وليد شرارة : رحل إيمانويل والرشتاين وترك لنا تغيير العالم

وليد شرارة : رحل إيمانويل والرشتاين وترك لنا تغيير العالم

وقائع العملية العسكرية الخاصة التي ينفذها الجيش الروسي في أوكرانيا حتى اليوم الـ 470
ندوة في القاهرة : ”الحراك الشعبي العربي ودعم خيار المقاومة”
نحو رؤية وطنية لحل الأزمة الإجتماعية ـ الإقتصادية في لبنان (بقلم : غالب أبومصلح)

غيّب الموت قبل أيام إيمانويل والرشتاين (1930 ــــ 2019)، آخر ركن في «عصابة الأربعة» التي ضمت إضافة اليه، سمير أمين وأندريه غاندر فرانك وجيوفاني أريغي، التي قدمت قراءة جديدة لنشأة وتطور وواقع النظام الرأسمالي العالمي، غير أوروبية التمركز. ثورات التحرر الوطني، التي اشتعلت في جنوب العالم من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي عن قوى الاستعمار القديم والجديد، أدت أيضاً الى قطيعة فكرية مع أيديولوجيتها السائدة حيال العلاقات ما بين المراكز الاستعمارية، والأطراف التابعة، أي المستعمرات وأشباه المستعمرات، ومفاهيمها التأسيسية، كالتخلف والتقدم والتنمية. «مدرسة التبعية» كانت التعبير الأبرز عن هذه القطيعة الفكرية – السياسية، وعن المسعى لاعادة فهم تاريخ وتحولات النظام الدولي، وبلورة البدائل السياسية والاقتصادية – الاجتماعية، من منظور شعوب الجنوب.


يقول ايمانويل والرشتاين عن لقائه الأول بالمفكر والاقتصادي المصري سمير أمين أوائل عقد الستينات من القرن الماضي في داكار: «منذ بداية تحادثنا، اكتشفنا مدى تطابق مواقفنا. كنا مقتنعين بأننا نعيش في عالم رأسمالي، وبأن علينا أن ننتظم لتدميره. كنا أيضاً مؤمنين بأهمية الفكر الماركسي رغم اعتقادنا بأنه ليس دوغما وبضرورة تحديثه… هناك معركة واحدة لا غير: علينا تغيير العالم».

ولد والرشتاين عام 1930 في نيويورك، وحاز شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كولومبيا، فبل أن يبدأ حياته المهنية كخبير في الشؤون الأفريقية بعد فترة وجيزة من نيل غالبية دول القارة استقلالها من الاستعمار. لكن أبحاثه، منذ بداية السبعينات، تمحورت حول تاريخ الاقتصاد الرأسمالي العالمي، فصدر له عام 1974 الجزء الأول من ثلاثية «النظام العالمي الحديث»، التي صدر جزءاها الثاني والثالث في 1980 و1989. لوالرشتاين عشرات المؤلفات الأخرى والدراسات أبرزها: «العرق، الأمة، الطبقة: الهويات الملتبسة»، «الرأسمالية التاريخية»، «اعادة النظر في العلوم الاجتماعية»، «ما بعد الليبرالية»، «مرحلة جديدة من الرأسمالية؟»، «العالمية الأوروبية: من الاستعمار الى حق التدخل». 


كان والرشتاين من أوائل المفكرين الذين توقعوا انحدار الامبراطورية الأميركية والتراجع المستمر لقدرتها على السيطرة، وبروز أقطاب دولية أخرى منذ بداية التسعينات، على عكس الرأي الطاغي آنذاك، الذي جزم بأن هذه السيطرة ستكون مطلقة ومديدة. وهو رأى في الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بالغرب عام 2008 مؤشراً أكيداً إلى دخول النظام الرأسمالي في طور طويل من الاحتضار من دون أن تكون مآلات هذا الاحتضار واضحة.

 

نشر والرشتاين مقالاً أسبوعياً على صفحته «كومنتري» (commentaries) على موقع مركز فرنان بروديل، التابع لجامعة بينغهامتون، لأكثر من عقدين. وقد أشار في مقاله الوداعي في أول شهر تموز (يوليو) الماضي إلى أنّ «الأوضاع في العالم قد تتجه نحو المزيد من التدهور أو لا تتجه. لقد أشرت في الماضي الى أن الصراع الأساسي هو الصراع الطبقي، مع التعريف الأعرض لكلمة طبقي. ما تستطيع الأجيال التي ستحيا في المستقبل فعله هو أن تناضل من أجل أن يكون التغيير حقيقياً».

وليد شرارة، كاتب ومفكر ومناضل سياسي عربي من لبنان،  الثلاثاء 3 أيلول 2019

Please follow and like us: