اللواء
التعيينات تحوم فوق الحكومة.. والدولار يتأهّب إلى ما بعد الثلاثاء!
عون يتخوّف من تراجع نسبة المقترعين الأحد.. وخُطباء الجمعة يُركِّزون على التصويت الكثيف
الصمت الانتخابي رقم 2 من فجر اليوم إلى مساء غد، ليتسنى للموظفين المولجين بالعملية الانتخابية الإدلاء بأصواتهم قبل الأحد الكبير، بات مطلباً في حدّ ذاته، مع اشتداد أوار الحملات الانتخابية والهجومات المتبادلة بين محورين يتنافسان باللوائح وبالاسلحة المتاحة لكسب المقاعد، وتأكيد مشروعية البقاء داخل المشهد السياسي المقبل، بعد 16 أيّار، تاريخ بلورة نتائج الاقتراع في الداخل..
ومن المتوقع ان يحفل هذا التاريخ، أوّل ثلاثاء بعد الأحد الكبير، بجملة متغيرات أبرزها تحوُّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، عند بدء ولاية مجلس النواب استناداً إلى الفقرة هـ من المادة 69 من الدستور، وتفلت إضافي في تصرفات كبار الموظفين، إذ من الممكن حسب، بعض الخبراء الماليين ان يجنح سعر صرف الدولار، الذي يرتفع بدون مبررات اقتصادية، إلى الارتفاع غير المسؤول، ويصبح حاكم مصرف لبنان الحالي بمعزل عن أية مساءلة، بانتظار الحكومة الجديدة، التي ليس من السهل التوصّل إلى تسوية لها، قبل ان تحسم أموراً كثيرة تتعلق برئاسة المجلس وآلية تكوين المطبخ التشريعي الخاص به..
اعتبرت مصادر سياسية متابعة، انه من المبكر طرح موضوع تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات النيابية منذ اليوم، وقبل انتهاء هذا الاستحقاق ومعرفة نتائجه وتركيبة المجلس النيابي الجديد، وكيفية تعاطي هذه التركيبة مع مسألة تشكيل الحكومة الجديدة.
وقالت المصادر ان هناك من يحاول اعطاء انطباع يؤشر الى ان مسألة الحل والربط بتشكيل الحكومة الجديدة، هي بيده هو دون سواه، كما ينقل عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في لقاءاته مع التيار، او في حين يعرف الجميع، ان هذا الادعاء في غير محله، وان عملية تشكيل الحكومة، تتطلب تشاورا بين مختلف الاطراف السياسيين ومكونات المجلس النيابي.
واشارت المصادر الى ان ما يحصل اليوم هو محاولة لاستكشاف مواقف الاطراف استباقيا، والانتقال بعدها الى الخطوة التالية، باجراء المشاورات تمهيدا لتاليف الحكومة الجديدة.
وقالت ان هناك قناعة لدى الاطراف المعنيين، بضرورة تأليف حكومة ما بعد الانتخابات بسرعة، لكي تتولى استكمال تنفيذ الملفات والالتزامات التي تعهدت بها الحكومة الحالية، لدى المجتمع الدولي، ان كان فيما يخص انجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، او اجراء الاصلاحات المطلوبة في دوائر الدولة كلها، وفي مقدمتها الاصلاحات بمؤسسة الكهرباء او لتولي هذه الحكومة مجتمعة مهام رئيس الجمهورية ميشال عون، لحكم الدولة، في حال تعطل اجراء الانتخابات الرئاسية بموعدها كما حصل قبل انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، او لاي سبب آخر، لانه لا يمكن للحكومة الحالية تولي مثل هذه المهمة حاليا، في حال كانت مستقيلة وتتولى تصريف الأعمال.
وفي ما خص التعيينات التي تحوم فوق جلستي غد الخميس والخميس الأخير من عمر الحكومة 19/5/2022، افادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الحكومة قد تلجأ في جلستيها الأخيرتين إلى بت تعيينات ملحة جهزت ملفاتها مؤخرا، انما أشارت إلى أن هذا الأمر متروك للحسم النهائي أو ما بعرف بالتوافق. ولفتت إلى ان هذه التعيينات لن تشكل مصدر تباين.
وتوضح أن جدول الأعمال خال من أي تعيين ولكن هذا لا يعني أنه لن يرتب تعيين ما قبيل جلسة الخميس أو يتم تأجيل العملية برمتها في حال لم ينجح التفاهم.
ولكن أوساطا مراقبة قالت أن هناك دراسة للخيارات لاسيما أن التعيين الذي قد يصدر سيكون محور انتقاد قبيل الأنتخابات النيابية وتحول الحكومة إلى تصريف أعمال، في حين أن هناك من يعتقد أن لا مشكلة في أن يتخذ قرار تعيين لا سيما اذا تبين أنه ضروري ولا يمكن اعتباره استفزازيا. وقالت إن الأمر متروك للمعنيين.
مجلس الوزراء
ويعقد مجلس الوزراء عند الساعة التاسعة والنصف من قبل ظهر اليوم جلسة له في القصر الجمهوري، وعلى جدول أعماله 49 بنداً، موزعة بين شؤون مالية، كاعطاء سلفة خزينة بقيمة 90 مليار ليرة لبنانية لدفع مستحقات اتعاب مكاتب المحاسبة والمحامين والمستشارين الدوليين واشتراكات منظمة الصحة العالمية، وطلب نقل اعتماد من احتياطي الموازنة لعدد من الوزارات، فضلاً عن شؤون وظيفية بعضها تتعلق بإقرار مرسوم يرمي إلى تنظيم المؤسسة العامة للاسكان وتحديد ملاكها وشروط الاستخدام فيها، فضلاً عن شؤون متفرقة كتحويل وزارة المهجرين إلى وزارة التنمية الريفية وتجديد جوازات السفر المنتهية الصلاحية للمشاركة في الانتخابات النيابية فقط..
ودولياً، اتفاقية مع المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان من أجل وضع الإطار للتعاون من أجل التنمية المستدامة عن الفترة 2023 – 2025، فضلاً عن عرض وزارة الطاقة والمياه منح تراخيص لبنان محطات لانتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية المؤجل من الجلسة الماضية.
حكومياً، تابع الرئيس نجيب ميقاتي، في الايام القليلة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية الاحد المقبل، كل التحضيرات لهذا الاستحقاب مع وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، بالتوازي مع التحضير لملفات الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي ستعقد في القصر الجمهوري.
ونُقلَ عن رئيس الحكومة تاكيده أمام زواره «أهمية الانتخابات النيابية، لكونها ستحدد بالضبط التوجهات العامة للبنانيين، بعد مرحلة من المتغيرات اعقبت ثورة السابع عشر من تشرين». وقوله: بات من الضروري إن يحدد اللبنانيون توجهاتهم في صندوق الاقتراع تمهيدا للانتقال الى مرحلة جديدة، ستكون بالتأكيد حافلة بالتحديات والعمل الجاد لاستكمال الخطوات الانقاذية المطلوبة واقرار الاصلاحات المطلوبة، لنقل البلد الى مرحلة التعافي التدريجي.
ويعتبر الرئيس ميقاتي، وفق ما يقول زواره، «انّ مرحلة ما بعد الانتخابات هي الاستحقاقات الكبرى وخصوصاً ما يتعلق بالتصدّي للتحدّيات الأساسية والعاجلة، وأهمها ما يخصّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإكمال خريطة طريق الخروج من الأزمة ارتكازاً على خطة التعافي. وهذا يضع كل الاطراف امام مسؤولية الانتقال من مرحلة الصدام التي عانينا منها في فترة ما قبل الانتخابات، الى مرحلة الشراكة والتعاون في تحمّل المسؤوليّة ووضع الأزمة على سكة الخروج منها».
وابدى ميقاتي حسب زواره «قناعته بأنّ غالبية الاطراف باتت تستشعر بالخطر الجدي الداهم، وبالواقع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون والذي يحتم على الجميع التعاون، لأنه لم يعد هناك من سبيل امام هؤلاء الاطراف سوى ان يتحمّلوا المسؤولية».
ويرفض رئيس الحكومة الدخول في اي نقاش يتعلق بموضوع الحكومة الجديدة، معتبراً ان «الاساس الآن هو اجراء الانتخابات، وبعدها لكل حادث حديث».
تحضيرات الانتخابات
وعشية الاستحقاق، نفت المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء صدور أي مذكرة عن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي تتعلق بتعطيل مزعوم للإدارات والمؤسسات العامة يومي الجمعة والاثنين لمناسبة الانتخابات النيابية. وقالت: إن المستند الذي يتم توزيعه مزور وستتم إحالة الموضوع على القضاء المختص.
وأصدر وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قراراً بمنع المواكب السيارة على كافة الأراضي اللبنانية، من صباح السبت 14 أيار وحتى صباح الثلثاء 17 أيار. وقرارين الأول بشأن وقف سير الدراجات النارية في كافة المناطق اللبنانية، والثاني بشأن إقفال المقاهي والمطاعم خلال العملية الانتخابية.
كما طلب وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي في تعميم من المسؤولين عن الثانويات والمدارس والمعاهد الرسمية إقفالها صباح الخميس 12ايار ولغاية مساء الاثنين الواقع فيه 16 منه، مشيرا إلى أنه يمكن لمدير المدرسة أو الثانوية أو المعهد، وعند الحاجة، تعويض التدريس للتلاميذ عن ايام الاقفال، وذلك لاستخدام بعض أبنيتها كمراكز لاقلام الاقتراع في الانتخابات النيابية.
وشدد الحلبي على وجوب حضور مدير المدرسة أو الثانوية او المعهد، او من ينتدبه الساعة السابعة من صباح السبت في 14 ايار، إلى المبنى ولغاية انتهاء العملية الانتخابية، وذلك لتسهيل عمل رؤساء الاقلام والكتبة، وتسهيل دخول المكلفين من قبل وزارة الداخلية والبلديات إلى أقلام الاقتراع، واتخاذ ما يلزم من اجراءات وتدابير لحماية موجودات ومستلزمات المدرسة.
وتابع وزير العدل القاضي هنري الخوري في وزارة العدل، وخلال إجتماعين متتاليين، مع القضاة المكلفين رئاسة لجان القيد العليا والإبتدائية، مسار العملية الإنتخابية التي ستُجرى يوم الأحد المقبل، حيث تمت مناقشة بعض الأمور اللوجستية التي يضطلع بها قضاة لجان القيد.
وقال خوري: «نحن نقف الى جانب وزير الداخلية كوزارة عدل وقضاة لإتمام هذه العملية التي نتمنى أن تتم يوم الأحد المقبل بنجاح، ولقائي مع القضاة أتى في إطار الوقوف عند التساؤلات التي تحتاج الى نقاش معهم من أجل حل بعض المشكلات التي تعترض العملية الإنتخابية.
واكد رئيس الجمهورية ميشال عون، «ان ثمة تقارير وردت اليه عن لجوء بعض المرشحين الى استخدام المال الانتخابي، الامر الذي يستوجب تدخل هيئة الاشراف على الانتخابات والجهات القضائية المختصة لمنع استمرار هذه التصرفات التي يمكن ان تؤثر سلبا على خيارات الناخبين».
وأعرب عن «ترحيب لبنان بمشاركة بعثة من المنظمة الدولية الفرانكوفونية في مراقبة الانتخابات النيابية يوم الاحد المقبل»، وابلغ رئيسة البعثة ألدا غريولي، التي استقبلها مع افراد البعثة، ان «لبنان يقدر للامينة العامة للمنظمة الدولية الفرانكوفونية لويز موشيكيوابو مبادرتها بتكليف بعثة من المنظمة لمراقبة الانتخابات»، مؤكداً ان «كل الإجراءات اتخذت كي تجري العملية الانتخابية في أجواء من الشفافية والحرية والتنافس الديموقراطي».
وردا على أسئلة رئيس البعثة، ذكر الرئيس عون «انه كان يفترض إقامة «ميغاسنتر» في عدد من المناطق اللبنانية لتسهيل العملية الانتخابية للناخبين، لا سيما أولئك الذين يسكنون في العاصمة والضواحي، الا ان مجلس النواب علق العمل بـ»الميغاسنتر» ما يدفع الى الخشية من تراجع نسبة المقترعين الاحد المقبل». واشار الى ان «مشاركة المرأة في الترشح للانتخابات سجلت نسبة متقدمة عما كانت عليه في الدورات الانتخابية السابقة، وهذه مسألة إيجابية يؤمل ان تتطور اكثر في الانتخابات المقبلة».
وقبيل الصمت الانتخابي، طالب الرئيس نبيه برّي في كلمة له لمناسبة قسم الامام الصدر في مدينة صور جمهوره بالدعوة «لاقتراع المشروع الذي صنع قوة لبنان، وحولنا إلى قامات اخرجت الأمة من الظلم والهوان للعنفوان»، مشدداً ان العلاقة بين أمل وحزب الله هي أشبه بالعلاقة بين الروح والجسد الواحد.. داعياً إلى استفتاء وطني رفضاً للعدوان والحصار، مشدداً على قانون يحمي حقوق المودعين، داعياً إلى التصويت للمقاومة وليس إلى «لصوص الهيكل في الداخل وللتصويت بكثافة رفضاً للعدوان والحصار».
وقال في كلمة ألقاها أمس في المصيلح: فليكن الحكم والحاكم في قضايا الفساد والهدر هو القضاء والقانون والدستور ولا غطاء على أي كان.
اضاف: نعلم وبالملموس أن آخر هم عند هؤلاء محاربة الفساد وإسقاط منظومته ، عيونهم وما يدبرون له في ليل الغرف الإنتخابية السوداء استهداف منظومة قيمنا من بوابة الإستحقاق الإنتخابي ، منظومتنا منظومة مقاومة ، منظومة الكرامة، منظومة العزة ،ومنظومة التضحية والتنمية والنصر والتحرير وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيار وإخراج لبنان من العصر الإسرائيلي الى العصر العربي.
وقال: نحن مع إنجاز التدقيق الجنائي في كل حسابات الدولة بدءاً من مصرف لبنان وبالتوازي مع كافة الوزارات والصناديق وخصوصاً كهرباء لبنان وما أدراكم ما كهرباء لبنان…
نحن مع الإسراع بإنجاز بالتلزيمات لإنشاء معامل جديدة بإسراع وقت ممكن سواء مع الشرق أو مع الغرب..
توجيه المفتي
على الصعيد الانتخابي ايضاً، وفي حمأة الحملات بين القوى السياسية والكلام عن عدم إقبال على الاقتراع، أصدرت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية تعميماً بناء على توجيهات مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على أئمة وخطباء المساجد في لبنان، «لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بإنتخاب ممثليهم في المجلس النيابي، واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة، وحث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير، بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية».
ورأى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في مهرجان انتخابي ان البلد قائم على الشراكة وعدم الالغاء والاقصاء والجميع يجب ان يتمثل في المجلس النيابي بأحجامه الطبيعية، والقانون الأكثري لم يفعل ذلك بينما القانون النسبي يسمح بذلك، مشيراً إلى ان لبنان «لا يتحمل طائفة قائدة، ولا حزباً قائداً مهما بلغ من القوة والامتداد الشعبي»، كاشفاً انه عبر «قنوات دبلوماسية ابلغتنا ان الإسرائيلي أكّد عدم نيته القيام بأي عمل باتجاه لبنان، لكننا لا نثق به وبرسائله وسنبقى بجهوزية».
وقال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خلال لقاء شعبي في المتن: العمل السياسي بالنسبة لنا قوانين وخطط ومشاريع. اما انتم بالنسبة لكم دعاية ومسرحية، عند أوّل أزمة تستقيلون من المسؤولية، وتزايدون على وجع النّاس «مش كأنوا حكمتوا 40 سنة».
وأعلن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في مهرجان انتخابي في بعبدا: «اننا سنخوض المعركة بكل قوتنا، ولدينا مرشّح نفتخر به، لأنه يشبهنا ولا غبار عليه».
وفي موقف يؤشر على ان أمن الانتخابات تحت السيطرة، أعلن قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون ان موضوع الانتخابات لا يعني الجيش سياسيا، ولا يهم من يربح ومن يخسر، فنحن لسنا مع مرشّح ضد مرشّح، ولا مع حزب ضد حزب، نحن على مساحة من الجميع، مؤكداً ان «الامن والاستقرار والسلم الأهلي خط أحمر من المؤشرات الانتخابية إلى المؤشرات المالية».
جولة بخاري
وفي السياق، زار السفير السعودي وليد بخاري امس، النائب ميشال ضاهر المرشح في دائرة زحلة، في دارته بالفرزل، وشدّد على «دور النواب السياديين والاقتصاديين في المجلس النيابي الجديد في إيصال مشاريع الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين المملكة ولبنان، الى المجلس».
وتفقد بخاري معمل تصنيع اكياس البطاطا الذي يملكه ضاهر، وكان لافتاً حفاوة الاستقبال والودّ الذي أظهره السفير بخاري لصاحب الدعوة.
كما زار البخاري المرشح السني على لائحة «زحلة السيادة» المدعومة من «القوات اللبنانية» بلال الحشيمي في دارته. وشكر الحشيمي «للمملكة قيادة وشعباً أياديها البيضاء ورعاياتها للبنان كل لبنان في احلك الظروف، وحمّله أسمى تحايا التقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان اطال الله بأعمارهم وجعلهم درعا لحماية الامة».
وكان البخاري قد اكد خلال مأدبة عشاء اقامها رئيس إتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية الخليجية سمير الخطيب، الذي طرح اسمه في مرحلة سابقة كرئيس للحكومة، مساء أمس الاول في دارته في مزبود على شرف سفراء الدول الخليجية لمناسبة عودتهم الى لبنان، اكد «حرص المملكة على إستقرار لبنان وعودته الى طريق التعافي والنهوض. وأمل إتمام الإستحقاق الإنتخابي الوطني الأحد المقبل بما يستجيب لتطلعات الشعب اللبناني الشقيق».
وفي تطور آخر، كتب مسؤول الاعلام في «تيار المستقبل» عبد السلام موسى على صفحته على «تويتر» امس: «ودائع نهاد المشنوق في «عكاظ «… زياد عيتاني وراوية حشمي… ومن الأدوات الحج معين المرعبي!»
وكان اللافت للإنتباه اعلان الجهاز القانوني في حزب «القوات اللبنانية»، تقديمه دعوى قضائية بحق حزب الله، وقال في بيان: إزاء الشحن النفسي والطائفي والتجييش العدائي والتخويني الذي سمّم جوّ الممارسة الديموقراطية، من قبل حزب الله تحديداً، وإزاء الحملات الإعلامية والخطابية من قبل بعض الأفراد والقيادات والعناصر المنظّمة لهذا الحزب، الهادفة إلى إحداث الفِتنة بين عناصر الأُمة، وزرع الإرهاب والخوف في نفوس المواطنين، وبما أنّ الحزب، والمنضويين فيه قد زعزعوا السلم الأهلي، وعاثوا فساداً وبثّوا ترهيباً في بلدات وقُرى بعلبك-الهرمل، وكل ذلك بهدف إقصاء لائحة «بناء الدولة»؛ وتحديدًا إسقاط مرّشح حزب القوات اللبنانية الدكتور أنطوان البدوي حبشي، تقدّم حزب القوات اللبنانية ممثلّاً بالدكتور سمير جعجع، والنائب أنطوان حبشي بشكوى جزائية أمام النيابة العامة التمييزية، تسجلت تحت الرقم 1386/2022/، كما وبكتاب أمام هيئة الإشراف موضوع المخالفات المذكورة أعلاه تسجلت تحت الرقم 1423/2022».
الفاتيكان وزيارة البابا
الى ذلك وبعد اللغط الذي اثير إعلامياً حول تاخير زيارة البابا فرنسيس الى لبنان في شهر حزيران المقبل، أوضح مدير دار الصحافة في الكرسي الرسولي ماتيو بروني لمندوب «الوكالة الوطنية للاعلام «المعتمد في الفاتيكان ،أن الدار لم تصدر أي بيان بشأن تأجيل زيارة البابا فرنسيس الى لبنان. إلا أنه أبلغ الصحافيين المعتمدين أن التأجيل تم ولأسباب صحية فقط. (يعاني من ألم في الركبة والتهاب في الورك).
مطلبياً، اعتصم متقاعدو قوى الامن الداخلي في باحة وزارة الداخلية، مطالبين بحقوقهم من استشفاء وطبابة ومدارس. وأكدوا انهم لن يفضوا الاعتصام حتى تحقيق مطالبهم. وقد اقفلت القوى الطريق المؤدية الى وزارة الداخلية، ما ادى الى زحمة سير خانقة في المنطقة المحيطة، مع الاشارة إلى ان عشرات المتقاعدين في قوى الأمن الداخلي اقتحموا البوابة الرئيسية الخارجية في وزارة الداخلية والبلديات ودخلوا إلى حرم الوزارة الخارجي بعد مماطلة وزير الداخلية بلقائهم والاستماع إلى مطالبهم.
68 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي 68 إصابة جديدة بفايروس كورونا، رفعت العدد التراكمي إلى 1097643 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020، كما تمّ تسجيل حالتي وفاة.
البناء
الرئيس بري: العابرون للسفارات يريدون الانتقام لـ 17 أيار… ومهلة شهر للتفاوض قبل بدء التنقيب
السيد نصرالله: في لبنان القلِق الشراكة قدر… الخيار بين السلم الأهليّ والحرب الأهليّة… لانتخاب سن الـ18 … نعم للجيش القادر… لحماية حقوق المودعين بالقانون… لتحميل المصارف مسؤوليّاتها… كنزنا في البحر
أخرج ثنائي حركة أمل وحزب الله على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله، في كلمتين متتاليتين خريطة طريق سياسية اقتصادية للخلاص، بعدما تلاقت الكلمتان عند توصيف الاستحقاق الانتخابي بتصفية حساب يريد أن يجريها خصوم المقاومة لحساب أعدائها في الخارج انتقاماً من انتصاراتها. ومثلما وصف السيد نصرالله الحملات التي تستهدف المقاومة بحرب تموز سياسية، قال الرئيس بري إن الحملة التي تقودها اللوائح العابرة للسفارات تريد الانتقام لاتفاق 17 أيار الذي أسقطته المقاومة وانتفاضات الشعب اللبناني وقواه الوطنية، وكذلك الانتقام من انتصار 25 أيار الذي انتهى بتحرير جنوب لبنان من الاحتلال، لأنه حقق فائضاً من الكرامة يفوق قدرة هؤلاء على تحمّله، وفيما ذهب السيد نصرالله الى اعتبار الاستحقاق الانتخابي استفتاء بين خياري السلم الأهلي والحرب الأهلية، ومعبراً حتمياً نحو أحدهما وفقاً لوجهة تصويت الناخبين، اعتبر الرئيس بري الاستحقاق استفتاء على منظومة قيم المقاومة والكرامة، في مقابل منظومة قمة الفساد والنفاق، التي قال السيد نصرالله إنها تتكوّن من أحزاب شاركت في السلطة منذ الخمسينيات وفجأة خلعت ثوبها ولبست ثوب الثوار والتغيير.
الخطة التي حضرت في كلمتي كل من الرئيس بري والسيد نصرالله تناولت الشقين السياسي والاقتصادي، ففي الشق السياسيّ دعا برّي لقانون انتخاب خارج القيد الطائفي وفق نظام النسبية واعتماد الدوائر الموسّعة وإنشاء مجلس للشيوخ، فيما دعا نصرالله لاعتماد سن الـ 18 سنة لممارسة حق الانتخاب، ملاقياً بري في مفهوم الشراكة الوطنية، معتبراً أنه في لبنان القلق بفعل تكوينه القائم على الأساس الطائفي من مجموعة من الأقليات، تصير الشراكة قدراً لا مجرد خيار صحيح، مضيفاً معادلة الدولة العادلة والقادرة بشرح مفصل لمضامينها، وفي الطليعة بناء الجيش القادر على حماية لبنان من أخطار العدوان والأطماع بمياهه وأراضيه وثرواته، قائلاً إن «الدولة العادلة والقادرة هي القادرة على حماية سيادتها وثرواتها من أي عدوان او تسلط أو هيمنة أو انتقاص لا أن تلقي بأعباء التحرير على شعبها»، مؤكداً أن ليس في لبنان مجال لطائفة تقود النظام ولا لحزب قائد.
في الجانب الاقتصادي عنوانان رئيسيان تقاطعت عندهما كلمتا بري ونصرالله، الأول هو تحصين حقوق المودعين من أي محاولة للتضييع أو التمييع، وذلك عبر الدعوة لإصدار قانون يضع خطاً أحمر يمنع أي مساس بهذه الحقوق، فيما اضاف نصرالله الى مبدأ التحصين الالتزام بتحميل المصارف النصيب الأكبر من مسؤولية الأزمة وأكلافها وخسائرها، أما العنوان الثاني فيتعلق بمستقبل ثروات لبنان من الغاز والنفط في مياهه الإقليمية وكيفية التعامل مع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. وفي هذا السياق جدّد نصرالله شرح نظريته حول ان هذه الثروات تمثل كنزاً للبنان، الذي يملك بمقاومته ما يكفي من القوة لاستثمار هذا الكنز، بدلاً من مشروع التسوّل الدولي المهين، الذي يراق معه وجه لبنان ويتم تغيير هويته الثقافية، فيصير بلد كم الأفواه بدلاً من بلد الحريات، ويصير بلد الاستتباع بدلاً من بلد السيادة والعنفوان. وكانت الإضافة الهامة للرئيس بري اعلانه منح مهلة شهر للتفاوض كي يظهر الغث من السمين، يطلب بعدها من الشركات التي رست عليها التلزيمات أن تبدأ بالتنقيب، وفي حال تخلفها يتم إسناد التلزيم لشركات سواها، ووفقاً لمصادر تتابع ملف التفاوض فإن الرهان الأميركي على ضغط الانتخابات والحملات الانتخابية، الذي كان مأمولاً منه تخفيض سقف لبنان التفاوضي عبر محاولات إضعاف حضور المقاومة قد جاء بنتائج عكسية. وتجزم المصادر ان الأميركيين والإسرائيليين قد يسارعون لتقديم عروض تفاوضيّة جديدة في محاولة لإنقاذ المفاوضات وتفادي جولة مواجهة يعلمون أنها لغير صالحهم، وأنه كلما صارت يد المقاومة حاضرة في معادلة الثروات البحرية زادت الخسائر الإسرائيليّة الماديّة والمعنويّة.
وعشية الصمت الانتخابي للمرحلة الثانية من الانتخابات للطاقم الإداري والوظيفي المكلف تنظيم العملية الانتخابية، وعلى مسافة أربعة أيام من انطلاق استحقاق 15 أيار المنتظر، اشتدت الحماوة الانتخابية وارتفع منسوب التوتر السياسي، حيث تناوب رؤساء اللوائح والكتل النيابية والقيادات السياسية والمرشحون المستقلون على المنابر لإفراغ حواصلهم وثقلهم السياسي وتلاوة الخطابات الانتخابية لمخاطبة ناخبيهم وجمهورهم لشدّ العصب الطائفي والانتخابي لرفع الحواصل الانتخابية ونسب الاقتراع، مطلقين سلسلة مواقف بارزة ستطبع مرحلة ما بعد الانتخابات.
ووجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري كلمة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى قَسَم الإمام الصدر في مدينة صور وذكرى إسقاط اتفاق ١٧ أيار وذكرى النصر والتحرير وعشية الصمت الانتخابي.
وأكد بري أن منظومة حركة أمل ومنظومة الثنائي الوطني هي منظومة مقاومة، ومنظومة الكرامة والعزة، والتضحية والتنمية والنصر والتحرير وإسقاط اتفاق السابع عشر من أيار وإخراج لبنان من العصر الإسرائيلي الى العصر العربي.
وأشار الى أن «البعض وعن سوء تقدير عمد طيلة الشهور الماضية ومنذ 17 تشرين مروراً بفاجعة انفجار مرفأ بيروت وما بينهما وصولاً الى تسعير خطابه الانتخابي تحريضاً طائفياً ومذهبياً بغيضاً وافتراءً وتهشيماً وكذباً واستهدافاً لحركة أمل وتاريخها ومسيرتها وإنجازاتها وتحالفاتها»، لافتاً الى ان ذلك «الاستهداف يثير الشبهة ويكشف حقيقة النوايا المبيتة للبنان بشكل عام وللثنائي الوطني وحركة أمل بشكل خاص».
ولفت الى أن «التحالف بين حركة أمل وحزب الله ليس تحالفاً طائفياً من أجل استقواء طائفة على أخرى وليس تحالفاً انتخابياً لكسب أكثرية من هنا أو هنالك وهو تحالف راسخ رسوخ الجبال بمثابة علاقة بين الروح والجسد الواحد»، مؤكداً بأن «المقاومة لا تزال حتى هذه اللحظة الراهنة التي يستبيح فيها العدو سيادة لبنان ويهدد ثرواته وينفذ مناوراته حتى في يوم الانتخابات على طول الحدود مع لبنان، هذه المقاومة لا تزال تمثل حاجة وطنية ملحة الى جانب الجيش لحماية وردع العدوانية الإسرائيلية».
وأعلن بري: «باسم مرشحي لوائح الأمل والوفاء عدم القبول بأي قانون أو بأي خطة للتصحيح المالي والاقتصادي لا تكرس ولا تعيد حقوق المودعين كل المودعين كاملة دون أي مساس بها وفي موضوع ترسيم الحدود». وأكد أن «كل متر مكعب من الغاز والنفط المقابل للحدود البحرية اللبنانية في الجنوب هي حق فلسطيني مغتصب ومحتل من الجانب الصهيوني وأن اتفاق الإطار يبقى الآلية الصالحة لإنجاز الترسيم الذي يمنح لبنان الحق باستثمار كامل ثرواته في البحر دون تنازل أو تفريط أو تطبيع أو مقايضة».
ودعا بري «للاقتراع بكثافة ودون تلكؤ للتأكيد على التمسك بالمقاومة نهجاً وثقافة وسلاحاً الى جانب الجيش والشعب والمقاومة، ومن أجل إفهام القاصي والداني بأن بناة الوطن الحقيقيين هم هؤلاء المقاومين وليس لصوص الهيكل في الداخل، وللتصويت بكثافة رفضاً للعدوان والحصار الذي يتعرض له لبنان في محاولة لإعادة إنتاج ما عجزت عن تحقيقه كافة الحروب العدوانية الإسرائيلية ضد وطنكم وقراكم وبلداتكم العدوان الذي من خلاله يحاولون الثأر من جرعة الكرامة والعزة التي قدمتموها ولم يستطيعوا تحملها لا في الداخل ولا في الخارج، داعياً الى «تحويل يوم الانتخابات الى يوم للاستفتاء الوطني على ثوابت المقاومة والتنمية والوحدة».
وما أن أنهى بري كلمته، حتى أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على اللبنانيين في خطاب ثانٍ في أقلّ من 24 ساعة، وأطلق سلسلة مواقف بارزة وهامة تتلاقى وتتكامل مع المواقف التي أدلى بها رئيس المجلس النيابي، ما يؤشر الى تنسيق واضح بين بري ونصرالله وبين قيادتي حركة أمل وحزب الله.
وشدّد السيد نصرالله على أن اللبنانيين اليوم بين خيار من يريد لبنان سيداً في المنطقة ومن يريده متسكعاً على أبواب سفارة هنا أو خيمة هناك. داعياً الى استثمار الثروة النفطية في المياه الإقليمية اللبنانية لإنقاذ لبنان من الفقر والجوع والتسوّل، وعدم انتظار مفاوضات ترسيم الحدود ولا أموال صندوق النقد الدولي، مؤكداً أن المقاومة ستمنع «اسرائيل» من التنقيب في المنطقة المتنازع عليها إذا منعت لبنان من التنقيب في مياهه الإقليمية، محذراً من أن المقاومة قد ترسل مسيّرات فوق الشركة التي ستنقب عن النفط على الحدود. كما دعا نصرالله النواب في المجلس النيابي الجديد الى إقرار قانون يحمي ويحفظ حقوق المودعين.
وفي كلمةٍ له خلال المهرجان الانتخابي في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال نصر الله إنّ «الحضور الجماهيري اليوم وبالأمس رسالة لكل المراهنين على انقلاب بيئة المقاومة عليها»، مضيفاً: «تصويت المغتربين في الخارج للوائح المقاومة تعبير عن شجاعة وإخلاص».
وكشف أنّ بعد خطاب يوم القدس العالمي أبلغت من قنوات دبلوماسية رسالة تقول إنّ الإسرائيليين يؤكدون عدم رغبتهم بالقيام بأيّ عمل ضد لبنان، مضيفاً: «استنفارنا وجهوزيتنا سيبقيان قائمين إلى حين انتهاء المناورات الإسرائيلية، وكذلك الأمر بالنسبة للمقاومة الفلسطينية». وأشار نصر الله إلى أنّ «كل ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري يعبّر عن أفكار ومضامين الثنائي الوطني».
أوضح أنّ «وجود الدولة مهم وأساسي، لأن البديل عنها هو الفوضى»، مؤكداً أنّنا «لا نطرح أنفسنا دولة إلى جانب الدولة ولا أحد يستطيع ان يكون بديلاً عنها في كل المجالات». ولفت إلى أنّه «حتى في موضوع المقاومة لا نطرح أنفسنا بديلاً عن الدولة لهذا نتحدث دائماً عن الجيش والشعب والمقاومة»، مردفاً أنّه «لدينا دولة قائمة بمؤسساتها وما نحتاجه هو معالجة ما تعاني منه من مشاكل وعيوب من خلال الإصلاح».
وبين أنّ «أموال الدولة هي ملك لكل الشعب ويجب أن تصل من خلال المشاريع العادلة والإنمائية إليه». وأكد أن «الدولة العادلة هي الدولة القادرة على حماية سيادتها وثرواتها من أي عدوان أو تسلط أو هيمنة او انتقاص». وأوضح أن «الدولة العادلة هي الدولة التي لا تلقي بأعباء التحرير أو أعباء الحماية على شعبها»، مشدداً على أن «مسؤولية بناء الدولة العادلة هي مسؤولية الجميع ومن يدّعي أنه يستطيع القيام بذلك وحده ليس صادقاً». وشدد على أنّ «حزب الله مصمم على الحضور بفعالية وجدية ومسؤولية في الدولة»، لافتاً أنّه «لا أحد يتوقع عندما نقول إننا بتنا جزءاً من الدولة والنظام أن تحلّ كل المشاكل».
وقال نصر الله إنّ «عدم الانفتاح على الشرق مراعاة لأميركا لن يجعلنا نتقدم إلى أي مكان»، معلناً أنّه «لدينا كنز في البحر فيما الشعب اللبناني يعاني البطالة والغلاء والجوع». وتساءل: «لماذا لا نخرج كنزنا من البحر وهل يمنعنا من ذلك الخوف من الأميركيين؟»، مضيفاً: «ما الذي تستطيع أميركا فعله أكثر مما فعلت من حصار وتجويع ودفع «إسرائيل» للاعتداء علينا؟».
وشدد على أنّه «من حق لبنان التنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة المتنازع عليها كما يفعل العدو»، مصرحاً أنّ لبنان ليس بلداً فقيراً ومفلساً ولا يجوز أن يحوّل السياسيون لبنان إلى بلد متسوّل و»شحاد» وذليل. وأوضح نصر الله أنّ «بلدنا غني وكنزنا موجود في البحر. وهذا ما تقوله المعطيات وما نحتاجه هو امتلاك جرأة التلزيم»، مضيفاً أنّه «إذا أراد العدو منعنا من التنقيب فإننا قادرون على منعه».
وأشار إلى أنّ «لبنان غني وقوي فلماذا نريد التحول إلى متسولين ونجلس على أعتاب الصندوق الدولي الذي يفرض علينا شروطاً مذلة؟».
وعن أموال المودعين في البنوك اللبنانية قال نصر الله إنّه «يجب الحفاظ على حق المودعين لأن هناك في البلد من يريد شطب جزء من هذا الحق». وأضاف: «ما يحفظ حقوق المودعين هو توقيع النواب الجدد على مشروع القانون الذي تقدمت به كتلة الوفاء للمقاومة»، محملاً «المسؤولية الأولى عن خسارة أموال المودعين للمصارف التي حصّلت أرباحاً هائلة من خلال السياسات المالية التي كانت قائمة».
وتوجه للبنانيين بالقول: «أنتم اليوم بين خيار فريق يصرّ على السلم الأهلي وفريق يعرض خدماته للعالم ويطلق النار ويقتل في وضح النهار وأنتم اليوم بين خيارين بين من يوظّف علاقاته الخارجيّة ليكون لبنان قوياً وبين فريق يأتي بالمال من الخارج لزيادة أرصدته».
وأضاف: «أنتم اليوم بين فريق يتحمّل المسؤولية وآخر يستقيل ويتهرّب ويتبرأ من المسؤولية رغم أنه شريك في كل ما فعلته المنظومة»، وتابع: «أنتم اليوم بين خيار من يريد لبنان سيداً في المنطقة ومن يريده متسكعاً على أبواب سفارة هنا أو خيمة هناك».
وبعد انتهاء خطاب السيد نصرالله، خرج رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بخطاب انتخابي الى جمهوره في دائرة المتن، وشن هجوماً عنيفاً وواسعاً على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وعلى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.
واعتبر باسيل أن «الأحزاب والثورة اجتمعا من أجل شن حرب إلغاء انتخابية على التيار» وقال: «نحن كتبنا قبل الانهيار وبعده ما ينبغي أن يعمل، لكن أنتم يا أحزاب النكد السياسي وثورة الشتائم، ما هو برنامجكم؟ لم تكتبوا فكرة، ولم تطرحوا حلاً، وكلما قدمنا اقتراحا ترفضونه. وكلما سألناكم ما هو البديل، تقولون سنرى بعد الانتخابات».
وسأل: «هذه الانتخابات تمس وجودكم ومصيركم أيها اللبنانيون وليس وجود التيار فحسب، لأنه سيطرح فيها من سيمثلكم في المؤسسات، من سيمثلكم على طاولة الحوار، مَن سيمثلكم في أخذ القرار؟ مَن يقدر على مواجهة أكبر دولة في العالم إذا أرادت أن تلغينا من بلدنا، ومع أكثر شخص في لبنان يخشى الجميع مواجهته اذا أراد إلغاء دورنا؟ مَن سيحصل لكم حقوقكم السياسية أو المالية؟ ويقاتل الكل ليعيد لكم أموالكم كما أعاد لكم حقوقكم السياسية؟ وأعاد لكم تمثليكم في الحكومة وفي مجلس النواب وفي رئاسة الجمهورية وفي الإدارة والاقتصاد؟ مَن سيمثلكم على طاولة القرار ليحفظ لكم دورا وبلدا؟ مَن؟».
واعتبر ان «الانتخابات معركة شخصية لكل واحد من التيار، ليس دفاعاً عن أشخاص معينين، بل دفاع لكل فرد عن شخصه وعن نفسه، عن تاريخه، عن أفكاره، عن كرامته، عن التعرض له ورفضاً لمحاولة سحقه وحذفه. وحتى كل فرد في التيار بأن يقوم في 15 أيار بالدفاع عن نفسه وعن وجوده، فينبغي أن لا يلازم أحد بيته حتى لا يساهم بذلك بنجاح مخططهم».
وأردف: «سبحان الله كيف أنهم اجتمعوا كلهم، وإن بلوائح مختلفة، وكيف اجتمعوا في بلاد الانتشار علينا، ويحاولون الاستقواء علينا في البلاد التي هم فيها، ليتنمّروا علينا. أنتم تريدون أن تبنوا البلد بالحقد والتنمّر على الأوادم والسياديين الفعليين، يا سياديي القطعة والمناسبة؟».
وتتجه الأنظار الى الشارع السني المنقسم بين الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل وبين دار الفتوى والرئيس فؤاد السنيورة، ووسط تساؤلات حول خيارات هذا الشارع نحو الالتزام بقرار الحريري بمقاطعة الانتخابات، أو الاستجابة للفتوى الدينية لدار الفتوى والاقتراع بعد ضغوط سعودية على المفتي عبد اللطيف دريان لإصدار تعميم للمساجد لدعوة المواطنين للاقتراع وفق مصادر مطلعة على الواقع السني لـ«البناء»، والتي شددت على أن دار الفتوى تعرضت لضغوط وطلبات مباشرة من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري باستخدام ثقل ومَوْنة وتأثير دار الإفتاء السني لحث الناخبين السنة على الاقتراع بكثافة، وذلك بعدما وصلت أصداء التقارير والدراسات والإحصاءات الانتخابية تكشف وجود خطر على اللوائح المدعومة من السعودية. إلا أن الحريري رفض مطلباً سعودياً عبر الإمارات بتوجيه دعوة مباشرة للشارع المستقبلي والسني عموماً للاقتراع، ما دفع السعودية للجوء الى دار الفتوى للعب هذا الدور وتأدية هذه المهمة.
وانعكست هذه الضغوط، بتعميم أصدرته المديرية العامة للأوقاف الإسلامية بتوجيه من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على أئمة وخطباء المساجد في لبنان «لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة، وحث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية».
وتوقفت أوساط سياسية عبر «البناء» عند الحركة الانتخابية والسياسية النشطة للسفير السعودي في لبنان وجولاته المكثفة على المناطق والدوائر واللقاءات الشعبية التي ينظمها، في محاولة لاستخدام تأثير السعودية الديني والسياسي والمالي لتجييره لصالح الاقتراع للوائح المدعومة من المملكة لا سيما لوائح القوات اللبنانية والسنيورة وحزب الكتائب وبعض تجمّعات المجتمع المدني، ما يعد تدخلاً فاضحاً بالعملية الانتخابية وبالشؤون الداخلية اللبنانية، وبالتالي انتهاكاً للقوانين والأصول الدبلوماسية. متسائلة عن دور الحكومة ووزارتي الخارجية والداخلية وهيئة الإشراف على الانتخابات إزاء هذا الخرق الفاضح لا سيما الإنفاق المالي الذي يحصل في مناطق عدة».
وفي سياق ذلك، كشف رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ «ثمة تقارير وردت إليه عن لجوء بعض المرشحين الى استخدام المال الانتخابي، الامر الذي يستوجب تدخل هيئة الإشراف على الانتخابات والجهات القضائية المختصة، لمنع استمرار هذه التصرفات التي يمكن ان تؤثر سلباً على خيارات الناخبين».
وفي أول موقف أميركي منذ فترة طويلة حيال الانتخابات النيابية اللبنانية، أشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد براس، إلى «أننا نريد أن نرى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في لبنان، ومن الواضح أن هذه الانتخابات ستبلغ ذروتها في 15 أيار»، وأعرب عن أمله في «تشكيل حكومة ممثلة للشعب اللبناني بعد الانتخابات بوقت قصير»، وأردف أن «عدم الاستقرار الحكومي كان دافعًا رئيسيًا لكثير من المحن التي عانى منها الشعب اللبناني». وذكر في حديثٍ تلفزيوني «أننا نواصل العمل مع الشعب اللبناني، ومن الواضح أن صندوق النقد الدولي يتفاوض مع الحكومة اللبنانية، وسنفعل ما في وسعنا لتقليل بعض العبء الإنساني الذي ألقته سنوات من عدم الاستقرار والفساد على الشعب اللبناني».
في غضون ذلك، أشار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب في مؤتمر «دعم مستقبل سورية والمنطقة»، في العاصمة البلجيكية بروكسل، في دورته السادسة أن «تكاليف النزوح على لبنان بلغت حوالي 3 مليارات دولار سنوياً اي 33 مليار دولار خلال 11 سنة كما ان هناك ارتفاعاً في مستوى البطالة ووضع البنى التحتية الى أسوأ ونسب الجريمة ترتفع وأكثر من الثلث من المسجونين في السجون اللبنانية هم سوريون وعدد الاطفال السوريين الذين يولدون في لبنان أكثر من اللبنانيين. اضافة الى ذلك نتج عن وجود النازحين السوريين خلل في التوازن الديمغرافي في لبنان وبحسب الدراسة أكثر من 75 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر».
وأوضح بوحبيب «ان معظم النازحين السوريين ليسوا نازحين سياسيين بل اقتصاديون وأن الوضع الاقتصادي والأمني حالياً في سورية أفضل من لبنان وقد تم إصدار مؤخراً مراسيم عفو للفارين ولمعظم الذين غادروا خلال الحرب وهنالك جهوزية من خلال المفاوضات لحل مسألة الذين بقوا في سورية»، لافتاً الى أن «العديد من النازحين السوريين يزورون قراهم باستمرار وصوتوا في الانتخابات الرئاسية السورية في سفارة سورية في لبنان وهم يقصدونها من أجل معاملاتهم وتقريباً جميعهم يرسلون المال الى اقاربهم بحيث يعود المال الذي يعطى لهم في لبنان بطريقة او اخرى الى سورية».
وفي الذكرى الرابعة عشرة لمجزرة حلبا، لفتت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أنّ «مجزرة حلبا، هي واحدة من المجازر الموصوفة ضد الإنسانية، ففعل مرتكبيها لم يقتصر على القتل وحسب، بل تعداه إلى التمثيل بجثث شهداء المجزرة، للدلالة على غريزة الإجرام والإرهاب».
وأكدت «عزمنا وتصميمنا على متابعة ملف المجزرة على كل الصعد حتى خواتيمه وتحقيق العدالة بمعاقبة كل من خطط وساعد ونفذ». كما شددت على الاستمرار في مقاومة الاحتلال والإرهاب، وهذا خيار لن نتراجع عنه، مهما اشتدت الصعاب والتحديات، ومهما تكثفت الحملات المدفوعة لتشويه صورة مقاومتنا الظافرة.
وأكدت العمدة «أننا لن نتهاون مع ثقافة الإلغاء، فالحزب السوري القومي الاجتماعي متجذّر في عكار كما في كل لبنان، كما في كل الأمة هو حزب عصي على التطويع، قادر على المواجهة». ولفتت الى أنّ «مجزرة حلبا لن يطويها الزمن، ونعاهد شهداءنا الأبرار وعائلاتهم وجميع القوميين بأننا لن نستكين حتى إحقاق الحق والعدالة».
الاخبار
أولويّة المقاومة: استخراج النفط والغاز من البحر
وزير المال يماطل في توقيع مرسوم غلاء المعيشة
لا يبدو أنّ كثيرين التقطوا من المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أول من أمس، من ملفّ النفط والغاز في البحر، البعد الذي يتجاوز منع العدو من العبث بحقوق لبنان. وقد كرّر نصر الله، أمس، الحديث عن الملف من زاوية أنه يفترض أن يكون عنواناً رئيسياً في الإدارة العامة لقدرات لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية. وهو كلام لاقاه فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي شدّد على «أننا لن نفرّط بحقّنا ودمنا تحت أيّ ضغط وتهديد». ما يحتاج الى متابعة هو أن موقف حزب الله وحركة أمل يتّخذ بعداً جديداً يقوم على وضع استراتيجية، يجري النقاش حولها مع الحلفاء في الحكومة الحالية ومع الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، حول ضرورة اعتبار مهمة التنقيب عن الغاز أولوية مركزية في المرحلة المقبلة، ضمن سياق يستهدف السير في مشاريع لإنشاء معامل لتوليد الطاقة الكهربائية.
وقد كان نصر الله أمس أكثر وضوحاً في إشارته الى أنّ على لبنان العمل على إطلاق عمليات التنقيب لعدم الذهاب الى مزيد من الديون، وهو ما يندرج في إطار مقاربة جديدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة من جهة، وفي النقاش مع الجهات اللبنانية التي تستعجل بيع الأصول الرئيسية للدولة واستخدامها في سداد الديون.
الأمين العام لحزب الله كرّر التذكير بأنّ المقاومة ستكون حاضرة لحماية أيّ قرار لبناني باستقدام شركات عالمية للتنقيب، مجدّداً الحديث عن قدرة المقاومة على تحقيق توازن مع العدو يمنعه من أن يحول دون إطلاق يد لبنان في العمل أيضاً، مؤكّداً أن «ما نحتاج إليه هو امتلاك جرأة التلزيم، وإذا أراد العدو منعنا من التنقيب فإننا قادرون على منعه»، مع إشارة أكثر وضوحاً في بعدها التحذيري ليس الى العدو فقط، بل الى الشركات العالمية، عندما أكد أن في مقدور المقاومة البعث برسائل إلى الشركات نفسها وليس إلى العدوّ إن اقتضى الأمر.
تهديد سعودي لهاشمية لدعوة المستقبل إلى الاقتراع: الحريري نحو مؤتمر تأسيسي لـ «المستقبل»
لم يعُد الكلام عن رفض سعد الحريري الامتثال للأوامر السعودية مجرّد تحليلات. المسار الهجومي الذي تستكمِله الصحف السعودية ضده يؤّكد تمسّكه بمقاطعة الانتخابات ورفض دعوة أنصاره للمشاركة، فيما تؤكّده مصادر قريبة منه أنه «لن يأتي إلى لبنان قبلَ 15 أيار». ارتفاع وتيرة الهجوم يأتي قبلَ أيام قليلة من يوم الاقتراع، وفيما يسود الأوساط السنية على اختلافها انطباع واحد مفاده أن كل «التحشيد» الذي قامَ به السفير السعودي في بيروت وليد البخاري لم يُثمِر التجاوب المطلوب، إلى حدّ أن الرئيس فؤاد السنيورة، أكثر المستفيدين من الدعم السعودي على الساحة السنية مادياً ومعنوياً، يشكو والمرشحين على اللائحة المدعومة منه في دائرة «بيروت الثانية» من ضعف وضعيتهم الانتخابية. إذ إن «التحريّات» الانتخابية والشعبية كشفت أن التهويل بحزب الله والاجتماعات والمشاورات «فوقَ العادة، وعمليات الإقصاء وفرض التحالفات والتفاهمات الاضطرارية لم تستطِع أن تدفع الناخب السني إلى تجرّع مشروع السنيورة»، المتهّم في العاصمة بأنه «لا يصرف على حملته الانتخابية كما يجِب»، فضلاً عن نكرانه «جميل رفيق الحريري الذي لم يذكره في مقابلاته التلفزيونية».
هذه المعطيات جعلت من السنيورة والمقربين منه أخيراً يشعرون بخطر حقيقي، استلزَم «استدعاء» رئيس جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية أحمد هاشمية، أخيراً، إلى لقاء مع السنيورة. وعلمت «الأخبار» أن اللقاء حضره موظف أمني من السفارة السعودية في بيروت بلباس مدني، طلب من هاشمية، بتهديد مبطّن، دعوة الناس إلى المشاركة، فردّ الأخير بأن «هذا القرار عند الحريري». وعلمت «الأخبار» أن هاشمية وأحمد الحريري «غادرا البلد قبلَ أسبوع».
مصادر قريبة من الرئيس الحريري أكدت لـ «الأخبار» أنه «لن يأتي إلى لبنان، ولن يُلقي كلمة قبلَ الانتخابات»، وكشفت أنه ينوي الحضور بعدَ الانتخابات «لإطلاق مؤتمر تأسيسي جديد بعد حصر عدد من استقالوا من التيار وقرروا الانضمام إلى السنيورة والعمل في ماكينته الانتخابية، أو في ماكينات أخرى لمرشحين في بيروت مثل رئيس نادي الأنصار نبيل بدر أو فؤاد مخزومي».
غيرَ أن إعادة هيكلة «المستقبل» تنظيمياً دونها عقبات، وفقَ ما تقول مصادر في التيار، أشارت إلى «تجاوزات حصلت بعدَ إعلان الحريري تعليق العمل السياسي والانتخابي»، إذ واصل مقربون منه العمل بشكل سّري لدعم لوائح وأشخاص. وهؤلاء كانوا يطلبون من بعض المنسقين، بخاصة في الشمال، أن يكونوا جزءاً من ماكينات انتخابية، وفقَ ما قال أحد قياديي التيار سائلاً: «كيف سيتعامل الحريري مع هذه الحالة إذ كان بعض هؤلاء كُلّفوا مباشرة من أحمد الحريري الذي طلب من منسق في جبل لبنان تفعيل الماكينة الانتخابية لمصلحة المرشح مروان حمادة، كما تلقّى الطلب نفسه من اللواء عماد عثمان، لكنه رفض إلا إذا كانَ هناك توجيه مباشر من سعد الحريري، فيما التزم آخرون ما طٌلب منهم?».
من بين «الاجتهادات» التي قامَ بها هؤلاء، يذكر القيادي أنه «بعدَ عودة الأحمدين (الحريري وهاشمية) من زيارة سابقة إلى أبو ظبي، جرى التواصل مع النائب السابق مصطفى علوش وطلب منه تشكيل لائحة تضم كريم كبارة وسامي فتفت وعثمان علم الدين، إضافة إلى مرشحتين من آل منقارة وآل غندورة»، لكن «أحمد الحريري عمل بالتنسيق مع فتفت على إخراج علم الدين من اللائحة، واستبعاد هيثم المبيض لقربه من الرئيس الحريري»، كما يترّدد أنه «حاول التواصل مع المرشح عمر حرفوش لتحقيق مكاسب مادية منه»، قبلَ أن يطلب منه الرئيس الحريري الابتعاد بعد انتشار رائحة السمسرة الانتخابية.
المصرفيون الجدد قادة «الثورة» ضد «المنظومة» | «كلّنا إرادة»: البحث عن رياض سلامة جديد
تصف «كلّنا إرادة» نفسها بأنها منظّمة ملتزمة بالإصلاح السياسي، تسعى إلى إقصاء الأحزاب السياسية اللبنانية التقليدية، وتصوّر لبنان «مدنياً لامركزياً وحديثاً» يعتمد على «اقتصاد ليبرالي يقوده القطاع الخاص ويتمتع بتوجه عالمي قوي».
«الإصلاح» مطلب مستمر، مع ضبابية ما ينطوي عليه هذا المطلب. ومع ذلك، تنحاز «كلّنا إرادة»، في إطار سياساتها ومهامها، إلى مطالب ومعايير الإصلاح التي يقودها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وممثلو المجتمع المدني في «المجتمع الدولي»، حيث تطالب المؤسسات المالية الدولية بحكم يقوم على أساس «الحوكمة الرشيدة».
وقد سبقت مؤسسة «المديرين التنفيذيين الماليين الدوليين اللبنانيين» (LIFE) «كلّنا إرادة»، في لعب دور أساسي في تعزيز نفوذ جيل جديد من المصرفيين اللبنانيين في الخارج كبديل عن القادة السياسيين في الداخل.
(LIFE) منظّمة لها أعضاء وامتداد عالمي من المصرفيين اللبنانيين تهدف إلى «توجيه تأثيرهم» في المجالات المتعلقة بالتمويل، فضلاً عن ممثليها في العواصم المالية الرئيسة في أنحاء العالم، بما في ذلك أستراليا وكندا وفرنسا وهونغ كونغ وسنغافورة وسويسرا والإمارات وبريطانيا وأميركا. تأسّست عام 2009، ولعب المحامي كميل أبو سليمان، المقيم في الولايات المتحدة والذي اختارته القوات اللبنانية مطلع عام 2019 لتمثيلها في الحكومة وزيراً للعمل، دوراً رئيسياً في تأسيسها. عضو آخر في LIFE هو جو عيسى الخوري، والد مروان عيسى الخوري. مروان هو ابن شقيقة رياض ورجا سلامة ومحاميهما. عمل جو سابقاً في الفرع الفرنسي لشركة «ميريل لينش» وعُيّن مروان محامياً من قبل الأخوين سلامة في كانون الثاني 2012، وعضواً في مجلس إدارة الشركة القابضة العقارية (SI 2 SA) ومقرها جنيف، والتي كشف تحقيق سويسري أن سلامة استخدمها لغسل 300 مليون دولار لشراء عقارات في جنيف. ويضم مجلس إدارة (LIFE) أيضاً ريما معوض، ابنة الرئيس السابق رينيه معوض، ووهبي تماري، رئيس مجلس إدارة البنك العربي ونجل عبد الله تماري، الذي اشترى 14 في المئة من أسهم (Intra) عام 2013، وهي شركة استثمارية تخضع لإشراف مصرف لبنان ورياض سلامة. يخوض كلّ من ميشال معوض (شقيق ريما) وزوجة وهبي، بولا يعقوبيان، الانتخابات المقبلة.
وليست LIFE السلف المباشر لـ«كلّنا إرادة». فالأخيرة التي تأسّست عام 2017، تضم عدداً من أعضاء (LIFE) في مجلس إدارتها. وليد شمّاس، الرئيس التنفيذي للموجودات الرأسمالية، عضو في «المجلس العالمي» لـ«كلّنا إرادة». خليل برّاج، المستثمر في مجموعة (Invus) في نيويورك، عُيّن رئيساً لمجموعة «نحو الوطن» وهو أيضاً عضو في «كلّنا إرادة». حبيب كيروز، عضو مجلس إدارة سابق في (LIFE)، ومصرفي استثماري في (Rho Capital)، هو أحد أعضاء المجلس التنفيذي في «كلّنا إرادة». وفراس أبي ناصيف، الشريك الإداري في (Telios Capital)، وهو صندوق تحوط مقره سويسرا تزيد أصوله على مليار دولار والمدير السابق لـ (Vision Capital) ومقرّه نيويورك، مع أكثر من مليار دولار من الأصول، عضو في مجلس إدارة كلّ من (LIFE) و«كلّنا إرادة».
أجرى صندوق النقد الدولي مطلع عام 2020 نقاشات في «معهد كارنيغي» في بيروت مع عامر بساط، مدير صندوق التحوط (Blackrock)، وشارك فيها أيضاً كميل أبو سليمان. ومن الأهداف التي حدّدها بساط للمؤسسة تسهيل استمرارية تحويلات الاستثمارات الخاصة إلى لبنان، باعتماد الإصلاحات الهيكلية (الخصخصة الشرسة)، والإلغاء التدريجي لدعم الدولة، و«الانضباط المالي». وقد طالبت (LIFE) بإنهاء دعم شركة كهرباء لبنان منذ عام 2017.
يضم مجلس إدارة «كلّنا إرادة» مستثمرين من عدد من صناديق التحوط أو المصارف، أبرزها:
– Blackrock: أكبر شركة لإدارة الأصول وواحدة من أكثر الشركات المالية في العالم تأثيراً، تجمع ثروتها من محاربة الأنظمة الحكومية في جميع أنحاء العالم، وإقامة علاقات المصلحة، وإيقاع الدول في شرك الديون عبر ابتلاع أموال المشاريع الاستثمارية في محافظها الاستثمارية. أربعة من كبار موظفي (BlackRock) الحاليين أو السابقين يتوزعون على فريق «كلّنا إرادة» التنفيذي ومجلسها العالمي ومجلس إدارتها. عامر بساط، مستشار صندوق النقد الدولي السابق والمفاوض الاقتصادي، يلعب دوراً استشارياً هاماً في مجلس إدارة المنظمة ويشغل حالياً منصب رئيس الأسواق السيادية والناشئة في (Blackrock). جورج بيطار كان رئيساً مشاركاً سابقاً لقسم الأسهم الخاصة العالمية في (BlackRock) قبل أن يشارك في تأسيس شركة (Merrill Lynch Global Private Equity) ويترأسها. مي نصر الله، الرئيسة السابقة للخدمات المصرفية الاستثمارية في «ميريل لينش»، عينت مستشاراً أول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة Blackrock في تشرين الأول 2020. وسام كيروز، يعمل في «مورغن ستانلي» منذ عام 2009، بدأ مسيرته المهنية في إدارة الأصول ذات الدخل الثابت في (BlackRock) لأربع سنوات.
– Booz & Co / Booz Allen Hamilton: شغل ثلاثة أعضاء من «كلّنا إرادة» مناصب رفيعة المستوى أو إدارية في (Booz Allen Hamilton) أو الشركات التابعة لها؛ من بين هؤلاء، ديانا منعم، المديرة التنفيذية، التي قدمت المشورة للشركة بشأن السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعبدو جورج قديفة من «المجلس العالمي»، وبول نجار من مجلس الإدارة، الذي عمل في (&Strategy)، الاسم الأحدث لشركة (Booz)، لمدة 7 سنوات.
– Merril Lynch: ينحدر بعض أعضاء «كلّنا إرادة» أيضاً من «ميريل لينش»، البنك الذي جاء منه رياض سلامة في فرنسا قبل أن يصبح حاكماً للبنك المركزي عام 1993. بول روفاييل، المدير التنفيذي في «ميريل لينش» من 1994 إلى 2004 لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. جورج بيطار، العضو في مجلس إدارة «كلّنا إرادة»، أسّس وترأس شركة «ميريل لينش» العالمية من 1994 إلى 2009 قبل الانضمام إلى (Blackrock). وسام كيروز، العضو في «المجلس العالمي»، هو المدير الإداري السابق في مجموعة التمويل العالمية للرافعة المالية التابعة لـ «ميريل لينش». وغابي عبد النور من مجلس «كلّنا إرادة» العالمي الذي عمل في الفرع الآسيوي لـ «ميريل لينش» في هونغ كونغ وسنغافورة، وكان موضوع تحقيق دولي في ممارسات التوظيف الفاسدة في هذا الفرع في عام 2012.
يمثل الأعضاء الآخرون في «كلّنا إرادة» شركات الاستثمار الرأسمالي مثل (Rho Capital) و (Gulf Investment Corporation) و(Morgan Stanley) و (JP Morgan) و(Bain Capital) و(Bank Audi) و(Credit Suisse) وغيرها الكثير، مع أكثر من نصف أعضاء مجلسها العالمي، والقيادة التنفيذية، ومجلس الإدارة من مصرفيين استثماريين رائدين في هذه الشركات.
في لبنان، اشترت صناديق التحوط ما يقدّر بنحو 2.1 مليار دولار من السندات المالية في لبنان (أو الودائع). ويشمل المتاجرون بالانهيار صناديق التحوط الدولية العملاقة مثل Amundi و Ashmore و BlackRock و BlueBay و Fidelity و T-Rowe Price بالإضافة إلى صناديق التحوط الأصغر، والتي تمتلك حوالي 40 في المئة من سندات لبنان، بينما تحتفظ بالحصة الباقية البنوك التجارية اللبنانية.
يضم مجلس إدارة (LIFE) ريما رينيه معوض ووهبي تماري زوج بولا يعقوبيان
تعكس مقترحات سياسة «كلّنا إرادة»، بالتوازي مع خلفية قاعدة عضويتها التنفيذية المصرفية الرفيعة المستوى، السياسات والخطط المفروضة من الخارج من أجل «الإصلاح» الذي وافق عليه صندوق النقد الدولي، والذي يرتكز على استعادة جاذبية لبنان للمستثمرين الدوليين في اقتصاد ريعي غير منتج. وتقترح المنظمة، في رسالتها المفتوحة إلى صندوق النقد الدولي، مطالب تهدف إلى حماية القطاع المصرفي، ودعم الحوافز للبنوك وإسناد «عملية إعادة الهيكلة» إلى «سلطة مستقلة» لم تسمها. كما أنّ التوصية بأن تقوم 3 إلى 5 شركات للقانون الدولي والاستشارات المالية بتسهيل عملية إعادة هيكلة الديون، يقع في السياق المصرفي الاستثماري نفسه لخلفية معظم قياداتها وأعضائها. دعمت «كلّنا إرادة» خطة (Lazard)، وطلبت في الحال عروض RFP من شركات القانون المالي والاستثمار التي تم التعاقد معها لتنفيذ عملية الإصلاح. انتقل كميل أبو سليمان، من (Dechert LLP)، أحد مكاتب المحاماة الذي يتخذ من لندن مقراً له ويتنافس على المقترحات، لترؤس مشاورات الحكومة اللبنانية وحكومة دياب الجديدة في ذلك الوقت. بالإضافة إلى فرانسوا خياط، المدير الإداري لشركة (Lazard Paris) وعضو مجلس إدارة (LIFE).
مع امتناع كبرى شركات إدارة الأصول في العالم عن التفاوض على صفقة لإعادة هيكلة الديون مع لبنان، تعمل «كلّنا إرادة»، التي تمثل البعد المالي الدولي، كوسيط رئيسي لهذه الصفقات – بهدف إزاحة «النخب» المحلية في الحكومة بسرعة كافية لنقل السلطة إلى النخب المالية الأجنبية في أرفع المؤسسات المالية الدولية.
5 سنوات من الإرادة
تقدّم «كلّنا إرادة» نفسها على أنها مجموعة ضغط (لوبي) غير منحازة وغير حزبية. وتلزم المنظمة أعضاءها بعدم الترشح للانتخابات أو المشاركة في أيّ استدراج عام للعروض بما يتضارب مع مصالح المنظمة ومهمتها، وفقاً لنظامها الداخلي. مع ذلك، تلعب «كلّنا إرادة»، بمجلس إدارتها الذي يهيمن عليه مديرو صناديق التحوط والمصرفيون الاستثماريون، دوراً فاعلاً في محاولة التأثير في مجريات الانتخابات اللبنانية والدفع إلى نتائج لمصلحة تيار جديد مؤيد للغرب.
تسعى «كلّنا إرادة» إلى تمكين لبنان من تمرير «الإصلاحات» الاقتصادية من خلال التشجيع والضغط لإعادة هيكلة الديون، وإعادة هيكلة النظام المصرفي، وسياسات مالية ونقدية تهدف إلى توحيد أسعار الصرف، وهي سياسات تتماشى مع مطالب صندوق النقد الدولي.
ورغم النأي بنفسها عن اعتبارها جماعة سياسية، إلاّ أنّ عمل «كلّنا إرادة» يهدف إلى دعم مرشحي المعارضة في الانتخابات النيابية المقبلة التي تحدثت عنها ديانا منعم، المديرة التنفيذية للمجموعة منذ نيسان 2021 ، لـ«الأخبار» على أنّه يمكن اعتبارها «محطة» في مسار تغيير البيئة السياسية في لبنان.
تعمل «كلّنا إرادة» مع كل الائتلافات والأحزاب في المجتمع المدني الذي يقود المعارضة. وفي الانتخابات النيابية الأخيرة، تحالفت مع «الكتلة الوطنية»، بالإضافة إلى دعمها للعديد من اللوائح الكتائبية. عام 2017، رسخت «كلّنا إرادة» نفسها كمنصة معنية بالسياسة والانتخابات، وذلك بعد الإعلان عن إطلاقها عام 2016، وهو العام الذي كان فيه بعض نواب 14 آذار السابقين يخرجون من الباب الدوار للسياسات الحزبية لدخول معترك المجتمع المدني والشركات الاستشارية والتسويقية لإعادة تقديم التيار المناهض لـ 8 آذار والمؤيد للغرب على أنه حراك شعبي في أعقاب حركة «طلعت ريحتكم». من أبرز الأعضاء المؤسسين، الراحل رمزي نجار، مؤسس فرع المشرق العربي في شركة (Saatchi & Saatchi) للإعلانات ومقرها لندن، ومالك شركة (S2C) للإعلان والإعلام، حيث قام بصياغة الخطاب الإعلامي والدعائي لمقترحات وعروض «الثورة»، واستنساخ الدور الذي لعبه هو وشركاته الإعلانية، جنباً إلى جنب مع (Quantum Communications)، في تسويق «ثورة الأرز» عام 2005.
روّجت «كلّنا إرادة» للخطاب الذي يدعو إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل حكومة إنقاذ تكنوقراطية «مستقلة عن النظام السياسي والاقتصادي الحاكم منذ انتهاء حرب (1975-1990)، لتولي مسؤولية الفترة الانتقالية»، كما ورد في بيانٍ صادرٍ عنها في تشرين الثاني 2019.
«كلّنا إرادة» هي المنظمة الوحيدة من المجتمع المدني التي تمت دعوتها إلى محادثات مؤتمر «سيدر» لعام 2018، ربما بسبب خلفية العديد من أعضائها المصرفيين الدوليين والمستشارين القادمين من مؤسسات مالية دولية كبرى. كما تم اختيارها مرة أخرى للتوسط لفكرة حكومة انتقالية مع المبعوث الفرنسي كريستوف فارنو في 11 كانون الأول 2019. وفي اليوم نفسه، استضافت باريس اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان (ISGL)، الذي حضره بعض أعضاء «كلّنا إرادة» التي طالبت بتشكيل حكومة لبنانية جديدة من أجل تحرير 11 مليار دولار من أموال «سيدر» كمساعدات. بعد انفجار المرفأ، عُيّنت «كلّنا إرادة»، إلى جانب جمعية الشفافية اللبنانية (LTA) ومؤسسة «مهارات»، في هيئة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي وخطة البنك الدولي الإصلاحية (3RF)، وهي وسيلة أخرى للإصلاحات السريعة من أجل الحصول على المساعدات.
بالإضافة إلى الدولة المدنية، تنادي «كلّنا إرادة» بلبنان «ذي سيادة»، مما يعني أن «الدولة يجب أن تكون لها السلطة الوحيدة على الدفاع». تتمسك «كلّنا إرادة» بهذا الموقف مؤكدة على «الحياد»، مشيرة إلى أن «السيادة لا يمكن أن تكون جزئية ولا يمكن التسامح مع أي وجود عسكري خارج القوات المسلحة الشرعية». كما لوحظ أن بعض مسؤولي «كلّنا إرادة» روجوا في الاجتماعات والجلسات الداخلية لفكرة تسمية نواف سلام رئيساً لحكومة انتقالية مستقلة. تم اقتراح سلام كرئيس محتمل وسط مداولات لاختيار رئيس وزراء جديد أواخر عام 2019 بعد استقالة الحريري وبعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.
وزير المال يماطل في توقيع مرسوم غلاء المعيشة
مضى أكثر من شهر ونصف الشهر على إقرار مجلس الوزراء تصحيح الأجور للقطاع الخاص، إنما حتى الآن لم يصدر المرسوم بعد بسبب امتناع غير مبرّر من وزير المال عن توقيعه. ورغم أن هذا المرسوم لا يغطّي تضخّم الأسعار وغلاء المعيشة المتسارع منذ مطلع 2020 لغاية اليوم، إلا أنه يأتي كتسوية هزيلة لتعويض العمال عما فقدوه من قدرة شرائية. هذه التسوية تمّت بين ممثلي أصحاب العمل والعمال وقضت بمنح العمال زيادة مقطوعة وهشّة بقيمة مليون و325 ألف ليرة على الأجور لغاية سقف 4 ملايين ليرة بعد تجاهل المؤشر التراكمي لتضخّم الأسعار في الفترة ما بين مطلع 2020 ولغاية مطلع 2022 والذي سجّل 800%.
يبدو كأن أرباب العمل يحاولون الالتفاف على التسوية من خلال «مونتهم» على وزير المال يوسف الخليل سواء بما يمثّله سياسياً أو بما يمثّله وظيفياً حين كان مديراً للعمليات في مصرف لبنان. فالوزير لم يوقع بعد مشروع المرسوم الرامي إلى تعيين بدل غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل. وبحسب وزير العمل مصطفى بيرم، فإن المراجعات التي تمّت مع وزير المال لم تفض إلى نتيجة بعد. بيرم قال لـ«الأخبار»، إنه يحاول معرفة أسباب التأخير «أول من أمس حاولت التواصل مع وزير المال لكن ما من جواب». وحول المخاوف من نيات مبيتة لتطيير الاتفاق وتطيير المرسوم، يؤكّد بيرم أن «وزير المال وعدني من أسبوع بأنه سيوقع المرسوم، وأن القرار اتخذ ولا رجعة عنه، وسنسعى جاهدين لتمريره لو مهما كلف الأمر».
وكان مجلس الوزراء قد ترجم الاتفاق الحاصل في لجنة المؤشّر بين ممثلي أصحاب العمل والعمال برعاية وزير العمل وبحضور ممثلي إدارة الإحصاء المركزي والجامعة اللبنانية، إلى قرار صدر في 30 آذار بعنوان: «تعيين بدل غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل». يومها قالت وزارة العمل في الملف المرفوع إلى المجلس أن «الزيادة على الأجر الشهري ليست مثالية أو كافية لتغطية نفقات العامل، إلا أنها وإلى جانب ما جرى إقراره سابقاً من رفع قيمة المنحة التعليمية وبدل النقل اليومي وتحسّن التقديمات الصحية، تعدّ مرحلة وقتية تمهيداً لإجراء التصحيح على الرواتب ورفع الحدّ الأدنى للأجور بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والمالية فور استقرارهما».
وبحسب المعطيات المتوافرة، فإن صدور المرسوم لا ينقصه سوى التوقيع الثالث العائد لوزير المال، علماً بأن مشروع المرسوم ما زال في أدراج يوسف الخليل منذ أكثر من أسبوع والأمر لا يتطلب سوى توقيع أمر منته ومقرّ في مجلس الوزراء. لكن الخليل، كما يبدو، اختار الإمعان في إذلال العمال عبر المماطلة غير المبرّرة في التوقيع، مانحاً أصحاب العمل أملاً في تطيير الاتفاق الذي أجبرهم على التصريح عن الزيادة للضمان الاجتماعي وبالتالي استفادة العامل من تعويضات نهاية الخدمة واستفادة صندوق المرض والأمومة في الضمان من إيرادات إضافية. لكن السؤال المثار اليوم، ماذا سيحصل إذا امتنع الخليل عن التوقيع لما بعد انتهاء ولاية الحكومة وبدء مرحلة تصريف الإعمال ابتداء من 21 أيار الجاري بعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي.
على أي حال، يقول رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» كاسترو عبدالله إن «مماطلة وزير المالية ليست إلا ترجمة للتآمر القديم-الجديد بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، ويبدو أنهم اتفقوا ضمنياً على تطيير الاتفاق. فلو أرادوا تنفيذه لكانوا نفذوه منذ أكثر من شهر ونصف». المريب في الموضوع بالنسبة لعبدلله، وما يعزّز مخاوفه من وجود قطبة مخفية تحاك، هو أن «إقرار بدل غلاء المعيشة للمستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل لا يرتّب أي أعباء على الدولة كون من يتحمّل هذه الزيادة هو القطاع الخاص. أي إن توقيع وزير المال شكلي، لا أكثر ولا أقل. وأعتقد أن قرار تنييم مشروع المرسوم في الجارور ليس قراراً فردياً اتخذه الوزير بل هناك من طلب منه ذلك». ويلفت إلى أنه «في حال عدم توقيع الوزير ودخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال، قد يصعب إمضاء مشروع المرسوم لاحقاً لأنه قد يكون قابلاً للطعن. علماً بأنه من الناحية الفعليّة فإن قيمة البدل تتآكل يومياً منذ أن جرى الاتفاق بسبب الفروقات التي طاولت سعر صرف الدولار والتضخّم الذي رافقه، وآخر تجلياته ارتفاع سعر صفيحة البنزين يوم أمس 23 ألف ليرة»