الرأسمالية الأميركية وجماعات الضغط (lobbyists) : الإستثمار السنوي للشركات 3.5 مليار دولار والعائد 3000 بالمئة!

الصين : أذهلتنا الفظاعة الأمريكية ونهبها النفط والقمح السوري علناً !
خفايا ما جرى في انتخابات “يونسكو” ضد فاروق حسني؟ (ألاعيب الصهيونية في المنظمات الدولية)
Mainstream Economics’ Medieval Inflation Medicine

خاص ـ تحرير الحقول / هذا الشتاء بدت حركة ”احتلوا وول ستريت” لدى الأميركيين الذين يشعرون بالغضب من الوضع الحالي، مثل الشاري الذي يمتص الصواعق. لكن إذا كان بول فولكر، الرئيس الأسبق لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، على حق، فليست وول ستريت وحدها التي تستحق لافتات الاحتجاج. فهو يقول مازحا، يجب أيضا أن يكون هناك ”احتلوا كيه ستريت” Street K للاحتجاج على قوة جماعات الضغط التي تعمل على طول كيه ستريت الشهير (أو سيئ السمعة) في واشنطن.

لا بد أن فولكر أدرى بذلك من غيره. فقبل عامين دعاه الرئيس أوباما للانضمام إلى فريقه للإصلاح المالي، حيث شن حملة لفصل أعمال التداول التي تقوم بها البنوك لحسابها الخاص عن أعمالها القائمة على قبول الودائع. وأطلق هذا العنان لموجة احتجاج غاضبة من أفراد جماعات الضغط الذين وظفتهم البنوك. وربما نتيجة لذلك تم تخفيف ”قاعدة فولكر”.

إلا أن المسائل المحيطة بـ “كيه ستريت” تمتد إلى نطاق أوسع من البنوك. ففي الأسبوع الماضي، عقدت مدرسة كولومبيا لإدارة الأعمال مؤتمراً حول الحدود الفاصلة بين الأعمال والسياسة، كشفت خلاله شارين أوهالورون، وهي أستاذة في جامعة كولومبيا، أن الشركات أنفقت في الآونة الأخيرة 3.5 مليار دولار سنويا على جماعات الضغط، أي ضعف المستوى قبل عقد من الزمن. وهناك الآن نحو 15 ألف شخص يعملون بدوام كامل لدى جماعات الضغط في واشنطن (باستخدام التعريف الضيق للمصطلح)، وهذا يشكل زيادة حادة كذلك. وقد شهد “كيه ستريت” زيادة في الوظائف على الرغم من ضعف الاقتصاد.

أحد أسباب ذلك هو أن الهيئات الحكومية أصبحت تصل بصورة متزايدة إلى أعماق بعيدة في عدة مجالات داخل الحياة التجارية، ما يدفع الشركات للسعي ”لتشكيل” اللوائح والأنظمة. ومن الأسباب الأخرى، التكلفة. فقد يبدو مبلغ 3.5 مليار دولار ضخما، لكن بالنسبة للشركات الكبيرة ليس من المكلف توظيف أفراد جماعات الضغط، مقارنة بالاستعانة بأفضل المحامين أو المصرفيين.

وويعتقد جون بوديستا، رئيس “مركز التقدم الأميركي”، وهو مجموعة تفكير ليبرالية، أن قطاع الطاقة كان يحصل على عائدات تبلغ أحيانا 3000 في المائة على استثماره في جماعات الضغط (عند مقارنة الأرباح الإضافية التي تحققها الشركات حين يتم تغيير قاعدة ما بتكلفة الضغط من أجل ذلك التغيير). وفي حين أن هذه الحالات متطرفة، إلا أن الإنفاق على جماعات الضغط يأتي غالبا بثماره. والأكثر أهمية من ذلك أن تكاليف عدم القيام بذلك تبدو مخيفة، حين تمارس جماعات مثل النقابات العمالية الضغط. وليس من المستغرب أن أكبر المبالغ المنفقة على جماعات الضغط هي في مجال التمويل والصحة والطاقة.

ويخيف سباق الضغط هذا فولكر ويروع كذلك العديد من الناخبين. ويتضاعف هذا الخوف لأن الأميركيين الأثرياء يجدون طرقاً جديدة لتشكيل السباقات السياسية. لكن في وسط هذا النمو لكيه ستريت هناك مفارقة. فإذا تحدثت إلى الأكاديميين وقادة الأعمال ستسمع شكاوى أنه لا يزال هناك ضعف كبير في مشاركة الشركات في السياسة.

وعلى الرغم من أن الشركات تنفق للضغط من أجل قضايا ضيقة، إلا أنها لا تشارك عادة في النقاشات السياسية المهمة. وفي الآونة الأخيرة دعا إرسكين باولز، الرئيس المشارك للجنة المسؤولية والإصلاح في المالية العامة، قادة الشركات إلى دعم المبادرات من الحزبين لحل مشكلة الديون في أمريكا. ولم يتحمس الكثيرون، إما لأنهم خائفون من الانتقاد، أو لأنهم مشغولون جدا بإدارة شؤونهم – أو لأنهم ”عالميون” جدا بحيث يشعرون أنهم استثمروا بما يكفي في أمريكا.

وهكذا، في حين أن أفراد جماعات الضغط يبالغون في الدفاع عن القضايا الصغيرة، لا تفعل الشركات شيئا فيما يتعلق بالقضايا الكبيرة. ويقول كثيرون إن انفصام الشخصية هذا مأساوي. فالمشهد السياسي في الولايات المتحدة يتسم بالجمود والقيادة الضعيفة – وقد يستفيد من العقول الآتية من عالم الأعمال.

هل هناك أي حل؟ قدم مؤتمر كولومبيا بعض الأفكار. قال بعض قادة الشركات، مثل لويس كادن، نائب رئيس سيتي غروب، إنهم يحاولون إعادة توجيه إدارات ”العلاقات الحكومية” لتبني قضايا السياسة المهمة. ودعا غلين هوبارد، عميد كلية كولومبيا للأعمال، الجامعات لتكون بمثابة نقطة التقاء ”محايدة” للأعمال والسياسيين، فيما دعا بعضهم إلى مزيد من الشفافية. ويمكن للشركات أن تكشف عن نشاطاتها في مجال الضغط للمساهمين، ويكشف السياسيون عن أهم الداعمين للشركات. لكن لا تتوقع أن يحدث هذا قريبا، لا سيما أن هذا العام هو عام الانتخابات. ومع دخول المزيد من المال إلى السياسة، فإن الإجماع هو أن كيه ستريت سيواصل توسعه، وإن كان بعيدا عن أنظار الناخبين. وبالتالي خيام حركة الاحتلال.

Please follow and like us:

COMMENTS