أبهجت تصريحات مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأجواء السياسية. أخيراً، وجدنا "مسؤولاً دولياً" يكذب "أبطال التوطين" ويصدق كلام لبنان عن أن النازحين السوريين العائدين، يقيمون في وطنهم بأمن وكرامة. يجب أن يشكر المواطنون السيد غراندي، لأنه زار سوريا لثلاثة أيام ليحقق بنفسه هذا "الإكتشاف". لا نعلم ما العقوبة التي سيوقعها "أبطال التوطين" بحق غراندي. الأرجح أن "يفسدوا عليه" لدى "أصدقائهم" في نيويورك، وأن يؤلبوا عليه "صديقهم" الوزير بومبيو عندما يأتي إلى بيروت بعد ايام. سوى ذلك الحرب على الفساد هي الحدث اليومي، وهذا فأل خير.
البناء
بداية تحوّل في المقاربة الأممية لملف النازحين: اعتراف بأن العائدين من لبنان لا يواجهون مشكلة
نصرالله: الحرب على الفساد كمقاومة الاحتلال قداسة ومخاطر وتعقيدات
بذات العزم والصبر سنخوض معركتنا… توقعوا منا كل شيء… وماضون إلى النهاية
سمع المسؤولون اللبنانيون من المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي العائد من زيارة دمشق، التي قال إنه بقي فيها ثلاثة أيام عاين خلالها أوضاع النازحين العائدين من لبنان، شهادات توحي بتبدل في الموقف الأممي من عودة النازحين لجهة إزالة الفيتو الذي سبق للبنان أن سمعه من أكثر من مسؤول أممي رفيع يربط العودة بالحل السياسي الشامل والمقبول دولياً للأزمة السورية، بينما عبّر كلام غراندي عن اطمئنانه لمسار العودة التي تمت من لبنان، وللتعاون مع الدولة السورية لتوفير شروط المسكن والخدمات الأساسية للعائدين، ودعوته للصبر حتى تتفعل خطط العمل التي بشر بها، يقول إن بيد لبنان نوعاً من الضوء الأخضر لتزخيم الحركة التي يزمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون البدء بها من موسكو صاحبة المبادرة الأهم لعودة النازحين، والتي أشار غراندي لمساهماتها وأشاد بها.
الحدث الأهم أمس، كان الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن معركة مكافحة الفساد، وقد تميز الكلام بإعلان نصرالله رفع قدسية هذه المعركة إلى مصاف معارك المقاومة بوجه الاحتلال والإرهاب، واستعداد حزب الله لتحمل كل التضحيات والاتهامات والمتاعب التي يحتاجها الفوز بهذه الحرب، مضيفاً توقعاته بمحاولات التيئيس والتشكيك وافتعال مشاريع الفتن وتضييع المواجهة إلى مسارات طائفية وسياسية، قائلاً إن هذا لن يثني حزب الله عن المضي قدماً في هذه الحرب وهو لا يخشى حرباً داخلية ولا فتناً طائفية في طريقه هذا، موجهاً التحدي لمن يشكك في صدقية حزب الله في هذه المعركة ويوجه له الاتهامات بتقديم ما لديه ضد الحزب أو أعضائه وقياديه إلى القضاء.
انطلق نصرالله من المؤتمر الصحافي للمدير العام للمالية آلان بيفاني ليستنتج أن الوضع خطير ولا يمكن السكوت عنه، مضيفاً أن حزب الله لا يريد تقدم الصفوف وسيقف خلف كل من يتقدمها بكل ترحيب وتواضع، وأنه يريد لهذه المعركة أن تكون معركة وطنية يستنفر لها الجميع لأن لبنان الوطن والدولة في خطر، وحزب الله قد صمّم على مواصلة المواجهة حتى النهاية، قائلاً لا تراهنوا على تعبنا فلن نتعب، ولا على يأسنا فلن نياس، ولدينا من الصبر ما يكفي لنمضي لسنوات مقبلة في هذه المواجهة، وتوقعوا من حزب الله كل شيء في هذه المعركة.
مصادر متابعة رأت في كلام السيد نصرالله إعلان دخول الحياة السياسية مرحلة جديدة، سيخيم عليها عنوان المساءلة والتدقيق في الشؤون المالية، فيما الملفات السابقة المتصلة بالمالية العامة ستسلك طريقها للتحقيق دون اتهامات مسبقة، ودون التوقف عند ممنوعات ومحاولات تحييد أحد، بينما ستشهد الحكومة ومعها اللجان النيابية والمجلس النيابي مناقشات تفصيلية لكل بند يتصل بالإنفاق المالي والاستقراض وتوزيع القروض، وسيكون التدقيق في الأرقام ووجهة الإنفاق وطرقها وتفاصيلها شيئاً جديداً لم تعتد عليه مؤسسات الدولة. وسيحرص حزب الله على إشراك الجميع في هذه الورشة التي يجب أن تشكل قناعة لدى الجميع بأن زمن الاستسهال، والتسويات وتمرير التبادل في التغاضي عن القفز فوق الطرق القانونية والشفافية في إنفاق المال العام، قد ولى ولن يعود، وأضافت المصادر أن إطلالة السيد نصرالله تكفي لخلق هالة من الردع في الكثير من مفاصل السياسة المسؤولة عن إنفاق المال العام، وأن هذه الإطلالة المفصلة في ملف مكافحة الفساد سيتبعها ظهور ورش عمل تفصيلية تطال كل بنود الإنفاق العام يشرك فيها الحزب نواب الكتل الأخرى والخبراء ومنظمات المجتمع المدني المختصة والمهتمة بمكافحة الهدر والفساد وفرض الشفافية في إنفاق المال العام، وهذا سيشكل منطلقاً لتعميق فكرة الدولة في عمل الوزارات والمؤسسات التي اعتادت على ثقافة المزرعة والمحسوبيات.
نصرالله: معركة الفساد وجودية
رسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الإطار العام للحرب المفتوحة التي بدأها الحزب على الفساد، فبعد كلامه ليس كما قبله، فلم تعد هناك إمكانية للفصل بين التحديات الخارجية المتمثلة بالخطرين الإسرائيلي والإرهابي وبين مخاطر المتأتية من الفساد. فحزب الله قرّر خوض المواجهة رغم الأكلاف المتوقّعة والصعوبات التي تنتظره، لكنه لن يخضع للتهديد بسلاح المذهبية فهو مجرد تهويل ووهم وابتزاز لوقف عجلة الإصلاح وكشف الفساد والفاسدين.
وشدّد السيد نصرالله على أننا «أمام مفصل وجودي يهدّد مصير البلد لأن الانهيار المالي والإفلاس يعني ذهاب الدولة والبلد»، ولفت الى أن «حزب الله الذي قدّم أغلى شبابه وأبنائه وقادته من أجل عزة وكرامة وسيادة وبقاء هذا الوطن والدولة، لا يمكن أن يقف متفرجاً من أجل أن لا يزعل حزب أو تيار أو فرد».
وخلال كلمة له في الاحتفال بمناسبة الذكرى الـ30 لتأسيس «هيئة دعم المقاومة الإسلامية»، قال نصرالله «نحن أمام مهمة جهادية ووطنية لا تقلّ قداسة عن مقاومة الاحتلال والمشروع الصهيوني بالمنطقة، ولا نخوض بمكافحة الفساد بحثاً عن عمل أو شعبية ولا للانتقام السياسي، وإلا لمّا كنا شاركنا في حكومة وحدة وطنية».
وأعلن أن الحزب يقبل بكل مَن يحمل راية معركة مكافحة الفساد قائداً، وقال إننا «حاضرون أن نكون عنده جنوداً، فلسنا مصرّين على أن نبقى في الخط الأمامي، وكل مَن يتقدّم في هذه المعركة يخفف العمل عنا». وأضاف «لا تراهنوا على خوفنا من فتنة مذهبية أو داخلية كي نتراجع، ونحن ماضون إلى النهاية في محاربة الفساد ويمكنكم أن تتوقعوا أي شي وكل شيء من حزب الله في هذه المعركة، معركة بقاء الدولة والوطن وإنقاذه من أيدي الفاسدين واللصوص».
وأشار السيد نصرالله إلى أن «ما سُمّي بملفات حسابات الدولة من عام 1993 الى 2017 ، فقال إن «الوضع لم يكن سليماً وغير صحي ومشبوه، نحن بدأنا من هذا الملف لأن هذه البداية الصحيحة ولم نختر شخصاً، خلال الأشهر المقبلة قلنا إن الملف الأهم مفتاح الإصلاح المالي، هو من موازنة الدولة»، وقال «إذا حزب الله قبل أن يتم إغفال ملف الحسابات المالية يكون حزباً منافقاً أو كاذباً».
وأوضح نصرالله أننا «لسنا أول من ذهب اليه وانما التيار الوطني الحر»، ولفت إلى أنه «من يستمع الى مدير عام وزارة المالية يدرك أن لبنان أمام كارثة. وهذا الأمر يستحق التوقف عنده ملياً». ولفت إلى أن «المعركة في بداياتها ومع ذلك هناك نتائج مهمة تحققت حتى الآن، ومنها هذا الإجماع الوطني على مكافحة الفساد ورفض الجميع الصرف على قاعدة الاثنتي عشرية ووضع ملف الحسابات المالية لوزارة المال على سكة الحل الصحيحة ورفض الاقتراض غير المجدي».
وأوضحت أوساط مطلعة لـ»البناء» أن «الحزب سيتعامل مع مستوى مخاطر الفساد بمستوى تعامله مع الخطرين الإسرائيلي والإرهابي، فكما هناك عدو يضرب الوطن من الخارج فهناك عدو أيضاً ينخره من الداخل، لكن بالتأكيد تختلف الوسائل بين المعركتين. فوسائل معركة الفساد ستكون قانونية ومؤسسية وتقنية، فحزب الله سيواجه نهجاً دأبت على ممارسته الحكومات المتعاقبة منذ عقود، وبالتالي هو لا يحارب أشخاصاً، لكن في حال سقطت رؤوس في قبضة القضاء على طريق المواجهة، فهذا أمر طبيعي ويجب أن يحصل والحزب لن يقبل التسويات على هذا الملف، فقبوله يعني إشراكه في الصمت عن سرقة أموال الناس وهو ما لا يقوم به مهما بلغت الأثمان»، ومع أن المصادر نفت أي عرض تلقّاه الحزب لتسوية الملف إلا أنها لفتت الى أن «السيد نصرالله استبق أي وساطة تقوم بها بعض الجهات لفلفلة الملف تحت شعار الضرورات الوطنية والاستقرار الداخلي».
وإذ علمت «البناء» أن مدير عام المالية تلقى الضوء الأخضر من رئيس الجمهورية ميشال عون للرد على الرئيس السابق فؤاد السنيورة ولإفراغ كل ما في جعبته من معلومات ومعطيات عن المرحلة الماضية في ما خصّ الحسابات المالية، أشارت الأوساط الى أن «كلام بيفاني أعطى المعركة أبعادها الوطنية والتقنية والمؤسسية وأبعدها عن محاولات مذهبتها وتطييفها». ولفتت الأوساط الى أن تذكير السيد نصرالله بالإبراء المستحيل وتعمده ذكر العماد عون هدفه توسيع جبهة مكافحة الفساد وتحصينها إزاء محاولة إلباسها ثوب المذهبية لتشمل جبهة وطنية عارمة في هذه المعركة». ولفتت الأوساط الى أن «كلام السيد ليس ضغطاً على القضاء أو تحميله المسؤولية الكاملة بمعزل عن الإرادة السياسية والتوافق الوطني على هذه المعركة، لكن القضاء يشكل الاداة التنفيذة لخريطة طريق مكافحة الفساد، رغم أنه من هذه البيئة السياسية، فإذا وجد غطاءً سياسياً للمتورطين والفاسدين يلجم اندفاعته في استكمال مهمته في التحقيق وإصدار القرارات الظنية وصولاً الى المحاكمات. وفي المقابل إذا وجد رفع الحصانة والتغطية من أركان الدولة والمؤسسات السياسية الدستورية، فبالتأكيد سيقوم بعمله على أكمل وجه حتى النهاية».
وأوضحت الأوساط نفسها أن «كلام السيد نصرالله عن أنه سيذهب الى النهاية في هذه المعركة يعني وضع إمكانات وقدرات المقاومة وخبراتها في خدمة هدف مواجهة السفاد لحماية لبنان ويستخدم الحزب القوة الناعمة والعمل التدريجي الهادئ للوصول الى الهدف». ولفتت الى ترابط عضوي وحبل صرة يربط بين شقي خطاب السيد: الأول القرار البريطاني والعقوبات على حزب الله والثاني الفساد، مشيرة الى أن «هدف الضغط البريطاني الأميركي على الحزب هو منعه من تحقيق إنجازات في معركة مكافحة الفساد لإبقاء البلد تحت رحمة الخارج وأمواله ما يمكنه من افتعال أزمات سياسية وأمنية مفتوحة وقتما يشاء لانتزاع شروط سياسية واقتصادية ومالية وأمنية مقابل منع الانهيار».
سنواجه العقوبات
وفي موضوع القرار البريطاني والعقوبات، توقع الأمين العام لحزب الله أن تشتد العقوبات الأميركية على حزب الله وعلى الداعمين، ودعا إلى أن العمل على تعطيل أهداف هذه الخطوات والإجراءات، على اعتبار أنها من مسؤولية المقاومة وأهلها وبيئتها وكل من يشكل جزءاً في هذه الحركة الإنسانية في منطقتنا.
وشدد على أن «الأميركيين يفرضون العقوبات على حزب الله وعلى محور المقاومة لأننا هزمناهم وندافع عن بلداننا وأمتنا وليس سياق ضعف على الإطلاق بل لأنهم عاجزون». ولفت إلى أننا «عندما نواجه بعض الصعوبات المالية هو نتيجة هذه الحرب وليس بسبب اي خلل إداري»، وأكد أن بنية الحزب صلبة وقوية ومستمرة و»لن يوقفنا تدفق الدماء في عقوبتنا ولا عزيمتنا، سنواجه العقوبات بالصبر والتحمل وحسن الإدارة وتنظيم الأولويات ويمكن أن نعبر عن هذه الحرب». وتوجّه السيد نصرالله الى «من ينتظرون جثتنا التي سيفترضون أنها ستنهار، ستخيبون».
وفي تأكيد على التباين بين الموقفين البريطاني والأوروبي عموماً بشأن حزب الله، أعلن وزير الدولة الألماني نيلز إينان، في لقاء مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية بعد زيارته إلى لبنان، أن «ألمانيا لن تحذو حذو بريطانيا، في إعلان حزب الله منظمة إرهابية»، وشدد إينان على أن «حزب الله لا يزال مكوناً أساسياً في المجتمع اللبناني، والاتحاد الأوروبي أدرج بالفعل جناحه العسكري في قائمة الجماعات المحظورة في 2013».
بري قلق
الى ذلك، بقي الحراك الدبلوماسي في لبنان محل اهتمام داخلي، لا سيما زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد والمواقف التصعيدية التي أطلقها والمرتقب أن تظهر نتائجها عقب زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مطلع الأسبوع المقبل، ووضعت مصادر مطلعة زيارة ساترفيلد وبومبيو المقبلة في إطار حملة تصعيد جديدة ضد حزب الله، محذرة من نتائجها على الاستقرار الداخلي وانطلاقة عجلة الدولة بعد تأليف الحكومة الجديدة، مشيرة لـ»البناء» الى أن «زيارة ساترفيلد هدفها تحشيد فريق 14 آذار ضد المقاومة ورفع معنويات هذا الفريق الذي أرسل الكثير من العتاب للأميركيين حول ابتعادهم عن الساحة اللبنانية وتركها لحزب الله». وربطت المصادر بين «الضغط الأميركي والبطء في عمل مجلس الوزراء في طرح الملفات والقضايا الكبرى لا سيما النازحين السوريين وتسليح الجيش لا سيما من روسيا التي يعتزم الرئيس عون زيارتها وملف الحدود البحرية والنفطية بين لبنان وإسرائيل»، وفي هذا الإطار نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ»البناء» قلقه الشديد إزاء استمرار العدوان الإسرائيلي على المنطقة النفطية اللبنانية، وتشديده على أنه «يتابع هذا الملف بشكل دقيق مع المعنيين في ظل سعي إسرائيل بالتنسيق مع تركيا واليونان وقبرص لاستثمار جزء من المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل»، إلا أن مصادر معنية أبدت قلقها من غياب موقف رسميّ موحّد حتى الآن حيال كيفية التعامل مع هذا الخطر الإسرائيلي، لكنها استبعدت لـ»البناء» أن «تُقدم إسرائيل على خطوة ميدانية بلا التنسيق مع المسؤولين عن الملف في الامم المتحدة درءاً لأي نزاع حدودي يؤدي الى تطور ميداني». وعلمت «البناء» أن الرئيس بري «رفض استقبال ساترفيلد في زيارته الأخيرة الى لبنان انسجاماً مع موقفه بعدم لقائه ساترفيلد لمحاولته خلال أكثر من لقاء فرض شروطه على لبنان وتغليب المصالح الإسرائيلية على مصالح لبنان عوضاً عن أن ساترفيلد لم يكن دبلوماسياً في أحد اللقاءات مع بري».
الى ذلك دعا الرئيس ميشال عون المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الى مواكبة لبنان في عملية تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم وتسريعها. وشدد، خلال استقباله مفوض الامم المتحدة فيليبو غراندي على استمرار التعاون مع المنظمة والتنسيق مع الادارات اللبنانية المعنية بملف العودة، لافتاً الى اهمية تقديم المساعدات للنازحين السوريين بعد عودتهم الى أرضهم. واكد تعاون السلطات السورية المختصة مع الجهات اللبنانية المعنية بتنظيم العودة، ولاسيما منها الامن العام اللبناني.
كما التقى غراندي وزير الخارجية جبران باسيل وقال بعد اللقاء «نعمل مع روسيا لإزالة بعض العقبات من امام عودة النازحين ونطلب الصبر ونريد جميعاً عودة طوعية وكريمة وآمنة للنازحين».
معركة طرابلس
على صعيد آخر، وقّع الرئيس عون، مرسوماً يقضي بدعوة الهيئات الناخبة في الدائرة الصغرى في طرابلس، لانتخاب نائب عن المقعد السني الذي شغر بموجب قرار المجلس الدستوري يوم الأحد في 14 نيسان المقبل حسب النظام الأكثري. كما وقع المرسوم رئيس الحكومة سعد الحريري ووزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن.
وإذ أشارت مصادر مستقبلية الى «التحالف بين التيار والرئيس نجيب ميقاتي، وأننا بانتظار عودة الحريري من باريس لحسم التحالفات»، لفتت معلومات «البناء» الى أن «ميقاتي لن يخوض معركة المستقبل بإمكاناته لكنه لن يقف ضد الحريري، بل من مصلحته أن يخسر الحريري مقعداً إضافياً في معقل ميقاتي»، كشفت أوساط اللواء أشرف ريفي لــ»البناء» الى أنه «يعتزم خوض الانتخابات وسيعلن ترشيحه بعد أن يتخذ قراره النهائي ويقرّر تحالفاته خلال وقت قريب»، وأشارت الى أن «ترشح ريفي سيخلط الأوراق في طرابلس»، موضحة أن «رهان ريفي على ربح المعركة على الطرابلسيين وضعف المستقبل وتشتت الأصوات في حال خاض النائب فيصل كرامي المعركة»، مستغربة تحشيد أمين عام المستقبل أحمد الحريري الشارع ضد حزب الله ما يعبّر عن ضعف وخوف من خذلان أهل طرابلس للمستقبل كما حصل في دوائر عدة في الانتخابات الأخيرة».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
نصر الله يطلق المقاومة الوطنية للفساد
فرع المعلومات يوقف أحد ضباطه: لا قُضاة في فضيحة «الفساد القضائي»!
رفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سقف المواجهة مع الفساد والمفسدين في الداخل اللبناني، مؤكّداً أن المقاومة لن تسمح بسقوط لبنان بعد الانتصار في الحرب على العدو الإسرائيلي والتكفيري. أما حرب العقوبات التي تخاض ضد كل حركات المقاومة، فأكد أن حزب الله لن يجوع ولن يفقر بل سيصمد بوجه الحرب الجديدة القديمة.
قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس، خطاباً مفصليّاً يشبه خطابات قائد المقاومة في لحظات الحروب العسكرية الفعلية، معلناً حرباً بلا هوادة ضد الفساد والمفسدين في لبنان، واستراتيجية لمواجهة العقوبات الأميركية الظالمة.
وشكّل الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس هيئة دعم المقاومة الاسلامية مناسبة لنصر الله لطرح ملف العقوبات الأميركية والحصار المالي على «الحزب»، وملف مكافحة الفساد، مؤكّداً في الشق الأول أنّ «من المتوقع أن تشتد العقوبات على داعمينا (إيران وسوريا ومجمل حركات المقاومة) وعلينا». وأضاف أنه سنشهد إضافة المزيد من الأسماء إلى لائحة العقوبات، واستحداث لوائح إرهاب جديدة، «وعلينا أن نتوقع أن تقوم دول أخرى بنفس خطوة بريطانيا، وتصف حزب الله بأنّه منظمة إرهابية». كلّ هذه الأمور، هي «سياق متواصل، ومن مسؤولية أهل المقاومة التصدّي لها». ومن المهم بالنسبة إلى نصر الله فهم الموضوع في هذا الإطار (سياق متواصل)، «فمنذ عام 1982 إلى اليوم، تلحق بمشاريع الولايات المتحدة الأميركية و«اسرائيل» الهزائم». وما يتطلع إليه ترامب «وصهره كوشنير، في موضوع صفقة القرن، يقف في وجهه محور المقاومة، والشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى». لذلك، حين «يتخذون بحقّنا إجراءات عقابية، فلأننا هزمناهم وكسرناهم وأسقطنا مشاريعهم. لأننا أقوياء. الاسرائيلي مرعوب وخائف من القيام بأي حرب. أمام الفشل والعجز عن الخيارات العسكرية، وعدم تحقيق العمليات الأمنية أهدافها، تأتي العقوبات. يجب أن نتعاطى معها كأنّنا في حرب».
وأوضح نصر الله أنّه «عندما نواجه بعض الصعوبات المالية، يجب أن يكون واضحاً أنّ ذلك جزء من الحرب، وليس خللاً أو نقصاً إدارياً». والحرب ليست على حزب الله وحده، فهناك أيضاً «تشديد عقوبات على إيران، وعلى سوريا، والحصار على الفلسطينيين، وتجويع الشعب اليمني، وتصنيف فصائل المقاومة العراقية إرهابية». ولكن، «يجب أن نبقى صامدين أقوياء. رغم كلّ شيء ستخيب آمالهم، ولن يتمكنوا لا من إفقارنا ولا من تجويعنا ولا من حصارنا. من يدعمنا مُستمر في دعمنا: دول، وشعوب، أو جمهور المقاومة في لبنان. نعم قد نواجه بعض الضيق، ولكن سنواصل، وبنيتنا ستبقى قوية، وستزداد عزماً وتأثيراً وصنعاً وفعلاً لمزيد من الانتصارات في المنطقة». وفي هذا الإطار، دعا نصر الله إلى تفعيل عمل هيئة دعم المقاومة الاسلامية: «نحتاج إلى التعاطف الأكبر من جديد».
من ناحية أخرى، نفى نصر الله ما يُحكى عن نيّة حزب الله الاستفادة من أموال وزارة الصحة لتعويض الحصار المالي، «فموقفنا الشرعي من مال الدولة واضح، وأكثر وزارة ندعو إلى أن تكون تحت الرقابة هي وزارة الصحة». وفي موضوع مكافحة الفساد، وأمام الهجمة الإعلامية التي تحاول تشويه موقف الحزب من تلك القضية، أوضح نصر الله أنّ حزب الله اعتبر عام 2018 «أننا أمام واجب ديني وأخلاقي ووطني وإنساني. لا نقدر أن نقف متفرجين، حتى لا يزعل فلان، ونترك بلدنا يسير نحو الانهيار. بناءً عليه، نحن نعتبر أنفسنا في معركة مهمة جداً، وجهادية أيضاً، لا تقل قداسة وأهمية عن معركة المقاومة ضدّ الاحتلال والمشروع الصهيوني في المنطقة». أما لماذا فتح ملف الفساد الآن؟ فلأنّه في «السابق لم يكن الوضع خطيراً إلى حدّ تهديد وجود الدولة».
وأكّد أنّها ليست معركة شعبوية، «نحن نمتلك أكبر شعبية في لبنان، ونتائج الانتخابات واضحة. بالعكس، في بعض الأحيان، المعركة ضدّ الفساد ستُخسّرنا على الصعيد الشعبي». والبعض اعتبر أنّ الهدف هو الانتقام السياسي، «ولكن ما كنا دعمنا حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع». ما يهمّ حزب الله هو «أن يعود المال المهدور من الدولة إلى الدولة. لسنا في منافسة مع أحد في هذه المعركة، ولا نرضى أن ندخل في مزايدة». لذلك، أي فريق لديه أدلة ومستندات على ملفات فساد وهدر مالي «فليتقدّم بها إلى القضاء نحن معه وندعمه. كلّ من يحمل راية معركة الفساد نقبل به قائداً وجاهزون لأن نكون عنده جنوداً. لا نخاف أن نكون وحدنا، ولكن الصحيح أن نكون معركة وطنية جامعة».
يُدرك نصر الله أنّه في هذه المعركة «سيقف الفاسدون في لبنان، والسارقون والناهبون، وكلّ من يُفكر في نهب المال العام في لبنان، للدفاع عن النفس». وإضافةً إلى «تلقّينا كمّاً هائلاً من الشتائم، وتحويل المعركة على الفساد إلى مسار آخر، لحماية فاسدين مفترضين»، دعا نصر الله إلى «عدم المراهنة على تعبنا، فنحن ما تعبنا من معركة المقاومة منذ الـ 1982 حتى اليوم. لن نيأس ولن نُحبط. نعرف أننا أمام معركة طويلة وصعبة»، مُتحدّياً «من لديه أي ملف أو تهمة فساد عن حزب الله أو أحد أعضائه، فليتفضل إلى القضاء. نحن ماضون إلى النهاية، يُمكنكم أن تتوقعوا من حزب الله كلّ شيء في هذه المعركة».
بداية المعركة كانت من ملف الحسابات المالية للدولة منذ الـ1993 حتى الـ2017، «لأنّه المكان الصحيح للبداية. هذا الملف هو مفتاح الإصلاح في الدولة، إذا لم يُعالج فكلّ الإجراءات الأخرى لن تنجح. وإذا قبل حزب الله أن تتم التسوية فيه، يكون حزباً منافقاً وكاذباً. بدأت من حزب الله وهذا ينطبق على كلّ من يُفكر في دفع الملف إلى تسويات على حساب المال العام».
وذكّر نصر الله بأنّ أول من أثار الملف هو الرئيس ميشال عون يوم كان رئيساً للتيار الوطني الحرّ، ثمّ أصبح هناك قانون في مجلس النواب، و«أتت وزارة المال لتُطبقه من خلال إنجاز الحسابات». ما قام به حزب الله «أننا سلّطنا الضوء بقوة، وقلنا لدينا بعض المستندات وعجّلنا في الذهاب بها إلى القضاء»، داعياً إلى أن يُضاف إلى الملف القضائي المؤتمر الصحافي للمدير العام للمالية ألان بيفاني». واستغرب نصر الله عدم اعتبار أي من وزراء المال السابقين نفسه معنياً، «إلا واحداً وضع نفسه في قفص الاتهام. والآن بدل الذهاب إلى الشتائم والاستفزاز، اذهبوا إلى القضاء. سنُتابع القضاء، وسنرى كيف سيواجه. لا نريد أحكاماً مسبقة. ولا نُطلق أحكاماً مسبقة. ولكن القضاء يجب أن يكون مقنعاً».
الملف الثاني الذي أثاره حزب الله هو «الاقتراض غير المجدي، وقرض الـ400 مليون دولار، ففي النهاية الشعب سيدفع الـ400 مليون وفوائده من جيبه وتعبه ولقمة عيشه». ووعد نصر الله بالمزيد من الملفات، «حين يكون لدينا ملف مع معطيات نذهب إلى فتحه. وأعتقد أنّ هناك نتائج مهمة تحققت». من هذه النتائج أنّ «لبنان، أكثر من أي زمن، فيه إجماع وطني على مكافحة الفساد والهدر المالي. المجلس النيابي أصرّ منذ يومين على الموازنة. الوقوف في وجه بعض القروض غير المجدية. شطب مئات المليارات من الإنفاق غير المجدي. حالياً، الكل مدعوّ إلى العمل. ويجب ألا نكتفي بتقديم اقتراحات قوانين، الوزارات في الحكومة فلتعمل وتدعم القوى السياسية لتنفيذ المعركة».
«الجهاد بالمال»
بدأ الأمين العام لحزب الله كلمته، خلال الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس هيئة دعم المقاومة الاسلامية، باستذكار الذين بادروا إلى «القيام بهذا العمل المبارك والعظيم، خصوصاً حين كانت المقاومة في بداياتها، قليلة الامكانات. بذلوا جهودهم، وقاموا بكلّ النشاط اللازم، لجمع المال والدعم، لتتعاظم المقاومة وتنتصر».
وتوجه بالشكر «إلى المسؤولين في الهيئة، أخصّ بالذكر المجاهد حسين الشامي. وأخصّ بالذكر الأخوات العزيزات اللواتي يُشكلن الجزء الأكبر من هيئة الدعم ويُمارسن العمل الأوسع في الهيئة». وشكر أيضاً «كلّ الذين قدّموا الدعم من خلالكم أو مباشرة، والمتبرعين الذين ما بخلوا بالمال». البعض يعتقد أنّ الدعم الذي تتلقاه المقاومة «يقتصر على بعض الأصدقاء، كالجمهورية الإسلامية في إيران. ولكن هناك مساحة كبيرة تعتمد على دعم الناس، الدعم المبارك». وقال إنّ من «أهم ما شكلته هيئة الدعم، هو الفرصة لتوسيع الجهاد. وهناك الجهاد بالمال، الذي تحتاج إليه أي مقاومة».
فرع المعلومات يوقف أحد ضباطه: لا قُضاة في فضيحة «الفساد القضائي»!
لم تتكشّف بعد كامل المعطيات بشأن فضيحة الفساد التي تهزُّ الجسم القضائي. عدد الموقوفين، حتى اللحظة، يكاد يُناهز الخمسين. مدنيون ومساعدون قضائيون وضباط وعسكريون، إلا أنّ أحداً من القضاة لم يجرِ استدعاؤه بعد! التفتيش القضائي لم يتحرّك كما يجب، فيما يُعشِّش الفساد في قصور العدل. جديد الملف توقيف ضابط برتبة نقيب في فرع المعلومات، للاشتباه في تقاضيه رشى من مُحامية. كذلك أوقف «سمسار» يزعم انه «مدير المكتب الإعلامي» لأحد أبرز القضاة في الجمهورية (مقالل رضوان مرتضى).
إذا لم تُؤدّ حملة «مكافحة الفساد» القائمة في الجسم القضائي عن سَجنِ قضاة أو طردهم من السلك، فذلك يعني أنّ سيف مكافحة الفساد لا يقوى سوى على الضعفاء؛ على «مُباشرٍ قضائي» يقبض ٥٠ ألف ليرة لإجراء تبليغ أو على موظّفٍ قضائي يطلب ٢٠ ألف ليرة لتسيير معاملة لمحام! صحيحٌ أنّ كليهما فاسد، لكن يبقى فساد الرأس أشدّ تدميراً. في مكتب مكافحة المخدّرات، تتردد مقولة تُميّز بين «البغال» و«أصحاب الياقات البيضاء»! و«البغل»، في عُرف رتباء التحقيق، هو من يعمل على الأرض لتوصيل مخدرات أو تسلّم أموال، وهو غالباً ما يقع في قبضة الأجهزة الأمنية ليتمّ توقيفه. ولذلك يُسمّى «بغل»، أي مجرّد ناقل يستخدمه «الكبار»، ولا ضرر في أن «يُرمى» بعد استخدامه. وبتوقيفه لن يتوقف نشر سموم المخدرات لأنه سهل الاستبدال. أما «أصحاب الياقات البيضاء»، فهؤلاء هم الذين لا يمسهم أحد. تبقى أسماؤهم نظيفة كما ياقاتهم، بيضاء ناصعة لا يجرؤ أحد على تلطيخها. هل يُعقل أنّ التحقيقات التي كادت تُقفِل مخفر قوى أمن جراء توقيف جميع عناصره تقريباً بشبهات الفساد، فضلاً عن توقيف مساعدين قضائيين من مباشرين ورؤساء أقلام وموظفين في قصور العدل، وصولاً إلى الاشتباه في تورّط محامين وتوقيف ضبّاط، كل هذا ولم تتوصّل إلى تحديد علاقة أي من هؤلاء بأحدٍ من القضاة؟ ألا يفرض التزام الحكومة اللبنانية ببند مكافحة الفساد في بيانها الوزاري جديّة أكبر من قبل الأوصياء على «العدلية» في مكافحة الفساد؟ لننتظر ونرَ.
يعيش الموظفون في قصور العدل أسوأ أيامهم. فالرعب يحكم العدلية. يتلفّت هؤلاء يُمنة ويُسرة خشيةً من «مخبرٍ سرّي» مرسلٍ من فرع المعلومات للإيقاع بهم! حال الموظفين ممن لم يُستدعوا إلى التحقيق ليس أفضل من أولئك الذين سُرِّبت أسماؤهم على أنّهم من بين المتورطين. بورصة الأسماء ترتفع تارة لتخبو تارة أُخرى، تبعاً لناقل الشائعة. حتى إنّ هذا الملف الساخن تحوّل مطية لتصفية الحسابات بين الموظفين والمحامين، إذ تبيّن أنّ أحد المحامين ابتدع لائحة مؤلفة من أربعة أسماء محامين لينشرها ويتداولها على أنّ أصحابها مشتبهاً فيهم ومطلوبٌ من نقابة المحامين منح الإذن لملاحقتهم. وذكرت المصادر أنّ إحدى المحاميات التي ورد اسمها في اللائحة المزعومة تقدمت بشكوى قضائية ضد من يشوّهون سمعتها.
أما جديد التحقيقات التي ينكبّ فرع المعلومات على إجرائها، فقد توصّلت إلى توقيف أحد ضبّاط فرع التحقيق في فرع المعلومات. وعلمت «الأخبار» أنّ الضابط الموقوف وهو برتبة نقيب يُشتبه في أنه كان يُسرّب معلومات لمحامية أصدرت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان قراراً بمنعها من السفر. وذكرت المعلومات أنّ الشبهات بحق الضابط الموقوف تدور حول تلقيه «هدايا» من المحامية المذكورة لقاء هذه الخدمات. وعلمت «الأخبار» أنّ المحامية المذكورة كانت مهتمة بالحصول على أي معلومات بشأن ملف التحقيق لدى فرع المعلومات المتعلّق بتوقيف موكلها مهدي م. الذي سبق أن اتهمه القضاء بتهريب أطنان من حشيشة الكيف والمخدرات إلى مصر. يُضاف إلى ما تقدّم أن فرع المعلومات قدّم إلى القضاء ما يدفع إلى الاشتباه في استحصال المتهم المذكور على تقارير طبية مزوّرة قدّمتها وكيلته إلى رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي منذر ذبيان لإخلاء سبيل موكّلها، قبل أن يتبين أنّها تقارير كاذبة وأنّ موكّلها بصحّة جيدة ولا يعاني من أي أمراض. كذلك ذكرت المعلومات أنّ كلاً من الطبيب محمد ح. وعلي ع. وهما صاحبا أحد المستشفيات ومديره وممرضة فيه جرى توقيفهم بعد الاشتباه في ضلوعهم في تزوير التقارير الطبية التي استُخدمت لإخلاء سبيل مهدي م. وإخراجه من السجن، قبل أن يعاد توقيفه بجرم رشوة عسكري في النشرة الجرمية لإخفاء حكم قضائي مبرم صادر بحقّه. كذلك جرى أمس نشر خبر مشبوه زعم أنّ الموقوف مهدي م. توفّي، والخبر جرى توزيعه على وسائل التواصل الاجتماعي. وعلمت «الأخبار» أنّ القوى الأمنية تمكنت من تحديد مصدر الخبر الذي يهدف إلى إثارة عائلة الموقوف ضد الجهاز الأمني الذي أوقفه.
كذلك أشارت النيابة العامة العسكرية بتوقيف عنصر في مكتب مكافحة المخدرات على ذمة التحقيق، على خلفية وجود اتصالات مكثفة أجريت بينه وبين محامية موكلة بالدفاع عن متهمين بجرائم مخدرات، ومحاولتها الحصول على معلومات عن ملفات وكلائها. وقد طلب معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار من نقابة المحامين في بيروت الإذن لملاحقة المحامية المذكورة. وكذلك طلبت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون الإذن لملاحقتها في قضايا رشى أيضاً.
وبرز أيضاً بين الموقوفين المدعو ج. ع. الذي زعم أنه «مدير المكتب الإعلامي» لأحد أبرز القضاة في الجمهورية، وأنه مُكلّف من قبل القاضي بمتابعة بعض القضايا في مخافر قوى الأمن وفصائلها. ويجري التحقيق معه لكشف طبيعة علاقته بالقضاة.
تهديد فرع المعلومات
وُزّع أمس بيان منسوب إلى «عشيرة آل المصري» تضمّن تهديداً مباشراً لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود، ولرئيس مكتب الأمن العسكري في «المعلومات» الرائد ربيع فقيه. وورد في البيان أنّه «بعد ثلاثة أيام من إخلاء سبيل ابن عشيرتنا مهدي المصري، عمد فرع المعلومات الى إلقاء القبض عليه مجدداً بسبب نكايات بين بعض الضباط في الأمن الداخلي وبعض القضاة، وما زال ابننا موقوفاً لدى فرع المعلومات منذ أكثر من شهر في مخالفة صارخة للقانون والأنظمة المرعية، خصوصاً أن التوقيف جاء من دون إذن قضائي ومن دون أي تهمة واضحة». وأضاف: «نحن كعشيرة نحمّل المسؤولية المباشرة لكلّ من العقيد خالد حمود والرائد ربيع فقيه، ونمهل الجهات المعنية مدة 48 ساعة لوضع حد لهذه المهزلة واتخاذ الإجراءات العقابية بحق الذين يستغلون سلطاتهم ونفوذهم لتصفية الحسابات الضيقة، وإلا فسيكون لنا كلام آخر، وفي ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. يتبع …».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
مَنْ يشتِّت عناصر القوّة في انتخابات طرابلس الفرعية؟
عون يستمع إلى شروط صندوق النقد الدولي.. ونصر الله يُعلِن «الحرب المقدّسة» على الفساد ويدعو لجمع التبرعات!
كل الملفات اللبنانية، على الطاولة من عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، إلى الأوضاع المالية في ضوء تأخر إقرار موازنة العام 2019 وفي ضوء محادثات الرئيس ميشال عون مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان كريس جارفيس، مع وفد من الصندوق، تناول إصلاحات «سيدر» في ضوء جلسة مجلس النواب التي خرجت بسلسلة من القوانين أبرزها تعديلات جذرية على قانون التجارة اللبنانية، والمجرى الذي ستسلكه الإصلاحات المالية والإدارية، على ان يعود الوفد الدولي إلى بيروت في غضون ثلاثة أشهر لمراقبة ما طرأ على المشهد الاصلاحي..
هذا في جانب، وفي جانب آخر بقي الفساد في الواجهة، في محطة جديدة من مواقف الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، على جبهة محاربة الفساد، أو ما اسماه بـ«الحرب المقدسة على الفساد»، لافتاً الي ان على الذين يتابعون ومن أي موقع ان يتوقعوا «كل شيء من حزب الله في هذه المعركة، وعليهم الا يراهنوا على تعبنا أو يأسنا»، مشيراً إلى ان التيار الوطني الحر بدأ بملف الحسابات، وهذا الملف «لن يدفع به إلى التسويات، وكل من يفكر بذلك يكون منافقاً ولو كان حزب الله».
ودعا السيّد نصر الله أنصار الحزب إلى التبرّع بالمال في ظل التعرّض لضغوط متزايدة نتيجة للعقوبات التي تهدف إلى عزل الحزب مالياً.
وقال: «أعلن اليوم الحاجة إلى المساندة والدعم الشعبي»، مضيفاً ان التبرعات مطلوبة لدعم أنشطة حزب الله.
معركة طرابلس
وسط ذلك، حرك توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم دعوة الهيئات الناخبة في دائرة طرابلس، لانتخاب نائب عن المقعد السني الذي شغر بموجب قرار المجلس الدستوري، يوم الأحد في 14 نيسان المقبل، حسب النظام الأكثري، مذيلاً أيضاً بتوقيع كل من رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزيرة الداخلية والبلديات ريّا حفار الحسن، الأجواء الانتخابية في المدينة، والتي يتوقع ان تشتد حماوتها مع صدور قرارات تحديد مواعيد تقديم الترشيحات وسحبها، في خلال اليومين المقبلين، على ان لا تتجاوز هذه المواعيد مهلة الشهر التي حددها المرسوم.
وكان لافتاً للانتباه ان صدور المرسوم جاء غداة إطلاق الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري الماكينة الانتخابية للتيار ايذاناً ببدء المعركة في المدينة، وكذلك جولته في عدد من المناطق لاستنهاض الجمهور الأزرق ودعوتهم للاقتراع لمرشحة التيار ديما جمالي، على اعتبار ان المعركة هي لرد الاعتبار للسيدة جمالي التي أبطل قرار «الدستوري» نيابتها عن المدينة.
وفي تقدير مصادر قيادية في «المستقبل» ان معركة جمالي ليست سهلة كما كان يتصورها البعض، وهي بحاجة للعمل على الأرض وشد عصب التيار وحث أبناء طرابلس للقيام بواجبهم الانتخابي وعدم الاستخفاف بالمشاركة في هذا الاستحقاق، خاصة وان المؤشرات توحي بأن الوزير السابق اللواء اشرف ريفي ينوي الترشح لخوض هذه الانتخابات، وهذا الأمر سيشجع غيره من الراغبين للترشح، مما يعني ان المعركة ستكون صعبة، بعد استبعاد أي احتمال بأن تفوز جمالي بالتزكية، وفق ما تحدثت بعض المعلومات، بسبب تشتت عناصر القوة التي كان يفترض ان تتوفر لدعم ترشيحها.
وتوقعت المصادر ان يرسو عدد المرشحين قبل اقفال باب الترشيحات على نحو أربعة محتملين هم إلى جمالي وريفي ومرشح جمعية المشاريع طه ناجي المدعوم من النائب فيصل كرامي، مرشّح رابع، حيث ارتفعت في بعض الاحياء الطرابلسية لافتات لشخص يدعى سامر كبارة وهو ابن شقيق النائب محمّد عبد اللطيف كبارة تدعوه إلى خوض الانتخابات.
اما الرئيس نجيب ميقاتي فقد سبق وأعلن انه لن يخوض المعركة الانتخابية في طرابلس، وهو أبلغ الرئيس الحريري قبل أيام انه معه في مركب واحد.
معركة الفساد
وفي غياب أي تطوّر سياسي لافت ذي صلة بالساحة اللبنانية، ربما باستثناء ما حمله مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، من دمشق بانطباعات إيجابية بالنسبة لقضية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، ومتابعة صندوق النقد الدولي للأوضاع المالية في لبنان، والتوجهات التي ستعتمدها الحكومة لاجراء إصلاحات في بنية البلاد المالية، انطلاقاً من خفض عجز الموازنة، بقيت ملفات مكافحة الفساد والهدر المالي في صدارة الاهتمامات السياسية، والهموم اليومية، في ضوء ما يثار من معلومات قضائية عن توقيفات في ملف الفساد، لم تتجاوز بضعة أفراد في قوى الأمن، بينهم ضابط مع مساعدين قضائيين، في حين ظلت المواقف السياسية سيّدة الساحة، ما أعطى انطباعاً بأن هذه المعركة، صارت مثل الرغيف اليومي للمواطن، وان كانت كل «القرقعة» التي يسمعها هذا المواطن لم تنتج حتى الآن خبزاً يعينه في ما يكتب ويقال، بأن الفساد الذي يعشعش في كل زوايا الإدارة وزواريب السياسة باتت وراءه.
ولفت الانتباه، على هذا الصعيد، ان الخطاب الذي ألقاه السيّد نصر الله، عصر أمس، لمناسبة ذكرى تأسيس هيئة دعم المقاومة الإسلامية، استأثر في ثلاثة ارباعه، حول الحرب على الفساد والهدر المالي، وهو عزا سبب ذلك، إلى ما وصفه «بالخطر على الوجود الذي لم يعد من الجائز الصمت عليه»، لتجنيب توجه لبنان نحو الإفلاس والانهيار المالي والاقتصادي، معتبراً ان «هذه المعركة واجبة وجهادية لا تقل قداسة عن معركة مقاومة الاحتلال، لافتاً إلى ان هدفه ليس الانتقام السياسي، ولو كان الأمر كذلك لما ساهمنا في قيام هذه الحكومة، لكن ما نريده هو وقف سرقة المال العام والهدر المالي».
ولفت نصر الله إلى ان «ملف الحسابات المالية للدولة هو الملف الأخطر والاهم، وان ما يعرف بالـ11 مليار دولار جزء من هذا الملف، إذ انه من العام 1993 وحتى العام 2017 هناك وضع مشبوه وغير صحي في الإدارة المالية، مستشهداً في هذا السياق بما أعلنه المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، مشيداً بادائه، مشدداً على انه إذا قبلنا بتسوية ملف الحسابات المالية سنكون حزباً منافقاً».
وكان نصر الله توقع في بداية كلمته اشتداد العقوبات الأميركية على «حزب الله» وداعميه، وان يكون هناك «تفريخ» للوائح الإرهاب من قبل دول أخرى غير بريطانيا، مشدداً على انه «عندما يتخذون بحقنا إجراءات عقابية فذلك لأننا هزمناهم وكسرناهم واسقطنا مشاريعهم»، إلا انه لم يتطرق إلى الاتهامات التي ساقها في حق الحزب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان، لا سيما تحذيره من قلق واشنطن من ان يمسك الحزب بمفاصل السلطة.
تجدر الإشارة إلى ان شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي كشفت متورطين جدداً في قضايا تتعلق بالرشوة، طالت حتى الآن ما يفوق الثلاثين موقوفاً بين عسكريين ومدنيين، ادعى عليهم مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية بتهم تلقي الرشى ومخالفة التعليمات العسكرية.
جولة غراندي
في غضون ذلك، عادت قضية عودة النازحين السوريين بزخم إلى الواجهة السياسية من خلال الجولة التي قام بها أمس في بيروت المفوض السامي لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فيليبو غراندي، والتي شملت كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ووزراء الخارجية جبران باسيل والداخلية ريّا الحسن وشؤون النازحين صالح الغريب، والشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
وذكرت مصادر رسمية التقت المفوض الدولي، ان غراندي اتى الى بيروت مباشرة بعدما زار سوريا ثلاثة ايام، وجال على مراكز عودة النازحين السوريين في دمشق وحماه وحمص وبعض الضواحي والارياف، وابلغ المسؤولين اللبنانيين انه عاد بانطباعات ايجابية عن تعاطي السلطات السورية مع النازحين العائدين وعن الوضع الامني حيث هم، وانه لاحظ وجود عمل كبير على صعيد اعادة الاعمار والبنى التحتية، لذلك عاد من سوريا مطمئنا اكثر من السابق لوتيرة العودة واجراءاتها الميدانية.
واكدت المصادر ان غراندي بدا مهتما بموضوع تقديم الدعم للنازحين في مناطق عودتهم لا في الدول المضيفة فقط، وان الاهتمام الدولي بالنازحين يجب ان يكون داخل سوريا ايضا. وهو نوّه بما يقوم به اللواء ابراهيم من جهود لعودة النازحين بكرامة وامان.
وحسب المصادر فقدتبلغ غراندي من الرئيس عون انه «في مكان ما وزمان ما، لم يحددهما، لا بد من تفعيل التواصل اكثر وبديناميكية اكثر بين لبنان والجانب السوري من اجل تكثيف عودة النازحين، موضحة ان غراندي لم ينقل اي خطة اومقترحات او خطوات جديدة من الجانب الدولي حول عودة النازحين، بانتظار ان يعود الى نيويورك ويضع تقريره لرفعه الى الجهات المعنية في الامم المتحدة ليبنى عل الشيء مقتضاه.
وقالت المصادر ان غراندي تلقف ايجابا دعوة رئيس الجمهورية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين «الى مواكبة لبنان في عملية تسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم وتسريعها. وتشديده على استمرار التعاون مع المنظمة والتنسيق مع الادارات اللبنانية المعنية بملف العودة، وعلى اهمية تقديم المساعدات للنازحين السوريين بعد عودتهم الى ارضهم. واكد عون تعاون السلطات السورية المختصة مع الجهات اللبنانية المعنية بتنظيم العودة، ولاسيما منها الامن العام اللبناني».
وقال الوزير الغريب لـ»اللواء»: «ان غراندي ابلغه انه عاد مطمئنا من دمشق، وهناك تحسن كبير بالوضع العام، وبعلاقة السلطات السورية بالمنظمات الدولية، وهذا امر يساعدنا في لبنان على الاهتمام بأوضاع النازحين في مناطق عودتهم في سوريا. وقد شعرنا من خلال المفوض غراندي بالمنحى الايجابي لعملية العودة».