البناء
عدوان صهيونيّ يسقط شهيدين جنوب دمشق… وآخر ينتهي بسقوط طائرتين مسيَّرتين في الضاحية
نصرالله: إقفال الأجواء اللبنانية أمام المسيّرات الإسرائيلية… والردّ قادم
تنديد لبنانيّ رسميّ بالعدوان… وحردان: تصعيد خطير لن يتحكّم العدو بتداعياته
رغم زحمة الأحداث الدولية والإقليمية واللبنانية خطفت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والعدوان الإسرائيلي على لبنان وسورية الذي سبقها وشكل محور المواقف التي أطلقها السيد نصرالله خلالها، كل الأضواء المحلية والإقليمية والدولية، حيث يحبس العالم أنفاسه مع انتقال جبهة المواجهة بين محور المقاومة والمحور الذي تقوده واشنطن من ساحة إلى ساحة، ففي ظل سيطرة أنصار الله على معادلات جبهة الخليج، وتسيُّد إيران على الملاحة البحرية في مضيق هرمز، وعلى إيقاع الانتصارات الباهرة التي حققها الجيش السوري والحلفاء في جبهات إدلب، نشط التحرك الأميركي الإسرائيلي لخلق قواعد اشتباك جديدة في جبهات العراق وسورية ولبنان. ويأتي هذا التصعيد في ظل تقدّم في المسار التفاوضي حول الملف النووي الإيراني يستعيد مشاهد العام 2015 وحالات التصعيد الأميركي الإسرائيلي عشية الاتفاق من جبهة القنيطرة إلى إدلب إلى شنّ حرب اليمن.
الترويج لتصعيد من طرف المقاومة تحت الشعار التقليدي، الاتهام بمحاولة تحسين وضع إيران التفاوضي، مردود عليه بالوقائع التي حملتها الاستهدافات الأميركية الإسرائيلية المتتالية لمواقع الحشد الشعبي في العراق، وفقاً لمصادر في محور المقاومة رأت أن لا فصل بين ما يشهده العراق وما شهدته سورية من تحوّل الغارات الإسرائيلية للمرة الولى إلى استفزاز بلا قيمة عسكرية عبر قتل عنصرين من عناصر حزب الله لاختبار قدرة المقاومة على الردّ، في ظل التفاوض المتسارع على الملف النووي الإيراني، الجاري على هامش قمة السبعة الكبار، والرهان على عجز المقاومة عن ترجمة تهديداتها مراعاة لوضع إيران، كما حدث مع عملية القنيطرة عام 2015. وقالت المصادر ومثلها عملية الطائرتين المسيّرتين أمس، فوق الضاحية، وأضافت ولكن كما حدث عام 2015 وخاب ظنهّم وفشل رهانهم، جاء كلام السيد نصرالله يفتتح مرحلة جديدة من مراحل الردع ويحوّل التحدّي إلى فرصة، مثبتاً أن منطلقات المقاومة في اعتبار أولويّاتها هي بوصلتها في المواجهة مع إسرائيل ، كما في كل مرة.
العدوان الإسرائيلي بما هو انتهاك صارخ للسيادة اللبنانية لاقى استنكاراً وتنديداً على المستوى الرسمي اللبناني تشارَك فيه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية الذي أعلن التوجه بشكوى لمجلس الأمن الدولي، بينما كانت حالة واسعة من التضامن الشعبي والإعلامي والحزبي مع المقاومة، كان أبرز ما قيل خلالها كلام رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، حول اعتبار العدوان تصعيداً خطيراً لن يستطيع العدو التحكم بتداعياته.
الكلام النوعي الذي قاله السيد نصرالله والذي ترجم قلقاً إسرائيلياً سيتجسّد في اجتماع عاجل لمجلس الوزراء المصغر لكيان الاحتلال صباح اليوم، تضمّن جديدين، الأول الإعلان عن دخول المقاومة مرحلة جديدة من الردع سيتظهر خلالها وجود سلاح الدفاع الجوي إلى العلن بإعلان نهاية مرحلة الصمت عن حركة الطيران الإسرائيلي المسيّر في الأجواء اللبنانية، وبعدما كان اعتبار التعاطي معه من مسؤولية الدولة اللبنانية، سيتمّ اعتبار الأجواء اللبنانية مقفلة أمام هذا الطيران من اليوم، أما الجديد الثاني فهو مع التمسك بقرار الردّ على سقوط شهيدين للمقاومة في الغارات الإسرائيلية على سورية، الإعلان عن كون الردّ سيكون من أي نقطة في لبنان على أي نقطة لوجود قوات الاحتلال في فلسطين المحتلة، وبالتالي الخروج من معادلة حصر الردّ في منطقة مزارع شبعا.
النبرة التي تحدّث بها السيد نصرالله كانت بذاتها تعبيراً عن الحزم والحسم والغضب، سيتعامل معها قادة كيان الاحتلال كجزء من مضمون المواقف التي أطلقها، فقد دعا جنود وضباط جيش الاحتلال إلى الوقوف على رجل ونصف ووجوههم إلى الجدار بانتظار رد المقاومة ليوم، لإثنين، لثلاثة، لأربعة…، وتناول الضغوط التي يمكن أن تُمارس على المقاومة قائلاً اتصلوا بالأميركيين ليتصلوا بالإسرائيليين و يقولولهن إنضبّوا .
نصرالله: سنردّ على العدوان
فيما كانت الجهود الرئاسية والحكومية منصبّة على استيعاب صدمة «تقارير» وكالة التصنيف المالية العالمية وعلى استكمال المصالحات الوطنية في الجبل والتحضير لحوار في بعبدا لبحث سبل المعالجة للأزمات الاقتصادية والمالية، خطفت التطوّرات الأمنية والعسكرية في سورية والضاحية الجنوبية الأضواء في المشهد الداخلي، لخطورة العدوان الإسرائيلي المفاجئ والجديد والذي اعتُبر تغييراً في قواعد الاشتباك القائمة بين العدو الإسرائيلي والمقاومة منذ حرب تموز 2006 حتى مساء السبت الفائت. ما يفتح مرحلة جديدة من الحرب بين حزب الله و»إسرائيل» ستتسع جبهاتها لتشمل الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ولم تعُد تقتصر على مزارع شبعا فضلاً عن انتقال نوعيّ نحو قواعد اشتباك جديدة في الجو عبر استهداف المقاومة للطائرات المسيّرة الإسرائيلية في سماء لبنان.
وفي ردّ مباشر على الاعتداءات التي ارتكبها العدو ليل السبت الأحد، بطائرتين مسيّرتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، واستهداف حزب الله في سورية، أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة ستردّ على هذه الاعتداءات.
وإذ لفت السيد نصر الله في احتفال بذكرى التحرير الثاني في بلدة رأس العين في بعلبك إلى أن هذا الهجوم المسيّر الانتحاري هو أول عمل عدواني منذ 14 آب 2006، وأن نتنياهو ومَن معه في اتخاذ القرار مشتبهون اذا ظنوا أن هذا الخرق يمرّ عندنا، لأنه إذا سُكت عنه سوف يؤسس لتكرار الاعتداء على لبنان بالطائرات المسيّرة، أشار إلى أن هناك تكراراً لسيناريو الاستهدافات ضد الحشد الشعبي في العراق، مؤكداً أن المقاومة الإسلامية لن تسمح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن، وانتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرة «إسرائيلية» تقصف في لبنان ويبقى الكيان آمناً. وأضاف «من الآن وصاعداً سنواجه المسيّرات «الإسرائيلية» في سماء لبنان وسنعمل على إسقاطها وليأخذ «الإسرائيلي» علماً بذلك».
وأوضح أن الطيران «الإسرائيلي» أغار على منزل يقطنه شباب من حزب الله وارتقى فيه شهيدان لنا، لافتاً إلى أن نتنياهو يكذب على شعبه بأن المستهدف هو فيلق القدس. وأضاف «نحن لا نمزح وقلنا للصهاينة إذا قتلتم أي مجاهد من حزب الله، فنحن لدينا التزام واضح أن إذا قتلت «إسرائيل» أياً من اخواننا في سورية نحن سنردّ على هذا القتل في لبنان وليس في مزارع شبعا».
وتوجّه إلى الجيش الإسرائيلي بالقول «قف على رجل ونصف وانتظر ردّنا»، موضحاً أن نتنياهو اليوم يجري انتخابات بدماء «الإسرائيليين».
وتمنّى أن يكون هناك موقف موحّد، مؤكداً أن المقاومة ستدافع عن البلاد عند كل حدود وفي البحر والسماء بما تقتضيه الحكمة، قائلاً «نحن أهل المعركة التي فرضها العدو، نبيع بيوتنا ونجوع ونقاتل، لكن لا نبيع كرامتنا وعزتنا».
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» في هذا السياق الى أننا اليوم أمام مرحلة جديدة، فالمقاومة كانت ملتزمة قواعد اشتباك محدّدة منذ ما بعد حرب تموز، لكن الآن هناك قواعد اشتباك جديدة عنوانها إقفال الأجواء اللبنانية أمام الطائرات الإسرائيلية المسيّرة وفتح حدود الردّ والاشتباك على طول الحدود مع فلسطين المحتلة ما سيعرقل حركة الجيش الإسرائيلي على الحدود، بحسب خبراء عسكريين. ولفتت المصادر الى أن الردّ على العدوان حتمي، لكن لن يحصل بتوقيت «إسرائيل» ورئيس حكومة العدو بل سيعمد الحزب الى استغلال الوقت لزيادة الخسائر في كيان العدو في إطار الحرب النفسية، وتضيف المصادر الى أن السيد نصرالله فضح كذب قادة العدو عن حالة الأمان في «إسرائيل» وأعلن انتهاء هذه الحالة ما سيشكل ضغطاً من المستوطنين على قادته وحكومته، وتوقعت المصادر أن يكون وقع رسائل السيد نصرالله ثقيلاً جداً على دوائر القرار الأمني والسياسي في «إسرائيل»، وأوضحت أن الرد المنتظر من قبل الحزب على الاعتداءين في الضاحية وسورية ربما يكون بعملية واحدة أو أكثر.
وعلمت «البناء» أن هدف ارسال الطائرتين المسيّرتين الى الضاحية هو تنفيذ عملية اغتيال احد قادة المقاومة، لكن تعثر الطائرة الأولى وإفشال مهمتها، دفع بالطائرة الثانية الى تفجير نفسها ما أدى الى إحباط العملية ما يُعتبر فشلاً أمنياً إسرائيلياً.
وحذرت المصادر من أن استمرار العدو بعدوانه ربما يتدحرج الى حرب شاملة، وكشفت معلومات «البناء» أن قيادة المقاومة أعلنت الجهوزية الكاملة والاستنفار للمجاهدين على الجبهات كافة تحسباً لأي طارئ.
وأوضح السيد نصر الله أن ما حصل في السنوات الأخيرة وأنهته حرب الجرود لم يكن حدثاً عابراً ولا يجوز أن يصبح كذلك، وأن المقاومة قاتلت في المرحلة السابقة لمنع مشروع التقسيم في المنطقة، مضيفاً أنه يجب أن نستحضر مَن ساند الإرهابيين ودعمهم وزوّدهم بالسلاح وراهن عليهم ودافع عنهم سياسياً وإعلامياً.
وتابع أن معركة طرد جبهة النصرة قامت على أكتاف المقاومة وثم كانت المرحلة الأخيرة ضد تنظيم «داعش» والتي شارك فيها الجيش اللبناني، وأن القرار الرسمي اللبناني بإدخال الجيش اللبناني في معركة الجرود كان شجاعاً، ومن الجحود والإنكار تجاهل دور المقاومة والجيش السوري في هذه المعركة.
وأكد أن المقاومة قامت بإخلاء الجرود التي هي من مسؤولية الدولة اللبنانية وبقيت إلى الجانب السوري لأشهر والجيش السوري بدوره أبقى على انتشاره على طول الحدود نزولاً عند طلبنا لعدم السماح بعودة التكفيريين إلى حدودنا، وأضاف أننا ما زلنا نحافظ على وجودنا على الحدود كبنية قتالية وعندما تدعو الحاجة يمكن أن يلتحق الآلاف بالجبهة.
وكانت طائرتا استطلاع تابعتان للعدو الإسرائيلي خرقتا الأجواء اللبنانية ليل السبت الاحد فوق منطقة معوض حي ماضي في الضاحية الجنوبية، سقطت الأولى أرضاً وانفجرت الثانية في الأجواء متسببة بأضرار اقتصرت على الماديات.
وعلى الفور حضرت قوة من الجيش وعملت على تطويق مكان سقوط الطائرتين واتخذت الإجراءات اللازمة، كما تولّت الشرطة العسكرية التحقيق بالحادث بإشراف القضاء المختص.
وقبيل خطاب السيد نصرالله بقليل وما واكبه من تسريبات ومعلومات وتحليلات عن ردّ وشيك لحزب الله، سارع الأميركيون كالعادة لمحاولة استيعاب أي ردّ محتمل على إسرائيل ، وأجرى وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو اتصالاً برئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وأكد بومبيو خلال الاتصال على ضرورة تجنّب أي تصعيد، والعمل مع الأطراف المعنية كافة لمنع اي شكل من اشكال التدهور .
وشدّد الحريري من جانبه على التزام لبنان موجبات القرارات الدولية لا سيما القرار 1701، منبّهاً الى مخاطر استمرار الخروق الإسرائيلية لهذا القرار وللسيادة اللبنانية ووجوب العمل على وقف هذه الخروق.
وعلقت أوساط سياسية لـ البناء على اتصال بومبيو بأنه كان الأجدر به الضغط على إسرائيل لثنيها عن الاعتداء على لبنان وليس الضغط على الحكومة اللبنانية ورئيسها لمنع المقاومة من الردّ. موضحة أن الموقف اللبناني الرسمي لن يكون على قدر ومستوى العدوان بسبب التركيبة الحكومية والسياسية والانقسام حول دور وسلاح المقاومة، مشيرة الى أن المقاومة لن ترضخ لأي ضغوط سياسية وإعلامية داخلية ولا مالية خارجية، ولن تسمح بأي قواعد اشتباك جديدة. واستغربت المصادر اكتفاء وزارة الخارجية برفع شكوى الى مجلس الأمن دون الطلب باجتماع عاجل للمجلس.
وكانت المواقف الرسمية الرئاسية والحكومية والأحزاب القومية والوطنية توحّدت على إدانة العدوان وأجمعت على اتخاذ الإجراءات المناسبة للدفاع عن لبنان وردع العدوان.
وفي سياق ذلك، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن الاعتداء «عدوان سافر على سيادة لبنان وسلامة أراضيه وفصل جديد من فصول الانتهاكات المستمرة لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، ودليل إضافي على نيّات إسرائيل العدوانية واستهدافها للاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة». وأشار الى ان «لبنان الذي يدين هذا الاعتداء بشدة سوف يتخذ الإجراءات المناسبة بعد التشاور مع الجهات المعنية»، بينما وصفه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بأنه اعتداء مكشوف على السيادة اللبنانية وخرق صريح للقرار 1701.
ولفت إلى أن المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان في العالم أمام مسؤولية حماية القرار 1701 من مخاطر الخروق الإسرائيلية وتداعياتها والحكومة اللبنانية ستتحمّل مسؤولياتها الكاملة في هذا الشأن بما يضمن عدم الانجرار لأي مخططات معادية تهدّد الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية .
وأعطى وزير الخارجية جبران باسيل تعليماته للمندوبة اللبنانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك للتقدّم بشكوى فوريّة إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة هذا الخرق الخطير للسيادة اللبنانية، مؤكداً «حرص لبنان على تنفيذ القرار 1701، والالتزام بقرارات الشرعيّة الدوليّة وتمسكه بالاستقرار ولا يسقط حقه في الدفاع على السيادة الوطنية والقيام بما يلزم لصونها».
وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس توجّه الى موقع سقوط الطائرتين في الضاحية الجنوبية واعتبر أن «هذه الحادثة تختلف التحقيقات فيها عن الجرائم التي تقع عادة على الأرض والجيش هو مَن يقوم بهذه المهمة».
واتصل رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، بمسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف مطمئناً إلى سلامته والجهاز الإعلامي. وأدان حردان الاعتداء «الإسرائيلي»، ودعا الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ خطوات سريعة وحاسمة، لأنّ الاعتداء «الإسرائيلي»، انتهاك فاضح لسيادة لبنان، وتحدٍّ لإرادة اللبنانيين الذين يحتفلون بانتصار لبنان على الإرهاب ورعاته.
وقال حردان: إذا كان العدو يشعر بالاطمئنان إلى أنه في منأى عن أيّ إجراءات دولية عقابية، فعلى هذا العدو، عندما يعتدي على لبنان وسورية، أن لا يشعر بالاطمئنان على الإطلاق، لأنّ شعبنا بكلّ قواه الحيّة، يمتلك الإرادة والتصميم على الصمود ومواجهة العدوان والإرهاب.
واعتبر أنّ استهداف العدو مركزاً إعلامياً لحزب الله في لبنان، وقصفه مواقع داخل سورية، هو تصعيد خطير لا يستطيع العدو «الإسرائيلي» أن يتحكّم بتداعياته وحجم الردّ عليه.
إلى ذلك، قام عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية وعضو المجلس الأعلى عاطف بزي بزيارة مكتب العلاقات الإعلامية المستهدف، ونقل إلى عفيف موقف «القومي» الشاجب للاعتداء الصهيوني الغادر.
وشارك حمية وبزي في الاعتصام الإعلامي العفوي الذي أقيم أمام مكتب العلاقات الإعلامية.
وكانت عمدة الإعلام قد أصدرت بياناً أدانت فيه العدوان، وأكدت أنه عمل عدواني خطير، يكشف عن تمادي العدو في اعتداءاته وفي انتهاكه للسيادة اللبنانية، وفي استهداف المراكز الإعلامية، ضارباً عرض الحائط بكلّ القوانين والمواثيق الدولية، وفي محاولة يائسة لتبهيت انتصار لبنان ومقاومته على الإرهاب.
وأشار البيان إلى أنّ هذا العدوان الصهيوني على مركز إعلامي في لبنان، وتزامنه مع عدوان استهدف سورية، يؤكد بأنّ العدو الصهيوني ماضٍ في عدوانه وغطرسته وإرهابه، وفي تحدّيه القرارات والقوانين الدولية، ولذلك، فإنّ مواجهة هذا العدوان ستكون خطوات وإجراءات رادعة وعلى كلّ المستويات.
وعكس موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأجواء السياسية الإيجابية لا سيما بعد زيارته الرئيس عون في بيت الدين، ولفت جنبلاط الى أن «أفضل طريقة لمواجهة العدوان الإسرائيلي الذي حدث والذي يبشر بتفجير كبير هو في الوحدة الوطنية فوق كل اعتبار واتخاذ كل الإجراءات الضرورية الإدارية والمالية وغيرها لتحصين الوضع الداخلي الأمر الذي اشار اليه الرئيس عون أمس، والذي عليه سيدعو الجميع لتحمل المسوؤلية».
وكان جنبلاط زار قصر بيت الدين والتقى رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى السيدة ناديا الشامي عون، برفقة عقيلته السيدة نورا ونجله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط. وضم اللقاء كلاً من الوزير باسيل وعقيلته السيدة شانتال عون باسيل، والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم وزوجها السيد روي الهاشم. واستكمل اللقاء على غداء أقامه عون على شرف ضيوفه.
واشار جنبلاط بعد اللقاء الى أن «عون سيدعو لاجتماع من أجل مواجهة التحديات والتحضير لموازنة 2020 التي يجب أن تكون بداية حقيقية لتصحيح الوضع الاقتصادي والنقدي. وهذه النقطة الأساسية التي يجب الدخول اليها».
ووفق معلومات «البناء» فإن الرئيس عون لم يحسم موقفه من دعوة جنبلاط لزيارة المختارة حتى الآن لا سيما أنه تلقى ثلاث دعوات من كل من النائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب إضافة الى دعوة جنبلاط، وقالت مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» الى أن تلبية الدعوات يحددها الرئيس ولم يقرر بعد، علماً انه سيبقى في بيت الدين الى الاسبوع المقبل، لكنها أكدت أن أجواء اللقاء كانت إيجابية جداً لا سيما انها جمعت جنبلاط وباسيل وتركت ارتياحاً وانعكاساً إيجابياً على الاوضاع في الجبل لا سيما اهالي الشوف، على أن تتبعه خطوات مقبلة لتثبيت المصالحة والعيش المشترك في الجبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
نصرالله يفتتح معركة سلاح الجو!
المحور الأميركي في لبنان: لعدم التهوّر | بومبيو يلاقي السنيورة: لا تبالوا بالاعتداء
تنفيذ العدو الإسرائيلي عملية أمنية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، بواسطة طائرتين مُسيّرتين عن بُعد، ليل السبت – الاحد، وسقوط شهيدين للمقاومة بغارة إسرائيلية في سوريا، فرضا على المقاومة اتخاذ قرار بمنع العدو من إطلاق مسار يهدد فيه قوة الردع التي تحمي لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، وتحمي المقاومين حيثما كانوا. ولأجل ذلك، أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس المعادلة الجديدة: طائرات العدو المسيّرة عن بُعد لن تبقى آمنة في سماء لبنان بعد اليوم؛ والمقاومة ستردّ على غارة ريف دمشق، عبر الحدود اللبنانية – الفلسطينية.
مرحلة جديدة فرضها العدو الاسرائيلي على لبنان… «ونحن أهلها»، وفق ما أكّد نصر الله، لأنّنا نحن اللبنانيين «صنعنا أمننا وأماننا بأيدينا ودماء جنودنا ومقاومينا، وتحمّلنا أعباء أن يكون بلدنا واحة أمن وسلام، لن نسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو أن يُصبح مُستباحاً». ومرّة جديدة، «سنُدافع عن بلدنا، عند كلّ حدود. وإذا راهن العدو على ضعفنا أو كان فرحاً بحصار مالي علينا، فهذا يعني انه لا يعرفنا. نحن حاضرون أن نجوع، لكن أن نبقى أعزّاء. نبيع بيوتنا ونُقاتل، لكن لا نسمح لأحد بأن يمسّ وجودنا وكرامتنا، وليتحمل الكلّ مسؤوليته في المرحلة الجديدة»، قال نصر الله داعياً في الوقت نفسه الجميع في لبنان إلى اتخاذ «موقف قوي موحّد، لأنّ العودة إلى الانقسامات القديمة، ستؤذي البلد».
في كلمته أمس، تحدّث السيّد نصر الله عن المُستجدات الاسرائيلية الأخيرة «الخطيرة جدّاً جدّاً جدّاً». ولكنّه اعتمد لهجةً تصعيدية – تهديدية، تتناسب مع معادلة الردع، التي ثبتتها المقاومة مع العدو الصهيوني، وتسمح لها برفع السقف عالياً، حتى لا يُراهن أحدٌ على تلقيها الضربات، من دون الردّ المناسب.
شارك نصر الله الرأي العام تفاصيل ما جرى فجر السبت – الأحد. فقال إنّ المقاومة «غنمت» طائرة مُسيّرة إسرائيلية، نظامية وليست من نوع الطائرات التي تُعتمد للتصوير الشخصي، «ممكن أن نعرضها على وسائل الإعلام، إضافة إلى حطام الطائرة الثانية». الطائرة الأولى دخلت إلى حيّ معوض، «وكانت للاستطلاع وغير مزودة بأي مواد تفجير». حلقت على علوّ منخفض، «إلى حدّ أصبحت بين البنايات»، يُرجّح أنّها كانت «تُقدّم صورة دقيقة للهدف المقصود». ليس حزب الله من أسقط الطائرة، بل «شبّان في الحي بدأوا برمي الحجارة عليها، ووقعت. قد تكون وقعت نتيجة خلل فني أو بسبب الحجارة لأنّها مُصابة». وأكمل نصر الله أنّه «بعد مدة زمنية بسيطة، جاءت الطائرة الثانية، بشكلٍ هجومي، وضربت مكاناً معيناً. ما حصل هجوم بطائرة مُسيرة انتحارية، على هدف في الضاحية الجنوبية». وهذا الهجوم الإرهابي هو «أول عمل عدواني منذ 14 آب 2006. كلّ وسائل الإعلام الاسرائيلية تتكلم عن مُسيّرة إرهابية. الاسرائيلي يعترف بأنّه قام بهذه الاغارة. وهذا خرق لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز. خرق كبير وخطير والله لطف من دون ضحايا».
قد يلجأ البعض في الداخل اللبناني، وحلفاء الولايات المتحدة و«اسرائيل» في المنطقة، إلى تسخيف ما حصل. ولكن بالنسبة إلى نصر الله، «إذا سُكت عن هذا الخرق، فسيؤسّس لمسار خطير جداً على لبنان. وسيسمح بأن تقوم مُسيرة إرهابية، كلّ مدة، باستهداف هذا المبنى والمكان، تحت عنوان مُسيّرة الله أعلم من أين أتت». شبّه نصر الله ما يُحاول العدّو القيام به في لبنان، بتكرار للسيناريو الذي يجري في العراق حالياً، وبدأ منذ أسابيع باستهداف مخازن الحشد الشعبي. «فليسمعني كل العالم، شأنهم العراقيين كيف يتعاطون مع الأمر. لكن بالنسبة إلينا في لبنان، نحن لا نسمح بمسارٍ من هذا النوع، وسنفعل كل شيء لمنعه، مهما كلّف الثمن. تقوم الدولة بمسؤوليتها، تُدين الاعتداء، تُقدّم شكوى لمجلس الأمن، تتكلم مع الأميركيين، هذا جيد، لكن لن يوقف المسار الخطير الذي سيُعيد لبنان إلى ما قبل عام 2000». وهنا يأتي دور المقاومة، فأكّد نصر الله انتهاء الزمن «الذي تقصف فيه اسرائيل لبنان، ويبقى الكيان آمناً، في أي نقطة فيه». توجّه إلى المستوطنين، مُبلغاً إياهم: «لا تعيشوا، لا ترتاحوا، لا تطمئنوا، ولا تراهنوا أنّ حزب الله سيسمح بمسار من هذا النوع». ففي المرحلة الجديدة التي يريدها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، «لم تعد المسيّرات الإسرائيلية في نظرنا مسيّرات جمع معلومات، أو خرق سيادة، بل أصبحت مُسيرات تفجير وعمليات إرهابية وقتل. بالتالي من حقنا ومواجهتها، وعندما تدخل إلى سماء لبنان سنعمل على إسقاطها. البعض قد ينزعج من كلامي، فلينزعج الناس الذين ينزعجوا. وليتحدث اللبنانيون إلى الأميركيين، ليقولو للإسرائيليين ينضّبوا». أما عن وتيرة وتوقيت إسقاط المُسيرات، «فهذا له علاقة بالتكتيك».
وعن إعلان العدو قصفه مركزاً لقوّة القدس في الحرس الثوري الإيراني، في ضواحي دمشق ليلة السبت، كشف نصر الله أنّ «نتانياهو يكذب على المستوطنين. فسلاح الجو أغار (أول من أمس) على بيت لحزب الله، لا يوجد فيه إلا شباب لبنانيون. وقد ارتقى في القصف الشهيدان حسن يوسف زبيب وياسر أحمد ضاهر». وذكّر نصر الله الاسرائيليين «بأنّه لا نمزح حين نقول إنّه إذا قتلتم أياً من إخواننا في سوريا، فسنرد على القتل في لبنان، وليس في مزارع شبعا». وباللهجة اللبنانية العامية، توجّه إلى كلّ الاسرائيليين، وليس فقط سكّان المستوطنات في الشمال، بالقول: «وقاف على الحيط، على إجر ونصّ، وانطرنا». فنتانياهو «يشتغل انتخابات». وبعد أن جرب، في العادة، أن يخوض الاستحقاق «بدماء شعوب المنطقة، إنّه يخوضها بدمائكم أنتم أيها الاسرائيليون. هو يستجلب النار لكم من كلّ مكان. يقودكم إلى حافة الهاوية، لأنّه خائف من نتائج الانتخابات، وعليه ملفات فساد».
قبل تناول المستجدات الميدانية، افتتح نصر الله كلمته في مهرجان «سياج الوطن»، لإحياء للذكرى السنوية الثانية لتحرير الجرود الشرقية من المجموعات التكفيرية، بالحديث عن الذكرى. واعتبر أن الحضور الشعبي الكبير في بلدة العين البقاعية، «هو أول ردّ على الاعتداءات الاسرائيلية ليلة (أول من) أمس». الاحتفال بهذه المحطة التاريخية، أساسي، «لأنّ ما حصل كان كبيراً ومهماً، ولا يجوز أن يُصبح حدثاً عابراً في وجدان المنطقة». فهو جزء من مشروع «أُعد لسوريا، وانطلق منها منذ الـ2011، واستهدف نظاماً مقاوماً، وكانت هناك خريطة لاعادة تقسيم المنطقة، على أسس عرقية ومذهبية. وقتال محورنا خلال السنوات الماضية هو الذي منع، وسيمنع التقسيم، في كلّ البلدان العربية والاسلامية». واضاف: «حالياً، نشعر بالأمن والأمان من دون منة من أحد، لكن يجب أن نبقى متنبهين لأنّ الجرح قائم. الخطر، في مكان ما، لا يزال قائماً»، مع الإشارة إلى أنّ «داعش أصبح أبعد مكانياً عن بلدنا. جبهة النصرة أيضاً هي أبعد ما تكون عن حدود لبنان. وسوريا تسير بخطى ثابتة نحو النصر النهائي».
ما هي تبعات ما بعد التحرير؟ قال نصر الله إنّه «كنا نأمل أن يكون للدولة مسؤولية مختلفة تجاه المنطقة، لأنها دافعت عن لبنان. فلو استطاعوا إسقاط بعلبك – الهرمل، لكان داعش والنصرة في المناطق الساحلية. هكذا يجب أن تنظر مؤسسات الدولة إلى المنطقة». تحدّث الأمين العام لحزب الله عن إهمال الدولة لآلاف اللبنانيين الذين يسكنون في قرى القصير، «وحافظوا في المعركة على موطئ القدم الذي انطلقت منه المقاومة والجيش السوري»، داعياً إلى تحمّل المسؤولية تجاههم.
«أمن البقاع»… لا بديل من الجيش والقوى الأمنية
تنظيم احتفال تحرير السلسلة الشرقية من التكفيريين، في بلدة العين البقاعية، شكّل مناسبة حتى يُثير السيّد حسن نصر الله ثلاثة هموم بقاعية؛ الأول أمني، وتذكير بأنّ «مسؤولية الأمن هي لدى الدولة والأجهزة الأمنية والجيش. لا يجوز أن يدفع أحد حزب الله، أو أي قوة سياسية، إلى تحمّل مسؤولية أمن المنطقة. هذا يدفع إلى اقتتال عائلي وعشائري… ومن ليس مُستعداً لتقديم التضحيات للحفاظ على أمن الناس، فليعتذر ويُقدم استقالته». وهناك مسؤولية تُلقى على الأهالي أيضاً، «بضبط أفراد وعناصر عشائرهم. وتفهّم تعب ومعاناة الجيش، حين تحصل أخطاء. لا يجوز رفع الغطاء الشعبي عنه، ولا بديل من الجيش والأجهزة الأمنية، لأن هذا ما يريده المجرمون في المنطقة».
الهمّ الثاني إنمائي، فذكّر نصر الله بالمطالبة بإنشاء مجلس إنماء لبعلبك – الهرمل، «ولو أردتموه مجلساً مؤقتاً، بانتظار الهيكلية النهائية. يهمنا الإنماء وأن تُنصف المنطقة». وأكد نصر الله أنّه «سنواصل جهدنا ونُحقق الإنجازات، وحين نصل إلى حائط مسدود، سنعود إليكم لتتحملوا المسؤولية. في ذلك اليوم، سنعتصم حيث يجب، وسيكون صوتكم عالياً».
أما الهم الثالث، فهو صورة المنطقة، «ومن يعمد إلى تشويهها، نتيجة أعمال البعض». طلب نصر الله محاسبة «الأقلام التي تمسّ الكرامات»، وفي المقابل، توجّه إلى العائلات والعشائر بالسؤال: «لماذا السكوت عن الأفراد المسيئين إلى سمعتكم؟».
المحور الأميركي في لبنان: لعدم التهوّر | بومبيو يلاقي السنيورة: لا تبالوا بالاعتداء
بدت كل المواقف التي صدرت عن المحور الأميركي – السعودي في لبنان منضبطة بين موقفين؛ الأول أصدره الوكيل، الرئيس فؤاد السنيورة، صباحاً، وأكد فيه ضرورة التحلّي بالمسؤولية والصلابة وعدم التهوّر في الردود والتصرفات، والثاني أصدره الأصيل، أي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، حيث دعا في اتصاله المسائي مع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى «تجنّب أي تصعيد، والعمل مع الأطراف المعنيين كافة لمنع أي شكل من أشكال التدهور». لم ينه بومبيو الاتصال إلا وقد سمع من الحريري تأكيداً لـ«بذل كل الجهود من الجانب اللبناني لضبط النفس والعمل على تخفيف حدة التوتر». كان ذلك قبل أن يفرض السيد حسن نصر الله مرحلة جديدة عنوانها عدم ترك أي اعتداء من دون رد.
قبل ذلك، كان الحريري يطمئن بومبيو إلى التزام لبنان بموجبات القرارات الدولية، لا سيما القرار ١٧٠١ ، منبّهاً إلى مخاطر استمرار الخروقات الاسرائيلية لهذا القرار وللسيادة اللبنانية ووجوب العمل على وقف هذه الخروقات.
موقف هذا المحور، أسوة بكل ما صدر من مواقف، كان مندّداً بالاعتداء الإسرائيلي الأول من نوعه منذ عام 2006، إلا أن ذلك لم يُقرن بالإشارة إلى وجوب الرد على الاستباحة الإسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية، أو مجرد التهديد به. وكان هناك حرص، وهو «مفهوم»، على «التمسك بالقرارات الدولية ومستلزماتها والتقدم بشكوى عاجلة إلى مجلس الامن، لنؤكد حق لبنان ونحفظه أمام العالم»، على ما قال الحريري والسنيورة ووزيرة الداخلية ريا الحسن… لكن ما لم يكن مفهوماً، هو الإصرار على تحييد كل عناصر القوة، تلك التي ينص عليها خطاب القسم والبيان الوزاري. للتذكير، ينص البيان الوزاري على عدم توفير مقاومة في سبيل حماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية. وهذا يعني أن لبنان الرسمي يفترض أن يكون أول من يرد على الاعتداء الإسرائيلي، وليس مهادناً أو ساعياً إلى امتصاص أي ردّ فعل مفترض أو منتظر. لكن مع تجاوز ذلك والاقتناع بأن الخلافات والاقتناعات السياسية لن تسمح بموقف متقدم كهذا، فعلى الأقل يفترض الالتزام بحق اللبنانيين في الدفاع عن أنفسهم، أم أن واضعي البيان الوازري نسوا أنهم أكدوا «حق المواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة»؟
في التصريحات الصادرة عن عدد من الوزراء انقلاب على البيان الوزاري. عبارات التنديد بالاعتداء عالية السقف وتُذكّر بأن إسرائيل خرقت القرار 1701، داعية إلى الشكوى إلى مجلس الأمن. لكن ماذا بعد؟ وزيرة الداخلية دعت الى الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها الشرعية وأجهزتها الامنية لحفظ الامن والاستقرار عبر قرارات سياسية موحدة لمصلحة لبنان واللبنانيين». الوزيرة مي شدياق أشارت إلى أنه «في هذا الظرف الخطر يجب الالتفاف حول أجهزة الدولة الأمنية الشرعية لتكون وحدها مسؤولة عن حماية الوطن وفق استراتيجية دفاعية واضحة. عسى ألا يتفرد فريق بقرار السلم والحرب ويجر لبنان للمجهول». الوزير عادل أفيوني دعا إلى الرد «بالوقوف صفاً واحداً تحت مظلة الدولة والشرعية الدولية وتطبيق القرار 1701». وعلى المنوال نفسه سارت تغريدات عدد كبير من النواب. التضامن والالتفاف حول الدولة لمواجهة التحديات، ودعوة المجمتع الدولي إلى ردع إسرائيل عن اعتداءاتها، مقابل التحذير من تفرّد أي طرف بالقرار. رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبّر، في بيان، عن تعاطفه الكامل «مع أهلنا في الضاحية الجنوبية»، مستنكراً «الاختراقات الاسرائيلية المتكررة لسمائنا كما لجوؤهم إلى طائرات مسيّرة مفخخة ضد أهداف في لبنان». إلا أنه دعا الحكومة الى «التوقف مطولاً عند ما جرى، ومناقشة موضوع وجود القرار الاستراتيجي العسكري والامني خارج الدولة، واتخاذ التدابير اللازمة لإعادته إلى الدولة رفعاً للأذى عن شعبنا وتجنّباً للأسوأ»، فيما دعا الرئيس تمام سلام إلى وقفة وطنية لبنانية جامعة «تحبط مخططات إسرائيل وتذكّر المجتمع الدولي بمسؤولياته، وتنأى بلبنان عن الحريق الإقليمي».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
مواجهة أميركية – إيرانية في أجواء المنطقة.. ولبنان يقترب من خط النار!
نصر الله يتوعّد بإسقاط المسيّرات.. واتصالات عربية ودولية عاجلة لإحتواء إعتداء الضاحية
دخل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على خط التهدئة بين لبنان وإسرائيل، بعد العملية الأمنية الإسرائيلية عبر «مسيّرة مفخخة»، وأخرى استطلاعية في المبنى الذي تتواجد فيه الوحدة الإعلامية التابعة لحزب الله.
لكن مصادر دبلوماسية لاحظت ان هذا الدخول اتسم بعدم الحياد، إذ في وقت طلب من الرئيس سعد الحريري السعي الى ضبط النفس، وعدم الرد على «الاعتداء الإسرائيلي»، على ان تعالج ضمن الأطر الدبلوماسية بعيداً عن السياقات الحربية، على قاعدة «اقتله أولاً» وهو التبرير، الذي قدمه الجيش الإسرائيلي على لسان جوناثان كونريكوس، الناطق باسمه، زاعماً ان طائرات مسيّرة، كانت ستستهدف أماكن في إسرائيل احبطت الخميس الماضي، متهماً إيران بالتحضير لها، فيما أقرّ في اتصال مماثل مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل انها تتفهم دوافع وحق تل أبيب بالدفاع عن النفس.
وإذا كانت المواجهة المتوسعة بين الولايات المتحدة الأميركية، ومعها إسرائيل وإيران، ومعها أطراف المحور تعم أجواء المنطقة، عبر المسيرات الحربية، سواء في العراق أو سوريا وصولاً إلى لبنان، وغزة، فإن الأوساط الدبلوماسية رفعت من مستوى مخاوفها من اقتراب النار من سمائه وحدوده، بعد الاعتداء الإسرائيلي المسير في الضاحية الجنوبية، وتهديد السيّد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بمنع اسرائل من تسيير مسيرات في الأجواء اللبنانية.
وهذا الأمر، على خطورته، سيكون أوّل بند على جدول مجلس الوزراء الذي ينعقد غداً في السراي الكبير، والمخصص اصلاً لمعالجة أزمة النفايات.
العدوان الإسرائيلي
وكان الدخول الإسرائيلي السلبي على الوضع اللبناني فجر أمس الأحد، قد وضع التطور الإيجابي الداخلي الذي سجل السبت، وتمثل بزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بيت الدين، ومن ثم الغداء الذي جمعهم في حضور رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، على شكل «مصالحة ومصارحة» جديدتين، في المرتبة الثانية من الاهتمامات والمتابعات اليومية للبنانيين، الذين ما زالوا تحت وطأة صدمة التصنيف الائتماني السلبي لاحوالهم الاقتصادية، بانتظار ما يمكن ان تحدثه هذه الصدمة من تطورات ميدانية في سوق القطع اليوم الاثنين مع بدء الحركة العادية في الأسواق، قبل ان يتفأجوا ليل السبت – الأحد، بعدوان إسرائيلي على منطقة الضاحية الجنوبية بطائرتين مسيرتين وتفجير احداهما قرب مكتب العلاقات الاعلامية لـ «حزب الله» في حي معوض، مادفع الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله الى الاعلان امس في كلمة لمناسبة ذكرى الانتصار على الارهاب في السلسلة الشرقية، ان الحزب لن يسمح بعد الان بمرور اية طائرة استطلاع اسرائيلية وسيعمل على إسقاطها».
كما اعلن نصر الله ان العدوان الاسرائيلي ليل السبت الاحد على ضواحي دمشق استهدف بيتا لاقامة عناصر الحزب وليس مركزا عسكريا، ما ادى الى سقوط شهيدين للحزب، متوعدا جيش الاحتلال بالرد «ومن لبنان وليس من مزارع شبعا»، مخاطبا الجندي الاسرائيلي بالقول: «بدك توقف على رجل ونص وتنتظرنا».
وكان مسؤول العلاقات الاعلامية في «حزب الله» محمد عفيف قد ابلغ «اللواء» نهاراً ردا على التسريبات بأن الحزب سيرد قبل كلمة نصر الله، «ان اي قرار للحزب بالرد او عدم الرد على العدوان الاسرائيلي بطائرات تجسس مسيّرة على منطقة الضاحية الجنوبية، لم ولن يتخذ قبل كلمة الامين العام»، وقال: كيف يعقل ان يعلن مصدر في «حزب الله» انه سيتم الرد عسكريا، بينما لدينا احتفال جماهيري كبير يتحدث فيه السيد نصر الله ويعلن الموقف المناسب؟..
اضاف عفيف موضحا: ان الطائرتين سقطتا في نفس المكان على سطح المبنى الذي يقع فيه مركز العلاقات الاعلامية والاعلام الالكتروني للحزب، واصيب ثلاثة من العاملين فيه بجروح بسيطة نتيجة تناثر الزجاج…
وتابع: ان الطائرة الاولى سقطت ولا نعرف كيف، لكن تقديرنا انها كانت تلتقط صورا وتجمع معلومات، وان الطائرة الثانية المتفجرة قد تكون بصدد تفجير الاولى لمنعنا من الحصول على المعلومات التي التقطتها الاولى، لكن في الحالتين لسنا نحن من اسقطنا الطائرتين ولا ندري بعد كيف سقطتا.
ومساء سألت «اللواء» عفيف عن الهدف الذي قال نصر الله ان الطائرة المتفجرة استهدفته؟ فاجاب: «لا تعليق الان بانتظار جمع كل المعطيات والمعلومات».
ولوحظ ان الأجهزة الرسمية العسكرية والأمنية والقضائية نزلت فوراً إلى ميدان الحدث لمباشرة التحقيقات، فيما جرت اتصالات مكثفة بين كبار المسؤولين، لتوحيد الموقف من التعامل مع العدوان الجديد، وبقي الرئيس عون على اتصال مع الأجهزة الأمنية والقضائية والنيابية العامة العسكرية، عبر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس الذي أجرى كشفاً ميدانياً وتحقيقاً اولياً.
وذكرت معلومات ان الرئيس عون ستكون له لقاءات في الأربع والعشرين ساعة المقبلة لمعالجة الموضوع مع عدد من ممثلي المجتمع الدولي والدبلوماسيين لمواكبة العملية بعد التهديدات الإسرائيلية والتطورات التي حصلت.
وإذ أعلن عون ان ما حصل عدوان غادر على السيادة اللبنانية، وان لبنان سوف يتخذ الإجراءات المناسبة بعد التشاور مع الجهات المعنية، قال رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ان الحكومة «ستتحمل مسؤولياتها الكاملة بما يضمن عدم الانجرار لأي مخططات معادية تُهدّد الأمن والسيادة الوطنية»، في حين اوعزت وزارة الخارجية إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة امال مدللي لتقديم شكوى فورية لمجلس الأمن ضد إسرائيل لخرق السيادة اللبنانية والقرار 1701.
وأفاد المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، أن الرئيس الحريري تلقى اتصالاً من وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي أكّد خلال الاتصال على ضرورة تجنّب أي تصعيد والعمل مع كافة الأطراف المعنية لمنع أي شكل من اشكال التدهور.
وبحسب المكتب فإن الرئيس الحريري شدّد من جانبه على «التزام لبنان موجبات القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701، منبهاً إلى مخاطر استمرار الخروقات ووجوب العمل على وقف هذه الخروقات».
وتلقى الحريري أيضاً اتصالاً هاتفياً من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أكّد تضامن الجامعة مع لبنان «في هذا الظرف الدقيق، واستعدادها للقيام بالدور المنوط بها في صيانة الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في لبنان».
وإذ شدّد على ان الجامعة تتابع باهتمام التطورات الأخيرة في لبنان، وتدين بشدة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، فإنه اعرب عن أمله بأن تلتزم كل الأطراف المعنية بمنع التصعيد وضبط النفس للحيلولة دون الانزلاق إلى منعطف خطير يُهدّد أمن واستقرار لبنان والمنطقة.
نصر الله
اما السيّد نصر الله، فلم يشأ الكشف سوى عن جانب قليل من المعلومات، إذ قال في مهرجان الذكرى الثانية لتحرير الجرود الشرقية في بلدة العين البقاعية، ان ما حصل هو استهداف بطائرة انتحارية مسيرة لهدف معين في الضاحية، بعدما سبقتها طائرة أولى مسيرة استطلاعية وغير مزودة بمواد تفجيرية، وكانت تعطي صوراً دقيقة للهدف المقصود، لكنها سقطت من تلقاء نفسها، (وربما اسقطها شبان بالحجارة لأنها كانت قريبة جداً من الابنية)، مشدداً على عدم السماح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن وسيتم إسقاط أي طائرة مشابهة إذا تكرر نفس المشهد، واصفاً ما حصل بأنه «أول خرق واضح وصريح لقواعد الاشتباك منذ عدوان تموز 2006»، مشيراً إلى انه مشابه للسيناريو المعتمد حالياً في العراق، ومشدداً «على ان الزمن الذي كانت فيه طائرات العدو الإسرائيلي تقصف لبنان ويبقى كيانه آمناً انتهى».
واعتبر أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية التي تدخل لبنان «لم تعد لجمع المعلومات بل لعمليات الاغتيال.. ومن الآن فصاعداً سنواجه الطائرات المسيرة الإسرائيلية عندما تدخل سماء لبنان وسنعمل على إسقاطها، وليأخذ الاسرائيلي علما بذلك، نحن لن نقبل بأن تستباح مناطقنا، واذا كان احد في لبنان حريص، فعليه ان يحكي مع الاميركي كي يحكي مع الاسرائيليين ان ينضبوا».
لقاء عون – جنبلاط
من جهة ثانية، علم ان اللقاء بين الرئيس عون وجنبلاط كان جيدا بحيث ان التشنج الذي تركته حادثة قبرشمون وما تلاها من ردود فعل ازيل وفي الأصل ازيل منذ لقاء المصارحة والمصالحة لكن ساد مناخ افضل والحديث تناول الوضع الأقتصادي خصوصا وهو الذي يركز عليه عون.
واكدت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان هناك تطابقا في وجهات النظر متفقة على معالجة سريعة ليس في الأجراءات الأقتصادية وانما في مواكبة سياسية كي يكون هناك. تناغم بين الأجراءات التي تتخذها الدولة وردة الفعل الشعبية والسياسية لأن موازنة 2020 ستتضمن بعض القضايا التي تتطلب تضامنا وطنيا واسعا حتى تطبق.
وكشفت انه تم التطرق الى مواضيع الساعة منها البيئه وغيرها، واوضحت انه دار حوار في حضور الوزير باسيل اتسم الجو بالهادئ، وابلغ عون حنبلاط انه يحضر لأجتماع موسع بعد عودته الى قصر بعبدا لرؤساء الكتل والأحزاب في مجلس النواب لأطلاعهم على حقيقة الوضع الأقتصادي والمالي التي يمكن اتخاذها بهدف قيام مشاركة من قبل الجميع لتحمل مسؤولية المرحلة المقبلة لأن لا بد من قيامها.
وافادت ان الآجتماع سيعقد مطلع الأسبوع المقبل اما الأثنبن او الثلاثاء المقبلين وفق وتيرة الدعوات التي توجه ِ. وابرز المدعوين الرئيسان نبيه بري والحريري ورؤساء الأحزاب والكتل النيابية الممثلة في مجلس النواب. وسيكون هناك عرض للواقع الأقتصادي والمالي والأجراءات التي يمكن اتخاذها.
وقالت ان اللقاء مع جنبلاط افسح في فتح صفحة جديدة بينه وبين عون وباسيل.
واذا كان لقاء بيت الدين تميز بالايجابية, كما قالت مصادر الحزب التقدمي لـ«اللواء»، خاصة مع حضور الوزير باسيل، ما يُعطي مزيداً من الايجابية لمساعي رأب صدع الخلافات بين الطرفين، فإن المصادر أوضحت أيضا ان لا خطوات جديدة حتى الان على صعيد مسار العلاقة بين التقدمي وبين «حزب الله»، لكنها قالت: ان العدوان الاسرائيلي امس، من شأنه ان يدفع كل الاطراف الى مزيد من التهدئة لمعرفة اتجاه الاحداث، ونحن ندفع باتجاه مزيد من تطبيع العلاقات مع كل الأطراف، علماً ان جنبلاط كان غرد معلقاً على العدوان بقوله ان «افضل طريقة لمواجهة الاعتداء هو بالوحدة الوطنية».
ثبات الليرة
وعلى صعيد التصنيف الائتماني للبنان، بالشكل الذي خرجت به مؤسستا «ستاندر اند بوز» و«فيتش» يترقّب اليوم كيفية تعامل الأسواق المالية مع التصنيف الجديدة، وعما إذا كان وضع الليرة سيتأثر بالمضاربات على غرار ما حصل في اليومين الماضيين بفعل الشائعات التي حذر منها الرئيس عون، وكذلك وزير المال علي حسن خليل، الذي أعلن انه لا يتوقع تهوراً اسرائيلياً، مع انه يجب دائماً الاستعداد، لافتاً إلى ان التحدي المالي لا يكون بمهلة ستة أشهر أو بالتصنيف السلبي وانما بالحاجة إلى إجراءات جدية، واستكمال موازنة العام 2020 قبل تشرين الأوّل، مشيرا إلى اننا امام فرصة لإقرار الموازنة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة ضمن المهلة الدستورية، جازماً انه في الموازنة الجديدة لن يكون هناك فرض ضرائب جديدة.
وأكّد خليل انه واثق بمقدرة الليرة في الحفاظ على استقرارها وان الدولة لن ترحم المتلاعبين باستقرار الليرة.
اما الوزير السابق مروان خيرالدين، فتوقع ان يكون اليوم عادياً على صعيد التعاملات بين المصارف، لافتاً إلى ان بعض المضاربات التي يُمكن ان تحصل ستكون محدودة، مؤكداً انها ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها لبنان لتصنيف سلبي، إذ سبق في العام 2008 حيث كان تصنيفه في مرتبة تربل C. وكشف ان قيمة سندات اليوروبوند غير المملوكة في حدود 3 مليارات دولار، وهذه السندات يُمكن ان تتعرض لمضاربات لكنها لا تؤثر على وضع المصارف ولا على اللبنانيين، وإنما فقط على الأشخاص الذين يشترون أو يبيعون.