لا أزمة محروقات. ضربت المواطنين يوم أمس "نوبة بنزين". بدأت "الخبرية" عند الظهر بالدعوة "واتسابياً" لملء خزان الوقود في السيارة. ثم "هستر" الجميع. في العشية "عينك تشوف" كيف كان الوضع في بيروت التي شهدت نهاراً، مواجهات بين المتقاعدين المعتصمين وقوى الأمن على مسمع الحكومة. صفوف السيارات نبتت فجأة أمام المحطات. زحمة سير. شائعات "نفطية" في سيارات "السرفيس". مخاوف من أشباح الماضي. لكن تصريحات وزيرة الطاقة ومدير عام الجمارك في الليل، هدأت "النوبة". لا أزمة محروقات. والوضع طبيعي. لم تلمح افتتاحيات الصحف هذا الصباح، إلى أي خلفية سياسية لما جرى. الكل اعتبرها "نوبة" سوق عابرة. إلا أن "الأخبار" وصفت ما جرى بأنه "بلبلة واسعة"، وقالت إن مستشار أصحاب محطات الوقود وعضو نقابة أصحاب الصهاريج فادي أبو شقرا، هو من "أثارها".
الأخبار
موازنة «نارة يا ولد»!
لا تتهافتوا على البنزين… الأزمة غير موجودة!
استقالة الأسمر: «أمل» تستوعب الضغوط
حقق مجلس الوزراء الهدف الذي وضعه للموازنة، وهو نيل رضى رعاة مؤتمر «سيدر» عبر خفض العجز بنسبة تعادل نحو 7.6 في المئة من الناتج المحلي. سيتحقق ذلك عبر فرض رسم على الاستيراد يبلغ 2 في المئة، وفرض ضريبة على «النرجيلة» قدرها ألف ليرة عن كل «نَفَس»!.
انتهت جلسة مجلس الوزراء لمناقشة مشروع موازنة العام 2019 أمس، بخلاف علني بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل. الأخير قالَ بعدَ انتهاء الجلسة التي أرادتها غالبية المكونات أن تكون ما قبلَ الأخيرة إن «النقاش لا يزال يحتاج إلى عدّة جلسات»، بعد أيام على تكراره القول إنه يسعى إلى وضع رؤية اقتصادية للموازنة. أداء باسيل لم يستفزّ وزير المالية فحسب، بل عدداً آخر من الوزراء الذين اعتبروا أن «أفكار باسيل لا أبعاد إقتصادية لها، بل هي مجرد أفكار تهدف الى زيادة الجباية، مثلها مثل أي اقتراحات أخرى». وهو ما دفع خليل إلى التصريح بعدَ انتهاء الجلسة بأنه «كان بالإمكان أن ننجز الموازنة اليوم، والكلام عن جلسات إضافية يتجاوز المنطق الذي أدرنا به جلسات النقاش».
وفيما من المفترض أن تٌفرج الحكومة عن الموازنة في جلستها اليوم قبل إحالتها على مجلس النواب، عقدت جلسة أمس على وقع التحركات الشعبية التي وصلت الى الذروة بعدَ أن قرر العسكريون المُتقاعدون المعتصمون في ساحة رياض الصلح «اقتحام» السراي الحكومي، ما وضعهم في مواجهة مباشرة مع زملائهم العسكريين الحاليين. مشهد ما كان ليتحقق لولا سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة، لكن من باب رواتب القطاع العام، بدلاً من الذهاب الى إنجاز رؤية إقتصادية تتيح تغيير وجهة النموذج المعمول به، وخفض العجز من أبواب عديدة. مشهد الفوضى في رياض الصلح زادَ من الغموض السياسي حول موقف التيار الوطني الحر، خاصّة أن بعض المتقاعدين في الساحة قالوا لوسائل إعلام مرئية إنهم لم يتحركوا باتجاه السراي إلا بعدَ أن «وصلتهم إشارة من وزير الدفاع الياس بو صعب بأنه لم يعُد قادراً على الدفاع عن حقوقهم». وقد دفع الموقف المنسوب الى وزير الدفاع إلى التساؤل عن الهدف من رفع مستوى التوتر. وفيما أكد أكثر من مصدر وزاري أن التخفيضات لم تطل الرواتب ولا المستحقات ولا الامتيازات، الا أن المعلومات أكدت أن «هناك اتفاقاً على أن يدفع العسكريون المتقاعدون نسبة 3 في المئة من رواتبهم كبدل للتقديمات الصحية، كما هو الحال مع الموظفين المدنيين»، علماً بأن «وزير الدفاع وعدَ بأن لا يطال هذا البند عائلات شهداء الجيش والقوى الأمنية».
وبعد التراجع عن فكرة خفض الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد، كشفت المداولات في الحكومة عن «لغم» أساسي يتعلّق بالإتفاق على زيادة 2 في المئة على الرسوم الجمركية للبضائع المستوردة كافة، باستثناء الأدوية، حتى أواخر العام 2022. هذا البند يكاد يكون الجديد الوحيد الجدير بالنقاش، كونه يحمل ملامح لرؤية اقتصادية تقوم على تعزيز الإنتاج المحلي وحمايته. لكن زيادة الرسوم على كل البضائع المستوردة، من دون الأخذ بعين الاعتبار ما له بدائل من الانتاج المحلي، سمح بالتشكيك في الاقتراح من زاوية أنه أشبه بـ«ضريبة على الاستهلاك». ولهذا السبب تحديداً عارضه وزراء حزب الله وحركة أمل وتيار المردة. فقد اعتبر هؤلاء أن هذه الضريبة ستطال كل اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والمرتفع، ما يجعلها ضريبة ظالمة، فضلاً عن أنها «سترتفع في السوق إلى 4 أو 5 في المئة». هذه الضريبة بحسب المعلومات كانت تشمل كل البضائع، لكن اعتراض وزراء «الثلاثي» أدى إلى استثناء الأدوية. في المقابل، أصرّ رئيس الحكومة سعد الحريري والتيار الوطني الحرّ على أن هذا الرسم سيؤدي إلى حماية الإنتاج المحلي ودعم الصناعة، فرّد وزراء الحزب وأمل والمردة بأن «الضريبة يجب أن تشمل المواد التي لها بديل في السوق المحلي، مع الأخذ في الإعتبار ضرورة تجنّب الاحتكار عند حماية الإنتاج المحلي». واقترح الوزير محمد فنيش بحث «رفع الضريبة على المواد التي لها بديل من إنتاج لبناني»، لكنّ عدداً من وزراء المستقبل و«لبنان القوي» أشاروا إلى أن هذا الإجراء لا يأتي بواردات كبيرة للخزينة، فردّ فنيش بالقول: «كلامكم يؤكّد أن ما تطرحونه ليس له أي هدف اقتصادي، إنما هدفه الوحيد هو زيادة إيرادات الخزينة». لكن الاقتراح حظي بدعم أكثرية الحاضرين، ولم يعترض عليه سوى الوزراء السبعة (أمل وحزب الله والمردة).
لم يكُن هذا البند هو الوحيد الذي اعترض عليه هؤلاء الوزراء، إذ عبّر وزراء حزب الله تحديداً عن رفضهم لاقتراح أن تكون رواتب المتقاعدين مشمولة بضريبة الدخل. وحاجج فنيش بأن رواتب المتقاعدين هي «نتيجة لحسومات متراكمة من رواتب مشمولة أصلاً بضريبة الدخل، ما يعني أن المتقاعد سبق له أن دفع الضريبة على راتبه التقاعدي عندما كان لا يزال في العمل، وانه كان من واجب الدولة وبموجب قانون صادر في التسعينيات أن تقوم بتأسيس صندوق تجمع فيه هذه الحسومات، وتشغيلها، لكنها لم تفعل».
مع كلّ تقدّم في النقاش، يظهر أكثر فأكثر أن مشروع الموازنة لا يحمِل أي رؤية اقتصادية، وليس فيه أي تغيير عن السياسات المعتمدة منذ عام 1992. يمكن تلخيص ما يجري بحثه باقتراح «ضريبة نارة يا ولد»، وهو اقتراح فرض ألف ليرة على كل «نفَس نرجيلة» يُقدّم في المطاعم والفنادق والمؤسسات المرخصة. فهذا الاقتراح يكشف طبيعة البنود التي تُناقَش، من دون أي رؤية «سياسية». ففي الدول التي تُفرَض فيها رسوم مرتفعة على التبغ، إنما يكون ذلك بهدف خفض نسبة المدخنين بين السكان، وتمويل طبابة المدخنين الذين ترتفع احتمالات اصابتهم بأمراض شتى. لكن، في لبنان، تبدو الدولة كمن يريد تشجيع السكان على زيادة استهلاك المعسّل والتنبك، لزيادة الواردات، بصرف النظر عن صعوبة تطبيق فرض ضريبة كهذه في الكثير من المؤسسات والمقاهي.
يُضاف إلى ما تقدّم أنه رغم كل ما حُكي عن خفض للنفقات، يتبيّن من نسخة يوم أمس من مشروع الموازنة أنه بالمقارنة مع النسخة التي بدأ منها النقاش، طال الخفض الأساسي النفقات الاستثمارية، علماً بأن البلاد تعاني من أزمة نتيجة عدم إنفاق ما يكفي على هذا الجزء منذ العام 1992، ما انعكس سلباً على الوضع العام للبنى التحتية، كما على النمو الاقتصادي.
من جهة أخرى، أمكن تسجيل ملاحظات إضافية على مشروع الموازنة المعدّل، أبرزها:
– ثبّت مجلس الوزراء البدعة التي أرساها الرئيس الراحل للحكومة رفيق الحريري، ووزير ماليته فؤاد السنيورة، المخالفة للقانون، والتي جعلت من الموازنة «أم القوانين»، لجهة تضمينها مواد لا صلة لها بموازنة الدولة، بل يجب إقرارها بقوانين ومراسيم منفصلة. وعلى هذا الأساس، أتت المادة 79 من المشروع لتجيز للحكومة «إعادة القضاة الذين نقلوا من ملاكي القضاء العدلي والمالي ولم تنته خدماتهم الى ملاك القضاة الذي كانوا منتسبين إليه، بالدرجة الاقرب الى رواتبهم». كذلك تُحدد هذه المادة المدة القصوى لانتداب قضاة مجلس شورى الدولة إلى وظائف إدارية أخرى، بست سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. هذه المادة تبدو «مدحوشة» في قانون الموازنة لتسوية أوضاع بعض القضاة الذي شغلوا، أو يشغلون، مناصب إدارية، كالمحافظين على سبيل المثال لا الحصر.
– يمكن وصف المادة 66 من مشروع الموازنة بأنها «نكتة الموسم». فهذه المادة تقترح إلزام الحكومة بإصدار مراسيم وقرارات لاعتماد أسس جديدة للتطويع في المؤسسات الأمنية والعسكرية، كما لتخصيص السيارات والهواتف والمحروقات لغير الاستخدام العسكري. هذه المادة تُظهر قصور الحكومة عن فهم دورها التنفيذي، ودور مجلس النواب التشريعي. فهي لا تطلب إجازة من مجلس النواب لتنفيذ إجراءات ما، بل هي تسأله أن يُلزمها بإصدار قرارات ومراسيم توحي صيغة النص بأن مجلس الوزراء مقتنع بها. فإذا كان المجلس مقتنعاً بضرورة هذه الإجراءات، فلماذا يحتاج إلى قانون لإلزامه باتخاذها؟ ولماذا لا تبادر من تلقاء نفسها إلى تطبيق هذه الإجراءات؟
لا تتهافتوا على البنزين… الأزمة غير موجودة!
أثار مستشار أصحاب محطات الوقود وعضو نقابة أصحاب الصهاريج فادي أبو شقرا بلبلة واسعة أمس، بعد تحذير أطلقه من احتمال انقطاع مادة البنزين من محطات الوقود بسبب إضراب موظفي الجمارك. وقال أبو شقرا إن احتمال الانقطاع ناتج عن أن مستوردي المشتقات النفطية لم يتمكنوا من تسلّم البضائع المخزّنة لدى الجمارك، ما فرض عليهم عدم تسليم الوقود إلى المحطات. وتضمن تحذير أبو شقرا تلميحاً إلى أن المحطات ليس فيها مادة بنزين كافية لأكثر من 24 ساعة، ما سبب تهافتاً من قبل المواطنين على تعبئة البنزين من المحطات.
وبحسب مصادر في إحدى أكبر شركات استيراد المشتقات النفطية في لبنان، فإن كلام أبو شقرا كان مبالغاً فيه، لأن غالبية محطات الوقود لديها قدرة تخزينية لعدّة أيام. «المحطات الكبيرة لديها قدرة تخزينية تتجاوز أسبوع، والمحطات الصغيرة لديها قدرة تخزينية تصل إلى 4 أيام، وبالتالي فإن هذه التحذيرات لا تقع في محلها».
وتشير المصادر، إلى أن مشكلة تسليم مادتي البنزين والمازوت لأصحاب المحطات تعود إلى أسابيع مضت بسبب عدم قدرة أصحاب المحطات على تسديد ثمن المحروقات بالدولار الأميركي وشحّ العملة الخضراء من المصارف والصرافين… ورغم أن شركات استيراد المحروقات وافقت على مضض على تسليم المحروقات مقابل تسديد ثمنها بالليرة اللبنانية، إلا أن أصحاب المحطات يتأخرون في التسديد، ما يؤخّر عملية تسليم البضائع.
على أيّ حال، قرّرت إدارة الجمارك أمس أن تفتح أبواب البضائع المخزنة لديها وتسليم الشركات الكميات اللازمة لتزويد السوق بمادة البنزين، ما يعني أنه لم يعد هناك أي مبرّر لتهافت المواطنين على المحطات.
استقالة الأسمر: «أمل» تستوعب الضغوط
اجتمعت هيئة مكتب الاتحاد العمالي العام أمس وقرّرت قبول استقالة رئيس الاتحاد بشارة الأسمر. وكان الأسمر قدّم استقالته شفهياً يوم قرّر القضاء توقيفه بعد حادثة نشر فيديو يتضمن «زلّة لسان» تجاه البطريرك الراحل نصر الله صفير. الاجتماع كان مقرّراً عند الحادية عشرة والنصف، إلا أن أعضاء في هيئة المكتب رفضوا المشاركة في الجلسة قبل تسلّم استقالة مكتوبة، ما أدّى إلى تأجيل انعقاد الجلسة حتى الساعة الثانية من بعد الظهر.
ورغم الضغوط التي سبقت هذه الجلسة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية التي حاولت الدفع في اتجاه تسريع انتخاب بديل من الأسمر، إلا أن هيئة المكتب التي يتحكم في قرارها المكتب العمالي في حركة أمل، قررت استيعاب الضغوط وقبول استقالة الأسمر وتكليف نائب الرئيس حسن فقيه بالقيام بأعمال الرئيس إلى حين انتخاب رئيس جديد.
وبحسب مصادر الاتحاد، فإن تكليف فقيه يأتي ردّاً على تصريح وزير الخارجية جبران باسيل عن الاتحاد العمالي العام على باب بكركي، إذ تحدّث عن مقاطعة الاتحاد حتى يضمن المعنيون «حسن التمثيل»، مشيراً إلى أن ما حصل «يجب أن يؤدي الى تصحيح الشراكة والتمثيل في البلد… ومن الطبيعي أن لا نعترف بالموقع حتى يتم تصحيح الوضع».
وتأتي استقالة الأسمر استجابة لمطلب رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي طلب إبلاغ الأسمر بوجوب الاستقالة أو الإقالة، إذ إن حماقة الأسمر دفعت التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية إلى تصعيد مواقفهم في محاولة لإحراج برّي الذي سمّى الأسمر لهذا الموقع.
وكان لافتاً أن بيان قبول الاستقالة الصادر عن هيئة مكتب الاتحاد، تضمن الدعوة إلى الإفراج عن الأسمر وهو الموقف الذي تبنّاه المكتب العمالي لحركة أمل، وضرورة عودته إلى ممارسة عمله بشكل طبيعي في إهراءات القمح «لأنه لا مسوّغ قانونياً لفسح عقد عمله».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
تخفيض العجز إلى 7.6٪ والرواتب على جدول الجلسة الأخيرة
محاولة لإقتحام السراي والتخفيض يلحق العسكريِّين المتقاعدين.. وتلكؤ إسرائيلي بالأجوبة حول الترسيم
باتت مواد الموازنة العامة للعام 2019 في عهدة الرأي العام، وهي موجودة على موقع «اللواء» الالكتروني بموادها الـ83، في محاولة لتطمين موظفي القطاع العام، وحشر الفريق الوزاري الذي يأخذ عليه وزير المال علي حسن خليل «التمييع والاطالة من دون اي مبرر».
وجاء توزيع مشروع قانون الموازنة عشية الجلسة 17، التي تعقد ظهر اليوم في السراي الكبير بوصفها «الجلسة الأخيرة» بعد تخفيض نسبة العجز الى حدود الـ7،6٪، وفقا لما كشفه وزير الاعلام جمال الجراح.
وكشف الجراح انه لم يتم المس بالرواتب، وجرى البحث فقط بمسألة رواتب النواب والوزراء، على ان يتخذ القرار بشأنها في جلسة اليوم.
وأتى إنجاز الموازنة، بأرقامها وفصولها، وتخفيضاتها، وتشريعاتها، لينهي ساعات عجاف من المناقشات الحادة، وغير الجادة وسط توتر (ما لا يقل عن الساعة)، وخلافات، تتجاوز الأعراف المعهودة في إعداد الموازنات، طوال السنوات الماضية.
الجلسة 16
واكد الوزراء الذين اتصلت بهم «اللواء» بعد الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء امس، ذات الرقم التسلسلي 16، ان الموازنة باتت في خواتيمها، وان جلسة اليوم قد تكون الاخيرة، قبل جلسة الاقرار الختامية في قصر بعبدا، والتي يرتقب ان تكون الخميس لاحالة المشروع الى المجلس النيابي.
وبحسب المعلومات، فإن مجلس الوزراء تمكن من الوصول الى هدفه في موضوع نسبة العجز التي وصلت الى حدود 7،6 في المائة، في حين بلغت الايرادات الى 20 الف مليار ليرة واكثر من 23 الف مليار ليرة لحجم النفقات.
لكن مصادر وزارية ردت على مل اعلنه وزير الاعلام جمال الجراح عن الوصول الى نسبة عجز 7،6 في المائة، وقالت لـ«اللواء» انها تدقق بالارقام للتأكد من النسبة لكنها ليست 7،5 في المائة، وقد تكون اعلى بقليل، ولن تتم معرفة ذلك الا عند قراءة الارقام، اضافة الى ان الموضوع يتوقف على ما هو الناتج المحلي المتوقع وماذا اذا كان التوقع اكبر من الواقع.
واشارت المصادر الوزارية الى ان عجز الموازنة الذي كان وزير المال علي حسن خليل قدره بـ8،3 في المائة , كان ملحوظا منذ بداية نقاش الحكومة في الموازنة ووفق ما قدم من قبل وزارة المال في مشروع الموازنة بـ8,8 . ولفتت الى انه بعد 15 جلسة لم يتم تخفيض سوى 400 مليون دولار كي يتم الوصول الى عجز 8,3.
وقالت ان اعضاء الحكومة كانوا يتوسمون الوصول الى نسبة عجز 7,5 وهو الرقم المطلوب من قبل إصلاحات «سيدر».
وعزت المصادر الفشل في الوصول الى هذا الرقم الى عدم القدرة على التخفيض من الرواتب وفهم ان ما من قرار متخذ لتخفيض الرواتب بفعل تحرك الشارع.
وفهم كذلك من المصادر ان وزراء «التيار الوطني الحر» والقوات اللبنانية اعلنوا انه ما لم يتم الوصول الى نسبة الـ7.5 في العجز فإنهم سيؤكدون رفضهم الموازنة .
واشارت الى ان هذه المسأله خلقت ارباكا في مجلس الوزراء مؤكدة ان نسية الـ8,3 هي الحد الأقصى التي يمكن الوصول اليها من دون المس بالرواتب.
واعتبرت ان هذا الرقم ليس سيئا حتى وان تعهدت الحكومة بالتخفيض للوصول الى 7,5 خلال العام مشيرة الى ان منذ قيام مؤتمر سيدر وحتى بداية هذه السنة ارتفع العجز 11 بالمئة.
الى ذلك، توقع الوزراء ان تجري في جلسة اليوم مناقشة بعض البنود التي وصفوها بالتقنية وغير الخلافية، وبعض بنود ورقة الوزير جبران باسيل، وربما تتم مقاربة موضوع خفض رواتب السلطات العامة (رؤساء ونواب ووزراء وكبار الموظفين)، لكن أحد الوزراء قال انه قد نضطر الى عقد جلسة للقراءة النهائية يوم الاربعاء، الا ان وزير المال علي حسن خليل نفى ذلك، واكد ان جلسة اليوم ستكون الاخيرة.
ويفترض بحسب المصادر الوزارية ان تخصص جلسة اليوم لقراءة اخيرة لارقام الوزارات للتأكد من نسب الخفض التي طالتها.
اضافة مواد
وقالت مصار وزارية لـ«اللواء» انه تمت خلال مناقشات الجلسات الخمس عشرة اضافة نحو 25 مادة على مشروع الموازنة بحيث ارتفع عدد بنود المشروع من 61 الى 86 مادة، وكلها تتعلق بكيفية تحسين الواردات وخفض النفقات في وزارات وقطاعات وابواب معينة، وبالحد من العمالة الاجنبية التي تشكل مضاربة على اليد العاملة اللبنانية، وضبط التهرب الجمركي والضريبي، وذلك عبر قرارات او مراسيم ستتخذ. وتم تعديل ١٨ مادة.
ومن القرارات التي اتخذت فرض رسم 500 الف ليرة على الزجاج الداكن للسيارات، ومائتي الف على رخص السلاح، وهو ما اعترض عليه وزراء «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي معتبرين ان ذلك من شأنه ان يُشرّع حمل السلاح وتركيب الزجاج الداكن. كما تم فرض رسم مقطوع الف ليرة «على كل نفس ارجيلة في المطاعم والفنادق». وفرض رسم اثنين في المائة على البضائع المستوردة.
وعلق الوزير خليل على هذه الرسوم بالقول: انها لا تضيف الا القليل على الواردات.
وكانت جلسة الاحد التي استمرت حتى فجر امس قد ناقشت بعض بنود الوزير باسيل وتم الاخذ ببعض منها، وبقيت بنود اخرى عالقة مثل زيادة الرسوم على مخالفات العمال الاجانب لا سيما النازحين السوريين و«استعادة المال المنهوب» وزيادة واردات الجمارك، وكلها مواد عالقة يفترض البت بها اليوم واتخاذ قرارات نهائية بشأنها.
وخلال طرح بند ورقة باسيل حول العمال الاجانب، طرح وزير المهجرين غسان عطا الله موضوع شركات بيع مواد طب الاسنان التي يديرها سوريون بغطاء من لبنانيين،خصوصا بوجود المعابر غير الشرعية والتهرب الضريبي وتمنى على الجميع التعاون لمعالجة هذه المسألة، وقد وعد وزيرا الاقتصاد منصور بطيش والعمل كميل ابو سليمان بالتحرك فورا.
وذكرت المعلومات المتوافرة ان وزراء «القوات اللبنانية» اكدوا خلال جلستي امس الاول وامس، انهم لن يسيروا بالموازنة ما لم تتم معالجة مسائل التهرب الجمركي والضريبي ورفع نسبة تخمين مخالفات الاملاك البحرية والنهرية.
الناجحون في الخدمة المدنية
وافادت مصادر وزارية ان جلسة مجلس الوزراء امس اتسمت بكونها منتجة وجرى فيها التقدم في المواد القانونية والتي قدمها الوزير خليل وتم تعديلها والبت بها جميعا اما الروتوش فيتم الأنتهاء منها اليوم.
وكشفت ان من بين المواضيع التي استغرقت حيزا من النقاش موضوع الناجحين في مجلس الخدمة المدنية لجهة حماية حقوقهم في ظل خلاف جوهري حول امكانية تعيينهم بعد قرار مجلس الوزراء بوقف التوظيف.
ولفتت الى انه بعد نهاية النقاش اتخذ القرار بحفظ حقوقهم في التوظيف مع العلم ان الوزراء انقسموا بين مؤيد للتوظيف كونهم نجحوا في الامتحانات وبين معارض بإعتبار انه يجب التقيد بوقف التوظيف.
وقالت ان نقاشا تركز على فرض ضريبة 3 بالمئة علىكل الواردات واقرت بنسبة 2 بالمئة.
واشارت الى ان تعويضات النواب وفق ما طرحها الوزير باسيل ارجئت كي يتمكن وزير الخارجية من عرض المزيد من الاقتراحات.
وتم التطرق وفق المصادر الى اعفاء حضانات الأطفال من رسوم الضريبة على القيمة المضافة فعلق وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس بالقول ممازحا: «انا موافق على شرط استثناء الحضانة التي كان يرتادها الوزير علي حسن خليل»، فأجابه خليل: «انا كنت روح على حضن امي».
اعتصامات ومحاولة اقتحام السراي
وفيما كان الوزراء يتداولون في معطيات الموازنة، كان محيط السراي الحكومي يغلي باعتصامات للموظفين والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص، بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، وزاد من غليان الشارع انضمام العسكريين المتقاعدين الى المعتصمين، وحاول بعضهم الدخول الى السراي لمقابلة وزير الدفاع الياس بوصعب لاستيضاحه بعض الامور حول الحسومات التي ستطالهم، بعد ان اضرموا النار في اطارات السيارات، فمنعتهم قوات الامن المولجة حماية السراي، لكن عدداً من العسكريين تمكنوا من الوصول الى المدخل الرئيسي للسراي، فعالجتهم اطفائية بيروت بخراطيم المياه، وجرت مناوشات محدودة، ادت الى جرح احد العسكريين، الى ان الامر الى الوزير بوصعب الذي وافق على لقاء وفد منهم، وفعلاً خرج من الجلسة والتقى الوفد الذي ضم العمداء: محمود طبيخ، سامي الرماح ومنير عقل.
وقال بوصعب بعد انتهاء الاجتماع مع الوفد ان الكثير من مخاوف العسكريين هي بالاساس امور غير مطروحة للنقاش، مبدياً الاسف للقيام باحراق الدواليب، معتبراً ان هذه التصرفات تشوه سمعة المتظاهرين والمتقاعدين ولا تليق بصورة الجيش، مؤكداً انه اذا تم اقرار بند يمس رواتبهم فأنا سأخبرهم، متمنياً عليهم عدم الاستماع الى الشائعات.
ومن جهته، قال العميد الرماح ان بوصعب اكد لهم ان هناك فقط 3 في المائة ستقتطع للطبابة، لكن ذلك لن يشمل عوائل الشهداء، ودعا العسكريين الى انهاء تواجدهم امام المدخل الرئيسي للسراي والعودة الى «خيمة شهداء الوطن».
الحريري يطمئن المضربين
وللمرة الاولى، خرج الرئيس الحريري عن صمته حيال الحراك الحاصل في الشارع، واكد، في خلال الافطار الذي امامه غروب امس في «بيت الوسط» على شرف المفتي عبد اللطيف دريان ومفتي المناطق والمشايخ، بأن المضربين يجهلون لماذا يضربون، وقال: «لغاية الآن انا لا اعرف سبب لجوء البعض الى الاضراب، مع انهم غير مشمولين بأي مادة من مواد الموازنة، ولا حتى تم التطرق اليهم».
ولفت الى ان جلسة مجلس الوزراء امس شهدت تقدماً كبيراً جداً في كل ما يتعلق بايجاد الحلول للخروج من الازمة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان.
وقال: «اذا نظرنا الى وضع لبنان والى اوضاع الدول من حولنا وما تعانيه، ندرك ان بلدنا بألف خير، وان شاء الله يكون مستقبلنا افضل». شاكراً للمفتي دريان مواقفه الوطنية وكلامه الجامع لكل اللبنانيين، مؤكدا بأنه كان وسيبقى تحت خيمة دار الفتوى التي تجمع الجميع.
ومن المقرر ان يرأس الحريري الوفد اللبناني الى القمة الاسلامية التي ستعقد في مكة المكرمة في 31 ايار الحالي والاول من حزيران المقبل، وذلك بعد التشاور بينه وبين الرئيس ميشال عون الذي تلقى دعوة لهذه القمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
ترسيم الحدود
سياسياً، عاد ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية جنوباً الى الواجهة من جديد مع عودة مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد الى بيروت آتيا من تل أبيب، وزار فور وصوله الرئيس نبيه بري في عين التينة والرئيس الحريري في السراي، ثم الوزير باسيل في الخارجية، حيث جرى في كل هذه اللقاءات استكمال البحث في موضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية.
وفيما ذكرت اوساط عين التينة ان هناك تقدماً في المساعي التي يقوم بها ساترفيلد لكنها لم تنته، علمت «اللواء» من مصادر ديبلوماسية ان ساترفيلد عاد بإجواء ايجابية من زيارة الاراضي الفلسطينية المحتلة، لكنها غير نهائية وتحتاج الى المزيد من التشاور، مشيرة الى ان الموقف الاسرائيلي من مشاركة الامم المتحدة في موضوع الترسيم البحري أضحى اكثر ليونة مما كان عليه سابقاً مع العلم ان اسرائيل كانت ترفض ذلك كليا اما اليوم فهناك استفسارات عن المستوى ومكان وكيفية حصول ذلك وضمن اي اطار ولم وبالتالي لا مشكلة في دور الأمم المتحدة لكن لا بد من ان يتحدد وماهية طبيعته .
واوضحت ان هذا الأمر بحاجة الى تكليف من مجلس الأمن كي تكون الأمم المتحدة الطرف الرابع في المفاوضات في الترسيم البحري. وعلم ان ساترفيلد طرح بعض الاستيضاحات التي طلبها الجانب الأسرائيلي وتلقى الموقف اللبناني وسيقوم ساترفيلد بجولة اوروبية ويعود بعدها الى المنطقة وتكون قد تكونت الصورة اكثر انما بإلاجمال فان المناخ الذي عاد به من الأراضي الفلسطينية المحتلة ايجابي لكن الموضوع بحاجة الى متابعة .
وكشفت ان الموقف الاسرائيلي الراهن افضل من الموقف السابق الذي اتسم بالتصلب.
استقالة الاسمر
وبالنسبة لقضية الاساءة للبطريرك الراحل نصر الله صفير على لسان رئيس الاتحاد العمالي بشارة الاسمر، والذي لا زال موقوفاً لدى القضاء، فقد اعلنت هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي ووفق ما كانت كشفته «اللواء» قبول الاستقالة الخطية التي قدمها الاسمر من رئاسة الاتحاد، على ان يقوم نائب الرئيس حسن فقيه بصلاحيات الرئيس بحسب ما ينص النظام الداخلي للاتحاد، الا ان البيان الذي اذاعه فقيه بعد الاجتماع الطارئ لمكتب المجلس التنفيذي، طالب بضرورة اطلاق سراح الاسمر فورا وعودته الى ممارسة عمله بشكل طبيعي في الاهراءات حيث ان لا مسوغ قانونياً لفسخ عقد عمله».
ولفت الانتباه في البيان، تشديده على دعوة كافة الاتحادات الاعضاء بقياداتها واعضائها الى الالتفاف حول الاتحاد العمالي في هذه الظروف العصيبة كي لا يستغل كموقف شخصي مرفوض ومدان ومستهجن لتمرير سياسات اقتصادية مجحفة. وفسر هذا الكلام بأنه رد مباشر على الموقف الذي اعلنه الوزير جبران باسيل من بكركي قبل يومين بأنه سيقاطع الاتحاد حتى يقوم اصحابه المراجعة اللازمة لحسن التمثيل من زاوية الميثاقية والشراكة، الامر الذي اعتبر انه محاولة لوضع اليد على الاتحاد من قبل «التيار الوطني الحر».
وفي هذا السياق، كشفت مصادر عمالية ان البحث لم يتطرق الى انتخاب رئيس جديد للاتحاد، مشيرة الى انه امام الاتحاد ثلاثة شهر للبت الموضوع، خصوصاً وان بعض اعضاء المكتب التنفيذي سيضطرون الى التغيب نحو عشرة ايام للمشاركة في اجتماعات منظمة العمل الدولية في جنيف.
يشار الى ان النيابة العامة الاستئنافية في بيروت ادعت امس على الاسمر بجرم قدح وذم وتحقير الشعائر الدينية واحالت الملف الى قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي غسان عويدات الذي احال بدوره الى القاضي جورج رزق الذي حدد اليوم موعداً لاستجواب الاسمر تمهيداً لاتخاذ الاجراء اللازم بحقه.
ازمة محروقات
وعلى هامش حركة الاضرابات والاعتصامات للموظفين في الشارع، شهدت العاصمة بيروت ومعها المناطق اللبنانية، ازمة محروقات نتيجة اضراب موظفي الجمارك الذين امتنعوا عن تسليم اذونات رسوم المحروقات للشركات، والتي امتنعت بدورها عن تسليم المحروقات الى اصحاب المحطات، ما ادى الى اقفال بعض هذه المحطات، في حين عمد بعضها الآخر الى تقنين الكميات المتوافرة لديها، وحصرته بـ30 ليتراً لكل سيارة، الامر الذي تسبب بعودة مشهد اصطفاف طوابير السيارات امام المحطات، الذي ألفه لبنان ايام الحرب الاهلية، وانعكس ذلك ازمة سير خانقة في شوارع العاصمة في فترة بعد الظهر وحتى الغروب، أسهم فيها قطع الطرقات المحيطة بوسط العاصمة بسبب اعتصام الموظفين والمعلمين في ساحة رياض الصلح.
وليلاً، اعلنت نقابة موظفي الجمارك عن تعليق الاضراب، مما سيؤدي الى تفريج الازمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء
صواريخ يمنية على السعودية… والرياض تقول إنها تستهدف مكة وقد أسقطتها دفاعاتها الجوية
ساترفيلد في بيروت لتفادي جعل الملف النفطي مدخلاً لدخول المقاومة في المواجهة
مناقشات الموازنة تتخبّط بين دعوات التمديد والحسم… واحتقان الشارع يزداد سخونة
يبدو اليمنيون قد حزموا أمرهم باستنفاد الفرص التي يتيحها التوتر السائد في المنطقة لحضور قضيتهم على أي طاولة تفاوض تبحث بالتهدئة، لجعل وقف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن شرطاً موجباً لهذه التهدئة، فبعد استهداف خط أنابيب أرامكو الذي يربط شرق السعودية بغربها وينقل نفطها من مياه الخليج إلى ساحل البحر الأحمر، قالت الرياض إن دفاعاتها الجوية اعترضت صاروخين يمنيين في أجوائها، في سماء الطائف وسماء جدة، قالت إنهما يستهدفان مكة، وإن الدفاعات الجوية قد أسقطتهما، وفيما استبعدت مصادر يمنية استهداف مكة من أنصار الله ووصفت البيان السعودي بمحاولة التحريض على أنصار الله باستغلال مكانة مكة الدينية خصوصاً في شهر رمضان، رأت مصادر خليجية أن الاستهداف قد يكون على صلة بتحديد مكة مكاناً لانعقاد القمتين العربية والخليجية اللتين دعت إليهما الرياض، بينما تنشط مساعي الوساطات التي يقودها حتى الآن وزير خارجية عمان الذي زار طهران أمس، ورئيس الحكومة العراقية الذي زار الدوحة والكويت، وينتظر أن تتزخم المساعي مع اقتراب موعد قمة العشرين في اليابان والتي يحضرها الرئيسان الأميركي والروسي منتصف الشهر المقبل.
بالتوازي مع تشبيك القضايا الإقليمية في اليمن والعراق مع تصاعد التوتر الأميركي الإيراني، سواء من خلال ما شهدته دول الخليج من تصعيد يمني بوجه السعودية والإمارات، أو عبر الصاروخ الذي استهدف المنطقة الخضراء قرب السفارة الأميركية في بغداد، ربطاً بفتح البحث بمستقبل الوجود الأميركي في العراق والمطالبات بإنهائه، تعيش واشنطن الخشية من تحوّل الملف النفطي اللبناني إلى مدخل لتشبيك مشابه من الجبهة اللبنانية، في ضوء تهديدات المقاومة باستهداف المصالح الإسرائيلية النفطية دفاعاً عن حقوق لبنان، وهذا ما حضر في خلفيات المساعي المتسارعة التي يقودها معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد بين بيروت وتل أبيب، مروراً بمسقط، لوساطة تريد فكفكة الألغام بطريقة ترضي لبنان وتحول دون توظيف المقاومة فائض قوتها في فرض شروط أشد قسوة على «إسرائيل»، التي باتت تدرك أن سوق النفط العالمي عاجز عن التجاوب مع طلباتها بالتنقيب والاستثمار خشية بلوغ لحظة تترجم المقاومة فيها تهديداتها بأفعال يصعب تحمل أضرارها.
ساترفيلد نقل الموافقة المبدئية على الطرح اللبناني بتفاوض غير مباشر برعاية الأمم المتحدة، كتراجع إسرائيلي أول، عن الدعوة للتفاوض المباشر برعاية أميركية، آملاً بأن يبدي لبنان مرونة نسبية في التفاوض بما يتيح التوصل لتفاهمات، ويقطع الطريق على تصعيد سيخرج الجميع منه خاسراً، وفق كلام ساترفيلد، وهذا ما حدا برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى القول إن هناك تقدماً، لكن الأمور لم تنته بعد.
الإنجاز اللبناني بفعل قوة المقاومة وقدرتها الرادعة، غيبته التطورات الداخلية وطغت عليه. فمناقشات الموازنة لا زالت تتخبط بين دعوات الحسم في جلسة اليوم وفقاً لما تمناه وزير الإعلام بلسان رئيس الحكومة، وما دعا إليه مباشرة وزير المال باعتباره أن كل شيء قد استوفى حقه في النقاش وكل مماطلة تزيد توتر الشارع، وبين دعوات تمديد النقاش تحت شعار أن الأهم من الموازنة السريعة هي الموازنة الصحيحة، كما قال وزير الخارجية على هامش جلسة الحكومة، وستحسم جلسة اليوم الوجهة التي ستسلكها المناقشات، في ظل ارتفاع ملحوظ في سخونة الشارع عبرت عنها مواجهات السراي بين معتصمي المتقاعدين العسكريين وحرس رئاسة الحكومة من جهة، وأزمة المحروقات التي فاجأت اللبنانيين في ضوء إضراب مراقبي الجمارك.
جلسة أخيرة للموازنة اليوم!
لم ينتهِ مجلس الوزراء من مناقشة مشروع الموازنة في جلسة أمس، كما كان متوقعاً، بل يعقد اليوم جلسة من المفترض أن تكون الأخيرة في السرايا الحكومية، بحسب ما أكد رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل تليها جلسة إضافية في قصر بعبدا لإقرارها وإرسالها الى المجلس النيابي، إلا أن وزراء تكتل لبنان القوي شككوا بإمكانية الانتهاء اليوم مؤكدين أن المجلس يحتاج الى جلسات اضافية لنقاش بنود إصلاحية ووضعها في صلب الموازنة. فيما أمل وزيرا حزب الله محمد فنيش ومحمود قماطي إنهاء الموازنة اليوم أو في جلسة أخرى إن اقتضى الأمر.
وبحسب معلومات «البناء» من مصادر معنية فإن المجلس كان يجب أن ينتهي من درس الموازنة في جلسة الأمس وتحديد جلسة أخيرة في بعبدا لكن بعض الوزراء لديهم ارتباطات ما اضطر الحريري الى رفع الجلسة.
وقد خرج المجتمعون في السرايا الحكومية على «زغل» وسجال وتضارب في الموقف بين وزيري المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل، فيما شهد محيط السرايا الحكومية اعتصامات لهيئة التنسيق النقابية والعسكريين المتقاعدين، ما أدى الى تدافع بالأيدي بين القوى الأمنية والمعتصمين فيما تحول محيط السرايا وداخلها الى ثكنة عسكرية.
وإذ استكمل مجلس الوزراء بحث ورقة الوزير باسيل قال الأخير لدى خروجه قبيل انتهاء الجلسة لاستقبال نائب وزير الخارجية الاميركي دايفيد ساترفيلد في وزارة الخارجية، أن «الأجواء ايجابية بشأن الموازنة والصورة التي تتظهر بأن هناك خلافاً غير صحيحة، بل حققنا تقدماً وأنجزنا 90 مادة في الموازنة وبحثنا عشرين موضوعاً يتعلق بالاقتصاد وبحثنا موضوع العمالة الاجنبية بشكل مستفيض»، موضحاً أننا «لا نبحث فقط في بنود الموازنة بل برؤية اقتصادية وإجراءات إصلاحية». وعلمت «البناء» أن مجلس الوزراء كلف وزير العمل كميل بوسليمان إعداد دراسة حول العمال السوريين في لبنان لاتخاذ الإجراءات اللازمة».
سجال خليل باسيل…
وبعد مغادرة وزير المال الجلسة أبلغه وزير الصناعة وائل أبو فاعور بما صرّح به باسيل، فعاد خليل الى قاعة الإعلاميين وأكد أن «كلام باسيل مرفوض ويتجاوز المنطق، وأن كلام رئيس الحكومة واضح وأنه لا يوجد أي مبرر للتأخير وكان يجب أن ننجز الموازنة اليوم وكل المطلوب بات جاهزاً ولم يعد هناك شيء على الإطلاق يستوجب التأخير عن اليوم ظهراً ولسنا مضطرين أن نعقد جلسات أخرى»، ولفت خليل الى أن «لا مبرر للتأخير وهذا الكلام يعقد الأمور أكثر ويخلق مبررات للشارع ليبقى متوتراً بلا أي سبب حقيقي ولدينا مسؤولية أن نعزز ثقة الناس بالدولة وقدرتها على اتخاذ قرارات وليس التمييع والإطالة دون أي مبرر».
غير أن قناة أو تي في المحسوبة على التيار الوطني الحر نقلت عن مصادر وزارية تأكيدها أنه «تمّ أخذ العديد من اقتراحات باسيل »، مشيرة إلى أن « العجز خفض مبدئيًا الى 7,67 في المئة».
وقالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» إننا «نفضل موازنة إصلاحية وإن طال الوقت لإقرارها أياماً عدة إضافية، صحيح أننا نخسر وقتاً لكننا نربح الوطن، والخزينة والدولة»، وعن قول وزير المال إن لا مبرر للتأخير تساءلت المصادر لماذا لم يقدّم وزير المال موازنة كاملة ودقيقة منذ البداية؟ وعن سبب تقديم باسيل ورقة اقتراحاته في آخر جلسات نقاش الموازنة لفتت الى أنّه لو قدّمها منذ البداية لقالوا إن هذه الاقتراحات موجودة، فهو قدّمها لأنها لم ترد في المشروع».
بوصعب طمأن العسكريين
وكان محيط السرايا شهد هرجاً ومرجاً واشتباكات بالأيدي بين المعتصمين من العسكريين والقوى الأمنية المولجة حماية السرايا، وسط انتشار كثيف للقوى الأمنية، ولوحظ وللمرة الأولى انتشار لافت لعناصر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بآلياتهم العسكرية وأسلحتهم وبجهوزيّتهم العالية، فيما تردّدت معلومات بأن سرية حماية السرايا طلبت المؤازرة من فرع المعلومات بعدما توافرت معلومات عن توجّه لدى المعتصمين لاقتحام السرايا، في مشهد ظهر وكأن العسكر في مواجهة الأمن! وعلمت «البناء» من مصادر ميدانية أن عناصر الفرع رافقت مواكب الوزراء بعد نهاية الجلسة من السرايا الى منازلهم تخوفاً من تعرّضهم لاعتداءات من المتظاهرين. كما لوحظ غياب تام لدوريات الجيش اللبناني في ساحة رياض الصلح على غير ما درجت العادة عند كل تظاهرات واعتصامات تشهدها المنطقة.
ومع تصعيد الموقف في رياض الصلح ومحاولة المعتصمين التقدّم للدخول الى السرايا، تمّ التواصل بينهم وبين وزير الدفاع الياس بو صعب الذي استقبل وفداً منهم في السراي الحكومي، على هامش مشاركته في الجلسة، ضمّ العميد محمود طبيخ، العميد سامي الرماح والعميد منير عقل.
وقال بوصعب بعد اللقاء: «علمت من الوفد أن لديهم مطالب بخصوص زوجات المتوفين من المتقاعدين، أو زوجات وأولاد الشهداء في الجيش اللبناني، وهناك إشاعات صدرت عن إمكانية أن تطالهم حسومات على التعليم وغيره. قد طمأنتهم بأن هذا الموضوع هو بيد قائد الجيش، فصحيح أننا خفضنا الموازنة في أماكن عديدة، لكننا أضفنا 35 مليار ليرة لها علاقة بأمور مثل مساعدات اجتماعية وطبابة وولادة وغيرها ما يصبّ في منفعة العسكريين وعائلاتهم. من هنا، فإن الشقّ الذي يعنيهم بالمباشر ليس ما تم تخفيضه».
وأضاف: «أنا مؤتمن على وزارة الدفاع وعلى العسكر وحقوقهم. نحن نخفض في موازنة وزارة الدفاع ككل الوزارات الأخرى. وهذا الموضوع إيجابي جداً وتعود فائدته على الجميع، فإن لم تكن هناك موازنة جيدة، وإذا تعرّض الاقتصاد لأي أزمة، فإنه لا ينفع حتى لو بقي الراتب على ما هو عليه وتغيّر سعر صرف الليرة مثلاً. وعليه، نحن لا نحمل الجيش والعسكر وعائلاتهم المسؤولية. ولا أرضى في أي يوم أن يُقال إن كل العبء الحاصل سببه مصاريف زائدة في الأجهزة الأمنية والجيش. هذا الموضوع بات خارج النقاش، وبات محصوراً بأمور تقنية، لا علاقة لها بموازنة الدفاع أو الجيش اللبناني، ونأمل أن نبقى على تواصل مع الضباط واللجنة الممثلة لهم، كي نقول لهم الحقيقة دائماً». وأوضح أن «ما قلته إن مسألة التدبير رقم 3 مسؤولية كبرى يتأثر بها كل لبنان، ونحن نستثمر بالأمن منذ سنين حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ولذلك أرفض أنه بقرار أو مرسوم يقترح من وزير الدفاع، تعدّل التدابير 3 و2 و1، لأن قانون الدفاع يقول كذلك. هذا الأمر سأناقشه مع القيادات الأمنية والجيش وقوى الأمن الداخلي والمجلس الأعلى للدفاع، وفي النهاية يصدر مرسوم من الحكومة».
كما أكد بوصعب بعد انتهاء الجلسة إعفاء رواتب عائلات الشهداء من حسم 3 في المئة على الطبابة، كما أكد أن «مسألة تخفيض 50 في المئة من راتب زوجة العسكري وحرمان ابنته العزباء من المعاش التقاعدي ليس صحيحاً ولم يناقش في مجلس الوزراء، متمنياً على العسكريين عدم الإصغاء للإشاعات وهذه الأمور نحن بصدد معالجتها مع المعنيين».
وإذ علمت «البناء» من مصادر معنية أن «الحكومة متجهة الى اقتطاع 15 في المئة من رواتب الموظفين لمن يتقاضون فوق 3 ملايين ليرة على أن تُعاد إليهم بعد 3 سنوات على أن تشمل رُتب عماد ولواء وعميد فقط في الأسلاك العسكرية في الخدمة الفعلية والمتقاعدين».
ونفت مصادر العسكريين المتقاعدين أي تهجّم على عناصر القوى الأمنية في ساحة رياض الصلح مؤكدة لـ»البناء» أن «ما حصل هو تدافع بالأيدي ليس أكثر»، ونفت أن يكون المتقاعدون قد علقوا اعتصامهم مؤكدة أننا «سنعود اليوم الى الشارع» محذرة من أن «أي مسٍّ بحقوق العسكريين سيدفعنا الى توسيع تحرٍّكنا باتجاه منازل السياسيين والوزراء، مع حشد واسع من العسكريين المتقاعدين قد يصل الى عشرات الآلاف»، مشيرة الى أننا «لم نعد نثق بوعود الحكومة».
وأبدت المصادر استغرابها الشديد إزاء مزايدات رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مشيرة الى أن «جنبلاط لم يعطِ أهمية للجيش يوماً»، وكان جنبلاط غرد قائلاً: «هل يعقل أن تقف بعض من الدولة تتفرج على البعض الآخر يقتحم السرايا الحكومي. هل يعقل ان نصل الى هذه الدرجة من الفوضى فقط لانه مطلوب اعادة النظر في التدبير رقم 3 في الحد الأدنى لترشيد الإنفاق. ما هو المطلوب الفوضى والإفلاس ورفض الإصلاح. ما هو المطلوب رقم 3 او لا امن». وأضاف: «وهل علينا ان ندفع ثمن صراع الأجنحة داخل البيت الواحد من اجل الرئاسة. كفى تلك المهزلة في ظل الصراع الإقليمي الذي بات واضحاً أنه لن يوفر أحداً. نعم لإعادة النظر في جوانب من التدبير رقم 3 وكفى تهرّب من الاملاك البحرية وغيرها من نقاط الهدر. نريد من الرئيس عون حسم الأمور».
ومساء أمس أعلنت هيئة التنسيق النقابية أن «اليوم هو يوم عمل عادي في كل المدارس والثانويات والمعاهد الفنية ودور المعلمين ومراكز الإرشاد والتوجيه». ودعت «جماهيرها إلى البقاء على أهبة الاستعداد للتحرك مجدداً إذا أي قرار يمس بالرواتب والحقوق والمكتسبات والتقديمات الاجتماعية والتي سيكون أولها إعلان الإضراب المفتوح».
وكان مجلس الوزراء عقد جلسته السادسة عشرة برئاسة الحريري وأشار بعدها وزير الإعلام جمال الجراح: «انتهينا من كل المواد. الأرقام باتت واضحة بشكل نهائي، ونسب العجز أصبحت واضحة وكذلك الواردات والنفقات. بقيت تفاصيل بسيطة ستتم صياغتها مساء اليوم أمس ، على أن تدخل غداً اليوم في صلب الموازنة. فالأرقام انتهت وكذلك المواد القانونية». وكشف أن نسبة العجز وصلت الى حدود الـ 7,6 ». وأكد أنه «لم يتمّ المس بالرواتب، بحثنا اليوم فقط بمسألة رواتب النواب والوزراء وسنتخذ قراراً بشأنها اليوم».
وأقرّ المجلس رسم 500 الف ليرة على الزجاج الداكن و200 ألف للسلاح المرخص.
البستاني: لا أزمة محروقات
في غضون ذلك ووسط حماوة النقاش في الموازنة واضطراب الشارع وتعطل المصالح والإدارات، بدأت الأزمات تطفو الى الواجهة، لا سيما ازمة المحروقات، فقد تهافت المواطنون على شراء مواد المحروقات لا سيما البنزين خوفاً من نقصها في الأسواق بعد احتجاز 700 صهريج في مرفأ بيروت بسب إضراب الجمارك ما أوقف معاملات الشركات التي تزوّد الصهاريج بالمحروقات، وتخوفت مصادر اقتصادية من ارتفاع أسعار المحروقات في السوق السوداء إذا ما استمرت الازمة، إلا أن وزيرة الطاقة ندى بستاني أكدت في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه «بعد اتصالها بالمدير العام للجمارك بدري ضاهر ، أبدى كل تجاوب وسيتمّ استلام التصاريح لشركات النفط، وبالتالي لا أزمة محروقات في البلد».
وبعد ذلك أعلن ضاهر عن إعطائه «الاوامر لمكاتب الجمارك باستلام تصاريح شركات النفط وبالتالي العودة لتسليم المحروقات ». وأكدت المصادر أن هناك كميات كافية في السوق، لكنها شددت على أن «المطلوب حل مسألة إضراب موظفي الجمارك بأسرع وقت ممكن».
ساترفيد عاد بالردّ الإسرائيلي
على صعيد آخر، عاد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط دايفيد ساترفيلد الى بيروت آتياً من تل أبيبـ حيث أبلغ المسؤولين اللبنانيين الرد الاسرائيلي على موضوع التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود البرية والبحرية برعاية الامم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الاميركية، والتقى ساترفيلد في عين التينة رئيس مجلس النواب نبيه بري واستكمل البحث في السرايا الحكومية في المستجدات المحلية والإقليمية والمواضيع التي نوقشت الاسبوع الماضي.
وأشارت المصادر الى أن «هناك تقدماً في المساعي التي يقوم بها ساترفيلد، ولكنها لم تنته». كما التقى ساترفيلد باسيل في وزارة الخارجية وغادر من دون الإدلاء بأي تصريح على أن يعود الى بيروت خلال أيام قليلة.
وبحسب قناة الـ»أم تي في» فإن ساترفيلد شدد خلال لقائه بري على خطورة الوضع في المنطقة ونقل تحذير الإدارة الأميركية من استهداف للمصالح الأميركية في لبنان من قبل إيران أو حلفائها».
رسالة سعودية إلى عون…
الى ذلك، تلقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوة من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لحضور الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامية التي ستعقد في مكة المكرمة في 31 أيار الحالي والاول من حزيران المقبل «للبحث في اوضاع الامة الاسلامية». وتشاور عون في شأن دعوة الملك سلمان مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي «سيرأس الوفد اللبناني الى القمة في مكة المكرمة».