خاص ـ الحقول / تقرير صحيفة “واشنطن بوست” عن دور قطر في تسليح المجموعات الإرهابية في سوريا، شاهد إثبات على مسؤولية شيوخ هذه الإمارة “الخليجية” عن دماء الضحايا السورية البريئة التي تقتل كل يوم. تقول الصحيفة الأميركية، أن “تدفقا جديدا من الأسلحة” إلى هذه المجموعات، “بدأ يزداد … وذلك بعد قرار من السعودية، وقطر، ودول خليجيـة أخرى، بتقديم ملايين الدولارات من التمويل شـهريا”.
التقرير الأميركي عن “دموية” دور قطر في المسألة السورية، يكشف أن مركز الإمارة ينوء من شدة تغير الظروف الدولية والعربية أمامها. “العقل” الديبلوماسي للإمارة القطرية، وزير الخارجية، عميل “إسرائيل”، يتحسر الآن، لو أن هذه الظروف بقيت كما كانت “أيام ليبيا”. يتذكر هذا العميل “نجاحه” مع برنارد هنري ليفي، ونيقولا ساركوزي، وصهاينة آخرين، في “إسقاط الجماهيرية الليبية”.
تتقهقر قطر…
في “معركة ليبيا” كانت الظروف “مثالية”. الوزير القطري عبأ لتلك “المعركة” موارد “الديوان الأميري” (وموارده) و”الجزيرة”، و”الجيش القطري”، و”حشد” مجلس الأمن الدولي و”جامعة الدول العربية”، تحت راية حلف شمال الأطلسي / ناتو في حملة عسكرية خاطفة، من أجل “الإنتقال الديموقراطي” في ليبيا. كانت “حملة مثالية” لأن مسؤولية قطر عن سفك دماء الليبيين بقيت مموهة. أما في سوريا فإن جريمة حكام قطر صارت مكشوفة.
تقرير “واشنطن بوست” يبرهن أن سوريا أسقطت “الحسابات القطرية”، كما حسابات أخرى.
صمود سوريا أمام موجة الفوضى “الديموقراطية” الممولة من حكام منظومة “التعاون الخليجي” والمدعومة من دول الغرب وتركيا و”إسرائيل”، جعل الدولة السورية محور مواجهة جيواستراتيجية بين طرفي النظام الدولي : الشرقي والغربي. “الجدار الشرقي” من حول سوريا، الذي يضم روسيا والصين وإيران، ويتقارب مع الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، لحماية الموقع السوري، هو أهم اصطفاف دولي ـ إقليمي في النظام الدولي منذ نهاية الحرب البادرة.
صمود سوريا أمام موجة الإرهاب السياسي المدمر غيَّر الإصطفاف العربي حيالها. قبل خمسة عشر شهرا كانت قطر تقود “جامعة الدول العربية”. وكان وزير خارجيتها، عميل “إسرائيل”، يقود السياسة الخارجية العربية. بفضل صمود سوريا دولة ومجتمعا، تكونت كتلة من الدول العربية ذات سياسة خارجية منسجمة أو متقاربة حيال المسألة السورية، تختلف عن سياسة “التعاون الخليجي”، وهي تضم لبنان، وسوريا والعراق، والجزائر وموريتانيا، والسودان. كما تجمع حولها عمان، والأردن، وحتى المغرب، وبدرجة أقل، مصر.
الحسابات القطرية سقطت في سوريا. تقرير “واشنطن بوست” يبين أن الديبلوماسية القطرية واقعة في عزلة دولية وإقليمية. الولايات المتحدة التي لا تقدر على تحمل “مسؤولية” تسليح “الإنتقاليين السوريين” وتتنصل منها، تبقي وصمة عار تسليحهم على وجه حكام الدوحة وبعض نظرائهم “الخليجيين”.
تصاعدت التبعية “الخليجية” للأميركان. عزلة قطر ازدادت بفعل المضاربة الكاسرة للأسعار في سوق الغاز الدولية، وهي لعبة سياسية ـ اقتصادية دأب عليها القطريون، خلال السنوات الماضية، ضد بقية منتجي الغاز الكبار والصغار، ما حشر نظام آل ثاني وسط عداوات خارجية كبيرة.
دعم قطر للعدوان الأطلسي على “الجماهيرية الليبية”، وتدخلها في دعم التمرد المسلح ضد حكومة السودان، استفز الصين. يروج القطريون الآن، تقارير غربية عن الأزمة القادمة في الصين، هذه القوة الكبرى الصاعدة. لكن الصينيين يدركون جيدا أن الإمارة الوهابية تسببت بخسارتهم أكثر من 20 في المئة من مصادر وارداتهم النفطية الحيوية في ليبيا والسودان. تخريب قطر لموارد الصين الخارجية يفسر ـ جانبا من ـ دوافع الموقف الصيني في المسألة السورية.
تكشف معلومات ديبلوماسية موثوقة ان حمد الأمير وحمد الوزير، قد بذلا جهودا كبيرة مع العاصمة الصينية، من أجل حملها على تغيير موقفها من المسألة السورية، والتخلي عن معارضة التدخل العسكري الأطلسي في سوريا. وتؤكد هذه المعلومات أن بكين خيبت الأماني القطرية، وصدت كل الإغراءات الإستثمارية والمالية التي عرضها شيخا قطر، وأنها ثابتة على موقفها إلى جانب سوريا.
وتضيف هذه المعلومات أن إمارة قطر نظمت حملة إعلامية ـ سياسية لترويج تقارير كاذبة عن تغيير متوقع في الموقف الصيني من سوريا. اكتشف الصينيون أهداف هذه الحملة فارتدت على القطريين، لأن المسؤولين الصينيين الذين زاروا دمشق، وكذلك المسؤولين في بكين نفسها، كرروا مرارا أن موقفهم من المسألة السورية واضح، وينطلق من نبذ العنف ودعم الإصلاح والحوار.
كانت قطر تفيء إلى سوريا. كانت دمشق تفيء على الدوحة وغيرها من “العواصم الخليجية”. أما الآن، فإن موقع قطر السياسي، وموقعها التجاري ـ المالي مكشوف على الخارج “الإسرائيلي” ـ الأميركي .. مرهون له، حتى ليستحيل على الحكم القطري أن يعيش من دون “حماية” الخارج.
تقهقرت قطر. تقرير الصحيفة الأميركية يؤكد انها لا تعترف بذلك، وأنها ما تزال تصر على “نفخ” حجمها الدولي والإقليمي، بتمويل دفقان السلاح إلى منظمات ومجموعات الإرهابيين والتكفيريين في سوريا، وسفح دم بنات وأبناء الشعب السوري.
تقهقرت قطر.
حلف شمال الأطلسي، بما فيه “الذَّنَبْ” التركي، “أقسم بكل الأسفار” أن لديه خططا ضد سوريا، ليس من بينها التدخل العسكري المباشر.
يشيع “الديوان الأميري” أنه لم ينفق فلسا واحدا على “المعارضة السورية”. يقول أن ما فضحته “واشنطن بوست” الأميركية، يتعلق، حصرا، بوزير الخارجية حمد بن جاسم، عميل “إسرائيل”، الذي يرتكب جريمة تسليح الإرهابيين والتكفيريين في سوريا من ثروته الهائلة.
تقهقرت قطر.
وضاح خنفر عميل الإستخبارات العسكرية الأميركية (حسب ويكيليكس) خرج من “الجزيرة”، وهي الآن من أملاك تميم ولي العهد الذي يعيد تفكيكها وتركيبها. يستعجل “الديوان الأميري” نقل السلطة والثروة إلى هذا الوريث، حتى لا تحدث مفاجآت دامية ترمي وليده بين فكي نسيبه وزير الخارجية بن جاسم، الذي قد تقرر تل أبيب وواشنطن أنه أهل لتولي الإمارة أكثر من تميم اليافع. يستعجل الأمير … لأن نيران الأزمة الإجتماعية ـ الإقتصادية والسياسية تلفح كيانه القبلي الضئيل.
COMMENTS