افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 3 تموز، 2020

إفتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الخميس 28 أيلول، 2017
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 8 آذار، 2022
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم السبت 27 حزيران، 2020

الأخبار
الحكومة باقية… و«الحريري مش معزوم»

«الحكومة باقية طالما لا بديل منها». هذه هي الخلاصة التي تؤكدها المعلومات بعدما طرحت زيارة الوزير جبران باسيل لعين التينة تساؤلات بشأن مصيرها، في ظل أجواء متضاربة عن رغبة «باسيلية» بالتغيير.
قد تكون معظم المكونات السياسية المُشاركة في حكومة الرئيس حسان دياب غير راضية عن سلوكها، لكنها مُتمسّكة بها لعدم وجود بديل. من دون البديل، لا يُمكن الذهاب في خيار إسقاطها. لا نقاش حول ذلك، وكل مُحاولة لخلق مناخات تصبّ في هذا الاتجاه تبقى بلا جدوى، حتى الآن!

أمس، خلقت الزيارة التي قام بها رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل لعين التينة، تزامناً مع زيارة أخرى لنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لوادي أبو جميل، جوّاً من البلبلة حول مصير الحكومة، وبدأت التكهنات والتحليلات وبثّ أجواء متضاربة تقول بأن ثمة مسعى يقوده باسيل في اتجاه تشكيل حكومة جديدة.

لكن المعطيات والمعلومات تقاطعت عند «رغبة موجودة، لكن غير متاحة». فماذا يحصل؟ لم يعُد سرّاً بأن حكومة دياب تُضرَب من بيت أبيها. وكأن هناك من يريد لها أن تفشل لتبرير استبدالها. يتعامل معها بصفتها تقطيع وقت ضائع، على اعتبار أنها لن تحصل على مساعدات، ولن تكون قادرة على إبرام اتفاقيات أو إنجاز تسويات، وبالتالي، فإن الحل الأمثل هو العودة إلى التمثيل السياسي وتأليف حكومة لوزراء من ذوي الخبرة السياسية. وبالعودة إلى سلوك الوزراء الذين يتبعون مرجعياتهم، فليس هناك مجال للشكّ بأن «دود التعطيل منه وفيه»، أي أن الخلافات التي تنشب بين الأطراف المشاركة فيها، تُعدّ سبباً رئيسياً في محاصرتها ومنعها من إنجاز شيء.

هذه الرغبة نفتها مصادر التيار الوطني الحر، مؤكدة أن البحث في مصير الحكومة «مرّ عرَضاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائه مع باسيل، من زاوية تأكيد أنه لا بديل من حسان دياب. وبما أنه لا بديل، فعلى هذه الحكومة أن تعمل وتقوم بما هو مطلوب منها». لكن هذا النفي لا يلغي أن النظرة السلبية للحكومة أصبحت ثابتة يعمّمها نواب التيار أو مقربون منه. على سبيل المثال، النائب آلان عون الذي قال أمس إن «استمرارية الحكومة من عدمها مسألة مرتبطة بالوضع الحالي، ويتبين أن سرعة الانهيار أسرع من وتيرة عمل الحكومة». سبقه إلى رمي السهام زميله الفرزلي الذي شدّد من قلب «بيت الوسط» على أن «مسألة إعادة النظر بالتركيبة الحكومية باتت أمراً من الباب اللزومي»، مُناشداً دياب أن «يذهب باتجاه العمل من أجل تحقيق الأمر وتسهيله».

وفيما كانت علامات الاستفهام تتوالى على حركة باسيل والفرزلي ونتائجها، ظهر موقف جديد للرئيس الحريري، الذي أكد، في دردشة مع الصحافيين بعد لقائه الفرزلي، أن «شروطه إلى العودة معروفة وواضحة ونقطة على السطر». اعتُبر كلامه هذا مؤشراً إلى رغبة منه في إعادة فتح باب التفاوض، وخاصة أنه أطاح محمد البعاصيري كمرشّح حين أكد أنه «لا يُغطي أحداً»، لكن مصادر التيار اعتبرت الحكي عن عودة الحريري «تفنيصة»، و«ما حدا عزمو».

يبقى أن ما قاله الحريري قد لا يكون من بنات أفكاره ولا طموحاً يتيماً. وهو إن كان لا يزال يرفض ترؤس حكومة يشارك فيها باسيل، فإن معاودته الحديث عن شروطه السابقة إنما تتوافق مع الطرح الذي حاولت باريس في الأسابيع الأخيرة تسويقه، ألا وهو تشكيل حكومة غير سياسية برئاسته، لا يشارك فيها حزب الله، لكن في الوقت ذاته غير مستفزة للأخير. هدف فرنسا من هذا الطرح هو الهروب من الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة عليها من أجل منعها من الاستثمار في لبنان، وتهديدها بمعاقبة شركة «توتال» الفرنسية إذا استمرت في عملية التنقيب عن النفط، وخاصة أن القرار الأميركي واضح وحاسم بأن ««لا نفط ولا أموال بوجود حزب الله في الحكومة» (راجع الأخبار – السبت 27 حزيران 2020)، قد لا يكون كلام الحريري خارج سياق هذا المناخ.

هذا الجو تشابك مع حركة ضغط أخرى تقودها الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية تسعى إلى تطيير حكومة الرئيس دياب، رغم أن الأخيرة حتى الآن لم تتخذ أي خيارات سياسية مزعجة بالنسبة إلى الأميركيين، باستثناء عدم إعادة تعيين النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد البعاصيري في الموقع الذي انتهت ولايته فيه عام 2019. فبحسب المعلومات، يجري العمل على طروحات موازية للطرح الفرنسي، أحدها بدفع أميركي يهدف الى تشكيل حكومة يرأسها البعاصيري أو نواف سلام. وآخر يجري العمل عليه بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، يهدف الى تنفيذ انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة من خلال تشكيل حكومة انتقالية مهمتها الوحيدة إجراء انتخابات نيابية مبكرة. وهذا الطرح، بحسب مصادر مطلعة، شكّل المادة الرئيسية في الاجتماعات التي عقدها أخيراً السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مع عدد من سفراء الدول (الأميركي والإماراتي والبريطاني). أمام هذا الواقع، تؤكّد المصادر أن خطوط التباين بين أهل البيت الواحد داخل الحكومة حول مصيرها، لن تفتح الباب أمام أي من هذه الطروحات. فلا حكومة اختصاصيين مستقلّين لطالما رفضوها برئاسة الحريري، ولا قبول بأي مرشّح مواجهة تريد فرضه الولايات المتحدة. حتى إن مصادر سياسية بارزة أكدت أن «التمسك بحكومة دياب في ظل المساعي التخريبية التي نسمع بها، هو قرار حاسم بالنسبة إلى الفريق الموجود حالياً في السلطة، وتحديداً حزب الله وحركة أمل، ومعهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي أكد أنه لن ينقلب على الحكومة»، وخاصة أن «المواجهة التي تديرها واشنطن على الساحة اللبنانية أصبحت أخطر من ذي قبل، وأيّ تخلّ عن الحكومة الحالية وترك البلد للمجهول يعني تنازلاً غير محسوب النتائج».

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


البناء
مصرف لبنان لم يفتح اعتمادات الفيول والأدوية… ‏واستولى على دولارات التحويلات
الوضع الحكوميّ: لا تعديل ولا تغيير ‏ولا استقالة… والحملة الإعلاميّة ‏مبرمجة
بريّ وباسيل: لقيام مصرف لبنان ‏بالتدخّل… ودياب: حرب تجويع ‏وتدخّلات دبلوماسيّة

انتفاضتان وتنسيق وكواليس ومؤامرة، أما الانتفاضتان فواحدة في الشارع وداخل كل بيت تحت وطأة أوضاع لا تُطاق في ظل انقطاع الكهرباء واشتعال الأسعار وأزمات متنقلة من الخبز والبنزين والمازوت وآخرها الدواء، وفقدان السلع من الأسواق، وأسعار تتضاعف من ليلة إلى صباح؛ أما الثانية فهي صرخة رئيس الحكومة حسان دياب في بدء جلسة الحكومة، حيث قال «هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوياً، وتكون النتيجة حصول تحطّم كبير، وخسائر ضخمة».

وقال رئيس الحكومة «هذه الجهات إما هي أدوات خارجيّة لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية». وأضاف «هم يمنعون أي مساعدة عن لبنان. حصار سياسي ـ مالي لتجويع اللبنانيين، وفي الوقت نفسه، يدعون أنهم يريدون مساعدة الشعب اللبناني. يطالبوننا بالإصلاح، وفي المقابل يمنحون حماية للفساد ويقدّمون حصانة للفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات مالية لاستعادة الأموال المنهوبة. يلعبون لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ويحاولون تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار. لعبة الدولار أصبحت مكشوفة ومفضوحة. يطالبوننا بإجراءات مالية، ويهرّبون الأموال إلى الخارج ويمنعون التحويلات إلى البلد، ويعطلون فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوّعوهم ويتركوهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدّثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني».

ووجّه دياب اتهاماً واضحاً للسفير السعودي من دون أن يسمّيه، بالوقوف وراء خطة إسقاط البلد فقال «سكتنا كثيراً عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروق كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ»واتس آب»، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل».

كلام دياب جاء على خلفيّة تفاقم الأوضاع المعيشيّة والصحيّة بفعل امتناع حاكم مصرف لبنان عن تأدية ما كان قد وعد به، من تمويل منتظم للفيول والمشتقات النفطية والقمح والدواء، وبالمقابل مواصلته وضع اليد على التحويلات التي يرسلها اللبنانيون من الخارج والمقدرة بمئة مليون دولار شهرياً، كان قد وعد باستعمالها لتمويل الاستيراد الاستهلاكي والغذائي بالسعر ذاته الذي يدفعه لقاءها، لكنه لم يفعل رغم مرور ثلاثة شهور، ووعد بالتدخل في سوق الصرف لحماية الليرة فحوّلها مهزلة مع تشجيع الصرافين على بيع الدولار لكل حامل بطاقة هويّة بقيمة مئتي دولار للشخص، تحوّلت مصدراً لتجميع الدولارات لدى المضاربين على الليرة اللبنانية.

تزامن كلام دياب مع اجتماع تنسيقي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر وتكتل لبنتان القوي جبران باسيل، خرج بدعوة مصرف لبنان لتحمّل مسؤولياته بالتدخل لحماية سعر الصرف، بينما شاعت معلومات ونظمت حملات وصدرت تصريحات، محورها الإيحاء بقرب رحيل الحكومة، وهو ما نفته مصادر متابعة للملف الحكومي، قالت لـ»البناء» إن الوضع الحكومي يختصر بجملة: «لا تعديل ولا تغيير ولا استقالة والحملات الإعلاميّة مبرمجة».

توزّع المشهد الداخلي أمس، بين مثلث عين التينة – السرايا الحكومية – وبيت الوسط، فيما شهد الشارع المزيد من التصعيد في مناطق مختلفة احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

إلا أن الحركة السياسية التي شهدها عين التينة وبيت الوسط شغلت الأوساط السياسية والإعلامية ومعهما الحكومة التي كانت منهمكة بمواجهة الأزمات المتلاحقة والمزدحمة من الكهرباء الى النفايات وغلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار، خلال جلسة عقدتها في السرايا الحكومية إلى أن خطف اهتمامها المعلومات المكثفة التي توالت بالوصول الى داخل قاعة المجلس عن اتصالات وحركة سياسية لتغيير حكومة الرئيس حسان دياب وتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومة جديدة تارة وتعديل ببعض المواقع الوزارية تارة أخرى. معلومات نفتها مصادر السرايا الحكومية لـ»البناء»، مشيرة الى أن «الحكومة مستمرة بعملها الوطني في مواجهة الأزمات والمشاكل الاقتصادية والحياتية».

