التهديد "الإسرائيلي" للبنان قائم. نتائج انتخابات الكنيست في الكيان الصهيوني قالت ذلك. قالت أنه مستمر. قالت أن نتنياهو وخصومه تنافسوا، أصلاً، على تأييد "الناخبين" للعدوان على لبنان وحلفائه. من فضائل المقاومة الوطنية أنها بددت الأوهام التي زرعتها بعض الأوساط المحلية عن "الصهيوني المعتدل" و"الصهيوني المتطرف". من فضائل المقاومة أنها كلما رفعت سقف الردع ضد "إسرائيل"، فإنها تبطل أو تبدد "فرص" تدخلها في خلافات اللبنانيين ومشكلاتهم. أيّاً تكن الحكومة في "إسرائيل" فليس لدينا أوهام. المشروع الصهيوني الإمبريالي العنصري هو، بطبيعته، مصدر الخطر على لبنان. الكيان الصهيوني هو سبب الخطر على لبنان. ذهب نتنياهو أو رجع أو فطس لا أوهام. عاشت المقاومة الوطنية. الوطن يحيا بالمقاومة ويتحرر.
البناء
نتنياهو يستعدّ لحكومة لمّ شتات اليمين… ونخالة يعلن جاهزية المقاومة لكلّ الاحتمالات
مجلس النواب والحكومة في تمرين أول باهت… والموازنة على خطى الكهرباء
نصر الله: جاهزون للمواجهة ونملك أوراق قوة نستخدمها بالمقدار والتوقيت المناسبين
العيون المشدودة صوب فلسطين بعد نتائج الانتخابات الإسرائيلية والفوز الضعيف لبنيامين نتنياهو، رصدا حال الهزال السياسي في المشهد الانتخابي حيث الناخبون إلى عزوف وعدم ثقة بالشعارات المرفوعة، وحيث التشظي السياسي نحو الكتل الصغيرة وتراجع الأحزاب الكبرى، بما فيها الليكود الذي كاد يخسر موقعه المتقدّم بفارق مقعد واحد أمام حزب أبيض أزرق المولود قبل شهور قليلة بشعارات تشبه شعارات الليكود، ما كشف أزمة القيادة التي يعانيها كيان الاحتلال وعلاقتها بأزمة الخيارات، حيث التقدم نحو خيار جدي لصناعة التسويات دونه أثمان مكلفة لحد الاستحالة والذهاب إلى الحرب فوق طاقة الكيان أمام تجارب المواجهات التي كشفت محدودية قدرة جيش الاحتلال على اعتماد القوة لحسم جبهة غزة وحدها، فيكف بجبهات لبنان وسورية وإيران.
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة استبق ولادة الحكومة الجديدة لنتنياهو بالإعلان عن جهوزية قوى المقاومة في غزة لكل الاحتمالات، محذراً من أي عبث بالتهدئة، لأن الرد سيكون قاسياً وقواعد الاشتباك التي ستفرضها المقاومة ستكون أشدّ قسوة مرة بعد مرة.
في لبنان، حيث زيارات رئاسية بلغارية ويونانية تحمل التحذيرات الأوروبية من خطورة الوضع المالي وتتزامن مع لقاءات وزارية يستثمرها لبنان لعرض رؤيته لملف النازحين السوريين ومشروعه لعودتهم طالباً الدعم والمؤازرة، وحيث المجلس النيابي والحكومة قدّما تمرينا أولَ لجلسات المساءلة، لم يكن بمستوى الجدية وبدا باهتاً بقياس الوعود التي قدّمها النواب حول ما ستحمله جلسات الرقابة البرلمانية للحكومة، حيث الأسئلة لم تتبلور كمشاريع مساءلة وبقيت أقرب للاستفسارات المدرسية، بدلاً من المحاسبة السياسية، والأجوبة حملت استخفافاً فخلت من أي سعي لانتزاع قناعة الرأي العام بجدية الحكومة، فكان المشهد الباهت في المجلس أمس، إشارة سلبية لجلسات المساءلة اللاحقة، بانتظار ما تحمله مناقشات الموازنة التي بدت الحكومة متسارعة الخطى تحت ضغط داخلي وخارجي لإقرارها، بما تحمل كما قال رئيس الحكومة سعد الحريري من إجراءات تقشفية قاسية، وما تمثله من عزم رئاسي وسياسي على السير على خطى إقرار خطة الكهرباء تحت مظلة التوافق.
في لبنان كان الاهتمام لما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في قراءة المشهد الإقليمي ونتائج الانتخابات الإسرائيلية، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب الأميركية، حيث قارب السيد نصرالله الانتخابات الإسرائيلية على قاعدة، كلهم مثل بعض، فلم نحاول التأثير مع أننا قادرون، ولم يرَ نصرالله مؤشرات حرب لكنه لم يستبعد الذهاب للتصعيد إذا تمادى الأميركيون والإسرائيليون في الاستفزازات، فقوى المقاومة تملك الكثير من أوراق القوة، وستستخدمها في التوقيت والإطار والمقدار، وفقاً لحساباتها عندما تكون هناك خطوات تصيب أي من قوى المقاومة بأذى لا يمكن احتماله.
نصر الله: سنردّ في كلّ الساحات
أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن محور المقاومة سيردّ على أي خطوات أميركية في كل الساحات والميادين.
وقال نصر الله: «امام العقوبات نكتفي حتى الآن بالصبر وشدّ الأحزمة وإدارة الوضع، لكن هذا لا يعني أننا لا نملك أوراق قوة أساسية»، مشيراً الى أننا «في محور المقاومة وخط المقاومة، لم نقم برد فعل، وهذه ليست سياسة دائمة»، معلناً أن هناك خطوات اذا اتخذها الاميركي فلن تبقى بلا أجوبة قوية. وهنا أتحدث عن كل الساحات والميادين التي تتصور أميركا انها تستطيع أن تستبيحها، والميدان ليس خالياً».
وفي سياق ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لــ«البناء» أن «حركة محور المقاومة ستبقى محصورة في المواجهة السياسية طالما الحرب الاميركية في اطارها السياسي، لكن إذا انتقل الأميركيون الى الميدان فلن يكونوا وحدهم». وإذ أشارت المصادر الى «ارتياح السيد نصر الله الى الواقع العسكري في جبهات لبنان وسورية والعراق واليمن في مواجهة التنظيمات الإرهابية و»إسرائيل» وأميركا، وبالتالي إفشال المخططات الأميركية السعودية الاسرائيلية في المنطقة»، لفتت الى أن «السيد قد يكون قصد في حديثه عن الخطوات الأميركية المفترضة، هو تدخل أميركي عسكري في مضيق هرمز لإغلاقه أمام الصادرات النفطية الأميركية أو ممرات أخرى لتطبيق العقوبات الأميركية النفطية بالقوة العسكرية أو استهداف مواقع للحرس الثوري الايراني»، وأوضحت أن «الردّ سيكون بالتنسيق بين المحور في أكثر من ساحة منها القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وعددها 52 قاعدة، بحسب خبراء عسكريين».
كما اعتبرت المصادر أن «تحذير السيد نصر الله حول إقدام الرئيس الاميركي على خطوة ما ضد مزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة وحقوق لبنان البحرية والنفطية هو رسالة استباقية تندرج في إطار رد محور المقاومة على أي خطوة في هذا الصدد، وبأنه في حال تم المس بالواقع القانوني لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، فيكتفي لبنان بموقف سياسي طالما الوضع الميداني لم يتغيّر، وبالتالي المقاومة لن تتحرك ميدانياً إلا ضمن الاستراتيجية العامة ضمن الأولويات والظرف المناسب».
وأدان الأمين العام لحزب الله «القرار الأميركي حول الحرس الثوري»، معلناً «الوقوف الى جانب أحبائنا في حرس الثورة»، معتبراً ان تصنيف الولايات المتحدة الحرس منظمة ارهابية حماقة ووقاحة»، مشدداً على أن «حرس الثورة لديه فضل كبير في الدفاع عن الشعوب في المنطقة وقدم عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى».
أما بشأن الحرب السعودية على اليمن، فأشار نصر الله الى انه «عندما بدأت ما سميت عاصفة الحزم كان هناك رهان كبير أن يستطيع محمد بن سلمان او قيادة السعودية حسم المعركة خلال شهر او شهرين، وكان سيقدم هذا النصر بشكل مضلل ومضخم جداً وسيقدم هذا الرجل كقائد للأمة العربية والإسلامية، ومن هذا الموقع سيُقال تفضلوا يا فلسطينيين لتوقّعوا، أما هزيمته فتحمي القدس وفلسطين والقضية الفلسطينية وكل أرض عربية لا تزال تحت الاحتلال».
واعتبر نصر الله ان «وزير الخارجية الاميركي بومبيو يصرّ على تحريض اللبنانيين على بعضهم والتهويل»، كاشفاً ان «ليس هناك اي معطى حول جدية الكلام عن وضع بعض الحلفاء على لوائح الإرهاب»، مشيراً إلى انه «يبدو ان هناك لبنانيين في واشنطن يعملون في هذا الاتجاه». وشدّد على ان «مصلحة اللبنانيين عدم الاستجابة للتحريض الاميركي».
ولم يكد نصر الله ينهي خطابه حتى بدأت الردود الأميركية الإسرائيلية المحمّلة بالتحريض ضد حزب الله، حيث رأى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن « إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان وخطر التصعيد بين حزب الله و إسرائيل حقيقي». بينما وصف المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي حزب الله «منظمة إرهابية أيديها ملطّخة بدم العرب من كافة أنحاء الشرق الأوسط ».
مساءلة في ساحة النجمة
الى ذلك، وفي موازاة العمل الحكومي المكثف عقد المجلس النيابي أول جلسة لمساءلة الحكومة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، تضمنت 13 سؤالاً نيابياً، أبرزها التوظيف العشوائي في القطاع العام.
وفيما لفت بري الى أن الموضوع معلق لمزيد من الدرس، قال الحريري «الموضوع شائك وهذا لم يكن توظيفا انتخابيا أو سياسيا وكل القوى السياسية تدخلت ووظفت وخصوصاً في أوجيرو، كما تم توظيف 3000 شخص في الاجهزة العسكرية والأمنية، لكن هناك اقتراحات في الحكومة لإجراء مناقلات داخل الادارة». وقال «لا شك في أن أخطاء حصلت في التوظيف لذلك أقفلنا باب التوظيف الاستثنائي عبر الحكومة في الموازنة المقبلة». وردّ بري على الحريري قائلاً «ما تخلّي حدا يغشك»، ولدى مجلس النواب ارقاماً زودني بها النائب ابراهيم كنعان تشير الى توظيف 5000 شخص بمعزل عن العسكريين. وسيتم التأكد من التزام قرار عدم التوظيف».
وكما كان متوقعاً كانت الجلسة باهتة جداً لأسباب عدة، أهمها غياب الكثير من الوزراء بداعي السفر، لا سيما وزير الاقتصاد منصور بطيش، وأُثيرت تساؤلات نيابية حول ضرورة عرض المؤتمر الصحافي الأخير لوزير الاقتصاد عن المصرف المركزي وأن على الحكومة عقد جلسة بأسرع وقت للاستماع الى ما قاله بطيش، وتوقف بعض النواب عند ردّ الحريري، مشدّدين على أنه غير متماسك، علماً أن بري يتبنى ورقة كنعان حيال التوظيف غير القانوني، لكنه يرى بأنه من الصعب اتخاذ إجراءات قانونية بحق الموظفين ويعتبر أن قرار توظيفهم بات نافذاً وعلينا البدء بوقف التوظيف منذ الآن، علماً أن «نواباً آخرين طرحوا إخضاع الموظفين الى امتحانات يجريها مجلس الخدمة المدنية سواء في وزارة التربية أو غيرهم وتثبيت الفائزين وصرف الآخرين، أما الاشكالية في هذا الطرح بحسب نواب فوز العدد الأكبر منهم من طائفة واحدة، وبالتالي تكرار قضية الناجحين في حراس الأحراج وموظفي الطيران المدني الذين لم ينفذ مرسوم تثبيتهم لعدم مراعاة التوازن الطائفي».
وطالب بعض النواب بمقاربات أخرى لطريقة الأسئلة والأجوبة، معتبرين أنها لم تكن عملية ومنتجة لا سيما أن الحكومة لم تقارب كل الملفات وتحديداً النفايات الذي طرح من قبل النائبين شامل روكز وفريد الخازن. كما طرح ملف مزارع شبعا وأكد الرئيسان بري والحريري وعدد كبير من النواب على ملكية لبنان لهذه المزارع وامتلاكه وثائق تثبت ذلك، وكان تشديد على الموقف اللبناني المتمسك بلبنانيتها وتحريرها بكافة الوسائل ورفض أي قرار أميركي بضمّها الى إسرائيل».
لقاء على نيّة الموازنة
وعقب الجلسة عقد في المجلس النيابي لقاء بين الرئيسين بري والحريري على نية الموازنة لمدة ساعة، بحضور وزير المال علي حسن خليل، ودعا بري الى جلسة تشريعية الاربعاء المقبل.
وقال الحريري بعد اللقاء: «علينا ان نتخذ قرارات صعبة، وأعمل مع معظم الاطراف السياسية من اجل ان يكون هناك إجماع كامل على الموازنة، لأن خوفي ان يحصل هنا كما حصل في اليونان، وهذا ما لا يجب ان يحصل، فلا يخاف أحد لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من اي مشكل اقتصادي».
عقدة دستورية أمام الكهرباء!
وبعدما اجتازت الحكومة امتحان إقرار خطة الكهرباء، برزت عقدة دستورية مستجدّة أمام طريق تنفيذها تمثلت بمخالفة مشروع القانون الذي أحالته الحكومة بتمديد العمل بالقانون 288 الخاص بتنظيم قطاع الكهرباء، للمادة 89 من الدستور وتعدّ على صلاحيات السلطة التشريعية.
وقالت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لــ«البناء» ان «موافقة رئيس المجلس على عقد جلسة تشريعية لا تعني موافقته على مشروع القانون المحال من الحكومة الى المجلس، لأن كل مشروع سيحال الى اللجان قبل عرضه على الهيئة العامة، وبحسب المصادر فقد أحيل المشروع الى لجنة الأشغال العامة لدرسه على أن يطرح في الجلسة التشريعية المقبلة إن انتهى درسه».
الى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية اليوم في السراي الكبير، وعلى جدول أعمالها 36 بنداً لا يتضمن أيّ تعيينات لا سيما في حاكمية مصرف لبنان لغياب أي توافق سياسي على خيار التجديد لنواب الحاكم لا سيما الدرزي، وسط النزاع الذي طفى على السطح بين وزير الاقتصاد والحاكم.
وفيما أشارت مصادر قواتية لـ«البناء» الى أن «الحملة على الحاكم رياض سلامة غير مبررة بهذا الشكل»، نفت مصادر التيار الوطني الحر أن «يكون موقف وزير الاقتصاد يعبّر عن اتجاه لدى رئيس الجمهورية بطرح تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي»، مشيرة لـ«البناء» الى أن «لا رابط بين موقف بطيش والحرب المشتعلة بين مفوض الحكومة وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي»، مؤكدة على العلاقة الإيجابية بين الرئيسين عون والحريري التي تشهد أقصى درجات التعاون والتنسيق في معالجة مختلف الملفات مشيرة الى توافق بين الرؤساء الثلاثة على تمرير آمن لعدد من الملفات الاقتصادية والمالية الملحة لا سيما الموازنة لإنقاذ الاقتصاد وكسب ثقة ودعم المجتمع الدولي والجهات المانحة لمؤتمر سيدر».
وأمل الرئيس عون في أن يكون الاجتماع الثلاثي القبرصي اليوناني – اللبناني الذي انعقد أمس على مستوى وزراء الخارجية والسياحة والطاقة، بداية إيجابية للتعاون بين البلدان الثلاثة لما فيه خير شعوبها وتطوير اقتصادها.
وخلال استقباله في قصر بعبدا وزير الشؤون الخارجية في قبرص نيكوس كريستودوليديس لفت عون إلى «وجود مصلحة مشتركة للتعاون بين لبنان وقبرص واليونان في المجالات كافة، لا سيما في مجال دعم لبنان في سعيه لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سورية».
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى غياب الخطوات العملية للمبادرة الروسية لإعادة النازحين الى سورية، لافتة الى أن «عملية إعادتهم تقتصر على جهود الامن العام اللبناني»، مشيرة الى أن اعادتهم بشكل كامل يتطلب قراراً أميركياً روسياً والأمر غير متوفر حالياً»، لكنها أكدت بأن «تجاوز لبنان العقبات الأميركية يمكنه حل أزمة النزوح وذلك من خلال التواصل مع الحكومة السورية»، لكن ذلك غير مسموح به حالياً من قبل اميركا والخليجيين بحسب المصادر، وبالتالي هناك انشطار للقرار الداخلي في هذا الملف نتيجة ضغط أميركي على رئيس الحكومة والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي».
إلى ذلك يقوم الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولس اليوم بزيارة رسمية الى بيروت ويلتقي خلالها المسؤولين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
جلسة باهتة لمساءلة الحكومة: هل لوّح الحريري بالخيار العسكري لتحرير مزارع شبعا؟
نصرالله للأميركيين: خياراتنا مفتوحة وتاريخنا يشهد
باستثناء السؤال الذي طرحه النائب نديم الجميّل عن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لترسيم الحدود، لم تلامس أسئلة النواب في جلسة مساءلة الحكومة الإشكاليات الأساسية المطروحة على الساحة، ولا سيما بشأن أخطر أزمة مالية – اقتصادية تواجهها البلاد. فبعد إشارة الجميّل إلى حلّ الأمر من خلال العمل الدبلوماسي وبمساعدة حليف النظام السوري، قاصداً وزير الخارجية، ردّ رئيس الحكومة بأن مزارع شبعا وكفرشوبا أراضٍ لبنانية، ونريد استرجاعها بالوسائل كافة، فهل يطلب الحريري من باسيل زيارة دمشق أم أنه يلوّح بتحرير الأرض المحتلة بقوة السلاح (تقرير ميسم رزق)؟.
تضع الأزمة المالية – الاقتصادية مصير البلاد أمام المجهول. هذه الأزمة هي في الأساس نتاج سياسات من صنع حكومات متعاقبة طالما وضعت مصلحة الطبقة الحاكمة ومن يُمثلها فوقَ أي اعتبار. ولأن الإفلاس يهدّد الدولة، كما أشار رئيس الحكومة سعد الحريري يومَ أمس من مجلس النواب، مُعبّراً عن تخوفه من أن «نصِل إلى وضع شبيه بما حصل في اليونان»، يتقدّم الوضع الاقتصادي على كل ما عداه. رغم ذلك، لم تكُن الجلسة التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لاستجواب الحكومة على قدر الخطر المحدق بمؤسسات الدولة. فأسئلة النواب لم تضع الإصبع على الجرح، ولم تتطرق إلى السياسات العامة للحكومة في ما يتعلق بإشكاليات فرضت نفسها على الساحة في الأسابيع الماضية. من الهندسات المالية والإعفاءات الضريبية عن مؤسسات كبيرة تابعة لسياسيين، وصولاً إلى التعيينات المتعذرة وقطاع النفط وما يحكى عن سياسة تقشف وإجراءات قاسية قد تطاول المواطن اللبناني. عوضاً عن ذلك، حصر النواب استفساراتهم بملفات تلوّث الشاطئ اللبناني والوضع الزراعي وتعويضات التهجير في مناطق محددة والتأخير في المحاكمات. وهذه المواضيع، على الرغم من أهميتها، لا تلغي نقطتين أساسيتين أكدتا في أول جلسة مساءلة للحكومة بعدَ تشكيلها أننا لسنا أمام دولة حقيقية: تغيُّب نصف الوزراء عن الجلسة، ما دفع النائبين حسن فضل الله وسيزار المعلوف إلى المطالبة بإلزام جميع الوزراء بالحضور أثناء انعقاد جلسات المساءلة، ونوعية الأسئلة التي لم تُشعر الحكومة بأن سيف المحاسبة النيابية مصلت فوق رأسها. فالموازنة، التي يعد عدم إنجازها حتى الآن أبرز مظهر من مظاهر عجز الدولة، بعد أشهر من مخالفة الدستور والقوانين بعدم إصدارها، لم تشغل بال أصحاب السعادة، قبل أن يسأل النائب ميشال معوض عنها في نهاية الجلسة، ليرد الحريري بأن «الحكومة ستقدم الموازنة خلال الأسابيع المقبلة. ونحن نقوم بخطوات تقشفية كبيرة. ونتمنى عندما تصل إلى المجلس النيابي أن لا يزايد بعضنا على بعض. وعلينا أن نحافظ على الليرة اللبنانية. وهذه الموازنة سيكون فيها قرارات صعبة جداً». الترويج للتقشف والقرارات الصعبة من قبل رئيس الحكومة يوحي بأن أصحاب الدخل المحدود والمتوسط سيكونون على موعد مع المزيد من الإجراءات التي تستهدفهم، وتعفي أصحاب الثروات.
وحده سؤال النائب نديم الجميّل عن ترسيم الحدود البرية مع سوريا شدّ انتباه الحاضرين، في جلسة علا فيها منسوب الفوضى والضجيج، إلى حدّ دفع الرئيس بري إلى التهديد باتخاذ الإجراءات في حق من لا يلتزم النظام. بالإضافة إلى سؤالين آخرين أخذا حيزاً من النقاش، تقدم بهما النائبان بولا يعقوبيان وزياد حواط حولَ التوظيف العشوائي في القطاع العام، ردّ عليهما رئيس الحكومة مبرراً حصول توظيفات بـ «الحاجة التي دفعت إلى إدخال نحو 3000 عنصر في الأجهزة الأمنية والعسكرية من جيش وأمن دولة وقوى أمن داخلي». وأشار إلى أن التوظيفات «حصلت بعد تسريح العديد من العسكريين وخروجهم من الخدمة». أما عن التوظيفات في هيئة أوجيرو، فقد بررها هي أيضاً بـ«الحاجة إلى موظّفين لتنفيذ عدد من المشاريع، وقد أخذ عدد منهم بقدر ما هو مطلوب، رغم تدخل كل الأحزاب والتيارات من دون استثناء طلباً للتوظيف».
أما الجميّل، فسأل عن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وتحديداً في منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب سيادة العدو الإسرائيلي عليها.
سؤال يبدو غريباً على نائب الكتائب، سرعان ما اتضحت خلفياته. بدا واضحاً أن الهدف من طرح الجميّل لهذا السؤال هو «التنقير» على الفريق اللبناني «الصديق للنظام السوري». فاعتبر أن «العمل الدبلوماسي والسياسي وحده قادرٌ على استرجاع هذه التلال، مُستفسراً عن دور من وصفه «بحليف النظام السوري» وكان المعني هنا وزير الخارجية جبران باسيل المتغيب عن الحضور. ومنعاً لأي جدال حول هذه القضية، سارع بري إلى تقديم مطالعة تاريخية، فأكد أنه «لا لبس في لبنانيتها منذ الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي». وفي هذا الصدد ذكّر بأن «الأمير مجيد إرسلان وضع على أيّامه مركزين للحراسة في تلك المنطقة منعاً للتهريب على الحدود، وكذلك فعل الجانب السوري، إلى أن وقعت حرب الـ1967 وهُجّر اللبنانيون من هناك نتيجة الاحتلال». وشدّد بري على أن لبنان متمسّك بالمزارع، خاصة أن فيها أملاكاً تعود إلى الأوقاف الإسلامية السنية، ومنها مقام النبي إبراهيم. وحثّ على ضرورة إجراء محادثات مع الدولة السورية «حتى لا يُترك الموضوع ورقة بيد إسرائيل التي تريد أن تظهر بمظهر المدافع عن أرض سورية لكي تضع يدها عليها، لكونها أهم موقع للتزلج ومنبع المياه في المنطقة». وقد كان لوزير الدفاع الياس أبو صعب موقف رأى فيه أن «هناك عدداً من النقاط المتنازع عليها مع فلسطين المحتلة، لكن الأهمّ هو البدء بترسيم الحدود لمواجهة الأطماع الإسرائيلية»، معتبراً أنه «حان الوقت لكلام مباشر مع الحكومة السورية حول هذا الموضوع». فيما الأبرز في هذا الأمر كان ردّ رئيس الحكومة الذي قال إن «تلال كفرشوبا ومزارع شبعا أراضٍ لبنانية ونقطة على السطر، ونريد استرجاعها بالوسائل كافة»، ما يفتح باباً للسؤال عمّا إذا كان الحريري يقصد أيضاً الوسائل العسكرية، أو أنه سيطلب من وزير الخارجية زيارة سوريا للتنسيق بشأن المنطقة التي تحتلها إسرائيل!
نصرالله للأميركيين: خياراتنا مفتوحة وتاريخنا يشهد
الرسالة الأبلغ في خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أمس كانت للولايات المتحدة الأميركية، وأعلن فيها أن «التاريخ والحاضر يشهدان أن الميدان ليس خالياً، وأن لغة الاستنكار ليست اللغة الوحيدة التي يعرفها محور المقاومة، بل كل الخيارات مفتوحة لمواجهة الإجراءات التي تهدد شعبنا وبلدنا ومقاومتنا». أما الرسالة الثانية، فلم تكن أقل وقعاً. للداخل اللبناني توجه، محذراً من السياسة التحريضية الأميركية، وداعياً إلى الاعتبار من الدمار الذي خلّفته سياسات بثّ الفتنة في المنطقة منذ عام 2011.
اعتاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استغلال خطاباته لتوجيه رسائل إلى العدو الإسرائيلي. غالبية تلك الرسائل تهدف إلى ردع العدو، وتثبيت معادلات تمنع إسرائيل من الاعتداء على لبنان أو شنّ حرب واسعة عليه. يوم أمس، كانت رسالة نصر الله موجهة إلى الولايات المتحدة، التي تمارس سياسة عدوانية في الإقليم، ضد محور المقاومة، كما في بقاع أخرى من العالم. من أقصى الشرق إلى أميركا اللاتينية، تسعى واشنطن إلى قلب أنظمة، وتفرض العقوبات على الشعوب بالجملة. ولا تعفي حلفاءها من ذلك. ففي أقل من 10 أيام، هدّدت الإدارة الأميركية كلاً من تركيا ومصر بعقوبات قاسية في حال تجرؤ أيٍّ منهما على شراء أسلحة روسية متطورة. لكن يبقى تركيزها الأول على محور المقاومة: الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، الاستمرار في إدارة العدوان على اليمن، نقل السفارة إلى القدس، السعي إلى خنق الاقتصاد الإيراني والسوري، فرض عقوبات على بيئة المقاومة في لبنان، الإبقاء على وجود قواتها العسكرية في سوريا والعراق، ومنع دول المشرق من التعاون في ما بينها اقتصادياً، الاعتراف بـ«السيادة الإسرائيلية» على الجولان، وصولاً إلى إعلان الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، والتهديد بفرض عقوبات على حلفاء المقاومة في لبنان. المسار العدواني الأميركي تصاعدي. وفي قراءة محور المقاومة أن واشنطن ستلجأ إلى إجراءات عدوانية أقسى. وهنا، يضيق الفارق بين حرب عسكرية تدميرية، أو حرب اقتصادية قاتلة، أو «خنق» الاقتصاد تمهيداً لتدمير المجتمعات بحروب أهلية. أمام هذا الواقع، اضطر السيد حسن نصر الله أمس إلى رفع لهجة التحدي للأميركيين في أمرين: أولاً، إعلانه أن خيارات محور المقاومة لن تكون محصورة في استنكار الإجراءات المتخذة ضد أحد «أعضاء» هذا المحور، بل إن هذه الخيارات مفتوحة. ثانياً، تلميحه إلى أن السياسات الأميركية تجاه لبنان تهدف إلى تدميره عبر بث الفتنة فيه، ربطاً بإمكان معاقبة حلفاء المقاومة.
بوضوح، قال نصر الله، في «يوم جريح المقاومة»، ما حرفيته أن الاستنكار والتنديد بلوائح الإرهاب الأميركية «لا يعني أننا لا نملك أوراق قوة مهمة وأساسية». وأكد أنّ «من حقنا ومن واجبنا الأخلاقي أن نواجه كل أولئك الذين يمكن بإجراءاتهم أن يهددوا شعبنا أو بلدنا أو مقاومتنا، ولكن بطبيعة الحال يدنا مفتوحة وخياراتنا مفتوحة، لكن في الوقت المناسب عندما يكون هناك إجراء بحاجة إلى رد فعل سيكون هناك رد فعل مناسب». أضاف: «الميدان ليس خالياً، وهذا هو ماضينا وتاريخنا وحاضرنا وواقعنا ومقاومتنا وتضحياتنا كلها تؤيد هذا الموقف».
وقال نصر الله إن «أميركا ليست داعمة للإرهاب فقط، الإدارة الأميركية هي إرهابية، عقلها إرهابي، وممارستها إرهابية، ونحن نقف بوجه هذا الإرهابي الذي كان من أعظم تجلياته المجزرة في هيروشيما وصولاً إلى اليوم».
وذكّر بأن «أميركا تذلّ أمة بكاملها من أجل إسرائيل وتصنع الجماعات الإرهابية وتقدم لها كل التسهيلات، ثم تأتي وتصنّف المدافعين عن الأرض والمقدسات والأعراض بأنهم إرهابيون. وقال إن آخر تجليات الوقاحة الأميركية كان في وضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة التنظيمات الإرهابية، معتبراً أن هذه الخطوة تعد سابقة، إذ لم يسبق أن صنفت مؤسسة عسكرية رسمية في دولة معترف بها بالعالم بأنها إرهابية.
ورأى نصر الله أن «ما يجري شيء طبيعي، ويجب أن ننظر إليه على أنه شيء طبيعي، اليوم أتوا في خطوة غير مسبوقة ليضعوا الحرس الثوري الإيراني في لائحة الإرهاب لأنه في موقع مركزي، وهو الأقوى والأهم والأشد تأثيراً، هذا يعبّر عن خيبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخيبة الأميركيين».
الفتنة الأميركية
داخلياً، اعتبر نصر الله أنه «بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التي لم تؤد إلى نتائج، السياسة الأميركية التحريضية مستمرة لبث الفتنة في لبنان، نحن لسنا في حالة تراجع، وصعودنا يثير قلق ترامب، ولا معطى جدياً عن فرض عقوبات على أصدقاء لنا، ويبدو أن هناك لبنانيين في واشنطن يعملون بهذا الاتجاه».
وأشار إلى أنه «يجب أن يعرف اللبنانيون أن مصلحتهم في التضامن وعدم الاستماع إلى التحريض الأميركي الذي دمر بلداناً حولنا، وأطلب من الشعب اللبناني عند سماع ترامب وبومبيو أن يستحضروا أمام أعينهم الدول التي دمرها التدخل الأميركي والإسرائيلي والتي حطمها التآمر الأميركي الإسرائيلي وبعض المال الخليجي».
وأشار إلى أن «اللبنانيين يجب أن يحسموا خياراتهم، وأضمّ صوتي إلى صوت رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي صدح في الدوحة أمام برلمانيي العالم ليقول الحق بصوت مرتفع ويدل الجميع على طريق الخلاص وهو الوحدة والمقاومة، وعندما نأتي إلى لبنان الطريق هو الوحدة والمقاومة إذا كنا نريده أن يبقى حراً مستقلاً ومزدهراً».
استحقاق الحدود
وعن الانتخابات الإسرائيلية، قال: «الآن بعد الانتخابات الإسرائيلية، على الأرجح بنيامين نتنياهو سيعود إلى تشكيل حكومة يمينية صهيونية، نحن أمام مرحلة جديدة في العلاقة بين ترامب ونتنياهو، وترامب يقدم الهدايا لنتنياهو، سنكون أمام استحقاق كبير يتعلق بحدودنا البرية والبحرية. القلق الذي أبداه بعض المسؤولين على مصير تلال شبعا هو قلق صحيح لكن المسألة ترتبط بإرادتنا الوطنية وليس بإرادة ترامب».
اليمن يحمي القدس
وفي ملف اليمن، قال نصر الله إنه عندما بدأت «عاصفة الحزم» كان هناك رهان على أنه إذا استطاع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو القيادة السعودية أن تحسم المعركة خلال أسابيع قليلة، «كان سيقدم هذا النصر بشكل مضلل وبشكل مضخم وسيقدم هذا الرجل كقائد للأمة العربية. وأوضح أن هزيمة السعودية على أيدي الجيش واللجان الشعبية في اليمن هو اليوم يحمي القدس وفلسطين وكل أرض عربية ما زالت تحت الاحتلال ويهبها ترامب للإسرائيليين والصهاينة، وأضيف اليوم أن هؤلاء المظلومين في اليمن هم في النتيجة أيضاً يقاتلون ويدافعون من أجل أن يبقى بعض الكرامة لحكومات وشعوب دول الخليج، بالإضافة إلى أن هؤلاء اليمنيين يدافعون عن أعراضهم وأرضهم».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
إستقرار لبنان بين تحذيرين : إفلاس اليونان وأوراق المحور!
بومبيو يعتبر خطر التصعيد بين حزب الله وإسرائيل حقيقي.. وصعوبات تواجه الوفود اللبنانية في واشنطن
في غمرة «الحراك النيابي» الذي يتراوح بين المساءلة و«المشاركة» وصولاً إلى تشريع، يتجاوز الضرورة إلى فتح الطريق أمام قرارات الحكومة و«سيدر» وخطة الكهرباء، وعلى مسمع الوزير القبرصي وقبل وصول الرئيس اليوناني اليوم، والذي يحمل معه دعوة إلى الرئيس ميشال عون لحضور الاجتماع بين رؤساء لبنان واليونان وقبرص، حملت الحركة السياسية تحذيرين: الأوّل من الرئيس سعد الحريري، استحضر النموذج اليوناني، وهو يحذّر من استمرار المزايدات، داعياً إلى قرارات صعبة ستتخذ على صعيد الموازنة تنقذ البلد، بهدف.. منع ان يحصل في لبنان ما حصل في اليونان.
والتحذير الثاني، جاء على لسان الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، وينطوي على بعدين محلي ودولي- إقليمي. في الشق المحلي، خيَّر السيّد نصر الله اللبنانيين بين إبقاء البلد بدائرة السلام الداخلي أو الاستجابة لمن يجرهم إلى الفتنة.. مستغرباً.. وجود لبنانيين في واشنطن يعملون في اتجاه وضع حلفاء وأصدقاء حزب الله على لائحة الإرهاب.
وأضاف نصر الله «صحيح نحن حتى الآن أمام لوائح الإرهاب وأمام العقوبات نكتفي بالإدانة وبالاستنكار وبالتنديد وبالصبر وبشد الأحزمة وبإدارة الوضع ولكن هذا لا يعني أننا لا نملك أوراق قوة مهمة وأساسية. أنا لا أتحدث فقط عن حزب الله إنما أتحدث أيضا عن كل محور المقاومة».
وتابع في كلمة له امس في يوم الجريح بحضور العشرات من جرحى حزب الله «نحن نملك الكثير من أوراق القوة والكثير من عناصر القوة ولكن نحن حتى الآن لم نقم برد فعل… لكن هذه ليست سياسة دائمة وثابتة. هناك إجراءات إذا اتخذها الأميركي من يقول أنها ستبقى بلا رد فعل».
ومضى يقول «عندما يحتاج الإجراء إلى رد فعل سيكون هناك رد فعل مناسب قطعا وحتما» مشيرا إلى أن إيران وحلفاءها لديهم «الكثير من أوراق القوة».
وفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن الرئيس دونالد ترامب سيواصل زيادة الضغط على إيران لكنه امتنع عن التعقيب على إمكانية تقديم إعفاءات للدول التي تستورد النفط الإيراني.
وأبلغ بومبيو لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي بأنه ليس لديه أي تصريحات بشأن إعفاءات.
وقال «أستطيع أن أطمئن بقية العالم بأن الرئيس ترامب سيواصل الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتى يتغير سلوكها».
هذا ورأى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن «إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان وخطر التصعيد بين حزب الله وإسرائيل حقيقي».
وسط، هذه الأجواء الضاغطة، يعقد مجلس الوزراء جلسته العادية اليوم في السراي الكبير، وهو لن يتطرق إلى «تعيين نواب حاكم المصرف المركزي، بسبب عدم التوافق على سائر الأسماء المرشحة».
وعند الساعة 12.30 ظهراً، يترأس الرئيس الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة بموضوع النفايات.
«الموازنة الصعبة»
في هذا الوقت، انتقل اهتمام الحكومة بعد الكهرباء إلى التحضير لدرس وإقرار مشروع موازنة العام 2019، والذي سيكون تقشفياً بامتياز، ويتضمن إجراءات كبيرة جداً، بحسب تعبير عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، غير ان توقيت طرح المشروع على مجلس الوزراء ما يزال يحتاج إلى تغطية سياسية نظراً للقرارات الكبيرة التي سيتضمنها المشروع، والتي وصفها الرئيس سعد الحريري بأنها ستكون «صعبة»، وانه لهذا الغرض يريد الوصول إلى اتفاق سياسي يشمل سائر مكونات الحكومة، إلا انه ليس معروفاً بعد ما إذا كان هذا الاتفاق السياسي الذي يسعى إليه الحريري سيكون عبر لقاء يجمع القيادات السياسية، أو من خلال مشاورات بدأها أمس مع الرئيس نبيه برّي في أعقاب انتهاء جلسة المساءلة النيابية، بعدما كان التقى ليل أمس الأوّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في «بيت الوسط».
وعلم ان خلوة بري- الحريري التي حضر جانباً منها وزير المال علي حسن خليل تركزت بصورة أساسية على ضرورة تسريع إحالة مشروع الموازنة، على مجلس النواب لاقراره. وقد استوضح الرئيس برّي من رئيس الحكومة عمّا قاله داخل القاعة العامة عن ان إنجاز الموازنة يلزمه أسابيع، فرد الحريري بأن المقصود من مهلة أسابيع تشمل الحكومة والمجلس معاً..
ووفق المعلومات، فإن الوزير خليل احضر معه إلى الاجتماع ملف الموازنة كاملاً، وجرى البحث على مدى45 دقيقة في التفاصيل، وطبيعة الإجراءات التي ستتخذ، وبينها تخفيض رواتب الموظفين إلى جانب رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين.
وأوضح الحريري، بعد الاجتماع بأنه «يعمل مع معظم الأطراف السياسية من أجل ان يكون هناك إجماع كامل على الموازنة، خاصة وانه علينا ان نتخذ قرارات صعبة، معرباً من خوفه بأن يحصل في لبنان ما حصل في اليونان عام 2015 حين أعلن عن إفلاس هذا البلد الأوروبي، الا انه استدرك مؤكداً بأن هذا الأمر يجب ألا يحصل ولا داعي للخوف لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من أي مشكل اقتصادي، من دون ان يوضح طبيعة هذه الإجراءات باستثناء قوله انها «ليست كبيرة كثيرا، ولكن قاسية قليلا، نتحملها سنة او سنتين لإنقاذ الإقتصاد، ثم تعود الامور كما كانت».
وعما إذا كان هناك من يرفض هذه الإجراءات، اجاب: «حتى الآن هناك نقاش يجب ان يحصل، والموازنة هي سلسلة إجراءات لمصلحة المواطن اللبناني ونقطة على السطر».
ودعا الحريري إلى وقف المزايدات على بعضنا البعض ونبحث في مصلحة البلد المالية والاقتصادية وكيف سنحقق نمواً في الاقتصاد».
جلسة المساءلة
اما جلسة المساءلة النيابية، فلم تكن ذات وقع ثقيل على الحكومة، التي تمكنت من اجتياز أوّل امتحان لها بسهولة، بالنظر إلى كون الأسئلة النيابية الـ13 غير ساخنة، وتعالج بمعظمها الوضع البيئي والتوظيف العشوائي وبطء المحاكمات وبسبب ان معظم النواب ولا سيما الجدد منهم لم يكونوا على دراية بالنظام الداخلي للمجلس، وآلية انعقاد جلسة الأسئلة والأجوبة، وقد بذل الرئيس برّي جهداً لشرح هذه الآلية، خاصة وانه لاحظ ان الغالبية لا تفرق بين هذه الجلسة وباقي الجلسات التشريعية، ما أحدث بعض الفوضى استدعت تدخلاً متكرراً لمطرقة الرئاسة في محاولة لضبط إيقاع الجلسة والحؤول دون انحرافها عن مسارها القانوني.
وفيما عدا ذلك، بقيت الجلسة تحت السقف العادي، ولم يخرقه أي جدال حاد باستثناء ما حل بين الرئيس الحريري والنائبة بولا يعقوبيان على خلفية معالجة النفايات من المصدر.
ومن خارج الأسئلة المكتوبة، طرح النائب الكتائبي نديم الجميل مسألة رسم الحدود اللبنانية- السورية، فرد عليه الرئيس الحريري بأن تلال كفرشوبا ومزارع شبعا لبنانية ونقطة على السطر، وسنسترجعها بكل الوسائل المشروعة، بحسب البيان الوزاري، فيما افاض برّي بالرد حيث قدم مطالعة تاريخية عن المزارع الـ14 التي يملكها لبنان مسجلة بأسماء لبنانية منذ أيام الأتراك إلى الانتداب الفرنسي، مؤكدا على ضرورة إجراءات محادثات بين لبنان وسوريا حولها.
اما في شأن التوظيف العشوائي، فقد علَّقه الرئيس برّي لمزيد من الدرس، في حين أكّد الرئيس الحريري ان الموضوع شائك، وهو لم يكن توظيفاً انتخابياً أو سياسياً، مشيرا إلى ان كل القوى السياسية تدخلت ووظفت، خصوصاً في «اوجيرو» متعهداً بإقفال باب التوظيف الاستثنائي في الموازنة المقبلة.
ورد بري: «ما تخلي حدا يغشك، لدى مجلس النواب ارقاماً زودني بها النائب إبراهيم كنعان تُشير إلى توظيف 5000 شخص بمعزل عن العسكريين، وسيتم التأكد من التزام قرار عدم التوظيف».
ولوحظ ان أحداً من النواب الذي قدموا أسئلة للحكومة، لم يحول سؤاله إلى استجواب، في إشارة إلى اقتناعهم بجواب الحكومة، إلا انه تردّد ان النائب يعقوبيان طلبت تحويل سؤالها إلى استجواب، غير انه لم يتم التأكد من ذلك، كما لوحظ ان نواب «حزب الله» لم يحركوا ساكناً على مدى انعقاد الجلسة باستثاء النائب علي المقداد الذي سأله شفهياً عن التعويضات لمتضرري السيول في منطقة البقاع.
وكان الرئيس برّي دعا في مستهل الجلسة إلى جلسة تشريعية الأربعاء المقبل. يفترض ان يوضع على جدول أعمالها مشروع قانون الحكومة لتعديل وتمديد القانون 288 المتعلق بعمل هيئة المناقصات وبما يخضعها لقانون المحاسبة العمومية.
العقوبات الأميركية
في غضون ذلك، شهدت العاصمة الأميركية واشنطن، حضوراً لبنانياً واسعاً، على مستويين حكومي ونيابي، كان موضوعه الأساسي العقوبات الأميركية الى جانب موضوع النازحين السوريين والاصلاحات المالية، وتمثل هذا الحضور بالمحادثات التي أجراها نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني، في كل من البيت الأبيض ووزارتي الخزانة والخارجية الأميركية إضافة إلى صندوق النقد الدولي، وكذلك بانضمام وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش إلى هذه اللقاءات مع وصول وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي استضافه البنك الدولي إلى طاولة مستديرة نظمها البنك في العاصمة الأميركية، في الوقت الذي كان فيه الوفد النيابي يواصل لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين بدءاً من البنك الدولي وصندوق النقد والكونغرس، وهو يضم رئيسي لجنتي الخارجية ياسين جابر والمال إبراهيم كنعان.
وسيكون لهذا الوفد لقاءات مهمة اليوم في وزارة الخزانة، تتصل بصورة خاصة بموضوع العقوبات حيث قالت مصادره ان ما خرج به الوفد حتى الآن حول هذا الموضوع يناقض مع التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن عقوبات مرتقبة تستهدف مسؤولين لبنانيين على علاقة أو تحالف مع «حزب الله» مثل الرئيس برّي، واعتبر النائب كنعان هذا الحديث بأنه «حرتقات».
وقال النائب جابر، في هذا الخصوص، انه لم يلمس في واشنطن أية إمكانية عن احتمال فرض عقوبات أميركية على برّي، مشيرا إلى ان الأميركيين ينظرون إلى الرئيس برّي بأنه رجل معتدل، وكل ما يُحكى هو شائعات.
إلا ان المصادر أقرت بأن واشنطن تتجه إلى فرض المزيد من العقوبات على «حزب الله» وإيران والجهات الداعمة لهما، غير ان هذه العقوبات لن تطال مؤسسات لبنانية ولا المصارف ولا الجيش اللبناني، وهي الركائز الثلاث التي تقوم عليها الدولة اللبنانية.
وذكرت O.T.V انه خلال جلسات المؤتمر البرلماني الدولي للبنك وصندوق النقد الدوليين عرضت المسؤولة عن برامج الاستثمار التربوي في البنك الدولي فكرة إدخال النازحين السوريين في البرنامج المطروح لسنة 2025، فتدخل النائب كنعان وطلب سحب الاقتراح وهكذا كان.
«طريق الفينيقي»
على خط آخر، عقد امس، الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية لبنان واليونان وقبرص، جبران باسيل ونيكوس كريستودوليدس وجورجيوس كاتروغالوس، في وزارة الخارجية، لبحث مجالات التعاون الثلاثي بين هذه البلدان التي تتشارك حوض المتوسط ووفق مشروع «طريق الفينيقي» المتضمن اقامة خط تعاون بين الدول الثلاث لا سيما عبر البحر في مجالات التبادل التجاري والسياحي والتربوي والثقافي.
وأعلن الوزير باسيل، بعد الاجتماع «اطلاق المسار الثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان». مؤكدا التزام لبنان بالقرار 1701 ورفض القرار الاميركي في ما خص الجولان». واكد انه «لا يجوز أن يبقى لبنان وجاراه في الجغرافيا من دون تنسيق مميز سياسي واقتصادي، وعلى رأس جدول الاعمال السياسي كانت عودة النازحين السوريين. ولا يجوز للبنان ان يتحمل تبعات الحل وعلى المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته، وقد سمعنا موقفا متقدما جدا من قبرص واليونان بشأن موضوع النازحين».
وأعلن ان الوزراء الثلاثة وضعوا امامهم مهلة حتى 7 أيّار لإنهاء الاتفاقيات بين الدول الثلاث في مجالات السياحة والتبادل التجاري والاستثمار والتعاون الثقافي، تحضيراً لقمة ثلاثية تعقد في قبرص بين الرؤساء الثلاثة لتوقيع هذه الاتفاقيات.
واوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان محادثات الرئيس ميشال عون والوزير القبرصي تركزت على مواضيع النفط والغاز والسياحة لاسيما السياحة الدينية مشيرة الى انه جرى التأكيد على ضرورة ان يشمل خط قبرص – اليونان لبنان.
وافادت انه جرى الحديث عن تعزيز الرقابة البحرية لاسيما منع تسلل الارهابيين بإتجاه اوروبا كذلك برزت مصلحة مشتركة في منع توجه النازحين الى اوروبا وانه لا بد لقبرص في ان تبذل جهدا لدعم موقف لبنان من ملف النازحين في الاتحاد الاوروبي.
واشارت الى ان الاجتماع الوزاري اليوناني – اللبناني – القبرصي الذي انعقد في وزارة الخارجية هو من يحدد برنامج الاجتماع بين رؤساء لبنان واليونان وقبرص وكذلك بالنسبة الى موعد حصوله.
وعلم ان الرئيس اليوناني الذي يبدأ اليوم زيارة الى لبنان سيحمل دعوة الى رئيس الجمهورية الى هذا الاجتماع.
وعلم انه في خلال محادثات الرئيس عون مع الوزير القبرصي اثير موضوع اعادة اطلاق اتفاقية التوحيد الضرائبي.