اليوم هو الرابع عشر من آب 2019.
اليوم، يحتفل المواطنون بذكرى "النصر الإلهي" الذي صنعوه قبل ثلاثة عشر عاماً.
يفتخرون بما بذلوا من أنفس ودماء ومال وبكل ما ضحوا به، آنذاك، حتى جعلوا "إسرائيل" تَفِرُّ من هولهم وترضخ لإرادتهم في الرابع عشر من آب عام 2006.
يحتفلون ويفتخرون بأن المقاومة الوطنية اللبنانية ردت يد "إسرائيل" عن لبنان. كفتها. ردعتها، حتى صارت تتوسل الحماية الأميركية المباشرة.
لَكَم تغير الزمان وكيف. منذ ثلاثة عشر عاماً والمقاومة تكسر صلف الصهيونية والإمبريالية كل صباح.
منذ نهاية عدوانها على وطننا المفدى في ذاك الـ "14 آب"، صارت أيام "إسرائيل" سوداء. بات طريقها مظلماً. فالمقاومة سدت على المشروع الصهيوني باب المستقبل.
في هذه الذكرى المجيدة لا بد أن ننحني امام شهداء "حرب تموز" وجرحاها وأسراها. لقد انتزعوا من العدوان كتاب التاريخ وحفروا للبنانيين فيه مكاناً سامياً، سموَّ الحرية والإستقلال.
البناء
إيران تستعيد السبت ناقلتها المحتجزة… وسورية تستعدّ للنقلة النوعية في معارك إدلب
لبنان يحتفل بيوم النصر… و«القومي» لترسيخ ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة
الحريري في واشنطن: إيجابيات مالية وتوقعات متفائلة مع مؤسسات التصنيف
اليد العليا لمحور المقاومة تبدو ثابتة الحضور في ذكرى انتصار المقاومة في حرب تموز 2006. ففي 14 آب 2006 كانت نهاية الحرب التي خرجت منها المقاومة ترفع شارة النصر وتؤكد مقولة التحرير عام 2000 أن «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت». وفي الذكرى تأكيدات من طهران ودمشق وبيروت وفلسطين على معاني النصر، وحضور لمعادلات جديدة تؤكد أن ما جرى شكل نقطة بداية لمسار لا يزال مستمراً. ففي حرب الناقلات التي اشتعلت بين مضيق جبل طارق ومضيق هرمز، أكدت المعلومات أن إيران ستستعيد ناقلتها المحتجزة لدى سلطات جبل طارق بقرار بريطاني وتشجيع أميركي دون مقايضتها بالناقلة البريطانية، التي سينظر في أمرها لاحقاً، وربما يفرج عنها، لكن الخطوة الأولى مطلوبة من بريطانيا، كما قالت مصادر متابعة لملف الناقلات الذي يختزن كل عناصر التجاذب والتوتر ومصادر القوة بين الحلفين المتقابلين على ضفاف مضيق هرمز، إيران من جهة ومقابلها كل أطراف الحلف الأميركي البريطاني الخليجي الإسرائيلي على الضفة المواجهة. وليس بعيداً وفي الساحة الفاصلة لحروب المنطقة التي شكلتها سورية ولا تزال، وحيث الجغرافيا الوحيدة التي تتحرك فيها القوات وتتغيّر فيها المعادلات، يبدو أن ساعة النقلة النوعية في الحرب التي يخوضها الجيش السوري بدعم روسيا والحلفاء لم تعد بعيدة مع إحكام الطوق حول مدينة خان شيخون التي ارتبط اسمها بتأريخ التحولات النوعية في مسار الحرب.
في ذكرى النصر يستحضر اللبنانيون تاريخ تلك المرحلة وما فيها من شموخ وكبرياء وعزة، رغم التضحيات والمجازر والخراب والدمار، فقد خرج لبنان البلد الصغير منتصراً بإمكانيات متواضعة على القوة العظمى في الشرق التي مثلها كيان الاحتلال لأكثر من نصف قرن، فرض خلالها معادلاته على الجيوش العربية واحتلّ ما شاء من الأراضي العربية، وجعل التهديد بالحرب سبباً كافياً كما التلويح بوعد عدم خوضها، لفرض العصر الإسرائيلي على المنطقة، التي دخلت مع النصر في 14 آب 2006 عصر المقاومة، وفقاً لمعادلة رسمها في خطاب النصر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بقوله، ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات.
في ذكرى النصر قال الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان له بالمناسبة إنّ الانتصار أظهر مصادر القوة اللبنانية بالاستناد إلى ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة التي يجب ترسيخها، كما أظهر معادلات قدرة الردع بوضع المطار مقابل المطار والمرفأ مقابل المرفأ، ساخراً من التهديدات الإسرائيلية بحرب مدمّرة، داعياً لاستثمار هذه الإنجازات في خطة لتحرير المناطق المحتلة من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ولحماية استثمار لبنان لثروته من النفط والغاز التي تتعرّض لمخاطر الأطماع الإسرائيلية، متوجهاً للحكومة بالدعوة لإنهاء ملف النازحين السوريين عبر حوار مباشر مع الحكومة السورية.
على المسار الحكومي عطلة الأعياد وسفر رئيس الحكومة سعد الحريري إلى واشنطن يجعلان الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء مؤجلة للأسبوع المقبل، وبالانتظار يواصل الرئيس الحريري اجتماعاته بالمسؤولين عن الملف المالي في وزارة الخزانة الأميركية، ويستعد للقاء مدراء في وكالات دولية للتصنيف الائتماني، وتتحدث مصادر متابعة عن إيجابيات وتوقعات متفائلة.
وأكد الحزب السوري القومي الاجتماعي بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لانتصار 14 آب 2006، أنه في الرابع عشر من آب 2006، رفع لبنان رايات النصر، في حين جرّ العدو الصهيوني أذيال الهزيمة، بعد حرب عدوانية شنّها لتصفية المقاومة وإقامة «شرق أوسط جديد». وفي تلك الحرب استخدم العدو ما يسمّى «نخبة» قواته وكلّ آلته الحربية الفتاكة واستفاد من أقصى درجات الدعم الأميركي على مدار الساعة.
وقال إنّ حرباً عدوانية بضخامة حرب تموز ـ آب 2006، حظيت بدعم أميركا وحلفائها الغربيين وأدواتها في المنطقة، وترافقت مع مجازر ارتكبت بحق الأطفال والمدنيين وسياسة الأرض المحروقة، كانت كفيلة بأن تسقط دولاً وجيوش، غير أنّ لبنان لم يسقط، لا بل هو من أسقط «إسرائيل» وأسقط كلّ من وقف معها وساندها في حربها ومجازرها.
وشدد على أنّ الانتصار الذي تحقق في 14 آب 2006، تأسّست عليه معادلات جديدة، باتت راسخة في أيّ مواجهة مقبلة، أبرزها معادلة الردع، المطار بالمطار والمرفأ بالمرفأ والمصنع بالمصنع، وكذلك معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت جدواها. وما الانتصار الثاني الذي تحقق على الإرهاب في سلسلة الجرود الشرقية للبنان سوى ترجمة ميدانية لقوة وفاعلية معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وأضاف: لأنّ لبنان انتصر، وفرض قواعد جديدة ومعادلات مجدية، فإننا ننظر بازدراء إلى كلّ من يهدّد لبنان بـ «حرب مدمّرة»، سواء صدر هذا التهديد عن قادة العدو الصهيوني أنفسهم، أو عن بعض وكلائهم وأدواتهم الذين لا زالوا يتوهّمون بأنّ «اسرائيل» قوة لا تُقهر! أما مَنْ لم يصدّق بإنّ «اسرائيل» هُزمت في لبنان، عليه أن يقرأ جيداً تقرير «فينوغراد» وملحقاته، وأن ينظر إلى حالات الوهن والرعب والخوف التي تسيطر على جنود العدو وضباطه، وأن يقرأ في المقابل إنجازات المقاومة والجيش في لبنان وسورية والعراق.
وشدّد «القومي» على أهمية التمسك بعناصر قوة لبنان، لا سيما ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، وبأن نستثمر في عناصر القوة هذه، لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الجنوبي من قرية الغجر، ولمنع العدو من سرقة حقول الغاز والنفط، ومواجهة انتهاكاته للسيادة اللبنانية بحراً وجوا وبراً. وهذه أولويات وطنية، والكلّ مطالب بأن يعمل تحت سقف هذه الأولويات. ونأسف لأنّ البعض في لبنان يتبرّع بنقل رسائل التهديد «بحرب مدمّرة» على لبنان، علماً أنّ مفعول رسائل التهديد لا يصيب إلا حامليها…!
وأكد أولوية تحصين لبنان، من خلال تثبيت دعائم الوحدة والاستقرار وحماية السلم الأهلي، ففي تثبيت هذه المرتكزات الثلاثة مصلحة للبنان واللبنانيين. كما نؤكد بأنّ التحصين الوطني يتطلب الخروج من نفق النظام الطائفي المظلم، إلى رحاب دولة المواطنية المدنية الديمقراطية القوية والقادرة والعادلة، والقضاء على آفة الطائفية والمذهبية التي لا تنتج إلا الفتن والأزمات.
ودعا الحكومة اللبنانية مجتمعة إلى أن تضع البوصلة في الاتجاه الصحيح تحقيقاً لمصالح لبنان واللبنانيين. وأن لا تتقبّل أيّ إملاء خارجي، يمنعها من التواصل والحوار مع الحكومة السورية، في وقت يحتاج لبنان إلى سورية لتصدير إنتاجه وازدهار تجارته، ولحلّ أزمة النزوح. وأن ترفض أيّ مسار يؤدّي إلى توطين الفلسطينيين والإطاحة بحق العودة. وأمام الحكومة مجتمعة فرصة للسير في الاتجاه الصحيح، ومواجهة الضغوط التي تمارَس على لبنان من خلال العقوبات تحت عناوين استهداف مقاومته.
وقال «القومي» في بيانه «إننا في ذكرى 14 آب، إذ نؤكد على التمسك بخيار المقاومة، فإننا نتوجّه إلى الشهداء الذين ارتقوا، إلى كلّ مقاوم صمد وضحّى واستبسل، إلى الناس وقد التفّت حول المقاومة والجيش، إلى كلّ هؤلاء نتوجّه بتحية إكبار، لأنهم حققوا النصر للبنان، وألحقوا الهزيمة بأعتى قوة عنصرية معادية.
وأكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان لبنان شعباً ومقاومة أثبت للعالم إمكانية هزيمة الكيان الصهيوني، ولا يمكن لهذا الكيان مهما أراد أن يقوم بشن الحروب وإشعال النار وإراقة الدماء ضد شعوب هذه المنطقة.
دخلت الحركة السياسية محلياً، في اجازة منذ يوم السبت الماضي وتستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل اذ يصادف غداً عيد السيدة العذراء، حيث من المتوقع ان يواصل المعنيون إجازاتهم الصيفية لمناسبة عيدي الاضحى والسيدة، علماً أن كل الانظار تتجه نحو الولايات المتحدة الأميركية التي يزورها الرئيس سعد الحريري وسوف يلتقي غداً الخميس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وعدداً من المسؤولين الأميركيين.
