البناء
حكومة نتنياهو تواجه غضب «إسرائيل»: 300 ألف في تل أبيب نحو إضراب مفتوح
المقاومة تفاجئ الاحتلال بالعمليات النوعية في الضفة الغربية… وتعد بالاستشهادية
بري في ذكرى تغييب الإمام الصدر: إذا سقطت غزة سقطت الأمة… ووقع التقسيم
في مناخ تراكم الفشل على الفشل في سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، انفجر الشارع في الكيان بوجه الحكومة، بحيث يمكن القول منذ اليوم إن «غضب إسرائيل» يواجه نتنياهو هذه المرّة، ذلك أن الإضراب العام الذي أعلنه اتحاد العمال «الهستدروت» وأيّدته مئات النقابات والهيئات الأهلية والبلديات، قابل للتحوّل الى إضراب مفتوح وهو خطوة نحوه ما لم يؤتِ ثماره بقبول الحكومة إنجاح مسار التفاوض والتوصل الى صفقة تعيد الأسرى من غزة قبل أن يعودوا جثثاً، كما عاد ستة من الأسرى من غزة، وفشلت رواية الحكومة والجيش في إقناع الرأي العام في الكيان أنّهم قتلوا من قبل حركة حماس، التي قالت إنهم قتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي الذي يستهدف القطاع بلا توقف وبلا رحمة، ويستخدم أشدّ الأسلحة فتكاً وتسبباً بالدمار.
كان واضحاً أن المشهد يدخل منعطفاً كبيراً مع تزامن عودة جثث الأسرى الى الكيان مع الفشل في منازلة الردع مع حزب الله، بعد استهداف المقاومة اللبنانية مقر الوحدة 8200، وبعد العمليات التصاعدية التي بدأت في الضفة الغربية رداً على الحرب التي أعلنتها حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال على الضفة الغربية، وتبلورت صورة مشروع الحرب كعمل مكلف لكن بلا أفق، وشعرت القيادات النقابية والسياسية أن الكيان ذاهب للانهيار ما لم يمسك أحد بيد نتنياهو ويأخذه رغماً عنه الى الاتفاق في غزة، ولم يكن غير الشارع قادراً على فعل ذلك، فخرج ثلاثمئة ألف من هذا الشارع يدعون لصفقة تُخرج الأسرى وتنهي الحرب فوراً.
في الضفة الغربية معارك ضارية يخوضها المقاومون في مدينة جنين، وخصوصاً في مخيمها، حيث سقط قتلى وجرحى لجيش الاحتلال، لكن المفاجأة التي أصابت الكيان كله بالذهول كانت عملية ترقوميا شمال الخليل حيث قتلت المقاومة ثلاثة جنود كانوا في سيارة وتلقوا إحدى عشرة رصاصة من سيارة، قال جيش الاحتلال إن مقاوماً كان يقودها بينما تولى المقاوم الآخر فتح النار وقتل الثلاثة.
قوى المقاومة في الضفة الغربية قالت إنها أعادت ترتيب صفوفها بما يتناسب مع فرضية طول أمد المواجهات لأسابيع وشهور، احتمال اتساع رقعة المواجهات لتشمل مدناً ومخيمات جديدة، ودخول المستوطنين على الخط بالاعتداء على مدن ومخيمات الضفة الغربية بصورة تستنفر الفلسطينيين لتوسيع المشاركة في المواجهة.
لبنانياً، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة الى اللبنانيين والعرب بمناسبة ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، قال فيها إن سقوط غزة هو سقوط للأمة، وفتح الطريق أمام مشاريع التقسيم.
وجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، في كلمته بمناسبة الذكرى 46 لتغييب الإمام السيد موسى الصدر التأكيد على «التزامنا ببنود ومندرجات القرار الأمميّ رقم 1701 وتطبيقه حرفياً، وللإشارة هنا أن كلّ الموفدين الدوليّين والأمميّين ومنذ اللحظات الأولى لصدور هذا القرار، يشهدون أن منطقة عمل قوات الطوارئ الدوليّة منذ عام 2006 وحتى السادس من تشرين الأول 2023 كانت المنطقة الأكثر استقراراً في الشرق الأوسط».
ولفت الرئيس بري إلى أن «الطرف الوحيد المطلوب إلزامه بهذا القرار هو «إسرائيل» التي سجلت رقماً قياسياً بانتهاك كل القرارات الأممية ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي ومن بينها القرار 1701 الذي خرقته «إسرائيل» براً وبحراً وجواً بأكثر من 30 الف مرة».
ودعا بري «الحكومة لا سيما الوزارات المختصة الى وجوب مغادرة مساحة الاستعراضات الإعلامية باتجاه إعداد الخطط والبرامج الطارئة والحضور اليومي في مراكز الإيواء، وتأمين أبسط المستلزمات التي تحفظ للنازحين كرامتهم وعيشهم الكريم. إن الذي يحصل في الجنوب أبداً ليس حوادث كما يحلو للبعض ويدعو هذا البعض أيضاً الحكومة الى التبرؤ مما يحصل، إن ما يتعرّض له لبنان من بوابة الجنوب هو عدوان إسرائيلي مكتمل الأركان، وما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفريقه الحكومي هو واجب الوجوب وبمنتهى الصراحة والوضوح ولبعض الواهمين والمراهنين على متغيّرات يمكن ان تفرض نفسها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي نقول لهؤلاء: اتقوا الله».
وفي الملف الرئاسي، أكّد بري بـ»اسم الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله أن هذا الاستحقاق هو استحقاق دستوري داخلي لا علاقة له بالوقائع المتصلة بالعدوان الإسرائيلي سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، بل العكس كّنا أول من دعا في جلسة تجديد المطبخ التشريعي وأمام رؤساء اللجان إلى وجوب أن تبادر كافة الجهات السياسية والبرلمانية الى التقاط اللحظة الراهنة التي تمر بها المنطقة من أجل المسارعة الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأقصى سرعة ممكنة تحت سقف الدستور وبالتشاور بين الجميع دون إملاء أو وضع فيتو على أحد».
وقال: «اليوم نعود ونؤكد على ما طرحناه في 31 آب من العام الماضي في مثل هذا اليوم ، هو لا زال دعوة مفتوحة للحوار أو التشاور، لأيام معدودة تليها دورات متتالية بنصاب دستوري دون إفقاده من أي جانب كان. تعالوا غداً إلى التشاور تحت سقف البرلمان، وصولاً الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان واللبنانيون في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه».
ولفتت أوساط سياسية في الثنائي حركة امل وحزب الله لـ «البناء» إلى أن الرئيس بري أعاد إحياء مبادرته الحوارية كأحد الحلول العملية المطروحة والوحيدة للخروج من الأزمة الرئاسية ووضع الكرة في ملعب أطراف المعارضة التي تتخذ من الدستور ذريعة لقطع الطريق على مبادرة بري وعرقلة انتخاب الرئيس لا سيما أن بعض هذه المعارضة تراهن على معطيات خارجية تتعلق بحرب غزة والمشاريع الإسرائيلية والحشود الأميركية في المنطقة لقلب موازين القوى في المنطقة، وبالتالي في لبنان. وتشير الأوساط الى ان الرئيس بري مستمر بطرحه الحواري وسيقرّر موعد الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس التي تعتبر في صلب صلاحياته الدستورية.
وكان بري استقبل اليوم في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة السفير السعودي وليد بخاري، وكان بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
وفي إطار ذلك علمت «البناء» أن اللجنة الخماسية الدولية من أجل لبنان ستستأنف اتصالاتها ولقاءاتها على الخط الرئاسي بعد عودة عدد من أعضائها من إجازاتهم الصيفية بموازاة لقاءات بين الفرنسيين والسعوديين في الرياض.
ميدانياً، واصل العدو عدوانه على لبنان اذ أعلن مركز عمليّات طوارئ الصّحة العامّة التّابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أنّ «الغارة الإسرائيليّة المعادية الّتي استهدفت بلدة بيت ياحون، أدّت إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح».
في المقابل، استهدف مجاهدو المقاومة التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى تدميرها.
وردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصًا بلدة رميش، استهدف مجاهدو المقاومة دورية للجيش الصهيوني قرب حاجز «كفريوفال» بالأسلحة المناسبة وحققوا إصابات مؤكدة فيها.
كذلك استهدفوا انتشارًا لجنود العدو في محيط موقع المرج بالأسلحة الصاروخية.
وفي وقت لاحق استهدف المجاهدون التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارون بِمحلقة هجومية انقضاضية أصابتها بشكلٍ مباشر مما أدى إلى تدميرها. كما استهدفوا موقعي جل العلام وراميا بقذائف المدفعية وأصابوا الموقعين إصابةً مباشرة.
واستهدف مجاهدو المقاومة أيضًا موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
وردّ مجاهدو المقاومة مرة أخرى على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، فاستهدفوا مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة بالأسلحة المناسبة وأصابوه إصابة مباشرة.
كما استهدفت المقاومة الإسلامية في إطار ردها على الاعتداءات الصهيونية مباني يستخدمها جنود العدو في مستعمرة «شتولا» بالأسلحة الصاروخية وأصابوها إصابة مباشرة.
ومساء امس قصف مجاهدو المقاومة تموضعًا لِكتيبة الاستخبارات 8200 التابع لِفرقة الجليل في ثكنة ميتات بِصليات صاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
اللواء
الحل «الجنوبي» يعود إلى الواجهة.. وهوكشتاين يحضِّر تفاهماً حول الـ1701
الخماسية تتحرك بعد لقاء لودريان – العلولا.. وجعجع يرفع سقف الاعتراض على حوار برِّي
حافظت التطورات الميدانية في الجنوب على وتيرتها، بالتناغم مع التطورات المتصاعدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتحوّل في الوضع داخل اسرائيل نفسه، بدعوة «الهستدروت» الى الاضراب العام، وشل البلاد، على وقع تظاهرات ضخمة في تل ابيب للمطالبة بالاذعان من قبل حكومة نتنياهو (ومنه شخصياً اي نتنياهو) والذهاب الى صفقة لتبادل الاسرى والمحتجزين، بدل العودة بتوابيت من غزة من جراء المعاندة والتأكيد على الاستمرار بالحرب، مع استمرار المآسي والمجازر وتهديد الوضع برمته في المنطقة بحرب واسعة لا تُبقي ولا تذر.
وسط هذه الصورة الدراماتيكية تحدثت معلومات دبلوماسية (اللواء ص 3) عن ان بعد ردّ حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر وبانتظار الرد الايراني الذي لن يشكل عائقاً امام المساعي الجارية للحل، فإن بوادر توحي بأن لغة الحل تتقدم على لغة الحرب.
وحسب المعلومات بأن «العدو الاسرائيلي منهك وقيادته العسكرية باتت تستجدي الحل رغم كل التهويل بتوسيع الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان».
واعتبرت مصادر المعلومات ان الفرصة متاحة للتفاهم على حل شامل بالنسبة للقرار 1701، بعد وقف العدوان الاسرائيلي على غزة.
وكشفت المعلومات التي نقلها الدبلوماسي بأن الحرب باتت قاب قوسين او ادنى من الانتهاء، وعلى الجميع التحضر لليوم التالي بعد وقف العدوان… واشارت المعلومات ذاتها الى ان لبنان تلقَّى رسالة بهذا الخصوص ، وكان قد سبق للقوى اللبنانية المعنية ان وضعت تصورها لكيفية تطبيق ١٧٠١، وقد تبلغ الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بالموقف اللبناني الرسمي، ومن المرجح ان يزور المنطقة مجددا خلال الشهر الجاري للتوصل لاتفاق نهائي حول القرار ١٧٠١، فيما اللجنة الخماسية تنشط في الكواليس للتوصل الى تفاهم بين اللبنانيين لانتخاب رئيس بحلول السنة الحالية على ابعد تقدير.
الملف الرئاسي
رئاسياً، يُجري الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الخميس في السعودية، مع الوزير في الديوان الملكي نزار العلولا مشاورات، وتردد ان السفير السعودي في بيروت وليد بخاري غادر (أو سيغادر) للمشاركة في الاجتماع.
وحسب المعلومات المتداولة، فإن الاجتماع الاول لسفراء اللجنة الخماسية سيعقد منتصف ايلول في دارة السفير السعودي بخاري.
وإذا جرت الأمور على هذا النحو، فإن شهر ايلول سيحسم مجرى الملف الرئاسي سلباً او إيجاباً واستغلال الفرصة التي قد تكون الاخيرة عبر مبادرة الرئيس برّي، ليتبين الى اين سيتجه لبنان، هل الى مزيد من التصعيد والمواجهات السياسية في الداخل، والعسكرية على الجبهة الجنوبية، ام الى تفاهمات ليست مستحيلة الآن على من سبق وتوافق عليه «المختلفون والخصوم» في البرلمان من القوى السياسية في ملفات سياسية وتشريعية كثيرة وحتى داخل الحكومة المختلف ايضاً على صلاحياتها ودورها! لكن يبدو ان المعارضة لازالت تتحصن وراء متراس رفض كل المبادرات إلّا مبادرتها التي لا تختلف في الجوهر عن مبادرة برّي كون عنوانها الاساسي هو الحوار او التشاور أيّاً كانت تقنيات وتفاصيل جلسات هذا الحوار.
المواقف: لا تقدم
على ان الموقف السياسي الداخلي بقي متأرجحاً بين الرفض والقبول للذهاب الى المجلس والمشروع بالحوار برئاسة الرئيس نبيه بري، وهو ما ابده رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وامتنع عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن نهاية الأسبوع شهدت مواقف وردود فعل محلية حول الملف الرئاسي أكدت المؤكد بشأن التباين حول مقاربة التشاور المطروح، على أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع رفع سقف المواجهة سواء في هذا الملف أو ملف الحرب، معربة عن اعتقادها أن ما سجل يوحي أن أي حراك لهذا الملف لن يجد له أي سبيل.
وأوضحت المصادر نفسها أن قوى الممانعة سترد على جعجع في عدد من النقاط التي أوردها.
واعاد الرئيس بري في كلمة له لمناسبة الذكرى الـ46 لاختفاء الامام السيد موسى الصدر التأكيد ان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق دستوري داخلي، مؤكدا على ما طرحه في 31 آب من العام الماضي من دعوة ما تزال مفتوحة للحوار والتشاور، لأيام معدودة يليها دورات متتالية بنص دستوري دون افقاده من اي طرف كان».
ودعا بري الى التشاور غداً تحت سقف البرلمان، وصولا الى رئيس وطني جامع يستحقه لبنان في هذه اللحظة الحرجة من تاريخه، مؤكدا ان لا علاقة للاستحقاق بالوقائع المتصلة بالعدو الاسرائيلي سواء في غزة او الجنوب اللبناني.
وفي الشق الجنوب اكد بري التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الاممي 1701 وتطبيقه حرفيا.
وفي قضية الامام الصدر ورفيقيه اكد ان لا تسوية الا بعودتهم وكشف كل ما يكتنف الجريمة منذ 46 عاما من غموض.
جعجع: القرار في بعبدا
وطالب جعجع في الملف الرئاسي بالذهاب لانتخاب رئيس للجمهوري وفقا للدستور، وبعدها ندعو الى طاولة حوار في قصر بعبدا حيث يتركز النقاش على عنوان «أي لبنان نريد».
وقال جعجع في القداس الاحتفالي في ذكرى شهداء «المقاومة اللبنانية» في معراب: ان انتخاب رئيس جمهورية يجب الا يكون مكان مساومة، وعلى الرئيس نبيه بري ان يدعو الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، حتى التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية وليفُز من يفز، مؤكدا ان الطريق الى قصر بعبدا لا تمرُّ في حارة حريك، والدخول اليه لا يكون من بوابة عين التينة، ووفق شروطها. فهذه الطريق تمرُّ فقط من ساحة النجمة، ومن خلال صندوق الاقتراع.
وفي موضوع الحوار، اعتبر جعجع انهم عندما يعجزون عن فرض مرشحهم، والرئيس الذي يريدون يطرحون الحوار للتحايل على الواقع، وليحققوا عن طريقه ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق القواعد والآليات الدستورية والديمقراطية.
وقال: في اليوم التالي للحرب يجب ان يكون يوما لاعادة النظر بكل شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته.
وتوجه الى حزب الله بالقول: سلاحك لا يحمي الطائفة الشيعية، كما ان اي سلاح لا يحمي طائفته في لبنان، وإن كان هناك من حماية فهي حتما في كنف الدولة،واصفاً حرب الاسناد بالعبثية، والتي يجب ان تتوقف، لان لا افق لها.
الوضع الميداني
ميدانياً، رفعت قوات الاحتلال من وتيرة هجماتها الجوية، فاستهدفت بيت ليف، حيث سقط شهيد، وبيت ياحون، الطيبة، وعديسة، وسجلت بعض الاصابات، كما شنت اكثر من غارة على نقاط محددة في كفركلا.
من جانبها، اعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المنارة.
وكانت المقاومة اعلنت عن استهداف التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارون بمحلّقة هجومية انقضاضية. ثم استهدفت موقع راميا وموقع السماق في تلال كفرشوبا.
الأخبار
وقائع من يوميات جبهة الإسناد | قيود غير مسبوقة: كيف تتصرف المقاومة وكيف يتكيّف العدو؟
أخبار الجنوب عادية. لا شيء مختلفٌ عن السائد. عمليات كلاسيكية. إسرائيل تقصف وتنفّذ غارات، وحزب الله ينفّذ عمليات إطلاق قذائف وصواريخ على المواقع، وتنقضّ مُسيّراته الانتحارية على نقاط غير مرئية. لكن، من الواضح أن الأضرار كبيرة على جانبي الحدود. وتشير الحقائق إلى أن الخسائر البشرية في الجانب اللبناني أكبر بكثير منها في جانب العدو.خلاصة يقدّمها مراسلون صحافيون يعملون في المنطقة الحدودية، وما يمكن سماعه من سياسيين مؤيدين أو معارضين لجبهة الإسناد. وقد يكون ممكناً لبعض الخبراء العسكريين إضافة ملاحظات مهنية على مجريات الميدان.
لكنّ السؤال الذي لا جواب عليه عند كل هؤلاء هو: أي حرب تحصل اليوم على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة؟
ما لا يلاحظه جميع المراسلين في المنطقة، ولا تهتم لأمره غالبية السياسيين، ويصعب على الخبراء العسكريين تقبّله بسهولة، هو أن الحرب على جبهتنا تحوّلت، مع الوقت، إلى مختبر غير مسبوق للجانبين، لجهة التعامل الإلزامي، وغير المخطّط له، مع مجريات ميدانية تفرض تكتيكات مبتكرة، كما تفرض شكلاً مختلفاً من الأسلحة وطريقة استخدامها. وما يصعب المهمة، هي قواعد الاشتباك التي تفرض قيوداً كبيرة جداً على استخدام القوة النارية في المعارك. وهو أمر يربك جيش الاحتلال الذي يفرط في استخدام ما لديه من قوة في غزة، بينما يجد نفسه مضطراً للتقيّد كثيراً مع لبنان. كما يفرض على المقاومة اللجوء إلى أسلحة استُخدم ما هو أكثر فعالية منها في حرب تموز 2006، علماً أنها راكمت قوة هائلة قياساً بحركات المقاومة.
الأمر لا يبدأ من هنا. بل من أكثر الأمور حساسية في الحروب، وهي حركة القوات. ما يحصل على الأرض يفرض واقعاً مختلفاً، إذ إن حزب الله الذي يشكّل مقاتلوه أساس قوته، هم بغالبيتهم من أبناء القرى الجنوبية، سواء تلك المنخرطة في المواجهة أو البعيدة عنها. لكنهم غير قادرين على التصرف بحرية، إذ تفرض عليهم قواعد الاشتباك عدم الاقتراب من خطط ومنشآت وأسلحة مخصّصة لمواجهة من نوع مختلف. وهذا ما يدفعهم إلى العمل تحت ضغط كبير، سواء لناحية التحشيد والتبديل عند الثغر القتالية، مروراً بعمليات الإمداد الأساسية المتعلقة بالعمل الميداني أو الحياتي، بالإضافة إلى وسائط التواصل بين المجموعات نفسها أو بينها وبين غرف العمليات. ويحصل في كثير من الأحيان أن يجد المقاومون أنفسهم في حالة اضطرار للعودة إلى أساليب سبق أن جرّبوها خلال المواجهات مع العدو قبل التحرير في عام 2000، لتحقيق ما هو مطلوب من أهداف.
وإذا كانت الحروب تعني، بالنسبة إلى المقاتلين، أنها ساحة يرتفع فيها خطر الاستشهاد، فإن الحرب القائمة الآن ترفع كثيراً من احتمالية تعرّض المقاتلين للإصابة المباشرة. وقد دلّت التحقيقات الميدانية في حوادث سقوط مقاومين على أن طبيعة المواجهة نفسها، وقرار التقيّد بقواعد الاشتباك، رفعا من نسبة المخاطرة، وتالياً من نسبة الخسائر البشرية، شهداء أو جرحى.
وإذا كانت المقاومة لا تتخذ مقرات رسمية لها، وليست عندها في الحرب آليات واضحة المعالم للتحرك ونقل العتاد، فإن حجم الجبهة، وعدد مواقع العدو التي تقع ضمن الأهداف، وآلية إصابتها، تفرض إجراءات لم تكن واردة في أي وقت سابق. فكيف الحال، والمقاومة تواجه معركة تقنية توازي بقوتها وتأثيرها المعركة النارية المباشرة. وقد أمكن لفرق المقاومة، بعد 11 شهراً، أن تتعلم الكثير عن كيفية استخدام العدو للتكنولوجيا الحديثة في الحرب، ليس على مستوى الرصد العادي فقط، بل على مستوى العمل التجسّسي التقني الذي يتيح للعدو في أحيان كثيرة، تحديد مصادر الخطر أو مصادر النيران، وحيث تكون القوات في حالة جهوزية فورية للتعامل مع هذه المخاطر، ما ينعكس ضربات قاسية تصيب المقاومين في أكثر من مكان.
يتعامل الطرفان على أساس أن الحرب قد تطول. وهذا يعني أن العمل الوقائي صار جهداً مركزياً بحدّ ذاته، وهو ما فرض على المقاومة إجراءات جديدة على صعيد حركة القوات وتحديد الأهداف واتخاذ القرار بالعمل، وبالتالي اختيار السلاح المناسب، وقبل كل ذلك الاستعداد مسبقاً لرد العدو على هذا العمل. وفي هذه الحالة، يلاحظ المقاومون حجم الجهد الهائل الذي يبذله العدو لفرض سيطرة تقنية شاملة، سيّما أنه بعد أكثر من شهرين من العمليات المكثّفة والمتواصلة التي ضربت منظومة التجسس التقني على طول الحافة مع لبنان، اضطر العدو للبحث عن بدائل، تفرض على جنود العدو القيام بعمليات تمويه كبيرة للوصول إلى نقطة معينة تسمح بوضع كاميرا مراقبة، أو جهاز رادار للأفراد، أو نصب منصة استشعار للمُسيّرات، أو البحث عن منافذ لزرع مراصد تمكّن جيش الاحتلال من مراقبة المسالك البرية التي تنتشر على طول الجبهة. ومن يسمع يومياً عن قيام العدو بغارة هنا، أو عن نشاط لمحلّقة هناك، أو عن حركة المُسيّرات فوق هذه المنطقة أو تلك، عليه أن يعرف أن خلف هذا العمل سلسلة من الأهداف العملانية التي يحتاج إليها جيش الاحتلال، ليتمكن من التعامل مع الجهات المقابلة له. وهي عملية مضنية، ومكلفة جداً للعدو، لكنها ضرورية وإلزامية في المواجهة القائمة، وهي جعلت قوات الاحتلال تكتسب خبرة كبيرة في «العمليات غير النظامية» التي يُفترض أن حركات المقاومة هي من يقوم بها فقط. فيما تجد المقاومة نفسها أمام مهمة يومية، وأحياناً، تضطر إلى العمل فوراً، لإعادة ضرب كل ما يزرعه العدو، من أجل تحقيق رؤية واستشعار أفضل. والصعوبة تظهر من خلال قواعد الاشتباك نفسها التي تمنع المقاومة من المبادرة إلى القيام بأعمال في العمق، ما يعني اضطرارها في أحيان كثيرة إلى انتظار انتقال فعل العدو أو أغراضه إلى ساحة المواجهة كي يتم التعامل معها، ولو أن هناك أموراً كثيرة حصلت خارج الحسابات المفترضة.
وإزاء القدرات الهائلة للعدو، على صعيد المراقبة التقنية، أو قدرة الطيران الحربي أو المُسيّر على تنفيذ عمليات قاسية خلال وقت قصير، فإن المقاومة تعرف أن الكلفة على صعيد الخسائر البشرية في صفوفها ستكون مرتفعة، وهو ثمن صار واضحاً لدى قيادة المقاومة، بعد أسابيع فقط على اندلاع المواجهات. لكن القرار باستمرار عمل جبهة الإسناد، وفرض قواعد اشتباك على العدو، يجعل المخاطر عالية، وليس في يد المشرفين على العمل سوى ابتكار إجراءات وآليات تحمي العمل وتحدّ من الأكلاف.
ماذا عن العدو؟
حالة قوات الاحتلال يشرحها نقاش يجري بين الضباط والجنود الذين خدموا في قطاع غزة، ونُقلوا إلى الجبهة مع لبنان. وهؤلاء يشرحون بصورة جيدة طبيعة المعركة غير المسبوقة التي اضطروا إلى العمل وفق ضوابطها، حيث يعرفون أن الهامش الإضافي المتاح لهم، بخلاف المقاومة، هو حجم القوة النارية. لكن، لننظر قليلاً في واقع جيش الاحتلال الذي كان ينقل عشرات الألوف من جنوده وآلياته بحرية تامة. فيما يضطر اليوم، قبل أي خطوة، إلى إخلاء المستعمرات من السكان، ليس خشية تسلل قوة «الرضوان» فقط، بل لأن طبيعة المعركة تفرض عليه نمطاً يحتاج فيه إلى أن يكون حراً في حركته داخل هذه المستوطنات. وكونه يعرف جيداً أن المقاومة تراقبه وتحصي أنفاسه، فلن يكون قادراً على المغامرة بسقوط خسائر كبيرة في أي منشأة مدنية، أو بين أهلها، في حال تواجدهم خلال المعارك.
لم يكن أي جندي في جيش الاحتلال يتصور أنه لن يكون بمقدوره التحرك عبر دبابة أو مركبة عسكرية على طول الجبهة مع لبنان، فكيف الحال وقد باتوا مجبرين، قبل الوصول إلى النقاط الحدودية بمسافات كبيرة، على اتخاذ إجراءات من نوع مختلف، إذ لم يعودوا أحراراً في التحرك أو التواصل أو استخدام الإنترنت. وعليهم الاستعداد للمكوث لوقت طويل في نقطة مع حاجات قليلة. وعملية التبديل لم تعد متاحة في أي وقت. وعلى القوات التكيف مع فكرة البقاء لأيام طويلة في حالة تنقّل دائم، بين نقطة وأخرى. وهي حركة لا تحصل داخل الثكنات، بل في حرج أو واد أو مكان كثيف الأشجار. ويُصدم الجنود بأنه يمنع عليهم استخدام الثكنات العسكرية، وهم يشاهدون مباشرة كيف أن أي مركبة تتحرك تصاب فوراً بصواريخ موجّهة تدمّرها بصورة فعلية. كما تعرّف هؤلاء إلى صواريخ من فصيلة «الكاتيوشا» بات بمقدورها الوصول بدقة عالية نسبياً إلى المواقع العسكرية. وباتوا يعرفون أن عمليات التمويه تفرض عليهم التخفي بعيداً عن أعين مُسيّرات حزب الله التي تصوّرهم، قبل أن تُرسل مُسيّرة انقضاضية لضربهم متى توفّرت فرصة العمل. وعندما يصل الجنود إلى موقع أو ثكنة حدودية، يتجهون فوراً نحو الغرف المحصّنة، ولا يغادرونها إلا عند التبديل، واختفت ساعات الاستجمام على ساتر أو في دشمة ظاهرة للعيان.
وكل ما على الجندي القيام به هو الصلاة لأن تبقى الكاميرات تعمل حتى تصله صورة ما يجري خارجاً وهو في حصنه تحت الأرض، وعندما تصاب هذه الكاميرات، يبدأ الصراخ، وتضج أجهزة المناداة، التي تطلب من إدارة المُسيّرات مدّهم بالمعلومات بطرق مختلفة. وفوق كل ذلك، على جندي العدو أن يكون مستعداً لتحمل ضغط بعض الصواريخ التي تفقد الإنسان توازنه، مثل صاروخ «البركان»، الذي يتمتع بفعالية توازي بالضبط فعالية غارة طائرة حربية. وعندما يسقط الصاروخ، يتحدث الجنود عن هزة أرضية كبيرة. وحتى عندما ينجح الجنود في التسلل إلى منزل مدني، فإن أي حركة ترصدها المقاومة، تعني أنه بات عليهم انتظار وصول الصواريخ الموجّهة، ولجنود العدو خبرة في التمييز بين نوعية القذائف التي تحملها الصواريخ الموجّهة، وقد اختبروا الصنف المخصص للآليات، أو الخاص بالتحصينات الخرسانية، أو تلك المخصصة للأفراد. وما زاد في إرباك القوات العاملة على الأرض، هو أن المقاومة أدخلت سلاح «الماس» الذي يتيح للمقاومين تجاوز العقبات الطبيعية من تلال وهضاب أو حتى العوائق القائمة على شكل سواتر أو جدران. هذا عدا اليأس الذي أصاب القوات الناشطة على الأرض، نتيجة قدرة المحلّقات على الوصول إلى المواقع وتدمير الأجهزة الموضوعة خصيصاً للتعرّف إليها.
لكنّ الأمر لا يقف عند هذا الحد. فجيش العدو معروف بالعلاقة القوية التي تربط الجنود بقادتهم العسكريين. لكنّ هؤلاء يختبرون واقعاً مختلفاً. فزيارة قائد المنطقة أو رئيس الأركان أو ضابط الاستخبارات الأرفع أو وزير الحرب أو رئيس للحكومة صارت حدثاً أمنياً خالصاً، إذ يُمنع على أحد معرفة أي تفصيل يخصها. ولا يُنشر الخبر إلا بعد عودة هؤلاء إلى مكاتبهم، ولم يعد هناك مجال لاصطحاب الصحافيين، بل يُكتفى بإعلام الجيش، ويضطر إلى عمليات تمويه لإخفاء الوجوه والأسماء والكثير من العلامات في الأمكنة. وأول درس تعلّمه قادة العدو، هو أنه لا يمكن عقد اجتماع في مقر معروف، ولم يعد من حاجة إلى دعوة كل المتواجدين في المكان للسلام على الشخصية الآتية من بعيد، كما لم يعد مسموحاً لكل من يرغب بتفقد الشمال أن يحظى بهذه الزيارة. ويتصرف جنود العدو على أنهم تحت رقابة لصيقة طوال الوقت. ويظهرون الخشية بصورة أكبر، ويُصدمون بتصرف من بقي من المستوطنين في منازلهم، حيث يبادر هؤلاء إلى منع الجنود من الاقتراب من منازلهم، ويصرخون في وجوههم: اسمعوا، لقد اتصل بنا حزب الله، وحذّرنا من فتح منازلنا لكم، ومتى فعلتم ذلك، فالصواريخ ستسقط علينا؟
هذه القناعة موجودة عند الجنود والضباط الذين لم يسبق لهم أن اضطروا إلى إعداد دراسة طويلة جداً، وفحص مع عدد غير قليل من الجهات، قبل استخدام شركة تساعد في إعادة ترميم عَمود إرسال أو إنارة خاصة. وهو ما جعل المشهد في المستوطنات الشمالية، كأنها مناطق مهجورة منذ عشرات السنين، حيث الدمار قائم دون إزالة الركام، وحيث المعامل تُخرب وتتعطل ويغزوها العفن والجرذان، وحيث اليباس يسيطر على المشهد الذي لطالما كان علامة لتمييز الحدود عن لبنان. لكن ما هو أخطر بالنسبة إلى جنود العدو، أو إلى من بقي من المستوطنين، هو اضطرارهم للتعايش القسري مع حالة التأهب الدائمة. فصافرات الإنذار هي رفيق دائم للإزعاج، كما هي حال أصوات المُسيّرات فوق جنوب لبنان. والهروب فجأة إلى الغرف المحصّنة أو الملاجئ صار تمريناً يومياً لمن لا يريد المغادرة إلى مكان بعيد. وقد استقبلت مستشفيات العدو مئات المستوطنين الذين أصيبوا نتيجة تعثرهم خلال الهرب نحو المخابئ بالإضافة إلى التوترات النفسية التي تجعل الجنود يتصرفون عند تسريحهم مثل فتية يحتفلون بتخرّجهم من المدرسة، فتراهم ينتظرون عبور نحو 15 كيلومتراً قبل أن يصرخوا مهلّلين لأنهم خرجوا من الجحيم سالمين.
على حدود فلسطين، ثمة معركة من نوع مختلف، وثمة دروس عسكرية وأمنية واستخباراتية ونفسية وإنسانية ستُدرّس في أي مؤسسة معنية بتطوير قدرات المقاتلين أو الجيوش. وهي شديدة القساوة بسبب الشروط الكبيرة التي تفرضها المقاومة على العدو، ولذلك، نجد بين المقاومين عندنا من يقول: متى يا ربّ تحين لحظة فك القيود؟.
COMMENTS