الفائدة على الودائع ترتفع بشكل جنوني. بالليرة اللبنانية وصلت إلى 18 ـ 20 بالمئة. بالدولار نَطَّتْ عن الـ 10 بالمئة. الفائدة على التسليف قفزت أكثر من 5 نقاط مئوية خلال سنتين. الإقتصاد يتقلص. الإفلاس يتوسع. والبطالة تصعد. إنه الركود. المجلس النيابي الذي يجتمع اليوم، لن يخفض ارباح المصارف. لا أحد يريد أن يغضب "السيد سندات". لكن الجلسة النيابية اليوم، ستشهد محاولة ضبط صرف المال العام، عبر مشروع قانون يُخْضِعْ كل الصفقات العمومية لإدارة المناقصات. المحاولة فاشلة بالتأكيد. إلا إذا حظيت بتأييد كتلتي باسيل والحريري. الأولى، تهيمن على نفقات "كهرباء لبنان"، والثانية على نفقات مجلس الإنماء والإعمار. وإن آخر النهار لناظره قريب…
البناء
حرب الحديدة في ذروتها… وأنقرة تنهي التحقيقات… والجيش السوري يحرر أسيرات السويداء
روزنبيرغ عن إبن سلمان: علاقات دافئة مع «إسرائيل»… وتهجّم على إيران وروسيا وتركيا
اللقاء التشاوري: نريد التمثيل من حصة طائفتنا… والناشف وزاسيبكين لملف النازحين
في مسارات تبدو واضحة لاستجماع عناصر المشهد الإقليمي، أكد الجيش السوري مسار سيطرته المتنامية على الجغرافيا السورية بعملية نوعية نفذها في البادية انتهت بتحريره للسيدات المختطفات من محافظة السويداء على أيدي تنظيم داعش، والتي كانت موضوع متاجرات ومزايدات سياسية متعدّدة من داخل السويداء، خصوصاً من خارجها، بينما تلقي القوات السعودية والإماراتية بكل ثقلها لمحاولة فرض أمر واقع عسكري في مدينة الحديدة ومينائها، مخلفة دماراً شاملاً في أنحاء المدينة، مؤكدة مسار القتل الجماعي الذي رافق الحرب على اليمن، ومقابله إرادة الصمود التي أظهرها اليمنيون، ونجاحهم في إفشال كل محاولة لفرض حل عسكري من التحالف الذي تقوده واشنطن. وقد نشر موقع أنتلجنس أونلاين تقريراً يربط بين مهلة وقف النار التي وضعها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وبين تزويد البنتاغون للقوات السعودية والإماراتية بتفاصيل استطلاعية عسكرية وإحداثيات للقصف. وفي إطار تثبيت المسارات في المشهد الإقليمي كان البعد الثالث ما أعلنه الأتراك من إقفال لملف التحقيق في قضية جمال الخاشقجي بعد اكتمال المعطيات حول قيام السلطات السعودية التي أشرفت على قتله في القنصلية السعودية في اسطنبول بإذابة جثته بالكامل في منزل القنصل بواسطة مواد كيميائية شديدة التركيز. وجاء الإعلان التركي عشية توجه الرئيس رجب أردوغان إلى باريس، حيث سيلتقي على هامش مئوية الحرب العالمية الأولى بالعديد من قادة العالم وفي طليعتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وعد بموقف شديد القوة من قضية قتل الخاشقجي.
في وسط المشهد الإقليمي الذي تبدو فيه سورية تعزّز مكانتها على ضفاف المنتصرين، ويكابد الرئيس التركي طريق السير ويحثّ الخطى لحجز مقعد فاعل في توازنات المنطقة، تعجز السعودية عن الحصول على بوليصة تأمين للخروج من ضفة الخاسرين، ويبدو ولي عهدها محمد بن سلمان في مأزق متصاعد، فيتوسّل المساعدة الإسرائيلية للضغط في واشنطن طلباً للحماية. وقد نشرت القناة الإسرائيلية العاشرة حواراً مع جويل روزنبيرغ الذي رتّب لقاء ولي العهد السعودي بوفد إنجيلي أميركي داعم لـ»إسرائيل» قال فيه، إن ابن سلمان تحدّث لساعة ونصف من أصل ساعتين استغرقهما اللقاء عن العلاقة الدافئة التي تجمع الحكم السعودي بـ»إسرائيل»، وتحدّث في الباقي عن عدائه لشخصيتين تاريخيتين في المنطقة هما جمال عبد الناصر والإمام الخميني، وعن تحميله مسؤولية تدهور أوضاع المنطقة لسياسات إيران وروسيا وتركيا.
لبنانياً، مع استمرار غياب الرئيس سعد الحريري بدأ اللقاء التشاوري النيابي الذي يضمّ النواب السنة المستقلين، زيارته للقيادات الروحية من دار الفتوى، مؤكداً تمسكه بالتمثيل في الحكومة من حصة طائفته بستة وزراء لم يعد مقبولاً احتكارها من تيار المستقبل، الذي لم يفز بغير ثلثي مقاعد الطائفة من النواب، رافضاً منّة أحد بتمثيله من حصته، بينما ناشد نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل بذل مساعيه لحلحلة العقدة السنية، بمطالبة الحريري بتقديم التنازل كما فعل الحريري بمطالبة التيار بالتنازل لتمثيل القوات اللبنانية. بانتظار الملف الحكومي المتعثر، تتواصل عودة النازحين السوريين بقوافل شبه يومية بانتظار تفعيل المبادرة الروسية، التي يتوقع أن تتلقى شحنة دافعة مع زيارة متوقعة لنائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت، وفي سياق تفعيل المبادرة التي أطلقها الحزب السوري الاجتماعي لعودة النازحين التقى رئيس الحزب حنا الناشف بالسفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين، مثنياً على الجهود الروسية في محاربة الإرهاب وقضية عودة النازحين.
أعرب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف عن تقدير الحزب «للعلاقة مع روسيا التي تدعم القضايا العادلة والمحقة في المنطقة، لا سيما موقفها الثابت في ما يتعلق بالوضع في سورية»، مؤكداً أننا نلتقي مع روسيا في مشروع محاربة الإرهاب وإفشال مخططاته في المنطقة، انطلاقاً من موقف موسكو الذي يؤكد على ضرورة احترام مبدأ سيادة الدول والحفاظ على وحدة أرضها وحقها المشروع في محاربة الإرهاب».
وخلال استقباله سفير جمهورية روسيا الاتحادية في لبنان ألكسندر زاسيبكين، في مركز الحزب بحضور عميد الخارجية في الحزب قيصر عبيد، أشار الناشف الى أنه تمّ البحث في المبادرة التي أطلقها الحزب من أجل تأمين عودة النازحين السوريين الى بيوتهم وقراهم، وفي السياق أثنى الناشف على المبادرة التي أطلقتها روسيا من أجل عودة النازحين السوريين، والتي تتقاطع مع مبادرة الحزب بهذا الخصوص، منوّهاً بتعاطي روسيا مع «مسألة عودة النازحين السوريين باعتبارها قضية إنسانية بحتة».
وختم الناشف موجهاً الشكر للسفير زاسيبكين والى روسيا على الدعوة التي تمّ توجيهها للحزب لزيارة جمهورية روسيا الاتحادية، مؤكداً عمق العلاقة والرؤية المشتركة التي تجمع بين روسيا والحزب السوري القومي الاجتماعي.
من جهته أكد السفير زاسيبكين أن «روسيا تسعى الى إيجاد الحلول للنزاعات في المنطقة، لا سيما في سورية انطلاقاً من مبدأ حماية سيادة الدولة والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة المخططات التخريبية الهادفة الى زعزعة أمن دول المنطقة واستقرارها».
وشدّد زاسيبكين على ضرورة تعزيز العلاقة بين روسيا والأحزاب والقوى التي تناضل من أجل حقوق شعوبها، مشيراً إلى الدعوة التي تمّ توجيهها الى قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي لزيارة روسيا.
حزب الله: الكرة في ملعب الحريري
تترقب الساحة الداخلية عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت خلال أيام وعودة الاتصالات على خط تأليف الحكومة، كما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق من دار الفتوى التي تحولت أمس الى «محجة سياسية» للمكونات النيابية السنية بعد أن باتت عقدة رفض تيار المستقبل تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين الى أُم العقد أمام ولادة الحكومة، بعد أن كانت العقدة مسيحية، وسط انسداد أفق الحلول، بحسب معلومات «البناء». ولا يبدو أن أياً من الأطراف مستعدٌ لتقديم تنازلات لتسهيل التأليف، بينما كان لافتاً النداء الذي أطلقه نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي من عين التينة لرئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل، بأن يقوم كزعيم كتلة برلمانية بتحرك مباشر ليساهم المساهمة الفعالة في حل إشكال تأليف هذه الحكومة. وإذ فسرت مصادر نيابية دعوة الفرزلي التي جاءت بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنها حثّ باسيل على إقناع الرئيس المكلف بضرورة تمثيل المكون الآخر في الطائفة السنية، كما فعل التيار الوطني الحر مع شريكه في الساحة المسيحية أي القوات اللبنانية، باعتبار أن التيار ورئيس الجمهورية ميشال عون قدما تنازلات من حصتهما للقوات رغم الخلاف السياسي الحاد بينهما، فلماذا لا يفعل الشيء نفسه الحريري مع شركائه في الطائفة السنية رغم وجودهم في خندق سياسي مختلف عن التموضع السياسي للحريري؟
وكان وفد اللقاء التشاوري التقى مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان، وقال النائب قاسم هاشم باسم الوفد: «اللقاء مع المفتي تشاوري للتأكيد على دور هذه الدار الجامعة في كل المناسبات وفي كل الأزمات، وأياً تكن هذه التحديات والتعددية والتنوّع داخل مكوننا، فإننا دائما متكاملون لما فيه المصلحة الوطنية العليا». وقالت مصادر «البناء» إن «دريان لم يتبن موقفاً معيناً حيال العقدة السنية ولم يعلن تأييده لمطلب الوفد ولم يعلن معارضته، بل أكد لزواره أن العقدة مسألة سياسية، وهو لا يتدخل مع طرف دون آخر وهو أب لكل أبنائه». وأشارت مصادر الوفد لـ»البناء» الى أن «الوفد لم يطلب من المفتي القيام بوساطة لحل العقدة بل أردنا توضيح موقفنا بأننا شريحة وطنية وتمثل فئة من الطائفة السنية». ونفت المصادر أن يكون «طلب المفتي من النواب البقاء في المعارضة»، وإذ مازح المفتي الوفد بقوله «تأخرتم في الزيارة» ردّ الوفد بأنهم «لم يقوموا بأي زيارة لمرجعيات روحية. وهذه الزيارة الاولى التي تأتي في اطار جولة على المرجعيات السياسية والروحية يقوم بها اللقاء لشرح مطلبنا ووجهة نظرنا». ومن المتوقع أن يزور الوفد البطريرك الماروني مار بشارة الراعي بعد عودته الى بيروت. ولفتت المصادر «بأن أي اقتراح لم يبحث معنا ولم نتلقّ أي اتصال من المعنيين بالتأليف للتشاور بشأن تمثيلنا»، مستغربة «تجاهل الرئيس المكلف مطلبنا وحتى رفضه استقبالنا والتحاور معنا»، وأكدت «لن نقبل بأي حل وسط بل نريد أن نتمثل بوزير من اللقاء ومن حصة الطائفة السنية لا من حصة الطوائف الأخرى، وأننا لن نقبل بعد اليوم بحصر التمثيل السني بتيار المستقبل».
ودعا دريان في بيان لمكتبه الإعلامي جميع القوى الى «بذل أقصى ما لديهم لتسهيل ولادة الحكومة لأنهم من نسيج هذا المجتمع اللبناني الذي يريد حكومة وطنية تنهض بالوطن وبالمواطن». وفي هذا الإطار برز الطرح الذي قدمه رئيس حزب «الحوار الوطني» النائب فؤاد مخزومي لحل العقدة السنية بأن «يكون التمثيل من الناجحين من دون تحالفات انتخابية وهم أنا في بيروت ورئيس تيار «العزم» نجيب ميقاتي في طرابلس والنائب أسامة سعد في صيدا».
من جهته، دعا المشنوق من دار الفتوى إلى الحوار الهادئ للوصول الى تشكيل الحكومة التي ستشكل بالمعايير الوطنية التي يراها الحريري. وشدّد المشنوق على أن الحريري لن يعتذر وسيشكل الحكومة، معتبراً أن «النواب السنة المستقلين استخدموا الباب الخطأ ودخلوا من خلال طرف سياسي غير مناسب لتسمية واحد منهم».
وعلى مسافة يوم واحد من إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المرتقبة عصر غدٍ السبت بمناسبة يوم الشهيد، جدد الحزب على لسان قيادييه موقفه الداعم لتمثيل حلفائه في الحكومة، فقد اعتبر نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم في لقاء سياسي «ان الكرة في مرمى رئيس الحكومة وفي استطاعته أن يدوِّر الزوايا وأن يصل إلى حل معقول ومناسب وأن يتمثل اللقاء التشاوري بحسب مطلبه». ولفت الى ان «اللقاء التشاوري يطالب بحقه، وحزب الله يدعمه»، مؤكداً أن «لا تنفع الاتهامات ولا الشتائم، ولا محاولة إثارة النعرات المذهبية والفتنوية، ولا الصراخ المرتفع في تشكيل الحكومة، الحكومة لها طريق، والحل الوحيد لتشكيلها هو اللجوء إلى الحوار مع أصحاب الحق، وتجاوز العقبات المصطنعة».
من جهته قال وزير الشباب والرياضة محمد فنيش «إن المسألة أعمق من مسألة الوفاء فقط، وهي أننا نريد حكومة وحدة وطنية، لكن مع تغييب كتلة نيابية تمثل شريحة على الأقل نسبتها 35 او 40 من ناخبيها، فهذا لا يتفق ولا ينسجم مع هوية الحكومة على أنها حكومة وحدة وطنية». وأكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوري ان «التزامنا بحق ومطلب النواب السنة المستقلين المشاركة في الحكومة هو التزام أخلاقي وسياسي ولا نرى أي مبرر يمنع هذا المطلب».
هل يُمدَّد «تصريف الأعمال»؟
وبعد التوافق السياسي على ضرورة التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال، يبدو أن تعويم الحكومة القائمة وتمديد فترة تصريف الأعمال عاد الى الواجهة بعد فرملة ولادة الحكومة ما أعطى انطباعاً بأن أمد التأليف قد يطول كثيراً، ولا بد من تسيير شؤون البلد والمواطنين على صعيدي المجلس النيابي والحكومة القائمة في ظل التهديدات بانفجار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والخطر على الوضع النقدي، غير أن الأمر لم يحظ بتوافق سياسي حتى الآن رغم الحلم الذي يراود الحريري بالعودة الى السراي الكبير ولو من باب تصريف الأعمال إن تعذّرت عودته رئيساً أصيلاً، غير أن الممانعة تأتي من التيار الوطني الحر والرئيس عون، فقد أكد عضو تكتل « لبنان القوي » النائب ألان عون أن «المادة 94 من الدستور تقول إن الحكومة لا تمارس صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالاتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال ». وأوضح أن «طرح تفعيل عمل الحكومة رغم تصريفها الأعمال يسقط مفعول الحكومة القائمة ونقوم بضرب المؤسسة القائمة»، مشيراً إلى أن «أي إشارة باتجاه تطبيع واقع تصريف الأعمال هو إشارة سلبية باتجاه تشكيل حكومة جديدة». في المقابل أكد عضو كتلة التنمية والتحرير ميشال موسى ، في حديث تلفزيوني، أن «طرح تفعيل الحكومة الحالية هو للحث على تسريع تشكيل الحكومة الجديدة». ولفت موسى إلى أنه «من الطبيعي أن يكون هناك حكومة فعلية تمثل أمام مجلس النواب لأن الحكومة الحالية مستقيلة والعودة عن الاستقالة غير ملحوظة في الدستور والقوانين».
بري على موقفه من «مافيا المولدات»…
على صعيد أزمة الكهرباء يبدو أن «مافيا مولدات الكهرباء» باتت بلا غطاء سياسي وفي مواجهة صعبة مع الدولة التي حزمت أمرها بإخماد التمرد القائم واللعب بمصلحة المواطنين. وقد حاول أصحاب المولدات التلطي والاحتماء تحت سقف الرئاسة الثانية غير أن الرئيس بري رفض استقبالهم، ونقل وزير الاقتصاد رائد خوري عن بري بعد زيارته في عين التينة أن «الرئيس نبيه بري كان وما زال داعماً للقرارات التي اتخذناها في وزارة الاقتصاد لتنظيم قطاع المولدات، وهو ليس فقط يوافق بل يشدّ على يدنا لكي نستعمل كل الوسائل القانونية المتاحة لكي نفرض هيبة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وهو مسرور للغاية بالنتائج التي تحققت وحاضر لأي مساعدة إذا ما طلبنا منه المساعدة». واضاف أن «الرئيس بري كان واضحاً تماماً أنه لا يرغب في لقائهم ولا يرغب في التفاوض معهم، وهو مع تطبيق القانون للنهاية». وأوضح خوري «أصبح لدى الأجهزة القضائية معلومات عن كل أصحاب المولدات الذين أطفأوا مولداتهم ويتمّ استدعاؤهم على التوالي، وهم يوقعون على التعهد بتركيب عدادات تحت طائلة مصادرة مولداتهم والملاحقة الجزائية».
اللواء
مِنصَّة باريس الأحد: مساعٍ دولية لمعالجة الأبعاد الإقليمية «للعُقدَة»
المخْرَج المقتَرَح: وزير يمثلّ النواب السُنّة من حصة عون.. وحزب الله يدفع بحلفائه إلى الواجهة
ماذا في الأفق، بعد مرور ما يقترب من أسبوعين على بروز مطلب توزير أحد «النواب السنة الستة» عن أحد المقاعد السنية في الحكومة العتيدة، والذي تحول إلى عقدة، تبدو كأنها كأداء ، أو عقدة مأزق تحتاج وفقاً للنائب وائل أبو فاعور، إلى مبادرة روسية تجاه لبنان، قد تحرك الركود في تأليف الحكومة، وفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس، أو إلى «مساهمة فعالة» من قبل الوزير جبران باسيل، جاءت المناشدة على لسان نائب رئيس الحكومة ايلي الفرزلي من عين التينة.
توصي مطالبة الفرزلي، وفقاً لمصدر نيابي، بأن يأخذ فريق العهد المبادرة بأن يكون الوزير المقترح من حصته، في اطار التبادل مع الرئيس المكلف سعد الحريري، مرضي عنه قبل النواب الستة، بعدما أعلن حزب الله، عبر مصادر مطلعة على موقفه انه ليس الوسيط، أو المفاوض، عن هؤلاء النواب الذين بدأوا تحركاً، قادهم من دار الفتوى إلى بكركي في إطار تحرك لشرح موقفهم من طرح توزيرهم..
لكن الحزب، وعلى لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، قال: نعتقد بأن مفتاح الحل بيد الرئيس المكلف، فهو الذي باستطاعته ان يُنجز الحكومة غداً، وهو الذي يؤجل الحكومة إلى وقت آخر».
وسارعت مصادر في تيّار «المستقبل» إلى الرد على الشيخ قاسم، وقالت الكرة موجودة فقط في ملاعب التعطيل، مشيرة الى ان الجهة المسؤولة عن التعطيل معروفة لكل اللبنانيين.
واضافت مصادر المستقبل ان الرئيس المكلف يلتزم حدود الدستور ولن يحوّل تأليف الحكومة الى ملعب تتبارى فيه العراقيل والمسؤولون عن العرقلة وهو أنجز مهمته في تدوير الزوايا، وعلى الآخرين ان يتوقفوا عن تدوير العقد.
المخرج
على ان أجواء الغموض والترقب، لم تحجب الاهتمام بإيجاد مخرج فعلي لازمة توزير نواب 8 آذار من السنة.
وفي هذا المجال، كشف مصدر مطلع ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم توجه إلى باريس، لعقد محادثات مع الرئيس المكلف، تتعلق بإيجاد حل وسطي، بتوزير سني، خارج النواب السنة الستة، على ان تكون من حصة الرئيس الحريري والشخصية مقربة من الرئيس ميشال عون، وغير محسوبة عليه أو على الرئيس الحريري..
ولدى جهات وازنة معلومات بان رئيس الجمهورية اخذ على عاتقه جديا ايجاد حل لمشكلة توزير النواب السنة رغم اعتراضه على توزيرهم سابقا، وهو اوعز الى احد المقربين منه بالعمل على تقريب وجهات النظر بين حزب الله الداعم الاساس لمطلب توزير سنة المعارضة وبين الرئيس الحريري وتسويق حل يقوم على توافق الرئيسين عون والحريري مع الحزب على تسمية شخصية سنية وسطية من خارج كتلة اللقاء التشاوري اي من النواب الاربعة الباقين «نجيب ميقاتي اسامة سعد فؤاد مخزومي بلال عبدالله».
واشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان ما من جديد سجل في ملف تأليف الحكومة ولا سيما على صعيد معالجة العقدة المتمثلة بمشاركة النواب السنة المستقلين في الحكومة وتوقفت عما صدر عن دار الفتوى لجهة التكامل بين من يعارض في مجلس النواب وبين من هو في الحكومة وهذا كلام اكثر من واضح. وكشفت المصادر ان وفد نواب السنة المستقلين لم يطلبوا موعدا من القصر الجمهوري لكنها اكدت ان أبواب القصر الجمهوري مفتوحة.
ولم تشأ المصادر التكهن عما سيقوله السيد نصر الله غدا السبت، لكنها لفتت الى ان لكلامه دائما تأثيره في الحياة السياسية الوطنية.
وفي سياق متصل اشارت الى ان تأكيد رئيس الجمهورية في مواقفه الاخيرة على الوحدة الوطنية رسالة في هذا الظرف بالذات.
بالمقابل قالت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» ان العقدة التي تحول دون إصدار مراسيم الحكومة، هي عقدة إقليمية، تحديداً مرتبطة بطلبات للنظام في سوريا، بالإضافة إلى شروط إيرانية ذات صلة بالعقوبات الأميركية على إيران، وحزب الله والتي أعلن لبنان التزامه بها (الخبر في مكان آخر)، وعليه فالمعالجة تخطت الإطار الداخلي، وتتجه الأنظار إلى مؤتمر باريس للسلام الأحد، والذي يُشارك فيه رؤساء الدول الكبرى، كالرئيس فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والمستشارة الالمانية فضلاً عن 70 دولة وحكومة، حيث من المتوقع ان يثار وضع لبنان، ومساعدته على تذليل آخر العقد المتعلقة بتوزير نائب سني من حصة الرئيس الحريري.
وإذا صدقت المعلومات، فإنه سيكون للبنان حكومة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني، لتكون «عيدية» اللبنانيين، بحسب ما تصر مصادر في 8 آذار على تسميتها، مشيرة إلى ان هذه «العيدية» تعمل عليها جهات إقليمية ودولية.
غير ان محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» نقلت عن مصادر «حزب الله» تشديدها على ان «لا وزير سنياً إلا من 8 آذار»، ولا حكومة إلا بتوزير سني من 8 آذار، رغم ان المصادر أكدت ان الحزب ليس وسيطاً في موضوع توزير سنة 8 آذار، وان «من يريد الوساطة ان يتحدث مع سنة 8 آذار مباشرة».
وعلمت «اللواء» ان كتلة «المستقبل» ستعقد اجتماعاً استثنائياً يوم الاحد المقبل للاطلاع بشكل مفصل على المشاريع المدرجة على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستعقد يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، الا ان الرئيس الحريري لن يحضر هذا الاجتماع لوجوده في العاصمة الفرنسية ومشاركته في مؤتمر السلام.
تحرك نواب السنة المستقلين
وسط ذلك ذكرت مصادر اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين لـ«اللواء» ان الاجتماع مع المفتي عبد اللطيف دريان تخلله شرح مفصل لمطلبهم لا سيما لجهة ضرورة التنوع داخل الطائفة، والتمثيل فريق واحد للطائفة لا يجوز لا سياسياً ولا دينياً ودستوريا، وان هناك نسبة كبيرة من الناخبين السنة اختارتهم.
وعُلم ان المفتي دريان عاتب النواب على عدم زيارته والتشاور معه قبل الآن، وتمنى ان يتم اللقاء بين كل الاطراف على المحبة والتفاهم.
واوضحت المصادر ان اللقاء طلب امس، موعدا من الرئيس ميشال عون، وسيطلب ايضا مواعيد من الرئيس المكلف سعد الحريري ومن رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام.
وكان لافتاً للانتباه البيان الذي صدر عن دار الفتوى، بالنسبة إلى استقبال النواب الستة، إذ ان البيان لم يأت على ذكر «اللقاء التشاوري» أو النواب السنة المستقلين، وإنما اقتصر على تسمية النواب، وفي ذلك إشارة إلى ان مفتي الجمهورية استقبلهم بصفتهم نواباً في البرلمان وليس نواباً سنة في تكتل نيابي، وتأكيده على ان أبواب دار الفتوى مفتوحة امام أي نائب مهما كانت طائفته وانتماؤه السياسي.
اما في مضمون البيان، فقد كانت لافتة كلام المفتي دريان من انه يأمل في ان تشكّل الحكومة بدعم جميع القوى والقيادات السياسية في لبنان وهناك مجلس نيابي منتخب من مهامه التشريع ومحاسبة الحكومة على ادائها وهنا يكون التكامل في العمل بين من هم داخل الحكومة ومن هم في المجلس النيابي وبالنتيجة الجميع يكون مشاركا في خدمة الوطن».
وأشارت المصادر المقرّبة الى «ان المفتي دريان تقصّد الحديث عن «تكامل» عمل مجلس النوب مع الحكومة، اذ ليس بالضرورة ان يكون مجلس الوزراء عبارة عن مجلس نيابي مصغّر. مهمة الحكومة العمل ووظيفة مجلس النواب المراقبة والمحاسبة».
وفي حين فهم من مضمون بيان دار الفتوى انها لا تؤيّد مطلبهم بالتوزير، وان مكانهم الطبيعي ممارسة المعارضة البنّاءة في مجلس النواب، لفتت المصادر الى «ان المفتي دريان استمع الى وجهة نظرهم، الا انه اصرّ على موقفه المتماهي مع موقفي الرئيسين عون والحريري في «رفض» توزيرهم لانهم لا يشكّلون كتلة نيابية، وان ليس بالضرورة ان يتمثّلوا في الحكومة. فهناك مجلس نيابي تستطيعون من خلاله المشاركة في الحكم عبر المحاسبة والمراقبة. الحكومة يجب ان تُشكّل ولا يجوز ان تضعوا العصي في الدواليب». واوضحت «ان المفتي لم يعدهم باجراء الاتصالات مع المعنيين لمناقشة مطلبهم».
تجدر الإشارة، إلى ان المفتي دريان استقبل بعد ذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي شدّد على ان دار الفتوى هي «ضمير السنة في لبنان، وهي دار الحوار والاعتدال التي تستقبل كل اللبنانيين». وشدد على أن «الرئيس سعد الحريري لن يعتذر، وسيشكل الحكومة، ولا نحن نقبل ولا هو في وارد الاعتذار على الإطلاق، هو مكلف وهذا حقه في الدستور، وسيشكل خلال أيام أو أسابيع وعلى «كفالتي».
وقال ردا على سؤال عن النواب السنة أن «بعض الزملاء النواب استعملوا الباب الخطأ، ودخلوا من باب خارجي وليس من الباب الداخلي، وليس هو المدخل المناسب». وطالب «بالتعامل بهدوء وحكمة، وحتى لو احتاجت المسألة الى أسابيع، إلا أن الحكومة ستتشكل بالمعايير الوطنية التي يراها الرئيس الحريري، وقاعدتها التفاهم والحوار مع الجميع، وليس توزير الجميع».
جلسات الضرورة
الى ذلك.. ومع تزايد العقبات امام تشكيل الحكومة، صدرت الدعوات من بعض القوى السياسية من اجل عقد جلسات لمجلس الوزراء تحت عنوان جلسات الضرورة من اجل تسيير اعمال الدولة والمواطنين، وذكرت مصادر وزارية من مؤيدي عقد جلسات الضرورة لـ»اللواء» ان هناك حاجة لعقد جلسات لمجلس الوزراء لضبط الكثير من الامورخاصة الانفاق غير المراقب ومعالجة الامور الاقتصادية والمالية الملحة، لا سيما وان الدستور لا ينص على ما يمنع عقدجلسات لحكومة مستقيلة، لكن هذا لا يعني انه يمكن في مثل هذه الجلسات اتخاذ قرارات استراتيجية بللتسيير المراف العامة واقرار مراسيم معينة.
لكن عضو «كتلة المستقبل» النائب رولا الطبش جارودي أكدت «أننا لا نريد خلق اعراف جديدة في ما يتعلق بكيفية تصريف ألاعمال. الحكومة المستقيلة تصرف اعمالها ضمن الاصول والدستور. أية أعراف جديدة لسنا معها. نحن مع تأليف حكومة وفاق وطني واضحة، تعمل بمسارها الطبيعي».
الجميل: حرب أهلية مستورة
ومن ناحية ثانية، كشف رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل في حديث لـبرنامج «صار الوقت» عبر قناة الـM T V أن «العهد عرض على الحزب الدخول في الحكومة لكننا رفضنا ذلك»، متسائلا: «ما هذه «البهدلة» الحاصلة من خلال المحاصصة القائمة؟»، مشيراً إلى «انني افهم مبادرة الرئيس عون وفريقه السياسي تجاهنا والمبادرة مشكورة ولكننا لسنا مقتنعين بحكومة طبق الاصل عن السابقة لانها حكومة تناقضات».
ولفت الجميل إلى أن «الانتخابات النيابية أفرزت أكثرية لدى حزب الله، والحكومة الآتية سيكون للحزب اليد الطولى بتشكيلها كما يقرّر عن اللبنانيين ونتمنى ان يكمل الرئيس عون والحريري بتشكيل سدّ منيع وطالما هما مُتفقان فليشكّلا حكومة»، مشيراً إلى أنه «عندما ترشّح عون للانتخابات الرئاسية كان «حزب الله» الوحيد الى جانبه ولاحقًا سار الجميع به فـ»حزب الله» يفرض رأيه في الملفات المطروحة».
ورأى ان»طريقة تشكيل الحكومة هي حرب أهلية مستورة»، مشدداً على وجوب «ان نبني البلد بمنطق السلم لا بمنطق الحرب و اذا كان الرئيس عون مستعدا لضرب يده على الطاولة وتنفيذ سياسته فلديه الاكثرية بالاتفاق مع الحريري».
الأخبار
حزب الله: لا أحد ينوب عن «سنّة 8 آذار»
تعهدات «سيدر» غير قابلة للتنفيذ!
العجز المالي يقفز إلى 4577 مليار ليرة في 6 أشهر
لا شيء تغير حكومياً. المفاوضات متوقفة والمخارج لا تزال مقفلة والرئيس المكلف يستجم في فرنسا، وإن يعِد بالعودة قريباً. وحده حزب الله قرر الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، متوجهاً إلى من يتهمه بالتعطيل بالإشارة إلى أن عنوان التعطيل في وادي أبو جميل وليس في حارة حريك. فمن يرفض مطلب كتلة وازنة من النواب الذين سموه لتشكيل الحكومة، كما يرفض حتى لقاءهم، هو الرئيس سعد الحريري وليس حزب الله، الذي يدعم مطلب سنة 8 آذار كما سبق أن دعم مطالب حلفاء آخرين.
بالنسبة لحزب الله، فإن الأمر صار مبتوتاً، احترام نتائج الانتخابات يعني تمثيل السنة من خارج تيار المستقبل أكثر من أي شيء آخر. فهم العنوان الأبرز لنتائج «النسبية» التي لم تؤد إلى أي تعديل جوهري في تمثيل الكتل، لكنها شكلت باب عودة هؤلاء إلى السلطة، بعدما تحملوا الكثير من حملات التخوين في بيئتهم، لمجرد أنهم كانوا يعارضون الحريري. مع ذلك، لم يقفوا على طرف نقيض منه عندما فازوا في الانتخابات. مدوا اليد له من خلال تسميته لرئاسة الحكومة، لكنه رد عليهم بعدم الاكتراث لوجودهم… ولا يزال.
أما حزب الله فكان حاسماً مرة جديدة بدعمه لحلفائه حتى النهاية. نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، قال في لقاء سياسي في برج البراجنة: «بكل وضوح لا تنفع الاتهامات ولا الشتائم، ولا محاولة إثارة النعرات المذهبية والفتنوية، ولا الصراخ المرتفع في تشكيل الحكومة، الحكومة لها طريق، والحل الوحيد لتشكيلها هو اللجوء إلى الحوار مع أصحاب الحق، وتجاوز العقبات المصطنعة، وهم في اللقاء التشاوري يتخذون قرارهم ولا أحد ينوب عنهم». وأضاف: «الكرة في ملعب رئيس الحكومة، وفي استطاعته أن يدور الزوايا وأن يصل إلى حل معقول ومناسب وأن يتمثل اللقاء التشاوري بحسب مطلبه».
وعلى المنوال نفسه، اعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها الأسبوعي أن «إلغاء تمثيل أي مكون سياسي ورفض مشاركته في الحكومة لا يخدم المصلحة الوطنية إطلاقاً ولا يخدم حسن سير عمل الحكومة أيضاً»، مشيرة إلى أن «تمثيل السنة المستقلين هو مسؤولية تقع على عاتق الرئيس المكلف أساساً، وعلى القوى الوازنة في البلاد التعاون لتحقيق هذا الأمر».
أما الرد المستقبلي، فأتى عبر «مصادر تيار المستقبل»، التي نقل عنها تلفزيون المستقبل قولها إن «الكرة موجودة فقط في ملاعب التعطيل»، مشيرة إلى أن الجهة المسؤولة عن التعطيل معروفة لكل اللبنانيين. وأضافت «مصادر المستقبل» أن الرئيس المكلف يلتزم حدود الدستور ولن يحوّل تأليف الحكومة إلى ملعب تتبارى فيه العراقيل والمسؤولون عن العرقلة وهو أنجز مهمته في تدوير الزوايا، وعلى الآخرين أن يتوقفوا عن تدوير العقد.
أما أصحاب العلاقة، أي نواب اللقاء التشاوري، فبدأوا سلسلة زيارات لشرح موقفهم، فكانت البداية من دار الفتوى، حيث التقوا المفتي عبد اللطيف دريان. وتحدث باسمهم النائب قاسم هاشم، بعد اللقاء، معلناً أنه للتأكيد على «دور هذه الدار الجامعة في كل المناسبات وفي كل الأزمات». ومن المنبر نفسه، كان الوزير نهاد المشنوق، الذي التقى دريان أيضاً، يعلن أن الحريري لن يعتذر وسيشكل الحكومة، معتبراً أن النواب السنة المستقلين طالبوا من خلال استعمال الباب الخطأ ودخلوا من خلال طرف سياسي ليس مناسباً لتسمية واحد منهم.
تعهدات «سيدر» غير قابلة للتنفيذ!
العجز المالي يقفز إلى 4577 مليار ليرة في 6 أشهر
لن يكون بمقدور لبنان الالتزام سريعاً بما ورد في مؤتمر «سيدر» لجهة خفض العجز المالي بمعدل 1% من الناتج سنوياً، بل على العكس تشير النتائج المالية عن الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية بأن العجز المالي تدهور أكثر وبات على مسار تصاعدي في ظل ركود اقتصادي، وتضخّم في الأسعار، وارتفاع جنوني في أسعار الفائدة…
أصدرت أمس، وزارة المال ملخص الوضع المالي عن الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية. النتائج كشفت عن تضاعف العجز المالي في هذه الفترة أكثر من ثلاث مرات. ففي حزيران 2017 كان العجز 1368 مليار ليرة، ثم ارتفع في حزيران 2018 إلى 4577 مليار ليرة، أي بزيادة قيمتها 3208 مليارات ليرة ونسبتها 234.5%. تدهور العجز سببه زيادة النفقات وتراجع في الإيرادات. النفقات زادت بنسبة 28.8% أو ما قيمته 3029 مليار ليرة لتبلغ 13533 مليار ليرة في نهاية حزيران 2018 مقارنة مع 10503 مليارات ليرة في الفترة نفسها من السنة الماضية. أما الإيرادات، فقد تقلصت بنسبة 1.97% على رغم أن تقديرات وزارة المال كانت تشير إلى أن الضرائب التي أقرّت في أيلول الماضي من أجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب سترفع الإيرادات بقيمة 1800 مليار ليرة. حساب الحقل خالف حساب البيدر، فالإيرادات تراجعت من 9135 مليار ليرة في حزيران 2017 إلى 8955 مليار ليرة في حزيران 2018.
تمويل انتخابي
أبواب النفقات الإضافية واضحة المعالم وهي تتراوح بين التحويلات التي انطوت على أهداف انتخابية، وبين انعكاسات دعم الكهرباء وارتفاع سعر برميل النفط، وتسديد فوائد الدين العام وكلفة سلسلة الرتب والرواتب. ففي هذه الفترة أجريت الانتخابات النيابية وسط شحّ في التمويل الانتخابي الخاص. لم يطل الأمر قبل أن تتضح الصورة. قوى السلطة عمدت كعادتها إلى استعمال المال العام من أجل تمويل حملاتها الانتخابية، سواء عبر زيادة الإنفاق عبر البلديات أو تحويلات مالية لتنفيذ مشاريع عبر بعض الوزارات المعنية. أرقام الخزينة تظهر أن التحويلات إلى البلديات ارتفعت خلال ستة أشهر بنسبة 333.8%.
كذلك ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من 75 دولاراً ما انعكس سلباً على التحويلات المالية من الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بين ما هو مقدّر في الموازنة العامة على أساس سعر برميل النفط بقيمة 60 دولاراً وبين الفعلي المنفّذ على الأسعار الفعلية. هذه الزيادة في سعر النفط، فضحت عمليات التجميل التي قام بها مجلس الوزراء عند مناقشته مشروع موازنة 2018 بعدما وضع التحويلات المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان خارج الموازنة وحدّد كلفة التحويلات على أساس سعر برميل النفط في تلك الفترة من دون احتساب الزيادات المتوقعة على السعر والتي كانت سترفع كلفة التحويلات بنحو 800 مليار ليرة. يومها كان الهدف التخفيف من العجز المالي في مشروع موازنة 2018 التي أقرّت على عجل تمهيداً لانعقاد مؤتمر باريس 4 المعروف باسم «سيدر».
على أي حال، تبيّن أنه في نهاية حزيران 2018، استحوذ الدين العام وفوائده على جزء مهم من الزيادة في النفقات. كما تبيّن أن كلفة سلسلة الرتب والرواتب كانت أكبر من تقديرات وزارة المال. إلا أن المشكلة لا تكمن في هذا الإنفاق بالتحديد، استناداً إلى تقرير البنك الدولي الأخير الذي يصف فيه فاتورة الأجور لموظفي القطاع العام في لبنان بأنها «ليست مفرطة مقارنة بدول أخرى شبيهة»، بل هو يرى أن النفقات كلّها «منعدمة المرونة مما يحدّ من الحيّز المالي اللازم للتفاعل مع الصدمات».
حساب مخيب للتوقعات
أرقام الإيرادات تشكّل مفاجأة أكبر من أرقام النفقات. ففي السنة الماضية، أقرّ مجلس النواب سلّة من الضرائب الجديدة أو زاد معدلات ضرائب معمول فيها (بهدف تمويل كلفة سلسلة الرتب والرواتب). أُقرّ 22 بنداً ضريبياً بهدف تحصيل أكثر من 1800 مليار ليرة. النتائج حتى الآن جاءت مخيبة لكل التوقعات، فالتحصيل عبر الخزينة تراجع بنسبة 1.97% بدلاً من أن يزداد. وإذا استمر هذا المنحى الخطير، فإن الوضع السلبي سيتحوّل سريعاً إلى وضع كارثي. يُضاف إلى ذلك أن الذين تعهدوا في مؤتمر «سيدر» (باريس 4) بتنفيذ «إصلاحات»، لن يكونوا قادرين على الإيفاء بأي من التزاماتهم، لا سيما لجهة إلزام لبنان بخفض العجز بمعدل 1% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً لفترة خمس سنوات. هذا الخفض يعني أنه يترتب على لبنان أن يخفض من إنفاقه ويزيد من إيراداته بمبلغ صافي مقدر بنحو 500 مليون دولار في 2018، وبنحو 530 مليون دولار في 2019… الواقع أن أرقام الخزينة بعيدة كل البعد عن هذا الأمر على رغم كل عمليات التجميل التي أجريت للموازنة وعلى رغم محاولات خفض الإنفاق على دعم الكهرباء. «المشكلة أن قوى السلطة نهبت المال العام والخاص. أحياناً قامت بهذا الأمر تحت مسميات هندسات مالية وأحياناً تحت تشريع التهرّب الضريبي وفي مرات عدة عبر تلزيمات وعقود مشكوك فيها أو مفصلة على قياس شركات تدفع خوّات لرجال السياسة لتأمين فوزها» وفق مصادر رسمية.
وبحسب أرقام وزارة المال، فإنه من بين بنود الإيرادات لم يسجّل ارتفاع إلا في بندين. ضريبة القيمة المضافة ازدادت بنسبة 9.7% لتبلغ 1872 مليار ليرة في نهاية حزيران 2018، وضريبة الأجور والرواتب ارتفعت بنسبة 17.9% لتبلغ 460 مليار ليرة. سبب هذا الارتفاع، أن ضريبة القيمة المضافة التي تعدّ سهلة التحصيل سواء عند المعابر الجمركية أو من المستهلك. أما ارتفاع حاصلات الضرائب على الأجور والرواتب فسببه الزيادة في كتلة الرواتب والأجور وملحقاتها لدى موظفي القطاع العام وبالتالي ارتفاع قيمة الاقتطاعات الضريبية منها.
في المقابل، تراجعت الحاصلات الجمركية بنسبة 3.9% لتبلغ 1000 مليار ليرة، وضريبة الدخل تراجعت بنسبة 10.1% لتبلغ 2768 مليار ليرة. كذلك تراجعت الرسوم العقارية المحصلة بنسبة 18.7% لتبلغ 362 مليار ليرة، وتراجعت ضريبة الأرباح بنسبة 38.5% لتبلغ 1222 مليار ليرة.
إذا صحّت بعض التقديرات الرسمية عن استمرار هذه الوتيرة من النفقات والإيرادات، فإنه في نهاية 2018 سيرتفع العجز إلى أكثر من 8000 مليار ليرة أي ما يزيد على 11% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا الأمر سينعكس حاجات مالية إضافية، ما يعني المزيد من التورّم في الدين العام، والمزيد من الوهن الاقتصادي والنقدي.
الانحدار متواصل
إلى جانب التطوّر السلبي لعجز الموازنة، تراكمت مؤشرات نقدية ومالية «مخيفة». كل هذه المؤشرات تشي بأن النموذج الاقتصادي اللبناني ينحدر نحو الأسوأ، ويصعب التكهّن بمآلاته. أبرز المؤشرات السلبية تظهر من ميزان المدفوعات (الفارق بين حجم الأموال التي تخرج من لبنان وتلك التي تدخل إليه) الذي سجّل عجزاً في الأشهر التسعة الأولى من 2018 بقيمة 1.3 مليار دولار. العجز الفعلي في هذا الميزان هو أكبر بكثير، لأن مصرف لبنان أدخل، قبل بضعة أشهر، سندات يوروبوندز ضمن حساب هذا الميزان، أي إنه تلاعب فيه، ليحدّ من قيمة العجز الحقيقي. يقدّر العجز الفعلي بأضعاف العجز المعلن. لكن الأهم أيضاً أن عجز ميزان المدفوعات بدأ في عام 2011 واستمر حتى اليوم، باستثناء نتائج 2016 التي نفذ فيها مصرف لبنان هندسات مالية مع المصارف حققت لها أرباحاً بقيمة تفوق 5.5 مليارات دولار. تراكم العجز في ميزان المدفوعات هو مؤشر على ضعف قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار. بمعنى آخر، يعبّر ميزان المدفوعات عن صافي عمليات دخول الأموال من لبنان وخروجها. إذا سجّل الميزان فائضاً، فهذا يعني أن مصرف لبنان لديه ما يزيد من العملات الأجنبية لضخّها في السوق عند الحاجة، وإذا سجّل عجزاً فإن هذا يعني أن مصرف لبنان لديه عملات أجنبية أقل من حاجة السوق (تضاف إلى ما هو متراكم سابقاً). أما الحاجة إلى العملات الأجنبية فهي تنبع من عجز الميزان التجاري (الفارق بين قيمة التصدير والاستيراد). لبنان يستهلك السلع المستوردة، ويصدّر منها أيضاً. الفرق بين الاثنين يكون فائضاً أو عجزاً. العجز يعني أن لبنان يحتاج إلى المزيد من العملات الأجنبية ليدفع ثمن المستوردات، والفائض يعني أنه يحصل على العملات الأجنبية مقابل إنتاجه المحلّي، فلا يترتب عليه أعباء اجتذاب التدفقات.
تاريخياً، يعاني لبنان من عجز في ميزانه التجاري. وفي نهاية 2017 بلغ العجز في الميزان التجاري 16.7 مليار دولار (في 2017). وفي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018 بلغ 11.7 مليار دولار. وهذا العجز يغطّى من خلال تحويلات المغتربين، ومن خلال تدفقات رأس المال التي تأتي إلى لبنان على شكل ودائع، أو على شكل استثمارات أجنبية مباشرة. وبالتالي فإن استمرار عجز ميزان المدفوعات يعني أن هناك خللاً في حركة التدفقات على أنواعها. قد يعني ذلك خروج أموال من لبنان أكثر مما دخل إليه، وقد يعني تراجعاً في كمية التدفقات، لكن في المحصلة تصبح حاجة لبنان إلى مزيد من الدولارات أكبر مما كانت عليه في السنوات الماضية.
جنون الفوائد والتضخّم
ومن المؤشرات الأساسية التي تزيد الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية سوءاً، أن أسعار الفوائد في لبنان بدأت ترتفع بشكل جنوني. الفائدة على الودائع بالليرة اللبنانية ارتفعت إلى أكثر من 18% وبلغت في بعض المرات 20%، والفائدة على الودائع بالدولار ارتفعت إلى 10%، والفائدة على التسليفات قفزت أكثر من خمس نقاط مئوية خلال سنتين، وسط تقلص في حجم محفظة التسليفات المصرفية، أي إن المصارف لم تعد تقوم بعملية التسليف لأن الزبائن أحجموا عنها بسبب الفوائد الكبيرة عليها. وهذا يعني إن الاقتصاد لن يتوسّع ولن تكون هناك فرص عمل… وهذا الأمر يفسّر جزئياً تراجع قيمة التحصيل الضريبي. ففي حالات الركود تتزايد حالات الإفلاس والإقفال والتخلّف عن السداد وترتفع قيمة الديون المشكوك في تحصيلها، وتكتظ السوق بالعاطلين من العمل… كل ذلك يحصل اليوم كنتيجة حتمية لهذا النموذج الذي يعطي الأولوية للسياسات النقدية لاستقطاب الدولارات من الخارج على السياسات الاقتصادية التي تعزّز الإنتاج المحلي والتصدير.
وعلى هامش ارتفاع أسعار الفوائد، بدأت تظهر كتلة إجراءات متكتمة من المصارف على تحريك الودائع. عبّر مودعون لـ«الأخبار» عن تعرّضهم لـ«ضغوطات كبيرة» من المصارف (وآخرون تحدّثوا عن إغراءات) من أجل ثنيهم عن تحويل ودائعهم من الليرة إلى الدولار، أو تشجعيهم على تحويلها من الدولار إلى الليرة. بعض المودعين أشاروا إلى أن المصارف رفضت تنفيذ عمليات تحويل العملة بحجّة أنها لا تملك الدولارات الكافية!
وكان تقرير صادر عن فرنسبنك، أشار إلى أنه «نظراً لتواصل العجز في المالية العامة للدولة، فقد حافظت المديونية العامة على اتجاهها التصاعدي، حيث ارتفع الدين العام الإجمالي بنسبة 5.2% من 79.6 مليار دولار في نهاية آب 2017 ليصل إلى نحو 83.7 مليار دولار في نهاية آب 2018، وبات يشكّل حالياً نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد ازداد الدين العام الصافي بنسبة مماثلة إلى 72.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها. وشكّل الدين الداخلي نحو 57.7%، فيما شكّل الدين الخارجي 42.3% من الدين العام الإجمالي».
طلب على الدولار يرفع فائدة «الانتربنك»
منذ مطلع الاسبوع الجاري، لوحظ ارتفاع الطلب على الدولار وارتفاع سعر فائدة «الانتربنك» من 5% إلى 10%. الطلب على الدولار برز يومي الاثنين والثلاثاء، أي في 5 و6 من الشهر الجاري. غالبية استحقاقات الودائع لدى المصارف مسجلة في 5 و15 و25 من كل شهر (بعض المصارف لديها تواريخ استحقاقات مختلفة). قبل يوم الاستحقاق وبعده بيوم تصبح الودائع بالليرة حرّة ويصبح بإمكان الزبائن تحويلها إلى الدولار. وجود طلب على الدولار في هذا الوقت بالتحديد يعني وجود قلق لدى بعض المودعين، سواء عن فهم أو عن جهل بما يحصل، لكنه قلق مرتبط بانعدام الثقة بالطبقة الحاكمة وبقدرتها على حفظ الاستقرار. المودعون يطلبون ودائعهم بالليرة، ما يحتم على المصارف أن تكون لديها الليرات الكافية لتشتري بها دولارات من مصرف لبنان. هذا النوع من الطلب كان موجوداً قبل نحو أسبوعين، لكنه تراجع في الاسبوع الماضي، ما دفع بسعر فائدة «الانتربنك» (فائدة التسليفات اليومية بين المصارف) إلى التراجع من 8 % إلى نحو 5% لتعود فترتفع إلى 10%.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لبنان ينصاع للعقوبات الأميركية على إيران
بعدما دخلت حزمة العقوبات الأميركية على ايران حيّز التنفيذ، يوم الاثنين الماضي، تبلّغت الشركات النفطية اللبنانية في مطار بيروت الدولي المعنية بتزويد الطائرات بالوقود بعدم تعبئة الطائرات التابعة للخطوط الجوية الايرانية بالنفط. ووقّعت الشركات على المذكّرة وأبلغت موظفيها بتنفيذها والتقيّد بها.
وتضمّنت المذكرة مطالبة جميع المراقبين داخل المطار بأنه "لا يحق لأي موظف من الشركات النفطية التالية: "Total ،Coral oil ،Liquigaz ،W-H-Elfmed، تعبئة الطائرات الايرانية التابعة لشركة Iran air ،Mahan air.
وتمّ ابلاغ جميع الموظفين في شركات Coral oil ،Lats ،Liquigaz، عدم تعبئة أي طائرة تابعة لشركة "International Trade Regulations"، كما تم ابلاغ جميع مراقبي شركات Al naser ،Cham wings ،Belavia ،Syrian air ،Iran air ،Mahan air.
المصدر: وكالة الأنباء المركزية