افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 28 كانون الثاني، 2020

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 2 تشرين الثاني، 2022
قوى الأمن الداخلي تكشف حسابات “إسرائيلية” للتجسس و”التجنيد” عبر مواقع “فايسبوك” و”أبل ستور” و”بلاي ستور”
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 2 نيسان، 2020

الأخبار
جلسة تشريع السوابق

“جلسة «تاريخية» عقدها مجلس النواب، أقرّ فيها موازنة 2020 في ظروف استثنائية شعبياً ودستورياً. تحت الحصار الشعبي، أقرّ النواب موازنة في جلسة مليئة بالسوابق: رئيس حكومة لم تنل الثقة جلس مكتوف اليدين لثلاث ساعات، يراقب، وحيداً، كيف تُقرّ موازنة سيكون ملزماً بتطبيقها، وسيُحاسب على أساسها. هو الذي لم يسهم في كتابة حرف فيها، فيما تنصّل منها رئيس الحكومة التي أقرّتها.

«تهريباً» دخل النواب إلى ساحة النجمة. لا أحد منهم يستطيع مواجهة المنتفضين الذين أحاطوا بمداخل الساحة، على قدر ما سمحت لهم الإجراءات الاستثنائية التي نفّذها الجيش وقوى الأمن، والتي تحوّل وسط بيروت، بنتيجتها، إلى منطقة عسكرية.

قالها الرئيس نبيه بري كما هي: «عملنا السبعة وذمتها لنوصل اليوم»، متوجّهاً بالشكر إلى الجيش والقوى الأمنية. هؤلاء قاموا بواجباتهم وزيادة، فأفرطوا في اللجوء إلى العنف، الذي كانت نتيجته أكثر من 20 جريحاً.

كان الهاجس صباحاً تأمين النصاب. وقد تأخرت الجلسة نحو 40 دقيقة، بانتظار الـ65 نائباً. كتلة المستقبل حضرت متأخرة، وكان سبقها نواب اللقاء الديموقراطي. هؤلاء مثّلوا المعارضة الجديدة، بعد مقاطعة «القوات» و«الكتائب» للجلسة.

مقاعد الوزراء ظلت فارغة. وحده رئيس الحكومة حسان دياب حضر، فجرّب المقعد المخصّص لرئاسة الحكومة للمرة الأولى. بعيداً عن الكلمة التي تلاها في بداية الجلسة، لم يكن له أي دور. جلس شاهداً، يدوّن ملاحظاته بين الفينة والأخرى. كان دوره تأمين الغطاء الحكومي للموازنة، وقد قام بدوره بلا صخب. ملامحه لم تتغير إن توجه له أحدهم باقتراح أو بسؤال أو انتقاد أو ملاحظة. «بوكر فايس» بقي طيلة مدة الجلسة.

هذا الدور، بحسب ما رسمه رئيس المجلس، تطلب أن يتحدث دياب في بداية الجلسة مبرراً مناقشة الموازنة في هذا الظرف، فقال: «لا شيء عادياً في لبنان اليوم. كل شيء استثنائي وتعقيدات الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تُملي علينا التصرّف من منطق الضرورة والعجلة، وأيضاً الاستثناء. ولأن الواقع استثنائي، فإن الحكومة في ظل وضعها الراهن، أي قبل نيلها الثقة، وبحسب الرأي الدستوري الراجح، هي حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، ويُفترض أن يكون عملها محصوراً بإعداد البيان الوزاري، وبالتالي لا يمكنها أن تمثل مجتمعة أمام المجلس النيابي الكريم في جلسة مناقشة الموازنة العامة، كما أنه لا يحق لها استرداد الموازنة».

ختام الكلمة كان: «إن الحكومة لن تعرقل موازنة أعدّتها الحكومة السابقة وناقشتها لجنة المال والموازنة النيابية، واكتملت إجراءاتها. انطلاقاً من ذلك، فإن الحكومة تترك الأمر إلى المجلس النيابي الكريم، مع احتفاظها بحق تقديم مشاريع قوانين لتعديلات في الموازنة، بعد نيل الثقة».

بالنسبة إلى دياب كان ذلك كافياً للإشارة إلى تبنّي حكومته مشروع الموازنة. فحكومة لم تنل الثقة لن تكون قادرة على تبنّي المشروع بالشكل القانوني، أي لن يكون بإمكانها استرداده ثم توقيعه من قبل رئيس الحكومة والوزراء الجدد. لذلك، كان الإخراج عبر الكلمة التي ألقاها دياب، وبدا فيها أقرب إلى «شاهد» اعترف بأنه لا يحق للحكومة أن تمثل أمام المجلس، لكنه مثل أمامه منفرداً.

ما فعلته الجلسة أنها زادت الشرخ بين القوى السياسية الحاكمة والواقع الشعبي المنبثق عن انتفاضة 17 تشرين. وهي أكملت لعب دورها هذا في مناقشة الموازنة، التي أصرّ بري على إنهائها أمس خوفاً من احتمال عدم قدرة النواب على العودة إلى المجلس.

دستورية الجلسة كانت محل نقاش، وقد فتحه النائب سمير الجسر. قال إن الجلسة غير دستورية، لأنها تنعقد من دون إصدار مرسوم فتح دورة استثنائية بعد انتهاء الدورة العادية نهاية العام. لم تُفتح جلسة استثنائية لأن رئيس الحكومة لا يمكنه توقيع أي مرسوم قبل نيل الثقة (باستثناء مرسوم تأليف الحكومة)، فركّز بري على كون حق التشريع مطلقاً للمجلس النيابي ولا يتوقف ذلك على الصلاحيات التي تتمتع بها الحكومة. عاد إلى ما قبل العام 1992، وقال إن العرف الطوائفي الذي سار عليه المجلس، لا يلغي حقه في التشريع.

نقاش دستوري، حسمه رئيس المجلس بقوله للجسر «لنتكل على الله والتفاسير تكون لمصلحة الناس وليس ضد الناس. بمجرد أن تصبح حكومة تصريف أعمال، المجلس في حال انعقاد». أضاف: «أنت نقيبنا وأنا أحترمك، ولكن هذا رأيي». ولأن رأي بري هو الراجح، ولأن الكتل المعترضة لم تشأ فرط النصاب، ولأن الجيش نزل بثقله لتأمين وصول النواب، انعقدت أمس جلسة لا مثيل لها، لمناقشة مشروع قانون قدّمته حكومة لم تعد موجودة، في ظل حكومة يمثل رئيسها وحيداً أمام المجلس النيابي، بالرغم من أنه لم ينل الثقة. علة الجلسة وغايتها «الحرص على الانتظام المالي»، من خلال إقرار الموازنة قبل انتهاء شهر كانون الثاني. لكن هذا الحرص لم ينعكس على قطع الحساب، الذي لم يقر ولم يقدّم، ولم يتطرق إليه أحد إلا عرضاً، بالرغم من أنه، بدوره، أساس الانتظام المالي والدستوري.

كل شيء جرى أمس على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات. لكن وحده «المستقبل» لم يعرف ما يريد. يعطي الشرعية لجلسة إقرار الموازنة، إلى جانب «الاشتراكي»، لكنه يعتبرها غير دستورية، ولا يوافق على موازنة أسهم في إعدادها! باستثناء الجسر الذي انسحب من الجلسة لعدم دستوريتها، كان الشغل الشاغل لكتلة المستقبل إبعاد مسؤولية الانهيار عن كاهل سعد الحريري. أصرّ كل نوابه على أن يعلن دياب تبنّيه للموازنة بشكل صريح. ظنوا أنهم بذلك يرفعون مسؤولية الحريري عن الانهيار. وفاتهم أن الانتفاضة إنما تحمّل المسؤولية لكل الطبقة الحاكمة، وعلى رأسها الحريري، الذي أسقطت حكومته.

حتى مع تجاوز كل الإشكالات الدستورية، فإن سؤالاً بديهياً طُرح في الجلسة: إلى من نتوجه في أسئلتنا، ومن يبتّ الملاحظات المتعلقة بمشروع الموازنة؟ فأجاب بري: إبراهيم كنعان موجود. وهو ما حصل بالفعل، خلافاً لمبدأ الفصل بين السلطات، إذ تولى نائبان مهمة الدفاع عن مشروع الحكومة، هما كنعان والوزير السابق علي حسن خليل.

سبعة نواب فقط تحدثوا في الأوراق الواردة قبل بدء التصويت على بنود الموازنة، بعد أن تلا كنعان تقرير لجنة المال بشأن الموازنة. نجح بري في حصر العدد. وبالرغم من تخفيض لجنة المال للإنفاق بشكل ملحوظ، وكذلك خفض تقدير الواردات، بالنظر إلى الوضع الراهن، إلا أن نواباً كثراً اعتبروا أن التعديلات ليست كافية للتعامل مع الواقع الذي استجد منذ 17 تشرين. كتلة المستقبل التي صوتت ضد الموازنة التي أقرّتها حكومة الحريري، فعلت ذلك بذريعة «اقتناعها بأن الارقام الواردة فيها لم تعد تعكس الواقع، لأن الاقتصاد اختلف حجماً ونوعاً عمّا كان عليه عندما أقرّت الحكومة السابقة مشروع الموازنة». موقفها هذا يتناقض مع موقف أعضائها الذين شاركوا في لجنة المال وأيّدوا التعديلات التي أجريت عليها «لأن الاقتصاد اختلف»، والتي أدت إلى خفض الموازنة 800 مليار ليرة، وخفض الغرامات. ومن المواد التي أضيفت على وقع الأوضاع المستجدة: رفع ضمان الودائع من 5 ملايين ليرة إلى 75 مليون ليرة، وتعليق الاجراءات القانونية المتعلقة بالمهل الناشئة عن التعثر في سداد القروض المدعومة. وإذا كانت المادة السابقة قد أقرّت بلا نقاش، فإن مسألة الإجراءات المتعلقة بالقروض أخذت حيزاً كبيراً من النقاش، من مطالبة أغلب النواب بأن يشمل التعليق كل القروض المدعومة وغير المدعومة. لكن لأن هذا النقاش سبق أن أجري في لجنة المال، وشهد اعتراضاً كبيراً من جمعية المصارف، تمّ صرف النظر عنه في الوقت الراهن، كما أوضح النائب علي فياض، إلى حين البحث في إجراءات شاملة تتعلق بالأمور العالقة بين المصارف والمقترضين، وبينها على سبيل المثال خفض الفوائد على القروض. كذلك، ألغيت المادة 34 من المشروع المُرسل من الحكومة، والمتعلقة بتقسيط تعويضات نهاية الخدمة للعسكريين، إذ اعتبر كنعان أنها لزوم ما لا يلزم، فيما أكد الوليد سكرية عدم جدواها.

بالنتيجة، أسفرت الجلسة «التاريخية» عن إقرار الموازنة بموافقة 49 نائباً يمثلون «لبنان القوي»، «الوفاء للمقاومة»، «التنمية والتحرير» و«القومي»، إضافة إلى النائبين نقولا نحاس وعدنان طرابلسي. وفيما أعلنت النائبة بهية الحريري امتناع كتلة «المستقبل» عن التصويت، تضاربت مواقف أعضاء الكتلة، بين ممتنع ومعترض، فيما أصرّ الاشتراكي على الامتناع، لتكون نتيجة التصويت موافقة 49 نائباً ومعارضة 13 نائباً وامتناع 8 نواب.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اللواء
«هدنة الموازنة»: تعايش على ضفاف «المخاطر المتبادلة»
برّي يستنجد بجنبلاط وكتلة المستقبل تنقذ النصاب وباسيل أبرز الغائبين

“بين خير الكلام مَا قلَّ ودل، وخير البرِّ عاجله، عاجل الرئيس نبيه برّي الوسط السياسي، والوسط الحراكي، والوسط الدبلوماسي بضربة جلسة الموازنة، التي اخترقت تهويلات الانتفاضة.. والسلسلة البشرية، واقفال الطرقات والشوارع، بجلسة، وفرت لها كتلة «المستقبل» «الميثاقية»، وانتجت ليس فقط إقرار موازنة العام 2020، التي قدمتها حكومة الرئيس سعد الحريري، وتبناها الرئيس حسان دياب كشرط طلبه الرئيس سعد الحريري لتشارك كتلته في جلسة إقرار الموازنة، التي اعدتها حكومته على قاعدة ان كتلة «المستقبل» لن تكون أداة للمقاطعة، وتعطيل المؤسسات، وهي قامت بواجبها، وقالت كلمتها في المجلس بصراحة تحت سقف الدستور، حسبما أعلن الحريري في تغريدة عبر «تويتر»، فأمنت النصاب للجلسة، لكنها صوتت ضد الموازنة، لأن «الارقام الواردة فيها لم تعد تعكس الواقع لأن الاقتصاد اختلف حجماً ونوعاً عما كان عليه عندما أقرّت الحكومة السابقة مشروع الموازنة»، كما جاء في بيان كتلة «المستقبل».
وهكذا، مرّت الجلسة بفترات عصيبة، أبرزها احتمال عدم اكتمال النصاب، في ظل رسائل داخلية وخارجية ملغومة، جعلت الأطراف اللاعبة، سواء في الحكومة وخارجها مضطرة للتعايش على ضفاف «المخاطر المتبادلة» فكل طرف استشعر الخطر، وعمل مع الطرف الآخر على «مبادلة المنافع» لدرئه، فالرئيس دياب لم يكن امامه من مناص سوى قبول الموازنة التي وضعتها حكومة الرئيس الحريري التي صوتت الكتلة التي يرأسها ضدها.

وسجلت أوساط سياسية ونيابية جملة من الملاحظات والتساؤلات:
1- عدد من الكتل الممثلة بالحكومة الجديدة بوزراء لم تشارك كما يجب في الجلسة، فلا رئيس التيار الوطني الحر وهو رئيس أكبر تكتل نيابي كان أبرز الغائبين، فضلاً عن غياب الأمير طلال أرسلان الممثل بوزير في الحكومة، كما غاب عن الجلسة أعضاء اللقاء التشاوري السني، كالنواب: عبد الرحيم مراد، وفيصل كرامي وجهاد الصمد ولم يُشارك سوى النائبين وليد سكرية وقاسم هاشم.
2- يُشكّل الثنائي الشيعي مع تكتل لبنان القوي حوالى 60 نائباً، فكيف يمكن ان يفسّر حصول الموازنة عند التصويت 49 نائباً بينهم نواب من كتلة اللقاء الديمقراطي، وتيار المستقبل..
3- استنجد الرئيس برّي بالنائب السابق وليد جنبلاط، الذي طلب إليه إرسال نواب من كتلته، فحضر النائبان فيصل الصايغ وبلال عبد الله.
ولم يتوفر النصاب، فأتى نائبان اضافيان هما: اكرم شهيب وهادي أبو الحسن..
4- والموازنة التي رافقها جدل دستوري وتساؤلات تتعلق بعدم قطع الحساب، قبل اقرارها، سجل رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان ان نسبة العجز المتوقعة فيها هي 7٪ من إجمالي الناتج المحلي..

وشدّد وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان على ان «الكرة الآن في ملعب اللبنانيين وعلى الحكومة اتخاذ الإجراءات التي نص عليها اجتماع باريس لدعم لبنان». وعما إذا كان يعتبر حكومة حسان دياب حكومة حزب الله، قال: «لا يعود لي إطلاق احكام على الحكومة وننتظر البيان الوزاري».

البيان الوزاري
وفيما انصرفت حكومة الرئيس حسان دياب إلى اعداد بيانها الوزاري، بعدما أمنت إقرار موازنة العام 2020، بإعلان تبني مشروع الموازنة المقدم من الحكومة السابقة، بقيت العين على صياغة هذا البيان بعد خروج الموازنة من الصراع، ولا سيما الفقرات المتعلقة بالخطة الاقتصادية والمالية الإنقاذية والتي تنوي اعتمادها للخروج أو أقله التمهيد للخروج من الأزمة الراهنة، اضافة إلى الشق السياسي في البيان، والذي يتصل بموضوع النأي بالنفس وعلاقات لبنان الخارجية، والعلاقة مع المقاومة.

