الشيخ شريف شيخ أحمد 43 عاما هو رئيس التحالف من أجل تحرير وإعادة بناء الصومال الذي يضم الفصائل الصومالية المناهضة للحكومة الانتقالية والإحتلال الإثيوبي في الصومال. وفي هذه المقابلة التي أجرتها اسماء الحسيني معه في القاهرة، يؤكد الشيخ شريف الذي زار القاهرة أخيرا ان التحالف الصومالي المعارض لا يمانع في التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة، ويحقن الدماء, شريطة خروج القوات الأثيوبية من الصومال، ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب الصومالي.
كيف تقيمون تطورات الأوضاع الحالية بالصومال؟
لأوضاع في الصومال أسوأ مما يتصور إنسان, الظروف الإنسانية التي يعيشها الشعب الصومالي لا يتصورها عقل بشري, فهناك عشرة آلاف قتيل ومليون ونصف المليون نازح خارج العاصمة مقديشو, بعد أن تم تدمير أكثر من ثلثي المدينة, وهدم كل المرافق الحيوية بها من مستشفيات ومدارس وجامعات ونهبها بصورة وحشية, وقد أكدت منظمات دولية أخيرا أن حجم الماسأة في الصومال أكبر من أي مكان آخر في العالم, وقد اختار الشعب الصومالي المقاومة بعد أن فرض عليه القتال, والمقاومة الصومالية الباسلة تواصل الآن كفاحها وتحرز انتصارات كبيرة, وتكبد قوات الاحتلال الإثيوبي وقوات الحكومة الانتقالية العميلة لها خسائر كبيرة.
لكن القوات الحكومية والإثيوبية تعلن سيطرتها على الأمور؟
غير صحيح وجودهم الآن محصور في ثكنات عسكرية في مقديشو وفي بيداوا, والمقاومة أصبحت منتشرة في ارجاء الصومال, والشعب الصومالي كله انحاز إليها بعد أن تأكد من النيات العدوانية الإثيوبية وارتكاب القوات الإثيوبية والحكومية لجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي تجاه الصوماليين.
مصادر حكومية صومالية وإثيوبية تحدثت عن استسلام أعداد كبيرة من أفراد قوات المحاكم لها؟
هذه ادعاءات وأكاذيب في محاولة لإخفاء الاخفاق والفشل الذي يتعرضون له, بل جنود وضباط الجيش الإثيوبي هم الذين يهربون من التجنيد وهناك العديد من محاولات الانتحار التي تحدث في صفوفهم, فقد دخلوا إلى مستنقع لا قبل لهم به, وأيضا الميليشيات القبلية التابعة للحكومة تهرب, ولم يستسلم في المقابل أي أحد من قواتنا, وليس هناك ظروف تدعوهم إلي الاستسلام أو لتسليم أنفسهم لعدوهم أو للتنازل عن مواقفهم أو بالاحرى الموقف الموحد للشعب الصومالي الآن, واتحدى هؤلاء أن يعلنوا لنا اسما واحدا انضم إليهم.
وما هي القوة العسكرية التي تستندون عليها؟
كل فصائل المقاومة يجمعها التحالف وتتمتع بشعبية واسعة وتعاطف كبير من الشعب الصومالي كله وإخراج القوات الإثيوبية أصبح عملية سهلة يمكن الوصول إليها واندحارهم بات وشيكا جدا بعد ان اعيقت حركتهم وانهارت معنوياتهم وهرب جنودهم.
هناك أيضا حديث عن انشقاقات داخل المعارضة الصومالية والمحاكم الإسلامية؟
المحاكم الإسلامية باقية بخير وصفها الداخلي متماسك ومترابط, وما يعنينا الآن هو هذا التحالف الكبير الذي شكلناه في أسمرة (أرتيريا) العام الماضي من اجل إعادة تحرير الصومال. التحالف يضم جميع القوى الفاعلة في الصومال : قوات المحاكم الإسلامية والبرلمان الشرعي للصومال ومنظمات المجتمع المدني واعيان الصوماليين وممثلين عن الصوماليين بالمهجر, وهذا التحالف يجسد التفاف الشعب الصومالي بكل اطيافه وفئاته حول المقاومة الباسلة, وليس هناك خلافات داخل التحالف, وإنما قد تكون هناك وجهات نظر ورؤى, لكننا جميعا في خندق واحد نناضل من أجل إخراج القوات الغازية.
لكن هناك حديث عن شباب المجاهدين … هل يمثل ذلك انشقاقا عن المحاكم الإسلامية؟
مايجري في الصومال احتجاج على احتلال غاشم وعدوان سافر, والشعب الصومالي كله يجاهد لتحرير بلاده, والمقاومة كلها تقوم بهذه المهمة, ومن أسموا أنفسهم شباب المجاهدين هم ضمن المحاكم الإسلامية وضمن التحالف المعارض.
وماذا بشأن إعلانهم رفض أي حلول سلمية؟
الحل السياسي دائما مطروح, وليس هناك من يحب أو يرغب في ان يستمر القتال أو سفك الدماء, والحديث عن رأي مخالف لشباب المجاهدين هو محاولة من الأعداء لإبراز التباين داخل صفوفنا.
وما علاقتكم بتنظيم القاعدة؟
أتساءل أين القاعدة التي جاءوا يحاربونها على أرض الصومال وسفكوا دماء الأبرياء من الشعب الصومالي بدعوي تعقب أعضائها, ليس لنا صلة بالقاعدة. والمحاكم الإسلامية ليست هي القاعدة, بل هي ببساطة مجموعة من أبناء الشعب الصومالي استطاعت ان تحظى باحترامه وتقديره وأيضا تعاطفه بسبب نجاحها في إعادة الأمن والاستقرار بالصومال في فترة وجيزة عام2006, وقد شهد لها بذلك العدو قبل الصديق, وهم يعلمون كيف كان الوضع في الصومال قبل وصول المحاكم الإسلامية إلى الحكم, وكيف توحد الصومال في فترة حكمها جسديا وفكريا وساده الأمن والاستقرار, وكيف أصبح حال الصومال بعد مغادرتها أيضا للحكم والضرر الذي لحق بالشعب الصومالي بسبب ذلك. وهذه الادعاءات والشائعات عن علاقة لنا بالقاعدة هو محاولة للنيل منا ومن مكانتنا لدى الشعب الصومالي، وأيضا تشويه صورتنا في العالم, ولاشك أن هذه المزاعم تقف خلفها إثيوبيا والولايات المتحدة, وهي مزاعم كاذبة حيث لم يستطيعوا حتي الآن أن يأتوا بشخص واحد في الصومال ينتمي إلى القاعدة.
إثيوبيا تقول إنها دخلت الصومال بطلب من الحكومة الشرعية لإعادة الاستقرار, وأيضا لها مخاوفها من انعكاسات المد الإسلامي لحركتكم على جبهتها الداخلية؟
نرى أن هناك نية مبيتة للدول التي اشتركت في غزو الصومال واحتلاله لسفك دماء الشعب الصومالي واستباحة أعراضه ونهب ثرواته, وهذا شيء لا تقبله أي شرعية أو أعراف دولية, والدعاوى الإثيوبية لا أساس لها من الصحة والعكس هو الصحيح, فالتهديد واقع من إثيوبيا علينا علي الدوام, فإثيوبيا هي التي اسقطت نظام سياد بري عام 1991, وهي التي عطلت كل المساعي السلمية في الصومال, والخطر الإثيوبي علينا حقيقي, أما ما تتحدث عنه أديس أبابا من مخاطر منا عليها فهي متوهمة.
إذا لم تكونوا تنتمون للقاعدة.. من أين تحصلون علي السلاح والتمويل؟
نحن ننتمي فقط للأمة العربية والإسلامية, ونحن مسلمون قبل1400 عام, حيث وصل الإسلام إلي الصومال قبل وصوله إلى المدينة المنورة, حيث كانت الهجرة إلى الحبشة سابقة على الهجرة إلى المدينة, وإذا كان الأمر إعلان حرب على الإسلام, فيجب ان يعرف هؤلاء المعتدون ان الشعب الصومالي المسلم لن يتنازل عن دينه وإسلامه تحت أي ظرف, والدعم نتلقاه من الشعب الصومالي الذي يتعرض للإبادة, ويدفع أرواحه لإعادة تحرير الصومال.
وماذا عن الدعم الإريتري؟
اريتريا تدعم التحالف بإيواء قياداته ولا تقدم له دعما عسكريا, الأسلحة متوافرة في الصومال, ولا نحتاج من يدعمنا بالأسلحة, بل ما نحتاج إليه هو الدعم السياسي, وهو ماقدمته لنا إريتريا, ونشكرهم على هذا الدعم, ونتمنى ان تتأسى بهم الدول العربية.
ألا تخشون أن تصبحوا اداة من أدوات الصراع الإثيوبي ـ الإريتري وأن تتفاقم الأوضاع في الصومال أكثر فأكثر بعد تحوله ساحة لهذا الصراع؟
المحاكم الإسلامية وجميع القوى الفاعلة شكلت التحالف من اجل إعادة تحرير الصومال، وكنا موجودين قبل الدعم الإريتري لنا, والدعم الإريتري لنا هو علاقة تناصر, وإريتريا أكثر دولة يمكن ان تقدر ما نتعرض له، لأنها سبق أن تعرضت له على أيدي إثيوبيا, وهي لا أغراض لها في الصومال.
وهل تدعمكم جماعات إسلامية في الدول العربية وإيران؟
لاعلاقة لنا بأي جماعات إسلامية, ولا نتلقى دعما من أي دولة عربية, ولاعلاقة لنا بإيران. كل هذه افتراءات تشاع من حين لآخر للتشويش على قضيتنا العادلة.
وكيف تنظرون للموقف الأميركي؟
الأميركان موجودون الآن بسفنهم وطائراتهم الحربية على شواطئ بحر الصومال, والمساعي الأميركية في الصومال لم تكن شريفة, وقد جاءت تحت دعاوى كاذبة, والحقيقة أنه لم يكن هناك وجود للقاعدة التي زعموها, كما لم تكن أيضا هناك حكومة شرعية جاؤوا ليدعموها, فليس لهذه الحكومة الانتقالية وجود, فقد ماتت حتى في نفوس الأعداد البسيطة التي كانت لا تزال تعلق عليها.
وما هو موقفكم من المبادرة التي اطلقها أخيرا رئيس الوزراء الصومالي الجديد نور عدي من أجل إيجاد حل سلمي عبر التفاوض معكم؟
دعوة نور عدي مجرد استهلاك إعلامي, فالسعي لحل سلمي دائم في قضية الصومال لا يتأتي عبر وسائل الإعلام, فالمشكلة أكبر من أن تحل عبر تصريحات خاطفة, فهي قضية شائكة دخلت فيها أطراف دولية, وتحتاج عمقا فكريا وأيضا تضحية.
لكن خروج القوات الإثيوبية يعني ترك الحكومة الانتقالية لقمة سائغة لكم .. ألا تعوق تلك الشروط الوصول لحل؟
هذه ليست شروطا صعبة, لكنها تعد تسهيلا وضمانة للحل, فالقتال والحديث عن المفاوضات لا يتأتيان في آن واحد, ولا بد من وقف نزيف الدم, ونتعهد بألا نبادر بأي عمل عدواني وقتها, إلا أن من ارتكبوا جرائم حرب يجب ان يقدموا لمحاكمة عادلة, واشير إلى أنه ليس هناك خطاب موحد من الحكومة حول هذه المبادرة, فبينما يدعو نور عدي إلى مفاوضات, يعلن عبد الله يوسف رئيس ما تسمي الحكومة الانتقالية أنه لم تكن هناك مفاوضات, وهذا التخبط يعكس حجم التعقيدات الموجودة, كما أننا نعلم مسبقا أن الإثيوبيين دخلوا الصومال دعما لعبد الله يوسف ولا شيء في يد نور عدي حتى الآن, ونحن لا نريد تقويم أشخاص, لكن مجرد دخول عدي في مثل هذه المنظمة الإجرامية المسماة الحكومة الانتقالية التي مارست الإبادة الجماعية ضد شعبها، وأتت بقوات عدو قديم للشعب الصومالي، يجعله في موضع اتهام.
وهل تقبلون بهدنة لوقف نزيف الدم؟
ما تسمى الحكومة الانتقالية حكومة غير شرعية ارتكبت الخيانة العظمي وارتكبت جرائم إبادة وجرائم حرب وهي عبارة عن مجموعة من أمراء الحرب, ونحن نؤمن بأهمية الحوار كطريق استراتيجي لإعادة الأمن, ولكن لكل ذلك لا بد من إخراج القوات الإثيوبية أولا, واتخاذ موقف بشأن ما وقع في الصومال من جرائم طيلة الفترة الماضية.
وكيف تنظرون إلى الموقفين الدولي والعربي.. هل هناك تحركات لوقف الكارثة؟
حسب علمي لا يوجد أي تحرك عربي لمساعدة الشعب الصومالي في حل مشكلته, وقد توقفت الجهود العربية التي كانت تسعي لحل الخلافات بمجرد بدء الغزو الإثيوبي, ونقول إن الشعب الصومالي شعب مظلوم يتعرض لعملية إبادة مستمرة بينما المجتمع الدولي لا يحرك ساكنا, ونؤكد أن لشعبنا الحق في العيش بأمن وسلام, وأن يعمل لاستعادة حريته واستقلاله من هذا الاحتلال الغاشم, حيث لايمكن القبول في القرن الحادي والعشرين باحتلال جديد, وندعو الشعوب العربية والإسلامية والغربية إلى الوقوف مع قضيتنا العادلة.
وماذا بشأن زيارتكم للقاهرة؟
مصر دولة مهمة للقضية الصومالية, وقد رأينا من المهم ان نطلعها على ما يجري, وعلى المحنة التي يعانيها الشعب الصومالي, والواجب الذي يقع على مصر حكومة وشعبا, ونطلب منهم ضرورة ان يلعبوا دورا فعالا, ولدينا أمل كبير في الخروج برؤية مشتركة.
COMMENTS