فتح "السجال التلفزيوني" الذي اشتعل يوم أمس، "ثغرة" في ملف مكافحة الفساد. رأت "اللواء" في كلام الشاشات "ان قضية ملاحقة الرئيس فؤاد السنيورة لن تمر، وان تيّار المستقبل، يعتبر نفسه هو المعني المباشر فيها". وقد لاحظت "الأخبار" ذلك أيضا، فقالت : "يبدو تيار المستقبل مُستعدّاً لأن يُحرق كلّ الأوراق. بنى سور حماية حول فؤاد السنيورة. لقد رفع المستقبل الفيتو المذهبي: السنيورة هو الطائفة!". لكن "البناء" خففت من هذا التسرع في تفسير أو تحليل نتائج "السجال التلفزيوني"، الذي طرح : "تساؤلات عن مدى نجاح السنيورة في إقامة غطاء سياسي وطائفي يمنع مواصلة كشف المستور في ملفات المال العام". هذه الـ"تساؤلات" في محلها. فالمكافحة بدأت للتو. النكش في أوله. المواطنون مستعدون للمساهمة في النكش؟.
الأخبار
المستقبل» يستخدم سلاح المذهبية لمنع المحاسبة: السنيورة هو الطائفة!
السنيورة يفشل في جعل قضيته أزمة وطنية
في معركة «الدفاع» عن نهج «الحريرية السياسية»، يبدو تيار المستقبل مُستعدّاً لأن يُحرق كلّ الأوراق. بنى سور حماية حول فؤاد السنيورة، مانعاً أي تدقيق في حسابات الدولة، ومُخفياً عن اللبنانيين مصير أموالهم المفقودة والمسروقة. مستعيناً بمحطته التلفزيونية، للردّ على التيار الوطني الحرّ، رفع «المستقبل» الفيتو المذهبي: السنيورة هو الطائفة!
الإسفين الذي لم يتمكّن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من دقّه سياسياً بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، منذ التسوية الرئاسية وحتى يوم الجمعة الماضي، نجح به من الباب المالي. انطلقت مواجهة بين التيارين الحليفين، قادتها المحطتان التلفزيونيتان التابعتان لهما. ومن غير المعلوم إن كان الخلاف سيُطوق، أم ستكون له ارتدادات أكبر من ساحته الإعلامية. افتتحت قناة «أو تي في» جولة الخلاف، بمقدمة اعتبرت فيها أنّ السنيورة «يخوض معركة استباقية بأسلحة الماضي ورجالات الماضي الغابر والربيع العابر الذين أضحوا في خريف المسيرة وسن اليأس السياسي. السنيورة يخشى سوء العاقبة وفتح الأوراق القديمة في عهد الأب بعدما تخلّى عنه الابن وأفرد من النيابة والوزارة ورئاسة الوزارة واستفرد في الفساد من دون سائر العباد (…) حزب الله الذي لم ينسَ دور السنيورة في حرب تموز وما تلاها من انهيار حكومي و7 أيار وما سبقها من تلاعب بالخيار وتوجيه القرار». فأتى الردّ أمس من مقدمة «المستقبل»، بالقول إنّ «الإبراء المستحيل، فيمكنهم أن يبلّوه ويشربوا المياه الآسنة التي نشأت عنه. تقديمٌ لحزب الله أوراق اعتماد جديدة للمعارك السياسية المقبلة. هذا شأنكم». أما الأخطر في مقدمة التلفزيون الأزرق، فهو اللعب على الوتر الطائفي، الطريق الأسهل للتجييش وشدّ العصب الشعبي وتحوير القضية عن مسارها الصحيح: «فؤاد السنيورة اليوم هو تيار المستقبل، وهو الحزب والموقع، وهو رئاسة الحكومة وهو الطائفة التي يمثلها إذا شئتم».
يُصرّ تيار المستقبل وفؤاد السنيورة، على تحويل قضية الحسابات المالية للدولة، إلى معركة شخصية موجّهة ضدّهما. يُركّزان على مبلغ الـ11 مليار دولار التي أنفقتها حكومة الـ2005 – 2008 متجاوزة القاعدة الاثني عشرية، ويتجاهلان أن القضية هي قضية حسابات الدولة، منذ العام 1993. يريدان لهذه القضية الخطيرة أن تبقى في إطار «المناكفات الإعلامية»، أما حين تجهز الأوراق الرسمية ويُصبح بالإمكان تحويله إلى القضاء من أجل كشف الثغرات التي واجهت الحسابات منذ الـ1993 حتى الـ2013، فينبري «المستقبل» لمنع أي «إصلاح» و«مكافحة فساد».
وكان عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، قد أكّد أمس إن هدف حزب الله «التدقيق في الحسابات المالية، وليس تصفية الحسابات السياسية، فضلاً عن حماية المال العام، ونحن لسنا بوارد الانتقام من أحد». ولفت إلى أنّ حزب الله أعلن مشروعه في مكافحة الفساد «وهو يتوقع مسبقاً أنّ هناك متضررين سيحاولون أن يحرضوا ليحجبوا الحقيقة، ونحن نتوقع المزيد من الافتراءات لأجل حماية المفسدين».
