البناء
هدوء نسبيّ على جبهة كورونا أمس بانتظار اليوم… زيادة 35 ألفاً بدلاً من 100 تبعث التفاؤل
الحكومة 10/10 في حملة العودة الأولى… ويبقى ارتفاع الأكلاف عقبة أمام النجاح
وزارة الاتصالات تتابع نهج شقير… واللقاء التشاوريّ صاحب التسمية لا يمُون
هدأت نسبياً جبهة كورونا عالمياً، مع تسجيل 25 ألف إصابة جديدة في أميركا بدلاً من 60 ألفاً أول أمس، وتسجيل أوروبا أقل من عشرة آلاف بدلاً من 30 ألفاً أول أمس، وتترقب الأوساط الأممية نتائج اليوم لتحسم ما إذا كان هدوء الأمس عابراً قبل موجة صعود جديدة، ام بداية مؤشرات السيطرة على الوضع، بينما لبنان يسجل زيادات لا تتعدًى العشرين إصابة يومياً لليوم الثالث على التوالي، وقد جاءت نتائج الحملة الأولى للمغتربين العائدين خالية من الإصابات، ما زاد من تفاؤل المعنيين في وزارة الصحة بالسير نحو السيطرة على الموقف إذا تحقق الالتزام بالإجراءات الوقائية وفي مقدمتها العزل المنزلي، مع دخول إجراءات السير الجديدة حيز التنفيذ، وسط انقسام الرأي العام بين تأييد واعتراض.
ملف أكلاف العودة على الراغبين بقي في الواجهة مع تصريحات مدير عام شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، الذي خلط فيه بين آلية عمل كل الشركات التي تعمل وفقاً لأحكام قانون التجارة، وتملكها الدول، وهو ما علقت به مصادر قانونية على كلام الحوت، مضيفة أن كون مصرف لبنان صاحب 99% من أسهم الشركة، وهو ملكية عامة، فهذا لا يعني أن الشركة ليست مملوكة للدولة، بل يعني أن طريقة إدارة الشركة لا تمرّ بسلطة وصاية حكومية، لكن مدير عام الشركة يسميه مصرف لبنان في جمعية عمومية للشركة بتوصية من مجلس الوزراء، باعتبار أموال المصرف ليست ملكاً شخصياً لحاكم المصرف، بل ملك عام للدولة. وقالت المصادر، إن منح الشركة امتيازات في الحقوق السيادية للدولة لا يتم مقابل امتياز قامت بتسديد قيمته، أو نسبة من بدلات خدماتها تسددها للدولة، بل لأنها مملوكة من الدولة، ولذلك قالت المصادر إن الحكومة تستطيع أن تطلب من مصرف لبنان أن يغطي خسائر الشركة المفترضة من أي تسعير لبطاقات السفر من حساب أرباحها وينتهي الأمر، أو تستطيع الحكومة التعاقد، بالإضافة لما تقوم به الشركة وفقاً للتسعيرالمعتمَد من قبلها، مع شركات أخرى متوفرة وكثيرة ومستعدّة لاعتماد أسعار أقل بكثير، خصوصاً من بلدان كثافة الاغتراب، حيث الأحوال المادية لا تتيح لجميع الراغبين اعتماد خيار العودة مع الشركة.
بالتوازي برزت مظاهر أخرى للجزر المالية في الدولة، التي تتصرف خارج منطق الدولة، وترسم سياساتها وفقاً لحسابات، لا تشبه ولا تخدم سياسات الحكومة، فما يتصل بمسعى وزير الاتصالات طلال حواط لتجديد عقود شركتي الخلويّ لم يعد خافياً في تأكيد على مواصلة نهج الوزير السابق محمد شقير، وما كشفه مدير عام شركة ألفا عن رفض الوزير لمقترح من الشركة بتقديم خدمة الإنترنت مجاناً للمشتركين في فترة أزمة كورونا، وضع مواقف الوزير على طاولة البحث السياسي بانتظار أن تسحم الحكومة الأمر، خصوصاً أن مصادر في اللقاء التشاوري الذي قام بتسمية الوزير تقول إنه لا يردّ على اتصالات أعضاء اللقاء ولا يتشاور معهم في أي مواقف مطروحة على جدول أعمال الحكومة. وقالت مصادر قانونية إن بمستطاع الحكومة إلزام الوزير بسياساتها بالتصويت عليها، وإذا رفض الالتزام يسهل تعيين بديل عنه، في حال استقال أو توافق رئيسا الجمهورية والحكومة على إقالته.
بقي ملف المغتربين اللبنانيين في الخارج في واجهة المشهد الداخلي بعدما تمكّنت الحكومة من إنجاز إجلاء الدفعة الاولى من المغتربين بنجاح حيث أثبتت التحاليل المخبرية التي أجرتها وزارة الصحة للعائدين انها سلبية، فيما من المتوقع ان تنطلق المرحلة الثانية الاسبوع المقبل.
أما ملف إجلاء الطلاب اللبنانيين في الخارج فلا يزال قيد المعالجة بسبب عجز الطلاب عن تأمين ثمن بطاقات تذاكر السفر بسبب أوضاعهم المادية الصعبة. وأمس، ناشد الطلاب العالقون في مصر المسؤولين «العمل على تسهيل عودتهم الى لبنان، بعد مرور اكثر من شهر على تخرّجهم من جامعة الإسكندرية».
وأكد الطلاب ان «وضعهم صعب وحرج جداً، ولا تحويلات مالية يمكنها ان تأتي من لبنان والوضع الصحي أصبح هنا في مهب الخطر». ولفتوا الى انهم «قدموا كافة المعلومات، التي طلبتها القنصلية اللبنانية منهم، وأماكن الحجر بعد عودتهم»، واشاروا الى ان «هناك حوالي 260 من الطلاب والمغتربين، يريدون العودة الى لبنان، وأن السفارة أنهت كل الإجراءات اللازمة لعودتهم، بانتظار تأمين وزارة الخارجية طائرة لهم، وهناك خشية فعلية من أن تمرّ المرحلة الأولى من عودة المغتربين من دون أن تشملهم، وبالتالي سيضطرون للبقاء شهراً آخر». وتوقعت مصادر «البناء» أن يصل عدد العائدين الى لبنان ضمن المرحلة الاولى الى 2000 مغترب، مشيرة الى أن عدد الراغبين بالعودة تراجع كثيراً بسبب رفع ثمن البطاقات وعدول شركة طيران الشرق الأوسط عن قرارها منذ البداية بإعادتهم مجاناً، فيما لفتت المصادر الى أنه تمّ رفع ثمن البطاقات بشكل مقصود للحد من عدد العائدين لخفض الأعباء المالية واللوجستية عن كاهل الدولة والتقليل من نسبة المخاطر الصحية على لبنان».
