البناء
الجيش السوري يحسم جرجناز ويتقدّم نحو المعرة… ولافروف والمعلم لقرار الحسم العسكري
تمرّد “المستقبل” يتجاوز الخط الأحمر للجيش… وعشاء الميلاد في الساحة يكشف قادة الحراك
دياب ينال دعم الغالبية لحكومة من 20 وزيراً لوجوه جديدة… وأسبوع السنة الأخير للأسماء
الحدث هناك في شمال الشمال، حيث الجيش السوري يكتب من جديد ملاحم انتصاراته المتدحرجة في ريف إدلب الشرقي ويتقدّم في عشرات البلدات والقرى، وصولاً لمدينة جرجناز ليصير على أبواب معرة النعمان، المدينة الأهم على بوابات إدلب وسراقب باتجاه حلب، وعيون العالم صارت هناك، وتعليقات المواقف الغربية عادت إلى عادتها بإعلان دعم جماعات جبهة النصرة، فيما ترجم جيش الاحتلال عاداته بالغارات التي تستهدف العمق السوري، للتأثير على مجريات العمليات العسكرية، بينما كان وزير الخارجية السورية وليد المعلم ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يؤكدان خيار الحسم العسكري بوجه الجماعات الإرهابية.
خلفية الاهتمام الدولي والإقليمي بالحدث السوري، وقراءة الوضع اللبناني على هذه الخلفية، تفرّغ اللبنانيون للبنانياتهم، بعيداً عن الضغوط، وكان تمادي تيار المستقبل بتهديد الأمن والاستقرار بأعمال الشغب التي شهدتها طرق عدة، في العاصمة والمحافظات، شمالاً وجنوباً وبقاعاً. وهو ما قالت مصادر متابعة إنه تخطى الخطوط الحمراء للجيش اللبناني، وهو ما تبلّغه تيار المستقبل، ووعد بالتجاوب مع قيادة الجيش بإنهاء هذا الشكل من الحضور في الشارع، والاكتفاء بالاعتصامات بعيداً عن العبث بحرية التنقل. وبعدما سيطر حضور تيار المستقبل على ما كان يفترض أن يمثل مليونيّة الاحتجاج على تسمية الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب، وجاء الحضور هزيلاً بالقياس لما كان مقرراً، وبرزت أصوات آلاف المستقبليين الآتين من الشمال إلى ساحة الشهداء مسيطرة على الساحة بسبب غياب المشاركة الشعبية، وهو ما كرّسته صورة عشاء الميلاد الذي تمّت الدعوة إليه من الجماعات المسيطرة على الساحات، وافتقدت المشاركة الشعبية فبدا قادة الحراك وحدهم وحولهم عشرات المشاركين، في مناسبة احتفالية جاذبة وعشاء متعدّد الأطباق في بلد ينتفض فيه الجياع، حيث لا تفسير للضمور إلا الضمور نفسه.
على جبهة تأليف الحكومة، قالت مصادر متابعة إن الرئيس المكلّف الدكتور حسان دياب قد نال ما طلبه من قيادة الغالبية النيابية لجهة شكل الحكومة ومواصفاتها، فتثبتت حكومة الاختصاصيين، والوجوه الجديدة، ومن غير النواب والحزبيين، وثبت العدد على 20 وزيراً. وقالت المصادر إن التداول بالأسماء والحقائب قد بدأ لكن لا شيء تمّ تثبيته بصورة نهائية، وأن لائحة بعشرات الأسماء المقترحة يُضاف إليها يومياً المزيد، سيتم من بينها انتقاء أسماء الوزراء وفقاً لتوزيع حقائبهم، وأن الأسبوع الأخير من العام سيكون مكرساً لإنهاء تجميع المعطيات الكافية حول الأسماء المطروحة، وإنهاء إضافة أسماء جديدة، لتكون الأيام الأولى من العام المقبل مخصصة للجوجلة واستعراض السيناريوات المفترضة للتشكيلة الحكومية، علماً أن الحقائب السيادية والشخصيات التي ستسند إليها ربما تكون قد توضّحت خلال أيام قليلة.
يبدو أن قطار تأليف الحكومة الجديدة يسير بشكل طبيعي رغم اعتراضات تيار المستقل الاستعراضية في الشارع والتي صارت محل استنكار وإدانة مختلف الشرائح الشعبية من مختلف المناطق والقوى السياسية، بما فيها رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الذي وصف التحركات بالعنفية، محذّراً من تداعياتها السلبية بمنع المواطنين من الذهاب إلى اشغالهم وخلق توترات مذهبية.
أما الرئيس المكلف حسان دياب فيمشي قِدماً واثق الخطى، بحسب وصف أوساط نيابية، مشيرة لـ»البناء» الى أن «دياب يجري مشاورات مع الكتل النيابية بعيداً عن الأضواء للوصول معها الى صيغة حكومية توافقية بمشاركة الجميع ستعمل سريعاً لاتخاذ خطوات وإجراءات اقتصادية لتخفيف وطأة الأزمات عن المواطنين»، مشيرة الى أن «لا ممانعة إقليمية ودولية على تكليف دياب أما الأصوات التي تتحدّث عن رفض سعودي للتعامل مع دياب فغير صحيح، لا سيما أن مصدراً سعودياً أكد أمس بأن من قال ذلك لا يمثل موقف المملكة». ولفتت المعلومات إلى أن «السعودية تنتظر صيغة الحكومة وبرنامجها وسياساتها لتبني على الشيء مقتضاه»، أما موقف دار الفتوى بحسب المصادر فمرتبط بقرار الرئيس سعد الحريري نفسه، حيث إن المحيطين بالحريري من عائلته ورؤساء الحكومات السابقين وبعض القنوات الأمنية المرتبطة بالخارج يعملون على عرقلة تأليف الحكومة واسقاط دياب في الشارع لا سيما مع المعلومات التي انتشرت عن خلاف داخل عائلة الحريري بين الرئيس سعد الحريري من جهة والنائب بهية الحريري وابنها الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري من جهة ثانية؛ وهذا السبب وراء تغيّب بهية الحريري عن وفد كتلة المستقبل خلال استشارات بعبدا».
وكان لافتاً أمس، إعلان ما يسمّى “لواء عكار” السيطرة على معبر العبدة الحدودي مع سورية وقطع الطريق الدولية من سورية وإليها ومن السيارات والشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمحروقات من العبور واضعين شروطاً لذلك كتراجع الحكومة السورية عن فرض رسوم على الشاحنات اللبنانية العابرة الى سورية والأردن.
وقال الوزير حسن مراد في تصريح: “حلفاء الحريري هم مَن تركوه وحيدًا وخذلوه والمشكلة معه هي اعتماده على حلفائه دائماً وإقامته اتفاقيات جانبية مع حلفائنا”.
وعلمت “البناء” ان “الحزب الاشتراكي اتخذ قراره بعدم المشاركة في الحكومة، فيما تيار المستقبل من الممكن ان يشارك بطريقة غير مباشرة عبر وزراء مقربين او محسوبين عليه”. ورجحت المصادر أن تكون الحكومة من 18 وزيراً او 24 مع وزراء اختصاصيين يمثلون الأحزاب السياسية والحراك”، ونقلت مصادر عين التينة أن المستشار الاقتصادي الخاص لرئيس مجلس النواب نبيه بري الخبير غازي وزني سيكون وزير المال في الحكومة، والأمر بات محسوماً”.
أما على صعيد تمثيل الحراك الشعبي، فهو العقدة الأصعب لحجم الانقسام والتشظي والصراع والتنافس بين مجموعاته على الدخول الى الجنة الحكومية، ووفق معلومات لـ”البناء” فإن بعض “قادة” المجموعات تتواصل سراً مع اطراف حزبية في السلطة لطرح اسمها للمشاركة في الحكومة.
وقالت مصادر بعض مجموعات الحراك لـ”البناء” إننا “لا نريد الحكم على النيات بل ننتظر لنرى ما سيقدّمه الرئيس المكلف الجديد على صعيد صيغة الحكومة ونوعية الوزراء وحجم الحضور الحزبي والسلطة فيها ومدى التغيير في التركيبة الحكومية وسياسات الحكومات السابقة”، وأدانت المصادر عمليات قطع الطرق من المستقبل لإعادة فرض الحريري رئيساً موضحة أن هؤلاء الذين يستقدمون من مناطق متعددة لا يمثلون الحراك والمتظاهرين بل هم أزلام ومناصرو السلطة، موضحة ان “الحراك كان يقدم على قطع بعض طرقات محددة ولبعض الوقت لكن لسنا مسؤولين عن قطع طرقات خلدة والجية والناعمة وغيرها من الطرقات الحيوية في البقاع والشمال التي تمس بحرية وحركة انتقال المواطنين وتؤدي الى توترات مذهبية”. في المقابل تشير أوساط مجموعات اخرى من الحراك التي تتبع لحزب 7 الى “أنهم يستعدون للتصعيد في الشارع بعد عطلة الأعياد رفضاً لإعادة انتاج السلطة نفسها”، مشيرين لـ”البناء” الى ان “تكليف حسان دياب هو عودة الى السلطة بشكل او بآخر ولا يخدم أهداف الثورة التي بدأت منذ شهرين”.
وعلم أن لقاء يمكن ان يحصل اليوم في القصر الجمهوري بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس دياب، لإجراء جوجلة لحصيلة المشاورات النيابية التي أجراها دياب مع الكتل النيابية يوم السبت الماضي، للوقوف على آرائها في تشكيلة الحكومة الجديدة. كما يتم التطرق الى الاتصالات التي يجريها دياب مع الجهات المعنية بتشكيل الحكومة. وكتب دياب على “تويتر” قائلاً: “لم يصدر عني أي كلام في أي موقع أو حساب على مواقع التواصل الاجتماعي وهذا هو الحساب الرسمي الوحيد بإسمي”.
الى ذلك برز موقف النائب السابق وليد جنبلاط الذي حذر من أن الاقتصاد اللبناني على باب الانهيار إن لم يكن ينهار، كما حذّر من مجاعة في الجبل ودعا المغتربين إلى مدّ يد الشراكة والدعم لتوفير الحاجات الأساسية للصمود”.
وفي حديث عبر اتصال هاتفي مع عدد من أبناء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، ألقى جنبلاط المسؤولية على حلفائه من الحريري والقوات بعدم تسمية السفير نواف سلام في استشارات بعبدا، متسائلاً: “لماذا سعد الحريري والقوات لم يدعما نواف سلام، ولكن غلطة الشاطر بألف، الا اذا كانوا يريدون البقاء على النظام القديم”.وضجّت الأوساط الشعبية والاقتصادية أمس، بما نقله أحد الخبراء الاقتصاديين عن مسؤولين في السفارة السويسرية في لبنان، عن قيام قيادات سياسية لبنانية بتهريب حوالي 2 مليار دولار إلى سويسرا خلال الاشهرالاخيرة، وأفادت مصادر مصرف لبنان، بحسب قناة “ال بي سي” أنها “لم تنف خروج 2.2 مليار دولار من لبنان منذ بدء الاحتجاجات”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الحريري يدفع إلى حكومة لون واحد؟
بدأ حسان دياب يسلك طريقه نحو السرايا. فحتى اللحظة، يبدو أن واشنطن تتعامل معه كأمر واقع، ولم ترمِ بعد عراقيلها أمامه. كذلك فعلت السعودية أمس. في الحالتين الخاسر هو سعد الحريري. حتى الشارع غضبه محدود. يبقى التأليف. الأولوية لحكومة جامعة لكن الرفض قد يؤدي، شكلاً، إلى حكومة اللون الواحد. ذلك أمر لم يعد مصدر قلق لدى «8 آذار»، فالبلد لا يحتمل هدر المزيد من الوقت، وحسان دياب ليس شخصية مواجهة كما أن هذه القوى تبدو مستعدة لتسهيل مهمته إلى أقصى حدود
أخذ رئيس الحكومة المكلّف، أمس، يوم راحة من مفاوضات التأليف، ليدخل في وظائف ما بعد التأليف ونيل الثقة. وفود من الناجحين في الخدمة المدنية ممن لم تصدر مراسيم تعيينهم أو ممن لم تصدر نتائج مبارياتهم زارته شاكية الظلم الذي تتعرض له، فوعدها بأن تكون قضاياهم «من الأولويات على جدول أعمال الحكومة العتيدة».
أما بشأن مفاوضات تأليف تلك الحكومة، فقد فضّل دياب، بعد سبت الاستشارات النيابية وأحد «وجوه من الحراك»، أن يكون الاثنين لجوجلة الأفكار. بعد ذلك، يُتوقع أن لا يتأخر قبل البدء بجولة على المرجعيات السياسية. وفيما سيكون لقاء الرئيس نبيه بري على رأسها، تردد أنه طلب مواعيد من «القوات» و«المستقبل» في محاولة منه لإقناعهما بالدخول إلى الحكومة. وفي هذا السياق، كان كرّر بري أمس أن المطلوب من دياب الاتصال بكل المكوّنات السياسية، التي يجب أن لا يألو جهداً لتشارك في الحكومة، وإذا لم توافق فهذا يعود لها. ونُقل عن بري قوله، رداً على سؤال عن اعتبار الحكومة حينها من لون واحد، بأن لا مشكلة في ذلك، في كل البلدان تؤلّف هكذا حكومات.
وقال، بحسب زواره، أين المشكلة في أن يكون الوزراء اختصاصيين وحزبيين في الوقت نفسه، كما يحصل في كل العالم. وكرر دعوة دياب إلى تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، خاصة أن كل التسهيلات أعطيت له. واعتبر أنه يجب أن تُشكّل خلال أسابيع لأن الوضع لا يحتمل أشهراً.
وعندما سئل، ربطاً بما يحصل في الشارع، إن كان يعتقد أن الحريري قد يكون ندم، قال بري: «وارد»، مذكراً أنه نصحه عندما زاره في عين التينة بأن اللعب بالنار ليس لعبة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مصادر مقربة من المستقبل كانت قد قيّمت التحركات بأنها تحركات محدودة ولا تشكل حالة اعتراضية فعلية.
بالنتيجة يسير دياب بخطى ثابتة على طريق التأليف، إذ تُبدي مصادر مطلعة ثقتها بأن الحكومة لن تتأخر، خاصة في ظل ازدياد القلق لدى الجميع من خطورة الوضع وضرورة الإسراع في بدء المعالجات. لكن هذا التفاؤل يقابله آخرون بالحذر من الاصطدام بعقبة «وزراء مستقلّين أم حزبيين؟». وإلى ذلك الحين، سيكون على الرئيس المكلّف وضع أسس التأليف. هل يسمي هو الوزراء أم القوى السياسية؟ هل يوزع الوزارات السيادية بالشكل المتعارف عليه، أي الداخلية للسنة والخارجية للموارنة والمالية للشيعة والدفاع للأرثوذوكس أم يعيد خلط الأوراق؟ وعندها، هل يُوافق ثنائي حركة أمل وحزب الله على التخلي عن المالية، التي يعتبرها بمثابة «حق دستوري»؟ وفي حال أصر الحريري على موقفه الرافض للمشاركة في الحكومة، هل يسمي دياب مقربين منه أم يذهب إلى اختيار من يريد؟ والأمر نفسه يجوز على وليد جنبلاط، هل يُصرّ على الخروج من الحكومة أم يراجع قراره؟
وكان جنبلاط كرر عتبه على الحريري لعدم تسميته نواف سلام، سائلاً إن كان هو والقوات يريدان بقاء النظام القديم؟ وقال «غلطة الشاطر بألف». في المقابل، استنكر جنبلاط المنحى العنفي الذي أخذته الاعتراضات على تكليف دياب، مشيراً إلى أن هذه خطوة خطيرة ومزعجة. واعتبر أنه إذا كان معظم المسؤولين السنة لا يريدون حسان دياب فليقولوا له بطرق أكثر حضارية.
بشكل أكثر وضوحاً ذهب النائب نهاد المشنوق إلى حشر الحريري في زاوية تناقضه. ودعاه إلى «إعلان موقف سياسي صريح لإزالة الالتباس من تكليف دياب، لأن ترك الأمر على هذا الالتباس قد يؤدي إلى خلل ميثاقي وخلل أمني وخلل في الانتفاضة نفسها».
وعلى ما أشار جنبلاط، فإن غلطة الشاطر بألف، وسعد الحريري، الذي كان ما بعد الاستقالة يتحكم بمجريات اللعبة السياسية، أخطأ في رهاناته في اللحظة الأخيرة. تخلى عن تكليف كان بمتناول يديه يوم الاثنين الماضي، وراهن على أن لا يسير خصومه بتكليف شخصية أخرى. لكن ما حصل أن تكليف دياب خلط أوراق الحريري داخلياً وخارجياً. فهو شخصية متخصصة وغير مستفزة من جهة، ومن جهة أخرى لم يتأخر في الحصول على «عدم اعتراض» دولي، ولاسيما من قبَل الولايات المتحدة الأميركية والسعودية. فبعد موقف ديفيد هيل المهنّئ والذي «تمنى التوفيق» لدياب في القصر الجمهوري، برز أمس موقف للسفارة السعودية تردّ فيه على إعلامي سعودي ادعى عبر «أل بي سي أي» أن السعودية لديها امتعاض كبير من الطريقة التي وصل بها حسان دياب إلى رئاسة الحكومة، لافتاً إلى أن السعودية لن تتصل به إذا قام بتأليف الحكومة المقبلة، إلا إذا حصل على مباركة دار الفتوى». وأعلنت السفارة أن الإعلامي فهد الركف «هو في الحقيقة شخص لا يحمل أيّ صفة رسمية، وآراؤه تمثّله شخصياً ولا تعكس موقف المملكة». وقد فسّرت مصادر مقربة من المستقبل أن هذا الموقف موجه ضد الحريري أكثر مما هو تأييد لدياب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
طلائع مطبّات التأليف.. هل تأخذ اللبنانيِّين إلى نظام الحصص الغذائية؟
إتفاق رئاسي على التسريع الحكومي.. وخلاف على مَنْ يرشِّح ممثِّلي الأحزاب
من المؤكد ان عطلة عيد الميلاد المجيد، ستشهد محطات أبرزها زيارة الرئيس المكلف حسان دياب إلى بعبدا، للقاء الرئيس ميشال عون، لمناسبة العيد، وللبحث في ما توافر لديه من معطيات، تتعلق بتأليف الحكومة، التي يفترض ان تكون من الاخصائيين، البعيدين عن الأحزاب السياسية، والكتل، وفقاً لرؤية الرئيس المكلف..
ويأتي اللقاء الأوّل بين الرئيسين في ضوء مؤشرات، تدل على بداية تباينات بين الطاقم المعني بتأليف الحكومة الجديدة، منها:
1- ما قاله الرئيس المكلف، بعد انتهاء المشاورات غير الملزمة مع النواب السبت الماضي من ان «رئيس الحكومة هو من يؤلف الحكومة».
المعلومات تُشير إلى ان هذا الموقف لم يكن ذا صدى طيباً لدى التيار الوطني الحر، وفريق بعبدا، إذ تردّد ان الفريق عبر عن رفضه لموقف الرئيس المكلف..
2- توفرت معلومات من أكثر من مصدر ان تحالف 8 آذار – التيار الوطني الحر، يتجهون للضغط على الرئيس المكلف لقبول تسمية اخصائيين، يقترحونهم هم.. هذا الأمر، سيؤدي، في حال حصوله إلى أحد امرين:
– اما تباطؤ حركة الرئيس دياب، واتجاهه إلى الابتعاد.
– وإما تحرُّك الشارع من جديد، باتجاه عصيان مدني، إذا ذهب الوضع باتجاه المراوحة، واتت السلطة بمستقلين مقنعين فسيتم اللجوء إلى عصيان مدني على حدّ ما رأت النائبة بولا يعقوبيان في برنامج تلفزيوني ليل أمس.
3 – تدافع الناجحين في المباريات التي اجريت أو قيد الإجراء للناجحين في دورة خفراء الجمارك (العدد 853)، والناجحين في مجلس الخدمة، ووفد يمثل 38 ألف شاب وفتاة من المرشحين لدورة تطويع رتباء وعناصر الأمن الداخلي الذين لم تصدر نتائجهم إلى منزل الرئيس دياب تطالبه بانصافهم، وهو أكّد على أحقية مطالبهم، والمعروف ان هذه مسألة خلافية تتعلق بما يسميه الوزير جبران باسيل «بالميثاقية» التي يستند إليها رئيس الجمهورية لعدم توقيع مراسيم التعيين، فضلا عن الأزمة المالية التي تستوجب عدم التوظيف.
وسط ذلك، اشارت سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت إلى ان السيّد فهد الركف، الذي قدم نفسه كمختص في الملف اللبناني، هو في الحقيقة شخص لا يحمل أي صفة رسمية وآراؤه تمثله شخصياً.
على ان الأخطر، إذا ما تبيّن ان التذاكي في لعبة تكليف الحكومة قد يأخذ وقتاً ليس بقصير، الاتجاه إلى ما يُمكن وصفه بـ«نظام الحصص الغذائية»، في ضوء ما كشفه النائب السابق وليد جنبلاط من ان الجبل مهدد بالمجاعة، داعياً بدء تزويد سكان الجبل بالحصص الغذائية، بدءاً من كانون الثاني المقبل، فيما وصف النائب السابق مصطفى علوش الوضع في بعض مناطق الشمال «يبنئ بمجاعة».
التأليف على نار هادئة
وفيما بقيت مشاورات تأليف الحكومة الجديدة على نار هادئة، ذكرت مصادر متابعة للوضع الحكومي ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب، لا زال في بدايات اتصالاته مع الجهات المعنية بتشكيل الحكومة من مختلف القوى بعيداً عن الاعلام لكن بزخم وجدية من دون اتضاح طبيعة النتائج الاولية حتى الان، لا سيماحول اتصالاته مع ممثلي الحراك الشعبي، الذي تحول معظم اطيافه من مطالب التغيير والاصلاح ومكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة ومعالجة الازمات المالية والاقتصادية، الى مطالب مذهبية وطائفية وشخصانية من هنا وهناك، ويتم قطع الطرقات على اساسها، مااثار ردود فعل سلبية وصلت الى تلميح البعض في البقاع بفتح الطرقات «بقوة سواعد رجال المنطقة».
وقالت المصادر: ان الرئيس دياب قد يزور الرئيس عون على الارجح اليوم، لوضعه في نتائج المشاورات التي اجراها يوم السبت مع الكتل النيابية، ويجري معه تقييماً لمقترحات الكتل، كمايتم التطرق الى الاتصالات التي يجريها دياب لا سيما مع ممثلي الحراك الشعبي. واشارت المصادر الى ان اتصالات دياب تشمل ايضا مجموعات سياسية من خارج الاحزاب والكتل السياسية التقليدية وستشمل هذه الاحزاب والكتل ايضا حتى تلك التي لم تُسمّهِ رئيساً مكلفاً، وانه منفتح على الجميع وسيأخذ بوجهات النظر كافة لبلورة تصور لهيكلية الحكومة العتيدة. وهو يتبنى مطالب الحراك الشعبي حول مكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة. عداعن التزامه تشكيل حكومة اختصاصيين، رجحت المصادران تكون من 20 او24 وزيراً، علماً ان فرضية حكومة من 18 مستبعدة حتى الآن.
وفهم ان لقاء بعبدا اليوم سيكون مناسبة لوضع هيكلية للحكومة، أي الأسس التي ستشكل منها ونوعية الأشخاص الذين يشاركون فيها. ولفتت المصادر المطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون راغب في تأليف سريع للحكومة، مثل الرئيس المكلف، مشيرة إلى أن الصيغة الأكثر تداولاً هي حكومة من 20 أو 24 وزيراً، وان سمة التكنوقراط هي الطابع المميز للحكومة، لكن لم يعرف ما إذا كانت ستكون مطعمة بسياسيين، أو فقط من الاختصاصيين، بحسب ما يرغب الرئيس دياب، على ان المشكلة الكبرى التي تواجه مهمة الرئيس المكلف هي مسألة تمثيل الحراك في الحكومة وعدم توحيد القيادة فيه. ولم تستبعد المصادر احتمال ان تستغرق مشاورات التأليف بعض الوقت، ولكن ليس بالكثير، وإنما في حدود السقف الذي حدده الرئيس المكلف بين 4 أو 6 أسابيع.
أسماء متداولة
وكانت بعض المواقع الإخبارية، تداولت أسماء خبراء اختصاصيين مرشحين لدخول الحكومة، وركزت هذه المواقع على شخصية الخبير المالي غازي وزني، لخلافة الوزير علي حسن خليل، وهو المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي، في وزارة المال، كما تمّ التداول بأسماء مثل الدكتور كمال حمدان والوزير السابق شربل نحاس، باعتباره مقرباً من الحراك، ان لم يكن في صلبه.
وتردد أيضاً اسم الدكتور مازن سويد الرئيس الحالي لمؤسسة «ايدال». إلا ان مصادر مقربة من الرئيس المكلف، نفت صحة هذه الأسماء، مشيرة إلى ان مراحل تأليف الحكومة لم تصل بعد إلى مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب، ولا تزال في سياق وضع هيكلية الحكومة، والتفاهم بشأنها مع المراجع العليا. وأبلغ الخبير وزني «اللواء» انه لم يتبلغ أي شيء رسمي لا من الرئيس المكلف ولا من الرئيس برّي، وقال انه «عندما يتبلغ ذلك يصبح الأمر رسمياً».
تباين
وبالنسبة إلى هيكلية الحكومة، برز أمس، وللمرة الأولى تباين في وجهات النظر بين الثنائي الشيعي من جهة، والرئيس المكلف من جهة ثانية، أعطى انطباعاً بأن مرحلة التأليف لم تصل بعد إلى وضع تصوّر واضح للحكومة العتيدة.
فقد غرّد الرئيس دياب عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر»، كاتبا «الحكومة الجديدة ستكون وجه لبنان ولن تكون حكومة فئة سياسية من هنا وهناك.. وستكون حكومة اختصاصيين بامتياز»، مضيفا «عشت مستقلا وسأبقى مستقلا، أما التصنيفات فلا تعني لي شيئا، القضية الرئيسية تتمثل في تحقيق نهضة لبنان والوصول إلى النتيجة التي يتمناها اللبنانيون».
وفي المقابل، اعتبر وزير «حزب الله» في حكومة تصريف الأعمال محمّد فنيش، ان «الحكومة المقبلة بحاجة إلى غطاء سياسي، مشيراً إلى ان الحزب يدعو إلى مشاركة واسعة من قبل الجميع، وهذا منتهى الشعور بالمسؤولية الوطنية والشعور بمشاكل الناس»، علماً ان الرئيس برّي كان أبلغ الرئيس المكلف في بداية الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب، بأنه يريد ان يكون تشكيل الحكومة مناسبة للم الشمل، وبالتالي الإصرار على تمثيل جميع الشرائح البرلمانية بدءاً من الحراك و«المستقبل» وانتهاءً «بالقوات» مروراً بالاشتراكي.
يُشار إلى ان الرئيس دياب التقى قبل ظهر أمس في دارته في تلة الخياط وفوداً من الناجحين في مباريات خفراء الجمارك ومجلس الخدمة المدنية، ودورة تطويع رتباء وعناصر قوى الأمن الداخلي، والذين صدرت نتائجها من دون صدور مراسيم تعيينهم لاعتبارات التوازن الطائفي، مشدداً على أحقية مطالبهم، مؤكداً ان إقرار هذا الأمر سيكون من الأولويات على جدول أعمال الحكومة العتيدة.
نفي سعودي
وعلى صعيد آخر، كان البارز ما نقلته محطة L.B.C.I أمس من معلومات وردت إلى القصر الجمهوري عن رسالة سعودية مفادها ان المملكة منفتحة على الواقع الجديد في لبنان، وتتعامل معه بإيجابية، وليس هناك أية املاءات سعودية.
ويبدو ان هذه المعلومات استندت إلى بيان النفي الذي أصدرته سفارة المملكة في بيروت، رداً على ما ذكره السعودي فهد الركف من ان المملكة لن تتعاطى مع الرئيس دياب قبل لقائه دار الفتوى.
وجاء في بيان السفارة، ان السيّد الركف الذي قدم نفسه كمختص في الملف اللبناني ووصفته وسائل اعلامية بأنه مسؤول حكومي هو في الحقيقة شخص لا يحمل أي صفة رسمية وآراؤه تمثله شخصياً ولا تعكس موقف المملكة.
جنبلاط والجوع
وإلى ذلك، برز أيضاً «التسجيل الصوتي الذي انتشر على مواقع الاتصال، لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، نبّه فيه الي ان الجبل ولبنان على مشارف مجاعة شبيهة بالمجاعة التي ضربت لبنان أثناء الحرب العالمية الأولى»، لافتاً إلى ان «الاقتصاد على باب الانهيار ان لم يكن قد انهار، وأن لبنان لا يمكن ان يستمر كبلد خدمات وسياحة وفنادق ومطاعم ومصارف بدون انتاج».
وقال جنبلاط في التسجيل خلال اتصال مع ابناء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة: «اتّخذنا موقفاً من عدم المشاركة لا في هذه الحكومة ولا في غيرها»، مؤكّداً تسمية السفير نواف سلام لأنّه من خارج هذه الطبقة. واستغرب كيف أنّ الرئيس سعد الحريري لم يسمّ السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، كما استغرب موقف حزب «القوات اللبنانية» من عدم تأييد سلام، «إلا إذا كانا يريدان بقاء النظام الطائفي كما هو».
وكشف ان «الحزب التقدمي الإشتراكي سيقوم بخطوات أولية من خلال «دعم الأسر المحتاجة لمازوت على مدى 4 أشهر، وتوزيع حصص غذائية ابتداء من 1ك1، ودعا إلى تشجيع زراعة القمح و الحبوب للحصول على اكتفاء ذاتي، تأمين مخزون أدوية، محاولة دعم المستشفيات».
وفي سؤال من قبل أحد مناصريه عن مدى سكوت الحزب الإشتراكي عن تمادي «حزب الله باحتكار القرار الداخلي في لبنان»، أكد جنبلاط أن حزب الله هو معادلة اقليمية أكبر منا، وأن الدول الخارجية باستثناء فرنسا تعتبر لبنان مسرحا لها لتصفية الحسابات».
واشارالى ان «الأميركي يريد اضعاف حزب الله، وأنني لست مع اضعاف الحزب من خلال اضعاف الإقتصاد اللبناني، وحزب الله قادر أن يصمد في وجه الضغوطات الأميركية لفترات طويلة». وردا على سؤال عن استعادة الأموال المنهوبة، أشار جنبلاط إلى أن الأموال الموجودة في سويسرا لا يمكن أن تعود، وهي تحتاج إلى قضاء مستقل.
وفي هذا السياق، توقفت مصادر متابعة عند ما كشفه الخبير الاقتصادي مروان اسكندر من انه التقى مسؤولة سويسرية على الغداء، ونقلت له تفاصيل تحويلات مالية بالدولار الأميركي إلى الخارج لـ6 شخصيات سياسية قاربت الـ6.5 مليار دولار، قال انه يعرف أصحابها جيداً، مشيراً إلى ان مجمل تحويلات السياسيين أصبحت عُرضة لدراسة البرلمان السويسري وتقديره.
وقالت هذه المصادر انه إذا كان كلام الخبير اسكندر الموثوق في شكل عام دقيقاً، فواجب القضاء ان يتحرك في أقصى سرعة لوضع البلد على الملف، وهذا باب واسع امام الحراك لتحريكه في اتجاه تحقيق مطلب يرفعونه منذ مُـدّة، وهو استعادة الأموال المنهوبة.
فرصة الميلاد واستمرار الاحتجاجات
في هذه الاثناء، كان وسط بيروت، يرتدي حلة عيد الميلاد، من خلال العشاء الميلادي الذي نظمه الحراك الشعبي في ساحة الشهداء، وشارك فيه أكثر من ألف شخص، فيما استمرت أعمال قطع الطرقات في العاصمة والمناطق من قبل مناصري تيّار «المستقبل» للتعبير عن رفضهم تكليف دياب برئاسة الحكومة..
وسجل في هذا الإطار، العودة إلى قطع الطريق امام جامع عبدالناصر في كورنيش المزرعة، بالاطارات المشتعلة، وكذلك قطع طريق فردان قرب دار الطائفة الدرزية، وحضور للقوى الأمنية من دون ان تتدخل لفتح هذه الطرق المقطوعة، لكن معلومات أفادت ان الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري تواصل مع المحازبين والمناصرين للتيار للتأكيد على توجهات الرئيس الحريري في التعاون مع السلطات المختصة لحماية التحركات السلمية وتجنب الانجرار وراء أية دعوة مخالفة للقوانين.
وافيد انه في ضوء المشاورات التي أجراها أحمد الحريري اتفق على دعوة المكتب السياسي والمكتب التنفيذي للتيار إلى اجتماع يعقد بعد عيد الميلاد ويخصص لمواكبة المستجدات السياسية والشعبية.