من ناحية أخرى، قرّرت «القوات» استلحاق نفسها، بإطلاق مبادرة لعودة النازحين السوريين إلى أرضهم. طيلة سنتين في الحكومة السابقة، لم تُبادر «القوات» إلى أي خطوة من أجل حلّ هذه المسألة، بل على العكس من ذلك، تصرّفت بطريقة «تُرضي» المجتمع الغربي، معارضة نهج رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية والمغتربين وفريق 8 آذار السياسي، القائم على فصل العودة عن الحلّ السياسي في سوريا، وتشجيع العودة الآمنة وإعطاء المساعدات للنازحين في أرضهم وليس في البلدان المضيفة. وصلت «القوات» متأخرة، بعد أن عُيّن في وزارة الدولة لشؤون النازحين وزيرٌ من خلفية سياسية حليفة لسوريا، ويريد العمل مباشرةً معها لحلّ الملّف، مدعوماً من القصر الجمهوري. أعلن عن التوجه القواتي الجديد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، مُوضحاً بأنّ المبادرة أُطلقت «لأنّ موضوع النازحين السوريين بات يشكل أزمة وطنية كبرى، ولأنّ الخلاف السياسي على التطبيع والعلاقة مع النظام الحاكم في سوريا يجب ألا ينعكس على إرادتنا المشتركة لإيجاد الحلول الآيلة لعودة النازحين إلى بلادهم». وقد تضمنت المبادرة الآتي: «المكان الوحيد لبحث حلّ العودة هو مجلس الوزراء، تشكيل لجنة وزارية لمتابعة الموضوع، الإناطة بهذه اللجنة الوزارية بحث عودة النازحين بالتنسيق مع الجهات الدولية المعنية، لتحفيز السوريين على العودة عبر إمدادهم بالمساعدة داخل سوريا، كما التنسيق مع الدول الكبرى ولا سيما روسيا، صاحبة المبادرة، على الحكومة أن تطلب من المجتمع الدولي مزيداً من الضغط على النظام السوري لتسهيل العودة (تسمح «القوات» لنفسها بالتدخل في شؤون دولة أخرى، و«نصح» المجتمع الدولي بالضغط لإلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، وإعادة النظر بقوانين إثبات ملكية العقارات…)، الأمن العام اللبناني هو الجهاز الصالح لتنسيق عودتهم عبر الحدود. ولتحفيز العودة، تلغي الحكومة اللبنانية كل رسوم تسوية أوضاع الإقامة للسوريين العائدين، ستكون وزارة الشؤون الاجتماعية على استعداد، وفق الخطة التي ستقرها الحكومة، للطلب من الفرق العاملة في خطة الاستجابة للأزمة السورية، المساهمة أولاً في حث النازحين على العودة وثانياً أخذ أسماء العائلات الراغبة بذلك».
اللافت للنظر، أنّه في 3 شباط 2019، كان نائب القوات اللبنانية بيار بو عاصي، يختتم مسيرته كوزيرٍ للشؤون الاجتماعية، بالمشاركة في مؤتمر «خطة الاستجابة للنزوح السوري للعام 2019»، التي تهدف بشكل واضح إلى منع النازحين السوريين من العودة إلى بلدهم، وتوفير كلّ المُساعدات النقدية والعينية لهم وللبلدان المضيفة، من أجل أن يؤسّسوا لحياتهم خارج سوريا. فماذا فعلت وزارة الشؤون الاجتماعية، لمواجهة هذا المُخطّط؟ وهل حاولت «فرض هيبة» الدولة، برفضها دخول الأموال الغربية إلى البلد من دون المرور أولاً بالمؤسسات الرسمية، الواجب عليها أن تُشرف على كيفية إنفاق هذه المبالغ؟ «لا عمل» وزارة الشؤون الاجتماعية مع بو عاصي، لمواجهة مشكلة النزوح، كان جزءاً من سياسة القوات اللبنانية العامة، التي بدت مُتماهية إلى حدّ بعيد مع الرغبات الدولية في منع عودة النازحين إلى أرضهم، تحت ستار «عدم التواصل مع النظام السوري»، واختلاق أعذارٍ شتّى بدءاً من غياب الأمان في سوريا، وصولاً إلى نظرية أنّ الرئيس بشار الأسد لا يريد للنازحين أن يعودوا. كان ذلك، قبل أن تعتبر «القوات» أنّ العودة الطوعية للنازحين السوريين، «قرار غير سيادي». وترى ضرورة في عودتهم السريعة، فأفضل مئة مرّة أن يسكن المرء داخل خيمة في بلده من أن يسكن بخيمة خارجه، على حدّ قول نائب «القوات» فادي سعد خلال مناسبة حزبية يوم السبت. تُصرّ مصادر «القوات» على أنّها من أول المُتحدثين عن عودة آمنة، «إلى المناطق التي يغيب عنها النزاع المُسلّح»، فأتى القرار بأن تبدأ حملة «لتوضيح موقفنا حتى لا يستمرّ أحد في غشّ الرأي العام، ولنشنّ حملة ضدّ التطبيع مع النظام السوري، بعد أن ارتفع في الآونة الأخيرة الحديث عن ربط العودة بالتطبيع». دولتان تتبادلان البعثات الدبلوماسية، تتواصلان وزارياً، وتربطهما علاقات اقتصادية وتجارية، ولا تزال «القوات» تتحدّث عن رفض لـ«التطبيع»؟ تردّ المصادر بالقول: «فلتبقَ هذه حدود التواصل. نحن غير موافقين على تبادل السفراء وزيارات الوزراء، ولكن القرار ليس بيدنا. خلاف ذلك، سنواجه محاولات تعويم النظام السوري». مبادرة «القوات» فيها تناقض أساسي، وهو استنجادها من جهة بـ«المجتمع الدولي» للضغط على النظام السوري، وفي المقابل مطالبتها بتقديم المساعدات للنازحين في سوريا وتشجيع عودتهم غير الطوعية (حديث فادي سعد). تردّ المصادر بالقول: «لا نستنجد بالمجتمع الدولي، بل نُقدّم له رؤيتنا، وسنضغط من أجل إقناعه بها. كما أنّنا سنتحاور مع سعد الحريري، لأنّنا ضدّ موقفه المؤيد للعودة الطوعية، ليكون موضوع العودة مُتفق عليه داخل الحكومة».
