كشفت تقارير صحفية أميركية عن تصدع في العائلة الحاكمة في السعودية. ووفقًا لمعلومات خاصة تسربت إلى الراديو الأميركي/ Voice of America، هذا اليوم، فإن الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، يخطط لعقد اجتماع لمجلس العائلة، بهدف وضع حدٍّ، بشكل لا لبس فيه، لنفوذ ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان.
وكان الأمير أحمد قد عاد إلى الرياض بعد أن أقام في لندن بضعة شهور. ووفق معلومات ديبلوماسية غربية نشرت في بيروت، فقد حصل هذا الأمير (70 عاماً) وهو آخر شقيق للملك سلمان لا يزال على قيد الحياة، على ضمانات أميركية، بأن ابن شقيقه الأمير بن سلمان لن يتعرض له بسوء.
وحسب الراديو الأميركي فإن الأمير أحمد يريد من اجتماع مجلس العائلة تعيين وصي على العرش السعودي. وقال الراديو إن عودته إلى السعودية، ترافقت مع شائعات قوية عن معارضة عائلية شديدة تواجه حكم بن سلمان حالياً، لا سيما بعد مقتل "الإخواني" جمال خاشقجي داخل مبنى قنصلية المملكة في اسطنبول التركية.
إضطرابات قبلية في وسط السعودية؟
وكانت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية قد كشفت يوم الثلاثاء الماضي، عن أن عمليات التطهير التي يجريها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في صفوف قوات الحرس الوطني، قد أثارت غضب القبائل. وقال رافيل مصطفين في مقال إخباري نشره اليوم، السبت، تحت عنوان : "عرش السعودية يغامر بفقدان أركانه"، أن الملك سلمان الذي عهد بالكثير من شؤون الدولة لنجله ولي العهد الأمير محمد، اضطر للعودة إلى إدارة شؤون المملكة بـ"التحكم اليدوي"، لكي يتمكن من تسوية النزاعات الحادة التي تهدد وحدة البلاد.
ويضيف مصطفين : من بين تلك النزاعات، غضب القبائل التي تشكل العمود الفقري للحرس الوطني وتعتبر الدعامة الرئيسية للنظام في السعودية. وذلك لأن ولي العهد اعتقل شيوخ قبائل مطير وعتيبة وعنزة وغيرهم، وحرمهم من امتيازاتهم المعتادة. ما اضطر هؤلاء الشيوخ لرفع شكوى للملك، الذي وعد بتسوية الأمور بنفسه.
وقد تم إخماد الاضطرابات التي اجتاحت وسط البلاد الذي تقطنه القبائل المغبونة، بعد أن وفى الملك بوعده، وتم تقييد ولي العهد الذي اختفى عن الأنظار. لكن موقع "أنتلجنس أولاين/ Intelligence Online" قال إن شيوخ القبائل يعتقدون أن ولي العهد ينتظر فرصة مواتية لينتقم منهم.
ويذكِّر المقال : إلى أن الحرس الوطني كان يسمى في السابق "الحرس الأبيض" أو "البدو"، قد لعب دوراً أساسياً مهماً في توحيد كيان المملكة العربية السعودية، وإقامة دولة واحدة، تم تتويج ابن سعود ملكاً عليها. ومنذ ذلك الحين تقوم تشكيلات الحرس الوطني على حماية أبناء العائلة المالكة، والمسؤولين الكبار في المملكة، وكذلك المؤسسات الحكومية وهيئات الأمن والنظام، خصوصاً خلال موسم الحج.
لقد خرجت تشكيلات "الحرس الوطني" من سلطة وزارة الدفاع منذ 1954. ثم بادر الملك السابق عبد الله الذي كان قائداً لـ"الحرس" إلى إنشاء وزارة خاصة لشؤون الحرس الوطنيعام 2013، أوكل أمرها إلى إبنه متعب. ومع استلام الملك سلمان ونجله محمد سلطة الحكم في السعودية بدأت النزاعات.
فالملك الجديد ونجله وجدا أن الأمير متعب هو منافس قوي على العرش، كما أنه شخصية سياسية قادرة على توحيد جزء من النخبة السعودية غير الراضية لا عن تغيير نظام وراثة العرش داخل القبيلة الحاكمة، ولا عن سياسة الأمير محمد التي يدعمها الملك. وهذا يعني أن الحرس الوطني بقي الجهة الوحيدة التي تشكل تهديدا لولي العهد الذي لم يبق أمامه سوى خطوتين اثنتين لاعتلاء العرش.
وختم مصطفين مقاله لافتاً االإنتباه إلى أن الحرس الوطني هو بمثابة جيش متكامل تعداده زهاء 110 آلاف مقاتل مدربين ومجهزين بمختلف أنواع الأسلحة، وقد أظهر الحرس قدراته وإمكانياته في عملية "عاصفة الصحراء" التي شنها الأميركيون ضد العراق عام 1991، وفي كبح الاحتجاجات الشعبية المندلعة في البحرين.
وكان ديوان المراقبة العامة في السعودية، قد أصدر تقريراً إدارياً في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، رصد تجاوزات مالية ضخمة حدثت في أحد قطاعات وزارة الحرس الوطني، وكلها تخالف الأنظمة واللوائح وسلم الرواتب والبدلات والمزايا المالية، إضافة إلى التعيين والتعاقد.
ومن بين المخالفات التي رصدها التقرير المنشور على موقع ” سبق” السعودي، تفاوت كبير بين الرواتب عند التعاقد، والرواتب الحالية. وأشار التقرير إلى ارتفاع الرواتب. حيث تجاوز راتب أحد الإداريين الـ 99 ألف ريال شهرياً، إضافة إلى رواتب أخرى تراوحت بين 70 و63 ألفا.
وخلال مراجعة الرواتب والبدلات آليا لشهر كانون الثاني/ يناير 2017، بين التقرير وجود خطأ حسابي في تجميع البدلات، نتج عنه فروقات كبيرة بين الراتب والبدلات ما ترتب عليه صرف أكثر من 509 ألف ريال في هذا الشهر بالزيادة لـ51 موظفا، بينهم موظفة وصل الفرق في راتبها إلى 96 ألف ريال في راتب هذا الشهر. كما تحدث التقرير عن الإستمرار بتعيين الأجانب وتجديد عقود عملهم، بشكل مخالف لقرار لمجلس الوزراء. وكذلك تم رصد تعاقد مع موظفين متقاعدين، تم التعاقد معهم في نفس يوم التقاعد وأعطوا راتب وظيفة كامل.
ومن شأن الإنقسام في الأسرة السعودية الحاكمة، أو تغيير هيكل السلطة فيها، كما يسير تقرير الراديو الأميركي، أن يترك آثاراً جيوسياسية وجيوطاقية بعيدة المدى على السعودية ودول المشرق العربي، وفي العالم.
وكالات، 27 تشرين الأول/أوكتوبر، 2018
مركز الحقول للدراسات والنشر
آخر تحديث يوم الخميس الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، 2018، الساعة 20:05