تحركت أنظار المواطنين جنوباً بعد محاباة إيطاليا العلنية لـ"إسرائيل" ضد لبنان. فقد صرح نائب رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو سالفيني خلال اجتماعه مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بأن "على قوات الأمم المتحدة /يونيفيل لعب دور أقوى وأكثر حزماً، لمنع حزب الله من القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل". كما وصف الكيان الصهيوني بـ"الملاذ الآمن للقيم الأوروبية والغربية في المنطقة" العربية. وردّت وزارة الدفاع الإيطالية بأنها "صديقة للطرفين على جانبي الحدود"، وأن تصريحات سالفيني "مقلقة"، و"تتسبب بمشاكل لجنودنا المشاركين في يونيفيل". "السجال الطلياني" لم يترك أدنى شك لدى المواطنين، بأن أكثرية النخب السياسية الأوروبية ترى مصالحها في التبعية لأميركا ـ "إسرائيل".
الأخبار
تأليف الحكومة: جولة جديدة من التفاؤل… الحذر
لبنان ــ «إسرائيل»: المواجهة العسكرية غير حتمية والحرب مستبعدة
عاد التفاؤل مجدداً إلى خط تأليف الحكومة، بعد أن مرّ بسُبات امتدّ لأسابيع. مصدر التفاؤل تحرُّك رئاسة الجمهورية الذي يُتوقع أن ينضج مع عودة رئيس الحكومة المكلف من لندن. علماً أن الرئيس ميشال عون كان قد أكد أمام زواره «بدء العمل على حلحلة أزمة تشكيل الحكومة، على أن تتظهر النتائج في اليومين المقبلين بغية إعادة الأمور إلى استقامتها».
وإلى ذلك الحين، عمد الرئيسان، كل من جهته، إلى تهيئة الظروف لإنجاح هذا المسعى، فالتقى رئيس الجمهورية أعضاء اللقاء التشاوري أمس، بعد أن سبق أن التقى وفداً من حزب الله أول من أمس، فيما التقى الحريري بالوزير جبران باسيل على هامش «منتدى الاستثمار اللبناني البريطاني» في لندن.
لم يُطلع رئيس الجمهورية زواره على تفاصيل مبادرته، بل اكتفى بالتذكير بدقة الوضع الاقتصادي، وبضرورة التعاون لإنقاذ البلد. لم يطرح مساراً محدداً للتعاون، إلا أن زواره ردوا بالتأكيد أنّ العقدة أوجدها الرئيس المكلف، وهو من يملك حلها. وأشاروا إلى أنهم ليسوا في موقع تقديم التنازلات، لأنهم لا يملكون شيئاً ليقدموه.
في الحديث عن الرئيس المكلف، أعاد النواب الستة الإشارة إلى أن رفض الحريري لقاءهم يشكل إساءة إلى مقام رئاسة الحكومة لا إلى طالبي الموعد، فاعتبر رئيس الجمهورية، على ما أكد أحد أعضاء الوفد، أن هذا التصرف غير مسؤول.
وبعدما تردد أن خفض عدد الوزراء إلى 18 وزيراً قد يكون حلاً لعدم توزير السنّة المستقلين، جاء موقف هؤلاء ليصرف النظر عن هذا الاقتراح، إذ أكد النائب الوليد سكرية بعد اللقاء أن هذا لا يلغي ضرورة أن يتمثل اللقاء التشاوري بوزير من أربعة «ونحن نصرّ على موقفنا ولن نلغي أنفسنا». وقال الوزير علي حسن خليل إن هذا الأمر لم يُطرح على الرئيس نبيه بري، وهو يُشكل عودة إلى الوراء.
في المقابل، كان الرئيس نبيه بري يعبّر عن أمله بأن تنتهي المشاورات والاتصالات الجارية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى تأليف الحكومة قريباً. وجدد التأكيد، في «لقاء الأربعاء»، أننا «في حاجة إلى حكومة منسجمة ومتآلفة للقيام بمسؤولياتها تجاه الاستحقاقات الكثيرة التي نواجهها على الصعد كافة». وأضاف: «إن هناك أفكاراً عديدة تُطرح على صعيد عدد أعضاء الحكومة لتوفير العناصر التي تساعد على ولادتها وتجاوز العقد التي تواجهها حتى الآن».
