قدَّمت وسائل الإعلام الغربية معلومات مفصلة عن طبيعة التحالف بين أذربيجان والكيان الصهيوني/”إسرائيل”. وفي تصريحات أدلى بها إلى صحيفة “فورين بوليسي” في نهاية الشهر الماضي، قال مسؤول في الإدارة الأميركية إنَّ “إسرائيل اشترت قاعدة جوية وهذه القاعدة تُدعى أذربيجان”. كما نقلت الصحيفة نفسها عن دبلوماسيين وعناصر استخبارات في الولايات المتحدة، أن إسرائيل وطَّدت علاقاتها مع باكو تمهيدا لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية[1]. كذلك، كشف الجنرال بيني غانتس، رئيس اركان حرب جيش العدو “الاسرائيلي”، عن “إمكانية مشاركة دول اخرى مع اسرائيل في شن هجوم على المنشآت النووية الايرانية”[2].
وقد استنتجت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية من تصريح غانتس ما يفيد بوجود ضوء اخضر من دول أخرى لمهاجمة ايران ومنشآتها النووية. ومع ان رئيس اركان العدو “الاسرائيلي”، وكذلك الصحيفة البريطانية، كتما لائحة أسماء هاتيك الدول، إلا أن ديبلوماسيين من دول “بريكسا” يضعون في صدارة هذه اللائحة اسم جمهورية آذربيجان، حيث تحدثت الصحافة الغربية منذ ايام، عن ان آذربيجان و”اسرائيل” وقعتا اتفاقاً عسكرياً بأن تستخدم الطائرات الحربية “الإسرائيلية” الأراضي الآذرية، قاعدة لشن غارات عداونية عبر الحدود تستهدف منشآت حيوية في جمهورية ايران الإسلامية المجاورة. كما ضمت اللائحة أسماء السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة، باعتبارها دولاً تؤيد مهاجمة إيران وتبدي استعداداً للمشاركة في هذا الهجوم[3].
وسط هذه التقارير والتصريحات، غادر وزير الخارجية الصهيونية أفيغدور ليبرمان فلسطين المحتلة في زيارة له إلى أذربيجان[4]. وهناك التقى ليبرمان برئيس الدولةإلهام علييف ومسؤولين آخرين في حكومة باكو. ثم القى خطاباً في حفل بمناسبة مرور 20 عاماً على إنشاء العلاقات بين باكو وتل أبيب. كما أنه شارك في حفل تدشين “المركز الإسرائيلي للثقافة” في باكو، واجتمع إلى رؤساء الجالية اليهودية في العاصمة الآذرية [5].
يُقيّم الخبير السياسي الآذري روفشان إبراهيموف زيارة ليبرمان الى باكو، بأنها الخطوة الاحدث في سلسلة طويلة من الخطوات التي اتخذتها “اسرائيل” لتهديد إيران من خلال أذربيجان. فمجيء ليبرمان “هو جزء من التصعيد الاسرائيلي ضد إيران. اسرائيل تحاول الإيحاء لطهران بأنها قادرة على ضربها في أي وقت” [6].
لطالما اعتُبرت اذربيجان، بسبب موقعها بين إيران وروسيا، “وكراً دبلوماسياً للجواسيس”، حيث تستطيع دول مختلفة، ومعادية لبعضها البعض في غالبية الاحيان مثل الولايات المتحدة وإيران وروسيا و”إسرائيل” جمع المعلومات الاستخبارية عن بعضها البعض[7]. وليس من قبيل المبالغة الحديث عن حرب امنية “إسرائيلية” ـ إيرانية تدور في آذربيجان، وقد التقت صحيفة “تايمس” البريطانية في شباط الماضي مع المدعو “شمعون”، وهو واحد من بين اثني عشر عميلا من جهاز الإستخبارات الخارجية “الإسرائيلي” (“موساد”) المتمركزين باستمرار في أذربيجان.
ونقلت الصحيفة عن عميل “موساد” وصفه آذربيجان بـ”أنها نقطة بداية العمل الاستخباراتي … حضورنا هنا صامت، لكنه هام. عزَّزنا حضورنا في العام الأخير وهذا يقرِّبنا من إيران. أذربيجان هي دولة رائعة للتسلُّل عبرها” إلى الجمهورية الإسلامية. وبالفعل، فقد تحدثت بعض المصادر الإسلامية عن أن الإرهابيين الصهاينة تسللوا من آذربيجان لاستطلاع وتنفيذ جرائم اغتيال علماء نوويين إيرانيين. وقد أجرت صحيفة أذرية مقابلة مع السفير الإيراني في أذربيجان، قال فيها إن الوثائق التي قدَّمتها طهران تثبت أن “موساد” يعمل بجوار إيران[8].
وتعتبر العلاقات الإقتصادية بين أذربيجان و”إسرائيل”، خصوصا التجارة العسكرية، ركيزة الطموح الإستراتيجي “الإسرائيلي” ـ الأميركي في اعتلاء “المصطبة” الآذرية. [9]
ومع أن الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، يحصل على 30 في المئة من احتياجاته من النفطية من آذربيجان، إلا أن الإقتصاد السياسي للعلاقات بين باكو وتل ابيب ذو طبيعة خاصة تثير الإهتمام. فالتجارة الحالية بين “إسرائيل” وآذربيجان تبلغ حاليا 4 مليارات دولار سنوياً، وهو أعلى رقم للأعمال التجارية “الاسرائيلية” مع أي من البلدان التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق. كما يتبادل الجانبان زيارات متكررة لمسؤولين رسميين، احدثها زيارة ليبرمان الى باكو، حيث قال: “علاقتنا قوية جداً”.
لقد وافقت أذربيجان في شباط الماضي، على دفع 1.6 مليار دولار إلى “الصناعات الجوية الاسرائيلية”، مقابل اقتناء مجموعة واسعة من المنتجات العسكرية، تشمل طائرات من دون طيار وأسلحة مضادة للطائرات وأنظمة دفاع مضادة للصواريخ. وهذا المبلغ يعادل ربع الميزانية السنوية للحكومة الآذرية البالغة 7.8 مليارات دولار.
وتدعم الولايات المتحدة العلاقات الآذربيجانية ـ “الإسرائيلية”. ومن بين الأسلحة المتطورة التي حصلت عليها باكو من تل أبيب، يركز خبراء عسكريون اهتمامهم على منظومات فضائية أو “سبوتنيك سيستام” تسمح بتوجيه الصواريخ والمقذوفات البالستية من دون أي قيود أو تشويش. ويتوقع هؤلاء الخبراء أن تظهر في منطقة الحدود الآذرية ـ الإيرانية منظومات رادار “إسرائيلية” الصنع من نوع “أورن ياروك” أي “الصنوبر الأخضر”. ونصب هذه الرادارات في آذربيجان، يؤكد نية الولايات المتحدة و”إسرائيل” بتسخير موقعها الإستراتيجي المتميز ضد مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية المجاورة لها.
وحسب ما ذكرت مصادر العدو “الاسرائيلي”، فإن “ان أجهزة الرادار الاسرائيلية أورن ياروك تستخدم في بطاريات صواريخ “حيتس” وغيرها من أنظمة الدفاع الصاروخي الاسرائيلية مثل صواريخ آرو، بما يمكن من تشخيص ومتابعة عمليات إطلاق صواريخ”[10]. ويستنتج أولئك الخبراء بأن رادرات “أورن ياروك” هي جزء من منظومة دروع صاروخية “إسرائيلية” يجري تركيزها في آذربيجان ستكون موجهة ضد الجمهورية الإسلامية المجاورة. والنتيجة المحتملة واضحة : واشنطن وتل ابيب تريدان تهدئة مخاوف الآذريين من رد فعل الإيرانيين الصاروخي المتوقع ضدهم، في حال انتقلوا من التآمر المكتوم على الجمهورية الإسلامية إلى العدوان السافر عليها.
COMMENTS