البناء
انتحارات الجوع الكافر» تصدم اللبنانيّين.. وتطلق موجة غضب.. والدولار بـ 6500
رئيس الحكومة يحظى بدعم الحلفاء… ولن ينفع التهويل لإدخاله بيت الطاعة السعوديّ
عجلة التوجّه نحو الصين والعراق وقريباً سورية.. دارت ولن تتوقف… وأول الغيث نفط
هزّت وجدانَ اللبنانيين المشاهدُ الصادمة للانتحارات التي طالت شباباً عجزوا عن تأمين لقمة العيش لأسرهم، وأخرجهم الجوع الكافر من تمسكهم بالحياة، وكان المشهد الأشد تأثيراً للشاب الذي حمل سجله العدلي مذيلاً بعبارة، “أنا مش كافر بس الجوع كافر”، وأطلق النار على نفسه وسط شارع الحمراء في بيروت، وعمّت الشارع موجة غضب إثر الحادثة ترجمت بمطالبات بتسريع المعالجات وملاحقة الفاسدين، وتأمين المزيد من الدعم للعائلات الأكثر فقراً، في مواجهة أزمة لم يعرف اللبنانيّون مثلها حتى في ظل الحرب.
مقابل هذا الخبر الصادم تلقى اللبنانيون خبراً صادماً من نوع آخر، إيجابيّ هذه المرة، فقد هبط سعر صرف الدولار إلى 6500 ليرة في نهاية تعاملات السوق السوداء مساء أمس، أي بانخفاض 3300 ليرة عن سعر أول أمس، وهي نسبة قياسية في يوم واحد، تعادل 30%، وذلك من دون جميل ومنّة إجراءات طال انتظارها من مصرف لبنان، ولم تتخذ، فعوّضها قدوم اللبنانيين من المغتربات محمَّلين بدولاراتهم، التي تكفّلت بتصويب مسار السوق بعد انفلات، وصلت التوقعات بسقوفه لبلوغ الدولار سعر الـ 25 ألف ليرة، بينما توقعت مصادر مالية أن يواصل الدولار الانخفاض حتى سعر الـ4000 ليرة، وربما أقلّ ما لم يقُم مصرف لبنان والمصارف بشراء الكميات التي ستتدفق هذا الصيف، الذي سيشهد ابتعاد اللبنانيين عن اعتماد المصارف والصرافين وشركات التحويل المالية لإرسال دولاراتهم بعد تيقّنهم من حجم التلاعب فيها جميعاً، وفقدان ثقتهم بالنظام المالي والمصرفي، فقرروا حملها نقداً والمجيء بها إلى الوطن، وهذه المرة لن ينفقوا أموالهم على مشاريع البناء والاستثمار في سندات الخزينة، بل سيقدمون مساهماتهم للأقارب من المحتاجين من جهة، ولمشاريع صناعية وزراعية منتجة وتوفر فرص العمل وتغطي حاجات أساسية في الأسواق، وفقاً لما قالته مصادر في جهات وهيئات اغترابيّة، تحدثت عن شراكات ستظهر قريباً يقف وراءها المغتربون بحثاً عن استثمارات مجدية تشكل إسهاماً في مواجهة الأزمة، لكن وفق خط أحمر عريض عنوانه، لا عمل من خلال النظام المصرفي قبل استرداد الودائع.
على الصعيد السياسي، انجلت غيمة الحديث عن تغيير حكومي، لتظهر مجرد زوبعة في فنجان تجمّعت خيوطها من شائعات وتمنيات، لا أساس لها ولو كفكرة في مداولات القوى السياسية الممثلة في الحكومة. وقد أكدت مصادر في حركة أمل والتيار الوطني الحرّ وحزب الله لـ”البناء” أن الحكومة باقية ولا بحث ببديل لها، بل بسبل لتفعيل دورها ورفع مستوى أدائها، والثقة برئيسها عالية، والتمسك به قائم، والعلاقات لا تشوبها شائبة، لا بين مكوّنات الحكومة ولا في علاقتها منفردة ومجتمعة برئيس الحكومة.
الأهم في السياسة هو النقلة النوعيّة التي قادها رئيس الحكومة، ولاقاه فيها الحلفاء، وعنوانها أن زمن الانتظار قد انتهى، فالرئيس حسان دياب وفقاً لمصادر حكوميّة متابعة منح الأولوية في العلاقات الخارجية للعلاقة بالسعودية، ولم يترك سانحة للتعبير عن ذلك إلا وقام بتوظيفها، وربط كل زياراته للخارج بتلقي استجابة سعودية لنياته الصادقة، وفي العلاقات الدولية فعل الشيء نفسه مع الأميركيين، وهو لم يقُم بكليهما من موقع التابع ولا من موقع عقائدي أو سياسي بل بحسابات وطنية، لكنه لم يلق إلا الصدّ ومحاولات الإخضاع، وهو لن تنفع معه محاولات التهويل لإدخاله إلى بيت الطاعة السعودي أو الأميركي، وقد تحوّلت سفارتاهما إلى غرف عمليات لتنظيم الحملات على الحكومة ورئيسها، وصارت اللقاءات العلنية والسرية لها وظيفة واحدة هي الطعن برئيس الحكومة، ولذلك فقد بدأت مرحلة جديدة عنوانها الإقلاع بخطوات خارجية مؤجلة تلبي الحاجات اللبنانية من دون مراعاة محاذير الرضا والغضب هنا وهناك. فالمعيار هو مصلحة لبنان وليرضَ من يرضى وليغضب من يغضب. وقالت المصادر إن الخطوات التي ترجمتها لقاءات السراي الحكومي مع وفود صينية وعراقية، ستتواصل وتتزخّم وتتوسّع، والتوجّه نحو سورية ليس بعيداً. فالعجلة قد دارت ولن تتوقف، وأول الغيث نفط عراقيّ يشكل موضوع تفاوض على نار حامية، مقابل منتجات زراعية لبنانية وتعاون طبي طلبه العراق في مواجهة كورونا، استفادة من الخبرة اللبنانية التي أظهرت نجاحاً يُعتدّ به، بينما يعاني العراق من تفشي الوباء وضعف فعالية الإجراءات الحكوميّة في مواجهته.
وبعدما سيطر المشهد السوداوي طيلة يوم الخميس الماضي على الصعيدين الحكومي والشعبي، طبعت الأجواء الإيجابية يوم أمس. فبعد زيارة الوفد الصيني الى السرايا الحكومية ولقائه رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب وانطلاقة ورشة دراسات بين الوفد والوزراء في الحكومة حول التعاون الاقتصادي بين الصين ولبنان، تصاعدت موجة التفاؤل مع زيارة الوفد الوزاري العراقي الرفيع المستوى الى السرايا الحكوميّة ولقائه بالرئيس دياب والوزراء المختصين، ما يؤشر بحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «الحكومة عقدت العزم وحزمت أمرها لخوض غمار التنقيب شرقاً عن فرص اقتصادية علها تكسر الحصار الأميركي الخليجي على لبنان وتخفف من وطأة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي أثخنت اللبنانيين».
وشهدت السرايا الحكومية زيارة بارزة لوفد وزاري عراقي ضم وزراء الزراعة والتربية والطاقة والصناعة، وتم البحث بالتبادل بين البلدين في كافة المجالات لا سيما في المجال النفطي، حيث يتم استيراد النفط العراقي مقابل استيراد العراق للمنتجات اللبنانية الصناعية والزراعية وغيرها. وقد استكمل البحث عبر لقاءات ثنائيّة بين الوزراء المعنيين كل بحسب اختصاصه. وقال المتحدث باسم الوفد العراقي في مؤتمر صحافي مشترك من السرايا: «ناقشنا موضوع الطاقة، خصوصاً أنّ العراق من البلدان المصدّرة للنفط الأسود والسوق اللبنانية، كما ناقشنا كيفية الاستفادة من تجربة لبنان في الحدّ من وباء كورونا وإمكانية التعاون المشترك بين البلدين خصوصاً أنّ العراق يعيش حالياً وضعاً صعباً».
وأشار وزير الزراعة عباس مرتضى الى أن «البحث حصل حول مختلف الملفات بما فيها النفط والزراعة والعلاقات ليست جديدة مع الدولة العراقية ونحن نعيد تمتينها اليوم ودراستها وتسهيل الأمور بين البلدين خصوصاً من الناحية الاقتصادية والامن الغذائي».
وأوضح وزير الطاقة ريمون غجر «أن العراقيين عرضوا علينا تزويدنا بالنفط وسأرفع هذا الموضوع إلى جلسة مجلس الوزراء». وقال: «الوفد العراقي تواصل معنا وأظهر نية بالنسبة لتزويدنا بالنفط مقابل المواد الغذائية والصناعات والطبابة اللبنانية ومستمرون بموضوع المناقصة وسنطلع على الشروط ونحن بصدد إعداد دفتر شروط من أجل استيراد النفط كما نبحث مع الدول النفطية مثل العراق سبل الاستيراد من خلال تبادل السلع».
وأشارت مصادر السرايا الحكومية لـ»البناء» الى أن «أجواء اللقاء كانت ايجابية وقد أبدى الوفد العراقي استعداداً جدياً للتعاون مع لبنان بكافة المجالات ومع منح التسهيلات اللازمة في اي اتفاق»، لافتة الى أن «المباحثات جدية وستثمر اتفاقات في مجالات مختلفة وتوضع موضع التنفيذ في مدة زمنية قصيرة»، مشدّدة على أن «الوفد أبلغ رئيس الحكومة اهتمام العراق بإعادة تفعيل العلاقات مع لبنان بمعزل عن الظروف الإقليميّة المعقدة والحصار المفروض على دول المنطقة لا سيما قانون قيصر»، وشدّد الوفد على ضرورة الانفتاح الاقتصادي بين دول المنطقة المتجاورة جغرافياً».
وتوجّه الوفد الوزاري العراقي الى عين التينة، حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحضور وزيري الصناعة والزراعة عماد حب الله وعباس مرتضى وأشارت مصادر عين التينة لـ»البناء» الى ان «اللقاء كان ايجابياً جداً ومشدّدة على «التعاون جدي بين البلدين». وأثنى الرئيس بري على «المبادرة العراقية تجاه لبنان وعلى ضرورة تفعيل العلاقات التاريخية والمميزة بين البلدين في مختلف المجالات».
من جهتها رحبت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر بـ»الانفتاح على الصين والعراق»، ولفتت لـ»البناء» الى أن «لبنان لن يسمح بوضعه في الزاوية وخنقه، فالانفتاح سيكون على جميع دول الشرق والغرب التي ترغب بذلك ومن حقنا الانفتاح على أي دولة صديقة للخروج من أزمتنا بما يخدم المصلحة الوطنية، متسائلة: ماذا ينتظرون من لبنان بعد الخناق الأميركي الغربي الخليجي عليه؟ ولفت الوزير حب الله لـ»البناء» أن «التعاون مع الصين والعراق سيشمل مجالات الطاقة والنفايات والبنى التحتية، وعما اذا كان هذا الانفتاح شرقاً سيلقى ردات فعل أميركية سلبية ضد لبنان لفت حب الله الى أن أي قرار بتحويع وخنق الشعب اللبناني يتحمّل مسؤوليته الأميركيون ومن يدعمونهم في المنطقة ولبنان، وعلينا إنقاذ بلدنا».
وعلمت «البناء» ان الوفد العراقي سيبقى في لبنان لأيام عدة لاستكمال المباحثات مع الوزراء اللبنانيين للتوصل الى اتفاقات في المجالات كافة.
وفي موازة ذلك استكمل وزير الطاقة مع سفير الصين وانغ كيجيان سبل التعاون في المواضيع التي تخص وزارة الطاقة، استكمالاً للاجتماع الذي عُقد أمس الأول في السراي الحكومي.
في غضون ذلك تبدّدت السحب التي تجمعت في المشهد السياسي حيال خيار تغيير الحكومة لتحل محلها أجواء إيجابية ومواقف داعمة للحكومة لا سيما مع مواقف رئيسها حسان دياب في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي كانت محل ترحيب من عين التينة، بحسب ما علمت «البناء» إضافة الى الخطوتين العمليتين المتمثلتين بزيارة الوفدين الصيني والعراقي والضغط الحكومي على صعيد لجم سعر الصرف الدولار الذي سجل تراجعاً ملحوظاً يوم أمس وصل الى 6500 ليرة في السوق السوداء وتوقعت مصادر «البناء» أن يستمر في الهبوط ليصل الى 4000 ليرة مع قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة البدء بضخ الدولار في المصارف من الأسبوع المقبل للاستيراد فقط. وذلك بعد اجتماع حاسم مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين مساء امس. ويعود سبب هذا التراجع الذي بلغت قيمته 2000 ليرة، إلى ترقب السوق مدى جدية الإجراء الحكوميّ الأخير للسيطرة على الأسعار. اضافة الى فتح المطار مطلع الشهر الحالي ما سمح بإدخال كميات من الدولارات إن عبر شحنها من قبل بعض الشركات أو عبر المغتربين.
وقد أصيبت اطراف المعارضة في 14 آذار وحلفاء أميركا بخيبة أمل وصدمة شديدة مع تكشف زيف الإشاعات عن نية الرئيس بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران إطاحة حكومة دياب وتأليف حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، وسط معلومات لـ»البناء» بأن غرفة عمليات سياسية إعلامية أمنية داخلية خارجية موجودة في بيروت تعمل على ادارة المعركة لإسقاط الحكومة وإغراق البلد في الفراغ والفوضى لأهداف خارجية على محاور ثلاثة: الاول التلاعب بسعر صرف الدولار عبر مافيات تتبع للفريق الأميركي في لبنان في المصارف وقطاع الصرافة وكبار التجار والمستوردين وفي بعض المواقع الإدارية والمالية في الدولة كجهات مصرفية عدة، والثاني تحريض الشارع على الحكومة مستغلين المطالب المعيشية لافتعال مواجهات وتوترات في الشارع والثالث دقّ «أسافين» بين المكوّنات الداعمة للحكومة وبين رئيس الحكومة لا سيما بين رئيسي الجمهورية والحكومة ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وعكس زوار عين التينة استغراب الرئيس بري لكمية الضخ الإعلامي والتسريبات عن تغيير حكومي قريب، مشيرين لـ»البناء» الى ان «لا بديل عن الحكومة في الوقت الراهن، مؤشراً الى وجود أسباب داخلية للأزمة لكن الأسباب الحقيقية هي خارجية متمثلة بالحرب الاميركية على لبنان حيث وصفها الرئيس بري بالاجتياح، لكن بوسائل وادوات ناعمة، حيث إن الأجندات الخارجية تمتطي الأجندات الداخلية. وعن كلمة الرئيس دياب الأخيرة لفت زوار بري الى أنه يعتبرها صدىً لصوت الرئيس بري، مشيرة الى أن «العلاقة بين الرئيسين بري ودياب جيدة». ويضيف الزوار بأن «الرئيس بري ومن خلال اجتماعاته اليومية لا سيما أمس الاول مع النائب باسيل يولي الهم المالي أولوية وإعادة الاعتبار للنقد الوطني ووقف انهيار العملة. وهذا ما بدأت مفاعيله بالظهور بتراجع سعر صرف الدولار». ولفت الزوار الى أن «انخفاض سعر الصرف كما بشّر الرئيس بري من بعبدا ليس في يده بل استند حينها الى إجراءات حاكم مصرف لبنان التي اتخذها خلال لقاء بعبدا الرئاسي وأضاف الزوار ان بري يعتبر أن حجر الزاوية للجم الدولار هو إنجاز الإصلاحات المالية والاقتصادية اللازمة وفي مقدمها الكهرباء والمطلوب من الحكومة المباشرة بذلك سريعاً. وهذا كان محور نقاش بري وباسيل وليس تغيير الحكومة».
وبرز موقف للنائب باسيل على “تويتر” دحض فيه كل الإشاعات عن طرحه تعديل الحكومة، قائلا: “اوّل شي، أنا قلت بـ 14 شباط 2019 إنها رح تكون طويلة وصعبة؛ تاني شي، ولا يوم عملنا تسوية على الفساد ولا منعمل، نحنا منعمل تفاهمات؛ تالت شي، خلصنا من التسوية، بيكفي قدّي دفعنا تمنها! وأهم شي اليوم، انو الحكومة تعمل إصلاحات والمجلس يقرّها والحاكم يضبط الدولار”.
وأوضحت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ”البناء أن “باسيل قصد بتغريدته أن زمن التسويات على الفساد انتهت، وباسيل يدعم بقاء الحكومة ويحثها على الإنتاجية”، ووضعت الحديث عن توجه التيار لتغيير الحكومة في إطار التسريبات والبناء عليها تحليلات ومقالات وهمية.
ورداً على الأخبار التي تتحدث عن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة أجابت الأوساط العونية: “أهل واخوات العريس والعروس موافقين عالزواج الا العريس والعروس”، وأضافت: “لن نقطع شعرة معاوية ونرفع سقف مواقفنا تجاه الشركاء في الوطن لكن لن ندخل بتسوية وفق منطق المحاصصة والفساد رغم أننا شاركنا في المحاصصة في الوظائف نظراً لتركيبة البلد الحزبية والطائفية، لكن لا تسوية على الفساد والمناقصات والتلزيمات. وهذا الجزء الأساسي من مشكلتنا مع الحريري الذي رفض وضع الخطط التنفيذية لمشاريع سيدر لأننا لم نوافق على المحاصصة في تقاسم هذه المشاريع”.
وأمدت الاوساط أن “موضوع استقالة الحكومة لم يطرح في لقاء بري وباسيل، بل كان اتفاق على تفعيل عمل الحكومة رفع إنتاجيتها، مشيرة الى أن العلاقة جيدة بين بري وباسيل. وهذا ما تثبته اللقاءات الدورية بينهما”.
وكررت الاوساط موقف التيار من مسألة الخلاف حول الأرقام المالية، موضحة ان “لجنة المال قامت بعمل جيد وقدمت تقريرها ونتفق مع جزء منه ونختلف بجزء آخر، لكن ارقام الحكومة هي الحقيقية ولكن مقاربة الخسارة برقم 241 ألف مليار يحتاج الى مراجعة”.
وأصدرت اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر بياناً نفت خلاله ما بثته محطة أم تي في خلال نشرتها مساء أمس عن اجتماع باسيل مع الرئيس بري، مشيرة الى أنه “تضمن مغالطات عدة ومعلومات خاطئة ومفبركة وخصوصاً ما يتعلق بطلب رئيس التيار استبدال رئيس الحكومة حسان دياب. والقسم الكبير من الاجتماع تمحور حول الاصلاحات التي يجب ان تقوم بها الحكومة وإقرار ما يلزم من قوانين في المجلس النيابي ومنها الكهرباء، وحول وجوب ضبط سعر صرف الدولار من قبل حاكم المصرف المركزي تعزيزاً للاستقرار الأمني والاجتماعي”.
على صعيد آخر، اعلن وزير الطاقة “أنه تم امس فض استدراج العروض لمناقصة المازوت لصالح منشآت النفط وقد شاركت في المناقصة 9 شركات على ان يتم الانتهاء من التقييم اليوم والإعلان عن الرابح وتبليغه”. واكد غجر أن مشكلة الكهرباء ستحل خلال 48 ساعة ولن يغرق لبنان في العتمة كما يصوّر البعض. واوضح غجر على سؤال “البناء” حول تجديد عقد استدراج الكهرباء من سورية، أن “الموضوع قيد الدرس ونحن نستورد من سورية 250 كيلواط وحاجتنا أكثر بكثير، لكن سنتخذ قراراً بهذا الشأن لا سيما في ظل قانون العقوبات قيصر الذي يفرض على سورية ونبحث عن الحل لتجديد العقد”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللواء
الجوع ينحر اللبنانيين… «أي مستقبل تصنعون لهذا البلد»!
مفاوضات «النفط مقابل الغذاء» بين بيروت وبغداد.. والثنائي لن يقبل بحكومة بلا حزب الله
من محمّد الهق إلى سامر حبلة، مشهد حزين خيَّم على المشهد السياسي والمالي في البلاد. فاقم من الكره الذي يعتمر قلوب اللبنانيين، ويسكن مشاعرهم، بوجه هؤلاء الذين اخذوا البلاد والعباد إلى الانهيار المالي، والوظيفي، وفرص العمل، وصولاً إلى الجوع.. «بس الجوع كافر» كما كتب ابن البقاع، الرجل الستيني، الذي كتب نهايته، في شارع المصارف والثقافة والسينما، «والعز أيام زمان» شارع الحمرا، بعدما ارتشف فنجان قهوة، في مقهى، وبرأ ذمته، حتى لا تندفع التحليلات والاتهامات بحق الضحية، التي قتلت نفسها بالرصاص، وبقي القاتلون يصولون ويجولون، تحت حجة البحث عن حلول.
قريب للرجل «الشهيد» شهيد اللقمة، ألقى اللعنة على الحكام، «الله يلعنهم، النّاس اختنقت».. وأخطر ما في المأساة ان الذين سرقوا المدخرات، والأحلام.. وحتى الخبز، «يجلسون في قلاعهم، وما زالوا يقهرونا». ومساء، وضع عشرات اللبنانيين الزهور حيث قضى الهق انتحاراً.
وانطلقت على مواقع التواصل ان سيّدة قدمت نفسها انها من «الشعب اللبناني العظيم» أجرت اتصالاً مع قصر بعبدا، وقالت: «متنا من الجوع، ومش قادرين تعملوا شيء، فلو». وقالت: «وينو وعوه، نايم»..
