إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 13 نيسان، 2019

بعد “لقاء الأربعاء النيابي”، علي عمار  : الدولة أصبحت مهترئة وتحتاج لاعادة بناء بعيداً عن الطائفية
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 15 أيار، 2017
المحامي عمر زين يكتب عن : “الوحدة الوطنية والاصلاح”

هذا اليوم السبت 13 نيسان لا يشبه الأيام اللبنانية الأخرى. في كل 13 نيسان من كل عام تحل علينا ذكرى اندلاع الحرب الأهلية. كان يوم الأحد. سارت الحياة بصورة اعتيادية في الشياح وفي عين الرمانة. اعتيادية بكل معنى الكلمة لأن كلا الحيين المتجاورين كانا مختَلَطَين نسبياً. كان يقطن فيهما مواطنون من كل الطوائف. نحو الثالثة بعد الظهر، سيشاهد "شوقي فَرّان" المسلحين الملثمين قرب "البوسطة". هرع إلينا خائفاً : "شفت الناس قتلانين فيها. كلهم قتلانين". كنا نتجمع أمام "سينما دنيا"، على طريق صيدا القديمة، بين الشياح وعين الرمانة. كان "شوقي" مصفرَّاً ومذعوراً مما رأى. مع أنه كان "ثورياً" مثلنا، ويريد "دك أركان النظام الطائفي الرجعي". عند العصر بدأ إطلاق الرصاص، شاهدنا أولى القذائف تنطلق. مشهد الإشتباكات الأولى كان يشبه فيلم السينما. كأنه مصطنع، غير حقيقي. كأن الإشتباكات شخصية. تراصف المتفرجون من حول المسلحين. ثم اضطربت تخوم الحيين. ثم ما عادت الحياة تسير بصورة اعتيادية في الشياح وفي عين الرمانة. فاضت أنهار الدماء وأصبحت المسافة بين المواطنين على طريق صيدا القديمة بعيدة جداً. يوم 13 نيسان 1975 أكثر من ذكرى أليمة لكل المواطنين وللوطن. "13 نيسان" هو كتاب العِبَرْ في تاريخ لبنان المعاصر.                        

Related image
اللواء
تقديمات القطاع العام قيد التخفيض في موازنة التقشُّف
الإنتخابات الفرعية تحرِّك مشاريع طرابلس الإنمائية.. وعون لوفد الكونغرس: من حقِّنا إستعادة المزارع

بانقضاء اليوم 13 نيسان 2019 يكون مرَّ 44 عاماً بالتمام والكمال على اندلاع شرارة الحرب اللبنانية، من حيّ عين الرمانة شرق بيروت.
ومع ان تحولات، لا يُمكن تجاهلها حصلت في السياسة والإقتصاد، لا سيما بعد اتفاق الطائف، فإن تداعيات الانهيارات الكبيرة، ما تزال تتوالى فصولاً..
والأخطر، على هذا الصعيد، التخبط في الأزمات، من المديونية إلى الكساد، والكهرباء، والفساد، والعقوبات، والتخبط في إيجاد الحلول الملائمة، على الرغم من أطنان الكلام والأحلام والوعود، وحكومات الوحدة الوطنية، سواء أكانت في «شهر عسل» أو حكومات إلى العمل.
ولئن شكّلت محطة الشمال، لجهة إعادة وصل ما انقطع بين الرئيس سعد الحريري والقيادات الطرابلسية، لمناسبة الإجماع على دعم المرشحة عن المقعد السنّي في دائرة طرابلس ديما جمالي، والذي شغر بابطال المجلس الدستوري نيابتها، قبل أكثر من شهرين، فإن الوقائع السياسية على الأرض تكشف عن فجوة في المقاربات والمعالجات، من وضع إطار تشريعي لخطة الكهرباء الأربعاء المقبل، إلى طبيعة المحادثات المالية الجارية مع مسؤول الخزانة الأميركية في واشنطن، وصولاً إلى تخفيض أرقام موازنة العام وإعادة النظر في الفذلكة والأبواب، والقوانين البرامج..
الموازنة متى؟
وبإستثناء ما أعلنه البطريرك الماروني بشارة الراعي، نقلاً عن الرئيس ميشال عون «بأن الأسبوع المقبل سيشهد درس موازنة العام 2019»، فإن أية معلومات عن طبيعة الإجراءات التقشفية التي تحدث عنها رئيس الحكومة الحريري، لم تكشف، كما لم يكشف المسار الذي سيسلكه مشروع الموازنة قبل عرضه على مجلس الوزراء، علماً أنه بات موجوداً لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مع كامل التعديلات التي وضعها عليه وزير المال علي حسن خليل، لكن الرئيس نبيه برّي أبلغ هيئة مكتب المجلس التي اجتمعت أمس في عين التينة، عن اتجاه لعقد اجتماعات للكتل النيابية والسياسية مع الرئيس الحريري بهدف الوصول إلى توافق سياسي حول الإجراءات التقشفية في الموازنة، والتي قال عنها البطريرك الماروني، بأنها «لا تعني تشليح النّاس حقوقهم ولكن وقف الهدر»، في إشارة إلى المكتسبات التي حصل عليها الموظفون في قانون سلسلة الرتب والرواتب، والتي تردّد ان التقشف في الموازنة قد يطالهم مع عدد من المؤسسات الاجتماعية والجمعيات والمدارس المجانية والمستشفيات، والتي رفض البطريرك الراعي حجب المال عنهم تحت ستار التقشف، داعياً الى التمييز بين ما هو هدر يجب وقفه واين يجب ان تدفع الدولة المتوجب عليها، وهو ما وصفه بـ«ترشيد الانفاق».
في هذا السياق، ترددت معلومات عن اتجاه لتخفيض 35 في المائة من سلسلة الرتب والرواتب لكافة موظفي الدولة والقطاع العام، وبالتالي من رواتب كافة الموظفين في الوزارات وقوى الجيش والأمن الداخلي والأجهزة الأمنية وموظفي المؤسسات التابعة لرئاسة الوزراء ومجلس النواب، وإلغاء تسهيلات الطبابة والاقساط المدرسية، مما يوفّر حوالى مليار دولار.
