم الوفد أن «المحادثات كانت إيجابية جداً وسنواصل العمل المشترك في ملف العودة»، مشدداً على ان الدعم الدولي مهم لتحقيقها، واضاف: نرى عودة يومية لنازحين ما يدل الى ان لا تهديدات من قبل الحكومة السورية. وهذه اشارة مشجعة، موضحاً ان المطلوب توفير الظروف الملائمة لهذه العودة والحكومة السورية مستعدة للقبول بمن يريدون العودة. وقال: «النزوح حمل ثقيل وفي لبنان هناك تفاهم والدولة جاهزة للتعاون مع مبادرة اعادة النازحين».
ترحيب لبنان بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، معتبراً ان «هذا الموقف يتجاوب مع الدعوات اللبنانية لتأمين عودة آمنة للنازحين، ما يحد من تداعيات النزوح السوري على الوضع في لبنان».
وشكر الرئيس عون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «دعمه للبنان والدور الذي لعبته روسيا لمحاربة الإرهاب ومنع تمدده»، وأعرب عن «استعداد لبنان لتقديم المساعدة اللازمة لتنفيذ المقترحات الروسية بإعادة النازحين، سواء عبر اللجان التي ستُشكّل لهذه الغاية، او عبر الآلية التي ستعتمد».
بدوره لفت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في مؤتمر تعزيز الحرية الدينية إلى أن «التهديد الأكبر على صيغة التنوع في لبنان هو النزوح السوري واللجوء الفلسطيني على أرضنا، الذي تتوجب إعادتهم سريعاً الى بلدانهم، آمنين كريمين كي لا يمس التنوع الذي هو أساس لأي حل دائم في المنطقة. وهناك معادلتان أصبحتا ثابتتين، إن النزوح الكثيف يقسم الضيوف والمضيفين الى فئات، ويؤدي الى فرز مجتمعي أساسه الأحادية وهو ما يؤدي الى التطرف وصولاً الى الإرهاب، ومعروف أن كليهما، التطرف والإرهاب هما مرادفان لمنع الحرية الدينية والثانية أن الدولة هي الضامن للحريات الدينية، لأنه عندما تغيب المؤسسات تعم الفوضى، فيجنح الإنسان بطبيعته نحو التقوقع مع مَن يشبهه دينياً، حيث لا قانون يحميه. هكذا يَسهل على الإرهاب التغلغل والتحكم للقضاء على الحريات».
اجتماعات رئاسية حول الحكومة
وبعد انتهاء اللقاء، عقد اجتماع ضم الرؤساء عون وبري والحريري لمدة عشر دقائق تم بحث الوضع الحكومي، وبعد مغادرة بري استكمل عون والحريري البحث لمدة عشر دقائق واتفقا على عقد لقاء آخر خلال 48 ساعة المقبلة الى حين عودة باسيل الى بيروت.
وإذ علمت «البناء» أن الرئيس عون اتفق والحريري على أن يجري الأخير سلسلة مشاورات تشمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال الساعات القليلة المقبلة، في محاولة لإقناعهم بالاقتراحات التي قدّمها حيال حل العقدتين المسيحية والدرزية، لفتت مصادر الحريري لقناة «أو تي في» الى أن « الحريري اقر امام رئيس الجمهورية امس انّ العقدة لتشكيل الحكومة ليست مسيحية، بل درزية وسيعمل لإيجاد حل مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي لا يزال يتمسك بحسب مصادر «البناء» بالحصة الدرزية كاملة ورفضه أي حل وسطي يقضي بتوزير شخصية على صلة بالنائب طلال أرسلان، فيما نفت مصادر الأخير تلقيه أي عروض تفاوضية بشأن حل العقدة الدرزية.
أما على صعيد العقدة القواتية فيبدو أن تقدماً حصل بحسب المعلومات المتداولة، حيث شهدت الاتصالات الاخيرة مرونة قواتية إزاء الحصة الوزارية، حيث وافق جعجع على 4 وزراء مع وزير دولة وثلاث حقائب من دون حقيبة سيادية ولا نائب رئيس الحكومة، وترافقت هذه المعلومات مع رسائل واشارات ايجابية وجهها جعجع أمس باتجاه بعبدا، حيث دعا «الاطراف المعرقلة للكف عن ممارساتها تسهيلاً لعملية تشكيل الحكومة»، ورداً على سؤال قال «نحن داعمون للعهد وأقصى تمنياتنا أن يكون أنجح عهد في لبنان، وبما يتعلق بتشكيل الحكومة كل له رأيه. وتبين أننا والمستقبل والاشتراكي وأمل لدينا وجهات نظر متقاربة». وأكد «عدم تشكيل تحالفات ضد العهد لإفشاله».
في المقابل أشار النائب ألان عون، إلى أنّ «هناك تحريكًا للجمود في الملف الحكومي ويمكن البناء عليه»، مركّزًا على أنّ «توزيع الأحجام على الكتل النيابية، يجب أن يكون منسجمًا مع الواقع».
اللجان المشتركة
واستبق المجلس النيابي تأليف الحكومة من خلال عقد الجلسة الأولى للجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في ساحة النجمة، وتم خلالها إقرار مشروع قانون حماية كاشفي الفساد ومشروع قانون النفايات الصلبة وإرجاء البنود الاخرى الى جلسة لاحقة. الا ان الجلسة انتهت على على سجال سياسي، مع انسحاب النواب بولا يعقوبيان، الياس حنكش وسامي الجميل لدى مناقشة بند النفايات الصلبة.
الجمهورية
«الجمهورية» تنشر فحوى المبادرة الروسية.. وتسريع رئاسي للتأليف
في ظلّ ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة متزامناً مع التصعيد الاميركي ـ الايراني، ظلت الانظار منصَبّة على مضيق «باب المندب» بعد تعليق المملكة العربية السعودية مرور شحنات نفطها عبره لئلّا يتكرر تعرّضُها للاستهداف «الحوثي» نتيجة تبادلِ التهديد بين واشنطن وطهران ودخول قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني (الباسدران) اللواء قاسم سليماني على الخط محذراً الاميركيين من ان حسابهم هو مع «فيلق القدس»، ومعلناً أن البحر الأحمر لم يعد آمناً نتيجة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. وفي الموازاة بقي الاهتمام منصباً على ملف النازحين السوريين في ضوء المقترحات الروسية لاعادتهم الى بلادهم والتي كانت موضع بحث أمس بين المسؤولين اللبنانيين ووفد روسي رفيع المستوى برئاسة الكسندر لافرينتييف الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في وقت أعلن المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن بلاده بدأت تطرح هذه القضية في الأمم المتحدة.
علمت «الجمهورية» أنّ الأفكار الروسية والاقتراحات التي نقلها الوفد الروسي الى لبنان تمحورت حول خمس نقاط اساسية هي:
1- اقترح الروس تأسيس لجنة في كل من لبنان والاردن وتركيا، للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي في سبل العودة وآلياتها. وفي السياق أصر الرئيس سعد الحريري على ان تكون لجنة أمنية لوجستية لبنانية ـ روسية، مع التركيز على ضمانات امنية داخل سوريا للعائدين.
2- ابلغ الوفد الروسي الى الدول المعنية في المنطقة ان موسكو نسّقت مع الحكومة السورية، وانّ لديها ضمانات بعدم التعرض للعائدين. واشار الوفد قبيل مغادرته بيروت الى ان البيان الذي اصدره الرئيس السوري بشار الاسد امس تم بالتفاهم مع الروس.
3- كشف الروس ان اعادة الاعمار في سوريا، خصوصا للبنى التحتية المدمرة تحتاج الى دعم مالي، وقد ُطلب من الاميركيين والاوروبيين تأمينه، وهم لم يردوا على هذا الطلب بعد.
4- أسّس الروس مراكز في سوريا من المفترض ان ينتقل اليها العائدون في المرحلة الاولى، ومنها الى قراهم بعد اعادة اعمارها.
5- ستكون هناك نقاط عبور تمر عبر الدولة التي يعود منها النازحون، والروس والنظام.
مبادرة نتاج توافق
وأفادت معلومات أن الوفد الروسي نقل من دمشق اجواء وصِفت بأنها «اكثر من مشجعة»، خصوصا لجهة استعداد دمشق لتقديم كل المساعدة والتسهيلات بما يخدم المبادرة الروسية لاعادة للنازحين، مع التأكيد ان السلطات السورية لن تتعرض لأي من هؤلاء.
واكد الوفد ان المبادرة الروسية «لم تنطلق من فراغ، بل هي نتاج توافق دولي شامل حولها، والا لما كانت تسير في الوتيرة التي تسير فيها نحو التطبيق».
وابلغ لبنان الى الوفد موقفا موحدا من المبادرة الروسية عبّر عنه رئيس الجمهورية بتأكيد اهمية التجاوب المطلق معها بما يخدم الهدف الذي يتوخاه لبنان وهو رفع عبء النازحين عنه حيث بلغت المعاناة من هذه القضية على كل المستويات حدا لا يوصف.
وفي المعلومات ايضا ان الجانب اللبناني ابدى استعداده الكامل للتعامل الايجابي، والابعد من الايجابي، مع اللجنة التي سيؤلفها الجانب الروسي في شأن لبنان، وقد خلص اللقاء الى اتفاق على مواصلة البحث في لقاءات تتحدد مواعيدها وفقا للتطورات التي تنشأ على هذا الصعيد.
وقالت مصادر مشاركة في اللقاء لـ«الجمهورية»: «نستطيع القول اننا بدأنا الخطو نحو حل مشكلة النازحين، لكننا لا نستطيع ان نقول ان هذا الملف سيقفل بـ«كبسة رز»، هناك مسار بدأ وبالتأكيد سيأخذ بعض الوقت».
وسئل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الموقف اللبناني من المبادرة الروسية، فقال: «اجزم بأن هناك موقفاً لبنانياً واحداً، وكل كلام عن انقسامات واصطفافات لا مكان له في هذا الموقع، وان شاء الله يبلغ هذا الملف خواتيمه الطيبة». وابدى ارتياحه الى الاجواء التي سادت اللقاء، وأكد ان هناك موقفاً لبنانياً موحدا حيال مقاربة المبادرة الروسية لموضوع النازحين.
والى ذلك قالت مصادر تابعت اجواء اللقاءات اللبنانية ـ الروسية لـ«الجمهورية» ان «التطور الابرز الذي طرأ على ملف النزوح هو قوة الدفع الدولية التي أعطيت في قمة هلسنكي وحملها معه موفد بوتين الى لبنان، معطوفة على ضمان دولي لم يكن متوافراً في السابق وهذا ما يشجع النازحين اكثر على العودة. فالروسي وخلفه الأميركي سيكون مسؤولا عن هذه العودة وهو موجود على الارض».
وكشفت ان الجانب الروسي «اعلن صراحة بأنه مسؤول عن كل نازح يعبر الحدود بالتنسيق مع الجهات المعنية، اما الإجراءات فلن تخرج عن النطاق المتبع منذ مدة من الامن العام اللبناني». واكد الوفد الأمني الروسي خلال اجتماعه مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في القصر الجمهوري «ان الامن العام اللبناني سيكون هو محور العملية، والآلية التي يتبعها هي التي ستعتمد ضمن الخطة الجديدة للعودة».
واستوضحت «الجمهورية» اللواء ابراهيم موضوع اللجنة والآلية والتكليف، فلم يشأ التعليق مكتفيا بالقول: «نحن مُستمرون وفقا للمهمة المعطاة لنا سابقا وحتى الآن لم نتبلغ اي جديد، وهناك دفعة كبيرة من النازحين تقدَّر بالمئات ستعود السبت المقبل الى الاراضي السورية وفق الآلية الحالية».
وقالت مصادر وزارية تابعَت جانباً من المحادثات لـ«الجمهورية»: «على حكومة تصريف الاعمال ان تجتمع الآن في جلسة طارئة لأن هذا الملف استراتيجي كبير ويهدد لبنان سياسيا واقتصاديا ويؤثر على البنى التحتية». وسألت: «اذا لم يكن هذا الامر الذي يهدد مصلحة لبنان العليا يستدعي الاجتماع فما الذي يستدعيه، خصوصا أنّ الاجتماع سيكون في هذه الحال دستوريا وضمن صلاحيات حكومة تصريف الاعمال؟ فهناك مبادرة دولية جدية على لبنان ان يلاقيها في منتصف الطريق بموقف موحد توافق عليه كل القوى السياسية حتى لا تضيع الفرصة في زواريب المزايدات او المواربات. فما حصل في السابق من هروب وتنصل ومماطلة لم يعد يصحّ الان وعلى الحكومة الاجتماع ووضع إجراءات عملية على المستوى الداخلي وتكليف اللواء ابراهيم رسميا للتواصل والتنسيق مع الجانب السوري، وهو ما يجب ان يذهب اليه لبنان شاء أم ابى، لأن الزيارات السرية لم تعد تصلح في ظل وضع هذا الملف أمام المجهر الدولي وعلى طاولة التنفيذ». ودعت المصادر «الى التوقف عند ما قاله الموفد الروسي من انه سيتوجب على لبنان التواصل والتعاون مع السلطات السورية، ولَم يحدد في كلامه التنسيق الأمني، ما يعني انه قصد بذلك السياسي منه أيضا.
وعلمت «الجمهورية» ان مطلع الاسبوع المقبل سيشهد تحركا كبيرا على هذا الصعيد بعد ان يكون لبنان قد حزم أمره واتخَذ إجراءاته.
وكان لافرينتييف قد عرض مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري لتفاصيل مقترحات روسيا لاعادة النازحين، واعلن انبلاده ستواصل العمل المشترك من اجل عودة النازحين، مؤكداً اهمية تهيئة الاجواء الملائمة للعودة. واوضح ان موسكو تبلغت استعداد سوريا «لاستقبال كل من يرغب من السوريين في العودة الى أرضه وتوفير كل الشروط اللازمة لهم للعودة الى وضعهم الطبيعي». وقال: «نعلم جميعاً انه ليس في استطاعة الحكومة السورية تأمين الاموال اللازمة بسبب الوضع الراهن، ونعتمد على المجتمع الدولي للمساعدة في هذا المجال».
عون
ورحّب عون بالمبادرة الروسية شاكراً لبوتين «دعمه للبنان والدور الذي لعبته روسيا لمحاربة الارهاب ومنع تمدده»، واعلن الاستعداد لتقديم المساعدة اللازمة لتنفيذ مقترحات موسكو بإعادة النازحين، «سواء عبر اللجان التي ستُشكّل لهذه الغاية، او عبر الآلية التي ستعتمد»، ودعا المجتمع الدولي الى المساعدة في تحقيق هذه العودة، خصوصا وان الازمة السورية باتت على ابواب الحل السياسي، ما يوفر الاجواء المؤاتية للعودة.
عند الحريري
وكان الوفد الروسي قد زار الحريري في «بيت الوسط»، في حضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير شؤون النازحين معين المرعبي، الوزير السابق باسم السبع ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان، وجرى البحث في تفاصيل المقترحات حول الخطة المرتقبة لاعادة النازحين. ولخّصت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» ما دار في اللقاء بالآتي: «ان همّ الوفد كان شرح المبادرة الروسية من دون الدخول في التفاصيل العملية».
ولفت رئيس الوفد الى ان مهمته تنحصر بالإتصالات مع دمشق وعمان وبيروت لنيل موافقتها على المقترحات الأولية، مشيرا الى ان وفودا أخرى جالت على عواصم دول تعتبر روسيا انها معنية بالأزمة والحلول المقترحة على اكثر من مستوى عربي ودولي. ولفت رئيس الوفد الى ان ليس لديه اي مقترحات عملية في انتظار نيل الموافقات الضرورية من كل الدول والجهات المعنية بعملية مسارها طويل لكن بداياته انطلقت وقد يكون مسارا معقدا الى درجة معينة، ولكن لا بد ان يكون لكل عقدة حل. وتولى وزيرا الداخلية وشؤون المهجرين أثناء اللقاء طرح بعض الأسئلة التقنية والإجرائية على اعضاء الوفد بعد مداخلة للرئيس الحريري رحّب فيها بالمبادرة متمنيا ان تساعد المواقف والظروف الإقليمية والدولية على ولوجها دون اغفال المصاعب التي تواجهها».
تقييم رئاسي
وبعد انتهاء المحادثات الروسية ـ اللبنانية عُقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة قوّم نتائج هذه المحادثات. وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان عون اجرى مع بري والحريري تقويما لمهمة الوفد الروسي، وتبادلوا الآراء حول التوقعات من المبادرة الروسية والأجواء الدولية التي تواكبها وما هو محتمل من عراقيل مادية، سياسية او عسكرية وامنية. وانتهى التقويم الى التفاؤل بالتأييد الدولي الذي وفّرته الديبلوماسية الروسية نتيجة للتفاهم مع الجانب الأميركي، وهو تأييد يفيض الى مرحلة الإجماع. فالعالم يخشى من اي انفجار اجتماعي او اقتصادي يصيب المجتمعات المضيفة للنازحين، ويمكن شظاياه ان تصيب الجميع.
الحكومة
وحازت أزمة تأليف الحكومة على قسط كبير من اللقاء الرئاسي، وتركز البحث على التطورات في هذا الصدد في ضوء الاتصالات التي يجريها الحريري بعد زيارته عون امس الاول. وتم التوافق على الاسراع في التأليف، على ان يكثّف الحريري لقاءاته لهذه الغاية.
وبعد مغادرة بري بعبدا استكمل عون البحث مع الحريري واتفقا على ان يلتقي الأخير الوزير جبران باسيل العائد مساء اليوم من واشنطن، على ان يعود الحريري الى بعبدا في الساعات الـ 48 المقبلة.
وقالت مصادر مواكبة لحركة الحريري لـ«الجمهورية» ان الايجابيات موجودة وبثها مقصود لكي تشكل عاملا مساعدا ومسهلا للتأليف، فهناك بحث حصل، ولكن لا توجد اي مسودات لتشكيلات وزارية متفق عليها حتى الآن وانما هناك محاولات للتقدم الى الامام، وثمة ليونة في بعض المواقف. وهناك طروحات حول مخارج معينة خصوصاً في ما يتعلق بالعقد الدرزية والسنية والمسيحية و«الشغل ماشي» ويؤمل في التوصل الى حلول قريباً.
ورشح بعد هذه الاجواء التفاؤلية أنّ الجلسة النيابية التشاورية التي كان بري قد لمّح الى احتمال الدعوة اليها للبحث في مصير الاستحقاق الحكومي قد تراجعت احتمالات انعقادها.
في السياق نفسه قالت مصادر مواكبة لمفاوضات التأليف «أن الهم المضمر لدى المعنيين ليس تأليف الحكومة في أقصر وقت ممكن بل إن كلا منهم يهتم بنفي تهمة العرقلة عنه وتبرئة ساحته من مسؤولية التأخير وهذا ما يفسر محاولات ضخ جرعات من التفاؤل لا تنطبق عمليا على الواقع».
وكشفت هذه المصادر أن عون أبلغ إلى الحريري «استعداده مبدئيا للموافقة على منح وليد جنبلاط ثلاثة وزراء ينتمون إلى الحزب التقدمي الإشتراكي»، لافتة إلى أن هذا الطرح «لا يعني بالضرورة أن يكون هؤلاء الوزراء من الدروز لأن اقتراح عون باختيارهم من صفوف الحزب التقدمي يوحي ضمنا بأن أحدهم قد يكون اشتراكياً مسيحياً وبالتالي ليس معروفاً ما إذا كان جنبلاط سيوافق على هذا الطرح أم لا».
التشريع و«الكتائب»
نيابيا، انطلقت في ساحة النجمة امس ورشة تشريعية، فأقرت اللجان النيابية المشتركة مشروع قانون حماية كاشفي الفساد ومشروع قانون النفايات الصلبة، وذلك بعد انسحاب نائبي حزب الكتائب سامي الجميل والياس حنكش والنائب بولا يعقوبيان من الجلسة، اثر خلاف على موضوع النفايات الصلبة. وقال الجميل لدى انسحابه انه لا يعرف «ما الهدف من الجلسة اذا لم يكن بامكان النواب ابداء رأيهم»، مطالباً بتعديلات لمنع حصول اخطاء. وتمنى ان لا يستمر هذا الاداء.
وعن موقف الكتائب مما شهدته جلسة اللجان النيابية المشتركة امس وانسحاب الكتائب منها، قالت المصادر لـ«الجمهورية»: «انها ديكتاتورية النافذين في البلد، و«انسحاب الكتائب من الجلسة لا يعني انسحابها من التصدي لهذه الديكتاتورية بكل الوسائل الديموقراطية المتاحة».
الأخبار
الحريري ينتزع من عون 3 وزراء لجنبلاط و4 لجعجع
ضمانات روسية وسورية: عودة آمنة للنازحين
لا جديد حكومياً سوى استمرار ضخ مناخ إيجابي عن رغبة رئاسية بولادة الحكومة الجديدة قبل الأول من آب عيد الجيش اللبناني. هذا في النوايا، أما في الوقائع، فإن مشهد المشاورات في الساعات الأخيرة لا يشي بأي تطور، سوى ما نقله زوار رئيس الحكومة سعد الحريري عنه بأنه تبلغ من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم اعتراضه بأن يتمثل اللقاء الديمقراطي بثلاثة وزراء، من دون معرفة ما إذا كان المقصود بالثلاثة من يمثلون الطائفة الدرزية أو أن رئيس الجمهورية ينوي مقايضة أحد المقاعد الدرزية الثلاثة بمقعد مسيحي. ونقل زوار الحريري عنه أنه يتبنى وجهة نظر القوات اللبنانية بوجوب أن تتمثل بأربعة وزراء في الحكومة الثلاثينية، وبينهم حقيبة سيادية أو موقع نائب رئيس الحكومة. وجدد الحريري القول إنه لا مانع لديه بأن يتمثل النواب السنة من خارج تيار المستقبل بمقعد وزاري من ضمن حصة رئيس الجمهورية، وأكد الحريري أنه سيلتقي رئيس الجمهورية مجدداً في الساعات المقبلة، مبدياً أمله في أن يلتقي وزير الخارجية جبران باسيل الذي سيعود الليلة من واشنطن، قبل أن يزور بعبدا.
وكان الحريري قد تناول الملف الحكومي في الاجتماع الثلاثي الذي ضمه والرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في القصر الجمهوري، أمس، بعيد انتهاء جلسة المحادثات الرسمية مع الوفد الروسي برئاسة الموفد الرئاسي ألكسندر لافرنتييف.
وقيّمت الترويكا الرئاسية نتائج المحادثات التي أجريت مع الوفد الروسي، كما تطرق البحث إلى آخر تطورات تشكيل الحكومة الجديدة في ضوء الاتصالات التي أجراها الحريري بعد زيارته القصر الجمهوري أول من أمس.
وتوافق الرؤساء الثلاثة على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، وعلى أن يكثّف الحريري لقاءاته خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة لتحقيق هذا الهدف. كما علمت «الأخبار» أنه جرى عرض سريع لمسار تأليف الحكومة، شارك الرئيس بري في جزء منه، حيث تعمّد القول في الاجتماع إنه بالإمكان تشكيل الحكومة أمس قبل اليوم.
أما في اللقاء الثنائي بين عون والحريري، فتم عرض التطورات التي حصلت منذ لقائهما الأخير (أول من أمس) واتفقا على اجتماع ثالث يُعقد في خلال الثماني وأربعين ساعة المقبلة.
وقد عُلم أن الاتصالات التي حصلت في اليومين الماضيين أدت إلى تقدم ملحوظ، لخّصه مصدر مطلع بالقول إن هناك تصوراً طرحه الحريري على عون لحل العقدتين المسيحية والسنية، وكذلك العقدة الدرزية، من خلال استبعاد اسم رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان عن التشكيلة المطروحة. وقد كان الرئيس عون متفهماً لهذا الطرح لكن شيئاً لن يحصل قبل عودة باسيل من الخارج.
في هذه الأثناء، ثمن تكتل الجمهورية القوية الجهود التي يبذلها الحريري في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة، ودعا التكتل، بحسب البيان الذي تلاه رئيس القوات سمير جعجع «الأطراف المعرقلة إلى الكف عن ممارساتها، تسهيلاً لعملية تشكيل سريعة باتت البلاد في أمس الحاجة إليها، في ظل الأوضاع الراهنة». كما استنكر التكتل «محاولات الضغط والتهويل والوعيد التي يمارسها المعرقلون أنفسهم على الرئيس المكلف، والتي تصب في هدف واحد، ألا وهو الدفع بالرئيس المكلف إلى اعتماد تشكيلة حكومية بعيدة عن الواقع التمثيلي الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، ولا تنسجم بالتالي مع قناعاته».
كما أكد جعجع أن القوات اللبنانية لن تقدم على أي تحالفات في مواجهة العهد، مشيراً إلى أنه «لن نتمكن من تأليف الحكومة من دون تدخل رئيس الجمهورية ميشال عون».
من جهتها، أشارت كتلة الوفاء للمقاومة، في بيان صادر عن اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد، أمس، إلى أنها تداولت في «تعقيدات التأليف الحكومي وأسباب المراوحة والتسويف في لحظة سياسية تفرض فيها التطورات السورية ملفات أساسية ينبغي أن تقاربها الدولة اللبنانية بانفتاح وإيجابية لتحقيق مصالح مشتركة للبلدين». واعتبرت أن ذلك يقتضي وجود علاقات دافئة وقنوات تواصل سياسي تنهض بمسؤولية معالجة الملفات الضرورية المطروحة لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري على حد سواء».
وفي خطوة لا يمكن عزلها عن مساعي رئاسة الجمهورية لتثبيت العلاقة مع سوريا، أبرق عون، أمس، إلى نظيره السوري بشار الأسد معزياً بضحايا الهجمات الإرهابية التي شنّها مسلحو تنظيم «داعش» في محافظة السويداء أول من أمس، مستهدفين الأطفال والنساء الأبرياء في مجزرة مروّعة «تؤكد مرة جديدة ضرورة بذل كل جهد ممكن للقضاء على هذا التنظيم المتطرف والخطير وأفكاره التكفيرية العنيفة». كما أبرق عون إلى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ يوسف جربوع، معزياً بضحايا المجزرة. وأعرب عون في برقيته، عن تضامن لبنان مع أهالي الضحايا.
وفي السياق نفسه، دان «حزب الله» هجمات السويداء، وقال، في بيان، «إن هذه العملية إذ تأتي في أعقاب الانتصارات الباهرة التي حققتها سورية وحلفاؤها في الآونة الأخيرة، خصوصاً في الجنوب السوري وعودته إلى كنف الدولة والشرعية والأمان، فإن قدوم هذه العصابات بكل أسلحتها وعتادها وآلياتها ومعداتها من منطقة التنف السوري حيث تتواجد قوات الاحتلال الأميركي وأمام أعينها وبتسهيلات واضحة منها، هو مؤشر خطير على اشتراك هذه القوات ودعمها لهذه الجريمة الإرهابية ضد سورية وشعبها ووحدتها وضد الأبرياء والمدنيين». كما رأى أن ذلك يؤكد في شكل واضح أن القوى الإقليمية والدولية لا تزال تواصل استخدام هذه العصابات المجرمة في تحقيق أغراضها الخبيثة وأهدافها العدوانية».
وتقام «وقفة تضامن ومشاركة ومؤازرة مع أبناء جبل العرب وصلاة الغائب على أرواح الضحايا، بعد الأحداث الأخيرة، بدعوة من مشيخة عقل الطائفة الدرزية»، في مقام الشيخ أحمد أمين الدين في عبيه، عند الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم، فيما يتقبل النائب طلال ارسلان التعازي في دارته في خلدة.
ضمانات روسية وسورية: عودة آمنة للنازحين
خلصت المحادثات اللبنانية ــــ الروسية، أمس، إلى إبداء الاستعداد المتبادل لإنجاح الخطة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، وهي الخطة التي فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب بطرحها في قمة هلسنكي، من زاوية توفير الدعم الدولي لها، لكن الأميركيين طلبوا التمهل من أجل درسها (مقال داود رمال).
أشاعت زيارة الموفد الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى لبنان، أمس، جواً إيجابياً جداً إزاء المبادرة الروسية الهادفة إلى إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم، مدعّمة بضمانتين، الأولى روسية، والثانية سورية، خصوصاً أن بيروت هي أول محطة يزورها الوفد بعد أن أطلع الرئيس السوري بشار الأسد، على حيثيات الخطة الروسية إضافة، إلى الموافقة الأميركية عليها في قمة هلسنكي.
ترأس رئيس الجمهورية ميشال عون المحادثات مع الوفد الروسي، في حضور الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، وزير الدفاع يعقوب الصراف، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مدير المخابرات في الجيش العميد الركن أنطوان منصور، مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير غدي خوري، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، وعدد من المستشارين في القصر الجمهوري ووزارة الخارجية.
وحضر عن الجانب الروسي إلى لافرنتييف، نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، القائم بأعمال السفارة الروسية فاتشلاف مقصودوف، الجنرال ستانيسلاف غادجيما غوميدوف، الجنرال سيرغي فانسييف، وعدد من الديبلوماسيين والضباط والمستشارين في وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين والسفارة الروسية في بيروت.
ماذا في محضر اجتماع القصر الجمهوري؟
في مستهل الاجتماع، نقل لافرنتييف إلى عون، تحيات بوتين وتمنياته بالتوفيق والخير للبنان والتقدم للشعب اللبناني الصديق، وعرض تفاصيل المقترحات الروسية لإعادة النازحين السوريين، وفق ما تم التفاهم عليه في قمة هلسنكي.
وقال عون إن لبنان يرحب بالمبادرة الروسية القاضية بإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وهي تتجاوب مع الدعوات اللبنانية لتأمين عودة آمنة للنازحين، ما يؤدي تلقائياً إلى الحد من تداعيات النزوح السوري على الوضع في لبنان، وشكر لبوتين دعمه للبنان وأيضاً الدور الذي لعبته روسيا الاتحادية في مكافحة الإرهاب ومنع تمدده، وأكد أن لبنان استطاع القضاء على المجموعات الإرهابية التي احتلت جزءاً من أراضيه على الحدود الشرقية مع سوريا، كما تواصل القوات المسلحة (اللبنانية) القضاء على الخلايا الإرهابية النائمة وتعمل على كشفها.
وأضاف عون أن لبنان على أتم الاستعداد لتقديم المساعدة اللازمة لتنفيذ المقترحات الروسية بإعادة النازحين السوريين سواء عبر اللجان التي ستتشكل لهذه الغاية أو عبر الآلية التي ستعتمد، والمطلوب من المجتمع الدولي المساعدة في تحقيق عودة النازحين، لا سيما أن الأزمة السورية باتت على أبواب الحل السياسي ما يوفر أجواء مؤاتية لتحقيق العودة الآمنة والطوعية.
وبعدما شرح عون الأعباء التي تكبدها لبنان ولا يزال جراء النزوح السوري على الصعد الاقتصادية والمالية والأمنية والسياسية والاجتماعية… وعدم توافر المساعدات الدولية التي تعين لبنان في مواجهة هذه الأعباء، على رغم كل الوعود التي قطعت له، أكد أن البدء بإعادة النازحين لا يلغي حق لبنان في تعويضه عن الخسائر التي تكبدها في كل مرافقه وبناه التحتية والتي فاقت العشرين مليار دولار، وهذه مسألة ستبقى في صلب الموقف والتحرك الرسمي اللبناني في كل الاتجاهات.
ثم تحدث لافرنتييف فأكد أن تفصيل الخطة الروسية «سيبحث لاحقاً عندما تتشكل اللجان في البلدان المعنية بملف النزوح لأن لكل بلد ظروفه واعتباراته»، وشدد على أن روسيا الاتحادية تتفهم جداً وتقدر العبء الثقيل على لبنان نتيجة النزوح السوري.
وتابع أن الأزمة العسكرية في سوريا شارفت على الانتهاء وعملية بناء الاستقرار بدأت وهذا يسمح بعودة النازحين لأن عودتهم من الركائز الأساسية لبناء هذا الاستقرار، والموقف الثابت لبلدنا هو الحفاظ على سوريا موحدة أرضاً وشعباً مما يعني إعادة النازحين السوريين إلى ديارهم.
وأضاف: لا بد من تشكيل لجان مشتركة لبنانية روسية وأردنية روسية وتركية روسية تشرف عليها لجنة مركزية تدير وتنسق عملية إعادة النازحين من هذه الدول، وإذا وجدنا حاجة لتشكيل لجان أخرى مع بلدان أخرى يوجد فيها نزوح سوري فلن نتأخر بذلك، على أن يحدد مستوى التمثيل في هذه اللجان لاحقاً، وهذه العملية ما زالت في بداياتها الأولى، وما يشجع على المضي فيها أن الحكومة السورية أبدت استعدادها لاستقبال النازحين وخلق الظروف الإيجابية للعودة.
وأوضح لافرنتييف أن الولايات المتحدة الأميركية على علم بالموضوع وكان محل حديث في قمة هلسنكي، ونحن على استعداد للتعاون مع أصدقائنا اللبنانيين لتحسين أوضاع اللبنانيين والسوريين، وعلى الصعيد العملي سيتم تشكيل لجنة لبنانية روسية لإعطاء زخم للمبادرة، وأعلن أن روسيا الاتحادية على استعداد تام لتقديم الدعم الضروري لمكافحة الإرهاب لأنه يهدد كل المنطقة وليس سوريا وحدها، وقال مخاطباً الرئيس عون: «يمكن الاعتماد على دعمنا وهذه رسالة الرئيس بوتين إليكم».
وأشار إلى أن الدول المعنية التي تستضيف نازحين سوريين معنية بتسهيل العودة وتقديم الدعم، وكذلك المجتمع الدولي، والجهد ينصب على إنجاز المصالحة ونحن نؤكد الاستمرار في العمل لإنجاز العملية السياسية (في سوريا)، لقد أبلغتنا الحكومة السورية أن أولوياتها في تسهيل عودة النازحين تتمثل في أربع نقاط:
أولاً، توفير الأمن والسلامة للعائدين.
ثانياً، تفادي اتخاذ أي تدابير قاسية بحق المقاتلين.
ثالثاً، خلق ظروف مؤاتية لهذه العودة عبر مبادرات عملانية.
رابعاً، بذل الجهود لتحقيق المصالحة الوطنية السورية وإطلاق ورشة إعادة الإعمار.
وبعد انتهاء الاجتماع الموسع، اختلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالفريق الأمني المرافق للموفد الرئاسي الروسي، وتركز الحديث على الآلية التي يعتمدها الأمن العام اللبناني في إعادة النازحين للاستفادة منها في وضع أسس العودة وفق المبادرة الروسية.
وأطلع إبراهيم الوفد الروسي على الدور الذي يقوم به الأمن العام من أجل إحصاء الوجود السوري في لبنان، فضلاً عن تواصله بتكليف من رئيس الجمهورية مع القيادة السورية، لمتابعة هذا الملف رسمياً، وأكد أن الجانب السوري يقدم تسهيلات كبيرة للجانب اللبناني، وكلما اكتملت خطة عودة لمجموعة من النازحين، يتم إرسال لوائح اسمية إلى الجانب السوري، فيدقق في الأسماء ويعطي موافقة نهائية للأمن العام، وعلى هذا الأساس، يتم تسيير قوافل العودة، وستكون واحدة منها يوم السبت المقبل من شبعا إلى بيت جن في الجانب السوري. وقال إن الأسماء التي لا يوافق عليها الجانب السوري، يجري التدقيق في أوضاعها القانونية في مرحلة لاحقة.
وفي تصريح له من بعبدا، وصف لافرنتييف المحادثات بأنها «كانت بناءة ومثمرة»، وقال إن لبنان والأردن «يستقبلان كلاً منهما نحو مليون نازح، وتركيا نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح، ولكن العدد الإجمالي لكل النازحين السوريين في مختلف أنحاء العالم يبلغ نحو 6 ملايين ونصف المليون وفق إحصاءات الأمم المتحدة». ورأى أن الحرب على تنظيم «داعش» وصلت إلى نهايتها، ودعا إلى تهيئة الأجواء الملائمة لعودة النازحين، وقال: «الحكومة السورية أبلغتنا (أول من) أمس من خلال لقائنا مع الرئيس السوري بشار الأسد، استعدادهم لاستقبال كل من يرغب من السوريين في العودة إلى أرضه وتوفير كل الشروط اللازمة لهم للعودة إلى وضعهم الطبيعي».
وقال لافرنتييف: «لقد أبلغت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أننا تلقينا إشارات إيجابية جداً من السلطات السورية، وهناك نازحون يعودون في شكل يومي بدفعات صغيرة، ويعلم العائدون أنه ليس هناك أي تهديد من قبل الحكومة والقوى الشرعية السورية التي تسيطر على المناطق التي تشهد عودة النازحين». وأكد أن المهم «هو القيام بالخطوة الأولى وسرعان ما ستتحول إلى كرة ثلج ستكبر حتماً مع الوقت».
ورداً على سؤال حول الموقف الأميركي، قال الموفد الروسي إنه تمت إثارة هذا الأمر خلال قمة هلسنكي، «ولم يكن هناك من نتيجة ملموسة ولكن الرئيس الروسي قرر القيام بالتعاون والتنسيق على أساس المساعدات الإنسانية. أما في ما خص النازحين، فأعتقد أن الإدارة الأميركية تحتاج إلى وقت لتبلور بعض الأفكار»، مشيراً إلى أن المناطق التي سيعود إليها النازحون هي «تلك التي تسيطر عليها الحكومة السورية».
برّي: المبادرة تحظى برعاية دولية
عكست أجواء رئيس مجلس النواب نبيه برّي، مساء أمس، ارتياحه الكبير للمحادثات التي دارت مع الموفد الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف في القصر الجمهوري، لا سيما أن الرسالة التي نقلها الموفد من دمشق أكدت «استعداد الدولة السورية في المساعدة والتساهل إلى أبعد الحدود، بما يخدم إنجاح المبادرة الروسية». وكذلك التشديد على «عدم التعرض للعائدين بأي شكل من الأشكال».
وتكمن أهمية المبادرة، بحسب أجواء عين التينة، في أنها «جديّة وتشمل ملف النازحين في كل المنطقة، وتحظى برعاية دولية وإلا لما كانت قد سلكت طريقها نحو التنفيذ». الوفد الروسي الذي جاء مطالباً بموقف واضح من الجانب اللبناني، سمع بحسب مصادر الرئيس برّي «موقفاً موحداً جعل من الاصطفافات الداخلية حول هذا الملف لا قيمة لها».