والوضع على قساوته، آخذ في التدهور، لأن استمرار انهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار، وفقدان فرص العمل، سيجعل الأمن في مهب الخطر، ويحوّل الاحياء والمؤسسات إلى ما يمكن وصفه «بالحماية الذاتية» داخل المؤسسات والاحياء.
إزاء ذلك، قال المنسق الأممي في بيروت يان كوبيش، لا تراهنوا على أن صبر اللبنانيين بلا حدود، يكفيهم ما يعانونه من غياب تام للاصلاح بداية من قطاع الكهرباء ومرورا بغياب الرؤية الموحدة والجهد الحقيقي لمواجهة الانهيار ووصولا لبؤسهم المتزايد. أي مستقبل تصنعون لهذا البلد الذي يمتاز بجماله وفرادته وشعبه الدؤوب؟.
جمود.. ومخاوف من فراغ طويل
حسب المراقبين، جمود قاتل يضرب البلاد، وسط تسارع، غير مسبوق للإنهيار.
وتحتدم المطالبة، باستقالة الرئيس دياب كمخرج من المأزق الخطير، لكن، وفقا لهؤلاء المراقبين، ما يزال حزب الله يُشكّل رافعة لاستمرارها، باعتبار هذا الخيار، هو أقل الخيارات سوءاً، علي اعتبار ان أي تغيير سينظر إليه على انه هزيمة سياسية، ويفتح الطريق إلى فراع حكومي طويل..
وفي المعلومات، ان «الكباش الحكومي» يعني حزب الله مباشرة، وهو لن يوافق على أية صيغة تبعده عن المشاركة، لو بلغ سعر صرف الدولار 100 ألف ليرة، وتعاظمت الضغوط.
وفقا لمصادر فاعلة في 8 آذار اكثر من ذلك، فان الثنائي الشيعي لن يفاوض تحت الضغط، او بمعنى اوضح فانه ابلغ الفرنسيين ان حكومة دياب باقية ولن يتم اسقاطها قبل التفاهم بشكل كامل حول تفاصيل الحكومة الجديدة من اسم الرئيس الى الوزراء والبيان الوزاري والبرنامج الاقتصادي للحكومة البديلة.
طي الصفحة
وعليه، يبدو أن صفحة الحكومة قد طويت سريعاً برغم الاصوات التي علت مؤخراً لتغييرها، بعدما جرت اتصالات على اعلى مستويات شاركت فيها كل الاطراف الداعمة للحكومة، وتبين ان تغييرها دونه عقبات ومحاذير، اقلها عدم توافر البديل ما يمكن ان يضع البلاد امام الفراغ الحكومي طويلاً وتعطيل كل خطوات الاصلاح والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والاتصالات مع الدول الداعمة لبنان غرباً وشرقاً، وقد اتفقت هذه القوى حسب معلومات «اللواء» على تحفيز وتفعيل عمل الحكومة، «لا سيما لجهة الاسراع بتطبيق الاصلاحات وتنفيذ المشاريع والقوانين التي اقرها المجلس النيابي والحكومة ذاتها».
وقد جاء هذا القرار حسب مصادر مقربة من عين التينة، بعد اللقاء الذي جمع امس الاول، كلا من الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على ان يتم تفعيل عمل الحكومة بتطبيق القوانين والمشاريع التي اقرها مجلس النواب ومجلس الوزراء، نافية حصول اي تسوية او اتفاق جديد يضمن عودة الحريري.
ووفق مصادر عين التينة «بأن التغيير والتبديل الحكومي غير مطروحين حاليا، المطلوب العمل بسرعة على معالجة الازمات الاقتصادية والمعيشية القائمة»، فيما كتب باسيل امس، عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «اوّل شي، انا قلت بـ١٤ شباط ٢٠١٩ انها رح تكون طويلة وصعبة؛ تاني شي، ولا يوم عملنا تسوية على الفساد ولا منعمل، نحنا منعمل تفاهمات؛ تالت شي، خلصنا من التسوية، بيكفي قدّي دفعنا ثمنها! وأهم شي اليوم، انو الحكومة تعمل اصلاحات والمجلس يقرّها والحاكم يضبط الدولار».
كما جاء قرار بقاء الحكومة في ظل الجو الضاغط سياسياً وامنياً واقتصادياً والتلويح بتحركات عنفية في الشارع قد تتوسع وتتحول الى اعمال مخلة بالامن الى درجة خطيرة، وفي اعقاب اتصالات بين الرئيس حسان دياب والوزراء لا سيما وزراء الخدمات لتفعيل وزاراتهم والانصراف لمعالجة المشكلات القائمة على كل المستويات. لا سيما وان الرئيس دياب تكلم امس الاول في مجلس الوزراء بكلام عالي النبرة مؤكداً المواجهة، كما اعلن عدد من الوزراء بأن لا استقالة بل مواجهة.
وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة لـ«اللواء»: ان كل الكلام عن استقالة الحكومة غير صحيح بل بالعكس، هناك قرار كبير بتفعيل العمل والاستمرار حتى تحقيق ما يمكن من انجازات. وما كان يتم تداوله سراً وتحدث عنه البعض علناً من «بيت الوسط» وسواه ليس سوى استنتاجات وقراءات سياسية للوضع في غير محلها وغير دقيقة.
فهمي: الحكومة والامن متماسكان
وفي السياق، قال وزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي للزميل في «اللواء» غاصب المختار: ان الحكومة باقية ومستمرة في عملها وتعليمات الرئيس حسان دياب هي التماسك والعمل المنتج. وكل الطبخ الذي يجري طبخه سيبقى نيئاً ولن ينضج. خاصة انه لا بديل عن الحكومة الحالية وأياً كان سيأتي بعدها سيصطدم بالمعوقات والمشكلات ذاتها، لان الوضع جد صعب والمرحلة استثنائية، لكن التماسك الحكومي لازال موجوداً، وهو يتزايد لأن التحدي كبير امامها، ولكن يبقى الوضع الاقتصادي هو الأساس لأنه سينعكس حكماً على الوضع الامني.
وعن تأثير الوضع الاقتصادي على الحكومة وعلى الوضع الامني، خاصة في ظل المعلومات عن توجه لتحركات عنفية في الشارع في المرحلة المقبلة؟ قال الوزير فهمي: ان معالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي تبقى الاساس، وهذه توجيهات الرئيس دياب، للابقاء متماسكين وتنشيط العمل، وهو ما يحفز الوزراء على العمل اكثر.
وعن المعطيات التي يملكها حول تدخل خارجي لتوتير الوضع، كشف الوزير فهمي ان هناك تدخلا خارجياً بالتأكيد، وهناك طائرة خاصة قدمت من تركيا تم توقيف اربعة اشخاص كانوا على متنها اتراك وسوريين ينقلون اربعة ملايين دولار، وقد دخلوا على اساس ان لديهم شركة صيرفة. ولا ندري هل هذه الاموال هي للتهريب والتلاعب بالدولار ام لتغذية تحركات عنفية معينة في الشارع. هذا اضافة الى التعليمات التي تصل من تركيا عبر «الواتس اب» لبعض اطراف الحراك الشعبي. والسؤال هو : ماذا اتى بهؤلاء الى لبنان وهم يحملون هذه الاموال؟
وعلى صعيد الحراك الشعبي الداخلي وهل سيتخذ طابعا عنفياً؟ قال الوزير فهمي: قد يستغل بعض المخططين في الداخل الوضع الاقتصادي والعيشي السيء لتعنيف وتقوية الحراك الشعبي تحت عنوان الجوع ولكن الاكيد ان هناك اهدافاً اخرى.
وقال: ان الوضع الامني متماسك بشكل جيد جداً إن لم نقل ممتاز، لكن من دون شك ان الوضع الاقتصادي يؤثر سلباً على الوضع الامني، والتنسيق قائم بين كل القوى الامنية على افضل وجه، والأمر الذي ساعدني كثيراً على تفعيل التنسيق هو انني ضابط متقاعد من الجيش وهو المؤسسة الام، وقادة الاجهزة الامنية لا سيما اللواء عباس ابراهيم اصدقاء وعلاقتنا قديمة واخوية وهذا ما يساعد اكثر، اضافة الى علاقة الاحترام بيني وبين مديري الامن الداخلي وأمن الدولة كوني اقدم منهم في الخدمة والضباط لا يتخلون عن المناقبية والاحترام في العلاقة بينهم، وهو ما ساعد اكثر على التنسيق بين القوى العسكرية والامنية وبقاء الوضع الامني متماسكاً، خاصة لجهة طلب الدعم والمؤازرة، وعمودها الفقري هو الجيش نظراً للعديد والعتاد الذي لديه.
وفي السياق، اعلن وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار لـ«اللواء» ان الحكومة لا تفكر بالاستقالة وهي تتعرض للظلم لأسباب سياسية وثمة من يصفي الحسابات على ضهرها.
ولفت الوزير نجار الى ان الحكومة تتعرض لضغوطات ومطلوب منها ان تحل الأمور بسحر ساحر وهي في مكان ما اضحت فشة خلق.
مشيراً الى ان الحكومة تبذل كل ما في جهدها على انه من المهم ان نساعد أنفسنا كي يساعدنا الآخرون.
ورأى ان جميع اعضاء الحكومة يريدون مصلحة البلد والخروج من المأزق الراهن ومساعدة الناس.
وقال ان الأساس يبقى الثقة والسير بالاصلاحات، ومن هنا فإن ادراج بند تعيين مجلس ادارة لمؤسسة كهرباء لبنان في جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل امر أساسي. كاشفا انه انجز بدوره كوزير للأشغال الهيئة الناظمة للطيران المدني واضحت في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وكذلك ما يتعلق بالمرفأ في حين ان ملف الأملاك البحرية الذي كان عالقا منذ 30 سنة ها هو يوضع على السكة الصحيحة بحيث ان اخر مهلة لتسوية الأوضاع في الأملاك حددت بـ 12 آب.
انفعال باسيل واستذكار التسوية
وفي إطار متصل، السؤال لماذا انفعل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل واستذكر التسوية مع الرئيس سعد الحريري بالقول «خلصنا منها وبيكفي قديش دفعنا ثمنها»؟
يجيب مصدر سياسي مطلع على الحركة السياسية بالقول: ان باسيل ايقن بعد العجز الفاضح لحكومة حسان دياب وتردي الوضع المالي والاقتصادي نحو الأسوأ وانعكاساته السلبية على العهد عموما، انه لا بد من تغيير الحكومة وتأليف حكومة جديدة تحظى بحد أدنى من تغطية زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري على الاقل بعدما رفض الاخير مرارا عروض العودة لرئاسة الحكومة في ظل وجود الرئيس ميشال عون بسدة الرئاسة.
وازاء ذلك حمل باسيل مشروع التغيير الحكومي وقصد الخميس الماضي رئيس المجلس النيابي نبيه بري عارضا عليه الفكرة ومبررا الاسباب بعقم الحكومة الحالية وعدم صلاحيتها لاستكمال مهماتها في الإنقاذ المطلوب. وبعد نقاش تجاوز الساعة ولدى سؤال بري عن البديل المطروح لرئاسة الحكومة عرض باسيل اسماء عدة بينها اكثر من اسم يحظى بتأييد الحريري، مثل نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمد بعاصيري والسفير السابق نواف سلام وآخرين.
ولكن رئيس المجلس النيابي بادر باسيل بالقول: لا بد من التفاهم مع الرئيس الحريري قبل الخوض بالتغيير المطلوب كي لا تتعثر الامور وتنعكس سلباً. داعيا باسيل للقيام بذلك.
وازاء استمهال الاخير للتشاور مع الرئيس ميشال عون والفريق الرئاسي بهذا الامر، وبعدما تسرب جانبا مما طرح في اللقاء مع الرئيس بري، كان الرئيس الحريري سباقا لتوجيه مواقف مباشرة وقاطعة للعهد وباسيل تحديدا، كرر فيها انه ليس راكضا وراء رئاسة الحكومة وليس راغبا فيها ومذكرا بشروطه دون اي مساومة، بما يعني أيضا رفضه تولي رئاسة الحكومة طوال ما تبقى من ولاية عون أيضا، والأهم من كل ذلك ،بعدم تغطيته تسمية بعاصيري او أي شخصية اخرى تقبل بهذه المهمة دون علمه.
ويقول المصدر ان مواقف الحريري هذه كان لها وقع سيء لدى باسيل ورئاسة الجمهورية عموما باعتبارها قطعت الطريق على أي محاولة لفتح قناة اتصال او الحصول على موافقة مباشرة او غير مباشرة من الحريري، لاختيار اي شخصية لرئاسة الحكومة تتغطى مواربة بالرئيس الحريري، من قريب او بعيد، في حين ان تكرار انتقادات الحريري الى باسيل اعادت التأكيد مجدداً بمسؤولية الاخير عن تعطيل مسار الدولة واجهاض مسيرة العهد ورفض كل محاولات الاصلاح وإثارة الاستفزازات مع كل الاطراف السياسيين في الحكومتين السابقتين.
ويختم المصدر المذكور بالقول: ان رسائل الحريري الساخنة فرملت مؤقتا ما كان يتم التحضير له من خطوات لتغيير الحكومة واغضبت باسيل الذي عبر عن مشاعره بالرد غير الموفق بالقول: «خلصنا من التسوية وبيكفي قديش دفعنا ثمنها». وفي حين لم يذكر ما هو هذا الثمن الذي دفعه، تجاهل ان هذه التسوية هي التي اوصلت عمه الى الرئاسة الاولى ولولاها لبقي حالما فيها حتى اليوم،اماقوله: «بيكفي ان تعمل الحكومة اصلاحات والمجلس يقرها» فهذا يتناقض كليا مع امانه العلني المتواصل بتعطيل اي اصلاحات مطلوبة ولاسيما في قطاع الطاقة منذ هيمنته على هذا القطاع مباشرة قبل اكثر من عشر سنوات وحتى اليوم، برغم النتائج الكارثية التي حصلت جراء ممارساته الفاشلة هذه.
وفي إطار المعالجة، عقد لقاء مالي- أمني في السراي الكبير برئاسة الرئيس دياب، وحضور الوزير غازي وزني، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي صرّح قائلاً بأن «الأسبوع المقبل» يبدأ ضخ الدولار في المصارف للاستيراد فقط.
وفي إطار البحث عن حلول للتأزمات الحالية، استقبل الرئيس دياب وفداً وزارياً عراقياً، ضم وزير النفط إحسان عبد الجبار إسماعيل ووزير النفط والزراعة سيف التميمي، وضرغام محمّد كريم، بحضور الوزراء عماد حب الله، عباس مرتضى، ريمون غجر، واللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام.
وكشف غجر جرى البحث تطرق إلى إعطاء لبنان النفط مقابل مواد غذائية وزراعية.
وفي وقت لاحق، كشف وزير الطاقة غجر ان شركات عالمية شاركت في مناقصة مازوت لصالح وزارة الطاقة، على ان تعلن النتيجة اليوم.
استهداف الناشطين
على صعيد الحراك، استهدف الناشط واصف الحركة، بعد خروجه من لقاء اذاعي في الأشرفية، وكشف ان شباناً أربعة على دراجات نارية استهدفوه بآلات حادّة، وبقي لوقت في الشارع، قبل نقله إلى المستشفى للمعالجة، ليعلن انه بخير.
وسارع وزير الداخلية محمّد فهمي إلى إدانة الاعتداء، كاشفاً ان تحقيقا بدأ بالحادث لكشف الفاعلين، وكذلك تعهدت وزيرة العدل ماري كلود نجم.
والأنكى، ان وسيلة جديدة، دخلت على ملاحقة الناشطين، من خلال استعمال الآلات الحادّة ضد ناشط معروف، هو المحامي واصف الحركة في وضح النهار.
وعلى صعيد الحراك، تجمّع عدد من المواطنين في شارع الحمراء، في البقعة التي أطلق فيها المواطن «علي محمد الهق» من الهرمل (صباح أمس)، بالقرب من مقهى «ستارباكس» النار على رأسه، مُنهياً حياته، وتاركاً إلى جواره سجلاً عدلياً «لا حكم عليه» وورقة دوّن عليها «أنا مش كافر بس الجوع كافر».
وإذ سجّل الحاضرون غضبا شديدا جرّاء ما حصل، أبدوا أسفهم للحال الذي وصلت اليه البلاد من أوضاع معيشية سيئة لا مثيل لها في تاريخ لبنان، وعمد البعض منهم الى افتراش الارض وقطع الطريق، رافعين لافتات تحمل المسؤولين مسؤولية اقدام المواطن الهق على الانتحار، ورافضين ما يشاع عن انه يعاني من اضطراب نفسي.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت عبارة «أنا مش كافر»التراند الأول في لبنان على موقع «تويتر»، إذ غرّد الناشطون مستنكرين ما آلت اليه الأوضاع المالية والاقتصادية.
صيدا
{ ومن صيدا، أفادت مراسلة «اللواء» ثريا حسن زعيتر بأنّ عدداً من المواطنين ركنوا سياراتهم في وسط ساحة حسام الدين الحريري – دوار إيليا، وافترشوا الأرض، احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع سعر الدولار ودعوا الى التحرك والنزول الى الشارع.
شمالاً
وشمالاً،، نفّذ ناشطون في الحراك الشعبي في طرابلس اعتصاما، أمام شركة كهرباء قاديشا، وعمدوا الى اغلاق ابوابها ومنعوا الموظفين من الدخول الى مكاتبهم، وذلك احتجاجا على تفلت سعر الدولار الاميركي والتقنين القاسي للكهرباء.
كما اعتصم عدد آخر امام مرفأ طرابلس ومنعوا الشاحنات من الخروج والدخول من والى المرفأ، مرددين هتافات تطالب باسترداد الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين.
في حين تجمَّع عددٌ من الناشطين في ساحة التل بطرابلس، ورفعوا الاعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها «ما أضيق العيش لولا فسحة الثورة»، «الفتنة طائفية ثورتنا لبنانية وسلمية»، «حكومة دياب ساقطة».
ثم خرجوا بمسيرة راجلة جابت شوارع المدينة تحت عنوان «رفضا للطبقة السياسية التي اوصلتنا الى الانهيار الإقتصادي»، ورددوا هتافات تندد بالفساد والمسؤولين.
وتزامناً مع العشاء الذي أقيم على شرف الوفد العراقي… حصل إشكال بين عدد من المحتجين والقوى الأمنية أثناء تواجد الوزيرين ريمون غجر وعماد حب الله في أحد المطاعم.وحصل تدافع بين المحتجين وعناصر قوى الأمن.
إلى ذلك، اعرب الوزير فهمي في بيان صادر عن مكتبه أمس، عن اسفه «لما حصل امام مدخل الوزارة لا سيما العبارات السيئة التي طالت ميشال عون، ويعتبر ان أحقية المطالب لا تبرر الشعارات السيئة التي اطلقت».
جاء ذلك بُعيد قطع عدد كبير من المواطنين للطريق امام وزارة الداخلية في الصنائع بشكل كامل، وحاول عدد منهم اقتحام مدخل الوزارة، لجهة حديقة الصنائع، بهدف لقاء الوزير فهمي لابلاغه شكاوى أهالي بيروت حول عدد من المشاكل الراهنة التي يواجهونها لا سيما الانقطاع شبه الدائم لتيار الكهرباء الذي تعاني منه العاصمة، الأمر الذي حدا بالضباط والعناصر المولجين حماية الوزارة، إلى امتصاص غضب المتظاهرين وسمحوا لعدد منهم بالدخول للقاء الوزير فهمي.
وفي التفاصيل، ان عددا من المواطنين انطلقوا بسياراتهم ودراجاتهم النارية بمسيرة احتجاج على ما اسموه «تهميش الطائفة السنية وسلب حقوقها، وأخذ المراكز المخصصة للطائفة في الدولة»، جابت شوارع العاصمة حتى وصلت إلى امام وزارة الداخلية حيث قطعوا الطريق.
واعتبر المعتصمون ان «الطائفة السنية هي رمز الاعتدال»، مُطلقين هتافات منددة بـ «حكومة لا تمثلهم ولا تكترث لغلاء الأسعار وارتفاع سعر الدولار بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي».
«نداء إلى أهلنا في بيروت»
وتحت عنوان «نداء إلى أهلنا في بيروت» صدر عن «تكتل الجمعيات والعائلات البيروتية ومجموعة أهل بيروت المحروسة» بيان جاء فيه: «تحركنا نحو وزارة الداخلية سلمياً لمقابلة معالي الوزير اللواء محمد فهمي لتقديم احتجاج على تقسيم محافظة جبل لبنان واستحداث محافظة جديدة في كسروان وجبيل بما يعنيه مزيداً من التفتيت الطائفي ومن خلل في التوزيع الوطني ومن محاولة فرض امر واقع للفدرالية».
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 34 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1830 علما ان عدد الفحوصات المخبرية التي اجريت خلال الـ ٢٤ ساعة المنصرمة بلغ ٣٣٤٨ فحوصاً.
وكشف وزير الصحة حمد حسن ان من أصل 11250 فحصاً لوافدين عبر مطار بيروت الدولي، تبي ان هناك 19 حالة إيجابية فقط، كاشفاً ان سعر فحص الـ PSR 50 دولار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخبار
علي الهقّ… شهيد الإبعاد والإفقار: أنا مش كافر
الدولار يتراجع في السوق السوداء: «تصحيح تلقائي» أم خشية الصرّافين من المصارف؟
بري – باسيل: اتفاق على بديل «كرول»
يمكن اعتبار قضية علي الهق تكثيفاً للواقع اللبناني: هاجر بحثاً عن حياة أفضل. أُبعِد، سياسياً وظُلماً، من الإمارات العربية المتحدة. عاد إلى البلاد التي تنهشها منظومة تمعن في الثراء على حساب عامة الناس. ضاقت به السبل والأحوال، قبل أن يعلم إصابته بمرض عضال. هكذا يقول بعض أقاربه. قرر الرحيل (مقال إيلده غصن).
التحق علي الهق (1959-2020) أمس، بموكب شهداء منظومة القهر. قرّر الانسحاب من مواجهة الذلّ اليومي، كما فعل سامر حبلي في اليوم نفسه للمصادفة. مثلما فعَل، قبلهما، جورج زريق وناجي الفليطي وداني أبي حيدر واللاجئ السوري بسّام حلاق… وقد تطول اللائحة. والمفارقة الموجعة، أنّ جميعهم آباء تركوا أبناء يواجهون وحدهم قدر العيش في هذا البلد. هؤلاء اختاروا مُجبرين شكل رحيلهم. غير أنّ المشترك بينهم أنّهم لم يطيقوا احتمال الذلّ أكثر، وغادروا قبل أن يشاهدوا من سيسقط بعدهم على مذبح النظام. حمَلوا معهم أوجاعاً نفسيّةً وجسديّةً ومعنويّةً، لا يمكن أحداً إدراكها أو تكهّن ثقلها عليهم. كانوا أكثر نقاءً من كلّ ما يُقال، أو سيُقال، بعد رحيلهم. وفي قصّة علي، تحديداً، الذي أبى إلا أن يغطّي وجهه ويترك سجلاً عدليّاً نظيفاً مرفقاً بعبارة «أنا مش كافر»، شاهداً على جثمانه… قد نفهمُ الخوف من جَلْدِ المجتمع.
اختار علي شارع الحمرا النابض بالحياة مسرحاً لمقتلته، في مدخل مبنى يضمّ مسرحَين ومقاهي وشهود عيان كثراً. قرابة العاشرة قبل الظهر، سمع الموجودون صوت الطلقة الناريّة التي اخترقَت رأسه واستقرَّت في زجاج السلّم المؤدّي إلى الطبقة الأولى في المبنى التجاري. «كان يجلس على كرسيّ، أجلس عليه عادةً عند مدخل المبنى، فيما لحظة الحادثة كنت جالساً في المقهى المجاور. حين سمعتُ الطلقة، التفتُّ نحو مصدرها، وإذا به يسقط على الأرض، وكان قد غطّى وجهه بمنشفة. حرص في لحظات نزاعه على أن لا يتفوّه بكلمة «آخ»، لم يقل شيئاً، شاهدناه يشدّ المنشفةً لتغطّي رأسه، ثمّ فتح ذراعيه واستسلم. كان هاتفه في حوض الزهور قرب الكرتونة التي حملت علم لبنان وسجلّه العدلي وعبارة أنا مش كافر. وصل الإسعاف بعد دقائق. فيما بقي الجثمان حتى الواحدة والنصف بعد الظهر، ممدّداً بوجود الأدلّة الجنائيّة». هذه شهادة رواها بالغصّة والدموع، أحد شهود العيان ممن يعملون في حراسة المبنى، وتتقاطع مع شهادات موظّفين آخرين أكّدوا أنه لم يقل شيئاً.
أُجبر علي، ابن الهرمل وسكان الضاحية الجنوبية، على العودة إلى لبنان «قبل سنتين تقريباً، مع المبعدين سياسياً من دولة الإمارات، بعدما كان حاله ميسوراً، وجد نفسه بلا شيء ولا تعويض، خسر ما جناه، وتعرّض لاحتيال من قبل شخص حاول التشارك معه في العمل»، كما يقول أحد أقربائه لـ«الأخبار». ويضيف: «ترك ابنتين راشدتين، يعيش معهما في منزل مستأجر في منطقة المريجة، ويعمل في محلّ لبيع المواد الغذائيّة والحبوب والزيوت، لكنّ راتبه لم يكن كافياً». قريبه الآخر يشير إلى «أن الجوع ليس سبب انتحار علي، لكنّها تراكمات وضغوط اجتماعيّة، ومرض عضال علم بإصابته به وأثّر عليه». هذه روايات أقارب له، بعيدون عن مكان سكنه، ولا يعلمون تفاصيل «قد لا نعرفها». أحدهم رآه قبل يومين، «لكنّه كتومٌ ولم يبح بشيء». أحد أشقّائه الذي حضر إلى مكان الحادثة لاصطحاب الجثمان، ردّد، وفق شهود عيان، أنّ «شقيقي اتّصل بي وأوصاني بعائلته من دون أن أفهم السبب». هكذا انتظر جثمان علي أن تقبل المستشفيات الخاصة بنقله إليها، وأن تنهي الأدلّة الجنائيّة بحثها عن «أدلّة»… فيما أفعال الدولة والحكومة وجمعيّة المصارف وحزب المصارف والصيارفة ومصاصي دماء الشعب، واضحة، بأدلّة دامغة لا لُبس فيها.
اكتفى علي بأن يؤكّد أنه ليس بكافرٍ، تاركاً لتأويلاتِنا أن تزيد ما تريد، ولكلمات أغنية زياد الرحباني أن تشرح أن الكفَرة هم الجوع والذلّ وعدم القدرة على الهجرة وجشع الرأسماليّين وتجّار الدين، وكلّ «الإشيا الكافرين» التي تُمعن المنظومة في غرسها في قلب الشعب. توافد العشرات فقط، من الغاضبين مما جرى، بشكل عفويّ. أرادوا أن يهزّوا السُبات وضمير المسؤولين، لكنّ معظمهم غادر مخذولاً لأن حادثة علي لم تتحوّل إلى واقعة بو عزيزي جديدة. هتفَ الغاضبون ضدّ النظام، أضاؤوا الشموع ووضعوا الورود في الموقع، ودوّنوا أسماء شهداء المنظومة، والعبارة نفسها التي اختارها علي تأويلاً أخيراً لرحيله.
الدولار يتراجع في السوق السوداء: «تصحيح تلقائي» أم خشية الصرّافين من المصارف؟
بري – باسيل: اتفاق على بديل «كرول»
يستكمل الرئيس حسان دياب فتح الأبواب أمام خيارات في الشرق، لمواجهة الحصار الأميركي المفروض على لبنان. فبعد الصين، عقد دياب لقاءً مع وفد وزاري عراقي لمناقشة سبل التعاون بين بيروت وبغداد، حيث جرى طرح العديد من الأفكار التي ستكون آلية تنفيذها بمثابة اختبار جدي للحكومة
ما مدى جدّية اندفاعة الرئيس حسان دياب إلى خيارات الشرق؟ سؤال فرض نفسه غداة المحادثات التي بدأها دياب مع السفير الصيني وانغ كيجيان، بحضور عدد من الوزراء أول من أمس، واستكملها باجتماعات مع الوفد الوزاري العراقي الذي وصل إلى بيروت، وتحدث عن تسهيلات ستكون في متناول لبنان لمساعدته في الخروج من أزمته، ولو جزئياً. وفيما كانت أصداء المواقف المتشدّدة التي أطلقها دياب أخيراً ضد «أدوات خارجية تعمل لإدخال لبنان في صراعات المنطقة»، وحديثه عن «تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار الذي باتت لعبته مكشوفة ومفضوحة»، كانت محطّ قراءة لما انطوت عليه من إشارات عن استعداد حكومته لفتح بابٍ ظلّ مقفلاً، ووقف استرهان لبنان للمواجهة التي تريدها الولايات المتحدة الأميركية مفتوحة ضد المقاومة، تبيّن أن اللقاءات والاتصالات السياسية التي طوَت طلائع سحب البساط السياسي من تحت أقدام الحكومة أعادت لها بعضاً من حيويتها.
