افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 11 آب، 2020

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 25 أيار، 2018
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 11 أيلول، 2024
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الأربعاء 8 تموز، 2020

اللواء
دياب يخرج من السراي مكرهاً.. والبدائل في محادثات هيل
الحريري المرشح الأوفر حظاً يحتاج إلى توافق إقليمي – دولي.. وماكرون لتذليل العقبات

باستقالة حكومة الرئيس حسان دياب طويت صفحة، عليها أكثر مما لها، في تاريخ لبنان، شهدت محطات بالغة الخطورة: فبدل ان يوضع لبنان على مسار التحوّل نحو «التعافي» (بعبارة الحكومة المستقيلة) انحدر، منزلقاً، إلى وضع، بات يتهدد معه مصير البلد، بين انهيارات لا تتوقف..
وبدل أن يخرج التحقيق الإداري اليوم، لكشف ما حصل، وتحديد المسؤوليات، ذهبت الحكومة، بعد أسبوع على انفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، بالضربة القاضية، على خلفية حصول الجريمة، وقوة التأثيرات السياسية المحلية والإقليمية والحاجة الملحة إلى كسر حلقة الاحادية في إدارة البلد، مع النتائج الكارثية للانفجار، والنتائج الكارثية لإدارة الملفات، بما حول البلد إلى «جزيرة معزولة» عن محيطها العربي، وآفاقها العالمية، يدور في ملعب محصور، يتنازع مع قوى كبرى في بلدان رئيسية في الإقليم.. ولم يتأخر الرئيس دياب في بعبدا، إذ اكتفى، وهو يغادر الله يحمي لبنان، وهي العبارة التي ختم بها مؤتمره الصحفي.. مضيفاً: هذا ما يمكنني قوله..
إذاً بعد ستة أشهر (180 يوماً) و18 يوماً، أي ما مجموعه 198 يوماً، من 21 كانون الثاني 2020، صدرت مراسيم تشكيل الحكومة العشرينية، من ضمنها ست سيدات، واستقال رئيسها في 10 آب 2020، على خلفية الأزمة السياسية الكبرى التي نجمت عن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الجاري. لا تريّث ولا انتظار، أعلن الرئيس عون، بمرسوم تلاه المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير عن قبول استقالة حكومة الرئيس دياب، مطالباً إياها بالاستمرار بتصريف الأعمال.. في لقاء لم يتجاوز النصف ساعة.

ضربة قوية
ووصفت مصادر سياسية استقالة حكومة حسان دياب بانها ضربة قوية لحزب الله وحليفه الرئيس عون اللذين حاولا تجاوز التوازانات السياسية في البلاد واحكام قبضتهما بالقوة والحاق لبنان قسرا بسياسة المحاور والتحالفات، والانحياز لايران والاستمرار في استعداء الدول العربية خلافا لارادة وتوجهات معظم اللبنانيين.

واعتبرت ان حزب الله يتحمل مسؤولية تاليف حكومة دياب اكثر من غيره من القوى المتحالفة معه لانه يعلم سلفا أنها لن تستطيع القيام بالمهام الجسيمة المطلوبة منها ولا في مقاربة الحلول للازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان اولا لافتقارها للحد الادنى من الخبرة التقنية والممارسة السياسية من جهة وثانيا لاستمرار الحزب في سياسية استعمال لبنان كساحة من ساحات الصراع الاميركي الايراني،الامر الذي زاد من صعوبة مهمة الحكومة للقيام بمهماتها وعدم قدرتها على مواجهة تداعيات هذه المواجهة،ما زاد في حدة للازمة بدلا من المباشرة بوضع الحلول الممكنة لها.

واشارت المصادر إلى ان الحكومة لم تستطع تقديم اي مؤشر إيجابي ناجح منذ تاليفها،وقد اظهرت فشلا ذريعا في مقاربة ابسط الملفات والمواضيع والمشاكل ان كان بالملف المالي او الاقتصادي أو الكهرباء اوالطاقة وغيرها، وكان المواطنون يستفيقون كل صباح على مشكلة جديدة وغير محسوبة، ناهيك عن التدهور المريع في صرف سعر الليرة اللبنانية، في حين كان حزب الله يدعم هذه الحكومة ويفرض وجودها خلافا لارادة معظم اللبنانيين، ما أدى الى انحدار مريع للوضع الاقتصادي والمعيشي للبنانيين لم يسبق له مثيل من قبل.وبالرغم من كل هذه الإحاطة القوية والمحكمة من قبل الحزب للحكومة، الا انها سقطت بشكل مريع وسقطت معها كل محاولات الهيمنة والتسلط على لبنان.

جنبلاط: انتصار
ووصف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أن «إستقالة الحكومة بعد الكارثة التي حلّت ببيروت في 4 آب كانت مطلبنا الأساس، واليوم تحقق المطلب، ونعتبره إنتصارا سياسيا كبيرا».

ورداً على إحتمال إعادة ولادة حكومة مشابهة لحكومة حسان دياب، لفت جنبلاط في حديث الى «سكاي نيوز» إلى أنه «لا نستطيع أن نتكهن بما سيحصل، فهذا تبصير، ونحن مع الطُرق الديمقراطية التي تتمثل بالاستشارات النيابية، كما نحن مع تشكيل حكومة حيادية تشرف على انتخابات نيابية جديدة وفق قانون لا طائفي، وهنا ربما يسمعني بعض المحتجين، فهناك خلاف داخلي حول القانون، فنحن مع قانون لا طائفي، فيما غيرنا لا يؤيد، مثل القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وعلينا أن نرى ما هي وجهة نظر حزب الله، فنحن لم نقابلهم بعد. لكن القانون اللاطائفي وحده ينتج تغييرا، أما القانون الحالي لا يؤدي إلى شيء».

وكشف جنبلاط أن اللقاء الديمقراطي «تشاور اليوم مع القوات والمستقبل حول عدة امور منها الإستقالة أو عدمها، وبرأيي فإن التغيير يأتي من الداخل عبر الانتخابات. ويجب أن نتوحد كمعارضة في الداخل، أن نشكل جبهة وطنية داخلية، من أجل التغيير وفق قانون لا طائفي، عبر الإنتخابات النيابية المبكرة».

وعن إستقالة نواب كتلة اللقاء الديمقراطي، أكد جنبلاط أنه «وفق الدستور، الاستقالة لا تؤدي لإستقالة المجلس النيابي بكامله، هكذا الدستور، ولا زلنا نناقش، فنحن مع قانون لا طائفي، لكن ربما احزاب اخرى لديهم وجهات نظر مختلفة»، مشيرا إلى أنه «لم نحسم بالاستقالة، الا أننا انتصرنا في استقالة الحكومة، والمطلب الثاني لجنة تحقيق دولية، اما المطلب الثالث إنتخابات على أساس لا طائفي»، مشددا على أنه «علينا أن لا ندخل في الفراغ، وضد الدخول في الاستقطابات الحادة الطائفية والمذهبية، فعلينا أن ننتبه لما يجري حولنا».

دولياً، كان الابرز دعوة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبنان الى «الإسراع في تشكيل حكومة تثبت فاعليتها أمام الشعب». وقال لودريان في بيان «لا بد من الاصغاء الى التطلعات التي عبر عنها اللبنانيون على صعيد الإصلاحات وكيفية ممارسة الحكم». وقالت أوساط قصر بعبدا، ان الاتجاه هو للدعوة إلى الاستشارات الملزمة الاثنين المقبل، مشيرة إلى إمكان تأليف حكومة بوقت قصير. الا ان مصادر دبلوماسية ذهبت إلى ان المعطيات لا توحي بالسرعة، على الرغم من الحرص الفرنسي على ذلك.

وقالت ان أربع قوى دولية وإقليمية معنية بالحكومة الجديدة، وهي: الولايات المتحدة وفرنسا، المملكة العربية السعودية وإيران.. وأكدت على ان التباين ما يزال كبيراً بين هذه القوى، وان ولادة حكومة لبنانية جديدة، حاجة ملحّة إليها لمواكبة عملية إعادة اعمار المرفأ وبيروت، وإخراج البلد من ازمته.. وأشارت المصادر إلى ان التوافق شرط ضروري لانطلاق عملية التأليف، سواء على صعيد رئيس الحكومة أو القوى المشاركة فيها..

وقالت ان ماكرون ينسق مع الأميركيين لجهة احداث توازن لبناني – إقليمي – دولي في لبنان، الا ان العلاقات بين القوى والدول المعنية تحتاج إلى وقت، وإلى مفاوضات وتحسين معطيات التسوية، في شقها اللبناني والإقليمي – الدولي. واعتبرت هذه المصادر ان الاسم الأقوى لتأليف الحكومة هو الرئيس سعد الحريري، المقبول عربياً ودولياً، لأن التجربة أكدت ان لا قيمة لحكومة موظفين أو اكاديميين كباراً كانوا أم صغاراً.

قبل ساعتين أو أكثر من إعلان الاستقالة، ضغط الوزراء على رئيسهم، فالاستقالات كانت على الطاولة مع كل من وزيرة العدل ماري كلود نجم، ووزير الشباب والرياضة فارتييه اوهانيان ووزير المال غازي وزني ووزير الاتصالات طلال الحواط، وعلى الجملة معظم الوزراء، مع تزايد عدد النواب الذين استقالوا من المجلس، وأصبح عددهم تسعة نواب.

الحائط المسدود: الاستقالة
وبعد ان وجد الرئيس دياب نفسه امس امام حائط مسدود حيال امرين: حماية الحكومة من السقوط بعد استقالة عدد من الوزراء، وعدم القدرة على تلافي جلسة المساءلة النيابية التي اصر الرئيس نبيه بري على عقدها يوم الخميس المقبل، حيث حاول منذ امس الاول وطيلة نهار اليوم تلافي الاستقالة، وعقد جلسة اخيرة لمجلس الوزراء في السرايا بعد نقلها من قصر بعبدا أقدم على الاستقالة.

وخلال الجلسة، طلب بعض الوزراء من دياب استقالة الحكومة وإلاّ فإنهم سيقدمون استقالات فردية، كي لا يمثلوا امام مجلس النواب في جلسة المساءلة التي كانت مقررة الخميس، ما وضع دياب امام خيار وحيد… الاستقالة. وعُلم من مصادر السرايا ان اتصالا اخيرا جرى امس قبيل الجلسة بين الرئيس عون والرئيس دياب، للبحث في إمكانية إقرار اقتراح دياب لإقرار مشروع قانون بتقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكرة، لكن عون رفض وقال ان مثل هذا القرار لا يتخذه طرف واحد، عندها قرر دياب نقل الجلسة الى السرايا.

وخلال الجلسة قدمت نائبة رئيس الحكومة زينة عكرعدرا استقالتها في مداخلة مكتوبة، كما قدمت وزيرة العدل ماري كلود نجم استقالتها خطّياً الى الرئيس دياب «انحناء لدماء الشهداء، وانسجاما مع قناعاتي بأن البقاء في الحكم في هذه الظروف من دون تغيير جذري في النظام والمنظومة لم يعد يُؤدي الى الاصلاح الذي جهدنا لتحقيقه».

وقالت عكر في مداخلتها: إن وقوع هذه الكارثة يقتضي إستقالة حكومة لا وزراء أفراد، فالحكم مسؤولية، والثورة مسؤولية، والمواطنة مسؤولية، والقضاء مسؤولية، والإعلام مسؤولية، والإستقالة مسؤولية، أين نحن من كل هذا؟ لقد قررت الإستقالة منذ حوالي الشهر لأنني شعرت أننا لا ننتج في هذا الظرف الصعب، لكنني تريثت ولم أقم بذلك، لشعوري بفداحة المسؤولية، ولكن بعد الكارثة أصبح التحدي أكبر. إن الاستقالة لقناعات مبدئية تُحترم، أما الاستقالة خوفاً أو إستعطاء لشارع بل شوارع وقوى بحثاً عن مستقبل «الأنا» فهي لا تعكس مسؤولية بالنسبة لي.