وإلى أن يتضح مصير المبادرة التي يقوم بها رئيس الجمهورية، فإن أحداً لا يراهن على حلول من خارج السياق الذي لطالما كان حاضراً منذ بروز أزمة تمثيل السُّنة المستقلين. فالحل لا يزال واحداً من ثلاثة: إما أن يتراجع النواب المستقلون عن مطلبهم، وهذا غير وارد، وإما أن يتراجع الحريري عن رفضه توزيرهم، وهذا بدوره غير وارد، وإما أن يتنازل رئيس الجمهورية عن مقعد من حصته، وهو ما لمّح عون إليه أكثر من مرة على مدى الأسابيع الماضية، قبل أن يصطدم الساعون إلى الحل بتمسّك الوزير جبران باسيل بـ11 وزيراً للتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية. وفي هذا الإطار، أكّد باسيل أمس، في تصريح لقناة «أم تي في»، أن تمسكه بـ11 وزيراً لا ينبع من سعي إلى الحصول على الثلث المعطل، لأن «الحُكم ما بدو ثلث معطل، بل المعارضة هي التي تسعى عادة إلى الثلث المعطل»، بل ينبع من كونه حقاً لتكتّله. وفيما وجد الوزير غطاس خوري في كلام باسيل إيجابية يمكن التعويل عليها في طريق الحل، عاد باسيل وأكد أن لا تراجع عن حصة من 11 وزيراً.
لبنان ــ «إسرائيل»: المواجهة العسكرية غير حتمية والحرب مستبعدة
في قراءة للمشهد العسكري – الأمني القائم عند الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة، هذه الأيام، في ضوء التقديرات الاستخبارية الإسرائيليّة، من الضروري التمييز بين حصول «مواجهة ما» وبين «التدحرج» نحو حرب. خلاصة تقدير العدو أننا أمام «احتمال». عموماً، وهذا حاضر في تقديراته دائماً، إنّ ما كبحه في الماضي لا يزال يكبحه اليوم (مقال علي حيدر).
عدم استبعاد رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء تامير هايمن، إمكانية أن تؤدي «ديناميكية التطورات» على الجبهة الشمالية إلى نشوب حرب، لا يعني أننا أمام سيناريو حتمي، بل ولا حتى ترجيحاً بالضرورة. ومع ذلك، يكشف هذا التقدير عن قراءة إسرائيلية لمسار التطورات في المنطقة، والخيارات الماثلة أمام صانع القرار السياسي والأمني هناك، خاصة بعد فشل رهاناته في سوريا ولبنان، لنكون أمام «احتمال» التدحرج نحو مواجهة عسكرية ما. ومنعاً للالتباس، تتجاوز دائرة التقدير المذكور مفاعيل ما سمّته إسرائيل عملية «الدرع الشمالي»، التي أطلقتها بعد إعلانها اكتشاف نفق ما… مع الإشارة إلى أن ساحة تحرك تلك العملية، حتى الآن، هي الأراضي الفلسطينية المحتلة حصراً.
حول ذلك ينبغي تسجيل العديد من الملاحظات، للإضاءة على مضمون تقدير اللواء هايمن، الذي يتناول رؤية الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية إزاء مستقبل الوضع مع لبنان والمقاومة، ومناسبته، إضافة إلى سياقاته الإقليمية. ورد هذا التقدير أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، التي عادة ما تكون الشهادات عندها سرية، إذ يمثل أمامها كبار القادة الإسرائيليين، مثل رئيس الوزراء ووزير الأمن ورئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس قسم البحوث، إضافة إلى كلّ من رئيس «الموساد» و«الشاباك»، حيث يُقدِّمون تقاريرهم وتقديراتهم للتهديدات والفرص التي تنطوي عليها البيئة الإقليمية… وقد يُسرَّب، أحياناً، بعض ما يرد فيها، إما بنحو مدروس وهادف، أو بفعل الثرثرة التي يتّسم بها العديد من المسؤولين الإسرائيليين.
ينبغي عدم توهم وجود تضارب بين استبعاد رئيس الاستخبارات العسكري («أمان») نشوب حرب ابتدائية، وعدم استبعاده إمكانية أن تؤدي «ديناميكية التطورات» نحو مواجهة عسكرية، وصولاً إلى حرب. المقصود بالأولى استبعاد أن يبادر أحد الأطراف العربية والإقليمية إلى شنّ حرب على إسرائيل في المدى المنظور، وهو أمر مفهوم في ظل الظروف السياسية الإقليمية والعربية، الحالية، فضلاً عن موازين القوى… وبالتالي، إن هذا الاستبعاد أقرب إلى توصيف واقع أكثر من كونه تعبيراً عن تقدير لخيار غامض ومفتوح على عدة احتمالات. في المقابل، المقصود بأن تؤدي «ديناميكية التطورات» إلى حرب، أن يؤدي حادث موضعي محدَّد إلى ردود متبادلة، وصولاً إلى التصعيد العسكري بما فيها الحرب.
ليست المرة الاولى التي تقدِّر فيها الاستخبارات الإسرائيليّة إمكانية أن تؤدي «ديناميكية التطورات» إلى نشوب حرب. فمع نهاية السنة الماضية، تحدثت هذه الاستخبارات عن ارتفاع إمكانية نشوب مواجهة عسكرية على الجبهة الشمالية، بالقياس إلى ما كانت عليه في السنوات السابقة. ومع أنّ هذه المواجهة لم تقع بالمستوى الذي أشارت إليه، إنما تبين، في أكثر من محطة، أن هذا الاحتمال كان وارداً فعلاً، وبالتالي كان لهذا التقدير أسسه الواقعية. فضلاً عمّا سلف، فإن ذلك أيضاً لم يتحقق لأسباب مفهومة تتعلق بمعادلات الردع. كانت «ليلة الصواريخ» من أبرز المحطات التي ارتفعت معها تلك الإمكانية، في العاشر من أيار الماضي، التي جاءت رداً على الاعتداء الإسرائيلي على مطار «تيفور» في العاشر من نيسان الماضي. في حينه، كشف الأمين العام لحزب السيد حسن نصر الله، عن التهديد الذي وُجِّه إلى إسرائيل، في حال تنفيذها التهديدات التي توعدت بها قبل الرد الصاروخي في الجولان.
من ضمن ما تعنيه «ديناميكية التطورات» ومفاعيلها، كما ورد في التقدير الاستخباراتي الإسرائيلي، أن يدفع تطور محدّد إلى مبادرة أحد الأطراف لاستهداف الطرف الآخر، أو أن تؤدي مبادرة عملانية لأحد الأطراف إلى رد من قبل الطرف الآخر، بما يوصل إلى «التدحرج». يعني أن تبادر إسرائيل، في مثل هذه الحالة، إلى تنفيذ اعتداء مدروس، بالاستناد إلى تقدير خاطئ حول ردٍّ الطرف الآخر، في أصله وحجمه وأسلوبه وساحته، بما يدفع إلى ردٍّ مضاد، وهكذا.
أما عن الأسباب التي قد تدفع إسرائيل نحو خطوة كهذه، فهي عديدة، من ضمنها فشل رهاناتها في الساحة السورية، التي هدفت إلى محاولة إنتاج بيئة إقليمية توفر لإسرائيل حزام أمن إقليمي يُعزز أمنها القومي، ويفرض هيمنتها على المنطقة. كذلك أيضاً نتيجة فشل مساعيها للحؤول دون تعاظم محور المقاومة، الذي يعزز قدرة الردع الإقليمي، بما يقيد دورها الوظيفي العدواني. لا يتعارض هذا التقييم إزاء الفشل الإسرائيلي الذي يكشفه، أيضاً، الصراخ والتهويل الإسرائيليان المتواصلان، والاستغاثة بالولايات المتحدة ومحاولة الاستعانة بروسيا لقطع الطريق على هذا المسار… مع كون تل أبيب حققت بعض الإنجازات التكتيكية هنا أو هناك، بفعل اعتداءاتها على الساحة السورية، لكنها عموماً تبقى تفاصيل في معركة الجاهزية وتكريس انتصار محور المقاومة على الإرهاب والمخطط الأميركي في المنطقة.
إذاً، الحديث عن ارتفاع إمكانية نشوب حرب، يُقصد به ارتفاع الاحتمال بالنسبة إلى ما كان عليه سابقاً. هو تقدير يستند إلى قراءة إسرائيلية لمسار التطورات الإقليمية، وللخيارات التي تدرسها إسرائيل، ومع ذلك، فإن الحديث عن هذه الإمكانية ينطوي على أكثر من بعد. فعلى المستوى النظري، يمكن أن ينطوي أي حدث محدود، وفي أي ساحة، على إمكانية تطوره باتجاه مواجهة أوسع، لكن النتيجة هنا لا تكون حتمية، بل إن هناك الكثير من الكوابح التي قد تمنع – ومنعت في المرحلة السابقة – العدو عن هذا السيناريو.
يُشار إلى أن حصول مواجهة عسكرية نتيجة تدحرج ما بعد اعتداء اسرائيلي موضعي، لا يعني بالضرورة أن تتطور باتجاه نشوب حرب، بل قد تشهد الساحة مواجهة عسكرية ما، تكون عبارة عن جولة قتالية لأيام معدودة متفاوتة الشدة. فإذا كان الطرفان معنيين بمنع نشوب حرب، حتى لو وقعت مواجهة ما، فلن تتطور ولن تنشب حرب. الحالات التي امتدت فيها بعض المواجهات، إنما كانت نتيجة أن الطرفين كانا يريدان وقف النار، لكن بشروط يرفضها الآخر… وفي هذه الحالة لا ينطبق التدحرج المقصود في ما سلف، وإلا تصبح كل الحروب تدحرجاً… وهذا خلاف المقصود.
في هذه المسألة، تنبع مشكلة العدو من إدراكه أن أي اعتداء عسكري على الساحة اللبنانية سيجرّ، حتماً، رداً رادعاً. وعندما يُحكى عن رد رادع إنما يُقصد به دفع قيادة العدو إلى اكتشاف خطأ التقديرات التي استند إليها، ومن أجل ذلك ينبغي أن يتجاوز الرد في حجمه ومداه رهانات العدو. وبتعبير آخر، يهدف ردّ المقاومة إلى منع العدو من شنّ حرب متقطعة وبالتقسيط على لبنان، من دون أثمان مؤلمة جداً في أمنه وخسائره. كذلك يمكن التقدير أن إدراك العدو لهذه الحقيقة هو الذي حال، حتى الآن، دون اتخاذه قرارات بمغامرات عسكرية طوال السنوات الماضية، وتحديداً منذ بدء الأحداث السورية عام 2011.
أخيراً، لمزيد من الوضوح، ليس أمام لبنان والمقاومة إلا أن يردّا على أي اعتداء إسرائيلي محدود، منذ البداية، كم لو أنه ردّ على الاعتداء العاشر وما بعده، بهدف منع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية منذ ما بعد الردّ الأول… وصولاً إلى الاعتداء العاشر وما بعده.
اللواء
مبادرة بعبدا بين بيروت ولندن: لا خرق في جدار الأزمة
عون يطالب النواب الستة بـ«التضحية» وعين التينة متمسكة بصيغة الحكومة الثلاثينية
بين بيروت سواء في بعبدا، حيث استمرت المشاورات الرئاسية مع الأطراف ذات الصلة بتأليف الحكومة، وعين التينة، حيث حاول الرئيس نبيه برّي بث أجواء من التفاؤل، مع حرص على عدم التراجع عمّا جرى التفاهم حوله في ما خص الحكومة الثلاثينية، ولندن، حيث يتواجد هناك، الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، اللذين عقدا، على هامش مشاركتهما في أعمال منتدى لندن للاستثمار سلسلة من اللقاءات بموازاة تطوّر المشاورات في بعبدا، حيث التقى الرئيس عون وفد اللقاء التشاوري أو النواب الستة من السنة، المدعومين من حزب الله.. مطالباً اياهم بالتضحية، في ضوء المخاطر المحدقة في الوضع في لبنان..
وكشف مصدر مطلع ان لا حلحلة جدية في المواقف، وان كل فريق متمسك بمقاربته لتأليف الحكومة..
وأكّد المصدر ان أي خرق لم يحدث أمس لا على مستوى اللقاءات الثنائية في لندن، بين الرئيس الحريري والوزير باسيل ولا في لبنان، عبر المشاورات التي يواصلها منذ أيام الرئيس عون.
من يتحمل مسؤولية الكارثة؟
والسؤال الذي طرحه المعنيون بتأليف الحكومة، بعد ان أشّرت اللقاءات إلى ان المبادرة الرئاسية لتحريك الجمود في الملف الحكومي، لم تحدث أية فجوة في جدار التعطيل الحكومي، هو: من يتحمل مسؤولية الكارثة التي حذر منها الرئيس ميشال عون إذا لم تنجح مبادرته؟ ولماذا ولمصلحة من؟.
حتى الآن، لا جواب، وان كانت أجواء قصر بعبدا، نفت ان تكون الأبواب قد أقفلت بعد الموقف الذي أعلنه النائب وليد سكرية باسم وفد نواب اللقاء التشاوري، والذي تمسك من خلاله بتمثيل أحد النواب السنة الستة في الحكومة، فيما أمل الرئيس عون في ان تتظهر نتائج المبادرة التي بدأ العمل من خلالها على حلحلة أزمة تشكيل الحكومة، في اليومين المقبلين، بغية إعادة الأمور إلى استقامتها.
لكن الثابت ان الرئيس المكلف الحريري باق على موقفه لجهة رفض توزير النواب السنة المستقلين في الحكومة، وهو أعلن ذلك صراحة في لندن، حيث شارك أمس في افتتاح أعمال «منتدى رجال الأعمال والاستثمار اللبناني – البريطاني»، بمشاركة حشد كبير من رجال المال والأعمال والاقتصاديين والمستثمرين من البلدين وممثلين للمؤسسات المالية الدولية.
وقال الحريري، عندما سئل عن الموضوع الحكومي، والذي حضر بقوة في أعمال المنتدى ومداخلات المشاركين فيه: «ان تشكيل الحكومة كان يجب ان يحصل من قبل، وأنا جاهز والأسماء جاهزة وكذلك توزيع الحقائب، والجميع بات يعرف من أين يأتي التعطيل»، مشيراً الى ان الرئيس عون يقوم باتصالات واللبنانيون جميعاً يقدرون ما يقوم به، أملاً ان تتبلور الاتصالات وتؤدي إلى نتائج إيجابية، لافتاً إلى انه لمس نغمة إيجابية، وقال انه سيبقى ايجابياً لما فيه مصلحة البلد.
وألمح الرئيس الحريري إلى انه منفتح على طروحات تعديل الصيغة الحكومية، وقال عندما سئل عن رأيه بطرح صيغة حكومة من 18 أو 24 وزيراً ان كل الطروحات جيدة، والبلد بحاجة إلى حكومة ونقطة على السطر.
سنة 8 آذار
في المقابل، لم يتزحزح النواب السنة المستقلون، أي سنة 8 آذار عن موقفهم المتمسك بحق أحدهم في ان يكون له مقعد وزاري، من دون أي قبول بأن يتم تمثيلهم بشخص مقرّب منهم، أو يسمونه هم، أو من حصة أحد، معتبرين ان العقدة ما زالت عند الرئيس المكلف الذي «لم يهضم بعد ان له شركاء في تمثيل الطائفة السنية»، على حدّ تعبير النائب فيصل كرامي، فيما قال النائب سكرية انه «لا يبدو حتى الآن ان هناك حلاً لموضوع الحكومة، لأن الرئيس المكلف لا يزال مصراً على موقفه، وهو مصمم على ان يحتكر تيّار «المستقبل» تمثيل الطائفة كلياً، في وقت ان كل الطوائف الأخرى ممثلة بتعددية، مشدداً على ان «اللقاء التشاوري» يريد التمثل في الحكومة، سواء كانت مؤلفة من 30 أو من 18 وزيراً.
اما الرئيس عون، فقد كانت المفاجأة انه لم يطرح على النواب الستة، أي مبادرة للحل، حسب ما قال النائبان كرامي ووليد سكرية، ربما لأنه لا يريد ان «يحرق» اوراقه بكشفها امام من لا يملكون القرار، وان كان أكّد امامهم ان مبادرته ما تزال قائمة، وهو سيتابع مشاوراته على ما يبدو، عندما تتوافر لديه الأجوبة على الأسئلة التي طرحها امام النواب والتي يمكن ان تعطي هؤلاء فكرة عن الخيارات المتبقية امامه، وبينها حكومة مصغرة، أو حكومة تكنوقراط لتجاوز العراقيل الموضوعة.
وروى عون لهؤلاء قصة سليمان الحكيم مع «أم الصبي» في إشارة إلى ان الجميع يجب ان يتحمل المسؤولية، لكن كرامي رد عليه بأن الدستور يُحدّد بوضوح من هو الذي يتحمل مسؤولية الاخطار الاقتصادية التي تُهدّد البلد، فنحن لسنا في سدة السلطة لكي يتم إلقاء المسؤولية علينا».
تفاؤل برّي؟
وحده، من بين سائر المعنيين بالتأليف، طبعاً إلى جانب الرئيس الحريري، كان الرئيس نبيه برّي متفائلاً ولكن بحذر، إذ أمل امام نواب الأربعاء ان تنتهي المشاورات والاتصالات الجارية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى تأليف الحكومة قريباً، مجدداً التأكيد «أننا في حاجة إلى حكومة منسجمة ومتآلفة للقيم بمسؤولياتها تجاه الاستحقاقات الكثيرة التي نواجهها على الصعد كافة».
وكشف امام النواب، بأن هناك افكاراً عديدة تطرح على صعيد أعضاء الحكومة والعناصر التي تساعد على ولادتها، وتجاوز العقد التي تواجهها حتى الآن.
لكن عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي أشار إلى ان برّي سمع بالتواتر بصيغة الـ18 وزيراً، وانه لم يتم التحدث معه رسمياً عنها، مضيفاً: «ان شاء الله ستبصر الحكومة النور قريباً»، فيما نفى وزير المال علي حسن خليل، من عين التينة، ان تكون صيغة حكومة الـ18 وزيراً طرحت رسمياً، لافتاً إلى «اننا لا نريد العودة إلى الوراء طالما ان العقدة باتت محددة بتمثيل نواب اللقاء التشاوري».
صيغة حكومة الـ18
إلى ذلك، أكدت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان صيغة الـ24 وزيراً طرحت في اليومين الماضيين، وكذلك حكومة الـ18 وزيراً، وقد تطرح الـ14 وزيراً، إنما المهم ليس العدد، بل القدرة على تأليف الحكومة، والخيارات التي تساعد في ذلك، ورأت ان موضوع تصغير العدد لم يطرح بهدف ابعاد أطراف، وإنما تفادياً لما يمكن اعتباره «حواشي».
وقال الوزير جبران باسيل الموجود مع الحريري في لندن لـ «المستقبل»: «لا مشكلة لدينا في حكومة من ١٨ أو ٢٤ وزيرا، بل قد تكون المشكلة عند غيرنا».
اضاف باسيل: «اننا لسنا متمسكين بالثلث المعطل فالحكم ليس بحاجة إلى ذلك بل المعارضة تحتاجه، نحن متمسكون بالحصة التي نستحق وهي 11وزيرا وهي مجموع حصتي التيار ورئيس الجمهورية».
ورد الرئيس نجيب ميقاتي على باسيل من دون ان يسميه وقال بعد لقاء الرئيس بري: العناد والمكابرة موجودان لدى كل فريق، وعندما يقول احدهم انا اريد هذا العدد من الوزراء وهذه الحقائب، فهذا يعني ان ما يحصل لا يخدم تسهيل تشكيل الحكومة. الحكومة يجب تسهيل تشكيلها.
وعما اذا كان يقصد في هذا الكلام سنّة المعارضة؟ قال: ابدا. ليسوا هم من قصدتهم بهذا الكلام. قصدت من قال اليوم انه لا يقبل باقل من 11 وزيرا.
وأعلن انه لن يقبل التنازل عن حق كتلته في ان تتمثل في الحكومة، مشيراً إلى انه متفق مع الرئيس الحريري في هذا الموضوع.
ماذا دار في اللقاء؟
ومهما كان من أمر، فإن المصادر المطلعة على أجواء بعبدا أكدت لـ«اللواء» ان المبادرة الرئاسية ما تزال قائمة وان هناك وقتاً اضافيا للمزيد من الاتصالات والمتابعة.
وكشفت ان هناك مشاورات ستتم في اليومين المقبلين بعيدا عن الاضواء.
وعلم ان الرئيس عون سيعقد اليوم لقاءات مرتبطة بالحكومة انما ليست مرتبطه بالعقدة الحكومية. واكدت انه بعد لقاء الرئيس المكلف ووفد حزب الله والنواب المستقلين اصبحت كل الاراء واضحة على ان هناك تقييما سيجري لها للانتقال الى الخطوة التالية ولفتت الى انه بعد عودة الرئيس الحريري من الخارج سيحصل هذا التقييم وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.
وبالنسبة إلى ما دار في اللقاء بين الرئيس عون والنواب الستة، أوضحت المصادر نفسها ان رئيس الجمهورية تحدث بصراحة عن الأسباب التي دفعته الى اتخاذ المبادرة مشيرة الى انه وضعهم في اجواء الوضع من مختلف جوانبه وما الذي يتطلب الخروج من الازمة التي يمر بها لبنان.
وقال الرئيس عون للوفد ان تأخير تشكيل الحكومة لم يعد يحتمل وان مصلحة البلد تتقدم على كل المصالح الأخرى.
وافادت المصادر ان رئيس الجمهورية استمع الى وجهة نظر الوفد وسأله عن تصوره في الوصول الى حل مشيرة الى انه اي الوفد ابدى وجهة نظره التي تتلخص بتمثيل احد التواب السنة من اللقاء التشاوري في الحكومة.
وعلم ان الوفد اكد لرئيس الجمهورية دعم استمرار المبادرة كما انه سيكون هناك تواصل. اما بشأن ما ذكره النواب السنة من ان ما من طرح تقدم به رئيس الجمهورية امامهم فإن المصادر اكدت ان الرئيس عون طرح اسئلة محددة تعطي فكرة عن التوجه.
منتدى لندن
وكان الرئيس الحريري أكّد في الكلمة التي ألقاها في افتتاح منتدى لندن للاستثمار، ان المنطقة تتجه إلى مرحلة من الأمن والاستقرار، بالرغم من كل الاضطرابات المستمرة، وقال: «نحن جميعاً في حاجة للاستعداد لهذه المرحلة للإفادة من الفرص الاستثمارية والتجارية التي تنتظرنا على صعيد إعادة الاعمار»، لافتاً إلى ان التأخير في تشكيل الحكومة لم يوقف تقدمنا في تطبيق مشاريع «سيدر» واصلاحاته، مشيراً إلى انه منذ مؤتمر باريس اعدنا النظر في بعض القطاعات والمشاريع لتسريع التخطيط والتنفيذ، كما اننا نحافظ على حوار منتظم مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف لمواءمة التمويل المتعهد به في مؤتمر «سيدر» مع مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري، واطلقنا في وقت سابق هذا العام ثلاثة مشاريع للشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاعي النقل والاتصالات، ونحن نتوخى انفاق نحو ملياري دولار سنوياً على مشاريع البنية التحتية».
وألقى الوزير باسيل، كلمة أيضاً في المنتدى، أشار فيها إلى ان الشراكة بين لبنان وبريطانيا ترتكز على أساس متين من القيم المشتركة القائمة على التعددية الثقافية والانفتاح والديمقراطية التي تحقق التزام ريادة الأعمال وروح العمل الودي.
وقال ان «لبنان بلد محب للسلام، تحمل دائماً الحروب بالوكالة على أرضه، وكان دائماً معتدى عليه من الآخرين، لكنه لم يكن ابداً المعتدي، وكان يحترم دائماً قرارات الأمم المتحدة ويلتزمها بما فيها 1701».
وعلى هامش المنتدى، وفي حضور الرئيس الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية والكومنولث وزير الدولة للتنمية الدولية أليستر بيرد، وقع رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل ايست) محمّد الحوت ورئيس مجلس إدارة شركة «رولز رويسى ايان دايفنز عقداً يتضمن قيام الشركة بتزويد «الميدل ايست» أحدث محرك في مجموعة ترينت 7000 إلى جانب توفيرها خدمة الرعاية الكاملة والصيانة الطويلة الأمد لمحركات الطائرات التي تعمل بمحرك «رولز رويس» القديمة والجديدة.
كما كانت للحريري مجموعة لقاءات مع عدد من المستثمرين والمصرفيين البريطانيين، ومستشار صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط واسيا الوسطى كريس جارفيس والمدير التنفيذي لبورصة لندن نيكيل راتي ونائب رئيس البنك الأوروبي للإنماء آلان بيو، وزار بعد الظهر ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز في مقر اقامته في كلارنيس هاوس في لندن.
البناء
لم يتم تحديث موقعها السبراني، حتى الساعة 07:09 من صباح اليوم.