إلا ان الوزير خليل أكّد ان حقوق الموظفين في القطاع العام لن يمسها شيء، إلا إلغاء تسهيلات وتخفيض المساعدات للموظفين.
يُشار إلى ان قائد الجيش العماد جوزاف عون أكّد ان لا مس بمكتسبات العسكر.
وأكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مشروع الموازنة سيكون حاضرا للبحث في خلال الاسبوع المقبل، وانه بعد توزيعه على الوزراء تعقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء من اجل اقرار المشروع في اقرب وقت ممكن ولفتت المصادر الى ان هناك جوا من التهويل يسود في ما خص الوضع المالي في البلاد مؤكدة ان الوضع الاقتصادي ليس جيدا انما هناك سعي من اجل وضع الامور على السكة الصحيحة عبر اجراءات تنوي الحكومة اتخاذها سواء من خلال الموازنة او في مشاريع إصلاحية اخرى.
وكان ملف الموازنة وغيره من الملفات مدار بحث بين الرئيس عون والبطريرك الماروني امس حيث وصفت اجواء اللقاء بينهما بالايجابية، مشيرة الى ان البطريرك سمع كلاما مطمئنا من الرئيس عون حول الانصراف الى انتظام الأمور ومواصلة مكافحة الفساد، وأكدت ان الرئيس عون وضع البطريرك الراعي في جو اولويات العمل في المرحلة المقبلة وما دار بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ملف النازحين حيث كان التوافق على ضرورة عودتهم، ووضع الرئيس عون البطريرك في صورة مباحثاته مع كل من الرئيسين البلغاري واليوناني.
الحريري في طرابلس
اما الرئيس الحريري الذي قام أمس بجولة انتخابية في طرابلس لدعم مرشحته السيدة ديمة جمالي، عشية الانتخابات الفرعية التي ستجري غداً الأحد، فقد حرص على هامش لقاءاته مع معظم قيادات المدينة وفعالياتها السياسية والروحية، على التأكيد على البعد الإنمائي للمعركة الانتخابية، وافاض في أحاديثه عن الموازنة بعد إقرار خطة الكهرباء، مؤكداً بأن هذه الموازنة ستكون تقشفية كي نخرج البلد من ازمته الاقتصادية، لكنه لفت إلى انه ليس وارداً لديه إضافة ضرائب على الموازنة، وليس على المواطن ان يدفع ثمن الأزمة، الا ان هناك مكامن هدر لا بدّ من ايقافها، مشددا على ان ما سيقوم به على هذا الصعيد هو لمصلحة المواطن.
لكن الحريري لم يشر إلى موعد عرض موضوع الموازنة على مجلس الوزراء، الا انه بدا مطمئناً إلى ان كل القوى السياسية متفقة اليوم حول وجوب القيام بالاصلاحات والتقشف ومحاربة الفساد، والاهم من ذلك وقف الهدر الذي يجب ان لا يكون موجوداً في الموازنة الجديدة، من دون ان يعطي أمثلة سوى انه يجب شد الاحزمة، واعداً بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذ لبث الحيوية في الاقتصاد وإنقاذ البلد، لافتا إلى ان التحديات الأمنية أصبحت وراءنا، واننا انتهينا فعلياً من المعارك والانقسامات الداخلية التي كانت تحصل، ونحن نسير قدماً لإعادة النهوض بالاقتصاد.
تحريك الإنماء
وكان الرئيس الحريري قد أطلق مجموعة من الوعود لحث الناخبين الطرابلسيين على النزول إلى صناديق الاقتراع غداً، لمصلحة مرشحته جمالي، رداً على من وصفهم «بالمشككين» الذين يراهنون على ان نسبة الاقتراع لن تتجاوز الـ8 في المائة، لاعتبارات عديدة سياسية وإنمائية، أبرزها إلى الغبن اللاحق بالمدينة وانعدام فرص العمل، وعدم وجود تنافس سياسي حقيقي بين المرشحين السبعة الذين يخوضون الانتخابات الفرعية، بما يجعل نتيجتها معروفة سلفاً، خاصة بعد إعلان فريق 8 آذار الذي يتزعمه في طرابلس «تيار الكرامة» برئاسة النائب فيصل كرامي وحليفته جمعية المشاريع الإسلامية وسنَّة 8 آذار.
وأبرز هذه الوعود تأكيد الحريري بأن حصة طرابلس من مشاريع «سيدر» ستفوق الـ20 في المئة، وبأن المنطقة الاقتصادية الخاصة والوحيدة ستكون في طرابلس ونقطة على السطر، واصفاً الكلام عن الاستغناء عن هذه المنطقة وتفريخ مناطق اقتصادية في غير منطقة لبنانية «بالمعيب»، مشددا على انه في كل دول العالم هناك منطقة اقتصادية واحدة، لكنه لفت إلى ان المسألة ليست حصصاً، مصارحاً الحضور في مهرجان لكوادر الماكينة الانتخابية أقيم مساء في فندق «كواليتي ان»، بأنه لو كانت المنطقة الاقتصادية قائمة اصلا في صور مثلاً، ما كان يسمح لنفسه إقامة منطقة أخرى، لسبب مناطقي أو طائفي، معتبرا هذا التفكير بأنه يدمر لبنان ولا يعمره.
وشدّد الحريري على أهمية سياسة النأي بالنفس والاعتدال في تجنيب لبنان مخاطر ما يجري في الدول المجاورة، مؤكداً في المقابل، بأن وحدة الصف القائمة اليوم في طرابلس بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي واللواء اشرف ريفي والوزير السابق محمّد كبارة والوزير السابق محمّد الصفدي، ليست من باب الرغبة في الوقوف في وجه أحد، وإنما عن باب مصلحة طرابلس والشمال ومن باب مصلحة نمو لبنان، ومن باب اننا في السياسة حين نقف صفاً واحداً نصبح أقوى».
الجلسة التشريعية
من جهة ثانية، انجزت هيئة مكتب المجلس النيابي، التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس برّي، في غياب نائبه ايلي الفرزلي وعضو المكتب سمير الجسر جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستعقد يوم الأربعاء المقبل، والذي تضمن، وفق معلومات «اللواء» 18 مشروع واقتراح قانون، أبرزها مشروع القانون المحال من الحكومة لتعديل قانون الكهرباء رقم 288، والذي ينتظر ان يطرح بعد ان تكون لجنة الاشغال النيابية قد درسته في اجتماعها يوم الاثنين المقبل، على اعتبار انه يحتاج إلى «شدشدة» على حدّ تعبير النائب مروان حمادة الذي كشف عن وجود ملاحظات نيابية عليه، موضحاً ان اللجنة ستأخذ وقتها في دراسته، لكنه علينا ان لا ننسى ان هذا المشروع هو جزء من خطة الكهرباء التي يُمكن ان توفّر في السنة الأولى 250 مليون دولار على الأقل، إذا جرى تنفيذ دقيق للجباية ومعالجة الهدر التقني والإداري، بحسب ما نقل حمادة عن برّي.
ورجحت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان تدخل لجنة الاشغال في اجتماعها الاثنين تعديلاً جوهرياً على مشروع الحكومة للكهرباء، بحيث تخفف من الصلاحيات المطلقة الممنوحة لوزارة الطاقة منفردة، وبالتالي رفع القيود المفروضة على إدارة المناقصات لكي تكون لها صلاحيات أوسع في درس المناقصات التي ستعرض عليها من قبل شركات لإنشاء معامل مؤقتة أو دائمة، وفق نظام B.O.T أو P.P.P.
ومن بين المشاريع المطروحة على الجلسة التشريعية، مشروع المحميات وبروتوكولات مع الاتحاد الأوروبي وامور تتعلق بالتنوع البيولوجي، وثمة اقتراح قانون يُعيد فتح المهل بالنسب إلى الترشيح للمجلس الدستوري، لأن طائفة الروم الارثوذكس لم يعد لديها الا مرشّح واحد باعتبار ان المرشح الثاني أصبح وزيرا للعدل (البرت سرحان)، ويهدف الاقتراح إلى فتح المهلة شهراً.
باسيل يغمز من قناة عثمان
إلى ذلك، غمز وزير الخارجية جبران باسيل أمس من قناة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان من دون ان يسميه في سياق حديثه عن محاربة الفساد، أثناء مأدبة غداء تكريمية أقامها تكريماً له عميد السلك القنصلي في لبنان السفير جوزف حبيس، مشيرا إلى ان «احدهم برر له سبب مبادرة مدير في جهاز أمني (المقصود هنا قوى الامن) حصر التوقع بشخصه على معاملات الابار الارتوازية، والرخص، معللا السبب بأن كل العسكر والضباط كانوا يأخذون فحصرها عنده، لأنه ادمي لا يأخذ.
وقال باسيل: «هذا صحيح، لكنه (يقصد اللواء عثمان) أصبح هو فوق الرئيس ورئيس الحكومة والوزير ويعطي رخص البناء ويحل ايضا مكان وزير البيئة ويرخص كسارة ويوقفها».
ولفت إلى انه عملياً هناك تجربة كبيرة جداً في سنغافورة في محاربة الفساد بامكاننا الاستفادة منها، لأننا نحن في بلد عائم بالفساد كيفما اتجهنا في قوى الأمن أو في القضاء.
وقال: «اذا كان القضاء هكذا، ماذا بقي؟ كل العدلية مرعوبة، لماذا؟ تخيلوا أصبح في لبنان سمسار للقضاة، نحن نعرف السمسار هو في الأراضي والتجارة؟!
الى ذلك، إعتبرت أوساط القوات اللبنانية ان طلب وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق تفويضاً من الحكومة لتعيين لجان مؤقتة الأمد هو إجراء روتيني وطبيعي لمهام محددة وقد حصل عليه وزراء التنمية المتعاقبون لا بل أن السوابق تشير إلى تجاوز بعض الوزراء هذا التفويض إلى توظيف طويل الأمد يتجدد تلقائياً إضافة إلى تجاوزات أخرى.
ورغم استغراب الأوساط نفسها السجال الذي بدأه الوزير الياس بوصعب إلا أنه لم يفاجئ تلك الأوساط التي كانت تنتظر ردة فعل ما على إقرار خطة الكهرباء بالشكل الذي تم به، ووضعت هذا الكباش في خانة الأضرار الجانبية لعلاج الكهرباء وختمت بأنها لم تكن تتمناه تبعاً لما ينتظر الحكومة من تحديات جسام تتطلب أعلى مستويات المسؤولية.
وفد الكونغرس الاميركي
وبينما كانت الوفود النيابية والوزارية اللبنانية تجوب واشنطن من مكتب الى مكتب في مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لشرح الاوضاع الاقتصادية والمالية ومحاولة تخفيف حدة العقوبات المفروضة على «حزب الله» وبعض الشخصيات السياسية المتضامنة معه، كان وفد من الكونغرس الاميركي يجول في بيروت على رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، «للبحث في كيفية العمل معا. ولنطلع على كل التحديات التي يمر بها لبنان لتعزيز سبل المساعدة ولنؤكد استمرار التعاون والصداقة بين الولايات المتحدة ولبنان».
وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية إلتقت الوفد الاميركي، ان مهمته تتعلق اساسا بعمل الامم المتحدة والمساعدات التي تقدمها والنشاطات التي تقوم بها في دول العالم، لذلك كان تركيز الوفد على موضوعي الوضع في الجنوب وعمل قوات اليونيفيل، واوضاع النازحين السوريين والمساعدات التي تقدم لهم في لبنان وهو سيقوم اليوم بجولة على مخيمات النازحين في البقاع.
 واوضحت المصادر ان الوفد لم يحمل اي جديد يتعلق بنوعية وحجم المساعادت الاميركية للبنان سوى المعلن والمعروف، سواء المخصص للجيش او قوات اليونيفيل، وتلك التي تقدمها الولايات المتحدة للنازحين السوريين عبر المنظمة الدولية ومؤتمرات الدول المانحة اخرها مبلغ 400 مليون دولار عبر مؤتمر بروكسل الذي عقد في آذار الماضي.
واشارت المصادر الى ان الادارة الأميركية تقدم مساعداتها عبر الكونغرس، ولذلك فإن الوفد يزور لبنان للتأكد من جدوى هذه المساعدات وذهابها في الطريق الصحيح. واوضحت ان المساعادت الاميركية تصرف على النازحين السوريين في لبنان ولا مانع لديها من ان تصرف على العائدين الى سوريا لكن عبر الامم المتحدة.
تجدر الإشارة إلى ان المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش زار أمس مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» عمار الموسوي، حيث تمت مناقشة الأوضاع الداخلية وتطورات المنطقة، ونقل كوبيتش دعم المجتمع الدولي للبنان ولاستقراره والخطوات التي تقدّم بها الحكومة.
وعبر الطرفان، بحسب بيان لمكتب العلاقات الدولية في الحزب عن الضرورة القصوى للتحرك الفعال من أجل ايجاد الحلول التي تمكن من البدء بعملية اعادة النازحين السوريين الى بلدهم، وقد ذكر كوبيتش أن الامم المتحدة هي على تواصل مستمر مع الحكومة السورية من اجل استطلاع الظروف والفرص لعودة آمنة وكريمة للنازحين». 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البناء
الانقلاب في السودان يتراجع عن «الدعسة الناقصة» ويسلّم رئاسته للمفتش العسكري تمهيداً للحوار 
المستقبل يحشد قادته وماكينته وتحالفاته في طرابلس للانتصار… على لا أحد 
عون لوفد الكونغرس: نرفض ضمّ الجولان ولنا الحق باستعادة مزارع شبعا 

مع مناوشات واعتقالات طغت على المشهد في الشارع الجزائري، بعد خطوات فرضتها أجهزة الأمن بصورة أضاءت على خطر الانزلاق الذي تفادته الجزائر خلال شهور الحراك، خطا قادة الانقلاب العسكري في السودان خطوة إلى الوراء بعدما بدا أن الشارع رفض التفاعل إيجاباً مع الدعسة الناقصة التي أعلنها المجلس العسكري بفرض حال الطوارئ وحظر التجوّل وتنصيب نفسه حاكماً مؤقتاً لسنتين، فأعلن رئيس المجلس العسكري عوض بن عوف التنحّي لحساب عبد الفتاح عبد الرحمن المفتش العسكري في الجيش، لتولي إدارة الحوار السياسي الذي طالبت به القوى السياسية والقيادات النقابية كطريق لتشكيل حكومة مدنية مؤقتة تشرف على المرحلة الانتقالية.
لبنانياً، تتركز الاهتمامات على موعدين قريبين يسبقان جلسة التشريع النيابية المنعقدة الأربعاء، للبتّ في مصير الطلبات المنبثقة عن خطة الكهرباء، والتوازن اللازم بين صلاحيات الحكومة وفقاً لقانون الخصخصة وصلاحيات المجلس النيابي وفقاً لنصوص الدستور وشروط منح الامتيازات لاستثمار الثروات العامة، ويسبقان جلسة الحكومة يوم الخميس للبدء بمناقشة أرقام الموازنة العامة وإجراءاتها، التي بات ثمة إجماع عبّرت عنه التصريحات السياسية المختلفة، بأنها ستسعى لتحقيق تخفيض وازن في العجز سواء من خلال تطبيق خطة الكهرباء أو من خلال وضع حد للكثير من مزاريب الهدر والتسيّب المالي في إنفاق وزارات ومؤسسات الدولة، ومن دون المساس بذوي الدخل المحدود، سواء بالتوافق على عدم فرض ضرائب جديدة، أو التوافق على عدم اقتطاع أي من المداخيل والمكاسب المحققة للطبقات الفقيرة، وحصر الزيادات الضريبية بإجراءات تصاعدية تتناسب مع الدخل.
الموعد الأول هو اللقاء السياسي الذي سيجمع رئيس الحكومة مع ممثلي القوى الفاعلة في الحكومة، مساء الأحد لبحث عناوين الموازنة وخطوطها العريضة والسعي لتحقيق إجماع حولها، على قاعدة استبعاد ما لا يُحقق الإجماع، مقابل التضامن في تحمل التبعات المترتبة على الوضع المالي ومشاكله من جهة والإجراءات المتوافق حولها لمواجهته من جهة مقابلة، وسيحضر اللقاء مع الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير المالية علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ونائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان.
الموعد الثاني هو اجتماع المجلس الأعلى للدفاع يوم الإثنين والذي سيترأسه رئيس الجمهورية ويحضره رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والمالية والدفاع والداخلية إضافة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية، وسيشهد مناقشة للوضع الناشئ في مزارع شبعا في ضوء القرار الأميركي بالاعتراف بضم الجولان السوري المحتل، وهو ما كان موضوع لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع وفد الكونغرس الأميركي، وسجل خلاله رئيس الجمهورية موقفاً حاسماً وواضحاً، عنوانه رفض لبنان للقرار الأميركي وتأكيد لبنانية مزارع شبعا وحق لبنان باستردادها بكل الوسائل المتاحة، كما سيشهد المجلس مناقشة العرض الأميركي بفصل الترسيم للحدود البرية عن الحدود البحرية للبنان، وهو أمر لا يبدو أن التفاهم قائم حوله بين مكوّنات الحكومة وحضور المجلس الأعلى للدفاع، حيث يلتقي رئيس الحكومة ووزير الخارجية على قبول مبدئي بالعرض الأميركي فيما يعارض وزير المالية ذلك معبّراً عن توافق ثنائي حركة أمل وحزب الله، بانتظار أن تخرج مناقشة المجلس بتوافق أو بربط نزاع حول الملف.
أما سياسياً، فالمشهد ينتقل الأحد إلى طرابلس حيث حشد تيار المستقبل قياداته وفي مقدّمتهم رئيس الحكومة سعد الحريري وماكيناته التي يديرها أمينه العام أحمد الحريري المقيم منذ أيام في طرابلس، وتحالفاته سواء مع الرئيس نجيب ميقاتي أو الوزير محمد الصفدي أو الوزير أشرف ريفي، والانتصار الذي يسعى تيار المستقبل في طرابلس يبدو مع طواحين هواء أو لا أحد بغياب معركة انتخابية بعد رفض المنافس الذي يمثله المرشح طه ناجي المدعوم من النائب فيصل كرامي الترشح مجدداً، احتجاجاً على قرار المجلس الدستوري الذي رفض إعلان فوز ناجي رغم قبول الطعن المقدّم منه بنيابة مرشحة تيار المستقبل ديما جمالي.
يتجه رئيس الحكومة سعد الحريري الى دعوة الكتل النيابية لاجتماع الاسبوع المقبل للبحث في ملف الموازنة بهدف الاتفاق حول الاقتراحات المرتبطة بتخفيض الإنفاق.
وأكدت مصادر وزارية لـ»البناء» الحرص على حقوق المواطنين وعدم المس بها نافية ما يطرح عن الاتجاه الى المسّ برواتب الموظفين، لافتة الى ضرورة العمل على خفض الإنفاق والعجز بحوالي 1700 مليار ليرة، موضحة ان الاتجاه الاساسي يجب ان يتمثل بإيقاف مكامن الهدر بداية من دون فرض اية ضرائب اضافية مع زيادة الايرادات من خلال إيرادات الاتصالات و القطاع المصرفي لا سيما ان المصارف لا تلتزم قانون النقد والتسليف.
ومع ذلك، تقول مصادر مصرفية لـ»البناء» إنه لا يجوز فرض ضرائب جديدة على القطاع المصرفي معتبرة ان إجراءات من هذا النوع قد تؤدي الى ضرب هيكلية ميزانيات المصارف، وخلق الاضطراب في سوق الفوائد، الامر الذي سينعكس على القروض وعلى الاقتصاد.
ورفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الصوت من بعبدا، بقوله إن الإجراءات التقشفية المنوي اعتمادها في الموازنة «لا تعني تشليح الناس حقوقهم»، ولكن وقف الهدر. وأكد التزام الرئيس ميشال عون بأن مسيرة مكافحة الفساد مستمرة وان المشاريع التي تشكل اساساً للنهوض الاقتصادي ستنفذ تباعاً بهدف الاستفادة من الاموال الموعودة في مؤتمر «سيدر» سواء كانت هبات او قروضاً. ونقل البطريرك الراعي عن الرئيس عون تأكيده العمل للخروج من الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها البلاد، بالتعاون مع الحكومة ومجلس النواب و»الأمور تسير في الاتجاه الصحيح».
بالانتظار، فإن مجلس النواب على موعد مع جلسة تشريعية يوم الأربعاء المقبل وقد وضعت هيئة مكتب المجلس التي ترأسها الرئيس نبيه بري أمس في عين التينة جدول أعمالها والذي يضم عدداً قليلاً من مشاريع القوانين التي يمكن وصفها في الوقت عينه بالمشاريع الدسمة لا سيما المتصل منها بالمشروع المتمم لخطة الكهرباء مشروع البروتوكولات مع الاتحاد الأوروبي واقتراح فتح المهل للترشح لعضوية المجلس الدستوري.
وبحسب المعلومات فإن لجنة الاشغال ستجتمع يوم الاثنين لدراسة واقرار مشروع قانون 288 العائد للكهرباء وإحالته الى الهيئة العامة لمناقشته.
ونقل عن رئيس المجلس قوله بحسب ما اكد زواره لـ»البناء» ان لبنان يمكنه ان يوفر 250 مليون دولار من ملف الكهرباء اذا جرى تطبيق التقيد بمعالجة الهدر التقني والإداري والجباية الدقيقة، وبحسب الرئيس بري فإن اي إشارة في المشروع 288 يفترض أن لا يخالف المادة 89 من الدستور التي تقول إنه لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون والى زمن محدود.
وفي إطار الزيارات الخارجية الى لبنان وصل الى بيروت أمس، وفد أميركي للاطلاع على الاوضاع الداخلية وعلى موقف الدولة اللبنانية من التطورات الاخيرة، لا سيما في مجال معالجة ازمة اللاجئين السوريين، ضم نائب رئيس مؤسسة الامم المتحدة بيتر ييو وأعضاء من الكونغرس الاميركي آدم كيزينجر وفسنت كونزاليز وكلاهما من لجنة الشؤون الخارجية وتوم غرافيس من لجنة الاعتمادات في الكونغرس الاميركي.. وتأتي هذه الزيارة التي شملت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالتزامن مع زيارة أكثر من وفد لبناني وزاري ونيابي لواشنطن للمشاركة في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإجراء سلسلة لقاءات مع المسؤولين في الكونغرس والخزانة الأميركية.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للوفد الأميركي «موقف لبنان من ضرورة عودة هؤلاء النازحين الى المناطق الآمنة في سورية والتي باتت مساحتها كبيرة»، شارحاً «التداعيات السلبية التي احدثها تدفق النازحين الى لبنان على مختلف القطاعات»، مؤكداً «عدم جواز انتظار عودتهم الى حين التوصل الى حلّ سلمي للأزمة السورية الذي قد يأتي وقد لا يأتي، كما حصل حتى الآن في ما يتعلق بالقضيتين الفلسطينية والقبرصية اللتين لا تزالان من دون حلول سياسية». وقال الرئيس عون: «عندما أطلق لبنان المرحلة الاولى من عملية التنقيب عن النفط والغاز فيه، لم تشارك الشركات الأميركية فيها، ومنذ أسبوعين أطلقت المرحلة الثانية ويمكن للشركات الأميركية المعنية تقديم عروضها اليها».
وقال إن «قسماً من هضبة الجولان السورية المحتلة يضم اراضي لبنانية وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يرفض لبنان رفضاً قاطعاً جعلها تحت السيادة الاسرائيلية، ومن حقه العمل على استعادتها بكل السبل المتاحة». وإذ أكد الرئيس عون «التزام لبنان الكامل بتطبيق القرار 1701»، نوه بـ»التعاون القائم بين الجيش اللبناني وقوة «اليونيفيل»، ما حقق استقراراً على طول الحدود الجنوبية ما زال قائماً منذ 13 عاما».
وفي واشنطن، كان وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش يلتقي نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج ويبحث معه العديد من الملفات الاقتصادية اللبنانية التي كان بلحاج ناقشها في لبنان خلال زيارتيه في غضون اقل من شهر. وتوقف المجتمعون عند المؤشر الإيجابي الذي أعطته الحكومة في إقرار خطة الكهرباء «مما يزيد من ثقة المجتمع الدولي بجديّة الإصلاحات في لبنان». وأبدى البنك الدولي استعداده لمواكبة لبنان في هذه الفترة. وكان نقاش مستفيض حول قرض الـ 400 مليون دولار الذي أصرّ الوفد اللبناني على أن يساهم في خلق فرص عمل للبنانيين بشكل أساسي.
وقال نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أمس، «إن العقوبات الأميركية لن تستطيع أن تحرفنا عن مسارنا. الذي كان أكثر من هذه العقوبات هي الحرب، والذي كان متمماً للحرب الدعاية والإعلام الذي كان مرتبطاً بكل المواجهة السياسية والاجتماعية، لم يغير من طريقنا، فهل اليوم العقوبات الاقتصادية ستغير طريقنا؟ العقوبات لن تغير موقعنا المقاوم وكذلك لن تؤثر على دورنا الفعال في بناء الدولة والمشاركة في الحكومة والمجلس النيابي، والقيام بما يصلح أمور الناس على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. سنبقى نعمل مع أهلنا وأحبتنا من أجل أن نعمر هذا البلد كما نراه، مع كل الفئات التي تعمل لبناء الوطن.
وسط هذه الأجواء، وعشية الانتخابات الفرعية المقررة الأحد، جال الرئيس سعد الحريري على فاعليات طرابلس، مطلقاً جملة مواقف سياسية واقتصادية فقال «هذه المدينة تألمت خلال سنوات، وكل لبنان موجوع ويعاني من الفساد والهدر وتراجع الاقتصاد، لكننا نأمل بأخذ القرارات الصحيحة التي تمنع الهدر وترتكز على التقشف»، مضيفاً «أشعر بوجع الناس وطرابلس تألّمت خلال السنوات الماضية ونعمل على إصلاح الوضع». وقال «إن الإنماء في طرابلس والمتوازن في كل المناطق اللبنانية يجب أن يحصل». وأضاف الحريري: «الجميع متفقون على ضرورة مكافحة الفساد والهدر، وهناك إجراءات علينا اتخاذها كدولة». وأكد «أننا سنعمل على العفو العام والقوى السياسية مقتنعة بأن هناك ظلماً بحق البعض». وقال: «الدم ما بصير مي»، اختلفنا في أماكن عدة لكننا نعود إلى جذورنا وقضيتنا».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
الاقتصاد في سجن سياسات مصرف لبنان
طرابلس قبل «الفرعيّة»: لامبالاة!

منذ نحو ربع قرن، يدور اقتصاد لبنان في حلقة مفرغة من «السياسات» التي يقررها مصرف لبنان، بشخص حاكمه رياض سلامة. غالبية السلع المستهلكة في لبنان هي مستوردة، وثمنها يُدفع بالدولارات التي يستجلبها مصرف لبنان عبر أدوات مثل الفائدة. يُنتِج هذا المسار نمواً كبيراً في أرقام القطاع المصرفي، من دون أن يكون تضخّم هذه الأرقام إيجابياً على الدوام. في المقابل، تؤدي سياسات مصرف لبنان إلى خنق الاقتصاد، إذ لا استثمارات تخلق فرص عمل جديدة أو تزيد الصادرات (تقرير محمد وهبة)!.
يكاد يختنق لبنان بكل هذه الودائع في القطاع المصرفي. من أصل 183 مليار دولار مودعة في المصارف حتى شباط 2019، ثمة 134.4 مليار دولار تودعها المصارف لدى مصرف لبنان (حسب أرقام جمعية المصارف)، و50.4 مليار دولار تسليفات للقطاع الخاص المحلي. وقياساً على الناتج المحلي الإجمالي الذي يقدّره صندوق النقد الدولي بنحو 56.7 مليار دولار، فإن إجمالي الأموال المودعة لدى مصرف لبنان تمثّل 237% من الناتج، والتسليفات تمثّل 88.9%. هذا معناه أن اقتصاد لبنان ليس قادراً على استيعاب كل هذه الودائع، ما يثير أسئلة بديهية: لماذا تأتي كل هذه الودائع؟ هل هي فعلاً مفيدة للاقتصاد؟ لماذا نحن بحاجة إليها؟ ما هو أثرها الاجتماعي؟ من يقرّر كيف تتدفق هذه الودائع؟
فوائد قاتلة
هذه الأرقام ليست سوى عيّنة من المؤشرات التي تدلّ على هيمنة السياسات النقدية على النشاط الاقتصادي. فقد برز في السنوات الأخيرة ما هو أسوأ، إذ بدأت أسعار الفوائد تشهد ارتفاعات قياسية. وصلت معدلات فائدة الودائع على الليرة إلى 18%، فيما تصل معدلات فائدة القروض بالليرة إلى 23%. أما معدلات فائدة الودائع بالدولار فتتجاوز 10%، فيما معدلات فائدة القروض بالدولار تتجاوز 12%.
هذا المستوى من معدلات الفوائد يعدّ قاتلاً للقطاعات الاقتصادية والاستهلاك. وبالفعل، فإن التسليفات المصرفية تراجعت من 53.4 مليار دولار في نهاية كانون الأول 2017 إلى 50.4 مليار دولار في نهاية شباط 2019، أي خلال سنة وشهرين تراجعت التسليفات المحلية للقطاع الخاص، بقيمة 2.98 مليار دولار وما نسبته 5.5%. ومن أصل هذا التراجع، هناك 1.59 مليار دولار تراجعاً في التسليفات بالليرة، و1.38 مليار تراجعاً في التسليفات بالدولار.
إذاً، القطاعات تختنق من ارتفاع أسعار الفائدة أو كلفة التمويل، فيما يغصّ مصرف لبنان بالأموال وتحقق المصارف أرباحاً طائلة منها. هذا الأمر يقود نحو استنتاج ينطوي على دلالات بالغة الأهمية: لبنان يعالج أزمته من خلال رفع أسعار الفائدة عبر أدوات غير تقليدية كالهندسات المالية أو عبر الفائدة من أجل احتواء السيولة ومنعها من التدفق إلى السوق. لهذا السبب ارتفعت ودائع المصارف لدى مصرف لبنان بقيمة 30.9 مليار دولار خلال سنة وشهرين، وارتفعت بقيمة 63.8 مليار دولار منذ مطلع 2016 لغاية شباط 2019.
سياسات نقدية متطرفة
وتيرة الزيادة في ودائع المصارف لدى مصرف لبنان مقابل تراجع التسليفات للقطاع الخاص المحلي وارتفاع أسعار الفوائد ليست سوى امتداد للسياسات النقدية التي نفذها مصرف لبنان على مدى ربع قرن. وهذه السياسات، برأي الخبير الاقتصادي والمالي شربل نحاس، ليست سوى الوجه الأكثر تطرفاً للسياسات النقدية المتبعة في العالم بعد فكّ الارتباط بين الدولار والذهب. فمنذ ذلك الحين، بدأت كمية الدولارات المطبوعة تتضخم بوتيرة هائلة قياساً على قدرة الاستثمار الاقتصادي. إلا أنه في حالة لبنان، هناك فرق يؤثّر بوتيرة تضخم هذا الورم المالي الناتج من هذه السياسات. تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار هو أحد هذه العوامل المؤثّرة لأنه يتطلب استمرار تدفقات الرساميل وإبقاء الفوائد المحلية أعلى من الفوائد العالمية، مع ما يترتب على هذه التدفقات الكبيرة من أكلاف إضافية. وفي لبنان أيضاً، هناك عامل ثان يتعلق بالاستهلاك المحلي القائم على الاستيراد بشكل كبير. في 2018 بلغت قيمة الواردات 20 مليار دولار، مقابل صادرات بقيمة 3 مليارات دولار، أي أن العجز التجاري بلغ 17 مليار دولار.
ومن أحد أشكال تطرّف هذه الظاهرة في لبنان، مقارنة مع الخارج، أن بعض الدول التي تعاني هذا الورم المالي، نفذت سياسات توظيف خارجي للأموال، لكن السياسات النقدية في لبنان حصرت توظيف الأموال محلياً، ما يعني أن الورم يكبر من دون علاج. يظهر هذا الأمر بوضوح في ميزانيات المصارف التي باتت تمثّل خمسة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي.
تضييق فرص الاستثمار
انطلاقاً من هذا الواقع، يفسّر الخبير الاقتصادي كمال حمدان تراجع التسليفات المصرفية. يشير إلى أن تثبيت سعر الصرف يتطلب الإمساك بالسيولة حتى لا تخلق طلباً على الدولار. لهذا، فإن «تراجع التسليفات جاء نتيجة سياسات مصرف لبنان الرامية إلى كبح جماح الطلب على الدولار. الأمر مرتبط بنمط سائد أدّى إلى تضييق فرص الاستثمار المجدية في ظل هذا الهمّ النقدي. كل الإجراءات التي يأخذها مصرف لبنان تصب في خدمة السياسات النقدية، وهذا ما جعل وجود الطاقة الاستيعابية للتسليفات محدودة نتيجة مقومات اقتصادية جرى دولبتها كنتاج لغلبة النمط الريعي. في النتيجة، لم تعد شرايين الاقتصاد تحتمل المزيد من التسليفات. فالثقل الفعلي في الاقتصاد اللبناني قائم على نحو 5 آلاف شركة من أصل 200 ألف في لبنان، فيما بدأت هذه الشركات تتأثّر سلباً بارتفاع معدلات الفائدة. وفي وقت يكاد يكون فيه النمو معدوماً، والتصدير مضروباً، فإن لبنان خسر أيضاً تجارة الخدمات مع الخارج التي كانت، جزئياً، تصحّح ميزان التبادل الخارجي. في ظل هذه المتغيرات، الاقتصاد يدور في حلقة مفرغة».
وسيط للفساد
إذاً، هناك الاستقرار النقدي الذي يتغذى على الورم المالي، في مقابل ضعف آليات الاقتصاد على تحويل الأموال الإضافية إلى استثمارات تخلق فرص العمل وتزيد الصادرات. هذه السياسات المتطرفة أو الشاذة، ليست حديثة النشأة. بحسب الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، فإن «كل ممارسة يقوم بها المصرف المركزي قامت ولا تزال على فوائد غير طبيعية وغير ملائمة للاستثمار، لا لحفز الاستثمار ولا لحفز النمو. الفوائد تفيد نسبة بسيطة من اللبنانيين، فيما هي في الواقع تعاقب القطاع العام لأنه الأكثر استدانة، وهي تعاقب القطاع الخاص الذي بات يعاني كلفة مرتفعة للاقتراض مقابل مردود متدنّ على استثماراته. هكذا تعطل الاستثمار وتعطّل النمو».
كان يفترض أن يكون همّ مصرف لبنان الاستقرار النقدي، «لكن همّه كان تثبيت سعر الصرف. المفترض أن تضع النقد في خدمة الاقتصاد وليس الاقتصاد في خدمة النقد. هناك فرق بين الاستقرار النقدي والتثبيت النقدي. على مدى 25 سنة، جلس حاكم مصرف لبنان في المنتصف بين السياسيين وأصحاب المصارف، ونفّذ ما يسمى هندسات أو عمليات إغراء لاستجلاب الأموال وتراكمت الفوائد وازدادت الديون. المصرف المركزي والمصارف تتحمل هذه الدرجة العالية من الفساد».
نهب اجتماعي
وفي لبنان، كما في كل العالم، نتج من هذه السياسات فجوة هائلة بين المداخيل والثروات. بمعنى أكثر وضوحاً، إن التورّم المالي خلق اختلالاً كبيراً في توزيع الثروة في داخل المجتمعات وبين الدول أيضاً «ناس معهم ثروات هائلة وناس مديونون» وفق تعبير نحاس. إلا أن نحاس يشير إلى أمر مهم يتعلق بتركّز الثروة الذي يتطلب خلق مجالات للربح يتم ابتداعه بأشكال مختلفة؛ أبرزها في لبنان القروض المدعومة. المشكلة أن قيمة هذه القروض بلغت 15 مليار دولار، وفق أرقام الوزير منصور بطيش، لكن لا أحد يعلم مدى فاعليتها. حمدان يعتقد بأن هناك حاجة ضرورية لإجراء تقييم الأثر الناتج الاقتصادي والاجتماعي لسياسات القروض المدعومة التي تم اللجوء إليها كنوع من تلطيف أثر السياسات النقدية على الاقتصاد. فهل خدمت الأهداف المنشأة من أجلها، أم أنها عمّقت الاختلالات؟ الأرجح، وفق المعطيات المتوافرة عن المستفيدين من هذه القروض، أنها لم تكن مخصصة للفئات الفقيرة، بل استفاد منها أصحاب الثروات أكثر من غيرهم.
سياسة مخالفة للقانون
على مدى ربع قرن مضى، نفّذ مصرف لبنان سياسات نقدية ضمن مهمة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، علماً بأنها واحدة من أربعة مهمات ملقاة على عاتق المصرف بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف التي تربط بين الحفاظ على النقد وتأمين أساس لنمو اقتصادي واجتماعي دائم من خلال: المحافظة على سلامة النقد اللبناني، المحافظة على الاستقرار الاقتصادي، المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي وتطوير السوق النقدية والمالية.
لم يؤمن مصرف لبنان الربط المنصوص عليه في المادة 70. فاللبنانيون كانوا يعيشون تحت وطأة القلق المتواصل من انهيار في سعر الصرف، ولم يشهد النشاط الاقتصادي، في أي فترة من الفترات، استقراراً، بل كانت هناك تذبذبات حادّة أدّت في أكثر من مرّة إلى أزمات كبرى استدعت استجلاب تدخّلات من جهات مانحة خارجية تمثّلت في مؤتمرات الدعم في باريس 1 وباريس 2 وباريس 3، وأخيراً باريس 4 المعروف باسم «سيدر».
طرابلس قبل «الفرعيّة»: لامبالاة!
القصة نفسها تتكرّر بوقاحة، عند كلّ استحقاق انتخابي. فجأة، تتحول طرابلس إلى منطقة مركزية بالنسبة إلى القوى السياسية، التي تُكرّر وعوداً بائدة عن مشاريع وإنماء ووظائف وكلام فارغ. يبقى ذلك مقبولاً «ومفهوماً»، إلى أن ينطلق السياسيون بالشكوى من الحرمان الذي تعيش فيه المدينة، كما لو أنّهم ليسوا هم المسؤولين عن تركها منطقة فقيرة تغيب عنها الخدمات، بطريقة ممنهجة ومقصودة، لترك الطرابلسيين رهائن لديهم. وحين تنتهي الانتخابات، يتكرّر سيناريو الاثنين 7 أيار 2018، حين أُقفلت المكاتب الانتخابية، وبدأ «التدفيش» بالناخبين. الخبرة مع هؤلاء السياسيين تؤكد أنّ الوضع يوم 15 نيسان، لن يشذ عما سبقه. ولكن، حتى انقضاء الساعات القليلة المتبقية، على الطرابلسيين تحمّل المزيد من السماجة السياسية. ويمكنهم قبول «نصيحة» النائب السابق مصباح الأحدب، بأنّ الانتخابات «أفضل مناسبة لوضع حدّ لهذه الطغمة. يطلقون نفس الوعود الفارغة العديمة القيمة والمضمون، فالمشاريع التي وعدوا طرابلس بها منذ عام 2004 لم تتحقق حتى اليوم، وكل أهلنا يرون مشاريع نبيل الجسر ومجلس الإنماء والإعمار الذي لم يقدّم لطرابلس إلا الويلات». يتحدّث الأحدب كما لو أنه ليس جزءاً من «الطغمة»!
لم يبقَ فريق معني بانتخابات طرابلس الفرعية، إلا عبّر عن «ثقته بخيارات أهل طرابلس». حتى الموقوف في إيران نزار زكا، أصدر بياناً يتوجّه به إلى الناخبين، مستعطفاً إياهم بهدف انتخابه. الاستنفار لدى آل الحريري في أعلى مستوياته. ديما جمالي لا تزال صامتة، مُسلّمة أمرها إلى الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، قبل أن ينضم إليه مدير مكتبها الجديد محمد ورديني المُكلّف بمهمة التدقيق بكلّ كلمة لجمالي قبل أن تتفوّه بها. وهو بالمناسبة، ليس من طرابلس. المرشحون السبعة الآخرون (مصباح الأحدب، يحيى مولود، عمر السيد، طلال كبارة، محمود الصمدي، حامد عمشه ونزار زكا)، لا يبرز منهم سوى الأحدب ومولود والسيد. الأخير، اتهم أمس أنصار تيار المستقبل بالاعتداء على مكتبه الانتخابي في باب التبانة، وضرب شخص كان في داخله. حصل ذلك، في وقت كان فيه رئيس الحكومة سعد الحريري يجول في طرابلس، علّه يتمكن من رفع نسبة التصويت لمصلحة جمالي، بعدما لمس «المستقبل» لامبالاة الناس.
وصل الحريري إلى الشمال على متن طوافة عسكرية. هو الذي قال للشعب إنّه «واحدٌ منهم»، يرافقه الوزير السابق غطاس خوري. وقد زار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، النائب محمد كبارة، النائب السابق مصطفى علوش، والوزراء السابقين: أشرف ريفي، محمد الصفدي وأحمد كرامي، ورئيسَي بلديتَي المينا وطرابلس. وعقد لقاءً في فندق الكواليتي ان، وانتقل إلى القلمون. لم يأت الحريري بأي جديد. تحدّث عن «وحدة الصف»، محاولاً إخراجها من إطارها كمصلحة سياسية بحت، ليعطيها طابعاً «إنسانياً» بأنّه «لمصلحة البلد وفرصة لخلق فرص عمل للشباب». قال إنّ مؤتمر «سيدر» لحظ مشاريع لطرابلس، مُعيداً تجديد نغمة «العمل على العفو العام لأنّ كل القوى السياسية مقتنعة بوجود ظلم في الموضوع».
قبل وصول الحريري إلى طرابلس، سبقه إليها يومَي الأربعاء والخميس كلّ من النائبة بهية الحريري ورئيس مجلس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، فضلاً عن وجود أحمد الحريري بشكل دائم في عاصمة الشمال. القاسم المشترك بين جميع هذه التحركات الانتخابية، بحسب سياسيين طرابلسيين، «غياب حماسة الناخبين». المفاجآت الانتخابية تبقى قائمة حتى اللحظة الأخيرة، وخاصة في طرابلس، «ولكن كلّ المؤشرات تُفيد بأنّ نسبة الاقتراع لن تكون مرتفعة».

Please follow and like us: