إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 19 تشرين الأول، 2018

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 10 تشرين الثاني، 2023
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت أول نيسان، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 10 تشرين الأول، 2023

وصل المخاض الحكومي إلى نهايته. بين ساعات أو ايام لإعلان التشكيلة الوزارية من قصر بعبدا، لا فرق. لأن "الظروف السعودية" فرقت حلف المعرقلين (ج + ج) + الرئيس سعد الحريري. كل طرف فيه، حصل على "تسويته" الخاصة. لا مناورات مشتركة. جنبلاط وجعجع [العميل “الإسرائيلي” السابق] والحريري يستعجلون، الآن، ولادة الحكومة. يستعجلونها ليس بسبب الحرص على الوضع الإقتصادي ولا امتثالاً لـ"الضغط الفرنسي"، وإنما خوفاً من انهيار "جبهة بن سلمان" في السعودية …
Related image
اللواء
التفاهم التأليفي صامد.. وإعداد ملفّات الوزراء الجدد
بعبدا والتيار الحُرّ ينفيان الرغبة باستبعاد «القوات» وفرنجية لا يرى نجاحاً للعهد
مبدئياً، تحدد غداً السبت، أو بعد غد الأحد، موعداً لأخذ الصورة التذكارية للحكومة العتيدة..

بقي هذا هو الجو السائد، على الرغم من العودة إلى البحث مجدداً في مصير وزارة العدل، وحصة الأرمن، وتمثيل «المردة» حيث اشترط رئيس التيار النائب السابق سليمان فرنجية ان تكتله لن يشترك في الحكومة من دون ان تبقي معه وزارة الاشغال.
ومع ان الرئيس المكلف سعد الحريري بقي على تفاؤله بأن الحكومة ستبصر النور هذا الأسبوع.. فإن ما كشفه فرنجية، في حوار تلفزيوني ليل أمس بأن كواليس تأليف الحكومة تكشف ان 80٪ من العقد لم تحل معتبراً ان العهد لم يحقق ما ما يمكن وصفه بالنجاح..
وحتى ساعة متقدمة من ليل أمس كانت أجواء التفاهمات صامدة، وكانت المشاورات تسير باتجاه تثبيت اقدام التفاهمات..
ولاحظ مصدر مطلع ان ما يعزّز مناخ التفاؤل، هو نزول بعض الأشخاص عن الشجرة العالية، وتخفيض السقوف العالية، إلى حدّ ما كان غير مقبول قبل أشهر صار مقبولاً اليوم، وسهل المنال.
السبت أو الأحد
ما لم تبرز عقبات طارئة لا يمكن اسقاطها من الحساب، فإن كل التوقعات تُشير إلى ان مسألة صدور مراسيم تأليف الحكومة، باتت مسألة ساعات، حتى ان الصحافيين المعتمدين في قصر بعبدا، استدعوا لأن يكونوا على أهبة الاستعداد للحضور نهار الأحد المقبل، في استعادة لصورة تشكيل الحكومة السابقة، إلا إذا تقدّم السبت على الأحد، أو أُرجئ الإعلان إلى الأسبوع المقبل.
وتردد في دوائر القصر انه جرى تجهيز السير الذاتية لكل الأسماء التي يتم تداولها في الإعلام لتولي مناصب وزارية.
وزاد على هذه المعلومات، قول الرئيس ميشال عون الذي ألغى مواعيده أمس لمتابعة الاتصالات، وجال في حديقة القصر مطمئناً إلى ما يجري بأن «الحكومة على قاب قوسين أو أدنى من التأليف»، دلالة على ان الأمر أنجز. وبالتأكيد فإنه عند صدور مراسيم الحكومة، فإن الأصول الدستورية تحتم اطلاع رئيس مجلس النواب نبيه برّي على التشكيلة، ومن أجل هذا الغرض، عاد الرئيس برّي أمس إلى بيروت لكنه لم يقدم أسماء وزرائه، جرياً على عادته، مفضلاً إسقاط هذه الأسماء عندما يطلع على التشكيلة.
اما الرئيس المكلف سعد الحريري، فأكد مساء أمس، على هامش لقائه سفراء مجموعة الدعم الدولية، الذين التقاهم في «بيت الوسط» «انه متفائل، وان الحكومة ستبصر النور هذا الاسبوع».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت وزارة العدل قد حسم امرها، قال: «اذا كنتم تريدون مساعدتي لا تدخلوا بالاخبار من هناك وهناك، لأنها لا تساعد في حلحلة العقد بل تؤدي إلى سجالات، مشدداً على ان كل الأطراف السياسية ستتمثل في الحكومة بما فيها «القوات اللبنانية»، لكنه لفت إلى ان هناك بعض التفاصيل التي لا تزال عالقة.
وجاء قول الرئيس الحريري عن وجود أمور لا تزال عالقة، إشارة واضحة، إلى ان العقد في توزيع الحقائب ما تزال تحتاج إلى بعض الجهود لحلحلة عقدة حقيبة العدل التي عرضها الحريري على «القوات»، ولم يمانع الرئيس عون ومعه «التيار الوطني الحر» في التنازل عنها، لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، لكن مقابل الحصول على وزارة الاشغال، ولاحقاً عرض الرئيس الحريري على وزير «المردة» في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس الذي التقاه أمس، في حضور معاون الرئيس برّي الوزير علي حسن خليل، الحصول على وزارة التربية بدلاً من الاشغال، الا ان فنيانوس، رفض على اعتبار ان هذه الحقيبة (التربية) يتمسك بها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.
وإزاء ذلك، تردّد ان «التيار العوني» عاد للتمسك بحقيبة «العدل» وان تعطي وزارة «العمل» بدلاً منها «للقوات»، وهو ما يمكن ان يحسم اليوم في اللقاء الذي سيجمع الرئيس الحريري والوزير رياشي، في حين بات محسوماً ان تذهب «الاشغال» «للمردة» و«الصحة» «لحزب الله»، والتربية للحزب الاشتراكي.
فرنجية
غير ان رئيس تيّار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، أعلن مساء أمس، انه لم يتبلغ رسمياً، بأن حقيبة الاشغال حسمت «للمردة»، مؤكداً ان «التكتل الوطني» الذي يرأسه نجله النائب طوني فرنجية سيرفض المشاركة في الحكومة إذا لم تعط له حقيبة الاشغال أو حقيبة الطاقة، مشيراً إلى انه في هذه الحالة، ستكون كتلته معارضة ولكن بشكل إيجابي ومن دون تعطيل، لافتاً إلى انه تمّ «فتح معركة ضد حقيبة الاشغال، وهناك محاولات تحجيم، وهي معركة لم نكن نريدها وقد تخللها محاولة تشويه سمعة الوزير فنيانوس، موضحاً بأن المعركة أصبحت اليوم معركة كرامة».
وقال فرنجية في مقابلة مع تلفزيون M.T.V ضمن برنامج «صار الوقت» الذي يقدمه الزميل مارسيل غانم، انه على تنسيق دائم مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، مؤكداً ان «حلفائه لا يتركونه».
ورأى ان «المعايير التي وضعت لتشكيل الحكومة تناسب فريقاً معيناً، فيما يجب أن تكون موحّدة وتطبّق على الجميع وفي كل الظروف ووفق المصلحة الوطنية».
واشار الى ان التفاؤل الحكومي موجود لدى رئيس الحكومة المكلف، الا انه في الكواليس العقد 80 بالمئة هي نفسها، والعقدة الدرزية انحلت، عقدة «القوات» و«المردة» ترتفع وتنخفض، لافتاً إلى ان العقدة الاخيرة هي عقدة سنة المعارضة، الذين يجب ان يتم تمثيلهم، والموضوع بات اليوم اكثر جدية واساسي عند فريقه السياسي، وقال إنه يشك ان تتشكل حكومة دون سنة 8 اذار».
وأكد فرنجية ان لا مشكلة لديه مع الرئيس عون أو مع الوزير باسيل، وانه لا يعتبر نفسه في مواجهة مع الرئيس عون، لافتاً إلى انه كان هناك تنافس في فترة الانتخابات الرئاسية، اما اليوم فهو ربح وانتخب رئيساً، لكنه رأى ان العهد لا ينجح رغم مرور سنتين، ولم تكن له إنجازات.
وإذ لفت فرنجية انه لم يغدر بالرئيس عون في الرئاسة، رغم انهم كانوا يقومون بعشرات الصفقات من دون علمه بالرغم من التحالف، أشار متسائلاً إلى ان «من أخذت منه الرئاسة يحق له ان يغضب، اما من أخذ الرئاسة فلماذا يحقد على الجميع؟».
واكد ان المصالحة بينه وبين سمير جعجع ستتم على الارجح في بكركي برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي، وستتم أوّل خلوة بينه وبين جعجع، وشدّد على انه رغم الخلاف السياسي بينه وبين «القوات» يجب ان نتفق وان نتقارب، مؤكداً انه لن يكون هناك اتفاق خطي، بل سيكون هناك بيان مشترك عن الاجتماع.
حكومة وفاق وطني
وعلى مسافة أمتار من خط نهاية «الماراتون» الحكومي، فوجئت الأوساط السياسية بموجة من تسريبات توحي بأن الحكومة الحريرية الثالثة ستولد من خارج شعار «الوحدة الوطنية» الذي يرفعه الرئيس الحريري منذ تكليفه ويصر عليه، مفادها ان الحكومة ستؤلف من دون «القوات»، الأمر الذي دفع كبار المسؤولين في الدولة إلى نفي هذه التسريبات، وفي مقدمهم الرئيس عون الذي أكّد امام زواره بأن «حكومة الوحدة الوطنية هي الهدف، وتحت هذا العنوان تتواصل اتصالات الساعة الاخيرة»، فيما نفت مصادر الرئيس المكلف ما نشر تحت عنوان «حكومة ولو بلا جعجع»، وأكدت ان ما ورد بهذا المعنى على لسان مصادر مزعومة مطلعة أو على صلة بالرئيس الحريري عار من الصحة، وان الرئيس الحريري يعمل مع رئيس الجمهورية ويتابع اتصالاته مع كل الأطراف لتشكيل حكومة وفاق وطني».
ونقلت مصادر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عنه قوله انه مع حكومة وحدة وطنية وتقدم كل التنازلات الممكنة من جانبنا كي لا تستثني الحكومة أحداً وخاصة «القوات».
اما رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، المعني بهذه التسريبات، فنفى من جهته صحة هذه الأجواء، مؤكداً ان أكثرية الأفرقاء على الساحة لديهم رغبة في ان تشارك «القوات» في الحكومة، الا ان هناك بعض الوجوه الصفر التي لا ترغب في ذلك.
وكشف ان الوزير ملحم رياشي نقل له تحيات الرئيس الحريري، وانه مهما حصل فإن «القوات» هي زينة الحكومة.
إلا أن جعجع فضل التكتم الشديد على العرض الذي تلقاه في ما خص حجم «القوات» التمثيلي في الحكومة، واعداً بأن يكون له كلام مسهب في هذا الخصوص بعد تأليف الحكومة، لكن نائبه النائب جورج عدوان، كشف في ندوة صحافية عقدها في ساحة النجمة، بأن «القوات» تلقت عرضاً من الرئيس المكلف في ما يتعلق بوزارة العدل، مشيراً إلى ان الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح، وهي لا تزال تحتاج إلى بضعة أيام كي تبصر النور.
وقال ان كل من يراهن على خلاف «القوات» والحريري رهانه في غير مكانه.
نيابة الرئاسة مقابل العدل!
واذا كانت النقاشات تدور في التوزيع النهائي وسط تبديل من هنا وهناك حتى في اللحظات الاخيرة فان ما توافر من معلومات ان حصة القوات من 4 وزراء لم تحسم بعدما عرضت عليهم نيابة رئاسة الحكومة والثقافة والشؤون الاجتماعية كما عرض الحريري عليهم حقيبة العدل. اما اذا كان الرئيس عون يقبل ان تحول من حصته الى «القوات» فإن المصادر اكدت انه سيقدر الوضع وإذا كان تسهيل ولادة الحكومة يستدعي ذلك اي تحويل وزارة العدل او غيرها فلن يقف حجر عثرة فهو دائما ينظر الى مصلحة لبنان لافتة ايضا الى انه لا بد من التذكير بما تم التوصل اليه لجهة ان ما من احد قادر على التعطيل في الحكومة ورأت انه في حال حصلت «القوات» على العدل فان ثمة من يقول ان نيابة رئاسة الحكومة التي سبق لعون ان قدم تسهيلا فيها الى القوات تؤول اليه. اما حقيبة الاشغال فلا زالت موضع البحث وبين لحظة واخرى ليس معروفا كيف ترسو الامور اما الصحة فرست على حزب الله. وقالت ان العقدة الأرمنية التي استجدت ستعالج.
وكشفت المصادر المطلعة على أجواء بعبدا، انه في ما خص عقدة السنة من خارج تيّار «المستقبل» هناك نقاش في الموضوع، لكن هذه العقدة لا يمكن ان تحول دون تشكيل الحكومة بالنهاية، بعدما حلت «العقدة الدرزية» في الشكل الذي انتهت إليه.

الأخبار
الحكومة خلال يومين؟
التأليف على إيقاع التيار الوطني الحر: القوات ترضى بالحد الأدنى
الاستقواء على شاكر البرجاوي

مع نهاية اليوم، يُفترض أن يبدأ الرئيس سعد الحريري بتسلّم أسماء وزراء كل فريق، على أن يحمل التشكيلة إلى رئيس الجمهورية بين غد وبعد غد. أما العقدة القواتية، فقد صار واضحاً أنها لن تعرقل التشكيلة، حتى لو أتت حصة معراب بأقل مما يتوقع القواتيون، من دون أن يعني ذلك أن «القوات» يمكن أن تكون خارج الحكومة.
هي 48 ساعة حاسمة تلك التي تنتهي مساء اليوم، حيث يفترض أن يبلغ الرئيس سعد الحريري سمير جعجع بما تتضمنه التشكيلة الحكومية المنتظرة من حصة قواتية. تقول مصادر القوات، إن هذه المهلة مرتبطة بإجابة الحريري على تعديلات طلبها الحزب على العرض الذي قدمه له الحريري. هل هذا يعني أن الرد السلبي على التعديلات سيؤدي إلى خروج القوات من الحكومة؟ ذلك ليس مطروحاً، تجزم المصادر. وهذا يعني عملياً أن القوات عادت وخفضت سقف تهديداتها، في مقابل تعهّد الحريري بالسعي إلى تحصيل جزء من مطالبها. وبناءً على ذلك، ستتشكل الحكومة قبل نهاية الأسبوع، على ما تتقاطع المعلومات، وعلى ما يشير إليه تفاؤل الحريري في أن تتشكل خلال ما تبقى من أيام هذا الأسبوع.
يدرك حزب القوات أن بقاءه خارج الحكومة سيعني خسارته لكل الأحصنة التي راهن عليها، وبالتالي تخليه طوعاً عن مكاسب السلطة التي خبرها في الحكومة الحالية. ولأجل ذلك، لم يمانع في إعطاء التيار الوطني الحر ما يريده، فطلب جعجع من الوزير ملحم رياشي أن يقوم بزيارة جبران باسيل، بناء على موعد أخذته دوائر معراب، بما يثبّت أمرين، وإن أعلن جعجع أن الزيارة عنوانها التهدئة وليس الحكومة: أولاً إن جبران باسيل شريك أول في التأليف، وثانياً إن نيابة رئاسة الحكومة هي من حصة رئيس الجمهورية، وهو مَن وافق على التنازل عنها طوعاً لمصلحة تشكيل الحكومة.
وبذلك، يكون التيار الوطني الحر، قد فرض إيقاعه على التشكيلة الوزارية، انطلاقاً من أن هذه الحكومة ستكون حكومة العهد الأولى، وبالتالي فإنها يفترض أن تعبر عن تطلعات هذا العهد للسنوات الأربع المقبلة، وأن تملك أدوات تنفيذ هذه التطلعات، أي الأغلبية الحكومية الصريحة.
منذ تكليف رئيس الحكومة سعد الحريري تشكيل الحكومة، تبدّت سريعاً المشكلة التي يمكن أن تعيق الآمال بتأليف سريع. الصراع بين القوات والتيار الوطني رفع الأسوار عالية بوجه الحريري. لكل منهما مطلبه الذي لا يتنازل عنه. الأول يتسلّح بالعهد القوي وتوقيع رئاسة الجمهورية ليحصل على حصة وازنة في حكومة العهد، والثاني يتسلح بدعم سعودي عنوانه لا حكومة بلا حصة قواتية يوافق عليها سمير جعجع.
سقف القوات كان عالياً، تماماً كسقف العونيين، لكن الحريري بدا مستعداً للتعامل مع السقفين كجزء من عدة التأليف. هو لا يستطيع تخطي السعودية وما تطلبه، خصوصاً بعدما تمت تسوية وضعه المالي هناك، كما لا يستطيع تخطي ميشال عون شريكه في التسوية الرئاسية وفي انعكاساتها على العمل الحكومي الذي أثبت «فعاليته» في كثير من الملفات.
نامت الحكومة في جارور المطالب الكبيرة للطرفين. القوات برّر مطالبه بإبراز وثيقة ظلت محروسة بالكتمان، منذ التفاهم الرئاسي بين الطرفين، وتنص على المناصفة في المقاعد الوزارية المسيحية، بعد أن يأخذ رئيس الجمهورية حصة من ثلاثة وزراء (6 وزراء لكل فريق). خرج منها العونيون بحجة أن القوات لم تلتزم بها أيضاً وانتهى ملف المناصفة، من دون أن ينتهي ملف المطالب القواتية الكبيرة. «نريد خمسة وزراء من بينهم وزير بحقيبة سيادية». ذلك مطلب كان ليعني تخلي فريق رئيس الجمهورية عن الخارجية أو الدفاع، وهما حقيبتان تخضعان لمعايير متداخلة، تجعل حصول القوات على إحداهما أمراً بالغ التعقيد.
حسم القواتيون الأمر، ووصلوا إلى السقف الأدنى أربعة وزراء مع حقائب وازنة، وبلا وزارة دولة. وهذه تحديداً كانت الحصة القواتية التي تضمنتها المسودة الحكومية الأولى التي أطلع الحريري رئيس الجمهورية عليها، ورفضت في لحظتها، «لأنها لا تراعي المعايير التي تم الاتفاق عليها».
بعد انهيار الاتفاق والعودة إلى الصفر، لم يحصل أي تقدم في المسار الحكومي، إلا عندما وافق رئيس الجمهورية على التخلي عن نيابة رئاسة الحكومة لمصلحة القوات. ذلك التنازل، والضغوط الفرنسية، جعلا الرئيس الحريري، يعلن في مقابلته التلفزيونية مع الزميل مارسيل غانم، أن التشكيلة ستكون جاهزة خلال عشرة أيام.
حينها فقط بدأ العد العكسي للتشكيل. أما الخلاف العوني – القواتي المستجد، على خلفية رفض القوات للمنصب إذا لم يكن مقروناً بحقيبة، فلم يؤد عملياً سوى إلى تأخير التشكيل لا عرقلته. ما ساعد في ذلك، كان مجموعة عوامل خارجية تضافرت لتفرض أمراً واقعاً على جميع الأطراف: الضغط الفرنسي والتهديد الجدي بإمكانية خسارة «مكتسبات» مؤتمر «باريس 4» (سيدر)، اقتراب العقوبات الأميركية على إيران وحزب الله، التطورات العراقية، وأخيراً قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي، التي وضعت السعودية تحت ضغط لم تعهده.
هذا الضغط كان يعني داخلياً أنه صارت للسعودية أولويات تجعلها تغض الطرف عن لبنان. وفي تلك الفترة تماماً، وتحديداً يوم الثلاثاء الماضي، حصل اجتماع في معراب ضم بعض مسؤولي الحزب. كان القلق بادياً على الحاضرين. سمير جعجع ليس مرتاحاً للتطورات التي تحصل وللضغوط التي تزداد على السعودية. داخلياً، زاد الضغط أيضاً. هل تبقى القوات مصرة على مطلبها، فلا تتشكّل الحكومة أو تشكّل بعد أوان من دون أن يضمن أحد إمكانية الحفاظ على المكتسبات الحالية، أم يتم خرق جدار المراوحة بتنازل أخير؟ عندها تحديداً كان القرار بالموافقة على الحصول على أربع وزارات، ثلاثة بحقيبة، إضافة إلى نيابة رئيس الحكومة من دون حقيبة، فكان ذلك كافياً ليعم التفاؤل باقتراب تشكيل الحكومة، على رغم سعي الجميع، لا سيما القوات، إلى تحصيل مكاسب اللحظات الأخيرة. وتأكيداً على ثقة القوات بأنها ستحصل على ما تريده، أشار جعجع إلى أنه «يضحك كثيراً من يضحك أخيراً»، ناقلاً عن الحريري قوله لرياشي إن «القوات هي زينة الحكومة».
وعلى رغم أن التركيز كان في الساعات الأخيرة على معالجة حصة القوات، إلا أن ذلك لم يحجب وجود عقبات أخرى، أبرزها مسألة تمثيل الأقليات وتمثيل النواب السنة من خارج تيار المستقبل. وقد أكّد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، عبر برنامج «صار الوقت» الذي يقدمه الزميل غانم، أن تمثيل النواب السنة هو مطلب حق يتمسك به «التكتل الوطني». كما كان فرنجية حاسماً في الإشارة إلى أن التكتل لن يشارك في الحكومة إذا لم يحصل على حقيبة الأشغال.
الاستقواء على شاكر البرجاوي
بدل أن يقلب الرئيس سعد الحريري صفحة التوتّرات الأمنية التي حصلت في لبنان خلال السنوات الماضية، ويشرع في مصالحة داخلية تحميه وتقوّيه في الداخل من الخارج، ومن البطش السعودي، أصرّ الحريري في الأيام الماضية على تذكير اللبنانيين بماضي تيار المستقبل، مستغلاً بكيدية تسليم شاكر البرجاوي نفسه لتوقيفه.
حصل، في أيار 2012، عصر عميد حمود ومحمود الجمل، مسؤولَي ميليشيات تيار المستقبل، أن هوجم مكتب شاكر البرجاوي في ساحة أبو شاكر في الطريق الجديدة. سقط مرافقان لرئيس التيار العربي ونجا هو من القتل وأُحرق مكتبه، ولم يتم توقيف أحد من مئات المسلّحين، بينهم سوريون وفلسطينيون سلفيون، شنّوا «الغزوة» على «أبو بكر». وحصل في آذار 2014، عصر أبو مالك التلّة، أن ذات الصنف من المسلحين، هاجموا مكتب البرجاوي في الحي الغربي هذه المرّة، وأوقعوا جرحى وقتيلاً بمعركة دامية امتدت لساعات. وصفت ثلاثة أجهزة أمنية المهاجمين بـ«مسلحين من التيار السلفي».
قبل ذلك بأشهر، حوصر الشيخ محمد رشيد قباني، مفتي الجمهورية اللبنانية شخصياً، من قبل ذات العصابات. فلا عجب.
حمل تيار «الاعتدال» لسنوات راية الجماعات السلفية التفكيرية، ومسلّحي الزواريب، عصا فوق رقاب اللبنانيين في ضوضاء وهم «الثورة السورية»، وقبلها. لكنّ أخطر ما فعله الرئيس سعد الحريري وميليشياوييه، تنكيلهم بالمعارضين واستخدام السّلاح والتهجير ضد كل من تسوّل له نفسه، أن يرفض الانصياع للهيمنة في «الشارع السّني». من العائلات في طرابلس وعكار، إلى جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية والحزب السوري القومي الاجتماعي، إلى البرجاوي وآخرين في بيروت، على خط الساحل الجنوبي، في إقليم الخروب وصيدا.
قبلها في 7 أيار 2008، جلب الحريري ومحيطون به، هزيمة عسكرية لتيار المستقبل، وسقوطاً أخلاقياً ووطنياً في مجزرة حلبا، وما تلاها بتهريب الجناة وحمايتهم من العدالة. ومرتكبو مجزرة حلبا، مزيج بين سلفيين ومستقبليين، ومن إرهابيين هاربين من مخيّم نهر البارد حماهم خالد الضاهر بالنيابة عن الحريري والسعودية. وهم ذاتهم، «داعش» الأولى في شمال لبنان ولاحقاً في القصير وحمص.
أمس، في عصر أحمد الحريري، وجدت جريدة «المستقبل» عنواناً للمانشيت. جزء لنشر كذبة «امتثال» رئيس تحرير «الأخبار» إبراهيم الأمين للمحكمة الدولية، وصدر الصفحة الأولى لتوقيف البرجاوي ليومين في المحكمة العسكرية. انتصار دونكيشوتي لتيار المستقبل، بالاستقواء على ابن الطريق الجديدة الذي رفض أن يكون جزءاً من حملة السعار المذهبي ضد حزب الله، لكن بعد أن سلّم نفسه أول من أمس في مسار قضائي طبيعي، بموجب مذكّرة توقيف صادرة عام 2014، حين ضرب الحريري البرجاوي وبكى ثم سبقه واشتكى.
قبل الانتخابات النيابية، احتاج الحريري أيضاً انتصاراً هلامياً آخر لشّد عصبه الانتخابي. صدر عن المحكمة العسكرية حكم غيابي بحبس البرجاوي لمدّة سنة في شباط من العام الماضي بجنحة حمل السلاح وإطلاق النار، مسقطاً عنه التهم الجنائية. وكي لا يظهر القرار هزيمة للمستقبل، جرى فرض تمييز الحكم. واتخذت محكمة التمييز قراراً بقبول التمييز شكلاً وتعيين جلسة جديدة للمحاكمة. غير أن محامي البرجاوي معن الأسعد، وجّه رسالة لمحكمة التمييز مؤكّداً أن قبولها التمييز مخالف للقانون، ولا يحقّ لها التمييز بحكم غير نهائي، معترضاً أيضاً أمام المحكمة العسكرية على الحكم الغيابي بشقّه الجنحي. وهنا، عادت محكمة التمييز عن قرارها، معيدةً الملفّ إلى المحكمة العسكرية لبت الطّعن باعتراض الأسعد. وهو ما أكّده، أول من أمس، رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين العبد الله، خلال جلسة محاكمة البرجاوي.
لم يترك المستقبليون في اليومين الماضيين، عبر أحمد الحريري، ضغوطاً إلا ومارسوها لاستغلال تسليم البرجاوي نفسه. فرصة، وقع فيه خصم تحت «رحمتهم»، فشنّوا حملة إعلامية على المحكمة العسكرية لترهيبها وفتح ملفّ منتهٍ للبرجاوي، مع محاضرات بالأخلاق والعدالة. ولكي يشفى «الغليل»، تذرّع ممثل النيابة العامة العسكرية، القاضي هاني الحجّار بحاجته إلى قراءة الملفّ ليومين، بعد محاولاته إعادة البحث في القضية إلى التهم الجنائية، كي ينام البرجاوي ولو لليلة واحدة في السجن.
شاكر البرجاوي ليس ملاكاً، لكن يكفي أنه في يومٍ من الأيام قاتل إسرائيل وحمل السلاح وأصيب في معركة إسقاط 17 أيار، ولم يقبل أن يحمل السلاح ضد المقاومة، ولم ينقضّ على سوريا في لحظة ضعفها. «قبضاي» منطقة تحوّل إلى رمز في مرحلة بيروت قبل سوليدير الحريري.
اليوم تعقد المحكمة العسكرية جلسةً لاستكمال المرافعات. وبعد أن تقرّر في اجتماع لممثلي الأحزاب الوطنية التجمع الرمزي أمام المحكمة لرفض «التدخل في القضاء» والدفاع عن البرجاوي، جرى إلغاء التجمّع خوفاً من حشد المستقبل مناصريه والضغط لمنع انعقاد الجلسة.
أزمة العقل الجلف، الجاف، أنه لا يعرف المسامحة، ولو كان معتدياً. وأزمة الحريري، الرئيس، أنه لم يعرف كيف يبني جسور المصالحة الوطنية المتينة، لا مع سوريا التي زارها بعد اغتيال والده، ثمّ وظّف بعض تابعيه لتخريبها، ولا مع أحد من القوى السياسية اللبنانية الأخرى، ولا مع الآخرين في طائفته. واليوم، يصرّ على حرمان النواب السنّة غير الموالين له من التمثيل في الحكومة بعقلية إلغاء «الأقربين» والرضوخ لـ«الأبعدين». وله كل الجرأة ليستقوي على شاكر البرجاوي، في ملف من زمن مضى، وفي سجلّ محسوبين على تياره 11 شهيداً في حلبا من دون حساب.

البناء
مصاعب سعودية في تخطّي قضية الخاشقجي… والفيغاور تتحدّث عن تمهيد لتنحية إبن سلمان
سنّة 8 آذار والعدل والأشغال عقد التشكيل… و«القومي»: بدوننا لا تكون حكومة وحدة وطنية
فرنجية: أثق بحلفائي… ولا أساوم على خياراتي… والمصالحة مع القوات رغم الخلاف

لا زالت تداعيات قضية اختفاء جمال الالخاشقجي، ومقتله داخل القنصلية السعودية في اسطمبول الذي صار شبه مسلم به من الجميع، تلاحق الحكم السعودي بالمزيد من الترددات السلبية، حيث سيكون مؤتمر الاستثمار الذي أعدّ له ولي العهد محمد بن سلمان لإطلاق مشروعه الاقتصادي أول الضحايا، بعدما أعلن وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين أنّه لن يشارك في المؤتمر الاستثماري في السعودية الأسبوع المقبل، على خلفية اختفاء الصحافي السعودي المعارض جمال الخاشقجي. كما سبق أن ألغى العديد من الوزراء ورؤساء الشركات مشاركتهم في هذا المؤتمر الّذي ينعقد بين الثالث والعشرين والخامس والعشرين من تشرين الأول الحالي في السعودية، بسبب مسألة الخاشقجي المحرجة للرياض، ومن بين الّذين ألغوا مشاركتهم: المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، وزير التجارة البريطاني ليام فوكس والعديد من رؤساء شركات كبيرة.
التداعيات الأخرى داخل واشنطن تتفاعل إعلامياً بنشر مقالات في كبريات الصحف وتداول معلومات عبر شبكات التلفزة الواسعة الانتشار مفادها، توجيه الاتهام لولي العهد بالمسؤولية عن مقتل الخاشقجي، مستبعدة نجاح مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو بإبعاد الشبهات عن إبن سلمان تحت شعار البحث عن كبش فداء، ونظرية الأشرار غير المنضبطين، وقد تمّ تداول أسماء الفريق الأمني المحيط بولي العهد وصورهم في القنصلية السعودية في اسطمبول قبل وبعد دخول الخاشقجي إليها كعلامات على حتمية انعكاس القضية على مصير إبن سلمان. وفي هذا السياق نقلت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي تأكيده أن «هيئة البيعة في السعودية تنظر في وضع ولي العهد محمد بن سلمان»، مشيراً إلى أن «هيئة البيعة تنظر منذ أيام وبأعلى درجات الاهتمام والسرية في تعيين ولي لولي العهد».
ورأت الصحيفة أن «تعيين ولي ولي العهد يمهّد لعزل شقيقه الأكبر ولي العهد محمد بن سلمان»، معتبرة أن «الأمير خالد بن سلمان هو المرشح لخلافة محمد بن سلمان الذي قد يغادر منصبه في المدى المتوسط»، لافتة الى أن «محمد بن سلمان خلق لنفسه الكثير من العداوات داخل عائلة آل سعود وفي صفوف الحرس الوطني».
لبنانياً لا تزال موجة التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة الجديدة تسيطر على الوسطين السياسي والإعلامي رغم العقد التي لا تزال حاضرة. وتؤكد مصادر رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أن الثماني والأربعين ساعة المقبلة ستتكفل بحلحلة كل العقد، وقد ظهرت ليلا عقدة تمثيل النواب السنّة خارج تيار المستقبل بعدما بدا أنه تمّ تخطيها، وسط معلومات عن تمسك حزب الله بتمثيلهم، كشرط لقبوله بالتشكيلة الحكومية ومشاركته فيها، بالتوازي مع الحديث عن حلحلة في إسناد وزارة الأشغال لتيار المردة، ومراوحة عقدة وزارة العدل وإمكانية حصول القوات اللبنانية عليها، بينما أعلن الحزب السوري القومي الإجتماعي بلسان عميد الإذاعة معن حمية أن استبعاد الحزب عن الحكومة يشكل أكبر العقد في طريق ولادتها كحكومة وحدة وطنية، لأنها ستكون بلا «القومي» حكومة محاصصة طائفية.
الوزير السابق سليمان فرنجية الذي أكد التمسك بحقيبة الأشغال مشيراً إلى أن حلفاءه لا يتخلون عنه وأنه يثق بهم ثقة مطلقة، خصوصاً إشارته إلى أن علاقته بحزب الله أكثر من ممتازة. وهكذا كانت في زمن الاستحقاق الرئاسي وهكذا هي اليوم وهكذا ستبقى. ودعا فرنجية للإيجابية في العمل السياسي لأن لبنان لا يتحمّل السلبية، مذكراً بأنه قال بعد انتخاب رئيس الجمهورية أن خطنا السياسي قد انتصر وأن رئيس الجمهورية لا يدعونا بل يستدعينا متى شاء، لكنه لم يلقَ إيجابية مقابلة، مشيراً إلى الحديث عن معركة الرئاسة بصورة مبكرة لم يصدر من عنده بل من كلام رئيس الجمهورية عن اعتبار الوزير جبران باسيل متقدماً على الآخرين في المعركة الرئاسية المقبلة، وتناول فرنجية وقائع ترشيحه للرئاسة من قبل فرنسا والرئيس سعد الحريري فقال إنه اشترط لترجمة التفاهم على ترشيحه موافقة العماد عون آنذاك، وأكد للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه لن ينزل إلى مجلس النواب دون حلفائه لينتخب رئيساً، وأنه تفاهم مع الرئيس سعد الحريري بأنه سيزور سورية بمثل ما يزور الحريري السعودية، وتحدّث فرنجية عن مشروع المصالحة مع القوات اللبنانية، فقال إن المشروع صار على خواتيمه، وهو قريب من الإنجاز كترجمة لمسار بدأ منذ مدة وتعطل بطلب من القوات في مرحلة الانتخابات الرئاسية، نافياً وجود وثيقة مكتوبة بل بيان ختامي علني، معتبراً المصالحة شأناً إيجابياً رغم الخلاف السياسي في الخيارات، فلكل خياراته الإقليمية وأنا لا أساوم على خياراتي ولا على تحالفاتي ولا ثوابتي، وإن تعرّضت خيارات الثامن من آذار إلى الخطر فأنا أول من يحمل السلاح، لكن طالما أن خطنا السياسي في وضع مريح ومستقر فالانفتاح والاستيعاب واجب، رافضاً ربط الأمر بالاستحقاق الرئاسي المقبل من الآن.
أكد عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أنّ لبنان يحتاج إلى حكومة وحدة وطنية قادرة على تحمّل مسؤولياتها على المستويات كافة، وهذا يحتّم اعتماد مقاربات وطنية في عملية التشكيل، تأخذ بعين المصلحة الوطنية من خلال احترام أحقية تمثيل القوى اللاطائفية، وفي طليعتها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ولفت حمية في تصريح أمس، الى أنّ حصر مشاورات التشكيل بالعقد المتداولة يؤدّي إلى حكومة «ائتلاف عقد»، ويضيّع فرصة تشكيل حكومة وحدة وطنية يعوّل عليها اللبنانيون لمعالجة الأزمات وحلّ المشكلات المتفاقمة.
واعتبر أنّ عدم تمثيل الحزب القومي في الحكومة، أكبر من كلّ العقد، لأننا سنكون أمام حكومة محاصصة طائفية ومذهبية، تضع البلد مجدّداً في المربع الخطأ الذي يحول دون الارتقاء بالحياة السياسة نحو تكريس مفهوم الوحدة الوطنية الحقيقية.
وختم حمية قائلاً: نحن لا نريد مقعداً وزارياً من أجل مصالح خصوصية، بل نريده لنكون الصوت المدوّي المعبّر عن إرادة شعبنا في الاتجاه نحو إلغاء الطائفية وإقامة دولة المواطنة وممارسة الحياة المدنية بالتساوي والعدل بما يرسّخ مفهوم المواطنة.
عون: الحكومة قاب قوسين أو أدنى
إلى ذلك، تمكّنت الاتصالات التي بلغت ذروتها يوم أمس، من فكفكة العقد التي كانت تعترض ولادة الحكومة التي باتت قاب قوسين أو أدنى، كما أعلن الرئيس ميشال عون خلال «كزدورة» صباحية في حديقة القصر الجمهوري ، وما يجري حالياً هو تفكيك بعض ألغام الحقائب والمفاوضات لم تنتهِ حتى ليل أمس، وتدور على حقائب ثلاث العدل والأشغال والصحة، على أن تتبلور الصورة النهائية اليوم، أما في بيت الوسط فبات لدى الرئيس المكلف سعد الحريري صيغة نهائية كاملة لتوزيع الحصص على القوى السياسية بعد خمسة أشهر من ممارسة حلفائه سياسة التعطيل، إذ أشارت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» الى أن العقد أصبحت وراء الرئيس المكلف وما يجري الآن هو البحث في بعض التفاصيل الصغيرة»، غير أنها كشفت أن الرئيس الحريري يتكتم على الأسماء كي لا «يحرق الطبخة»، لكنه أكد أن الحكومة ستولد خلال أيام، مرجحة أن «يزور الحريري بعبدا اليوم أو غداً لإعلان الحكومة إن انتهى من وضع اللمسات الأخيرة عليها». وأكدت المصادر أن العقدة الدرزية حُلّت وكذلك العقدة المسيحية حيث تمّ الاتفاق مع الحريري على حصة القوات باستثناء العدل كما تم تثبيت التمثيل الأرمني، فيما لن يكون هناك تمثيل للقاء التشاوري، بحسب المصادر». وعلمت «البناء» أن «وزارة الصحة ستبقى مع حزب الله أما الأشغال فأشارت مصادر بعبدا الى أنها حسمت لمصلحة تيار المردة، غير أن رئيس التيار الوزير سليمان فرنجية قال أمس إنه لم يتبلغ رسمياً هذا الأمر، معلناً إصراره على الأشغال وأنه لن يدخل الى الحكومة دونها. أما وزارة العدل فرجّحت المصادر أن تبقى من حصة رئيس الجمهورية في ظل إصرار القوات اللبنانية عليها.
وعبر الحريري عن تفاؤله بولادة الحكومة خلال ما تبقّى من أيام هذا الأسبوع، وأكد خلال دردشة مع الإعلاميين في «بيت الوسط»، أنّ «كلّ الجهات السياسية ستكون مشاركة في الحكومة بمن فيها القوات اللبنانية ». وتوجّه إلى الإعلاميين بالقول: «إذا أردتم مساعدتي فلا تدخلوا في أخبار توزيع الحقائب».
وكان الحريري وفي إطار مشاوراته المفتوحة، التقى في بيت الوسط الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وعرض معهما المستجدات المتعلقة بالتشكيل.
وعاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، الى بيروت بعد مشاركته في أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف.
وإذ أشارت معلومات الى أن الحريري سيسير بحكومة من دون القوات إذا استمرّت على شروطها، نفت مصادر مستقبلية ذلك مشيرة لـ»البناء» الى أن «الحريري لن يسير بحكومة من دون القوات، لكن المواقف العالية السقف التي أطلقها مسؤولو حزب القوات أمس، أوحت بأنها لم تُمنح ما أرادته من حقائب وأنها ستقبل على مضض ما عُرض عليها لكنها حاولت في مفاوضات الربع الساعة الأخيرة انتزاع الحد الأقصى من المكاسب الوزارية، لكن وفق مصادر لم تعد القوات بموقع وضع شروط على الرئيس المكلف، حيث إن قطار الحكومة قد سلك ولن يعود للوراء ومَن يركبه يدخل الى «جنة الحكومة» ومن يتخلّف عنه فسيبقى خارج الحكومة ولا يمكن للقوات أن تفعل.
وبحسب المصادر فقد عرضت على القوات نيابة رئاسة الحكومة وحقائب الصناعة والثقافة والشؤون الاجتماعية، لكن جعجع أصر على العدل، وقال النائب جورج عدوان: «الحكومة لا بكرا ولا بعد بكرا»، مضيفاً من مجلس النواب «لا نسعى لحصص وحقائب معينة»، واشار الى ان «من يراهن على خلاف القوات والحريري فرهانه في غير مكانه». وتابع «اي حكومة لا تعكس التوازنات في البلد يُكتَب لها الفشل قبل ان تقوم بمهامها وهو أمر يعرفه الحريري». وقال «تلقينا عرضاً من الرئيس المكلف في ما يتعلق بوزارة العدل والحكومة تسير بالاتجاه الصحيح وهي لا تزال تحتاج الى بضعة أيام كي تبصر النور». أما رئيس القوات سمير جعجع فأشار الى أن «غالبية الأفرقاء تريد القوات في الحكومة باستثناء بعض الوجوه الصُّفْر». وأضاف: «يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً».
وقالت أوساط تيار المستقبل لـ»البناء» إن «السبب الاهم الذي دفع باتجاه تأليف الحكومة هو عامل الوقت الذي أرهق الجميع ووضعهم أمام مسؤولياتهم الى جانب أسباب اخرى قد لا تكون داخلية». ووصفت الحكومة بأنها حكومة الامر الواقع، لكنها رأت أن «التوزيع الحكومي كان يمكن أن يتم منذ خمسة أشهر». لكن المصادر حذرت من أن اي ثغرة أو خطأ في المفاوضات قد يعيد الامور الى نقطة الصفر ويؤخر الولادة اياماً عدة». وكشفت أن «وزارتي الداخلية والاتصالات حُسمت للمستقبل الى جانب وزير دولة ربما الوزير غطاس خوري، أما بقية الحقائب التي ستؤول للتيار فإنها تنتظر التوزيع النهائي للحقائب على بقية الاطراف على أن يأخذ المستقبل ما يتبقى منها».
فرنجية: لن نشارك بلا الأشغال أو الطاقة
وأشار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في حوار على قناة أم تي في مع الإعلامي مارسيل غانم الى ان «التفاؤل الحكومي موجود لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، إلا أنه في الكواليس العقد 80 في المئة هي نفسها، والعقدة الدرزية انحلت، عقدة القوات والمردة ترتفع وتنخفض، والعقدة الأخيرة هي عقدة سنة المعارضة، اضاف «سنة المعارضة يجب أن يتم تمثيلهم، والموضوع بات اليوم أكثر جدية وأساسياً عند فريقنا السياسي، وأشك ان تتشكل حكومة دون سنة 8 آذار». وقال: «لدينا حلفاء لا يتركوننا وبخاصة أن مطالبنا محقة». وأوضح انه تم فتح معركة ضد حقيبة الاشغال، وهناك محاولات تحجيم ومعركة حقيبة الأشغال لم نكن نريدها، وقد تخلّلتها محاولة لتشويه سمعة وزير الأشغال يوسف فنيانوس، واليوم المعركة أصبحت معركة كرامة. اضاف «انا على تنسيق دائم مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله». وأكد أن لا «مشكلة لديه مع الرئيس عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، ونحن اليوم لا نعتبر أنفسنا في مواجهة مع الرئيس عون، وفي فترة الانتخابات الرئاسية كانت هناك منافسة اما اليوم هو مَن ربح وانتخب رئيساً وقلت من مجلس النواب عند انتخاب عون إن خطنا ومشروعنا السياسي انتصر».
ولفت الى ان «المصالحة بيني وبين جعجع ستتم على الأرجح في بكركي وبرعاية سيدنا البطريرك، وستتم أول خلوة بيني وبين جعجع»، واشار الى ان الناس في زغرتا تثق بقياداتها وتعرف ماذا لديها ونحن لدينا شهداء ونعمل باللحم الحيّ. أضاف «نحن ذاهبون الى أي لقاء حقيقي ومسيحي وجداني». وشدد على انه رغم الخلاف السياسي بيننا وبين القوات، يجب أن نتفق وأن نتقارب. وأكد أنه لن يكون هناك اتفاق خطي مع القوات، بل سيكون هناك بيان مشترك عن الاجتماع».
إسراء سلطان تعود أدراجها
على صعيد آخر، يبدو أن أزمة الكهرباء ستطرق مجدداً أبواب المواطنين لا سيما في مناطق كسروان ومحيطها، بعد أن عادت باخرة اسراء سلطان أدراجها الى تركيا، وأعلنت شركة «كارباورشيب» في بيان، أنه «بعد تولي باخرة الطاقة «إسراء سلطان» دعم مشروع الطاقة بـ 200 ميغاواط إضافية لصالح الشبكة اللبنانية خلال الصيف، ستستهلك الباخرة ما تبقى من كميات الفيول المخصصة لها وسيتم توقيف إنتاجها للكهرباء غداً بعد الظهر في 19 تشرين الأول 2018. ومن المرجّح أن تستغرق عملية انفصالها عن الشبكة يومين أو ثلاثة كي تبحر بعد ذلك باتجاه المياه التركية، وفقاً لأحوال الطقس والبحر».

Please follow and like us: