جذبت زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت انظار الصحف، رغم ضجيج جلسات نقاش الموازنة. وتحدثت الإفتتاحيات عن "مكاسب" حققها لبنان، بعد أن وافقت الولايات المتحدة على ترك رعاية مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وكيان العدو الصهيوني للأمم المتحدة، وأن تبدأ من "الصفر" وليس من "خط هوف" الذي يحقق أطماع "إسرائيل" قبل بدء التفاوض. طبعاً، توزعت "تفسيرات" الصحف لهذا التراجع في الموقف الأميركي، ما بين الموقف اللبناني الموحد الذي أبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى ساترفيلد، حينما زار بعبدا مطلع الأسبوع، وبين فعالية الخطاب الردعي الذي ألقاه السيد حسن نصرالله في ذكرى استشهاد السيد مصطفى بدر الدين. ما يهم المواطنين هو أن يبقى الردع السياسي والردع العسكري موحدين وثابتين إلى أعلى الدرجات. فهذا يسهل إدارة "حرب المفاوضات" بين بيروت و … واشنطن ـ تل أبيب.
البناء
بوتين يصف الالتزام الإيراني النووي بالمثالي والخامنئي يصف الوصول للنووي العسكري بالسهل
فلسطين تنتفض في ذكرى الاغتصاب… وساترفيلد ينقل للبنان تراجعاً أميركياً إسرائيلياً
الموازنة تقف في عنق زجاجة الإقناع باستنفاد أبواب الهدر والفساد… لطلب المساهمات الصعبة
لا زالت الأجواء المتوترة والمفتوحة على المزيد من الخطوات التصعيدية تسود الخليج. فواشنطن التي تراجعت خطوة الى الوراء في المجال العسكري بالتهرّب من المواجهة التي وعدت بها أمام أي تهديد لاستقرار السوق النفطية وتحميل مسؤولية أي اهتزاز لإيران، لم تتراجع عن العقوبات التي تشكل بالنسبة لإيران التحدي الذي تجب مواصلة الضغط حتى فرض تغيير القواعد المحيطة بقدرة إيران على المتاجرة بما يوفر لاقتصادها حاجات التحرك الطبيعي، وهو ما بدا أنه يسلك طريقاً ثالثاً غير التراجع الاميركي عن العقوبات الذي تراه إيران بعيداً، وغير الذهاب الى المواجهة المباشرة الأميركية الإيرانية التي قالت احداث الايام المضية إنها أمر لا تسعى إليه الدولتان رغم رغبة بعض حلفاء واشنطن في الخليج وكيان الاحتلال برؤية الحرب اليوم قبل الغد وهم يتفادون الاعتراف بأنهم سيكونون أول ضحاياها.
الطريق المتاح إيرانياً برعاية روسية صينية وقدر من التغاضي الأميركي الصعب يبدو بالسير نحو بلورة سوق موازية للعقوبات تكفل شراء كميات تحقق الحد الأدنى المطلوب إيرانياً، للعودة الى الشراكة في المسؤولية عن حفظ سلامة الملاحة النفطية في الخليج، ويجري التداول بضمان روسي صيني أوروبي لشراء كمية تقارب المليون برميل يومياً، بينما تضمن إيران عبر المنافذ التركية والعراقية والباكستانية والهندية كمية موازية، بحيث لا تقلّ مبيعات إيران عن المليون ونصف المليون برميل يومياً في كل الأحوال.
بانتظار ذلك تواصل واشنطن التهديدات الباردة، وتواصل إيران الاستعداد للمواجهة، بينما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن البرنامج النووي الإيراني يعتبر الأكثر شفافية بين دول العالم ويقارب المثالية في تطبيق الشروط المطلوبة لإثبات الابتعاد عن النيات العسكرية، بينما قال مرشد الجمهورية الإسلامية الإمام علي الخامنئي إن الذهاب لبلوغ البرنامج النووي العسكري سهل جداً على إيران والحلقة المهمة فيه هي تخصيب اليورانيوم على درجة 20 وهذا ما تستطيعه إيران وقتما تشاء.
في مناخ التدهور الخليجي استردت فلسطين صدارة المشهد في مليونية العودة التي خرجت من غزة تواكبها التظاهرات والاعتصامات في سائر فلسطين في ذكرى قيام كيان الاحتلال واغتصاب فلسطين، وسقط عشرات الجرحى برصاص الاحتلال، بينما أكد الفلسطينيون أن مسيراتهم استعداد استباقي لما يتم ترتيبه تحت شعار صفقة القرن من تصفية للقضية الفلسطينية.
وفي مناخ التوتر والتصعيد الأميركي كان لافتاً ما حمله المبعوث الأميركي دايفيد ساترفيلد الى بيروت من موافقة على الطروحات اللبنانية بتولي الأمم المتحدة مهمة التفاوض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية والبرية، بعدما تم رفض المقترح اللبناني أميركياً وإسرائيلياً في جولات التفاوض السابقة، وارتضت واشنطن وتل أبيب أن يكون المبعوث الأميركي وسيطاً مساعداً في هذه المفاوضات. وردت مصادر مطلعة التراجع الأميركي الإسرائيلي الى عامل الوقت الذي يلزم «إسرائيل» بالتوصل لتفاهم يتيح تلزيم مواقع تنقيب عن النفط والغاز، لا تشارك الشركات العالمية بدون وجوده بصورة قانونية موثقة لدى الأمم المتحدة، وبالمقابل القلق الإسرائيلي والتجاري من مخاطر تعرّض المنشآت النفطية في المواقع التي يتمسك بها لبنان ضمن حدوده، لأي استهداف قد يصل لعمق المنشآت الإسرائيلية الأخرى وفقاً لتهديدات المقاومة، وهذا يعني شللاً كاملاً في القطاع النفطي الإسرائيلي.
لبنانياً، قالت مصادر مطلعة على مناقشات الموازنة أن مراوحة المناقشات، رغم التقدم في البنود التقليدية، تعود إلى الشروط التي وضعتها الجهات المعنية بالبنود الصعبة، أي المصارف والمتقاعدين ونقابات الموظفين، لقبول المساس بمكتسباتها، وهي شروط تتصل بإثبات الحكومة قدرتها على دخول الأبواب التي يشار إليها بصفتها أبواب الهدر والفساد، واستنفاد ما يمكن توفيره منها قبل التوجه للمطالبة بمساهمات ومشاركات يخشى أصحابها ان يكون وراء التوجه نحوهم استسهال المساس بمكتسباتهم من جهة، وتفادي التصادم مع المستفيدين من أبواب الهدر والفساد، وهنا يحضر التهريب والتهرب الضريبي والأملاك البحرية وسواها من الأبواب المشابهة، ما جعل النقاشات حول الموازنة أقرب للبنود النظرية التي لا يمكن تحويلها الى أرقام حقيقية قبل أن يعطي اصحابها الضوء الأخضر الذي لا يزال أصفرَ، كحال التدبير رقم ثلاثة للعسكريين والضرائب على فوائد المصارف والحسوم في بنود التعليم من تعويضات الموظفين وسواها.
الحكومة تدور حول نفسها…
رغم الجلسات المكثفة والمتتالية التي يعقدها مجلس الوزراء لإنجاز مشروع الموازنة وإرساله الى المجلس النيابي وجملة التخفيضات التي حققها حتى الآن، إلا أن المجلس لا يزال يدور حول نفسه بحسب مصادر حكومية، وسط غموض يحيط بأرقام موازنات الوزارات ونسب التخفيضات المتوقعة والأرقام النهائية المتجمعة لدى وزارة المال فضلاً عن تضارب بين الوزراء في المعطيات والمعلومات ومداولات المجلس في جلساته لا سيما موازنة وزارة الدفاع والتدبير رقم 3 ورواتب السلطات العامة وموظفي القطاع العام. فما إن ينتهي المجلس من بند حتى يعود الى مناقشته أو البحث في تفاصيله المتشعبة في جلسات أخرى حتى بات الأمر مملاً للوزراء كما الصحافيين المعتمدين والموظفين في السرايا.
أما ما يُثير الريبة وفقاً لأكثر من مصدر وزاري فهو نأي الحكومة بنفسها عن كل ما يتعلق بالهدر المالي والتهرب الضريبي والجمركي والأملاك البحرية ومساهمة قطاع المصارف والشركات الكبرى في خفض العجز في الموازنة وتخفيض الدين العام، ومحاولة التسلل الى جيوب المواطنين بطرق وأساليب مختلفة كفرض ضريبة على الدخل 1 في المئة وربما أكثر على رواتب المتقاعدين و3 في المئة على تقديمات الطبابة، ومحاولات تجميد نسبة من رواتب الموظفين وإصابة تعويضات العسكريين. وتساءل مراقبون عن تجميد التوجه الحكومي لتقليص رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الى حدود الـ50 في المئة وتأجيله ليتاح للحكومة تأمين بدائل أخرى لتخفيض العجز! فكيف تُبيح الحكومة لنفسها استهداف رواتب الموظفين وتقاعدهم ولا تبدأ بنفسها، ولا بوقف الفساد والهدر والتهرب الضريبي وغيرها؟؟!!…
وواصل مجلس الوزراء أمس، جلسته الثانية عشرة في السرايا الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري، وتمّ البحث في جميع المواد القانونية المطروحة في الموازنة والتي طرحت خلال الجلسات السابقة، كما تمّ بحث الاقتراحات الجديدة المقدّمة من بعض الوزراء لا سيما الطرح الخماسي المقدم من وزير الخارجية جبران باسيل، وقد تمّت الموافقة على بعض هذه الاقتراحات، بحسب وزير الإعلام جمال الجراح. على أن يقدم وزير المالية علي حسن خليل التقرير النهائي لأرقام الوزارات والإدارات المتصلة، في جلسة تعقد يوم غدٍ في السرايا قد تكون الأخيرة إن انتهى النقاش، إلا أن وزير حزب الله محمود قماطي وأكثر من وزير أكدوا أن النقاش لن ينتهي الجمعة والجلسات ستمتد حتى الأسبوع المقبل.
وأكد الجراح في رده على سؤال حول ورقة باسيل أن «هناك بعض الاقتراحات كنا توافقنا عليها قبلاً، وهي كانت واردة كمواد في الموازنة، وبالتالي أكدنا عليها أو قمنا تعديلات بسيطة عليها. وهناك اقتراحات جديدة نبحثها». إلا أن مصادر وزارية في تكتل لبنان «القوي» أكدت أن «ورقة باسيل تتضمّن أموراً إصلاحية وتمت نقاشها في جلسة اليوم وبعضها لم يطرح مطلقاً»، موضحة أن «رئيس التكتل لم يضع أرقاماً بل مقترحات تساهم الى حد كبير في خفض العجز في الموازنة والخزينة العامة اضافة الى تخفيض الدين العام».
وفي وقت تداولت وسائل إعلام أن الحريري كان ينوي عقد جلسة مسائية أمس، وأبلغ بعض الوزراء ولكنه استاء من وزير الدفاع الياس بوصعب داخل الجلسة وقرّر عدم عقدها، إلا أن بوصعب نفى ذلك، وبعد تصريحه وخلال دردشة مع الصحافيين في السرايا أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الحكومة لاستيضاح الأمر فنفى الحريري خلاله أن يكون استياؤه من بوصعب سبب تأجيل الجلسة، وبحسب معلومات «البناء» فإن الحريري لم يكن يريد عقد جلسة مسائية، لكن الوزير جبران باسيل تمنى عليه عقدها للإسراع في إنجاز الموازنة، فوافق غير أن وزير المال اقترب من الحريري وقال له بعض الكلمات ما دفع بالحريري الى إلغاء الجلسة، وفسّرت مصادر وزارية طلب خليل تأجيل الجلسة بأن وزارة المال ربما لم تنتهِ بعد من تحضير الأرقام النهائية للموازنة وتحتاج الى يومين لذلك».
«التدابير» إلى «الدفاع الأعلى»…
ورغم انقضاء اثنتي عشرة جلسة لكن التضارب في المعلومات بين وزيري الدفاع والإعلام مستمر لجهة إقرار التدبير رقم 3، ففي حين يؤكد الجراح حصر المجلس تطبيق التدبير رقم 3 على الحدود مع العدو الإسرائيلي يشدد بوصعب بأن التدبير لم يُقرّ وتطبيقه على كامل الحدود والجبهات الجنوبية والشمالية والشرقية وفي المخيّمات الفلسطينية ومناطق التوتر في الداخل. وعلمت «البناء» أن الخلاف مستمر حول هذا البند بين وزير الدفاع من جهة ووزير المال ورئيس الحكومة من جهة ثانية، ووفق المعلومات فإن الحريري طلب من وزير الدفاع في جلسة الأمس وضع ورقة مشتركة مع وزيرة الداخلية ريا الحسن حول التدابير لدراستها في جلسة الجمعة، فردّ بوصعب بأن لا يمكن إنهاء الورقة خلال هذا الوقت، فعلى الأثر أجرى الحريري وبوصعب اتصالاً هاتفياً بوزيرة الداخلية الموجودة في دبي، وتم الاتفاق على عقد لقاء بين بوصعب والحسن فور عودتها من السفر بعد ظهر اليوم ووضع ورقة مشتركة كما تم الاتفاق بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة على تأجيل البحث في التدابير لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي سيعقد خلال الأيام المقبلة بطلب من رئيس الجمهورية يناقش خلاله ورقة وزراتي الدفاع والداخلية على أن يكون لمجلس الدفاع الكلمة الفصل في هذا المضمار وهو يقرر أين ستطبق التدابير الثلاثة، ويصدر توصية الى مجلس الوزراء حتى يصدر مرسوماً بالتدابير المتخذة وفق قانون وزارة الدفاع». وتساءلت مصادر وزارية كيف يصرح وزير الإعلام بأن المجلس أقر التدبير رقم 3 فيما اتفق الحريري وبوصعب على إحالته الى جلسة الدفاع الاعلى!
وقد طرح بوصعب إخضاع كل ألوية وافواج الجيش على تدبير رقم 2 باستثناء الألوية المرابضة على الحدود تبقى على التدبير 3 لكن مع إعادة توزيع المهام العسكرية ونقل جزء منها الى قوى الأمن الداخلي، رغم أن المعلومات الوزارية تؤكد صعوبة التوصل الى صيغة موحدة مع قوى الامن الداخلي. وقد تم اقتراح وضع معايير موحدة لتطبيق التدابير بين الجيش وقوى الأمن كمساواة فوج المغاوير مع القوة الضاربة أو فرع المعلومات مع مخابرات الجيش لجهة إخضاعهم للتدبير رقم 3.
وتنفي مصادر تكتل لبنان القوي الخلاف بين بوصعب ووزراء التيار الوطني الحر حول التدابير موضحة أن «بوصعب يضع الرئيس عون ورئيس التيار في كل مقترحاته وهناك توافق على كل شيء والخلاف الوحيد هو ضريبة الدخل على رواتب المتقاعدين».
وتضمّنت تخفيضات موازنة وزارة الدفاع جزءين بحسب معلومات «البناء» تشمل التقديمات المدرسية 20 مليار ليرة وإنشاء أبنية متخصصة ورواتب المسافرين لإجراء دورات عسكرية في الخارج وقوانين البرامج والخطة الخمسية لتطوير الجيش 365 ملياراً، حيث بلغ التخفيض الإجمالي النهائي 442 ملياراً». أما ما أثار استياء وزير الدفاع بحسب معلومات «البناء» هو إصرار رئيس الحكومة ووزير المال على تخفيض 25 مليون ليرة بدل باقات زهور تقدمها قيادة الجيش الى أهالي العسكريين الشهداء والجرحى».
وأكد بوصعب في تصريح من السرايا بعد الجلسة أننا «خفضنا بالموازنة مباشرة إلى 105 مليارات من بنود لا تتعلّق بالمعاشات والرواتب، إنما هناك اماكن زادت فيها بنود وزارة الدفاع، أهمها الأدوية واللوازم المتخصصة بمعنى حاجة الجريح الى كرسي متنقلة أو أطراف اصطناعية تمّت زيادتها بقيمة مليار. كما تمت زيادة المعالجة في المستشفيات، لأننا نعرف أنه يتم وضع نسبة 3 في المئة على الرواتب لتكون النسبة نفسها التي تحسم من موظفي الدولة». ومقابل هذه النسبة، أخذنا زيادة على البند الذي يتعلّق بالمعالجة في المستشفيات وحصلنا على زيادة على التعويضات العائليّة والخدمات التي تقدّم بدلاً المرض والأمومة. إذاً، من أجل التعويض الـ 3 في المئة على الجيش والعسكر، أخذنا موازنة أكبر في التعويضات العائلية والعلاج في المستشفيات والأمومة وغيرهما».
أضاف: «لقد زدنا 35 ملياراً، وخفضنا 105 مليارات أي أننا أنقصنا حوالى 70 ملياراً تضاف اليها الـ 364 ملياراً التي كان يفترض أن تكون في الخطة الخمسية. وبالتالي، ما تمّ تخفيضه في موازنة الجيش ليس بالسهل ولا بالقليل». وأشار إلى أن «التعويضات التي تصدر كبدل عن التربية والمدارس أو المحروقات وغيرها، يجب علينا أن نكون موحدين مثلنا مثل وزارة الداخلية ومثل كل التعويضات التي تعطى الى القوى الأمنية»، وغمز بوصعب من قناة وزراء القوات والاشتراكي قائلاً: «بغياب وزيرة الداخلية – إذ إني لم أكن أملك الأرقام، قلت بصراحة إن هذه الأرقام لا أريد التحدث عنها حتى لا تكون النسب مختلفة، فأكد لي وزير المال أنه يضمن بجعل الارقام ذاتها. وبناء على كلامه وتمني دولة الرئيس، استكملنا النقاش واستغرق موضوع وزارة الدفاع 5 دقائق ولم ينتظر أحد ساعتين، كما أشيع إلا بالنسبة إلى الذين لم يتابعوا ما كنا نتحدث عنه في الموازنة ولم ينتبهوا للتفاصيل ولا لحساسية المواضيع التي نناقشها».
في غضون ذلك، أوعز رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى لجنة المال تكثيف اجتماعاتها فور وصول الموازنة إليها والانتهاء من درسها خلال شهر. ونقل النواب في لقاء الاربعاء النيابي قوله «إننا ننتظر إنجاز الموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها الى المجلس النيابي، وفور ذلك سنشهد إيجابيات على غير صعيد». وانه أعطى توجيهاته لكي تكثف لجنة المال اجتماعاتها لدرس الموازنة وإن اقتضى الأمر عقد جلستين يومياً من أجل إقرار الموازنة في المجلس في فترة لا تزيد عن شهر.
ساترفيلد يتراجع خطوة إلى الوراء
وفي موازاة ذلك، سجل ملف الحدود مع فلسطين المحتلة مستجدات بعد زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد الذي جال على المسؤولين، وقد لوحظ تراجعه خطوة إلى الوراء مقارنة مع زيارته الماضية، حيث كال التهديدات للحكومة وللشعب اللبناني محذراً من ضربة إسرائيلية للضغط على لبنان للمضي في مفاوضات ترسيم الحدود البرية وتأجيل البحث بالحدود البحرية، أما سبب التراجع الأميركي فتردّه مصادر الى الموقف اللبناني الرسمي الموحد المتمثل بالرئيسن عون ونبيه بري وانضمام رئيس الحكومة اليهما مؤخراً ومعادلة الصواريخ ومصافي النفط الردعية التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة.
وأشارت قناة «ال بي سي» الى أن «الأميركيين والإسرائيليين وافقوا على الطرح اللبناني من أجل حل النزاعات في البر والبحر، الذي يقضي بأن تجرى مباحثات بوساطة الامم المتحدة ».
وقد أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الدبلوماسي الاميركي في قصر بعبدا، أن «لبنان المتمسك بسيادته برا وبحرا وجوا، يرى ان ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية يعزز الاستقرار على طول الحدود، انطلاقاً من قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701»، داعياً الولايات المتحدة الاميركية الى «المساهمة في تحقيق هذا الهدف، لا سيما لجهة احترام حدود لبنان البرية والبحرية وحقه في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة». وتداول عون مع السفير ساترفيلد، الأفكار التي سلمها لبنان الاسبوع الماضي للسفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد، والمتضمنة آلية عمل يمكن اعتمادها لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وعرض رئيس الجمهورية وجهة نظر لبنان، كما استمع الى موقف الادارة الاميركية، وسيستمر التشاور بين الجانبين اللبناني والاميركي لتوضيح بعض النقاط المرتبطة بهذه الآلية.
ثم زار ساترفيلد عين التينة، حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعرض معه للتطورات. وتركز الحديث حول ترسيم الحدود البحرية والبرية. وساد اللقاء جو من الصراحة والإيجابية وهو محل بحث ومتابعة مستمرين. كما زار ساترفيلد الرئيس الحريري واستكمل معه مواضيع البحث التي نوقشت في اجتماع الأمس بينهما. كما التقى ساترفيلد الوزير باسيل في قصر بسترس.
وأفادت المعلومات ان الاجتماع كان إيجابيا جداً، اذ تطرّقا خلاله الى الاحداث في المنطقة بما فيها ما حصل في الخليج. كما تناول ترسيم الحدود البرية والبحرية. وكان تبادل لوجهات النظر التي تطابقت في كثير من النقاط، وجرى عرض الاحتمالات التي يمكن أن تعرقل مشروع الحل اللبناني المقترح والذي يحظى بتوافق من الأطراف كافة. وقدم باسيل مخارج عدة تحفظ للبنان كامل حقوقه البرية والبحرية وتحقق مصلحته الوطنية.
على صعيد آخر، وفي خطوة تصعيدية، أفادت وكالة «أسوشيتد برس» بأن «القضاء الإماراتي أصدر حكماً بالسجن على ثلاثة لبنانيين، وأفرج عن خمسة آخرين محتجزين منذ العام الماضي، بتهمة تشكيل خلية لـ «حزب الله» في البلاد».
ونقلت الوكالة عن أحد ذوي عبد الرحمن شومان، المحتجز في الإمارات، أن محكمة أمن الدولة أصدرت، أمس، حكماً بسجنه مدى الحياة بتهمة الإرهاب، قائلاً إن السلطات منعت محامي المحتجز من الوصول إلى موكله. وعمل شومان مشرفاً على الأمن والسلامة في خطوط طيران الإمارات».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
مكافأة جديدة للمتهرّبين من الضرائب
ساترفيلد في بيروت: الخصم والحكم
خصصت الجلسة الحكومية أمس لمناقشة ورقة الوزير جبران باسيل. تم التوافق على بنود فيها ويُنتظر أن يُستكمل النقاش في البنود الباقية غداً. هاجس مجلس الوزراء لم يتغير: كيف يمكن سلب الأموال من جيوب الموظفين؟ لكن في المقابل، كان لافتاً استمرار الحكومة في السعي إلى مكافأة المتخلّفين عن دفع الضرائب. وبعد إقرار 17 بنداً بخفضّ الغرامات على المتهربين، خرج وزير المالية باقتراح لإعفاء الشركات مما يصل إلى نصف أصل الضريبة المتوجبة!.
السعي لكسب الوقت مستمر. والقرارات الجدية تؤجّل من جلسة إلى أخرى ريثما ينضج الاتفاق خارج مجلس الوزراء. وخلافاً، لما سبق أن أعلن عنه، لم يعقد المجلس جلسة مسائية، بل أجلت إلى ظهر غد، حيث يُفترض أن يقدّم وزير المالية التقرير النهائي لأرقام الوزارات والإدارات المتصلة، ربطاً بالتعديلات التي أجريت في مجلس الوزراء.
أما جلسة أمس، فقد بدت تكراراً لنقاشات سابقة، إما بتّت من دون تثبيت الاتفاق بشأنها على الورق وإما عرضت ولم يُتّخذ القرار بشأنها. وإذ نوقشت المواد القانونية التي تتضمها الموازنة، إضافة إلى تقديمات صناديق التعاضد، اعتبر وزير الاعلام أن المطلوب أن «نصل إلى وقت نوحّد فيه التقديمات والعطاءات بين كل موظفي الدولة»، مشيراً إلى تشكيل لجنة لدراسة هذا الموضوع.
أما بشأن الطروحات التي قدمها باسيل، في جلسة أول من أمس، فقد شهدت بدورها نقاشاً تفصيلياً، بعد توزيعها على الوزراء. وفي نهاية الجلسة لم يكن المجلس قد أنجز سوى مناقشة الصفحة الأولى من أصل خمس صفحات تتضمنها الطروحات التي وصفت بالجدية. وفي ختام مداولات أمس، تم الاتفاق على عدد من البنود، أبرزها: رفع الحسومات التقاعدية من 6 إلى 9 في المئة، تخفيض تدريجي لمساهمات الخزينة في صناديق التعاضد، تحويل 35 في المئة من غرامات السير إلى الخزينة العامة، تخفيض بنسبة 15 في المئة على بند المدارس الخاصة المجانية، تخفيض مخصصات البنزين بنسبة 30 في المئة.
وفيما بقي التأجيل سيد الموقف في ما يتعلق بالتدبير رقم 3، اتُهم وزير الدفاع الياس بو صعب بالمماطلة، بحجة انتظار وزيرة الداخلية للاتفاق معها بهذا الشأن. وقد قابل الرئيس سعد الحريري التأجيل المستمر للملف باستياء واضح، خاصة عندما طلب أبو صعب تأجيل البت بالأمر إلى جلسة القصر. وفيما لم يعرف ما إذا كان عدم عقد جلسة مساء أمس مرتبطاً بالتوتر الذي كان قائماً بين الحريري وأبو صعب، إلا أن تزامن إعلان الحريري عن تأجيل الجلسة مع النقاش الذي دار بينه وبين أبو صعب، هو الذي ساهم في تعميم أجواء تربط بين الأمرين. علماً أن وزير الدفاع عاد ونفى ذلك، مؤكداً أن الحريري لم يكن يريد جلسة مسائية. كما قال إنه اجتمع مع رئيس الحكومة وتخلل الاجتماع اتصال بوزيرة الداخلية للاتفاق على الطرح المتعلق بتدبير رقم ٣ فكان الجو ايجابيا. وإذ لم يفصح وزير الدفاع عن توجهه في هذا الصدد، أشار إلى أنه بناء على موافقة رئيس الجمهورية سيطرح تدبير 3 على المجلس الاعلى للدفاع وهو يصدر توصياته وترفع لمجلس الوزراء. لكن في المقابل، عبّر باسيل عن وجهة نظر تشير إلى إعطاء التدبير رقم 3 للعسكريين المنتشرين على الحدود، والتدبير رقم 2 للمولجين بمهام أمنية في الداخل، والتدبير رقم واحد للبقية.
وبعد 67 ساعة من النقاشات الحكومية المتعلقة بمشروع الموازنة، تبين، بحسب بعض الوزراء، أن المسودة الأولى للموازنة لم تكن أرقامها دقيقة، بل تخللها الكثير من الفوضى والمبالغة، كما أن تقديرات تخفيض العجز لم تكن دقيقة بدورها، علماً أن الإجراءات التي أضيفت يتوقع أن تحافظ على الهدف المحدد للعجز أي 8.5 في المئة.
واستكمالاً لمسار الإعفاءات الضريبية، وبعدما سبق للمجلس أن أقر 17 مادة قضت بإعفاء المتهربين من التصريح عن الضرائب وتسديدها من 85 في المئة من قيمة غرامات التحقق والتحصيل والتأخير بالتسديد، عمد وزير المالية علي خليل إلى تقديم مشروع قانون يرمي إلى تسوية أوضاع المكلفين بضريبة الدخل. وينص المشروع الجديد على إعفاء المكلفين غير المسجلين (المكتومين) والمكلّفين المسجلين المتهربين من تسديد الضريبة عن السنوات من 2012 إلى 2017 من نصف الضرائب المتوجبة عليهم تقريباً إذا سددوا هذه الضرائب في فترة ستة أشهر.
وإذا كات الأسباب الموجبة للمواد الـ17 هي الظروف القائمة والرغبة بتشجيع الناس على دفع الضرائب، فقد أتى المشروع الجديد ليقول إنه إذا أرادت الوزارة أن تدفّع المكلفين كل الضرائب وليس الغرامات يمكن أن يبقوا متهربين من الضريبة، ولهذا لا بد من تشجيعهم على الدفع عبر تخفيض أصل الضريبة بنسب متفاوتة تصل إلى 50 في المئة (تبعاً لنوع الضريبة وطبيعة المكلّف).
وكما كانت المواد السابقة تشجع على التهرب الضريبي، عبر مكافأة من لا يدفع ومعاقبة من يدفع، فإذا بالمشروع الجديد، يذهب أبعد من ذلك، مكرساً عدم المساواة بين المكلفين، إذ يفرض على المكلفين بالضريبة نفسها معدليّ ضريبة مختلفين، ما يؤدي إلى خلل كبير في النظام الضريبي نفسه. وفي المحصلة، فإن الإعفاءات على الغرامات، ثم المشروع المطروح، تناقض كل الكلام بشأن مكافحة التهرب الضريبي وتخفيض عجز الموازنة وتؤكد أن الأولوية الحكومية تبقى لحماية كبار المكلفين والمتهربين من الضرائب، مقابل السعي المستميت لقضم رواتب الموظفين وحقوقهم.
قصّ الاجور مستمر: تخفيض بدل النقل وإخضاع التعويضات للضريبة
ليس صحيحاً أن المساومات الجارية في مجلس الوزراء لم تمس أجور العاملين والمتقاعدين في القطاع العام. فحتى الآن جرى تمرير الاجراءات التالية:
– زيادة المحسومات التقاعدية من 6% إلى 9% من الاجور والرواتب.
– إخضاع معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة لضريبة الدخل على الرواتب والاجور، وليس واضحاً لدى العديد من الوزراء إذا كان ذلك يطال القطاع الخاص أيضاً، أي تعويضات نهاية الخدمة عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. علماً أن هذه المعاشات والتعويضات ليست دخلاً جديداً، بل تكونت عبر الاشتراكات والمحسومات المقتطعة من أجور سبق أن تم تسديد الضريبة عليها.
– تحديد الحد الاقصى للراتب الاساس بـ20 ضعف الحد الادنى للاجور.
– تحديد الحد الاقصى للملحقات والتعويضات والمكافآت والساعات الاضافية بـ75% من الراتب الاساس.
– تحديد الحد الاقصى للاجور السنوية بـ14 شهراً في المؤسسات العامّة. ويشمل هذا الاجراء جميع المؤسسات بما فيها صندوق الضمان، ما عدا مصرف لبنان الذي تعهد باجراء تعديلات داخلية تؤدي الى النتيجة نفسها.
– تخفيض بدل النقل من 8 آلاف إلى 6 آلاف ليرة، وليس واضحاً إذا كان سيشمل هذا الاجراء العاملين في القطاع الخاص.
– تخفيض قيمة المنح التعليمية تدريجياً وتوحيدها عند المستوى المحدد في تعاونية موظفي الدولة، على أن تكون نسبة الخفض في السنة الاولى 15%.
– تخفيض تقديمات «البنزين» في الاسلاك العسكرية والامنية بنسبة 30%.
هذه الاجراءات ستنعكس تخفيضاً بنسب متفاوتة على أجور العاملين والمتقاعدين في القطاع العام، ولا تزال هناك دفعة من الاجراءات قيد النقاش، بما فيها تخفيض الأجور التي تزيد على 3 ملايين ليرة بنسبة معينة. وكذلك يجري نقاش مسألة التدابير الاستثنائية في الاسلاك العسكرية والأمنية التي ستنعكس تخفيضاً كبيراً في تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين. ويجري أيضاً نقاش زيادة سنوات الخدمة قبل التقاعد، لا سيما للعسكريين، وكذلك تخفيض عدد أيام الاجازة الاسبوعية من 20 يوما إلى 15، وتخفيض المساهمات في صناديق التعاضد وتوحيد التقديمات الاجتماعية، وفصل التعليم العام عن الخاص.
ساترفيلد في بيروت: الخصم والحكم
فرض الموقف اللبناني الموحّد مزاجاً جديداً على الموقف الأميركي، برز خلال زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد لبيروت أمس. تفاوض على الحدود البحرية «من الصفر» وقبول بدور الأمم المتحدّة، هما أبرز المكاسب اللبنانية، على الرغم من النيات الأميركية والإسرائيلية الخبيثة (تقرير فراس الشوفي).
كَأَنَّ وحياً ما، هبط على مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، دايفيد ساترفيلد، خلال زيارته لبيروت في اليومين الماضيين. من يسمع السفير المتحمّس لإسرائيل في لقائه مع الوفد اللبناني قبل شهر في واشنطن، وهو يحاول فرض شروط بنيامين نتنياهو على لبنان في ملفّ الصراع على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة (راجع «واشنطن ليكس 2»)، يرَ نبضاً مختلفاً في لقاءاته الأخيرة مع رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري. ولا يُفهم من هذا أن ساترفيلد قرّر مناصرة الحقّ اللبناني، بل على العكس تماماً، لا تزال خلفية ساترفيلد في «انفتاحه» المستجد، هي ضمان المصلحة الإسرائيلية المباشرة. أوّلاً في تبريد جبهة الصراع على الحدود البحرية وانعكاسها على خطط العدو بالتنقيب عن النفط في الحقول الشمالية، وثانياً، دعم محاولات الأميركيين لتحييد ساحات الصراع المتعدّدة، ومنها الساحة اللبنانية، عن الحرب الاقتصادية ــ الإعلامية (حتى الآن) المفتوحة ضد إيران مباشرةً. أمّا ثالثاً، وهو الهدف القديم المتجدّد، بفصل أي تلازم للمسارات في التفاوض بين لبنان وسوريا مع العدوّ الإسرائيلي. وهنا برز أكثر من مؤشّر في الأشهر الأخيرة يدعم حرص العدوّ والأميركيين، على الترويج للاستفراد بلبنان والتمهيد لدفعه إلى مفاوضات سلام منفردة، على وقع «صفقة القرن»، التي ينوي الأميركيون الإفراج عن بنودها رسمياً في الشهر المقبل. ومن هذه المؤشّرات، محاولات الترويج الإسرائيلية للبحث عن حلول مع لبنان لبلدة الغجر المحتلّة، إذ إن دبلوماسيين ينقلون عن مسؤولين إسرائيليين قولهم بإمكان حصول تفاهم مع لبنان على انسحاب العدو من الجزء الشمالي من قرية الغجر المحتلة، في مقابل منحه أراضي في مناطق أخرى على الحدود – اللبنانية الفلسطينية. وأكّدت مصادر لبنانية أمنية رفيعة المستوى أن «هذا الترويج الإسرائيلي هدفه جسّ النبض اللبناني حيال صفقة من هذا النوع، لكن لم يطرح أي أمر رسمي من هذا النوع مع أي وسيط، ولبنانية الغجر محسومة وغير قابلة للتفاوض».
في الاجتماع الرئاسي الثلاثي الأخير للرؤساء في قصر بعبدا (6 أيار 2019)، تبلورت ورقة عمل لبنانية موحّدة قدّمها الرئيس عون إلى السفيرة الأميركية إليزابيث ريشارد، عمادها طرح بري القديم بتلزيم الأمم المتحّدة أي تفاوض غير مباشر مع العدوّ لحلّ أزمة الحدود البحرية. وتضمنت الورقة اقتراحاً للآلية التفاوضية، مطابقة لعمل اللجنة الثلاثة التي تجتمع في الناقورة وتضمّ ضباطاً من الجيش اللبناني والأمن العام وضباطاً من جيش الاحتلال برعاية قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل».
أسقط تبلور الموقف اللبناني الموحد الذرائع الأميركية التي استخدمت سابقاً، ومن ساترفيلد تحديداً، ومحاولاته فرض شروط على لبنان. بعد أن كان صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير (متعهدّ صفقة القرن)، قد حاول إقناع الرئيس سعد الحريري بالسير في الخطّة الأميركية وقبول لبنان خسارة جزء من حقّه بالـ860 كيلومتراً مربعاً في المنطقة الاقتصادية الخالصة (أنظر الأخبار).
ومع أن مصادر الرئيسين عون وبري شديدة التحفّظ في الكشف عن تفاصيل اللقاءات، إلّا أنه أمكن استخلاص النقاط الآتية من جولة ساترفيلد البيروتية:
أوّلاً، استطاع لبنان تحويل التهديد إلى فرصة. فالتهديد بقضم الحقوق في البحر، تحوّل إلى ورقة ضغط على العدوّ بالرفض المطلق، لدفعه إلى الطلب من الأميركيين تحريك ملفّ التفاوض، ولو كان الموقف الإسرائيلي يدّعي التحفّظ حتى الآن من الطرح اللبناني بدور قيادي للأمم المتحدة في عملية التفاوض، وتكرار ساترفيلد معزوفة أن مهمة قوات اليونيفيل لا تنضوي ضمنها الحدود البحرية.
وهنا اعتبر الرئيسان عون وبرّي أن التطورات الأخيرة تفتح الباب أمام فرصة للحلّ، على الرغم من «خبث» ساترفيلد ودوره. وعلى ما أكّد في بيروت، فإن مساعد وزير الخارجية الأميركي لم يتسنّ له وضع العدو الإسرائيلي في صورة الورقة اللبنانية. ولأجل ذلك سيزور اليوم تل أبيب، ومن المتوقّع أن يعود الأسبوع المقبل إلى بيروت. علماً بأنه أمضى الأيام العشرة الماضية في الشرق الأوسط، متنقّلاً بين «إسرائيل» والعراق وأماكن أخرى.
ثانياً، يبرز التحوّل في الموقف الأميركي، بالتوقّف عن الإشارة إلى خطّ «هوف» كمرجع وحيد لأي حلّ لأزمة الحدود البحرية، والانفتاح على تفاوض جديد من نقطة الصفر يضمن الحقوق اللبنانية الكاملة. وهذا يعني نجاح لبنان في تليين الموقف الأميركي المعدّ سلفاً لقضم الحقوق اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً. وبحسب المعلومات، فإن العدو الإسرائيلي بدأ في الأسبوعين الأخيرين، إجراء تعديلات على جزيرة «تخيليت» التي تقع قرب الحدود اللبنانية – الفلسطينية، جنوب رأس الناقورة، وهي عبارة عن مجموعة من الصخور الصغيرة، في محاولة للإيحاء بأنها جزيرة قابلة للاستثمار بهدف التأثير على خط الحدود ودفعه شمالاً في أي عملية ترسيم جديدة مستقبلاً.
ثالثاً، تراجع الأميركيون عن رفض دور الأمم المتحدة في المفاوضات، وأن العرض الوحيد الممكن هو تفاوض ثنائي برعاية أميركية، كما كان يطرح ساترفيلد منذ ثلاثة أعوام، وكرّرها لاحقاً في الشهر الأخير (انظر الأخبار). وهنا كسب الأميركيون قبولاً لبنانياً بدور أميركي فاعل في التفاوض، وصفه ساترفيلد أمس بأنه سيكون دور «مساعد ومسهّل».
رابعاً، على عكس ما يحاول العدوّ والأميركيون ترويجه، عن أن «خط أنابيب غاز شرق المتوسط» الإسرائيلي انطلق فعلاً، فإن المعلومات تؤكّد أن المشروع يعاني من أزمة خطيرة. فهو بالدرجة الأولى لم يستوفِ حتى الآن جدواه الاقتصادية، ما لم تنضمّ إليه دولة ثالثة غير «إسرائيل» واليونان. من هنا تبرز المحاولات الأميركية السابقة لإدخال الغاز اللبناني في هذا الخط. وبحسب آخر الأرقام، تتجاوز كلفة المشروع الحقيقية عتبة 15 مليار دولار أميركي، فيما يروّج العدوّ الإسرائيلي أن كلفة المشروع لا تتجاوز 8 مليارات دولار، فضلاً عن صعوبة مدّه في مياه بعمق يتجاوز 3300 متر تحت سطح البحر، في ظلّ اعتراض تركي واسع. وينافس الخط المصري – الليبي، أو الخط الأخضر الواصل إلى إيطاليا والمدعوم روسيّاً، الخط الإسرائيلي، وبكلفة أقل.
محاولة للقضم
قبل نحو أسبوع، أبلغت قوات اليونيفيل الجيش اللبناني نية العدو الإسرائيلي البدء بتطوير السياج التقني في رأس الناقورة وصولا الى النقطة b1 التي تحتلها اسرائيل من ضمن المناطق المتحفظ عليها على الخط الازرق. السبت الماضي، بدأ العدو بالعمل في المحيط، إلا ان الجيش ابلغ قوات الطوارىء رفض لبنان قيام العدو بأي تغييرات في تلك البقعة، خصوصاً انه يحاول تثبيت امر واقع في تلك المنطقة استكمالاً لنواياه في قضمها لما تشكله من اهمية على الصعيد الميداني – العسكري، ولاهميتها في تحديد الحدود البحرية. وكاد التوتر على المستوى السياسي، مع تمسك لبنان بحقوقه، ان يطيح بأي طرح تفاوضي اميركي، قبل ان يعود العدو ويتراجع عن خطوته، بعكس ما حدث في منطقة عديسة الملاصقة لمستعمرة مسكافعام، حين فرض امرا واقعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
بطريرك الوطن.. وداعاً
نقاشات الموازنة في «حلقة مفرغة».. وتقدم في آلية ترسيم الحدود يحمله ساترفيلد إلى إسرائيل
يودّع لبنان، لبنان التعايش، والوحدة الوطنية بطريرك الوطن، الكاردينال الماروني مار نصر الله بطرس صفير، الى مثواه الأخير، وسط حداد وطني شامل، وإقفال المؤسسات العامة والخاصة والمدارس والجامعات، وفي ظل مشاركة رسمية وروحية وشعبية، تعبّر عن التقدير الكبير لرجل كان في قلب المواجهة الصعبة، قبل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعده، من عصر الوصاية، الى عصر خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005، بعد دحر الاحتلال الاسرائيلي عن معظم الأراضي اللبنانية في 25 ايار من العام 2000.
سجي بطريرك الوطن في كنيسة سيدة الانتقال في بكركي بنعش مصنوع من ارز لبنان وزيتونه على ان يدفن اليوم، وسط مراسم تليق بالرجل والمناسبة، بمشاركة كبار الشخصيات والسفراء، تقديراً لبطريرك الاستقلال والمصالحة والحياة المشتركة، والسعي لبناء الدولة القادرة والعادلة، على قدم المساواة وتكافؤ الفرص.
بطريرك الوطن… وداعاً..
ساترفيلد في اسرائيل اليوم
سياسياً، كانت المحادثات التي اجراها نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد مع المسؤولين اللبنانيين امس، قد استأثرت بمعظم الاهتمام الرسمي، وتخطت مسألة درس الموازنة الجارية في مجلس الوزراء، نظراً لان هذه المحادثات تجاوزت مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع اسرائيل الى الوضع السائد في الخليج، في ضوء الحشد العسكري الاميركي والتصعيد الايراني ضد المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، والاعتداءات التي طاولت ناقلات النفط بالقرب من مضيق هرمز، ما دفع بالسفارة الاميركية في بيروت الى تحذير مواطنيها بتوخي الحذر، في اشارة الى ان واشنطن تتعامل بجدية مع تطورات المنطقة.
والتقى ساترفيلد كلاً من رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري للمرة الثانية، ووزير الخارجية جبران باسيل، واستمع منهم الى الموقف اللبناني الموحد حيال المسعى الاميركي لترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وافادت معلومات رسمية ل «اللواء» انه سينقل اليوم الموقف اللبناني الى الكيان الاسرائيلي ويسعى لديه لنيل الموافقة على التدخل الاميركي في المفاوضات والرعاية الدولية عبر قوات الامم المتحدة العاملة في الجنوب.
واوضحت مصادر المعلومات ان ساترفيلد لم يكن قد تبلغ مسبقا الموافقة الاسرائيلية على تدخل الامم المتحدة في ترسيم الحدود البحرية وتبلغ فقط موافقتها على دور لها في ترسيم الحدود البرية، وهي ايضا موضع خلاف بين لبنان والعدو لا سيما حول نقطة رأس الناقورة، والتي يعتبرها لبنان منطلقا اساسيا لترسيم الحدود البحرية عبر خط من البر الى البحر، هذا اضافة الى خلافات على نقاط تحفظ لبنانية حول الخط الازرق.
وذكرت المصادر ان ساترفيلد استمع الى المقترحات اللبنانية حول آلية ترسيم الحدود والاصرار على ان تتلازم البرية مع البحرية بما يحفظ حقوق لبنان في الارض والبحر وسيادته عليهما، وسينقلها اليوم الى كيان العدو الاسرائيلي، وينقل الجواب الى لبنان اما شخصيا واما عبر السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد أو اي موفد آخر. وسأل ساترفيلد الجانب اللبناني عن بعض الامور التقنية في آلية الترسيم مثل التزامن بين ترسيم البر والبحر هل يتمان سويا ام لا، وتبين ان الموقف اللبناني يفضل ان يكون تنفيذ ما يتفق عليه في المفاوضات متزامنا في البر والبحر في آن معاً، حتى لو سبق اتفاق البر اتفاق البحر او العكس.
واوضحت المصادر ان ساترفيلد ابدى ارتياحة لوحدة الموقف اللبناني ووضوحه، وهو ابلغ من التقاهم ان الدور الاميركي سيكون «للمساعدة والتسهيل» وليس رعاية التفاوض، وان مشاركة اميركا بهذا الدور رهن موافقة الطرفين على ذلك, وهو ما سيحاول اقناع العدو الاسرائيلي به اليوم.
وكان الرئيس عون قد ابلغ ساترفيلد خلال لقائهما في قصر بعبدا، «ان لبنان متمسك بسيادته براً وبحراً وجواً وان ترسيم الحدود البرية والبحرية الجنوبية يعزز الاستقرار على طول الحدود، انطلاقاً من قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، داعياً الولايات المتحدة الاميركية الى المساهمة في تحقيق هذا الهدف، لا سيما لجهة احترام حدود لبنان البرية والبحرية، وحقه في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة».
كما ناقش الرئيس عون مع السفير ساترفيلد «الافكار التي سلّمها لبنان الاسبوع الماضي للسفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد، والمتضمنة آلية عمل يمكن اعتمادها لترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وعرض رئيس الجمهورية وجهة نظر لبنان، كما استمع الى موقف الادارة الاميركية، وسيستمر التشاور بين الجانبين اللبناني والاميركي لتوضيح بعض النقاط المرتبطة بهذه الآلية».
وفيما لم يشأ الديبلوماسي الاميركي الادلاء بأي معلومات، نقل نواب الاربعاء عن الرئيس بري قوله ان أجواء لقائه بساترفيلد كانت ايجابية وستتابع، وقال: «نحن نسير في الاتجاه الصحيح، وهذا مرده الى الموقف اللبناني الموحد الذي يحفظ حقوقنا في مياهننا وارضنا وفي ثروتنا النفطية».
كذلك أفادت معلومات الخارجية بأن اللقاء مع باسيل كان ايجابياً جداً وتناول الاوضاع في المنطقة والاحداث الاخيرة في الخليج، ولفتت الى ان وجهات النظر تطابقت في الكثير من الامور، وعرضت النقاط التي يمكن ان تعرقل مشروع الحل المتوافق عليه لبنانياً.
وقالت ان باسيل قدم عدداً من المخارج التي تحفظ للبنان كامل حقوقه البرية والبحرية وتحقق مصلحته الوطنية، وسيستكمل باسيل مشاوراته لبنانياً ودولياً ليبلغ الملف حلاً نهائياً يفتح الباب امام استثمار لبنان لحقول الطاقة.
الجلسة 13
اما بالنسبة لمجلس الوزراء الذي يواصل درس مشروع موازنة العام 2019، فقد سادت جلسته الـ13 بالتسلسل، اجواء متشنجة وغير مريحة، ورفعت قرابة السادسة غروباً من دون انجاز المشروع، بحسب ما كان مأمولاً، حيث تقرر عقد جلسة جديدة بعد ظهر الجمعة، ستكون مخصصة لقراءة نهائية لارقام الموازنة التي سيقدمها وزير المال علي حسن خليل، مثلما اعلن وزير الاعلام جمال الجراح الذي توقع هو ووزير «حزب الله» محمود قماطي، ان لا تكون الجلسة الاخيرة، وربما يتمدد الدرس الى الاسبوع المقبل.
وعلى الرغم من ان الاجواء كانت تشير الى امكانية الانتهاء من دراسة الموازنة هذا الاسبوع، عادت الامور ربما الى نقطة الصفر، واعتبر عدد من الوزراء ان الحكومة تدور حول نفسها في دائرة مفرغة، وكأن هناك استنزاف للوقت، حيث لا انتاجية في الحكومة ولا انتاجية للوزراء انفسهم الذين يقضون نهارهم وبشكل يومي داخل قاعة مجلس الوزراء في السراي خارج مكاتبهم مما يمنعهم من القيام بمهامهم ومسؤولياتهم الوزارية.
ولفتت المصادر الوزارية الى ان النقاط نفسها تتم اثارتها مرات عدة في معظم الجلسات من دون التوصل الى نتائج ملموسة.
وقالت ان هذا الامر ترك استياء كبيراً لدى الرئيس الحريري الذي عليه حسم الامور وتحديد موعد نهائي لانجاز الموازنة، وطالبته بالضرب على الطاولة وايقاف السجال والنقاش غير المجدي، خصوصاً وان المواضيع التي تمت الموافقة عليها والانتهاء منها يعود البعض الى التطرق اليها مجدداً، وأبسط مثال على ذلك المقترحات التي قدمها الوزير جبران باسيل، واستغرق معظم وقت الجلسة امس في نقاش حولها، علماً ان عدداً من المقترحات وردت في مشروع الموازنة، او تطرق اليها وزراء في جلسات سابقة، او تم تعديلها او الموافقة عليها.
ومع ان المصادر الوزارية لم تنف جدية المناقشات، الا انها رأت امكانية في اختصارها، وحملت جميع الوزراء مسؤولية المماطلة في اتخاذ القرارات، كاشفة ان النقاشات لم تدخل في صلب الارقام الكبرى، خصوصاً وان بعض موازنات الوزارات لم تناقش، مما يؤكد ان انجاز المشروع لا يزال بحاجة الى العديد من الجلسات.
وقالت ان الوزير خليل كان في كل جلسة يطلب من الوزراء اعطائه الارقام النهائية ليضع تصوره النهائي لارقام الموازنة، ولكن كانت تتم عرقلة عمله من خلال مماطلة الوزراء.
وكشفت بأن التدبير رقم 3 الخاص بالعسكريين لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأنه، عكس ما كان اعلن وزير الاعلام في وقت سابق بسبب تغيير وزير الدفاع الياس بوصعب موقفه، وهو ما اكده بعد الجلسة من ان هذا التدبير لم يقر، مشيراً الى انه اتفق مع الرئيس الحريري على ان يحصل لقاء بجمعه بوزيرة الداخلية ريا الحسن فور عودتها من الخارج، للاتفاق على صيغة تناسب الجيش وقوى الامن، وانه بناء على موافقة رئيس الجمهورية يطرح هذا البند على المجلس الاعلى للدفاع الذي يصدر توصية الى مجلس الوزراء حتى يصدر مرسوم بالتدابير المتخذة وفق قانون الدفاع.
وقال: ان اي كلام عكس ذلك ليس دقيقاً، نافياً انه ربط التدبير 3 بالانتشار على الحدود مع العدو الاسرائيلي بل بالانتشار على كل الحدود الشمالية والشرقية وايضاً حول المخيمات.
وكشف بوصعب بأن التخفيضات التي حصلت في موازنة الدفاع لم تصل اليها اي وزارة، مشيراً الى انها طالت جزأين: الخطة الخمسية لتطوير الجيش والموجودة في الموازنة، وبلغ حجم التخفيض 442 مليار ليرة، من بينها 15 مليارات لا تتعلق بالمعاشات والرواتب.
وبحسب المعلومات، فإن الجلسة امس بحثت في مواد قانونية كان تم بحثها في وقت سابق، ولم يتم التطرق الى موضوع خفض الرواتب التي تتعدى المليوني ليرة، بحسب اقتراح الوزير باسيل، وما اقر هو ضريبة 3 في المائة على رواتب المتقاعدين. في حين كشف الوزير الجراح انه تم اقرار ان لا تتجاوز الاضافات على الراتب نسبة 75 في المائة من اساس الراتب شرط ان لا تتجاوز سقف الراتب 20 ضعف الحد الادنى اي 13 مليون و500 الف، وهذه النقطة ليست جديدة وسبق لوزير الاعلام ان اعلنها في جلسة سابقة.
وبالنسبة للتدبير رقم 3، اعاد الجراح التأكيد على انه يطبق في الاماكن التي هي في مواجهة العدو الاسرائيلي، اما بقية التدابير 2 و1 فهي عائدة لقرار وزيري الدفاع والداخلية اذا ما وجدا اماكن اخرى تستحق كالتصدي للارهاب مثلاً، كنهر البارد وجرود عرسال، فهما يقرران التدبير المناسب حسب الحالة وخطورتها.
ونسبت «رويتر» إلى مصدر لم تكشف هويته، إن لبنان لا يتعجل إغلاق صفقة إصدار سندات دولية بقيمة بين 2.5 مليار وثلاثة مليارات دولار وإن بمقدوره القيام بهذا حين تزيد شهية الأسواق الناشئة وتتحسن العوائد المحلية بعد الموافقة على الميزانية العامة.
وكان وزير المالية قال الشهر الماضي إن الحكومة تُجهز لإصدار سندات دولية في 20 مايو أيار.
وقال المصدر المطلع إن الإصدار يستهدف تمويل جميع استحقاقات العملة الأجنبية للبنان التي يحل أجل سداداها في 2019، بما في ذلك سندات بقيمة 650 مليون دولار تحل في 20 أيار.
وقال المصدر «لا عجلة لإغلاق الصفقة في نفس موعد استحقاق سندات الستمئة والخمسين مليون دولار في 20 مايو أيار».
وأضاف «يمكن لوزارة المالية أن تجري معاملة صرف أجنبي (مع البنك المركزي) لسداد مستحقات المستثمرين حائزي هذه الشريحة ويمكن إغلاق الصفقة في وقت لاحق عندما تزيد شهية الأسواق الناشئة وتتحسن العوائد المحلية على خلفية الأنباء الجيدة المتعلقة بالميزانية».
وقال المصدر إن الحكومة تتوقع أن تذهب 80 بالمئة من السندات الدولية الجديدة للمستثمرين المحليين و20 بالمئة للمستثمرين الدوليين كما جرت العادة.
بري مستعجل
في هذا الوقت، استعجل الرئيس بري وصول الموازنة الى المجلس، وهو اوعز الى لجنة المال تكثيف اجتماعاتها والانتهاء من درسها خلال شهر.
ونقل النواب في لقاء الاربعاء النيابي امس عنه قوله «إننا ننتظر إنجاز الموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها الى المجلس النيابي، وفور ذلك سنشهد إيجابيات على غير صعيد، وانه اعطى توجيهاته لكي تكثف لجنة المال اجتماعاتها لدرس الموازنة وان اقتضى الامر عقد جلستين يومياً من اجل إقرار الموازنة في المجلس في فترة لا تزيد عن شهر.
واثير خلال اللقاء موضوع الهدر في شركات الخليوي الذي تناقشه لجنة الإتصالات النيابية، فأكد بري انه لا بد من متابعة الموضوع حتى النهاية كما كان عبّر ايضاً في السابق.
اما الرئيس عون، فجدد دعوته الجميع إلى التضحية قليلاً، مؤكدا عدم المساس برواتب الفقراء والطبقة المتوسطة، معتبراً هذا الامر بمثابة «خط أحمر». وشدد امام وفد المجلس الاقتصادي الاجتماعي «على وجوب ان تكون الموازنة قادرة على تغيير الوجه الذي كان سائداً، وان تحمل وجهاً اقتصادياً وتنموياً والا لن تصطلح الاوضاع».
وفي ما خص مكافحة الفساد، لفت عون الى ان المسيرة بدأت وهي ستستمر وستطال كل المؤسسات تباعاً، وقال: «ما ورثناه منذ عقود من الزمن لا يمكننا اصلاحه بسنة او سنتين، ولكننا سنصعد السلم درجة تلو الاخرى، والسنة المقبلة ستكون افضل والتي تليها افضل منها».
صفير الى الوداع الاخير
وكان الرئيس عون استقبل امس السفير السعودي في لبنان وليد بخاري الذي نقل اليه تعازي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الامير محمد بن سلمان بوفاة البطريرك الكاردينال نصر الله صفير.
وقال السفير بخاري بعد الزيارة انه اكد باسم القيادة السعودية على اهمية قامة البطريرك صفير «كأحد اهم ركائز السلام والعيش المشترك في لبنان والعالم، كما تمنيت لرئيس الجمهورية موفور الصحة والسداد وللبنان الشقيق المزيد من المنعة والاستقرار».
واوضح السفير بخاري ان القيادة السعودية كلفته تمثيل المملكة العربية السعودية في المأتم الذي يقام للراحل اليوم في بكركي.
ومن جهتها اعلنت السفارة الفرنسية في بيروت ان وزير الشؤون الخارجية جان ايف لودريان سيتوجه الى لبنان اليوم الخميس لتمثيل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مراسم جنازة الكاردينال نصر الله صفير.
وأشار البيان الى ان البطريرك صفير كان طوال حياته احد كبار صانعي السلام والمصالحة في لبنان. وسيحيي لودريان في بكركي اليوم صديقاً لفرنسا ووطنياً عظيماً دافع بشغف عن استقلال لبنان وسيادته.
ووصل الى بيروت بعد الظهر عميد مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، ووفد من البابا فرنسيس للمشاركة في جنازة صفير. وتوجه ساندري من المطار الى بكركي وقدم التعازي للبطريرك الماروني بشارة الراعي قبل ان ينتقل الى السفارة البابوية.
وكان جثمان البطريرك الراحل قد نقل امس من مستشفى اوتيل ديو الذي كان آخر مكان اغمض عينيه فيه الى الصرح البطريركي في بكركي، حيث سجى في كنيسة الانتقال لمدة 24 ساعة لالقاء النظرة الاخيرة عليه.
واستقبل الجثمان الذي وضع في نعش خشبي من تصميم النحات رودي رحمة وصُنع من خشب الزيتون والارز اللبناني يعلوه مجسم لوجه صفير باللباس الكهنوتي، لدى وصوله الى بكركي البطريرك الراعي ولفيف من المطارنة والكهنة وفعاليات سياسية وحزبية وآلاف المواطنين الذين تجمعوا في الباحة، وحملوا الجثمان الى داخل الكنيسة حيث سجي لالقاء النظرة الاخيرة عليه، ولكن من دون السماح بتصويره، تمهيداً لتشييعه في الخامسة من بعد ظهر اليوم في مأتم رسمي وشعبي حاشد سيشارك فيه الرؤساء الثلاثة، ووسط حداد رسمي ووطني تمثل بتنكيس للاعلام فوق المقرات الرسمية والدوائر.