افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 20 أيلول، 2024

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 20 أيلول، 2024

عطلة الصحف اللبنانية، الإثنين 2 أيلول، 2017، بمناسبة يوم العاشر من شهر محرم الحرام 1439
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 28 تموز، 2023
إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 19 حزيران، 2017

اللواء
حزب الله يحتوي ضربات اللاسلكي: لا عودة للمستوطنين قبل وقف الحرب في غزة
أوستن يؤجل زيارته ومخاوف أميركية من التصعيد.. والمواجهة إلى مفاجآت ومعادلات خطيرة
التقطت الضاحية الجنوبية لبيروت ومحافظات الجنوب والنبطية والبقاع أنفاسها، بعد هجمات الثلثاء والأربعاء الماضيين، حيث استهدفت البيئة في هذه المناطق، بتفجيرات «البايجرز» وأجهزة اللاسلكية، والتي رفعت عدد الشهداء الى 25 شهيداً والجرحى 608، حسب مصادر وزارة الصحة.
وخارج قرار مجلس الامن المتوقع اليوم حول التفجيرات السيبرانية، غير المسبوقة بتاريخ الحروب، فإن التطور الميداني المتمثل بالتفجيرات سيشكل عنوان مرحلة بالغة التعقيد، لجهة الرد «والحساب العسير، والقصاص العادل» الذي تحدث عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، او لجهة تفلُّت الحرب من كل الضوابط والاعتبارات ذات الصلة بأنظمة الحروب وتاريخها.
والنقطة الأهم في ردّ السيد نصر الله على ما نقل عن مقربين من رئيس حكومة بنيامين نتنياهو من ان «التفجيرات في لبنان ونشر قوات شمالاً تهدف الى اجبار حزب الله على التنازل» اعلانه بأننا «قبلنا التحدي في 8 ت1، واليوم نقبله، أقول لنتنياهو وكيان العدوان لن تستطيعوا ان تعيدوا سكان الشمال الى الشمال وأفعلوا ما شئتم.. وهذا هو التحدي بيننا».
وعليه، برزت معادلة جديدة، وفقا لقيادي بارز في حزب الله «نحن من يقرّر مصير المستوطنين الشمال».
وقال السيد نصر الله رداً على التهديد بالدخول الى الجنوب لبنان «إذا أحببتم ان تأتوا الى أرضنا، فسنحول الحزام الأمني الى وحل وفخ وكمين وهاوية وجهنم لجيشكم، ما تعتبرونه تهديداً، نحن نعتبره فرصة تاريخية بل نتمناه».
وقال السيد نصر الله في كلمة له تناول فيها هدف المتفجرات، وظروف انفجار الأجهزة، «ما حصل سيواجه بحساب عسير، لكن دعوتي اليوم أغيّر الاسلوب، والخبر هو ما سترون لا ما تسمعون، لاننا في الجزء الأكثر دقة وحساسية وعمقاً في المواجهة».ووصف السيد نصر الله ما حصل «بالمجزرة» و«ان المقاومة تعرضت لضربة كبيرة وقاسية وغير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي- الاسرائيلي، وقد تكون غير مسبوقة في العالم».
واشار الى ان العدو وعلى مدى يومين وبدقيقتين كان يريد ان يقتل ما لا يقل عن 5 آلاف شخص، كاشفا عن لجان تحقيق داخلية فنية وأمنية تدرس كل الفرضيات من المنتج الى المستهلك.
لبنان طلب ردع إسرائيل
دبلوماسياً، طلب الرئيس نجيب ميقاتي من سفير بريطانيا في لبنان هايمش كاول، الذي التقاه في السراي الكبير، ان يكون للندن دورٌ رادعٌ وحازمٌ في اجتماع مجلس الامن اليوم.
وفي السياق نفسه، غادر امس وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الى نيويورك لحضور الجلسات. وتكرس ذلك خلال اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس بكل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي لتقديم التعازي بشهداء الاعتداءات وتاكيد وقوف فرنسا الى جانب لبنان، وابلغ بري ماكرون «ضرورة أن يبادر المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة وعلى لبنان قبل فوات الأوان»، فيما طلب ميقاتي منه «ان يصار الى اتخاذ موقف حازم من العدوان الاسرائيلي خلال جلسة مجلس الامن المقررة غدا بطلب من الحكومة اللبنانية».
وعشية جلسة مجلس الامن استضافت باريس امس، اجتماعا أميركياً- فرنسياً- ألمانياً- إيطالياً- بريطانياً، لمناقشة التطورات في الشرق الأوسط، كماعقد لقاء ثنائي جمع وزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن مع الرئيس ايمانويل ماكرون بعد الظهر في قصر الإليزيه.
وأعرب ميقاتي عن أمله في ان يكون قرار مجلس الامن رادعاً لعدوان اسرائيل، من جراء العدوان على لبنان والحرب التكنولوجية التي أدت الى سقوط عشرات الشهداء، وآلاف الجرحى.
وقالت بعثة لبنان لدى الامم المتحدة ان تفجير اجهزة الاتصالات تمت بوسائل الكترونية.
واعلن وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن التوافق مع فرنسا على الدعوة الى ضبط النفس، في ما يتعلق بلبنان والشرق والاوسط.
وأرجأ وزير الدفاع الاميركي اوستن زيارته الى اسرائيل التي كان ينوي القيام بها نهاية الاسبوع، بسبب التصعيد العسكري في المنطقة.
واعرب البيت الابيض عن اعتقاده ان الحل الدبلوماسي هو السبيل الامثل للمضي قدما «ولازلنا نعتقد انه ممكن» حسب البيان الأميركي.
وفي تل ابيب، قال وزير الدفاع يؤآف غالانت: «أنه يجري مداولات بشأن مختلف احتمالات تطور الحملة ضد حزب الله على الحدود الشمالية. وأن حزب الله يشعر بأنه ملاحق، وعملياتنا ستتواصل، وفي المرحلة الجديدة من الحرب هناك فرص كبيرة ومخاطر كبيرة أيضاً».مضيفاً: «إن هدفنا إعادة سكان الشمال إلى منازلهم سالمين وحزب الله سيدفع ثمناً متزايداً».
الجلسة ترجئ الى اليوم
حكومياً، لم يكتمل نصاب جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر امس، بسبب اعتذار عدد من هؤلاء عن الحضور، وتقرر ان تعقد الجلسة في الموعد نفسه بعد ظهر اليوم لمتابعة دراسة مشروع قانون الموازنة للعام 2025.
على الأرض، وفيما خفت الحركة في شوارع الضاحية الجنوبية، مرّ يوم امس على خير من دون تفجيرات اسرائيلية عن بُعد في المناطق اللبنانية، لكن بقيت السخونة القصوى مسيطرة على المستويات السياسية والعسكرية، وكشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن شركة «بي إيه سي» المجرية التي ارتبط اسمها بتفجير أجهزة «البايجر» في لبنان، ما هي إلا جزء من «واجهة إسرائيلية». وقالت «نيويورك تايمز» نقلاً عن 3 مصادر استخباراتية وصفتها بالمطلعة، إن الشركة المجرية وشركتين وهميتين أخريين على الأقل تم إنشاؤهما أيضا لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص الذين يصنعون أجهزة «البايجر»، مشيرةً إلى أن المُصنع الحقيقي لهذه الأجهزة «الاستخبارات الإسرائيلية».
وقالت إن شركة «بي إيه سي» تعاملت مع عملاء عاديين وأنتجت لهم مجموعة من أجهزة «البايجر»، لكن «العميل الأهم كان حزب الله».
وأوضحت أن الأجهزة التي أنتجتها الشركة لحزب الله خصيصًا كانت تحتوي على بطاريات مخلوطة بمادة «بينت» المتفجرة، وفقاً للمصادر الثلاثة.
الوضع الميداني
ميدانياً، اعلنت هيئة البث الاسرائيلية ان رئيس اركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي وافق على خطط عملياتية في الشمال.
ونقلت «هآرتس» ان «المؤسسة الامنية عرضت على الحكومة تداعيات الحرب في لبنان على الجبهة الداخلية وتنتظر القرار.
والابرز بعد يوم من القصف للقرى والبلدات الجنوبية من عيتا الشعب الى ميس الجبل، وأطراف بليدا وزوطر الشرقية وعدشيت والقصير وكفرصير ومجرى الليطاني. توقيت خرق جدار الصوت في بيروت والضاحية الجنوبية واطلاق بالونات حرارية، اثناء القاء الامين العام لحزب الله كلمة عند الخامسة من بعد ظهر امس.
وخلال الاشتباكات الحدودية، تمكن حزب الله من استهداف قوة اسرائيلية مما ادى الى مقتل قائد سرية اسرائيلية وجندي آخر مع اصابة اكثر من 13 جنديا بجروح، بعضها بالغ الخطورة.
واعلنت المقاومة الاسلامية عن استهداف موقع راميا وثكنة زرعيت وموقع حانيتا بالقذائف الصاروخية.
وتعرضت مستوطنة المطلة الى ضربات صاروخية ثقيلة ادت الى انقطاع الكهرباء والماء.
وبثت درون اسرائيلية مواقف تحريضية فوق عدد من قضاء النبطية.

 

الأخبار
نصرالله: لا عودة لمستوطني الشمال
تعمّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس إضفاء حالة من الغموض وإبقاء العدو أسير مخاوفه وتقديراته إزاء ما يمكن أن يقدم عليه الحزب من ردّ على مجزرتي الثلاثاء، في التوقيت والأسلوب، مشدّداً على أن «الخبر ما سترون لا ما ستسمعون»، في موقف يؤكد على أن الرد سيتحقق في الوقت المناسب. نصرالله الذي أقرّ بأن العدو قام بضربة نوعية، أحبط أهداف هذه الضربة بتأكيده أولاً على أن «حرب إسناد غزة مستمرة أياً تكن التضحيات»، وثانياً على تحدي الإسرائيلي بأن يعيد سكان المستوطنات الشمالية قبل وقف النار في غزة. أما التهديدات والتحشيدات العسكرية، فشدد على أنها «فرصة يتمناها المقاومون لتحويل الشريط الحدودي إلى مستنقع وجهنم» للمحتلين.ووصف نصرالله «مجزرتي الثلاثاء والأربعاء» الماضيين بأنهما «جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية وعدوان كبير على لبنان وشعبه وسيادته وأمنه وإعلان حرب»، و«العدو تجاوز في هذا الاعتداء كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء»، مؤكداً أنّ «هذه الضربة الكبيرة والقوية لم تسقطنا ولن تسقطنا».
وشدّد على أنّ «العدوان الذي حصل كبير وغير مسبوق، وسيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل، من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون»، و«بالنسبة إلى الحساب العسير، فالخبر هو ما سترون لا ما ستسمعون، ونحتفظ به في أضيق دائرة». وقال: «تعرضنا لضربة كبيرة أمنياً وإنسانياً وغير مسبوقة في تاريخ لبنان بالحد الأدنى، وقد لا تكون مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو، وعلى مستوى العالم، وهذا كان بالنسبة إلينا امتحاناً كبيراً، وسنتمكن إن شاء الله من تجاوزه أشد صلابة وعزماً وقدرة على تجاوز كل المخاطر». وأكّد أن «بنية المقاومة لم تتزلزل ولم تهتز. وما حصل لم يمسّ لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا نظام القيادة والسيطرة ولا حضورنا في الجبهات».
وأوضح نصرالله أنّ «العدوّ استخدم وسيلة مدنية مستخدمة لدى شرائح مختلفة من المجتمع في مستشفيات وأسواق وطرقات عامة ومنازل»، مشيراً إلى أنّه «عندما قام العدوّ بتفجير أجهزة البايجر كان يتعمّد قتل 4000 إنسان في دقيقة واحدة. وعلى مدى يومين وفي دقيقة واحدة يومي الثلاثاء والأربعاء كان العدوّ يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5000 إنسان في دقيقتين». ولفت إلى أن أحد أهداف العدو كان «ضرب البيئة وأن يتعبها ويستنزفها ويجعلها تصرخ لتقول للمقاومة كفى». وكشف أن المقاومة «وصلت إلى نتيجة شبه قطعية بشأن ملابسات التفجيرات، ولكن ننتظر التأكد منها»، مؤكداً «أننا سنصل خلال وقت قصير إلى نتائج يقينية بشأن التفجيرات، وحينها سيُبنى على الشيء مقتضاه».
وفيما أشار إلى ما قاله نائب رئيس أركان إسرائيلي سابق عن جبهة الشمال بأنها «هزيمة تاريخية لكيان العدو»، أكّد أن «الجبهة اللبنانية هي جبهة ضاغطة وبقوة، وهي من أهم أوراق التفاوض التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية اليوم لتحقيق الأهداف ووقف العدوان، والعدو سعى إلى إيقاف الجبهة اللبنانية، وقام في سبيل ذلك بالكثير من محاولات التهويل والضغط»، مؤكداً أن «كل محاولات العدوّ فشلت، وبقيت المقاومة مصرّة على موقفها، فلجأ العدوّ إلى هذا الأسلوب الذي هو أعلى مستوى إجرامي»، كاشفاً عن «وصول رسائل عديدة لقيادة الحزب تفيد بأن هدفهم من هذه الضربة هو أن توقف المقاومة القتال في الجبهة اللبنانية وإن لم تتوقفوا فلدينا المزيد»، وتابع: «باسم الشهداء والجرحى وكل الناس الصابرين والأوفياء، نقول لنتنياهو وغالانت والعدوّ بأنّ جبهة لبنان لن تتوقف قبل وقف العدوان على غزّة أياً تكن التضحيات والعواقب والاحتمالات والأفق الذي تذهب إليه المنطقة». وأضاف: «قبلنا التحدي من 8 تشرين الأول، واليوم نقبله، وأقول لنتنياهو وكيان العدوّ: لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال إلى الشمال وافعلوا ما شئتم. إذا أردتم إعادة المستوطنين فالسبيل الوحيد هو وقف العدوان على غزّة». أما في ما يتعلق بالتهديدات بالاجتياح البري وإقامة حزام أمني، فـ«نحن نتمنى أن يدخلوا إلى أرضنا اللبنانية. وما يعتبره العدوّ تهديداً، نعتبره فرصة تاريخية نتمناها»، مؤكداً للعدو أن «ما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم، وقيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق».
وفيما حيّا نصرالله عوائل الشهداء والجرحى، أشاد بموقف الحكومة ووزارة الصحة والمستشفيات والمراكز الصحية ومؤسسات الرعاية الصحية والأطباء والممرضين، وبالتضامن الوطني الذي أبداه شعبنا اللبناني العزيز الذي عبّر عن مشاعر صادقة»، كما شكر كل الدول التي أبدت استعدادها للدعم.
الأخبار
ما الذي يمكن للعدوّ أن يفعله أيضاً؟
ما يقوم به العدوّ، يفرض على المعنيّين بالصراع القائم إجراء تمارين كثيرة حول ما يمكن أن يحصل. الفكرة هنا لا تتعلق بتمرين نظري في سياق دورة تعليمية داخل هيئة أركان، بل يدور الحديث حول إجراءات وعمليات يجري تفعيلها تباعاً من قبل العدوّ، في سياق خطة كبيرة، لم يجرِ إعدادها ربطاً بالمعركة القائمة منذ عملية «طوفان الأقصى»، بل هي جزء من أفكار أعدّتها إسرائيل ليوم المواجهة مع حزب الله، وتقابلها خطّة عمل عليها حزب الله استعداداً لهذا اليوم أيضاً.قبل «طوفان الأقصى»، عمل الطرفان تحت ستار كثيف من الصمت. وانطلقت عمليات الاستعداد على قاعدة من يكون أكثر جهوزية لمباغتة الطرف الآخر، وتعطيل برامجه، من ضمن مسلسل أمني متواصل منذ عقدين على الأقل، استخدمت فيه وسائل كثيرة، بشرية وتقنية ووسائط عسكرية (مقال إبراهيم الأمين).
بين 2006 و2024، حصلت تطورات كبيرة جداً على صعيد صناعة أدوات القتال. لم يقتصر الأمر على تطوير القدرات القتالية التي يحتاج إليها الجنود، بل تركّز على العمل الاستخباراتي الذي يمثّل قاعدة رئيسية في عقل العدوّ، وهو ما تعلّمه حزب الله من إسرائيل نفسها، عندما أنشأ أجهزة أمنية مختلفة المهام والقدرات. لكنّ الفارق أن العدوّ الذي يتميّز بتقدمه الكبير في عالم التكنولوجيا، عالمياً وليس في المنطقة فقط، سخّر موازنة تقدّر بعشرات مليارات الدولارات، وفرض على القطاع الخاص العمل تحت إشراف وزارة الحرب، وركّز على الاستثمار في هذا الجانب على حساب الوسائل التي تعتمد على المصادر أو الموارد البشرية فقط. وفي الوقت نفسه، لم يتوقّف عن استخدام عناصره وعملائه. وقد أظهرت المواجهة الأمنية كيف أنفق عشرات الملايين من الدولارات على تجنيد شبكات كبيرة من اللبنانيين والعرب والإيرانيين لخدمة أهدافه في وجه حزب الله فقط.
وقد نُشر في إسرائيل أمس تقرير عن «نقاش حول تغيير استراتيجي في ثقافة القوى العسكرية والأمنية، من أجل بناء مفهوم هجومي جديد، يحلّ محلّ النهج المحافظ الذي يركّز على الدفاع»، والعمل على «تطوير القدرات الاستخباراتية واللوجستية، بما في ذلك الاستثمار في التقنيات المتقدمة التي ستسمح بقدر أكبر من المرونة العملياتية».
في الشق الأمني، هناك مراجعة كبيرة جارية من قبل المقاومة، تشمل الكثير من الأمور والملفات. لكنّ العدوّ يظهر استعداداً للقيام بما هو أكبر وأكثر في المواجهة القائمة، في ظلّ قيادة يمثّل عقلها نازيٌّ مثل بنيامين نتنياهو، مستعدة للقيام بأيّ شيء لتحقيق الهدف. ومع ذلك، فإن القرار في تفعيل أعمال من هذا النوع لا يتوقف فقط على مزاج المستوى السياسي أو رغباته أو حتى تقديراته، بل يعكس أيضاً تعطّش الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لاستعراض قدراتها في محاولة لتعويض فشلها في مواجهة 7 أكتوبر من جهة، وعدم نجاعة الكثير من الخطط التي وضعتها للعمل ضد المقاومة في فلسطين أو في لبنان أو حتى في اليمن، علماً أن في إسرائيل جهات ومراكز ثقل تعمل في الحقل الأمني والصناعة التكنولوجية المتصلة بها، تستغلّ كل حرب أو معركة أو مواجهة، لتسويق بضاعتها، وهي تحوّلت منذ أكثر من عقدين الى مقاول أمني ينفّذ مشاريع لعدد من الدول الصغيرة أو الضعيفة في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية وبعض دول أوروبا الشرقية. ومن كان يقف خلف عملية «النداء القاتل»، لم يكن ينتظر المشاهد الآتية من بيروت فقط، بل كان عنده من يرصد ردود فعل جهات أمنية وصناعية رسمية أو خاصة في كثير من عواصم العالم.
ما يهمّنا في لبنان هو أن الورشة الوقائية تفرض جدول أعمال من نوع مختلف. وإذا كانت المقاومة لا تعمل تحت الضغط، حتى ولو كانت الضربة قوية وكبيرة، فإنّ العمل يجري بهدوء، ولكن بحسم وجدّية ومثابرة ويقظة، وهي صفات تتميّز بها المقاومة التي باتت مضطرّة إلى مراجعة بعض الأفكار أو التصوّرات في ضوء ما حصل خلال السنة الماضية، وليس فقط بعد عملية «النداء القاتل».
خلال الساعات الـ 24 الماضية، فرضت العمليات الإسرائيلية اللئيمة نوعاً من الذعر والقلق. ولجأ كثيرون الى احتياطات دفعت بهم الى التخلي عن وسائط وأنماط عمل وحركة قد لا تكون عرضة للاختراق. لكنّ مجرد التحوّط يفرض مثل هذه الأمور. وبالتالي، إذا كان الناس العاديون، يتصرّفون وفق هذا المنطق، فإن جهة مثل المقاومة تتصرّف وفق درجة أعلى من اليقظة والتحوّط، وخصوصاً أن العدوّ فرض عليها مراجعة أمور كثيرة. لكنّ المقاومة تفعل ذلك، وهي في قلب المعركة، حيث لا توجد فرصة لالتقاط الأنفاس كما يفترض البعض. ومع ذلك، يدرك العدوّ أن المقاومة كانت تلجأ الى تعديلات جوهرية على برامج عملها في قلب مواجهة كبيرة، كما حصل خلال حرب عام 2006، ولم يكن الانفعال ليسيطر على عقل صاحب القرار. وتكفي الإشارة الى أن حرب الـ 2006، انتهت، ولم تلجأ المقاومة الى استعمال بعض الأسلحة النوعية التي كانت بحوزتها لأنها لم تكن تشعر بأن الموقف يتطلّب اللجوء إليها. وبين هذه الأسلحة قدرات لم تستخدم حتى خلال المواجهة القائمة منذ نحو عام أيضاً.
أما التمرين فيفرض أنماطاً من التفكير عند أهل الاختصاص، وليس بالضرورة أن يكون هناك تطابق بين هذه الأنماط عند الجميع. إنما يظلّ هناك هامش للتفكير حيال ما يمكن أن يقوم به العدوّ، في سياق تدرّجه السريع في رفع مستوى المواجهة مع لبنان، قبل الدخول في حرب شاملة كما يفعل في غزة أو كما فعل في عام 2006.
وإذا كنا نقاتل عدوّاً يملك قدرات عسكرية وتقنية كبيرة وعالية، فنحن نقاتل أيضاً عدوّاً لا يتمتّع بأيّ أخلاق تجعله يقف عند حدّ، ولا يهتم بحياة أي إنسان من غير أبناء جلدته، ما يفرض على المقاومة أسلوباً ردعيّاً يجعل العدوّ، كياناً وجيشاً ومستوطنين، يتحمّلون مسؤولية كل ما يقوم به جيش الاحتلال. وهذا ما يدفع الناس الى مطالبة المقاومة بالتخلّي، ولو قليلاً، عن الضوابط المتصلة بقواعد أخلاقية أو إنسانية في مواجهة هذا النوع من الأعداء، علماً أن المقاومة أعلنت مراراً، على لسان قائدها السيد حسن نصر الله، أنه في حالة الحرب الشاملة، فإنها ستقاتل من دون ضوابط أو سقوف أو حدود.
والتمرين يفرض بداهة وقع المزيد من العمليات المستندة الى عناصر تقنية. لكن، علينا الافتراض أن لدى العدوّ برامج قد لا تخطر على بال أحد. وإذا كان العدوّ يعرف يقيناً أن ما يقوم به لن ينفع في تغيير موقف المقاومة من مواصلة إسناد غزة، فهو سيلجأ الى كل ما يملكه ويخطر في باله من أعمال لتدفيع المقاومة وناسها ثمن هذا الموقف. كما أنّ العدوّ في ظلّ الصعوبة العملياتية لضرب القدرات من خلال الغارات والأحزمة النارية الهائلة، لا يفتقر الى القدرة والجرأة لتنفيذ عمليات عسكرية – أمنية كما فعل في سوريا أخيراً، حين أرسل قوة خاصة لتنفّذ إنزالاً والوصول الى قلب منشأة لم ينجح القصف في تدميرها. كما يمكنه اختبار قدرات قوات النخبة لديه بإرسالها في عمليات عسكرية خاطفة لتنفيذ عمليات اغتيال في أكثر من منطقة يعتقد أن فيها أهدافاً مركزية للمقاومة، أو اللجوء الى عمليات مركّبة تجمع كل هذه العناصر معاً، علماً أن التحوّط ينطلق من كون العدوّ لم تعد لديه ضابطة، لا على مستوى الأهداف البشرية أو العسكرية أو المدنية الخاصة بالمقاومة.
ومع أن تجربة السنة المنصرمة من المواجهة دلّت على قدرات العدوّ العالية، فهي دلّت أيضاً على عجزه عن تعطيل قدرة المقاومة على الفعل الميداني. وتكفي الإشارة الى أنه منذ 8 تشرين الأول من العام الماضي، لم ينجح إلا في مرات نادرة في منع المقاومة من تنفيذ عملياتها العسكرية على طول الحدود، ولا من التوسع نحو كل الأعماق داخل الكيان. وإذا كان قد سرّع فتح باب معركة المفاجآت، فإن الأمر لا يقتصر على جانب واحد من المعركة. إذ يمكن للمقاومة أن تلجأ الى ما تراه برنامج عمل يساعد في إفهام العدوّ بأن لديها الكثير ممّا تقوم به، وتمنعه من تحقيق أهدافه الميدانية والسياسية.
الأخبار
تحقيقات حزب الله: من فخّخ الأجهزة وكيف وبأيّ متفجّرات؟
إسرائيل استخدمت أوروبيين لإنشاء شركات لتغطية الجريمة
علمت «الأخبار» أن لجان التحقيق الفنية في حزب الله توصّلت، بعد ساعات على تفجير أجهزة الـ«بايجر»، إلى وجود شحنات متفجّرة مزروعة داخل الأجهزة، وإلى تحديد نوعية المتفجّرات المُستخدمة وطريقة دمجها بعناصر تقنية في الجهاز والبطارية الخاصة به. كما درست اللجان الآلية التقنية التي سمحت للعدو باختراق مركز إرسال البرقيات إلى الأجهزة المعنية، والبعث برسالة لتفعيل الشحنة المتفجّرة في وقت واحد. وبحسب المعلومات، فإن جهات أمنية أخرى في لبنان، تعمل على التثبّت من كيفية زرع العبوات الصغيرة في أجهزة النداء.وتشمل التحقيقات تحديد كل العناصر البشرية واللوجستية والمسؤولين المحليين أو الخارجيين ممن هم على علاقة بتوريد هذه الشحنة من الـ«بايجر» ومن أجهزة لاسلكية جديدة كانت في طريقها إلى حزب الله. ويتركّز البحث حول مسائل محددة، من بينها آلية العمل التي اعتمدتها الاستخبارات الإسرائيلية، إن لجهة تزوير بيانات سمحت لها بأن تكون عارضاً للبيع، أو وسيطاً في العملية، أو البحث في احتمال أن يكون العدو قد اكتشف آلية شراء الكمية وعمل على اعتراض الشحنة في طريقها إلى لبنان، واستبدالها بأجهزة أخرى فُخّخت في وقت سابق، أو أن التفخيخ حصل في مقر الشركة المورّدة.
وفيما عمدت الوحدات المختصّة في حزب الله وفي الجيش اللبناني، إلى تفجير عدد من الأجهزة التي لم تنفجر، عمل حزب الله خلال الساعات الـ 24 الماضية على سحب كل الأجهزة من أماكن تواجدها في المخازن والمكاتب أو من الأفراد وقام بتحييدها.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر عسكرية وأمنية أميركية أمس أن العملية بدأت منذ سنوات، وأنه في ضوء لجوء حزب الله الى استخدام خذخ الأجهزة، فإن الجهات المعنية في إسرائيل «وجدت أنها امام فرصة، وأنشأ مسؤولون في المخابرات الإسرائيلية شركة وهمية لتصنيع أجهزة البايجر دولية. وجرى التعاقد بين شركة تُدعى BAC Consulting، ومقرها المجر، والشركة المُصنّعة Gold Apollo». ووفقاً للتقرير «اتخذت إجراءات لإخفاء الشخص الحقيقي الذي يقف وراء الشركة الوهمية عبر إنشاء شركتين أخريين على الأقل. واستثمرت إسرائيل ملايين الدولارات في هذه العملية. وتواصلت الشركة المركزية مع العملاء المنتظمين لتزويدهم بأجهزة نداء، لكنّ الزبون الأكثر أهمية بالنسبة إليها كان بالطبع حزب الله». ونقلت الصحيفة عن «ثلاثة ضباط مخابرات» أن «الأجهزة التي تمّ تزويد حزب الله بها تمّ تصنيعها بشكل منفصل، وتحتوي على بطاريات تضمّنت شحنات متفجّرات، وتمّ إرسال هذه الأجهزة إلى لبنان صيف عام 2022 على نطاق صغير. وخلال الصيف الماضي، وصل الآلاف منها إلى لبنان».
تحقيق في بلغاريا
وبعد ما أثير عن دور لشركة تصنيع في هنغاريا، أعلنت السلطات في بلغاريا أنها ستفتح تحقيقاً في شركة مقرها صوفيا بشبهة الوقوف خلف بيع الأجهزة. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن شركة Norta Global Ltd هي المسؤولة عن بيع الأجهزة بالتعاون مع شركة BAC Consulting التي تتخذ من هنغاريا مقراً لها، وتعمل كوسيط». وذكرت وكالة الأنباء الهنغارية «تيليكس» أول من أمس أن BAC متورّطة في الصفقة «كوسيط بسيط، ولم تقم بأي أنشطة في الواقع، وليس لديها مكتب». وشركة Norta Global مملوكة للنروجي رينسون خوسيه، أُسست في نيسان 2022، واختير لها عنوان في منزل في العاصمة البلغارية. وتمّ تسجيلها لدى مزوّد «خدمة مقرات الشركات الرئيسية»، الذي يستضيف 196 شركة أخرى.
وأعلنت وكالة الأمن البلغاري، أمس، أنها تحقق في دور شركة مجهولة الهوية مسجّلة في بلغاريا في الهجمات، مشيرة إلى أنها «لم تكتشف أي شحنات» من الأجهزة على الأراضي البلغارية.
وأثارت العملية الإرهابية غضب الشركات المُصنّعة لهذا النوع من الأجهزة. فنفت شركة Gold Apollo أي دور لها في إنتاج هذه الأجهزة، موضحة أنها منحت الترخيص لعلامتها التجارية لشركة BAC لتسويق المنتجات في مناطق محددة. كما أوضحت الشركة أن BAC هي المسؤولة عن تصميم وتصنيع هذه الأجهزة. أما شركة BAC ، التي تملكها كريستيانا أرسيديانكونو-بارسوني البالغة من العمر 49 عاماً والتي تحمل الجنسيتين الهنغارية والإيطالية، فنفت أيضاً أي تورط لها. وتمّ تسجيل الشركة كشركة ذات مسؤولية محدودة في أيار 2022، ومقرها في عنوان سكني في بودابست، في شارع Szőnyi út 33/A. والتحقيق الآن يركّز على شركة Norta Global Ltd، وهي شركة وهمية مقرها صوفيا، يقع مكتبها المُسجّل في شارع «Vitosha» رقم 48، الطابق الأرضي- صوفيا، في حي «Triaditsa». وتشبه الشركة البلغارية نظيرتها الهنغارية، إذ إنها مُسجّلة أيضاً لدى مزوّد «خدمة مقرات الشركات». وتأسّست في نيسان 2022، وهي رسمياً تعمل في مجال إدارة المشاريع، ويُفترض أنها لا تصنّع أيّ منتجات.
ما يهمّنا في لبنان هو أن الورشة الوقائية تفرض جدول أعمال من نوع مختلف. وإذا كانت المقاومة لا تعمل تحت الضغط، حتى ولو كانت الضربة قوية وكبيرة، فإنّ العمل يجري بهدوء، ولكن بحسم وجدّية ومثابرة ويقظة، وهي صفات تتميّز بها المقاومة التي باتت مضطرّة إلى مراجعة بعض الأفكار أو التصوّرات في ضوء ما حصل خلال السنة الماضية، وليس فقط بعد عملية «النداء القاتل».
خلال الساعات الـ 24 الماضية، فرضت العمليات الإسرائيلية اللئيمة نوعاً من الذعر والقلق. ولجأ كثيرون الى احتياطات دفعت بهم الى التخلي عن وسائط وأنماط عمل وحركة قد لا تكون عرضة للاختراق. لكنّ مجرد التحوّط يفرض مثل هذه الأمور. وبالتالي، إذا كان الناس العاديون، يتصرّفون وفق هذا المنطق، فإن جهة مثل المقاومة تتصرّف وفق درجة أعلى من اليقظة والتحوّط، وخصوصاً أن العدوّ فرض عليها مراجعة أمور كثيرة. لكنّ المقاومة تفعل ذلك، وهي في قلب المعركة، حيث لا توجد فرصة لالتقاط الأنفاس كما يفترض البعض. ومع ذلك، يدرك العدوّ أن المقاومة كانت تلجأ الى تعديلات جوهرية على برامج عملها في قلب مواجهة كبيرة، كما حصل خلال حرب عام 2006، ولم يكن الانفعال ليسيطر على عقل صاحب القرار. وتكفي الإشارة الى أن حرب الـ 2006، انتهت، ولم تلجأ المقاومة الى استعمال بعض الأسلحة النوعية التي كانت بحوزتها لأنها لم تكن تشعر بأن الموقف يتطلّب اللجوء إليها. وبين هذه الأسلحة قدرات لم تستخدم حتى خلال المواجهة القائمة منذ نحو عام أيضاً.
أما التمرين فيفرض أنماطاً من التفكير عند أهل الاختصاص، وليس بالضرورة أن يكون هناك تطابق بين هذه الأنماط عند الجميع. إنما يظلّ هناك هامش للتفكير حيال ما يمكن أن يقوم به العدوّ، في سياق تدرّجه السريع في رفع مستوى المواجهة مع لبنان، قبل الدخول في حرب شاملة كما يفعل في غزة أو كما فعل في عام 2006.
وإذا كنا نقاتل عدوّاً يملك قدرات عسكرية وتقنية كبيرة وعالية، فنحن نقاتل أيضاً عدوّاً لا يتمتّع بأيّ أخلاق تجعله يقف عند حدّ، ولا يهتم بحياة أي إنسان من غير أبناء جلدته، ما يفرض على المقاومة أسلوباً ردعيّاً يجعل العدوّ، كياناً وجيشاً ومستوطنين، يتحمّلون مسؤولية كل ما يقوم به جيش الاحتلال. وهذا ما يدفع الناس الى مطالبة المقاومة بالتخلّي، ولو قليلاً، عن الضوابط المتصلة بقواعد أخلاقية أو إنسانية في مواجهة هذا النوع من الأعداء، علماً أن المقاومة أعلنت مراراً، على لسان قائدها السيد حسن نصر الله، أنه في حالة الحرب الشاملة، فإنها ستقاتل من دون ضوابط أو سقوف أو حدود.
والتمرين يفرض بداهة وقع المزيد من العمليات المستندة الى عناصر تقنية. لكن، علينا الافتراض أن لدى العدوّ برامج قد لا تخطر على بال أحد. وإذا كان العدوّ يعرف يقيناً أن ما يقوم به لن ينفع في تغيير موقف المقاومة من مواصلة إسناد غزة، فهو سيلجأ الى كل ما يملكه ويخطر في باله من أعمال لتدفيع المقاومة وناسها ثمن هذا الموقف. كما أنّ العدوّ في ظلّ الصعوبة العملياتية لضرب القدرات من خلال الغارات والأحزمة النارية الهائلة، لا يفتقر الى القدرة والجرأة لتنفيذ عمليات عسكرية – أمنية كما فعل في سوريا أخيراً، حين أرسل قوة خاصة لتنفّذ إنزالاً والوصول الى قلب منشأة لم ينجح القصف في تدميرها. كما يمكنه اختبار قدرات قوات النخبة لديه بإرسالها في عمليات عسكرية خاطفة لتنفيذ عمليات اغتيال في أكثر من منطقة يعتقد أن فيها أهدافاً مركزية للمقاومة، أو اللجوء الى عمليات مركّبة تجمع كل هذه العناصر معاً، علماً أن التحوّط ينطلق من كون العدوّ لم تعد لديه ضابطة، لا على مستوى الأهداف البشرية أو العسكرية أو المدنية الخاصة بالمقاومة.
ومع أن تجربة السنة المنصرمة من المواجهة دلّت على قدرات العدوّ العالية، فهي دلّت أيضاً على عجزه عن تعطيل قدرة المقاومة على الفعل الميداني. وتكفي الإشارة الى أنه منذ 8 تشرين الأول من العام الماضي، لم ينجح إلا في مرات نادرة في منع المقاومة من تنفيذ عملياتها العسكرية على طول الحدود، ولا من التوسع نحو كل الأعماق داخل الكيان. وإذا كان قد سرّع فتح باب معركة المفاجآت، فإن الأمر لا يقتصر على جانب واحد من المعركة. إذ يمكن للمقاومة أن تلجأ الى ما تراه برنامج عمل يساعد في إفهام العدوّ بأن لديها الكثير ممّا تقوم به، وتمنعه من تحقيق أهدافه الميدانية والسياسية.
الأخبار
المقاومة تردّ على التهديدات بتكثيف العمليّات: العدو يحشد قوّاته في الشمال ولا قرار بالحرب بعد
عقب عملية التفجير الأولى لأجهزة «البايجر»، الثلاثاء، توقّفت عمليات المقاومة عند الحدود الجنوبية في ما بدا «هدنة» غير معلنة استمرّت نحو 24 ساعة، قبل أن تعاود المقاومة تفعيل عملياتها، وبوتيرة مكثّفة، أول من أمس. وليست هذه المرة الأولى التي تعمد فيها المقاومة إلى هذا التكتيك، إذ قامت بذلك عقب اغتيال القائد في المقاومة فؤاد شكر وفي مناسبات أخرى. والهدف من هذه الساعات، وهذه المرة أكثر بكثير من يوم الاغتيال، تقييم الوضع والخسائر وتأثيراتها، والبحث في الخطوات التالية، واتخاذ القرارات المناسبة بحسب نتائج التقييمات. كل ذلك جرى خلال اليومين الماضيين، إلى أن خرج الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله في خطابه أمس، وقدّم رواية واضحة لما حدث، ووضع الأحداث ضمن سياقها العسكري والسياسي، وفتح الباب لما هو آتٍ، مؤكداً استمرار جبهة الإسناد بفاعلية وقوة، ومعلناً أن التحدّي الآن بين المقاومة والعدو هو منع الأخير من إعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم الشمالية.وافتتحت المقاومة يوم أمس بهجومين جوّيين بسربين من المُسيّرات الانقضاضية على مرابض مدفعية العدو في بيت ‏هلل، وعلى ‏المقرّ المستحدث لقيادة اللواء الغربي في يعرا، إضافة إلى استهداف ‏نقطة تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في موقع المرج بالصواريخ. وقُتل جندي من الكتيبة 51 في لواء «غولاني»، بصاروخين مضادّين للدروع أُطلقا على سلسلة «جبال راميم» الحدودية، أصابا قوة عسكرية إسرائيلية كانت تعمل في المنطقة، كما أُصيب 8 جنود آخرين بإصابات مختلفة، بعضها خطير. في حين قُتل ضابط في الكتيبة 299 في اللواء الإقليمي «برعام»، عندما كان يركض للاحتماء من طائرة مُسيّرة، «لكن الوقت لم يسعفه وأُصيب جندي آخر معه»، بحسب بيان جيش العدو. وأثار مقتل الضابط والجندي، وإصابة نحو 10 جنود خلال ساعات قليلة، إضافة إلى دخول المُسيّرات أجواء المستوطنات وانفجارها بأهدافها من دون انطلاق صفارات الإنذار، تساؤلات في إسرائيل حول قرار لحزب الله بتكثيف قتل الجنود الإسرائيليين، وعدم الاكتفاء باستهداف المواقع والثكنات العسكرية، كاستجابة سريعة للمرحلة الجديدة من الحرب، وإثباتاً لقدرته على تجاوز الضربة التي تلقّاها، والخروج منها بشكل أقوى وأداء أكثر فاعلية. ويضاف إلى ذلك ما كشفه جيش العدو عن تسلّل مقاتلين من لبنان إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، حاولوا زراعة عبوات متفجّرة، قبل أن يتمّ اكتشافهم وإطلاق النار تجاههم، من دون أن يعلن هويّتهم أو مصيرهم.
واستهدفت المقاومة ثكنات شوميرا ومعاليه غولاني وزرعيت وأدميت وثكنة يعرا، ومقر ‏قيادة الكتيبة في ثكنة ليمان، برشقات من صواريخ «الكاتيوشا»، ومواقع السماقة والمالكية وحانيتا وراميا بقذائف المدفعية. ومساء أمس، قصفت المقاومة موقع المطلّة بصلية من صواريخ «فلق».‏ وتحدّث رئيس بلدية المطلة، ديفيد أزولاي، عن «حادثة عنيفة في المطلة»، فقد «سقطت عدة صواريخ، وألحقت أضراراً بعدة منازل وأشعلت حرائق كبيرة، وأدّت إلى إصابة جندي». كما تحدّث عن «دمار هائل وحرائق وأضرار مباشرة في المباني»، مضيفاً: «لم أرَ شيئاً كهذا منذ بداية الحرب». ووصّف مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الشمال، المشهد، بأن «مستوطنة المطلّة تدخل في سيناريو «ألتا»، حيث لا كهرباء ولا اتصالات».
في المقابل، شنّ العدو الإسرائيلي حملة قصف جوّي مكثّفة وموسّعة، على دفعتين، طاولت مناطق مختلفة جنوب نهر الليطاني، إضافة إلى منطقة المحمودية ومرتفعات الريحان. وقارب عدد الغارات التي نفّذتها طائرات العدو نحو 100. وزعم المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرات جيشه «هاجمت حوالي 100 منصة إطلاق وبنى تحتية عسكرية إضافية، تضم حوالي 1,000 فوهة إطلاق كانت جاهزة للإطلاق الفوري». لكن، في الإعلان نفسه، طلب المتحدّث «من سكان صفد ومحيطها وكل شمال ووسط الجولان وكل الجليل الأعلى وإصبع الجليل والجليل الغربي، وصولاً إلى عمق 20 كيلومتراً البقاء قرب الملاجئ، حتى إشعار آخر». وهو ما يؤشّر إلى تحسّب العدو من ردّ واسع للمقاومة يطاول المناطق المذكورة. وإلى ساعات مساء أمس، لم تكن غارات العدو المكثّفة أدّت إلى استشهاد أيّ مقاومين أو مدنيين، حيث تركّزت على مناطق حرجية وأودية وجبال.
وفي موازاة ذلك، كثّف الإعلام الإسرائيلي بثّ الرسائل حول التصعيد في الشمال، و«حرب لبنان الثالثة» التي باتت وشيكة. ونشر تقارير عن توجّه جيش العدو إلى «مضاعفة عدد الهجمات في لبنان كل يوم عن السابق». كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن اختتام الفرقة 98 (تشكيل النار)، الآتية من قطاع غزة، اجتماعاً عملياتياً مع قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين، إضافة إلى الإعلان عن إجراء مناورات في معسكرات التدريبات في الشمال نهاية الأسبوع الجاري. ونقلت قناة «كان» عن مسؤول إسرائيلي قوله: «نعمل لاستغلال التطورات لدفع حزب الله إلى إعطاء ضوء أخضر لحل دبلوماسي». كما كشفت أن مسؤولين إسرائيليين كباراً خاطبوا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأنهم «يفضّلون حلاً دبلوماسياً في الشمال»، وعبّر هؤلاء عن «اهتمامهم باستغلال أحداث الأيام الماضية لدفع حزب الله لحلّ دبلوماسي»، مشيرين إلى أن «الوقت ينفد».

 

النهار
نصرالله “يكتم” الردّ وتحرّك دولي لمنع الحرب
إذا كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “خالف” كل التوقعات الاستباقية حيال ردّه على أقسى وأشرس ضربة تعرض لها حزبه في الهجوم الإسرائيلي السيبراني على شبكات الاتصالات وحامليها لدى الحزب بالتزام عدم الإفصاح او الإعلان عن الرد وطبيعته، ولو أنه اعترف بقوة الضربة التي تعرّض لها، فإن ذلك عكَسَ مجموعة دلالات فورية تتجمع عند ازدياد الغموض واستمرار الوضع مفتوحاً على مزيد من الأخطار في حرب الاستنزاف الناشبة منذ 11 شهراً في الجنوب.
أبرز هذه الدلالات أن نصرالله لم يزوّد إسرائيل “اعلان حرب” علنياً من شأنه أن يوفر لها ذريعة لاطلاق ما تتوعد به من عملية كبيرة في “الشمال” بل ردّ بإعلان ثبات حرب المشاغلة حتى وقف الحرب على غزة كما بتحدي إسرائيل الدخول لإقامة حزام امني في الجنوب. أما الدلالة الثانية البارزة، فكانت في امتناعه عن تحديد الردّ المحتمل على هجمات يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين مكتفياً بتوعد ضمني بالحساب العسير، الأمر الذي فسّره مراقبون بأن الحزب الذي تعرّض لضربة غير مسبوقة يحتاج إلى وقت قد يكون غير قصير لتسديد ردّ يكون في حجم الضربة من جهة، كما أن ثمة احتمالاً بأن تكون هناك مشاورات كثيفة جارية بين الحزب وإيران وحلفاؤهما حول ردّ جماعي منسّق. وتبقى دلالة ثالثة بارزة تمثلت في الوقع الثقيل لفداحة الإصابات وحجمها في جسم الحزب التي تركتها الضربة على نبرة الخطاب الأول لنصرالله بعد هذه الهجمات الأمر الذي عكسه في توجيه الشكر الى جهات كثيرة، مشدداً مرات عدة على أن “الضربة لم تسقطنا”.
وقد توجّه بالشكر إلى “الحكومة اللبنانية ووزارة الصحة ومؤسسات الدفاع المدني والمستشفيات، الذين أبلوا بلاءً حسناً وعدد الإصابات بالعيون كبير”، وقال: “نعرف أن للعدو تفوقاً على المستوى التكنولوجي وقد تعرضنا لضربة كبيرة وقوية وغير مسبوقة لكنها لم ولن تسقطنا. وسنصل خلال وقت قصير إلى نتائج يقينة بشأن التفجيرات وحينها سيُبنى على الشيء مقتضاه”. وأشار إلى أنه “تم تعطيل جزء كبير من أهداف الهجوم. وفي مجزرتَي الثلاثاء والأربعاء كان العدو يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5 آلاف إنسان في دقيقتين، وهو تجاوز بعملياته كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمر ولم يكترث لأي شيء لا أخلاقيًا ولا قانونيًا”.
وقال: “تعرضنا لضربة كبيرة أمنيًا وإنسانيًا وغير مسبوقة في تاريخ لبنان بالحد الأدنى وقد لا تكون مسبوقة في تاريخ الصراع مع العدو، وقد لا تكون غير مسبوقة على مستوى العالم بهذا النوع”. وأكد أن “بنية المقاومة لم تتزلزل ولم تهتز. وليعرف العدوّ أنّ ما حصل لم يمس لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا نظام القيادة والسيطرة ولا حضورنا في الجبهات”. وفي تهديد رئيس الأركان الإسرائيلي بإقامة حزام أمني في الجنوب “رحّب” نصرالله بأي محاولة اجتياح وتحدى إسرائيل القيام بها، وقال: “ما يعتبره العدوّ تهديداً نحن نعتبره فرصة تاريخية ونحن نتمناها.
وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم”. وأعلن أن الردّ الأولي على هذا العدوان هو استمرار جبهة لبنان حتى وقف العدوان على غزة . وأضاف: “لا شك في أنّ العدوان الذي حصل هو عدوان كبير وغير مسبوق سيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، وبالنسبة للحساب العسير، فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة. وقيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق، وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم”.
التحرك الدولي
في غضون ذلك برزت معالم تحرك دولي واسع لمنع ما يخشى أن يكون استعدادات ميدانية إسرائيلية لعملية عسكرية كبيرة ضد لبنان. ففي باريس عُقد أمس اجتماع أميركي- فرنسي- ألماني- إيطالي- بريطاني لمناقشة التطورات في الشرق الأوسط، كما أن لقاءً ثنائياً جمع وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد الظهر في قصر الإليزيه، فيما يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الجمعة جلسة لمناقشة التطورات في لبنان، وقد انتقل وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لهذا الغرض الى هناك.
وعشية جلسة مجلس الأمن وقبيل لقائه بوزير الخارجية الأميركي اتصل الرئيس ماكرون برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “وجدد موقف فرنسا المؤازر والداعم لتجاوز الأوضاع الراهنه التي يمر بها لبنان، كما عبّر عن ادانته للتفجيرات التي حصلت في اليومين الاخيرين والتي اوقعت مئات الضحايا، معرباً عن تضامنه وتعاطفه مع لبنان في هذه المحنة الأليمة. ودعا جميع الاطراف الى ضبط النفس وعدم التصعيد الذي لا يفضي إلى أي حل”.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية لـ”النهار” أن ماكرون طلب إلى ميقاتي إبلاغ “حزب الله” ضرورة التزام التهدئة وعدم التصعيد لسحب ورقة الاستغلال من يد إسرائيل العازمة على المضي في حربها على الحزب.
وكشفت المعلومات أن لبنان سيطلب اليوم خلال جلسة مجلس الأمن اصدار موقف يدين إسرائيل في هجماتها السيبرانية الأخيرة. وأفيد أن لبنان لمس تعاطفاً دولياً مع طلبه وأن الجو إيجابي، وثمة احتمالات لصدور موقف الإدانة من دون فيتو أميركي، وإنما مع تسجيل تحفظ.
التصعيد بعد الهجمات
وبينما نعى “حزب الله” 25 من عناصره في الساعات الأخيرة، كشف وزير الصحة العامة فراس أبيض أمس أن “حجم الأجهزة اللاسلكية الذي انفجر الأربعاء كان أكبر من اليوم الذي سبق، لذلك كان هناك عدداً أكبر من الإصابات البليغة”. وأعلن أن عدد الشهداء يوم الأربعاء بلغ 25 شهيداً، أما عدد الجرحى، فسجل 608 ولفت إلى أن “عدد شهداء تفجيرات “البيجر” بلغ 12، أمّا عدد الجرحى فـ2323″. وأشار إلى أن “226 حالة ما زالت في العناية المركّزة جراء التفجير الأول لأجهزة الاتصال”.
وخلال القاء السيد حسن نصر الله كلمته خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت مرتين فوق الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى، فيما كان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي يعلن أنه هاجم أهدافاً للحزب “لإلحاق الضرر وتدمير القدرات الإرهابية للمنظمة وبنيتها التحتية العسكرية”. وأضاف: “لقد حوّل تنظيم “حزب الله” جنوب لبنان إلى ساحة حرب، وقام على مدى عقود بتسليح منازل المواطنين بالسلاح، وحفر تحتها الأنفاق واستخدمها كدروع بشرية. يعمل الجيش الإسرائيلي على خلق الأمن في الشمال، ما يسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم، وتحقيق جميع أهداف الحرب الأخرى”. كما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي وافق على خطط عملياتية في الجبهة الشمالية.
واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن “حزب الله يشعر انه ملاحق وعملياتنا ستتواصل وفي المرحلة الجديدة من الحرب هناك فرص كبيرة ومخاطر كبيرة أيضا”.
وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على بلدات فرون، القصير، بني حيان، وديرقانون النهر في قضاء صور، بالإضافة إلى استهداف مدفعي لأطراف بلدات شمع، ياطر، وعيتا الشعب. كما تصاعد الدخان من محيط ثكنة ميتات الإسرائيلية بعد استهدافها بصواريخ من جنوب لبنان.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية عن اطلاق نحو 40 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ على شمال الجولان. وزعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل 3 عناصر من “حزب الله” بعد محاولتهم زرع عبوات ناسفة بالقرب من السياج الحدودي. وكانت معلومات أفادت أن جندياً إسرائيليا قتل وأصيب 14 في قصف صاروخي صباحاً لموقع عسكري في الجليل.

 

الديار
نصرالله يحصن الرد بالغموض: الخبر ما سترون لا ما تسمعون
«اسرائيل» تشعل الجبهة بغارات عنيفة وتلويح بغزو بري محدود؟
شركة تصنيع «البايجر» وهمية… والتحقيقات في بلغاريا وتايوان
لم يعد السؤال عما اذا كانت جبهة الجنوب تتجه الى التصعيد، فالامر بات محسوما، لكن يبقى السؤال عن حجم ومدى هذا التصعيد بعدما افرغ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مجزرتي «البايجر» والاجهزة «اللاسلكية» من اهدافها الاستراتيجية اسرائيليا، على وقع تصعيد ميداني خطر وتهويل اسرائيلي بمرحلة صعبة من تبادل الضربات لم تشهدها الجبهة منذ بداية الحرب. فعلى الرغم من اقراره بحجم الضربة المؤلمة وغير المسبوقة، فان السيد نصرالله لم ينجر الى رد فعل متوتر وانفعالي امام هول المجزرتين، توعد برد قاس وحساب عسير ابقاه غامضا، قائلا «الخبر ما سترون لا ما تسمعون»، طمأن جمهوره بان المقاومة بخير، واستعادت عافيتها بسرعة قياسية، ترك «اسرائيل» امام معضلة الفشل في تحقيق اهداف عدوانها، واكد ان جبهة المساندة لن تتوقف الا بوقف العدوان على غزة، والمستوطنون لن يعودوا، ولن تتوقف جبهة الشمال، رافعا سقف التحدي على وقع عمليات نوعية غير مسبوقة للمقاومة اسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال ، فيما شن الطيران الاسرائيلي غارات عنيفة على بعض القرى الجنوبية في اطار مرحلة التصعيد الجديدة وقد تم شن نحو 70 غارة خلال 20 دقيقة.
تهديدات اسرائيلية
وقد حظيت كلمة السيد نصرالله بتغطية واسعة في وسائل الاعلام الاسرائيلية، ولفت عدد من المحللين الاسرائيليين الى ان حكومة الاحتلال تبدو امام «معضلة» صعبة ستنتهي بجر المنطقة الى حرب واسعة. واعلن جيش العدو ان رئيس الاركان هرتسي هاليفي وافق على عمليات برية محدودة في لبنان بعد اجتماع تراسه نتانياهو وحضره وزير الحرب يوآف غالات ورئيس الموساد، وقد اقرغالانت بان المرحلة الجديدة ستؤدي الى نتائج مؤلمة، فيما حذر ضباط في الاحتياط من قدرات حزب الله ونصحوا رئاسة الاركان بالا تستهين بقدرات الحزب ودعوا الى عدم التهور في الخطوات المقبلة.
الرد حدد وسيكون قريبا؟
وفيما كان لافتا نشر رسالة القائد العام لحرس اللواء حسين سلامي الى السيد نصرالله اكد فيها أن «إسرائيل» ستواجه «رداً ساحقاً من محور المقاومة»، اشارت اوساط مطلعة «للديار» الى ان الاهم في كلام السيد نصرالله هو تاكيده ان طبيعة الرد وتحديد الهدف قد حسم ضمن دائرة ضيقة جدا في قيادة المقاومة، وهذا الامر له دلالات مهمة جدا لناحية اهمية الضربة المفترضة التي لا تحتمل اي مغامرة في توسيع العارفين بها، وهو تدبير احترازي غير مسبوق داخل الجسم الامني والعسكري في المقاومة، وقد حاول الايحاء على نحو غير مباشر بان الرد سيكون قريبا ومفاجئا لانه لن يخضع لاي حسابات بعد ان وصف المجرزة الاخيرة باعلان الحرب من قبل اسرائيل، وهذا يوسع هامش الخيارات امام صانعي القرار في الحزب، وقد كان لافتا جدا توقفه عن تقصد الاسرائيليين قتل 5 الآف شخص في دقيقتين بينهم مدنيون، وهو امر ستتوقف عنده كثيرا قيادات العدو التي تحاول تفكيك معنى معادلة «الرد من حيث يحتسب ولا يحتسب».
توقعات برد كبير
ووفق الاعلام الاسرائيلي، فان تقديرات الاجهزة الامنية والعسكرية تفيد بان حزب الله سيرد وبشكل مختلف هذه المرة. ويبقى السؤال: هل سيكتفي برد ذكي؟ الامر ليس واضحاً لدى الاجهزة الامنية، لكن ثمة قلق بأن يؤدي الامر إلى تبادل ضربات تقود لحرب واسعة، ولهذا تستعد إسرائيل في هذه المرحلة بجدية لإمكان رد كبير من جانب حزب الله.
واشنطن: لا ندعم عملية برية
في هذا الوقت، وفي اطار الشركة الاسرائيلية-الاميركية في الحرب، أكد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي لويد أوستن الذي ارجا زيارته الى «اسرائيل» بسبب التصعيد الامني، أن «احتمالات الحل على الحدود مع لبنان تتلاشى»، وقد اعلن البنتاغون انه لا يدعم اي عملية برية في لبنان، وليس لديه القوات على الارض لدعم هكذا هجوم.
مضمون «الرسائل» الاسرائيلية؟
وما كشف عنه السيد نصرالله من رسائل مباشرة وغير مباشرة بعد «المجزرة»، تطرقت اليه صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية التي نقلت عن مصادر رفيعة المستوى في «إسرائيل» تاكيدها ان الرسالة الاسرائيلية تضمنت ايضا طلبا بإبعاد قوات «الرضوان» عن الحدود بحيث لا يجري تهديد سكان الشمال. وقالت هذه المصادر ان «اسرائيل» ابلغت «الوسطاء» بانها مصممة على خلق الظروف الأمنية التي تعيد السكان إلى بيوتهم في مستوى أمني عالٍ، ومستعدة لعمل كل ما يلزم لتحقيقها.
وتوعدت بان لديها الكثير من القدرات التي لم تستخدم بعد وفق قاعدة مفادها انه « في كل مرة نعمل فيها في مرحلة معينة تكون المرحلتان التاليتان جاهزتين للانطلاق بقوة إلى الأمام».
وفي كل منها سيكون الثمن عالياً. وقد رفض السيد نصرالله التهديدات وتقصد بالامس قول ذلك علنا بعدما ابلغ من يعنيهم الامر ان كل رسائل التهديد لن تفيد وما قبل «المجزرة» ليس كما بعدها.
نصرالله: الحساب عسير
وكان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله اكد أنّ للعدو تفوقا على المستوى التكنولوجي وقال « تعرضنا لضربة كبيرة وقوية وغير مسبوقة لكنها لم ولن تسقطنا. وسنصل خلال وقت قصير إلى نتائج يقينة بشأن التفجيرات وحينها سيُبنى على الشيء مقتضاه..واشار الى انه في مجزرتَي الثلاثاء والأربعاء كان العدو يريد أن يقتل ما لا يقل عن 5 آلاف إنسان في دقيقتين، وهو تجاوز بعملياته كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمر ولم يكترث لأي شيء لا أخلاقيًا ولا قانونيًا. واكد السيد نصرالله ان «بنية المقاومة لم تتزلزل ولم تهتز. وليعرف العدوّ أنّ ما حصل لم يمس لا بنيتنا ولا إرادتنا ولا نظام القيادة والسيطرة ولا حضورنا في الجبهات. وما يعتبره العدوّ تهديد نحن نعتبره فرصة تاريخية ونحن نتمناها. وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم. وقال: «لا شك أنّ العدوان الذي حصل عدوان كبير وغير مسبوق سيواجه بحسابٍ عسير وقصاصٍ عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، وبالنسبة للحساب العسير فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة. وقيادة العدوّ الحمقاء النرجسية الهوجاء ستودي بهذا الكيان إلى وادٍ سحيق، وما ستقدمون عليه سيزيد تهجير النازحين من الشمال وسيبعد فرصة إعادتهم.
تصعيد ميداني خطر
وقد استبقت «إسرائيل» إطلالة السيد نصرالله وتبعتها، بشن غارات عنيفة على عدد من القرى الجنوبية، وبعد غارات عنيفة بعد الظهر، شنت مساء 30 غارة بدقائق قليلة، وأعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي أن الجيش الاسرائيلي يعمل لخلق حالة أمنية في الشمال تسمح بعودة السكان إلى منازلهم وتحقيق أهداف الحرب الأخرى. واعلن أن رئيس الأركان هرتسي هاليفي أنها جلسة اقرار الخطط للجبهة الشمالية. وقد استهدفت الغارات بلدات فرون، والقصير، وبني حيان، ودير قانون النهر في قضاء صور، إضافة إلى استهداف مدفعي لأطراف بلدات شمع، وياطر، وعيتا الشعب. وبلغت طلعات الطيران الحربي بيروت وضواحيها على مستوى منخفض أثناء كلمة السيد نصرالله حيث خرق جدار الصوت مرتين وأطلق بالونات حرارية. في المقابل، أطلق حزب الله عشرات الصواريخ والطيران المسير على الجليل كما قصف الجولان، واقر جيش الاحتلال بمقتل جنديين واصابة 16 اخرين بجروح 4 حالاتهم حرجة.
توقيت التفجيرات؟
في هذا الوقت، وفي انتظار النتائج النهائية للتحقيقات التي يجريها حزب الله، فان التقارير في وسائل الإعلام الأجنبية، المتحررة من قيود الرقابة العسكرية في «إسرائيل»، تصر على التاكيد ان حزب الله كان على وشك اكتشاف الخطة العملياتية التي تمت بلورتها في «إسرائيل «، والتي تم في إطارها تفخيخ آلاف أجهزة البايجر مسبقاً، وقبل لحظة من اكتشاف العملية، قررت «إسرائيل» تفعيلها.
شركة «البايجر» وهمية
وفي السياق نفسه، تواصلت التسريبات الغربية حول شحنة «البايجر» وكشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن شركة «بي إيه سي» المجرية التي ارتبط اسمها بتفجير أجهزة «البايجر» في لبنان، ما هي إلا جزء من «واجهة إسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن 3 مصادر استخباراتية وصفتها بالمطلعة، إن الشركة المجرية وشركتين وهميتين أخريين على الأقل تم إنشاؤهما أيضا لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص الذين يصنعون أجهزة «البايجر»، مشيرةً إلى أن المُصنع الحقيقي لهذه الأجهزة «الاستخبارات الإسرائيلية. وقالت إن شركة «بي إيه سي» تعاملت مع عملاء عاديين وأنتجت لهم مجموعة من أجهزة «البايجر»، لكن العميل الأهم كان حزب الله.
ما هي المادة المتفجرة؟
وأوضحت أن أجهزة «البايجر» التي أنتجتها الشركة لحزب الله خصيصًا كانت تحتوي على بطاريات مخلوطة بمادة «بينت» المتفجرة. ووفق «نيويورك تايمز»، بدأ شحن أجهزة «البايجر» إلى لبنان في صيف عام 2022 بأعداد صغيرة، وخلال الصيف، زادت شحنات أجهزة «البايجر» إلى لبنان، حيث وصلت الآلاف منها ووزعت على عناصر «حزب الله» وحلفائهم، وفقًا لمسؤولي استخبارات أميركيين. وقالت الصحيفة انه بالنسبة لحزب الله كانت هذه الأجهزة كإجراء دفاعي، لكنها في «إسرائيل» كانت كأزرار يمكن الضغط عليها عندما يبدو الوقت مناسبًا؟!
التحقيقات في بلغاريا
من جهتها، أعلنت وكالة أمن الدولة البلغارية، امس أنّها تعمل مع وزارة الداخلية للتحقيق في دور شركة مسجّلة في بلغاريا، ومرتبطة ببيع أجهزة النداء الآلي «بايجر» إلى حزب الله في لبنان. وأضافت وكالة أمن الدولة البلغارية أنّه «لم يتمّ الكشف عن شحنات أجهزة النداء المشتبه فيها على الأراضي البلغارية. وتزعم تقارير إعلامية بلغارية، أنّ شركة مقرّها صوفيا «نوترا غلوبل» سهّلت بيع أجهزة الاتصالات اللاسلكية. من جهتها، كشفت شركة «آيكوم» اليابانية، أنه لا يمكن تأكيد شحن الشركة منتجاً لاسلكياً مرتبطاً بانفجارات أجهزة اتصال لاسلكي في لبنان. وأكّدت أنّ الجهاز، الذي ارتبط بتقارير إعلامية تفيد بأن أجهزة اتصال لاسلكية تحمل شعارها انفجرت، «متوقّف إنتاجه منذ 10 سنوات.
وقالت الشركة، في بيان لها عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، إن «الجهاز من طراز (آي سي في 82) هو جهاز راديو محمول قمنا بتصنيعه وشحنه من عام 2004 إلى تشرين الأول 2014 للأســواق الخارجية، بما في ذلك الشــرق الأوسط. وأوضحت الشركة أنّ «الكمية قد نفدت منذ نحو 10 سنوات، ولم نشحنه من المكتب الرئيسي منذ ذلك الحــين.
… وايضا في تايوان
في هذا الوقت، قال وزير الدفاع التايواني إن فريق الأمن الوطني في البلاد يولي اهتماما كبيرا لتفجير آلاف من أجهزة الاتصال اللاسلكية (بايجر) الذي استهدف جماعة حزب الله في لبنان، بعملية التفجير وذلك بعد ربط اسم شركة تايوانية بإنتاج تلك الأجهزة، وقال وزير الدفاع التايواني إن الحكومة تراقب التطورات عن كثب.
حصيلة الشهداء والجرحى
وفيما نعى حزب الله 25 شهيدا، وشيع بعضهم بالامس، كشف وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن «حجم الأجهزة اللاسلكية الذي انفجر أمس الاول كان أكبر من اليوم الذي سبق، لذلك كان هناك عدد أكبر من الإصابات البليغة». وقال في مؤتمر صحافي انه في ما يخص عدد الشهداء 25 شهيداً، أما عدد الجرحى فسجل 608 . ولفت إلى أن عدد شهداء تفجيرات «البايجر» بلغ 12، أمّا عدد الجرحى فـ2323». وأشار إلى أن 226 حالة ما زالت في العناية المركّزة جراء التفجير الأول لأجهزة الاتصال.
تشكيك بجدوى التفجيرات
وفيما اكد اللواء الاحتياط اسرائيل زيف ان التفجيرات لم تنجز اي شيء دراماتيكي ولم تغير الواقع وعدنا الى المكان نفسه قبل العملية، واي دخول بري لن يمنع صواريخ حزب الله، دعا جدعون ليفي في صحيفة «هارتس» الاسرائيلية قادة العدو الى عدم النشوة وقال « بالضبط مثل الحرب في غزة، أجهزة البايجر المتفجرة في لبنان عديمة الجدوى هي الأخرى. تحية للمخططين والمنفذين. احتــللنا رفح وفجــرنا أجهزة البايجر. كل الاحترام للجيش الإسرائيلي والموساد.
الآن، ماذا بعد؟ هل تحسن وضع سكان الشمال ؟ هل باتت إسرائيل الآن في مكان أكثر أمناً؟ هل تحسن مصير المخطوفين؟ هل تحسنت مكانة إسرائيل؟ هل تلاشى خطر إيران؟ هل هناك أي شيء، شيء واحد، تغير إلى الأفضل نتيجة هذا الاستعراض ، باستثناء الأنا المتضخمة أصلاً لدى الأمنيين لدينا»؟
ماذا عن اليوم التالي؟
وخلص الكاتب الى القول «وضع إسرائيل في اليوم التالي سيكون أسوأ من اليوم الذي سبق العملية البطولية، حتى لو وزعت إسرائيل الحلوى».واذا اندلعت الحرب في الشمال سيخلق وضع نشتاق فيه إلى المعارك في «الشجاعية». أهذا ما نريد جلبه على أنفسنا، بأيدينا؟
فيروس المستوى السياسي
اما صحيفة «معاريف» فقالت «يبدو أن لدينا إبداعية هي الأعلى في عالم العمليات الخاصة، بالمقابل، ثمة فيروس في المستوى السياسي. مستوى لا يعرف كيف يترجم خطوات إبداعية إلى منفعة سياسية لجعلها «عملة صعبة» قد يشترى بها هدوءاً وأمناً وانتصاراً حقيقياً».
التحقيق مع سلامة
قضائيا، مثل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة امام قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي وتمت مواجهته بالمحاميين مروان عيسى الخوري وميشال تويني كشاهدين وليس كمدعى عليهما لان النقابة لم ترفع الصحانة عنهما بعد. في هذا الوقت تقدم وكيل سلامة بطلب لاطلاق سراحه، فاستمهله القاضي لاستمزاج راي النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم.

Please follow and like us:

COMMENTS