يحن سمير جعجع [العميل “الإسرائيلي” السابق] إلى ماضيه الإجرامي والخياني؟. سؤال راهن وملح، بعدما سارع جعجع إلى رفع "قميص الأنفاق" الحدودية، مع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة العدو الصهيوني. "قميص" بالٍ خَرِقْ. مثل "مشروع القوات"، ومثل "مشروع نتنياهو" وأسلافه المجرمين. يشن جعجع شخصياً، وعبر وسائله الإعلامية المختلفة، حملة منظمة لتخويف المواطنين. سياسي سخيف، منظرٌ من الماضي. يدرك المواطنون، أن جعجع هذا، مؤمن بـ"قوة إسرائيل". وهي، بالفعل، قوية عليه وعلى أمثاله من "السياسيين المحليين"، وليس على لبنان. يدرك المواطنون أن سياسة جعجع خليط من ذُلُّ العمالة للعدو ومن الخِسَّة السياسية المتأصلة فيه. نعم، يدرك المواطنون حقيقة جعجع بكل وضوح.
اللواء
نتنياهو يحرِّض العالم على حزب الله قبل تأكيد اليونيفيل للنفق
الحريري يُرجئ زيارته إلى باريس.. وشكوى لبنانية إلى مجلس الأمن
قفز فجأة الوضع الجنوبي، من زاوية التوتر الإقليمي إلى الواجهة، مع اشتداد الضغط الداخلي على الحكومة، وسط مناخ غير مريح، يتزامن مع تفجر الأزمات على الصعد كافة، من التمويل إلى السلسلة والفوائد والرواتب، والكهرباء، وفرص العمل والاستثمار والكساد عشية الأعياد المجيدة..
وفي الوقت الذي كانت الانتظار تتجه فيه إلى مهمة اليونيفل التي ارسلت وفداً تقنياً إلى الحدود أصدرت قوات حفظ السلام بياناً صادماً، إذ جاء فيه:
زار رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، يرافقه فريق تقني، موقعا بالقرب من المطلة في شمال إسرائيل حيث اكتشف الجيش الإسرائيلي نفقا بالقرب من الخط الأزرق.
وبناءً على تفتيش الموقع، تستطيع اليونيفيل ان تؤكدوجود نفق في الموقع.
وبناءً على ذلك، اليونيفيل منخرطة الآن مع الأطراف للقيام بإجراءات متابعة عاجلة. ومن المهم جداً تحديد الصورة الكاملة لهذا الحدث الخطير.
وسترسل اليونيفيل نتائجها الأولية إلى السلطات المختصة في لبنان.
وعلمت «اللواء» ان كبار المسؤولين، حاولوا في الأيام الماضية معالجة مخاطر التحرش الاسرائيلي مع السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد في ما يتعلق بالتهديدات الإسرائيلية بعد جولة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي برفقة دبلوماسيين معتمدين في إسرائيل.
ورات مصادر دبلوماسية انه اذا كانت اسرائيل تملك النية للقيام بعمل عسكري تجاه لبنان لما قامت بهذا العرض لاسيما انها اعتادت على الغدر ،وتنفيذ ما تخطط له من دون سابق انذار.
وقالت: منذ متى يصطحب نتنياهو السفراء الاجانب عند الحدود لوضعهم في صورة الوضع،وما يمكن القيام به لاحقا، ولفتت الى ان ما يجري عند الحدود مع لبنان ليس الا مجرد مناورة سياسية يقوم بها نتنياهو لتعويم نفسه، وحكومته انتخابيا.
واستبعدت المصادر القيام باي عمل عسكري محتمل ضد لبنان، مؤكدة ان القوى الامنية جاهزة لرد اي عدوان على لبنان.
جولة نتنياهو
ميدانياً، رافق نتنياهو أمس الدبلوماسيين المعتمدين لدى إسرائيل إلى الحدود مع لبنان ليشاهدوا الأنفاق التي زعم الاسرائيليون أن حزب الله حفرها فيما أكّدت قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) وجود نفق في الجانب الإٍسرائيلي قرب «الخط الأزرق» الحدودي.
وكان نتنياهو قال في بيان عقب الجولة الميدانية على الحدود مع لبنان «قلت للسفراء إنّ عليهم أن يدينوا بلا لبس هذا العدوان من قبل إيران وحزب الله وحماس، وبالتأكيد تشديد العقوبات على هذه الأطراف».
وفي وقت لاحق قال نتنياهو أيضا إنّ إسرائيل لا تدمّر فقط التهديدات التي تشكّلها الأنفاق بل أيضاً الصواريخ.
وأكّد خلال حفل لتهنئة عناصر في جهاز الموساد أنّ حزب الله «ليس لديه سوى بضع عشرات من الصواريخ الموجّهة بدقّة بدلاً من الآلاف التي كان يخطّط لحيازتها»، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه. وأضاف نتنياهو بحسب البيان أنّ إِسرائيل تبذل جهوداً حثيثة للتصدّي لمحاولات حزب الله «جلب أسلحة متطوّرة وأنظمة للتوجيه الدقيق إلى لبنان، سواء صواريخ موجّهة بدقّة أو أنظمة لتحويل الصواريخ التقليدية إلى صواريخ موجّهة بدقّة».
وأضاف إنّه في ما خصّ الصواريخ التقليدية التي يمتلكها حزب الله «فنحن لدينا وسائلنا للتعامل معها، ولكن ما يحاولون (حزب الله) القيام به هو تطوير أسلحة موجّهة بدقّة ونحن نتصدّى لذلك بجهود شتّى وقد منعنا نقل هذه الأنظمة ولكن ليس كلّها».
وأعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي من ناحية ثانية أنّه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لإدانة حزب الله وأن غوتيريش أبلغه بأنّ الجلسة ستعقد «إما في نهاية هذا الأسبوع أو في وقت ما في بداية الأسبوع المقبل».
وكان المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكس أعلن للصحافيين في وقت سابق أمس أنّه «خلافاً لما يوحي به حزب الله، فإنّه لا يملك قدرات مهمّة لتوجيه ضربات دقيقة».
وكانت إسرائيل أعلنت الثلاثاء أنّها رصدت أنفاقاً لحزب الله تسمح بالتسلّل إلى أراضيها من لبنان، وأطلقت عملية لتدميرها.
والأربعاء طلب نتنياهو في محادثة هاتفية مع غوتيريش أن تدين الأمم المتحدة «خرق السيادة الإسرائيلية» من قبل حزب الله طبقاً لحساب مكتب رئيس الوزراء على تويتر.
وأمس أكّد أنّ حزب الله كما حماس التي تسيطر على قطاع غزة يعملان لحساب إيران.
وقال نتنياهو «من يهاجمنا سيتسبّب في إراقة دمائه. حزب الله يعرف ذلك وحماس تعرف ذلك». وأكّد الجيش الإسرائيلي أنّ أحد الأنفاق التي تمّ رصدها ينطلق من منزل في بلدة كفركلا ويمتد مسافة 40 متراً داخل إسرائيل، مضيفاً أنّه يعمل على «تدميرها».
بالمقابل، تقدّم لبنان بشكوى ضد الخروقات الإسرائيلية المتكررة للقرار 1701 وللسيادة اللبنانية.
وجاء في نص الشكوى التي قدمتها السفيرة مدللي إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس، ان «مجموعة الأفعال البالغة الخطورة التي تقوم بها إسرائيل تمثل اعتداء جديدا بالغ الخطورة يستهدف لبنان، وأمن وأمان مواطنيه، تنتهك إسرائيل من خلاله حرمة النّاس وخصوصيتهم، ويستبطن تهديدا مباشرا لحياتهم، هذا التصرف العدواني يُشكّل خرقا اسرائيليا فاضحا للسيادة اللبنانية، ولقرار مجلس الأمن 1701، وسائر القرارات ذات الصلة، ولا سيما القراران 2373 و2433.
يحصل هذا فيما تستمر إسرائيل في احتلالها لأراض لبنانية، وتواصل خروقاتها اليومية للسيادة اللبنانية، براً وبحراً وجوا، والتي باتت تزيد عن 140 شهرياً.
ودعت الشكوى مجلس الأمن لإعلاء الصوت، واتخاذ كافة التدابير اللازمة بغية مواجهة الحملة المبرمجة التي تقودها إسرائيل، وانتهاكاتها المستمرة للسيادة اللبنانية، مما يُهدّد الأمن الاستقرار في المنطقة برمتها، وطلبت باصدار هذه الرسالة كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة البند 38 من جدول الأعمال «الحالة في الشرق الاوسط».
جمود طويل
وإزاء هذه التطورات، علمت «اللواء» أن زيارة الرئيس سعد الحريري إلى باريس مطلع الأسبوع تأجلت إلى موعد آخر بسبب الأوضاع الراهنة، لا سيما التهديدات الإسرائيلية للجنوب.
لا تخفي مصادر سياسية متابعة خشيتها من ان يدخل الوضع في لبنان في مرحلة من الجمود الطويل الأمد إذا لم تتشكل الحكومة في غضون أسبوع من الآن، بالتزامن مع مساع عادت إلى الواجهة، تفيد بإمكان تنازل رئيس الجمهورية ميشال عون عن الوزير السني من حصته لصالح توزير من يمثل سنة الثامن من آذار، ويكون مقبولاً من الرئيس المكلف سعد الحريري.
وفي اعتقادها انه إذا سلك هذا الحل مساره، شرط عدم بروز عراقيل أخرى في وجه التأليف يصبح معها التساؤل عن جهات لا تريد حكومة واقعاً ملموساً لا مجرّد تحليل، فإن لبنان يكون قد نجا مرّة جديدة من وقوعه في دوّامة فراغ قاتل هذه المرة لتزامنه مع جملة معطيات لا يمكن معها التساهل أو الاسترخاء، وتتلخص في إطلاق إسرائيل ما اسمته عملية «درع الشمال» بحثاً عن انفاق تقول ان «حزب الله» حفرها للوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودخول أزمة النازحين السوريين في مسار من الجمود في ظل انحسار المبادرة الروسية، وتفاقم الوضع الاقتصادي في ظل استمرار تعثر تشكيل الحكومة، على الرغم من ان هذا الوضع الصعب قد يكون سيفاً ذا حدين، بمعنى انه قد يُشكّل، بصعوبته وتعقيداته، عائقاً امام الانزلاق إلى أية مغامرات سياسية أو عسكرية، لأنها ستعني حينذاك انهياراً على كل المستويات، وفق أبرز التداعيات سقوط الحاضنة الدولية للبنان التي تجسدت بمؤتمر «سيدر»، وما ينتظر ان يتحقق إذا نجح لبنان بامرار تشكيل الحكومة كخطوة أولى.
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان فكرة أو طرح حكومة الـ32 وزيراً، ما يزال خياراً متقدماً، وان كان لم يدخل في مرحلة السباق مع أفكار أخرى أو يصل إلى نهاية الشوط، ذلك ان نجاح هذا الاقتراح الذي تقدّم به وزير الخارجية جبران باسيل، ونال موافقة الرئيسين عون ونبيه برّي مرتبط بتجاوب الأطراف معه، وبالمقصود هنا، هو موقف الرئيس الحريري الذي لا يُبدي حتى الآن حماسة معينة تجاهه، وما يزال غير مقتنع بالفكرة ولا يحبذ توسيع الحكومة إلى أكثر من ثلاثين وزيراً لا تضم في عدادهم أياً من نواب الثامن من آذار، وان كان مستعداً للانفتاح على الصيغ التي تسرع الولادة الحكومية، لكن دون التنازل عن الثوابت التي حددها عند تكلييفه تشكيل الحكومة.
وقالت المصادر نفسها ان الصورة الحكومية حتى الان غير مكتملة، وان موقف رئيس الجمهورية على حاله لجهة تقديمه كل ما يمكن للتسهيل في الملف الحكومي ولا سيما في ما خص التوزيع الحكومي مقدما كل ما يمكن ان يقدمه، ورأت ان ما يحكى عن رغبة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالحصول على الثلث المعطل داخل الحكومة غير صحيح وينم عن عدم معرفة بالاصول خصوصا انه يكفي الا يوافق الرئيس عون على القرارات وجدول الاعمال كما انه يكفي لرئيس الحكومة ان لا يشارك في مجلس الوزراء حتى تتعطل كل الأعمال مؤكدة ان موضوع الحكومة مرتبط بالتوازن التمثيلي وليس بالتعطيل او غيره.
واوضحت ان المشهد الحكومي ليس سلبيا بالمطلق لكنه يسير نحو الحل مع العلم ان فرضية ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد مستبعدة، وهو ما ألمح إليه الوزير باسيل للصحافيين أثناء مشاركته الرئيس عون في إضاءة شجرة ومغارة الميلاد في قصر بعبدا، قبل ان يتوجه إلى «بيت الوسط» للقاء الرئيس المكلف.
وفي هذا السياق، نقل زوّار رئيس الجمهورية عنه عدم ارتياحه للاتصالات الجارية في الشأن الحكومي، معتبراً ان كل الجهود التي تبذل في هذا الإطار لم تثمر، وانه لا يتوقع تأليف الحكومة في وقت قريب رغم حاجة البلاد إلى ذلك.
وساطة باسيل
وكان الوزير باسيل قد عاود أمس تحركه كما كان متوقعاً بعد عودته من العراق، واغتنم فرصة مشاركته في استقبال الرئيس الحريري لرئيس وزراء فيجي فرانك باينيمارا، لأن يلتقيه على انفراد بعد مغادرة الرئيس الفيجي، لمتابعة البحث في الحلول المطروحة لتشكيل الحكومة، مؤكدا للصحافيين قبل انصرافه بأنه «لن يهدأ قبل ان يجد الحل المناسب»، في إشارة إلى ان لمساعيه تتمة، فيما نقل تلفزيون «المستقبل» عن مصادره بأن الصيغ المطروحة للحل لم تقدّم أي جديد، وان هناك من لا يزال يبحث عن حكومة فضفاضة وظيفتها تأمين الحقائف لصفوف المستوزرين من المذاهب واشلاء الكتل البرلمانية، وانه إذا كان بين أصحاب المساعي من يعمل على تدوير الزوايا وتهيئة الظروف لانتاج الحلول، فهناك من يراهن على استحضار أفكار طوتها النقاشات، في إشارة إلى اقتراح توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً.
وتحدثت معلومات جهات شبه رسمية متابعة عن قرب لمسار التشكيل عن ان العقد كانت حتى مساء امس لا زالت تراوح مكانها نتيجة تمسك الاطراف كلّ بموقفه والقاء المسؤولية على الاخر، مراهنة على تحرك باسيل المستجد، ومؤكدة ان اي كلام عن عودة العقدة الدرزية هو في غير محله بعد الموقف الذي صدر عن الوزير طلال ارسلان، والذي اكد التمسك بما تم الاتفاق عليه سابقا لجهة اختيار شخصية متفق عليها بين ارسلان والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيسي الجمهورية والحكومة.
وتحدثت معلومات شخصية مقربة من مرجع كبير عن مقترحات للوزير باسيل معدّلة عما سبق وطرحه، لكن لم يُعرف مضمونها، إلا ان المصدر اكد ان الحل ليس عند الرئيس ميشال عون.
يُشار إلى ان عون تسلم أمس من وفد كتلة «اللقاء الديمقراطي» رؤية الحزب التقدمي الاشتراكي للأوضاع الاقتصادية الراهنة والتدابير التي يُمكن اعتمادها وفقاً لوجهة نظر الحزب لإنجاز مرحلة النهوض الاقتصادي بعد تشكيل الحكومة.
كما عرض الوفد الذي غاب عنه رئيس الكتلة النائب تيمور جنبلاط لأسباب صحية، الأوضاع والتطورات الراهنة في الجبل، حيث نقل عضو الوفد الوزير مروان حمادة عن الرئيس عون «حرصه على ان يسود القانون والشرعية كل أنحاء البلاد وليس الجبل فقط»، لافتا إلى ان الحركة التي قام بها الجيش ليلة العراضات العسكرية لملمت الوضع فيه.
البناء
الجمعية العامة تسقط المشروع الأميركي ضد حماس… وحراك في الكونغرس لمعاقبة السعودية
نتنياهو يفتح باب التفاوض حول الوضع الحدودي… واليونيفيل تتجاوب
الحريري يفتح النار على مساعي الحلحلة… ويسافر…«أُشكّل بشروطي أو لا حكومة»
فشلت واشنطن بالفوز بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصنيف حركة حماس كتنظيم إرهابي، بعدما تم إقرار قاعدة اعتماد الثلثين في التصويت على المشروع كمرحلة أولى، باعتبار المشروع يطال قضية تدخل ضمن اختصاص مجلس الأمن الدولي، ويجب أن ينال أغلبية الثلثين كي يتمّ اعتماده، وبعد السير بالتصويت فشل المشروع في نيل النسبة المطلوبة من الأصوات فحصل على 87 صوتاً فقط.
بالتوازي تم إنجاز وضع جدول أعمال مفاوضات السويد بين الأطراف اليمنية للوصول إلى تسوية توقف الحرب، وتضمين جدول الأعمال إنهاء الحصار وفتح مطار صنعاء وميناء الحُدَيْدة، بينما تواصلت المشاورات بين أعضاء مجلس الشيوخ لبدء مسار قانوني لفرض عقوبات على السعودية تتصل بحرب اليمن بصورة رئيسية ووقف التورط الأميركي فيها، شكل وصول مدير المخابرات التركية إلى الكونغرس، من ضمن زيارة رسمية يقوم بها بدعوة من وكالة المخابرات الأميركية، فرصة للاستماع لرئيس جهاز مخابرات دولة أجنبية في مجلس الشيوخ، سيشكل سابقة في عمل الكونغرس ولو لم يتم الاستماع بصورة رسمية، إلا أن نتائج الجلسة ستسهم في رسم بعض المنطلقات التي يستند إليها مجلس الشيوخ في مشروعه الخاص بطلب فتح تحقيق أميركي في قضية قتل جمال الخاشقجي، ومطالبة البيت الأبيض ببدء إجراءات التحقيق ضمن مهلة محدّدة، وصولاً لمعاقبة من أصدر الأمر، وفقاً لقانون ماجنتسكي.
على مسار أنفاق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على الحدود الفلسطينية مع لبنان، ترتيبات دبلوماسية وإعلامية لكيان الاحتلال للحفاظ على الحضور السياسي والدبلوماسي والإعلامي لقضية الأنفاق مع تأكيد قادة جيش الاحتلال العزم على تفادي التورّط في أي تصعيد عسكري، فمن جولة يشارك فيها السفراء مع نتنياهو إلى جولة لقائد قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، للاطلاع على أحد «منجزات» جيش الاحتلال بالكشف عن الأنفاق، بصورة بات واضحاً أن الهدف منها فتح مسار تفاوض عنوانه «الوضع الحدودي مع لبنان»، يبدأ بالأنفاق ويمر بالحدود البرية وترسيمها ومحاولة تشريع الجدار الحدودي، وينتهي بالتفاوض على الحدود البحرية التي تشكل الهم الأول لكيان الاحتلال، مع تسارع روزنامته لاستثمار الغاز وضخه باتجاه أوروبا، والخشية عن الفشل في جذب الاستثمارات اللازمة، ما لم يتم تشريع ترسيم توزيع الثروة النفطية وفقاً لخط حدودي متفق عليه مع لبنان، والفوز بالآبار الدسمة من ضمن هذا الترسيم يشكل من وجهة نظر الخبراء الخلفية الفعلية لحركة نتنياهو، ويفسّر التجاوب الذي لقيه مسعاه من قائد اليونيفيل، الذي يعلم أن وجود مدخل نفق في أي بقعة داخل الأرض المحتلة، لا يعني إثبات شيء، ومن لا يضمن ألا يكون النفق «صناعة إسرائيلية» وإن تم إثبات وصوله عبر الحدود إلى لبنان، فما المانع أمام كونه ممراً استخبارياً إسرائيلياً، منتهي الصلاحية وجاء وقت استثماره سياسياً وإعلامياً؟
لبنانياً، تواصلت متابعة الحركة الإسرائيلية ومحاولة استكشاف أبعادها الفعلية، والتحسب لفخاخ ينصبها كيان الاحتلال للبنان عسكرياً أو أمنياً أو دبلوماسياً، بينما تقاطع التصويب الإسرائيلي على المقاومة مع بعض التصويب الداخلي على حزب الله وتحميله مسؤولية المخاطر التي يتعرّض لها لبنان، بما فيها المترتبة على التهديدات الإسرائيلية، فيما بدا أن الأزمة الحكومية مقيمة إلى أجل غير مسمّى، حيث بات الرئيس المكلف سعد الحريري محترفاً في إفشال كل مساعي الحلحلة وإطلاق الأوصاف عليها، فهذه محاولة لتوزير مرتزقة وتلك محاولة للمسّ بصلاحيات الرئيس المكلف، وهذا مشروع لتوزير أشلاء الكتل، وذلك مسعى لتأمين مقاعد وزارية للمستوزرين، وصولاً لمعادلة «أشكّل الحكومة بشروطي أو لا حكومة»، وفقاً لما استخلصته مصادر متابعة من مضمون مقدّمة نشرة أخبار تلفزيون المستقبل وما نسبته لمصادر مطلعة يفهم أنها موقف الرئيس الحريري، وصف خلاله المساعي الهادفة لحلحلة العقدة الحكومية، بالسعي لصيغ فضفاضة لتوزير أشلاء الكتل.
نتنياهو على خط التصعيد جنوباً
توزع الاهتمام الرسمي أمس، بين الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة والجبهة الحكومية في الداخل، ففي الجبهة الأولى واصلت «إسرائيل» حملة التصعيد الاعلامي المواكب للحركة الميدانية على الجبهة الشمالية، فبعد إسقاط أهداف هذه الحملة واستعراضات وتهديدات قادة جيش الاحتلال على مدى الأيام القليلة الماضية، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الخط بنفسه عبر زيارة قام بها على الحدود الشمالية، ما يؤكد بأن هدف ما يجري هو إنقاذ نتنياهو من مأزقه الداخلي السياسي والأمني والقضائي، وقد هدّد باحتمال تحرّك جيشه داخل لبنان، ما يدل أيضاً على حالة القلق المتزايدة في «إسرائيل» من تنامي قوة المقاومة في لبنان ومعادلات الرد وموازين القوى الجديدة التي أرساها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لا سيما بعد الانتصارات في سورية. وأشار نتنياهو الى أن « حزب الله يسعى للحصول على صواريخ دقيقة»، معتبراً أن «هذا الأمر إن حصل فسيغير موازين القوة بشكل هائل»، مشيراً إلى أن «الحزب يمتلك أداتين، إحداهما هي الأنفاق ونحن نقوم بهدمها، الأداة الأخرى هي الصواريخ غير الدقيقة، ولكنهم يريدون الحصول على صواريخ دقيقة، هذا سيغيّر موازين القوة بشكل هائل».
ولم تؤكد ولم تنف مصادر عسكرية وجود هذه الأنفاق التي يتحدّث عنها الاحتلال، مشيرة لـ»البناء» الى أن «المقاومة لن تعطي معلومات مجانية للعدو الذي يستخدم عادة أساليب كهذه الاستخبار بالإعلام حيث ينتظر ردة فعل بالنفي او بالتأكيد لمعلومات تهمه»، وفسّرت المصادر رفض الحزب الردّ بـ»اتباع سياسة التكتم على المفاجآت التي يملكها ويستخدمها في الحرب لمفاجأة العدو والتأثير في مجراها وسياقها»، لكنها أشارت الى أن «الحزب لا يحتاج الى أنفاق بطول 300 متر مكلف وخطر ويستغرق وقتاً للوصول الى الجليل، بل يمكنه الوصول بوقت قصير بطرق ووسائل أخرى أقل وأسهل»، وأشار الخبير العسكري الدكتور هشام جابر الى أن «التصعيد الإسرائيلي فرقعات إعلامية لا يحمل مخططاً أو فعلاً عدوانياً قريباً، إذ إن الكيان الصهيوني لم يُرمم بعد جبهته الداخلية ولا سدّ ثغرات حروبه السابقة مع لبنان وفلسطين. وهو يدرك بأن اي نزاع حدودي ممكن أن يتدحرج الى حرب شاملة لا يستطيع تحمل نتائجها السياسية والعسكرية والاقتصادية والبشرية»، ولفت جابر لــ»البناء» الى أن «حزب الله لن يطلق الطلقة الأولى على الاراضي المحتلة ويتسبّب باندلاع الحرب لكن أي عدوان اسرائيلي سيقابل بردة فعل سريعة ونوعية من قبل المقاومة، لا سيما أن الاعلام الاسرائيلي تحدث أنّ الحزب يملك مئة وخمسين الف صاروخ قصير ومتوسط وبعيد المدى. وهذه الصواريخ قادرة على تدمير منصات الغاز ومصافي النفط في «إسرائيل» لا سيما أن السيد نصرالله تحدث عن بنك أهداف واسع يملكه في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، كما أوضح جابر انّ «ما يؤرق إسرائيل هو صواريخ الياخونت الروسية التي يملكها الحزب والتي شكلت الرادع الرئيسي لمنع العدوان العسكري الشامل على سورية، لأن لا إسرائيل ولا القواعد الاميركية المنتشرة في الشرق الأوسط ستكون بمنأى عن الاستهداف إن اندلعت الحرب». ولفتت الى أن «نتنياهو يريد الهروب الى الأمام من ملفات الفساد وهو كمن «يستجير من الرمضاء بالنار». وأضاف: «بعد الحرب السورية فإنّ إسرائيل ستفكر ألف مرة قبل شن حرب على لبنان لا سيما بعد تماسك وتشابك الجبهات بين لبنان وسورية والجولان المحتلّ وصولاً الى داخل فلسطين المحتلة وأنّ ايّ حرب في جبهة ستشمل الجبهات الأخرى حكماً بناء على ما قاله السيد نصرالله عن فتح الجبهات في الحرب المقبلة لا سيما في ظل تخوف إسرائيل من الوجود الايراني على حدودها مع سورية». ولفت الى انّ «الجيش الاسرائيلي ضاق ذرعاً من تقييد حركته الجوية العسكرية فوق الأراضي السورية منذ حوالي 3 أشهر بعد إسقاط الطائرة الروسية فاستعاضت طائراته بضربات جوية على سورية من خارج الأجواء السورية وتمكنت دفاعات الجيش السوري من إسقاط عد كبير من الصواريخ».
أما ما لفت الانتباه أمس، هو بيان قوات «اليونفيل» العاملة في جنوب لبنان ، الذي أكد «وجود نفق في الخط الأزرق الفاصل بين حدود لبنان وإسرائيل»، ما يطرح علامات استفهام عديدة ويؤشر الى ضغوط مورست على قيادة اليونيفل للتماهي مع الموقف الإسرائيلي وتوسيع إطار الحملة على حزب الله، وذكر البيان أن «القائد العام لقوات «اليونفيل» ستيفانو دل كول زار مع الفريق التقني نقطة قرب مستوطنة المطلة في شمال «إسرائيل»، حيث «اكتشف الجيش الإسرائيلي أحد الأنفاق بالقرب من الخط الأزرق». وأعلنت أنه «استناداً إلى المعلومات التي اطلعنا عليها، فإننا يمكننا أن نؤكد أن النفق موجود في الموقع»، مشيرة الى أنها «تشارك مع كافة الجهات متابعة الإجراءات العاجلة لمتابعة الحدث»، مشدّدة على أنه «من المهم جداً تحديد الصورة الكاملة لهذا الحدث الخطير»، مؤكدة أنها «سترسل المعلومات التي لديها إلى الجهات اللبنانية المختصة».
وكان وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال وجّه كتاباً الى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى ضد «إسرائيل» لتوجيهها رسائل صوتية تهدد اللبنانيين بحياتهم.
لقاء الحريري باسيل.. بلا نتائج
على الصعيد الحكومي، سُجّل تحرّك للوزير جبران باسيل باتجاه بيت الوسط حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يغادر الى باريس الأحد المقبل في زيارة خاصة ثم إلى العاصمة البريطانية يليها بحسب المعلومات جولة أوروبية في إطار البحث في آليات تطبيق مقررات مؤتمر سيدر، وبعد عودة الحريري من جولته الاوروبية تدخل البلاد في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة ما يعني ترحيل الملف الحكومي الى العام الجديد.
هذه المماطلة في تأليف الحكومة والسفر المتكرّر للحريري ورفضه صيغ واقتراحات الحلول لا سيما صيغة 32 وزيراً كحل للعقدة السنية، شكلت استياءً لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أبدى استغرابه الشديد إزاء ما آل اليه الواقع الحكومي، ويدل على أن الحكومة ليست أولوية لدى الحريري، وبحسب المعلومات فإن الرئيس عون سيمنح الحريري فرصة لحسم موقفه من صيغة 32 وزيراً الذي وافق عليها عون قبل أن يلجأ الى خيار مراسلة المجلس النيابي ووضعه أمام مسؤولياته.
إلا أن مصادر بيت الوسط نفت ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن امتعاض الرئيس عون من أداء الحريري في تأليف الحكومة وأوضحت لـ»البناء» أن «الحريري لا يزال في بيروت ويتابع نشاطاته المعتادة وأن العلاقة بين بعبدا وبيت الوسط مستقرة وجيدة وما زيارة باسيل الى الحريري اليوم إلا دليل على إيجابية هذه العلاقة، نافية أن يكون الرئيس المكلف تبلغ من بعبدا اي رسالة من هذا القبيل»، مضيفة أنه لا أحد لديه الحق والصلاحية في سحب التكليف من الحريري لا رئيس الجمهورية ولا المجلس النيابي، إذ لا نص في الدستور يقيد الرئيس المكلف بمهلة للتأليف ولا بسحب التكليف منه، مجددة التأكيد بأن الحريري مستمر في مهمته ولن يرضخ للشروط والضغوط ولن يقدم اعتذاره».
وإذ لم تبرز من اللقاء مؤشرات على الاتفاق بين الحريري وباسيل على صيغة معينة، وقال باسيل بعد اللقاء : «جرت متابعة الحلول المطروحة لتشكيل الحكومة، ولن نهدأ قبل أن نجد الحل المناسب». ولفتت مصادر مطلعة على اللقاء لـ «البناء» الى أن الحريري وباسيل ناقشا الصيغ المطروحة لا سيما صيغة 32 وزيراً لكن لم يخرج بتوافق حولها وبالتالي لا انفراج حكومياً قريبٌ».
وعكست أجواء تلفزيون «المستقبل»، رفض الحريري للصيغ المقترحة وغمزت من قناة باسيل من دون أن تسميه، حيث نقلت القناة عن مصادر عليمة ومتابعة للملف الحكومي أنّه «إذا كان بين أصحاب المساعي الحميدة من يعمل على تدوير الزوايا وتهيئة الظروف لإنتاج الحلول، فإنّ هناك بينهم في المقابل، من يراهن على استحضار أفكارٍ طوتها النقاشات والمفاوضات منذ أشهر طويلة».
وأضافت: «إذا كانت البلاد تبحث عن حكومة توفّر موجبات التصدّي للتحديات الاقتصادية والإنمائية، فضلًا عن التحديات الناجمة عن التهديدات الإسرائيلية، فإنّ هناك من يبحث عن حكومة فضفاضة، وظيفتها تأمين الحقائب لصفوف المستوزرين من المذاهب وأشلاء الكتل البرلمانية».
إلا أن الجديد هو اعتراف وزير الداخلية نهاد المشنوق المشنوق باللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين والدعوة الى الحوار معهم، إلا أنه اشترط وربط ذلك بتغيير موقفهم السياسي، متبعاً سياسة الترغيب، واستعمال المقعد الوزاري كفخ لاستدراجهم للتخلي عن خيارهم السياسي، الأمر غير الوارد بالنسبة لنواب اللقاء الذين أكدوا رفضهم أي منطق ابتزازي وأي مساومة وشروط، مجددين موقفهم المتسمك بتمثيلهم والداعم لخيار المقاومة وسلاحها، ما يؤكد بأن رفض الحريري تمثيل السنة هو موقفهم السياسي ودعهم للمقاومة وبالتالي لا يريد المستقبل ومن خلفه السعودية اي سنة مع المقاومة خارج الخيمة الزرقاء والفلك السعودي، وإن تخلوا عن خيارهم يصبح توزيرهم أمراً يسيراً.
الأخبار
عون يهدّد بـ«عزل» الحريري!
نتنياهو يحرّض اللبنانيين: انتفضوا ضد حزب الله!
إسرائيل تطلب… جعجع يستجيب
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُريد مِن اللبنانيين أن يحتجوا على حزب الله. هذه آخر فصول الدعاية الإسرائيلية «الساذجة». هكذا يسوّق أمام سفراء الدول الذين جال برفقتهم عند الحدود مع لبنان. من جهة أخرى، نجده يتوعّد لبنان، قبل أن يستدرك متحدّثاً عن مجرّد «إمكانيّة». هو يعلم أكثر من سواه مستوى الخوف، الذي أثارته قضيّة الأنفاق، لدى المستوطنين (مقال علي حيدر).
لم يحقق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، النتائج المؤمَّلة من الحملة الدعائية والتحريضية التي نفذتها المؤسسات الإسرائيلية بعناوينها السياسية والإعلامية والأمنية ضد حزب الله، في أعقاب ما أعلنه جيش العدو عن اكتشاف نفق ممتد من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولم تنجح محاولاته في قلب صورة المعتدي والمعتدى عليه داخل الساحة اللبنانية، إلا لدى الذين تشكل مواقفهم صدى لمواقف العدو وخطابه السياسي والإعلامي.
هذه النتائج جعلت الانتقال إلى المرحلة الثانية من الحملة الإسرائيلية أكثر إلحاحاً، وذلك استكمالاً لخطة توظيف الحدث، في محاولة لتحقيق ما يطمح إليه في الساحتين الإسرائيلية واللبنانية، إضافة إلى الساحة الدولية. على هذه الخلفية، انتقل نتنياهو إلى التوظيف الدولي والتحريضي المباشر، بعدما غلبت على المرحلة الأولى محاولة إقناع الداخل الإسرائيلي، واستدعى لهذه المهمة عدداً من السفراء الأجانب، إضافة إلى رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي.
على المستوى الداخلي، لم يتمكن نتنياهو من إنتاج إجماع إسرائيلي على أهمية هذه الخطوة ومفاعيلها، في مضمونها وتوقيتها وخلفياتها. ولم ينجح في إقناع العديد من الجهات السياسية والإعلامية بحجم الإنجاز العملاني والاستخباري، على افتراض صحة الرواية الإسرائيلية. كذلك لم يستطع، في السياق نفسه، أن يبدد شكوك الكثيرين في الداخل الإسرائيلي، إزاء خلفية وأهداف الضجيج السياسي والإعلامي الذي يتعمده، وعلاقته بأزماته القضائية والحكومية.
في المقابل، أدرك الإسرائيليون، على المستويين السياسي والإعلامي، محدودية مفاعيل الحملة على الداخل اللبناني. هذا ما استفز العديد من المعلقين والجهات السياسية في شأن التباين الواسع بين حجم الحملة السياسية والإعلامية الإسرائيلية، وبين مفاعيل الإنجاز الإسرائيلي التكتيكي المفترض في الداخل اللبناني. ومع أن الرواية الإسرائيلية المتصلة بالعثور على نفق باتت معلومة بمجملها، إلا أن تل أبيب لم تلمس مفاعيلها المرجوة من ذلك. هذا ما دفع نتنياهو إلى التعبير عن انزعاجه من الوضع السائد في لبنان، على المستويين السياسي والإعلامي أيضاً، لجهة الموقف من المقاومة، إذ اعتبر خلال جولته مع السفراء على الحدود، أنهم في لبنان «لا يحتجون (على حزب الله) وينبغي أن يفعلوا ذلك… هم لا يُعبرون حتى عن احتجاج هادئ. عليهم أن يعملوا بكل طريقة ممكنة من أجل وقف ذلك، وهم لا يفعلون ذلك». هذا ما يشكل دعوة علنية من قبل نتنياهو للانتفاض ضد حزب الله. لكن مشكلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، في تقديراتهم ومطالبهم، وبصرف النظر عن الرواية الإسرائيلية، أنهم يغفلون عن حقيقة أن بيئة المقاومة وجمهورها تنظر إلى حزب الله على أنه – إلى جانب الجيش اللبناني – الدرع الواقية للبنان في مواجهة أي عدوان إسرائيلي.
أفرغ نتنياهو خلال جولته مع السفراء كل مفردات الدعاية التحريضية، التي يحاول ترويجها، كما لو أنها مسلمات في قراءة المشهد القائم مع لبنان. اعتبر أن النفق – بحسب الرواية الإسرائيلية – «تجسيد للعدوانية». طبعاً، هو يتجاهل الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، من خلال خروقاته الجوية… إضافة إلى التهديدات المتواصلة باستهداف البنية التحتية اللبنانية. ولم ينسَ نتنياهو استحضار البعد الإيراني في محاولة لإضفاء أبعاد خارجية على معادلة الردع التي حققتها المقاومة لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية.
أما في ما يتعلق بتهديد لبنان، فقد نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية عن نتنياهو قوله: «هناك إمكانية معقولة أن نضطر إلى العمل في لبنان». حول ذلك يمكن تسجيل الملاحظات التالية: لم ينقل الإعلام الإسرائيلي تهديد نتنياهو عنه مباشرة، بل بالاستناد إلى ما نقله عنه «مصدر سياسي إسرائيلي رفيع». وفي المضمون، يُلاحظ وجود حرص شديد على عدم الالتزام القطعي بتنفيذ اعتداءات مباشرة، بل إنّه حاول الجمع بين التهويل وإمكانية التراجع، وذلك الحديث عن «إمكانية معقولة…». هذا أمر مفهوم في ضوء معادلة الردع القائمة مع حزب الله على الساحة اللبنانية. لا يقدم نتنياهو جديداً عندما يكرر تهديداته إزاء لبنان، وهذا أمر كان قائماً قبل وبعد النفق المفترض. سبق للعدو أن نفذ اعتداءات عسكرية وأمنية في أكثر من محطة سابقة. هذه سياسة إسرائيلية غير مرتبطة بهذا الحدث أو ذاك، وما الانكفاء عن هذا الخيار، عملانياً، إلا نتيجة حسابات الكلفة والجدوى التي تحكم صانع القرار السياسي والأمني.
بعيداً من السياق التوظيفي للحملة التحريضية الإسرائيلية، التي استندت إلى «إنجاز تكتيكي» مفترض، إلا أن الصراخ الإسرائيلي على المستويات السياسية والإعلامية وفي الساحات الداخلية والدولية والإقليمية، إنما يعكس حجم الرعب الإستراتيجي الذي أثاره الحديث عن سيناريو الأنفاق، وذلك بعدما انتقل إلى مرحلة جديدة في وعي المستوطنين في شمال فلسطين المحتلة. هكذا، ما حركته الآلة العسكرية الإسرائيلية من مخاوف، لدى هؤلاء المستوطنين، لن تنجح كل الاستعراضات وسياسات التهويل في استبداله بالشعور بالأمن. لقد أيقنوا صحة مخاوفهم التي سبق أن حذَّروا منها قياداتهم السياسية والعسكرية. عموماً، يُتوقع في هذا السياق أن نشهد لاحقاً الكثير من الفصول التي تحكي قصص الرعب التي يعيشها المستوطنون.
إسرائيل تطلب… جعجع يستجيب
كسر الرئيس ميشال عون المراوحة الحكومية، أمس. رفع صوته معلناً عدم موافقته على أسلوب «المماطلة» الذي يتبعه الرئيس سعد الحريري في إدارة عملية التأليف. وفي خطوة تكاد تكون غير مسبوقة منذ اتفاق الطائف، وضع رئيس الجمهورية أمام الرئيس المكلّف تأليف الحكومة مهلة قصيرة، إما يتجاوب مع اقتراح الـ32 وزيراً أو تذهب الأمور في منحى سحب التكليف!
كلما صدرت إشارات على اقتراب حل العقد الحكومية واقتراب التأليف، برز عنصر جديد يُعيد تعقيد الأمور. صباح أمس كان معظم المعنيين بالتأليف، لا سيما 8 آذار، قد بدأ يستشعر بداية حلحلة العقدة الأخيرة المتبقية، تمهيداً لتأليف الحكومة، قبل أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء. موقف مفاجئ نُقل عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وصل إلى حد التهديد بقلب الطاولة في وجه الرئيس سعد الحريري، عبر التلويح بطلب اعتذاره عن عدم التأليف. فقد نُقِل عن عون اعتقاده أن تأليف الحكومة ليس من أولويات الحريري، الذي يستعد لجولة أوروبية الأسبوع المقبل، بعد سلسلة من الرحلات التي قام بها، والتي تؤكد أنه لا يكترث لأمر التأليف.
وأكثر من ذلك، أكد عون لزواره، وتحديداً أمام وفد من اللقاء الديموقراطي، أنه سيعطي الحريري مهلة قصيرة لتحديد موقفه من اقتراح رفع عدد الوزراء إلى 32 وزيراً. وفي حال عدم موافقته، سيطلب منه الاعتذار. وإذا لم يفعل، فسيرسل رسالة إلى المجلس النيابي يعرض فيها الأزمة الحكومية، موحياً بإمكان سحب التكليف من الحريري. لكن خطوات رئيس الجمهورية دونها عقبات كثيرة، خصوصاً أن القوى الكبرى في المجلس النيابي لن تستجيب لطلب عون، في حال وصلت التطورات فعلاً إلى حد طلب سحب التكليف.
الاقتراح الذي تحدّث عنه عون يقضي بأن يُضاف إلى الحكومة مقعدان: وزير علوي، ووزير من الأقليات، على أن يكونا من حصة الحريري، في مقابل أن يتنازل الأخير عن مقعد سني لمصلحة 8 آذار، فتكون حصة الحريري قد ارتفعت من 6 وزراء إلى سبعة (أربعة وزراء سنة، وزير ماروني، وزير علوي ووزير سرياني). لكن بحسب المعطيات الحالية، فإن الحريري يرفض هذا الاقتراح، خصوصاً أنه يرى في الوزير العلويّ «مقعداً شيعياً سابعاً»! وقالت مصادر قريبة من عون لـ«الأخبار» إن سفر الحريري في الأيام المقبلة إلى كل من لندن وباريس، لمتابعة قضايا متصلة بمؤتمر «سيدر»، لا طائل منه، لأن أي بند من بنود مؤتمر «باريس 4» لن يشهد تقدماً بسبب عدم تأليف الحكومة. الوزير جبران باسيل زار الحريري مساءً، مكتفياً بعد اللقاء بالقول: «لقد جرت متابعة الحلول المطروحة لتشكيل الحكومة، ولن نهدأ قبل أن نجد الحل المناسب». وخففت مصادر التيار الوطني الحر من وقع الكلام المنسوب إلى رئيس الجمهورية، قائلة إن الأمور ليست بالسوء الذي ظهرت عليه، ومؤكدة أن «خيارات أخرى لا تزال تُبحث».
وكان التوتر بين عون والحريري قد بدأ يوم السبت الماضي، على خلفية أحداث الجاهلية، التي أكد عون أنها جرت من دون علمه، والتي تشير المعلومات إلى أنه لم يعلم بها إلا بعدما اتصل به اللواء عماد عثمان بعد انتهاء العملية، ناقلاً إليه معطيات قال مقرّبون من رئيس الجمهورية إنها منقوصة. وهذا الانزعاج يفسّر الحياد في تعامل الرئاسة والتيار الوطني الحر مع ما حصل. وهو الحياد نفسه الذي أزعج الحريري، انطلاقاً من اعتباره أن عون تركه وحيداً في هذه المعركة. وأكثر من ذلك، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال أن كلام عون في افتتاح المكتبة الوطنية أول من أمس إنما أتى ليساوي بينه وبين الوزير السابق وئام وهّاب.
قوى 8 آذار بدت متفاجئة بالتصعيد الذي شهده الملف الحكومي أمس، إذ تؤكد مصادرها أن عون كان قد بعث بإشارات جدية إلى نيته التنازل عن المقعد السني لمصلحة سنّة 8 آذار، وأن البحث كان قد انتقل إلى مرحلة البحث عن الاسم المرشح للتوزير. وتغمز المصادر من قناة الوزير باسيل، معتبرة أنه يتشدد في التمسك بحصة من 11 وزيراً للتيار ورئيس الجمهورية.
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة قد أكدت في اجتماعها الدوري في مقرها في حارة حريك، برئاسة النائب محمد رعد، أن «مصلحة البلاد تقتضي انفتاحاً وواقعية لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، يتمثل فيها كل من له حق التمثيل، ويتحمل فيها جميع المشاركين مسؤولياتهم الوطنية في إدارة شؤون البلاد والمواطنين». واعتبرت أنه «يخطئ من يظن أن عجلة البلاد يمكنها أن تسير بانتظام مع غياب إحدى المؤسسات الدستورية».
إسرائيل تطلب… جعجع يستجيب
منذ أكثر من عام، يخوض العدو الإسرائيلي حرباً فيها الكثير من الضجيج في الغرف المغلقة، والكثير من الصمت الأمني. قبل ظهور بنيامين نتنياهو، في أيلول الماضي، على منبر الأمم المتحدة حاملاً صوراً جوية لما زعم أنه مصانع أو مخازن صواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، كان رجال استخباراته وديبلوماسيته يجوبون العالم، ويُكثرون من الصراخ، للحديث عن الأمر نفسه. قبله بأشهر، كان مسؤولون أميركيون يستقبلون الديبلوماسي النشيط غابي عيسى (سفيرنا في واشنطن)، ليحذروا من الصواريخ الدقيقة… ومن الأنفاق! نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، دايفيد ساترفيلد، يزور لبنان في شباط الماضي، بذريعة البحث عن حل لـ«الخلاف الحدودي بين لبنان وإسرائيل». تعمّد أن يعرّج على اليرزة، حيث التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون، وناقش معه أمر الصواريخ. مسؤولون في أجهزة استخبارات غربية يجولون على مسؤولين لبنانيين، وعلى جداول أعمالهم بند وحيد: قدرات المقاومة الصاروخية، ذات الدقة العالية. الموفد الرئاسي الفرنسي، أوريليان لو شوفالييه، أتى إلى بيروت من تل أبيب، مطلع تشرين الثاني الماضي، ناقلاً تهديداً إسرائيلياً. قبله بنحو أربعة أشهر، بلغت الوقاحة برئيس محطة استخبارات أوروبية في بيروت أن طلب موعداً عاجلاً من مرجع أمني، قائلاً له: أبلغَنا الإسرائيليون أن عمليات نقل للصواريخ تتم الليلة في المنطقة الفلانية، وعليك أن تبلغ رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة لاتخاذ الخطوات المناسبة لمنعها، وإلا فإن إسرائيل ستتصرّف!
طبعاً، العدو لم يتصرّف. لكن الرؤساء الثلاثة، ومعهم فرق عملهم، ووزير الخارجية جبران باسيل، وقائد الجيش والمدير العام للأمن العام، تصرفوا بمسؤولية. الكلام هنا ليس من باب المديح. لكنهم كانوا يدركون ما يرمي إليه العدو. قدرات المقاومة تردعه عن مباشرة الحرب على لبنان. وإزاء ذلك، لم يجد سبيلاً إلى دفع حزب الله نحو الحالة الدفاعية، سوى أمرين: تحويل قضية صواريخ المقاومة، وبخاصة الدقيقة منها، إلى قضية رأي عام لبناني، والسعي إلى مضاعفة الضغط الأمني (الذي يظنّ أنه غير مرئي) على المقاومة. المسؤولون اللبنانيون، كانوا، في هذه القضية تحديداً، مسؤولين فعلاً. لم ينجرّوا إلى حيث يريد رئيس وزراء العدو الذي عبّر أمس عن «غضبه» لأن لبنان الرسمي لم يستجب له.
لكن نتنياهو لم يخرج من لبنان خالي الوفاض. ثمة من تبرّع أمس للاستجابة لطلبه. يطلب العدو تحويل تهديداته إلى حدث لبناني داخلي، فيفتعل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مقابلة مع موقع حزبه الإلكتروني، ليقول الآتي: «إذا كان تقرير (اليونيفيل) يشير إلى وجود أنفاق، فعلى الحكومة أن تطلب رسمياً من حزب الله التوقف عن أي أعمال من شأنها أن تشكل خطراً على لبنان واللبنانيين، وإعادة تذكيره بأن القرارات العسكرية والأمنية منوطة حصراً بالحكومة اللبنانية».
إيهود باراك، الرئيس السابق لحكومة العدو، ارتاب من توقيت «الكشف» عن نفق مزعوم قبالة كفركلا الجنوبية، قائلاً إن جيش الاحتلال يعلم بوجوده منذ سنتين. أما جعجع، فيرى في حفر نفق، عملاً يشكل خطراً على لبنان واللبنانيين. لا داعي لتذكير القائد السابق للميليشيات التي شكّلت رأس حربة العدو في بلادنا، بآلاف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية. ولا طائل من القول له إن احتساب عدد ساعات اختراق الطائرات المعادية لمجالنا الجوي، على مدى أربع أشهر، يُظهر أن سماءنا كانت مستباحة ما مجموعه نحو 85 يوماً بليلها ونهارها. وبالطبع، لا نتيجة تُرتجى من تذكيره بأن جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذي يعرفه جعجع جيداً، كما الموساد، يخترق كل ما وصل إليه مشغلوه وفنيوه، من مؤسسات رسمية وخاصة… لا داعي لمطالبة جعجع بالغضب لأن حلفاءه السابقين يمارسون يومياً «أعمالاً تشكل خطراً على لبنان واللبنانيين». كل ما ينبغي قوله له هو أن «القرارات العسكرية والأمنية» لن تكون يوماً، خاضعة له ولأمثاله من الذين يستجيبون لمطالب العدو، عن جهل، أو عن سابق معرفة وتصميم.