حسب افتتاحيات الصحف يفترض بالمواطنين أن (لا) ينتظروا تشكيلاً للحكومة اليوم، السبت أو غداً الأحد، مع كثرة التسريبات عن أن الرئيس المكلف يوشك على رفع تشكيلة وزارية إلى رئاسة الجمهورية، تضع "حزب العرقلة" أمام الأمر الحكومي الواقع. أما سبب عزوف المواطنين عن تصديق التسريبات، فهو استمرار المناورات السياسية. إذ يلاحظ أن الرئيس المكلف الذي اسقط مهلاً معلنة سابقاً، لا زال متغاضياً عن تمسك "حزب العرقلة"، بما يسميه حصص وزارية "وازنة". واللافت أن أحد السفراء "الخليجيين" زار ساسيين "محليين" أمس، وعند خروجه قال أنه سيكون لدى المواطنين "حكومة وازنة"…
اللواء
التشكيلة بالحقائب والأسماء إلى بعبدا اليوم
بخاري من الجبل يكشف عن عمق العلاقة مع الدروز: ننتظر الحكومة لإطلاق المشاريع
بندان على جبهة المشاورات، التي نشطت ليل امس:
1- إنقاذ مشروع حكومة الوحدة الوطنية، باعتبارها حكمة وفاق، لا تستبعد أحداً.
2- وهذا الانقاذ يكون بإيجاد مخرج لمأزق تمثيل «القوات اللبنانية» بعدما أصرّ الرئيس ميشال عون على ان تكون حقيبة العدل من حصته، وفقاً لمطالعة سياسية وقانونية وحتى دستورية، وفقاً لقراءات البعض وإعلان النائب السابق غازي العريضي من عين التينة، انه لو أعطيت التربية «للقوات» فماذا يبقى للدروز؟
على ان حركة المشاورات التي أجراها الرئيس المكلف سعد الحريري، وشملت موفد الرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل، وموفد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور، وموفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الوزير ملحم رياشي.. فضلاً عن الخط المفتوح مع بعبدا والتيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل الذي يفترض ان يكون بحث أو سيبحث في الصيغة الأخيرة لحل عقدة «القوات» مع الرئيس الحريري..
وكشفت مصادر ذات صلة لـ«اللواء» بأن «الطبخة استوت»، وما بقي «رتوشات» أخيرة، تسبق زيارة الرئيس المكلف إلى بعبدا، والتي يمكن ان تكون اليوم أو غداً على أبعد تقدير..
مرحلة دقيقة
وإذا كان من الصعب التنبؤ بإعلان صدور مراسيم تأليف الحكومة العتيدة، تبعاً للتجارب السابقة والعديدة، حيث كادت «اللقمة تصل إلى الفم»، بحسب تعبير الامثال الشعبية، قبل ان تتعقد الأمور ثانية، فإن حركة المشاورات الماراتونية التي أجراها الرئيس المكلف مع ممثلي الفرقاء المعنيين، ليل أمس، تؤشر إلى ان أمور التشكيل بلغت مرحلة مفصلية ودقيقة جداً، يمكن ان تؤدي إلى حلحلة ما على صعيد معالجة عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، وبالتالي إخراج الأزمة الحكومية من عنق الزجاجة، في خلال اليومين المقبلين.
لكن أوساط الرئيس المكلف، على الرغم من تفاؤلها ما تزال تتكتم على الطروحات الأخيرة المقدمة للقوات، والجواب عليها، ما أعطى انطباعاً لدى المراقبين بأن الأمور لم تتبلور بعد، خصوصاً وأنه لم تتوفر معطيات تُشير إلى ان الرئيس الحريري سيحمل التشكيلة النهائية إلى قصر بعبدا، اليوم أو غداً، وبالتالي ان تمر الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون التي تصادف الأربعاء المقبل من دون حكومة كاملة المواصفات الدستورية.
الا ان الأوساط نفسها، أكدت ان الفرصة ما تزال متاحة، وان الحريري سيستفيد من الزخم العربي والدعم الذي أعطي له خلال زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، فضلاً عن التفويض الدولي له والداعم لتأليف الحكومة، من أجل إيجاد الحلول التي تعوق ولادة الحكومة.
دعم سعودي مباشر
وقد تجلى هذا الدعم السعودي، بشكل واضح وعلني أمس، على لسان القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت الوزير المفوض وليد بخاري، عندما تمنى، خلال جولة له في الشوف على مؤسسات تربوية وصحية، بصحبة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي، تشكيل الحكومة خلال الأيام القادمة، بشكل وازن، معلناً ان المملكة تسعى للبدء بالمشاريع التي من خلالها تستطيع دعم هذا البلد واستقراره وازدهاره، مشيراً إلى ان كل المؤشرات الاقتصادية تجعل من لبنان بلداً معافى.
وإذ شدّد على «العلاقة التاريخية التي تربط المملكة بطائفة الموحدين الدروز في جبل لبنان، انطلاقاً من العلاقة القديمة مع الزعيم كمال جنبلاط وصولاً إلى وليد جنبلاط، أكّد ان المملكة تسعى دائماً للحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وهي تتمنى تشكيل الحكومة التي يعبر عنها الرئيس سعد الحريري وبحسب توقعاته خلال الأيام القادمة، معرباً عن اعتقاده بأنه آن أوان تشكيل الحكومة بشكل وازن كي تبدأ الدول الداعمة والصديقة للبنان البدء بتنفيذ المشاريع التي تكفل الحفاظ على اقتصاد وازدهار البلد».
وكانت جولة بخاري والشامسي في الشوف شملت المؤسسة الصحية للطائفة الدرزية في عين وزين ومؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية ومسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة، واختتمت في منزل رئيس مؤسسة العرفان الشيخ علي زين الدين في بلدة الخريبة في حضور شيخ العقل نعيم حسن، ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، والوزير مروان حمادة والنائب أبو فاعور، حيث كانت للشيخ زين الدين كلمة كشف فيها ان الملك سلمان بن عبد العزيز قال لجنبلاط ان «الدروز من عشيرتي»، وقال: «نحن هنا صمّام الأمان، ومن حافظ على الجبل قوياً لن نسمح لأحد مسه»، وشدّد على «تضامن الدروز بشكل كامل مع ما تتعرض له المملكة من ضغوط سياسية».
ثم قدم للسفير الشامسي والوزير المفوض بخاري هديتين عبارة عن سيفين قديمين.
مروحة لقاءات
إلى ذلك، لاحظت المصادر المتابعة لعملية التأليف ان مروحة الاتصالات واللقاءات التي جرت أمس في «بيت الوسط» شملت كلاً من المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل، وعضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، والوزير القواتي في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي، بعد لقاء عقده الأخير في مكتبه في وزارة الإعلام مع الوزير الدكتور غطاس خوري موفداً من الرئيس الحريري، في حين تحدثت معلومات لم تؤكدها مصادر «بيت الوسط» عن زيارة ثانية قام بها وزير «المردة» يوسف فنيانوس بعيداً عن الإعلام.
ولفتت هذه المصادر إلى ان هذه الحركة والأطراف التي شملتها، تؤشر إلى ان الحريري قد يكون يعمل على طرح صيغة حل ترضي «القوات» تقضي باسناد حقيبة الاشغال لها بدلاً من العدلية، التي يتمسك بها الرئيس عون، في مقابل تنازل «المردة» عنها بمساعدة من الرئيس برّي، الا ان مصادر «المردة» نفت ان يكون الحريري قد طرح عليها التخلي عن هذه الحقيبة، في حين وصفت مصادر «بيت الوسط» ما يُحكى في شأن «الأشغال» «بالتفنيصة»، وقالت ان طرح ان تنازل الحريري عن حقيبة الاتصالات لمصلحة «القوات» في مقابل ان يأخذ العدل من الرئيس عون غير وارد.
على ان اللافت ان أياً من الوزيرين خليل أو ريشي لم يدليا بأي تصريح بعد لقاء الحريير، في حين اكتفى النائب أبو فاعور بالقول ان «اللقاء كان تشاورياً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة».
وعندما سئل عن موعد الانفراج، اجاب: «على الطريق».
لكن الوزير السابق غازي العريضي الذي زار عين التينة أمس، قال بعد لقائه الرئيس برّي، رداً على سؤال عن إمكانية التخلي عن حقيبة التربية؟: «لا شيء يبقى للطائفة الدرزية إذا قدمناها، وزارة التربية ثابتة، ووليد جنبلاط قدم كل التسهيلات».
مهمة ليست سهلة
وعكس تكتم هذه الأطراف، عمّا يجري من مداولات وطروحات، انطباعاً بأن مهمة الرئيس المكلف ليست سهلة على ما يبدو، فكل طرف يتمسك بالوزارات التي آلت اليه: «المردة» بالاشغال، والحزب الاشتراكي بالتربية، وتيار المستقبل بالاتصالات، و«التيار الوطني الحر» بالطاقة، كما ان الوزارات السيادية تبدو حتى الساعة على حالها، علماً ان ذهاب احداها إلى «القوات» كفيل بحل المشكلة بدقائق.
ونقلت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون انه قدم كل ما لديه لتأليف الحكومة ولم يعد لديه ما يقدمه، لافتة إلى أن وزارة العدل حسمت من حصة الرئيس، وكذلك وزارة الدفاع، في حين قالت مصادر مقربة من «التيار الحر» ان ليس لديه أي عرض جديد أو حقيبة من الممكن ان يتنازل عنها، ودعت «القوات» إلى القبول بالعرض المتاح لها وهو حقيبة العمل، مشددة في الوقت نفسه على ان ما من فريق يريد ان يخرج «القوات» من التشكيلة الحكومية، وان ما قيل عن لسان النائب آلان عون عندما دعا إلى التفتيش عن فريق مسيحي آخر يتمثل في الحكومة، مما اغضب «القوات» لم يكن دقيقاً، وان كان قد جاء بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير».
واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان لا عودة الى الوراء في ما خص الحقائب الوزارية السيادية وان المطروح اليوم معالجة عقدة القوات من خلال منحها حقيبة موازية لحقيبة العدل التي كانت تطالب بها.
وافادت المصادر ان الموضوع هو بيد رئيس الحكومه المكلف، وقالت المصادر مجدداً ان ما من مهلة دستورية لانجاز التشكيلة وان ما يتردد عن رغبة بولادة الحكومة قبل بدء ولاية رئاسية جديدة لم يشر اليها رئيس الجمهورية انما كان يكرر تأكيده ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة.
واذ اعلنت ان القوات رفضت ان تتولى حقيبة العمل اشارت ان هناك مقترحات يعمل عليها، ولفتت الى انه حين يصبح لدى الحريري صيغة بتوزيع الحقائب يعرضها على الرئيس عون ليصار الى اسقاط الأسماء على الحقائب مع العلم ان ما من احد من الأطراف رفع اسماء. واوضحت ان ما يريده العهد هو قيام الحكومة بأسرع وقت وان المساعي متواصلة لذلك والتواصل بين بعبدا وبيت الوسط يتم بشكل غير مباشر.
القوات
وكانت مصادر «القوات» أبلغت «اللواء» قبل زيارة الرياشي إلى «بيت الوسط» ليلاً، بأنه ليس هناك من جديد بانتظار ان يتم ابلاغها من قبل الرئيس الحريري بأي معطى جديد أو أجوبة على سلّة الأفكار التي طرحتها مع العلم، بحسب ما تقول ان الرئيس المكلف يقوم باجراء كل الاتصالات اللازمة من اجل الوصول الى حكومة شراكة حقيقية ووحدة وطنية، وتعتبر ان كل الذي منع التأليف في الفترة الماضية سببه الرئيسي سعي البعض لتشكيل حكومة امر واقع او اكثرية، وهذا ما يرفضه الرئيس المكلف جملة وتفصيلا، وتلفت الى سعي الرئيس الحريري المستمر من اجل الوصول الى حكومة وحدة وطنية، وكشفت هذه المصادر الى ان الاتصالات بين القوات والرئيس الحريري مستمرة، وهو يقوم بدوره بالاتصالات اللازمة مع الاطراف المعنية من اجل هندسة الحكومة بشكل متوازن، وبشكل يجسد تمثيل كل الاطراف بعيدا عن محاولات التحجيم او تشكيل حكومة «غالب او مغلوب»، لذلك تؤكد المصادر استمرارها بانتظار اجابات الرئيس الحريري من اجل ولادة حكومة متوازنة، خصوصا ان الرئيس المكلف ليس في الوارد على الاطلاق ولادة حكومة «غالب او مغلوب».
تمثيل السنة المستقلين
وفيما ما زال الرئيس المكلف يحاول اقناع «القوات اللبنانية» بحقيبة العمل الى جانب ثلاث وزارات اخرى ومن دون نتيجة حتى الان برغم اجواء التفاؤل المسيطرة في بيت الوسط، بقيت مسألة تمثيل أحد أعضاء «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» في الحكومة الجديدة موضع بحث ونقاش بين الاعضاء انفسهم وبينهم وبين بعض الحلفاء، من دون التوصل الى نتيجة حاسمة حتى الان، بانتظار موقف رئيس الجمهورية من الصيغة النهائية التي سيقدمها له الرئيس المكلف سعد الحريري، وما اذا كان سيصر على تمثيل احد النواب الستة: عبدالرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد واسامة سعد وعدنان طرابلسي وفؤاد مخزومي، باعتبار ان النواب السنة الباقين من خارج «تيار المستقبل» منضوون في كتل نيابية مثل الرئيس نجيب ميقاتي والنائب قاسم هاشم والنائب الوليد سكرية.
وقال النائب مراد لـ»اللواء»: ان موضوع تمثيل احدنا لم يحسم بعد بانتظار موقف وتحرك الحلفاء، وتمثيلنا ليس منّة أو حسنة من احد وهو حق لنا اسوة بباقي الكتل التي تمثل حيثية شعبية معينة، ونحن نتابع الموضوع مع الرئيس بري ومع الاخوة في «حزب الله» وسواهما من حلفاء.
وعن المخرج المطلوب لحل هذه المسألة العالقة؟ قال مراد: علمنا ان الرئيس عون سأل الرئيس المكلف عندما قدم له الصيغة الاولى للحكومة عن تمثيل النواب السنة المستقلين، وهذا يعني انه مصر على تمثيلنا، ولا ندري كيف سيكون الموقف عندما يتقدم الحريري بالصيغة النهائية لحكومته.
التزام بتوصيات «سيدر»
في غضون ذلك، جال وفد برلماني فرنسي من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسيين برئاسة رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية مارييل دو سارنيز ورئيس لجنة الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ كريستيان كامبون، جاء الى لبنان في زيارة استطلاعية وللتعبير عن تضامن البرلمانيين الفرنسيين مع لبنان ودعمهم له في المجالات كافة، على الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ولجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان «لبنان ملتزم توصيات مؤتمر «سيدر» بالتزامن مع تطبيق خطة النهوض الاقتصادية التي أقرتها الحكومة المستقيلة لتعزيز قطاعات الانتاج في البلاد».
واوضح الرئيس عون للوفد ان «لبنان الذي قدم منذ العام 2011 وحتى الان، الرعاية الكاملة للنازحين السوريين، ما الحق تداعيات سلبية على اقتصاده وامنه وبنيته الاجتماعية، يدعم اليوم مسيرة العودة الامنة لهؤلاء النازحين الى بلادهم، لا سيما بعد توقف القتال في عدد كبير من المناطق السورية، وتنظيم مصالحات على مختلف الاصعدة.
وجدد الرئيس عون التأكيد على ان «لبنان لا يمكنه ان ينتظر تحقيق الحل السياسي في سوريا لتتم عودة النازحين».
وردا على سؤال، اكد الرئيس عون للوفد البرلماني الفرنسي ان «القرار اللبناني مستقل وسيد وهذا ما ادركه المجتمع الدولي، لا سيما من خلال المواقف التي صدرت عن رأس الدولة في المحافل الاقليمية والدولية، ولن يقبل لبنان اي مساس بسيادته واستقلاله وقراره الحر، وكما نحترم استقلالية كل دولة، فاننا نريدها ان تحترم استقلاليتنا».
الأخبار
هل تبصر الحكومة النور… «بمن حضر»؟
بين الفريق المتفائل بأنّ يوم غد سيشهد ولادة الحكومة الجديدة، والفريق القائل بغياب أي مؤشرات على جدية التقدّم في المفاوضات، يضيع ملف تأليف الحكومة. العِقد لا تزال هي نفسها، ولا يبدو أنّ أمام القوات اللبنانية من حلّ سوى الرضوخ لنيل حقيبة العمل
التنجيم أهون من استشراف مصير تأليف الحكومة. الأمور متوقفة عند النقطة نفسها، التي تعرقلت عندها قبل أسبوع: تمثيل النواب من الطائفة السنية غير المنتمين إلى تيار المستقبل، والحقيبة الثالثة التي ستحصل عليها القوات اللبنانية، بعد أن وعدها الرئيس المُكلّف سعد الحريري «من كيس غيره» بحقيبة العدل، قبل أن يتبين أنّ الرئيس ميشال عون ليس بوارد التخلّي عنها. على المقلب الآخر من «القوات»، تقف كلّ القوى السياسية الأخرى التي نالت الحصّة ونوعية الحقائب التي طالبت بها، بمن فيها الحزب التقدمي الاشتراكي، «الشريك» الذي حرّر نفسه من «مُحاولة اتفاق» مع القوات اللبنانية بأن يكونا «سوا» داخل الحكومة أو خارجها. العقدتان (تمثيل النواب المستقلين وحقيبة القوات اللبنانية)، قد يكون حلّهما بسيطاً جداً، فيُعلن عن تشكيل الحكومة يوم الأحد من قصر بعبدا كما يُريد الحريري، أو قد يكونا وقوداً لإحراق كلّ الخطوات الإيجابية التي تحققت، حتى الآن. انطلاقاً من هنا، تنقسم القوى المشاركة في المفاوضات بين رأيين، الأول يُعبّر عنه التيار العوني وفريق رئيس الحكومة بأنّ الأحد هو «يوم البشارة»، والثاني تنقله بقية القوى بأنّ الكلام الإيجابي عن قرب تأليف الحكومة لا يتزامن مع مؤشرات جدّية لذلك.
يوم أمس، كان بيت الوسط مكان «حجٍّ» لكلّ من النائب وائل بو فاعور والوزيرين علي حسن خليل وملحم رياشي «الذي التقى الحريري بناءً على طلب الأخير، من دون أن يكون حاملاً مطالب إضافية غير تلك التي نقلها مدير مكتب رئيس القوات إيلي براغيد». خلال لقاء الحريري – رياشي – براغيد، وضعت القوات اللبنانية العصي في الدواليب، مُطالبةً بحقيبة أساسية، على غرار الاتصالات أو الطاقة. مرّة جديدة، لجأ الحريري إلى خيار إعطاء «القوات» من حصة «التيار» والعهد، فاقترح أن يكون المخرج بنيل معراب حقيبة الاقتصاد. لا مشكلة لدى القوات اللبنانية بنيل الاقتصاد، شرط أن تكون مُضافة إلى حقائب العمل والشؤون الاجتماعية والثقافة ومنصب نائب رئيس الحكومة. إلا أنّ هذا الطرح «من المستحيل» أن يمرّ لدى التيار الوطني الحرّ، فيقول أحد نوابه إنّه «إذا كانت حقيبة الاقتصاد ستحلّ العقدة فلا مانع، ولكن من غير الممكن أن تكون حقيبة رابعة». وبناءً عليه، تقول مصادر مُطلعة على مفاوضات التأليف إن «طرح حقيبة الاقتصاد لن يمرّ».
من جهة حركة أمل، كان رئيس مجلس النواب نبيه برّي مُصراً على أن يعرف ما هي الحقائب التي سينالها ثنائي «الحركة» – حزب الله، قبل أن يرفعها الحريري إلى رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي حصل عليه. ومن ناحية أخرى، من المؤكد أنّ حقيبة الأشغال لن تُمَس، وستبقى مع تيار المردة. أما التقدمي الاشتراكي، فقد ثبّت حصّته الوزارية، بنيل الأخير حقيبتي الصناعة والتربية والتأكيد على مشاركته في الحكومة، حتى ولو اختار عون الوزير «الدرزي» الثالث من اللائحة التي قدّمها النائب طلال ارسلان، وبمعزلٍ عن موقف القوات اللبنانية. أمام هذا الواقع، لا يبقى أمام قيادة معراب من خيار سوى القبول بالحقيبة الثالثة وهي العمل، طالما أنّ سمير جعجع حسم أمر البقاء في السلطة وعدم الانتقال إلى صفوف المعارضة، وبخاصة في حال صدق ما يُنقل عن الحريري بأنّه مُصمّم على تقديم مسودته يوم الأحد إلى عون، «بمن حضر». والعبارة الأخيرة لا تعني تغييب القوات، بقدر ما تعني إلزامها بحصة يراها رئيسا الجمهورية والحكومة «منطقية». وكان لافتاً أمس دخول القائم بالأعمال السعودي، وليد البخاري، على خط التأليف، لجهة وضعه مواصفات الحكومة المقبلة، عبر القول «نتمنى للبنان الوصول إلى تشكيل الحكومة بشكل وازن». وربط البخاري – الذي جال مع السفير الإماراتي حمد الشامسي في منطقة الشوف – تأليفَ الحكومة بما قال أنها «مشاريع» ستنفذها بلاده في لبنان.
عقوبات جديدة
على صعيد آخر، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانوناً جديداً أقرّه الكونغرس، فرض عقوبات جديدة على حزب الله، «يهدف إلى منع التمويل عنه»، بحسب الزعم الأميركي. وقال ترامب في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الـ35 لتفجير مقر قوات المارينز في بيروت، إنّه وقّع «قانوناً أقرّه الكونغرس ويفرض عقوبات إضافية على حزب الله». وصدر عن البيت الأبيض بيانٌ يذكر أنّ القانون «يعزل حزب الله بشكل أوسع عن النظام المالي الدولي ويحدّ من تمويله». وتنصّ العقوبات تحديداً على تجميد الأصول، وإلغاء تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، وحظر الدخول إلى أراضيها. وجاء في البيان أنّ العقوبات موجهة ضدّ «أشخاص أجانب وجهات حكومية تُسهّل وتدعم عن وعي حزب الله والشبكات المرتبطة به».
يأتي هذا القانون قبل أيام من فرض عقوبات أميركية جديدة ضدّ إيران، وبعد أن كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت في 16 أيار الماضي عن عقوبات على مسؤولين في حزب الله، من بينهم الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم.
البناء
القمة الرباعية اليوم في اسطنبول… تليها قمة ترامب بوتين في باريس… ودعوة أميركية لبوتين
لقاء صادم لقابوس مع نتنياهو في مسقط… وحديث عُماني عن وعود بحل الدولتين
الحريري يحاول ترتيب وضع القوات… وتمثيل سنة 8 آذار يثبت كخط أحمر
على خلفية الانحدار في الدور السعودي تسارع واشنطن لترتيب بوليصة تأمين لكيان الاحتلال، فيأتي اللقاء الصادم عربياً من مسقط، حيث استقبل السلطان قابوس بن سعيد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مثيراً عاصفة من الاستهجان والاستغراب، بعد سلسلة مواقف تميزت بالعقلانية تجاه أزمات المنطقة منحت مسقط مكانة خاصة كموقفها من الحرب على سورية، والعلاقة بإيران والحرب على اليمن، ولم ينجح وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي بتبديد الذهول بكلامه عن مراجعة إسرائيلية تسمح بالعودة للتفاوض على أساس حل الدولتين والتراجع عن الرفض الإسرائيلي للتفاوض على القدس، فصدر بيان لحركة فتح يندّد بالزيارة معتبراً التطبيع مع كيان الاحتلال نحراً للمبادرة العربية للسلام طالما أنه يسبق أي تنازلات إسرائيلية بمنح ميزات ومكاسب مجانية لكيان الاحتلال.
الموقف العُماني الذي ستتواصل تردداته وتداعياته خلال الأيام المقبلة لا يبدو منفصلاً عن مسارات متسارعة تشهدها المنطقة ويشهدها العالم على خلفية الاستعداد لمرحلة جديدة تفقد خلالها السعودية المكانة والدور التقليديين، فتوزيع الأدوار التي كانت محصورة بيد الرياض يشغل دول المنطقة، كما هو حال تركيا التي تقبض على قضية مقتل الخاشقجي كورقة قوة تريدها لمقايضة الرياض بزعامة العالم الإسلامي، وتسعى لتحظى هذه المقايضة بتغطية روسية أميركية بدت هي الأخرى تحقق تقدماً مع التحسن الذي دبّ في شرايين العلاقات الأميركية الروسية من جهة والتنشيط الذي تشهده العلاقات الروسية الأوروبية.
من جهة ثانية، تشهد اسطنبول اليوم القمة الرباعية التركية الروسية الفرنسية الألمانية المقرّرة لبحث الوضع في سورية بعناوين الحل السياسي وعودة النازحين وإعادة الإعمار، فيما يبدو الحدث السعودي متقدماً إلى الصف الأول من اهتمامات القمة، كما هي القمة التي ستشهدها باريس بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي ستشهد توجيه دعوة أميركية لبوتين لزيارة واشنطن، ودعوة مماثلة من بوتين لترامب لزيارة موسكو، وهي زيارات كانت آخرها قبل عقود.
التسارع في الحدث السعودي وتداعياته الدولية، لم يحجب الاستحقاقات القريبة كوضع العقوبات الأميركية المشدّدة على إيران وبيعها للنفط موضع التنفيذ بعد أسبوع، وتعقيدات تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بالحل السياسي في سورية مع محاولات المبعوث الأممي الذي سيُنهي مهمته نهاية الشهر المقبل ستيفان دي ميستورا، بفرض الوصاية على ما تعتبره سورية وفقاً للقرار الأممي 2254 شأناً سيادياً سورياً، فترفض تدخلاته في تسمية ثلث أعضاء هذه اللجنة بعدما قامت كل من الحكومة والمعارضة بتسمية ثلث هذه اللجنة، ويتوقع بقاء الموضوع عالقاً حتى نهاية ولاية دي ميستورا وتعيين بديل له، ما لم تخرج قمة اسطنبول بمخرج مناسب.
لبنانياً، لم يقرّر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بعد أن يقدّم من حصته حقيبة ترضي طلبات القوات اللبنانية، أسوة بما فعله رئيس مجلس النواب نبيه بري في الحكومة السابقة بالتنازل عن حقيبة الأشغال لحساب المردة، ولذلك لا تزال مساعي التشكيل تراوح بين عروض تقوم على تجميع حقائب يمكن أن يتنازل عنها الآخرون، بينما قالت مصادر متابعة للاتصالات حول التشكيلة الحكومية أن تقدّماً حصل في ملف تمثيل القوات ينتظر جوابها خلال الساعات المقبلة، بينما صار ثابتاً أن تمثيل النواب السنة في الثامن من آذار من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تخطيها في التشكيلة الحكومية، ويجري البحث عن إخراج لهذا التمثيل، حيث يتقدم الخيارات توزير النائب فيصل كرامي من حصة رئيس الجمهورية.
الفرصة الأخيرة لـ»القوات»؟
لم ترسُ بورصة الحقائب المتنازع عليها على توزيعة نهائية بين القوى السياسية، بل استمرّت عملية استدراج العروض والعروض المقابلة لا سيما بين الرئيس المكلف سعد الحريري وكل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فعلى وقع احتدام المواقف والسجالات على محاور بيت الوسط بعبدا ميرنا الشالوحي – معراب، ووسط سقوط المهل وتقلّص هامش الوقت قبيل نهاية الشهر الحالي الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون، تكثفت مفاوضات تأليف الحكومة حيث شهد مقرّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حركة سياسية حكومية لافتة، أبرزها كان لقاء الحريري والوزير ملحم الرياشي حيث تم البحث في عقدة الحقيبة الرابعة للقوات ونقاش العروض المقترحة من معراب على الرئيس المكلف، فبحسب معلومات «البناء» فقد اقترح الحريري على القوات في اللقاء الأخير بينهما ثلاثة مقترحات أبرزها نيلها 4 حقائب من ضمنها نائب رئيس الحكومة مقابل تنازلها عن الحقيبة الأساسية، حيث نفت مصادر نيابية لـ»البناء» موافقة رئيس الجمهورية على طرح منح الحريري وزارة الاتصالات للقوات ويأخذ العدل من رئيس الجمهورية، مشيرة الى أن «الرئيس عون متمسّك بالعدل التي باتت خارج المساومة والتفاوض»، كما جزمت المصادر أن حقيبة الأشغال باقية عند المردة وللوزير الحالي يوسف فنيانوس بعد وضع التيار الوطني الحر فيتو على اسمه، وقد بات واضحاً من خلال المفاوضات الجارية بأن ولادة الحكومة تقف على حصة القوات، وسط معلومات عن أن الرئيسين عون والحريري منحا القوات الفرصة الأخيرة للقبول بأحد العروض المطروحة انطلاقاً من حرصهما على مشاركتها في الحكومة، وإلا سيصار الى تأليف حكومة أمر واقع وإن بقيت القوات خارجها. وقد أُضيف أمس الى سلة الاقتراحات اقتراح جديد يقضي بمنح القوات حقيبة الاقتصاد كتعويض لها، لكن التيار الوطني الحر لم يعط جواباً على هذا الطرح. وقالت مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» إن «رئيس الجمهورية مصرّ على تأليف الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري لكن بنظره الأهم من تأليف الحكومة هو أن تكون حكومة متجانسة ومنتجة بلا مناكفات وتعطيل وهدفها الأول خدمة المواطن»، وأكدت بأن النقاش مستمر بين الرئيسين عون والحريري لتحقيق ذلك». وتحدّثت مصادر المؤسسة اللبنانية للإرسال «ال بي سي» عن لقاء مرتقب بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف من أجل بند ما زال عالقاً في ما يتعلق بعقدة القوات ».
وإذ لم تظهر مفاعيل زيارة الحريري الى السعودية على الواقع الحكومي، دعت أوساط نيابية الى الحذر والترقب خلال الـ48 ساعة المقبلة التي ستكون حاسمة ويظهر الخيط الأبيض من الأسود، بحسب الأوساط التي أشارت لـ»البناء» الى أن «تعاطي الرئيس المكلف مع شروط ومطالب القوات سيظهر ذلك، فإن سار بحكومة من دون مراعاة مطالبها يكن قد أخذ الضوء الأخضر السعودي بالإفراج عن الحكومة أما إذا تمسك بمطالبها فيعني أنه تلقى ضغوطاً سعودية بعدم تأليف حكومة بلا رضى القوات».
وإذا كانت القوات تصرّ على تمثيلها في الحكومة وأنها لن تقدّم انسحابها هدية لخصومها، فإن هذا يجب أن يدفع الرئيس المكلف الى الخروج من مربع شروط معراب بتشكيلة الأمر الواقع يتفق عليها مع الرئيس عون وأقصى ما يمكن أن تفعله القوات هو التحفظ وربط استمرار وجودها في الحكومة بأدائها وبيانها الوزاري كمخرج لائق لها. وأشارت مصادر التيار الوطني الحر الى أن «لا يمكننا الانتظار طويلاً موافقة القوات على حصتها وتعطيل تأليف الحكومة، فإن أرادت البقاء خارجها. فهذا شأنها لكن الأهم تأليف الحكومة لمواجهة الظروف الاقتصادية الداهمة».
وفي سياق ذلك، دعا عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية إلى وقفة مسؤولة في مواجهة تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، واستنباط الحلول الناجعة لكلّ الأزمات والمشكلات التي تثقل كاهل اللبنانيين.
وقال عميد الإعلام: اللبنانيون ضاقوا ذرعاً، ولم تعد لديهم قدرة على التحمّل، وتزعزت ثقتهم بالمؤسّسات وبالمسؤولين وبإمكانية المعالجات الجدية، ولذلك، فإنّ المطلوب هو استرداد ثقة الناس من خلال اعتماد نهج جديد لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وإيجاد حلول جذرية لأزمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم والزراعة والتجارة والبيئة والبطالة والطرقات وغيرها، وسلوك طريق الإنماء على كلّ المستويات، تحقيقاً للإنماء المتوازن.
أضاف: إنّ استرداد الثقة يحتاج إلى إرادة سياسية جامعة، تأخذ بعين المصلحة الوطنية العليا، تتحسّس معاناة الناس، والشروع في المعالجات بعيداً عن الحسابات الضيقة والجزئية.
وأضاف: «آن الآوان لكي تنصبّ كلّ الجهود من أجل الخروج من دوّامة الأزمات، والفرصة لا تزال سانحة من خلال الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية توحي للبنانيين بالثقة. وحكومة الوحدة الوطنية لا تنشأ بالمحاصصات الطائفية والمذهبية المسكونة بالعقد. إنّ المعنى الحقيقي لحكومة الوحدة الوطنية يتحقق بمشاركة القوى اللاطائفية وفي مقدّمها الحزب السوري القومي الاجتماعي».
على صعيد عقدة تمثيل اللقاء التشاوري، أشارت مصادر اللقاء لـ»البناء» الى أنه مصر على التمثيل في الحكومة بوزير واحد على الأقل، مضيفة: «ليس المهم من اي حصة نتمثل، لأننا نعتبر في نهاية المطاف أن هذا حقنا وليس منّة من أحد، فالانتخابات النيابية على قانون النسبية أفرزت نسب تمثيل جديدة يجب أن تترجم في الحكومة»، ونفت المصادر أن «يكون اللقاء تبلّغ من المعنيين بالتأليف بتوزير أحد نوابه».
اعتداء أميركي جديد على لبنان
على صعيد آخر، واصلت الإدارة الأميركية اعتداءاتها السافرة على لبنان وشعبه وسيادته في إطار عقوباتها التي تفرضها على لبنان العالم. وقد وقّع الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمس، قانون عقوبات جديد على حزب الله يستهدف كل مَن يموّل الحزب، او يتعامل معه أو يزوّده بالأسلحة. وكان هذا القانون قد صُوّت لصالحه مجلس الشيوخ في الثاني عشر من الشهر الحالي وسبقه تصويت مجلس النواب. واشار ترامب في كلمة في البيت الأبيض بمناسبة مرور 35 عاماً على الهجوم الذي استهدف مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت إلى «أن هذه العقوبات تهدف إلى حرمان حزب الله من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته».
وقللت مصادر نيابية في فريق المقاومة من أهمية هذه العقوبات على حزب الله ودوره في مقاومة وردع الاحتلال الإسرائيلي ومساعدة الدولة السورية على مكافحة الإرهاب، مشيرة لـ»البناء» أن «هذه العقوبات ليست الأولى وتندرج في اطار الضغط على المقاومة لفرض الشروط الاميركية الاسرائيلية عليها»، موضحة أن «تطبيق هذه العقوبات شأن سيادي لبناني بامتياز».
هدوء حذر في المية ومية
أمنياً، خيم الهدوء الحذر على مخيم المية ومية بعد التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في المخيم بين حركة فتح وحركة أنصار الله، غير أن الاتفاق تعرّض لخروق بعد تجدد الاشتباكات، وعلمت «البناء» أن «الرئيس بري أجرى سلسلة اتصالات بمختلف الفصائل الفلسطينية وبالقيادات الأمنية في صيدا لتطويق الأحداث».
وعقد اجتماع موسّع في مقر المجلس السياسي لحزب الله جمع وفدي حركتي فتح وأنصار الله جرى البحث خلاله في تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الحياة في مخيم المية ومية إلى طبيعتها. وانتهى الاجتماع الى اتفاق على وقف إطلاق النار وسحب المسلحين وعودة الأهالي الى منازلهم وتسليم أي مخل بالأمن الى الدولة اللبنانية. ولاحقاً عُقد اجتماع مغلق في السفارة الفلسطينية بين الفصائل المعنية بمتابعة اشتباكات المية ومية، وأجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية اتصالاً هاتفياً بالرئيس عون أكد فيه أن أمن لبنان أولوية فلسطينية «وهو ما ترجمه الفلسطينيون عملياً من خلال تحييد مخيماتهم عن الأحداث الجارية في المنطقة، وعدم السماح بأن تكون منطلقاً لأي عمل يضرّ بلبنان وأمنه».
الجمهورية
عون: 48 ساعة.. برِّي: تفاؤل متزايد.. الحريري: آن الأوان..وسنّة 8 آذار: ننتظر
بدأ دخان التأليف يميل جدياً الى البياض، هذا ما يستخلص من أجواء الاتصالات الجارية على الخط الحكومي، على أن تكتمل الصورة في الساعات المقبلة، بحيث اذا ما استمر مناخ التفاؤل ثابتاً على هذا المنحى، تبدأ مرحلة إسقاط الأسماء على الوزارات، لِيَلي ذلك تصاعد الدخان الابيض إيذاناً بولادة الحكومة يوم غد. إلّا انّ بعض زوايا الاتصالات الجارية ما زالت تُبدي الخشية من شياطين اللحظة الأخيرة، وتؤكد أنّ الحكومة دخلت في مخاض جديد. في غضون ذلك قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي المشارك في أعمال سينودس الأساقفة في الفاتيكان "إن لبنان يتميّز منذ نشأته، عن بلدان المنطقة، بأنّ الولاء له قائم على مبدأ المواطنة. لكننا نشهد اليوم انحرافاً نحو الولاء الى الدين والطائفة والمذهب والحزب و"الزعيم" على حساب الوطن. هكذا ظهر في السنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي، وحالياً من عدم تأليف الحكومة منذ خمسة أشهر، والبلاد على شفير الهاوية الإقتصادية والمعيشية والمالية والاجتماعية ونزيف الهجرة مميت، وتعاظم الدين العام مخيف". وينتظر ان يختتم السينودس أعماله غداً بقداس احتفالي يترأسه البابا فرنسيس في ساحة بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.
حراك الساعات الماضية كان مكثفاً؛ المقرّات الرئاسية بَدت مستنفرة بكل طاقاتها، والسقف الذي تتحرّك تحته المشاورات المعلنة أو تلك التي تجري داخل الغرف، له عنوان وحيد هو حسم الاستحقاق الحكومي قبل دخول الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون. ولم يعد هناك ما يبرّر التأخير والغرق في المراوحة وتضييع المزيد من الوقت، خصوصاً انّ التحديات والاستحقاقات الداهمة تطرق الباب اللبناني من كل الاتجاهات.
عون: 48 ساعة واذا كانت أجواء القصر الجمهوري تتحدث عن منسوب عال من التفاؤل بقرب تَسلّم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تشكيلة الحكومة الجديدة من الرئيس المكلف سعد الحريري خلال الساعات المقبلة، وهو أمر لمسه زوّار رئيس الجمهورية أمس، وتحديداً الوفد الالماني التي زاره أمس وتيقّنَ من أنّ لديه أجواء تفاؤلية مشجّعة بأنّ الحكومة ستولد خلال 48 ساعة.
الا أنها في الوقت نفسه تترقّب بحذر نتائج الجهود التي يبذلها الرئيس المكلف لتذليل ما تبقّى من عقد في آخر الطريق. وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ نقاش الساعات الاخيرة دار حول نقاط التعقيد الاساسية، وفي مقدمها نوعية تمثيل "القوات اللبنانية"، وسط تأكيد رئاسي بحسم حقيبة العدل من حصة رئيس الجمهورية، وعدم القبول بإسناد 4 حقائب لـ"القوات"، والاصرار على 3 حقائب الى جانب نائب رئيس الحكومة وبلا حقيبة. وبالتالي، لم يدخل هذا النقاش الى مدار الحلحلة، بحيث لم يعثر بعد على حقيبة موازية للعدل تقبل بها "القوات".
مقايضة وتفيد المعلومات بأنّ محاولات صعبة يقوم بها الرئيس المكلف لتدوير زوايا هذه العقدة، عبر اعتماد صيغة المقابلة وتبادل حقائب بين بعض القوى السياسية، وهو أمر بَدا في غاية الصعوبة خصوصاً انّ الحقائب الاساسية، والتي تعتبر مهمة، باتت محسومة للعديد من القوى، وبالتالي هي متمسّكة بها، فلا "التيار الوطني الحر" في وارد التنازل عن اي حقيبة جرى تثبيتها له، وتحديداً وزارة الطاقة التي لم تخف "القوات اللبنانية" انّ عينها عليها، وكذلك الامر بالنسبة الى الثنائي الشيعي الذي لم تسند له سوى حقيبتين أساسيتين هما المال والصحة، وكان صَلباً في رفض انتزاع حقيبة الصحة منه، على رغم كل ما قيل عن تحفظات دولية، وتحديداً أميركية، على جعل حقيبة الصحة من حصة "حزب الله". أما سائر حقائب الثنائي فهي أقرب الى الحقائب الثانوية، ومع ذلك رَضي بها من باب تسريع التأليف.
وفي هذا السياق، فشلت فكرة أن يتخلى "الحزب التقدمي الاشتراكي" عن حقيبة التربية مقابل حصوله على حقيبة أخرى، تردّد أنها العمل، والرفض المتجدّد لهذا الأمر أعلنه الوزير السابق غازي العريضي من عين التينة، بقوله: لا إمكانية للتخلّي عن وزارة التربية، بحيث لو حصل ذلك لا يبقى شيء للطائفة الدرزية. وزارة التربية ثابتة، ووليد جنبلاط قدّم كل التسهيلات". والفشل نفسه تَبدّى في محاولة انتزاع حقيبة الاشغال من تيار "المردة"، مع إصرار التيار عليها، مدعوماً من قبل الحلفاء وتحديداً "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما الحديث داخل مطبخ التأليف يدور حول مخرج ما زال قيد الدرس، ويقوم على مقايضة قد يبادر إليها الرئيس المكلف لواحدة من الحقائب المسندة الى تيار "المستقبل" لصالح "القوات" تعتبر بديلة لحقيبة العدل أو موازية لها.
سنّة "8 آذار"
وعلى الرغم من جو التفاؤل المتزايد، لم تبرز بالأمس أي إشارة حول تذليل عقدة تمثيل سنّة 8 آذار، وبحسب مصادر واسعة الاطلاع انّ الامور لم تحسم بعد في هذا الجانب، مشيرة الى انّ الرئيس المكلف يرفض هذا الامر جملة وتفصيلاً ولا يقبل ابداً بتوزير أحدهم على حساب تيار "المستقبل". كما انه في الوقت ذاته لم يبرز عن رئيس الجمهورية ما يوحي أنه قبل بتوزير أحد "النواب السنّة المستقلين" من ضمن الحصة الرئاسية. وقالت مصادر هؤلاء النواب لـ"الجمهورية" إنهم لم يتلقّوا اي تأكيد حول إشراكهم في الحكومة حتى الآن.
الحريري: لن أنتظر والواضح في حركة الاتصالات أمس، هو زحمة اللقاءات التي اجراها الرئيس المكلف، الذي أبلغ زواره انّ تشكيلة الحكومة الجديدة باتت في مرحلة وضع اللمسات الاخيرة عليها، وولادتها باتت وشيكة جداً. وهذه الصورة وقف عليها النائب وائل ابو فاعور موفداً رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، وكذلك لمسَ هذه الاجواء وزير المال علي حسن خليل، الذي زار الحريري موفداً من بري. فيما كانت حصة "القوات" مدار بحث متجدد مساء أمس في لقاء عقده الحريري مع وزير الاعلام ملحم الرياشي.
وقالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات لـ"الجمهورية": كل الامكانيات المتوافرة تم استطلاعها من قبل الرئيس المكلف مع الاطراف المعنية، وخصوصاً "القوات اللبنانية"، والتشكيلة تنتظر الافراج عن الأسماء في الساعات المقبلة. البحث حالياً مُنصَبّ على تحديد سلة "القوات" على أساس ? حقائب ونائب رئيس الحكومة. والابرز في هذه الحركة انّ الرئيس المكلف أبلغ كل المعنيين بأنه آن أوان تشكيل الحكومة، ولن يدخل في مزيد من التأخير، ولن ينتظر اكثر من ذلك وسيتقدّم بتشكيلته لرئيس الجمهورية في الساعات المقبلة.
بري
وما لفتَ في الساعات الماضية، انّ منسوب التفاؤل سجّل ارتفاعاً ملحوظاً في عين التينة خلافاً للفترات السابقة، حيث عكس الرئيس بري أجواء مشجعة. وقال أمام زواره: الامور تتقدم بشكل جدي، ويمكن القول انّ الاجواء اليوم اكثر تفاؤلاً واكثر ايجابية. واذا ما استمر الامر على هذا المنحى، فإنّ الحكومة قد تولد يوم الاحد بحسب ما تَكَوّن لدينا من معلومات ومعطيات خلال الساعات الماضية، وتبعاً لنتائج الاتصالات التي تجري على غير صعيد.
ورداً على سؤال، قال بري: خلال تشكيل الحكومات السابقة سبق لي ان قدّمت تضحيات في سبيل التعجيل بتأليفها، وفي الحكومة التي يجري تشكيلها قدّمتُ ايضاً تضحية من اجل التسريع وذلك بمبادرتنا الى القبول بـ3 وزراء لكتلة التنمية والتحرير، علماً انّ حركة "أمل" لديها كتلة من 17 وزيراً، واذا ما اعتمدنا المعيار التي يعتمد مع بعض القوى السياسية، فالحركة يجب ان تحصل على 5 وزراء وليس 3 وزراء، من البداية قبلنا بـ3 وزراء من باب التعجيل في تشكيل الحكومة، ولكن مع الأسف تأخر التأليف 5 أشهر.
ولفتَ بري الانتباه الى انّ البلد بعد تأليف الحكومة يفترض ان يدخل في ورشة عمل واسعة وجدية، إن على الصعيد الحكومي والشروع الى مواجهة التحديات والضرورات، وفي مقدمها ايجاد المعالجات الاقتصادية، او على صعيد المجلس النيابي الذي سيواكب الحكومة في هذه المهمة.
وأشار الى انّ العمل المجلسي بعد تأليف الحكومة، سينصَبّ بداية في اتجاه التحضير لجلسة المناقشة العامة للبيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة، علماً أن لا مشكلة ابداً في البيان الوزاري الذي سيكون مبنيّاً على أساس البيان الوزاري لحكومة تصريف الاعمال الحالية. وبالتالي، اذا ما تشكّلت الحكومة كما هو متوقع، وجرى الاسراع في البيان الوزاري، فإنّ جلسة الثقة ستعقد بعد ايام قليلة، على أن تليها فوراً جلسة تشريعية. وقد بادرتُ منذ الآن الى توزيع جدول اعمالها على النواب، اما اذا تأخروا في تأليف الحكومة، فسابادر فوراً الى الدعوة الى جلسة تشريعية في ظل حكومة تصريف الاعمال.
مصادر "التيار" الى ذلك، دعت مصادر "التيار الوطني الحر"، عبر "الجمهورية"، الى التعاون مع الرئيس المكلف للإفراج عن الحكومة، مؤكدة انّ "التيار" قدّم كل التسهيلات الممكنة وقام بما هو مطلوب منه"، داعية الاطراف التي لم تحسم أمرها بعد، الى أن تُنهي هذا المسار، حيث انّ البلاد بحاجة لاستقرار في مؤسسات الدولة يتيح لنا مقاربة الملفات والتحديات الداهمة من دون مزيد من التأخير".
مصادر القوات لـ"الجمهورية" في هذا الوقت، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ"الجمهورية": لا نزال لغاية اللحظة في انتظار نتائج الاتصالات المكثفة التي يجريها الرئيس المكلف، في محاولة لهندسة الحكومة على نحو ينال فيه كل مكوّن وزاري حقّه.
واعتبرت "انّ كل محاولات الضغط التي يمارسها البعض إعلامياً، من خلال وضع أفكار ورَمي أخبار معينة للتأثير على مسار التأليف، لن تتحقق. وهي محاولات قديمة – جديدة باءَ فَشلها، وإذا كانت هناك فرصة للخروج من أزمة التأليف فهذه الفرصة متاحة في كل لحظة، وهي متاحة اليوم أكثر من اي وقت مضى شرط ان لا تكون هذه الفرصة مناورة.
وقالت المصادر: انّ المطلوب هو الكَف عن المناورات والذهاب باتجاه تأليف حكومة تجسّد الشراكة والتمثيل الصحيح والمتوازن، وتكون حكومة شراكة وطنية إسماً على مسمّى، وشراكة فعلية، لا أن يكون الهدف منها إحراج بعض القوى لإخراجها. لذلك، نحن بانتظار مساعي الرئيس الحريري، وعندما ينتهي منها سيضعنا في الصورة. فنحن على تشاور معه، والتواصل بيننا قائم. لكن لغاية اللحظة لا يمكن الحديث عن خرق في هذا المكان، ومن يتحمّل مسؤولية التعطيل ليس "القوات" بل الطرف الذي يريد تشكيل الحكومة بشروطه، وهو يتهم كل من لا يسير بهذه الشروط بأنه يعرقل، فيما القاعدة هي ليس وضع شروط من قبل فريق، بل تأليف حكومة وفق المعايير الوطنية والتمثيلية النيابية الي يضعها الرئيس المكلف.
ولفتت الى "انّ الكلام عن تنازلات قدّمها الفريق الآخر ليس في محله، فـ"القوات" لا تنتظر هدايا أو تنازلات من أحد، المطلوب طبعاً تسهيلات من أجل المصلحة الوطنية، وليس المطلوب وضع سقوف عالية وغير واقعية ولا تَمتّ الى الحقيقة بصِلة، ومن ثم القول إننا تنازلنا. المطلوب تشكيل حكومة متوازنة، والرئيس المكلف أبلغنا رسمياً انه لن يشكّل أي حكومة غير متوازنة ولا تتوافر فيها عناصر الشراكة الوطنية والتوازن الوطني.
"المية ومية"
من جهة ثانية، يثير التوتير المتجدد في مخيم المية ومية، بين بعض المنظمات الفلسطينية، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الغاية من افتعاله وتوقيته في هذه اللحظة!!
والبارز حول هذا الأمر، هو الاتصال الذي تلقّاه رئيس الجمهورية، أمس، من المسؤول في حركة حماس إسماعيل هنية، حيث جرى البحث في الأوضاع داخل مخيم المية ومية، وسبل معالجة الاشتباكات، والحفاظ على استقرار المخيمات. وتمّ الاتفاق على "أنّ ما يجري في المخيم يجب أن يتوقّف بأسرع وقت، وهو لا يخدم القضية الفلسطينية". فيما دخل "حزب الله" على خط التهدئة، عبر لقاءات مع وفدَي حركتي "فتح" و"أنصار الله"، تمّ خلالها الاتفاق على وقف إطلاق النار الّا انّ الوضع على الارض ظل على توتره، وتتخلله اشتباكات متقطعة في المخيم.
وهذا الوضع حرّك اتصالات في غير اتجاه لبناني او فلسطيني، خصوصاً أنّ استمراره وتفاقمه ينذر بمخاطر ومضاعفات ليس على المخيم فحسب بل على جواره، مع إبداء بعض المراجع السياسية خشيتها من وجود يد خفية تحاول العبث بالساحة اللبنانية، ومن احتمال تَمدّد شرارة الاشتباك الى مخيمات أخرى، وهو أمر أكدت مصادر أمنية لبنانية على مواجهته ومَنع تمدده، مُذكّرة بقرار الجيش بأنه لن يألو جهداً في اتخاذ الاجراءات الرادعة لضبط الاوضاع الامنية، حتى ولَو بالقوة.
ورداً على سؤال، قال بري: خلال تشكيل الحكومات السابقة سبق لي ان قدّمت تضحيات في سبيل التعجيل بتأليفها، وفي الحكومة التي يجري تشكيلها قدّمتُ ايضاً تضحية من اجل التسريع وذلك بمبادرتنا الى القبول بـ3 وزراء لكتلة التنمية والتحرير، علماً انّ حركة "أمل" لديها كتلة من 17 وزيراً، واذا ما اعتمدنا المعيار التي يعتمد مع بعض القوى السياسية، فالحركة يجب ان تحصل على 5 وزراء وليس 3 وزراء، من البداية قبلنا بـ3 وزراء من باب التعجيل في تشكيل الحكومة، ولكن مع الأسف تأخر التأليف 5 أشهر.
ولفتَ بري الانتباه الى انّ البلد بعد تأليف الحكومة يفترض ان يدخل في ورشة عمل واسعة وجدية، إن على الصعيد الحكومي والشروع الى مواجهة التحديات والضرورات، وفي مقدمها ايجاد المعالجات الاقتصادية، او على صعيد المجلس النيابي الذي سيواكب الحكومة في هذه المهمة.
وأشار الى انّ العمل المجلسي بعد تأليف الحكومة، سينصَبّ بداية في اتجاه التحضير لجلسة المناقشة العامة للبيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة، علماً أن لا مشكلة ابداً في البيان الوزاري الذي سيكون مبنيّاً على أساس البيان الوزاري لحكومة تصريف الاعمال الحالية. وبالتالي، اذا ما تشكّلت الحكومة كما هو متوقع، وجرى الاسراع في البيان الوزاري، فإنّ جلسة الثقة ستعقد بعد ايام قليلة، على أن تليها فوراً جلسة تشريعية. وقد بادرتُ منذ الآن الى توزيع جدول اعمالها على النواب، اما اذا تأخروا في تأليف الحكومة، فسابادر فوراً الى الدعوة الى جلسة تشريعية في ظل حكومة تصريف الاعمال.
مصادر "التيار" الى ذلك، دعت مصادر "التيار الوطني الحر"، عبر "الجمهورية"، الى التعاون مع الرئيس المكلف للإفراج عن الحكومة، مؤكدة انّ "التيار" قدّم كل التسهيلات الممكنة وقام بما هو مطلوب منه"، داعية الاطراف التي لم تحسم أمرها بعد، الى أن تُنهي هذا المسار، حيث انّ البلاد بحاجة لاستقرار في مؤسسات الدولة يتيح لنا مقاربة الملفات والتحديات الداهمة من دون مزيد من التأخير".
مصادر القوات لـ"الجمهورية" في هذا الوقت، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ"الجمهورية": لا نزال لغاية اللحظة في انتظار نتائج الاتصالات المكثفة التي يجريها الرئيس المكلف، في محاولة لهندسة الحكومة على نحو ينال فيه كل مكوّن وزاري حقّه.
واعتبرت "انّ كل محاولات الضغط التي يمارسها البعض إعلامياً، من خلال وضع أفكار ورَمي أخبار معينة للتأثير على مسار التأليف، لن تتحقق. وهي محاولات قديمة – جديدة باءَ فَشلها، وإذا كانت هناك فرصة للخروج من أزمة التأليف فهذه الفرصة متاحة في كل لحظة، وهي متاحة اليوم أكثر من اي وقت مضى شرط ان لا تكون هذه الفرصة مناورة.
وقالت المصادر: انّ المطلوب هو الكَف عن المناورات والذهاب باتجاه تأليف حكومة تجسّد الشراكة والتمثيل الصحيح والمتوازن، وتكون حكومة شراكة وطنية إسماً على مسمّى، وشراكة فعلية، لا أن يكون الهدف منها إحراج بعض القوى لإخراجها. لذلك، نحن بانتظار مساعي الرئيس الحريري، وعندما ينتهي منها سيضعنا في الصورة. فنحن على تشاور معه، والتواصل بيننا قائم. لكن لغاية اللحظة لا يمكن الحديث عن خرق في هذا المكان، ومن يتحمّل مسؤولية التعطيل ليس "القوات" بل الطرف الذي يريد تشكيل الحكومة بشروطه، وهو يتهم كل من لا يسير بهذه الشروط بأنه يعرقل، فيما القاعدة هي ليس وضع شروط من قبل فريق، بل تأليف حكومة وفق المعايير الوطنية والتمثيلية النيابية الي يضعها الرئيس المكلف.
ولفتت الى "انّ الكلام عن تنازلات قدّمها الفريق الآخر ليس في محله، فـ"القوات" لا تنتظر هدايا أو تنازلات من أحد، المطلوب طبعاً تسهيلات من أجل المصلحة الوطنية، وليس المطلوب وضع سقوف عالية وغير واقعية ولا تَمتّ الى الحقيقة بصِلة، ومن ثم القول إننا تنازلنا. المطلوب تشكيل حكومة متوازنة، والرئيس المكلف أبلغنا رسمياً انه لن يشكّل أي حكومة غير متوازنة ولا تتوافر فيها عناصر الشراكة الوطنية والتوازن الوطني.
"المية ومية"
من جهة ثانية، يثير التوتير المتجدد في مخيم المية ومية، بين بعض المنظمات الفلسطينية، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول الغاية من افتعاله وتوقيته في هذه اللحظة!!
والبارز حول هذا الأمر، هو الاتصال الذي تلقّاه رئيس الجمهورية، أمس، من المسؤول في حركة حماس إسماعيل هنية، حيث جرى البحث في الأوضاع داخل مخيم المية ومية، وسبل معالجة الاشتباكات، والحفاظ على استقرار المخيمات. وتمّ الاتفاق على "أنّ ما يجري في المخيم يجب أن يتوقّف بأسرع وقت، وهو لا يخدم القضية الفلسطينية". فيما دخل "حزب الله" على خط التهدئة، عبر لقاءات مع وفدَي حركتي "فتح" و"أنصار الله"، تمّ خلالها الاتفاق على وقف إطلاق النار الّا انّ الوضع على الارض ظل على توتره، وتتخلله اشتباكات متقطعة في المخيم.
وهذا الوضع حرّك اتصالات في غير اتجاه لبناني او فلسطيني، خصوصاً أنّ استمراره وتفاقمه ينذر بمخاطر ومضاعفات ليس على المخيم فحسب بل على جواره، مع إبداء بعض المراجع السياسية خشيتها من وجود يد خفية تحاول العبث بالساحة اللبنانية، ومن احتمال تَمدّد شرارة الاشتباك الى مخيمات أخرى، وهو أمر أكدت مصادر أمنية لبنانية على مواجهته ومَنع تمدده، مُذكّرة بقرار الجيش بأنه لن يألو جهداً في اتخاذ الاجراءات الرادعة لضبط الاوضاع الامنية، حتى ولَو بالقوة.
النهار
العدّ العكسي للقرار أمام نهاياته
عكست صورة الاستنفار السياسي الذي شهده "بيت الوسط " منذ ما قبل ظهر أمس وامتداداً حتى ساعات الليل، بلوغ أزمة تأليف الحكومة مشارف النهايات المفترضة، أقله من حيث اعتزام الرئيس المكلف سعد الحريري حسم الامور في أقرب وقت وتحديداً في عطلة نهاية الاسبوع الجاري. ومع ذلك فان مساحة غير ضئيلة من الغموض ظلت تفصل بين هذا الاتجاه الى بت التشكيلة الحكومية النهائية وتوقيت وضع اللمسات النهائية عليها بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، باعتبار ان المفاوضات والنقاشات وتبادل الاقتراحات وحركة الاتصالات التي لم تتوقف لم تصل بعد الى الخاتمة السعيدة بما يبقي الاعصاب والانظار مشدودة خلال الساعات المقبلة في انتظار ما تحمله الجهود المتواصلة للحريري من نتائج ومتغيرات.
ومعلوم ان الحركة المتصاعدة تتخذ بعداً دقيقاً نظراً الى تعميم انطباعات ومعطيات عن اعتبار 31 تشرين الاول بمثابة موعد حاسم نهائي ومهلة حث ضمنية لاعلان الحكومة الجديدة بالتزامن مع الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس عون أو قبلها، من دون بروز ضمانات كافية بعد حتى الساعات الاخيرة ان الولادة باتت مضمونة تماماً ضمن هذه المهلة حصراً. والواضح ان كل الحركة الجارية منذ البارحة تركزت على نقطة محورية تتمثل في سعي الحريري الى ايجاد مخرج لوزارة وازنة اساسية ترضي "القوات اللبنانية" ضمن المقاعد الوزراية الاربعة التي ستنالها في "حكومة التوافق الوطني" التي أبلغ الحريري كل الافرقاء ولا سيما منهم "القوات" في الساعات الاخيرة مجدداً اصراره عليها وتاليا اصراره على ان تكون "القوات" ضمن الحكومة وعدم قبوله باي احتمال لخروجها منها. وفي ظل هذا العنوان العريض قالت مصادر بارزة معنية بالحركة السياسية الناشطة الجارية لـ"النهار" ليل أمس إن الحريري استنفد تقريباً كل المسار التفاوضي، كما ان كل المشاورات والحوارات والاتصالات ادت ما كانت تسعى اليه للوصول الى استكمال التشكيلة الحكومية وتوزيع حصصها وحقائبها وبات الامر الآن في العد العكسي لتوقيت القرار النهائي الحاسم الذي سيتعين على الرئيس المكلف اتخاذه بوضع هذه التشكيلة النهائية وطلب اسقاط اسماء الوزراء على الحقائب ومن ثم التوجه الى قصر بعبدا للتشاور مع رئيس الجمهورية في التشكيلة بما يمهد لاعلان الولادة الحكومية.
والواقع ان الحركة الكثيفة في "بيت الوسط " تصاعدت مساء امس منبئة ببلوغ عملية طرح الاقتراحات المتصلة بانهاء موضوع تمثيل "القوات" المربع الاخير. وكان الحريري التقى تباعاً وزير المال علي حسن خليل والنائب وائل ابو فاعور موفدا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وقت كان الوزيروالنائب السابق غازي العريضي زار رئيس مجلس النواب نبيه بري موفدا من جنبلاط. ثم التقى الحريري مساء الوزير يوسف فنيانوس وبعده الوزير ملحم الرياشي في حضور الوزير غطاس خوري الذي كان التقى سابقا الرياشي في مكتبه في وزارة الاعلام. وذكر ان لقاء اخر سيعقده الحريري مع الوزير جبران باسيل الذي عاد مساء من زيارة لبولونيا. وبينما اكتفى أبو فاعور بالتصريح بعد زيارته الحريري "أن اللقاء كان تشاوريا في ما يتعلق بتشكيل الحكومة"، علمت "النهار" ان اجواء المشاورات الجارية بدت في اجواء النهايات الحتمية لاتخاذ الحريري قراره بعد ان ينهي التفاوض مع "القوات" في الساعات المقبلة في شأن الحقائب الاربع التي ستنالها، علما ان معلومات تحدثت أمس عن محاولات جارية لتحقيق خرق سريع على صعيد معالجة عقدة تمثيل "القوات" انطلاقا من تشديد الحريري على أولوية تشكيل حكومة تضم الجميع واستبعاد أي احتمال لتشكيلة أمر واقع. وافادت المعلومات ان الحريري يعمل للخروج بهندسة متوازنة للحكومة وليس في وارد تركيبة أمر واقع وثمة أبواب قد تكون مفتوحة تسمح بحصول "القوات" على حقيبة وازنة عمل الرئيس المكلف طوال الساعات الاخيرة بتكتم لبلورتها كمخرج مقبول واستمر يعمل ليلاً على بلورة هذا المخرج.
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات إن حقيبتي التربية والصناعة قد ثبتتا في حصة الحزب التقدمي الاشتراكي، كما ثبتت الزراعة في حصة حركة "أمل" بما يعني ان البحث في حقائب "القوات" يتناول حقائب اخرى غير هذه. واسترعى الانتباه في هذا السياق نفي الاوساط القريبة من الفريق الرئاسي و"التيار الوطني الحر" ان يكون حصل طرح يتصل باعطاء الرئيس الحريري حقيبة العدل مقابل اعطاء الاخير حقيبة الاتصالات لـ"القوات". وأضافت ان رئيس الجمهورية متمسك بحقيبة العدل ولم يطرح هذا الاقتراح معه أساساً. كما علمت "النهار" ان الرئيس الحريري ليس أساساً في وارد أي تنازل عن حقيبة الاتصالات التي هي من حصته.
مشاريع الدعم والحكومة
في غضون ذلك، برز موقف للقائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية الوزير المفوض وليد البخاري الذي تمنى "تشكيل الحكومة خلال الأيام المقبلة بشكل وازن "، معلناً أن "المملكة تسعى للبدء بالمشاريع التي من خلالها نستطيع دعم هذا البلد واستقراره وازدهاره " مشيراً إلى أن كل المؤشرات الإقتصادية تجعل من لبنان بلدا معافى. وجاء ذلك خلال جولة قام بها البخاري وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد بن سعيد الشامسي امس على منطقة الشوف واختتمت في منزل رئيس مؤسسة العرفان الشيخ علي زين الدين في بلدة الخريبة في حضور شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط بعدما زارا مسجد الأمير شكيب ارسلان في المختارة لتأدية صلاة الجمعة بمشاركة الوزير مروان حمادة، والنائب أبو فاعور.
وقد شدد البخاري على "العلاقة التاريخية التي تربط المملكة العربية السعودية بطائفة الموّحدين الدروز في جبل لبنان" وقال "إن المملكة تسعى دائماً إلى الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وبلا شك نتمنى تشكيل الحكومة التي يعبّر عنها دولة الرئيس سعد الحريري وبحسب توقعاته خلال الأيام المقبلة. نتمنى للبنان الوصول إلى تشكيل الحكومة بشكل وازن كما تسعى المملكة للبدء بالمشاريع التي من خلالها نستطيع دعم هذا البلد، والمملكة دعمته من خلال ثلاثة مؤتمرات روما 2 وبروكسيل وسيدر، واعتقد أنه آن الأوان لتشكيل الحكومة بشكل وازن كي تبدأ الدول الداعمة والصديقة للبنان بتنفيذ المشاريع التي تكفل الحفاظ على اقتصاد وازدهار البلد". وذكر ان "ثمة لجنة مشتركة لبنانية سعودية تعنى بالدعم والتعاون المشتركين، وسمعت عن المؤشرات الإقتصادية وقد تحدث عنها حاكم مصرف لبنان، نتمنى بعد التشكيل بدء الدعم للاقتصاد اللبناني، وإن شاء الله هو معافى وسيشهد في الاشهر القادمة دعما من جميع الدول الصديقة التي وعدت بتقديم الدعم للاقتصاد".