تابعت الصحف مناقشة الموازنة في مجلس النواب. تراوحت "خطب" النواب بين المفيد و"الإستعراضي". لكن الرد "الغاضب" للرئيس سعد الحريري على نواب "القوات"، كشف عن عمق تدخل "صندوق النقد الدولي" في الشؤون السيادية للدولة وانتهاكها، إذ قال لهم : "هشموا فيي قد ما فيكم، وهاجموا الحكومة قد ما تستطيعون، لكنكم عندما تتحدثون عن الاستقرار المالي تحدثوا بمسؤولية من دون المس بالاستقرار المالي أو النقدي. [واعلموا أن] صندوق النقد الدولي كان يعارض الاكتتاب [في سندات الخزينة بمبلغ] ألف مليار ليرة بفائدة 1 في المئة من المصارف لتغطية العجز في الموازنة، وان [الصندوق] طالب [الحكومة] بتحرير سعر صرف الليرة، وزيادة خمسة آلاف ليرة على [سعر] صفيحة البنزين، ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المئة، وهو ما رفضته الحكومة واخذت مصلحة لبنان" بالإعتبار. وهذا "الرد" هو وثيقة تاريخية يجب أن يقرأها المواطنون بعناية، ليدركوا دور "الصندوق" وكل مؤسسات النظام الرأسمالي العالمي في انتهاك السيادة الوطنية للشعوب وإفقارها، وفي فرض "الإحتلال المالي" على الدول الطرفية الضعيفة. من ناحية أخرى، تحدثت الصحف عن "دخول الحكومة في إجازة طويلة، ضمن معادلة لا مجلس وزراء من دون مجلس عدلي، تحال إليه" حوادث "البساتين" ـ "قبرشمون".
اللواء
إنقلاب «القوّات» على الموازنة.. ومزايدات «شعبوية» للنواب
«حلّ باسيلي» يُعطي إجازة لمجلس الوزراء.. والحريري يكشف عن رفض اقتراحات لصندوق النقد
في اليوم الأوّل لجلسات مناقشة الموازنة للعام الحالي، بدا النواب، وكأنهم آتون من كوكب آخر، فكتلهم المشاركة في الحكومة، غيرها في المجلس.. فهم مرّة، يبدون كخبراء في المال والاقتصاد، وتدوير المديونية، ومرة، يبحثون عن بقايا «منتخِب» يراهم عبر الشاشة الصغيرة… في حفلة مزايدات «شعبوية» كما هي مع حركة الاعتراض العسكري والمدني في الشارع..
كل ذلك، تحت أنظار الرئيس نبيه برّي، الذي عليه ان يُنجز المناقشات بإقرار الموازنة، وفي ذات الوقت، ينفس الاحتقان، على الرغم من تعالي صيحات قدامى المحاربين في ساحة النجمة تحذيراً من المسّ برواتب المتقاعدين..
وإذا كان انقلاب «القوات اللبنانية» على قرار سبق للدكتور سمير جعجع، وابلغه للرئيس سعد الحريري قبل أسابيع بأن كتلة نواب ستصوت لصالح الموازنة، من انهم في ضوء المناقشات سيمتنعون عن التصويت، مما حدا بالرئيس الحريري التمني على هؤلاء النواب ان يتكلموا بمسؤولية عن الاستقرار المالي، كاشفاً ان صندوق النقد الدولي اقترح زيادة 5000 ليرة على البنزين، ورفع الـTVA إلى 15٪، وهو لم يؤخذ به، وخاطب نواب القوات: «إذا حابين بالقوات تعملوا هالشي.. أوكي»..
وكشفت جلسات اليوم من الموازنة ان الحكومة دخلت في إجازة طويلة، ضمن معادلة لا مجلس وزراء من دون مجلس عدلي، تحال إليه احداث قبرشمون.
إشكالية قطع الحساب
وكشفت المداولات التي جرت على هامش جلسات مناقشة مشروع الموازنة، عن ضغوطات سياسية متبادلة، حول مسألة تعطيل جلسات مجلس الوزراء، ولكن هذه المرة، بعنوان «اشكالية قطع الحساب»، حيث ينص الدستور على عدم جواز التصديق على الموازنة، قبل بت قطع حساب السنة التي قبلها.. والظاهر ان قصر بعبدا لم يكن بعيداً عن هذه المداولات سعياً وراء صيغة تسوية لهذه الإشكالية، بشرط يحول دون تمكين الحكومة من الاجتماع، اليوم أو غداً، أو حتى بين الجلسات الصباحية والمسائية.
وبدا واضحاً منذ اللحظة الأولى لانعقاد الجلسة الصباحية، وجود طرحين قيد البحث:
الأوّل يحمله رئيس المجلس نبيه برّي يقول بأن تجتمع الحكومة لاحالة قطع حساب العام 2017 إلى المجلس، خاصة وان ديوان المحاسبة أنهى التدقيق فيه، وهو كان أكّد في الجلسة الصباحية، بأن مجلس الوزراء سيجتمع قريباً للبت بهذه الإحالة، قبل ان يعود مساءً ويعتذر عمّا قاله في الجلسة الصباحية، مؤكداً بأنه لن تكون هناك جلسة لمجلس الوزراء قريباً وان الأمر يعود بته إلى مجلس النواب.
والثاني: طرحه رئيس الجمهورية ونقله إلى المجلس تكتل «لبنان القوي»، عبر وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، ويقضي بأن يقترح رئيس الحكومة في مجلس النواب إضافة مادة في موازنة 2019 تنص على تمديد المهلة المعطاة للحكومة لتقديم قطوعات الحسابات المالية الكاملة والتي كانت سنة، 6 أشهر إضافية، بحيث يصبح بالإمكان نشر الموازنة بعد إقرار القانون.
وأعلن جريصاتي ان الرئيس برّي تسلم صيغة الحل هذه، وهو ينظر فيها، مشيراً إلى ان هذا الحل يغني عن انعقاد مجلس الوزراء في اليومين المقبلين ويسمح بنشر موازنة 2019.
وفيما لوحظ ان الرئيس الحريري لم يعط أي كلمة في شأن هذه الصيغة، ولا حتى في شأن عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم أو غداً، بحسب ما طلب منه ذلك الرئيس برّي، كشفت معلومات لـ«اللواء» ان المسألة أبعد من إشكالية قطع الحساب، إلى المسألة المرتبطة بتداعيات حادثة قبرشمون في الجبل، حيث بدا واضحاً ان مهمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تعثرت بعض الشيء بفعل تشبث موقف حزبي «التقدمي الاشتراكي» و«الديموقراطي اللبناني» من تسليم المطلوبين والشهود والشروط والشروط المضادة منهما.. علماً ان مسعى إبراهيم يقضي بتسليم المطلوبين والتحقيق معهم على ان يتوج الحل بلقاء مصالحة يرعاه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا.
وتبعاً لهذا التعثر في مسألة معالجة تداعيات حادثة الجبل، فإن أي انفراج على صعيد حلحلة التعقيدات التي تحيط بانعقاد جلسات مجلس الوزراء، لا يبدو متاحاً، أقله في هذين اليومين، إذ بدا من خلال المشاورات الجانبية ان الرئيس الحريري ليس في وارد الدعوة إلى جلسة للحكومة، لكن منطلقات التحفظ على صيغة حل إشكالية قطع الحساب تختلف بين قصر بعبدا والسراي. إذ ان بعبدا التي كات وراء طرح صيغة الحل، لا تريد للحكومة ان تحيل إلى المجلس قطع حساب عن العام 2017 رغم انه جاهز لدى ديوان المحاسبة. وبالتالي لا يعود هناك من حديث عن قطوعات الحسابات القديمة التي تعود إلى العام 1993 ولغاية 2017، والتي أعاد إلى اثارتها مجددا نواب «حزب الله» في سياق مناقشتهم لمشروع الموازنة، معتبرين ان كل الأموال التي صرفت في تلك الفترة منهوبة أو مسروقة.
ومن هنا يُمكن فهم التموضع السياسي إزاء صيغة الحل الذي طرحته بعبدا، حيث لا يبدو ان الرئيس الحريري متحمساً لها، ويفضل السير باقتراح الرئيس برّي، لكنه في الوقت نفسه، لا يرغب بانعقاد جلسة للحكومة خوفاً من تطييرها مجدداً، تحت وطأة ضغط المطالبة بإحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي.
كما انه يُمكن فهم سر رفض كتلتي «القوات اللبنانية» و«اللقاء الديموقراطي» للتوصية المقترحة بالتمديد 6 أشهر للحكومة للبت في قطع الحساب، باعتبارها مخالفة دستورية وهروباً من انعقاد مجلس الوزراء، على حدّ تعبير النائبين جورج عدوان وهادي أبو الحسن، الذي ذهب إلى أبعد قائلاً: ان هذا الأمر يؤدي إلى التعطيل. فهل عدنا إلى التعطيل؟
إلى ذلك، اشارت مصادر مقربة من قصر بعبدا إلى ان ما يهم الرئيس ميشال عون هو إقرار موازنة العام 2019 في مجلس النواب والانصراف إلى ايلاء الوضع الاقتصادي الأهمية اللازمة، مبدياً أمله بصدور موازنة العام 2020 في موعدها الدستوري.
وأشارت المصادر إلى ان الرئيس عون متفق مع الرئيس الحريري على تحصين الوضع الاقتصادي، وبذل كل جهد ممكن لهذه الغاية.
استياء الحريري
لكن اللافت، في سياق الجلسة المسائية، كان ردّ الرئيس الحريري على ما تضمنته مداخلة نائب «القوات اللبنانية» جورج عدوان، والذي أعلن وقبله النائب ستريدا جعجع الامتناع عن التصويت لصالح الموازنة، وبدا الرئيس الحريري غاضباً، إذ خاطب عدوان ومن خلاله النواب قائلاً: «هشموا فيي قد ما فيكم، وهاجموا الحكومة قد ما تستطيعون، لكنكم عندما تتحدثون عن الاستقرار المالي تحدثوا بمسؤولية من دون المس بالاستقرار المالي أو النقدي، كاشفاً بأن صندوق النقد الدولي كان يعارض الاكتتاب بألف مليار ليرة بفائدة 1 في المائة من المصارف لتغطية العجز في الموازنة، وانه طالب بتحرير سعر صرف الليرة، وزيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين، ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15 في المائة، وهو ما رفضته الحكومة واخذت بما فيه مصلحة لبنان»، موكداص ان الحكومة تحاول ان تحل مشكلة عمرها 15 سنة ومقاربة الأمور بشكل إيجابي لإيجاد الحلول.
وقد حاول عدوان الرد، غير ان الرئيس برّي تدخل للمحافظة على هذه الجلسة، وبعد دقائق جلس عدوان إلى جانب الحريري وتبادلا أطراف الحديث.
الجلسة: هدوء ما قبل العاصفة
وعدا عن هذه «الانتفاضة» للرئيس الحريري، بقيت الجلسة بشقيها الصباحي والمسائي هادئة، من دون ان تهددها سجالات على غرار ما كان يحصل في السابق، لكن الأجواء في الخارج كانت صاخبة نتيجة التحركات الاحتجاجية التي نفذها العسكريون المتقاعدون وقدامى المحاربين في ساحة الشهداء، رفضاً للمس بحوقهم، ما دفع عناصر قوة الأمن إلى إعلان منطقة ساحة النجمة منطقة معزولة، واحيطت باجراءات أمنية مشددة، تسببت بزحمة سير خانقة في شوارع العاصمة.
وفيما نصب العسكريون خيمة في وسط الساحة، في إشارة إلى استمرار تحركهم، أعلن الحراك ان 3 عسكريين بدأوا منذ البارحة اضراباً مفتوحاً عن الطعام، وان خطوتهم هذه ليست دفاعاً عن حقوقهم وإنما عن كرامة كل العسكريين، إلى حين سحب البند من الموازنة والمتعلق بحقوقهم.
ولاحقاً، سجلت مجموعة تحركات شعبية امام جامع محمّد الأمين في ساحة الشهداء، احتجاجاً على ما وصفوه «الموازنة التقشفية والضرائب المقترحة والسياسات الاقتصادية ودفاعاً عن السلم الأهلي والكرامة الإنسانية ولقمة العيش وحق السكن والاجور».
وأعلنت هذه المجموعات التي كان يقودها الحزب الشيوعي وحراك الأساتذة المتعاقدين استمرار حراكها يومياً تزامناً مع جلسات مجلس النواب عند الخامس عصراً.
كما أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب العام في الإدارات كافة، بدءاً من صباح اليوم.
اما بالنسبة لوقائع الجلسة نفسها، فلم يكن فيها ما يلفت الانتباه سوى إعلان «القوات اللبنانية» الامتناع عن التصويت للموازنة، بالرغم من تأييدها لبعض البنود، وكذلك فعل عضو «التكتل الوطني» النائب فريد هيكل الخازن، من دون ان يعرف ما إذا كان التكتل الذي يضم 7 نواب مع تيار «المردة» سيمتنع بدوره، وفيما عدا ذلك، لوحظ غياب المناكفات السياسية التي حلت محلها اجواء الرتابة، حيث بقيت مداخلات 16 نائبا تناوبوا على الكلام في الفترتين الصباحية والمسائية، تحت سقف الايقاع المضبوط الذي حرص الرئيس برّي على المحافظة عليه، فيما يبقى ضمن لائحة طالبين الكلام أقل من 40 نائباً، الأمر الذي سيدفع رئيس المجلس إلى ان اختصار عدد المتكلمين أو اختصار المدة الزمنية لكل نائب، بهدف إفساح المجال، لأن تكون جلسة الغد الخميس مخصصة فقط للتصويت على بنود الموازنة البالغة 96 بندا، وتقع في 1500 صفحة، حيث يفترض ان تظهر الخلافات النيابية، والكباش النيابي- الحكومي لا سيما وان العديد من البنود العالقة التي لم تجد اللجنة النيابة معالجة لها، ما تزال موضع خلاف، وفي الصدارة موضوع فرض رسم 2 بالمائة على البضائع المستوردة، والضرائب على المعاشات التقاعدية للعسكريين وغيرهم من الموظفين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
ترامب متفائل بالحلّ مع إيران وتحقيق تقدّم… وطهران تكشف مصير الناقلة المفقودة في الخليج
يوم الموازنة الأول: لعبة المصارف وصندوق النقد… مصرف لبنان للنقاش… والقوات معارضة
الحكومة معلّقة بانتظار حلّ قبرشمون … ورئيس القومي يمدّ اليد للجميع لوحدة الجبل
التصريحات المتفائلة للرئيس الأميركي عن تحقيق تقدم كبير مع إيران، لم تدعمها أي مؤشرات فعلية، خصوصاً في ظل حديثه عن إخراج إيران من اليمن، وهو ما لم يتأخر رئيس وفد أنصار الله المفاوض في الحديدة بوصفه بالتلاعب الإعلامي لرفع الفاتورة المالية على السعودية، بينما كانت الصين تصف تصريحات مماثلة لترامب عن قرب تحقيق تفاهم في التفاوض التجاري بالأكاذيب المفبركة، لكن هذا لا يعني إسقاط فرضيات تحقيق تقدم في المساعي الفرنسية الهادفة للتهدئة، والتي تتضمن تسريعاً للتسوية في اليمن، يصفها الرئيس الأميركي بمفرداته القائمة على التبجّح بتحقيق إنجازات، ولو كان خاسراً. والمساعي الفرنسية الهادفة لتزخيم الآلية المالية الأوروبية ومكتسبات إيران منها، تمّ بناؤها بالتفاهم مع الرئيسين الأميركي والروسي في اتصالين هاتفيين، رافقهما اتصال موازٍ بالرئيس الإيراني. وفي سياق المواقف التي تشجع على التهدئة كشفت إيران مصير الناقلة المفقودة في الخليج منذ يومين بالإعلان أنها تلقت نداء استغاثة منها وقامت بسحبها إلى المياه الإيرانية وتقديم المساعدة الفنية لها، بينما قالت بعض المصادر المتابعة إنها على الأرجح ناقلة صالحة للمقايضة او للضغط، بطريقة ذكيّة، مقابل الإفراج عن الناقلة الإيرانية التي يحتجزها البريطانيون منذ أيام في مضيق جبل طارق ويعلنون الاستعداد للإفراج عنها.
لبنانياً، كان اليوم الأول لمناقشات الموازنة العامة، مليئاً بالمواقف التي أطلقتها الكتل النيابية الكبرى التي استحوذت على الكلمات الرئيسية لجلستي قبل الظهر والمساء، وبعدما كانت قضية مصير قطع حساب الموازنات السابقة خصوصاً موازنة العام 2017، محور اتصالات بحثاً عن مخرج دستوري، بين مقاربة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة لجلسة حكومية سريعة مخصصة لإحالة قطع الحساب المنجز من وزارة المالية وديوان المحاسبة، إلى المجلس النيابي، لضمه لمناقشات الموازنة العامة، ومقاربة رئيس الجمهورية التي حملها الوزير سليم جريصاتي والتي تدعو لمنح الحكومة ستة شهور إضافية لإحالة قطع الحساب، على أن لا يقتصر الأمر على موازنة العام 2017 بل يضمّ أيضاً قطع حساب موازنة العام 2018، وأعلن الرئيس بري مساء، سحب مقترحه بانعقاد الحكومة والسير بمقترح جريصاتي بمهلة الشهور الستة.
في مواقف الكتل كان الأبرز مواقف كتلتي الوفاء للمقاومة والقوات اللبنانية، بعدما وصفت كلمة النائب الدكتور سليم سعادة باسم الكتلة القومية عجز الـ 6 و7 بالضحك على النواب، متوقفاً أمام غياب قطع الحساب، وتضييع الأحد عشر مليار دولار المفقودة في الموازنات السابقة، أما البارز في كلمات نواب كتلتي الوفاء للمقاومة والقوات اللبنانية، ظهور الصندوق الدولي كمحور في الكلمات لكن من مواقع متقابلة، فحين اتهم النائب حسن فضل الله باسم كتلة الوفاء للمقاومة بعض الأطراف اللبنانية بالتحريض لصندوق النقد الدولي لإعلان رفضه لمساهمة المصارف بالاكتتاب بأكثر من عشرة آلاف مليار ليرة من سندات الخزينة اللبنانية بفائدة 1 ، تبنى النائب القواتي جورج عدوان تشكيك صندوق النقد الدولي بالموازنة وبقدرة لبنان على الوفاء بالتزاماته المالية، وفيما انتهت كلمات القوات إلى إعلان معارضة الموازنة، وهو أمر غير مسبوق بالنسبة لكتل نيابية مشاركة في الحكومة، ركزت كلمة فضل الله على ما وصفته بالجزر المالية، وفي مقدمتها مصرف لبنان وشركات الخلوي ومجلس الإنماء والإعمار، مع تخصيص وضع مصرف لبنان بدعوة لنقاش وطني بهدف تحصين المسار المالي للدولة.
النقاش حول قطع الحساب كان مرتبطاً بالنقاش حول الوضع الحكومي الذي بدا معلقاً بانتظار التوافق على الحل المعتمد لحادثة قبرشمون، وهو ما عبر عنه بوضوح وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، فيما لم تتضح مواعيد سريعة للحلحلة المرتقبة، رغم استمرار مساعي تدوير الزوايا التي يقودها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والتقدم الذي تحققه هذه المساعي. وعلى هذا الصعيد برزت أمس، بادرة جمعت في منزل رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد مسؤولين قوميين وآخرين من الحزب التقدمي الاشتراكي جاؤوا لتهنئة سعد بتزامن انتخابه رئيساً مع ذكرى الثامن من تموز لاستشهاد زعيم الحزب أنطون سعاده، وكانت لسعد كلمة بالمناسبة أعلن خلالها مد اليد للجميع بمسؤولية من أجل وحدة الجبل.
وقال سعد تزامن انتخابي رئيساً للحزب مع ذكرى استشهاد أنطون سعاده، زعيم النهضة الذي وقف وقفة عزّ تاريخية وما تراجع أمام رصاص الغدر والعمالة والخيانة والتآمر. وهنا نستذكر موقف الرجال الرجال والكبار الكبار عندما وقف الشهيد كمال جنبلاط مستنكراً ومديناً جريمة اغتيال سعاده غير المسبوقة في تاريخ هذا الشرق. فيا حبّذا لو تكون هذه المواقف معياراً لإكمال مسيرة نضالنا في هذا الجبل المستهدف دائماً بوحدته. وأن يكون عملنا هادفاً لوحدته وسلمه وأمنه واستقراره .
وتابع: أعلن باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي مدّ يدنا للجميع للاضطلاع بمسؤولية الحفاظ على وحدة الجبل، ونتطلع لأن يكون هذا الجبل نموذجاً وسبيلاً للدخول في مشروع الدولة المدنية الديمقراطية. بهذا نرسم طريق المستقبل الآمن لبلدنا وشعبنا .
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين فارس سعد أننا تعاقدنا مع زعيمنا القدوة أنطون سعاده واتخذنا مبادئه إيماناً لنا وشعاراً لبيوتنا وعائلاتنا. فأهلا بكم في عين زحلتا والحزب والوطن والأمة.
وقال خلال استقباله في دارته في عين زحلتا المهنّئين بانتخابه رئيساً للحزب: «هذا البيت القومي سيبقى مفتوحاً لكلّ الناس».
أضاف: «تزامن انتخابي رئيساً للحزب مع ذكرى استشهاد أنطون سعاده، زعيم النهضة الذي وقف وقفة عزّ تاريخية وما تراجع أمام رصاص الغدر والعمالة والخيانة والتآمر. وهنا نستذكر موقف الرجال الرجال والكبار الكبار عندما وقف الشهيد كمال جنبلاط مستنكراً ومُديناً جريمة اغتيال سعاده الغير مسبوقة في تاريخ هذا الشرق. فيا حبّذا لو تكون هذه المواقف معياراً لإكمال مسيرة نضالنا في هذا الجبل المستهدف دائماً بوحدته. وأن يكون عملنا هادفاً لوحدته وسلمه وأمنه واستقراره.
وتابع: «أعلن بإسم الحزب السوري القومي الاجتماعي مدّ يدنا للجميع للاضطلاع بمسؤولية الحفاظ على وحدة الجبل، ونتطلع لأن يكون هذا الجبل نموذجاً وسبيلاً للدخول في مشروع الدولة المدنية الديمقراطية. بهذا نرسم طريق المستقبل الآمن لبلدنا وشعبنا».
وقال: «لرفقائي في الحزب، ومن موقعي المسؤول، أحيّيكم على ثقتكم وإيمانكم وتضحياتكم وثباتكم، وأدعوكم إلى مضاعفة الجهود والالتفاف حول مؤسسات الحزب، لنحدث نقلة نوعية ونحقق مرامي نهضتنا. وإننا في ذكرى استشهاد حضرة الزعيم، نجدّد عهدنا على المضيّ قدُماً للوصول إلى الغاية التي تعاقدنا على تحقيقها.
وختم قائلاً: إنّ كلّ من خطط وشارك ونفذ جريمة اغتيال سعاده، مضى وانتهى ذكره، أما سعاده فما زال حاضراً بفكره وعقيدته وحزبه.
وفيما انطلقت أمس أولى جلسات مناقشة مشروع موازنة 2019، في مجلس النواب والتي تستمرّ حتى الخميس، بقيت كلّ الأجواء تؤشر إلى أنّ الاتصالات لم تصل بعد إلى حلحلة الخلافات الجارية حيال انعقاد مجلس الوزراء والنأي به عن حادثة قبرشمون، خاصة أن توقعات رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يلتئم مجلس الوزراء أقله لإنجاز قطع الحساب للعام 2017 لم تصح، علماً أن الرئيس سعد الحريري قرر التزام الصمت خلال الجلسة العامة حيال موعد الانعقاد لتعود الصورة وتتضح بعد النقاشات واللقاءات الجانبية بين بري والحريري على هامش الجلسة لحلّ معضلة قطع الحساب بمنأى عن جلسة لمجلس الوزراء. وفي هذا السياق، برز اقتراح حمله وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الى الرئيس بري ومفاده بأن يقترح رئيس الحكومة في مجلس النواب، إضافة مادّة في موازنة 2019 تنصّ على تمديد المهلة المعطاة للحكومة لتقديم قطوعات الحسابات الماليّة الكاملة والتي كانت عاماً، 6 أشهر إضافيّة بحيث يصبح بالإمكان نشر الموازنة بعد إقرار القانون، وبانتظار أن يقول الرئيس بري كلمته، فإن مصادره قالت لـ»البناء» إنه يتريث حيال هذا الطرح، ولا يجده مخرجاً صحيحاً لأنه غير دستوري ويضرب ما جرى الاتفاق عليه عند إقرار موازنة العام 2018. وبالتالي فإن إقرار الموازنة من دون قطع الحساب يتطلب تعديل في المادة 87 من الدستور، معتبراً أن الحكومة بإمكانها الاجتماع وأقرّ قطع الحساب للعام 2017 خاصة أن وزارة المال أنجزته وأحالته الى الحكومة.
في المقابل، قال الوزير جريصاتي لـ او تي في : ان الرئيس بري اقتنع بإعطاء الحكومة مهلة 6 اشهر لإنجاز قطوعات الحسابات والصيغة المقترحة سيصوّت عليها الخميس. واكدت مصادر تكتل لبنان القوي تؤكد لـ البناء ان مقترح الوزير جريصاتي عدا كونه يحظى بقبول الرئيس الحريري فإنه يشكل مخرجاً لتعذر انعقاد مجلس الوزراء المعطل ويسمح بنشر موازنة العام 2019 في الجريدة الرسمية، مشيرة الى ان الاتصالات جارية مع جميع الكتل الاساسية ليحظى بالموافقة عند طرحه على التصويت في نهاية الجلسة العامة. وأشارت مصادر لبنان القوي الى ان الانتظام المالي يستوجب علينا جميعاً الموافقة على اقتراح التمديد 6 أشهر لإقرار قطع الحساب، معتبرة ان الامور في الأيام المقبلة ستشهد انكباباً من ديوان المحاسبة على إنجاز قطوعات الحسابات العالقة عنده من العام 1997 إلى العام 2015، مشيرة الى ان هذا الأمر يتطلب ان يرفد الديوان بأشخاص أكفاء وقضاة لينجز مهمته. واعتبرت المصادر ان مجلس الوزراء لن يعود الى الاجتماع قبل حلّ جدّي لحادثة البساتين.
وفي السياق اجتمع رئيس الحكومة سعد الحريري مع عدد من النواب للبحث في تخريجة لقطع الحساب، وعلق على اقتراح التمديد 6 أشهر لتقديم قطوعات الحسابات، بالقول كل شي بجيب التوافق ماشيين فيه .
وليس بعيداً عن الجو السائد، فإن الحزب الاشتراكي وعلى لسان مصادره اكد لـ البناء ان الرئيس سعد الحريري يسعى الى إنجاز التفاهم على عقد جلسة لمجلس الوزراء بعيدا عن حادثة قبرشمون وهو لن يرضخ لشروط بعض القوى السياسية التي لجأت الى ربط حضورها جلسات مجلس الوزراء بموافقة الأخير على إحالة الملف الى المجلس العدلي، مشددة على ان ما يجري على سبيل المثال من اقتراحات للتمديد 6 اشهر لإنجاز قطع الحساب مخالفة دستورية ورغبة من الفريق الآخر بتعطيل انعقاد مجلس الوزراء. واعتبرت المصادر ان المساعي متواصلة عبر الرئيس بري واللواء إبراهيم لإيجاد حل لحادثة قبر شمون خاصة أننا أكدنا اننا تحت سقف القانون وسلمنا عدداً من المطلوبين في حين ان الفريق الآخر لم يلتزم بتسليم مطلوبيه، وكان هذا الفريق يريد التحدي وتجاوز القانون.
وكان توالى على الكلام خلال جلسة مجلس النواب لمناقشة مشروع الموازنة الكلام 17 نائباً، ومع ذلك كانت الجلسة هادئة ولم تحمل أية مفاجات سوى امتعاض الرئيس الحريري من كلمة النائب جورج عدوان الذي تحدث عن تقييم صندوق النقد الدولي للوضع الاقتصادي للبنان فضلاً عن المؤسسات المالية الدولية، وسأل عدوان: ما الذي يمنع من تنظيم المناقصات والتلزيمات في لبنان وحصرها في دائرة المناقصات؟ ، مشيراً إلى أنّ مداخيل قطاع الاتصالات 14 ملياراً ودخل منها 10 مليارات الى خزينة الدولة فأين الـ 4 مليارات؟ لماذا هذا الغياب بالتدقيق؟ ولماذا هذه الشركات لتلزيم شبكة الألياف الضوئية طالما هناك شركة أوجيرو في لبنان والمتعهدون هم أنفسهم الذين كانت الشركة تلزمهم».
وبناء على ذلك ردّ الرئيس الحريري بلهجة حادة على عدوان، مشيراً إلى أن صندوق النقد الدولي طلب تحرير صرف الليرة وزيادة 5000 ليرة على صفيحة البنزين ورفع الـ»TVA» وإذا حابين بالقوات تعملوا هالشي اوكي ، وأكد أنه نعمل دائماً مع الموسسات الدولية على مصلحة لبنان ، وأضاف: صندوق النقد الدولي قدّم اقتراحات عدة لكنها لا تصب في مصلحة لبنان .
وأعلن الحريري نحاول أن نحل مشكلة عمرها 15 سنة ، ورأى أن مقاربة الأمور بشكل إيجابي هي لإيجاد الحلول ، وتمنى على النواب عندما نتحدث عن الاستقرار المالي ان نتكلم بمسؤولية . وتوجه إلى نواب القوات قائلاً: هاجموا الحكومة بقدر ما تريدون ولكن لا تمسوا بالاستقرار المالي والنقدي . وأوضح الحريري أن هذه الموازنة قد لا يريدها رئيس الجمهورية ميشال عون ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا رئيس الحكومة، ولكن هذا ما يمكننا القيام به .
وكانت أكّدت النائبة ستريدا جعجع أنّ حزب القوات وضع سلسلة من الاقتراحات والخطوات لمعالجة الأزمة المالية أُخِذ في البعض القليل منها، بينما سقطت أخرى على وقع المزايدات السياسية من جهة وأمام جدار الذهنيّة الفاسدة من جهة أخرى .
وقالت في مداخلة لها في مجلس النواب: نرفض الموافقة على الموازنة بشكلها الحالي، لأنها لا تفي بالغرض ولأن الخطوات المتخذة غير كافية. كما تنبئ بانعدام قدرة الدولة على سداد كلّ المستحقات وخصوصًا المتعلّقة بالعملات الأجنبية مع ما يُمكن أن يُرافق ذلك من تدهور كبير في الوضعين المالي والنقدي . وأعلنت جعجع أنّ حزب القوات يمتنع عن التصويت لصالح الموازنة على الرغم من تأييد بعض بنودها.
وكان النائب حسن فضل الله قال في مداخلته لا يمكن الاكتفاء بقطوعات الحساب بدءاً من العام 2004 والخيار القانوني هو إقرار القطوعات من العام 1997 الى 2017 لتكون لنا قاعدة محاسبية سليمة لحماية المال العام وأدعو ديوان المحاسبة لأن يعتبر ملف قطوعات الحساب أولوية وطنية . وشدد فضل الله على ان المدخل لاي محاسبة واستعادة المال المنهوب هو القضاء، وأكد ان حزب الله سيكمل معركة مكافحة الفساد وسينتصر فيها فالفساد احتلال و سنحرر الدولة من الفاسدين بعيدا من كل الخلفيات السياسية . وقال: كل ما نطلبه في موضوع المصرف المركزي هو تطبيق القانون وهل يتم تطبيق قانون النقد والتسليف؟ . واعتبر ان اموال الخلوي مستباحة منذ 2012 وكلنا معنيون بحماية المصرف المركزي ولكن هناك شكوك تزداد عند الرأي العام والغموض يزيد الهواجس.
وأعلن النائب ياسين جابر في مداخلة له أثناء الجلسة أّن كتلة التنمية والتحرير مع إقرار الموازنة لأن لبنان اليوم بحاجة ماسة الى موازنة، مؤكّدًا أنّ الموازنة يجب أن تنشر قبل أواخر تموز.
وسأل: كيف نستعيد الثقة والمراقبون يشعرون أن كبار المسؤولين يعيشون حالة إنكار بأن لبنان يعيش فعلاً أزمة وأن المسألة لم تعد تحتمل التأجيل؟ .
واشار عضو كتلة القومي النائب سليم سعادة إلى أن لبنان يغرق والطبقة السياسية في جهة والبلد في جهة أخرى . وسأل ما قصة قطع الحسابات؟ هناك الكثير من الناس لا يعرفون ما هو قطع الحساب ولمن لا يعرف، فقطع الحساب هو بيان مالي فيه قسمان، الاول بيان الربح والخسارة والثاني هو ورقة التوازن أي ورقتين ثلاث لا أكثر. ونحن نشكر وزير المال علي حسن خليل برغم أننا متأخرون عن باقي البلاد 50 سنة لكن لدينا قطع حساب .
ولفت إلى أنه في الموازنة هناك 3 نقاط سود وهي الـ 11 ملياراً ونفقات الخزينة والإيرادات المبنية على نمو واحد في المئة ، مشيراً إلى أن العجز في الموازنة لن يكون أقل من 10 او 11 في المئة والـ6 و7 المئة ضحك علينا .
الى ذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال استقباله رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير العمل تحصين الوضع الاقتصادي لا سيما بعد إقرار موازنة العام 2019، واعداً بأن موازنة العام 2020 ستصدر في موعدها الدستوري وستكون موازنة متوازنة وإصلاحية، وقال سنتمكن من تجاوز الأزمة التي نمر بها راهناً بالتعاون بين جميع المعنيين، لا سيما أولئك الذين يضعون المصلحة العليا للبنان واللبنانيين فوق كل اعتبار . وركز الرئيس عون خلال اللقاء على أهمية القطاع المصرفي في الحياة الاقتصادية اللبنانية، وعلى ضرورة التعاون بين المصارف والمؤسسات الرسمية المعنية بالشؤون المالية والاقتصادية والمصرفية لدعم الاستقرار المالي والنقدي في البلاد.
وبينما أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب العام في الادارات كافة بدءاً من صباح اليوم. يواصل العسكريون المتقاعدون حراكهم في ساحة الشهداء بالتزامن مع جلسات الهيئة العامة وأعلن الرقيب انطوان يمين والرقيب أول بشارة الحصروتي والعريف زياد الحاج إضرابهم المفتوح عن الطعام الذي كانوا بدأوه منذ مساء الاثنين، أمام خيمة نصبوها. وأوضح المضربون عن الطعام ان خطوتهم هذه ليست دفاعاً عن حقوقهم إنما عن كرامة كل العسكريين ومعنوياتهم وحقوقهم ، واعلنوا انهم مستمرون في اضرابهم عن الطعام لحين سحب البند المتعلق بحقوقهم من الموازنة .
على خط آخر، توجه وفد نيابي برئاسة النائب علي بزي ممثلا رئيس المجلس النيابي نبيه بري وعضوية النائب هاغوب بقرادونيان، إلى العاصمة واشنطن، بدعوة من الكونغرس الاميركي.
وألقى بزي كلمة أمام وفود نيابية من أكثر من 20 دولة وبحضور أعضاء من الكونغرس الاميركي، فاعتبر فيها أن فرض دولة عقوبات على نواب من دولة أخرى هو تهديد للديمقراطية، وتصنيف للناس بحسب مصالح هذه الدولة وتلك، ما يتعارض مع مبادئ الديموقراطية.
وقال بزي: ان جورج واشنطن حارب الاحتلال البريطاني من أجل الحرية والاستقلال، كذلك نحن في بلادي ثمة شعب قاوم ويقاوم الاحتلال والإرهاب، لأنه يعشق الحرية والعزة الوطنية والاستقلال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الهيئة العامة تتجاوز «قطوع» قطوعات الحساب؟
«انتفاضة» المخيمات «غير مفهومة» لوزير العمل!
مخيمات صيدا وصور تقاطع البضائع اللبنانية
فيما لا تزال تبعات حادثة «قبرشمون» تحول دون عقد جلسة حكومية تجنباً لمزيد من الخلاف على خلفية إحالة الحادثة الى المجلس العدلي، لا تزال محاولات التوصل الى تسوية لتمديد مهلة تقديم قطع الحساب مستمرة، في ظل معلومات تتحدث عن التوصل الى مخرج يعطي فترة سماح من دون إقفال الملف. وقد كان هذا الموضوع الأبرز خلال جلسة الهيئة العامة لمناقشة موازنة 2019، التي طالتها سهام النواب باعتبارها لا تلبي الطموحات.
لم يكسر كلام عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله رتابة مجلس النواب، كما في العادة. ولم يفعل ذلك، ايضاً، السقف العالي الذي تحدّث به نائب بعلبك الهرمل اللواء جميل السيد حيال ملفات فساد، مورداً بعض الأرقام والوقائع حول تجاوزات تحصل في الميدل إيست وشركات الإتصال والصناديق الخاصة ومصرف لبنان. صارَت هذه المداخلات، بصرف النظر عن جديتها، مواقِف «تقليدية» في مجلس النواب. جلسة مناقشة مشروع موازنة 2019، أمس، التي استحضر فيها النواب المتكلّمون كل ما يخصّ الإستقرار المالي والنقدي والقطاع العام والإصلاحات الهيكلية، ظلّت عقدتها الأبرز هي قطوعات الحساب. إذ لم تكنُ الإتصالات السياسية صباحاً قد توصلت الى إيجاد مخرج لها. ولم يتوقّف السؤال عن قطوعات الحساب، المتراكمة منذ سنوات، والتي يفترض أن تُحال كمشاريع قوانين من الحكومة، وتقر قبيل نشر مشروع الموازنة. وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قد أعلن في الجلسة الصباحية بأن «قطع الحساب يتم عبر التصويت، وستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء إبان الجلسة»، مضيفاً: «تكلمنا مع رئيس الحكومة سعد الحريري وطلبنا عقد جلسة خاصة للحكومة بموضوع قطع الحساب، سيما أنه انتهى في ديوان المحاسبة ووعدنا بعقد جلسة اليوم أو غدا»، ثمّ عادَ فاعتذر في الجلسة المسائية مُضيفاً «وصلني اقتراح حل لقطع الحساب وبالتالي لن تكون هناك جلسة للحكومة»، ما عزّز عند البعض مؤشرات صعوبة الوصول الى اتفاق، علماً أن أكثر من نائب ووزير أكد في دردشة مع الصحافيين بعدَ رفع الجلسة بأن برّي وافق على «صيغة الحل المقدمة من تكتل لبنان القوي التي تقضي بتمديد مهلة تقديم قطوعات حسابات السنوات السابقة لمدة ٦ أشهر. وهذا الحل يسمح بنشر الموازنة ويغني عن انعقاد مجلس الوزراء في اليومين المقبلين، خصوصاً أن تبعات حادثة قبرشمون لا تزال تحول دون عقد الجلسات الوزاريّة تجنباً لتفجير الحكومة على خلفيّة إحالة هذه الحادثة إلى المجلس العدلي».
الجلسة الأولى لمناقشة موازنة 2019، انعقدت تزامناً مع اعتصام العسكريين المتقاعدين في ساحة الشهداء، وسطَ إجراءات أمنية مشددة، بدت معها الشوارع المحيطة بمجلس النواب فارغة تماماً بفعل الإجراءات التي دفعت الموظفين والمواطنين الى السير مسافات طويلة للوصول الى أماكن عملهم. أما في الداخل، فقد كان لافتاً العدد الضخم لطالبي الكلام والذي اقترب من نصف عدد أعضاء المجلس، ووصل في الجلسة المسائية الى 63، ما دفع برئيس المجلس الى اختصار الكلمات. في الجولتين الأولى والثانية تحدث 17 نائباً مثلوا الكتل الأساسية في الحكومة. وكانت المداخلة الأولى لبري الذي شكر المجلس النيابي ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على الجهد الذي بُذل لإقرارها. ثم تلا كنعان التقرير النهائي للجنة المال والموازنة عن حصيلة عملها وتعديلاتها على مشروع الموازنة، وقال إن «اللجنة أنجزت درسه آخذة في الإعتبار أن قطع الحساب الذي كان يجب أن يحال ويقر لسنة 2018 لم ينجز بعد، وأنه انقضت المهلة من دون أن تلتزم الحكومة بمشاريع قطع الحساب علما انها شرط دستوري وقانوني لدراسة الموازنة وفقا لما ينص القانون».
مجمل النواب الذين تحدثوا ركزوا على غياب الرؤية الإقتصادية في موازنة صيغت تحت الضغط، ولم تطل القضايا الإشكالية، بل كان همها المس بجيوب المواطنين للحصول على ايرادات بأي شكل. ورغم التعديلات التي أجرتها لجنة المال والموازنة، وطالت 65 مادة من أصل 99 فيما ألغت 7 مواد، إلا أن النواب أنفسهم الذين شاركوا في التعديل أقروا خلال الجلسة بأنها موازنة «الضحك على الناس ولا تلبي الطموحات». وزير المال علي حسن خليل أكد خلال تواجده في أروقة المجلس أن قطع الحساب أنجز ولا بد أن يرسل الى مجلس الوزراء لإقراره، فيما طالب النواب الذي تناوبوا على الكلام بانعقاد الحكومة لتجنيب مجلس النواب مخالفة دستورية جديدة. قبلَ أن يضعوا الموازنة مُكرهين على طريق الإقرار، وفي مقدمتهم رئيس لجنة المال الذي اعترف بأن اللجنة لاحظت «غياب الرؤية الإقتصادية والإجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها حول ارتفاع معدل البطالة وانخفاض نسبة النمو، وتدني نسبة الإعتمادات المخصصة للنفقات الإستثمارية».
وكانت القوات اللبنانية قد اعلنت عن رفضها التصويت على الموازنة، معتبرة أنها «موازنة التمييع والتردد» كما قالت النائب ستريدا جعجع التي صّوبت على التيار الوطني الحر من باب قطاع الكهرباء كونه « المسؤول الرئيسي عن تضخم عجز الموازنة في السنوات الأخيرة». فيما أكد النائب بلال عبدلله تصويت «اللقاء الديمقراطي» لصالحها مع تسجيل بعض التحفظات. كذلك فعل النائب ميشال معوض الذي اعتبرها «موازنة دفترية».
من جهته ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري على «القوات» تحديداً النائب جورج عدوان بالقول «نحاول أن نحل مشكلة عمرها 15 سنة ومقاربة الامور بشكل ايجابي لإيجاد الحلول، واتمنى على النواب عندما نتحدث عن الاستقرار المالي ان نتكلم بمسؤولية، وهاجموا الحكومة كما تريدون».
وفي انتظار التسوية والإفراج الحكومي عن قطع الحساب لاكتمال النصاب الدستوري في مجلس النواب، تستمر جلسات مناقشة الموازنة اليوم وغداً. فيما علمت «الأخبار» أن «كنعان رفض كل الصيغ التي عرضت أخيراً لاقرار الحسابات المالية من دون تدقيق كامل قطوعات الحسابات من قبل ديوان المحاسبة، وهو ما يؤدي إلى تسريع اعداد الحكومة مشروع نصّ قانون يعطيها مهلة ستة أشهر لانجاز التدقيق في ديوان المحاسبة وإحالتها حسب الأصول للمجلس النيابي ما يؤدي الى منع أي تسوية مالية».
«انتفاضة» المخيمات «غير مفهومة» لوزير العمل!
خاض اللاجئون الفلسطينيّون أمس، جولة جديدة من الضغط على الحكومة اللبنانيّة ووزارة العمل للتراجع عن تطبيق خطّتها بشأن «مكافحة العمالة الأجنبيّة غير الشرعيّة». فيما «استغرب» وزير العمل كميل أبو سليمان ردة الفعل الفلسطينيّة «غير المفهومة» والتي «لا معنى لها».
التحرّكات الشعبيّة، استمرّت متقدّمة بخطوة على اللقاءات السياسيّة التي تقوم بها قيادات الفصائل الفلسطينية في لبنان. إذ شهد أمس، تجمّعات عدة على مداخل المخيّمات الفلسطينيّة بالكوفية والعلم الفلسطيني وإحراق الإطارات المطاطيّة، فيما مُنعت تظاهرة دعا إليها «ائتلاف حق العمل للاجئين الفلسطينيين والمؤسسات والجمعيات العاملة بالوسط الفلسطيني في لبنان» من التوجّه إلى ساحة النجمة حيث كان المجلس النيابي يناقش مشروع الموازنة. اكتفى المتظاهرون بالتجمّع تحت جسر الكولا، بالرغم من إفادة ناشطين عن تضييق أمني منع كثيرين من الوصول إلى نقطة التجمّع.
على صعيد الحراك السياسي للفصائل الفلسطينيّة، وللجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، توصّلت النقاشات إلى موافقة مبدئيّة من وزير العمل كميل أبو سليمان على ما اقترحه الجانب الفلسطيني بشأن «فصل حصول العمال على إجازة عمل عن شرط إرفاقها بعقد عمل مع ربّ العمل يوقّع لدى كاتب بالعدل»، وتجديد تأكيده الموافقة على ما اقترح أول من أمس حيال «خفض المبلغ المتوجّب على صاحب المؤسسة الفلسطيني دفعه كمساهمة في رأس مال المؤسسة إلى ربع القيمة (من مئة مليون ليرة إلى 25 مليوناً)». هاتان الموافقتان المبدئيّتان لم تقترنا بقرار أو نص مكتوب من جانب الوزارة، لكنّهما ترافقتا مع رفض لاقتراح الجانب الفلسطيني «تمديد مهلة السماح إلى ستة أشهر يتمكّن خلالها العامل وربّ العمل الفلسطينيّان من ترتيب أوضاعهما، وإلى حين إصدار القرارات المطلوبة، كما المراسيم التنظيميّة الخاصّة بالقانونين 129 (تعديل قانون العمل) و128 (تعديل قانون الضمان الاجتماعي) التي أُقرّت عام 2010».
أبو سليمان اعتبر في سلسلة «تغريدات» أن «ردة الفعل الفلسطينيّة غير مفهومة ولا معنى لها، وأن الخطة لا تستهدف الفلسطينيين ولا علاقة لها بصفقة القرن ولا بنظرية المؤامرات»، معلناً أنه «من أصل 550 مخالفة لقانون العمل ضُبطت منذ الأربعاء الماضي، ثمة فقط مخالفتان تعودان لمؤسستين كبيرتين يملكهما فلسطينيّون». كما أعرب عن استعداده لإبداء «مرونة لمساعدة الإخوان الفلسطينيين على الحصول على إجازات عمل، يحصلون عليها مجاناً لأنهم معفيون من رسومها، وبشأن بعض المستندات المطلوبة للحصول عليها، فنحن مستعدّون لتسهيل الأمر ضمن القانون».
السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، وجّه من جانبه رسالة إلى «أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان»، متمنيّاً فيها «إفساح المجال أمام الحوار الهادئ والبنّاء، الذي تجريه القيادة السياسية الفلسطينية مع الجهات الرسمية اللبنانية لمعالجة التأثيرات السلبية على حقهم في العيش الكريم نتيجة قانون العمل للخروج بنتائج عملية وإيجابية سيتلمّسها أهلنا قريباً جداً».
وفي هذا السياق، أكدت النائبة بهيّة الحريري أن «الأجواء إيجابية والرئيس الحريري لديه كامل الثقة بالوزير كميل ابو سليمان»، بغياب أي موقف للرئيس سعد الحريري. وحضر ممثل عن «حركة أمل» في اللقاء الذي عقد أول من أمس في السفارة الفلسطينية في بيروت، فيما زار عضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم مقرّ السفارة الفلسطينية والتقى دبور، معرباً عن «موقف الحزب الثابت تجاه حق اللاجئين في العمل، واتصالات تجريها قيادة الحزب ووزراؤه للمساعدة في احتواء التداعيات الأخيرة وإعطاء فرصة للحوار والمعالجات الهادئة».
مخيمات صيدا وصور تقاطع البضائع اللبنانية
في مشهد غير مسبوق، توحّد أهالي المخيمات والتجمعات الفلسطينية في الجنوب على الإضراب ومقاطعة البضائع اللبنانية احتجاجاً على قرار وزير العمل كميل بو سليمان فرض حيازة الفلسطينيين إجازة عمل. «يوم الغضب» لم يقتصر على نحو 170 ألف فلسطيني يعيشون بين صيدا وصور وساحل إقليم الخروب فحسب، بل طال اللبنانيين الذين لمسوا الثقل الفلسطيني في اقتصادهم (تقرير آمال خليل).
منذ ساعات الفجر، أقفلت مداخل المخيمات الرئيسية في صور وصيدا بالإطارات المشتعلة، ونُفّذت وقفات حاشدة طالبت باستثناء الفلسطينيين من خطة وزارة العمل لـ«مكافحة» العمالة الأجنبية. التحركات الكبرى سجلت في صيدا، بوابة الجنوب، وعين الحلوة، عاصمة الشتات. على وقع هتاف «70 سنة لاجئ فجأة بتصير أجنبي» و«أنت ظالم يا وزير وقف كل الي عم يصير»، جابت مسيرات متتالية أرجاء المخيم، وسط إقفال تام للمحال. كذلك جابت مسيرة سيارة شوارع صيدا تضامناً مع اللاجئين.
التعبير الأبرز عن الرفض لم يكن بدخان الإطارات التي ملأت أجواء المخيمات، بل بإجراءات المقاطعة للبضائع اللبنانية. «الجوع ولا المذلة»، شعار رفعه ناشطون فلسطينيون لتشجيع أهالي المخيمات على التوقف عن شراء الخضر واللحوم والمواد الغذائية وسائر البضائع من الأسواق اللبنانية، بهدف الضغط اقتصادياً على الحكومة للتراجع عن القرار. غالبية الفلسطينيين لبّوا النداء، ما انعكس حركة خفيفة على الأسواق وخسائر بين التجار في «حسبة» الخضر في صيدا وصور، حيث تكدست البضائع. كذلك خسرت المسالخ عدداً كبيراً من زبائنها.
وفي إجراءات تصعيدية، انتشرت دعوات إلى الالتزام اليوم بالتوقف عن استخدام السيارات بهدف عدم شراء المحروقات من المحطات اللبنانية. دعوات المقاطعة وصلت إلى سجائر «سيدرز» وخط «فانات» صيدا ــ صور، حيث عدد كبير من سائقي الباصات العمومية من الفلسطينيين.