بدأت العثرات ترمى على طريق الحكومة. كل يوم قصة. لم تكد الأحوال تروق بعد الهجوم "السنيوري" الإستباقي، حتى جاءت مشكلة وفد لبنان إلى بروكسل. وما ظهر من محاولة عزل وزير النازحين عن ملفه. ترى 8 آذار كيف تخرج هذه العثرات من بين "اصابع واشنطن". يريد الأميركيون تجليدنا سياسياً. كأننا ما انتخبنا في أيار 2018. كأن واشنطن تقول أن المواطنين الذين اقترعوا آنذاك، قد تمردوا عليها. عاقبتنا بتأخير ولادة الحكومة 9 أشهر، والآن، تُعَثِّرْ طريق الحكومة. تزرع الإنقسامات السياسية. لم يُحسم أمر زيارة الوزير بومبيو إلى بيروت، لكنه إذا أتى ستكون بانتظاره مواقف لبنانية قوية …
الأخبار
انقسام حكومي حول ملف النازحين: أنصار التوطين إلى مؤتمر بروكسل؟
ساترفيلد خائف في بيروت
بكل وقاحة، استثنى الاتحاد الأوروبي دعوة الوزيرين صالح الغريب وجميل جبق إلى مؤتمر دعم سوريا والنازحين في بروكسل، في قرار واضح للسير بالرؤية الغربية المستمرة حيال ملفّ النازحين وضرورة عرقلة عودتهم إلى سوريا. الوفد اللبناني الذي سيرأسه الرئيس سعد الحريري، لا تختلف مواقف أعضائه عن المواقف الغربية، بل تتناغم معها، بما يخصّ عرقلة عودة النازحين ورفض التواصل مع سوريا.
مع عظيم الخطر الذي تشكّله أزمة النازحين السوريين في لبنان، والأكلاف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتكبّدها البلاد الآن وفي المستقبل، لا يزال الحلّ بالنسبة للقوى السياسية خلافياً، فيما يسهم تعارض الأجندات الدولية حيال هذا الملفّ في تعميق الانقسام والابتعاد عن الاجماع الوطني على المشكلة والحلّ في آن.
فبين زيارة الرئيس ميشال عون إلى موسكو في 25 الجاري وعلى رأس جدول أعماله ملفّ النازحين، ومشاركة الرئيس سعد الحريري والوفد المرافق في مؤتمر بروكسل غداً، ينقسم المشهد في الداخل اللبناني بين رؤيتين دوليتين ومشروعين سياسيين متعارضين. وإذا كان أصل المبادرة الروسية يقوم على إعادة النازحين إلى بلادهم من دون انتظار الحلّ السياسي، ما يعني تفعيل العلاقات اللبنانية – السورية ورفع مستوى التنسيق لحلّ أزمة النازحين بالتدريج، فإن أصل مؤتمر بروكسل والرؤية الغربية تجاه الملفّ، يقوم على ضمان بقاء النازحين في الدول المضيفة، لا سيّما لبنان، ودعم متطلبات هذا البقاء بما يصل حد «التوطين»، مع تأكيد رفض أي تقارب مع الحكومة السورية، وربط العلاقات بما يسمّى بـ«الحل السياسي». ما يعني بقاء ورقة النازحين سيفاً مصلتاً ضد الحكومة السورية، في أي استحقاق سياسي مستقبلي. من هنا، يأتي اختيار لائحة المدعوين من الوزراء مع الحريري، واستثناء وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي يمثّل رؤية لبنانية مناقضة تماماً للأجندة الدولية، بالسعي لعودة النازحين عبر تفعيل المبادرة الروسية والتنسيق مع الجهات السورية المختصّة، من دون انتظار الحلول المستقبلية للأزمة السورية. كما تمّ استثناء الوزير جميل جبق من لائحة الدعوات، وتغييب وزارة الصّحة، أبرز الوزارات المعنيّة بهذا الملفّ، انسياقاً مع الأجندة الأميركية التي فتحت حرباً على توزير مقرّب من حزب الله في وزارة الصّحة، وحرّضت اللبنانيين قبل تشكيل الحكومة وبعده على رفض تحمّل جبق هذه المسؤولية.
وعلمت «الأخبار» أن الحريري تذرّع بداية بأن الدعوات يوجهها الاتحاد الاوروبي، قبل أن يتبيّن بأن دعوتين وجهتا الى الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، وأن الجهة الداعية تترك لرئيس الحكومة تشكيل الوفد ممن يشاء من الوزراء. وفي المعلومات ان الحريري عاد ووافق، بعد اتصالات، على ضمّ الغريب الى الوفد على أن يبلّغ الأخير اليوم. إلا أن وزير شؤون النازحين الذي لم يكن في جو الاتصالات أصدر أمس بياناً شديد اللهجة أسف فيه لـ«توجه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنياً، حيث نرى إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل». وأضاف انّ «تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل تجاوز لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقا»، و«أن البعض يصرّ على اتباع سياسات مشرذمة لا تمتّ إلى مصلحة لبنان بصلة». ولم يتأكد حتى وقت متأخر ما اذا كان الحريري سيمضي قدماً في ضمّ الغريب الى الوفد بعد هذا الموقف. فيما علمت «الأخبار» أن باسيل لن يشارك في المؤتمر «لأنه بات تضييعاً للوقت، ولارتباطه بعشاء لمناسبة 14 آذار» بحسب مصادر مطلعة، علماً انه كلّف مدير الشؤون السياسية في الوزارة السفير غدي خوري تمثيل الخارجية.
وكان الوفد الحكومي الى المؤتمر، العام الماضي، ضم وزير الدولة لشؤون النازحين السابق معين المرعبي ووزير الصّحة السابق غسان حاصباني، فيما اقتصر الوفد الحالي على وزير التربية أكرم شهيّب ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان. وانتقدت مصادر وزارية بارزة تشكيلة الوفد، وكأن «المطلوب أن يذهب إلى بروكسل من لا يريد عودة النازحين ومن ينسجم مع الأجندة الغربية»، مضيفةً أن «الهدف من المشاركة يقولها المشاركون بصريح العبارة هو الحصول على الأموال للنازحين، ما يعني بقاءهم في لبنان، بدل الضغط ليتمّ دفع هذه الأموال لهم في سوريا لتشجيعهم على العودة». وبحسب المعلومات، فإن الوفد اللبناني سيطالب بالحصول على حوالي مليارين و600 مليون دولار، منها مليار دولار لـ«المجتمع المضيف»، أي للبنانيين، فيما التجارب السابقة أثبتت أن هذه الأموال لن تدفع عبر الحكومة اللبنانية بل عبر الجهات الدولية مباشرةً للنازحين.
من جهتها، تقول مصادر لبنانية رسمية إنّه «في السياسة، موقف الوفد اللبناني سيكون البيان الوزاري للحكومة»، مؤكّدةً أنّه لا توجد «وجهتَا نظر» في لبنان، فالجميع مُتفق على عودة النازحين إلى سوريا، ولكن الاختلاف هو حول كيفية حلّ الموضوع. فريق 8 آذار يعتقد أنّ ذلك يتحقق من خلال التواصل مع الدولة السورية، «ويستطيعون أن يُجرّبوا، وإذا نجحوا فالجميع معهم». أما فريق رئاسة الحكومة، «فيرى أنّ الحلّ الوحيد هو عبر المبادرة الروسية. وبإمكان روسيا أن تضغط على سوريا لتوفير الضمانات اللازمة لتأمين عودة النازحين». بالنسبة إلى المصادر الرسمية، الهدف الأهمّ الذي سيسعى إليه لبنان في المؤتمر، ليس تثبيت الموقف السياسي المعروف، بل إقناع «المجتمع الدولي» من أجل أن يستمر في اعتبار أزمة النزوح أولوية، وبالتالي توفير الدعم المادي لبقائهم. وسيطلب الوفد الرسمي من الدول المانحة «الاستمرار في تحمّل مسؤوليتها ودفع المال، طالما هناك نازحون في البلد». وتجزم المصادر بأنّه ما من ورقة لبنانية ستُقدّم، «فالبيان الوزاري هو المرجع، ورئيس الحكومة يُمثّل سياسة البلد».
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس عون يولي اهتماماً لطرح مسألة النازحين من وجهة نظر لبنان في القمّة العربية في تونس آخر الشهر الجاري، وهو سيصطحب الغريب من ضمن الوفد الرسمي تأكيداً على هذا الموقف.
وفي سياق الإعداد للقمة العربية في تونس، صدرت مقررات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، الذي عقد قبل أيام في القاهرة، متبنيّاً في فصل «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية» البندَ السابع الذي نص على الآتي: «تحميل حزب الله الإرهابي ـــ الشريك في الحكومة اللبنانية ـــ مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية…»، كما ورد في البنود 3 و4 توصيف حزب الله بـ«الإرهابي»، الأمر الذي تحفّظ عليه لبنان، وبرّر مندوب لبنان الأمر بالتأكيد على أنه «لا يمكن الموافقة على الأمر لكونه خارج تصنيف الأمم المتحدة وغير متوافق مع المعاهدة العربية لمكافحة الإرهاب، خاصة لناحية التمييز بين المقاومة والإرهاب، ولكون حزب الله يمثّل مكوّناً أساسياً في لبنان وشريحة واسعة من اللبنانيين، ولديه كتلة نيابية ووزارية وازنة في المؤسسات الدستورية اللبنانية»، مطالباً بحذف كل ما يتعلق بحزب الله حتى تتمّ الموافقة على البيان.
ساترفيلد خائف في بيروت
بعد تسريب خبر لقاء مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد بوزراء حزب القوات اللبنانية في أحد مطاعم كسروان، الأسبوع الفائت، أبدت السفارة الأميركية في بيروت استياءها الشديد من تسريب خبر الاجتماع، الذي كان من المفترض ألا يصل إلى الإعلام. ووصفت جهات في السفارة التسريبات بالعمل «الطائش». ونتيجة التسريب المبكر لخبر الاجتماع، والذي تحدّث فيه ساترفيلد بقسوة ضد حزب الله وعن خطة الولايات المتحدة الأميركية لتشديد الحصار على الحزب وسوريا وإيران، ودخوله في بعض التفاصيل للخطة الأميركية، اضطر الطاقم الأمني ـــ الاستخباري وطاقم الحماية في السفارة الى استنفار أجهزته وتأمين موكب من سيارات مصفحة لتنقلات ساترفيلد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
تزاحم الملفّات الخلافية: لِمَ محاولات إحياء المجلس الأعلى اللبناني – السوري؟
فريق بعبدا يعترض على استبعاد الغريب عن بروكسيل.. ولا مجلس وزراء هذا الأسبوع
مَنْ يحكم لبنان؟
هل يحكم عبر المؤسسات الدستورية، وعبر السلطة الإجرائية المناطة بمجلس الوزراء، بما فيها ممارسة الصلاحيات، مثل وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات…؟
مناسبة هذا السؤال… ما يدور في الكواليس عن محاولات لإعادة إحياء المجلس الأعلى اللبناني- السوري، الذي نصت عليه «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، التي وقع عليها في 22 أيّار 1991.
وهو يتألف، أي المجلس الأعلى، من رئيسي الجمهورية في كل من الدولتين المتعاقدتين.. وكل من رئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء في سوريا، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس الوزراء في لبنان.
لا تبدو المحاولة مريحة، فالإنقسام السياسي في البلد كرّس واقعاً معقداً في البلاد، فليس من الممكن تُصوّر جلوس الرئيس سعد الحريري كرئيس لمجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء غسّان حاصباني (وهو ممثّل لحزب القوات اللبنانية في الحكومة، الذي شن رئيسه سمير جعجع حملة قاسية على النظام في سوريا، ولا يزال).. ذاهبين إلى سوريا.. وجالسين في اجتماع واحد مع الأسد وحكومته، وإدارته بما في ذلك المجالس الحاكمة هناك.
وتأتي إثارة هذا الموضوع الخلافي، في إطار سباق ظاهر بين الملفات التي يتعين إنجازها، كملفات التحقيق في الفساد، والانتخابات الفرعية في طرابلس، والتعيينات في الاسلاك العسكرية والقضائية والإدارية، بما في ذلك أعضاء مجلس الجامعة، فضلاً عن التحضيرات لوضع مقررات «سيدر» على جدول الأعمال.
وبدأت المحاولة، من جولة الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني- السوري نصري خوري على الوزراء الجدد، طالباً إليهم تحديد مواعيد لبحث تفعيل الاتفاقيات بين لبنان وسوريا، بعدما بدأت الظروف مؤاتية.
ورأت أوساط «القوات» ان هذا المجلس انشئ في مرحلة الوصاية ويعتبر باطلاً، وهو «لزوم ما لا يلزم» بعد تبادل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي ضوء سفر الرئيس سعد الحريري، الذي عاد إلى بيروت، إلى بروكسيل يوم بعد غد الأربعاء، والتي تستمر إلى الخميس للمشاركة في مؤتمر دول النازحين في العاصمة البلجيكية، والتي اعترضت بعبدا على عدم ضم وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين صالح الغريب إلى الوفد الوزاري الذي يرأسه الرئيس الحريري. واستبعد مصدر وزاري عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع.
مؤتمر بروكسل
إلى ذلك، كشفت الضجة التي أقامت البلاد ولم تقعدها بعد، حول تغييب الوزير الغريب عن الوفد اللبناني الرسمي إلى مؤتمر بروكسل-3 المقرّر عقده في 13 و14 آذار الحالي، لبحث الوضع في سوريا وقضية النازحين، ان المقاربات الرسمية اللبنانية لمعالجة وطريقة معالجة قضية النازحين لا زالت موضع خلاف بين القوى السياسية، ما يعني ان لبنان يذهب إلى المؤتمر من دون ورقة عمل أو خطة رسمية موحدة، كان يفترض ان يجري اقرارها في مجلس الوزراء.
وبحسب المعلومات، ان المشاورات التي أجراها كبار المسؤولين الرسميين مع مدراء ومسؤولي ومندوبي المؤسسات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني التي تُعنى بشؤون اللاجئين، وكان آخرهم المفوض العام فيليبو غراندي، لم تنته الى وضع استراتيجية موحدة، تشكّل مقاربة كاملة لطرحها في المؤتمر، ففضل لبنان هذا العام متابعة ما لم ينفذ من مقررات بروكسل-2 الذي انعقد في 6 نيسان من العام الماضي، سواء على مستوى الوعود التي قطعت ولم تنفذ أو لاستكمال بناء ما بدأ به.
وكان تشكيل الوفد الرسمي برئاسة الرئيس الحريري، الى مؤتمر بروكسل، اثار انتقادات على خلفية عدم اشتراك الوزير الغريب، وشكل مادة لاشتباك سياسي، كان مفهوماً لو اقتصر على فريق النائب طلال أرسلان، الا ان دخول وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، اعطى انطباعاً بأن رئاسة الجمهورية ممتعضة من تغييب الغريب، وتضغط لكي يكون الوفد اللبناني ممثلاً للقوى السياسية المختلفة فيما بينها على كيفية مقاربة مسألة النزوح السوري، علماً ان الدعوة للمؤتمر وجهت إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية جبران باسيل فقط، بحسب ما غرد مستشار الرئيس الحريري النائب السابق عمار حوري عبر حسابه على «تويتر»، موضحاً الالتباس الحاصل، بأن الوزيرين المسافرين إلى بروكسل وهما وزير التربية اكرم شهيب ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، مدعوان مباشرة من الاتحاد الأوروبي للمشاركة في حوارات قبل يوم من زيارة الرئيس الحريري، كاشفاً بأن الدعوة للمؤتمر وجهت فقط إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية.
لكن يبدو ان الوزير باسيل اعتذر عن مرافقة الرئيس الحريري لارتباطه بمواعيد مسبقة، مفسحاً في المجال لجدل سياسي حول التباس عدم دعوة الغريب، الا ان الرئيس الحريري الموجود حالياً في المملكة العربية السعودية في إطار زيارة خاصة، قرّر ان يتوجه إلى بروكسل مساء الثلاثاء لترؤس الوفد اللبناني، ومعه الوزير السابق غطاس خوري ومستشاره للشؤون الاقتصادية نديم المنلا وفريق من الخبراء التقنيين، في حين يتوجه الوزيران شهيب وقيومجيان بمفردهما تلبية لدعوة الاتحاد الأوروبي الذي يتولى مع وزارة التربية الانفاق على تعليم الطلاب السوريين من النازحين إلى لبنان، ومع وزارة الشؤون التنسيق في ما يختص بأوضاع النازحين، من دون ان يكون له دور مع وزارة شؤون النازحين والتي يبدو انها تحصر كل جهودها لمعالجة هذا الملف مع النظام السوري.