السنيورة يفشل في جعل قضيته أزمة وطنية
لم يكن الرئيس فؤاد السنيورة موفقاً في مؤتمره الصحافي الأخير. الواضح أنه يشعر بضيق كبير. الأمر، هنا، لا يتعلق باتهامه ولو بطريقة غير رسمية بالمساهمة في تحمل المسؤولية عن «غياب الوضوح» بالنسبة إلى الحسابات المالية للدولة طوال سنوات عدة. ضيق السنيورة سببه خشيته من أن يُترك وحيداً، وخوفه الحقيقي تخلي إدارة الرئيس سعد الحريري الحالية عنه، وتحويله إلى «كبش فداء»، وتحميله وحيداً مسؤولية كل أخطاء الفريق الحريريّ منذ العام 1993 (مقال إبراهيم الأمين).
مجموعة من الملاحظات:
– أراد السنيورة أن يحوّل مؤتمره الصحافي إلى مهرجان تضامني معه. كان مقربون منه يتوقعون أن يطلق الحاضرون تصريحات منددة بالاتهام. وقد حرص رئيس الحكومة السابق، خلال الساعات التي سبقت المؤتمر، على توفير تغطية إعلامية واسعة، تجعل موقفه يتجاوز موقع المدافع عن نفسه، ويحوله إلى قضية سياسية بامتياز.
– بعض من يدعمون موقف السنيورة، ويرفضون كل ما يصدر عن حزب الله، وجدوا رئيس الحكومة الأسبق مرتبكاً ومتوتراً. والمشكلة تكمن في كون أي متضامن مع السنيورة، لا يمكنه سرد أي معلومة واضحة للدفاع عنه. فكيف إذا كان في تيار السنيورة من يعتقد أنه بات على الرجل التقاعد.
– غالبية الفريق الذي حضر تنتمي فعلياً إلى تجمع القوى والشخصيات التي صارت خارج المشهد الفاعل سياسياً، بسبب طبيعة التسوية الرئاسية من جهة، وطبيعة التسوية التي رافقت تشكيل الحكومة من جهة ثانية. وهو فريق لديه مشكلة دائماً مع حزب الله وحلفائه، لكن مشكلته الأكبر ،اليوم، مع الرئيس سعد الحريري ومع «القوات اللبنانية» ومع الذين انخرطوا في التسوية. وقد يكون من المفيد لفت انتباه من يهمه الأمر إلى أن هؤلاء يمثلون آخر ما بقي من قوى وجيش 14 آذار. وقد يكون صعباً عليهم الإقرار بأن التسوية التي قامت على أساسها الحكومة الحالية، قد أجهزت نهائياً على فكرة 14 آذار وشعاراتها.
– صحيح أن طبيعة الاتهام العام الذي وجهه النائب حسن فضل الله يصيب السنيورة أكثر من غيره، لكنه اتهام يمكن تحويله إلى مضبطة بحق كل من تولى المسؤولية عن أموال الدولة منذ ربع قرن. وبالتالي، كان الأجدر بالرئيس السنيورة أن يقول إنه لا يعارض تحقيقات شاملة في الملف، وكان الأجدر به المطالبة بضمانات أن تكون التحقيقات شفافة تتيح تبرئته إن كان غير متورط، وتتيح الوصول إلى تحديد المسؤولية عن الجناة الحقيقيين.
– إذا كان السنيورة أكثر المتحسسين من الإشارة إلى الـ11 مليار دولار، فإن الاتهام الوارد في بيان النائب فضل الله، يجعل قضية الـ11 ملياراً جزءاً من قضية أشمل. وبالتالي، فإن آخرين كثراً، لم يحضروا في قاعة نقابة الصحافة، لكن قلوبهم كانت ولا تزال مع السنيورة، وهم يرغبون بإقفال هذا الملف بصورة نهائية وعدم العودة إليه. ومن هنا نفهم النشاط الحثيث القائم على أكثر من جبهة، للوصول إلى حل عنوانه «تصفير الحسابات» مرة جديدة.
– يجب على وزير المال أن يطلب هو – لا أن يسمح – من المدير العام للمالية ألان بيفاني عقد مؤتمر صحافي والرد على اتهامات السنيورة له، ليس فقط إفساحاً في المجال أمام الرجل للرد على اتهامات مباشرة وجهت إليه، بل لتقديم توضيحات يحتاجها اللبنانيون. وهي لم ترد أصلاً لا في بيانات النائب فضل الله ولا في كلام السنيورة. وصمت وزارة المال، وبيفاني على وجه التحديد، يعني أن هناك من يريد تغطية أكبر عملية تضليل يتعرض لها الجمهور اللبناني. وهي عمليه يشنها البعض علناً (السنيورة)، لكن الأهم، هم الذين يخشون المحاسبة العامة وجلّهم من قيادات تعاقبت على حكم البلاد منذ انتهاء الحرب.
لكن مهلاً…
لنفترض أن الاتهام له خلفية سياسية وحزبية و…الخ. هل هذا يمنع السؤال عن حقيقة وسبب تراكم ثروات فئة صغيرة جداً من اللبنانيين خلال ربع قرن من الفساد وسرقة المال العام؟ وهل الاتهام يمنع مساءلة جميع المتعاقبين على الحكم عن مصدر نفوذهم المالي – وبالتالي السياسي – غير العصبيات الطائفية؟
لذلك، تعالوا نتوجه إلى القادة العظام الموقرين، من كل الطوائف والمذاهب والملل والمناطق والفئات السياسية والاجتماعية، وأن نطلب منهم، رغبة في تبرئتهم جميعاً من تهم الفساد واستغلال السلطة، بأن يتقدموا أمام اللبنانيين، جميعاً ومن دون استثناء، بما في ذلك كل موظفي الفئة الأولى وكل العاملين في الإعلام أيضاً، ببيانات مالية وبيانات ملكية، تظهر ما كان عليه وضعهم قبل 25 سنة، وتظهر حالهم اليوم. ومن تظهر المعطيات أنه أصيب بانتفاخ كبير، ليشرح لنا السبب، ولا أعتقد أنه يغيب عن بال أي منهم، مصدر كل قرش دخل جيوبهم أو حساباتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
المستقبل لمحور حزب الله – التيار العوني: ملاحقة السنيورة لن تمر
مليون سائح سعودي إلى لبنان بعد التهديدات التركية الأخيرة للسعوديِّين
بِمَ يحفل بحر الأيام الخمسة المقبلة؟
سياسياً، لا تزال الأوساط منشغلة بالتجاذب حول الاستهدافات السياسية أو الشخصية عبر فتح ملفات، ملأى بالثغرات والنواقص والاحتمالات، ومتعثرة لدى المرجعية القضائية أو القانونية، ومع ذلك تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس النواب الأربعاء، لانتخاب سبعة نواب أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء… وإلى أي كتل سينتمون، وكيف سيكون مصار انتخابهم..
وعلى الجهة السياسية أيضاً، كان من المثير للاهتمام، ردّ «المستقبل» عبر مقدّمة المحطة مساء أمس، على ما أدلت به محطة OTV، أمس الأوّل لجهة المضمون، والتوقيت والمعنى..
فالردّ بالمضمون جاء مباشراً، «أمّاً الابراء المستحيل، فيمكنهم ان يبلوُّه ويشربوا المياه الآسنة التي نشأت عنه».
وتضمن الرد اتهام التيار الوطني الحر «بتقديم أوراق اعتماد جديدة لحزب الله للمعارك السياسية المقبلة».
وفي المضمون ايضا: «ان فؤاد السنيورة اليوم هو تيّار «المستقبل» وهو الحزب والموقع، وهو رئيس الحكومة، وهو الطائفة التي يمثلها إذا شئتم»، وما يجمع بين الرئيس سعد الحريري والرئيس السنيورة هو قضية وطن وشعب».
وجاء في مقدمة «المستقبل»: بالأمس طالعتنا محطة OTV في نشرتها المسائية بكلام تضمنته مقدمتها الإخبارية لا يُمكن وصفه الا بمحاولات تفرقة رخيصة هي من نسيج خيال من كتبها وهم يعرفون تماما انها اضغاث أحلام. فالذين يشرفون على سياسات المحطة العليا والسفلى جعلوها تتولى دوراً لم تكن بحاجة إليه.
ولجهة التوقيت والمعنى لم يتأخر الرد، وهو يحمل مؤشرات في المؤشرات والمعنى، من ان قضية ملاحقة الرئيس السنيورة لن تمر، وان تيّار «المستقبل»، يعتبر نفسه هو المعني المباشر فيها.
وعليه، يرى مصدر مطلع ان المسار السياسي، سيكون مرتبطاً بهذه الأبعاد، التي يعبّر عنها الاشتباك السياسي، على خلفية فتح الملفات.
سياحياً أكد مصدر في نقابة أصحاب الفنادق أن قرار الرياض رفع التحذير لسفر السعوديين إلى لبنان بدأت تظهر نتائجه الأولية في الحركة السياحية في بيروت ومناطق التزلج، حيث ارتفعت نسب الحجز أكثر من ٤٠ بالمئة في الفنادق، فضلاً عن زيادة الطلب على الخدمات السياحية الأخرى، وفي مقدمتها تأجير السيارات، الأمر الذي يُبشر بسنة سياحية نشطة ومثمرة.
وأضاف المصدر أن السائح السعودي يحتل المرتبة الأولى في قائمة الإنفاق السياحي، إذ يتراوح معدل إنفاق الزائر السعودي بين ٢٠٠٠ و ٢٥٠٠ دولار أميركي في اليوم، في حين معدل إنفاق السائح الأجنبي بالكاد يتجاوز ٢٥٠ دولاراً في اليوم.
وتوقع هذا المصدر أن يصل عدد الأشقاء السعوديين القادمين إلى لبنان بين ٥٠٠ إلى ٦٠٠ ألف زائر، في حال أحسن الجانب اللبناني إدارة هذا الملف، وقدم التسهيلات اللازمة، بما فيها الترتيبات الأمنية في المطار، مما يعني رفع معدل الناتج الوطني ٣ نقاط تقريباً.
وكانت جهود السفير السعودي في بيروت وليد بخاري قد تكللت بالنجاح مؤخراً، وأبلغ رئيس الحكومة وكبار المسؤولين بالقرار السعودي غداة تأليف الحكومة، وذلك كخطوة أولى لاعادة تنشيط العلاقات الأخوية بين البلدين.
غير أن أوساط مكاتب السفر والسياحة في لبنان كشفت لـ«اللواء» عن إحتمال أن يتضاعف عدد الأشقاء السعوديين، ويصل إلى مليون سائح هذا العام، بعد ردود الفعل السيئة التي أثارتها تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو مؤخرا، والتي هدد فيها بإعتقال كل سائح يهاجم بلاده على المطار، الأمر الذي أشعل وسائل التواصل في السعودية ضد تركيا، وتصدر هاشتاغ «قسم لن نسافر تركيا» موقع تويتر وجمع مئات آلاف المحتجين على تصريحات الوزير التركي وسياسة بلاده ضد المملكة العربية السعودية.
وكان وزير الداخلية التركي صويلو، وهو نائب رئيس حزب العدالة الحاكم، قد صرح بأن أجهزة الأمن ستعتقل كل من ينتقد بلاده من خارجها، وأنها ستقبض على السياح منهم فور قدومهم للمدن التركية، والشرطة تعد أكواماً من الملفات ضدهم حتى لا يتجرأ أحد على معاداتنا!
وختمت أوساط مكاتب السفر بأن لبنان أمام فرصة ذهبية لا تعوض، إذا أحسن أهل الحكم والسياسة توظيفها، وتركوا خلافاتهم ومحاورهم جانباً.
استحقاقات مثقلة
وتبدو استحقاقات الأسبوع الطالع مثقلة بالملفات الاقتصادية والإدارية، والحرب على الفساد، سواء لدى السلطة التنفيذية، أو في مجلس النواب الذي يتحضر لعقد جلستين الأربعاء والخميس المقبلين، الأولى لانتخاب أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، قبل ان يتحوّل إلى التشريع استناداً إلى جدول أعمال حافل باقتراحات القوانين المعجلة المكررة، من دون ان تكون مشاريع «سيدر» ملحوظة، بحسب ما كان يأمل السفير المكلف بمتابعة تنفيذ مقررات المؤتمر الفرنسي، بيار دوكين الذي استشعر الديبلوماسي الفرنسي ان لا خطة واضحة وموحدة لدى الحكومة اللبنانية ووزاراتها لكيفية تحقيق ورشة النهوض الاقتصادي والاصلاحات المطلوبة، مشددا على الحاجة لرؤية إصلاحات ملموسة خلال أسابيع في قطاعات الكهرباء والبنى التحتية والادارة والنفايات والاتصالات، وإلا فإن المساعدات الدولية ستصبح في مهب الريح.
لكن مصادر مطلعة أكدت انه خلافاً لما تسرب كانت الأجواء مريحة وحتى إيجابية.
وفي تقدير مصادر سياسية ان الهدوء الذي اتسمت به الجلسة الثانية للحكومة، والتي انعقدت في السراي الحكومي الأسبوع الماضي، لا يعول عليه، على اعتبار ان جدول الأعمال خلا من ملفات حيوية أو ساخنة، حتى ان القرار الذي اتخذته بصدد إعطاء الأساتذة المتمرنين في كلية التربية ست درجات توصلت إليه الحكومة بعد نقاشات حامية بأكثرية الأصوات، لا توحي بالاطمئنان، خاصة وان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينوي الطلب منها إعادة النظر فيه بحسب ما رجحت بعض المعلومات بما يُؤكّد ان التضامن الوزاري سيكون مرّة ثانية، وربما ثالثة على المحك، سواء حيال إعادة النظر بقرار الدرجات الست، أو من باب التعيينات التي يتردد انها ستكون على جدول أعمال الجلسة المقبلة.
تحضيرات لمجلس الوزراء
وافادت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه يتم التحضير في المبدأ لجدول اعمال جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع انما موعدها لم يحدد بعد، وليس مؤكدا ايضا انعقادها هذا الاسبوع الا اذا تم الانتهاء من جلسات مجلس التواب في خلال يوم واحد مشيرة الى ان الاعداد لجدول الاعمال قائم ولكن يبقى التأكد من موعدها في حين انه من غير المعروف ايضا ما اذا كانت ستعقد في قصر بعبدا او السراي.
تعيينات المجلس العسكري
غير ان معلومات متفائلة اشارت إلى ان الحكومة اقتربت من تحقيق تفاهمات بين اركانها على اطلاق الخطوات الاولى لمسيرتها عبردفعة من التعيينات الادارية، وربما العسكرية اذا توصلت الاتصالات الجارية بين الرئيس سعد الحريري وبين وزيري الخارجية والدفاع جبران باسيل والياس بو صعب والقوى المعنية الى تفاهمات على تعيينات المجلس العسكري بأركانه الاربعة:رئيس الاركان(درزي) والاعضاء السني والارثوذوكسي والكاثوليكي. فيما علمت «اللواء» انه تم التوافق شبه النهائي على تعيين محمود مكية امينا عاما لمجلس الوزراء بدلا من فؤاد فليفل الذي احيل الى التقاعد.
وذكرت المعلومات ان الوزير بو صعب على تواصل مع «اللقاء الديموقراطي»، فيما يتولى الوزير باسيل الاتصالات مع الاطراف الاخرى لا سيما الرئيس الحريري، من اجل التفاهم على سلة تعيينات متكاملة للمجلس العسكري في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، والتي لم يتم تحديد موعدها بعد بسبب انعقاد الجلسات التشريعية لمجلس النواب يومي الاربعاء والخميس، فربما تعقد بعد ظهر الخميس وربما الجمعة. ولكن تم تحضير مسودة بعض بنود جدول الاعمال ومنها تعيين امين عام مجلس الوزراء، علماً ان جلسات مجلس الوزراء التي تشهد تعيينات عادة ما تعقد في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية..
وقال الوزير بوصعب لـ«اللواء»: ان التصور للمرشحين للتعيين أعضاء في المجلس العسكري بات جاهزا لديه، انما تحتاج الى الحوار والتوثيق مع المعنيين، رافضا الكشف عن الاسماء التي سيطرحها. وانه على تواصل مع عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور (صلة الوصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط) للتفاهم على اسم رئيس الاركان من بين اسمي عميدين درزيين مقترحين (امين العُرم وغازي عامر).
اشتباك «المستقبل»- «حزب الله»
وفيما غادر الرئيس فؤاد السنيورة إلى بغداد، من ضمن وفد مجلس العلاقات العربية الدولية، حيث سيعقد المجلس اجتماعاً له في العاصمة العراقية، بقي الاشتباك السياسي- المالي عنيفاً بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، الذي ردّ أمس على المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس السنيورة الجمعة، مستخدماً نفس تعابير رئيس الحكومة السابق، بلسان عضو مجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق، لكنه لم يسم السنيورة بالاسم، إذ أعلن ان «الفساد الأكبر في البلد هو النهب للمال العام، وان الشر الأعظم هو النهب المنظم للدولة».
في المقابل، رأى الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري، من طرابلس «أن «حزب الله» يحاول اليوم تعديل البوصلة الاقتصادية، يحاضر بالاقتصاد وهو بالاصل لا يملك مشروعاً اقتصادياً، أضف إلى أن مآثره في الفساد كثيرة، من «يحيى تلكوم» الى المرافئ الحدودية..وما بينهما من مآثر، وبالتالي من الاجدر بـ«حزب الله» الذي يتحدث عن مكافحة الفساد أن يبدأ بنفسه، بدل الافتراء على الاخرين».
مبادلة المياه بالكهرباء
إلى ذلك، أفاد المكتب الإعلامي للرئيس نبيه برّي الذي وصل الجمعة الماضية إلى عمان للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في العاصمة الأردنية، أنه التقى أمس العاهل الأردني عبد الله الثاني في القصر الملكي.
وبحسب المكتب الإعلامي، فإن الملك عبد الله والرئيس برّي «تناولا الهم المشترك وهو قضية النازحين السوريين، وضرورة التواصل مع الحكومة السورية سواء من لبنان أو الأردن من أجل عودة السوريين إلى بلدهم، كما تطرق الحديث إلى معبر نصيب وأهمية هذا المعبر الذي يفيد كلا من لبنان وسوريا والاردن.
وشرح بري للملك عبدالله موضوع الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة. وخلال الحديث أشار الملك الأردني إلى أنه سيزور الولايات المتحدة، وهنا حمله بري ملف المساعدة في ترسيم الحدود البحرية وطرحه مع الأميركيين من زاوية الحل الذي اعتمد في الحدود البرية والخط الأزرق.
كما تطرق الحديث إلى إمكانية توسيع التعاون بين البلدين، فأشار العاهل الأردني إلى وجود فائض في الكهرباء لدى الأردن، وهنا أشار بري إلى وجود فائض من المياه في لبنان، مستوضحا سعر الكهرباء إذا ما أراد لبنان أن يستفيد منها فرد الملك الأردني قائلا: نحن نرحب بذلك فلديكم فائض من المياه وبالمستطاع أن نبادلكم الكهرباء بالمياه.
وألقى برّي كلمة امام البرلمانيين العرب في جلسة المساء، شدّد فيها على ضرورة توحيد الصف العربي.
وقال: «إننا كبرلمانيين، لا نستطيع الشعور بالمسؤولية اتجاه الفلسطينين، فيما نعزل سوريا، ونبني حواجز بين بعضنا وبعضنا»، مضيفا: «وعلى مستوى الوطن اللبناني، نطالب بقرار حازم وحاسم، ضد صفقات تبديل الأرض والوطن البديل، وتوطين اللاجئين والنازحين من الأشقاء الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وكذلك في الأردن وغيرهما».
مطر آذار خير وأضرار
بيئياً، فضح مطر آذار ببرقه ورعده وعواصفه المنشآت الرصيفية على الطرقات العامة التي تربط المحافظات، سواء في البقاع أو الجنوب والجبل والشمال وبيروت، وطرح جملة أسئلة وتحديات حول أعمال وزارة الاشغال مع الوزراء المتعاقبين عليها، وما هي البنى التحتية للطرقات من مجارير وارصفة، وصيانة وعبارات وتدارك مخاطر التشققات، أو الانخسافات، كما حصل على طريق ضهر البيدر، والذي استدعت فتح طريق بديلة، والحؤول دون قطع الطريق وتعطيل المرور على هذه الطريق الدولية الحيوية..
وفي الجنوب ناشدت بلديات المنطقة (برج رحال، والبلديات المجاورة لها) وزارة الاشغال المسارعة لإنجاز صيانة الأوتوستراد الذي يربط الزهراني بعدد من بلدات المنطقة الساحلية، في أقضية صور وبنت جبيل، وحتى النبطية.. بعد انخساف الطريق بالقرب من حاجز الجيش عند مفترق صور – القاسمية برج رحال.
وباتجاه الشمال قطعت صخور وأتربة طريق نهر إبراهيم – يحشوش، فيما احتجزت ثلوج مواطنين في سياراتهم على طريق ميروبا – فيطرون.
من جهة ثانية، فإن المعدل العام للمتساقطات لهذا العام كان مضاعفاً وان كان له ايجابيات الا ان القرى البقاعية وخصوصاً المحيطة بالانهر وبحيرة القرعون تعيش هاجس الخوف من فيضان محتمل في حال استمرار غزارة الأمطار والثلوج مع وصول مستوى المياه في البحيرة إلى الذروة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
بوتفليقة يترشّح متعهّداً بالانسحاب بعد عام… ونتنياهو لحل سياسيّ للقوات الأجنبيّة في سورية
بري يلتقي عبد الله: لا نستطيع الشعور بالمسؤولية تجاه فلسطين فيما نعزل سورية
عون إلى موسكو لخريطة طريق لملف النازحين… والتيار الحرّ لرفع الغطاء في التوظيف
مع تركّز الأنظار نحو الجزائر بعد تظاهراتها الحاشدة رفضاً لترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، نظراً لمحورية مكانة وحجم الجزائر الاقتصادي والسياسي، بدا أن فرص الانفراج تملك حظوظاً كبيرة بعدما أعلن بوتفليقة ترشّحه مرفقاً بتعهد الانسحاب من المشهد السياسي والموقع الرئاسي خلال عام، ومحدداً مهام العام بالحوار الوطني لوضع دستور جديد ورسم أولويات وطنية اقتصادية واجتماعية وسياسية، ويُفترض أن يبت المجلس الدستوري بترشيح بوتفليقة الذي لم يقدّمه شخصياً، كما تنصّ لوائح المجلس، تمهيداً لإجراء الانتخابات الرئاسية مطلع الشهر المقبل، بغياب منافسين بارزين لبوتفليقة بعدما انسحب أبرز منافسيه علي بن فليس قبل أيام، وسط تفسيرات ربطت الانسحاب بتعهدات بوتفليقة التي أعلنت أمس.
الأنظار كانت متّجهة أيضاً بالقوة ذاتها لما سيصدر عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إثر عودته من زيارة موسكو ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعدما كان عنوان الزيارة واضحاً وفقاً لتصريحات نتنياهو وقادة جيش الاحتلال، بالحصول على ضوء أخضر روسي لمواصلة استهداف الوجود الإيراني في سورية، الذي تعرقل منذ سقوط الطائرة الروسية قبالة اللاذقية وتحميل موسكو لـ«إسرائيل» مسؤولية إسقاطها، وإعلانها تزويد الجيش السوري بمنظومات دفاع جويّ متطوّرة، ومثلما كانت الإشارات معاكسة للرغبات الإسرائيلية أثناء الزيارة، والتأكيدات الروسية على التمسك بالسيادة السورية، جاءت تصريحات نتنياهو بعد نهاية الزيارة لتكشف الفشل الإسرائيلي بكلام نتنياهو عن تعاون روسي إسرائيلي سياسي ودبلوماسي للعمل على إخراج القوات الأجنبية من سورية، وهو ما يعني التسليم الإسرائيلي بوقف الغارات، وفتح مسار آخر لن يكون بعيداً عنه السعي الروسي لتعويم اتفاق فك الاشتباك في الجولان، أسوة باتفاق أضنة على الحدود السورية التركية، كضامن للأمن على طرفي الحدود، وما يعنيه كل من الاتفاقين وفق المفهوم الروسي من انسحاب إسرائيلي من الجولان وانسحاب تركي من الشمال السوري.
لبنانياً، كان الكلام النوعيّ النادر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري من عمّان، موضع اهتمام سياسي ودبلوماسي، حيث تحدّث مساء أمس في إطار مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، بعدما التقى الملك الأردني عبدالله الثاني متمنياً عليه التوسّط لترسيم الحدود البرية والمائية للبنان خلال زيارته لواشنطن. واستهلّ بري كلمته برسم معادلة «لا نستطيع الشعور بالمسؤولية تجاه الفلسطينيين فيما نعزل سورية»، مسجلاً الانتصارات على الجماعات الإرهابية، داعياً لرفض كل أشكال التوطين ومشروع الوطن البديل، مكرراً قوله إن «المقاومة أولاً والمقاومة أحد عشر كوكباً»، لافتاً إلى أن «استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على دمشق والحروب الجارية للقضاء على الارهاب ومحاولة الاستثمار عليها وعلى الوقت تهدف لتحويل انتباهنا عن مشاريع الصفقات والمخططات الهادفة لإنهاء القضية المركزية فلسطين وإخضاعنا لأمر واقع جغرافي وسياسي ومصلحي لا تلبي متطلبات السلام العادل والشامل على حساب الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني الشقيق وعلى وحدة كيانات المنطقة وفي الطليعة سورية والعراق وباستمرار بوضعهما على منظار التصويب في إطار السعي الجاري لاستبدال العدو وجعل عدو آخر بصراحة من خلال لقاء وارسو هو الجمهورية الاسلامية في ايران».
بالتوازي يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة موسكو بما وصفته مصادر متابعة العزم على تفعيل المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين، ووضع خريطة طريق لتنفيذها، وبينما تواصلت أصداء المؤتمر الصحافي للرئيس فؤاد السنيورة حول المال العام ومكافحة الفساد، وسط تساؤلات عن مدى نجاحه في إقامة غطاء سياسي وطائفي يمنع مواصلة كشف المستور في ملفات المال العام، أكد التيار الوطني الحر على ضرورة رفع الغطاء عن كل الوزراء الذين ساهموا بالتوظيف من خارج القانون.
لبنان على موعد مع أسبوع برلماني بامتياز، حيث يعقد المجلس النيابي يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، جلسات تشريعية صباحية ومسائية سيتخللها انتخاب سبعة نواب كأعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في إطار تفعيل الهيئات الرقابية والقضائية. وفي البرلمان أيضاً اجتماعات لجنة المال والموازنة التي تعود اليوم برئاسة النائب إبراهيم كنعان لمناقشة تقريري التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية والمتعلقين بالتوظيف والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة الحاصلين بعد صدور قانون سلسلة الرتب والرواتب في شهر آب 2017، وزارة الاتصالات و«أوجيرو».
وشدّدت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ«البناء» على أن الالتزام بتطبيق القوانين يعني بشكل أساس سلوك طريق مكافحة الفساد. ولفتت المصادر الى ان كل وزير يجب أن يتحمّل كل ما قام به من توظيف خارج القانون، لا سيما أن الجميع صوّت في البرلمان خلال جلسات اقرار الموازنة والسلسلة على وقف التعاقد، مشددة على ان وقف الهدر الذي ينادي به الجميع يجب أن يواكبه رفع الغطاء عن كل من خالف القوانين، معتبرة أن الفرصة اليوم مؤاتية، لا سيما ان مساعدات سيدر للبنان مشروطة بوقف الهدر والقيام بإصلاحات في القطاعات الإنتاجية وتشكيل الهيئات الناظمة، ولذلك فإن الفساد من المفترض ان يحارب من خلال المؤسسات والقضاء النزيه.
وفيما أشارت وكالة ستاندرد آند بورز إلى أن «تشكيل الحكومة في لبنان يجب أن يحسن ثقة المستثمرين مما سيدعم احتياجات التمويل الحكومي في 2019»، توقعت أن «تبقى محركات النمو التقليدية في لبنان مثل السياحة والعقارات والبناء ضعيفة». وأبقت الوكالة على تصنيفها الائتماني السيادي للبنان عند -B وخفضت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، بحسب «رويترز».
وأشار وزير المال علي حسن خليل إلى «أن تقرير الوكالة يعتبر تذكيراً بأن لدينا فرصة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي عبر إجراءات إصلاحية جديّة تضعنا على مسار جديد يفتح المجال للخروج من الأزمات، والمراهنة كبيرة على الحكومة لكن من دون مهلٍ مفتوحة.»
ولفت عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إلى «أن حزب الله أعلن مشروعه في مكافحة الفساد، وهو يتوقع مسبقاً أن هناك متضررين سيحاولون أن يحرّضوا ليحجبوا الحقيقة، ونحن نتوقع المزيد من الافتراءات على حزب الله لأجل حماية المفسدين، ويتحدّثون كذباً عن حزب الله. وهذه الأكاذيب هدفها الوحيد حماية المفسدين الحقيقيين، وحجب وتشويه مسار مكافحة الفساد، ونحن نعلن مجدداً ونصوّب أن الفساد الأكبر في البلد هو النهب للمال العام، وأن الشر الأعظم هو النهب المنظم للدولة، فهناك أفراد فاسدون ينهبون المال العام، وهناك ميليشيا ودويلة فساد داخل الدولة. وهذا هو الفساد المنظم والشر الأعظم، وأما التحدّي الأعظم، هو أننا سننتصر في مقاومة الفساد، وسيكون النصر الأعظم بتحرير الدولة من مخالب المفسدين الذين يهدّدون الوطن ومصالح اللبنانيين».
من ناحية أخرى، شدّدت مصادر وزارية لـ«البناء» على أن الحكومة يجب أن تقوم بمشاريع تصب في مصلحة الاصلاحات المالية والإدارية المطلوبة في مقررات سيدر لجهة ترشيد الإنفاق من اجل إعطاء المجتمع الدولي مؤشرات ايجابية لا سيما ان منسق مؤتمر سيدر السفير بيار دوكين أبلغ المعنيين ضرورة قيام الحكومة بما هو مطلوب منها بأسرع وقت ممكن، لا سيما انها أضاعت اكثر من ثمانية اشهر، فكل الهبات والقروض التي ستقدمها الصناديق المالية للبنان من أجل تنفيذ مشاريع في لبنان ستكون تحت إشرافها ميدانياً وتنفيذياً ووفق شروطها، مشددة على اهمية العمل على تعزيز قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقره مجلس النواب.
إلى ذلك، توقفت مصادر نيابية عند طلب دوكين ضرورة أن تنجز الموازنة العامة قبل نهاية هذا الشهر، فشدّدت في حديث لـ«البناء» على استحالة هذا الأمر لاسيما ان الموازنة لم يبدأ اولاً مجلس الوزراء بدرسها، مشيرة الى ان مجلس الوزراء من الصعب أن يحيلها الى مجلس النواب قبل شهر نيسان، وبالتالي فإن لجنة المال والموازنة تحتاج تقريبا الى شهر لدراسة الموازنة تمهيدا لإحالتها الى البرلمان لإقرارها، قائلة من الصعب جداً إقرار الموازنة قبل ايار المقبل.
الى ذلك يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون روسيا في 26 آذار الحالي تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحسب مصادر وزارية لـ«البناء» سيبحث الرئيس عون خلال زيارته مع بوتين والمسؤولين الروس في المبادرة الروسية لحل أزمة النازحين لا سيما أن لبنان يُصرّ كروسيا على ضرورة حل أزمة النازحين بعيداً عن الحل السياسي. ولفتت المصادر الى ان هذه الزيارة مهمة جداً للبنان نسبة للدور الذي تلعبه موسكو في المنطقة لا سيما في سورية على وجه الخصوص، مشددة على الزيارة التي ستتطرق الى ضرورة تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين لما لذلك من انعكاس إيجابي للتعاون على لبنان. وفي السياق، يبحث وزير الخارجية الوزير جبران باسيل اليوم في قصر بسترس مع السفير الروسي الكسندر زاسيبكين في المبادرة الروسية لحل أزمة النازحين السوريين وفي زيارة الرئيس عون لموسكو.
وكان السفير الروسي زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكان نقاش عام، بحسب جنبلاط، حول شتى المواضيع المحلية والعالمية وطبعاً من جملة ما جرى التطرق إليه هو الخطة الروسية التي تتعلق بالنازحين السوريين وأهمية تثبيت العودة الطوعية والآمنة بعيداً عن جو المزايدات والعنصرية.
في سياق متصل، حضر ملف النازحين في لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري والملك الأردني عبدالله الثاني» وأكد الطرفان ضرورة التواصل مع الحكومة السورية من أجل تأمين عودة هؤلاء النازحين واتفقا على التنسيق والتواصل في هذا المجال.
وحمّل بري الملك عبد الله الذي سيزور الولايات المتحدة، ملف المساعدة في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة، وفق ما طرحه أمام الأميركيين من زاوية الحل الذي اعتُمد في الحدود البرية والخط الأزرق.
وأكد بري في كلمة أمام البرلمانيين العرب في جلسة لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، المنعقد في عمان «ضرورة توحيد الصف العربي»، وقال: «إننا كبرلمانيين، لا نستطيع الشعور بالمسؤولية تجاه الفلسطينيين، فيما نعزل سورية، ونبني حواجز بين بعضنا وبعضنا».
وطالب بري «على مستوى الوطن اللبناني، بقرار حازم وحاسم، ضد صفقات تبديل الأرض والوطن البديل، وتوطين اللاجئين والنازحين من الأشقاء الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وكذلك في الأردن وغيرهما».
وقال بري الذي انتخب أميناً لسر المؤتمر: «نلتقي اليوم في ظروف ضاغطة على مختلف أقطارنا، بالاجتماعات والمؤتمرات وباستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على دمشق، وبالحروب الجارية للقضاء على الإرهاب، ومحاولة الاستثمار عليها وعلى الوقت، لتحويل انتباهنا عن مشاريع الصفقات والمخططات، الهادفة لإنهاء القضية المركزية فلسطين، وإخضاعنا لأمر واقع جغرافي وسياسي ومصلحي، لا تلبي متطلبات السلام العادل والشامل، على حساب الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني الشقيق، وعلى وحدة كيانات المنطقة، وفي الطليعة سورية والعراق، والاستمرار بوضعهما على منظار التصويب في إطار السعي الجاري لاستبدال العدو، وجعل عدو آخر بصراحة من خلال لقاء وارسو، وهو الجمهورية الإسلامية في إيران».