كانت زيارة وزير خارجية فنزويلا خورخي أرياسا إلى لبنان هي الحدث المحلي البارز أمس. وقد كان اللافت عدم استقبال رئيس الحكومة سعد الحريري للوزير الفنزويلي. ونقلت صحيفة "البناء" اللبنانية عن مصادر متابعة لزيارة أرياسا، إن الحريري رفض تعيين موعد للوزير أرياسا، بعد أن تلقى ليل أول أمس اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو. وحذرت الصحيفة من أن رئيس الحكومة اللبنانية قد سجل دبلوماسية غير مألوفة، وقالت إنها قد تنعكس سلباً على العلاقات بين لبنان وفنزويلا، بحسب ما أشارت مصادر وزارية ودبلوماسية للصحيفة. واستغربت رفض رئيس الحكومة تعيين موعد لوزير خارجية الجمهورية البوليفارية الفنزويلية خورخي ارياسا لزيارة السراي الحكومي، لأن فنزويلا دولة صديقة لها سفير في بيروت وللبنان سفير في كراكاس. كما أن للبنان جالية كبيرة في فنزويلا.
واعتبرت مصادر "البناء" أنّ موقف الحريري يؤكد أنه لا يزال ينسجم في سياسته الخارجية مع السياسة الأميركية، أن ما قام به يُعدّ إساءة للعلاقات الثنائية بين البلدين. إذ أنّ لبنان غير معني بما يجري من أحداث داخلية في فنزويلا وهو لم يعترف بوجود سلطتين فيها، وبالتالي كان يجب على الحريري التصرّف كرجل دولة واستقبال الوزير الفنزويلي كما فعل رئيس الجمهورية. وتتساءل مصادر إذا كان موقف الحريري ينطلق من احترامه لسياسة النأي بالنفس فلماذا استقبل إذاً وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية الذي تدخّل بشكل سافر في الشؤون اللبنانية واستهدف مكوّناً أساسياً من المكوّنات اللبنانية؟ وألا يُعتبر موقف بومبيو خرقاً للنأي بالنفس؟.
وكانت قناة الـ«أم تي في» قد كشفت أنّ الحريري رفض إعطاء أرياسا، موعداً للقائه. وقد ربطت مصادر بين موقف الحريري والاتصال الهاتفي الذي تلقاه من وزير الخارجية الأميركي أمس. وكان أرياسا زار الرئيس العماد ميشال عون ونقل إليه رسالة شفهية من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تناولت الأوضاع الراهنة في فنزويلا. كما التقى وزير الخارجية جبران باسيل. أما اللقاء غير الرسمي فكان مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إنّ «زيارة الوزير الفنزويلي الى لبنان تأتي في إطار جولة يقوم بها لدول عدة قد تكون منها سورية وإيران وباكستان وغيرها من الدول التي تدعم مادورو واستقرار الدولة الفنزويلية وتعارض السياسات الأميركية الاستعمارية والهمجية في العالم»، ولفتت الى أنّ «هدف الزيارات تلك توضيح موقف بلاده حيال المؤامرة التي تتعرّض لها من أميركا ومن ضغوط وحصار»، واضافت أنّ «الزائر قصد لبنان بعد الدعم الشعبي الذي تلقته الدولة الفنزويلية من قوى وأحزاب وطنية وقومية لبنانية وهو لم يطلب مساعدات عسكرية أو مادية بل لتوضيح موقف بلاده وشكر الدول الداعمة لها»..
وترى المصادر بأنّ «زيارة الوزير الفنزويلي لدول محور المقاومة يؤكد قوة هذا المحور وموقعه ودوره. في المعادلة الإقليمية والدولية لا سيما بعد الانتصارات التي حققها في السنوات القليلة الماضية». وكان الوزير أرياسا قد حضر لقاءً تضامنياً مع فنزويلا مساء أمس، قال خلاله إنّ حكومته تحقق المزيد من التقدّم على حساب الانقلاب الذي قاده رئيس البرلمان خوان غوايدو بعد فشل محاولات شقّ الجيش، مؤكداً أنّ الشعب الفنزويلي يلتفّ حول الرئيس نيكولاس مادورو، وقد تشكل في جماعات شعبية مسلّحة تضمّ مليوني مسلح لمواجهة أيّ خطر عسكري، بينما الجيش متماسك وموحّد وراء الشرعية الدستورية للرئيس مادورو، وبعدما أكد أرياسا أنّ حكومة مادورو منفتحة على الحوار والحلول السياسية قال إنّ أيّ محاولة للغزو الأجنبي ستلاقي الفشل وستكون فنزويلا أكثر من فييتنام حيث ستهزم الغزوة الأميركية مجدّداً، مؤكداً تكامل النضال ضدّ الاحتلال والعدوان الصهيوني مع النضال ضدّ الهيمنة الأميركية، نافياً الاتهامات الأميركية التي تقول بوجود عناصر مسلحة لحزب الله في فنزويلا.
"البناء"، وكالات، بيروت، 4 نيسان، 2019