افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الثلاثاء 17 أيار، 2016

افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الإثنين 18 كانون الثاني، 2021
“حركة الاستقلال”: “يعقوبيان تكرر استهداف معوض ولا نريد باتهامها بصداقاتها السياسية والمصرفية المتعددة والعابرة للدول”!
افتتاحيات الصحف اللبنانية، يوم الجمعة 28 شباط، 2020

النهار
معادلة المرّ و”جونية المتغيّرة” وشمعون الدير
كيف رسمت جولة الجبل “العرض المسيحي”؟
“لم يكن غريباً أن تصطدم غالبية القراءات المتسرعة لنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، والتي أجريت على وقع انفعالات الفجر، مع نتائج غير رسمية لماكينات حزبية بوقائع معظمها مغاير لدى بدء انكشاف المشهد الحقيقي لجولة الجبل. وبذلك بدا مثيرا للاهتمام ان ترسم هذه الانتخابات التي عرفت تسييساً مفرطاً اتخذت معه المرحلة الثانية طابع عرض عضلات سياسية شامل أقرب ما يكون الى قياس استباقي للقوة الانتخابية والتجييرية للقوى والاحزاب المنخرطة فيها، معالم سباق محموم ارتبط في الكثير من حقائقه بآفاق الانتخابات الرئاسية من جهة والانتخابات النيابية المقبلة من جهة أخرى.

واذا كانت معركة جونية لم تتوقف عن اطلاق المفاجآت حتى الساعات الاولى من قبل ظهر أمس مبينة خرقاً رباعياً للائحة الفائزة بفوارق ضيقة جداً لا بل مذهلة في الاصوات بين اللائحتين المتنافستين بما شكل توازن قوى في “جونية مختلفة” لكل افرقاء النفوذ والتنافس، فان حقائق أخرى في اقضية أخرى لم تقل عنها أهمية وتأثيراً في استكمال مشهد الصدمات. مع انه يمكن القول إن غالبية القوى الحزبية والسياسية ذات النفوذ التقليدي في أقضية الجبل تخرج راسمة “شارات النصر” لكونها جمعت ارصدة مرموقة من المجالس البلدية والاختيارية بفعل تحول الاستحقاق البلدي استفتاء من الطراز الاول للقوة الشعبية.

editorial 17516

المتن

في هذا السياق لم تكن مفارقة عابرة ان يعيد نائب رئيس الوزراء السابق النائب ميشال المر اثبات كونه معادلة أولى ثابتة في المتن وبعض بعبدا وان تسفر الجولة البلدية عن حصاد كبير له في المتن الشمالي ناهز الـ41 مجلساً بلدياً من أصل 54، بالاضافة الى 64 مختاراً، علماً ان 21 بلدية فازت بالتزكية سلفاً كانت من هندسة المر. وبات في حكم المؤكد وسط هذه النتائج أن تعود رئاسة اتحاد بلديات المتن مرة أخرى الى رئيسة بلدية بتغرين السيدة ميرنا المر أبو شرف. وقد صاغ المر تحالفاته مع الكتائب في الكثير من البلدات والقرى كما مع قوى وأحزاب أخرى على نحو اضطلع بدور حاسم في هذا الحصاد، علماً أنه لا يمكن أيضاً تجاهل التقدم البارز الذي حققه حزب الكتائب في الكثير من البلدات.

جونية

أما في جونية التي نامت على فوز لائحة جوان حبيش المدعومة من “التيار الوطني الحر” والكتائب واستفاقت على خرق للائحة فؤاد البواري المدعومة من الثلاثي نعمة افرام ومنصور غانم البون وفريد هيكل الخازن ومعهم “القوات اللبنانية”، فإن الحسابات انقلبت ولو أن ذلك لا يقلل أهمية فوز لائحة وضع العماد ميشال عون ثقله شخصياً لانجاحها رافعاً التحدي الى مستوى التصويت على زعامته. لكن الأعضاء الأربعة الذين خرقوا لائحة حبيش وهم البواري وفادي فياض وسيلفيو شيحا ورودريغ فنيانوس رسموا بفوارق الاصوات الضئيلة مع منافسيهم معالم تبدل في واقع جونية طرحت معه أسئلة كثيرة من أبرزها: هل ما حصل يعد نصف فوز ونصف انكسار للفريق الفائز؟ ولماذا اختارت “القوات اللبنانية” الصمت حيال المعركة؟ ثم أين عوامل الخلخلة لدى اللائحة الخاسرة التي تراجعت قوتها التجييرية في معاقلها حارة صخر وغادير وصربا؟ وأي وقائع تقف وراء تلويح رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام بالطعن في النتائج؟

من جونية انطلقت القراءة الاوسع لتفحص حال طرفي تفاهم معراب “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بعد هذه الجولة. لا شك في ان الحديث عن اهتزاز اصاب الثنائي في مدن وبلدات اساسية افتقدا فيها التحالف قد أصاب جانباً من الحقيقة. ومع ذلك فان ما حصده الثنائي في الكثير من بلدات كسروانية ومتنية وشوفية وأيضاً في قضاء جبيل لم يكن قليلاً. تبعاً لذلك، سيتعين على فريقي التفاهم مراجعة حساباتهما حيال القوى الأخرى التي تمكنت من أن تقف أمام دفع التفاهم وتسييله في أكثر من منطقة مسيحية أو مختلطة.

دير القمر

أما معركة دير القمر، فاكتسبت توهجاً في ظل تمكن رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون عبر اللائحة التي دعمها مع الكتائب والوزير السابق ناجي البستاني من خرق اللائحة الفائزة المدعومة من “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بستة أعضاء من أصل 18، علماً أن المواجهة أسقطت شقيق النائب جورج عدوان الذي كان من مرشحي اللائحة الفائزة. لكن شمعون كشف لـ”النهار” أن اتصالاً أجري بينه وبين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “وقلت لجعجع إن مشكلتي ليست مباشرة معكم وليست شخصية بل بسبب التحالف الذي حصل وفي النهاية تحصل المناكفات وتمر”.

مؤتمر دولي

وفي خضم انهماك اللبنانيين بالمراحل المتعاقبة للانتخابات البلدية التي ستكون ثالثتها الأحد المقبل في محافظتي الجنوب والنبطية، برزت ملامح تحرك فرنسي جديد واستثنائي حيال الأزمة السياسية والرئاسية في لبنان أثار اهتمام الأوساط السياسية والديبلوماسية. ويأتي في هذا السياق استقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الرئيس سعد الحريري في قصر الاليزيه بناء على دعوة فرنسية للحريري عقب لقاء هولاند والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في باريس الأسبوع الماضي. واذ تؤكد الاوساط المتابعة لهذا التحرك ان ثمة ما يجري التشاور في شأنه حول ازمة الفراغ الرئاسي استكمالاً للزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي لبيروت، فان السفير الفرنسي في بيروت ايمانويل بون أعلن عقب لقائيه أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل أن وزير الخارجية الفرنسي جان – مارك ايرولت الذي سيزور بيروت في 27 أيار سيجري مشاورات مع كل الأحزاب والسلطات اللبنانية “بهدف التحضير لمؤتمر دولي يساعد على حل الأزمتين الدستورية والسياسية” في لبنان. وقال: “نحن نريد العمل من أجل تحريك المجتمع الدولي ثم سنرى أي شكل وصيغة سنعتمدهما لعقد هذا المؤتمر”.

 

السفير
الحريري في باريس لبلورة «صيغة السنتين».. و«المؤتمر الدولي»!
عون يجدّد زعامته المسيحية.. وفرنجية يعيد حساباته
“كل قراءات الأحزاب المسيحية للانتخابات البلدية في جبل لبنان تتقاطع عند نقطة واحدة: حققنا انتصارات بالجملة والمفرّق في الجبل.

حرام هذا الجبل، إذ إنه يكاد يصبح جمهورية قائمة بذاتها، اذا تم اعتماد عداد الأحزاب للقرى والبلدات التي حققت «انتصارات» فيها، وهي تفيض عن الجبل وكل لبنان!

وحرام هذا الجبل عندما يتبين أن تضاريس ساحله الممتد من الرميلة جنوبا حتى فغال شمالا، أصعب بكثير من بعض المرتفعات والجرود. تضاريس الأحزاب والعائلات السياسية والزعامة المارونية ورئاسة الجمهورية.

فجأة تختفي الشعارات الكبرى و «الحقوق» وتحل محلها حسابات الزواريب والعائلات والأجباب.. وبلوغ السلطة بكل مستوياتها.

كان يمكن لانتخابات بلدية أن تكتسب طابعاً محلياً بحتاً لولا أنها تحصل في سياق أزمة رئاسية مفتوحة على فراغ سيكمل عامه الثاني بعد أسبوع، ولا شيء يشي باختراق جدي، برغم المحاولات الفرنسية المتكررة، في اتجاهات إقليمية ودولية لإيجاد مخرج دستوري وسياسي.

في هذا السياق تحديدا، يستقبل رئيس فرنسا فرنسوا هولاند، اليوم، في قصر الأليزيه، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، في موعد تقرر مباشرة بعد زيارة بطريرك الموارنة بشارة الراعي للعاصمة الفرنسية، وما تخللها من مباحثات تطرقت الى رزمة الأفكار اللبنانية التي يتداولها الفرنسيون في هذه الأيام، وأبرزها إمكان التوافق على رئيس للجمهورية لمرحلة انتقالية، والمقصود هنا تحديداً العماد ميشال عون، بعدما باتت الأبواب موصدة حاليا أمام إمكان تسويق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.

ومن الواضح أن ثمة من يحاول بلورة هذا المخرج أو غيره، كالرئيس نبيه بري الذي لم يأت كلامه الأخير عن تقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، من الفراغ، بل بدا متناغماً الى حد كبير مع طروحات كنسية لبنانية ورسمية فرنسية، لكن رئيس المجلس النيابي كان واضحا بقوله لمن سألوه عن جدية اقتراحه بأنه يريد ضمانة أن يلتزم الجميع بتأمين النصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية فور إنجاز الاستحقاق النيابي.

يعني ذلك في مكان ما أن بري صار متيقناً من صعوبة تمرير صفقة انتخاب فرنجية، وهو لا يريد أن يتحمل بعد سنة وزر أي محاولة للتمديد النيابي اذا استمر الواقع الحالي، خصوصا أنه لا شيء يشي بإمكان التوصل الى مخرج لا لرئاسة الجمهورية ولا للقانون الانتخابي، مع ميل واضح لتكريس قانون الستين كأمر واقع، ولو أن رئيس المجلس تلمّس للمرة الأولى، مؤخرا، «نقزة» واضحة من «تيار المستقبل» إزاء «الستين» واستعداداً جدياً للبحث بقانون انتخابي آخر (اقتراح بري معدلا)، خصوصا في ضوء استعداد كل من معراب والرابية للقبول بقانون الستين، استنادا الى دراسات أظهرت أنه يمكن أن يؤمن لهما كتلة نيابية لا تقل عن 42 نائبا.

وبينما يحاول بري جس نبض القوى السياسية إزاء فكرة تقصير ولاية المجلس، كان لافتا للانتباه، عشية لقاء الأليزيه بين الحريري وهولاند، مبادرة السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون الى الإعلان عن أن وزير خارجية بلاده جان مارك ايرولت سيناقش في زيارته المرتقبة لبيروت في 27 الجاري، «مع كل الأحزاب والسلطات اللبنانية موضوع التحضير لمؤتمر دولي يساعد على حل الأزمتين الدستورية والسياسية» في لبنان.

الى جونيه مجدداً..

هل يمكن فصل الطابع السياسي الذي اتخذته الانتخابات البلدية الحالية، عن هذا «المسار الدولي»؟

رب قائل إن مجرد طرح سؤال كهذا يأخذ الانتخابات المحلية الى مطارح دولية لا تحتملها. بالنسبة الى العماد ميشال عون، لم يكن استحقاق انتخابات جونية، وقبله زحلة ولو بدرجة أقل، بعيدا عن مناخات دولية معينة. الرجل مقتنع بأن مبادرة المتمول جيلبير شاغوري الى شحن ملايين الدولارات الى عاصمة الموارنة، بتشجيع سياسي واضح من سليمان فرنجية، كان الهدف منها دفنه سياسياً وقطع الطريق على أية فرصة خارجية أو محلية لوصوله الى رئاسة الجمهورية، ولذلك، قرر التشمير عن ساعديه والنزول الى جونية، عشية المعركة الانتخابية.

الأخطر، لا بل ما لم ولن يفصح عنه «الجنرال» هو موقف «القوات» الحمّال لأوجه كثيرة. هم يضفون على الانتخابات طابعاً محلياً، فإذا ربحت «لائحة الكرامة» المدعومة من «التيار» ينسب «الانتصار» الى رئيسها جوان حبيش، أما اذا خسرت، فيكون الخاسر الأول هو ميشال عون.

وعندما أطل سمير جعجع فور انتهاء العملية الانتخابية، كان يتحدث بلغة الواثق من فوز «لائحة التجدد» المدعومة منه، ومن العائلات السياسية الكسروانية التقليدية (أفرام والبون والخازن)، ونزع عنها أي طابع سياسي وأي صلة بتبنيه لـ «الجنرال» لرئاسة الجمهورية، وهو خيار «لن تهزه لا بلدية جونية ولا غيرها»، وأكمل ـ وهذه النقطة الأهم التي التقطتها الرابية ـ «لست مع التلاعب بالمهل من جديد (تقصير ولاية المجلس النيابي)، وأنا مع إجراء الانتخابات النيابية في وقتها (ايار 2017)، ومع إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً».

هو «الشيك» ذاته، وطبعا بلا أي رصيد، «يصرفه» جعجع يوميا ويحمّل «حزب الله» مسؤولية عدم اكتمال النصاب الدستوري، وعندما يأتي موعد أول «اختبار ميداني» لـ «تفاهم معراب»، يحاول كل طرف شدّه صوبه.. وصولا الى إثارة مخزون «الحساسيات التاريخية القديمة» («حرب الإلغاء») كما حصل في انتخابات الحدت في قضاء بعبدا، المعقل التاريخي للعونيين، لكأن المطلوب سقوط مزدوج لـ «الجنرال» في عرينه الكسرواني وعند عتبة «قصر الشعب» في بعبدا.. على يد «القوات»!

واذا كانت الإدارة العونية في هاتين المعركتين وأيضا في معركة دير القمر، قد أعطت نتائج «يبنى عليها سياسيا.. في المستقبل»، فإن «الجنرال» يواجه مهمة مزدوجة في المرحلة المقبلة، الأولى تتمثل في تشخيص أسباب الفشل الذريع في إدارة «التيار» لمعظم المعارك البلدية في الجبل وخصوصا في المتن، والثانية، الذهاب الى مصارحة قيادية قريبة مع «القوات» لإعادة ترميم «تفاهم معراب»، في ضوء استمرار حاجة الطرفين اليه، فضلا عن مردوده الإيجابي على الجمهور المسيحي وصولا الى طرح الأسئلة المحرجة على الحليف المستجد (هل يعقل أن تخاض بينهما «حروب إلغاء» جديدة؟).

وثمة مهمة عاجلة تقتضي إجراء مصارحة سياسية مع الحلفاء، وخصوصا سليمان فرنجية الذي فعل تدخله في انتخابات جونية مفعولاً عكسياً (نظرية «الغْريب»)، برغم استناده الى مدرسة «المال الانتخابي» والى عائلات متجذرة في كسروان منذ ما قبل زمن الاستقلال.. والى «القوات»، وهذه من مفارقات الانتخابات.

ومثلما لا يمكن للمزاج الزغرتاوي أن يقبل بهزيمة سليمان فرنجية في بلدته، فإن كسروان أعطت «درساً» جديداً برفضها محاولات كسر «الجنرال» وترحيله مجدداً خارج معقل الزعامة المارونية، وهذه المرة ليس عبر السفارة الفرنسية، بل عبر مرفأ جونية!

صحيح أن الأرقام العونية تراجعت في كسروان عن تلك التي تحققت قبل 11 عاما، لكن العصب الأساس في هذا القضاء ما زال عونيا، خصوصا أن البدائل (أحزاب وعائلات سياسية) مجربة سابقا ولا تغري غالبية الجمهور الكسرواني، من دون إغفال الدور الإيجابي الذي لعبه العميد المتقاعد شامل روكز في انتخابات بلديات هذا القضاء، على طريق تحضيره لقيادة المعركة الانتخابية المقبلة، فيما سجل غياب كامل لرئيس «التيار» عن مجريات كسروان الانتخابية.

بكل الأحوال، لننتظر قراءة «الجنرال» هذا المساء عبر شاشة «او تي في» مع الزميل جان عزيز.

 

الأخبار
الرئيس الجميّل: التحالفات البلدية من عجائب الدهر
“لم تكتفِ الانتخابات البلدية والاختيارية باعادة اللبنانيين الى تمرينهم على الديموقراطية والاختيار والاستحقاق الدوري في تداول السلطة ومواعيده القانونية فحسب، يقول الرئيس امين الجميّل، بل اخرجت الجميع تقريباً عن اطوارهم.

في الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت وزحلة قبل اسبوع، وفي جبل لبنان قبل يومين، وربما في ما بعد ايضاً في محافظتي الشمال والجنوب، ثمة ما هو عصي على التفسير والتبرير والاقتناع.

يقول الرئيس امين الجميّل في اهمية الحدث انه «دينامية جديدة يقتضي الاستفادة منها وصحوة ديموقراطية». لكن الانتخابات البلدية والاختيارية ليست هذا فحسب: «لم يعد احد يعرف اين اصبح فيها؟ مَن هو حليفه ومَن هو خصمه؟». لا يستثني حزب الكتائب من دورة الدوخان هذه التي فرضتها انتخابات الجولتين المنصرمتين على الافرقاء جميعاً بلا استثناء.

يقول: «كانت برج بابل اكثر منها انتخابات. اختلط الحابل بالنابل. لم نعثر فيها على نقطة ارتكاز واحدة. لا هي انتخابات عائلات، ولا انتخابات احزاب، ولا تفاهمات. بل قل خليطاً من العناصر المتداخلة جعلت المواطن في حيرة من امره. الغت الانتخابات البلدية كذلك قوى 8 و14 آذار واربكت كل اسس الصراع السياسي الذي قام في البلاد منذ عام 2005. ليست وحدها المسؤولة لأن ثمة اسباباً اخرى ايضاً، الا انها كرّست فعلاً الغاء خطوط التماس بين 8 و14 آذار وانهت وجود الفريقين معاً. تحلّل كل طرف من التزامات التحالف وذهب الى خياراته ومصالحه: سعد الحريري يرشّح سليمان فرنجيه للرئاسة، فيرشّح سمير جعجع ميشال عون للرئاسة نفسها. القوات اللبنانية تقول انها مع انجاز السيادة بينما تترشّح مع حليف حزب الله الذي ينقض السيادة. ميشال عون ضد حليفه السابق سليمان فرنجيه، بينما الاثنان حليفان لحزب الله ومرشحاه لرئاسة الجمهورية. حركة امل تذهب الى جلسات انتخاب الرئيس فيما يقاطعها حليفها الرئيسي حزب الله. كل هذا ذهب بنا الى الانتخابات البلدية، فاذا حزب الكتائب حليف التيار الوطني الحر في جونيه، وفي مواجهته والقوات اللبنانية في غوسطا. القوات اللبنانية تترك حليفها دوري شمعون في دير القمر وتتحالف مع التيار الوطني الحر. ما يبعث على الاستغراب تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. في بلدات هما حليفان، وفي اخرى وجهاً لوجه، وفي اماكن سواها مع عائلات وضد اخرى. كمّ هائل من التناقضات والهرطقات لا تفسير لها. لم افهم بعد مغزاه واهدافه: حول السيادة أم السلاح أم التعاون الانتخابي أم الحياد أم علاقاتنا بالخارج، وكيف يسعه وفق هذه كلها حماية مصالح المسيحيين كما يدّعي؟».

يضيف: «بالنسبة الينا كحزب، تحالفنا تقريباً مع الجميع تبعاً للمناطق واستطعنا ان نكون على امتداد الخارطة اللبنانية. كنا في زحلة وبيروت وبعلبك والجبل، وسنكون في القبيات في اقصى الشمال الى عين ابل في اقصى الجنوب ترشحاً او اقتراعاً. تحالفنا مع ميشال المر والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ وحزب الوطنيين الاحرار.

خطأ تكتيكي ارتكبته القوات اللبنانية والعائلات الثلاث في اللائحة المقابلة في جونيه ادت الى تعثر المفاوضات، فإذا نحن حلفاء التيار الوطني. في سن الفيل وغوسطا كنا مع العائلات ضد الاحزاب الاخرى. انها عجائب الدهر التي احالت الانتخابات البلدية لا تركب على قوس قزح، عندما تجد فجأة الاحزاب كلها متحالفة في ما بينها كأن ثمّة ما لم يفرّق بين خياراتها السياسية والوطنية يوماً، هكذا انتخابات بيروت. يحجب المقترعون المسيحيون اصواتهم عن لائحة الاحزاب المسيحية في بيروت، ويمنحونها بكثافة في زحلة وكسروان والمتن. بعد ذاك كيف نطلب من الشعب ان يحترمنا كطبقة سياسية؟ مع ذلك كله فإن اهمية ما حدث ان الانتخابات البلدية والاختيارية انها عادت بالمواطن الى اقلام الاقتراع بحد كبير من الديموقراطية والحرية، كي لا يتأقلم مع ما يجري في الجوار، وبغية اعطائه حق الاختيار. وهذا في ذاته اختراق مهم للجدار الحصين الذي فرض عليه. فرضت الانتخابات البلدية واقعاً جديداً على الارض سيترك تداعياته على الانتخابات الرئاسية والنيابية».

هل تقود الانتخابات البلدية والاختيارية الى الانتخابات النيابية المعلقة منذ عام 2013؟

يقول الرئيس السابق للجمهورية: «هذا هو التساؤل. لم يعد الوضع الامني مانعاً وسقطت حجة عدم اجراء انتخابات نيابية بسببه. يبقى امران نتوقف عندهما: اولهما هل يجوز اجراء انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية والتي ستؤدي حتماً الى استقالة الحكومة الحالية. في غياب الرئيس مَن يجري الاستشارات النيابية الملزمة ومَن يكلف مَن سيؤلف الحكومة؟ عقبات غير قابلة للحل الا بانتخاب الرئيس بداية. ثانيها قانون الانتخاب الجديد الذي يتعذر الاتفاق عليه ما يعيدنا الى القانون الحالي النافذ منذ عام 2008، والذي ينقم عليه الافرقاء جميعاً في الظاهر في احسن الاحوال. هل يذهبون الى القانون الحالي؟ ليس بين يدي احد اجوبة بسيطة عن اسئلة غير بسيطة ان لم تكن معقدة».

اين يقف هو وحزب الكتائب بازاء هذا المأزق؟

يقول: «منذ البداية اعتبرنا عدم انتخاب رئيس اكبر هرطقة وجريمة في حق المؤسسات الدستورية التي هي اساس استمرار كيان لبنان. عندما نقول بالذهاب الى مناقشة قوانين الانتخاب والبحث في اجراء انتخابات نيابية عامة في غياب رئيس الجمهورية، فإننا بذلك نعلن إستغناءنا عن الرئاسة كمؤسسة ما ينسف تماماً كل ركائز النظام اللبناني وتقاليدنا الدستورية والديموقراطية. في اعتقادي ان الامر ابعد من طموحات سياسية وشخصية، الى ضرب النظام نفسه ووضعه على المحك. البعض يريد اعادة النظر فيه برمته في وقت نعي ما يحوط بنا في الجوار الاقليمي المتفجر، كما لو اننا في المرحلة الملائمة لاعادة النظر في نظامنا. وما دمنا على ابواب الاحتفال بمئوية اتفاق سايكس ــــ بيكو (ينظم «بيت المستقبل» في بكفيا مؤتمراً عنه الجمعة والسبت المقبلان) ألم نلاحظ ان انظمة سقطت وكيانات وحدود تتعرّض للتغيير والمحو، وكيانات اخرى وبائية واصوليات تبعث من حولنا؟ في ظني اننا اضعف من ان نصمد حيال ما يجتاح المنطقة من موجات عاتية كهذه. في بساطة، بفعل تجربتي الرئاسية التي خبرت صراعات اقليمية على ارضنا في الثمانينات، وكادت تودي بنا، اقول ان الخوف اليوم هو كياني اكثر منه سياسياً او نيابياً او بلدياً حتى».

 

اللواء
هولاند والحريري اليوم: الرئاسة والتداعيات السورية والإجراءات المالية
16 صوتاً فارق الربح والخسارة في جونيه.. وخيار ثالث في مواجهة لوائح «الثنائي» في الجنوب
“بين رمزي انطوان الاشقر آخر الفائزين في معركة بلدية جونية بـ4447 صوتاً وفرنسيس يعقوب ابي نخول اول الخاسرين في هذا «الماراتون» البلدي الطويل بـ4431 صوتاً، يكون الفرق 16 صوتاً.

وهذه النتيجة الواقعية والموضوعية والرسمية، لم ترق كثيراً للفريق العوني الذي لم يسلم بأن الوقائع حقائق عنيدة، وان النتيجة هي التي تقرر ولا احد سواها.

والمسألة تتعدّى ما وصفته محطة O.T.V الناطقة باسم «التيار الوطني الحر» في تدبيج كتب «بحبر أسود» مقارنة اياه «بالحقد الاسود»، في إشارة إلى مانشيت «اللواء»: «جونية تسقط خرافة المرشح القوي».

ولا حاجة للرد بأكثر من الوقائع، وبأن «الأناء ينضج بما فيه»، ففي عملية بسيطة يتضح كيف ان جهة ما تضع رأسها في الرمل، ولو كان على شاطئ جونية.

في معمعة هذه التقييمات الجارية لنتائج «المنازلة الكبرى» في جبل لبنان، والتي قدمت وصفاً موضوعياً لما جرى في الأقلام، وما ترتب عن الفرز من أرقام واحجام واوزان احدثت شرخاً ستتكفل بتظهيره الأيام، أو الأسابيع المقبلة، لا سيما وسط حركة سياسية ودبلوماسية، تبحث في كسر حلقة «الستاتيكو» في الواقع اللبناني، من وقائع بعضها انتخابي، وبعضها الآخر ميداني يتعلق بالتداعيات الخطيرة لاستمرار الحرب السورية على لبنان، وبعضها الثالث بطبيعة اقتصادية تتعلق بالكلام العالي النبرة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتعلق بمخاطر العقوبات الأميركية ضد «حزب الله» على لبنان واستقراره، وإن كان سيسعى في الخارج إلى تهدئة المخاوف من هذه العقوبات.

وهذه الملفات ستكون على طاولة المحادثات بين الرئيس سعد الحريري ومضيفه الفرنسي الرئيس فرنسوا هولاند عند الثالثة من عصر اليوم في الاليزيه، وقبل أكثر من أسبوع من وصول وزير الخارجية الفرنسي جاك مارك ايرلوت إلى بيروت لمتابعة المواضيع نفسها التي تعني فرنسا وتشغل اهتمامات اللبنانيين بعنوانها الكبير: انتخابات الرئاسة.

الحوار 18

في الداخل، تحضر نتائج الانتخابات البلدية وتداعياتها على الانتخابات النيابية، على طاولة الحوار في الجلسة 18 غداً الأربعاء، حيث يدرس الرئيس نبيه برّي تقديم اقتراح للمشاركين بتقصير ولاية المجلس الحالي، كما انه سيطلع المجتمعين على المراحل التي قطعها البحث في قانون الانتخاب الجديد قبل عودة اللجان المشتركة إلى الاجتماع بعد غد الخميس لمتابعة البحث في المشاريع الممكن اعتمادها للتفاهم على قانون للانتخابات.

وإذا كان جدول النشاطات الرسمية يتضمن جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس أيضاً، من دون ان تحضر على مناقشاتها الملفات الخلافية، بعد ان حقق الرئيس تمام سلام خطوة إلى الامام في اتجاه معالجة جهاز أمن الدولة، إذ كشفت وزيرة المهجرين أليس شبطيني ان مدير الجهاز اللواء جورج قرعة عاد يُشارك في الاجتماعات الأمنية، بانتظار معالجة القضايا المالية والإدارية.

فإن الأجندة السياسية من الممكن أن تشهد سجالاً جديداً بين وجهتي نظر: الأولى تعتبر أن المهمة الآن «إكتمال النصاب السياسي الدستوري»، بتعبير وزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، والثانية يتمسك بها التيار العوني مستفيداً من حلفه مع «حزب الله» للذهاب إلى الانتخابات النيابية لتعيد رسم لوحة التوازنات في المجلس الجديد تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية، سواء قصر عمر المجلس الحالي، وهذا مستبعد، أو عجز الطبقة السياسية عن التمديد مرة ثالثة للمجلس النيابي، رغم المخاوف الكثيرة على نتائج هذه العملية إزاء مراحل تكوين السلطة.

وعلى جدول اللقاءات، بعد نتائج بلدية جونية، وفشل محاولات جمع النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، قبل الحملة العونية على جيلبرت شاغوري وبعدها، وعتب رئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام مما وصفه بـ«حملة تجييش عونية ضده تتخطى مدينة جونية»، متسائلاً عن علاقة ذلك بالانتخابات النيابية أو الاستحقاق الرئاسي، فالكلمة ليست لكسروان وحدها في موضوع انتخاب الرئيس، لقاء مرتقب بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يتكتم الطرفان على موعده لأسباب أمنية، لكن أوساطهما تُشير إلى أنه قد يسبق انتخابات الجنوب أو يلي انتخابات الشمال في 29 أيار الحالي ليجري الطرفان تقييما سياسياً، وتقويماً للعلاقة التي تعرّضت للاهتزاز ليس في جونية وحدها، بل في أقضية وبلدات متعددة، لا سيما في كسروان، حيث الثقل الرئيسي لكلا القوتين المسيحيتين.

ويسعى التيار العوني إلى تسليط الضوء على انتخابات جزّين، سواء البلدية، أو الفرعية النيابية، والتي ستجري الأحد المقبل، لتعويض «الإنتكاسة» التي مُني بها في الانتخابات البلدية في المتن وكسروان.

تقييم مسيحي

وفي التقييم المسيحي للنتائج البلدية، لاحظ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم أن الانتخابات دلت على تجذر حزب الكتائب في الأرض، وأن نسبة المشاركة المرتفعة دلت على انفتاح الحزب على الجميع، وأن هناك أعداداً توّاقة إلى برنامجه المتعلق بإدارة الدولة ومكافحة الفساد، متحدثاً عن انتصار كبير في أكثر من منطقة في جبل لبنان، معتبراً أن اللامركزية هدف الحزب، آملاً أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة على صورة البلديات. ولاحظ النائب في كتلة «الاصلاح والتغيير» سليم سلهب أن من نتائج انتخابات جبل لبنان أن العائلات لم تنتهِ.

وعلمت «اللواء» أن اجتماع التكتل اليوم سيناقش الإشكالات التي حصلت في المتن بين كل من النائبين إبراهيم كنعان ونبيل نقولا، حيث يرفض الأخير مصادرة دوره كنائب وإلغاء علاقاته مع العائلات، لا سيما في أنطلياس وجل الديب والزلقا.

ولم ترَ مصادر في «القوات اللبنانية» مجالاً للكلام عن انتصار أو خسارة، رافضة أن تكون الأحزاب المسيحية في مواجهة العائلات، معتبرة أن الفائز الأول هو الاحتكام إلى الديمقراطية.

وتمتنع مصادر قواتية أخرى عن اعتبار التحالف مع «التيار الوطني الحر» في البلديات يمكن أن يكون مقياساً لتصور كيف يمكن أن تكون التحالفات النيابية.

بالمقابل، لا يخفي«التيار الوطني الحر» صعوبة التحالفات النيابية في وضع آخذ بالتحوّل بسرعة في لبنان، وإن كان مقرّبون من عون يتمسكون بأن النتيجة المتقاربة بين لائحة جوان حبيش ولائحة فؤاد البواري وحلفائه ما تزال تشكّل انتصاراً من وجهة نظرهم، مع أن البواري أعلن أنه سيتقدم بطعن أمام مجلس شورى الدولة، من دون أن يعرف أن الأعضاء الأربعة الذين فازوا من لائحته سيقدمون استقالتهم، أم لا، علماً أن افرام أعلن أن لا نية للأعضاء الأربعة للإستقالة من البلدية، فيما تردّد لائحة الماكينة الإعلامية الكتائبية حملة مؤداها أنه لولا أصوات الكتائب لما نجحت لائحة عون في جونية.

وفي الجبل الدرزي، وحده النائب طلال أرسلان عقد مؤتمراً صحفياً كاشفاً عن عدم رضاه عن نتائج انتخابات الشويفات، غامزاً من قناة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي دعم المجتمع المدني الذي وصفه أرسلان بأنه «بالون منفوخ»، وقال: «كنت أتمنى أن يحافظ أهل الشويفات على الأعراف والتنوع الاجتماعي الذي تتمتع به البلدة»، في إشارة إلى سقوط المرشحين من العرب في خلدة في اللائحة الفائزة.

الأحد الثالث

وفي أحد البلديات الثالث في 22 الحالي، تستعد صيدا المدينة إلى معركة بين «لائحة الانماء» التي شكلها رئيس البلدية الحالي محمّد السعودي والمدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، ولائحة النّاس المدعومة من التنظيم الشعبي الناصري والأحزاب الحليفة له، فضلاً عن «لائحة التنمية والعدالة» المدعومة من علي الشيخ عمار.

وفي قضاء النبطية، حيث عدد الناخبين نحو 141 ألفاً سيقترعون لـ39 بلدية في 251 قلم اقتراع، يطمئن تحالف «أمل» و«حزب الله» إلى وضعه، في حين يمكن ان تكون بلدة كفررمان أم المعارك في لائحة يتجه الحزب الشيوعي إلى تشكيلها مع اليسار، في ظل توازن في توزع أصوات المقترعين بين لائحة التنمية والوفاء المدعومة من الحزب والحركة واللائحة المناهضة، في حين تندفع شخصيات عدّة لتشكيل لوائح غير مكتملة أو خوض المعارك بطريقة انفرادية.

بلدية بيروت

في غضون ذلك، دعا محافظ بيروت القاضي زياد شبيب إلى جلسة خاصة لأعضاء مجلس بلدية بيروت المنتخب، في مكتبه جرى خلالها انتخاب جمال عيتاني رئيساً بالتزكية، وايلي اندريا نائباً لرئيس البلدية، وكانت الجلسة مناسبة للتباحث في أحوال العاصمة واوضاعها وحاجات أهلها وسكانها، واتفق على وضع خطة عمل سريعة بالتعاون والتنسيق بين البلدية والمحافظ الذي أعلن ان هناك تغييراً سيحدث، وأن النّاس ستشعر بهذا التغيير الإيجابي.

ومن جهته، توجه عيتاني في بيان بالشكر إلى أهالي بيروت الذين اقترعوا لمختلف اللوائح والمرشحين، متمنياً عليهم جميعاً طي صفحة الصراع الانتخابي للانطلاق في ورشة العمل الذي يلتزم المجلس الجديد باطلاع الرأي العام على تفاصيلها، مؤكداً ان عمله سيكون انمائياً صرفاً بعيداً عن السياسة والتجاذبات.

البناء
دول فيينا تبدأ بليبيا بدعم حكومة السراج… وكيري ولافروف يستعدّان لجولة سورية
تركيا أمام مقايضة مكسبها الليبي للتراجع عن تغطية «النصرة»… أو حرب الشمال
حاصبيا وصيدا… انتخابات الجنوب… ونتائج الجبل تريح المقاومة بثبات حلفائها
“في فيينا حيث انتهت جولة المحادثات الدولية الإقليمية الخاصة بليبيا بترجمة التوافق على دعم حكومة فايز السراج، تبدأ اليوم الجولة الحاسمة المخصصة للبحث في التفاهم الروسي الأميركي الخاص بإحياء مساري الهدنة ومحادثات جنيف، والقائم على تعليق الخلاقات حول تصنيف «جيش الإسلام» و«أحرار الشام» على لوائح الإرهاب، وكذلك تعليق البحث بحصرية تمثيل جماعة الرياض للمعارضة ونوعية وكيفية المشاركة الكردية فيها، مقابل مشاركة تركيا والسعودية الراعيين لـ«أحرار الشام» و«جيش الإسلام» والمعترضين على الطعن بتمثيل جماعة الرياض للمعارضة وعلى المشاركة الكردية في جنيف، في توفير الغطاء ومعهما «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» وجماعة الرياض للحرب على «جبهة النصرة»، وترجمة ذلك سياسياً بموقف واضح نهائي من استثناء «النصرة» من أحكام الهدنة، وعملياتياً بالخروج من المناطق المتشابكة مع مناطق سيطرة «النصرة».

وزيرا الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف، أجريا جولة محادثات تمهيدية ليل أمس أكدا خلالها على وجود فرصة لإنعاش العملية السياسية، فيما يبدو تلاقياً على ما تعتقده واشنطن الضرر الأدنى بالتخلي عن «النصرة» مقابل الفوز بما هو متاح من مكاسب، بدلاً من الذهاب إلى مواجهة مفتوحة لن ترتضي روسيا الحياد فيها، ولن تنفع معها معادلة حياد ميداني أميركي مقابل مثيله روسياً، وما جرى قبل شهور كافٍ لتقديم الجواب، والنتيجة ستكون من المواجهة، هي التي كانت تبدو في طريق ارتسامها قبل الإعلان عن الهدنة منذ شهرين، مع فارق ما سيترتب من ضراوة وخراب ودماء بفعل تحشيد «النصرة» وأعوانها من رجال وسلاح وما قدّمه وسيقدّمه السعوديون والأتراك من دعم للجماعات المسلحة في هذه الحرب، لكن لن يكون متاحاً صناعة نصر على سورية وحلفائها ولا إقامة توازن بوجههم، بينما ستختبر اليوم الفرضية السعودية التركية القائمة على تورّط «إسرائيلي» مباشر ربما يكون اغتيال الشهيد مصطفى بدر الدين مؤشراً عليه، للنجاح في إقامة توازن يمنع الحسم العسكري، مع الكلام السعودي عن توفير سلاح أشدّ فتكاً للجماعات المسلحة، وبالتالي الخروج بموقف متشدّد يدعو لتعديل التفاهم بتوسيع نطاق الحديث عن فرصة لـ«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» لتطال النصرة أيضاً، وبدلاً من جعل العداء لـ«النصرة» مقياساً، جعل العداء لـ«داعش» المقياس، وتقديم مقاربة تركية سعودية فرنسية بريطانية لاختبار استعداد «النصرة» للمشاركة في الحرب على «داعش» من ضمن شمولها بأحكام الهدنة، وهو ما سبق وطرحه كيري على لافروف وجوبه بالرفض.

تركيا تواجه إغراء مقايضة الاكتفاء بمكاسب حدّ أدنى يضمنها تعليق الدعم للأكراد، وتعليق المطالبة بتصنيف «أحرار الشام» إرهاباً، طالما المكسب التركي الأكبر قد تحقق بالدعم الذي تشاركت فيه واشنطن وموسكو لحكومة السراج الليبية التي تعتبرها تركيا فرصتها للبقاء في معادلة ليبيا.

الاحتمالات المفتوحة في فيينا ستقرّر احتمالات مفتوحة في السياسة والميدان، بين عودة جنيف أو إنهاء مسار المحادثات، وبين اندلاع مواجهة شاملة في سورية من الشمال والوسط والجنوب أو إحياء الهدنة، وحصر الحرب بـ»داعش» و«النصرة».

بانتظار التطورات السورية يعيش لبنان انتخاباته البلدية، كأداة قياس لفعالية الحرب التي تشنّها واشنطن وحلفاؤها على المقاومة في مسارات العقوبات المالية والتقييد السياسي والإعلامي وحروب التشويه والشيطنة، التي يفترض أن تصيب بيئة المقاومة بالضعف والتفكك والتعب، وتمنح العافية لبيئات يتم الرهان عليها بالعدائية للمقاومة، وتصيب بيئات حليفة للمقاومة بالارتباك، بينما حملت انتخابات جبل لبنان تعبيرات متعدّدة عن حيوية تحالف التيار الوطني الحر مع حزب الله، بما هو أبعد من انتخابات حارة حريك، ففي الحدث كان الاختبار عن قرب لمدى نجاح القوات اللبنانية التي تخاصم المقاومة في اجتذاب جمهور التيار، واختبار عن قرب للعلاقة المباشرة بحزب الله في الجوار، والحساسيات التقليدية المرافقة لها، وجاءت نتيجة بلدية الحدث تقول بثبات وتماسك تحالف التيار وحزب الله، وهامشية منطق القوات وتأثيرها على بنية التيار، كذلك أظهرت الانتخابات المباشرة التي خاضها حزب الله في بلديتي الغبيري وبرج البراجنة، حيث البيئة الأشدّ محافظة وتقليدية في جمهوره، احتفاظه بالحيوية الشعبية وعدم تأثر جمهوره بالحروب المختلفة التي تشنّ عليه وضدّه.

في الجنوب تبدو الانتخابات بلا معارك بخلاف صيدا، حيث معركة تسجيل نقاط لرئيس التنظيم الشعبي الناصري وحلفائه بوجه اللائحة المدعومة من تحالف النائبة بهية الحريري والدكتور عبد الرحمن البزري، واحتمال ذهاب حاصبيا إلى مواجهة بين مناصري النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان.

انتهت الجولة الثانية من الاستحقاق البلدي والاختياري في محافظة جبل لبنان التي بقيت نتائجها في دائرة القراءة والتحليل، وتحديداً في جونية، لما تمثله من رمزية سياسية، والتي أثبتت قوة العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر الذي خاض الانتخابات ضد عائلات مسيحية تقليدية وأحزاب، حيث تأكد فوز لائحة «كرامة جونية» برئاسة جوان حبيش مع خرق من لائحة «جونية التجدد» بالأسماء الأربعة: فادي فياض، فؤاد بواري، سيلفيو شيحا ورودريغ فنيانوس. بينما تستعدّ محافظتا الجنوب والنبطية للجولة الثالثة في الثاني والعشرين من الحالي والتي ستكون أقل حماوة وحماسة مع وجود ثنائي أمل – حزب الله كحاضر أبرز بينما ستشهد صيدا وحاصبيا وجزين معارك انتخابية.

وأشارت مصادر الحزب الديمقراطي لـ«البناء» إلى أن «لائحتين ستتنافسان في حاصبيا: الأولى مدعومة من من الحزب الديمقراطي والثانية من الحزب التقدمي الاشتراكي»، مرجّحة أن «تتجه الأمور إلى التوافق لكن لا تشكيلة نهائية ائتلافية حتى الآن على أن يظهر المشهد النهائي خلال الساعات المقبلة».

وشدّدت على أنه «إذا لم ينجح التوافق، فإن حاصبيا ستكون أمام معركة حامية بين اللائحتين، كتلك التي شهدتها الشويفات، حيث وقف الحزب الاشتراكي خلف المجتمع المدني، لكنه هو من شكل اللائحة وأدار المعركة وأشرف على صدور النتائج».

ولفتت المصادر إلى أن «المعركة في حاصبيا ستتخذ الطابع السياسي، خصوصاً أن للمدنية أهميتها ورمزيتها وتظهر صورة الحزب الديمقراطي بالاتفاق مع عائلاتها ومشايخها كما الشويفات. وتوقعت أن تكون الحماسة الانتخابية في حاصبيا ونسبة الاقتراع في حال حصلت معركة كحماوة ونسبة التصويت في الشويفات».

وصيدا محسومة لصالح لائحة السعودي

وقالت مصادر صيداوية مطلعة لـ«البناء» إن «ثلاث لوائح ستتنافس في صيدا إضافة إلى شخصين منفردين. اللائحة الأولى هي لرئيس البلدية الحالي محمد السعودي والمدعوم من خلف الستار من النائبة بهية الحريري والجماعة الإسلامية الذين نالوا 3 اعضاء في اللائحة ومن الدكتور عبد الرحمان البزري، أما اللائحة الثانية فمدعومة من رئيس التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد واللقاء الوطني في صيدا ويرأسها المهندس بلال شعبان. وهو موظف في شركة في صيدا، وهو غير معروف إعلامياً، لكنه يملك خبرة تقنية وعلمية، وتتألف هذه اللائحة من مجموعة من الشباب ومعظمهم أبناء كوادر قدامى في التنظيم الشعبي الناصري».

وأضافت المصادر أن «النتيجة محسومة بفوز كامل أعضاء لائحة السعودي، لكن التحدي هو للتيار الوطني في صيدا ليس على صعيد خرق لائحة السعودي إنما بعدد الأصوات التي سينالها، خصوصاً أن هذه الانتخابات هي الأولى بعد معركة عبرا وعليه إثبات أنه لا يزال يحافظ على حضوره».

.. والأسير حاضر سراً

أما اللائحة الثالثة، بحسب المصادر، فتتألف من 9 أعضاء يرأسها علي الشيخ عمار ومدعومة سراً من مناصري الشيخ أحمد الأسير. وعمار هو رئيس المكتب السياسي السابق للجماعة الإسلامية، لكنه استقال عام 2006 لأنه يميني ومتطرف تجاه حزب الله والشيعة وشكل جمعية كانت ناشطة وفاعلة إعلامياً لمتابعة موقوفي عبرا».

وعلمت «البناء» أن إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود أعطى وعداً للسعودي بالتصويت له فقط، لكن ليس لكامل أعضاء لائحته بل أصوات مناصريه ستذهب للسعودي وللائحة المدعومة من أسامة سعد».

لقاء بين هولاند والحريري اليوم

رئاسياً، لا جديد مع دخول الفراغ الرئاسي عامه الثالث الأسبوع المقبل، ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اليوم والرئيس سعد الحريري المتواجد في باريس.

وفي إطار الحركة الدولية تجاه لبنان، حطّت وزيرة الخارجية الأرجنتينية سوسانا مابيل مالكورا في بيروت، وأشارت في مؤتمر صحافي، إلى أن «لبنان هو المدخل الرئيسي للمنطقة، وقد اتفقنا على العمل ببعض البرامج للسير معاً»، مرحبة «بمجموعتنا الإنسانية التي تقدم المساعدات لبعض اللاجئين في لبنان، ولا بد من الاعتراف بأن المسؤولية مشتركة، وإننا نقوم ما في وسعنا من اجل بناء البنى التحتية إلى جانب السوريين الذين نرحّب بهم في بلدنا».

القرار أكبر من الحكومة

في غضون ذلك، بقي قانون العقوبات الأميركية على حزب الله وتعاميم مصرف لبنان في دائرة الغموض، وعشية زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، غادر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى الخارج لمتابعة تفاصيل القرار وآليات تطبيقه في لبنان.

وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «حاكم مصرف لبنان سيلتقي رئيس الحكومة تمام سلام فور عودته من الخارج ليضعه في أجواء اتصالاته ولقاءاته والعمل لإيجاد طريقة لعدم استهداف حزب الله وبيئته على الصعيد المالي»، لكنها شدّدت على أن «القرار ليس قرار الحكومة بل أكبر منها».

.. وجلسة حكومية الخميس ببنود عادية

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية في السراي الخميس المقبل لاستكمال بنود جدول الأعمال الجلسة الماضية. وقال مصدر وزاري لـ«البناء» إن «ملف أمن الدولة لن يطرح في أي جلسة إلا بعد نهاية الانتخابات البلديات»، وأوضح أن «حل هذا الملف هو في انتظار حتى حزيران المقبل موعد إحالة نائب المدير العام العميد محمد الطفيلي إلى التقاعد».

Please follow and like us: