حظر المآذن والإسلاموفوبيا : شبح الفاشية يجول في الغرب؟

منتدى العلاقات الأورو ـ متوسطية: الأوروبيون يمارسون نقداً ذاتياً متأخراً!
تدهور الديموقراطية الأميركية : اتهام متدربين مسلمين بالتجسس في الكونغرس
وقائع العملية العسكرية الخاصة التي ينفذها الجيش الروسي في أوكرانيا حتى اليوم الـ 525

خاص ـ الحقول /تحرير ومراجعة ترجمة/ من أهم دواعي القلق و أقلها سرداً في النقاشات بشأن الحظر السويسري على المآذن، هو أن الحزب اليميني المتطرف نجح في تحريك الجمهور لترسيخ العنصرية بشكل رسمي. إن نجاح حزب الشعب السويسري في هذا المجال يشير إلى الحقيقة المؤلمة أن الفاشية لم تمت بعد، لكنها لا تزال قوة واسعة النطاق تتغذى من العنصرية ضد المسلمين.

يعد حزب الشعب السويسري إحدى “الأحزاب السياسية القومية”، والحزب ليس فاشياً بحد ذاته بل ينتمي للهيكل اليميني المتطرف الذي يحوي النواة لفاشية واسعة النطاق في المستقبل تحمل في ثناياها خطر إضعاف الديمقراطية كما فعل موسوليني و هتلر في مطلع القرن العشرين.

يتقدم اليمين المتطرف في أوروبا بدافع معاد للمسلمين منذ سنوات. لقد أدت المخاوف من “أسلمة” القارة إلى تحرك هذه الأحزاب من الهوامش إلى التيار الوسط تحت حجة ضمان الأمن ومكافحة الهجرة، كما رأينا في انتخابات البرلمان الأوروبي صيف 2009.

إحدى أبرز الأمثلة هو الحزب القومي البريطاني (BNP). إن ماضي وحاضر الحزب القومي البريطاني لا يخفى، ولكنه رغم ذلك فاز بمقاعد في البرلمان الأوروبي بفضل برنامج الحزب المناهض للمسلمين البريطانيين، ورئيس هذا الحزب نك غريفن. غريفن، تحدث سابقاً في مؤتمرات نازية جديدة في الولايات المتحدة، وكتب في مقال العام الماضي:

“من المنطقي أن انتهاج موقف معاد للإسلام يروق لعدد كبير من الناس الاعتياديين، بما في ذلك الصحفيين المحايدين، سيؤدي لتغطية إعلامية أفضل من تأييد إيران.” كما قال في اجتماع إحدى فروع حزبه في آذار ٢٠٠٦ : “إنّا نثير الضحة حول الإسلام. لماذا؟ لأن هذا أمر يفهمه العامة”.

هذه العنصرية الدينية من جانب حزب BNP، تفسر العلاقات التي تجمعه إلى منظمة الشباب الأمريكي للحرية Young Americans for Freedom، وهي منظمة يمينية متطرفة. وقد استضافت هذه المنظمة غريفن في جامعة ميشغان ستيت أثناء أسبوع التوعية ضد الفاشية الإسلامية، الذي ابتكره ديفد هوروتز، في ٢٠٠٧. وهذه المنظمة الأميركية المتطرفة تلتمس دعم اليهود في بريطانيا عن طريق تقديم نفسها على أنها تدعم اسرائيل كما ذكرت صحيفة الغارديان في 10 نيسان ٢٠٠٨.
انتخب الـBNP عضوين في البرلمان الأوروبي أحدهما غريفن نفسه. لم يكن غريفن ليتمكن من بلوغ هذا المنصب إذا كان قد استمر على ماضيه النازي الجديد المتمثل في إدارته للجبهة الوطنية (National Front) و استضافة فرق موسيقية نازية مثل سكرودرايفر (Screwdriver) في مزرعته في ١٩٨٦. ما أوصله لمنصبه النيابي الأوروبي هو دعوته العنصرية المعادية للمسلمين وهو يعلم ذلك.

إن اعتماد اليمين المتطرف سياسة معاداة المسلمين كوسيلة لكسب الأصوات الانتخابية يقتضي نشر “حكاية” الشبح الإسلامي المسيطر على أوروبا حقها. وهذه “الحكاية” تروج في كتب وأفلام تدعي أنها “تكشف خطة إسلامية للاستيلاء على أوروبا والولايات المتحدة”. ونعثر على تأييد لهذه “الحكاية” الخرافية في كتب “يورابيا” (Eurabia) لبات يأور، لندنستان (Londonistan) لميلاني فيليبس وأفلام مثل اوبسشن (Obsession) و ذ ثرد جهاد (The Third Jihad).

ليس في سويسرا إلا جالية مسلمة قليلة التعداد نسبياً، مجرد ٤٫٢٦ بالمئة. كما إن ماضي هذا البلد خال من الإرهاب “التكفيري” ولم تتعرض سويسرا لاحتلال دولة مسلمة. فهل من دافع آخر يبرر التصويت السويسري لحظر المآذن سوى اللاعقلانية؟

يحظى اليمين المتطرف على الدعم من أطراف غير فاشية، تشاركه سياسته العنصرية، نتيجةً انحيازات مسبقة ضد المسلمين، مبررة بمخاوف غير واقعية. من بين هذه الأطراف نجد “الصحافيون الصامتون” الذين تحدث عنهم غريفين. آن آبلبوم إحدى هؤلاء، كتبت في “تاورز اوف فير” (Towers of Fear):

“رغم أن الاستفتاء لمنع المآذن قد يبدو مجحفاً في حق مئات الآلاف من المسلمين الاعتياديين المندمجين، ليس لديّ شك أن السويسريين صوتوا بصالح الاستفتاء لأن ليس لديهم تطرف إسلامي ولا يريدون التطرف الإسلامي.”

معنى ذلك أن كثرة المآذن ستؤدي بطريقة أو أخرى لنمو منظمة “القاعدة” محلياً. استطاعت الكاتبة أن تنشر رأياً مثل هذا لا أساس له من الصحة في الجرائد الأمريكية الرئيسية لمجرد أنها كتبت من منطلق معاد للإسلام.

توجد أمثلة أخرى من الكتَاب الأمريكيين الذين يدعمون النازيين “التائبين”.
برت ستيفنس التابع لجريدة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal) مدح حزباً مماثلاً ، وهو فلامس بيلانغ Vlaams Belang البلجيكي، لأنه عدل نهجه النازي الجديد الداعم لاسرائيل والمعادي للمسلمين. وكتب في مقالة في الجورنال (Journal) واصفاً الجالية المسلمة في بلجيكا بالفاشية، وقال :
“في الوقت ذاته يزداد نفوذ الفاشيون الحقيقيون في بلجيكا و تحميهم القوانين المانعة للتمييز العنصرية”.

كما عبرت دايان وست عن الفكرة نفسها حيث كتبت بحرارة في مقال في الواشنطن بوست (Washington Post) في مقال بتاريخ ١٩ آذار ٢٠٠٧: “يتعين على أمريكا أن تنتبه لأوروبا ولفلامس بيلانغ.”

وكتبت على مدونتها “Death Of A Grown Up” في 5 كانون الثاني هذا العام أن “نعت فلامس بيلانغ بأنه نازي جديد تشهير دنيء استخدم مراراً و تكراراً للتقليل من شأن الحزب.”

تعتبر الكاتبة هذا النعت تشهيراً لمجرد أنهم غيروا اسمهم من فلامس بلوك Vlaams Blok، و هو حزب أسسه عملاء ألمانيا النازية الفلمنكيون. وقد حظر الحزب بسبب عنصريته في ٢٠٠٤ مما أدى به لتغيير اسمه لفلامس بيلانغ.

يجب أن يشد الحظر السويسري على المآذن انتباهنا إلى أن قوة العداء ضد المسلمين تستعمل كأداة استقطاب لليمين المتطرف في القومية الغربية الحديثة.

إن الفاشية تنمو وينبغي علينا ألا نغض النظر عن هذا التهديد الجديد. إذا لم تُردع هذه الموجة المعادية للمسلمين، فقد يكون الحظر السويسري على المآذن مجرد خطوة لإعادة التاريخ نفسه.
علي الموسوي، 24 كانون الأول 2009
المصدر الأصلي :
http://www.arabamericannews.com/news/index.php?mod=article&cat=commentary&article=2745

الترجمة الأولية، قامت بها “سجى” من :
http://www.tlaxcala.es/pp.asp?reference=9945&lg=ar

مراجعة الترجمة والتحرير :
مركز الحقول للدراسات
info@alhoukoul.com

Please follow and like us:

COMMENTS