وتلفت مصادر متابعة لزيارة الحريري لواشنطن لـ«البناء» إلى أن رئيس الحكومة يذهب الى الولايات المتحدة مرتاحاً، فهو منذ لقاء المصارحة والمصالحة في بعبدا بات هامش مواقفه واسعاً، ولن يكون اسير تسوية سياسية كانت تدفعه مرات عدة الى مسايرة الوزير جبران باسيل وغض النظر عن الكثير من الامور، صحيح أنه ملتزم التسوية الرئاسية مع رئيس الجمهورية، لكنه أيضاً متمسك بالطائف وصلاحيات مجلس الوزراء والتوازنات السياسية. ولفتت المصادر الى ان الحريري سوف يتحدث للأميركيين عن حزب الله لجهة انه مكوّن أساسي في البلد وممثل في مجلس النواب والوزراء والتعاطي معه أمر طبيعي، من دون ان يعني ذلك ان الحريري سوف يطلب من الأميركيين تخفيف العقوبات الاقتصادية على الحزب. واعتبرت المصادر ان رئيس الحكومة سوف يناقش مع الأميركيين الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، والإصلاحات التي قامت بها الحكومة وضرورة الفصل بين لبنان الدولة وحزب الله في سياق ضغوط واشنطن الاقتصادية على حزب الله. ورأت المصادر ان الحريري سيبحث مع المسؤولين الأميركيين ملف ترسيم الحدود فضلاً عن الدعم العسكري للجيش اللبناني، وسوف يؤكد التزام لبنان بـ1701 والقرارات الدولية.
والتقى الحريري في واشنطن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي بحضور الوزير السابق غطاس خوري. وجرى البحث في الإجراءات المالية ولا سيما ما يتعلق بقطاع المصارف. وأبدى المسؤول الأميركي ارتياحه لسياسة مصرف لبنان وما تقوم به المصارف اللبنانية.
في المقابل، لفت وزير الشباب والرياضة محمد فنيش في حديث لوكالة «المركزية» الى «ان تاريخ «الأميركان» معروف بعدوانيتهم تجاهنا ومواقفهم المُنحازة لإسرائيل ومشاريعهم التي لا تخدم المنطقة». وفي حين شدد على «اولوية انتظار نتائج زيارة واشنطن وما سيُعلنه الرئيس الحريري في شأنها لنبني على الشيء مقتضاه»، اشار الى «أن هناك قوى سياسية مسؤولة معنية في كيفية التعامل والتعاطي مع مواقف الدول الخارجية بما يحفظ تماسكنا الداخلي ومصلحتنا الوطنية ووحدتنا وسيادة واستقلال لبنان»، وأكد «أن الجوّ في البلد جيّد والمهم ألا نسمح للأميركي بالدخول علينا كي يُعكّره او يُسيء لأي طرف داخلي».
الى ذلك ينتقل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نهاية الاسبوع إلى مقره الصيفي في بيت الدين وكان الرئيس عون تواصل هاتفياً يوم الاثنين برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان وبحث مع كل منهما تطورات الاوضاع المحلية.
وأكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«البناء» أن اتصال الرئيس عون بالنائب جنبلاط كان إيجابياً، لافتة الى ان لا شيء يمنع ان يزور رئيس الاشتراكي الرئيس عون في مقره الصيفي في بيت الدين، ونحن كنا دوماً على استعداد لتطوير العلاقة مع رئيس الجمهورية وسوف نعمل على ذلك بعد لقاء المصالحة. ومع ذلك اعتبرت المصادر أن هناك اموراً كثيرة يجب عدم المس بها معتبرة ان ملف التعيينات على ابواب مجلس الوزراء، وبالتالي لا أحد يمكنه التدخل في التعيينات المتصلة بالطائفة الدرزية طالما نحن لا نتدخل بالتعيينات المسيحية او غيرها.
وليس بعيداً ترددت معلومات ان الرئيس نبيه بري يتجه لإحياء لقاءات الحزب الاشتراكي – حزب الله والتي كانت قد بدأت بلقاء واحد يتيم على امل إجراء مصالحة بين الحزبين تعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل ان تتوتر على خلفية قرار وزير الصناعة وائل ابو فاعور في ما خص إبطال قرار وزير الصناعة السابق حسين الحاج حسن في ما خص معمل الاسمنت في عين دارة.
وتوقعت اوساط سياسية لـ«البناء» ان تعود جلسات مجلس الوزراء الأسبوع المقبل بشكل متتالٍ، مع اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على ضرورة تكثيف الجلسات لأن امام الحكومة ملفات كثيرة تتصل بالتعيينات والوضع الاقتصادي وسيدر وماكينزي.
في غضون ذلك، حطّت وزيرة الداخليّة والبلديّات ريّا الحسن في الديمان، حاملة للبطريرك الماروني ملفاً يوضح حقيقة ما يحصل خلال تحقيقات فرع المعلومات والتي كانت محط انتقاد البطريرك الراعي الاسبوع الماضي. وقالت الحسن من الديمان ان «الشعبة» لا تقوم بأي استهداف لأية طائفة، وانا أجزم بذلك، ومتأكدة منه، ونحن نعمل بكل شفافية وحرفية، لافتة الى انها سلمت البطريرك الراعي بعض التقارير والقرائن بأن الموقوفين لا يتعرضون لأي نوع من التعذيب والتنكيل، وأضافت «الاهم ان ما من احد معصوم عن الخطأ، ولكن في الوقت نفسه علينا الا نقحم الأجهزة الأمنية بأية مناكفات سياسية لانها تضر بسمعتهم وبسمعة لبنان. ومن الضروري ان نحيد الأجهزة الأمنية والقضائية من قيادة الجيش، لأمن الدولة، والأمن العام، للأمن الداخلي، عن المناكفات السياسية، ويجب أن لا يتعرضوا لأية حملة، لأنها تضر بنا كلبنانيين، مسلمين ومسيحيين».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
نصبة «تاتش» ــ تابع: 110 ملايين دولار!
التضليل هو تحديداً ما مارسه وزير الاتصالات محمد شقير في مؤتمره الأخير عن صفقة شراء مبنى «تاتش» التي وصفها بإنجازه الأوّل في الوزارة، باعتبار أنها أدّت إلى استملاك المبنى المذكور بقيمة أقل من بدلات استئجاره بنحو 21 مليون دولار… إلّا أن المستندات التي حصلت عليها «الأخبار» تبيّن أن حسابات شقير خاطئة، وأن القيمة الفعلية لشراء المبنى تزيد بنحو 52 مليون دولار على قيمته السوقية الفعلية، وهي بكلّ الحالات أكثر بنحو 30 مليون دولار من الرقم المُعلن رسمياً، إذ وصلت إلى 103 ملايين دولار، ويتوقع أن تنتهي عند 110 ملايين دولار (تقرير فيفيان عفيفي).
تنطوي صفقة شراء مبنى «تاتش» المشبوهة (في وسط بيروت) على مرحلتين وسيناريوهين: المرحلة الأولى تتمثّل بالسيناريو الأساسي الذي، بناءً عليه، أعدّت الصفقة بين رئيس مجلس إدارة شركة «ميك 2» (المشهورة باسم «تاتش»، والمملوكة من الدولة اللبنانية، والمالكة لواحدة من شبكتي الهاتف الخلوي – تديرها شركة «زين») بدر الخرافي ووزير الاتصالات السابق جمال الجرّاح (ومَن يمثِّل)، لاستئجار مبنى «تاتش» الجديد من نبيل كرم صاحب شركة SEG، الذي تربطه علاقة عمل بـ«مجموعة الخرافي» في الكويت، وفق ما يظهر على موقع الشركة الإلكتروني. أمّا المرحلة الثانية، فتتمثّل بالسيناريو المعدّل الذي نتج من انكشاف الصفقة، وتدخّل رئيس الحكومة سعد الحريري عبر وزير الاتصالات محمد شقير لإطاحة السيناريو الأول.
السيناريو الأساسي كان يقضي بتملّك مجموعة من الأفراد، ومنهم حسيّن عيّاش، الغطاء المفترض لبدر الخرافي (راجع «الأخبار»، 8 آب 2019)، البلوكين B وC في العقار 1526/ الباشورة. وفي هذا السياق، جرى الاتفاق مع نبيل كرم، صاحب شركة «سيتي دفلوبمنت» مالكة العقار، على تأجير «ميك 2» البلوكين المذكورين بقيمة 6.4 ملايين دولار سنوياً، على الرغم من أنهما لم يكونا منجزين بالكامل، في مقابل، تحويل «ميك 2» مبلغ 22.6 مليون دولار إلى كرم، بغية إكمال بناء البلوكين. وهو ما سمح لكرم بإكمال المبنى الخاصّ به من المال العام، وبالتالي رفع قيمة الإيجار من 4 ملايين دولار، وفقاً لتقرير التخمين العقاري الوارد في المراسلات بين «ميك 2» ووزير الاتصالات السابق جمال الجرّاح، إلى 6.4 ملايين دولار. ويجدر التذكير بأن «ميك 2» إنما تنفق من المال العام، لأن ما يدفعه مشتركو الهاتف الخلوي للشركتين المشغّلتين («تاتش» و«ألفا») إنما هو مال عام تجبيه الشركتان لحساب خزينة الدولة.
بالتوازي مع المفاوضات القائمة بين «ميك 2» وكرم، أُنشئت شركة AC Realty التي يملكها حسين عيّاش للقيام بتملّك البلوكين B وC من خلال الاستحصال على قرض مالي طويل الأجل من فرنسبنك بقيمة 22 مليوناً و174 ألف دولار أميركي لتمويل عملية الشراء، وفق محاضر الجمعيات العمومية للشركة، في مقابل التنازل لفرنسبنك عن كامل المبالغ الناجمة عن بدلات الإيجار المعقود مع شركة «ميك 2» لدفع أقساط القرض والفوائد المترتبة عنه، مع التأمين على القرض بضمانة العقار 1526/ الباشورة المملوك من شركة «سيتي ديفلوبمنت».
ما يعني بصورة أوضح، أنّ كرم كان ينوي بيع البلوكين B وC بقيمة 44.8 مليون دولار (22.6 بتمويل مباشر من «ميك 2» لإكمال المبنى، و22.2 مليون دولار بموجب قرض حصلت عليه شركة AC Realty بضمانة عقد الإيجار الموقّع مع «ميك 2» ورهنية العقار)، وهو ما يعدّ صفقة مجزية لكرم، لأنه كان عاجزاً عن بيع البلوكين بالقيمة المذكورة قبل إنجازهما، ويعني أيضاً أن AC Realty تكون قد تملّكت البلوكين B وC في العقار المذكور من دون دفع أي مبلغ من أموالها الخاصّة، باعتبار أن القرض الذي كانت تنوي الاستحصال عليه لدفع القيمة الباقية من البلوكين، ستُسدّد أقساطه من الإيجار الذي ستدفعه «ميك 2».
هذا يعني أيضاً أن «ميك 2» كانت ستدفع نحو 98.6 مليون دولار خلال عشر سنوات من المال العام (يقول شقير إنها 75 مليون دولار)، بدل إكمال بناء المبنى واستئجاره (91.1 مليون دولار)، وبالإضافة إلى صيانته وتشغيله ونقل الداتا سنتر وتأمين المواقف (7.5 ملايين دولار)، علماً أنه كان هناك خيارات بديلة مُتاحة أمامها وأقل كلفة، وفقاً لمصادر إدارية من داخل «تاتش»، ولا سيّما أن وزارة الاتصالات تمتلك عقاراً شاسعاً في منطقة الدكوانة، وهو كافٍ لانتقال كلّ من شركتي «ميك 2» و«ميك 1» وبناء الداتا سنتر والتجهيزات التي يجري التخطيط لها.
والسؤال هنا، بما أن كرم كان ينوي بيع البلوكين B وC بقيمة 44.8 مليون دولار لـAC Realty، من كان سيستفيد من قيمة بدلات الإيجار الباقية من السنوات الأخرى، التي تصل إلى 46.1 مليون دولار حتى السنة العاشرة من العقد؟
السيناريو المعدّل
أدى انكشاف هذه العملية برمّتها إلى التعديل الحاصل في الصفقة، أي شراء «ميك 2» للمبنى بدلاً من استئجاره، وهو خيار كان قد «رفضه كرم رفضاً قاطعاً» وفق ما جاء في مراسلات «ميك 2» إلى الوزير الجرّاح خلال المفاوضات مع كرم. فأعيد خلط الأوراق، وتوجّه وزير الاتصالات محمد شقير بتكليف من الرئيس الحريري إلى استملاك المبنى المذكور بدلاً من إلغاء الصفقة ومحاسبة المتورّطين فيها، علماً أنها تمّت بقيمة تتجاوز ضعفي القيمة الفعلية للبلوكين في السوق راهناً.
وفق تصريحات شقير في مؤتمره الصحافي، الأسبوع الماضي، بلغت قيمة شراء المبنى نحو 73 مليون دولار، لكن فعلياً ما دفعته «ميك 2» لتملّك المبنى يصل إلى 103 ملايين دولار من المال العام، أي أكثر من ضعفي القيمة الفعلية للمبنى، التي تقدّر بنحو 51 مليون دولار وفقاً لأسعار السوق، وفي جميع الحالات أكثر بنحو 30 مليون دولار من الرقم الذي أعلنه شقير. يُضاف إلى ما تقدّم تكبّد «ميك 2» نحو 7.5 مليون دولار بدل مواقف إضافية لموظّفيها وصيانة المبنى وتشغيله ونقل الداتا سنتر.
وينقسم ثمن شراء المبلغ كالآتي: 22.6 مليون دولار دفعت نقداً لاستكمال تشييد المبنى، 6.4 مليون دولار بدل إيجار السنة الأولى، و68.6 مليون دولار ثمن بيع المبنى وفق عقد البيع، بالإضافة إلى 5.1 ملايين دولار قيمة الفوائد المترتبة عن تقسيط المبلغ على ثلاث سنوات، ونحو 234 ألف دولار لفضّ عقد الإيجار وإبرام عقد بيع.
وهو ما يعني أن كرم حصّل 96.3 مليون دولار (22.6 مليون دولار لإنهاء المبنى، و68.6 مليون دولار لبيعه، و5.1 ملايين دولار فوائد التقسيط)، فضلاً عن مبلغ 6.4 ملايين دولار كإيجار العام الأول الذي لم تُعرَف بعد الجهة الحقيقية التي تقاضته. وهذا المبلغ (الذي لم يكن ليحصل عليه لولا تقاضيه 22.6 مليون دولار من المال العام لإكمال المبنى) أكثر بنحو 51.5 مليون دولار من قيمة بيع البلوكين لـ AC Realty بنحو 44.8 مليون دولار وفق السيناريو الأساسي، وأيضاً أكثر بنحو 45.3 مليون دولار من القيمة الفعلية للبلوكين في السوق راهناً، البالغة 51 مليون دولار. فهل هو المستفيد الفعلي من هذه الأموال، أم ثمّة مستفيدون آخرون؟
ليس بالصدفة تُركّب الصفقات
9 كانون الثاني 2017: طلب الوزير جمّال الجرّاح من «ميك 2» تقريراً عن المساحات المستعملة في المبنى الرئيسي الذي تشغله.
23 كانون الثاني 2017: قدّمت الشركة تقريراً يبيّن أنها تشغل مساحة 8.543 متر مربع، وأنها تحتاج إلى 13.514 متر مربع، وبدأت البحث عن مبنى جديد للإيجار.
26 تموز 2017: قدّمت «ميك 2» إلى الجرّاح عرضاً أولياً من الشركة المالكة لمبنى Rive Gauche في كورنيش النهر، وتبلغ مساحته 9.185 متر مربع (بما فيها المواقف). وطلبت موافقة الوزير لتكليف خبراء بإجراء تخمين ومسح عقاري للمبنى.
1 آب 2017: وافق الجرّاح على طلب تعيين خبراء تخمين عقاري، وطلب البحث عن خيارات أخرى.
21 كانون الأول 2017: قدّمت «ميك 2» أربعة عروض، ثلاثة منها مرفوضة شكلاً، كونها لا تستوفي شروط المساحة المطلوبة، ليرسو الخيار على «سيتي دفلوبمنت» التي عرضت تأجير البلوكين B وC في العقار 1526/ الباشورة (وسط بيروت)، وتبلغ مساحتهما 14.700 متر مربع، مع العلم أنهما كانا لا يزالان قيد الإنشاء ولم يُنجزا بالكامل («على العظم»).
23 كانون الثاني 2018: طلب الجرّاح التفاوض مع «سيتي دفلوبمنت» لإنجاز المبنى قبل 31/12/2018 للانتقال إليه في مطلع عام 2019، وتعيين خبير عقاري لتخمينه، وأيضاً استئجاره منها بالتوازي مع ذلك.
26 نيسان 2018: تأسيس شركة AC Realty المملوكة من حسين عيّاش (998 سهماً)، وهو الغطاء المفترض لبدر الخرافي بالإضافة إلى كلّ من سيرج عيروط وعلاء مروة (سهم واحد لكل منهما) وهما محاميان يعملان لدى صاحب شركة «سيتي دفلوبمنت» نبيل كرم، بهدف شراء البلوكين B وC المذكورين على الرغم من وجود مفاوضات مع «ميك 2» لاستئجارهما.
2 أيار 2018: قدمت «ميك 2» عرض شركة «سيتي دفلوبمنت» الذي يقضي بتأجير المبنى بمبلغ 6.9 مليون دولار سنوياً (مع زيادة بنسبة 1.5% سنوياً) بدءاً من 01/01/2019 ولمدّة 15 عاماً، قابلة للفضّ عند السنة العاشرة، أي بمعدّل 435 دولاراً للمتر الواحد، وذلك خلافاً لتقرير التخمين العقاري الذي قدّر كلفة إيجار المتر المربّع في وضع المبنى (قيد الإنشاء وغير منجز) بمعدّل 282 دولاراً أي 4.1 مليون دولار سنوياً. وذلك، في مقابل أن تقوم «ميك 2» بدفع 22.6 مليون دولار نقداً ودفعة واحدة لصالح شركة SEG المملوكة من نبيل كرم صاحب العقار المذكور لإكمال المبنى، على الرغم من اعتراف «ميك 2» بأن أسعار التجهيزات والعناصر التي قدّمتها SEG لضرورات إكمال المبنى هي أعلى بنسبة 20% من أسعار السوق، فضلاً عن وجود نقص بنحو 325 موقفاً للسيارات وهو ما يتطلّب كلفة إضافية بنحو 350 ألف دولار سنوياً ستتكبّدها «ميك 2».
2 أيار 2018: تأسيس BC 1526 المملوكة من نبيل كرم (2890 سهماً)، وكلّ من مينرفا دهان ومارون الحلو (10 أسهم لكلّ منهما) وهما موظّفان في شركة كرم.
14 أيار 2018: وافق الجرّاح على عقد الإيجار لمدّة 15 عاماً، وطلب إمكانية تخفيضه إلى 6.1 مليون دولار، مع إنهاء العقد من دون دفع أيّ تعويضات عند السنة العاشرة، وكذلك وافق على دفع 22.6 مليون دولار كحدّ أقصى لإنجاز المبنى.
24 أيار 2018: عقدت AC Realty جمعية عمومية بحضور كلّ من حسين عيّاش وسيرج عيروط وعلاء مروة، وتم الاتفاق على حصولها بالتكافل مع شركة BC 1526 على قرض مالي طويل الأجل من فرنسبنك بقيمة 22 مليوناً و174 ألف دولار أميركي لتمويل عملية شراء البلوكين B وC. في مقابل التنازل لصالح فرنسبنك عن كامل المبالغ الناجمة عن بدلات الإيجار المعقود مع شركة «ميك 2»، مع التأمين على القرض بضمانة العقار 1526/ الباشورة.
29 حزيران 2018: عرضت «ميك 2» على الوزارة نتائج المفاوضات الجديدة مع كرم، والتي قضت بتخفيض قيمة الإيجار من 6.9 مليون إلى 6.4 مليون دولار سنوياً.
4 تموز 2018: وافق الجرّاح على كلّ الطلبات.
6 تموز 2018: عقدت AC Realty جمعية عمومية أعادت فيها تأكيد القرارات المتّخذة في جلسة 24 أيار 2018.
11 تموز 2018: عقدت شركة «سيتي دفلوبمنت» جمعية عمومية وافقت فيها على إدخال شركتي BC 1526 وAC Realty Group ضمن عقد التأمين الممنوح من قِبلها لفرنسبنك (رهنية العقار لصالح المصرف) كضمانة لجميع المبالغ المتوجّبة أو ستتوجّب بذمّة AC Realty Group وBC 1526 لفرنسبنك، والمحدّدة بثمن شراء البلوكين B وC.
13 تموز 2018: تم توقيع عقد الإيجار مع «ميك 2» لمدة 15 سنة، بقيمة 6.4 مليون دولار للسنة الأولى وتم دفعها في حينها، أي قبل اكتمال المبنى وانتقال الموظّفين إليه، على أن ترتفع هذه القيمة بنسبة 1.5% سنوياً ليصل مجموعها إلى 68 مليوناً و500 ألف دولار في السنة العاشرة التي يمكن خلالها فضّ العقد دون دفع أي تعويضات.
15 شباط 2019: كشف النائب جورج عدوان عن صفقة مبنى «تاتش» للمرّة الأولى.
22 أيار 2019: حرّكت لجنة الاتصالات النيابية ملف صفقة مبنى «تاتش»، وكشف النائب جميل السيّد عن تفاصيل متعلّقة بهذه الصفقة في مؤتمر صحافي.
حزيران 2019: إعلان وزير الاتصالات محمد شقير عن نيّته شراء مبنى «تاتش».
30 تموز 2019: عقدت «سيتي دفلوبمنت» جمعية عمومية تم الاتفاق خلالها على بيع كامل العقار 1526 أو أقسام منه.
31 تموز 2019: توقيع عقد البيع بين «سيتي دفلوبمنت» و«ميك 2» بقيمة 68 مليوناً و600 ألف دولار.
3 آب 2019: تحويل «ميك 2» الدفعة الأولى من ثمن المبنى، بقيمة 23 مليوناً و600 ألف دولار على أن تستحق في 08/08/2019، وأن تدفع المبالغ المتبقية على ثلاث دفعات حتى سنة 2022 (15 مليون دولار سنوياً). بالإضافة إلى مبلغ 5.1 مليون دولار قيمة الفوائد المترتبة عن تقسيط المبلغ على ثلاث سنوات.
7 آب 2019: تسجيل استقالة حسين عيّاش من مجلس إدارة AC Realty في السجل التجاري، وتخلّيه عن كامل أسهمه لصالح نجيب كرم.
8 آب 2019: انعقاد جلسة للجنة الاتصالات النيابية للاستماع إلى وزير الاتصالات محمد شقير عن تفاصيل الصفقة، وإعلان رئيس اللجنة النائب حسين الحاج حسن موعداً لجلسة ثانية في 2 أيلول 2019 لاستكمال البحث في الملف.
حتى تاريخ اليوم: لم يتحرّك القضاء…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
«وَضْع لبنان المالي» بين الحريري ومسؤولين أميركيِّين
«مصارحة الجبل» تفتح الطريق إلى بيت الدين… والنفايات إلى أزمة بين جريصاتي وكرامي
يسود اتفاق بين مختلف الأوساط المتابعة لسير الاشتباكات والانفراجات، مؤداه ان أزمة تمويل الدولة، واستحقاقاتها كانت وراء سرعة الانفراج السياسي، الذي تمثل بلقاء «المصارحة والمصالحة» الخماسي، الذي يحرص الرئيس نبيه برّي على تحصينه بمصالحات إضافية، ونزع الألغام امام استحقاقات ما بعد آب اللهاب، والانصراف إلى ورشة موازنة العام 2020، ومعالجة مفاعيل العقوبات واعتراضات البنك الدولي على رغبة مصرف لبنان الاكتتاب بسندات خزينة تصدرها وزارة المالية اللبنانية بقيمة 12 ألف مليار ليرة لبنانية، بفائدة 1٪.
وهذا الموضوع بحثه الرئيس سعد الحريري في واشنطن مع مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي بحضور الوزير السابق غطاس خوري وجرى البحث في الإجراءات المالية ولا سيما ما يتعلق بقطاع المصارف.
وذكرت مصادر مقربة من الرئيس الحريري إلى ان اللقاء مع بيلينغسلي كان جيداً والمسؤول الأميركي أبدى ارتياحه لسياسة مصرف لبنان وما تقوم به المصارف اللبنانية. وسيلتقي الرئيس الحريري غداً الخميس وزير الخارجية مايك بومبيو، ثم ديفيد شنكر الذي حل مكان ديفيد ساترفيلد كمساعد لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ثم ستكون لقاءات في الكونغرس.
وعلمت «اللواء» ان العناوين الأساسية لـ اللقاءات:
1- وضع لبنان تجاه ما يجري في المنطقة، للحؤول دون فرض اجندات توطين أو ما له علاقة بالنازحين السوريين، وان يكون أي حل على حساب لبنان.
2- ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في ضوء مهمة ساترفيلد، وما حققته.
3- إعطاء دفع لتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر، خاصة في ضوء إقرار الموازنة والاصلاحات.
4- موضوع العقوبات التي تطال جهات لبنانية لا سيما مقربين من حزب الله.
وإذا كان لقاء المصالحة والمصارحة في بعبدا، فتح الطريق امام الرئيس ميشال عون لقضاء مداومة صيفية تقليدية في قصر بيت الدين، فإن النائب السابق وليد جنبلاط دعا إلى الابتعاد عن السجال والتحدي ما دامت المصالحة تحققت.
بانتظار الأسبوع المقبل
في هذا الوقت، بقيت البلاد في مدار عطلة عيدي الأضحى وانتقال السيدة العذراء، بانتظار ما سيحصل من تطورات الأسبوع المقبل، بعد انتقال رئيس الجمهورية ميشال عون بعد غد الجمعة إلى المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، وترقب ردة فعل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على انتقال الرئيس معقل الحزب في الشوف، وكذلك بانتظار زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى واشنطن والتي ترتدي طابعين، خاصاً لجهة انتقال ابنته إلى الجامعة في أميركا وطابعاً رسمياً بلقاء وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو المقرّر غداً الخميس وربما نائب الرئيس مايك بنس، إضافة إلى ترقب ما بعد لقاء «المصارحة والمصالحة» في قصر بعبدا يوم الجمعة الماضي والذي أسفر عن احياء جلسات مجلس الوزراء، بجلسة انعقدت السبت أقرّت جدول اعمال جلسة الثاني من تموز، فيما لم يصل لقاء بعبدا إلى حدّ وضع أطر المصالحة الشاملة الكاملة بين جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، وان كان أرسى ضوابط لمنع تجدد الأزمة التي أعقبت حادثة البساتين – قبرشمون، ومهد لحل الشق الأمني – القضائي من الأزمة، وفق ما أكّد الرئيس عون امام مجلس الوزراء السبت، لافتاً الى ان اجتماع بعبدا «اعاد الأمور الى طبيعتها».
وقال عون ان «معالجة تداعيات حادث قبرشمون تمت وفق مسارات ثلاثة: مسار سياسي اكتمل باجتماع الجمعة ومسار قضائي هو بعهدة القضاء الذي سيكمل عمله وفقاً للقوانين المرعية الاجراء، وسترفع النتائج الى مجلس الوزراء، وفي ما خص المسار الأمني فالقوى الأمنية تتولى تطبيق الخطط الموضوعة في هذا الشأن».
وكشف وزير الإعلام جمال الجراح ان وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، كان يرغب بأن تكون له مداخلة في الجلسة، لكن الرئيس عون تمنى عليه الا يفعل وهكذا حصل.
واثار وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي موضوع العمالة الفلسطينية، فأيد الرئيس الحريري صدور قرار عن مجلس الوزراء بتجميد خطة عمل وزير العمل كميل أبو سليمان، في هذا الشأن، وأيده في ذلك وزير الصناعة وائل أبو فاعور على ان يتخذ القرار بدون إعلان، لكن وزير الدفاع الياس بو صعب لفت النظر إلى انه لا يجوز البحث في الموضوع إلى وقت يكون فيه الوزير أبو سليمان حاضراً، وهو أصدر بياناً اعتبر فيه انه لا يمكن بقرار من مجلس الوزراء وقف تطبيق قانون أو كف يد وزير عن ممارسة صلاحياته الدستورية بتنفيذ القوانين المختصة بوزارته.
ولوحظ ان مصادر مطلعة في قصر بعبدا، لم تشأ ان تدرج الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس عون بجنبلاط صبيحة الأحد الماضي، الا في إطار التهنئة بالعيد، من دون ان تعطيه ابعاداً أكثر من ذلك، مشيرة الى ان الاتصال جاء في سياق الاتصالات التي اجراها الرئيس عون بكافة المسؤولين اللبنانيين المسلمين للتهنئة، بالاضحى وبينهم النائب أرسلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، وكذلك الشيخ المعين من قبل أرسلان نصر الدين الغريب.
لكن يُشار على هذا الصعيد، ان التحضيرات اللوجستية لانتقال الرئيس عون إلى المقر الصيفي في قصر بيت الدين، اكتملت، ومن المقرّر ان يستأنف مزاولة نشاطه الرسمي بعد غد الجمعة، وسيقام للرئيس عون مراسم استقبال لدى انتقاله إلى القصر الذي سيمكث فيه مُـدّة أسبوعين حيث ستكون له هناك لقاءات، من دون استبعاد عقد جلسة لمجلس الوزراء برئاسته منه.
جنبلاط – حزب الله
في غضون ذلك، نقل متصلون بالرئيس نبيه برّي الذي لعب دوراً واضحاً في تحقيق المصالحة والمصارحة في بعبدا بين جنبلاط وارسلان برعاية الرؤساء الثلاثة، قوله حول ما بعد لقاء بعبدا، «ان الأمور لا زالت بحاجة إلى عناية ودراية ومتابعة، لكن البلد لا يسير الا بالتوافق، وهو وعد بمتابعة مساعيه بعد الأعياد لإتمام المصالحة بين جنبلاط وارسلان، على المستوى السياسي».
وبالنسبة لما تردد عن مسعى الرئيس بري لعقد لقاء بين جنبلاط ومسؤولين في «حزب الله» لمعالجة الخلافات القائمة وتوضيح المواقف، فإن الحزب لا زال يلتزم الصمت حيال ما يُطرح هنا وهناك، ويبدو انه ينتظر ما ستؤول اليه المساعي بين جنبلاط وارسلان، على ان يحدد الامين العام السيد حسن نصر الله الموقف في خطابه يوم الجمعة المقبل لمناسبة انتهاء عدوان العدو الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006.
لكن مصادر متابعة للموضوع قالت لـ «اللواء»: ان الرئيس بري سيعمل على مساري جنبلاط- ارسلان، و«حزب الله» – الحزب الاشتراكي، بحيث يجري عقد لقاء – قالت المصادر- انه ليس بالضرورة ان يكون بين جنبلاط واحد مسؤولي الحزب القياديين، بل بين مسؤولين من الحزبين على غرار لقاء 5 أيّار الماضي كخطوة اولى لإستيضاح المواقف والتوجهات، ويُبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه لما ستكون عليه العلاقة لاحقاً.
خطة الإصلاحات
وعلى خط موازٍ، ذكرت مصادر وزارية لـ «اللواء»، انه بعد استئناف جلسات مجلس الوزراء، فإن التركيز بعد عودة الرئيس الحريري سيكون على اولوية البدء بتطبيق خطة الاصلاحات الاقتصادية والمالية، انطلاقا من تنفيذ بنود موازنة 2019 المتعلقة بالاصلاحات والتحضير لموازنة 2020 ، ومن ثم العمل على «خطة ماكينزي» لزيادة الانتاجية في عدد من القطاعات، وبدء إنجاز المشاريع الاستثمارية في البنى التحتية، من خلال مقررات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي في فرنسا وغيره من مشاريع سبق اقرارها، وسيجري تمويلها من مصادر اخرى مثل البنك الدولي. اضافة الى استكمال تنفيذ خطط معالجة قطاع الكهرباء وملف النفايات الصلبة، ومن ثم التفرغ لقطاع النفط. وكل هذه الامور –بحسب المصادر- بحاجة الى استقرار سياسي لا بدمن تثبيته وتوسيع هامشه ليشملكل القوى السياسية بحيث تهدا اوتتوقف التوترات السياسية التي تؤثر بشكل خاص على الوضع المالي والاقتصادي والسياحي.
واوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الآجتماع المالي – الآقتصادي الذي انعقد في قصر بعبدا يوم الجمعة الفائت يستدعي متابعة النقاط التي تم الأتفاق عليها خصوصا ان ما يحتاج منها الى مجلس الوزراء لا بد من تحضيره وكذلك الأمر بالنسبة الى النقاط التي تحتاج الى مجلس النواب لعرضها.
وافادت المصادر ان مجلس الوزراء سيبحث في المسائل التي عرضت في الأجتماع ولعل ابرزها بدء التحضير لموازنة العام 2020.
وكشفت ان رئيس الجمهورية مصمم على متابعة ما خلص اليه الأجتماع المالي – الأقتصادي من قرارات اتفق حولها لأنها تشكل بالنسبة اليه امرا اساسيا كما انها تبعث بالمصداقية وتعزز اكثر فإكثر الثقة برغبة الدولة في استعادة الأوضاع الإقتصادية والمالية بعد صدور الموازنة.
واوضحت انه لا يمكن اعتبار صدور الموازنة انجازا ما لم يقترن بمتابعة القرارات التي اتخذت في الأجتماع المالي – الأقتصادي ببعبدا.
أزمة نفايات
وليس بعيداً عن هذه الأجواء، ثمة أزمة بدأت تلوح في أفق نهاية الشهر الحالي، تتمثل في «تسونامي النفايات» التي بدأت طلائعها بالظهور على شاكلة موجات متعاقبة تجتاح أقضية الشمال الاربعة، فيما يتحضر أهالي ضاحية بيروت الشمالية لفيضان مكب برج حمود الذي غص باطنان النفايات العشوائية، وبات على مسافة أيام قليلة من تكرار واقعة كارثية خبروها في تاريخ لم يمر عليه الزمن ولم يمح من الذاكرة.
وبحسب المعلومات، فإن المواطنين في الشمال ينوون كسر قاعدة الصمت والانكفاء وهم سينفذون يوم غضب عارم عبر النزول إلى الشارع يوم الجمعة، احتجاجاً على الوضع البيئي القاتل الذي يتهددهم جرّاء النفايات، وسط عجز المسؤولين عن اجتراح الحلول، مرّة لتأخرهم في العمل على إيجاد حل علمي ومرة لرفض الخطة المؤقتة التي اقترحها وزير البيئة فادي جريصاتي باعتماد مكب في تربل.
وفي هذا السياق نقلت محطة OTV عن الوزير جريصاتي قوله ان المشكلة تبدأ وتنتهي بمواقع المطامر، لافتاً النظر إلى ان من افتعل أزمة مطمر برج حمود قبل سنوات واستثمر على مشهد النفايات في شوارع المتن لكسب سياسي يستمر بلغة الاتهام ونفض غبار المسؤولية عنه، علماً ان حل مشكلة النفايات لا يكون من دون شراكة المواطن قبل البلديات واتحاداتها، كما لا يمكن ان يكون خارج التوافق السياسي على مواقع المطامر المحتملة.