كما نفت مصادر حزب الله لـ»البناء» أيّ توجّه لتغيير الحكومة في الوقت الراهن إذ إن الحكومة رغم كل العقد والتعقيدات والصعوبات وشدّة الأزمات تبقى حاجة وطنية أولاً في ظل الأوضاع الخطيرة في المنطقة وخطورة الوضع الداخلي الاجتماعي والأمني والاقتصادي والنقدّي؛ الأمر الذي يتطلّب وجود حكومة قادرة بالحد الأدنى ضبط الوضع فضلاً عن عدم وجود بديل جاهز، وبالتالي لا يمكن المخاطرة وإيقاع البلد في الفراغ الدستوري والفوضى». كما نفاها وزير الصناعة عماد حب الله عقب الجلسة بقوله «مستمرون بتحمل مسؤولياتنا ولا استقالة». كما شددت أوساط عين التينة لـ»البناء» أن استقالة الحكومة غير واردة ولم تبحث خلال لقاءات عين التينة بل المطلوب تفعيل عمل الحكومة وحثها على اتخاذ القرارات العملية والتنفيذية لتخفيف المعاناة اليومية عن المواطنين والانطلاق لوضع الخطط الاقتصادية والاصلاحية موضع التنفيذ». فيما لم تؤشر أجواء بعبدا بحسب ما علمت «البناء» الى اي معطيات جديدة لتغيير الحكومة ولا أجواء التيار الوطني الحر رغم امتعاض التيار ورئيسه جبران باسيل من أداء الحكومة في بعض الملفات ومماطلتها في اتخاذ القرارات، لكن لا توجه لدى التيار للدفع باتجاه اقالة الحكومة، مع رفض مصادر التيار لـ»البناء» خيار تأليف حكومة شبيهة بالحكومة الحالية ولا خيار عودة الحريري. فيما حسم الحريري موقفه بتمسكه بشروطه السابقة للعودة إلى رئاسة الحكومة، بحسب ما نقل عنه أمس. ما فسّرته مصادر مطلعة على أن الحريري ليس مستعداً لخوض غمار رحلة تأليف حكومة جديدة لغياب التفاهم الداخلي مع شركاء الماضي كالتيار الوطني الحر وعدم وضوح موقف القوات اللبنانية من عودة الحريري ورفض النائب السابق وليد جنبلاط تغيير الحكومة من دون اتفاق واضح على حكومة جديدة كي لا تقع البلاد في الفراغ، اضافة الى أن المناخ الإقليمي غير مؤهل لإنضاج تسوية جديدة في لبنان. ووضعت المصادر مواقف وحركة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي الذي زار بيت الوسط امس، في اطار الضغط وهز العصا للحكومة ورئيسها لدفعهما للعمل واستيعاب الحريري وقاعدته الشعبية في ظل الحديث عن مخطط لإشعال فتنة مذهبية. رغم أن الفرزلي دعا الرئيس دياب الى تسهيل الطريق لإنتاج حكومة جديدة يترأسها الحريري.

ولاحظت أوساط سياسية اشتداد الحملة على الحكومة والضغط لاستقالتها بالتزامن مع شدّ رحال الحكومة للتوجه الى الشرق لتنويع الخيارات الاقتصادية ما يساهم في تخفيف وطأة الأزمة الخانقة نتيجة الحرب التي تشنّها الولايات المتحدة الاميركية ودول الخليج على لبنان منذ فترة طويلة لا سيما تزامن الهجمة على الحكومة مع زيارة بارزة وهامة للسفير الصيني في بيروت وانغ كيجيان، على رأس وفد الى السرايا الحكومية، حيث التقى الرئيس دياب وعدداً من الوزراء وتزامناً أيضاً مع معلومات عن وصول وفد وزاري عراقي الى بيروت لدعم الحكومة والبحث بمشاريع اقتصادية، حيث سيبحث رئيس الحكومة مع الوفد استيراد النفط من العراق وفق مصادر حكومية.

وفي موقف أميركي قد يزيد من توتر العلاقات اللبنانية الأميركية، كشف مصدر ديبلوماسي رفيع لـ»مستقبل ويب» أن الحكومة اللبنانية تبلّغت من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أن «قانون قيصر» يشمل منع استجرار الكهرباء من سورية الى لبنان». علماً أن هناك اتفاقية موقّعة بين لبنان وسورية لاستجرار الكهرباء تنتظر التجديد منذ ثلاثة شهور، ما يخلق إشكالية جديدة تتمثل بتوقيع وزارة الطاقة اتفاقية جديدة أم تلتزم «قانون قيصر»؟ وعلمت «البناء» أن وزير الطاقة ريمون غجر أبلغ مجلس الوزراء بأن أزمة الكهرباء على طريق الحل خلال أيام، مشيراً الى أن الأزمة ستمتدّ الى نهار الأحد وبعدها ستحلّ الأزمة وسيعود الوضع الى ما كان عليه، معتبراً أن الحديث عن ازمة تصل الى حد إغراق لبنان بالعتمة الكاملة، مجرد إشاعات وأكاذيب ولن نصل الى هذا الوضع.

وكان السفير الصيني زار السرايا على رأس وفد، بحضور وزراء البيئة دميانوس قطار، الصناعة عماد حب الله، الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، الطاقة والمياه ريمون غجر، والسياحة رمزي مشرفية، وبحث المجتمعون في تعزيز التعاون على جميع المستويات. كما أبدى الوفد الصيني استعداده لتفعيل الشراكة مع لبنان. وكلف الرئيس دياب وزير الصناعة متابعة الاتصالات بشأن الملف المتعلق بإمكانيات التعاون.

وأشارت مصادر وزارية مشاركة في الاجتماع لــ»البناء» الى أن «الوفد الصيني أعلن استعداده للبحث مع كل وزارة المشاريع الممكن تنفيذها وفقاً لنظام «Bot” أو نظم شبيهة، في إطار اتفاقات من دولة الى دولة”، لافتاً الى أن الوفد لم يتحدّث عن مبالغ مالية او حجم استثمارات بل سيتعامل مع كل مشروع على حدة بعد دراسة جدواه الاقتصادية وأهميته في نهوض الاقتصاد اللبناني والمنفعة المتبادلة وبالتالي المبلغ مرتبط بحجم المشروع وطبيعته، لكن الاستثمار سيشمل قطاعات مختلفة كالكهرباء والطاقة والنفايات الصلبة وسكك الحديد ومصانع ومرافئ وغيرها”. وأوضحت المصادر أن “الانفتاح على الصين لا يعني الانتقال من الغرب الى الشرق بل تنويع الخيارات الاقتصادية وفقاً لقرارات سيادية لبنانية، وبالتالي الحكومة مستعدّة لأي تعاون مع الصين وأي دولة أخرى صديقة للبنان أكانت من الشرق او الغرب، لكن لا يمكننا سد منافذ البلد على الجوار الإقليمي لاعتبارات سياسيّة”.

ورفع رئيس الحكومة حسان دياب سقف مواقفه موجهاً جملة رسائل سياسية باتجاهات عدة خلال كلمته في مستهل جلسة مجلس الوزراء، وقال: “هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوّياً، وتكون النتيجة حصول تحطم كبير، وخسائر ضخمة”. هذه الجهات إما هي أدوات خارجية لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية”. وأضاف: “كل ذلك يطرح علينا مجموعة من الأسئلة: هل أصبحنا عاجزين عن التعامل مع التحديات؟ هل خسرنا المواجهة؟ هل انتهى دور الحكومة؟ بالنسبة لي، الصورة واضحة، والأجوبة واضحة”. وقال: “هناك سؤال أساسي مطروح على كل واحد منكم: هل كان أحد يعتقد أن دخوله إلى الحكومة هو “بريستيج”، وأنه لم يتوقع مواجهة تحديات صعبة؟ طبعاً، أنا على يقين أن كل واحد منكم كان يدرك إلى أين أتى، ويعلم ما ينتظرنا”. أضاف: “اخترنا مواجهة التحديات. وسنكمل بمواجهتها. نعلم جيداً أن هناك قراراً كبيراً بحصار البلد. هم يمنعون أي مساعدة عن لبنان. حصار سياسي ـ مالي لتجويع اللبنانيين، وفي الوقت نفسه، يدعون أنهم يريدون مساعدة الشعب اللبناني. يطالبوننا بالإصلاح، وفي المقابل يمنحون حماية للفساد ويقدّمون حصانة للفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات مالية لاستعادة الأموال المنهوبة. يلعبون لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ويحاولون تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار. لعبة الدولار أصبحت مكشوفة ومفضوحة. يطالبوننا بإجراءات مالية، ويهربون الأموال إلى الخارج ويمنعون التحويلات إلى البلد، ويعطلون فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوّعوهم ويتركوهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني”.

وفي رسالة حادة الى سفيري الولايات المتحدة والمملكة السعودية قال دياب: “سكتنا كثيراً عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروق كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصاً على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سريّة وعلنية، ورسائل بالحبر السريّ ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ”واتس آب”، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل”.

وبالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء، زار رئيس تكتل لبنان القويّ النائب جبران باسيل عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ووصفت مصادر المجتمعين الاجتماع بأنه جيّد، وتناول مروحة واسعة من المسائل تمّ بحثها على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة. وكشفت المصادر أنه تمّ الاتفاق على مجموعة خطوات أبرزها قيام مصرف لبنان بما عليه لضبط تفلت سعر صرف الدولار الأميركي باعتباره شرطاً أساسياً لمنع حصول أي اضطراب اجتماعي، وحث الحكومة اللبنانية على القيام بالإصلاحات المطلوبة والتعاون بينها وبين مجلس النواب، حيث يلزم باعتبار ذلك حاجة لبنانية.

وقد تمّ التفاهم على عدد من الإجراءات المطلوبة‏. وأكدت المصادر أن الطرفين متفقان على اعتبار المفاوضات مع صندوق النقد خياراً أساسياً وقيام الحكومة ومجلس النواب كل في نطاقه بما يستطيع لتأمين الحصول على برنامج من صندوق النقد لا يتعارض بأي من شروطه مع سيادة لبنان ومصلحته.

وحضر موضوع سعر الصرف على طاولة مجلس الوزراء في جلسته الذي حضر قسماً منها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، حيث أوضح صفير بأن سبب هذا الارتفاع بوجود طلب على الدولار مقابل عرض قليل، فيما وعد سلامة المجلس بتقديم رؤية واضحة عن حقيقة ما يجري من مضاربة في السوق السوداء كما تم الاتفاق على وضع آلية جديدة للتعامل بالدولار في سوق الصرافين وشركات التحويل المالية ومع التجار والشركات المستوردة. وأعلن صفير من السفارة السعودية أن “الحديث في مجلس الوزراء كان عن كيفية ضبط سعر الصرف وسيؤمّن الدولار عبر المصارف بدعم من مصرف لبنان”. ولفت الانتباه توجه صفير من السرايا مباشرة الى السفارة السعودية في بيروت، واجتمع مع السفير السعودي! وأضاف: “هدفنا الأوّل عودة الحياة الاقتصادية إلى سابق عهدها، لبنان لا ينسى خير المملكة العربية السعودية ومشتاقون لعودة السعوديين إليه”.

وشهد الشارع وقفات وتجمّعات احتجاجية رفضاً لتردي الاوضاع المعيشية، وتجمع عدد من المحتجين أمام وزارة الداخلية في الحمرا وانطلقوا في مسيرة نحو مصرف لبنان. ووصلوا الى امام “المركزي” في الحمرا مرددين شعارات منددة بالسياسة المصرفية والمالية، داعين الى “إسقاط حكم المصرف وإعادة الأموال المهربة والمنهوبة ومحاكمة الفاسدين وكل من نهب أموال الناس، وسط انتشار أمني كثيف للقوى الامنية”. كما قطعت بعض الطرقات في مناطق مختلفة في بيروت والبقاع والشمال وطريق بيروت الجنوب.

وأطلق الحريري سلسلة مواقف في دردشة مع الإعلاميين في بيت الوسط، مشيراً الى أن “لدي شروط للعودة إلى رئاسة الحكومة ونقطة على السطر والبلد يحتاج لطريقة مختلفة بالعمل كلياً، واذا لم نخرج من المحاصصة وغيرها فلن يتغيّر شيء، ولن أغطي أي أحد قريب مني “اذا كان رايح لحالو ليترأس حكومة”، في إشارة إلى محمد بعاصيري.

وعن إمكانية عودته إلى حكومة فيها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اكتفى الحريري بالقول إن “ شروطي يعرفونها جيّداً، لا بدّي أعمل رئيس ولا حابب أعمل رئيس ولا راكض لأعمل رئيس”. وأكد أن “هذه الأزمة ضربت الاقتصاد الا أن صندوق النقد يريد أن يساعد لكن أين الإصلاحات وانا اليوم مصدوم من كلام الرئيس دياب عن المؤامرة وعلى الحكومة أن تساعد نفسها”.

أما عن خيار التوجّه شرقاً، فجزم أن “ليس لدى أي حكومة مشاكل مع الصين أو غيرها إنما المطلوب خلق بيئة مؤاتية للاستثمار قبل كل شيء والمباشرة بالإصلاحات التي لم ننجز منها شيئاً”. وكشف الحريري أنه “سيكون لنا كتيار مستقبل موقف قاسٍ جداً اذا كان العهد او رئيس الحكومة يفكران بإقالة رياض سلامة أو أي حاكم نحن بحاجة إليه في هذه الظروف”.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اللواء
وضع الحكومة على نار حامية: الوقت انتهى ولمخرج لائق!
الحريري على شروطه… و «الموت الإقتصادي» يفجر الشارع.. والتحقيقات القضائية سبب العتمة

“وتفيد المعلومات أيضاً ان هذا الموضوع، حضر بقوة خلال الاجتماع الذي استمر ساعة ونصف بين الرئيس نبيه برّي والنائب جبران باسيل، الذي نُسب إليه انه غير موافق على استمرار الوضع الحكومي، على هذا النحو.. والأهم ان الملف وضع على نار حامية.. بإنتظار إيجاد مخرج لائق للإنتقال إلى وضع حكومي جديد.. وفاتح باسيل برّي بالتغيير الحكومي، فطلب إليه الأخير ان يتفاهم مع الرئيس الحريري، قبل أي خطوة.. خلافاً لما روّج عن عدم التطرق إلى هذا الموضوع..
وكشف زوّار رئيس المجلس ان زيارة باسيل تركزت على كيفية «إنقاذ الحكومة» من السقوط وسط التراجع المريع في الوضعين الاقتصادي والنقدي وجنون ارتفاع سعر صرف الدولار، وسبل التعاون الممكنة مع مجلس النواب لاحتواء المخاطر المتفاقمة. أضاف الزوار ان رئيس المجلس كان واضحاً في هذا الشأن وانه أجاب باسيل بأن السبيل الوحيد لإنقاذ الحكومة هو البدء بتنفيذ الإصلاحات، وفي مقدمها تلك المتعلقة بالكهرباء، لكي يثق صندوق النقد الدولي بالحكومة وبما تقوم به.

والاشارة المباشرة، الثانية، جاءت من بيت الوسط، إذ ناشد نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، بعد لقاء الرئيس سعد الحريري، الرئيس دياب ان «يذهب باتجاه العمل من أجل تحقيق، وتسهيل الأمر لإيجاد حكومة بديلة تساعد على إيجاد الحلول في المجتمع اللبناني، والذي وصف الرئيس الحريري بالمدخل الرئيسي للم الشمل اللبناني»، والذي كشف لاحقا انه طرح الموضوع ايضا في لقاء بعبدا قبل نهاية الشهر الماضي.

وقبل ان ينتهي مجلس الوزراء، جاءت تغريدة معبرة للوزير السابق وئام وهّاب فيها دعوة الرئيس دياب لاتخاذ زمام المبادرة والاستقالة، قبل ان «يسقطوه في الشارع» لأن مفاوضات تدور في المجالس المغلقة لتشكيل حكومة، والخلاف على بعض التفاصيل.. ودعوتي له دعوة محب، لأنه رجل محترم». وعلمت «اللواء» ان حزب الله اسقط تحفظه على التغيير الحكومي، بصرف النظر عن المرشح لرئاسة حكومة جديدة، الرئيس الحريري أو من يرشحه.. بما في ذلك النائب الأوّل السابق لحاكم مصرف لبنان محمّد بعاصيري..

لكن مصادر سياسية معارضة قللت من تصاعد وتيرة المواقف الداعية لتغيير حكومي سريع وتأليف حكومة جديدة وقالت ان هذا الكلام مصدره التيار الوطني الحر وهدفه ابتزاز رئيس الحكومة حسان دياب حتى الرمق الاخير، بينما لم يلاحظ اي تبدل لموقف حزب الله من الحكومة بالرغم من كل الاعتراضات ضدها من كل حدب وصوب.

ولاحظت المصادر ان انتقادات رئيس الحكومة ضد ما سماه تجاوزات السلك الدبلوماسي وتأثيره على العلاقات الاخوية العربية، انما تعبر بوضوح عن تماه تام مع حزب الله من جهة وتزيد من توتير العلاقات مع الدول العربية الشقيقة ولاسيما الخليجية منها من جهة ثانية، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان الى دعم ومساعدة هؤلاء الاشقاء لحل ازمته المالية.

ومع ان المصادر المذكورة لم تنف ان موضوع التغيير الحكومي طرح بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب باسيل ودار حوله نقاش مطول، ومع حزب الله ايضا في ضوء الفشل الذريع للحكومة القيام بالمهمات الملقاة على عاتقها ولا سيما بعد تدهور الوضع المالي وتفاعل مشكلات اخرى، الا ان طرح تشكيل حكومة جديدة قد يحتاج لبعض الوقت ريثما يتم تحضير البديل وتنضج الظروف الاقليمية المحيطة بلبنان، وهذا لم يحصل بعد بالرغم من كل ما يشاع ويتردد حول هذا الموضوع.

اميركياً، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس أن «واشنطن لا تزال ترى في «حزب الله» قوة مزعزعة للاستقرار في لبنان». وأشارت، في مقابلة مع قناة «الحرة»، الى أن «واشنطن تواصل مساعدة لبنان على كافة الاصعدة ديبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا». وقالت: «امام القادة اللبنانيين خيارات صعبة وسنفعل ما بوسعنا للعمل مع الفرنسيين وغيرهم من أجل مستقبل أفضل للبنان».

وفي السياق كشف مصدر ديبلوماسي رفيع أن الحكومة اللبنانية تبلّغت من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أن «قانون قيصر» يشمل منع استجرار الكهرباء من سوريا الى لبنان. والمعلوم أن اتفاقية موقّعة بين لبنان وسوريا لاستجرار الكهرباء تنتظر التجديد منذ ثلاثة شهور، فهل توقّع وزارة الطاقة اتفاقية جديدة أم تلتزم «قانون قيصر»؟.

مجلس الوزراء
وعلى الرغم من ان جلسة مجلس الوزراء كانت عادية وبجدول اعمال عادي، إلا ان حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، أضفيا عليها طابع مناقشة الوضع النقدي وارتفاع سعر الدولار على نحو خطير، ما دفع رئيس الحكومة حسان دياب الى الطلب من سلامة «اطلاع مجلس الوزراء على خلفيات وحيثيات ما يحصل بتسعيرة الدولار، ولماذا اجراءات المركزي لا تقدم نتائج ايجابية». فردّ سلامة عارضاً لحجم السوق السوداء، وقال: «هناك سوق سوداء في كل دول العالم، وحجمها في لبنان ليس سوى 5 بالمئة، وسعر الدولار الحقيقي لا تعكسه السوق السوداء». ووعد سلامة بتقديم تصوّر اليوم الجمعة ويقدمه في تقرير خطي في الاجتماع المالي الأسبوعي مع رئيس الحكومة.

وذكرت المعلومات انه تم الاتفاق على أن يلعب كلّ طرف دوره في لجم ارتفاع الدولار، وسيتم ضخ الدولار من المصرف المركزي في المصارف لاستيراد المواد الأساسية.

كما أن عددا من الوزراء طالب سلامة وصفير باعطاء المواطنين الاموال المحولة لهم بالدولار كما وردت وعدم تحويلها بالليرة، وان الحاكم أوضح أنه اصدر تعميماً بهذا الشأن وعلى المصارف أن تلتزم به. وطالبوا ايضا بضخ الدولار للمصارف وليس للصرافين لمنحها للمواطنين لكن لم يحصلوا على جواب.

في السياق، أكد رئيس جمعية المصارف سليم صفير بعد زيارة السفارة السعودية: أن الحديث في مجلس الوزراء كان عن كيفية ضبط سعر الصرف، وسيؤمَّن الدولار عبر المصارف بدعم من مصرف لبنان. وسئل وزير المال غازي وزني عن سير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فقال انها متوقفة حاليا، بسبب عم الاتفاق على أرقام خسائر الدولة. وجرى الاتفاق على آلية جديدة في مجلس الوزراء لمعالجة وضع الدولار، على ان يضخ مصرف لبنان، أربعة أو خمسة ملايين دولار إلى المصارف، بدل ضخها إلى الصرافين، من أجل تأمين الدولار للإستيراد.

وكانت مداخلة للرئيس دياب لافتة التي وصِفَتْ بالنارية، حيث قال في مستهل جلسة مجلس الوزراء: حرق الدواليب لن يحرق الحكومة، بل يحرق الأوكسيجين الباقي في البلد. قطع الطرقات سياسي بامتياز، وهو بقرار صادر عن غرفة عمليات مفضوحة الهوية والإدارة. الوضع صعب جدًا. نعم. الأزمة الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، كبيرة جدًا. نعم. لذلك، الحكومة تعمل على فك الارتباط بين سعر الدولار وبين كلفة المعيشة. ونحن في المرحلة الأخيرة من إنجاز هذه المهمة.

واضاف دياب: «اليوم، نحن في لحظة الاصطدام. لكن، وبكل أسف، خلال الأسابيع الماضية، وحتى اليوم، هناك جهات محلية وخارجية، عملت وتعمل حتى يكون الاصطدام مدوياً، وتكون النتيجة حصول تحطم كبير، وخسائر ضخمة». وقال: بكل أسف، هناك جهات في الداخل لا تهتم لمستقبل البلد، ولا يهمها إلا دفتر حسابات المصالح الشخصية المغلفة بحسابات سياسية وطائفية. هذه الجهات إما هي أدوات خارجية لإدخال لبنان في صراعات المنطقة وتحويله إلى ورقة تفاوض، أو هي تستدرج الخارج وتشجعه على الإمساك بالبلد للتفاوض عليه على طاولة المصالح الدولية والإقليمية.

اضاف: «اخترنا مواجهة التحديات. وسنكمل بمواجهتها. نعلم جيدا أن هناك قرارا كبيرا بحصار البلد. هم يمنعون أي مساعدة عن لبنان. حصار سياسي- مالي لتجويع اللبنانيين، وفي الوقت نفسه، يدعون أنهم يريدون مساعدة الشعب اللبناني. يطالبوننا بالإصلاح»، وفي المقابل يمنحون حماية للفساد ويقدمون حصانة للفاسدين ويمنعون حصولنا على ملفات مالية لاستعادة الأموال المنهوبة.

واردف قائلاً: يلعبون لعبة رفع سعر الدولار الأميركي، والمضاربة على الليرة اللبنانية، ويحاولون تعطيل إجراءات الحكومة لمعالجة ارتفاع سعر الدولار. لعبة الدولار أصبحت مكشوفة ومفضوحة. يطالبوننا بإجراءات مالية، ويهربون الأموال إلى الخارج ويمنعون التحويلات إلى البلد، ويعطلون فتح الاعتمادات للفيول والمازوت والدواء والطحين، ليقطعوا الكهرباء عن اللبنانيين ويجوعونهم ويتركونهم يموتون من دون أدوية. وفوق ذلك، يتحدثون عن حرصهم على لبنان ومساعدة الشعب اللبناني.

وتابع مشيراً الى مواقف السفيرة الاميركية من دون تسميتها: سكتنا كثيرا عن ممارسات ديبلوماسية فيها خروق كبيرة للأعراف الدولية، والديبلوماسية، حرصا على علاقات الأخوة والانتماء والهوية والصداقات، لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف بالعلاقات الأخوية أو الديبلوماسية. والأخطر من ذلك، بعض الممارسات أصبحت فاقعة في التدخل بشؤون لبنان، وحصلت اجتماعات سرية وعلنية، ورسائل بالحبر السري ورسائل بالشيفرة ورسائل بالـ«واتس آب»، ومخططات، وأمر عمليات بقطع الطرقات وافتعال المشاكل. أما وزيرة الاعلام منال عبد الصمد فقالت بعد الجلسة عن استقالة الحكومة: أننا امام مسؤولية، وقرار الاستقالة نتخذه عندما لا نعود نقوم بواجباتنا، ونحن اليوم نقوم بواجباتنا.

الحريري على شروطه
واستغرب الرئيس سعد الحريري «أن يحصر رئيس الحكومة حسان دياب تصوير الأزمة بأنها مؤامرة، ويتجاهل الحديث عن موضوع الإصلاحات أو الكهرباء أو الاتصالات أو حتى المازوت، وأن يتهجم على السلك الدبلوماسي في حين أنه يسعى للاستدانة من دوله لحل الأزمة التي يواجهها لبنان، مشددا على أن كلمة السر للإنقاذ هي الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح.

ونفى الرئيس الحريري أن يكون أحد قد فاتحه بموضوع تشكيل حكومة جديدة، مؤكدا أن شروطه معروفة ولم تتغير، وهي ليست شروط سعد الحريري بل ما يحتاجه البلد للإنقاذ من الأزمة الحالية، لافتا إلى انه لا يغطي أي شخص قريب منه، إن كان ذاهبا بمفرده لتشكيل حكومة. وحذر في دردشة مع الصحافيين عصر أمس في «بيت الوسط» من إقدام العهد أو الحكومة على إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة متوعداً بأنه سيكون لتيار «المستقبل» موقف قاس جداً في هذه الحالة.

وقال: لن أغطّي أيّ شخص لو كان قريباً مني إلا إذا أخذ بشروطي. إن شروطي واضحة ولا اغطي أي أحد قريب مني «اذا كان رايح لحالو ليترأس حكومة». وقال: «هناك فريق مسؤول عن الحكومة فإذا قرر ترك الحكومة فهذا شأنه، ومن سيأتي رئيس حكومة لا علاقة له بما قد يجري مع هذه الحكومة». وعن عودته الى حكومة فيها باسيل، قال: «شروطي يعرفونها جيّداً لا بدّي أعمل رئيس ولا حابب أعمل رئيس ولا راكض لأعمل رئيس».

واشار الى الأزمة الاقتصادية وقال: «المطلوب إصلاح. هذه الأزمة ضربت الاقتصاد، الا أن صندوق النقد يريد أن يساعد لكن أين الإصلاحات وانا اليوم مصدوم من كلام الرئيس دياب عن المؤامرة و على الحكومة أن تساعد نفسها». وأَضاف: «سمعت ما قاله الرئيس دياب الذي لم يتحدث عن الكهرباء والإصلاح، وهو فقط يهاجم السلك الديبلوماسي الذي نحن بحاجة إليه من أجل مساعدة لبنان». وأسف في هذا الإطار «لأنني لم ألاحظ أي قاض تحرك عندما هاجم السفير السوري رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

بعبدا.. والتدقيق
بالمقابل.. اكدت مصادر وزارية مطلعة على موقف بعبدا، ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتمسك بتنفيذ قرار مجلس الوزراء المتخذ في 26 آذار الماضي، والقاضي بإجراء عملية تدقيق محاسبية مركّزة Forensic audit في مصرف لبنان لتبيان الاسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي الى الحالة الراهنة، اضافة الى تبيان الارقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوافر بالعملات الاجنبية.

وقالت هذه المصادر ان اصرار الرئيس عون على اجراء عملية التدقيق لا تراجع عنه، بصرف النظر عن المواقف التي ظهرت في مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي والتي دلّ بعضها على محاولة لصرف النظر عن اجراء هذا التدقيق الذي لا بد منه لجلاء الغموض الذي يسود موجودات مصرف لبنان.

ولفتت المصادر نفسها الى ان القول بأن شركة «كرول» التي كان يفترض ان تباشر عملية التدقيق، هي شركة مرتبطة بالعدو الاسرائيلي، وبالتالي اوقف وزير المال التعامل معها، لا يعكس الواقع الحقيقي بدليل ان السبب الاساسي لوقف التدقيق المركّز (او التشريحي) كما قال وزير المال نفسه، هو «رفض الجهات السياسية التي يمثلها الوزير» اعتماد مبدأ التدقيق المركّز Forensic audit والاكتفاء فقط بالتدقيق المحاسبي Accounting audit، وذلك خلافاً لقرار مجلس الوزراء المتخذ منذ ثلاثة اشهر وبضعة ايام.

ولاحظت هذه المصادر ان اصرار وزير المال على رفض توقيع العقد مع «كرول» واعلان استعداده للتوقيع على العقدين مع شركتي KPMG و Oliver Wymanيؤكد مرة جديدة على ان المطلوب هو عدم الغوص في التدقيق المركّز الذي يلقي الضوء على الحسابات ويحدد سبل تفاصيلها والجهات المعنية بها، على عكس التحقيق المحاسبي الذي يكتفي بمقارنة الارقام مع الاعتمادات فقط.

ولفتت المصادر نفسها الى انه لا يمكن القبول بصرف النظر عن التدقيق المركّز لانه يندرج في اطار الاصلاحات المطلوبة للانطلاق بخطة التعافي المالي، علماً ان الاصلاحات التي اقرّت سابقاً لم يتحقق منها شيء، على رغم الحاح المجتمع الدولي ومجموعة الدعم الدولية للبنان بضرورة انجاز مثل هذه الاصلاحات لتتمكن الدول الاعضاء في المجموعة من مساعدة لبنان.

إلى ذلك، كشفت مصادر نيابية لـ«اللواء» أن وزير الطاقة لم يتفاجأ بأزمة العتمة التي تُهدّد البلد خلال الساعات القادمة، بسبب النقص الحاد في مادتي الفيول والمازوت، لأنه سبق له وحذّر من تداعيات التوقيفات الطويلة لكبار موظفي المنشآت النفطية وفنيي المختبرات المعنية بفحص شحنات الفيول في الوزارة، إبان التحقيقات التي أجرتها القاضية غادة عون والقاضي نقولا منصور في ملف «الفيول المغشوش».

وأشارت هذه المصادر إلى أن هذه التحقيقات أدت إلى اضطراب برنامج شحنات الفيول الذي كانت وزارة الطاقة متفقة عليه مع شركة سوناطراك الجزائرية، خاصة بعد تعمد القاضية عون حجز عدة بواخر كانت محملة بهذه المادة الحيوية لأسابيع طويلة، وتحميل الخزينة المزيد من الأعباء المالية، رغم أن حمولة تلك البواخر ثبُت لاحقاً أنها مطابقة للمواصفات.

وحول أسباب العتمة الزاحفة على مختلف المناطق في البلد، أكدت المصادر النيابية أن السبب الأساس هو إصرار وزارة الطاقة، لأسباب غير معروفة»!!» على عدم الاكتفاء بالفحوصات التي تجريها مختبرات الوزارة، وتعمد إلى إرسال العيينات إلى إحدى الشركات المتعاقد معها في دبي مما يؤدي عادة إلى تأخير تفريغ البواخر إسبوعاً على الأقل، وتحميل الخزينة غرامات مالية أدناها ٢٥ ألف دولار عن كل يوم تأخير في تفريغ الحمولة.

الموت الاقتصادي
وأعلنت مجموعة من المؤسسات ومحال البيع بالتجزئة في لبنان إقفال أبوابها موقتاً الخميس في إطار حملة ضغط على السلطات، لتجنّب مواصلة رفع أسعارها بعدما سجّلت الليرة انهياراً غير مسبوق مقابل الدولار في السوق السوداء.

ويتغيّر سعر الصرف يومياً مقابل الدولار، ما يُجبر المؤسسات خصوصاً التي تعتمد على الاستيراد من الخارج بالدولار، على تغيير أسعارها باستمرار. وانعكس ذلك سلباً على العديد من المؤسسات التي أقفلت أبوابها في ظل شحّ الدولار ومع تجاوز سعر الصرف في اليومين الأخيرين عتبة التسعة آلاف. ولا يزال السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.

وفي بيانات نشرتها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمة شعار «نحن معاً في هذه الأزمة»، ووسم #باقون_هنا، أعلنت مؤسسات عدة بينها مجموعة «براندز فور لس» و»مايك سبورت» و»ماري فرانس» و»كارترز» إقفال أبوابها حتى «إشعار آخر». وأوردت «براندز فور لس» المستوردة لعلامات تجارية عالمية بأسعار مخفّضة في بيان «لأننا نرفض التخلي عن قيمنا… ورفع أسعارنا بشكل جنوني، سنقفل أبواب متاجرنا في لبنان حتى إشعار آخر».

وأعلنت شركة «مايك سبورت» للثياب والأحذية واللوازم الرياضية في بيان على موقعها الإلكتروني أنّه «نظراً لتردّي الوضع السياسي والاقتصادي في البلد، ارتأت (الشركة) عدم انخراطها في لعبة البيع والشراء غير الرسمية للدولار الأميركي وتحديد أسعار البضائع لديها على هذا الأساس».

وقالت إنها ستقفل فروعها كافة «على أمل ضبط الأوضاع من المراجع المختصة على الصعد كافة لإعادة الدورة الاقتصادية إلى حركتها الطبيعية». ولم تفلح الجهود الرسمية منذ أشهر في ضبط سعر الصرف في السوق السوداء، الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من المحال والمتاجر ومؤسسات بيع المواد الغذائية واللحوم إلى الإقفال بشكل دائم لعدم قدرتها على توفير الدولار، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير.

وقال نبيل جبرايل، رئيس مجموعة كاليا التي تملك 20 محلاً لعلامات تجارية عدة، لفرانس برس، «يتجه قطاع البيع بالتجزئة نحو الإغلاق الكلي أو الموقت حتى تصبح الأمور أكثر وضوحاً في ما يتعلّق بسعر الصرف». وأضاف: «نواجه مشكلة في التسعير، إذ نحتاج إلى تجديد الأسعار أسبوعياً بينما يرتفع سعر الصرف يومياً، في حين يتراجع حجم المبيع جراء الوضع العام وارتفاع الأسعار».

ونفّذ العشرات من مدراء الشركات ورجال الأعمال وموظفيهم اعتصاماً احتجاجياً في وسط بيروت. ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً يُعدّ الأسوأ في البلاد منذ عقود، لم تستثن تداعياته اي طبقة اجتماعية. ويترافق مع أزمة سيولة وشحّ الدولار. وتوقفت المصارف منذ أشهر عن تزويد المودعين بالدولارات من حساباتهم.

وجراء ذلك، خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر القليلة الماضية. وبات نصف اللبنانيين يعيشون تقريباً تحت خط الفقر بينما تعاني 35 في المئة من القوى العاملة من البطالة. على الأرض، بكرت مجموعات الحراك في قطع الطرقات، في مختلف المناطق، بدءاً من العاصمة إلى طرابلس وصيدا، بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

فقد قطع محتجون الطريق عند تقاطع الصيفي بالاتجاهين احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع سعر صرف الدولار والتقنين القاسي في التيار الكهربائي. كما قطع محتجون السير عند جسر سليم سلام بالاطارات المشتعلة وعلى كورنيش المزرعة محلة جامع عبد الناصر بالاتجاهين. وتجمّع عدد من المحتجين على المسلك الغربي لأوتوستراد زوق مكايل مقابل كنيسة مار شربل، رافعين الأعلام اللبنانية على وقع الأناشيد الوطنية.

جنوبا، اقدم محتجون على التجمع وسط ساحة ايليا وافترش عدد منهم الارض، ما ادى الى قطع طريق التقاطع باتجاهاته الاربعة، وسط هتافات منددة بارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية وتراجع الخدمات الرئيسية بشكل كبير من كهرباء ومياه. كما قطع محتجون السير على اوتوستراد الجنوب في منطقة أنصارية احتجاجاً على الوضع المعيشي، وتجمع عدد من الشبان المحتجين على الأوضاع المعيشية على اوتوستراد الزهراني مفرق عدلون ومحاولة لاقفال الطريق.

ونظم محتجون من مجموعات عدة مسيرة من الأونيسكو باتجاه مستشفى البربير، رافعين شعارات طالبت «الحكومة بالعمل الفوري أو بالرحيل». وتحدث حسن منيمنة باسم المتظاهرين فطالب ب»دولة لبنانية قوية تمتلك القرار»، وقال: «لا نثق بالحكومة وسنستمر بالسعي إلى رحيلها، لأنها عاجزة».

ودعا إلى «تشكيل حكومة جديدة تنتج قضاء مستقلا ونزيها وقانونا انتخابيا جديدا وعادلا وقانون أحوال شخصية مدنيا اختياريا»، وقال: «نريد حكومة تطور البنية البيئية، تقفل المعابر غير الشرعية، تحاكم الفاسدين، تؤمن العدالة الاجتماعية ونظاما تربويا حديثا والكهرباء، وتوقف التهريب في مرفأ بيروت».

كذلك ردّد محتجون امام مصرف لبنان في الحمرا شعارات منددة بالسياسة المصرفية والمالية، داعين الى «اسقاط حكم المصرف واعادة الاموال المهربة والمنهوبة ومحاكمة الفاسدين وكل من نهب اموال الناس، وسط انتشار امني كثيف للقوى الامنية». كذلك نفذت مجموعة أنا خط أحمر تحركًا احتجاجيا في ساحة الشهداء.

Please follow and like us: