موريتانيا : "الشؤون الإسلامية" في البرلمان تعترض على مشروع قانون يحظر العنف ضد المرأة!

موريتانيا : "الشؤون الإسلامية" في البرلمان تعترض على مشروع قانون يحظر العنف ضد المرأة!

سناء الخوري و”جريدة الاتحاد” : “لا معنى لدوري إن كنت لا أستطيع حماية حقوق الكتّاب في التعبير”
اتحاد الكتاب العرب: طوفان الأقصى أثبتت قدرة المقاومة على الانتصار واستئصال كيان الاحتلال
فلسطين المحتلة : مقتل وجرح 5 جنود صهاينة واستشهاد 3 مقاومين في عملية فدائية بالقدس   

 

رفض البرلمان الموريتاني التصديق على الصيغة الحالية لقانون "النوع" المثير للجدل والذي قدمته الحكومة بهدف حماية حقوق النساء. وأوضحت مصادر برلمانية أن الحكومة سحبت مشروع القانون من أجل إدخال تعديلات عليه قبل عرضه على جلسة برلمانية قد تنعقد الخميس المقبل. وكانت لجنة "الشؤون الإسلامية" بالبرلمان الموريتاني قد اعترضت على نص القانون بحجة أنه يتضمن فقرات تُخالف الشريعة الإسلامية.
 
وكانت الوثيقة الرسمية والمعنونة "بالسياسة الوطنية للأسرة" قد بينت ارتفاع نسب الطلاق في موريتانيا إلى 31 في المئة، بسبب ما قالت الوثيقة التي نشرت في فبراير / شباط 2015، أنه "عدة عوامل اجتماعية واقتصادية". كما أكدت الوثيقة أن نسبة 60 في المئة من حارت الطلاق تتم في الخمس سنوات الأولى بعد الزواج. وأشارت الوثيقة إلى أن الطلاق في موريتانيا لا يحد من فرص المرأة في الزواج، حيث إن نسبة 74%من النساء اللائي تعرضن للطلاق من زواجهن الأول، تزوجن من جديد، كما أن نسبة 25% من النساء تزوجن مرتين على الأقل، و7% تزوجن ثلاث مرات فأكثر.

 

ورغم أن هذه الإحصاءات تظهر الإحترام الإجتماعي للمرأة الموريتانية المطلقة، بخلاف عدد كبير من الدول العربية، فقد أثار القانون الجديد جدلاً كبيراً في موريتانيا ، لأنه يمنح النساء حقوقا موسعة ويفرض عقوبات قاسية بحق من يرتكبون اعتداءات لفظية أو جسدية أو معنوية بحقهن. وتشمل العقوبات في القانون الجديد الإعدام والجلد والنفي والسجن والتغريم. وانتقد فقهاء وعلماء دين القانون معتبرين أن تم تفصيله على مقاس الحركات النسوية دون مراعاة مبادئ الشريعة الإسلامية التي هي المصدر الوحيد التشريع في البلاد.

 

ويتضمن القانون خمس فصول حول "عقوبات الجرائم والجُنح المرتكبة ضد النساء" و"الإجراءات القضائية المتعلقك بالاعتداءات الجنسية" وتدابير "الوقاية من الاعتداءات الجنسية ضد النساء" وإجراءات "التكفل بالنساء ضحايا الاعتداءات الجنسية". وتصل بعض العقوبات في القانون حد الإعدام وذلك في حالات الاغتصاب التي يقوم بها رجال مُحصَنون. كما يعاقب القانون كل من يتستر أو يتقاعس عن الإبلاغ عن اعتداء جنسي، ويمنحُ المحاكم الحق في متابعة مرتكبي أعمال العنف ضد النساء.

ورأت ناشطات في قضايا حماية حقوق المرأة أن القانون المقترح سيشكل في حال تم إقراره خطوة هامة في اتجاه المساواة بين الجنسين وصون حقوق النساء الموريتانيات. لكن النقاش يطال تسمية القانون أيضا؛ إذ يرى عدد من المعلقين على القانون أن تسمية "النوع" أو الـ gender تعني أن أحكامه تشمل الشاذين جنسياً. وهذه هي المرة الأولى التي يتحفظ فيها البرلمان الموريتاني بأغلبيته ومعارضته على مشروع قانون تقدمه الحكومة. وقد تعهدت هذه الأخيرة بمراجعة المواد والفقرات التي أثارت الجدل قبل إعادة تقديم القانون مجددا إلى البرلمان لتمريره.

 

وينص القانون على تغليظ العقوبات في حال كان الجاني على علاقة بالضحية أو تم ارتكاب الفعل جماعيا أو كان الضحية هشا أو تورط شخصيات معنوية في الجرائم. واحتدم النقاش حول إحدى فقرات القانون تعاقب أولياء الأمور الذين يُزوجون بناتهم قبل سن الثامنة عشرة؛ حيث اعتبر الكثير من الموريتانيين أن هذه الفقرة تخالف تعاليم الدين الإسلامي الذي ربط الزواج بالأهلية فقط دون تحديد سن معينة.

ويمنح القانون الجديد للمرأة الحق في ممارسة حريتها في الخروج والقيام بأي نشاط ترغب فيه وفي أي وقت دون إذن من زوجها، ويعاقب الشريك إذا حاول منعها من ذلك. أو فرض سلوك معين عليها. وأشاد وزير العدل إبراهيم ولد داداه بالقانون الجديد مؤكدا أنه يدخل ضمن صيانة الحقوق المشروعة للمرأة ويتضمن إجراءات وقائية وأخرى رادعة لممارسي العنف بشتى أصنافه. وأكد ولد داداه أن الخوف من القانون الجديد غير مبرر إلا بالنسبة لمن لديهم نية مبيتة لانتهاك الحقوق الأساسية للنساء.

 

ولا مجال لإنكار أهمية القانون الحقوقي الجديد، لكن من وجهة نظر العلوم الإجتماعية فإن كلا معارضي ومؤيدي القانون لم يعالجوا كفاية الجذور الإجتماعية للعنف صد المرأة الموريتانية. فالأرقام الرسمية تتحدث عن عدم رضى  41 في المئة من سكان موريتانيا الريفيون والحضريون عن الخدمات الصحية، بسبب "صعوبة النفاذ إلى الدوائر الصحية، وارتفاع كلفة الخدمات الصحية، إضافة لعدم توفر الأدوية". كما أن مساكن الموريتاانيين، وفق هذه الأرقام  نقسم بين نوعين : الأول، المساكن الهشة، الخيام، والأعرشة، والأكواخ. والثاني هو الدور. ويغلب النوع الأول على المستوى الوطني. حيث يعيش 64 في المئة من الموريتانيين في سكن أرضي مغطى بالرمال أو بالطين، و30 في المئة في مساكن مغطاة بالأسمنت، 4 في المئة مساكنهم مغطاة بالمربعات الجيرية.  

ويمس هذا التدهور في الحقوق السكنية والحضرية حياة الأسرة الموريتانية، حيث يعيش 51 في المئة منها في مساكن لا تتوفر على مراحيض، كما أن 64 في المئة من القمامة المنتجة في المناطق الحضرية لا تتم معالجتها، بل تدفن أو تحرق. ويبتعد مشروع القانون موضع الجدل عن معالجة هذه المشكلات التي تمس الحقوق المادية للمرأة. لأن نسبة الفقراء في موريتانيا تبلغ 46 في المئة، وترتفع في الأرياف لتبلغ 60 في المئة، وتتزايد فيما أسمته الوثيقة الريف النهري إلى 71 في المئة. 

مركز الحقول للدراسات والنشر
السبت 7 يناير / كانون الثاني، 2017