ووجه دياب بعد الجلسة كلمة متلفزة الى البنانيين اعلن فيها استقالة الحكومة، واعتبر أن «الكارثة التي ضربت لبنان هي نتيجة فساد مزمن في السياسة والادارة والدولة، وان منظومة الفساد متجذرة في كل مفاصل الدولة وهي اكبر من الدولة، والدولة مكبّلة بها ولا تستطيع مواجهتها». وأسف دياب لأن « احد نماذج الفساد انفجر في المرفأ لكن نماذج الفساد منتشرة في جغرافيا البلد السياسية والادارية». وقال: أننا «اليوم نحن امام مأساة كبرى وكان يفترض من كل القوى ان تتعاون من اجل تجاوزها بأيام صمت حدادًا على أرواح الضحايا»

وأشار دياب إلى ان « حجم المأساة اكبر من ان يوصف لكن البعض يعيش في زمن آخر ولا يهمه من كل ما حصل الا تسجيل النقاط السياسية والخطابات الشعبوية. وقال: كان يفترض ان يخجلوا من انفسهم لان فسادهم انتج المصيبة المخبّأة منذ سنوات، غيّروا وتبدلوا في السابق في كل مرة يلوح التخلص من فسادهم». واضاف: أن «الثورة كانت ضدهم لكنهم لم يفهموها جيدا».

وتابع: «أن المفارقة الاكبر ان هؤلاء وبعد اسابيع من تشكيل الحكومة حاولوا رمي موبقاتهم عليها وتحميلها مسؤولية الانهيار والدين العام… فعلا اللي استحوا ماتوا».وحذر من أن «بيننا وبين التغيير جدار سميك جدا وشائك تحميه طبقة تقاوم بكل الاساليب الوسخة من اجل الحفاظ على قدرتها بالتحكم بالدولة».

الموقف من بعبدا
الأبرز في يوم بعبدا أمس الايحاء بأن مرسوم إحالة الجريمة إلى المجلس العدلي، كان بطلب من الرئيس عون.. الذي يستقبل اليوم كلاً من وزير خارجية كل من مصر سامح كريم والأردن ايمن الصفدي. وفي ما خص المشاورات التي جرت، وتستكمل في الساعات المقبلة، والتي تسبق الاستشارات النيابية الملزمة، علم ان الهدف منها إيجاد جو مؤاتٍ لها..

وتوقعت مصادر قريبة من بعبدا عدم تأخير موعد الاستشارات النيابية، على ان تولد الحكومة قبل عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت في الأوّل من أيلول المقبل، للاحتفال بالمئوية الأولى على ولادة لبنان الكبير.. وبقي الرئيس عون على تواصل مع الاليزيه، في إطار متابعة جدول أعمال الزيارة الرئاسية الفرنسية، فضلاً عن مقررات مؤتمر الدعم الدولي للمساعدات الإنسانية.

بعد غد الخميس، يتوقع ان يصل إلى بيروت مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، موفداً من الإدارة الأميركية، على ان يباشر محادثاته الجمعة، وعلى جدول أعماله: الوضع الحكومي المستجد، وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وبقي مؤتمر المانحين موضع متابعة، واشارت المصادر الى ان ما يحكى عن ان لبنان متروك ومحاصر ليس صحيحاً والدليل على ذلك اهتمام المجتمع الدولي باحتضان لبنان بعد حادثة المرفأ، اضافة الى ايلائه اهمية لدور لبنان في المنطقة، مما يؤكد ان المظلة الدولية ما زالت قائمة فوق لبنان.

واوضحت المصادر ان ما صدر امس عن المؤتمر من مساعدات هو نتائج اولية اي ما يوازي ٣٠٠ مليون دولار، لأن دولاً كبرى اعلنت انها ستساهم في اعادة بناء المرفأ والمناطق المتضررة. كذلك كانت لافتة مشاركة المنظمات الدولية المعنية بالمساعدات في المؤتمر. كما ان وفد برنامج الاغذية العالمي اعلن عن تقديم برنامج مساعدات نقدية لمليون شخص كمرحلة اولى، كما سيتم تأمين حاجة لبنان لكل المواد الغذائية من خلال وضع مستوعبات ومخازن مؤقتة في المنطقة التي سيتم تنظيفها في المرفأ لحفظ القمح والحبوب. واوضحت انه سيتم توزيع ٣٠ الف طن من القمح للافران مباشرة و١٠٠ الف طن من الحبوب خلال الاشهر الثلاثة المقبلة اي ٣٠٠ الف طن.

من جهة ثانية اشارت المصادر الى تزايد الاهتمام الدولي بلبنان عبر زيارات متتالية لمسؤولين دوليين منهم الموفد الاميركي ديفيد هيل ووزير خارجية المانيا. وذلك في تأكيد على ان لبنان ليس وحيداً كما قال الرئيس ماكرون. وعن التواصل المستمر بين عون وماكرون قالت المصادر انه لتأمين انسياب المساعدات اضافة الى متابعة الملف السياسي في لبنان. وأكدت المصادر ان الرئيس عون رحب بأي مساعدة في التحقيق ليكون شفافاً وهو لذلك طلب صوراً جوية من الرئيس الفرنسي ومن اي دولة قادرة على تأمينها.

ووفق المصادر لم تحسم بعد طبيعة الانفجار ولذلك التحقيق مستمر لجلاء ظروفه ويتركز اليوم على تحديد مسؤوليات المقصرين من اسباب الانفجار وهو موضع نقاش الى كيفية دخول المادة الى المرفأ وكل الفرضيات المطروحة. واكدت ان فريقاً تقنياً فرنسياً من خبراء يشارك في التحقيقات الميدانية.

التحقيقات
على صعيد التحقيقات، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في إفادة صحفية افتراضية لأعضاء الأمم المتحدة يوم الاثنين إن من المهم «أن يحدد تحقيق موثوق وشفاف سبب الانفجار ويؤدي إلى المساءلة التي يطالب بها الشعب اللبناني:. وأضاف خلال الإفادة المتعلقة بالوضع الإنساني في لبنان «من المهم أيضا تنفيذ الإصلاحات من أجل تلبية احتياجات الشعب اللبناني على المدى الأطول».

وأعلن الجيش اللبناني اليوم انتشال خمس جثث أخرى من بين الحطام، مما يرفع حصيلة الوفيات إلى 163. وتستمر عمليات البحث والإنقاذ. وقال مصدر وزاري إن مجلس الوزراء قرر إحالة التحقيق في الانفجار إلى المجلس العدلي، وهو أعلى سلطة قانونية في البلاد ولا يمكن الطعن على أحكامه. ويتولى المجلس عادة أهم القضايا الأمنية.

وباشر المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري جلسات التحقيق في الانفجار، واستمع الى إفادة مدير عام جهاز أمن  الدولة اللواء طوني صليبا في قصر العدل في بيروت. كما افيد ان وفدا أمنيا لبنانيا سيغادر إلى قبرص للاستماع إلى إفادة صاحب الباخرة التي كانت تنقل كمية نيترات الأمونيوم. وكشف قبطان سفينة «اوسوس» بوريس بروكوشيف ان شاري الشحنة هو شخصية وهمية غير موجودة.

على الارض، استمر الغليان في الشارع. وشهدت بيروت خلال اليومين الماضيين تظاهرات غاضبة حملت شعارات «علّقوا المشانق» و«يوم الحساب». وتجددت المواجهات عصر امس بين محتجين غاضبين نزلوا الى وسط العاصمة مجددا والقوى الأمنية التي بدات تطلق قنابل مسيلة للدموع. ويطالب المتظاهرون الناقمون أساساً على أداء السلطة، بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار ورحيل الطبقة السياسية بكاملها التي تتحكم بالبلاد من عقود.

وفي ساحة الشهداء حيث يلتقي المتظاهرون المحتجون بشكل يومي، قالت ميشيل، شابة في مطلع العشرينات وهي تحمل صورة صديقتها التي قتلت في الانفجار مذيّلة بشعار «حكومتي قتلتني»، لفرانس برس «استقالة الوزراء لا تكفي، يجب أن يحاسبوا». وأضافت «نريد محكمة دولية تخبرنا من قتلها وبقية الضحايا لأنهم (المسؤولون) سيخفون القضية».

وأوقفت السلطات أكثر من عشرين شخصاً على ذمّة التحقيق بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون. وتبدو السلطات غائبة تماما على الرغم من الدمار الهائل الذي تسبب به انفجار خلّف حفرة بعمق 43 متراً في المرفأ، بحسب مصدر أمني. وأعلن الجيش اللبناني أن فرق الإنقاذ تمكنت أمس من انتشال خمس جثث لضحايا انفجار مرفأ بيروت. «وتستمر عملية البحث على باقي المفقودين». وبينما ينشط متطوعون في كل شارع وزقاق لرفع الركام وشظايا الزجاج المبعثرة في كل ناحية وصوب، تبدو الأجهزة الرسمية شبه غائبة. ويشكو مواطنون متضررون ان أحدا لم يتصل منهم من جانب السلطات، أو عرض عليهم أي مساعدة.

وزار السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، موقع الانفجار، لمواكبة عمل أعضاء الشرطة الجنائيّة الفرنسيّة، بحضور المدعي العام التمييزي غسان عويدات. ونشر فوشيه عددا من الصور على حسابه عبر تويتر علق عليها بالاتي: «الشرطة العلمية الفرنسية لدعم التحقيق القضائي الحالي – زيارة الى مكان الانفجار مع المدعي العام القاضي عويدات – فجوة بقطر أكثر من 100 متر على الرصيف رقم 9 – غرفة التحكم في الاهراءات… 22 ضابط شرطة فرنسي يعملون على الأرض».

6812
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 295 إصابة  كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 6812.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

البناء
الاستشارات الَنيابيّة مؤجلة… والتشاور السياسيّ يضع حداً لاستقالات النواب بانتظار الحكومة
دياب يستقيل منعاً لإسقاط حكومته في المجلس الخميس… ويحمّل «عنابر الفساد» المسؤوليّة
الحريريّ وجنبلاط وجعجع: انقسام حول الانتخابات المبكرة يؤخّر التفاهم على التسمية

الاتصال الذي تلقاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بعد استقالة حكومة الرئيس حسان دياب وما تخلله من تشاور في طبيعة المرحلة المقبلة، وفقاً لمصادر متابعة، كشف حجم الاهتمام الفرنسي بتفاصيل الوضع الحكومي، وفقاً لما سبق وقاله الرئيس ماكرون عن الدعوة لحكومة وحدة وطنية خلال زيارته بيروت، وحاول البعض نفيه والقول إنه دعوة لوحدة اللبنانيين بصورة عامة، ليكشف اتصال الأمس حجم المتابعة لتسمية رئيس حكومة جديد يعبر عن السعي لحكومة وحدة وطنية. وهو ما قالت المصادر إنه يفسر التريث في تحديد موعد الاستشارات النيابية، وليس فقط توافد زوار دوليين كبار على قصر بعبدا، خلال الأيام المقبلة يتقدّمهم اليوم وزير الخارجية المصرية الذي لن يكون بعيداً عن الاتصالات السياسية بالتنسيق مع باريس، حيث تتقاسم القاهرة وباريس وطهران متابعة الترتيبات السياسية للمرحلة المقبلة، كما قالت المصادر.
في هذا السياق، كشفت مصادر على صلة بالاتصالات السياسية، عن التوصل لتفاهم سياسي يوقف الاستقالات النيابية، التي قال رئيس حزب القوات اللبنانية إنه يريد لها الوصول لمرحلة التمهيد لانتخابات مبكرة، بينما لا يبدو الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط على درجة الحماس القواتي لها، خصوصاً في ظل خشية من أن تحمل الانتخابات المبكرة نتائج سلبية على أحجام تمثيل الفريقين، وما يدركانه من أن السعي لتقصير ولاية مجلس النواب من دون توافق سياسي وطائفي يمثل إسقاطاً لإحدى ركائز اتفاق الطائف، ويفتح الباب لفراغ دستوري وسياسي، بينما الرهان على الاتصالات التي ترعاها فرنسا هو بلوغ درجة من التوافق تنطلق من اتفاق الطائف، ولو مثلت رغبة بتعديل بعض بنوده أو توضيحها كمضمون لما قاله الرئيس ماكرون عن عقد سياسي جديد.
استقالة حكومة الرئيس حسان دياب التي جاءت في جانب منها إفساحاً في المجال للتشاور السياسي نحو فرصة تسوية سياسية جديدة بدت متعذرة قبل تسعة شهور، بعد استقالة الرئيس سعد الحريري وحكومته، وفي جانب آخر تفادياً لمواجهة المجلس النيابي حيث بدا أن جلسة الخميس ستتحوّل الى جلسة لسحب الثقة من الحكومة وإسقاطها في المجلس، وتحميلها مسؤولية تفجير مرفأ بيروت من الذين شكلوا وفقاً لكلمة الرئيس دياب عناوين للفساد، وكانت عنابرهم الفاسدة تنتشر في كل مفاصل الدولة وتنخر عظامها، ويريدون رمي مسؤولية ما تسبّبوا به على الحكومة التي ناصبوها العداء، لأنها رفضت دخول لعبة الفساد وتقديم الحماية للفاسدين.
بعد استقالة الحكومة طُرحت سيناريوهات عدة للحكومة الجديدة، لكنها بقيت في دائرة التحليلات والرغبات. فالمعلومات تؤكد مسار تشاور داخلي وخارجي لن يكون سريعاً، بحيث ترتبط تسمية رئيس الحكومة الجديدة بعدد من الملفات، أبرزها قياس مستوى القبول الشعبي لطبيعة الحكومة وشخص رئيسها، ومعرفة برنامج الحكومة خصوصاً لجهة الانتخابات النيابية المبكرة التي يطرحها بعض الأطراف، والأهم حجم الدعم المالي الذي يمكن للحكومة توقعه، وهو أمر يرتبط بالنظرة السياسية الغربية لمستقبل توازنات أبعد من لبنان أشارت مواقف فرنسا لتبدّل معين حولها، لكن الاختبار الحقيقي هو في مشاورات تشكيل الحكومة التي تنتظر بالتوازي مسارات ترسيم الحدود التي سيديرها المبعوث الأميركي ديفيد هيل الذي يصل الجمعة الى بيروت، وسواها من الملفات المعقدة.
وبعد سلسلة من الأحداث الأمنية والسياسية التي توالت كان آخرها استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، يبدو أن لبنان دخل في نفق مجهول من الفراغ السياسي والدستوري والفوضى الأمنية وبالتالي أزمة نظام سياسي، بحسب مصادر سياسية متابعة.

وبحسب معلومات «البناء» فإن مخطط اسقاط الحكومة بدأ منذ أشهر عبر عدة محاور: مفاقمة الأزمات الاقتصادية والمالية واختلاق أخرى كرفع سعر صرف الدولار والمواد الغذائية واحتكار المواد والسلع الاساسية كالمازوت والبنزين والتقنين العشوائي للتيار الكهربائي، هجمات سياسية واعلامية تحمل الحكومة مسؤولية تردي الاوضاع الاقتصادية، التصويب على الحكومة من داخلها عبر مواقف معرقلة لبعض الوزراء للبرنامج الاصلاحي والخطة المالية وتلويح بالاستقالات، الحصار المالي الخارجي الاميركي الاوروبي الخليجي وسياسة العقوبات».
وعلمت «البناء» أن عدداً من الوزراء «تعرّضوا لضغوط خارجية – داخلية للاستقالة كما تعرضوا لتهديدات من قبل جماعات في الشارع، ولم يستطيعوا الصمود أمام الحملة السياسية الإعلامية الشعبية على الوزراء والحكومة وتحميلهم مسؤولية الدم والدمار الذي سقط في الشارع فسارعوا الى تقديم استقالاتهم تباعاً الى رئيس الحكومة». كما علمت أن «رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب حاول ثني الوزراء عن الاستقالة وإعطاء فرصة للحكومة لتفعيل عملها والمتابعة في معالجة تداعيات كارثة مرفأ بيروت والاستمرار بإنجاز الإصلاحات، لكن الوزراء رفضوا ذلك وأمهلوا دياب حتى عصر أمس، بأنهم سيتجهون الى الاستقالة اذا لم تستقل الحكومة». إلا أن المعلومات تشير الى أن «رئيس الحكومة المستقيل استبق استقالة الوزراء وجلسة نزع الثقة في المجلس النيابي الخميس المقبل وقدم استقالة الحكومة بتوافق الوزراء بعد جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس في السراي الحكومي.
وكانت المساعي للملمة الحكومة تواصلت منذ أمس الأول حتى الأمس على محور السرايا – بعبدا – عين التينة والضاحية، وتولى جزءاً منها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي رصد متنقلاً بين السراي وعين التينة وبعبدا في محاولة للبحث عن مخرج لمد عمر الحكومة فترة معينة، وأحد الحلول كان أن يؤجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة النيابية لمساءلة الحكومة عن حادثة المرفأ، مقابل أن يتراجع الرئيس دياب عن مطلب الانتخابات النيابية المبكّرة، لكن الرئيس بري «أصرّ على موعد الجلسة كما رفض الوزراء حضور الجلسة لتحميلهم مسؤولية الانفجار وفضلوا الاستقالة قبيل الخميس كي لا تتم مساءلتهم وإقالتهم في المجلس النيابي». كما أدار حزب الله جزءاً من هذه الوساطات إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وخصوصاً بعد الرسالة الاخيرة التي حملها وزير المال غازي وزني الى دياب من الرئيس بري الممثلة بكتاب استقالته ما رفع عدد الوزراء المهددين بالاستقالة الى 3 وهم ماري كلود نجم وراوول نعمة ووزني ما يعني ثلث أعضاء الحكومة الى جانب الوزيرة المستقيلة منال عبد الصمد والوزير المستقيل دميانوس قطار.

وكانت كلمة الرئيس دياب منذ يومين أثارت امتعاض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس بري وحزب الله، بحسب ما علمت «البناء»، لا سيما كلام دياب عن الانتخابات النيابية المبكّرة من دون التنسيق والتشاور مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، ولهذا السبب نقلت جلسة مجلس الوزراء من بعبدا الى السرايا الحكومية بعد رفض الرئيس عون طرح موضوع الانتخابات النيابية في الجلسة وحينها قرر الرئيس دياب اجتماع مجلس الوزراء في بعبدا لإحالة تفجير المرفأ الى المجلس العدلي ثم إعلان استقالة الحكومة بعد الجلسة.
وبعد ساعتين من الجلسة أعلن دياب استقالة الحكومة. وأشار في كلمة له من السرايا الحكومية الى أننا «ما نزال نعيش هول المأساة التي ضربت لبنان. هذه الكارثة التي أصابت اللبنانيين في الصميم، والتي حصلت نتيجة فساد مزمن في السياسة والإدارة والدولة». واعتبر أن «منظومة الفساد متجذّرة في كل مفاصل الدولة، لكني اكتشفت أن منظومة الفساد أكبر من الدولة، وأن الدولة مكبّلة بهذه المنظومة ولا تستطيع مواجهتها أو التخلص منها».
وقال دياب: «انفجر أحد نماذج الفساد في مرفأ بيروت، وحلت المصيبة على لبنان، لكن نماذج الفساد منتشرة في جغرافيا البلد السياسية والإدارية، والخطر كبير جداً من مصائب أخرى مختبئة في عقولٍ وعنابر كثيرة بحماية الطبقة التي تتحكّم بمصير البلد وتهدد حياة الناس، وتزوّر الحقائق، وتعيش على الفتن وتتاجر بدماء الناس في ساعات التخلي التي تتكرر بحسب المصالح والأهواء والحسابات والارتهانات المتقلبة».
واضاف: «قاتلنا بشراسة وشرف، لكن هذه المعركة ليس فيها تكافؤ. كنا وحدنا، وكانوا مجتمعين ضدنا. استعملوا كل أسلحتهم، شوهوا الحقائق، زوّروا الوقائع، أطلقوا الشائعات، كذبوا على الناس، ارتكبوا الكبائر والصغائر. كانوا يعرفون أننا نشكل تهديداً لهم، وأن نجاح هذه الحكومة يعني التغيير الحقيقي في هذه الطبقة التي حكمت دهراً حتى اختنق البلد من روائح فسادها».

ثم توجّه الرئيس دياب الى بعبدا وسلم رئيس الجمهورية استقالته الخطية. وخلال اللقاء الذي استمر قرابة النصف ساعة، عرض الرئيس عون مع الرئيس دياب الأوضاع العامة في البلد، وتطورات الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت في الرابع من آب الحالي، كما طلب من الرئيس دياب والوزراء الاستمرار في تصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. ولدى مغادرته القصر الجمهوري، اكتفى الرئيس دياب بالقول للصحافيين: «الله يحمي لبنان، هذا ما يمكنني قوله».

وفي غضون ذلك من المتوقع أن تنطلق جولة اتصالات ومشاورات سياسية داخلية خارجية لتأليف حكومة جديدة الأمر الذي لا يزال بعيد المنال في الوقت الراهن، بحسب ما أكد اكثر من مصدر سياسي لـ»البناء» فلا مؤشرات على تسوية داخلية او خارجية ناضجة رغم الحديث عن مفاوضات إيرانية أميركية في البحرين واتصالات دائمة إيرانية فرنسية، إلا أن لا مؤشرات على اتفاق حتى الآن.

وفيما أفيد أن الرئيس سعد الحريري قد يكون هو المرشح المحتمل لقيادة هذه المرحلة بعد تأمين التفاهم الداخلي والمناخ الدولي الإقليمي الذي من الممكن أن تتولاه فرنسا، اشارت مصادر اخرى الى أن التسوية شبه ناضجة خارجياً ويجري تصريفها داخلية وكل ما نشهده من أحداث تصب في هذا السياق. وجرى التداول أمس بمرشحين محتملين مثل نواف سلام ومحمد بعاصيري، الا ان معلومات «البناء» اشارت الى أنه «لم يتم الحديث في المرشحين ولا في أي اتفاق»، مضيفة أن «استقالة الحكومة هي بداية النفق المظلم ومقدّمة لمسلسل طويل من الأحداث سينتقل الى مجلس النواب في محاولة لدفعه للاستقالة في الشارع أو عبر استقالات جماعية لكتل القوات والمستقبل والاشتراكي لكن أياً من هذه الكتل لم يقدم على الاستقالة لحسابات عدة سياسية وانتخابية». ولفتت أوساط بيت الوسط الى أنه «من بعد هذه الاستقالة يجب ان تنطلق عملية التفاهم الوطني حول أسس الحكومة المقبلة».

ووسط الحديث عن عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة دخل شقيقه بهاء الحريري على الخط في بداية جديدة للصراع بين الشقيقين على الساحة السنية، وفيما أشارت مصادر «البناء» الى رفض الحريري الاستقالة من مجلس النواب ورفض خيار انتخابات نيابية مبكرة لعدم تيقنه من الحفاظ على عدد نواب كتلته حالياً، طالب بهاء الحريري بضرورة العمل على قانون انتخابي جديد يرضي طموحات اللبنانيين الذين يتظاهرون منذ نحو سنة. وقال: «نحن نؤمن بالنظام الديمقراطي ونريد انتخابات عادلة يشعر من خلالها اللبنانيون أنّ مجلساً نيابياً جديداً قد تشكّل».

اما في المواقف الدولية فعلقت الخارجية الفرنسية على استقالة حكومة دياب بالقول «إن الأولوية الآن لتشكيل حكومة جديدة بسرعة». وشددت على أن «الإصلاحات وإعادة إعمار بيروت أبرز تحديات الحكومة التي ستشكل بلبنان»، منبهة من أن «لبنان من دون إصلاحات سيتجه نحو الانهيار». وختمت مؤكدة «اننا نقف بجانب لبنان في هذه اللحظات الصعبة كما فعلنا دائماً». وقال مسؤول في الخارجية الأميركية: «اطلعنا على التقارير حول استقالة رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب ونتابع هذا الأمر عن كثب».

الى ذلك، عمت الاحتفالات في وسط بيروت باستقالة الحكومة مع المطالبة بضرورة أن تأتي استقالة مجلس النواب بعدها، إلا أن الاحتجاجات سرعان ما تحوّلت إلى مواجهات بين القوى الأمنية والمحتجين الذين بدأوا برشق العناصر بالحجارة، ما اضطر العناصر إلى إلقاء القنابل المسيلة للدموع. وحاول المحتجون اختراق الحاجز الأمني والبلوكات الاسمنتية في محاولة للوصول إلى ساحة النجمة إلا أن قوى مكافحة الشغب واقفة لهم بالمرصاد.

وكان مجلس الوزراء قبل استقالة الحكومة قرر إحالة تفجير مرفأ بيروت الى المجلس العدلي نظراً لأن قراراته مبرمة ولا تقبل أي شكل من أشكال الطعن. وكانت التحقيقات في القضية تواصلت امس، في الشرطة العسكرية في الريحانية بإشراف مدعي عام التمييز غسان عويدات، واستجوب امس مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا.

وكشف قبطان سفينة روسوس بوريس بروكوشيف الروسي أنه لم يقم أحد بالكشف عن السفينة في مرفأ بيروت، كما ولم يعلم لماذا تخلفت السفينة عن دفع الرسوم في بيروت، لكنه يعتقد أن الأموال لم تنفذ وهذا ليس السبب. وأضاف في حديث صحافي: «استلمت السفينة من قبطان أوصلها من باتومي إلى مرفأ في تركيا وكنت على علاقة صداقة به، لكن اتضح أنه شخص سيئ». وختم: «شاري السفينة هو «شبح» لأن أحداً لم يسأل عن هويته أو مكانه، وإذا كان الشاري قد استغنى عن بضاعة قيمتها ملايين الدولارات فهذا يعني أن وجهة استخدامها لم تكن زراعية».

الى ذلك، أفادت معلومات أن «مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أوصى برفع مواد خطيرة موجودة في معمل الزوق الحراري وتلفها بطرق علمية بعدما تمّ الكشف عليها وتحوي المضبوطات حوالي 3974 كلغ من المواد الخطرة». على صعيد آخر، أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 295 إصابة جديدة بفيروس كورونا و4 وفيات خلال الساعات الـ24 الأخيرة، وارتفع عدد الإصابات في لبنان إلى 6812، والوفيات إلى 80.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخبار
توافق فرنسي أميركي سعودي: لحكومة «محايدة» برئاسة نواف سلام!

ثمة من يطمح دائما لاعادة عقارب الساعة الى الوراء. ذلك تماما ما حصل أمس مع اعلان رئيس الحكومة حسان دياب استقالته لتدخل حكومته عالم تصريف الأعمال، بصرف النظر ان كانت تلك الحكومة تتصرف أصلا منذ تشكيلها على أنها بحكم المستقيلة. اللحظة اليوم شبيهة بمساء 29 تشرين الأول من العام 2019، أي لدى اعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري استقالته. الشارع هو هو أيضا، ومطالبه لم تتغير، باستثناء أن دماء الضحايا تغطي أرضا محروقة. وأن الانفجار معطوفا على الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية المتفاقمة، هشّم صورة القوى السياسية الممثلة في مجلسي الوزراء والنواب بشكل مضاعف عما كانت عليه في بداية الانتفاضة. الا أن ذلك لم يردع أهل السلطة من الامعان في انكار ما يحصل، فلم يجدوا ما يحثّهم على انجاز ولو اصلاح صغير يخرق مشهد الانهيار الكبير. حتى الخطة الوحيدة التي شكلت نافذة أمل لبدء عملية التصحيح المالي والنقدي، أي خطة «التعافي المالي»، صاغتها هذه القوى وانقلبت عليها سريعا، لتحمي أحد أركانها، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومصالح أصحاب المصارف وكبار المودعين. لم يعد بالامكان بعد ذلك كله الحديث عن مسار اصلاحي قريب ولا عن خطوات تدريجية للتعافي واعادة هيكلة الدين العام والمصارف لانقاذ ما تبقى من ودائع الناس، ولإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد. فتحالف السلطة قرر استنزاف الحكومة وعرقلة عملها وتحميلها وزر سنوات من الفساد والمحاصصة والنهب. كان السيناريو حاضرا وينتظر التوقيت المناسب. جاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ليمعن أكثر في تهميش دور هذه الحكومة، جامعا الأقطاب الثمانية، وطالبا منهم التوافق على حكومة وحدة وطنية. كان لا بدّ لدياب من ردّ الصاع الى من يجلسون معه على الطاولة ويعدّون خطة ذبحه في الوقت عينه. رمى قنبلة الانتخابات النيابية المبكرة، فانفجرت في وجهه بعدما اتخذ الرئيس نبيه بري، منفرداً، ومن دون التشاور مع حلفائه، قرار سوق الحكومة الى مذبح مجلس النواب، لـ«مساءلتها» يوم الخميس المقبل. في المقابل، تردد امس أن رئيس المجلس قرر هذه الخطوة، كحل وسط بينه وبين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اللذين أرضاهما إسقاط الحكومة فدفنا فكرة الاستقالة من البرلمان وإفقاده «ميثاقيته». أمام هذا الواقع، معطوفاً على بدء تفكك «مجموعة حسان دياب» في مجلس الوزراء، تقدّم رئيس الحكومة باستقالته، أمس معلنا أن «منظومة الفساد أكبر من الدولة (…) حاولوا تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار والدين العام. فعلا، اللي استحوا ماتوا».

على الاثر، استكملت وزارة الخارجية الفرنسية ما كان بدأه ماكرون معلقة على الاستقالة بالاشارة الى أن «الأولوية لتشكيل حكومة جديدة بسرعة». وأكدت أنه «بدون إصلاحات سيتجه لبنان نحو الانهيار محددة تحديات الحكومة المقبلة بـ«إعمار بيروت وتلبية مطالب اللبنانيين حول الاصلاحات». وفيما كانت القوى السياسية المشاركة في الحكم تعوّل على المبادرة الفرنسية لايجاد مدخل لائق للعودة الى السلطة عبر البوابة الدولية، أكّدت مصادر سياسية رفيعة المستوى ان فرنسا ليست متمسكة بحكومة الوحدة الوطنية، بل إنها تقترح، مع الولايات المتحدة الأميركية والسعودية ضرورة تأليف «حكومة محايدة»، وبسرعة. وفي السياق نفسه، رأت مصادر قريبة من الرياض أن «لا مبادرة فرنسية بشأن لبنان، وأن الكلام الذي قيل عن حكومة وحدة وطنية غير وارد ولا يُصرف، بل هناك استحالة، لأن حكومة من هذا النوع ستفجّر ثورة أخرى». وقالت إن «الفرنسيين تراجعوا عن فكرة حكومة الوحدة الوطنية، بذريعة خطأ ترجمة كلام ماكرون». أما بالنسبة إلى الموقف السعودي مما يجري في لبنان والمبادرة الفرنسية، فأشارت المصادر إلى ان «الرياض غير معنية، وهي قامت بواجبها وقدمت المساعدات للشعب اللبناني» مكررة أن «لا مبادرة فرنسية». المشكلة، في نظر الرياض، هي في «سيطرة حزب الله وتغطية ميشال عون له، وإذا استمر الوضع كذلك فمبروك عليهم لبنان». ولا يزال الموقف السعودي هو نفسه الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان؛ وفي حال كانت هناك مبادرة أميركية أو فرنسية، فالمملكة «غير معنية وغير موافقة».

ولفتت المصادر السياسية اللبنانية إلى أن الأميركيين والفرنسيين والسعوديين يرددون اسم السفير السابق نواف سلام كمرشح لترؤس الحكومة المحايدة. وأكّدت المصادر أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ربما سيستخدم صلاحيته الدستورية بعدم تحديد موعد للاستشارات قبل تأمين حد ادنى من التوافق على رئاسة الحكومة المقبلة، لكنه مستعجل تأليف حكومة لان البلاد لا تحتمل الفراغ. وأشارت المصادر إلى ان عون، ومعه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لا يمانع تسمية سلام لرئاسة الحكومة، فيما لم يتضح بعد موقف كل من بري وحزب الله.

قرار اقالة الحكومة أو دفعها الى الاستقالة، يبدو أنه كان متخذا منذ مدة. فعدا عن حديث بعض القوى السياسية عن تعديل وزاري أو اقالة بعض الوزراء، كانت ثمة أجواء سياسية خصوصا من الفريق السياسي المشكّل للحكومة يسوّق لاستقالتها. فخلال الاجتماع الذي حصل قبيل شهر تقريبا، بين الوفد العراقي ووزراء الطاقة والصناعة والزراعة، ريمون غجر وعماد حب الله وعباس مرتضى، اقترح مرتضى أخذ صورة تذكارية «لأن الحكومة رح تفل بعد أيام». ضحك الجميع يومها وسط استياء الوفد العراقي، فيما كان مرتضى يكرر «النكتة» نفسها على مدى الأسابيع الماضية. لم يكن وزير الثقافة والزراعة على علم بانهيار قريب للهيكل الحكومي، تحت وطأة الموجة الانفجارية لحدث 4 آب. لكنه عكس نبض قوى السلطة التي كانت تتأنى الى حين الاتفاق على بديل. حتى دياب نفسه أعلن استعداده للاستقالة في حال توفر بديل. سرّع انفجار المرفأ بفرض أمر واقع يستدعي حلّ الحكومة. واليوم، تسير التطورات وفق مسارين اثنين:

1- إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكنه طرح يفتقد الى الجدّية لاستحالة تنفيذه. اذ تحول دونه صعوبات عدة، أولها الاتفاق على قانون انتخابي جديد، وإلا الدوران في الحلقة السياسية نفسها. قانون النسبية نفسه أخذ عامين أو أكثر من الأخذ والردّ ولم يبصر النور من دون ضمان كل فريق أن حصته محفوظة. والواقع أن مجلس النواب مقسّم بالتكافل والتضامن بين هذه القوى التي ستعيد انتاج قانون مفصّل على قياسها. أما حلّ مجلس النواب كما بدأ يطالب بعض من في الشارع أخيرا، فسيؤدي الى عدم امكانية تشكيل حكومة جديدة والاستمرار بتصريف الأعمال وخلق فراغ مؤسساتي كبير لما يشكله البرلمان من شرعية شعبية تتيح له الامساك بالقرار.

عندها واذا ما تقرر اجراء انتخابات مبكرة، فستكون وفق القانون القديم، ما يعني عودة القوى نفسها، لكن بخسائر لبعضها. أصلا مطلب الانتخابات المبكرة لم يكن يوما مطلبا شعبيا بين المجموعات الرئيسية والمعتصمين بل اقتصر طرحه على حزب الكتائب وبعض الأفراد. ذلك لأن حدوث هذا الاستحقاق من دون أن تكون هذه المجموعات قد تنظمت ضمن جهة معارضة تقدم برنامجا متكاملا، سيسقطها مرة أخرى سقطة مثيلة لتلك التي واجهتها في العام 2018. فيما تيار المستقبل والحزب الاشتراكي غير متحمسَين أيضا لا لتقديم استقالات نوابهم، ولا لانتخابات مبكرة، لكنهم اضطروا الى اثارة هذا الموضوع والمناقشة فيه نظرا الى الضغط الممارس عليهم من قبل النواب المستقيلين الذين يدورون جميعهم في فلك 14 آذار، وبهدف تحسين شروط تفاوضهم في معركة تأليف الحكومة المقبلة. لكن تيار المستقبل يدرك جيدا أن تراجع شعبيته وغياب أي مال خليجي، يمنعه من اتخاذ خطوة مماثلة. ومرة جديدة، يترك الحريري وجنبلاط رئيس «القوات»، سمير جعجع، وحيداً، بعدما بشّر الأخير اللبنانيين بخطوة كبيرة سيعلن عنها، وكان يمنّي النفس بإقناعهما بالاستقالة من مجلس النواب، لكنها فضّلا التوافق مع بري على المضي في مغامرة مع جعجع.

2- تأليف حكومة جديدة أو إعادة تكوين النظام. الحل الثاني غير قابل للتطبيق خصوصا أن تغييره يستدعي نقاشا طويلا ورعاية غربية وخليجية شبيهة لما حصل وقت الطائف، وهو أمر متعذر ويحتاج لوقت لا يملك لبنان ترفه. يبقى أن تأليف حكومة ليس سهلا هو الآخر ويعيد البلاد الى معضلة ما بعد استقالة الحريري. غير أن النقاش هذه المرة سيحصل على وقع شارع مدمر وأهال يطالبون بالثأر لضحاياهم. ثم أن المظلة الدولية والاقليمية والعربية لم تتضح صورتها بعد. هل أن المبادرة الفرنسية ستسلك طريقها نحو التنفيذ ليصبح هدف الأميركيين محصورا باعادة اصلاح التوازنات السياسية داخل الحكومة واضعاف خصومهم، أم أنهم سيرون الظروف مناسبة لتشديد الخناق على حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر لجرّهما الى هزيمة واخراج الحزب من الحكم؟ عدا عن أن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة باتت شبه مستحيلة ومرفوضة كليا من الشارع الذي ضاعف مطالبه أيضا. اذا من البديل؟ هل يعيّن الحريري وكيلا بالنيابة عنه أم أن المطلوب حكومة حياديّة تؤسس لتغيير سياسي شامل في لبنان وتفرض شروطاً جديدة على الأرض؟ هل يتمثل الأقطاب بأنفسهم أم يختبئون مجددا وراء تكنوقراط ومستقلين؟ ربما تتضح أجزاء من الصورة مع وصول الدبلوماسي الأميركي ديفيد هيل الى بيروت هذا الأسبوع.
 

Please follow and like us: