تابعت الصحف قرار أساتذة الجامعة اللبنانية الإستمرار بالإضراب. وأوضحت أن السبب الأساسي هو رفض جزء منهم لقرار أحزابهم السياسية أي "أمل" و"التيار" و"المستقبل" و"التقدمي"، بكسر الإضراب والعودة إلى التدريس. واقترحت مصادر سياسية من 8 آذار عقد تنسيق نقابي ـ مطلبي بين الأساتذة والعسكريين المتقاعدين، لتحسين ميزان القوى الإجتماعي. وربطت ذلك، بمعلومات أكدتها "الأخبار"، عن أن حاكم مصرف لبنان يؤيد قرار "حزب المصارف" رفض دعم موازنة 2019، بقروض قيمتها 11 تريليون ليرة بفائدة 1 بالمئة. كما اهتمت الصحف بالمشادة الحريرية ـ الجنبلاطية، وقالت "الأخبار" إنها من نوع "النقار" الذي يحدثه شح المال السياسي. لكن أحمد الحريري قال "انفقست البيضة"، في تلميح إلى تقلص الوزن السياسي للنائب السابق وليد جنبلاط. كما عرضت "اللواء" تفاصيل المشادة الكلامية بين الوزير جبران باسيل وبين بعض المواطنين في بعلبك. وقالت إن باسيل رد بانفعال حينما قالت له إحدى المواطنات البعلبكيات : "بعدك عم تحكي بالتنوع، نحن 24 واحد ناجحين بوزارة المالية عبر مجلس الخدمة المدنية، ومرسوم التعيين واقف من العام 2018. وبعدك عم تحكي بالانفتاح وانتو أكثر تيار طائفي بالبلد".
البناء
بولتون يطمئن تل أبيب بالوقوف معها… وبومبيو في الخليج لرفع المعنويات… وصاروخ على أبها
فوز ساحق لمرشح المعارضة في بلدية اسطنبول… وزعامة أردوغان على المحك
برّي لكوشنر عشية مؤتمر المنامة: ملياراتكم ثلاثون فضة… و«فلسطيننا سماويّة»
خطفت اسطنبول ونتائج الانتخابات البلدية فيها الأضواء الإقليمية والدولية بفتحها باب النقاش والتنبؤات حول مستقبل زعامة الرئيس التركي رجب أردوغان، الذي تلقّى هزيمة ساحقة بفوز مرشح المعارضة في الانتخابات البلدية بفارق كبير عن مرشح اردوغان بعدما تحوّلت إعادة الانتخابات وانخراط أردوغان لشهر كامل في محاولة الفوز بها إلى استفتاء مسبق على شعبيته ومستقبله السياسي وترشّحه الرئاسي، في المدينة التي تكتب تقليدياً مستقبل السياسة في تركيا، والتي كان أردوغان يعتبرها معقله الأخير وخط الدفاع الذي يلجأ إليه كلما شعر بالضيق. فمنها انطلقت زعامته قبل ربع قرن رئيساً لبلديتها، وفيها وزع مشاريعه الاقتصادية، وعبرها أحكم القبضة على حزبه ومن خلاله على تركيا.
استحقاقات الأيام المقبلة من بقية شهر حزيران الجاري ستتكفل بنقل الأضواء إلى أماكن أخرى، حيث وصل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى عواصم الخليج في محاولة لرفع معنويات حلفائه الذين تسبّب تهرّب واشنطن من المواجهة مع إيران بحال ذعر في صفوفهم بعد نجاح الدفاعات الجوية للحرس الثوري الإيراني بإسقاط أهم طائرات التجسّس والرصد الأميركية، ونيل طهران شكراً أميركياً على عدم إسقاط طائرة أميركية أخرى كانت تحمل عسكريين أميركيين وتقع في مرمى الصواريخ الإيرانية كما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إحدى تغريداته. وبالتزامن مع وصول بومبيو الذي يحمل الكثير من كلمات المؤاساة لحكام الخليج كانت قواعد الاشتباك التي ترسمها الأفعال، تترسخ بمعادلة الصواريخ والطائرات اليمنية بدون طيار فوق أبها، حيث كان صاروخ آخر يستهدف المطار ويوقع القتلى والجرحى رداً على استهداف المدنيين اليمنيين.
في سياق مشابه وصل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والتقى برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومستشار أمنه القومي مائير بن شباط، لطمأنة قادة الكيان بأن المواجهة التي كانوا قلقين على أمنهم من اندلاعها مع إيران، لن تقع بعدما قررت واشنطن عدم الردّ على النجاح الإيراني بإسقاط أهم طائرات التجسس الأميركية، وطمأنتهم بالمقابل بأن التفاهمات التي ستجمع واشنطن وموسكو حول سورية خلال الاجتماع الذي ستشهده القدس المحتلة ويضمّ بولتون ومستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ويتفرّع عنه اجتماع ثلاثي ينعقد بعد غد يحضره بن شباط، لن يتضمن مساومات أميركية على الموقف من الوجود الإيراني في سورية.
الاستحقاق الأبرز سيبدأ غداً من المنامة، حيث ينعقد المؤتمر الذي دعت إليه واشنطن لتسويق صفقة القرن، والذي أصيب قبل أن ينعقد بفشل يشبه فشل أردوغان في اسطنبول، وقد حشد الأميركيون كل ثقلهم لإنجاح المؤتمر باعتباره الجزء الجاذب من رؤيتهم لحل القضية الفلسطينية القائمة على مقايضة الحقوق وفي مقدمتها حق العودة للاجئين والأرض الفلسطينية ومحورها قيام دولة فلسطينية والمقدسات المسيحية والإسلامية التي ترمز إليها مدينة القدس، بوعود للفلسطينيين بالحصول على المال العربي الخليجي بضمانة أميركية. وهذا المال هو المحور الذي يستحوذ على مؤتمر المنامة بعرض مشاريع بقيمة تزيد عن خمسين مليار دولار أميركي، تمهيداً لإعلان الشق السياسي من الصفقة بعد الانتخابات الإسرائيلية في الخريف المقبل، بتثبيت القدس عاصمة لكيان الاحتلال، وضمّ الجولان وأجزاء أساسية من الضفة الغربية، واستبدال حق العودة للاجئين بتوطينهم في بلدان الإقامة، ومنها لبنان الذي ضمّه جارد كوشنر عراب الصفقة ومستشار الرئيس الأميركي وصهره، إلى لائحة المستفيدين من مشاريع المنامة، في إشارة واضحة لاعتماد خيار التوطين للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان.
في لبنان لم يتأخر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الرد على كوشنر فاستبق المؤتمر بضربة ركنية أصابت مقتلاً من خطاب المؤتمر القائم على الترويج للعائدات المالية، التي شبّهها الرئيس بري في استعارة تاريخية مسيحية بالثلاثين من الفضة التي عرضها الحاخامات وأحبار الهيكل على تلامذة السيد المسيح، لخيانته، وقد رفضوا إلا أحدهم، فقال بري إن فلسطيننا هي سماوية ولا يمكن بيعها بثلاثين من الفضة.
وبينما بدأت التظاهرات في أكثر من بلد عربي تنديداً بمؤتمر البحرين، فإن الترقب سيد الموقف لموقف رسمي موحّد حيال ما أعلنه مستشار الرئيس الأميركي وصهره جارد كوشنر عراب «صفقة القرن» وعن خطوات المرحلة الأولى منها والتي تتضمن استثماراً بمبلغ 50 مليار دو ر في عدد من الدول العربية، ومن بينها لبنان. وبالانتظار خاطب رئيس مجلس النواب نبيه بري كوشنر قائلاً «لن يكون لبنان واللبنانيون شهود زور أو شركاء ببيع فلسطين بثلاثين من الفضة. إن فلسطين ومسجدها الأقصى وكنيسة المهد قبل أن تكون قضية جغرافية وشعباً هي قضية سماويّة وهي بعين أهلها ومقاومتها وبعين رب السماء. ويخطئ الظن مَن يعتقد أن التلويح بمليارات الدو رات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابته غير القابلة للتصرف، وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة».
وعلى خط النازحين كشف نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي من جبيل عن مساعٍ جدية يجري العمل عليها لعودة النازحين السوريين، ناقلاً عن رئيس البلاد قوله من أنه لن يهدأ له بال قبل أن ينهي موضوع مسألة توطين الفلسطينيين والنزوح السوري في لبنان، لأن المسألة ليست بسيطة بل لها علاقة بوجود البلد وابنائه». واعتبر «أن التأخير في عدم عقد قمة بين الرئيسين عون وبشار الأسد للمطالبة بتأمين العودة للسوريين إلى بلادهم هو عدم وجود نضج داخلي لصناعتها»، مؤكداً «أن لا شيء يمنع الرئيس عون من زيارة سورية لهذا السبب، ولكن في الوقت عينه يريد أن تنضج الأمور بطريقة تؤدي الى نتيجة لمصلحة البلاد، لان الموضوع ليس عقد قمة فقط للقمة».
وبالتوازي مع طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري الانتخابي، يبدو أن تكتل لبنان القوي قرر العودة الى طرحه الارثوذكسي، فكشف الفرزلي عراب هذا المشروع أصلاً من جبيل أيضاً عن «قانون جديد للانتخابات النيابية سيطرح في الأشهر القليلة المقبلة في اللجان قائم على الدائرة الواحدة بشرط النسبية وأن تنتخب كل طائفة نوابها»، معلناً «أن العمل جارٍ لوضع قانون جديد تُجرى عليه الانتخابات النيابية المقبلة».
الى ذلك تكثف لجنة المال اجتماعاتها هذا الأسبوع لاستكمال مناقشة مشروع موازنة العام 2019، باستثناء يوم الأربعاء، حيث تعقد جلسة تشريعية عند الساعة الحادية عشرة لدراسة وإقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين أبرزها اقتراح القانون الرامي الى مكافحة الفساد في القطاع العام.
وأشار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد إلى أن النقاش حول الموازنة في المجلس النيابي «يحاول أن يصوب ما يستطيع النواب أن يصوبوه، من أجل أن تأتي هذه الموازنة، حافظة للتوازن الاجتماعي ومقبولة على مستوى المراعاة»، مؤكداً «أننا طلبنا وحركة أمل أن لا يأتي التخفيف من الأعباء في كلفة الدين، أو في عجز الموازنة، على حساب الفقراء وذوي الدخل المحدود وألغينا التوجّه نحو الحسوم على الرواتب والأجور لهذه الفئات». وأشار إلى أن «زيادة الواردات تحتاج إلى سياسات جديدة، وأن خفض كلفة الدين العام يحتاج إلى جرأة وإقدام وحماسة وطنية من قبل البعض، أكثر مما شهدناه، وكان بالإمكان أن نحصل على موازنة أكثر انسجاماً وتحفيزاً لزيادة الواردات مما صرنا إليه».
اما على خط الخلاف الاشتراكي المستقبلي، الذي احتدم عطلة الأسبوع من خلال تغريدات عبر تويتر شارك فيها رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، فإنه دخل هدنة مع دعوة رئيس الاشتراكي مناصريه الى عدم الوقوع في فخ السجالات والردود العلنية مع تيار المستقبل، عطفاً على لقاء الوزير ابو فاعور ومستشار الرئيس الحريري غطاس خوري الذي خلص إلى التوافق على وقف الحملات الإعلامية كليًا بين الطرفين، بالتوازي مع دعوة الامانة العامة لتيار المستقبل كافة المحازبين والمناصرين التوقف عن تبادل الحملات.
وشدّدت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» على أن اللقاء انتهى إلى ضرورة انهاء السجال الدائر ووقف الحملات الاعلامية التي تطل برأسها بين الفينة والاخرى مصوبة على الرئيس الحريري. وتقول مصادر المستقبل إن جنبلاط منزعج من التسوية السياسية. وهذا واضح للجميع، لكن الغريب كيف يمكن لرئيس حزب يدّعي الدفاع عن المصلحة العامة أن يكون ضد تسوية هدفها الاول والأخير تأمين الاستقرار للبنان. واعتبرت المصادر ان جنبلاط خسر موقعه منذ ما بعد الانتخابات ولم يعد بيضة القبان التي تتحكم بمسار مجلس الوزراء والمجلس النيابي. وهذا ما لا يعجبه. قائلة: تصعيده في ملف التعيينات يأتي في سياق تكبير الحجم للحصول على الحصة المقبولة، جرياً على ما يقوم به عادة، علماً ان أحداً من المكونات لا يفكر بتجاوز جنبلاط في ملف التعيينات».
في المقابل، فإن مصادر الاشتراكي تبدأ كلامها لـ»البناء» بالقول إن الرئيس الحريري لا يمارس دوره كرئيس حكومة، فهناك من بات يتصرّف بالبلد على هواه ومن دون رادع يتدخل في كل شاردة وواردة في مجلس الوزراء. وهذا انتقاص من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، واذ تنفي المصادر الاشتراكية صحة ما يُقال إن ثائرة جنبلاط على الحريري مردها انه بات مطوقاً من كل الجهات على مرأى ومسمع رئيس الحكومة الذي لا يحرك ساكناً تجاه حلفائه، شدّدت على أن جنبلاط لا أحد يطوّقه وأن أحداً لا يمكن أن يتجاوزه في ملف التعيينات أو سواه وقانون الانتخابات خير دليل بمعزل عن خسارة الاشتراكي عدداً من المقاعد غير أن كل الأحزاب خسرت في النهاية، معتبرة أن هناك طبخة جرى تحضيرها للتعيينات تمسّ بحقوقنا، وهذا لن نسمح به ولن نسمح لأحد أن يمسّ بدورنا.
وكان الحريري نشر تغريدة أولى عبر حسابه في «تويتر» قائلاً: « مشكلتكم يا اخواننا في الحزب التقدمي الاشتراكي مش عارفين شو بدكم لما تعرفوا خبروني».
وفي أول رد على الحريري، غرّد النائب بلال عبدالله على حسابه على تويتر قائلاً: «مشكلتنا معك دولة الرئيس للأسف، أننا نعرف ونعلم ماذا تريد. وبماذا تفرط، خاصة بشىء ليس ملكك، وكيف تجاهد كل يوم لإضعاف بيئتك بحجة حماية الوطن، بينما الحقيقة في مكان آخر».
ورداً على رد الاشتراكي، غرّد الحريري مجدداً قائلاً: «واضح أنكم عارفين، ساعة يلا هدنة إعلامية، بعد نص ليل هجوم بعدين بتسحبوا التويت واعتذار، على كل حال خلي الناس تكون الحكم، او حتى هيدا ممنوع عندكم، وللعلم الي عم يحاول يرمي زيت على النار معي ما بيمشي».
وعلّق النائب هادي ابو الحسن على تغريدتي الحريري قائلاً: «إذا بتحب دولتك تعرف شو بدنا!! بكل إحترام رح نقلك، بدّنا نشوف عالمشهد على طاولة مجلس الوزراء حتى يبقى الطائف بخير وما نفرط بالوصية».
ليغرد الحريري للمرة الثالثة: «قال شو الاشتراكي عم يحكي بالوفاء. نكته اليوم». وأرفق تغريدته بوجوه ضاحكة.
ودخل أمين عام تيّار المستقبل أحمد الحريري على خط السجال ناشراً أولاً تغريدة وهاب الأولى مستعيناً بها ضد جنبلاط، ومعبراً عن إعجابه بها باستخدام رمزي الإعجاب التعبيري والضاحك. وغرّد لاحقاً عبر تويتر قائلاً: «الرئيس الحريري عم يقول انو السنة أصحاب دور. هني حراس الشراكة الوطنية، وهني أساس باتفاق الطايف، وهني أمناء على المناصفة… عم يحطّ السنة تحت سقف المعادلة الوطنية مش تحت سقف المعادلة الطائفية وهمّه أكبر من زاروبين وحي». وقال في تغريدة ثانية: «بيضة القبان إنفقست».
وفي ما خصّ موقف بكركي من التعيينات، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، في عظته: «على السلطة الدستورية إجراء التعيينات على أنواعها بروح الميثاق الوطني وقاعدة المشاركة بالمناصفة والتوازن بين المسيحيين والمسلمين، على قاعدة الكفاءة والنظافة وفقاً للأصول المتبعة أساساً».
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية جبران باسيل رداً على اتهام التيار الوطني الحر بالطائفية من قبل بعض المشاركين في أحد اللقاءات خلال جولته في بعلبك الهرمل «يللي منو قادر يتحمل انو هالبلد بدو يضل متنوع وبدنا نحافظ عالمسيحيين فيه… ما يتحمّل».
وكان باسيل أكد أن الجيش والمقاومة وأهل المناطق الحدودية دحروا الإرهاب، وشدّد على أن أحداً لا يمكن أن يوقع بين المؤسسة العسكرية والتيار الوطني الحر، أو أن يزايد عليه في هذا المجال، مؤكداً «أننا نقف مع قيادة الجيش في الإصلاحات التي تجريها داخل المؤسسة»، مشيراً إلى أن معركتنا في الموازنة هي تلك المتعلقة بحفظ حقوق العسكريين.
مع ذلك، شددت مصادر العسكريين المتقاعدين لـ»البناء» على ان مواقف الوزير باسيل تحتاج الى تطبيق وتنفيذ على الأرض لان ما يجري اشبه بتبادل الادوار بالأمس خرج النائب حكمت ديب وقال لا بد من الاقتطاع من معاشات المتقاعدين، لافتة الى ان العسكريين المتقاعدين يتجهون الى تنفيذ تحركات جديدة هذا الاسبوع وسوف يتم تنفيذها امام عدد من المرافق العامة، وسوف نقوم بقطع طرقات، لأن ما يجري ليس سوى مسّ بحقوقنا ومكتسباتنا بموافقة القوى السياسية بغالبيتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
سجال الحريري ــ جنبلاط: «القلّة بتولّد النقار»
إضراب «اللبنانية» مستمر… قرار الأحزاب ينكسر
قائد الجيش مرشحاً رئاسياً… من بوابتي واشنطن والرياض
تجدّدت أمس جولات الاشتباك الكلامي بين تيار المستقبل والحزب الاشتراكي، كادَ يتطور لولا وساطة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أدت الى هدنة جديدة. يعدّد الطرفان مآخذ كل منهما على الآخر، لكن قد يكون السبب الأصدق لخلافهما هو شح المال السياسي، فولّدت «القلة النقار»!.
لأن الوقت الضائِع هو تربة خصبة للارتباك والعجز عن الفعل، أصبحَت الحروب الداخلية الصغيرة «الشغل الشاغل» لبعض الأحزاب والتيارات المدركة تماماً عجزها عن إحداث فرق أو تغيير في المشهد، وباتت المهاترات هي الخبز اليومي لكثير من السياسيين. وليسَ أكثر تعبيراً عن ذلك من ما شهدته البلاد يومَ أمس بينَ رئيس الحكومة سعد الحريري ومعه تيار المستقبل من جهة، ومن جهة أخرى الحزب التقدمي الإشتراكي. إذ تجدّد الاشتباك بينهما بعدّ أقل من ثلاثة أسابيع على السجال «التويتري» الذي أشعلته المداورة على رئاسة بلدية شحيم التي تم الاتفاق عليها مسبقاً بينهما. فجأة تحولت الحسابات الزرقاء بين المستقبليين والاشتراكيين الى ما يُشبه ساحة معركة بين أطفال يقف بعضهم للبعض الآخر على الكوع، وذلك عقبَ تصريح لوزير الصحة وائل أبو فاعور إعتبر فيه أن «العلاقة مع المستقبل ليسَت على ما يُرام»، وردّ عليه الحريري عبرَ «تويتر» قائلاً: «مشكلتكم يا إخواننا في الحزب التقدمي الاشتراكي مش عارفين شو بدكم. لما تعرفوا خبروني».
بعدَ تغريدة الحريري، حلا لنواب الطرفين وكوادرهما خوض النزال، وصار كل واحد «من عنده يفيض». بداية سارع النائب بلال عبدلله بالإجابة «مشكلتنا معك دولة الرئيس للأسف، أننا نعرف ونعلم ماذا تريد. وبماذا تفرط، خاصة بشيء ليس ملكك، وكيف تجاهد كل يوم لإضعاف بيئتك بحجة حماية الوطن، بينما الحقيقة في مكان آخر». ثم ردّ عليه النائب محمد الحجار فقال: «عزيزي بلال، الرئيس الحريري ما بفرط بحقوق حدا، ولا بيقلب ألف قلبة، وببيع الحلفا عكل كوع ومفرق. مشكلة دولته معكن انو عزز بيئته. ما عدتو قادرين تبيعو عضهرها وتتاجرو وتبتزو باسم العلاقة معه ومعها. وخبر رفيقك رامي الريس إنو عنا رئيس حكومة معبي مركزه، بس ما عاد قادر يعبي جيوب تعودت عالغرف». ما دفع بعبدالله إلى الردّ مجدداً قائلاً: «ردي الوحيد حول الحرص على البيئة التي لنا شرف تمثيلها، كيف يفسر لنا الفيتو على نجاح أبناء منطقتنا الباهر وبكفاءة، في مباراة الجمارك، وكيف يترك مجلس الخدمة المدنية، ملاذ أهل الإقليم، عرضة للتجريح والإساءة. احتراماً لبلدتي ومنطقتي لن أساجلك». ومن جهته، ردّ النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن «إذا بتحب دولتك تعرف شو بدنا! بكل احترام رح نقلك، بدّنا نشوف هالمشهد على طاولة مجلس الوزراء حتى يبقى الطائف بخير وما نفرط بالوصية».
تغريدات نائبيّ «الاشتراكيّ» استدعت رداً عنيفاً من الحريري، فكتب «واضح أنكم عارفين. ساعة يلا هدنة إعلامية بعد نص ليل هجوم، بعدين بتسحبوا التويت واعتذار. على كل حال خلي الناس تكون الحكم، أو حتى هيدا ممنوع عندكم، وللعلم الي عم يحاول يرمي زيت على النار معي ما بيمشي». وأضاف في تغريدة لاحقة: «قال شو الاشتراكي عم يحكي بالوفاء… نكتة اليوم». ولم يكن ينقص سوى دخول الأمين العام لتيار المستقبل، أحمد الحريري، على خط السجال، معتبراً أن «بيضة القبان انفقست». ووصل الأمر بأحمد الحريري إلى حد «تبنّي» تغريدة للوزير السابق وئام وهاب جاء فيها: «يا شيخ سعد، الوحيد إلي كان يعرف شو بدو وليد بك كان أبوك، الله يرحمو. كان عندو الدوا. هلق المشكلة الدوا مقطوع من السوق، والكل طفران. بدك تتحمّل»! وربما في تغريدة وهاب السبب الحقيقي للخلاف. فالشح المالي أصاب الحليفين الحريري ووليد جنبلاط، ولم يعد في مقدورهما جسر الهوبة بينهما بالقليل من ما سمّاه رئيس الاشتراكي في إحدى وثائق ويكيليكس «القوافل المحملة بالذهب والزمرّد من الربع الخالي» («الأخبار»، 6 نيسان 2011). ففي برقية مؤرخة يوم 11 تموز 2006، كتب السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان لإدارته قائلاً: «بدل أن يشعر بالخجل من حاجته للتسوّل، تحدّث جنبلاط بسرور عن رسالة كان قد أرسلها إلى شريكه في 14 آذار، سعد الحريري، الابن الثاني لرفيق الحريري ووريثه السياسي، وعبّر جنبلاط فيها عن أمله أن تصل قوافل الحريري «المحمّلة بالذهب والزمرّد من الربع الخالي بسلام»، والتي قد ينوي الحريري أن يخصّص منها لجنبلاط «بعض القطع النقدية الصغيرة». وفي خطوة اعتبرها جنبلاط طريفة جداً، وقّع رسالته باسم «العبد الفقير»(…)».
وفيما كان الجميع يرصُد السقف الذي سيصله هذا الاشتباك، تدخل جنبلاط لوقفه. فتوجّه إلى «جميع الرفاق والمناصرين مطالباً بعدم الوقوع في فخ السجالات والردود العلنية مع تيار المستقبل»، ومُرفقاً تغريدته بصورة لمنشر غسيل، قبلَ الإعلان عن اجتماع عقد بين الوزير السابق غطاس خوري وأبو فاعور بوساطة من رئيس مجلس النواب نبيه بري خلص الى التوافق على وقف السجال الإعلامي بين الطرفين.
وفيما استغربت مصادر «الاشتراكي» ردّ الحريري وهجمة نوابه، قالت إن «العلاقة مع المستقبل لم يحصل فيها تطور إيجابي، لكن في الوقت نفسه لم يحصل أي شيء يستدعي كل هذه الحملة»، معتبرة أن «ما قاله أبو فاعور كان ودياً وينطلق من الحرص على التاريخ الذي جمع جنبلاط بالحريري». فيما رجحت أن يكون السبب «ذيول ما حصل في شحيم، ولا سيما أن البلدية حصل فيها انتخابات بعد الخلاف على المداورة، وربما النتيجة لم تأت على خاطر الحريري». من جهته، يحمل تيار المستقبل النائب جنبلاط مسؤولية ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» عن «تدهور العلاقة بين جنبلاط والحريري»، وقد اتهم مستقبليون جنبلاط بأنه مصدر الخبر. ومن الواضح أن تيار المستقبل لا يزال يقف عند رسالة الواتساب النصية التي توجه بها جنبلاط الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، قبل نحو أسبوع، وضمّنها إساءة إلى الحريري، ثم عاد واعتذر عنها.
إضراب «اللبنانية» مستمر… قرار الأحزاب ينكسر
في خطوة غير مسبوقة، ضغطت بعض أحزاب السلطة على الأساتذة المحازبين والمحسوبين عليها لعدم التزام قرار هيئتهم النقابية الاستمرار بالإضراب، ووصلت رسائل إلى الطلاب بالعودة إلى الصفوف اليوم، علماً بأن أكثر من نصف مندوبي الرابطة نقضوا قرار فك الإضراب في «انتخابات ديموقراطية» (تقرير فاتن الحاج).
كسر معظم مندوبي رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية قرار أحزاب السلطة فك الإضراب. 94 من أصل 143مندوباً (66%) صوّتوا لنقض وقف الإضراب مؤكدين أن «الكلمة لنا» في وجه ترهيب مارسته أحزابهم، تارة بفرض العودة إلى التدريس بلا مكاسب، وأخرى باستدعائهم إلى لقاءات حزبية، وطوراً بتعطيل نصاب الجلسة الاستثنائية لهيئتهم النقابية. وبعد صدور النتيجة، دعا رئيس الهيئة التنفيذية للرابطة يوسف ضاهر إلى «التوحد حول قرار الأكثرية في مجلس المندوبين: لا تعليم الإثنين».
التصويت على الاستمرار في الإضراب خالف حسابات الأحزاب وفاق توقعات المؤيدين. الطرفان ظنّا أن النتيجة ستكون «عالمنخار» بالحد الأقصى. في الواقع، ليس تفلت الأساتذة من أحزابهم وحده ما أفضى إلى هذه الانتفاضة، وإن كانت هذه الظاهرة نمت بشكل ملحوظ خلال الإضراب. بل إن «حجم الإهانة كان كبيراً»، بحسب عدد من المندوبين المشاركين. مصادر الأساتذة قالت إن «الاستفزاز» بدأ ليلاً خلال حفل عشاء أقامه رئيس مجلس المندوبين علي رحال (حركة أمل) في منزله للضغط على المندوبين، في حضور وزير المال علي حسن خليل الذي وعد بإلغاء كلمة «تدريجياً» من نص المادة التي تطال المنح التعليمية، وبالتالي عدم المس بصندوق التعاضد. وهنا هال المندوبين أن يطلق الوزير وعده من أحد المنازل بعدما كان رفض ذلك في الاجتماع الذي عقد في وزارة المال وعلّقت الرابطة الإضراب على أساسه. وفي كل الأحوال، قالت مصادر الأساتذة: «لم نعد نصدق سلطة لحس أركانها تواقيعهم على اقتراح قانون معجل مكرر لإعطائنا ثلاث درجات، فكيف نثق بوعود شفهية؟».
«الاستفزاز» استمر في النهار الانتخابي مع إحضار عناصر مكافحة الشغب و«تفتيش» الطلاب، وما نسب الى رحال قبيل دخوله مركز الرابطة بأنه «إذا نُقض القرار. محضرين ناس تيقولوا نحن لا نلتزم». وزاد الطين بلة تصريحه في حضور رئيس الهيئة التنفيذية بأن «الدكاكين غير مسموحة في العمل النقابي»!
كل هذا أدّى إلى مشاركة غير مسبوقة في جلسة مجلس المندوبين. إذ لم يحدث في تاريخ الرابطة أن حضر هذا العدد (143 من أصل 165 مندوباً). المفاجأة الأكبر كانت عدم تجاوز عدد المستجيبين لقرار أحزابهم الـ 46 مندوباً، من 150 عضواً ينتمون إلى أحزاب أو محسوبين عليها.
وبعدما كانت السلطة اكتفت بالاتفاق الذي حصل في وزارة المال، فإن قرار مجلس المندوبين يفرض مرة أخرى الحوار حول المطالب، بدليل إعلان وزير التربية أكرم شهيب «أننا نحترم قرار أكثرية المندوبين بنقض قرار الهيئة التنفيذي بوقف الاضراب مؤقتا، وسنقوم بالجهود اللازمة لاستكمال الحوار الهادئ والبناء مع الهيئة التنفيذية والعمل مع المسؤولين في الدولة على تحقيق ما يمكن تلبيته من المطالب المشروعة للأساتذة وإنقاذ العام الجامعي».
إلاّ أن أساليب الضغط التي تمارسها الأحزاب لم تتوقف حتى بعد إعلان رئيس الهيئة التنفيذية الاستمرار بالإضراب، إذ وصلت رسائل إلى الطلاب مثل «لا إقفال للكليات بوجه الأساتذة الراغبين بإعطاء الدروس»، ما أثار تساؤلات عما إذا كانت بعض الأحزاب قد ضغطت على أساتذتها لخرق قرار الهيئة التنفيذية بالعودة إلى الإضراب؟ ضاهر حسم الارباك في اوساط الطلاب، فجدد تأكيد التزام الهيئة التنفيذية قرار مجلس المندوبين نقض وقف الإضراب المفتوح، «اي ان الاستمرار في الاضراب ساري المفعول تلقائيا وملزم للهيئة». وأكد أن لا قيمة قانونية واجرائية من خارج مكونات الرابطة لأي جهة تصدر بيانا مخالفا أو مزكيا له. وفيما دعا رحال إلى تدارك الوضع لإنقاذ العام الدراسي، رأى في موقف أصدره ليلاً انه يقتضي الالتزام بقرار الهيئة التنفيذية مهما كان على قاعدة وحدة الاساتذة
مسؤول القطاع الجامعي في تيار المستقبل محمد الصميلي أكّد لـ«الأخبار» أن «أساتذتنا ملتزمون القرار النقابي». فيما أشار المسؤول التربوي في التيار الوطني الحر روك مهنا إلى أنّ «أساتذتنا أخذوا توجيهات حزبية بالعودة إلى التدريس منذ القرار الأول للهيئة التنفيذية للرابطة بوقف الإضراب، والتوجيهات سارية المفعول. فبين خيار الالتزام بقرار الهيئة النقابية وبين مصلحة 80 ألف طالب، سنأخذ الخيار الثاني، ثم أننا لسنا أعضاء في الهيئة التنفيذية و60% من مندوبينا صوتوا مع فك الإضراب و40% مع استمراره، وهؤلاء من المحسوبين وليسوا من المحازبين». مسؤول ملف الجامعة اللبنانية في هيئة التعليم العالي في حزب الله يوسف زلغوط أوضح أننا «تركنا الحرية للأساتذة أن يلتزموا بقرار نقابتهم أو يعودوا إلى صفوفهم لكون العام الدراسي ومصير الطلاب باتا على المحك، وهناك خطر أن يخسر المتعاقدون ساعاتهم».
قائد الجيش مرشحاً رئاسياً… من بوابتي واشنطن والرياض
بين زيارتي قائد الجيش العماد جوزف عون لواشنطن والسعودية، ارتفعت وتيرة الكلام عن دخوله نادي المرشحين للرئاسة. الطريق لا تزال طويلة، لا سيما أن دون وصوله مرشح العهد الاول (تقرير هيام القصيفي)!.
في غمرة الانشغال في أيار الفائت بتظاهرات العسكريين المتقاعدين، على خلفية الموازنة، غادر قائد الجيش العماد جوزف عون الى الولايات المتحدة الأميركية لمدة اسبوع. ورغم ما تردد من انتقادات عن توقيت الزيارة، كان التبرير في المواعيد التي لا يمكن إلغاؤها مهما كانت الاسباب تستدعي بقاء قائد الجيش في بيروت. والواقع ان جدول المواعيد كان لافتاً، تحت عنوان المساعدات العسكرية الاميركية الى الجيش، سواء في البنتاغون أم الكونغرس.
وفيما ينشغل لبنان بمتابعة تطورات التوتر العسكري الاميركي الايراني ومن خلفهما السعودي، زار قائد الجيش الرياض وتسلم من نظيره السعودي، رئيس هيئة الأركان العامة فياض بن حامد الرويلي، وبتكليف من الملك سلمان، وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة.
بقدر ما استحوذت الزيارة الاولى على اهتمام الديبلوماسيين والسياسيين في بيروت، كانت الزيارة الثانية لافتة بتوقيتها وما يتردد من معلومات حولها، كونها تتخطى اطار الزيارة الرسمية، نظراً الى الموقع السياسي الحالي للرياض في المعادلة الاقليمية، والتوتر القائم حالياً، وما يمكن ان يترك ذلك من أثر على حيثية الجيش، اضافة الى ان العلاقة بينه وبين السعودية، كإطار عسكري، سبق ان تأثرت بفعل تجميد الهبة السعودية للجيش.
لا يمكن فصل الزيارتين، بحسب مصادر ديبلوماسية غربية معنية، إحداهما عن الأخرى. فواشنطن غير بعيدة عن زيارة عون الى الرياض، وعن الدفع في اتجاه استعادة الحرارة بين الطرفين. لكن البعد الآخر للزيارتين ليس عسكرياً بطبيعة الحال، بل رئاسي بامتياز، رغم ان كل ما أحيط بهما عسكري محض. اساساً لا يستبق قائد الجيش ولا يدخل في أي بحث سياسي خارج اطار المؤسسة العسكرية، ويرفض النقاش حوله، ويعرف تماماً حدود اللعبة الرئاسية. فهو آت الى مؤسسة خبرت انتقال قائدين لها، بعد الطائف، الى قصر بعبدا، وكاد الثالث يصل لولا مطبات اللحظات الاخيرة. لكنه يدرك سلفاً حجم العقبة التي تواجهه، في حال طرح هذا الاستحقاق في صورة جدية وعلنية، وهي وجود مرشح رئاسي اول لدى العهد، أي الوزير جبران باسيل.
ليس سراً أن باسيل كان يفضّل خيارا آخر لقيادة الجيش غير القائد الحالي، وليس سراً ايضاً أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان ولا يزال يصرّ على جوزف عون قائداً للجيش، ويكن له كل ودّ واحترام. وقائد الجيش حافظ منذ توليه مهماته على احترام موقع الرئاسة ولم يرد طلباً لها. لكن هذا الامر يختلف تماماً في حال طرح اسم قائد الجيش مرشحاً جدياً للرئاسة، لأن رئيس الجمهورية سبق أن أعلن مرشحه، أي باسيل، بكل وضوح. والاخير، بحسب معلومات المصادر الديبلوماسية نفسها، وترددّها أوساط محلية، لا ينكر بعض جفاء لقائد الجيش، ولا يتصرف معه الا على قاعدة أنه قائد للجيش فحسب ولن يكون مرشحاً. حتى إنه لم يرحب بزيارة عون الى الولايات المتحدة، ولم يلاقه السفير اللبناني غبريال عيسى بالحفاوة نفسها التي استقبله بها في الزيارة السابقة، علماً بأن موقع باسيل في واشنطن (كما في الرياض)، بحسب المصادر، لا يزال متعثراً، ولم يتمكن من عقد لقاءات على المستوى المطلوب. واللقاءات التي يجريها مع الموفدين الاميركيين في بيروت، ليست سوى بحكم موقعه الوزاري، وليس كرئيس التيار الوطني ولا كمرشح رئاسي.
تتصرف واشنطن حالياً مع الجيش بأنه لا يزال، مع مصرف لبنان، الموقعين الاكثر ضمانة لنفوذها في لبنان، وصمام الأمان للوضعين الامني والنقدي، وتتصرف مع حاكم المركزي وقائد الجيش كمرشحين دائمين للرئاسة. لكن ما يميز الاول عن الثاني، هو ان الاول يتلاءم مع متطلباتها ولا يترك ثغرة الا ويسدها في اطار التعاون بينهما، وخصوصاً في ملف العقوبات على حزب الله. أما الثاني، فرغم أنه نسج علاقات جيدة معها، وهي رحّبت اختياره، وأثبت حياد الجيش في أكثر من استحقاق، الا أنها لا تزال تنظر بحذر الى علاقة الجيش بحزب الله، لا سيما ان القائد الحالي مرتبط سياسياً برئيس الجمهورية الذي ترى فيه حليفاً للحزب، علماً بأن موفديها سمعوا من الاثنين كلاماً واحداً حول رفض الدخول في أي مواجهة مع حزب الله، لأن ذلك يؤدي الى حرب اهلية، وكلاهما لا يريدان ذلك.
منذ فترة غير قصيرة انضم قائد الجيش رسمياً الى قائمة المرشحين للرئاسة، وهذا الامر ليس جديداً على موقع قيادة الجيش. الجديد فيه سيكون في شكل الصراع الذي سيتخذه في مقابل مرشح لا تهدأ حركته ولن يقبل حكماً بمرشح منافس «من قلب البيت»، فيما رأس المؤسسة العسكرية محكوم بألا يتحرك الا ضمن ما تمليه عليه وظيفته. لكنه، كما حاكم مصرف لبنان الذي تعرّض أخيراً، ايضاً، لهجوم من باسيل، سيستفيد من الظروف التي أرساها العهد الحالي. فشعار الرئيس القوي خلق حتى الآن ما يكفي من المشكلات ومن النقزة السياسية لدى الحلفاء والخصوم على السواء. ورغم ان هذا الشعار بات يشكل مرجعية اساسية للمرشحين المعلنين رسمياً ويتحركون على اساسه (رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وباسيل)، كي يأتي رئيس هو الاقوى في بيئته، فان كثرة الارباكات التي خلقها العهد وحزبه ستقف عائقاً امام الإتيان برئيس قوي آخر، يفرض إيقاعه وحده على الجميع. وهنا يكمن تحدي المرشحين «الاقوياء»، لان اللائحة هذه المرة سيدخلها مرشحون من خارج النادي، وبترحيب من القوى السياسية التي أنهكها الرئيس القوي. وبعضهم بدأ يطرح اسمه بجدية ويسوّق لنفسه في لبنان والخارج.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
ملهاة التسوية: السيطرة على سِجالات المستقبل – الاشتراكي .. وباسيل يتوعَّد!
ترحيل مجلس الوزراء إلى الخميس.. وموقف لبناني – فلسطيني من الصفقة اليوم
يفترض ان يكون الأسبوع الأخير من شهر حزيران، وفي الأسبوع الأوّل من فصل الصيف، نهاية مناقشات لجنة المال النيابية لموازنة العام 2019، تمهيداً لعقد جلسات متتالية لإقرارها، قبل العطلة النيابية في شهر آب..
على أن الأهم، في معمعة الموازنة، التفلت السياسي، الداخلي، عبر استخدام وسائط التواصل الاجتماعي، في معارك محلية، بين التيارات المؤتلفة في الحكومة، واللجان، والوزارات وكأن نهاية الدنيا لدى هولاء، في ما يشبه الملهاة المتعلقة بالتسوية السياسية، من دون الالتفات الى ما يجري في المنطقة، سواء عبر مؤتمر البحرين وارتداداته، أو من خلال حزمة العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران، على خلفية إسقاط الطائرة الأميركية في المنطقة بصواريخ إيرانية، وان كانت مسارعة الرئيس نبيه برّي إلى رفض عرض المسؤول الأميركي جاريد كوشنير لجهة استثمار 50 مليون دولار لقاء صفقة القرن، قائلاً: «لن يكون لبنان واللبنانيون شهود زور أو شركاء ببيع فلسطين بثلاثين من الفضة»..
وفي السياق، قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا أن موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مما يتردد عن صفقة القرن ثابت وهو ابلغه الى الوفود الديبلوماسية، والقائم على موقف لبنان لجهة تأييد مبادرة السلام العربية التي اقرت في قمة بيروت العام 2002 وكذلك رفض التوطين، مشيرة الى ان لا تراجع عن هذا الموقف مطلقاً.
سياسياً، استبعد مصدر وزاري عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً الثلاثاء، مرجحاً انعقادها الخميس، بعد الجلسة النيابية، المخصصة لانتخاب 5 من أعضاء المجلس الدستوري.
وذكرت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الوزراء لم يتبلغوا بعد عن موعد جلسة مجلس الوزراء الأسيوع الطالع وان الصورة يُمكن ان تتضح بدءا من اليوم. وقال وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش في تصريح لـ«اللواء» ان يصار بعد اقرار الموازنة الى التركيز على خطة النهوض الأقتصادي وملف النفايات الصلبة وكذلك التحضير لموازنة العام 2020 الإصلاحية من أجل أن تحل الثقة.
وطلب من المواطنين ان «يطولوا بالن علينا شوية». ولفت الى ان موازنة العام 2019 التي تناقش في لجنة المال والموازنة ستقر سواء مع تعديلات أو لا، مؤكدا أهمية ان يتحلى الجميع بمسؤولية على الرغم من ان لكل فريق وجهة نظره.
رفض برّي
وفي أوّل موقف رسمي لبناني مما أعلنه مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنير حول المرحلة الأولى من صفقة القرن والتي تتضمن استثماراً بـ50 مليار دولار في عدد من الدول العربية وبينها لبنان، أعلن الرئيس نبيه برّي ان الاستثمار الوحيد الذي لن يجد له في لبنان ارضاً خصبة هو أي استثمار على حساب قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة الى أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وقال في بيان أصدره أمس، «لكي لا يفسّر البعض الصمت الرسمي اللبناني قبولاً بالعرض المسموم يخطيء الظن من يعتقد ان التلويح بمليارات الدولارات (6 مليارات دولار) يُمكن له ان يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، على الخضوع أو المقايضة على ثوابته غير قابلة للتصرف، وفي مقدمها رفض التوطين»، مؤكداً «ان لبنان واللبنانيين لم يكونوا شهود زور أو شركاء ببيع فلسطين بثلاثين من فضة».
ولقي موقف الرئيس برّي ترحيباً فورياً من قبل المنظمات والفصائل الفلسطينية، ووصفه أمين سر حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات «بالموقف المشرّف» منوهاً بدعم برّي وتمسكه بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، كما نوّه بالموقف نفسه المسؤول الإعلامي لحركة «حماس» في لبنان وليد الكيلاني، مشيراً «الى ان الحركة ستنظم تجمعاً شعبياً كبيراً في بيروت غداً الثلاثاء بهدف إظهار رفض اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لصفقة القرن ولمؤتمر البحرين الاقتصادي.
ويعقد ظهر اليوم اجتماع في السراي الحكومي لاعلان موقف مشترك لبناني- فلسطيني من «صفقة القرن» و«التوطين» تعقده مجموعتا العمل اللبنانية والفلسطينية حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان.
ومن جهته، أعلن رئيس المجلس السياسي لحزب الله السيّد إبراهيم أمين السيّد من بعلبك، ان النظرة الأميركية للشعب الفلسطيني بأنه شعب فقير ويمكن ان تحل مشكلة الفقر عنده بالأموال، هي اهانة كبيرة لهذا الشعب الطيب والعظيم، فهذا الشعب يحمل أعظم قضية في هذا العصر، لكنهم لم يروا ذلك، ولم يروا حق الشعب الفلسطيني في الوجود وحقوقه السياسية، ونظروا إليه فقط كمجموعة فقراء تحل مشكلته في مؤتمر البحرين.
ويفترض أن يحمل الأسبوع الطالع معه مجلساً دستورياً جديداً، في حال طرح في الجلسة التشريعية التي ستعقد الاربعاء انتخاب أعضاء للمجلس الدستوري من حصة مجلس النواب، ويليه في اليوم التالي، أي الخميس تعيين خمسة أعضاء آخرين للمجلس في مجلس الوزراء، بالإضافة إلى إمكانية تمرير تعيينات جزئيةاخرى في وزارة العدل.
انفجار القلوب المليانة
في هذا الوقت، انفجرت «القلوب المليانة» بين تيّار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، في سجال «تويتري» عنيف، اثر تغريدة عالية النبرة لرئيس الحكومة سعد الحريري، ردّ فيها على ما قاله وزير الصناعة وائل أبو فاعور من ان «العلاقة بين «المستقبل» والاشتراكي ليست على ما يرام»، وسرعان ما انفجرت الردود الهجومية المتبادلة بين الطرفين، دخل على خطها الوزير السابق وئام وهاب، بتغريدة قابلها الأمين العام لتيار «المستقبل» بـ«ريترويت» مع عبارة: «بيضة القبان انفقست»، في إشارة إلى ان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لم يعد «بيضة القبان»، لكن الرئيس الحريري اعتبر تغريدة وهّاب بمثابة «صب الزيت على النار»، فيما سارع جنبلاط إلى استيعاب الهجومات، وتوجه إلى جميع الرفاق والمناصرين مطالباً بعدم الوقوع في فخ السجالات والردود العلنية مع تيّار «المستقبل»، ونشر مع التغريدة صورة لحي يتوسطه حبل غسيل.
وفي المعلومات، ان السجال بين الطرفين والذي وصل إلى حدّ مشاركة الرئيس الحريري شخصياً فيه، واستخدمت فيه عبارات غير مألوفة، واتهامات متبادلة بقلة الوفاء والتمنين والتفريط بصلاحيات رئاسة الحكومة، حرك الحكماء لدى الطرفين، لا سيما عندما زار النائب مروان حمادة الرئيس برّي في عين التينة، حيث بدأت أولى مؤشرات التهدئة، واتفق في هذا اللقاء على عقد اجتماع في كليمنصو بين الوزير أبو فاعور ومستشار الرئيس الحريري الوزير السابق غطاس خوري، حيث اتفق على وقف الحملات الإعلامية كلياً بين الطرفين.
ولوحظ ان مقدمة نشرة اخبار تلفزيون «المستقبل» جاءت نسبياً هادئة، قبل إعلان وقف الحملات، واكتفت بالتساؤل عمّا يريده جنبلاط من الرئيس الحريري، وما هي مطالبه، وهل بات جنبلاط أكثر حرصا مع الحريري على اتفاق الطائف الذي حماه برموش عيونه.
وقالت ان ما بات على جنبلاط ان يدركه ان ما قبل المؤتمر الصحفي للرئيس الحريري غير ما بعده، وهو ما يفسّر سبب دخول الحريري شخصياً على خط الحرب التويترية، خلافاً للحرب السابقة التي اندلعت قبل أسابيع بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر».
على ان المهم في تساؤلات «المستقبل» هو التذكير بالعلاقات التاريخية والمصير المشترك الذي يجمع الحزبين والقيادتين، وهل يصح القفز فوقها بدعوى الاعتراض على تسوية كانوا جزءاً منها وروجوا لها وقدموا من خلالها الهدايا السياسية بكل الاتجاهات.
مواجهة مع باسيل
وسبق هذه «الحرب التويترية» مواجهة بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل وبين عدد من أبناء بعلبك، خلال الجولة البقاعية التي قام بها وزير الخارجية السبت في البقاع الشمالي، على خلفية عدم تعيين الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، اتهمت فيها إحدى الناجحات في هذه الامتحانات الوزير باسيل والتيار بالطائفي، ولم تجد محطة OTV الناطقة بلسان التيار تفسيراً لها سوى انه محاولة جديدة لضرب الصورة الوطنية للتيار.
وبحسب تسجيلات صوتية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقاء الحواري الذي جمع باسيل مع عدد من أبناء بعلبك في قاعة مسجد المصطفى، فقد وقع تلاسن بينه وبين عدد من الحاضرين، كما انتشر «فيديو» لأحد الأشخاص وهو يحمل الميكرفون ويعاتب من ان المنطقة محرومة ولا يوجد فيها لا مدير عام ولا سفير، ثم تناولت الميكرفون السيدة زينب.ز وانفجرت في وجه باسيل غاضبة، وقالت: «بعدك عم تحكي بالتنوع، نحن 24 واحد ناجحين بوزارة المالية عبر مجلس الخدمة المدنية، ومرسوم التعيين واقف من العام 2018. وبعدك عم تحكي بالانفتاح وانتو أكثر تيار طائفي بالبلد».
فما كان من باسيل، الا ان ردّ على هذه السيدة منفعلاً: «يللي مش قادر يتحمل إنو هالبلد بدو يضل متنوع وبدنا نحافظ عالمسيحيين فيه ما يتحمل.. مثل ما انا بدي واجه كل العالم كرمال شريكي يبقى بها الوطن، شريكي كمان بدو يوقف معي حتى ابقى انا كمان بهيدا الوطن».
اللبنانية: استمرار الإضراب
تربوياً، صوّت 94 أستاذا من مجلس المندوبين في الجامعة اللبنانية على نقض قرار تعليق الإضراب، فيما صوّت 46 ضدّ نقضه وورقة بيضاء مع إلغاء ورقتين.
وأعلن رئيس الهيئة التنفيذية في الجامعة اللبنانية د. يوسف ضاهر العودة إلى الإضراب، وقال: «لا تعليم يوم الإثنين»..
وجاء القرار بعد استفزازات، كما قال معظم الاساتذة من احزاب السلطة وامتعاض عمّا نُقِلَ من لقاء وزير المالية حسن خليل وبعض اعضاء الهيئة التنفيذية والمندوبين، حيث استغرب الاساتذة هذه الوعود الوردية بعد أن كان الكلام مختلفاً في لقاء الوزارة مع وزير التربية اكرم شهيب والاساتذة.
واللافت أن عدداً كبيراً من المندوبين المحسوبين على الأحزاب تفلّتوا من القرار الحزبي حتى ان حوالى 40 % من بعض التيارات والاحزاب صوتت مع استمرار الاضراب،
ولكن في المحصلة عاش الطلاب جوّا من الضياع بين ما قرّرته رابطة الاساتذة وبين الكثير من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي التي ابلغت الطلاب بأنّ يوم غد سيقوم عدد من الاساتذة بالتعليم في عدة كليات.