فبعد استجابة الحكومة العراقية لدعوة لبنان الى التعاون الثنائي، استقبل دياب أمس وفداً عراقياً رفيع المستوى، ضمّ كلاً من: وزير النفط إحسان عبد الجبار اسماعيل، الزراعة محمد كريم جاسم، النائب السابق حسن العلوي، مرافق وزير النفط سيف طلال عمران التميمي، مرافق وزير الزراعة ضرغام محمد كريم، عن مكتب رئيس الوزراء العراقي عمار صباح مصطفى، القائم بأعمال السفارة العراقية في لبنان أمين النصراوي والمستشار السياسي في السفارة أحمد جمال. وحضر الاجتماع كل من: وزير الصناعة عماد حب الله، الزراعة عباس مرتضى، الطاقة والمياه ريمون غجر، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مستشار رئيس الحكومة خضر طالب ومدير مكتب دياب القاضي خالد عكاري. وكانت أولوية النقاش، بحسب مصادر الاجتماع، البحث في ملف النفط والمواد الزراعية. وقالت المصادر إن من أبرز النقاط التي تحدث عنها الوفد العراقي هو «التحضير لمشروع قانون يعفي لبنان من دفع رسوم جمركية على المواد الزراعية والصناعية والغذائية التي يُمكن أن يستوردها العراق من لبنان». كما تحدث الوفد عن «مشاريع قوانين للتحفيز على الاستثمار الزراعي والصناعي داخل العراق، بحيث يُمنح للمواطنين اللبنانيين الراغبين في الاستثمار تحفيزات مثل تقديم أراضٍ بمساحات كبيرة لإقامة مزارع للدواجن والأبقار أو مصانع إنتاج من دون دفع ضرائب». أما في موضوع النفط، فحكي عن «أنواع المشتقات التي يُمكن للعراق أن يرسلها الى لبنان، ومنها الفيول، وإمكانية تخفيض الأسعار إلى النصف أو تأجيل مدة الدفع أقله الى ما بعد عام، بالإضافة الى أفكار أخرى سيكشف عنها تباعاً».
وبعد لقاء رئيس الحكومة، زار الوفد العراقي رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحضور الوزيرين حب الله وعباس مرتضى وعضو هيئة الرئاسة في «حركة أمل» قبلان قبلان. ووصفت مصادر مطلعة أجواء اللقاءات بأنها «ايجابية جدّاً وأن الوفد العراقي أبدى استعداداً كبيراً للتعاون، وهناك الكثير من الأفكار التي يمكن تنفيذها وتساعد في تخفيف الضغط عن لبنان، لكنها تحتاج إلى آليات لترجمتها وقد تأخذ وقتاً». واعتبرت المصادر أن «المهم هو أن تكون الحكومة جدية في انفتاحها وأن لا يُصار إلى عرقلة هذه الاندفاعة من داخلها، وهنا سيكون الاختبار الحقيقي»، معتبرة أن «الأهم أيضاً هو القبول أيضاً بالعون الذي تقدّمه إيران».
وقد أثارت زيارة الوفد العراقي للبنان حفيظة بعض المحسوبين على حراك العراق، فشنوا هجوماً على الرئيس مصطفى الكاظمي وحكومته. وكان الأخير قد استقبل السفير اللبناني في بغداد علي أديب الحبحاب في أيار الماضي، وتسلّم منه رسالة خطية تتضمن تهنئة واستعداداً للتعاون، وقد أثيرت في اللقاء عدة مسائل، منها الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة لعام 2002، والتعاون النفطي على خط طرابلس – كركوك وتسهيل دخول المنتجات الزراعية ومشاركة شركات الهندسة والمقاولات اللبنانية في إعادة الإعمار وحلّ مستحقات الشركات على الحكومة. كما طرح موضوع مذكرة التفاهم الصحي والاستفادة منها وخفض كلفة الاستشفاء والحركة السياحية والتعاون الأكاديمي.
من جهة أخرى، وبعد البلبلة التي أثيرت حول مصير الحكومة وعودة الرئيس سعد الحريري، أشار رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أننا «انتهينا من التسوية، يكفي كم دفعنا ثمنها، وأهم شيء اليوم أن تنفّذ الحكومة الإصلاحات، والمجلس النيابي يقرّها، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يضبط الدولار». وكان هذا الكلام هو فحوى اللقاء الذي جمعه بالرئيس برّي، أول من أمس، بالإضافة إلى الاتفاق على السير في التدقيق المالي المحاسبي والجنائي، ولكن عبر شركة غير «كرول» المعروفة بارتباطها بأكثر من جهاز مخابرات في الشرق الأوسط، ومنه جهاز «الموساد». وقد أتى هذا الاتفاق بعد خلاف كبير بين التيار الوطني الحر وحركة أمل حول هذا الأمر بسبب إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي بإجراء عملية تدقيق محاسبية مركّزة Forensic audit في مصرف لبنان لتبيان الأسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي الى الحالة الراهنة، وتمسكه بشركة «كرول» التي رفضتها حركة أمل وحزب الله، فيما اتهم التيار الرئيس بري بأنه يرفض مبدأ التحقيق الجنائي ويتذرّع بالشبهة التي تحيط بالشركة، إلا أن موقف الحزب الرافض أيضاً دفع في اتجاه سحب اسم الشركة من التداول، بانتظار أن يكشف هذا الاتفاق صدق نيات الأطراف السياسية. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» بوجود اسمَي شركتين في جعبة الرئيس دياب يُمكن الاستعانة بهما في هذا المجال، لكنه لم يعلن عنهما بعد.
تراجع سعر الدولار في السوق السوداء
على صعيد آخر، سجّل سعر الدولار في السوق السوداء أمس انخفاضاً طفيفاً، بعد أسابيع من الارتفاع المتواصل. ولم تتّضح أسباب التراجع المفاجئ. وبحسب مصادر معنية، ثمة ثلاثة تفسيرات لما جرى:
1- إما أن السوق تصحّح نفسها بنفسها، لأن الارتفاع في السعر مبالغ به بصورة كبيرة. وهذا «التصحيح» يعني إمكان أن يتبعه ارتفاع مجدداً.
2- أن يكون الصرافون قد اعتبروا إعلان حاكم المصرف المركزي رياض سلامة عن بدء تأمين دولارات الاستيراد عبر المصارف خطوة في إطار إجراءات لخفض سعر الدولار في السوق السوداء، فقرروا خفض السعر خشية خسارة ما لديهم مستقبلاً.
3- أن يكون خفض السعر في إطار المضاربة، ولتشجيع من يملك الدولارات على بيعها، من أجل إعادة رفع السعر في الأيام المقبلة وتحقيق أرباح إضافية.