البناء
اتفاقات أفغانستان تفتح باب الانسحاب الأميركيّ من المنطقة… وباب الصراع على الميراث
سورية وقوى المقاومة لمواجهة الغزو التركيّ وسراقب خط أحمر… وأسبوع حاسم
دياب يسعى لإنضاج حضانة فرنسيّة مصريّة لحكومته… بانتظار واشنطن والخليج
مع توقيع الاتفاق رسميّاً بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقيادة حركة طالبان، وما نصّت عليه من تعهد بالانسحاب الأميركي الشامل من أفغانستان، حيث أكبر وجود عسكري أميركي قياساً بالخليج والعراق وسورية، تظهر إدارة ترامب مشروعها الذي تخوض الانتخابات الرئاسية في ظله، وعنوانه لا حروب جديدة ولا تزخيم للانتشار العسكري في المنطقة، بل فتح لباب الانسحاب، ما يلاقي العنوان الذي رفعته إيران وقوى المقاومة بإخراج القوات الأميركية من المنطقة، لكن العنوان الذي يفتح أبواب التسوية مع إيران وقوى المقاومة على خلفية مغادرة المنطقة في ظاهره، يفتح عملياً الباب لحروب الميراث على التركة الأميركية، حيث يشهد العراق الاستعصاء الحكومي تعبيراً عن هذا الصراع الذي يحتل فيه المكوّن الكردي دوراً مفصلياً، وتسعى دول الخليج ليكون لها دور وحصة، بينما تصرّ قوى المقاومة بعدما تكرّس التحالف مجدداً بينها وبين السيد مقتدى الصدر إلى تضمين أي تحالف نيابي وحكومي الدعوة للانسحاب الأميركي من العراق، كما يمكن وضع الصراع الذي تشهده سورية ويبلغ مراحل عالية الخطورة في ضوء التصعيد التركي، بصفته وجهاً آخر للصراع على ما بعد الانسحاب الأميركي، الذي تريد تركيا بدعم من واشنطن الحصول على النصيب الرئيسيّ من عائداته، بينما يدخل كيان الاحتلال انتخابات الكنيست للمرة الثالثة من دون خريطة طريق واضحة لمستقبل تشكيل حكومة جديدة، بعدما تآكلت نسبة المشاركة المتوقعة، بعد إعلان صفقة القرن، بسبب ما تركه فيروس كورونا من جهة، وبسبب تراجع حماسة أبناء المناطق المحتلة العام 48 للمشاركة بعد مشاركتين لم تحملا إلا الخيبات من مواقف المتنافسين في الانتخابات من جهة مقابلة.
الدولة السوريّة ومعها حلفاؤها في قوى المقاومة، ينظرون للمواجهة من زاوية مختلفة، فالأرض أرض سوريّة والسيادة سوريّة والتحرك التركي العسكري فوقها هو احتلال أجنبي مرفوض، والعمليات العسكرية التركية الداعمة للجماعات الإرهابية تجعل هذا الاحتلال هدفاً مشروعاً مرتين، ولذلك لا مكان للسياسة في هذه الحرب على قاعدة التسويات. والمكان الوحيد المتاح هو للمواجهة، وفقاً لما قالته مصادر في محور المقاومة، التي قالت إن مدينة سراقب في هذه المواجهة تشبه مكانة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية، وستكون خطاً أحمر غير قابل لمساومة ولا للتراجع مهما كانت التضحيات، وإن مواصلة العمل لتحرير المناطق التي تستهدفها العملية العسكرية السورية في جبل الزاوية أمر لا رجعة عنه. وأضافت المصادر أن الدعم الروسيّ متوافر ولا مشكلة فيه، وأن التفاهم السوري الروسي واضح من المواقف الروسية المعلنة والسلوك الميداني للقوات الروسية يؤكد ذلك، وآخر الكلام ما قاله وزير الدفاع الروسي بعد إعلان الجيش السوري حظر الطيران في المنطقة الشمالية الغربية لسورية، عن عدم القدرة على ضمان أمن الطائرات التركيّة. وتوقعت المصادر معارك عنيفة خلال الأسبوع المقبل، يسعى خلالها الرئيس التركي لتغيير الخطوط الجغرافية القائمة قبل لقاء القمة الذي يسعى إليه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتثق قوى المقاومة والقيادة السورية من قدرتها على منعه من تحقيق أهدافه وتكبيده خسائر فادحة، تجعله مضطراً للبحث عن مخارج من مأزقه عن غير طريق التصعيد، خصوصاً في ظل تنامي الأصوات الداخلية المناهضة للحرب.
الغياب اللافت كان عربياً عموماً، ومصرياً خصوصاً، كما كان الموقف الفرنسي الذي دأب على مهاجمة الرئيس التركي بسبب ابتزازه أوروبا بقضية النازحين، مرتبكاً بسبب علاقة المخابرات الفرنسية مع جبهة النصرة من جهة وحرصها على عدم الظهور بموقف إيجابي علني من الدولة السورية من جهة موازية، بينما الموقف المصري الذي شكّل مع السعودية والإمارات ثلاثياً لمواجهة ما وصفه بالخطر التركي، فقد بقي حائراً في ظل صمت سعودي إماراتي يخشى من الاتهام الأميركي بالتقرّب من دمشق، فيما تقف واشنطن ولو سياسياً وراء الموقف التركي. والسؤال الطبيعي الذي يطرح على الموقف المصريّ عن ترجمة مفهوم الأمن القومي حيث تقف تركيا على حدود مصر مع ليبيا وتتقدّم بغزوها للأراضي السورية، أو الإقليم الشمالي كما في مفردات الجيش المصري، بينما بيد مصر إسقاط كل حجج الرئيس التركي حول طمأنة النازحين والمعارضة بالانضمام لعملية أستانة، ومصر ليست حليفا لإيران، وعلاقة إيران بتركيا أفضل من علاقتها بمصر، فماذا لو قالت مصر إنها جاهزة بالتنسيق مع الدولة السورية لتسلّم مناطق الانتشار التركي وتقديم الضمانات لفصل الإرهاب عن المعارضة وضمان أمن النازحين؟
الموقفان الفرنسي والمصري على موعد مع تظهير الحد الأدنى من التمايز، حيث لا خطوط حمراء أميركية أو خليجية ظاهرة، وهو ما سيقوله كل منهما عن دعم حكومة الرئيس حسان دياب، الذي يراهن على حضانة مصرية فرنسية لحكومته بانتظار نضج الموقفين الأميركي والخليجي، وتتولى مصادر مالية ودبلوماسية رصد الموقفين المصري والفرنسي وتقييمها قبل المواعيد التي يسعى رئيس الحكومة لتثبيتها لزياراته الخارجية، فيما قال مرجع دبلوماسي رفيع إن تراجع فرنسا ومصر عن لعب دور إيجابي سيعني أن القرار الأميركي الذي تلتزمه حكومات الخليج أيضاً يبلغ مرحلة متقدّمة باتجاه المجازفة بخيار دفع لبنان نحو الانهيار، بينما تنصرف الحكومة في همومها واهتماماتها خلال الأسبوعين القادمين لبلورة خططها المالية والاقتصادية، والتوثّق من صحة وسلامة إجراءاتها للحدّ من انتشار فيروس «كورونا».
وسُجلت يوم أمس، ثلاث إصابات جديدة بمرض “كورونا”، وأعلن المستشفى الحكومي الجامعي، في تقريره اليومي أنه استقبل خلال الـ 24 ساعة الماضية “23 حالة في قسم الطوارئ المخصص لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، خضعوا جميعهم للكشوفات الطبية اللازمة، وقد احتاج 9 منهم إلى دخول الحجر الصحي استناداً إلى تقييم الطبيب المراقب، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي”.
وذكر أنه “يوجد 13 حالة في منطقة الحجر الصحيّ حتى اللحظة. أما الحالات الإيجابيّة فقد بلغ عددها 10، بعد أن تمّ تسجيل 3 حالات جديدة أدخلت إلى وحدة العزل لتلقي العلاج”، كاشفاً عن أن “حالة المريض المصاب بالفيروس المستجدّ من التابعية الإيرانية لا زالت حرجة، في حين أن وضع باقي المصابين مستقرّ وهم يتلقون العلاج اللازم”.
وارتفع منسوب الهلع مجدداً في لبنان بعد تسجيل ثلاث إصابات جديدة والمعلومات المتداولة عن وصول طائرة آتية من طهران اليوم الى بيروت ووصول طلاب لبنانيين من إيران عبر مطار دمشق. علماً أن لبنان لا يزال الأقل إصابات بهذا المرض مقارنة بالإصابات في دول عدة في العالم.
وأقفل عدد كبير من الأسواق الشعبية الأساسية في بعض المناطق كسوق الأحد في المتحف وسوق النبطية. كما أعلنت الجامعة الأميركية في بيروت التزامها بقرار وزير التربية وقف التدريس لمدة أسبوع. وتخوّفت مصادر صحيّة من انتشار المرض في ظل العدد القليل من غرف الحجر الصحي المخصّصة لاستقبال المرضى في المستشفى الحكومي ورفض المستشفيات الخاصة استقبال مثل هذه الحالات.
وقال رئيس لجنة الصحة العام د. عاصم عراجي لـ”البناء” إن “الحالات المصابة بمرض كورونا تحت السيطرة والمعالجة في غرف الحجر الصحي وإن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة جيدة، لكنها غير كافية بسبب ضعف الإمكانات الصحية والتقنية في مثل هذه الحالات والأزمات”، لكنه حذر أن “الوضع قد يزداد سوءاً إذا انتشر المرض في المناطق اللبنانية في ظل غياب أي مراكز او مستشفيات لمعالجة الحالات المصابة في الأطراف”.
ولفت عراجي الى أن “لجنة الصحة النيابية ستكثف اجتماعاتها لمواكبة الإجراءات الحكومية لضبط انتشار المرض بالتعاون مع الصليب الاحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية ونقابات المستشفيات والممرضين والأطباء والصيادلة ووزارتي الصحة والتربية وستعقد اجتماعاً الثلاثاء المقبل لتقييم المستجدات والإجراءات”. ودعا عراجي الحكومة الى تأمين كل ما يحتاجه المستشفى الحكومي من تجهيزات طبية ومعدات وأدوية، مشيراً الى “ضرورة التحسب الى الاحتمالات الأسوأ والتصرف على هذا الأساس”. وإذ أشاد بقرار وزير التربية إقفال المدارس والجامعات، دعا إلى إجلاء المواطنين اللبنانيين الذين يريدون العودة ووقف الرحلات الجوية مع الدول التي انتشر فيها المرض، كما دعا الى ضرورة مراقبة كل العائدين من الخارج مراقبة دقيقة ومركّزة”.
وتمّ التداول بمعلومات تفيد بتوجّه الحكومة خلال اليومين المقبلين لوقف الرحلات الى الدول التي انتشر فيها المرض، بحسب ما علمت “البناء”.
وفي مواجهة الإشاعات المغرضة التي تبث الرعب والهلع لدى المواطنين عن انتشار واسع للمرض، حذرت وزارة الصحة العامة بأنها ستتخذ إجراءات قانونية بحق من يبث الأخبار المفبركة حول كورونا.
الى ذلك بقي استحقاق تسديد الدولة لسندات اليوروبوند في التاسع من الشهر الحالي في واجهة الاهتمام الرسمي، في ظل استمرار تفاوض الشركة التي عينتها الحكومة مع الشركات الممثلة للدائنين. ولفت الانتباه موقف لرئيس جمعية المصارف سليم صفير أمس، إذ كتب على “تويتر” أن “الحل الأفضل لتسديد المستحقات هو استبدال سندات اليوروبوند والمباشرة بإصلاحات فورية من اجل تنقية المالية العامة واستعادة ثقة المستثمرين المغتربين”.
وأضاف: “قد يكون حاملو السندات الأجنبية على استعداد للموافقة على مثل هذا التبادل swap إذا كان بإمكان الدولة إقناعهم بحسن نيتها من أجل القيام بالإصلاحات وتنفيذ خطة موثوقة”.
ودعا رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إلى “اتخاذ خطوات ولو كانت بسيطة ومتواضعة، لمواجهة الاستحقاق الداهم في 15 آذار”، معتبراً أنه “استحقاق سيترك تبعات على بلدنا”. وقال في تصريح إن “الخيار الذي ستلتزمه القوى السياسية، التي تريد الاحتفاظ بقرارنا الوطني، هو الخيار الذي سيكلفنا أقل تبعات ممكنة، ويعطينا فرصاً أكبر من الخيارات الأخرى، لتعزيز صمودنا وقدرتنا، على أن ننهض بالحد الأدنى من وضعنا الاقتصادي، الذي يتدهور نتيجة سياسات مَن سبق في تولي شأن الحكومات طوال الفترة”.
بدوره أكد عضو الكتلة النائب حسن فضل الله «أن الوضع في لبنان ليس ميؤوساً منه، ولكن الذين يريدون أن يسلموا البلد إلى جهات دولية، يعدمون كل الخيارات ليبقى أمام لبنان خيار واحد، وهو أن يخضع لبرنامج صندوق النقد الدولي، ونحن في الوقت الذي قبلنا بالاستشارة الفنية لإدارة هذا الصندوق، نرفض أن يكون لبنان تحت وصايته، لأنه لا يستطيع تطبيق هذا البرنامج، فمن شروطه تخفيض القطاع العام إلى النصف، أي طرد نصف الموظفين، وأيضاً من شروطه زيادة الضريبة TVA من 11% حتى 20%، وهذه تطال أغلب الفئات الشعبية الفقيرة وبلدنا لبنان لا يتحمل هذه الإجراءات، وغير قادر على أن يقبل بهذا البرنامج، سواء جاء من صندوق النقد أو من أي جهة أخرى. فالشعب اللبناني لا يتحمل اليوم أي ضريبة، وبالمقابل هناك حلول وطنية واقتراحات عملية قدّمت ومن بينها تحمل المصارف جزءًا من الأعباء، ولكن جمعية المصارف ترفضها، لأنها تريد أن تحافظ على الأرباح التي جنتها المصارف، ولا تقبل أن يُمسّ بها».
الى ذلك زفت المقاومة الاسلامية كوكبة من الشهداء ارتقوا إثر تصدّي الجيش السوري لعدوان القوات التركية في إدلب. وشيّع حزب الله الشهداء الخمسة أمس، في روضة الحوراء زينب في الضاحية الجنوبية، بحضور رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين. والشهداء هم: علي إبراهيم الزنجاني – محمود عدنان حامد – عيسى علي برجي– طلال عادل حمزة شمص– احمد فياض مصطفى.
وأكد النائب حسن فضل الله في هذا السياق أن «الشهداء الذين ارتقوا كانوا يمنعون بدمهم محاولة الجماعات التكفيرية والدول الداعمة لهم من التمدد من جديد في سورية ليسيطروا على مناطق حيوية، وأحبطوا مخططاً كبيراً فيها. فهذه المعركة التي تخوضها المقاومة وتقدم فيها التضحيات، هي لمواجهة مشروع تكفيري وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية ومَن معها من دول حليفة لها في المنطقة، ولم يعد خافياً وقوف أميركا وراء هذا المشروع، ونحن سنبقى في صلب مواجهته بعدما مني بهزيمة كبرى بفضل صمود سورية وجيشها مع مقاومتنا وحلفاء سورية، وسنواصل هذه المواجهة لنمنع هؤلاء من السيطرة مجدداً على سورية».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
المصارف العابثة بالودائع أمام القضاء اليوم
مشروع تسوية لمعالجة الديون على الطريقة اللبنانية.. ومحنة الكورونا تطغى على الحراك المدني
دخل البلد، جدياً في ما يُمكن وصفه، «ببورصة الازمات»، فالمسألة لم تعد تقتصر على افتتاح سعر الدولار والعملات في سوق القطع، من قبل مصرف لبنان، بل بات اللبنانيون، ينتظرون كل يوم، وكل ساعة، ما يُمكن وصفه «بالنشرة اليومية» الصادرة عن مستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فالمصابون عشرة، وإخراج أكثر من 15 شخصاً من الحجر الصحي، بعدما اعطي التلامذة والطلاب «إجازة كورونا» قسرية لأسبوع، قابل للتمديد، في ظل مطالبة رابطة العاملين في القطاع العام، بالاقفال اسوة بالمدارس والثانويات والجامعات، على الرغم من النفي المتكرر لوزارة العمل المطالبة بالاقفال فيما خلت الأسواق الشعبية من الراغبين في شراء ما توفّر من حاجيات بأسعار بخسة، بعد انهيار سلم الرواتب والأجور وقدرتها الشرائية.
على ان ثالثة الاشافي ما ستفسر عنه المفاوضات الجارية حول سداد سندات اليوروبوندز، التي تستحق كدفعات خلال الأشهر: آذار، نيسان، حزيران، بما مجموعة 2،400 مليار، ومع فوائدها، تصل إلى 4.500 مليارات..
وعدا عن الخيارات المطروحة، ثمة اتجاه يقضي بدفع نصف المستحقات وإعادة جدولة النصف الآخر، وفقاً لإعطاء الأولوية لحاملي السندات اللبنانية، بحيث لا تخرج الدولارات من لبنان وإن خرجت من محفظة مصرف لبنان.
وأكد رئيس جمعية المصارف سليم صفير، في حديث لوكالة «بلومبرغ»، ان «الحل الأفضل لتسديد المستحقات هو استبدال سندات اليوروبوندز والمباشرة بإصلاحات فورية من أجل تنقية المالية العامة واستعادة ثقة المستثمرين المغتربين»، لافتاً الى انه «قد يكون حاملو السندات الأجنبية على استعداد للموافقة على مثل هذا التبادل swap إذا كان بإمكان الدولة إقناعهم بحسن نيتها من اجل القيام بالاصلاحات وتنفيذ خطة موثوق بها».
وشدد صفير على ان «المصارف كانت من أشد الجهات الخاسرة كونها اُجبرت على استنفاد أموالها لتأمين أكبر قدر ممكن من السيولة لمودعيها وهذا الوضع هو نتيجة تمويل العجز المستمر في الدولة».
أسبوع استحقاق «اليوروبوند»
وبالنسبة لمعالجة موضوع سندات «اليوروبوند» التي يستحق دفعها في التاسع من آذار الحالي مع فترة سماح بين أسبوع وعشرة أيام، فقد ذكرت معلومات خاصة بـ«اللواء»، ان رئيس الوزراء حسان دياب سيباشر من اليوم الاثنين وخلال الأيام الثلاثة المقبلة اجتماعات مع ممثلي مكتب صندوق النقد الدولي في بيروت، إذا لم يعد وفد خبراء الصندوق هذا الأسبوع ومع ممثلي شركتي الاستشارات المالية «لازارد» والقانونية «كليري غوتليب ستين اند هاملتون»، سواء مباشرة أو عبر اتصالات لتلقي التقارير منها، بالتزامن مع ترقب صدور تقرير لجنة خبراء صندوق النقد الذي يتضمن الاحتمالات والنصائح والمشورة حول ما يمكن ان يتخذه لبنان، اضافة الى عمل الخبراء اللبنانيين الكثر، الذين يشكلون خلية عمل كبيرة لدرس الخيارات حول استحقاق السندات.
واوضحت المصادر ان الحكومة تتجه الى إصدار قرارها قبل التاسع من آذار وربما في السابع منه حول الموقف من استحقاق سندات «يوروبوند»، سواء بدفع الفوائد فقط او كل المبلغ او التأجيل.
ولم يشأ وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة وهو أحد الحكماء الأربعة في لجنة الخبراء الاختصاصيين، ان يوضح أو يُحدّد طبيعة الخطوات والإجراءات المرتقبة على صعيد معالجة موضوع السندات، واكتفى بالقول لـ«اللواء»: «لن نتكلم الآن، دعونا نعمل، وعندما نصل إلى قرار نعلنه وسترون النتائج.
اما مصادر السرايا فتابعت: ان رئيس الحكومة يسعى الى عزل عملها في معالجة هذه الملفات الشائكة عن الاشتباك السياسي الحاصل بين اكثر من طرف وطرف، خاصة ان الحكومة غير معنية بخلفيات هذه الخلافات ولم تكن طرفاً فيها، كما ان هذا الاشتباك السياسي والسجالات العقيمة وتسجيل المواقف تفاقم الازمات والمآسي على الناس ولا تقدم لها الحلول.
وتساءلت المصادر: في حال اتخذت الحكومة قرارها حول سندات «يوروبوندز» كيف ستكون ردة فعل هذه القوى السياسية، هل تتفاعل معه سلباً من دون درس خلفياته ونتائجه على طريقة «عنزة ولو طارت»، ام ايجاباً ونُصحاً من باب الخوف على مصلحة البلاد والعباد؟
وبطبيعة الحال، فإن الجواب على السؤال من المبكر التفتيش عليه قبل ان يتضح الموقف الحكومي في الموضوع، علماً أن الرئيس دياب ستكون له كلمة اليوم امام السلك القنصلي الذي سيزوره اليوم في السراي، لكن لوحظ ان «حزب الله» شن هجوماً استباقياً على ما يمكن ان يوصي به صندوق النقد الدولي، معلناً رفضه وضع لبنان تحت وصاية هذا الصندوق، حيث لاحظ عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، خلال احتفال تكريمي أقامه الحزب لأحد عناصره في حسينية بلدة كفردونين الجنوبية، ان هناك جهات تريد تسليم البلد إلى جهات دولية، وانهم يعدمون كل الخيارات ليبقى لبنان امام خيار واحد، وهو ان يخضع لبرنامج صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى ان الحزب يرفض ان يكون لبنان تحت وصاية الصندوق، وان كان قبل بالاستشارة الفنية، لأنه لا يستطيع تطبيق برنامجه الذي من شروطه تخفيض القطاع العام إلى النصف، أي طرد نصف الموظفين، وزيادة الضريبة على TVA من 11 في المائة إلى 20 في المائة، وكذلك زيادة الضريبة على البنزين، فضلاً عن الخصخصة، أي بيع املاك الدولة.
الا ان النائب فضل الله، لم يوضح ما الذي يريده الحزب بالنسبة لمعالجة موضوع السندات، لكنه أمل ان تضع الحكومة الخطة الإنقاذية الإصلاحية، لتبدأ الحلول، وتوضع الأمور على المسار الصحيح، داعياً الحكومة إلى اعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في التعيينات التي ستجري قريباً.
اما رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، فقد رأى ان الاستحقاق «سيترك تبعات على البلد» من دون ان يوضح طبيعة هذه التبعات، لكنه أمل ان تخطو الحكومة خطوات ولو كانت بسيطة ومتواضعة لمواجهة الاستحقاق الداهم في 15 آذار، لافتاً إلى ان الخيار الذي ستلتزم به القوى السياسية هو الخيار الذي سيكلفنا أقل تبعات ممكنة ويعطينا فرصاً أكبر من الخيارات الأخرى لتعزيز صمودنا وقدرتنا»، محملاً مسؤولية التدهور في الوضع الاقتصاد الـ«سياسات من سبق في تولي شأن الحكومات طوال الفترة الماضية».
وفي إشارة إلى أهمية القرارات التي ستتخذها الحكومة قريباً، اعتبر صفير في حديث لوكالة «بلومبيرغ» ان صورة لبنان الغد يجب رسمها اليوم وليس بالفقر سيستعيد لبنان مجده».
وشدد على ان «المصارف كانت من أشد الجهات الخاسرة كونها اُجبرت على استنفاد أموالها لتأمين أكبر قدر ممكن من السيولة لمودعيها وهذا الوضع هو نتيجة تمويل العجز المستمر في الدولة».
ورأى أن «ما زلنا نعتقد ان مقاربة حكيمة للازمة الاقتصادية والموجبات المالية تجاه المجتمع الدولي امر ممكن في حال وجود نية حسنة لدى الحكومة لاعتماد الخطط الاصلاحية اللازمة وسياسات اعادة جدولة الدين المطلوبة».
ووصف موقع «بلومبيرغ» اقتراح صفير في شأن SWAP «بمبادرة» اللحظة الأخيرة، لتجنب الامتناع عن دفع سندات «اليوروبوند» عبر مبادلتها بسندات جديدة للدائنين شرط ان تترافق مع إصلاحات شغورية، في طليعتها إصلاح المالية العامة للدولة.
وقال الموقع ان «الدائنين الأجانب باتوا يشكلون الآن أكثرية حملة السندات المستحقة هذا العام، بما يعطيهم الحصة الكبرى في القرار بشأن طريقة التعامل مع السندات».
لكن الموقع المذكور، وصف الأسعار المنخفضة التي بلغتها سندات «اليوروبوند» اللبنانية، بأنها باتت على حافة الهاوية، إذ انخفضت من حوالى مائة دولار إلى 53 دولاراً، وان صندوق النقد الدولي دعا الحكومة اللبنانية إلى النظر بأوضاع المالية بجدية.
على ان اللافت في مبادرة «اللحظة الاخيرة» انها جاءت عشية خطوة كبيرة سيقوم بها القضاء لاستعاة أموال المصارف التي تمّ تحويلها إلى الخارج، خلال فترة إغلاق أبواب المصارف امام المودعين بعد 17 تشرين الأوّل الماضي.
وتتمثل هذه الخطوة، باستدعاء النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم 15 رئيس مجلس إدارة مصرف ومدير عام في لبنان، للاستماع إلى افاداتهم في شأن ملف تحويل الأموال، وسيساعد القاضي إبراهيم في هذا الملف 7 قضاة في النيابة العامة المالية، ومن بين الذين سيتم الاستماع إلى اقوالهم رئيس جمعية المصارف.
وقالت مصادر قضائية لـ«اللواء» ان القاضي إبراهيم لن يكتفي بالاستماع إلى مدراء هذه المصارف في ملف تحويل الأموال، بل ان التحقيقات ستتشعب إلى موضوع القيود التي فرضتها المصارف على أموال المودعين وحجزها بطريقة جعلت المودعين يتسولون على أبواب المصارف، على حدّ تعبير البطريرك الماروني بشارة الراعي، بالإضافة إلى بيع سندات «اليوروبوند» لمستثمرين أجانب.
وأكدت هذه المصادر ان التحقيقات ستتواصل حتى يتم الكشف عن جميع الحقائق وتحديد المسؤوليات ولا سيما في ملف تهريب الأموال إلى الخارج.
عداد «كورونا» يرتفع
وإذا كانت نهاية الأسبوع الطالع، أو بداية الأسبوع الذي يليه، سيكون أسبوع الاستحقاقات المالية، نحو كشف الخطط الحكومية الإنقاذية لمعالجة التدهور المالي والنقدي فإن الفترة نفسها، ستكون أيضاً تكشف الإرباك الذي وقعت به الحكومة لمواجهة احتمالات تفشي فيروس «كورونا» في لبنان، حيث ستكون هذه الفترة، هي نهاية فترة احتضان الفيروس بالنسبة للبنانيين الذين حملوه معهم من إيران وسمحت لهم وزارة الصحة بالخروج من المطار والاكتفاء بعزل أنفسهم في منازلهم، من دون أدنى ضمانات توفّر إجراءات الوقاية لهم.
وفي تقدير مصادر طبية، ان الخطأ الذي وقعت فيه الوزارة هو السماح لهؤلاء وعددم يقارب الـ400 شخص بالبقاء في العزل المنزلي، بدل وضعهم جميعاً داخل غرف الحجر الصحي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وانه لو اعتمدت هذا الحل، لوفرت على البلد ان يستمع عصر كل يوم إلى نشرة وزارة الصحة عن الاعداد التي بلغتها محصلة الإصابات بـ «فيروس» كورونا والتي ارتفعت أمس إلى عشر اصابات، مع احتمال ان يرتفع العدد «اكثر» كل يوم، بالنظر إلى ان كل الحالات التي تعلن الوزارة اصابتها هي من أشخاص أتوا سابقاً من طائرات آتية من إيران وكانوا موجودين في العزل المنزلي، على حدّ ما جاء في بيان الوزارة الذي أعلن عن تسجيل ثلاث حالات مثبتة مخبرياً، موضحاً ان هؤلاء ظهرت عليهم عوارض المرض وهم في بيوتهم، فنقلوا إلى الحجر الصحي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وبعد اجراء فحصPCR ظهرت النتيجة إيجابية، وأصبح العدد الإجمالي للمصابين عشرة، علماً ان ثلاث اصابات سجلت أمس الأوّل السبت، أضيفت إلى الحالات الأربع الموجودة في المستشفى، وهذه الإصابات تعود لأشخاص اختلطوا بالسوري الذي انتقلت إليه العدوى من أشخاص سبق ان اختلطوا بالايراني الذي ما يزال يعالج في المستشفى.
وأعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريره اليومي انه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 23 حالة في قسم الطوارئ المخصص لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا، وخضعوا جميعهم للكشوفات الطبية اللازمة، وقد احتاج 9 منهم إلى دخول الحجر الصحي استنادا إلى تقييم الطبيب المراقب، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي».
وأشار إلى أنه «أجريت فحوصات مخبرية لـ 55 حالة، جاءت نتيجة 52 منها سلبية و3 حالات إيجابية»، و«غادر اليوم (أمس) 26 شخصا كانوا موجودين في منطقة الحجر الصحي في المستشفى وذكر أنه «يوجد 13 حالة في منطقة الحجر الصحي حتى اللحظة. أما الحالات الايجابية فقد بلغ عددها 10، بعد ان تم تسجيل 3 حالات جديدة أدخلت إلى وحدة العزل لتلقي العلاج».
وأوضح أن «حالة المريض المصاب بالفيروس المستجد من التابعية الايرانية حرجة، في حين أن وضع باقي المصابين مستقر وهم يتلقون العلاج اللازم».
واللافت ان وزارة الصحة، بدل اللجوء إلى وضع جميع الوافدين من الدول التي تشهد انتشاراً محلياً للفيروس إلى الحجر الصحي أو منعهم من دخول لبنان، دعتهم إلى التقيّد التام بتدابير العزل المنزلي، وعند ظهور أي عوارض الاتصال فوراً على الرقم 76592699.
ولقيت هذه الدعوة استهجان رابطة موظفي الإدارة العامة، التي سألت وزير الصحة، عمّا إذا كانت امكانات هؤلاء متوفرة للعزل المنزلي، وكيف هي منازلهم؟ وهل تتسع؟ هل لديهم قيمة ما يحتاجون لتنفيذ العزل؟ هل يعطيهم المصرف ثمن الكمامة والمطهر؟ هل لديهم من إمكانات الاستقلالية والعزل في بيوتهم بما يحمي عائلاتهم منهم وما يحمي اتراب أولادهم في المدارس وزملاء عائلاتهم في الإدارات؟ وبالتالي من يحمي الوطن بكامله من شبكة الانتشار التي لا نهاية لتشعبات خيوطها».
وقالت الرابطة في بيان، انه «مع استحالة تجنيب موظف أو عامل أو مستخدم أو أجير خطر انتقال الفيروس له من زميل صدف انه قريب لمعزول منزليا أو من ابن زميل جاءه من مدرسته بالمرض، وفي ظل عجز اللبنانيين حتى عن محاولة الوقاية وتأمين أبسط أدواتها والحماية. فإن رابطة موظفي الإدارة العامة، إذ تقدر أهمية تصريف شؤون الناس وأصحاب المصالح وعدم تعطيل العمل في أي من المرافق، تذكر أن صحة المواطنين وسلامتهم وإنقاذ الوطن بكل مواطنيه من هذا الوباء المستشري من دون استئذان، تعلو فوق كل الاهتمامات».
وناشدت أخيراً الحكومة «اتحاد قرار بإقفال مراكز التجمعات كافة ولا سيما الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة، بدءا من يوم غد لمدة 15 يوما، فترة حضانة المرض، وفي ضوء التطورات والمعطيات، يبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه».
يُشار إلى ان الجامعة الأميركية في بيروت عادت والتزمت بقرار وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بإقفال المدارس والمعاهد والجامعات بالاقفال لمدة أسبوع، كما أعلن وزير الصحة اقفال دور الحضانة لنفس المدة، وكذلك أصدر محافظ بيروت تعليق العمل بسوق الأحد، في إطار إجراءات الوقاية من الفيروس، فيما طلبت السفارة السعودية في بيروت من رعاياها اتخاذ الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن المزدحمة واتباع الإجراءات الصحية المعلنة، واملت من السعوديين تأجيل خطط السفر غير الضرورية إلى لبنان في هذه الفترة.
عمليات سطو
ووقعت عملية سطو على سوبرماركت حلاوة مقابل فرن قلقاس في الغبيري بعد السطو على صيدلة الروضة في المنطقة نفسها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
البنك الدولي في السرايا: «الأكثر فقراً» وسدّ بسري
الوزير الحقيقي يتدخل والوزير الواجهة صامت والهدف: تثبيت القائم | هل ينقذ عون ونصرالله الحكومة من باب السياسات المالية؟
يعقد ممثلو البنك الدولي في بيروت اجتماعات في السرايا الحكومية الكبيرة، لبحث برامج عمل جديدة وقديمة. وبحث ممثلو «البنك» وفريق عمل رئاسة الحكومة آلية إدارة قرض تفوق قيمته الـ 400 مليون دولار، مخصص جزء كبير منه لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً. وأثار الوفد ملف سد بسري، طالباً من الحكومة اتخاذ القرار النهائي في مهلة أقصاها نهاية الشهر الجاري.
ولفتت مصادر معنية الى أن ممثلي المؤسسة المالية الدولية، سمعوا كلاماً جديداً في السرايا، أبزره أن الحكومة تريد تقديم ملف مفصّل بشأن كل برامج العمل والنفقات في كلا المشروعين. وتريد وثائق من البنك الدولي حول آليات الإنفاق وأعمال الرقابة على كل أعمال التنفيذ وتحمّل المسؤولية إزاء أي مخالفات تحصل.
وفي شأن القرض الخاص ببرنامج دعم الأسر الأكثر فقراً، تبلّغ ممثلو البنك أن الحكومة تريد آلية عمل تمنع إنفاق أكثر من 3 بالمئة من قيمة القرض على كل الأعمال الإدارية وأن يجري تخصيص 97 بالمئة للإنفاق الاجتماعي، وإلغاء كل آليات العمل السابقة التي كانت تستهلك نسبة كبيرة من القرض على «تنفيعات» لمجموعة من النافذين في لبنان أو خارجه، وهو أمر تشتهر به المؤسسات الدولية.
أما بشأن سدّ بسري، فيبدو أن فريق البنك الدولي لمس نجاح المعترضين في إيصال رسائلهم، ليس الى المسؤولين اللبنانيين وحسب، بل أيضاً الى العواصم الغربية المساهمة في إدارة البنك الدولي، وخصوصاً فرنسا وألمانيا. وعُلم أن إدارة فريق البنك الدولي تتعرض لمساءلة إدارية، ربطاً بالملاحظات التي أعدّها الفريق المعترض على إقامة السد.
وبحسب المصادر، فإن ممثلي البنك الدولي يسمعون للمرة الأولى كلاماً واضحاً حول مسؤوليتهم عن الآثار البيئية الكارثية للمشروع، وأنهم يتحمّلون مسؤولية عدم التزام الشركة المتعهدة بالقواعد التي تحفظ البيئة وتمنع عمليات التخريب الجارية، وخصوصاً لناحية اقتلاع نحو 135 ألف شجرة من المنطقة، بينها أشجار معمّرة. إذ كان المتعهد (الشركة التركية وشركاؤها المحليون) يتصرّف بلامبالاة، ربطاً بقدرته على رشوة بلديات ووسائل إعلام وناشطين وحتى قوى سياسية لأجل القيام بالأعمال دون رقابة.
وبحسب المصادر، فإن الأيام القليلة المقبلة، ستشهد المزيد من الاتصالات لأجل توضيح مخاطر المشروع من وجهة نظر مختلفة عن وجهة النظر التي تدعم إنجازه بأيّ ثمن، وسط مؤشرات على إمكان تعديل الوجهة الحالية.
الوزير الحقيقي يتدخل والوزير الواجهة صامت والهدف: تثبيت القائم | هل ينقذ عون ونصرالله الحكومة من باب السياسات المالية؟
في لحظة المواجهة الاساسية، لا يمكن المسؤول الاساسي التخلي عن دوره. وفي حالة البلاد اليوم، تقع على عاتق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المسؤولية الاكبر. مسؤوليتهما ليست محصورة في أداء دور الحاضن لحكومة الرئيس حسان دياب لتحاول إنقاذ ما يمكن انقاذه، بل عليهما أيضاً يقع واجب حمايتها من الدور المخيف الذي يلعبه فريق الحكم السابق الموجود داخل الحكومة وخارجها، خصوصاً في ملف الادارة المالية والنقدية (مقال إبراهيم الأمين).
يوم أصرّ الثنائي الشيعي على الاحتفاظ بوزارة المالية، لم يجد احد تفسيراً منطقياً لاختيار الوزير الحالي غازي وزني لتولي هذه المهمة. السيرة الذاتية للرجل لا تعكس خبرة حقيقية في التصدي لمهمة بهذا الحجم. لكن جرى التسويق له من باب انه خبير اقتصادي. إلا أن حقيقة الامر ظهرت في اليوم التالي لصدور التشكيلة الحكومية. اتّضح ان الوزير السابق علي حسن خليل لا يزال هو الوزير الفعلي للمالية، وان مستشاريه ظلوا في مناصبهم ومواقعهم، بما في ذلك أولئك العاملون ضمن اطر المنظمات الدولية، لا سيما منظمة الامم المتحدة للتنمية.
كان الامر ليكون طبيعياً لو ان هذا الفريق انتبه الى ان هناك ازمة كبيرة تعصف بالبلاد، وإلى أنه مسؤول – بالقدر نفسه كما الرئيس سعد الحريري وفريقه وحاكم مصرف لبنان وفريقه – عن الكوارث الكبرى القائمة. وبدا في الاسبوعين الماضيين ان هذا الفريق لا يتصرف على ان هناك ازمة كبيرة تتطلب مغادرة كل آليات البحث والتفكير السابقة. بل لا يزال هناك اصرار على اعتماد افكار تقوم اولا واخيرا على التلاعب بالقوانين وبالنهاية على التلاعب بأموال المودعين.
وفي خضم البحث عن قرار نهائي للحكومة بسداد الديون او عدم سدادها، كان وزير المال يميل مع فريق من مستشاريه الى اختيار شركات استشارية مالية وقانونية بعينها. وكان واضحا ان للوزير السابق كميل ابوسليمان وعاملين معه في وزارة المال الدور في الدفع نحو خيارات رفضتها الحكومة الحالية، ربطا بتضارب المصالح. لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد. اذ ان وزير المال فاجأ رئيس الحكومة والجميع بقرار دفع 71 مليون دولار من فوائد بعض المستحقات، مقدما تبريرات تقوم على فكرة ان لبنان لم يتخذ بعد قراراً نهائياً بعدم الدفع. ثم عاد بعدها بأيام ليعرض على رئيس الحكومة ان يدفع بقية الفوائد وقيمتها تصل الى 1.2 مليار دولار.
تقول الروايات، من داخل مجلس الوزراء ومن داخل الاجتماعات الوزارية، ان وزني ليس صاحب رأي متماسك. وان التردد سمة ظاهرة في تصرفه، ما يؤشر إلى أنه ليس صاحب قرار، وان هناك من يدير الامر من خلف الستارة. وما حصل في الساعات الماضية أن هذه الستارة رُفِعت، عندما ظهر في الاجتماع الذي عقد في عين التينة بين الرئيسين نبيه بري ودياب وبحضور وزني والوزير السابق علي حسن خليل، ان الاخير هو صاحب القرار. وهو عرض، فجأة، فكرة تأمين ثمانية مليارات دولار اميركي لسداد مستحقات الدين بالدولار. وقدم عرضا كان مفاجئا للجميع، رغم ان الرئيس بري قال لدياب ان فريقه يملك الحل. ثم عاد خليل وحاول تسويق الفكرة مع قوى سياسية اخرى، من بينها حزب الله. وعُقد في وقت لاحق من بعد ظهر امس اجتماع في السراي الكبير، بحضور رئيس الحكومة ووزيري المال الحالي والسابق وممثلين عن الشركات الاستشارية القانونية والمالية. وعرض خليل مجددا فكرته القائمة على توفير 8 مليارات دولار لحل مشكلة السندات المستحقة. وعند التدقيق معه من قبل المستشارين الدوليين، تبين ان فكرته غير قانونية، ليتضح لاحقاً انها فكرة معدة ومقترحة من قبل عاملين في الاسواق المالية، وان بعضهم على صلة بحاملي سندات اليوروبوندز من فريق الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.
الاجتماع انتهى الى اطاحة الفكرة، لكن فريق الرئيس بري بقي مصرا على علاج يقود فعليا الى تلبية طلبات حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف بسداد الدين، متجاهلين ان اكثر من مليون ونصف مليون مودع من المواطنين لا يحصلون على اكثر من مئة دولار اسبوعيا من اموالهم المستحقة. بينما هم يسعون الى تغطية قرار بدفع الديون لمن تورط في سياسات وهندسات ادت الى افلاس البلاد. ويعرف الوزيران الحالي والسابق بأن ما هو موجود في احتياطات المصرف المركزي لا يكفي لشراء حاجات لبنان من المواد الاساسية من وقود ودواء وقمح. كما لا يمكن تلبية حاجات القطاع الصناعي اللبناني الى مئات الملايين من الدولار لتسيير قطاعات تصدّر سنويا ما قيمته اربعة مليارات دولار الى الخارج.
لكن لماذا الاصرار على هذه السياسات وما الذي ينتظر اكثر؟
الواضح من النقاش الاولي بشأن آلية ملء الشواغر في المناصب الرئيسية الخاصة بمصرف لبنان والمؤسسات التابعة له، ان الرئيس بري، بالتفاهم مع الرئيس الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط (وضمنا مع القوات اللبنانية)، يريدون إعادة تعيين الفريق نفسه الذي انتهت ولايته، أو التجديد لمن لا يزالون في مواقعهم. وينطلق الجميع من الطلب الاميركي بإعادة تعيين محمد بعاصيري (مندوب وزارة الخزانة الاميركية في مصرف لبنان) في منصب النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان (سبق أن شغل المنصب نفسه حتى انتهاء ولايته قبل أشهر)، وهو ما دفع بجنبلاط الى ابداء الرغبة بإعادة تعيين النائب الثاني السابق، سعد العنداري، بينما لا يرى الرئيس بري مانعا يحول دون إعادة تعيين رائد شرف الدين في منصبه السابق نائباً أول لحاكم مصرف لبنان، وهو ما يسمح بإعادة تعيين النائب الرابع المنتهية ولايته، هاروتيون صاموئيليان. وهو المنطق نفسه الساري على لجنة الرقابة على المصارف حيث يرغب الاميركيون بإبقاء رئيسها سمير حمود في منصبه، ويتم رشوة الاخرين بالابقاء على نفس الاعضاء الحاليين في مناصبهم، ليصار الى تعيين مفوض ومراقب بالطريقة نفسها.
المشكلة في اصحاب هذه الافكار، والتي تطابق ما يريده فعليا رياض سلامة ليظل ممسكا بالقرار من دون اي تعديل، انهم لا يأبهون بكل ما مرت به البلاد منذ اندلاع الازمة قبل خمسة شهور. والمشكلة ان هذا الفريق لا يهتم لكون كل هذه الطواقم مسؤولة مباشرة عن الخراب الكبير الحاصل، وان هذا الفريق لا يريد اي تغيير في سلوكه بل يريد الاصرار على الامساك بمفاصل الدولة من دون اي تغيير او تراجع.
على ان الامر لا يبدو هيناً، إذ ظهر ان ثمانية وزراء، على الاقل، ابلغوا الرئيس دياب بأنهم سيعارضون إعادة تعيين نواب الحاكم المنتهية ولايتهم والتجديد لأعضاء لجنة الرقابة. بل اكد هؤلاء انهم سيمنعون هذه العملية ولو تطلب الامر الاستقالة والخروج الى الشارع وشرح الامر. ومع ان الحكومة اقرت آلية تفرض ترشيح ثلاثة على الاقل لكل منصب، فان وزير المالية الحالي لم يهتم إلا بتأكيد أن له الحق في إعادة طرح اسماء نواب الحاكم السابقين واعضاء لجنة الرقابة الحاليين لتعيينهم مرة جديدة. وهو يعرف تماماً ان المزاج العام في البلاد وداخل الحكومة معاكس تماما لهذه الرغبة. لكن يبدو ان وزني – كما الفريق الحليف له داخل الحكومة وخارجها – يريدون حماية السياسات التي يقوم بها حاكم مصرف لبنان. وهم لا يهتمون ابدا لموقف الشارع الرافض الابقاء على هذه السياسات.
المهم ان الرئيس دياب موافق على احترام الية تعيينات تفتح المجال امام جميع الوزراء لتقديم ترشيحات الى هذه المناصب، وان يصار الى مناقشة هذه الاسماء قبل الاتفاق على لائحة تضم ثلاثة الى اربعة مرشحين لكل منصب، وترسل الى الوزراء قبل اسبوع من اجتماع القرار ومن ثم يصار الى اصدار هذه التعيينات في جلسة واحدة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس عون.
سلامة يعرف انه يستغل ضعف الموقف الرئاسي من مسألة بقائه في منصبه. وهنا تقع على عاتق رئيس الجمهورية المسؤولية الكبيرة، خصوصا أنه يخضع لعملية ابتزاز تحت عنوان انه لا يمكن تغيير قائد عسكري كبير خلال المعركة. مع العلم ان عون يعرف جيدا الدور السلبي الذي لعبه (ولا يزال يلعبه) سلامة.
لكن الحميع يدرك انه في حال تقرر عدم اعتبار اطاحة سلامة عنوانا بحد ذاته، فان الاهم هو اعادة الاعتبار الى دور مؤسسة حاكمية مصرف لبنان، وابعاد «الودائع» الاميركية عنها، خصوصا تلك التي تلعب دورا قذرا في مواجهة المناهضين للسياسات الاميركية (يتولى بعاصيري شخصيا التسويق لقانون عقوبات اميركية جديد تحت عنوان مكافحة الفساد) كما يعرف الجميع ان هناك حاجة الى توفير استقلالية تامة للجنة الرقابة على المصارف، وابعادها عن لعبة البازارات التي تولت توفير تغطية لهندسات مالية انقذت اصحاب مصارف ولم تنقذ اموال المودعين. وبالتالي، فان المعركة تتطلب الان اعادة الاعتبار الى المؤسسات قبل اي شيء اخر.
ولان الامر على هذه الدرجة من الخطورة، وحيث يخشى الجميع مصارحة الناس بحقيقة الوضع المالي الايل الى اعلان الافلاس النهائي والتام، تقع على عاتق عون ونصرالله، قبل اي احد اخر، التصدي لكل هذه المماحكات التي صار من المنطقي التشكيك بأهدافها لا اعتبارها مجرد اخطاء.
إلغاء احتكار الاسمنت
تدرس الحكومة مشروع قرار جديداً يمنع بموجبه «الاحتكار غير القانوني» لإنتاج وبيع الاسمنت، وهو ما يجري حالياً بسبب نفوذ القوى السياسية المالكة لحصص وأسهم كبيرة في هذا القطاع (وليد جنبلاط وسليمان فرنجية والكنيسة المارونية وآخرين).
وسيكون في مقدور أي تاجر شراء ما يحتاج إليه من هذه المواد من خارج لبنان، ومن أي مصدر يريده في العالم وبالسعر الذي يناسبه، الأمر الذي يتوقّع أن ينعكس تراجعاً كبيراً في أسعار الاسمنت في السوق المحلية، مع الإشارة الى أن المعامل الكبرى تبيع طن الاسمنت في بيروت بأكثر من ضعفي السعر الذي تحدده المعامل نفسها للاسمنت المصدَّر إلى خارج لبنان.
السرايا تتّسع لآخرين
باشرت الجهات المعنيّة في رئاسة الحكومة إيجاد مكاتب داخل السرايا الكبيرة تسمح لوزراء وجهات رسمية بعقد الاجتماعات والقيام بورش العمل، من دون الحاجة الى استئجار مقارّ جديدة بصورة دائمة أو موقتة. وبرغم ممانعة من البعض في الطاقم القديم في السرايا، إلا أن قرار الرئيس حسان دياب أظهر وجود أمكنة كثيرة كانت تستخدم بصورة خاطئة أو يتمّ استغلالها من قبل الفريق الخاص بالرئيس سعد الحريري.