وفي تعليقه على تغييبه عن المشاركة في الوفد اللبناني، قال الوزير الغريب في بيان: «ان تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل ليس تجاوزاً لشخصه، بل لطريقة التفكير المغايرة، والمقاربة الجدية التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به اطلاقاً». ملاحظاً «بأن هناك اصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين»، عازياً ذلك إلى «رغبة بعض الأطراف الخارجية بشق الموقف الوطني الموحّد، اما تغليباً لبعض المصالح المشبوهة الضيقة أو الاثنين معاً».
وتضامن رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان مع ممثله في الحكومة، مغرداً عبر «تويتر»، قائلاً: «لا مؤتمرات ولا زيارات ولا ندوات ولا وفود تشرفنا بأن يكون وزيرنا في عدادها الا على القواعد الواضحة والصريحة والشفافة، بتبني توجهات رئيس الجمهورية والبيان الوزاري، لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين».
اضاف: «كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان رئيساً أو وزيراً ومن يمثلون في الخارج، مصلحة لبنان يجب ان تكون فوق الجميع، لا ان يبقى شغلنا الشاغل الشحاذة في كل المواضيع.. كفى متاجرة بالنازحين مالياً، وكلنا نعلم لجيوب من تذهب المساعدات».
وختم داعياً رئيس الجمهورية الأمين على البلاد وحامي دستوره وسيادته إلى وضع حدّ لهذه المتاجرة التي تعرض الوطن إلى المهالك.
اما الوزير جريصاتي، فقال: «طالما ان رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة، وان مفوضة اللاجئين تتجه أكثر فأكثر إلى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد الوزير الغريب من الوفد الرسمي إلى مؤتمر بروكسل».
ورأى ان التنكر لاختصاصات الوزراء المعنيين أمر لا يُساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتائج المنتظرة منها».
تجدر الإشارة إلى ان مفوض شؤون اللاجئين التابع للأمم المتحدة فيليبو غراندي، كشف في مؤتمر صحفي عقده السبت، قبل مغادرته بيروت، ان هدف مؤتمر بروكسل تأمين المساعدات للبنان في ملف النازحين، لافتاً إلى ان الشعب اللبناني بدأ يُعاني من أزمة النزوح السوري خصوصاً على الصعيد الاقتصادي وان المجتمع اللبناني بدأ يضغط من أجل عودتهم.
ووصف غراندي مباحثاته في لبنان بأنها كانت «بناءة»، مشدداً على ضرورة العمل على بعض الشروط لتسهيل عودة اللاجئين، معتبراً ان بعض اللاجئين محتار في موضوع العودة بسبب الخوف سواء من الأمن أو بسبب منازلهم المدمرة أو عدم وجود عمل لهم.
زيارة بومبيو
من جهة ثانية، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان موعد زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت لم يحسم بعد، وان كان مرتقباً في خلال الأسبوع الحالي.
ولفتت الى ان مواضيع البحث بين الجانبين اللبناني والاميركي اثناء الزيارة تشمل النازحين السوريين والوضع في الجنوب وخطة النهوض الإقتصادي والتعاون اللبناني – الأميركي لاسيما في دعم الجيش اللبناني فضلا عن العلاقة بين البلدين.
واشارت المصادر الى ان ما من ملف محدد قد يصار الى بحثه وان الوزير الاميركي سيسمع من المسؤولين اللبنانيين موقفا واحدا من المواضيع المطروحة وتأكيدا على اجراءات الحكومة المتخذة في سبيل معالجة الملفات المتعددة، ولا سيما في ما يتعلق بالعقوبات الأميركية على «حزب الله»، سيما وان المصادر لم تستبعد ان يحمل بومبيو ذات لائحة الشروط التي حملها موفده ونائبه لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، والتي يتعين على الدولة تنفيذها لاحكام الحصار على حزب الله، بالتزامن مع مسائل أخرى لها علاقة بالحدود مع إسرائيل والنزاع البحري حول الثروة النفطية في المنطقة الاقتصادية الخاصة، مما قد يتسبب بارباك إضافي للدولة هي بغنى عنه.
اللجنة اللبنانية – السعودية
وفيما يفترض ان يعود الرئيس الحريري خلال الساعات المقبلة إلى بيروت، من المملكة، يتوجه إليها اليوم وفد تقني لبناني مؤلف من مديرين عامين وممثلين عن الوزارات المعنية، تحضيرا لاجتماع اللجنة العليا المشتركة اللبنانية-السعودية التي يرأسها عن الجانب السعودي وزير المال محمد الجدعان، وعن الجانب اللبناني وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش. ويبحث المجتمعون في ملفات اللجان المشتركة وتفعيل العلاقات التجارية وتنظيمها وتفعيل الاتفاقات المشتركة، إضافة إلى تذليل العقبات التي تواجه العلاقات التجارية لناحية تبادل منتجات البلدين، من اجل مأسسة العلاقات وإبعادها عن أي ارتدادات يمكن أن تتعرّض لها نتيجة مواقف قوى سياسية.
انتخابات طرابلس
وفي انتظار صدور مهل قبول طلبات الترشيح ومن ثم سحبها، عن وزارة الداخلية اليوم، انفاذاً لمرسوم اجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس، يوم الأحد في 14 نيسان المقبل، بقيت الأمور غير واضحة كثيراً، عند القوى السياسية المعنية بهذه الانتخابات، بسبب توازن الاحجام السياسية وتنوعها، إضافة إلى حساسية المعركة وأهميتها لدى هذه القوى.
وباستثناء الموقف الرسمي المعلن لتيار «المستقبل» بترشيح السيدة ديمة جمالي التي ابطل قرار المجلس الدستوري نيابتها، فإن مرشح جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية على «لائحة الكرامة» طه ناجي، ووزير العدل الاسبق اللواء اشرف ريفي سيحددان موقفيهما من الترشح رسميا خلال ايام قليلة، فيما لم يتقرر ما اذا كان سامر طارق كبارة ابن شقيق النائب الحالي محمد كبارة سيترشح، مع ان صوره واللافتات المؤيدة له بدأت تنتشر في المدينة.
وأكد اللواء ريفي، أمس، ما نشرته «اللواء» من أنه يميل للترشح جدياً، وقال انه سيعقد مؤتمرا صحافيا يوم الخميس المقبل في طرابلس لإعلان الموقف رسميا، فيما قال طه ناجي: ان القرار بترشيحه او عدمه سيتخذ خلال يومين من قبل جمعية المشاريع ويتم التشاور به مع الحلفاء لا سيما مع النائب فيصل كرامي.
وكان لافتا للانتباه الجولة التي قام بها مؤخرا اللواء ريفي على كل من الرئيسين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والنائب كرامي ونائب «تيار المستقبل» سمير الجسر، ما فتح المجال لتكهنات كثيرة، لكن ريفي ابلغ «اللواء»، انها زيارات شكر لهم بعد تعافيه حيث زاروه او اتصلوا به للاطمئنان الى صحته إثر العمليات الجراحية التي اجراها «للديسك» في ظهره قبل مدة، وبعد تعرض ابنتيه لحادث سير كبير، وقال: «نحن في طرابلس لدينا عادات وتقاليد اجتماعية لا يمكن التخلي عنها حتى لو كانت هناك خصومة سياسية، وهي وسيلة ليبقى الترابط والتواصل قائما بين اهل المدينة».
واوضح انه جرى خلال هذه الزيارات التداول بشكل عام في اوضاع طرابلس وكيفية النهوض بها، ومن ضمن البحث جرى التطرق لِماماً الى موضوع الانتخابات ولم تحصل التزامات من طرف لطرف.
كذلك اكدت اوساط النائب كرامي لـ «اللواء» انها زيارة «رد الاجر» وللشكر على إطمئنان كرامي الى صحته، كما جرى التداول عموما في اوضاع طرابلس والانتخابات فيها، لا سيما حول قرار المجلس الدستوري بإعادة إجراء الانتخابات، وحيث اكد كرامي لريفي ان القرار خاطيء وكان يجب اعلان فوز ريفي أو طه ناجي، وان من حق ريفي الترشح اسوة بغيره من القوى السياسية في المدينة والقرار يعود للناخبين في النهاية.
واشارت المصادر الى انه بالجانب الشخصي لا مشكلة مع اللواء ريفي ولا مع احد غيره «فكلنا ابناء مدينة واحدة وتهمنا مصلحتها برغم الاختلاف السياسي الواضح».
وبالنسبة الى موقف الرئيس نجيب ميقاتي، قالت مصادره لـ»اللواء»: ان الموقف الواضح والمعلن للرئيس ميقاتي منذ اليوم الاول لصدور قرار المجلس الدستوري، هو العلاقة الوطيدة مع الرئيس سعد الحريري، وهوكان واضحا بقوله لتلفزيون «المستقبل» ما حرفيته « انا ودولة الرئيس الحريري في مركب واحد بشأن انتخابات طرابلس الفرعية». وهذا الموقف كافٍ ويعبر عن توجهات ميقاتي.
وفي تقدير مصادر طرابلسية متابعة لمجريات الانتخابات، ان تحالف الرئيسين الحريري وميقاتي من شأنه ان يحسم إلى حدّ كبير نتائج المعركة سلفاً، خاصة مع انضمام الوزير السابق محمد الصفدي إليهما، لكن هناك توجهاً سياسياً عند الأطراف الأخرى بعدم تسليم المدينة إلى تيّار «المستقبل» وحلفائه بسهولة، وبالتالي عدم إفساح المجال لفوز المرشحة جمالي بالتزكية، خاصة بعدما بدت نشاطاً ملموساً لها بزيارة الاحياء الأكثر فقراً في المدينة مثل التبانة والأسواق القديمة.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر المقربة من ريفي ان سامر كبارة تداول مع وزير العدل السابق في موضوع الانتخابات، وانه قد ينسحب من المعركة في حال قرّر ريفي الترشح رسمياً، وانه إذا قرّر العزوف سيخوض المعركة بوجه «المستقبل»، سواء خاضها مرشّح «الاحباش» ناجي أم لا.
ملف الفساد
وبالنسبة لملف الفساد والحسابات المالية للدولة، فما زال غير معروف متى سيسلم وزير المال علي حسن خليل تقريره المالي إلى مجلس النواب لتناقشه لجنة المال والموازنة، وهل ان رفع التقرير مرتبط برأي ديوان المحاسبة الذي تسلم من جهته التقرير وبدأ دراسته، كونه الهيئة الرقابية المكلفة المراقبة اللاحقة؟
الثابت ان الوزير خليل لم يتطرق إلى هذه النقطة خلال حديثه في مناسبة اجتماعية في بلدة البابلية، لكنه أكّد «اننا امام تحد اقتصادي ومالي استثنائي، ويتطلب منا ان نعمل كلنا، وعلى كل القوى السياسية ان تتحمل مسؤولية معالجة الوضع، مشيراً إلى ان «مفتاح المعالجة بإقرار موازنة سريعة، وبطريقة استثنائية تعالج مكامن الخلل ومكافحة الضغط على المستوى المالي».
وقال: «نحن امام امتحان خلال الأشهر الستة، فإما نستطيع خرق الجدار بقرارات جذرية، واما نذهب باتجاه مأزق»، لافتاً إلى ان هذا الكلام ليس من موقع التهويل، معتبراً ان «إعادة ثقة النّاس بالدولة، خاصة ونحن نتحدث عن معركة مواجهة الفساد يكون في احترام المؤسسات الضامنة لعمل الإدارة في الدولة لا القفز فوقها عندما تتضارب مع مصالحنا الخاصة»، مشيراً إلى «انه استطاع ان يعيد الانتظام إلى المالية العامة، وان نقدم نموذجاً في تقديم حسابات الدولة، بعد إعادة تكوينها وكشف الثغرات الحاصلة على مستوى الفترة الزمنية الماضية كلها».
تزامناً، طالب المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الذي عقد جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، «بأن تعالج مسألة مكافحة الفساد ضمن الأطر القانونية ومحاسبة الفاسدين على اسس واضحة المعالم من خلال المستندات والوثائق الرسمية على الا تكون كيدية او سياسية او انتقائية»، جازماً «بان القضاء النزيه هو من يتّخذ القرارات في هذا الاطار ولا يحق لأي احد التلميح او اتهام اي شخص من دون اي مسوغ قانوني. وما يحصل اليوم من البعض بتصويب السهام بشكل او بآخر على الرئيس فؤاد السنيورة هو افتراء وحكم مسبق وظلم، فلنترك القضاء النزيه والمختص يقوم بمهامه وعدم التدخل به».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
عودة بوتفليقة تخلط الأوراق في الجزائر… وتساؤلات حول إدارة معركة الباغوز ضد «داعش»
استبعاد الحريري للغريب عن بروكسل يهدّد الوضع الحكومي وملف النازحين
كلام حاسم من عون وبري ينتظر بومبيو حول التمسّك بالسيادة البحرية والمقاومة
فاجأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة المراقبين بعودته السريعة إلى الجزائر جالساً في المقعد الأمامي للسيارة الرئاسية، بما يبعد الرهانات التي جرى الترويج لها إعلامياً حول وضعه الصحي الخطير، من دون أن يعني ذلك تعافيه بالقدر الذي يؤهله لممارسة المهام الرئاسية، لكن بما يكفي لخلط الأوراق التي بُنيت كثير من حساباتها على قرب رحيل الرئيس بوتفليقة وشغور كرسي الرئاسة. وتحدثت مصادر متابعة عن سيناريوات مختلفة لمستقبل الوضع في الجزائر بعد عودة بوتفليقة، وعرضه تولي الرئاسة للسنة المقبلة مع رزمة إصلاحات وعد بها، بحيث يشكل العرض فرصة للخروج من الأزمة فيما لو توافرت الضمانات اللازمة لتأكيد عدم التراجع عنها، بعد نيل بوتفليقة ولاية كاملة، ما طرح في التداول اختصار الولاية الجديدة بتعديل دستوري واضح لمدة عام أو عامين، يتخللها تشكيل حكومة انتقالية تشرف على التعديلات الدستورية، والتحضير لحوار وطني يسبق طرح دستور جديد على الاستفتاء وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على اساسه، على أن تكون الحكومة الانتقالية واسعة التمثيل لضم رموز المعارضة والموالاة والحراك الشعبي، وتسند رئاستها إلى شخصية عسكرية يسمّيها الجيش قد تكون رئيس الأركان صالح قايد علي.
على المستوى الإقليمي تدور تساؤلات حول صدقية المعركة التي تخوضها قوات سورية الديمقراطية مدعومة من واشنطن ضد بقايا تنظيم داعش في منطقة الباغوز في دير الزور، بعدما كثر الحديث عن أعداد المسترّبين من عناصر داعش وقياداتها، من العشرات إلى المئات فالآلاف، ما يشير وفقاً لمصادر أمنية معنية إلى ترتيبات تحت الطاولة أعدّها الأميركيون لإطالة أمد وجود داعش، وافتتاح معارك جديدة يخوضها التنظيم بعد أسابيع أو شهور في مناطق سورية وعراقية، تطابق الحديث الذي صدر عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، عن أن المعركة مع داعش لا تبدو قريبة النهاية، وما يبرر بالتالي احتفاظ الأميركيين بوجود قواتهم في سورية لمدة أطول، ويبرر تأجيل الجدل حول مستقبل وجودهم في العراق والمطالبات المتصاعدة برحيلهم.
لبنانياً، لا يبدو الوضع الحكومي بخير مع البطء في تناول الملفات الساخنة التي تحدثت الوعود عن سرعة البت بها خلال المئة يوم الأولى من عمر الحكومة، والتي يكون ثلثها قد انقضى مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من بروكسل، والحكومة لم تقم بخطوة واحدة باتجاه طرح خطط النهوض على طاولة مجلس الوزراء، بينما تشير الملفات السياسية إلى سعي الحريري لتظهير تمايز عن رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي في ملفي النازحين والعقوبات الأميركية على حزب الله، عشية زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت الأسبوع المقبل، وهو ما ربطته مصادر متابعة بالحملة المركزة التي يشنّها إعلام تيار المستقبل على حزب الله على خلفية مقاربته لملف الفساد، متهماً الحزب بنهب المال العام وإدارة مرافق جمركية برية وغير جمركية غير شرعية، واستيفاء أموال الدولة، وهي اتهامات سبق أن تحدّى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مطلقيها بالتوجه نحو القضاء، اسوة بما يفعله حزب الله بما لديه في ملف الفساد، ليكون التصرف مسؤولاً، يحترم أننا في دولة يقول القضاء فيها الكلمة الفصل. ورأت المصادر المتابعة أن رئيس الحكومة الذي بدا أنه يقف وراء رسم «الخط الأحمر» حول ارئيس فؤاد السنيورة تراجع خطوة إلى الوراء عن التزاماته أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عشية تشكيل الحكومة، في ملفي النازحين والعقوبات الأميركية، بصورة يضع فيها العودة إلى هذه الالتزامات بالحصول على ضمانات، تقول المصادر إنها مستحيلة، بتحييد الرئيس السنيورة عن أي ملاحقة في ملفات الفساد.
في هذا السياق جاء تشكيل الوفد الحكومي إلى مؤتمر بروكسل للنازحين برئاسة الحريري وعضوية وزيري التربية والشؤون الاجتماعية، الحليفين لتيار المستقبل والمنتميين لقوى الرابع عشر من آذار، واستبعاد الوزير المعني بالملف، لانتمائه سياسياً إلى خط سياسي مختلف، وتكتل لبنان القوي، بالرغم من نجاح الوزير صالح الغريب في مسؤوليته عن ملف النازحين بتحقيق نجاح لافت في التعاون مع الحكومة السورية ما انعكس تبدلاً في النظرة الأممية تجسد في الكلام الإيجابي لمفوض شؤون اللاجئين فيليبو غراندي تجاه المبادرة اللبنانية الداعية لتحرير ملف النازحين من أي شروط سياسية، وبالتوازي لم يُعرف ماذا ينوي الرئيس الحريري أن يقول لوزير الخارجية الأميركية الأسبوع المقبل، وقد جعل لزيارته عنواناً هو الحرب على حزب الله، معلناً دعوة لبنان إلى قبول الشروط الإسرائيلية لترسيم الحدود البحرية وما يتصل بها من ثروات النفط والغاز، بينما قالت مصادر مطلعة إن بومبيو سيسمع من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري كلاماً حاسماً في الملفين.
فيما يترقب المعنيون زيارة وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو الى بيروت منتصف الشهر الحالي والتي تأتي قبل سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو في 25 آذار الحالي، اتجهت الأنظار أمس، الى مؤتمر بروكسل 3 الذي سيعقد في 13 و14 آذار الحالي. ووفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن بومبيو سيشدّد خلال لقاءاته على ضرورة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على حزب الله وإيران، مشيرة الى ان وزير الخارجية الأميركي الذي وضع في أجواء لقاءات نائبه ديفيد ساترفيلد مع فريق 14 آذار، يريد حث المعنيين في لبنان على ضرورة اعتماد سياسة التشدّد تجاه حزب الله داخل الحكومة لافتة الى أن بومبيو سيبحث ايضاً في ملف لا يقل أهمية ويتصل بالدور الروسي في لبنان.
وفيما عاد الرئيس سعد الحريري مساء أمس، الى بيروت بعد زيارة الى المملكة العربية السعودية في إطار زيارة عائلية، ليتوجّه يوم غد الثلاثاء إلى بروكسل للمشاركة في مؤتمر «بروكسل 3»، على رأس وفد وزاري وفريق من المستشارين والتقنيين يضم وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، ووزير التربية أكرم شهيب، والوزير السابق غطاس خوري ومستشار الرئيس الحريري نديم المنلا وهازار كركلا. فيما استثني من الدعوة الى المؤتمر المعني الأول وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب الذي أكد أمس، «أنّ تجاوز دور وزارة الدولة لشؤون النازحين في مؤتمر بروكسل، هو ليس تجاوزاً لشخصنا، بل لطريقة التفكير المغايرة والمقاربة الجديّة التي ننتهجها في معالجة هذا الملف بغية تحقيق العودة، وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً». وقال الغريب: «يؤسفنا توجّه بعض القوى السياسية بغير المنحى المأمول منها وطنياً، حيث نرى أن هناك إصراراً على العودة إلى سياسة الحكومة السابقة في ملف النازحين، وتجاوزاً لجميع الأصول والأعراف في الدعوة إلى مؤتمر بروكسل».
غرّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي عبر حسابه على تويتر: «طالما أن رئيس الحكومة هو الناطق باسم الحكومة وأن مفوضية اللاجئين تتجه أكثر فأكثر الى الداخل السوري لمساعدة النازحين السوريين العائدين إلى بلادهم، وبانتظار إقرار الحكومة الورقة السياسية للنزوح، لم نفهم استبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من الوفد الرسمي الى مؤتمر بروكسل». وأضاف: «التنكّر لاختصاصات الوزراء المعنيين هو أمر لا يساعد في شيء في تضامن الحكومة والنتائج المنتظرة منها».
وأكدت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» ان عدم مشاركة الغريب ضمن الوفد الوزاري الذي يترأسه الحريري الى بروكسل مردّه عدم تلقيه دعوة من الاتحاد الاوروبي للمشاركة، مشيرة الى ان الوزيرين قيومجيان وشهيب تلقيا دعوة للمشاركة فقط في حوارات على هامش المؤتمر في حين أن الدعوة من الاتحاد الأوروبي الى مؤتمر بروكسل حصرت فقط بالرئيس الحريري والوزير جبران باسيل الذي اعتذر لارتباطه بمواعيد أخرى.
وشدّدت مصادر بيت الوسط على عدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، فالدعوة لا علاقة للرئيس الحريري بها، مشيرة الى أن الأهم يبقى ان مؤتمر بروكسل يهدف الى تقديم المساعدات للبنان في ملف النزوح على الصعيد الاقتصادي وسيؤكد المجتمعون الإيفاء بالتزامهم تجاه لبنان. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري سيؤكد في كلمته على العودة الآمنة للنازحين وفق المواثيق الدولية.
في المقابل، اشارت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ»البناء» الى أن رمي الملف عند الاتحاد الأوروبي «نكتة سمجة جداً»، مشيرة الى ان ما قام به الحريري الذي نسق مع الأوروبيين الدعوات في قمة الـ»لا نأي بالنفس»، مضيفة ما قام به الحريري خطوة عرجاء ويثير الشبهات لا سيما أن أوروبا تعمل على تثبيت النازحين في الدول المضيفة، مشددة على ان عدم دعوة الغريب رد على زيارة الأخير الى سورية، قائلة «سياسة الحريري قد تعطّل العمل الحكومي وتضرب كل تعاون بين مجلس الوزراء مجتمعاً وأوروبا، خصوصاً أن الحريري نفسه يدرك جيداً موقف الرئيس عون من ملف النازحين، وكان موقفه واضحاً في جلسة مجلس الوزراء الأولى عندما قال بما معناه الامر لي لحماية لبنان والمصلحة الوطنية».
وغرّد النائب طلال أرسلان عبر تويتر قائلاً «لا مؤتمرات ولا زيارات ولا ندوات ولا وفود تشرّفنا بأن يكون وزيرنا في عدادها إلا على القواعد الواضحة والصريحة والشفافة بتبنّي توجهات فخامة رئيس الجمهورية والبيان الوزاري لجهة مقاربة موضوع النازحين السوريين». وأضاف ارسلان: «كفى متاجرة بمصالح البلد العليا من أي كان رئيساً او وزيراً ومَن يمثلون بالخارج، مصلحة لبنان يجب ان تكون فوق الجميع… لا أن يبقى شغلنا الشاغل الشّحاذة في كل المواضيع… كفى متاجرة بالنازحين مالياً، وكلنا نعلم لجيوب من تذهب المساعدات».
الى ذلك، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الأحد في بكركي: «ليس القاضي الجالس على القوس ديّاناً، بل خادم للعدالة، وليس أمام ملفات من الورق فقط، بل أمام شخص بشري له مشاعره وينتظر حقوقه. وهو أيضاً إنسان مسؤول عن تطبيق القانون». وأكد الراعي أن أسوأ ما يشوّه القضاء، فضلاً عن الرشوة المالية الرخيصة، التدخل السياسي في الأحكام، أو في الحيلولة دون تطبيقها نفوذاً، أو في البحث عن كبش محرقة حفاظاً على الكبار.
ولفت الى أن «هذا ما نشهده بكل أسف في لبنان، الأمر الذي يطعن المواطنين في الصميم، ويزعزع ثقتهم بالقضاء، ويفقد الدولة هيبتها.»
وعلى خط الحسابات المالية رأى وزير المال علي حسن خليل أننا «أمام امتحان خلال الأشهر الستة، فإما أن نستطيع خرق الجدار بقرارات جذرية تعالج وضعنا المالي، وإما أن نذهب باتجاه مأزق»، معتبراً أنه «عندما لا نستطيع أن نقرّر معالجة حقيقية لوضعنا المالي، فمعنى هذا، أننا جميعاً أمام تحدٍّ بالانزلاق إلى وضع لا تحمد عقباه، على مستوى الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي»، مؤكداً أن «هذا الكلام، ليس من موقع التهويل، لكن من خلال المتابعة، يجب أن نتعاطى بهذا المستوى من المسؤولية مع التحدّي، الذي نعيش، لأننا إذا لم نستطع، معناها أننا قد أخذنا خيار أن نطلق الرصاص بأيدينا على أنفسنا».
وفي السياق شدّدت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» على ضرورة إحالة الحسابات المالية الى لجنة المال لتتمكّن من القيام بدورها وتحديد المسؤوليات ليأخذ الملف مساره القضائي بعد ذلك مشدّدة على أن زمن التسويات ولّى، فمن رفض كل التسويات التي عرضت في السنوات الماضية التي رافقت نشر كتاب الإبراء المستحيل لن يقبل اليوم بأي تسوية على حساب المال العام والإصلاح ومحاربة الفساد. الى ذلك يترأس النائب إبراهيم كنعان اليوم جلسة للجنة المال والموازنة، لمناقشة تقريرَي التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية المتعلقين بالتوظيف والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة الحاصلين.
وعلى خط الانتخابات الفرعية في طرابلس زار الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، النائب فيصل كرامي في دارته في طرابلس. وتركّز البحث حول الانتخابات الفرعية في طرابلس. وكان ريفي التقى أيضاً في الأيام الماضية الرئيس فؤاد السنيورة وكانت الانتخابات الفرعية الحاضر الأول وتمّ الاتفاق على التواصل مجدداً.