وأشار وزير الخارجية إلى أن الوزارة تعمل على تنظيم عودة المغتربين اللبنانيين، منوّهاً إلى القدرة الطبية لاستقبالهم في لبنان.
وفي تصريح لوكالة «سبوتنيك» أشار حتي إلى أن الطائرات مجهزة بكافة التجهيزات الضرورية لتوفير الحماية المطلوبة للمواطن، ومن بعد ذلك يصل إلى بيروت من أجل استكمال الفحوصات والذهاب إما إلى الحجر الصحي في المناطق المحددة لذلك أو في المنزل أو في المستشفى.
وعن أبرز العقبات التي تواجه الحكومة في عملية الإجلاء قال: «هنالك عدد كبير جداً من الراغبين بالعودة، وأنا أفهم قلق الأهل والمواطن والرغبة في العودة لكن علينا أن ننظمها لحماية المواطن، النقطة الثانية المقلقة هي أن هناك مواطنين يعيشون في دول وضعها الصحي بما يتعلق بانتشار الكورونا يزداد خطراً وننبههم أن يتوخوا الحذر وعدم الخروج، والمشكلة الثالثة هي مالية، الكثير من اللبنانيين خاصة الطلاب في كثير من الدول يعملون ليوفروا جزءاً من مصاريفهم، وبالتالي عندما توقف العمل في كافة هذه الدول وأصبح الوضع الاقتصادي صعباً جداً، نحاول عبر السفارات وعبر المقتدرين في الجاليات اللبنانية توفير ما يمكن توفيره لهؤلاء ضمن منطق التضامن الوطني والإنساني والأخلاقي لتأمين الحد الأدنى للعيش بكرامة إلى أن يأتوا إلى لبنان، ومشكلة أخرى نحاول أن نعالجها كحكومة تتعلق بتحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى الخارج».
واشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» في إطار تقييمها لعمل الحكومة خلال الشهرين الماضيين، الى ان «الحكومة نجحت على المستوى الوطني وأبدت جدية في التصدي للأزمات والمشاكل التي واجهها لبنان، في ظاهرة لم يعتد عليها اللبنانيون بسبب ممارسات الحكومات الماضية التي اوصلت البلد الى ما وصل اليه»، ولفتت الى أن «هذه الحكومة اذا استمرت ستكون الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون اما اذا سقطت فلن يتم تأليف حكومة اخرى الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، لذلك على القوى السياسية كافة خصوصاً القوى المشاركة في الحكومة أن تحافظ على التماسك الحكومي وتمنح الحكومة هامشاً للعمل لان اي اهتزاز للحكومة او سقوط سيترك تداعيات سلبية كبيرة على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي والوطني».
وتشير المصادر إلى أنه «رغم بعض التباينات الحكومية والسجالات السياسية الا ان الجانب السياسي ممسوك حتى الآن بعد سحب الأوراق من يد القوى السياسية التي حكمت البلد منذ 30 عاماً، فيما الحكومة نجحت بالسيطرة على أزمة وباء كورونا وتكفي المقارنة بين لبنان والعدو الإسرائيلي في مواجهة المرض، إذ اعلن رئيس حكومة العدو تكليف الجيش ادارة الملف الصحي بعد فشل وزارة الصحة في السيطرة على تداعيات الوباء. إلا ان الثغرة تكمن في الملف المالي والاقتصادي والاجتماعي الذي يشوبه القلق والحذر بحسب المصادر لسببين: تصلب مواقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي قبل تحت الضغط والتهديد بالإفراج عن التعميمين الأخيرين بما خص الودائع والثاني التدخل الأميركي الفاضح في الشؤون المالية اللبنانية، مع مسارعة بقايا فريق 14 آذار الى تأييد الموقف الاميركي الذي خرق السيادة اللبنانية».
وبرز تصريح لوزيرة العدل ماري كلود نجم اعتبرت فيه ان الحكومة تصدّت للمحاصصة السياسية التقليدية في التعيينات المالية وتسعى لملء الفراغ بأسرع وقت ممكن على أساس الكفاءة.
الى ذلك يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم الثامنة والنصف مساء عبر شاشة المنار بمناسبة حلول النصف من شعبان. ويتطرق السيد نصرالله الى ملف المغتربين وكورونا والملف المالي والاقتصادي ويجري تقييماً للتعاميم التي أصدرها مصرف لبنان ومفاعيلها العملية بالنسبة لصغار المودعين والخطوات المقبلة كما يعرّج على الشأن الإقليمي في ضوء التهديدات الأميركية الإسرائيلية بحروب على دول محور المقاومة، الأمر الذي رأت فيه أوساط عسكرية لـ«البناء» حملات تهويل للضغط النفسي والإعلامي فقط، مضيفة أن «عصر الهيمنة الاميركية والعربدة الاسرائيلية وغطرسة حلفاء اميركا انتهى لا سيما بعد الانتصارات التي يراكمها محور المقاومة في مختلف الساحات من اليمن الى سورية والعراق وفلسطين ولبنان وايضاً بعد النتائج الكارثية التي خلفها وباء كورونا على الولايات المتحدة الاميركية و»اسرائيل» ودول اوروبا، الامر الذي سيحدث تحولات استراتيجية في النظام الاقتصادي والسياسي العالمي».
اما بخصوص تعميم مصرف لبنان، فأشارت اوساط البناء الى ان السيد نصرالله سيؤكد بأن «التعميم غير كافٍ ويحتاج الى توضيح أولا لجهة مفاعيله العملية والتقنية وثانياً يحتاج الى تعاميم إضافية للإفراج عن اموال بقية المودعين»، فيما لفت خبراء ماليون لـ«البناء» الى ان «حاكم مصرف لبنان يحاول التذاكي على الحكومة بالتعاون مع جمعية المصارف، حيث ان اغلب الحسابات المقصودة في التعميم هي حسابات جارية لتوطين الرواتب، وبالتالي لن يعمد هؤلاء الى سحب كل أموالهم، وذلك كي لا يصار الى إقفالها، فكيف يقبضون رواتبهم في هذه الحالة؟ فسيضطرون الى فتح حساب جديد في كافة الاحوال». وتساءل الخبراء هل يمارس سلامة الخداع وهل التعميم الأخير توطئة لرفع سعر صرف الدولار الى معدلات قياسية وبالتالي تآكل إضافيّ في الأموال المسحوبة؟».
في غضون ذلك بقي قرار وزارة الداخلية توزيع مرور السيارات على الطرقات بحسب ارقامها المفردة والمزدوجة محل أخذ ورد لا سيما ان نتائجها جاءت عكسية بحسب مراقبين اذا شهدت طرقات عدة زحمة سير واحتكاك بين القوى الأمنية والمواطنين، وبالتالي لم تحل مشكلة عدم التزام المواطنين بحظر التجول بل ستزيد في حركة المواطنين على الطرقات ما سيجهض كل مفاعيل وأهداف قرار التعبئة العامة، لكن رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي العقيد جوزف مسلم اوضح ان المبدأ الأساسي من قرار «المفرد والمزدوج» هو الالتزام في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
واستمرت المخالفات لقرار حظر التجول إذ اعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن دورية من سرية صور أوقفت المدعو ر.ع. الذي كان ينقل على متن شاحنة (بيك أب) /25/ عاملاً وذلك للعمل في مؤسسة لبيع الحمضيات والفواكه في بلدة عدلون وأجري المقتضى القانوني من قبل القطعة المعنية.
كما سجل يوم أمس، تسطير عدد كبير من المحاضر بحق المخالفين، وأعلنت قوى الأمن أن مجموع محاضر مخالفات قرار التعبئة العامة اليوم لغاية الساعة 16:45 بلغ 1306. كما افادت مصادر قوى الأمن أنه يتمّ طلب هويات الأِشخاص الذين يتمّ ضبطهم في سيارة واحدة والتأكد من أنّهم من العائلة نفسها.
وفي سياق ذلك، أعلن المستشفى الحكومي في بيروت في تقريره اليومي المعلومات التالية: «وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس الكورونا والموجودة حالياً في منطقة العزل الصحي في المستشفى وصلت إلى 30 إصابة. تم استقبال 15 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس الكورونا نقلت من مستشفيات أخرى. تماثلت 5 إصابات للشفاء بعد أن جاءت نتيحة الفحص سلبية في المرتين. بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماماً من منذ البداية 60 حالة شفاء».
وأفيد أن وفد من وزارة الصحة سيتوجه في اليومين المقبلين الى قضاء بشري للقيام بالمزيد من فحوصات فيروس كورونا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
لبنان يستغيث.. والمجموعة الدولية: أين الإصلاحات؟
نيران باسيلية على نجاحات «الميدل إيست».. وتجربة «مفرد – مزدوج» قيد المراجعة
سؤال قديم – جديد وجهه سفراء المجموعة الدولية لدعم لبنان إلى الرئيسين ميشال عون وحسان دياب والفريق اللبناني: أين الإصلاحات، التي اشترطها مؤتمر سيدر للافراج عن 11 ملياراً قررها المؤتمر الذي انعقد في 6 نيسان 2018، وما لبث يكررها في كل مناسبة، وذلك للاستجابة إلى طلب لبنان على لسان رئيسه من حاجة لبنان، نظراً لخطورة الوضع المالي وللآثار الاقتصادية الكبيرة على اللبنانيين، وعلى المقيمين والنازحين، سيحتاج برنامجنا الاصلاحي إلى دعم مالي خارجي.. لدعم ميزان المدفوعات ولتطوير قطاعتنا الحيوية.
وعلمت «اللواء» ان ما سمعه السفراء دوّنوه، ولم يجدوا فيه جديداً.
وأكدت مداخلات بعض السفراء، ان المساعدات المالية تأتي عبر صندوق النقد الدولي، أو عبر مؤتمر سيدر.. وأنهم سيرفعون تقارير إلى بلدانهم حول الوضع المالي، والضغوطات في ضوء أزمة النزوح السوري وأزمة كورونا..
دعم المجموعة
الابرز دبلوماسياً، وقبل جلسة مجلس الوزراء اليوم، وبعد الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة لجهة تعليق «سداد اليوروبوندز» والسعي إلى مفاوضات مع حاملي السندات، كان الاجتماع اللبناني – الدولي، الذي انعقد في بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون، وبدعوة منه، وحضور الرئيس حسان دياب ووزير المالية غازي وزني وعدد من الوزراء والمستشارين عن الجانب اللبناني.
ومن جانب مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان شارك ممثل المجموعة المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، وسفراء دول المجموعة لدى لبنان، وهم سفراء: روسيا الكسندر زاسبكين، الصين وانغ كيجيان، فرنسا برونو فوشيه، بريطانيا كريستوفر رامبلينغ، الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا وجامعة الدول العربية عبد الرحمن الصلح، القائمة بأعمال السفارة الايطالية روبيرتا دي ليتشيه، القائم بأعمال سفارة ألمانيا ميكاييل روس، رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي رالف جوزف طراف ومسؤول الشرق الاوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
وركز الرئيس عون في مستهل كلمته، بعد الوقوف دقيقة صمت عن روح فقيدة السلك الدبلوماسي سفيرة الفيليبين في لبنان على انه في حين كان لبنان يستعد لإطلاق ورشة عمل لمعالجة أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية حين ضرب وباء «كوفيد 19» العالم، فاضطر الى إعلان حالة طوارئ صحية استدعت التعبئة العامة، ما فرمل الى حد ما انطلاقته وفاقم من أزماته وأضاف إليها أزمة الصحة ونحن اليوم نجابه كل هذه الازمات والتداعيات ونرحّب بأي مساعدة دولية من أصدقاء لبنان.
وقال ان «برنامج الحكومة الاصلاحي يحتاج إلى دعم مالي خارجي».
وطالب الرئيس دياب بـ«دعم لبنان بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الاوضاع الدولية الصعبة للغاية.. مشيراً إلى أن «الحكومة تضع اللمسات الاخيرة على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة اليها»، وقال: «لقد عملنا بلا هوادة لإيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وانساني لشعبنا وما هو مقبول في اطار المجتمع الدولي».
ولفت الرئيس دياب إلى أن الحكومة «خلصت الى ان لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية»، متعهدا «اجراء برنامج كامل لتعزيز اعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي»، وقال: «دعوني الفت انتباهكم ايضا الى ان فخامة الرئيس عون وحكومتي قررا اجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاء منا بوعد الشفافية، ولتعزيز موقفنا التفاوضي في هذه الفترة الصعبة من تاريخ لبنان».
وافادت مصادر المشاركين في الاجتماع لـ«اللواء» ان اولى النتائج التي حققها هذا الاجتماع هو وضع السفراء في الصورة الحقيقية للوضع المالي والاقتصادي وانعكاسات قضية النازحين السوريين على الاقتصاد اللبناني وكيفية معالجة لبنان لأنتشار فيروس كورونا والاجراءات التي اتخذها وقد تم ذلك من خلال التقارير التي قدمت لهم مع العلم ان بعض السفراء على اطلاع مسبق على جزء منها وليس كلها.
وافادت المصادر ان السفراء ابدوا اهتماما بالحصول على التفاصيل والمعطيات والارقام التي وردت سواء في التقرير المالي او في التقرير الصحي او في التقرير الاجتماعي.
وفي الموضوع المالي والاقتصادي اصبح السفراء على بينة من موقف لبنان من موضوع الاصلاح الاقتصادي والمالي وهناك إعادة تأكيد على الالتزام بالاصلاحات التي تحصل والتفاوض مع مالكي سندات، اليوروبوندز للوصول الى نتيجة في ما خص الدين.
وتحدث هؤلاء السفراء عن استعداد بلادهم لتقديم المساعدات للبنان مع العلم ان هناك قسما من المساعدات جرى تقديمه وتعداده خلال الاجتماع. كما ان هناك قسما اخر منها سيقدم تباعا مع الاخذ بالاعتبار اوضاع الدول التي تعاني مشاكل جراء جائحة كورونا وعلى الرغم من ذلك هناك تعليمات اعطيت من دولهم لتقديم مساعدات اضافية وسيتم تقديمها تباعا خلال الفترة القصيرة لاسيما ان السفراء كانوا بحاجة الى معلومات توفرت لديهم.
وقالت المصادر ان سفراء اعضاء المجموعة اكدوا الوقوف الى جانب لبنان في الوقت الذي ظهر في كلام ان كل الدول تخلت عن لبنان واجتماع امس جاء ليدحض كل هذا الكلام ويؤكد اهتمام الدول بلبنان. وعلم ان العرض المالي والاقتصادي الذي قدم كان صريحا وواضحا بالارقام وهو ما ينطبق على الخطة التي وضعتها الحكومة للتفاوض مع حاملي سندات اليوروبوند والمرحلة المقبلة لجهة كيفية مواجهة الوضع الاقتصادي والاجراءات التي تتخذ وهذا الامر كان محط اهتمام السفراء لأنه بحدد مسيرة الخطة الاقتصادية التي تعتمد.
وشدد السفراء وفق المصادر على موضوع الاصلاحات فيما اكد الجانب اللبناني ان الاصلاحات ستتم في موعدها وهي في الاصل قطعت شوطا بعيدافي التحضير لها.
ولفتت المصادر الى ان موضوع الاصلاحات يشكل محور اهتمامهم كما ان موضوع سيدر لا يزال حيا خلافا لكلام قيل عن ان مقررات سيدر ماتت وهناك التزام من المشاريع وكان قد طلب إعداد 18 مشروعاً لتصبح جاهزة كمرحلة اولى للبدء البحث في التمويل.
وقالت مصادر رسمية واكبت الاجتماع ان الاجتماع بحد ذاته مهم كونه يعقد على هذا المستوى بحضور الرئيسين والوزراء المعنيين وسفراء الدول الخمس الكبرى وقد كانت استعدادات الدول بالاجماع طيبة وكان التجاوب تاماً لمساعدة لبنان، لكن هذه الدول تعاني ايضاً من اعباء تفشي كورنا، ومع ذلك فقد ابدى السفراء الاستعداد لدعم لبنان بالنواحي الاقتصادية والمالية والاجتماعية، واولاً بمواجهة الوباء عبر تجهيزات ومعدات طبية، وبرز بالاخص موقف السفير الصيني الجدي في هذا المجال والقدرة على تلبية حاجات لبنان، كذلك برز الموقف الاميركي بمواصلة دعم الجيش، فيما ابدى ممثل الامم المتحدة الاستعداد لتلبية ما يمكن عبر الوكالات الدولية المرتبطة بالامم المتحدة او التابعة لها. وكذلك ابدى ممثل البنك الدولي كل الاستعداد لدعم لبنان. لا سيما ان ازمة كورنا واكبت الازمة الاقتصادية وفاقمتها.
مجلس الوزراء
وستحضر النتائج امام جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير اليوم برئاسة الرئيس دياب فضلاً عن مجريات مواجهة فايروس كورونا، وعودة الدفعة الاولى من المغتربين فضلاً عن الخطة الاقتصادية، والتعيينات في المراكز المالية.
واعتبرت وزيرة العدل ماري كلود نجم ان مجلس القضاء الاعلى معين من سلطة سياسية، مؤكداً على التعاون بين وزارة العدل والمجلس، مشيرة إلى انه كان هناك نوع من المحاصصة في مشروع التشكيلات القضائية.
وقالت انه سيحتل «مشروع التشكيلات القضائية مع تكرار تحفظاتي على المشروع، وكنت اتمنى ان تأخذ هذه الملاحظات منحى أبعد وأسأل هنا أين الثورة من هذا الامر»؟.
وقالت: «الحكومة تصدت للمحاصصة السياسية التقليدية في التعيينات المالية، ونسعى لملء الفراغ بأسرع وقت ممكن على أساس الكفاءة والجدارة».
قطاع الاتصالات مجدداً
وعلى خط آخر، برزت مجدداً قضية الحلول لإنتهاء مدة شركتي تشغيل قطاع الخلوي، من خلال الاجتماع الذي عقد امس، بين وزيرالاتصالات طلال حواط ورئيس لجنة الاعلام والاتصالات النيابية الدكتور حسين الحاج حسن، حيث جرى البحث في مشكلات القطاع والحول القانونية والادارية والحلول الممكنة له.
وقد قال الوزير حواط لـ«اللواء»: ما زلنا نناقش في جميع الحلول القانونية الانسب للحفاظ على القطاع، وايضاً الحفاظ على جميع حقوق الموظفين المستحقة. والحلول موجودة ان شاء الله.
وحول عدم تقاضي موظفي شركة «الفا» رواتبهم خلافا لشركة «تاتش» التي دفعتها الشركة الكويتية المشغلة زين؟ قال حواط: اكيد الحل سيكون سريعاً وفي غضون ايام قليلة.
اما الحاج حسن فأوضح لـ«اللواء» ان ما يتم الان في ادارة القطاع مخالف للقانون بعد انتهاء عقدي التشغيل مع اوراسكوم وزين، وانه لا بد من ايجاد الحل القانوني لتسيير القطاع، ان رأي الكتل النيابية يتراوح بين متمسك ببقاء القطاع في ملكة الدولة وبين مطالب بخصخصته وبين مطالب بالتشركة بين القطاعين العام والخاص. وقال: انه لا بد للحكومة من اتخاذ القرار المناسب قريباً.
زعزعة الثقة
نار عونية على الميدل ايست؟
لكن المعيب، وفقا لمصادر سياسية معنية، حرص التيار الوطني الحر على تفجير سجال كلامي سياسي مع الفريق الممسك بإدارات ناجحة في الدولة، مثل شركة طيران الشرق الأوسط (الميدل ايست) ورئيس مجلس ادارتها محمّد الحوت، مما يضعف الثقة الدولية بطلب المساعدات والدعم، ويعيق الجهود المبذولة لمواجهة الازمات المتراكمة.
فما ان أنهى الحوت مؤتمره الصحفي، حتى سارعت لجنة تسمى «مكافحة الفساد» في التيار إلى دعوة النيابات العامة لفتح تحقيق مالي واداري ورفع السرية المصرفية عن الحسابات المالية العائدة للشركة ولمحمد الحوت وأفراد عائلته والشركات المرتبطة به وبأفراد عائلته وكشف كافة أسماء المستفيدين من تقديمات الشركة والشركات المرتبطة بها.
وردت هيئة شؤون الإعلام في تيار «المستقبل»، على البيان العوني، واضعة اياه في سياق نكايات لا قيمة لها، وتساوي صفراً مكعباً، امام صلابة مؤسسة لم تلتفت يوما إلى المهووسين بـ «حروب الالغاء»، بقدر ما تلتفت إلى فخر كل اللبنانيين بتحليق الارزة في كل أصقاع العالم، وتحقيق الارباح وتأمين الاستمرارية في اصعب الظروف، كما هي الحال اليوم بتصديها لهذه الازمة الوطنية، بإجراءات يشهد لها القاصي والداني بالجدارة.منوهة «بالمؤتمر الصحفي للحوت حيث وضع النقاط على حروف الحملات المشبوهة إلى ردها إلى أصحابها بالحقائق والارقام والوقائع».. متهمة التيار الوطني الحر بأنه لم «يترك مؤسسة ناجحة الا ويرميها بسهام التجني».
وكان الحوت، عقد مؤتمراً صحفياً، في قاعة cedar hall في مبنى الإدارة العامة للشركة واضعاً النقاط على الحروف ورد على بعض الحملات من قبل عدد من السياسيين وبعض وسائل الإعلام، ولا سيما في ظل الإجراءات والتدابير التي واكبت عملية بدء اجلاء المغتربين والطلاب اللبنانيين من عدة دول في الخارج واعادتهم الى لبنان في ظل المخاطر الصحية الناجمة عن فيروس كورونا وعملية الاخذ والرد المتعلقة بأسعار تذاكر السفر في هذه الظروف خاصة لغير المقتدرين منهم لدفع ثمن تلك التذاكر في ضوء الضائقة الاقتصادية وعدم تأمين السيولة لهم، مع الإشارة الى أن الميدل إيست، وكما أوضح الحوت في مؤتمره الصحفي، قررت حسم ٥٠ بالمئة للطلاب غير المقتدرين مع امكانية دفع ثمن تذاكر السفر لهؤلاء الطلاب بالعملة اللبنانية في لبنان من قبل ذويهم اضافة الى تحمّل الميدل ايست دفع نفقات الليلة الاولى في الفنادق للعائدين من الخارج خلال الحجر الصحي لهم، وايضاً تحمّل الشركة اعباء اجراء فحص PCR بعد وصولهم الى لبنان، كما رد الحوت بالوقت عينه على بعض المهاترات التي كانت موجهة ضده شخصياً او ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه كون المصرف هو المساهم الاكبر في الشركة ويملك ما نسبته ٩٩ بالمئة من اسهمها.
وأكد على اولوية وضرورة المحافظة عليهم، مشيراً الى أن شركة طيران الشرق الاوسط هي شركة تجارية وليست ملكاً للدولة، مؤكداً ان الميدل ايست كانت دائماً وفي ادق وأخطر الظروف والحروب التي واجهت لبنان الى جانب اللبنانيين جميعاً ولا سيما في دول الاغتراب، وأن مسيرتها الوطنية ستستمر من دون تردد مع الاخذ بعين الاعتبار ان ما سيتبع مرحلة انتهاء فيروس كورونا لن يكون كما قبلها، مبدياً كل الاستعدادات للإبقاء على وضع الخطط والبرامج وآليات العمل المدروسة لعدم الوقوع في المحظور لا سمح الله للمحافظة على كل الإنجازات التي حققتها الميدل ايست حتى الآن، والتي تطمح الى تحقيق المزيد منها بالمستقبل بعد انتفاء آثار فيروس كورونا في لبنان والعالم، وهذا ما اعتبره الحوت المؤشر الذي يحدد مسار المرحلة المقبلة لهذه الشركة الوطنية.
تجربة ناقصة: مفرد- مزدوج
واثبتت صرخات المواطنين والصفوف الطويلة في الشوارع سواء في بيروت، أو على الطرقات الدولية التي تربط العاصمة بالمحافظات، بأن قرار وزير الداخلية محمّد فهمي بوضع آلية لتسيير السيارات وفقا للنمر المفردة والمزدوجة.
وبصرف النظر عن نية الوزير التي ترمي إلى تخفيف الازدحام في الشوارع، تلبية لقرار التعبئة العامة، كان الازدحام بارزاً، ومعيقاً لحركة المواطنين، فضلاً عن تسطير محاضر ضبط بالمواطنين الذين قضت الضرورة خروجهم بسياراتهم ذات النمر المزدوجة، ما فاقم معاناة المواطنين، الامر الذي سيكون على جدول اللقاء التقييمي، بين الرئيس دياب والوزير فهمي، قبل جلسة مجلس الوزراء اليوم.
الدفعة الثانية
واليوم، المرحلة الثانية من إعادة المغتربين أو اللبنانيين الراغبين في العودة، ضمن أربعة رحلات:
1 – الاولى من باريس، وتصل من باريس عند الخامسة و25 دقيقة بعد الظهر.
2 – الثانية من اسطنبول، وتصل عند الساعة السابعة مساء.
3 – الثالثة من مدريد وتصل عند الثامنة وربع مساء، وعلى متنها 114 راكباً.
4 – الرابعة من كنشاسا، وتصل عند الحادية عشرة والربع، وعلى متنها 116 راكباً.
ووفقاً لاعلانات وزارة الصحة فإن عدم تسجيل أية إصابة بالفايروس بين العائدين، من شأنه ان يُشجّع على استكمال المهمة، لا سيما لجهة المعاينات والفحوصات قبل الصعود إلى الطائرة، وبعد الوصول إلى المطار وصولاً إلى الحجر الصحي لمدة أسبوعين كاملين.
وأعلنت إدارة سلسلة فنادق لانكاستر في بيان وقف استقبال المغتربين، وذلك، اثر تعرض أحد موظفيها للاعتداء السافر وسوء المعاملة، أثناء قيامه بواجبه التزاماً بتوجيهات الإدارة التابعة من احساسها بالمسؤولية تجاه عودة المغتربين.
التقرير اليومي
وعلى هذا الصعيد،أعلنت وزارة الصحة أنه حتى تاريخ 6/4/2020 بلغ عدد الحالات المثبتة مخبرياً في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة بالإضافة إلى المختبرات الخاصة 541 حالة بزيادة 14 حالة عن يوم امس الأول، علما ان عدد الفحوصات التي أجريت في الساعات الاربع والعشرين الماضية بلغ 242 فحصا (دون احتساب الفحوصات التي اجريت للمغتربين ) وتم تسجيل حالة وفاة جديدة بالفيروس، ليصبح عدد الوفيات حتى تاريخه 19 وفاة.
وبالنسبة للمغتربين لم يتم تسجيل إصابات حتى تاريخه وعدد الفحوصات التي أجريت لهم بلغ 164 فحصا.
وأصدر مستشفى الحريري الجامعي التقرير اليومي عن آخر المستجدات حول فيروس كورونا، وفيه:
– وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبريا إصابتها بفيروس الكورونا والموجودة حالياً في منطقة العزل الصحي في المستشفى إلى 30 إصابة.
– تم استقبال 15 حالة مشتبه في إصابتها بفيروس الكورونا نقلت من مستشفيات أخرى.
– تماثلت 5 إصابات بفيروس كورونا للشفاء بعدما جاءت نتيحة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كلّ أعراض المرض.
– بلغ مجموع الحالات التي شفيت تماماً من فيروس الكورونا منذ البداية 60 حالة شفاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
الحكومة تصرّ على «اقتصاد الريع»! خطة إنقاذية من دون زراعة وصناعة
حزب الله «يتحرّر» من الحريري: افعل ما شئت!
غُيّب وزيرا الصناعة عماد حب الله والزراعة عبّاس مرتضى عن المشاركة في وضع «خطة الإنقاذ الاقتصادية» على الرغم من أن الخطّة عنوانها الاقتصاد المنتج. مفارقة، لا يفهمها إلّا متتبّع «عشاق صندوق النقد الدولي» في لبنان
بعد طول انتظار، قرّرت حكومة الرئيس حسّان دياب مناقشة ما سمّته «خطّة الإنقاذ الاقتصادية» في جلستها اليوم في السراي الكبير، بعدما وعد رئيس الحكومة، وقبْله رئيس الجمهورية ميشال عون، اللبنانيين، بالعمل على نقل «الاقتصاد» اللبناني إلى الاقتصاد المنتج.
وهذه الخطّة، كما هو متوقّع أو مطلوب لإنقاذ البلاد، تمثّل واحدة من الفرص القليلة لعمليّة تغيير فعلية في اقتصاد لبنان، الذي قام منذ نشأته على «الخدمات» بكل ما تحوي من أصناف، وتحويله إلى اقتصاد يرعى الانتاج الزراعي والصناعي لتقليص الاتكال على الخارج، الذي لم يعد متاحاً أصلاً، مع تراجع موجودات لبنان من القطع الأجنبي وتراجع الاستهلاك وأزمة التصنيع التي بدأت تعصف بالعالم من جراء كورونا.
إلّا أن ما حصل في الأيام الماضية في أروقة السراي الحكومي بشأن «خطة الإنقاذ» لا ينبئ بالخير، ولا يعطي أملاً بأن الحكومة الحالية تسعى لإحداث أي تغيير عن سابقاتها. فبحسب المعلومات، كان من المفترض أن تؤلف الحكومة لجنة وزارية واسعة تتشارك في وضع خطة إنقاذية فعلية للبنان، بحضور الوزراء المعنيين، لا سيّما وزيري الزراعة عبّاس مرتضى والصناعة عماد حب الله، اللذين من المفترض أن حقيبتيهما هما أبرز حقيبتين معنيتين بالخطّة المنشودة. لكنّ حتى يوم أمس، لم يكن مرتضى أو حبّ الله جزءاً من الخطّة الحكومية التي أُعلن أنها ستناقش اليوم، بل اكتفى رئيس الحكومة بعقد اجتماعات مع نائبته وزيرة الدفاع زينة عدرا ووزير المال غازي وزني ووزير الاقتصاد راوول نعمة ووزير البيئة دميانوس قطّار. فعلى أي أساس تقوم خطّة إنقاذ اقتصادية لا يشارك فيها المعنيون ويقتصر فريق العمل على فريق محدد من الوزارات والأشخاص، كما على المستشارين المعجبين بنظريات صندوق النقد الدولي ومؤيديها، بما لا يمكن أن ينتج إلّا خطّة مشابهة لخطط العقود الماضية؟
ولدى معرفة الوزيرين، حب الله ومرتضى واحتجاجهما على الأمر لدى رئيس الحكومة، تقرّر أن ينعقد اجتماعٌ اليوم في السراي يحضره الوزيران واللجنة الوزارية التي صاغت الخطّة الأولى، قبل جلسة مجلس الوزراء. وكأن إعداد خطّة عمادها الصناعة والزراعة يُحلّ بفنجان قهوة في اجتماع صباحي مستعجل قبل جلسة حكومة تحمل طابع «المصيرية»!
حال قطاع الاتصالات ليس أفضل، مع إصرار الوزير طلال حوّاط على الحفاظ على تراث أسلافه وإبقاء شركتي الخلوي من دون تغيير أو استرداد للقطاع. واجتمع أمس رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية حسين الحاج الحسن مع حواط، للبحث في موضوع استعادة الدولة لإدارة قطاع الاتصالات وتشغيله، بعد المعلومات عن اتخاذ حواط قراراً بالتجديد لشركتَي «أوراسكوم» و«زين» المُشغلتين لـ«ميك 1 – ألفا» و«ميك 2 – تاتش»، رغم عدم قانونية الخطوة. وحواط حسم توجّهه بطرح الموضوع على مجلس الوزراء، أملاً بالحصول على موافقة بقية الوزراء، لا سيّما مع الحديث عن تأمينه موافقة سياسية من عددٍ من القوى السياسية المؤثرة. وكان حواط قد قدّم الأسبوع الماضي «الخطة المستقبلية» للقطاع إلى رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، والتي نشرت «الأخبار» أنّه شاركت في وضعها شركةَ «زين»، مُمثلة بالرئيس التنفيذي لشركة «تاتش» أيمري غوركان. هي الإشارة الثانية إلى وجود «اتفاق» بين حواط ونائب رئيس مجلس إدارة «زين» ورئيسها التنفيذي بدر الخرافي. ولا يُمكن اعتبار إصرار حواط على التجديد للشركتين مُنفصلاً عن علاقته بأحد طرَفي العقد.
بعد الاجتماع، تحدّث الحاج حسن إلى قناة «المنار»، مؤكداً أنّه لا يوجد أي فريق سياسي «مع التمديد للشركتين». وقال إنّ رأي اللجنة أنّه لا خيار أمام الدولة، ممثلة بوزارة الاتصالات، غير تسلم القطاع وإدارته «بانتظار إعداد دفتر شروط لإطلاق مناقصة»، طارحاً قضية «موظفي «ألفا» الذين لا يقبضون رواتبهم، ووجود موردين مثل باعة المازوت لمحطات شركة «ألفا» لا يقبضون مستحقاتهم، وأموال الدولة التي لا تُحوّل إلى الخزينة. وأكّدنا ضرورة المعالجة في أسرع وقت ممكن». في المقابل، أشار الحاج حسن إلى أنّه «لم أسمع من الوزير أنّه يريد التمديد، هو شرح المعوقات، وتناقشنا بالعمق في كلّ القضايا».
بعيداً عن الكلام العلني، تُفيد معلومات «الأخبار» بأنّ اللقاء «لم يكن إيجابياً»، فوزير الاتصالات «لم يكن واضحاً في طرح الملفّ»، وهو ما أجّج الشكوك في وجود «ضغوط خارجية» تُمارس عليه للسير بالتمديد. حججه هي نفسها: عدم القدرة على استعادة الإدارة في ظلّ أزمة «كورونا»، ووجود رواتب وتحويلات يجب أن تتمّ. فأداة الضغط الجديدة حالياً هي باستغلال حاجات الموظفين والموردين إلى السيولة، علماً بأنّه بحسب خبراء اتصالات «تستطيع الشركتين، أو وزارة الاتصالات، أن تُراسل مصرفَي عودة (تتعامل معه «ميك 2») وفرنسا بنك (تتعامل معه «ميك 1»)، وتطلب في ظلّ الظروف الاستثنائية صرف المبالغ اللازمة. معروفٌ أين ستذهب هذه الأموال، كما أنّ هذا الإجراء عُمل به سابقاً حين كان ينتهي عقد الإدارة ويتأخّر التمديد».
حزب الله «يتحرّر» من الحريري: افعل ما شئت!
تحرّر حزب الله من مخاوِف كثيرة حكَمت علاقته برئيس الحكومة السابق سعد الحريري. لو هدّد الأخير بانسحابه من مجلس النواب قبلَ أشهر لكان الحزب قد سعى جاهداً لمنعه. لكن حارة حريك هذه المرة تعاطت ببرودة. التوقيت والظرف لعبا دوراً في ذلك، إضافة إلى تجربة حسان دياب «باعتبارها نموذجاً أفضل من الحكومة السابقة» (مقال ميسم رزق).
قبَل أشهُر من اليوم، كانَ لسعد الحريري «لبنْ العصفور»، لو أرادَه، بِشرط البقاء في رئاسة الحكومة. آنذاك كانَت حكومتَه خطّاً أحمر لا يُفرَّط بِه. التوقيت والظرف اقتضيا ذلك: بلاد على حافة الانهيار المالي، تحتَها برميل من البارود الشعبي. من أجلِ ذلِك «جرّب» الرئيس نبيه بري معه كثيراً، وكادَ «ينشَف» لسان المسؤولين في حزب الله، وهم يُحاولون ثنيَه عن الاستقالة. أما هوَ، فاستساغَ فكرة العارِف بمقامِه وتدلّلا، مُحاولاً تكريس لعبة أنه حاجة للجميع ولا بديل منه، بالضرب على الوتر الطائفي والصراع على الصلاحيات، إلى أن أتت ساعة استقالته. وقعَ في شرّ رهاناتِه وصارَ خارجَ الحُكم.
من طبائع الحريري، الشخصانية، أنه يلجأ دائماً إلى ردود فِعل انفعالية، ظناً منه بأنه سيجني منها شيئاً، غيرَ أنه وجدَ الحسابات هذه المرة مُختلفة. حينَ طُرِح ملف التعيينات المالية، وشعرَ بأن جماعته قاب قوسين من توديع مناصبهم، جنّ جنونه. تواصلَ مع عين التينة التي «سايرته» بداية، قبلَ أن يطلِق «تهديده» بالاستقالة من مجلس النواب. تهديدٌ لم تقابله عين التينة وحدها بالبرودة، بل حارة حريك أيضاً، إذ جاء الجواب «افعَل ما بدا لك»!
ليسَ لأحد أن يتوهّم أن الحريري سقطَ نهائياً من المُعادلة. لا يزال هو رئيس لتيار سياسي تتجاوز حيثيته الشعبية باقي المكونات السياسية داخل الطائفة السنية، فضلاً عن رمزية كونه ابن رفيق الحريري. لكن عصر الدلال انتهى، والفترة الانتقالية بين استقالة الحريري وتأليف حكومة حسان دياب، وصولاً إلى اليوم، مثّلت مرحلة عميقة لحزب الله حررته، ولو جزئياً، من مخاوِف مُسبقة تمكّنت منه في علاقته مع الحريري، أبرزها التوتير المذهبي. كما أن تجربة دياب في الحكم – ولو أنها ليسَت مثالية – لكنها في نظر حزب الله أفضل من تجربة حكومة الحريري الأخيرة، التي جاء ضرر استقالتها نافعاً. حتى إن أوساط فريق ٨ آذار تؤكد رغبة الحزب في بقاء حكومة دياب «حتى آخر ساعة من العهد». فما الذي تبدّل تجاه الحريري؟
لا أسباب تتعلّق بشخص الحريري نفسه، بل هي وليدة الظروف التي تبدّلت. حينَ كانَ حزب الله مُتمسكاً به، فعلَ ذلكِ انطلاقاً من عواملِ عديدة: أوّلها، الحفاظ على حكومة الوفاق الوطني التي كانَت قائمة، والإصرار على بقاء كل مكوّنات شريكة في القرار. وثانيها، واقِع الحريري الذي يقول إنه الأكثَر تمثيلاً في طائفتِه، والجهة التي تحظى بعلاقة مع الجميع في الداخل وفي الإقليم والعالم. أما العامِل الأهم، فكانَ التخوف من فراغ في الحكم خلال انتفاضة 17 تشرين، ولا سيما أن التفلّت الأمني كانَ بإمكانِه أن يودي بالبلاد إلى ما لا تُحمد عقباه، في موازاة دور سلبي مارسته المؤسسة العسكرية في البداية.
أما اليوم فالأمور مُختلفة. أزيلَت هذه المخاوف عن ظهر الحزب نوعاً ما. تألفت الحكومة، وتبدّل أداء الجيش، ولم يعد للحريري القدرة التي كانت له سابقاً على التحشيد المذهبي، ولو ان هذه القدرة لم تنتفِ تماماً. وترى المصادر أن أولوية الناس اليوم، من جميع الطوائف، هي الخروج من الازمة الاقتصادية الراهنة، لا الدفاع عن مكتسبات طائفية ومذهبية ثبت أنها لا تقدم ولا تؤخر في تحسين شروط العيش في البلد. وما تقدّم لا يعني أن اللبنانيين تخلوا عن انتماءاتهم المذهبية، إلا أنهم باتوا أقل انسياقاً خلف شعارات تبيّن أنها «لا تُطعِم خبزاً»، بالمعنى الحرفي للعبارة. كذلك فإن ما تغيّر هو أن لبنان دخل مرحلة الانهيار الاقتصادي، وباتت الأولوية، في نظر الحزب، للإنقاذ. والتعويل هو على القادرين على إخراج البلد من أزمته، لا على المنسحبين من «المعركة» إرضاءً للأميركيين وغيرهم من الذين يسهمون في انهياره.
هذه الحكومة، في نظر قوى رئيسية في 8 آذار، «لن يُسمَح لأحد بتفجيرها تحتَ أي ظرف من الظروف»، لأن لا بديل منها، «لا الحريري ولا غيره»، ولأن «إدارتها في المرحلة السابقة يُمكن التعويل عليها». تقول مصادر 8 آذار إن عناصر القوة لهذه الحكومة هي في «عدم وجود بديل، وأن الحريري لن يكون بمقدوره العودة بعدَ أن استقال إرضاءً لمطالب الخارج بكسر الاتفاق مع حزب الله والتيار الوطني الحر»، مشيرة إلى أنه «لا أحد يُسقِط حكومة حسان دياب، إلا هو نفسه في ما لو قرّر الاستقالة»، ما يعني إغلاق الباب أمام الفراغ نهائياً. أما تجربة دياب في السلطة، وإن كانَ من المُبكِر الحكم عليها سلباً أو إيجاباً، «لكنها حتى الآن أثبتت بالتجربة أنها أكثر مسؤولية من إدارة الحريري». هذا ما يجعلها في نظر قوى 8 آذار «أهلاً للرعاية والدعم بمعزل عن التهويلات التي يسوقها الحريري، والتي ما عادَت اليوم تنفعَ في الابتزاز والحصول على تنازلات سياسية».