البناء
ميقاتي يتجاوز التكليف نحو التأليف دون منافسة… والعقبة الرئيسيّة التفاهم مع رئيس الجمهوريّة
مشروع حكومة موديل 2021 معدّل بـ 6 وزراء موديل 2022 قيد الإعداد خلال أيام
حردان: الصين قوة اقتصاديّة كبرى لضمان الاستقرار… وفرصة الشعوب للتحرّر من الضغوط
معركة تسمية رئيس الحكومة الجديدة انتهت بعودة الرئيس نجيب ميقاتي جامعاً للقب الرئيس المكلف مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، بعدما بات الأمر محسوماً منذ أعلنت القوات اللبنانية عزوفها عن التسمية لصالح السفير السابق نواف سلام، وانقسام نواب التغيير الـ 13 حول تسمية سلام، ونزوح نائبين ممن فازوا تحت عنوان التغيير هما نعمت فرام وجميل عبود نحو توزيع صوتيهما لصالح ميقاتي ولا أحد، وعجز دعاة التصويت لسلام عن التفاهم مع عدد من النواب المستقلين، بعدما حسم قدامى المستقبل التصويت لصالح ميقاتي، فصار اليوم المخصص للاستشارات النيابية مخصصاً لعدّ الأصوات، ومراقبة البيانات التي يدلي بها النواب، وما تحمله من إشارات سياسية، ومعلوم ان اختيار التصويت لـ “لا أحد” يشكل سياسياً تصويتاً ضمنياً لميقاتي، لأن تجميع أغلبية لصالح لا أحد لا تلغي تسمية ميقاتي، ولأن فوزه بالتسمية لا يحتاج نصاباً معيناً كحال رئيس الجمهورية، او رئيس مجلس النواب ونائبه في الدورتين الأولى والثانية، حيث يكفي أن ينال الاسم المعني بالتكليف أكثر من منافسيه المرشحين، بمعزل عن عدد الأصوات، والميثاقية لا تحسب في التوزيع الطائفي لعدد الأصوات الذي يجمعه الفائز، بل في المشاركة الجامعة في الاستشارات، ومثلها في سائر الانتخابات الرئاسية. المهم ميثاقياً هو المشاركة في نصاب الحاضرين من مختلف الطوائف، وليس توزع الأصوات خلال عملية التصويت، وإلا بات مستحيلا الحديث عن تنافس انتخابي، بخلاف عمليات التعيين سواء في الحكومة او في وظائف الفئة الأولى، حيث يمكن التحكم في حفظ التوازن في الاختيار، وحيث تكون الميثاقية مرهونة بهذا التوازن.
مع حسم تسمية ميقاتي وتسلمه كتاب التكليف، والكلام الصادر عنه حول مد الأيدي للتعاون، بدأ النقاش في فرص تشكيل حكومة جديدة، خصوصاً أن جدوى هذه الحكومة مشروطة بولادتها السريعة، فالوقت الفعلي لممارستها للحكم هو بالضبط أربعة شهور بدءاً من نهاية الشهر الحالي بعد أسبوع، والعمر السياسي للحكومة هو بين شهرين واربعة شهور، وفقاً لموعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية التي تبدأ بعد شهرين، والولادة السريعة للحكومة رهن التفاهم السريع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، حيث تحول عقد كثيرة دون اتفاقهما على نظرة موحدة لهذه الحكومة، وفقا للقراءة البسيطة التي يقدمها تصويت وموقف التيار الوطني الحر لغير صالح الرئيس ميقاتي.
مصادر الرئيس ميقاتي تتحدث عن ثقته بالقدرة على تذليل العقبات التي تعترض طريق التفاهم مع رئيس الجمهورية، وتقول إنه بدأ بإعداد لائحة تعديلات تطال ستة وزراء من الحكومة الحالية، مع الاحتفاظ بتمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي فيها، وأنه متفائل بإمكانية التوصل لتفاهم حولها مع رئيس الجمهورية.
سياسياً، أشاد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، بعد استقباله سفير الصين في لبنان، بمكانة الصين الدولية كقوة اقتصادية كبرى تسهم في ضمان الاستقرار العالمي، وبصفتها فرصة لتخفيف الضغوط الاقتصادية عن الشعوب.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان على عمق العلاقة بين القومي والحزب الشيوعي الصيني وبين لبنان وجمهورية الصين، مشدّداً على ضرورة أن تواصل الصين جهودها وخطواتها في مجال دعم لبنان واقتصاده.
موقف حردان جاء خلال استقباله سفير جمهورية الصين الشعبية في لبنان تشيان مينجيان بحضور نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، عميد الخارجية غسان غصن، عميد الإعلام معن حمية ومديرة دائرة السفارات سناء حبيب، حيث جرى خلال اللقاء عرض للأوضاع العامة والعلاقات المشتركة.
وأشار حردان الى أنّ الصين بما تمثل من قوة اقتصادية كبرى مؤهّلة لأن تلعب دوراً أساسياً في تثبيت الاستقرار العالمي وحماية الأمن والسلم الدوليين بما يساعد الشعوب على الحياة الكريمة والتحرّر من أعباء الضغوط الاقتصادية. وأعرب عن تقديره لمواقف الصين ووقوفها الى جانب لبنان وسورية ودعمها للمسألة الفلسطينية، مشدّداً على ضرورة تظهير دور الصين دعماً للبنان إعلامياً وسياسياً وعلى كلّ الصعد.
وبعد نهار طويل من الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا، كُلِف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بتأليف الحكومة الجديدة بـ54 صوتاً ورافعة كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، الى جانب كتلة نواب الـ13 وكتلة تيار المردة وعدد من النواب المستقلين، مقابل لا تسمية لكل من الكتلتين المسيحيتين الأساسيتين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، وتصويت كتلة اللقاء الديموقراطي للسفير السابق نواف سلام إضافة الى توزع أصوات نواب قوى التغيير على أسماء عدة.
ونال ميقاتي أكثرية ٥٤ صوتاً عُدّت الأدنى في تاريخ الرؤساء المكلفين في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، مقابل ٢٥ صوتاً للسفير نواف سلام و٣٠ لا أحد، وصوت للرئيس سعد الحريري وصوت للدكتورة روعة حلاب.
وبعد انتهاء الاستشارات، أطلع الرئيس عون الرئيس بري على نتائجها، ثم استُدعي ميقاتي الى بعبدا فانضم الى اجتماع عون وبري. وأعلن مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير، أن رئيس الجمهورية وبعد أن تشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعه على نتائج التسميات، استدعى نجيب ميقاتي ليكلفه بتشكيل حكومة.
وأشارت أوساط بعبدا لـ”البناء” إلى أن “الاستشارات النيابية أفرزت أكثرية عادية زكت الرئيس ميقاتي لتأليف الحكومة، ورئيس الجمهورية التزم بنتيجة الاستشارات بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وطبقّ النص الدستوري بحذافيره بمعزل عن الموقف السياسي من الرئيس ميقاتي الذي أبدى الاستعداد كما صرّح على تأليف حكومة حتى لو أخذ بعض الوزراء من الحكومة الحالية المنسجم معهم ويملكون ملفات أساسية وهامة في استكمال خطة الإنقاذ الاقتصادي”.
وشددت الأوساط على أنه “كما سبق وقال رئيس الجمهورية، فقد حصل الاستحقاق الدستوري على غرار ما حصل في استحقاق الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس المجلس النيابي ومكتبه، ما يعني أن الاستحقاقات تجري وفق الأجندة الدستورية من دون أية عرقلة أو حسابات سياسية وكذلك الأمر سيكون بالنسبة لتأليف الحكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وجاءت نتائج الاستشارات النيابية، وفق مصادر مطلعة لـ”البناء” استكمالاً وامتداداً لاستحقاقات سابقة لا سيما انتخاب رئيس للمجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس لجهة وجود أكثرية واضحة عمادها الأساسيّ أمل وحزب الله وقوى 8 آذار والنواب المتحدّرين من تيار المستقبل، وأثبتت هذه الأكثرية التي جاءت بالنائب الياس بوصعب نائباً لرئيس المجلس أنها أوصلت ميقاتي الى سدة التكليف من دون كتلتي التيار الوطني الحر واللقاء الديمقراطي وستكون المسهّل لتأليف الحكومة إن لم تبرز عقد من كتلة التيار الوطني الحر، كما أن هذه الأكثرية قادرة على منح الحكومة الثقة النيابية وتمرير قرارات أساسية في مجلس الوزراء الجديد إن تشكل، لكنها غير ثابتة في قضايا وملفات أخرى. كما يستطيع ثنائي أمل وحزب الله تكوين أكثرية أخرى مع التيار الوطني الحر أو مع الحزب الاشتراكي تتظهّر في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
كما كشفت الاستشارات مرة جديدة هزالة قوى المجتمع المدني وعجزها عن التوحّد على اسم للتكليف كما حصل في انتخابات رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب، وبالتالي من الصعب أن تكون كتلة واحدة في المجلس النيابي ما يعني أننا أمام عقدة تمثيل هذه القوى إن قررت المشاركة في الحكومة.
وعكس فوز ميقاتي المدعوم من الثنائي أمل وحزب الله وخسارة مرشح السعودية نواف سلام خسارة إضافية للمملكة ولفريقها في لبنان لا سيما القوات اللبنانية فيما كان رئيس الاشتراكيّ وليد جنبلاط أبرز الخاسرين والمحرجين، ما يعني بروز بوادر أزمة بين ميقاتي وجنبلاط خلال التأليف، رغم قول ميقاتي رداً على سؤال حول موقف جنبلاط بعدم المشاركة في الحكومة: “لا يمكنني تأليف حكومة بلا الدروز”. فضلاً عن أزمة ميثاقية مسيحية تجلت بمقاطعة أكبر كتلتين مسيحيتين لميقاتي وبالتالي هناك عقدة التمثيل المسيحي إن رفض التيار والقوات المشاركة في الحكومة.
وتوقعت المصادر أن تبرز عقد كثيرة في التأليف ما قد يؤخر ولادة الحكومة الى شهور ويسقط تكليف ميقاتي عند نهاية ولاية رئيس الجمهورية الحالي وندخل في فراغ رئاسي طويل بحكومة تصريف الأعمال الحالية.
وتتجه الأنظار الى مرحلة تأليف الحكومة في ظل سيناريوات عدة، إما يؤلف ميقاتي حكومة بأوسع توافق ممكن بين القوى السياسية لاستكمال خطط الحكومة الماضية وتدير مرحلة الفراغ الرئاسي المتوقع، وإما يبقى رئيساً مكلفاً حتى نهاية ولاية رئيس الجمهورية. ولم يعرف شكل الحكومة المقبلة، ومن المقترحات تشكيل حكومة جديدة شبيهة بالحكومة الحالية لكن مع إبقاء بعض الوزراء الذين يملكون ملفات من الضروري استكمالها، كنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي. ما يعني قطع الطريق على الخيار الذي يفضله عون وباسيل أي حكومة سياسية تتمثل فيها الكتل النيابية كافة. ويرفض ميقاتي وفق معلومات “البناء” إبقاء حكومة تصريف الأعمال مع تعديل وزاري.
وبعد تكليفه أعلن ميقاتي خلال كلمة “مدّ اليد إلى الجميع من دون استثناء، بإرادة وطنية طيبة وصادقة”. وأشار الى أننا “أمام تحدي الانهيار التام أو الإنقاذ التدريجي انطلاقاً من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر. وعلينا في أسرع وقت التعاون مع المجلس النيابي الكريم لإقرار المشاريع الإصلاحية المطلوبة قبل استكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لإنجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل”. واعتبر أنه “من دون الاتفاق مع صندوق النقد لن تكون فرص الإنقاذ التي ننشدها متاحة، فهو المعبر الأساس للإنقاذ، وهذا ما يعبّر عنه جميع أصدقاء لبنان الذين يبدون نية صادقة لمساعدتنا، كما أننا في صدد استكمال الخطوات الأساسية لحل معضلة الكهرباء التي تستنزف الخزينة وطاقات الناس، وندعو الجميع للانخراط في هذه الورشة بعيداً من الشروط والاعتبارات المسبقة والتجارب التي أثبتت فشلها في تعافي هذا القطاع”.
ودعا ميقاتي جميع القوى السياسية الى “لحظة مسؤولية تاريخية، لحظة نتعاون فيها جميعاً لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي بأقصى سرعة، وبثقة كاملة من المجلس النيابي الكريم لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة. دعوتي للجميع لملاقاتنا في هذه الورشة بكل إيجابية وروح بناءة. لتتضافر كل جهودنا ولنبحث عن كل اسباب تعزيز الشراكة الوطنية وحماية الاستقرار الوطني. لنتجاوز كل اسباب الانقسامات والرهانات التي دمرت مجتمعاتنا واقتصادنا وضربت مؤسساتنا”.
وكان ميقاتي أشار في تصريح تلفزيوني مساء أمس في مجال آخر الى أن “حزب الله يدعم قرار الحكومة اللبنانية وجوابه لم يكن سلبياً بخصوص ما قدمناه للوسيط الأميركي بخصوص الغاز، ونحن لا نريد حرباً وكل ما نريده هو استخراج الغاز من شرق المتوسط، ونحن قدمنا للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين عرضاً بخصوص الغاز شرقي المتوسط ولا يمكننا التراجع عما قدمناه”. وقال: “على الحكومة أن تكون ميثاقية ومهتم بأن تعبر حكومتي عن جميع أطياف المجتمع اللبناني”.
وفي ملف النازحين السوريين، رأى أنه “لا نستطيع الانتظار حتى انتهاء الأزمة في سورية لإعادة اللاجئين، وقرارات العفو الصادرة في سورية تساعد على عودة اللاجئين السوريين لديارهم، ونحن نعيش أزمة في لبنان ومضطرون لاتخاذ إجراءات بخصوص اللاجئين السوريين”.
وقال: “أبلغت وزير العدل بملاحقة حسن مرعي وحسين عنيسي فور أن يتبلّغ لبنان رسمياً بقرار المحكمة الخاصة بالتحقيق باغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري”.
كما كشف ميقاتي في حديث تلفزيوني آخر، “اننا تقدمنا أشواطاً في ملفي صندوق النقد والكهرباء والمطلوب حكومة فاعلة، وليس هناك شيء اسمه تعديل وزاري في الدستور خاصة أن هذه الحكومة هي حكومة تصريف اعمال”، لافتاً إلى “انني كنت مرتاحاً لأداء الحكومة الحالية لكن لا اسمي الامر تعديلاً وزارياً، بل تشكيلة جديدة قد نختار منها وزراء من الحكومة الحالية”.
وتمنى ميقاتي، تشكيل “حكومة ثم انتخاب رئيس جمهورية، وأن تأخذ كل المؤسسات دورها”، مشيراً إلى أن “الرئيس عون هو رئيس البلاد واحترامه، يبدأ مني أنا ولو كنت اريد “الكباش” مع الرئيس عون لكنت فعلت الامر في الحكومة الحالية”.
الى ذلك، يعقد ميقاتي، المشاورات النيابية غير الملزمة، بعد ظهر يومي الاثنين والثلاثاء في مجلس النواب. ويقوم بالجولة التقليدية على رؤساء الحكومة السابقين خلال اليومين المقبلين.
وكان يوم الاستشارات الطويل بدأ صباح أمس، حيث التقت الكتل النيابية والنواب المستقلون تباعاً رئيس الجمهورية في قصر بعبدا. وانتهت الجولة الصباحيّة من الاستشارات عند الثانية حصل بنتيجتها ميقاتي على 31 صوتاً، مقابل 26 لا تسمية، و14 صوتاً لنواف سلام، وسعد الحريري صوتاً واحداً. واستؤنفت الجولة الثانية عند الثانية والنصف.
وأعلن النّائب ميشال موسى، باسم كتلة “التنمية والتّحرير”، بعد الاستشارات أنّ “انطلاقًا من بيان الكتلة بعد اجتماعها البارحة، الّذي ركّز على النّهج الّذي يجب أن يُتّبع من حكومة تصريف الأعمال أو من الحكومة الجديدة، لا سيّما لجهة الأزمات المقبلة، وبصورة خاصّة الحفاظ على أموال المودعين؛ سمّت الكتلة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة”.
بدورها، أعلنت كتلة “الوفاء للمقاومة”، تسمية ميقاتي، وأشار رئيس الكتلة، محمد رعد، الى أن “موقفنا اليوم سهل وممتنع، ولبنان بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى الى حكومة تدير شؤون اللبنانيين”.
وأعلن رئيس “التيار الوطني الحر”، النائب جبران باسيل، أنّ “التيار الوطني الحر اعتمد خيار عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة، لأننا لم نقم بالتصويت لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بسبب صعوبة تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وصعوبة المرحلة المقبلة، والأمر المستجدّ هو ترسيم الحدود البحرية”، مشيرًا إلى أن “مقولة تمرير الـ4 أشهر لا تصلُح، والانفجار الاجتماعي خطير والبلد لا يمكنه أن يحمل تمرير مرحلة الـ4 أشهر”.
وقال باسيل: “ننتظر من ميقاتي خلق تهيئة للأجواء من أجل استحقاق رئاسة الجمهورية، والمفاوضات مع صندوق النقد، ويجب أن يكون هناك التزام بمعالجة القضايا اليومية”، كما لفت إلى أنه “لا يجوز ان يكون حاكم المركزي رياض سلامة ملاحقًا، من دون ان يكون هناك موقف واضح من هذا الموضوع”، معتبرًا أنّ “من باع الناس أوهام التغيير، لم ينجه في ثاني استحقاق والتشرذم ظهرت نتائجه”.
وأشار باسيل، إلى أنّه “لم يتوفر مرشح آخر لديه حظوظ والا كان لنا موقف آخر”، معتبرًا “أننا لا نرى مع ميقاتي فرصة حقيقية للإصلاح في البلد ولا انسجام بينهما”. وكان لافتاً حضور عضو كتلة لبنان القوي النائب محمد يحيى، بشكل منفرد الى الاستشارات وإعلانه أنه سمى ميقاتي معاكساً توجه كتلته.
كما خالفت كتلة نواب الأرمن موقف لبنان القوي وأشار باسمها النّائب هاغوب بقرادونيان، الى أنّ “رغم بعض المآخذ والملاحظات على أداء الحكومة الحاليّة، وبغياب المنافسة المتكافئة بين المرشّحين لتولّي رئاسة الحكومة، ومع إدراكنا للواقع الأليم وضرورة الإفساح لأمل ولو صغير، قرّرنا تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة بسرعة قياسيّة، دون الوقوع في مطبّات التّشكيل”.
وكما كان متوقعاً لم تسمِ كتلة الجمهورية القوية أحداً لتكليفه تأليف الحكومة، وقال النائب جورج عدوان باسم الكتلة: “لم نسم أحداً ولم نختر ميقاتي لأن برنامجنا لا يلتقي مع برنامجه، وخصوصاً في موضوع حكومات الوفاق الوطني التي تمنع المحاسبة وتحول مجلس النواب إلى مجلس مصغر في الحكومة».
وسمّت كتلة الكتائب السفير نواف سلام لتشكيل الحكومة. ودعا النائب سامي الجميل بعد اللقاء إلى تشكيل حكومة لان البلد لا يستطيع الانتظار. وسمّت كتلة اللقاء الديمقراطي نواف سلام لتشكيل الحكومة. وقال النائب تيمور جنبلاط باسم كتلة “اللقاء الديمقراطي”: “سمّينا السفير نواف سلام لتأليف الحكومة وطلبنا الوحيد هو أن يقوم المسؤولون بتسهيل تأليف الحكومة التي لن نشارك فيها ولكن سنساعد في تأليفها”. واذ قاطع النائب اشرف ريفي الاستشارات، لفتت تسمية النائب جهاد الصمد للرئيس سعد الحريري.
أما قوى التغيير فأشار باسمها النّائب فراس حمدان، بعد الاستشارات إلى “أنّنا قلنا لرئيس الجمهوريّة ميشال عون إنّ من غير المقبول الاستمرار بالنّهج والوجوه نفسها الّتي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه”، معلنًا أنّ “لذلك، رفضًا لمنطق المحاصصة والمقايضة والمساومة على حقوق المواطنين، سمّى 10 أعضاء من التكتّل، السّفير السّابق نواف سلام لتشكيل الحكومة”.
وأوضح أنّ “النوّاب مارك ضو ونجاة صليبا وملحم خلف وميشال الدويهي وبولا يعقوبيان ورامي فنج ووضاح صادق وياسين ياسين وابراهيم منيمنة وفراس حمدان سمّوا نواف سلام لتشكيل الحكومة، والنواب الياس الجرادة وسينتيا زرازير وحليمة قعقور لم يسموا أحدًا”. وفور تكليف ميقاتي، ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى 29600 ليرة لبنانية بعد أن افتتح صباح أمس بـ 29 الف ليرة.
وعلى وقع المشهد الحكومي والسياسي الضبابي، تتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما أزمة الخبز التي استفحلت في مختلف المناطق اللبنانية، ما تسببت بطوابير وتوتر وإشكالات بين المواطنين أمام الأفران للحصول على الخبز. ووقع إشكال تطور الى تضارب بالأيادي والكراسي بسبب الخبز أمام أحد الأفران في منطقة نهر إبراهيم. وقدّم وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، إخباراً للنيابة العامة الاستئنافية بجبل لبنان ضد أفران تلاعبت بوزن ربطة الخبز ضمن الغبيري.
وتفاعل ملف الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على المستويين السياسي والقضائي، وتوسعت دائرة الادعاءات بشكل كبير، إذ ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، ضد سلامة، وضد نوابه الـ 4 السابقين ومدير عام وزارة المالية السابق ألان بيفاني، وعدد آخر من موظفي مصرف لبنان، ومفوّضي المراقبة بالجرائم المسندة اليهم، وأحالت الملف الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، بموجب ورقة طلب، طالبةً توقيف رياض سلامة والظن بهم وإحالتهم الى محكمة جنايات جبل لبنان مع الإبقاء على قرار منع السفر ومنع التصرّف الصادرين بحق سلامة.
وأوضحت مصادر قانونية لـ”البناء” الى أنه “عندما يدعي النائب العام ضد أشخاص معينين يعني توافرت لديه قرائن ومعطيات تجعله يشتبه بقيام هؤلاء بالأفعال المنسوبة إليهم أو اشتراكهم فيه واذا كان الادعاء يتعلق بالتقصير فيكون النائب العام قد تلمس تقصيراً في الرقابة او في الواجبات الوظيفية”.
على صعيد آخر، استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية والوفد المرافق له. وأفادت العلاقات العامة لحزب الله في بيان انه “جرى عرض مختلف التطورات السياسية والميدانية في فلسطين ولبنان والمنطقة، وتطوّر محور المقاومة والتهديدات والتحديات والفرص القائمة مع التأكيد الحاسم على تعاون كل أجزاء هذا المحور بما يخدم الهدف المركزي له والذي يتعلق بالقدس والمقدسات والقضية الفلسطينية”.
الاخبار
هل حصل ميقاتي على بركة الراعي؟
الفشل يلاحق «القوات» وقوى «التغيير»
النتيجة الوحيدة (المحسومة سلفاً) للاستشارات النيابية المُلزمة، كانت تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة برقم هزيل (54 صوتاً، الأقل بين رؤساء حكومات عهد الرئيس ميشال عون). لكن معانيها السياسية جاءت متعدّدة وبأبعاد عابرة لاستحقاق الحكومة، ولا سيما لجهة نجاح حزب الله وحلفائه (باستثناء التيار الوطني الحر) في تمرير الاسم الذي يريدونه، كما حصل في انتخابات المطبخ التشريعي من رئيس ونائب رئيس وأعضاء هيئة مكتب البرلمان، وفشل كتلة «القوات اللبنانية» كما نواب «التغيير» والمستقلين والأحزاب المتستّرة بـ«المعارضة» في تظهير أكثريتهم والاتفاق على مرشّح واحد لرئاسة الحكومة، فخسروا الاختبار الثاني لهم في «النضال» المؤسساتي، مؤكدين أنهم غالبية هشّة مُبعثرة غير قادرة على فرض أي معادلة بسبب اختلافاتهم وخلافاتهم.
عودة ميقاتي لم تكُن لتحصل لولا تقاطع ثلاثة عوامل أدت إلى تكليفه من جديد: أولاً، اقتناع ثنائي حزب الله وحركة أمل بأن الفترة المتبقية من عمر العهد لا تستأهل معركة حكومية. ثانياً، التدخل الأميركي – الفرنسي لمصلحة ميقاتي مُقابل تراجع سعودي عكسه كلام السفير السعودي في بيروت وليد البخاري، الذي وُصِفَ في اليومين الأخيرين قبل الاستشارات بأنه منخفض النبرة تجاه ميقاتي، وعدم دعم أي مرشح آخر جدّي في وجهه. ثالثاً، انتصار النائبة ستريدا جعجع على باقي القواتيين الذين رفضوا التصويت لميقاتي، إذ أصرّت على عدم تسمية نواف سلام وفرضت خيار عدم التسمية الذي صبّ عملياً لمصلحة ميقاتي. وقد نتجَ من ذلك انقسام «الأكثرية» التي توهّمها السفير السعودي وبشّر بها، على استحقاق رئيس الحكومة، وخاصة أن النواب المستقلين ونواب التغيير انقسموا بينَ خيارَي السفير نواف سلام أو عدم التسمية.
على أن أبرز ما أكدته الاستشارات أيضاً، هو الصعوبة الكبيرة التي سيواجهها ميقاتي في عملية التأليف، إذ أظهرت المواقف المعلنة بعد اجتماعات الكتل النيابية مع عون عدم وجود رغبة للتعاون مع ميقاتي، وتسليماً باستحالة تشكيل حكومة. ولعلّ أبرز المواقف جاء على لسان رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل بقوله إن «التيار الوطني الحر اعتمد خيار عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة، لأننا لم نقم بالتصويت لميقاتي بسبب صعوبة تشكيل حكومة في الوقت الحالي، وصعوبة المرحلة المقبلة، والأمر المستجد هو ترسيم الحدود البحرية». وقال «إننا ننتظر من ميقاتي تهيئة الأجواء من أجل استحقاق رئاسة الجمهورية والمفاوضات مع صندوق النقد، ويجب أن يكون هناك التزام بمعالجة القضايا اليومية»، كما لفت إلى أنه «لا يجوز أن يكون حاكم البنك المركزي رياض سلامة ملاحقاً من دون أن يكون هناك موقف واضح من هذا الموضوع»، معتبراً «أننا لا نرى مع ميقاتي فرصة حقيقية للإصلاح في البلد ولا انسجام بينهما».
ويُمكِن القول إن باسيل بهذا الموقف حسم صورة المرحلة المقبلة مع ميقاتي، وقالت المصادر إن «ميقاتي الذي أصبح اليوم رئيسَيْن، لتصريف الأعمال ولتشكيل حكومة جديدة، سيواجه بتعامل شرس من قبل عون وباسيل. فهما سيُضّيقان هامش تصريف الأعمال عليه ولن يقبلا بتوقيع حكومة لا تُهندس على خاطرهما»
وأكدت المصادر أن الكلام عن تأليف حكومة «هو كلام سياسي رسمي»، لأن «الجميع يعرف أنه لن تكون هناك حكومة جديدة». وذكرت مصادر مطلعة أن الرئيس ميقاتي، منذ تيقّنه بفوزه بالأصوات الكافية لتكليفه، باشر بإجراء اتصالات ظلّت بعيدة عن الأضواء مع عدد من المرجعيات في البلاد لأجل البحث في إمكانية كسر المقاطعة ذات البعد الطائفي التي استشعرها من مواقف الكتل النيابية. وهو يتصرف بحذر إزاء امتناع جميع النواب الدروز ومعظم النواب المسيحيين عن تسميته، خشية أن يحول ذلك دون تشكيل حكومة تحظى بدعم كاف لبرنامج عمله، وخصوصاً أنه يعتبر أن إقرار الإصلاحات في المجلس النيابي والسير في برنامج العمل مع صندوق النقد يحتاج الى غطاء وطني عام وليس الى غطاء قوى سياسية تقف الى جانبه.
وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي حاور «القوات» وسعى إلى حوار غير مباشر مع التيار الوطني الحر مُستعيناً بحزب الله، كما حاول الاستفادة من علاقة الرئيس بري الخاصة برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأجرى اتصالات مع مرجعيات دينية؛ أبرزها البطريرك الماروني بشارة الراعي بهدف الحصول على تأييد لبرنامجه، عارضاً من جديد فكرة تعديل وزاري يسمح بدخول قوى جديدة الى الحكومة، ومكرراً استعداده لترؤس حكومة وحدة وطنية. وتقول أوساط الرئيس المكلّف إنه «حصل على دعم من ثنائي أمل وحزب الله، وعلى «بركة» البطريرك الماروني أيضاً، لكنه يعرف أن المفاوضات ستكون صعبة مع التيار الوطني الحر. وهو لا يعرف حتى اللحظة إذا كان موقف الاشتراكي والقوات نهائياً من عدم المشاركة في الحكومة وليس من عدم تسميته فقط».