إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 24 أيار، 2019

مصدر في الإليزيه: العقوبات الأميركيّة لم تساهم بحلّ الأزمة في لبنان
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 8 أيار، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 23 تموز، 2020

تذكرنا افتتاحية "اللواء" هذا الصباح، بـ"حبل مشنقة الديون" الذي يشتد على أعناق المواطنين ويكاد يخنق الإقتصاد الوطني. فالحكومة لم تفعل غير "انتاج موازنة الـ 2019، على قياس مواصفات مؤتمر «سيدر»، ومستلزمات البنك الدولي، وارشادات صندوق النقد الدولي، طمعاً بقروض ميسرة، قيمتها ما لا يقل عن 11 مليار" دولار. لكن "الأخبار" ألمحت إلى أن الولايات المتحدة ـ "إسرائيل" تعمل على استغلال هذا "الحبل" لكي "تورط" لبنان في مفاوضات منفردة مع الكيان الصهيوني. واعتبرت أن الكلام عن "إيجابية" واشنطن ـ تل ابيب المزعومة تجاه آليات التفاوض على ترسيم الحدود مع لبنان، هو جريٌ خلف "جزرة" أميركية ـ "إسرائيلية" خادعة. إذ يستغل "الوسيط" الأميركي الذي يتحرك على خط بيروت ـ تل أبيب، ضغط "حبل مشنقة الديون"، ليشوش وعي اللبنانيين ويدفع بهم لتصديق "أكاذيبه" عن أهمية إنجاز التفاوض مع "إسرائيل". وبذلك، "يخلص لبنان بسرعة"، ويتمكن من إنتاج النفط وبيعه بسرعةٍ، تفك "حبل المشنقة" الخانق عليه. كما لفتت "الأخبار"، وكذلك "البناء" إلى قضية رئيس الاتحاد العمالي العام السابق الدكتور بشارة الأسمر. ونشرت "البناء" بياناً لـ الحزب السوري القومي الاجتماعي، يؤكد فيه على "عدم موافقته على الكلام الذي تفوّه به الدكتور بشارة الأسمر، حتى وإن جاء في سياق غير متعمّد، ويرى أن الاعتذار أمر مطلوب وضروري وقد حصل. أما أن يتم تحويل هذا الكلام غير المقصود وغير المتعمّد إلى جرم وأداة للتحريض وللإرهاب الطائفيين، فهذا تعسّف ضد الحريات لا يجيزه القانون". وطلب الحزب "وقف اعتقال الدكتور بشارة الأسمر وإطلاق سراحه فوراً، والرجوع عن جميع القرارات التعسفية التي صدرت بحقه والتي تطال كرامته ولقمة عيشه والاكتفاء بما عاناه هو وعائلته من ايام سوداء نتيجة زلته غير المقصودة وغير المتعمّدة".

Image result for ‫ساترفيلد يزور بري‬‎

الأخبار
مهمة ساترفيلد: محاولة للتوريط في التفاوض مع العدو
تمديد توقيف بشارة الأسمر: وصمة عار جديدة!
الرسوم الجمركية على الاستيراد: الجباية أولاً… وآخراً!

ليسَ مفهوماً بعد السبب وراء بث أجواء إيجابية حول ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. صحيح أن الجانب الإسرائيلي – الأميركي تجاوب مع جزء من الآلية اللبنانية، تحديداً في ما يتعلق برعاية الأمم المتحدة لعملية التفاوض، الا أن النقطة الأهم وهي التلازم البري والبحري لا تزال محطّ أخذ وردّ، نتيجة إصرار العدوّ على الفصل، وعلى «تبادل الأراضي». ويبقى السؤال الأهم بلا إجابة: لماذا قرر لبنان التفاوض مع العدو، فيما الجهة الأكثر تمسكاً بالتفاوض مع إسرائيل، أي السلطة الفلسطينية، وجدت أن تل أبيب لا تمنحها ما يكفي، ولو شكلياً، للبقاء «على الطاولة»، وبعدما أقفِل مسار التفاوض السوري؟
ما إن حطّ مُساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد في بيروت (15 أيار 2019)، حتى بدأت التساؤلات حول أسباب الزيارة. وما لبِثت التسريبات أن خرجت لتتحدّث عن منحى إيجابي يسلُكه ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، بعدما كانت بيروت قد حدّدت موقفها من مقاربته في رسالة سلّمها الرئيس ميشال عون الى الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرتها في بيروت إليزابيت ريتشارد، وتتضمن موقفاً لبنانياً موحّداً يقوم على «تشكيل لجنة ثلاثية تضم لبنان واسرائيل والأمم المتحدة بمتابعة أميركية، وعقد اجتماعات في مقر القيادة الدولية في الناقورة، وإطلاق عملية الترسيم البري والبحري بالتزامن».
لكن إلى حينه، لم يُفهم بعد السبب الذي يقف خلف بث أجواء إيجابية، لا سيما ون ما نقله ساترفيلد لا يحمِل تجاوباً مُطلقاً مع الطرح اللبناني. صحيح أن «إسرائيل والولايات المتحدة قبلتا بفكرة أن تكون المفاوضات بضيافة الأمم المتحدة ورعايتها، إلا أن النقطة الأهم وهي التلازم بين البرّ والبحر لا تزال محل أخذ وردّ» بحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى متابعة للقضية.
في زياراته السابقة إلى لبنان، كان ساترفيلد يُحاول فرض وجهة النظر الإسرائيلية التي ترفض وساطة الأمم المتحدة، حاصراً هذا الدور بالولايات المتحدة. غير أن المشاورات اللبنانية التي وحدّت الموقف، عدّلت في بعض بنود التفاوض، خاصة أن الموفد الأميركي كان يُراهن على الخلافات اللبنانية بشأن الترسيم. فهِم ساترفيلد أن هذه الثغرة سقطت، وبالتالي لا يُمكن التعويل عليها، فعاد من جديد وشرح في زيارته الأخيرة ما سبق وأن طرحه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، بأن تلعب دولته دور الوساطة، وأن اسرائيل تقبل بذلك، لكن على قاعدة لجنة رباعية تجتمع في ضيافة الأمم المتحدة وبرعايتها، وتكون الولايات المتحدة ضامنة لهذه المفاوضات. فإسرائيل رفضت مطلباً لبنانياً بأن ترعى اللجنة الثلاثية اللبنانية – الدولية – الإسرائيلية، التي تألفت تطبيقاً للقرار 1701 هذا التفاوض، على اعتبار أن «مهمتها تسجيل الخروقات، وحسب»، كما رفضت أن «تكون المدة مفتوحة مُطالبة بتحديد مدة زمنية».
عدا ذلك، لا تزال مسألة التلازم بين البر والبحر، وهي الأهم، معلّقة. العدو يُصر على مبدأ الفصل، اقتناعاً منه بأن «هناك إمكانية لمعالجة المنطقة البحرية الإقتصادية الخالصة وفقَ تسوية هوف». وهي التسوية التي طرحتها الولايات المتحدة لحل «الخلاف»، وتقوم على أن يقبل الجانب اللبناني مؤقتاً، بأن يتراجع العدوّ بما يُقارب ٦٠ في المئة من المنطقة التي تحاول إسرائيل السطو عليها، وتبلغ مساحتها ٨٦٠ كلم مربعا. فيما تبقى المنطقة البالغة مساحتها ٣١٠ كيلومترات مربعة من دون استثمار، أو يصار الى تشغيلها برعاية الأمم المتحدة، وتوضع عائداتها في صندوق خاص إلى حين البت في النزاع حول هذه المنطقة». إلا أن رئيس مجلس النواب أبلع الموفد الأميركي أن «الأساس هو ترسيم البحر، والبدء تحديداً من نقطة الناقورة، لأنها النقطة الفصل في حسم بعض الأمور».
الغريب أن ساترفيلد وفق ما تقول المصادر «كان يظنّ أنه من خلال تواصله مع بري ورئيس الحكومة سعد الحريري يستطيع أن يصل إلى نتيجة بمعزل عن الرئيس عون، ويضغط بها على الأخير». والأكيد أن «ثمة قطبة مخفية في كل المداولات التي تحصل»، والتي لا تقل خطورة عن النتائج التي ستتأتى عن المقترحات وهي على الشكل التالي:
أولاً: الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل برعاية أميركية، يعني أن لبنان استنأنف هذا التفاوض وقبلَ بفكّ مسار التفاوض عن سوريا.
ثانياً: إذا قبل لبنان بمبدأ تبادل الأراضي الذي تريده اسرائيل، فسيشكل هذا الأمر سابقة يتمّ استخدامها في أي مفاوضات عربية – اسرئيلية، على اعتبار أن لبنان سار بها.
ثالثاً: التنازل عن جزء من الحصة النفطية، ولو مؤقتاً، لا يُمكن أن يضمن بأن يحقق لبنان أي نتيجة في مرحلة لاحقة.
رابعاً، والأهم، تزامن النشاط الأميركي في ما خصّ الترسيم مع انطلاق مسار «صفقة القرن». ولا يُفهم هنا سبب قبول لبنان بالتفاوض مع العدو، فيما السلطة الفلسطينية (الأكثر تمسكاً بمبدأ التفاوض) ترفض التفاوض بعدما قضت تل أبيب على أي أمل بمنحها «تنازلات» ولو شكلية، وفيما صارت سوريا عملياً خارج أي مسار تسووي بعد إعلان دونالد ترامب اعترافه بـ«السيادة الاسرائيلية» على الجولان.
وتجدر الإشارة إلى أن ساترفيلد لمّح إلى وصول «الخيرات» الى لبنان فور انطلاق التفاوض، بسبب العائدات التي سيجنيها من تهافت الشركات عليه، وسيستطيع من خلالها حلّ أزمته الإقتصادية. وأن كل تعاون إضافي من الجانب اللبناني سيقابله تعزيز لبرامج التعاون «التي تستفيدون منها».
يبقى السؤال عن خلفية تحرك واشنطن، التي ترعى مصالح الإسرائيليين أكثر من هؤلاء أنفسهم في أي قضية. لماذا أظهرت أميركا أخيراً استعدادها للعب دور الوساطة برعاية الأمم المتحدة؟ تضع واشنطن كل تركيزها في منطقة الخليج، فلا تُريد لأي باب آخر للصراع أن يكون مفتوحاً، وهي التي تعتبر بأن الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة نقطة توتر يجب حصارها بالتفاوض لكسب الوقت. ويبدو أن التطورات المُتسارعة على جبهة إيران – الولايات المتحدة دهمت المشهد اللبناني، من جهة ملف الحدود، فحفزت التوترات التي شهدتها الرياض والإمارات أخيراً واشنطن لتسريع البتّ به، لاسيما بعدَ توحّد الموقف اللبناني حوله.
ما عارضته أميركا وإسرائيل سابقاً في ما يتعلق بآليات التفاوض ومبادئه، ثم عادتا فقبلتا ببعض منه، مردّه إلى:
أولاً، الخشية من تداعيات ما يجري المنطقة، وضم لبنان الى حلقة تبادل الرسائل، كما في اليمن وسوريا والعراق؛
وثانياً، اعتقاد واشنطن أن بإمكانها، من خلال المفاوضات، دفع لبنان الى القبول بخط هوف؛
ثالثاً، فتح مسار تفاوضي بين العدو ودولة عربية من خارج دول «نادي صفقة القرن»، بما يشبه توريط لبنان في هذه «الصفقة» بصورة غير مباشرة.
في هذا الإطار، وضعت مصادر سياسية بارزة الزيارة السريعة التي قام بها ساترفيلد الى لبنان، حاملاً معه جواباً إيجابياً من الجانب الإسرائيلي على جزء من الآلية اللبنانية، في انتظار رد جديد على الملاحظات التفصيلية التي طلب لبنان إجابة عنها تتعلق «بضمانات من الجانب الإسرائيلي باستكمال المفاوضات حتى الوصول الى نتيجة»، بالإضافة الى «مستوى التمثيل في المفاوضات، والمشاركين فيها من عسكريين ودبلوماسيين، كذلك حجم الدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة وأميركا».
أما عن تبدل المواقف في الجانب اللبناني، حيث كان بعض الأطراف يؤيد الطرح الأميركي بشأن فصل الترسيم البري عن البحري، فقالت المصادر إن «الزيارة التي قام بها وزير الخارجية جبران باسيل الى عين التينة (10 أيار)، كانت بهدف إبلاغ بري موقفا جديدا، وهو تأييد التلازم من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة، لا سيما أن هذه النقطة كانت موضوع خلاف على طاولة المجلس الأعلى للدفاع». ونفت المصادر أن يكون «حزب الله قد ضغط على وزير الخارجية في هذا الصدد»، مؤكدة أن «الحزب وبري تفاجآ به»». واعتبرت بأن «الحريري وباسيل ومعهما رئيس الجمهورية لم يكُن بإمكانهم رفض الآلية كما طرحها رئيس المجلس، وخصوصاً بعدَ أن علموا بأن الأميركيين وافقوا عليها». رغم هذه «الإيجابية»، تقول المصادر «لسنا مطمئنين بالكامل. فطبيعة الطرفين اللذين نتعاطى معهما لا يمكن أن تجعلنا نضع أيدينا وأرجلنا في مياه باردة، بل على العكس نحن نتوقع كمائن من جانبهما في أي لحظة». بكل الأحوال من المفترض أن تعود السفيرة الأميركية بجواب رسمي حول تصوّر المرحلة المقبلة في ما خصّ ملف الترسيم، لا سيما أن رئيس الجمهورية يُصر على جواب رسمي ليبنى الموقف اللبناني على أساسه.
تمديد توقيف بشارة الأسمر: وصمة عار جديدة!
لم يكتفِ المزايدون باستقالة بشارة الأسمر من رئاسة الاتحاد العمّالي العام أثناء وجوده قيد التوقيف، ولا بإعلان وزير الاقتصاد منصور بطيش، ظلماً وخلافاً لأي نص قانوني، فسخ عقد العمل معه في إهراءات القمح، ولا حتى بسجنه عدة أيام. يُجلَدُ الرجل على الملأ ويهان مع عائلته على طول وسائل التواصل الاجتماعي وعرضها. لم يُفعل به ذلك لأنه «لا يحضر إلى مركز عمله»، كما يقول منتقدوه، ولا لأنه «لا يدافع عن حقوق العمال كما يجب». لم يكفِ التوقيف لاعتباره عقاباً مجزياً على «الجريمة» التي اقترفها بإطلاقه نكتة سمجة وذكورية، لم يُرِد الأسمر قولها علانية، إنما سُجِّلت من دون علمه ووُزِّعت على مواقع التواصل الاجتماعي لتُصبح خبراً أول في الجمهورية. لم يشفع له الاعتذار الذي صُمّت الآذان عن سماعه. لم يعنِ شيئاً لأحد عشرات الاتصالات المسيئة والتهديدية التي تلقّاها أفراد عائلته، فضلاً عن الدعوات لمقاطعة مؤسسة تملكها زوجته من قبل كثيرين، كأنّ حرماً صدر بمنع التعامل معه أو مع أحدٍ من أفراد عائلته. كأن المطلوب هو الإمعان في إذلال الرجل. وخطيئته أنه قال ما يقول أقذع منه سياسيون في المجالس المغلقة، وخاصة من بعض الذين زايدوا في المسارعة إلى إدانة الأسمر وطلب العقوبات له (تقرير رضوان مرتضى). 
قبل أسبوع تماماً، أومأ أهل السياسة للقضاة فتحرّكوا على عجل لـ«تربية» بشارة الأسمر، رئيس الاتحاد العمّالي العام «المستقيل». فُتِح الملف ليلاً، وأُرسِلت قوّةٌ مؤللة لاعتقال الأسمر صباح السبت. دَهَمَ قرابة عشرة عناصر أمنية منزله ومقرّ الاتحاد العمّالي العام، لكنهم لم يعثُروا عليه. أُبلغ الأسمر بأنّ النائب العام التمييزي بالوكالة عماد قبلان يُريد الاستماع إليه، وأنّه مُجبرٌ على المثول أمامه للإدلاء بإفادته. اتصل رئيس الاتحاد العمّالي بالقاضي قبلان وأبلغه أنّه في طريقه إليه. كان المحضر مفتوحاً قبل وصول الأسمر لكون النيابة العامة التمييزية هي التي أعطت إشارتها بدهم منزله ومقر الاتحاد العمالي العام. النيّة كانت مبيّتة لتوقيفه قبل الاستماع إليه حتى. لم يُستدعَ الأسمر ليمثل أمام القضاء، فوجئ بعناصر تداهم أماكن يُحتمل وجوده فيها. ورغم أنّ السبت يوم عُطلة وحرصاً منه على احترام القضاء، لم يتوارَ منتظراً حلول أول الأسبوع للمثول أمام القاضي. ذهَبَ بقدميه وشرح ما حصل. لكنّ ذلك لم يعنِ شيئاً لرأس النيابة العامة. أصدر الأخير إشارته بتوقيفه احتياطياً من دون أن يدّعي عليه بمادة محددة، ثم أحاله على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت تمهيداً للادعاء عليه، علماً بأنّ جرائم القدح والذم لا تُحرِّك الادعاء العام إلا بشكوى المعتدى عليه. وفي حال كان المرتكب بحقه جرم القدح والذم ميتاً، يحق للورثة وللأقرباء حتى الدرجة الرابعة التقدّم بالادعاء.
أُحيل الأسمر مكبّل اليدين إلى النائب العام في بيروت القاضي زياد بوحيدر ليدّعي عليه بموجب المواد ٤٨٦، ٤٧٤، ٤٨٢، ٤٨٤ من قانون العقوبات. إحدى المواد المدعى بها أي المادة ٤٧٤ تتعلّق بتحقير الشعائر الدينية وازدرائها. لكنّ أحداً لم يعرف ما هي الشعائر الدينية التي حقّرها الأسمر، إنما الذي بات مفهوماً أنّ الادعاء بموجب هذه المادة يُبرّر التوقيف لكون عقوبتها تصل إلى السجن ثلاث سنوات، فيما جرم القدح والذم لا يُوجب التوقيف لكون العقوبة لا تتجاوز السجن لمدة سنة. هذا في الشكل. أما في المضمون فإنّ شروط تحقق هذين الجرمين (القدح والذم وتحقير الشعائر الدينية) لم تحصل أصلاً، لكون الجرمين يشترطان العلنية وتوفّر الوسيلة والقصد الجرمي. وفي الحال القائمة هنا، فإنّ الثابت أنّ الأسمر لم يقصد أن يقول نكته على الملأ، إنما فوجئ بانتشارها. كما أنّ الواضح أنّها كانت على سبيل «الطُرفة» (بصرف النظر عن سماجتها)، وليس بقصد التحقير. غير أنّ كل ذلك لم يعنِ شيئاً للقضاء. أُحيل المجرم مكبّلاً بالأصفاد إلى قاضي التحقيق جورج رزق. الوقائع الموثّقة بالصوت والصورة، والتي لم تتجاوز بضع ثوانٍ، مكث قاضي التحقيق نحو ساعتين يستجوب الموقوف بشأنها، كأنه من مرتكبي الجرائم الدولية، ليُدوِّن الكاتب تحقيقاً على ٢٢ صفحة، قبل أن يصدر رزق مذكرة توقيف وجاهية بحقّ الأسمر. لقد بات واضحاً أنّ القضية سياسية بامتياز، ولم تعد قضية تخصّ البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير.
اتّصلت «الأخبار» بوكيل الأسمر المحامي بلال الحسيني الذي أكّد أنّه سيدّعي على كل من تعرّض بالإهانات لموكّله على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أبلغ «الأخبار» أنّه «بصدد الادعاء على مرتكب الجرم الحقيقي وهو مسوّق الكلام الذي سجّل الفيديو وسرّبه». دخل توقيف رئيس الاتحاد العمّالي العام «المستقيل» بشارة الأسمر يومه السابع بجُرم التلفُّظ بـ«نكتة بايخة». يمكث الرجل اليوم في نظارة قصر عدل بيروت، فيما تقدّم وكيله القانوني بلال الحسيني بطلب إخلاء سبيله. الأخطر من كلّ ما سبق، هو الانتهاك الذي يُسجّله القضاء اللبناني، إذ يضع نفسه في تصرّف رجال السياسة الذين أصدروا الأمر بالتوقيف و«العزل». ما يجري اليوم يتجاوز قضية الأسمر. هو يكرّس مرة جديدة «سياسة» عمل القضاء بإمرة السياسيين، الذين يثبّتون، وإن ببطء، أركان دولة بوليسية. ما يجري بحق الأسمر هو، ببساطة، وصمة عار جديدة على جبين الدولة المهترئة. والأكثر اهتراءً فيها هو السلطة التي ينبغي لها أن تحكم بالعدل، باسم الشعب، لا باسم الشعبوية!
الرسوم الجمركية على الاستيراد: الجباية أولاً… وآخراً!
فرض مجلس الوزراء رسماً جمركياً على الاستيراد بنسبة 2%، وألغى تخصيص 35% من الإيرادات الناتجة من هذا الرسم لدعم الصناعة. نوقش الأمر في عدد من الجلسات بعقلية الجباية لتأمين 450 مليار ليرة سنوياً للخزينة. كذلك أقرّ المجلس رسوماً حمائية على 20 سلعة مستوردة تعرّض المنتجات اللبنانية للإغراق. كان لوزراء حزب الله وحركة أمل وتيار المردة موقف سلبي من الأمرين، على اعتبار أن الأجدى تحديد السلع المنتجة محلياً ودعمها بفرض رسوم حمائية على الواردات المماثلة حتى يصبح مردود الضريبة على الصناعة أكبر من كلفته على المستهلك… قلّة عدد الوزراء المعترضين أفضت إلى إقرار الرسوم بعقلية الجباية وتحسين عجز الخزينة فقط (تقرير محمد وهبة)!.
«كان هناك خيار بديل يقضي بفرض رسم جمركي بمعدل 10% على السلع المستوردة التي لها مثيل منتج محلياً وتغطّي 60% من حاجات السوق الاستهلاكية». هذه العبارة وردت بشكل مبتور في كلمة رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر جمعية الصناعيين. فالجميل لم يتطرق إلى أسباب سقوط هذا الخيار، فيما تجاهل الحديث عنه وزير الصناعة وائل أبو فاعور، ووزير الاقتصاد منصور بطيش. عند هذا الحد، بدا أن «الإنجاز العظيم» وفق تعبير الجميل، محصور بـ«فرض رسم جمركي بمعدل 2% على الاستيراد، وبتخصيص 35% من إيراداته لتحفيز القطاع الصناعي ودعم قطاع الإسكان»، وبـ«تضمين مشروع الموازنة العامة رسوماً نوعية على 20 سلعة مستوردة تغرق السوق اللبنانية وتقضي على صناعات لبنانية مماثلة».
فرحة الصناعيين لم تكتمل بما اعتبره الجميل «إحقاقاً للحق وإعادة الاعتبار لصناعتنا وصناعيينا واقتصادنا الوطني». فهم فوجئوا بقول أبو فاعور: «إن التخصيص سقط ولم يوافق عليه مجلس الوزراء».
ما الذي تبقى من «الإنجاز»؟ يقول أحد الصناعيين الحاضرين في المؤتمر الصحافي، إن إلغاء تخصيص جزء من الواردات لدعم الصناعة، كان بمثابة «لكمة الضربة القاضية. فنحن لسنا مع زيادة رسم بمعدل 2% يشمل كل الواردات، بل مع زيادة الرسم على سلع منتقاة. إذا كان الهدف هو تخفيف عجز الموازنة حصراً، فهذا يعني أن كل الجهود التي قمنا بها ضاعت سدى».
إذاً، الإنجاز لم يكن سوى زوبعة في فنجان. فالاقتراح بصيغته التي أقرّت، لا يشكّل سياسة حمائية للإنتاج المحلي، بل هو ضريبة جديدة تطاول المستهلكين بشكل مباشر. هو زيادة مقنّعة لضريبة القيمة المضافة. كلفتها لن تكون على عاتق التجّار، بل على عاتق المستهلكين.
الفائز الحقيقي هم التجّار. التغطية على فوزهم جاءت على لسان أبو فاعور. فقد قال: «لقد مصّوا ما مصّوه من دم اللبنانيين واعتبروا أن هناك اعتداء على التجارة»، واصفاً التجار بأنهم ”متغوّلون». وأشار إلى أن القرارات المتخذة هي «قرارات استراتيجية تمثّل رؤية جديدة للاقتصاد، وآمل أن تشكل قطيعة مع النظرة الاقتصادية القديمة، وأن يؤسس قرار فرض الرسوم النوعية على المستوردات لمرحلة جديدة لكل القطاعات الإنتاجية».
والمفارقة أن الجميل وأبو فاعور وبطيش، ردّدوا الأفكار نفسها في المؤتمر الصحافي الذي خصّص للحديث عن «الإنجاز». دفاعهم عن القرارات المتخذة ذهب في اتجاه إلغاء أثرها على كلفة المعيشة. فقد تحدث الجميل عن «شبه انعدام الأثر التضخمي لرسم الـ 2%»، فيما ركّز أبو فاعور على أن قرار فرض رسوم نوعية على 20 سلعة مستوردة ينتج مثيل لها في لبنان، «إنما جاء نتيجة شكاوى تقدم بها المعنيون الى وزارة الاقتصاد والتجارة وبيّنوا فيها تعرّض منتجاتهم للإغراق والمنافسة غير الشرعية… لم تكن قرارات فرض الرسوم النوعية قرارات عشوائية، إنما اتخذت بناءً على دراسات مستفيضة ووفق آلية قانونية. ما قمنا به إذاً يأتي في السياق القانوني والمحق. واليوم توفر القرار السياسي لإجراءات الحماية للقطاع الصناعي».
أما بطيش، فقد أنكر أن يكون رسم الـ 2% بمثابة ضريبة قيمة مضافة مقنّعة، بل اعتبرها «ستؤدي إلى تحفيز الصناعة التي ستخلق فرص عمل. مردودها سيظهر في الفاتورة الإجمالية التي يدفعها اللبنانيون الذين يستهلكون اليوم بما قيمته 60 مليار دولار، فيما السلع المشمولة بالرسم قيمة استيرادها 15 مليار دولار».
الكلام عن الأثر التضخمي لرسم الـ 2% طغى على كل النقاش بين الصحافيين وأبو فاعور وبطيش. الجميل كان خارج هذا المشهد بشكل كامل. لكن الأمر استدعى تدخلاً من النواب الصناعيين الذين حضروا المؤتمر الصحافي، وهم سبعة من أصل 19 صناعياً «ارتقوا» إلى رتبة نائب. استلّ الكلام النائب نزيه نجم مدافعاً عن الاتهامات التي وجهت للصناعيين ــــ السياسيين، بالاستفادة من قرارات فرض رسوم حمائية على 20 سلعة مستوردة. نجم يأتي في طليعة هؤلاء (كونه يعمل في مجال الرخام والغرانيت). وقال: «هناك 19 نائباً صناعياً سيتابعون هذا الموضوع في المجلس النيابي، على اعتبار أن الصناعة ستؤمن دورة اقتصادية متكاملة. ونحن قبل أن نكون نوّاباً، كنا نناضل لتحقيق هذه المطالب». أما النائب نعمة افرام، فقد أوضح أن هذه القرارات أتت بعد عمل يعود إلى عام 2000، «وسيأخذ الاقتصاد حجمه ومكانته الطبيعية». والنائب ميشال الضاهر لفت إلى «الفرص التي ستؤمّنها الصناعة في مجالات العمل، وخصوصاً بعد قرار وقف التوظيف في الدولة». ودعا النائب شوقي الدكاش التجار إلى «التكاتف مع الصناعيين يداً واحدة تنتج وتتعاون لمصلحة الاقتصاد والمواطنين».
الصناعيون الحاضرون، فوجئوا بضحالة هذا «الإنجاز». عضو مجلس إدارة الصناعيين زينة حرب استغربت عدم شمول قرارات الحماية بسلعة السكر التي تتعرض لإغراق. وهناك صناعيون كانوا يهمسون بأن الاتفاق السياسي على إقرار رسم الـ 2% كان مختلفاً، إذ إن الاجتماعات التي عقدت في اللجنة الوزارية التي ناقشت الملف، رفض وزراء حزب الله وحركة أمل وضع رسم شامل على كل الواردات، ما أدّى إلى حصول اتفاق على إقرار رسم الـ 10% على السلع التي لها مثيل محلّي أو التي يمكن أن ينتج منها محلياً بما يكفي 60% من حاجات السوق، فمن تراجع عن هذا الاتفاق الذي سعى إليه كل من الجميل وافرام وصلاح عسيران، ولماذا؟
السلع المشمولة بالرسوم الجديدة
في ما يلي، السلع والمواد المستوردة التي قرر مجلس الوزراء فرض رسوم جمركية إضافية عليها، بنسب تراوح بين 5 في المئة و20 في المئة:
1- السلع والمواد التي فُرضت الرسوم على استيرادها من الدول التي لا يرتبط معها لبنان باتفاقات تجارية:
البسكويت والويفر، النسيج والملبوسات، ورق التخديد وورق التست لاينر، مواد التنظيف، البرغل، الطحين، أنابيب الحديد، الألمنيوم، البرادات والمجمِّدات والأفران والغسالات، الأحذية والمصنوعات الجلدية ومستلزماتها.
2- السلع والمواد التي فُرضت الرسوم على استيرادها من كل الدول:
الرخام والغرانيت، كرتون البيض، الأدوات الصحية، المفروشات، الكورن فلكس، المحارم المعطّرة، المأكولات المعلبة، الورق الصحي وصناديق الشاحنات.
شمّاس يردّ: خنجر مسموم من أبو فاعور
ردّ رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس على كلام الوزير وائل أبو فاعور عن التجار في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس، واصفاً إياه بأنه «كلام مستفز ومستنكر يأتي بعد يوم واحد على تجرّع جمعية تجار بيروت على مضض كأس الحمائية المرّة، والتي كانت الجمعية تعي سلفاً انعكاساتها المؤذية على التجارة والاستهلاك، وتالياً على الاقتصاد». وطالب شماس الصناعيين بـ«كلمة تقدير للموقف المسؤول الذي اتخذته الجمعية نصرة للقطاع الصناعي»، إلا أنه «ذهل من الخنجر المسموم الذي زرعه الوزير أبو فاعور في خاصرة القطاع التجاري. إن القطاع التجاري ليس بميليشيا متغوّلة تهدر دم اللبنانيين وتمصّه، والتجار ليسوا عصابة قطاع طرق، فيا ليت وُجد بين الحضور الصناعي ضمير حيّ يرد العبارات المسيئة والمغرضة لمطلقها، وينطق مكانها بشهادة حقّ برسم التجار المتضامنين والمتكافلين».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
التدخُّل يُنهي نقاشات الموازنة في جُمعة الحسم اليوم؟
الحريري لإقتراحات لا تؤخِّر الإقرار وتضمن الشراكة.. وباسيل يتراجع وينوِّه بجهود خليل

أسفرت «استراحة» يوم أمس عن إعادة مراجعة هادئة، لسلسلة المواقف «الاشتباكية»، والمتباينة بين الوزراء المعنيين بانتاج موازنة الـ2019، على قياس مواصفات مؤتمر «سيدر»، ومستلزمات البنك الدولي، وارشادات صندوق النقد الدولي، طمعاً بقروض ميسرة، قيمتها ما لا يقل عن 11 ملياراً لإعادة تأهيل البنية التحتية، وإطلاق ورشة نهوض اقتصادي.
وكان من نتائج هذه المراجعة انعطافة جذرية لرئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، الذي جمع تكتل لبنان القوي، ثم عقد مؤتمرا صحافيا، جنح فيه إلى التهدئة، في ضوء معلومات لـ «اللواء» عن تدخل جهة نافذة حزبية رغبت إليه التهدئة، ووصل ما انقطع مع حلفاء مشتركين، ليتمكن مجلس الوزراء من العبور إلى إقرار الموازنة في الجلسة المقررة اليوم، ورقمها 19، وعلى مشهد من تجمعات واعتصامات احتجاجاً على قضم الرواتب، وفرض الضرائب التصاعدية والمداخيل على معاشات التقاعد.
ومع جلسة اليوم، تكون الحكومة أنفقت ما نسبته 70٪ من جلساتها الـ26 لإقرار الموازنة، مع انقضاء مائة يوم غداً، على منحها الثقة من قبل مجلس النواب في 15 شباط الماضي.
وعشية الجلسة، نسبت المصادر المطلعة إلى الرئيس الحريري قوله: انه ليس في وارد المشاركة بأي سباق سياسي لا جدوى منه، وان دوره ينصب على التواصل إلى موازنة تترجم الشراكة الوطنية في تحقيق النهوض الاقتصادي والإصلاح المنشود.
وفي ضوء الاتصالات التي لم تنقطع سواء المباشرة أو عبر الوسطاء، أو بالهاتف، ارتؤي ان الإتجاه المتقدم لإنهاء المناقشات اليوم، جعل من الطبيعي إعادة النظر في زيارة الرئيس الحريري إلى بعبدا، على ان تكون عبر خلوة يعقدها مع الرئيس ميشال عون، قبل الجلسة التي ستقر الموازنة في القصر الجمهوري غداً أو مطلع الأسبوع.
وفيما عزا الوزير باسيل مواقفه المتشددة في مجلس الوزراء إلى ان المجلس بحاجة لعمل المزيد نظرا لعدم اتفاقه على تخفيضات عميقة بما يكفي في عجز الموازنة، أبلغ نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني وكالة «رويترز» عبر الهاتف ان لديه «بواعث قلق عميقة» إزاء التأخر في الاتفاق النهائي على الميزانية وتخفيضاتها.
وقال: «تجنبنا كارثة عبر ميزانية الاستقرار هذه لكن هناك الكثير الذين يتعين القيام به على صعيد الإصلاح الهيكلي لبناء النمو من أجل تفادي أي مشاكل في المستقبل».
ورأى حاصباني إن أفكاراً إضافية قيد النقاش تُعد صالحة لكنها لا تزيد على «نقاط صغيرة وتدريجية». وأضاف قائلاً: «لا اقول إنها لا تستحق النقاش لكن العائد على الوقت المستثمر في الأسبوع الأخير أو نحوه لم يكن كبيراً».
وفي انتظار ما يُمكن ان يطرأ من تطورات في الساعات المقبلة، لاحظت مصادر وزارية، ان الرهان معقود حالياً على التفاهم المطلوب بين الرئيسين عون والحريري لإخراج مشروع الموازنة من عنق الزجاجة العالق فيها بفعل المناكفات السياسية والمزايدات الشعبوية، واقراره في الجلسة المفترض ان تكون الأخيرة اليوم، معربة من تخوفها من ان تصل الأمور إلى التصويت، فيما لو استمرت المناقشات تدور في دوّامة المراوحة، الا انها أعربت عن ارتياحها لما آلت إليه نسبة العجز بملامستها حدود 7،5 في المئة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الوزراء والقوى السياسية التي يمثلونها في الحكومة، خصوصاً وان أصداء إيجابية بلغت المؤسسات الدولية المهمة بلبنان وموازنته وارقامها.
لكن مصادر سياسية، أعربت من جهتها عن اعتقادها لـ «اللواء»، ان موضوع الإصرار على تخفيض نسبة العجز عن النسبة التي تمّ الوصول إليها، مرده، في نظر بعض الوزراء، ولا سيما الوزير باسيل، الإبقاء على هامش والتحسب من أي طارئ يدفع إلى رفع العجز.
واكدت المصادر نفسها انه على الرغم من الجو المتوتر الذي ساد مناقشات جلسات مجلس الوزراء مؤخراً بشأن ملف الموازنة  فإن هذا الملف سيقر وسيكون البلد امام موازنة جديدة مؤكدة ان الجلسة اليوم هي اختبار لحسن السير بها مع العلم ان اتصالات يفترض ان تكون سبقت هذه الجلسة لتهدئة الجو المشحون واعادة الأمور الى نصابها .
واشارت الى ان اطالة جديدة لأمد جلسات الحكومة تعني ان المشكلة لا تزال قائمة مشيرة الى ان التركيز على اقفال مزاريب الهدر أمر اكثر من مطلوب وان دراسة اي مقترح لذلك لا ينم عن ضرر انما المطلوب عدم تحول مجلس الوزراء  الى متاريس.
ورأت انه اذا كان القرار متخذ بالأنتهاء من هذا الملف في جلسة اليوم فإنها تنتهي اما اذا كان غائبا فإن مسلسل الموازنة قد يتواصل إلى الأسبوع المقبل.
مقدمة نارية لـ «المستقبل»
وعشية الجلسة، لفت الانتباه مقدمة نشرة اخبار تلفزيون «المستقبل» مساء أمس والتي وصفت الاجتماع الحكومي (اليوم)، بـ«يوم الحسم» الذي لن يحتمل مزيداً من التجاذب واستنزاف الوقت وعرض العضلات السياسية، وقالت: غداً (اليوم) اما ان يكون ساعة لإقرار مشروع الموازنة وإنهاء الجدل البيزنطي حول الأرقام ونسب تخفيض العجز، واما يكون ساحة لتعطيل إقرار الموازنة واغراق البلاد في دورة جديدة من دورات الابتزاز السياسي».
مشيرة الى ان الجلسات 18 التي عقدها مجلس الوزراء كانت تكفي لاعداد ثلاث موازنات، لا موازنة واحدة، عازية سبب ذلك إلى ان «هناك من يستهويه الدوران في الحلقات المفرغة، ولا يجد ضيراً في تكرار الجلسات والأفكار والاقتراحات، دون ان يتوقف عند كلفة التأخير والوقت المهدور على الخزينة والمالية العامة. ولفتت إلى ان «اي اقتراح يُمكن ان يفضي إلى مزيد من تخفيض العجز هو أمر جدير بالنقاش شرط ألا يتحوّل إلى مطية لتأخير إقرار الموازنة». مؤكدة ان «ما هو أهم من ذلك ان يبت مجلس الوزراء امره وان يتخذ قراره، وان يخرج موازنة الـ2019 من نفق المزايدات السياسية والإعلامية، وان يباشر ورشة الاعداد لموازنة 2020، وهذا ما سيبادر إليه الرئيس الحريري في جلسة الغد (اليوم).
وكانت أوساط السراي، قد استبقت هذه المقدمة النارية لنشرة اخبار تلفزيون «المستقبل» بالتأكيد لـ«اللواء»، بأن الرئيس الحريري يفضل الانتهاء من الموازنة في أسرع وقت، إلا انه يحرص في الوقت نفسه على إفساح المجال امام جميع الأطراف ليأخذ النقاش مجراه، انطلاقاً من موقعه كرئيس للحكومة، ولذلك هو حريص على إعطاء فرصة أخيرة للوزراء الذين لديهم مقترحات لتخفيض العجز بنسب أكبر، ولذلك أيضاً طلب في الجلسة الأخيرة كل من لديه اقتراح ان يودعه لدى وزير المال لمناقشته لمرة أخيرة اليوم، مرجحة ان تكون الجلسة اليوم الأخيرة، مثلما يرغب ويتمنى الرئيس الحريري.
ولفتت هذه الأوساط إلى ان وفقاً للمعايير العالمية لا توجد دولة في العالم خفضت عجزها أكثر من 4 في المائة في عام واحد، ولذلك يعتبر وزير المال ان الطروحات التي يُصرّ باسيل على مناقشتها من شأنها ان تخفض العجز، ولكن يلزمها وقت، وانعكاسها على عجز السنة الحالية خفيف جداً، فيما الجهد الأكبر حصل في تخفيض العجز من 11،5 في المائة في سنة 2018 إلى 7،5 في المائة في مشروع سنة 2019، واي تخفيض إضافي لن يتعدى الـ7،4 في المائة، أي بنقص نقطة واحدة، مشيرة الىان كل يوم تأخير يرتب كلفة على الوضع المالي وثقة الأسواق، وهو نفس الموقف الذي أكد عليه الوزير خليل، رغم انه لم يشأ الدخول في سجال مع الوزير باسيل، إذ قال في افطار المكتب العمالي المركزي لحركة «أمل»: «علينا ان نعمل لتتكامل جهود كل القوى، فالمسألة ليست سبقاً إعلامياً أو معنوياً، ولا نريد تسجيل انتصارات وهمية»، وتابع مضيفاً: «سجلوا ما تريدون، ولكن المهم ان نسجل انتصار لبنان».
مؤتمر باسيل
اما الوزير باسيل، فقد لوحظ انه بدوره لم يرغب في فتح مواجهة لا مع الرئيس الحريري ولا مع وزير المال الذي وصفه بأنه «جريء ويقوم بما يجب عليه»، وانه وافقه على جميع الاقتراحات التي تقدّم بها، ورأى فيها مصلحة، لكنه تعب من النقاش ويريد الانتهاء منه».
وقال انه يتفهم ذلك، وانه يريد أيضاً الانتهاء، وذلك يجب ان نتضامن مع بعضنا لنذهب إلى مجلس النواب ونعمل على خفض العجز اكثر».
وكان باسيل عزا في مستهل المؤتمر الصحفي الذي عقده غروب أمس، بعد الاجتماع الاستثنائي لتكتل «لبنان القوي» سبب مشكلة الخلاف الأساسية حول الموازنة، إلى انه يريد الاطمئنان إلى الوصول إلى بر الأمان، سواء في الإصلاح أو في الهدر أو في التقشف وخفض العجز، متخوفاً من أمور غير مرتقبة قد تحصل مثل ارتفاع أسعار النفط أو أزمة في المنطقة، أو ان يلغي مجلس النواب مواد في القانون ما يؤدي إلى ارتفاع العجز، مشيرا إلى ان البعض في الحكومة يعتبر ان ما انجزناه في الموازنة كاف، فيما نحن نعتبره غير كاف ويمكن ان ننجز أكثر، داعياً إلى عدم اخذنا إلى مكان آخر، لأننا امام فرصة قد لن تتكرر».
وقال: «قلنا نريد الموازنة وسننجزها، وأنا اطمئن اللبنانيين، وقلنا نريد خفض العجز وسيكون كذلك، ولكنه السؤال إذا كان في امكاننا ان نخفض العجز اكثر»، ولكن اعترف بأن الجميع يخسر في تأخير الموازنة، ولكن إذا تمكنا من الخفض أكثر فلا يعني ذلك ان ثمة خاسراً أو رابحاً».
ووصف باسيل تكتله النيابي بأنه «فريق رافض لاستمرار الوضع على ما هو عليه منذ التسعين، لكنهم يجدون حجة لكل ما يطرحه، وانه كفريق لديه خطة اقتصادية وافكار شاملة لحل الأزمة، لكنه لا يفرضها على أحد»، مشيرا إلى انه أكبر كتلة في الحكومة لكنه لا يملك الأكثرية، ولذلك لا يعرقل كل ما يطرحه، لأنه لا يملك النصف زائداً واحداً ولا الثلثين، وان أكثر ما يُمكن القيام به هو عدم الموافقة, مشيراً إلى انه احتمل ما احتمله من النّاس والإعلام والسياسيين كي لا نكون امام عملية ترقيع، بل للذهاب إلى عملية إصلاح شامل وتحصين الوضع المالي والاقتصادي، وليس في ذلك تهجماً على أحد أو انتقاصاً من أحد، لافتاً إلى أنه أعطى المثال بالتضحية بإقفال صندوق المهجرين، وحتى في موضوع التدبير رقم 3 للجيش، لكننا نجد في المقابل مؤسسات وصناديق لا تتزحزح.
وختم بأنه سيمضي في عمله الإيجابي، وليس مصراً على أي أمر ولا يضغط في أي موضوع، بل نريد ان ننتهي بسرعة غداً، لافتاً إلى ان اقتراحاته عملية ولها مردودها المالي والاصلاحي ولكن اخذها يتطلب بعض الجرأة».
وفي مقابل هذه المواقف، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر» مشدداً على أن إنجاز الموازنة يبقى أهم من تعطيلها والدخول في نقاش عقيم ومعطل»، وقال: «آن الأوان لأن نخرج بنتيجة ويجري بحث موازنة سنة 2020».
نصر الله يتحدث غداً
إلى ذلك، علم ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، سيتحدث عبر شاشة «المنار» عند السادسة من غروب غد السبت، لمناسبة عيد «المقاومة والتحرير»، وقد يتطرق في كلمته إلى موضوع الموازنة، في حال لم يتم اقرارها في جلسة الحكومة اليوم، في ضوء الملاحظات، ملاحظات الحزب على مناقشات الموازنة، والتي اوردها بيان كتلة «الوفاء للمقاومة»، حيث رأى ان «رغم بعض التحسينات التي طرأت على بنود مشروع الموازنة للعام 2019 الا ان المقاربات بقيت بعيدة عن أن تجسد الموازنة رؤية اصلاحية متماسكة، على الرغم من بعض التخفيضات في الانفاق واقفال بعض ثقوب الهدر للمال العام وزيادة بعض الايرادات».
ودعت الكتلة إلى «احالة المشروع بسرعة الى مجلس النواب لمناقشته واقراره بعد تصويب ما يمكن تصويبه، لتلافي الخلل الذي يصيب انتظام الحسابات المالية للدولة مع كل تأخير في انجاز الموازنة عن موعدها الدستوري المقرر».
وجددت الكتلة «في اجواء عيد المقاومة والتحرير، تمسكها بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تختصر مضمون الاستراتيجية الوطنية الناجعة للدفاع عن لبنان»، مشيرة إلى ان «الاستخفاف بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، أو التخلي عنها هو تهديد للوطن وأمنه واستقراره».
التوظيف العشوائي
وعلى صعيد آخر، ألمح رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان إلى احتمال وقف عقود جميع الذين تمّ توظيفهم عشوائياً خلافاً للقانون بعد آب 2017، متهماً الحكومات المتعاقبة بارتكاب مخالفات قانونية في ملف التوظيف.
وأعلن كنعان، في مؤتمر صحفي، ان ما توفّر من معلومات للجنة بشأن التوظيف كان صادماً، مشيرا إلى انه تمّ توظيف واستخدام 5473 شخصاً بعد 21 آب 2017 من غير الأجهزة الأمنية والعسكرية، منهم فقط 460 وفقاً للأصول و5013 خلافاً للأصول.
وكشف ان 32009 أشخاص وظفوا واستخدموا قبل اب 2017 بجريمة موضوعة من الحكومات بتجاوز ملاكات الإدارات والمؤسسات وتجاوز قوانين وانظمة التوظيف.
وأشار إلى ان تقرير اللجنة يوصي بمنع جميع حالات التوظيف قبل إنجاز المسح الشامل وإعادة هيكلة الإدارة والمرافق العامة وإنجاز التوصيف الوظيفي الا في حال ملء وظيفة ملحوظة في الملاك وشغرت لأي سبب كان.
ولم تعرف من هي الجهة التي ستقوم بوقف عقود من تمّ توظيفهم ومحاسبة من ارتكبوا مخالفة القانون بالتوظيف العشوائي، الا إذا صدر أمر قضائي بذلك، ما يرجح بأن تقرير كنعان سيلقى مصير النوم في الادراج.
تزامناً، كشف رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسين الحاج حسن، عمّا وصفه بفضيحة في ملف الاتصالات الخليوية، تتناول مناقصات بملايين الدولارات، كاشفاً عن تدخلات سياسية تجري من قبل الوزراء لالغاء مناقصات وإعفائها لشركات يعينونها من دون مناقصات، مشيرا الى ان هذا الأمر طلبه من الشركات ومن الوزير محمّد شقير الذي أكّد انه سيلتزم بنتيجة المناقصات.
لكن الوزير شقير ردّ على ما أعلنه الحاج حسن، معتبرا انه تفاجأ بها «لانهم كما يبدو لي يريدون القيام ببطولات». وقال: «ان ما طرحه الحاج حسن هي من الاقتراحات التي تقدّم بها وليس ان اللجنة فرضتها عليّ».
وقال انه لن يحضر أي اجتماع للجنة إذا كان سيُصار إلى تحوير الأمور خلال الاجتماعات.
إضراب المعوقين
وفي ظل هذه الأجواء، نفذت المؤسسات المعنية بتربية وتأهيل وتعليم ذوي الحاجات الخاصة والعاملة في مختلف المناطق اللبنانية، اضراباً تحذيرياً أمس، استجابة لدعوة الاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة إلى الإضراب، بسبب عدم دفع الدولة مستحقات الجمعيات التي تُعنى بشؤون هؤلاء وتعليم الأشخاص المعوقين منذ العام 2018.
وخلال استقباله وفد الاتحاد الوطني لشؤون الإعاقة الذي زاره في الوزارة بعد الاعتصامات، أكد وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان أنه ما دام وزيرا للشؤون وما دامت «القوات اللبنانية» تتسلم مقاليد هذه الوزارة فلن يقبل المس بالفقراء والمعوقين وذوي الحاجات الخاصة، مجددا رفضه خفض الموازنة التي تعنى بهذه الجمعيات.
وشدد على أن «معركة الموازنة التي تخاض اليوم هي أبسط ما يكون للمحافظة على موازنة الشؤون الاجتماعية»، موضحا أنه كان قد طلب 30 مليار ليرة إضافية لكنه لم يحصل فعليا إلا على أقل من 6 مليارات ليرة ستذهب 3 مليارات منها الى «برنامج دعم الاسر الاكثر فقرا» بعد ارتفاع نسبة الفقر المدقع في لبنان وما تبقى لدعم برامج المعوقين وتأمين حاجاتهم، كالأسرة والكراسي المتحركة وأمور أساسية أخرى».


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البناء
قناة «المسيرة» تبثّ مشاهد استهداف مطار أبو ظبي… وترامب: لا مزيد من الحشود إلى الخليج 
«المستقبل» يدعو للتصويت في جلسة اليوم إذا تعذر التوافق… و«القومي» للإفراج عن الأسمر
رعد: المقاومة بقيت أمينة لحماية اللبنانيين… وبقرادوني وبشور: ستسقط صفقة القرن 

قواعد الاشتباك التي رسمتها معادلات الحرب الباردة في الخليج بعد الحشود الأميركية جاءت بنتائج سلبية على الحسابات الأميركية، فقد ثبّت أنصار الله وجودهم كطرف شريك في معادلات الأمن الخليجي من موقع دفاعهم اليمني بوجه العدوان السعودي الإماراتي، وربط عملياتهم التي تستهدف المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات بالحرب الدائرة في اليمن، دون أن يرتّب ذلك نتائج تغيّر قواعد الاشتباك المعمول بها بين التقابل الإيراني الأميركي للوحدات العسكرية في الخليج. ورغم الحملات الإعلامية الخليجية والحملات المموّلة خليجياً في الإعلام الغربي لجلب المزيد من الحشود الأميركية إلى الخليج، تحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء أمس عن اعتبار الوجود العسكري الراهن كافياً، وعن عدم الحاجة لإرسال المزيد، بينما كانت قناة المسيرة اليمنية التابعة لأنصار الله تبثّ مشاهد فيديو مصوّر لعمليات استهداف متعددة لمطار أبو ظبي بطائرات من دون طيار تصيب المستودعات والتجهيزات بانفجارات مباشرة يعقبها اندلاع حرائق.
بالتوازي كان المشهد العسكري في شمال سورية يحمل المزيد من الإنجازات للجيش السوري الذي نجح بتحويل معارك كفرنبودة إلى تكرار عسكري لمعارك الكليات العسكرية قرب حلب، حيث جرى استدراج متتابع لهجمات عدة بمئات من عناصر النخبة في جبهة النصرة في كل مرة، وقد شهد يوم أمس وحده ثلاث هجمات شاركت فيها مدرعات مفخخة بانتحاريين ومئات المسلحين المهاجمين تحت وابل من القصف للخطوط الأمامية والخلفية، لكن الحصيلة كانت كمائن محكمة بالنيران والاشتباك الالتحامي أعدّها الجيش السوري وأسفرت عن مقتل وإصابة أغلب المهاجمين وفرار مَن تبقى منهم، فيما كان القصف الصاروخي والجوي يستهدف مواقع جبهة النصرة وحلفائها في خان شيخون، بما قالت مصادر متابعة إنه تمهيد لانتقال الجيش السوري إلى المرحلة الثانية من الهجوم الذي انتهت مرحلته الأولى بتحرير قلعة المضيق وكفرنبودة وتسع قرى في سهل الغاب، وفتحت الطريق نحو الطريق الدولي بين حماة وحلب.
لبنانياً، تشكل الجلسة المخصصة اليوم لمناقشات الموازنة العامة، مفصلاً سياسياً، وسط تجاذب بدا بقوة من مقدمة تلفزيون المستقبل ولهجته الصارمة برفض المزيد من النقاش باعتباره تضييعاً للوقت، ملوحاً بالتصويت إذا تعذر التوافق، في رسالة بدت مباشرة لوزير الخارجية جبران باسيل، الذي بقيت مواقفه الداعية لمنح الإصلاحات فرصاً من الوقت الإضافي دون الرد على اللغة التصعيدية، تاركاً للجلسة ومناخاتها أن تقرر الاكتفاء بجلسة اليوم أو الحصول على تمديد إضافي ليوم الثلاثاء، بينما تحدثت أوساط وزير المال علي حسن خليل عن اعتبار الموازنة منتهية منذ جلسات مضت.
في المناخات اللبنانية والإقليمية سيطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غد، بمناسبة عيد التحرير، ليتحدث عن معادلات المقاومة في مواجهة مشروع الاحتلال في ضوء ما تتعرض له القضية الفلسطينية مع التحضيرات لإطلاق صفقة القرن، ويتناول مستجدّات المواجهة اللبنانية مع الاحتلال في مستقبل مزارع شبعا والثروة النفطية وترسيم الحدود، بينما كانت دار الندوة قد أحيت بالتعاون مع المنتدى القومي العربي ذكرى تحرير الجنوب، بندوة عن كتاب حزب الله فلسفة القوة، شارك فيها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي أكد أن المقاومة التي تحوّلت قوة إقليمية ودولية بقيت أمينة لمسؤوليتها الأصلية عن حماية لبنان واللبنانيين، بينما قال الوزير السابق كريم بقرادوني إن صفقة القرن ستسقط بفعل المتغيرات التي أنتجتها معادلات المقاومة فاتحاً الباب لسقوط وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو.
وفي شأن داخلي شغل الوسطين السياسي والنقابي خلال الأسبوع الماضي، حول الموقف من توقيف الرئيس المستقيل للإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أصدر مجلس العمُد في الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً استنكر فيه ما وصفه بزلة اللسان غير المقصودة من الأسمر، معتبراً ما يجري بحقه استعادة لأساليب ومناخات لا علاقة لها بالأصول القانونية، داعياً للإفراج الفوري عنه.
جلسة الحسم اليوم!
مع انتهاء «استراحة المحارب» التي أرادها رئيس الحكومة سعد الحريري فرصة أخيرة للوزراء لحسم موقفهم وقرارهم حيال الموازنة، توقع أكثر من مصدر وزاري أن تكون جلسة اليوم جلسة الحسم لإنهاء النقاش في الموازنة في السرايا الحكومية وعقد جلسة أخيرة في قصر بعبدا لإقرارها وإرسالها الى المجلس النيابي لتصديقها.
إلا أنه وعلى الرغم من تأكيد رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل عقب الاجتماع الاستثنائي للتكتل أمس، بأن الموازنة ستقرّ وتحال الى البرلمان، إلا أن كلامه لم يوحِ بأن الموازنة ستخرج الى النور في وقت قريب. وقال باسيل: «اننا نريد حل أكبر عدد من المشاكل والبعض يكتفي بحجم إصلاح محدد، الخلاف ليس مع شخص محدد بل هو خلاف مع أكثر من فريق حول مواضيع محددة». وأشار إلى أنه «ربما يريد البعض في الداخل والخارج ترك البلد والعهد تحت وطأة الازمة»، مؤكداً أنه «سيكون هناك موازنة وسيكون هناك تخفيض للعجز والجميع يريد الاسراع بإقرار الموازنة». وأوضح أن «الكلفة تكون بوقف الهدر وخفض الامتيازات ووقف المساهمات ووقف الحالات الشاذة، وكل إصلاح لديه كلفة ونحن فريق يرفض استمرار الوضع على ما هو عليه»، مؤكداً «اننا امام فرصة لا تتكرر ويجب ان نتصرف لان الوضع صعب، ونحن كفريق لدينا خطة اقتصادية ولا نفرضها على أحد ونحن نتجاوب مع الجميع، اليوم نحن أكبر كتلة في الحكومة ولكن لا نملك الاكثرية في الحكومة».
وتابع: «منذ عشر سنوات وأنا اسمع في الحكومة دعوات الى تأجيل الأمور، فمتى يؤخذ القرار لإنقاذ البلد؟»، مشيراً إلى «أننا وصلنا الى اصلاحات عديدة في الموازنة. وهذا امر جيد، لكنها ليست كافية، ومن حقنا أن نقول نريد اكثر، وصلنا الى تخفيض العجز ولكن هذا ليس كافياً ويمكننا تخفيضه اكثر»، مؤكداً أن «الحل موجود ومتوفر وما نقوم به في الايام المقبلة سنكمل بعملنا الإيجابي ولسنا مصرّين على اي شيء وهناك اقتراحات عديدة ومردودها إيجابي وبحاجة الى الجرأة للقيام بها».
وإذ علمت «البناء» أن أكثر من جهة سياسية دخلت على خط الوساطة لتذليل الخلاف بين خليل وباسيل ومنع انفلات الأمور وعرقلة اقرار الموازنة، برزت إيجابية بكلام باسيل تجاه خليل بقوله «لست وزيراً للمال ولا يمكن لأحد في البلد أن يأخذ مكان أحد والجميع معبي مكانه». وأكّد مصدر وزاري رفيع المستوى في « التيار الوطني الحر » لقناة «المنار»، أنّ «لا معارك في مجلس الوزراء ولا شخصنة للأمور، إنّما جديّة في تقديم الاقتراحات، من دون ربطها بمواعيد نهائيّة».
في مقابل موقف باسيل بدا وزير المال علي حسن خليل مصراً على اعتبار موازنة 2019 بحكم المنجزة ولترجمة ذلك وجّه خليل أمس، تعميماً إلى الوزارات والإدارات حول البدء بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020 والذي من المرتقب أن يبدأ نقاشه الأسبوع المقبل.
ووفق مصادر وزارة المال فإنه لم يعد من حاجة لعقد جلسات اضافية لنقاش الموازنة التي نعتبرها منتهية منذ الجلسة الثالثة عشرة. في وقت حذرت مصادر نيابية من التأخير بإرسال الموازنة الى المجلس النيابي لا سيما أنها تحتاج الى شهر ونصف لدرسها، علماً أن الحكومة يجب أن تبدأ بدرس موازنة 2020.
الحريري يلوّح بالتصويت على الموازنة…
ووفق معلومات «البناء» فإن الرئيس الحريري يعض على جرحه وممتعض مما آل إليه النقاش داخل الجلسات، وهو لن يكتفي بحثّ الوزراء على انهاء الموازنة وهو بصدد عرض مشروع الموازنة على التصويت كخيار أخير لفض الخلاف بين باسيل وخليل إذا ما استمرّ الواقع على ما هو عليه وهو لن يسمح بتجاوز صلاحياته الدستورية لا سيما في ادارة الجلسات من أي جهة كانت. فيما تداولت معلومات عن توجه الحريري الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية للاستعانة به على باسيل وعلى قضاء حاجة الموازنة. ورجحت المصادر أن تكون الزيارة في عطلة الأسبوع.
وظهرت علامات الغضب الحريري وامتعاضه في سطور مقدّمة تلفزيون المستقبل التي غمزت من قناة باسيل بقولها: «اليوم إما ان يكون ساعة لإقرار مشروع الموازنة وإنهاء الجدل البيزنطي حول الأرقام ونسب تخفيض العجز، وإما ان يكون ساحة لتعطيل اقرار الموازنة وإغراق البلاد في دورةٍ جديدة من دورات الابتزاز السياسي»، مضيفة: «18 جلسة لمجلس الوزراء تسبق جلسة الحسم غداً، جلسات وساعات طويلة من النقاش والدوران حول الارقام، تكفي لإعداد ثلاث موازنات لا موازنة واحدة ورغم ذلك هناك من يستهويه الدوران في الحلقات المفرغة، ولا يجد ضيراً في تكرار الجلسات والافكار والاقتراحات دون أن يتوقف عند كلفة التأخير والوقت المهدور على الخزينة والمالية العامة».
واضافت: «مجلس الوزراء طاولة للنقاش والدرس والقرارات وليس طاولة للمناكفات والاستعراضات السياسية ورئيس مجلس الوزراء المؤتمن على عقد الجلسات وإدارتها معني بحماية المهام الدستورية والوطنية للحكومة وبأن يجعل من النقاش المسؤول مدخلاً لإعداد موازنة ترقى لمستوى التحديات الاقتصادية وتشكل نقلة نوعية في المسار الإصلاحي المالي والإداري المطلوب».
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فانضم إلى وجهة نظر الحريري خليل، فغرد عبر تويتر، كاتباً «بالرغم من توصيات الحزب الاشتراكي حول الموازنة التي رُفضت من قبل غالب القوى السياسية مع الأسف والتي تتعلق بالأملاك البحرية والضريبة الموحدة التصاعدية، يبقى أن انجاز الموازنة اهم من تعطيلها والدخول في نقاش عقيم ومعطل. آن الأوان ان نخرج بنتيجة ويجري بحث موازنة سنة 2020».
لجنة المال
على صعيد آخر، كشف رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، التقرير النهائي للجنة حول التوظيف العشوائي. ورأى «أن الحكومات المتعاقبة ارتكبت مخالفات قانونية في ملف التوظيف»، مشيراً الى «ان لجنة المال والموازنة وضعت يدها على ملف التوظيف بعد المخالفات الكبيرة، خصوصاً قبل الانتخابات النيابية في هذا الشأن». وأعلن «ان ما توفر من معلومات بشأن التوظيف كان صادماً»، وقال: «تم توظيف واستخدام 5473 شخصاً بعد 21 آب 2017 من غير الأجهزة العسكرية والأمنية، منهم فقط 460 وفقاً للأصول و5013 خلافاً للأصول». وأضاف: «32009 أشخاص وظفوا واستخدموا قبل آب 2017 بجريمة موصوفة من الحكومات بتجاوز ملاكات الإدارات والمؤسسات وتجاوز قوانين وانظمة التوظيف».
نصرالله يتحدث غداً
في غضون ذلك، يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمة لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، عبر الشاشة مساء غدٍ.
وأكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد خلال ندوة عُقدت حول كتاب رئيس تحرير صحيفة البناء النائب السابق ناصر قنديل «حزب الله فلسفة القوة» في دار الندوة في الحمرا، أن «تصدي المقاومة للعدوين الإسرائيلي والإرهابي مكننا من حماية لبنان وسيادته واستقلاله وأمن اللبنانيين جميعاً»، وقال رعد: «السيادة بالنسبة لنا ليست شعاراً يطلق بل السيادة هي ممارسة سلوكية في السياسة وفي الاجتماع، وفي الالتزام الأخلاقي وهي ان تكون صاحب قرار حر في وطنك لا تستجيب لضغوط أحد أهم اسبابها وتأثيراتها عليك أنك ضعيف ولا تريد أن تنحاز لتكون قوياً، العدو لم ينتصر على المنطقة ودولها بسبب قدراته وإنما بسبب عدم انحياز حكام المنطقة الى حقهم في بناء قدراتهم وقوتهم». فيما أكد الوزير السابق كريم بقرادوني أن «حزب الله لا يسعى الى شرعنه نظام القوة بل يعمل على شرعنة مفهوم المقاومة»، وشدّد الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور أن «ورشة» البحرين هي مدخل لتطبيق صفقة القرن.
أما النائب قنديل فأكد أن «بانتصار حزب الله تنتصر القيمة المضافة وبهزيمته ينتصر فائض القوة وشريعة الغاب والسلاح»، مشدداً على أن «كل الرهانات الداخلية والخارجية لن تصيب جوهر المعادلة التي أنشأها حزب الله».
وحضر الندوة رئيس حزب الاتحاد النائب عبد الرحيم مراد ونائب الشوف ودير القمر البروفسور فريد البستاني والقائم بالأعمال في السفارة الإيرانية في بيروت السيد أحمد حسيني وحشد واسع من النخب الفكرية والثقافية والإعلامية. وقد تلقى قنديل رسالة تحية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
على صعيد آخر يمثل رئيس الاتحاد العمالي العام السابق بشارة الأسمر أمام قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، الإثنين المقبل لاستكمال التحقيق معه في الدعوى المقدّمة ضده من مجموعة محامين على خلفية الكلام المسيء في حق البطريرك الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير .
وفي وقت سابق أكد الوكيل القانوني للأسمر المحامي بلال الحسيني أن «الهجمة على بشارة الأسمر هي هجمة سياسية للاقتصاص منه ومن دور الاتحاد العمالي العام».
بدوره طالب الحزب السوري القومي الاجتماعي بوقف اعتقال الدكتور بشارة الأسمر وإطلاق سراحه فوراً، والرجوع عن جميع القرارات التعسفية التي صدرت بحقه والتي تطال كرامته ولقمة عيشه والاكتفاء بما عاناه هو وعائلته من ايام سوداء نتيجة زلته غير المقصودة وغير المتعمّدة».
وأكد الحزب عدم موافقته على الكلام الذي تفوّه به الدكتور بشارة الأسمر، حتى وإن جاء في سياق غير متعمّد، ويرى أن الاعتذار أمر مطلوب وضروري وقد حصل. أما أن يتم تحويل هذا الكلام غير المقصود وغير المتعمّد إلى جرم وأداة للتحريض وللإرهاب الطائفيين، فهذا تعسّف ضد الحريات لا يجيزه القانون».
وأعرب الحزب عن خشيته الكبيرة، من أن تشكل هذه الحادثة، محاولة متعمّدة لتكريس المقياس الطائفي بوجهه القبيح الذي يتخطى العدل والعدالة والحق والحقوق ويفرض هيمنته البغيضة والأحكام المسبقة على كل القيم التي يؤمن بها اللبنانيون، ويحذر، من أن مساراً كهذا وبهذه الصورة البشعة، يعيد لبنان إلى مربعات الخطر، ولذلك ندعو اللبنانيين جميعاً إلى مواجهته والتصدي له.

Please follow and like us: