نص كلمة السيد حسن نصرالله في الذكرى السنوية الثامنة لانتصار المقاومة اللبنانية على العدوان الصهيوني في تموز 2006

صحيفة روسية : النار في بيروت تربك واشنطن و”القوات اللبنانية تتعاطف مع إسرائيل”!
بيان اجتماع عمّان التشاوري: لخروج القوات الأجنبية غير المشروعة من سوريا
نقد ماكروي : “النموذج السعودي” الذي استهلك …

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته. نلتقي اليوم في هذا الحديث، في الذكرى السنوية العزيزة والغالية لذكرى الصمود والمقاومة والبطولات والنصر والملحمة التاريخية.
في هذه المناسبة العزيزة والغالية يجب أن نجدد شكرنا لله تعالى على دفعه للبلاء وتثبيته للقلوب وهدايته للعقول ونصره العظيم الذي منّ به على لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان وجيش لبنان، وفي الحقيقة على الأمة كلها. هذه نعمة إلهية كانت على الأمة كلها لما كان يتهدد هذه الأمة، من خلال هذا العدوان كما سنعود لذلك بعد قليل.
والشكر لله تعالى دائما على جميع ألطافه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”.
ثم من الواجب في هذه الليلة أن نتوجه بالشكر والتحية إلى أرواح الشهداء الذين بذلوا مهجهم ودماءهم لنحيا جميعا بعزة وكرامة والذين مازالوا يتقدمون الواحد تلو الآخر بكل إقدام وشهامة. من الواجب ان نخص هذه الليلة بالذكر الشهيد القائد الحاج إبراهيم الحاج المعروف بالأخ ابو محمد سلمان، والذي تولى قيادة الصمود والمواجهة في بلدة عيتا الشعب الحدودية طوال 33 يوماً. التحية إلى جميع الشهداء، شهداء المقاومة بكل حركاتها وقواها وأحزابها، شهداء الشعب، شهداء الجيش والقوى الأمنية، شهداء الدفاع المدني ووسائل الإعلام، إلى كل شهيد ارتفع إلى خالقه في تلك الحرب العدوانية الظالمة. والتحية إلى كل جريح وفيّ وإلى كل صامد أبيّ وإلى كل مهجّر صابر، كان واثقاً بالعودة العزيزة، إلى كل العوائل الشريفة، عوائل الشهداء عوائل الجرحى، والعائلات التي صمدت والتي هجّرت والتي استقبَلت والتي استُقبِلت والتي احتضنت، التحية والشكر مجدداً إلى كل من تحمّل المسؤولية وشارك في صنع النصر من رؤساء وقادة، من لم يشارك و”اللي مالن خصّه” الذين ـ بالعكس ـ عطّلوا “خلّيهم على جنب ما بدنا نفتح مشكل مع حدا”، لكن إلى كل الذين تحملوا المسؤولية وشاركوا في صنع النصر من رؤساء وقادة وقوى ونخب وكل ما تضامن وأعان من دول وحكومات وشعوب، وخصوصاً إلى من لم يبخل بأي نوع من أنواع الدعم رغم المخاطر، أعني كلاً من الجمهورية الإسلامية في إيران وسورية، لكن يجب أن أخص بالشكر من لهم الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في صنع هذه الملحمة التاريخية، وهم المقاومون البواسل الذين صمدوا في كل المواقع وقاتلوا بكل شجاعة وفاجأوا العدو وأرهبوه وأسقطوا كل خططه وتكتيكاته وعقوله ونقلوا المعركة إلى ميدانه ولم يكلّوا ولم يملّوا ولم يترددوا ولم يهنوا ولم يحزنوا ولم يضعفوا بالرغم من بشاعة العدوان ومجازر العدوان على أهلهم وعلى أحبائهم في القرى والمدن والبلدات، وهم ـ أي المقاومون ـ الذين فرضوا في نهاية المطاف على العدو أن يصرخ وأن يستغيث بسادته الأمريكيين لإنهاء الحرب في الأيام الأخيرة، فكان النصر الإلهي التاريخي في حرب تموز.
يجب أن نذكر بكل الإجلال والتقدير أيضا جميع قادة المقاومة، وخصوصاً الشهداء منهم، لا سيما سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، والقائد الشهيد الذي كان فضله كبيراً وكبيراً جداً في هذه الحرب الحاج عماد مغنية الحاج رضوان وكل الذين بنوا وأسسوا هذه المقاومة يوماً بعد يوم، جيلاً بعد جيل. يجب أن نذكر القائد المؤسس لهذه المقاومة الباسلة في لبنان سماحة الإمام السيد موسى الصدر وخصوصاً ونحن على بعد أيام قليلة من حادثة اختطافه الإليمة.
أيها الإخوة والأخوات: لقد قيل الكثير في حرب تموز وأُلقيت خطب ومحاضرات ودروس، وألّفت كتب ووضعت دراسات وأجريت تحقيقات واستخلصت عبر ودروس عند العدو وعند الصديق وعندنا، في المنطقة وفي العالم، وما زالت هذه الحرب ومجريات هذه الحرب ونتائج هذه الحرب على كل صعيد هي موضع بحث وتدارس وتحقيق ونقاش.
لأنها ببساطة لم تكن معركة صغيرة ولا حادثة عابرة وإنما كانت حرباً حقيقية لها أبعاد وأهداف سياسية ومعنوية وإقتصادية وتاريخية تتخطى لبنان وفلسطين إلى كل المنطقة بل إلى المعادلة الدولية، يكفي أن نتذكر في تلك الأيام ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندوليزا رايس عن عدوان تموز: “أنه مخاض ولادة شرق أوسط جديد” موضوع كان له أهداف إقليمية وأبعاد إقليمية وأيضاً أهداف وأبعاد دولية، كانت كل المعطيات بعد انتهاء الحرب ـ أثناء الحرب هناك الكثير ظهر ـ لكن بعد انتهاء الحرب مما كتب، مما سجل من مقابلات صحافية والتحقيقات التي أجريت، والدراسات التي أجريت، المذكرات التي كتبت لرؤساء وقادة دول وجنرالات ووزراء خارجية، كله بدأ يقدم المعطيات والمستندات والوثائق وخصوصاً فيما قاله الإسرائيليون وشرحوه، وقاله الأمريكيون وشرحوه، وقاله لي أيضا أحد المفكرين الأمريكين الكبار، وهذا ليس سراً، هو كتبه في عدد من المقالات.
اتضح فيما بعد أن حرب تموز، أن عدوان تموز، كان جزءاً أساسياً من مسلسل في مراحل وله أهداف نهائية، كان المطلوب في عام 2006 أولاً من خلال الحرب إنهاء المقاومة في لبنان، سحق المقاومة في لبنان، وليس فقط نزع سلاح المقاومة في لبنان، ليس فقط نزع السلاح وبقاء البنية أو بقاء الأشخاص أو بقاء هذا الكيان الذي يمكن أن يتسلح مجدداً، لا، كان المطروح ليس نزع السلاح أو حل المقاومة، كان المطلوب سحق المقاومة، قتل قادتها وكوادرها وضرب مفاصلها ومجاهديها واعتقال أكبر عدد منهم. وتذكرون في ذلك الوقت كانوا يجهزون سجن إحدى المستوطنات في الشمال أو في الوسط لاعتقال 10000 شخص.
كان هناك تغيير بنيوي يراد تحقيقه من خلال الحرب. حسناً، هذا حلقة في المسلسل، يكمل عندما ينهي المقاومة في لبنان بحجة – هذا معطيات ومعلومات ولا أحلل – وبحجة أن سوريا وقفت إلى جانب المقاومة وأعطتها السلاح ودعمتها بالصواريخ وبعض السلاح النوعي، يكمل الاسرائيلي ضرب سوريا مما يؤدي إلى إسقاط النظام وقيام بديل صديق متحالف مع الولا يات المتحدة الأميركية.
أريد أن أذكر أن هذا كله عام 2006 بعد احتلال العراق والتواجد العسكري الأميركي الكبير في المنطقة.
الجزء الثالث أو الحلقة الثالثة في المسلسل كان ضرب المقاومة الفلسطينية وخصوصاً في قطاع غزة. هؤلاء الذين ذكروا هذه المعلومات قالوا إن هذا كله كان يفترض أن يطبق في 2006 أي قبل انتهاء 2006 لأنه كان هناك انتخابات نصفية للكونغرس الأميركي كان جورج بوش والمحافظون الجدد يريدون الدخول بحسب التعبير الاميركي نفسه الى الانتخابات التشريعية حاملين ثلاثة رؤوس “تشلي” دم ، رأس المقاومة في لبنان، رأس المقاومة في فلسطين، رأس النظام في سوريا.
ولذلك قبل حرب تموز، الذي كان يراقب الاعلام الاميركي كان يرى أن هناك تضخيماً كبيراً جدا لحزب الله بالتحديد، لحماس للجهاد وللنظام في سوريا ودورهم في “الإرهاب”.
كان هذا كله تحضيراً نفسياً وإعلامياً ومعنوياً، حتى إذا قطعت هذه الرؤوس الثلاثة يأتي جورج بوش ويقول للأميركيين: أنا قطعت لكم ثلاثة من رؤوس الإرهاب الدولي، تفضلوا انتخبوني، باعتبار إنني أنا الضامن لمصالح ولمستقبل الولايات المتحدة، والخطوة اللاحقة بعد الفوز في الكونغرس الاميركي كانت التحضير للحرب على ايران وإسقاط نظام الجمهورية الاسلامية عام 2007، الهدف من هذا المسار أن لا أتحدث من أجل التاريخ إنما سأقف عنده.
الهدف من هذا المسار أمران رئيسيان:
الأول: سيطرة أميركية محكمة ومطلقة على كل منابع النفط والغاز والطاقة في المنطقة، “خلص، طيب”، هذا العراق في يدهم يأخذون المنطقة هنا، يضربون حركات المقاومة، يسقطون النظام في إيران ويضعون يدهم على إيران، في الخليج هم متواجدون، هذه أهم مصادر الطاقة في العالم موجودة في هذه المساحة.
ثانياً: وهنا الاستهداف الحقيقي لحركات المقاومة وإيران ولسوريا بالتحديد هو إنهاء القضية الفلسطينية وفرض تسوية على الفلسطينيين وعلى العرب بالشروط الاسرائيلية، هذا كان الهدف.
عمل هذا المسار للوصول إلى هذا الهدف، عناصر هذا المسار كانت الاحتلال الأميركي المباشر للعراق وسابقاً لأفغانستان التي احتُلت كردة فعل على 11 أيلول. ثانيا إسرائيل والحرب الإسرائيلية حيث كانت إسرائيل مكلّفة بضرب المقاومة في لبنان، إسقاط النظام في سوريا من خلال الحرب، إنهاء المقاومة في فلسطين من أجل تحقيق هذه الأهداف.
هذا المسار كيف تعطّل؟ من عطّله؟ لماذا سقط؟
المقاومة في لبنان، الصمود اللبناني الأسطوري وكل من وجهت لهم الشكر بداية، انتصار المقاومة في حرب تموز أسقط هذا المسار أو بالحد الادنى عطله.
لماذا؟ لأن الميدان ـ وهذا كنت تحدثت عنه في يوم القدس والآن نجدده ونحن نخاطب غزة ومقاومة غزة وأهل غزة وإخواننا الفلسطينيين ـ لأن الميدان هو الذي أجبر الإسرائيلي أن يصرخ، عندما وصل إلى نقطة لم يعد قادراً على فعل شيء، استنفد سلاح الجو، استنفد القوات البرية، البحر خرج من المعادلة، العمليات خلف الخطوط أصبحت مغامرة خطيرة جداً نتيجة التطورات الميدانية التي حصلت. الإسرائيلي وصل إلى محل أنه ذاهب إلى كارثة عسكرية، طلب من الاميركيين وقف الحرب. كل ما كتب في المذكرات وما قيل معنا من وزراء خارجية ومسؤولين عرب كانوا في قلب المحادثات في نيويورك في مثل هذه الأيام والليالي، كله يؤكد هذا المعطى.
إذا صمود المقاومة وصمود لبنان، صمود المقاومة في الميدان أولاً، ثانياً: الصمود الشعبي والاحتضان الشعبي للمقاومة، ثالثاً: الصمود السياسي، مع العلم إنه كان عندنا مشكل سياسي كبير في الداخل، لكن الصمود السياسي كناتج أوصل أن الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين ومجلس الأمن الدولي يتنازل عن أغلب الشروط التي كان يضعها في الأسبوع الأول والأسبوع الثاني والأسبوع الثالث لوقف العدوان على لبنان .
النتيجة ماذا كانت:
أولاً: بقيت المقاومة في لبنان، لم تُسحق، لم تُضرب بنيتها، لم يُنزع سلاحها، بل أكثر من ذلك، تعاظمت المقاومة في لبنان، في بنيتها وفي عديدها وفي عتادها وفي شعبيتها وفي احترامها وفي الثقة بها.
ثانياً: لم تصل الحرب الإسرائيلية إلى سوريا لأنها عجزت في لبنان، إذا أكمل في لبنان كان ذاهباً إلى كارثة، فكيف سيوسع الحرب؟
ثالثاً: لم تحصل الحرب أو أجّلت الحرب على قطاع غزة بعام 2006 وقبل الحرب على لبنان كان هناك عمليات قصف جوي عنيف تحصل على قطاع غزة، وقد أجّلت بالحد الأدنى إلى آخر الـ2008.
بل أكثر من ذلك تصاعدت المقاومة في العراق للاحتلال الأميركي، أيضاً الصمود السياسي في العراق والمقاومة في العراق والإرادة الوطنية العراقية أدت الى خروج المحتل الاميركي دون أن يحتفظ لنفسه بثكنات أو يحصل على حصانة لجنوده وضباطه وسقط المحافظون الجدد في الانتخابات وجاءت إدارة جديدة وسقط كل هذا المسار.
هذا لا يعني أن الأهداف الأميركية سقطت، لا، دائماً يجب أن يبقى في وعينا شيء اسمه هناك أهداف أميركية ثابتة في المنطقة.
من أجل الوصول إلى هذه الأهداف تتبّع مسارات معينة أو تضع خططاً ومشاريع معينة، عندما يسقط مسار تلجأ إلى مسار آخر، إلى مسار ثالث، رابع، خامس، إلى أن تلحق الهزيمة النهائية بكل هذا المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة، عندها لا يبقى لا مشروع ولا أهداف ولا مسارات، لكن طالما هذا المشروع الاميركي الاسرائيلي وهذه الأهداف الأميركية ـ التي جزء منها إسرائيلي ـ قائمة فهي دائماً تبحث لها عن مسارات على ضوء الإمكانات والمستجدات والتطورات والعناصر القائمة.
حسناً هذه الحرب فشلت.
نتحدث هكذا لندخل للبحث الأساسي الذي هو الجزء الأساسي هذه الليلة، وثانياً لنذكّر بحجم الانتصار السياسي والتاريخي الذي حصل في حرب تموز حتى لا يُنسى في خضم الاحداث والتطورات.
لبنان، الشعب اللبناني، المقاومة اللبنانية، الدولة، الجيش، كل من كان له صلة حقيقية بهذا الانجاز وهذا الانتصار التاريخي، صنع هذا الانجاز التاريخي السياسي العسكري الفكري الثقافي الاخلاقي
الانساني الكبير، ولا تزال تداعياته قائمة إلى الآن.
ثالثاً: لنؤكد اليوم أمام المخاطر والتهديدات الحاضرة والقادمة إننا جميعا قادرون على مواجهة هذه المخاطر وقادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية على منطقتنا وبلدنا وبلداننا وشعوبنا ومقدساتنا،
لأنه في حرب تموز عندما ذهب الأميركيون إلى هذا المسار كان لديهم كامل عناصر القوة، بل أنا أدعي أنه في تلك اللحظة كان الأميركيون في ذروة القوة، بل لم تصل قوة في التاريخ والعالم إلى هذه القمة التي وصل إليها الأميركيون بعد الـ 2001 و2002. قمة القوة الأميركية العسكرية الأمنية السياسية المخابراتية الإعلامية، قمة السيطرة، قمة التهويل والتغوّل الأميركي، كان في هذا العقد من الزمن.
ثانياً: الظروف الإقليمية والدولية، اتحاد سوفياتي “ما فيه”، معسكر اشتراكي “ما فيه” عالم عربي، “ما فيه شي”، كله كان منهاراً أمام الولايات المتحدة الأميركية، الظروف الإقليمية والدولية المساعدة جداً.
من قدر أن يواجه في ذاك الوقت، لا أتحدث عن جهة محددة، هذا المجموع، في لبنان وفي المنطقة من لبنان إلى فلسطين إلى سوريا إلى العراق إلى إيران إلى بقية المنطقة، كلّ بحسب إمكاناته وموقعه وقدراته، الذي قدر أن يواجه هذا المسار ويسقطه هو قادر على أن يواجه أي مسار آخر ويسقطه. هدف التذكير أيضا هذا.
اليوم، ما يجري في قطاع غزة هذه الأيام من حرب وعدوان اسرائيلي على القطاع برأينا هو جزء من مسار جديد، قلنا هذا المسار سقط، وانتقلت المنطقة إلى تطورات وإلى أحداث قد نختلف في تقييمها وقراءتها وأسبابها، لكن دخلت المنطقة العربية كلها إلى وضع جديد.
حسناً، على ضوء هذا الوضع الجديد، الأميركيون رسموا مساراً جديداً أو المشروع الآخر المعادي رسم مساراً جديداً لتحقيق أهدافه التي هي نفسها السيطرة على المنطقة وعلى منابع النفط في المنطقة وغلبة إسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية وفرض شروط على الفلسطينيين والعرب بشروط إسرائيلية، نفس الأهداف لا تتغير. من وقت إلى آخر مسارات وتكتيكات تتغير.
الذي يحصل في غزة اليوم هو جزء من هذا المسار الجديد الذي كان بدأ قبل الحرب على غزة. الآن غزة هي حلقة من حلقات المسلسل، أو مرحلة من مراحل هذا المسار الجديد الذي يحمل عنصرين مثل ما كان في العقد الماضي. في العقد الماضي قلت إنه كان هناك عنصران: الأول هو العمل العسكري الاميركي المباشر الذي أدى إلى احتلال العراق والسيطرة على منطقة الخليج من خلال هذا الاحتلال.
الثاني: إسرائيل والجيش الإسرائيلي والحرب الإسرائيلية.
اليوم الأميركيون بعد كل ما لحق بهم وخروجهم من العراق ومأزقهم في افغانستان ووو هم حذريون جداً من العودة العسكرية إلى المنطقة أو بالحد الأدنى من العودة البرية، لذلك عندما يتحدثون عن التدخل الآن في العراق، كل يوم أوباما ووزير الخارجية ووزير الدفاع والأمن القومي (يقولون): لا لن نرسل قوات برية ولن نرسل جنوداً ولا مشاة، وهذا يعبّر عن شيء ما على كل حال.
حسناً، اليوم يوجد عاملان أساسيان يستخدمان في المسار الجديد، وأنا هنا سأتكلم عن الأمور بأسمائها، سأتحدث عن المسميات بأسمائها، واسمحوا لي ـ لمن يسمعني ـ بأن نفتح قلوبنا قليلاً وعقولنا قليلاً، لأننا جميعاً في لبنان وفي المنطقة في مرحلة خطر وجودي، هنا نحن لن نتكلم بالامتيازات وبالكمالات وبالأحسن والأفضل والأوفر، نحن نتكلم بالوجود.
حسناً، يوجد الآن مسار جديد وبعدها أعود إلى العنصرين الموجودين فيه. المسار الجديد أصعب وأخطر من المسار السابق لأنه ليس مسار إسقاط أنظمة وإقامة سلطات بديلة. في هذا المسار عندما تسقّط نظام وتأتي بسلطة بديلة يعني البلد بقي ككيان، والدولة بقيت والحدود بقيت والنسيج الاجتماعي بقي أو تأذى، الجيش بقي أو تأذى، لكن تقوم بإزاحة سلطة وتأتي بسلطة بديلة.
المسار الجديد ليس مسار إسقاط أنظمة وإيجاد سلطات بديلة، إنما هو المسار الذي تكلمنا عنه في أكثر من مناسبة، هو مسار تدمير وتحطيم دول وجيوش وشعوب وكيانات، ولسنا بحاجة لدليل على ما يحصل ولكن نأتي عليه لاحقاً، فمسار تدمير وتفتيت وتهشيم وتحطيم كل شيء، هذا المسار الأميركيون ماضون فيه، ومن هم مع الاميركيين بالمنطقة ومعهم إسرائيل أيضاً، يراد بناء خريطة جديدة للمنطقة، لكن على ماذا؟ بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، حسنا، الآن على ماذا تبنى الخريطة الجديدة؟ على أشلاء ممزقة، ليس أشلاء افراد فقط بل أيضاً على أشلاء دول وشعوب مجتمعات وعلى ركام، ليس أنه سوف يبقى عواميد وحيطان نعود ونرممها ونسقفها أو ما شاكل، (تُبنى) على عقول تائهة، نتيجة الأحداث التي تحصل أو المخطط أنها تحصل في المنطقة، حتى العقول تحتار، أين نذهب؟ ما الخيارات التي لدينا؟ ماذا سنفعل؟ وعلى قلوب مرتعبة، هناك منظر مؤثر جداً، هناك مروحية في منطقة سنجار، هل هي عراقية أو اميركية “أنا نسيان” وأظن عراقية، لما كانت تحمل نساء وأطفال من الأرض، انظروا إلى وجوههم، إلى عيونهم وتذكروا نساءكم وأطفالكم لتعرفوا على ماذا ستبنى الخريطة الجديدة، على أشلاء ممزقة، على ركام وحطام، على عقول تائهة، على قلوب مرتعبة، يراد أن نصل جميعاً، كلنا في المنطقة إلى كارثة ومن أجل التخلص من هذه الكارثة نقبل بأي شيء، بأي إملاءات، ولكن خلّصونا من هذه الكارثة، “طلعونا من هذه المصيبة” وستحصلون على ما تريدون، “على عيننا”، نحن حاضرون. كارثة اجتماعية وأمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وعقلية وقلبية وعاطفية، بل الأسوء من ذلك، يتحول عندها العدو الأساسي إلى المنقذ وإلى المخلّص في نهاية المطاف، هذا ما تُجر المنطقة إليه.
حسناً، من هم العناصر الأساسيون في هذا المسار الجديد؟
الإسرائيليون، وهذا ما تحدثت عنه فيما يجري في غزة من تدميروتحطيم، الهدف الواقعي والحقيقي مثل ما تكلم الإخوة الفلسطينيون وحُكي عنه، هو ضرب المقاومة ونزع سلاح المقاومة وإنهاء بنية المقاومة، تيئيس الناس من كل شيء اسمه مقاومة، أن تستسلم الناس في قطاع غزة، أن لا يبقى شيء، حطام، ركام.
والعنصر الآخر الذي لا يقل خطورة هو ما سمي بالتيار التكفيري، الذي اليوم أصبح أبرز مصاديقه وأوضح تجلياته، هو داعش، وداعش هي المصداق الكبير الآن لهذا التيار.
حسناً، هذه هي عناصر المسار الجديد، سوف أعود لاحقاً عندما أتكلم عن داعش وعن المسار الجديد، لكن أريد أن أدخل إلى البحث من خلال هذا السؤال وهي الفكرة المركزية بكل خطاب الليلة: هل يمكن التغلب على المسار الجديد وإلحاق الهزيمة به؟ نعم، أنا اقول للبنانيين للسوريين للعراقيين والفلسطينيين، لكل شعوب المنطقة: نعم يمكن إلحاق الهزيمة بالمسار الجديد، كما الحقت الهزيمة بالمسار السابق، لكن هذا لا يأتي بالتمني، هذا يأتي بالعمل، والدعاء يسند العمل، هذا بحاجة إلى شروط وعناصر، ويتطلب جهداً معيناً يُعمل عليه.
يوجد عنوانان أريد أن اركز عليهما لأقول: نعم يمكننا أن نصل نحن إلى مكان نلحق فيه الهزيمة بهذا المسار الجديد.
العنوان الأول هو أن ندرك وأن نفهم ونصدق أولاً أن هناك تهديداً حقيقياً وتهديداً وجودياً يواجهنا جميعاً، في البداية يجب أن نلتفت بأنه هل يوجد تهديد وخطر من هذه الشاكلة أم لا؟
ثانياً، إن هذا خطر جدي حقيقي أم أن هذه مزحة أو نكتة سخيفة ؟ أبعاد هذا الخطر، إمكانيات هذا الخطر ومقدرات هذا الخطر. يجب أن ندركه ونفهمه ونستوعبه ونصدّق في البداية، وليس أن نقول إنه لا يوجد شيء، هنا: لا إفراط ولا تفريط، يأتي أحدهم ليقول لك: لا يوجد شيء في المنطقة، لا يوجد أي خطر، وهذه نكتة سخيفة، هذا حادث عابر، لا يوجد شيء.
حسنا، هنا هذا خطأ لماذا؟ لأنه ممكن في لحظة من اللحظات تصبح أنت مثلاً في لبنان أمام الخطر وجهاً لوجه، لم تجهز شيئاً ولم تعد لشيء وليس لديك استراتيجة وليس لديك عناصر قوة، ولم تحضّر وليس لديك خطة، فتندم حيث لا ينفع الندم، وقد ضاع منك كل الوقت، هذا خطأ. والذي يقول بأنه لايوجد شيء، هذا منفصل عن الواقع ومكابر، كل ما يحصل وتقول لا يوجد شيء؟! لا يوجد خطر؟!
ثانياً: بين الافراط والتفريط أن تأتي وتقدم الأمور بأكبر من حجمها الحقيقي مما يؤدي إلى حالة رعب وهلع ويأس وإحباط وتسلل روح الهزيمة والاستسلام، وأن تبدأ الناس تفكر بانها كيف ستجمع أغراضها وحقائبها وتسافر، وهذا “يقطع PASSPORT”، وهذا أين يريد أن يخفي نفسه، “لأنه خلص”، يوجد خطر قادم ولا قدرة على مواجهته مثل ما حصل للمنطقة على زمن الاجتياح المغولي مثلا.
لا هذا صحيح، انه لا يوجد شيء والذي يحصل هو مزحة، ولا أنه لا امكانية للمواجهة ويصبح هناك حالة إحباط ويأس وهزيمة، فهذان المساران مخطئان. الصح بهذا العنوان أن ندرك الخطر، حجم الخطر، إمكانيات الخطر، مقدرات الخطر، ونصدق أنه يوجد خطر. هذا أولا.
العنوان الثاني، لأنني أريد أن أعود وأبني على هذين العنوانين، العنوان الثاني هو أن نبحث عن وسائل مواجهة هذا التهديد، وإسقاطه وإنهائه وإلحاق الهزيمة به، الوسائل الحقيقية الواقعية الجادة، أن لا نذهب إلى أوهام وأن لا نذهب إلى خيارات سراب، أن لا نذهب إلى خيارات تم تجربتها وفشلت ولم تؤدِّ إلى أي نتيجة، أن نذهب إلى خيارات واقعية من تاريخ منطقتنا، من تاريخ شعوبنا ومن تاريخ أمتنا ومن تاريخ البشرية كلها بالنظر إلى كل الوقائع والمعطيات والمعادلات الدولية والإقليمية والمحلية، نأتي ونقول نعم، يوجد هذه الوسائل واحد اثنان ثلاثة أربعة وخمسة، أن نضع خطة ونقول هذه هي عناصر هذه الخطة ونذهب لنحضّر لمواجهة هذا التهديد. بهذين العنوانين، نعم ممكن، عندما نأتي إلى التجربة، من خلال حرب تموز وحرب غزة اليوم وحرب غزة سابقاً، من خلال تجارب المقاومة وما جرى في المنطقة، الفلسطينييين واللبنانيين وشعوب المنطقة، بل كل العالم العربي وكل العالم الاسلامي كلنا نحن على مدى عشرات السنين، يعني منذ قبل الـ48 إلى اليوم عشنا تجربة أليمة ومحزنة، وفي بعض الحالات مخزية وكانت قاسية جداً على شعوب وعلى حكومات وعلى أجيال وهذا الذي ورثناه نحن وهي تجربة إسرائيل، المشروع الصهيوني التوسع الصهيوني الخ…
بالبداية وفقط لتقريب الفكرة، بالبداية، ببدايات القرن العشرين، عندما بدأوا يأتون بالصهاينة، عائلات عائلات، وفلاحين وحرف وتجار ويـأتون بهم الى فلسطين….
العرب كم كان عددهم واليهود كم كان عددهم؟ اليهود كم كان عددهم في فلسطين؟ لا شيء.
إذا قلت لأي فلسطيني أو لأي عربي أن اليهود يريدون أن يقيموا دولة في فلسطين، وذلك طبعاً من خلال المشروع الصهيوني، فسيرد عليك: “اذهب، انت تمزح معي، انت تكذب علي”.
بدأو بجلبهم، لم يكن هناك تقدير للخطر من البداية، يوجد أناس لم يروا الخطر بالأصل، يوجد أناس استهانوا به، ويوجد ناس بسّطوه، وآخرون وضعوه تحت البعد الانساني، أي يقولون: “هؤلاء مساكين، هؤلاء مشردون في الدول وتعرضوا في الحرب العالمية الثانية لكذا وكذا، لو جاء بعض العائلات واستقروا في مناطقنا، فما هي المشكلة؟ لدينا أرض فلسطين واسعة ما شاء الله، شعب فلسطين لم يغطِّ جميع الجغرافيا الفلسطينية”.
ومن الأساس عندما جاءت هذه العائلات وزّعت على مستوطنات ذات وظيفة أمنية وعسكرية. من الأساس يعني لم يحصل أي شيء بالصدفة. لكن الناس، الشعوب، النخب، والحكومات، والكثيرون وليس الجميع، يوجد أناس كانوا فاهمين لما يحصل، يوجد أناس كانوا واعين لما يحصل، آخرون كان لديهم توقعات مسبقة، ودقوا جرس الخطر، لكن الأغلبية الساحقة لم تكن تدرك هذا الأمر.
وعندما جئنا إلى العام 1948، قالوا:” يا أخي يريدون أن يأخذو أرض 1948 ويعملوا دولة، فلسطين واسعة والأرض العربية واسعة.” لم يتعاطوا بأن هذا خطر وبأن إسرائيل سوف تمتد، وطبعاً عينها على القدس ومناطق أخرى.
أيضاً في عام 1967، بعض العرب كان يجدون أعذاراً لإسرائيل، أي يقولون:” إن إسرائيل ليس لديها أهداف توسعية (أعوذ بالله)، هي لا تريد أن تأخذ الضفة، ولم تضع عينها على القدس الشرقية، ولا تريد أن تدخل إلى الأردن، ولا إلى الجولان، ولا إلى مناطق معينة في لبنان، ولا شيء، وإن ما قامت به إسرائيل في عام 1967 هي حرب استباقية لانه كان لديها معلومات بأن الدول العربية والجيوش العربية، وخصوصاً الجيشين العربيين المصري والسوري، يحضّرون أنفسهم لمعركة حاسمة مع الإسرائيلين، إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية في ذلك الوقت، مساكين الإسرائيليون، لقد قاموا بحرب استباقية ولكن هم لا يريدون أن يتوسعوا.” ألم يُحكى هذا الكلام في العالم العربي؟
حجم التهديد بدأ يكبر إلى أن وصلنا إلى مكان باتت إسرائيل فيه دولة من أقوى جيوش العالم، من أقوى دول العالم، تهدد وتعربد وتشرّد وتقتل وترتكب مجازر، وتذهب إلى طاولة المفاوضات وتريد أن تفرض شروطاً، من أين وصلنا الى هذه النتيجة؟ نبحث على العنوان الاول، لأنه من الأول كان يوجد نقاش بأن هؤلاء الصهاينة الذين جاؤا من شتى أنحاء العالم، هل هؤلاء يشكلون تهديداً أو لا يشكلون تهديدا؟ إذا كانوا يشكلون تهديداً فما هو حجم التهديد؟ ما هي إمكاناته؟ ما هي عناصر قوته؟ ما هي ما هي؟ هذا أولاً.
ونأتي أيضاً لتطبيق العنوان الثاني، تم الرهان على خيارات خاطئة إلا قليلا، وسوف آتي على هذا القليل.
هناك من راهن على المجتمع الدولي، على المؤسسات الدولية، على العلاقات العربية مع الحلفاء، وهناك من صدّق الانكليز، وصدّق الفرنسين، ومن بعدها صدّق الامريكان، وهناك من راهن على تدخل دولي، ومن ثم رهان على الجامعة العربية، انتظار الاستراتجية العربية الموحدة ـ وهذا حصل في لبنان وفي فلسطين وفي العديد من الدول بكل المواجهات مع المشروع الصهيوني ـ منظمة المؤتمر الإسلامي، وحدة العالمين العربي والاسلامي في العالم، ما هذا الكلام؟ ونحن ما زلنا ننتظر إلى عشر سنوات، تليها عشر سنوات، وتليها أيضاً عشر سنوات، ونحن اليوم منتظرون منذ 70 سنة، وأكثر اذا حسبنا منذ بداية القرن الماضي.
تم الذهاب إلى خيارات مثل الذهاب إلى المفاوضات، مثل أن نستنجد بالعالم، بالمجتمع الدولي، بالضمير العالمي، بشرعة حقوق الإنسان، باتفاقية جنيف. هذا لم يصل إلى الطريق الصحيح، التجربة تقول إنه لم يصل إلى مكان، بدليل كل ما جرى على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين وعلى شعوب المنطقة خلال كل هذه العقود. الذي لديه منطق آخر فليتفضل.
أما الشيء الوحيد الذي كان صحيحاً، كان منذ البداية الذهاب إلى ما سمي بالكفاح المسلح، إلى ما سمي بحرب التحرير، إلى ما سمي بالخيار العسكري، حيث كان هناك عصابات إرهابية مدعومة من بعض الدول الأجنبية احتلت الأرض الفلسطينية ولو على موضوع 1948، وشرّدت الشعب الفلسطيني، حوّلته إلى لاجئين في أرضه وخارج فلسطين. أيضاً كان المطلوب أن تستنهض الأمة، وأن تٌجهز الجيوش، وأن تُعد فصائل المقاومة، وأن يعمل الجميع لتحقيق هذا الهدف، وإنجازه، وطرد هؤلاء الغزاة، وهذا كان الطريق الصحيح، ولم يكن هناك طريق صحيح آخر.
تم العمل بهذا الطريق بشكل جزئي، فصائل المقاومة الفلسطينية بأشكالها الشعبية المختلفة خرجت منذ البدايات، قبل 1948، بعد 1948، يجب حفظ كل هذا كتاريخ، ويجب أن يتعلم منه كتاريخ.
وصولاً الى المواجهة في مصر، مواجهة العدوان الثلاثي في آخر الخمسينات، تحضير بعد 1967 للحرب مع إسرائيل، التي وقعت عام 1973 والتي خاض فيها الجيشان المصري والسوري معارك بطولية، لكن انتهت إلى ما انتهت إليه.
إن حركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين، حيث حصل انجاز، حيث حصل انتصار، حيث حصل تقدم، كان بسبب هذه الخيارات، هذا النوع من الخيارات، وليس تلك الخيارات البائسة، التي إما نضحك بها على أنفسنا، أو نضحك بها على شعوبنا، أو نسلي أنفسنا بها.
مثلاً واحدة من النظريات التي بقيت عشرات السنين أن الحل بأنه هناك لوبي صهيوني، هيا بنا نصنع لوبي عربي، لنتوازن نحن واللوبي الصهيوني، نضغط على الإدارة الاميركية، ونصل إلى حل في الشرق الاوسط، ما هذا الكلام؟ هذا كلام التسلية، هذا كذب على الناس، هذا خُرافة وليس فقط تنظيرا.
هذه التجربة التي حصلت في الملف الاسرائيلي، واليوم إذا كان هناك من رهان على غزة وعلى أهل غزة، وعلى فصائلها المجاهدة والمناضلة، وعلى شعبها، وعلى إرادتها، وعلى مقاومتها، لأنها تعتمد هذا الخيار، ولا تريد أن تستسلم إلى العدو الاسرائيلي، لا تريد أن تركع، بالرغم من كل التضحيات، ليس الخسائر بل التضحيات، شهداء، جرحى، دمار، وكل شيء، المقاومة لا يوجد لديها خيار آخر.
الآن أي أخ فلسطيني أو أخت فلسطينية يعيش في قطاع غزة أو في أي مكان، ويستعرض كل هذا التاريخ المعاصر الحديث، لم نتحدث عن ما قبل مئتي عام أو الف سنة، سيستنتج أن هذا الطريق هو الصح، وهذا أكيد سيوصل إلى نتيجة، وفي أماكن كثيرة وصل إلى نتيجة.
هذا تطبيق العنوانين على ملف ما زال قائماً وحياً وحيوياً وخطيراً، وهو المواجهة مع المشروع الصهيوني.
نأتي إلى النموذج الثاني الذي هو قائم الآن، أريد أن أتكلم هنا قليلاً وأريد أن أقول: “يا إخواني، يا أخواتي، أخاطب اللبنانيين وكل شعوب المنطقة، الذين يسمعونني، بناءً على كل ما تقدم، وبمعزل عن كل ما جرى خلال الأعوام الثلاثة الماضية، واختلاف وجهات النظر فيه، والتقييم، والأسباب، وتحميل المسؤوليات، ووضع الحق معنا والخطأ على الآخر، لنضع كل ذلك جانباً، لأن كل هذا الآن لم يعد ينفع، لا ينفع، لماذا؟ لأن هناك خطراً حقيقياً على كياناتكم، على مقدساتكم، على دولكم، على وجودكم الخارجي، على منازلكم، على مساجدكم، على كنائسكم، على نسائكم وأطفالكم، بالتالي الآن هذا الوقت ليس وقت مراجعة، الآن نريد ان نقوم بمراجعة؟ “ماشي” نقوم بها فيما بعد، لكن الآن المنطقة كلها، وشعوب المنطقة كلها أمام خطر كبير وجديد وحقيقي.
اليوم (هذا الشيء) الذي اسمه “داعش”، عندما ننظر ما هو هذا الشيء الموجود اليوم؟ دعونا نتكلم بالوقائع.
اليوم يوجد تنظيم بات دولة، لم يعد تنظيماً، يحتل أو يسيطر على مساحة جغرافية واسعة جداً، جزء من الأرض السورية، وجزء من الأرض العراقية، طبعاً هذه المساحة هي أكبر من كثير من بعض الدول في المنطقة وفي العالم، إذا تكلمنا عن المساحة الجغرافية، يسيطر على منابع طاقة، نفط، غاز، وغيره، يسيطر على أنهار رئيسية، وعلى سدود مياه رئيسية، لديه كميات هائلة من السلاح والعتاد والذخيرة، ويبيع النفط وهناك من يشتري ويتاجر ويسهل، وهذا يجب من المفروض أن يوضع عليه علامتا استفهام، يوجد دول لديها ألف مشكلة لكي تقدر أن تبيع ناقلة النفط الخاصة بها، كيف تستطيع داعش أن تبيع النفط وأن تحصل على تمويل أمام نظر المجتمع الدولي والدول الإقليمية مثلاً؟ ولدى هذا التنظيم أيضاً عدد كبير من المقاتلين، وكثيراً منهم الذين تقع عليهم العمدة الحقيقية ليسوا من المقاتلين السورين أو المقاتلين العراقين، بقدر ما هم من المقاتلين الذين جاؤوا من الخارج، وتم تسهيل سفرهم وإدخالهم عبر الحدود ـ أيضاً مع علامة استفهام ـ هذا التنظيم الذي لديه هذا التواجد، ولديه ايضاً عقيدة ورؤية وفهم معين، والذي أيضاً عنده سلوك، رأينا سلوكه من سوريا إلى العراق، بدأ بإرتكاب المجازر، ليس انه خاض معركة، ارتكب مجازر، قتل أسرى ومعتقلين لديه، قتل أناساً ليس لديهم علاقة بالمعركة، بدأ أولاً بأبناء جلدته، أبناء التنظيم الواحد والفكر الواحد، والقاعدة الواحدة، والبيعة الواحدة، الذين هم جبهة النصرة، ومن بعدها فتك وما زال يفتك ببقية حلفائه، الذين هم بشكل طبيعي حلفائه، الجماعات المسلحة السورية، والآن تدور معارك في الريف الشمالي في حلب بين داعش وبقية الفصائل، طبعاً في بعض الأماكن جبهة النصرة “حيّدت”، تدور معارك في ريف إدلب، في شمال إدلب، حصلت معارك كبيرة جداً في دير الزور، نصل إلى العراق، في سوريا وفي العراق كل من خالفه ويختلف معه في الرأي قاتله وقتله وذبحه، يعني انظروا حتى في الوسيلة يتعمد فيها الترهيب، طيب يا أخي انت اذا استنتجت انه يجوز لك أن تقتل هؤلاء الناس، أطلق عليهم النار، كلا، لا يقوم بالقتل إلا بالذبح، وتحت الكاميرا ويضعها على اليوتيوب، وينزلّها في الفضائيات حتى تراها وهذا كله جزء من الحرب النفسية، جزء من حالة نشر الرعب والخوف والهلع، عند شعوب المنطقة، عند حكومات وجيوش المنطقة، المجازر التي ارتكبت ـ أنا أحب أن أقول لكم ـ هي بالدرجة الأول بأهل السنة، وتستطيعون ان تراجعوا الأعداد، من قتل من اهل السنة، من علماء اهل السنة، الذين هم ليسوا مع الانظمة، الذين هم معارضون للأنظمة وقتلهم، الناس الذين قتلهم داعش، لأنه بالنسبة له حتى نستطيع ان نبني على هذا الموضوع، أهل السنة الذين نحن نعرفهم أهل سنة هم بالنسبة له كفار، لأنه عنده بالتقسيم العقائدي والفكري الخاص به، والفقهي الخاص به، الكفار هم كذا وكذا وكذا وأيضاً الأشاعرة من المسلمين، وأغلب السنّة في العالم هم أشاعرة بالمعنى العقائدي والفكري والكلامي.
حتى لو كانوا غير أشاعرة وكانوا من فكره هو تحت عنوان سياسي أو اختلاف على البيعة ذبحهم، ألم يحصل هذا.
اليوم هذه الحرب الأخيرة التي قامت بها داعش.. الأكراد ماذا هم؟.. مسحييون أو شيعة، أغلبهم سنة. هذه المعركة الأخيرة أكثر من مليون ونصف مهجر بسبب حرب داعش في داخل العراق هم أهل سنة، غير الشيعة وغير المسيحيين وغير الأيزديين. حسناً، ها هو في العراق لم يوفر أحداً، إذا تكلمنا في الديانات، مسلمين ومسيحيين وأيزديين، وبالمذاهب، سنة وشيعة لم يوفر أحدا. إذا تكلمنا بالعرق والقومية، عرب، كرد، تركمان، لم يوفر أحدا. وهذه المعركة في سوريا ذات الشيء، لم يوفر لا عربياً ولا كردياً.
هذا داعش، مقدسات، مزارات، مقامات، مساجد، كنائس، يوجد نمط حياة قادم ليفرضه بقوة السلاح والترهيب على الناس، على كل الناس وليس فقط على المسيحيين، على المسلمين والمسيحيين، وهذا نمط الحياة ليس له دخل بالإسلام وليس له دخل بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليس له دخل في كتاب الله القرآن المجيد، أبداً، هذا شيء آخر. اذهبوا وقابلوا العلماء واسألوا جميع المذاهب.
حسناً، هذا المشهد موجود أو غير موجود، هذا مزحة، هو يعلن أهدافه، يضع خريطته الذي يريد أن يبنيها ويهدد ويرعد ويزبد، والأخطر من ذلك أنه له أرضية، لماذا يجب أن نختبئ وراء أصبعنا، له أرضية في العديد من الدول العربية، ليست أرضيته أهل السنة والجماعة كلا، أرضيته هم أتباع هذا الفكر الذي يكفّر كل من سواه ويستبيح دماء كل من سواه ويسبي أعراض كل من سواه ويقول بالذبح جئناكم، وهذا لا ينتسب إلى أي دين من الأديان السماوية، لا يوجد في دين الله عند أحد بالذبح جئناكم، خصوصاً هذه النسبة المزيفة والخطيرة جداً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رسول الله الذي وقف في مكة بعد فتحها في مواجهة أبو سفيان وأبو فلان وأبو فلان… الذين حاربوه وهجّروه وقتلوا أصحابه وقتلوا عمه وأكلوا كبد عمه وصادروا البيوت وألحقوا به أذى حتى قال ما أوذي نبي مثلما أوذيت وحاربوا حتى يئسوا وأسقط في أيديهم وبقوا مشركين، لم يصبحوا جميعاً مسلمين، البعض أظهر الإسلام والبعض بقي مشركاً و”طفش” وهرب واختبأ، لكن ماذا قال لهم النبي، اذهبوا فأنتم الطلقاء، لم يشنقهم ولم يذبحهم ولم يقل بالذبح جئناكم، أين قال بالذبح جئناكم؟ هذا شعار داعش وهذا التيار.
إذن يوجد مشهد حقيقي، الذي يقول هذا ليس موجوداً هو يعيش في عالم آخر. هذا أصلاً لا يجوز أن يحمل مسؤولية، مسؤولية عائلته، ليس مسؤولية تيار أو جماعة أو مجتمع أو بلد، عائلته امرأته وأولاده، هذا ساقط الأهلية أن يحمل المسؤولية. هذا المشهد واضح.
طبعاً، تركت داعش بمعزل من يقف خلف داعش، هذه حكاية المخابرات السورية والمخابرات العراقية والمخابرات الايرانية، وصل البعض إلى أن يقول إن حزب الله افتعل داعش، وهو يدير داعش، هذا سخيف، هذا لا يستحق التعليق عليه. نعم يوجد دول إقليمية ترعى داعش ورعتها، أوصلتها إلى هنا، الأميركان إما لهم علاقة بالكلام الذي نسب إلى هيلاري كلينتون، أنا لا أريد أن أحمل المسؤولية، أنا لا أعلم إذا صحيح أو لا، لكن الذي أعرفه أن الأميركان غضوا النظر وسهلوا ووسعوا وفتحوا الأبواب ليستفيدوا من هذه الظاهرة بالمسار الذي تكلمت عنه قبل قليل. بالطبع هم مخترقون، بالطبع يوجد نفوذ أميركي، هؤلاء من حيث يعلمون أو لا يعلمون هم يخدمون الهدف الأميركي والإسرائيلي في المسار الجديد.
حسناً، وصلنا للذي وصلنا له، أنا هنا أريد أن أسأل لأنقل إلى المقطع الأخير من كلامي. أنا أدعو كل لبناني وكل فلسطيني وكل سوري وكل عراقي وكل خليجي، يجلس بينه وبين نفسه، الله سبحانه تعالى يقول قوموا لله مثنى وفرادى، دعوا العصبية جانباً، العصبية الحزبية، الطائفية، المذهبية، المناطقية، القطرية، الذي تريدونه. الدعوات الشخصية والحزبية والسياسية صدقاً دعونا نتركها هذه المرة جانباَ ونجلس ونفكر بين أنفسنا، هذا خطر على الجميع، هذا خطر على حزب الله؟ يعني في دير الزور كان هناك حزب الله، في الرقة يوجد حزب الله، في الموصل كان حزب الله يقاتل فقامت داعش واجتاحت الموصل، هذا خطر على الشيعة فقط؟ على المسيحيين فقط؟ على الأيزديين فقط؟ على العلويين، على الاسماعليين، على الأباضية التي ما زالت بعيدة، على الدروز؟ هذا خطر على الجميع وأولاً على أهل السنة والجماعة.
لذلك الذي نتمناه بكل صدق وبكل إخلاص أن لا يقدم أحد المعركة في المنطقة على أنها معركة طائفية، هذه ليست حرباً إسلامية – مسيحية، هذه ليست حرباً مذهبية، ليست حرب شيعة – سنة، هذه حرب من نوع آخر، هذه حرب داعش وهذا الفكر الإلغائي، الإقصائي، التكفيري، التقتلي، التذبيحي، ضد من عداه. لا الذي جاء في الإسلام ولا الذي حصل في زمن النبي ولا الذي حصل في زمن الخلفاء الراشدين ولا الخريطة التي انبنت عليها المنطقة ولا الأقليات الدينية، كل هذا على المسح. هذا عمره 1400 سنة، هذه الطوائف وهذه المذاهب وهذه الأقليات وهذه الكنائس وهذه المساجد وهذه المزارات وهذه المقامات التي يتم تهديمه الآن، هذه عمرها أكثر من 1400 سنة، وفي الأعم الأغلب كانت تحت نظر وإدارة حكومات سنية بحسب الإصطلاح. لكن هؤلاء ليس لهم علاقة حتى بهذا التاريخ وحتى بهذا الفكر وحتى بهذه الثقافة، هم يريدون أن يمسحوا كل شيء، وهم خطر على الجميع.
على كل حال، أولاً، يجب أن نعرف هذا الخطر.
ثانياً، يجب أن نناقش ماذا يجب أن نفعل؟ نحن جميعاً في دائرة الخطر، ماذا يجب أن نفعل؟، هل مثلاً نستفيد من تجربة الصراع مع الخطر الإسرائيلي التي ما زالت قائمة، نذهب على سبيل المثال نراهن على المجتمع الدولي، أنه لا نستطيع أن نقوم بشيء اذهبوا لنتكلم مع الأمريكان ومع الفرنسيين والإنكليز، الآن روسيا مشغولة بأوكرانيا، دعونا نرى ماذا ممكن أن نفعل، لا يوجد غير المجتمع الدولي يأتي ويتدخل، أي مجتمع دولي سياتي ويتدخل؟ أين سيتدخل؟ لمصلحة من يريد أن يتدخل؟ هذا الذي حصل في العراق، أنا لا أطالب بتدخل أميركي، لكن سؤال لما داعش اجتاحت الموصل ومحافظة نينوى وجزءاً كبيراً من محافظة صلاح الدين ودخلت إلى ديالى وارتكبت مجازر ومذابح والناس هاموا على وجوههم في الصحراء والمذابح كلها موثقة على التلفزيونات شاهدناها، لماذا لم يتدخل المجتمع الدولي؟ لماذا لم تنهز إنسانية أوباما والإدارة الأميركية؟ موضوع المسيحيين، مئات الآلاف ولم ينهزوا، أصلاً هم سائلين على المسيحيين في الموصل أو في العراق أو في سوريا أو في لبنان؟ أحب أن أقول لمسيحيي لبنان بين هلالين، إذا كان أحد منكم يفكر أن المسيحيين في لبنان يعنون شيئاً لأميركا والغرب فأنتم مشتبهون، أمام أي خطر سيقال لكم كما قالت فرنسا لمسيحيي العراق، تفضلوا أهلاً وسهلاً بكم، لاجئين ونعطيكم جنسيات أيضاً، المشروع الذي سمعه بعض كباركم من رئيس فرنسا السابق، هذا هو المشروع، أيوجد غرب سائل عن المسيحيين في المنطقة، أنتم تنتظرون الأميركان والفرنسيين والإنكليز والمجتمع الدولي والأمم المتحدة والمجلس الأمن الدولي، بعد كل هذا الذي حصل والذي يحصل. لم يسألوا، لا عن سنة سألوا، لا عن شيعة سألوا، لا عن مسيحيين سألوا، لا عن أيزيديين سألوا، حتى على الأكراد لم يسألوا، الأكراد الذين قتلوا في الموصل والذين قتلوا على أطراف كركوك والذين قتلوا بزمار وسنجار، لم يسألواعنهم، ولا عن تركمان ولا عن عرب. نعم، عندما أصبحوا قريبين من أربيل، لأن كردستان تعني ما تعني، سياسياً وأمنياً واقتصادياً للإدارة الأميركية وللغرب تدخلوا.. لأنه يا داعش هنا غير مسموح، هذه حدودكم، مسموح تذبحوا السنة، نعم، مسموح تذبحوا الشيعة، نعم، مسموح تذبحوا المسيحيين وتدمروا كنائسهم وتسبوا نسائهم، نعم، مسموح تقيموا إبادة جماعية للأيزيديين، نعم، كرد، عرب، تركمان، ترك، لا يوجد أي فارق. أربيل كلا، هذه كردستان، هذه في الخريطة لها مكان مختلف، لديها نظرة مختلفة، على هؤلاء الأميركان وعلى هذا المجتمع الدولي تريدوننا أن نراهن، نحن العراقيين أو السوريين أو اللبنانيين أو الأردنيين أو الفلسطينيين أو شعوب المنطقة. من تريدون أن تنتظروا؟ جامعة الدول العربية تحميكم، تنتظروا الإجماع العربي، إستراتيجية عربية موحدة، بل أكثر من ذلك، هل ينتظر – وهنا أنا أريد أن أكون واضحاً ودقيقاً – في أي بلد من البلدان عندما يشعر أحد أن وجوده في دائرة التهديد والإبادة والمسح، هل ينتظر حتى إجماع وطني، في التاريخ يوجد شيء من هذا؟ لا يوجد.
إذن السؤال الكبير، إذا اتفقنا على الخطر، السؤال كيف نواجه هذا الخطر، إلى أين نلجأ؟ ما هي الإمكانات؟ ما هي الوسائل؟ ما هي الأساليب؟ أمام العراقيين، أمام السوريين، أمام الفلسطينيين، أمام شعوب المنطقة يوجد مسؤوليات ضخمة وكبيرة، أنا أريد أن أتكلم للبنانيين، وهذا المنطق ينسحب إلى الشعوب الأخرى والبلدان الأخرى لأنه الحمد لله يوجد قيادات وعلماء ومرجعيات وأحزاب وقوى وحركات ممتازة وكبيرة وأهل للمسؤولية….
دعوني أدخل قليلاً على التطبيق اللبناني، حسناً نحن كلبنانيين إذا جئنا اتفقنا أن هذا الخطر موجود وخطر داهم، هذا ليس خطراً مؤجلاً ليس بعد سنة و2 و3 و5، حسناً، هذا قبل العراق، قبل حادثة الموصل، المنطقة “كانت بوضع وصارت بوضع ثاني” بين ليلة وضحاها، وكل شيء يمكن أن يصير بين ليلة وضحاها، بأي بلد في المنطقة، لأن اليوم “داعش” هي تهديد فعلي وجدّي لسوريا والعراق، لكن من حيث الامكانية ـ بالمنطق يقال بالقوة والفعل ـ بالفعل هي تهديد للعراق وسوريا وبالقوة هي تهديد لبقية الدول، للأردن للسعودية لدول الخليج، حتى الأتراك يجب أن يعيدوا النظر بموقفهم. هناك تهديد لكل الدول، حسناً ما هو الممكن الذي نفعله نحن كلبنانيين، ما هو الذي يجب ان نذهب اليه؟
حتى أن هناك أسئلة الآن تنطرح جدياً، أنا أقول حتى نحن في حزب الله، تعالوا لنناقش، واجبنا أن نناقش مع بقية اللبنانيين ويجب أن يناقشوا بعضهم، طبعاً لا أدعو إلى مؤتمر حوار وطني لهذا الموضوع لاننا لا نصل إلى محل في هذا الموضوع. هذا يحتاج إلى الذي قلته قوموا لله مثنى وفرادا، كل حزب بحزبه، وكل جماعة بجماعتها، يجلسون ويحصل تواصل ثنائياً ثلاثياً، نحكي، كمفكرين، النخب، السياسيين، الناس، يا أخي ما هو الذي سوف يُعمل.
هناك سؤال جدي دائماً يُحكى، ليس موضوع ترف ولا موضوع تصفية حسابات داخلية وسياسية بين بعضنا، أن الحل هو بانسحاب حزب الله من سوريا.
يمكن التواجد الاساسي لحزب الله في القلمون والقصير بشكل أساسي، يعني المنطقة الحدودية (ويُطرح) الانسحاب من القلمون القصير.
أنا أسأل سؤالاً للبنانيين، وأهل البقاع خصوصاً، كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، عن جد (ضعوا المناكدة على جنب هلأ بالمناكدة كله بينحكى)، هل إذا انسحب حزب الله من سوريا “خلص” يزول الخطر عن لبنان، يعني “داعش” لا تأتي إلى لبنان وليس عندها طموح في لبنان وبعض الناس وبعض المسؤولين اللبنانيين سوف يذهبون إلى الموصل ويجلسون مع ابو بكر البغدادي ويقولون له هذه الخريطة التي انت نزّلتها على التلفزيونات اعمل معروف هذه 10452 كيلومتر مربع (زادوا بعد الردميات) .. اعمل معروف احذفهم عن الخريطة، لانه نحن تكلمنا مع حزب الله وسينسحب من سوريا. هذا حقيقة أو تبسيط؟ الانسحاب من القصير والقلمون هل يحمي لبنان الآن؟
بمعزل (عن أن وجودنا هناك) سبب أو لا سبب دعونا نجلس “على جنب”، الآن ماذا يفيد هذا الكلام؟ أنه والله سبب أو لا ليس سبباً، هذا النقاش لا نصل فيه إلى محل وكل واحد عنده منطق وكل واحد يأتي بوقائع؟ دعونا نحكيها من آخرها. الآن، باللحظة الحالية، المنطقة كلها في خطر وليس الآن وقت ترف فكري، مثلما صار أول يوم من حرب تموز 2006، بنايات تدمر والبنية التحتية تقصف والناس تذبح وكان في أناس يقول لك الحق على من؟ الحق عليكم، أنتم خطفتم أسرى.
يا أخي الآن “فيه مشكل” في البلد، بعدها يظهر الحق على من. الآن، المسؤولية الوطنية تقول: قوموا لكي نواجه الحرب، والآن المسؤولية الوطنية تقول: قوموا لكي نحمي البلد ودولتنا ولبناننا وشعبنا ومجتمعنا ومناطقنا، وأنا “عن جد” أسألكم سؤالاً جدياً، تعالوا لكي نناقش الموضوع سويا، انه انسحابنا من سوريا يحمي لبنان أو بقاؤنا في سوريا يحمي لبنان؟
حسناً، مثلاً اليوم من الأفكار التي تُحكى توسيع تطبيق القرار 1701، انه هذه حدود الجنوب ودعونا نوسعه على بقية الحدود اللبنانية مع سوريا أو في اناس قالوا فقط مع البقاع. سؤال أيضا جدي، ويقول: هذا الجنوب تمام، لبنان كله بالموضوع الاسرائيلي، الاسرائيلي بعد حرب تموز في وضع استجد، هذه إسرائيل كانت تسرح وتمرح في لبنان وتروح وتجي وتخطف وتداهم وليست قادرة اليوم على عمليات امنية لكن في الف حساب وحساب عند الاسرائيلي ، ويأتي ويقول هذا الجنوب آمن وقادر و.. أن هذا ببركة ماذا ؟ 1701 !
هذا ببركة وجود اليونيفل والقوات الدولية. هل الوضع عن جد هكذا؟ عن جد تحكون هكذا وتصدقون أنفسكم؟ يا عمي على من تضحكون؟ طيب اذهبوا وأسألوا أهل الجنوب، اسألوا الناس في لبنان، هذا الكلام ما حاله؟
الآن إسرائيل تحترم القرارات الدولية؟ الذي يحمي لبنان هو القرار الدولي 1701؟ يا عمي على أي شعب تضحكون؟ على شعب معاني 60 او 70 سنة مع اسرائيل سيصدق ان ال 1701 هو حامي لبنان؟
والمساكين اليونيفل هم حامين لبنان ! هؤلاء اليونيفل يريدون من يحميهم، ولو ما فيه بيئة حاضنة ولو ما فيه دولة ولو ما فيه جيش هؤلاء لا يكادون يحمون أنفسهم .. الذي حمى ويحمي لبنان ويحمي الجنوب هي المعادلة جيش شعب مقاومة، قدرة المقاومة الصاروخية التي يعرفونها هم جيدا، امكانات المقاومة، رجال المقاومة، العقيدة الوطنية للجيش اللبناني، وإلا الجيش ما هي الامكانات العسكرية التي عنده؟ هذا الحامي هذا الذي عامل ردع، ليس المظلة الدولية ليس ال 1701 ولا القوات الدولية ولا اليونيفل. “ما حدا يضحك” على اللبنانيين ويغشهم ويقول لهم انا أحمي عرسال واحمي اللبوة وأحمي القاع واحمي راس بعلبك وأحمي زحلة وأحمي جبل لبنان وأحمي عكار وأذهب وانشر اليونيفل هناك. الجيش اللبناني قادر على تغطية هذه الحدود كلها؟ من اين تريد ان تاتي باليونيفل لتنتشر في هذه المنطقة كلها؟ اي مظلة دولية؟ أنا اقول لهم هناك مشروع دولي، هناك مسار ترعاه الولايات المتحدة الاميركية لتدمير وتهشيم وتحطيم كل شيء. اذهبوا واسألوا حلفاءكم الخائفين على دولهم وعلى كياناتهم من هذا التواطؤ الدولي. “وين 1701 وين عما نضيع وقت نحن؟” ..مع ذلك اقول انا حتى هذه مع ذلك تفضلوا عن جد لازم يصير في نقاش..
طيب على مدى السنين الماضية، حتى بالحكومة السابقة التي كنا نحن فيها وبالحكومة الحالية النأي بالنفس. عظيم طيب النأي بالنفس بيحمي لبنان؟ عن جد النأي بالنفس يحمي لبنان؟ يعني لو عملنا فرضية سابقاً أو حالياً لا سمح الله ـ وهذا إن شاء الله ما بيصير ـ جاءت “داعش” وسيطرت على سوريا وصارت عندكم على الحدود، على حدود راشيا وحاصبيا وشبعا وبعلبك والبقاع والشمال، يعني ما فيه شيء؟ ما فيه خطر؟ هل في ضمانات، والبلد محمي ؟
هل النأي بالنفس يحمي البلد؟ انه ليس لنا علاقة بما يحصل في سوريا؟ تـأتي “داعش” تأتي “القاعدة” “مين ما” جاء ما لنا بهذا الموضوع؟ عن جد هذه مقاربة واقعية؟ حتى من هذه الزاوية، وهنا لا أتكلم بمنطق المقاومة ولا احكي وفاء مع سوريا، اتكلم كلبناني كياني وطني يا اخي متعصب، هل عن جد هذه السياسة، النأي بالنفس التي طبعا نحن ما طبقناها وغيرنا ما طبقها ولغاية الآن لم يطبقها. هذه السياسة، النأي بالنفس صحيحة؟ أن نصل إلى محل، جيش لبنان الوطني يُتآمر عليه ويخطف جنوده ويذبح ضباطه وجنوده، وممنوع الحكي مع سوريا لانه النأي بالنفس؟ أهذا منطق؟
بكل الأحوال هذه اسئلة، تفضلوا نتكلم، حزب الله وجوده بسوريا، بقاؤه يحمي او انسحابه يحمي تعالوا يا اخي نحكي، لبنان هذا البلد بخطر والذي يقول ليس بخطر يعني فيه مشكلة أصلية بيننا، بين اللبنانيين ببعضهم، وثانيا 1701 عن جد بيحمي البلد، تعالوا لنرى النأي بالنفس بيحمي البلد؟ تعالوا لنرى ما المشكلة. اذا جئنا وعملنا مراجعة لهذه الخيارات كلها نحن وانتم ما المشكلة في ذلك؟
بالنسبة لنا اقتراحنا الذي ساختم فيه الحديث يعني آخر صفحة فهي رؤوس أقلام على كل حال، أن المنطق والعقل والدين والشرع والتجربة الانسانية كلها ماذا تقول؟
تقول: عندما يصبح كيان او دولة او مجتمع امام خطر وجودي تصبح الاولوية المطلقة هي امام الخطر الوجودي، حتى أولويات القوى السياسية او مكونات هذا المجتمع تصبح بحاجة لإعادة تنظيم بما يتناسب مع هذا الخطر الوجودي والذي لا يعمل هكذا يكون لا يعمل لا مقتضى العقل ولا مقتضى الدين ولا مقتضى الاخلاق ولا مقتضى الانسانية، يكون يعرض اهله وشعبه وناسه لمخاطر الابادة وهو جالس يتلهى بامور يحسبها أولوية ومصيرية وهي ليست كذلك، هي مهمة ولكن ليست مصيرية الآن.
اول شغلة التي اقدمها للبنانين الآن هي:
أدعو اللبنانيين جميعا الى الادراك ان بلدكم وكيانكم ومجتمعكم امام خطر وجودي وبشكل استثنائي وخطير جداً (ولا أهبّط عليكم حيطان والذي لا يصدق يصطفل بعدها سيصدق)
في مواجهة هذا الخطر الوجودي لازم نعمل اولوية، وهذا طبعا يتطلب بالدرجة الاولى إخلاص، يعني الحسابات الطائفية والحسابات المذهبية والحزبية والشخصية يجب ان توضع على جنب، هذه المواجهة تتطلب إخلاص وجدية وتضحية، محل الشخص الذي يجب اعادة النظر بموقفه فهذا ليس عيبا، ويغير موقفه ليس عيبا ويغير خطابه ليس عيبا اذا كان هذا يخدم معركة الوجود بل بالعكس هذا مطلوب. العقل والدين والانسانية تقول لازم نعمل هكذا.
البحث عن عناصر القوة وتجميعها لنواجه الخطر.
العنوان الأول: هو الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية. الأصل يجب أن يكون الجيش والقوى الأمنية هي التي تحمي البلد وتحمي الشعب وتحمي الضيع وتحمي الحدود. لا حزب الله ولا غير حزب الله. الأصل هذه هي المسؤولية. والدولة يجب أن تكون على هذا الأساس ومؤهلة على هذا الأساس.
يأتي في النقاش ويقول لك: أنتم تمنعون. لا ، نحن لا نمنع. نحن منعنا أحداً أن يعطي سلاحاً للجيش؟ نحن منعنا أحداً أن يعطي دبابات للجيش؟ نحن منعنا أحداً أن يتبرع للجيش؟ بل نرحّب بكل تبرع، لكن المهم أن يصل السلاح للجيش، لا أن تنتهي القصة : ريوهات وشاحنات وناقلات جند لا تصمد أمام الـ ” بي 7″ او الـ “بي كا سي”، السلاح المتوسط. لا، المطلوب أن يصل سلاح حقيقي للجيش اللبناني، والجيش والقوى الأمنية هي المعنية بحماية الناس وحماية الدولة وحماية الجميع.
إذاً، أولاً الجيش. في هذه المرحلة، كان هناك مشروع أن يتحدث السياسيون ببضع كلمات لدعم الجيش، ذهب هذا الموضوع بين الإعلاميين، ولا أعلم ماذا حصل. لكن أحب أن أقول ما كنت أنوي قوله حينها، لأنه كان مطلوباً من كل شخص ثلاث دقائق. المطلوب أولاً دعم شعبي ورسمي للجيش، دعم حقيقي. دعم معنوي ومادي وليس دعماً مادياً فقط. الدعم الحقيقي للجيش هو لديك اليوم جيشاً قوامه العديد والإمكانيات والعتاد والمقدرات، ولكن بالدرجة الأولى معنوياته، روحيته، عقيدته القتالية، كرامته، رأسه المرفوع، وهذا الموضوع مسؤولية الدولة أن تحققه والناس إلى جانب الدولة.
اليوم، أول دعم واكبر دعم يقدم للجيش أن تقف الدولة مع الجيش اللبناني ليستعيد الأسرى من الجنود والضباط من الجيش وقوى الأمن الذين أسروا وخطفوا. كل ساعة، وكل لحظة تمر، لا يفهم أحد هذا الكلام تحريض، نحن دائماً نتحدث بهذه اللغة، كل لحظة تمر، هؤلاء الأعزاء مخطوفين ومأسورين، هي لحظة إذلال للبنان، وليس للجيش فقط، للدولة، لكل لبناني. نحن دائماً كنا نشعر خلال وجود أي مقاوم في السجون الإسرائيلية كنا نشعر بداخلنا بالإهانة. حتى لو كان هذا المقاوم لا ينتمي إلى حزب الله، يكفي أن هذا مقاوم متروك في السجن.
في موضوع الجنود والضباط اللبنانيين من الجيش وقوى الأمن لدى الجماعات المسلحة هذه مسؤولية الدولة، وهذا الملف يجب أن يعالج بالطريقة التي تحفظ الجيش وكرامة قوى الأمن وكرامة هذا اللباس وهذه المؤسسات وهذا الموقع.
رفض الاتهامات له، أولاً عدم توجيه اتهامات له. ثانياً رفض الاتهامات له. كل برهة، يخرج شخص ما ويقول :”الجيش الصليبي”! شو الجيش الصليبي!! الجيش الصفوي أداة بيد حزب الله. لا حبيبي الجيش ليس أداة بيد حزب الله. لا يوجد مشكلة بين الجيش وحزب الله، هذا مطلوب وطنياً. والجيش حريص أن لا تكون لديه أي مشكلة مع أي قوة سياسية موجودة في البلد، فكيف إذا كانت هذه القوة السياسية هي فصيل أساسي في المقاومة. هل المطلوب قتال بين حزب الله والجيش؟ هل هذه مصلحة وطنية؟ بالتأكيد لا.
كل السياسين يعرفون أن هذا الجيش ليس أداة في يد حزب الله، على الإطلاق. كل هذه الاتهامات يجب أن لا توجه، ويجب أن ترفض إذا وجهت، هذا جيشنا الوطني، هذا جيش اللبنانيين جميعاً، يحتاج إلى هذا الدعم وإلى هذه المساندة على كل صعيد. والقوى الأمنية كذلك ينطبق عليها نفس المنطق. هذا يجب أن نقوم به. يصبح لدينا جيش قوي، عديد، عتاد، روحية، معنويات، كرامة، ثقة، فيغير بالمعادلة. بالتأكيد يغير بدرجة عالية جداً في المعادلة. وفي أي لحظة خطر، كلنا معه، كلنا إلى جانبه.
ثانياً، الحفاظ على الحكومة الحالية، عدم السماح بانفراط الحكومة الحالية مهما كانت الخلافات الموجودة أو يمكن أن توجد. لأنه الآن، بشكل أو بآخر هي المؤسسة الوحيدة العاملة بمعزل عن حجم العمل الذي تقوم به. فالجميع يرى أن مجلس النواب معطل ، ليس لدينا رئيس للجمهورية بمعزل عن توزيع المسؤوليات أيضاً.
توجد هذه الحكومة، من عناصر القوة اليوم التي يجب الحفاظ عليها هي هذه الحكومة إلى حين انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.
النقطة الثالثة: وقف التحريض الطائفي، طائفي، مذهبي، حزبي، كل أشكال التحريض، إلى أين توصل هذه الأمور؟ مسألة عرسال مثلاً، نحن لم نتحدث، واليوم لن أقول شيئاً، هناك الكثير من الكلام، أولاً وأخيراً وقبله وبعده، لكن نحن من الناس الذين فضلنا أنه في لحظة حساسة جداً، في الموضوع السياسي، في الموضوع الأمني، في الموضوع الوطني، في موضوع الجيش، في موضوع تركيبة البلد، على الرغم من أن لدينا الكثير من الكلام آثرنا الصمت. لكن أنتم رأيتم ، عندما يجري الحديث عن الجماعة المسلحة مرة، يتم الهجوم على حزب الله عشرين مرة! هذا الأمر ماذا يفيد. لو قلت ألف مرة فهذا الكلام لن يقدم ولا يؤخر، بماذا يفيد هذا الأمر، سوى أنه يزيد في الاحتقان.
اليوم قرأت في الأخبار، وأنا حقيقة لم أعرف ما هي الحقيقة؟ أن قوى الأمن اعتقلت الشخص الذي يقف خلف موقع لواء أحرار السنة، هل هذا هو حقاً الذي يقف خلف هذا الموقع؟ من هو؟ ما هي علاقته؟ مع من علاقته؟ أياً كانت النتيجة، لأنه بدأت بعض الجهات الإعلامية ترتب أثراً على هذا الاعتقال؟ هذا يجب أن يحاسب مثله مثل أي انسان آخر يحرض طائفياً ومذهبياً في لبنان كائناً من كان. وأنا أتمنى أن تكون هذه بداية في لبنان، تشمل السياسيين، ولا يقولنّ أحد أن هذا الأمر يمس بالحرية، التحريض مثل السيارة المفخخة، هذه ليست حرية، التحريض الطائفي والمذهبي هذا ليس حرية هذا مثل السيارة المفخخة. تحملوا المسؤولية في هذا الموضوع فيقف التحريض.
النقطة الرابعة: المصالحات المناطقية. في الوضع السياسي الكبير، تحصل مصالحات أو لا تحصل ، نتابع هذا الموضوع لاحقاً، لكن في الحد الأدنى أهل المناطق يجب أن يحصل تقارب بينهم، يجب أن تحصل مبادرات. سأتحدث بشكل شفاف: عرسال مستقبلها : بعلبك – الهرمل. يا أهل عرسال يا أحباءنا يا أعزاءنا يا إخواننا ، مستقبل عرسال هو بعلبك – الهرمل، هو البقاع الشمالي، هو البقاع. ليس مستقبل عرسال النصرة وداعش وما يجري خلف الحدود، هذا ليس مستقبلكم. وهذه تجربة عرسال، قبل الأحداث، أثناء الأحداث، بعد الأحداث، هم أهل عرسال يقولون ماذا حصل معهم، أنا لن أتحدث في هذا الموضوع. لكن أنا أقول يجب أن يذهب أحد ويقوم بمبادرات: عرسال واللبوة والعين، النبي عثمان، والقاع، رأس بعلبك، وكل هذه المنطقة، هؤلاء الناس يجب أن “يلفوا على بعضهم ويضبوا على بعضهم”، هذا يحمي من الخطر، وإلا الخطر يجتاح الجميع، وأول من يدفع الثمن وقد دفع الثمن هو أهل عرسال.
نذهب إلى بقية المناطق، أين يمكن أن يكون حصل خلل ما في النسيج الاجتماعي نتيجة الأحداث. جبل محسن – باب التبانة، يجب أن يقام بأمر ما. الضاحية – الشويفات نتيجة الذي حصل يجب القيام بأمر ما. في بيروت الغربية يجب ان يقام بأمر ما. كذلك في صيدا، وفي شبعا وجوار شبعا، راشيا، حاصبيا، يجب أن يقام بأمر ما. هذا عنوان واضح ومفهوم يجب أن يعمل لأجله. هذا طبعاً مسؤولية الجميع وليس الدولة وحدها. القيادات، المرجعيات، الأحزاب، والقوى السياسية كلها معنية بهذا الموضوع.
هناك أناس لا يريدون أن يتحملوا هذا الكلام، لكن يجب أن يتحملوه، التعاون مع سوريا في الحد الأدنى بملف النازحين. ليس صحيحاً أن سوريا تريد أن يبقى النازحون في لبنان، وليس صحيحاً أننا لا نستطيع أن نجد حلاً بين لبنان وبين سوريا، لكن هذا لا يصنعه حزب، هذا تعمله حكومتان ودولتان. الكل مسلّم أن هذا ملف كبير وخطير.
خطر بكل الاعتبار ملف خطير ولا أود التفصيل طيب الحل؟ الحل نخطب؟ الحل أنك ما زالت تنتظر سقوط النظام في دمشق؟ تنتظر قدوم داعش؟ إذا جاءت داعش سيعود النازحون أو سيتزايد عدد النازحين في لبنان؟ “شو ناطر”؟ كلنا نحن اللبنانيين “شو ناطرين” بهذا الموضوع؟
لا مناص، لا مهرب، لا داعي للمكابرة. يجب حدوث كلام رسمي بين لبنان وسورية. يجلس الجميع على طاولة ويقال يا إخواننا السوريين لدينا مليون مليون ونصف مليون ما بعرف كم نازح سوري في لبنان. تفضلوا، هناك مناطق في سورية أمن وأمان والناس تعمل وتعيش بشكل طبيعي وهناك ازدحام سيارات. كيف هذه الناس يجب أن تعود؟ طيب إذا في أمكنة فيها إشكاليات كيف يمكننا معالجة هذه الإشكاليات؟ نحن جاهزون لنساعد بهذا الموضوع. لكن فقط نعقد مؤتمرات ونخطب ونوظف موضوع النازحين بالخطاب السياسي وبالمناكدة السياسية هذا ماذا يحل بالمشكل؟ ماذا ينهي من الأخطار التي يتحدث عنها؟ إذا تحدث عن خطر أمني أو تحدث عن خطر سياسي أو خطر ديمغرافي كما تتحدث بعض القيادات المسيحية أو أو أو.
الجدية تقول إن الشرط الطبيعي جدا هؤلاء نازحون سوريين، ونحن لدينا البحر وفلسطين المحتلة وسورية، كيف نعالج هذا الموضوع؟ نرسلهم إلى أستراليا يعني؟ نعالج هذا الموضوع ان نجلس مع السوريين، تحبونهم أو لا تحبونهم، موافقين معهم توصيفكم للنظام. “اصطفلوا” صفوه مثلما تريدون، لكن هذه حقيقة، هل كل الدول التي تجلس مع بعضها وتتحدث مع بعضها تعتبر بعضها أنظمة شرعية وانظمة ديمقراطية؟ هل هذا الأساس بالعلاقات الدولية الآن؟
إذا الحديث مع السوري والتعاون مع السوري بملف النازحين ولاحقا شئنا أم أبينا كلبنانيين وكحكومة لبنانية بدكم تحكوا مع السوريين بملف الحدود ال1701. اليونيفيل غير قادرة على فعل شيء، الجيش اللبناني بمفرده بعديده إذا نشرته كله، تتحدثون عن مئات الكليلومترات وليس عن 60 أو 70 كيلومتر هذا أيضا لنرى إن كان في مكان تقنعونا فيه “يجب ان ننزل عن الشجرة طيب تعالوا لنرى كيف ننزل عن الشجرة” هناك أماكن “بدنا نحكي معكم نقنعكم يجب ان تنزلوا عن الشجرة” يا جماعة.
الموضوع لم يعد موضوع خطر على الشيعة في لبنان وعلى السنة في لبنان وعلى الحزب الفلاني وعلى التيار الفلاني وعلى المسيحيين وعلى الدروز هذا خطر على الجميع.
وصولا إلى الاستحقاق الرئاسي أكيد إذا عندنا دولة لها رئيس جمهورية ومجلس النواب عاد للعمل وحكومة جديدة تشكلت والمؤسسات تحركت أكيد هذا يعزز قدرة لبنان في مواجهة هذا الخطر وفي هذا الاستحقاق أيضا.
أنا على طريقتي الليلة بالشفافية والوضوح، ربما أطلت عليكم لكن يستحق الموضوع، يا إخواننا يكفي “تفتلوا وتبرموا وتروحوا وتأتوا” أنتم تعرفون بموضوع الاستحقاق الرئاسي مع من يجب ان تتحدثوا، تعرفون مع من، لا تتحدثوا مع وسطاء نحن فريق ثمانية آذار وعلى اختلاف، نحن ولا واحد منا وسيط، نحن فريق وندعم ترشيح محدد. الذي لديه كلام ولديه نقاش يعرف مع من يجب ان يتحدث، والحرف الأول من اسمه تعرفون ما هو. “عم تضيعوا وقت”، وهذا الوقت يضيع من مصلحة لبنان. فيه منطق ليحكى، منطق ليحدث حوار مباشر، وإلا ماذا تنتظرون؟ معطيات إقليمية؟ معطيات دولية؟ ما فيه شيء ما فيه شيء ما فيه شيء له علاقة لا بالموضوع الإقليمي ولا بالموضوع الدولي. هذا الموضوع الذي يتخذ قرار بالدرجة الأولى فيه هم اللبنانيون أنفسهم ولا أحد ينتظر قراراً من الخارج في هذا الملف هذا الملف الرئاسي. لنكن دقيقين وواضحين.
أيضا اعطاء أولوية، نوع من الأولوية، للملفات المطلبية أكيد هذا إنسانياً مطلوب، أخلاقيا مطلوب، سلسلة الرتب، حل مشاكل المياومين، الملفات الثانية، بالجامعة اللبنانية، بغير الجامعة اللبنانية، هذا يحصّن. موضوع المياه، موضوع الكهرباء، الملفات الثانية، هذا مش معناها اذهبوا بنا نعمل في مواجهة الخطر الوجودي وهناك ناس في قرى ما فيها مياه. من الممكن ان يبقى الإنسان بلا كهرباء لكن لا يبقى بلا مياه.
هذا النوع من الملفات أيضا أكيد إذا تعاونا عليها نحصن بلدنا، نقلل فرص التشنج والمخاطر في البلد. هذه مجموعة أفكار أولية. أنا لا ادعي انه الليلة أنا قدمت خطة، أنا اثير مجموعة أفكار أنا وأخواني قابلة للنقاش. يجب جميعا أن نجلس ونرى كيفية مناقشة هذا الموضوع. أعود وأقول ثنائية ثلاثية رباعيا خماسيا مش طاولة من أجل الشاشة شوفنا يا جمهور لا نذهب إلى نقاش جاد ومسؤول وصادق ومخلص ومستعدين نكون ومستعدين ان نضحي وأنا أؤكد لكم نحن فريق مستعد للتضحية، نحن نقدم شهداء يوميا، نقدم شهداء ونقدم جرحى في هذه المعركة ونحن لن نبخل لا على شعبنا ولا على بلدنا ولا على مقدساتنا ولا على أمتنا أبدا. هؤلاء عوائل الشهداء الشرفاء موجودون من لديه ولد وحيد يكتب لك لماذا تمنع أبني من أن يذهب؟ هذه معركة شرف، معركة كرامة، معركة وجود، نحن بالنسبة لنا جاهزون ان نضحي. أقول لكم أكثر من ذلك بهذه المعركة بنتيجة النقاشات مثل بموضوع المقاومة شايفين بالمقاومة لو بعد اللبنانيين انتظروا اجماع وطني كانت اليوم إسرائيل في بيروت وطرابلس. ولو اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين بالدرجة الأولى انتظروا اجماع عربي كانت اليوم إسرائيل من النيل إلى الفرات والمصريين معهم.
نحن بكل وضوح ساختم بجملتين سريعتين
الجملة الأولى التي أحب أن أقولها لكم لكل اللبنانيين ولكل شعوب المنطقة، داعش ومن وراء داعش يمكن إلحاق الهزيمة بها بسهولة ليست مسألة مستحيلة أبدا. نعم المعركة مع إسرائيل أصعب من داعش جزء من معركة داعش هي حرب نفسية جزء منه هي انهيارات بلا معنى جزء منه هو اختراق جزء منه لا أود أن ادخل إلى التحليل.
هل يمكن مواجهة هذا الخطر؟ نعم هل يمكن إسقاط هذا المسار نعم هذا التيار ليس له مستقبل في المنطقة ولكن ليس لديه مستقبل ونحن نجلس ونشم الهواء هذا ليس له مستقبل إذا العراقيين تجمعوا وتحملوا المسؤولية والسوريين تجمعوا وتحملوا المسؤولية واللبنانيين تجمعوا وتحملوا المسؤولية وفي كل دولة عربية ذات الأمر مثل الموضوع الإسرائيلي إذا تحملنا المسؤولية نعم وكل سياق الخطاب كنت لأقول لكم يمكن وبسهولة إلحاق الهزيمة بهذا المشروع ولكن يمكن لهذا المشروع ان ينتصر إذا دسينا رؤوسنا بالرمال ويمكن ان يجتاح دولا إذا كانت الجهة المقابلة جهة محبطة ويائسة ومرعوبة وخائفة وما شاكل.
هذا يجب ان لا نكون فيه ولذلك أنا أدعو في ذكرى حرب تموز إلى موقف وطني مسؤول موقف عربي مسؤول على المستوى اللبناني موقف وطني مسؤول بين بعضنا على مستوى الحكومة على مستوى الجيش على مستوى الاستحقاقات الدستورية على المستوى الشعبي على المستوى الإعلامي والسياسي. نعم نحن نملك لياقة وقدرة ان نحفظ بلدنا وأن ندافع عن بلدنا وان يبقى بلدنا عزيزا قويا شامخا كريما وأن تبقى كل مكوناته فيه، ان تبقى مساجده وكنائسه وطوائفه، كل هذا يبقى ولا يمس وهذا ممكن وليس مستحيلا “مين ما كان وراء داعش”.
والشيء الثاني أنا احب ان أكون أيضا واضحاً: إذا تخلى من يتخلى عن المسؤولية نحن لن نتخلى عن المسؤولية، نحن لن نهاجر إلى أي مكان في العالم، لن نحمل اي جنسية أخرى في العالم، لن نغادر هذه الأرض على الإطلاق نحن هنا سنبقى، سنبقى واقفين مرفوعي الرؤوس هنا نحيا وإذا فرض علينا القتال هنا نقاتل وهنا نستشهد وهنا ندفن. هذا خيارنا بقية اللبنانيين الذين لديهم هذا الخيار نحن جاهزون لأن نتجاوز كل الماضي كل النزاعات كل ما بيننا وبينهم لأن اليوم بلدنا ومكونات شعبنا ودولتنا ووجودنا جميعا في خطر. يجب أن نتحمل هذه المسؤولية وهكذا نحفظ دماء كل الذين استشهدوا في مثل هذه الأيام ونحفظ ألام وآمال كل الذين حملوا الآلام والآمال في مثل هذه الأيام ونحن جميعا كشعب لبناني لائقون ببلدنا، لائقون بأن ندافع عن هذا البلد، لائقون بأن ننتصر، لائقون بأن ننتصر، فلننتصر. لن نضع رأسنا في التراب، لا ننهزم، لا نهرب، ما حدا يضب حقيبته ويقول أنا بدي هاجر لنبقى هنا نبقى هنا ويبقى البلد، نغير مسار المنطقة مثل ما حرب تموز غيرت مسار المنطقة. لبنان الصغير هذا سيغير مسار المنطقة.
مبارك من جديد لكم هذا الانتصار وإلى المزيد من الانتصارات ان شاء الله ببركة الجدية والإخلاص والاستعداد للتضحية والسلام عليكم ورحمة الله.

بثت هذه الكلمة مباشرة عند الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الجمعة 15 آب / أغسطس 2014 من على شاشة قناة المنار الفضائية وعدد من القنوات الأخرى.

Please follow and like us:

COMMENTS