وبحسب المعلومات، فإن الرئيس دياب أبلغ الوزراء أعضاء لجنة صياغة البيان الذين عاودوا مساء أمس اجتماعهم الرابع، بأنه سيأخذ على عاتقه الصياغة التي سيتم اعتمادها في شأن العلاقة مع المقاومة، بعد التشاور مع القوى السياسية التي جاءت بالحكومة، مشيراً إلى انه سيتم تعديل صياغة البيان الوزاري للحكومة السابقة، والذي ألتف على صيغة الثالوث الذهبي: الجيش والشعب والمقاومة، بالنسبة لمسألة تحرير الأراضي المحتلة، لكنه وعد بأن الصيغة التي سيقترحها ستكون غير مستفزة للمجتمع الدولي.

وشدّد دياب في الاجتماع على ان يكون البيان قابلاً للتطبيق، وطلب من الوزراء عقد اجتماعات في وزاراتهم لوضع لائحة بالمشاريع المنوي تحقيقها ضمن الحدود المتاحة. ثم جرت قراءة أولى للجزء الذي تمّ إنجازه من البيان وتم تعديل بعض البنود واضيفت فقرات تتعلق بخطط عمل بعض الوزارات، بحسب ما أعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، التي أوضحت ان اللجنة الوزارية ستواصل تلقي باقي برامج عمل الوزارات خلال اليومين المقبلين، بعدما تمّ تحديد سلسلة اجتماعات متتالية خلال هذا الأسبوع لمتابعة اعداد مسودة البيان.

وستعقد اللجنة اجتماعاً آخر اليوم، فيما توقعت مصادرها ان تنتهي هذا الأسبوع من اعداد البيان، تمهيداً لمثول الحكومة امام المجلس النيابي لنيل الثقة.

تهريب الموازنة
وكانت مسألة الثقة بالحكومة الجديدة، أحد المآخذ الرئيسية الدستورية لعدم مشروعية مثولها امام المجلس النيابي، لدرس موازنة العام 2020، وكاد ان يُشكّل مخرجاً لتهريب نصاب الجلسة، أو حتى عدم تأمينه، تحت ضغط ووطأة التحركات الاحتجاجية في الشارع، لولا مبادرة كتلة «المستقبل» إلى تأمينه، عبر حضورها مجتمعة إلى البرلمان، انطلاقاً من مسؤوليتها بأن «لا تكون أداة للمقاطعة وتعطيل المؤسسات»، على حدّ ما أكّد الرئيس سعد الحريري في تغريدة له على «تويتر»، علماً ان عدد النواب الذين كانوا وصلوا حتى الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، لا يتجاوز الـ62 نائباً، في حين ان النصاب يتطلب 65 نائباً، أي النصف زائداً واحداً.

ومن جهته، حرص الرئيس دياب على حضور الجلسة، ولو منفرداً، موفراً للمجلس مشروعية التشريع، ولو في ظل حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، وأعلن انه لهذه الناحية، أي تصريف الأعمال، لا يمكنها ان تمثل مجتمعة امام المجلس النيابي، كما انه لا يحق لها استرداد الموازنة، إلا انه أكّد ان الحكومة لن تُعرّقل موازنة اعدتها الحكومة السابقة، وناقشتها لجنة المال والموازنة النيابية واكتملت اجراءاتها. وقال ان الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تملي علينا التصرف من منطق الضرورة وايضاً الاستثناء، لأن كل شيء في البلد استثنائي.

إلا ان هذه الاستثنائية التي شدّد عليها رئيس الحكومة، مع الاحتفاظ بحقه في تقديم مشاريع قوانين لتعديلات في الموازنة بعد نيل الثقة، لم تقنع نواب كتلة «المستقبل» بأن الجلسة دستورية، على اعتبار انها تنعقد من خارج دورة عادية أو دورة استثنائية، بحسب ما تشترط المادة 37 من الدستور، وعلى هذه الخلفية، دارت وقائع سجال بين الرئيس نبيه برّي وعضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر الذي انسحب من الجلسة لاحقاً بعدما كان طلب أيضاً من الرئيس دياب تحديد موقفه من الموازنة سائلاً اياه عمّا إذا كان يتبنى المشروع، فحاول الرئيس برّي التملص من هذه النقطة، مؤكداً على حق التشريع المطلق لمجلس النواب، مشيراً إلى الظرف الاستثنائي، وإلى ان الحكومة امامها ثلاثة أو أربعة أشهر لتثبت انها ستقدم جديداً لتكتسب ثقة النّاس.

لكن النائب السيدة بهية الحريري كررت السؤال على الرئيس دياب وكذلك النائب محمد الحجار، وهنا سأل الرئيس برّي رئيس الحكومة عمّا إذا كان لديه ما يقوله في هذا الشأن، فقال دياب: «لو كنت لا أتبنى الموازنة لما كنت هنا اليوم».

ويبدو ان الجواب أرضى نواب «المستقبل» وكذلك الرئيس برّي، فأنطلقت عمليات مناقشة الموازنة، بدءاً بتقرير لجنة المال والموازنة الذي تلاه رئيسها إبراهيم كنعان ومن ثم النواب، بعدما اختصرهم الرئيس برّي من 23 نائباً إلى ستة نواب فقط لاختصار النقاش، والانصراف إلى التصويت على الموازنة، خصوصاً وان الشارع في الخارج كان «يغلي» باعتصامات احتجاجية واشتباكات مع القوى الأمنية، لمنع النواب من الوصول إلى ساحة النجمة، وهو (أي برّي) توجه إلى النواب قائلاً «سيصعب على نائب إذا خرج ان يعود».

واضاف: «عملنا السبعة وذمتها اليوم، وطلبنا تدخل الجيش حتى نستطيع ان نعقد الجلسة»، مؤكداً اصراره على إنهاء عملية التصويت على بنود الموازنة بعدما كانت الجلسة مقررة ليومين، وهكذا تمّ تسريع الشروع في التصويت على بنود الموازنة بنداً بنداً وبسرعة قياسية، وصفت بأنها كانت أشبه بعملية «تهريب» للموازنة، بعدما تمّ سلق الجلسة من يومين إلى ساعتين.

وكانت حصيلة التصويت ان 49 نائبا قالوا نعم للموازنة، هم: النواب الحاضرون من تكتل «لبنان القوي» وكتلة «الوفاء للمقاومة» وكتلة «التنمية والتحرير» والكتلة «القومية» إضافة إلى النائبين نقولا نحاس وعدنان طرابلسي، فيما قال: لا 13 نائباً هم نواب كتلة «المستقبل» الذين انقسموا بين الامتناع والمعارضة، إلى جانب النائب فريد هيكل الخازن من كتلة «المردة» كما امتنع عن التصويت 8 نواب من بين نواب «اللقاء الديمقراطي».

تبرير «المستقبل»
وبرر مصدر قيادي في تيّار «المستقبل» تصويت الكتلة ضد مشروع الموازنة، بقوله: «لو ان حكومة تصريف الأعمال السابقة هي التي مثلت أمام المجلس لمناقشة الموازنة لكان اول موقف يعلنه الرئيس سعد الحريري خلال الجلسة هو استرداد مشروع الموازنة، لأن ما صح في المشروع قبل ١٧ تشرين الاول لم يعد كافياً لمقاربة المتغيرات الاقتصادية والمالية والنقدية التي استجدت بعد ١٧ تشرين الاول. وقد تصرفت الكتلة انطلاقاً من هذه الحقيقة ومن موقفها المبدئي الذي جرى الاعلان عنه خلال الجلسة».وأوضحت الكتلة في بيان انها صوتت ضد الموازنة انطلاقاً من قناعتها بأن الأرقام الواردة فيها لم تعد تعكس الواقع، لأن الاقتصاد اختلف حجماً ونوعاً عما كان عليه عندما أقرّت الحكومة السابقة مشروع الموازنة.

واكدت ان موقف الكتلة المبدئي هو بوجوب انتظار حصول الحكومة الحالية على الثقة قبل مشاركتها في جلسة مناقشة الموازنة، أما ولم يأخذ المجلس النيابي برأي الكتلة حول انتظار الثقة، فإن الكتلة طالبت رئيس الحكومة حسان دياب في الجلسة بإعلان تبنيه لمشروع الموازنة، منعا لأي تأويلات أو ذرائع لاحقة، خصوصا في ظل الموقف الملتبس بهذا الشأن لرئيس الحكومة وبعض الوزراء فيها سابقا. وقد أعلن الرئيس دياب تبنيه الصريح لهذه الموازنة، ردا على سؤال مباشر من الكتلة.

اما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فقد رأى في خطوة تصديق الموازنة بأنها أفضل من الفراغ واعتماد القاعدة الاثني عشرية، لكنه طلب من الحكومة ان تطرح الإصلاحات الجدية، وفي مقدمها قطاع الكهرباء مع الهيئة الناظمة وقانون استقلالية القضاء، معتبرا انها «بداية طريق طويل»، آخذاً بعين الاعتبار القوى واشباح الماضي المهيمنة على الحكومة والتي لا تبشر بالخير».

مواجهات في الشارع
وكانت الجلسة قد التأمت خلف اسوار عالية من جدران الباطون التي أحاطت بساحة النجمة، وإجراءات أمنية غير مسبوقة عزلت الساحة عن محيطها الذي شهد محاولات حثيثة من مجموعات الحراك الشعبي لمنع النواب من الوصول الى مقر المجلس، ما أدى إلى تدافع واشتباكات ومواجهات في بعض الأحيان اوقعت نحو 30 إصابة بحسب الصليب الأحمر والدفاع المدني، نقل بعضها إلى المستشفيات (4 اصابات) فيما عولجت الحالات الأخرى على الأرض.

وشكل المتظاهرون الذين بدأوا بالتجمع عند نقاط رئيسية ثلاث قرابة السابعة صباحاً حاجزاً بشرياً في محيط البرلمان، وحاولت مجموعة كبيرة من المحتجين إزالة الشريط الشائك امام مبنى جريدة النهار في ساحة الشهداء، وحصل تدافع مع القوى الأمنية التي عملت على إزاحة المحتجين، بعدما تقدمت باتجاه الصيفي، كما حصلت إشكالات عدّة بين المتظاهرين وعناصر من الجيش في محلة فوش، وفي النقطة المؤدية إلى أسواق بيروت، وبقيت الحال هكذا إلى ان نقل إلى المعتصمين اخبار بدّء الجلسة، فهدأت الإشكالات، فيما انسحب آخرون بعد انتهائها، رغم ان بعضهم انتظروا خروج النواب لقذفهم بالبيض الفاسد، الا انه لم يسجل أي حادثة، إذ ان السيّارات التي خرجت من معابر المرور لم تكن لنواب، مما اضطر المتظاهرين إلى الاعتذار منهم.

وفي إطار التحرّكات المواكبة للجلسة، قطع محتجون أيضا، تقاطع كورنيش المزرعة أمام السيارات بمستوعبات النفايات المشتعلة، وتحوّل الإحتجاج الى إشكال حصل بين المعتصمين وعناصر الجيش قرب جامع عبد الناصر، كما جرى قطع نفق البربير- المتحف، وقد استخدم المتظاهرون الحجارة والمفرقعات النارية، في حين أطلق الجيش الرصاص المطاطي لتفريقهم، وأعاد فتح الطريق أمام السيارات، واستمر قطع كورنيش المزرعة وتقاطع عبد الناصر ونفق البربير، ومن ثم إعادة فتحه، بين كر وفر حتى فترتي الظهر والمساء.

كما قطع محتجون منذ الصباح الباكر الطريق نحو قصقص – شاتيلا حتى المستديرة، بواسطة مستوعبات النفايات المشتعلة، وحولت قوى الأمن السيارات باتجاه الطيونة، لتعود قوى الأمن وتفتح الطريق مجددا في قصقص، وكذلك، جرى اقفال تقاطع المدينة الرياضية بمستوعبات النفايات والإطارات المشتعلة، وعملت قوى الأمن والجيش على اعادة فتحه أمام السيارات.

مالياً، اشارت وكالة «رويترز» إلى ان سندات لبنان الدولارية تراجعت وان إصدار 2022 هبط 1،9 سنتات قبيل قرار محتمل بشأن إعادة هيكلة الديون. وزار وفد من موظفي المصارف حاكم مصرف لبنان واقترح عليه تأييد مطلبه التعطيل استثنائياً ايام السبت، الذي سيناقش مع مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البناء
تسارع إقليميّ من سورية إلى أفغانستان يُقلق واشنطن… والردّ إعلان صفقة القرن اليوم؟
برّي ينجح بتمرير قطوع الموازنة… تمهيداً لاسترداد المبادرة… وتأمين جلسة الثقة
تصويت هجين للمستقبل والاشتراكيّ… ومقاطعة فاشلة للكتائب والقوات… وحراك على الهامش

في الإقليم مشهد متسارع يُربك الحسابات الأميركية، حيث في سورية يتكلم الميدان، فتظهر معرّة النعمان تحت حصار يكتمل، وتبدو سراقب قيد هجوم يقترب، والجيش السوري ممسك بزمام المبادرة في الميدان مع غياب تركيّ وحضور روسيّ ودعم قوى المقاومة حيث يجب، ليظهر أن مصير الشمال الغربي لسورية بات واضح المصير، ومصير الشمال الشرقي حيث الأميركي يُعدّ الأيام لمواجهة استحقاق المطالبة بالخروج ليتكامل مع الدعوات العراقية، التي ظهرت بعد الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في بغداد، أنها دعوات ثابتة لم يحن أوان اتجاهها للمقاومة المسلحة، تاركة للأميركي باب الخروج السياسي دون دماء. فالأولوية كما قال السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله بلسان محور المقاومة، هي للخروج عمودياً، أي على الأقدام، وإلا الخروج أفقياً، أي في التوابيت. بينما أظهرت عملية إسقاط حركة طالبان طائرة نقل عسكرية أميركية في أفغانستان انتقال فرضية الخروج أفقياً إلى هناك، حيث تحدّثت معلومات لم يعلّق عليها الأميركيون بعد عن سقوط عشرات القتلى من ضباط ودبلوماسيّين كانوا على متن الطائرة، بينما اكتفى البنتاغون بإعلان سقوط الطائرة لا إسقاطها متمهّلاً بإعطاء المزيد من المعلومات.
مقابل هذا التسارع تستعرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عضلات سياسية مستهلكة، تتمثل بالإعلان عن مشروع صفقة القرن، بعدما زالت فرص تسويقه، وجعله بضاعة قابلة للتداول. ويقتصر الإعلان برأي الكثير من الخبراء الأميركيّين كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز، على عمل دعائي انتخابي مشترك لكل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سنته الانتخابية التي يواجه خلالها محاسبة في الكونغرس تحت عنوان إجراءات العزل، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الملاحق بالفساد والذهاب لانتخابات صعبة.

لبنانياً، كانت جلسة مناقشة الموازنة العامة امتحاناً قاسياً على الصعيد السياسي لمجموعة من المعادلات، أهمها معادلة المجلس النيابي بوجه محاولات التعطيل التي أعلنت عزمَها عليها مجموعات الحراك بعدما نجحت في تحقيق هدفها مرّتين، وتليها معادلة العلاقة داخل المجلس بين قوى الغالبية النيابية التي تقف وراء حكومة الرئيس حسان دياب، وقوى المعارضة التي تتوزّع بين كتل المستقبل واللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية والكتائب، والمتابع للجلسة يلحظ، كما قالت مصادر نيابية مطلعة، غياب موضوع الموازنة ودستورية الجلسة عن الاهتمام الفعلي للأطراف، بل مقاربة هذين العنوانين بخلفية العناصر التي تصنع المشهد، أي معادلة المجلس النيابي والحراك ومعادلة علاقة الحكومة وقوى المعارضة. فجرى استخدام الموازنة ومناقشتها والتصويت عليها، كما دستورية الجلسة لتوجيه الرسائل في الملفين الكبيرين الحاضرين.

المصادر البرلمانية قالت إن رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي أدار الجلسة كان يدير ما وراءها من مشاهد ورسائل، فربح رهان تمرير الموازنة ومن خلاله استرداد زمام المبادرة من الحراك الذي عطّل جلسات المجلس قبل نهاية العام الماضي، وذلك يعود برأي المصادر في الشكل والتقنيات إلى نتائج ولادة الحكومة وتأثيرها على المشهد العام من جهة، وإلى تلافي الثغرات الأمنيّة التي سبّبها ضعف الدور الذي أداه الجيش في تأمين الجلسات السابقة، لكنه عائد أصلاً إلى فقدان الحراك الزخم الشعبي الذي تمتّع به في البدايات، فلو خرجت حشود 17 تشرين وما تلاها في الشهر الأول لربما كان من المستحيل نجاح الإجراءات الأمنية التي ضمنت الجلسة أمس. ولذلك تقول المصادر إن نجاح بري باسترداد المبادرة عائد لقناعة الناس بأولوية وجود حكومة ومجلس نيابي على الفراغ والفوضى، وهو ما ردّده عدد من النواب في الكتل المعارضة التي حضرت وصوّتت ضد الموازنة ككتلة المستقبل أو امتنعت عن التصويت ككتلة اللقاء الديمقراطي، لأنها احتاجت لمواقف تبرر حضورها ووجهة تصويتها. وفي هذا المجال قالت مصادر متابعة لمواقف قوى المعارضة، إن غياب كتلة القوات اللبنانيّة وكتلة الكتائب كان رهاناً على تطيير النصاب الذي تحقق بزيادة ستة أصوات فقط على المطلوب دستورياً، بحيث بدا أن أي خلل في الحضور كان كافياً لنجاح الرهان القواتيّ الكتائبيّ، كما بدا أن الغالبية ليست غالبية متماسكة في الوقوف خلف الحكومة أو خلف الاستحقاقات التي تفرضها المناوشات والمواجهات السياسية، حيث لم يتجاوز عدد نواب الغالبيّة الحاضرين الـ 50 نائباً من أصل 70 نائباً.

مواقف المستقبل واللقاء الديمقراطي عكست مناخاً شعبياً وسياسياً، داخلياً وخارجياً، وفقاً لمصادر سياسية مطلعة، قالت، إن التعامل مع الحكومة وحلفها النيابي بعدائيّة غير مفهوم قبل منح فرصة كافية للحكومة، وإن العدائية قد تمنح صقور الغالبية والعهد فرصة دفع رئيس الحكومة وفريقه لخطوات مواجهة يريد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تفاديها، ويراهنان على دور الرئيس نبيه بري في ذلك، والداخل كما الخارج يتحدثان عن منح فرصة ومراقبة الحكومة فلمَ التسرّع. وهنا جاءت قطبة بري المخفيّة بجعل الحضور وإكمال النصاب وحرية التصويت أو الامتناع، نواة تسوية يتوقع أن تتسع مفاعيلها بين كل من الحريري وجنبلاط مع الحكومة، ستكون جلسة الثقة ميدانها بمواقف شبيهة لمواقف أمس، رغم كون التصويت قد بدا هجيناً بالقياس للحضور، فهو أظهر تشقق الكتل المعارضة بصورة أشد عمقاً من ضعف تماسك الغالبية.

في مضمون المناقشات نالت كلمة النائب سليم سعادة الذي تحدّث باسم الكتلة القوميّة صدىً شعبياً وإعلامياً، خصوصاً بتوصيفه الموجز للحال الماليّة، عندما قال إن موازنة العام 2019 كانت تستقوي بسيدر وسيدر يستقوي بالمصرف المركزي والمصرف يستقوي بالمصارف والمصارف تستقوي بالمودع الذي اكتشف أنه ضحيّة وهم تصديق أن كل شيء بخير.

واقتصر الكلام في الأوراق الواردة على 6 نواب فقط بعد تلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان تقرير اللجنة الذي أكد أن “انتظام نظام الموازنة هو أفضل من فرض الإنفاق وفق القاعدة الاثنتي عشرية على اساس اعتماد موازنة 2019”.

ووقع سجال حول دستورية الجلسة، وطلب النائب سمير الجسر الكلام، معتبراً “أن الجلسة غير دستورية”. وسأل ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتبنى هذه الموازنة ام لا، وساندته النائبة بهية الحريري التي أصرّت على السؤال نفسه كما فعل نواب تيار “المستقبل”. فأجاب دياب: «لو أن موقفنا عدم التبني لما كنت حضرت». فردّ بري بالقول إن حق التشريع مطلق، مضيفاً: «المادة 32 تتكلم على عقدين تماماً، كما تفضلت، العقد الثاني يبدأ يوم الثلثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول وتخصّص جلساته للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر. هذا الموضوع ليس انه عندما اصبحت في كانون الثاني، لأنه عادة اذا لم تنته الموازنة تنهيها في آخر كانون الثاني، لذلك أصررت على ان يكون في هذا الوقت».

وأكد دياب أن «الحكومة لن تعرقل موازنة أعدّتها الحكومة السابقة»، مشيراً الى ان «الحكومة في ظل وضعها الراهن حكومة تصريف اعمال بالمعنى الضيق، ولا يحق لها استرداد الموازنة»، فيما أكد الرئيس بري ان «الحكم استمرار والمادة 16 من الدستور أن حق التشريع مطلق لمجلس النواب».

وتحدث 6 نواب في الأوراق الواردة بدلاً من 22 طلبوا الكلام، بعدما تواصل الرئيس بري مع مختلف الكتل النيابية لتخفيض عدد طالبي الكلام، وتوقف النواب عند موضوع العجز والوضع الاقتصادي المتأزم واحتجاجات الشارع. كما لفتت المعلومات الى أن بري «تواصل مع قائد الجيش العماد جوزاف عون وقيادة قوى الأمن الداخلي لتأمين الطريق لوصول النواب الى المجلس، ووعدوه بذلك، وقد تولى الجيش اللبناني مواكبة النواب الى المجلس وحماية كل المداخل المحيطة بالمجلس والسرايا الحكومية وصولاً الى الطرقات العامة المحيطة». وإذ حصلت إشكالات عدة بين المتظاهرين والقوى الأمنية لم تنجح مجموعات الحراك بمنع النواب من الوصول الى المجلس كما حصل في الجلسة الماضية، ما دفع مصادر سياسية للتساؤل عن تمكن القوى الأمنية من توفير الظروف الأمنية اللازمة لانعقاد هذه الجلسة وعجزها عن ذلك في الجلسة الماضية، رابطة بين حضور المستقبل جلسة إقرار الموازنة وتغيبه عن السابقة وبين القرار الأمني! فهل هذا دليل على أن تيار المستقبل هو المسؤول عن تطيير الجلسة التشريعية الماضية نصاباً وأمنياً؟

وعُلِم أن الرئيس بري بات ليلته في مجلس النواب تحسباً من تعرّض موكبه لأية مواجهة مع المتظاهرين في محيط ساحة النجمة. وكان عدد من نواب كتلتي «التنمية والتحرير» و»الوفاء للمقاومة» قد وصلوا إلى مكاتبهم في البرلمان قبل السابعة من صباح أمس، في حين كان بري قد رتّب ورئيس الحكومة عملية حضور الأخير ومواكبته للجلسة.

وعُلم أن بري قد أبدى كامل رضاه لإقرار قانون موازنة 2020، واعتبرها بحسب مصادر مواكبة بأنها «أقصر وأصعب جلسة نظراً إلى ما حملته من ضغوط على أكثر من مستوى». وأشاد بالدور الذي أدته الأجهزة الأمنية وعلى رأسها مؤسسة الجيش من خلال توفير الحماية للنواب الذين شاركوا في الجلسة التشريعية، مضيفاً: «على الجميع ان يعلم أن المؤسسة التشريعية لن تتوقف عن المهمات الدستورية المطلوبة منها».

وانعقدت الجلسة أمس، في ظل مقاطعة نواب القوات اللبنانية والكتائب وبعض أعضاء «اللقاء التشاوري»، ولوحظ أن القوات انتهجت سياسة المقاطعة المتعمدة لكل مؤسسات الدولة ما يدلّ، بحسب مصادر سياسية، على خطة ممنهجة لعرقلة عمل المؤسسات تماهياً مع الضغوط الأميركية لحصار لبنان ودفعه للفوضى السياسية والمالية والاقتصادية والأمنية، فبعد استقالة وزرائها من حكومة الرئيس سعد الحريري قاطعت الجلسة التشريعية الأخيرة وعملت على تعطيلها بالشارع، كما رفضت المشاركة في حكومة دياب وساهمت في تعطيل عملية تكليف الرئيس الحريري؛ وأمس، قاطعت جلسة إقرار الموازنة ومن المتوقع مقاطعتها لجلسة الثقة، بحسب ما رجحت مصادرها. لكن نائب القوات جورج عقيص ينفي هذا الاتهام لحزبه، معتبراً لـ”البناء” “أننا داعمون للمؤسسات لكن بشكل صحيح وفي إطار العمل الدستوري، وأي حكومة يجب أن تنال ثقة الناس وليس البرلمان فقط وكذلك نريد مجلس نواب يشرّع بالمواعيد الصحيحة ولا يهرّب موازنات عبر تسويات”.

وأضاف عقيص أن “كلام دياب لم يكن واضحاً، ففي حين قال إنه سيعمل على ادخال تعديلات على القانون عاد وأعلن تبنيه للموازنة كما هي بعد إلحاح المستقبل”، مشيراً الى اننا “نعترض على المقاربة الدستورية لجلسة الموازنة بمعزل عن مضمونها، فالحكومة السابقة سقطت في الشارع والحكومة الجديدة تقول إنها حكومة اختصاصيين لا سياسية لكنها تتبنّى السياسة المالية العامة للحكومة السابقة”.

إلا أن إقرار الموازنة لا يعني انها أصبحت دستورية مئة في المئة قبل نشرها في الجريدة الرسمية، ولا يجوز نشرها قبل إقرار قطع الحساب للعام 2018، الذي لم ترسله الحكومات السابقة الى المجلس النيابي حتى الآن، وأوضحت مصادر تكتل لبنان القوي لـ”البناء” الى أن “التأخير ناتج عن عجز ديوان المحاسبة عن التدقيق بكل القيود للسنوات الماضية وهو يحتاج الى إمكانات تقنية وعديد لإنجاز قطوعات الحساب، وهناك مهلة لآخر هذا الشهر. وبالتالي يجب تزويد الديوان بالدعم اللازم للقيام بمسؤولياته”.

ورأى عضو الكتلة القومية النائب سليم سعادة، في كلمته الى “ان وزارات الدولة تحتاج الى منجّم لمعرفة حجمها وآلية استيفائها”. وقال: “بوجود ثلاثة اسعار لصرف الدولار كل شيء يتغير والواردات تدخل في السعر الرسمي وتخرج بسعر السوق السوداء”. وأشار الى “ان العجز 7,5 مليار دولار فيما الدخل 9 مليارات دولار. وهذا أمر غير موجود في لبنان، وان شهر عسل الطائف قد انتهى لا مال ولا عسل Honey no money No “. وقال: “ان الدولة والحكومات السابقة راكبة على مصرف لبنان ومصرف لبنان راكب على المصارف الخاصة التي راكبة على ودائع اللبنانيين والمواطن يعيش في وهم ان كل شيء يسير على ما يرام، ولكن هذا الشيء قد فرط”.

Please follow and like us: