الجمهورية
توقيع الترسيم في أيامه الأخيرة.. وبايدن: إختراق تاريخي
دخل ملف ترسيم الحدود ساعاته الحاسمة وسط اجواء ايجابية أوحت بأنه بات على مسافة ايام من توقيع الاتفاق حوله بين لبنان واسرائيل، خصوصاً ان الرئيس الاميركي جو بايدن اتصل بكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد «مهنئاً» بالاتفاق كما لو انه تم توقيعه فعلياً، ووصفه بأنه «اختراق تاريخي». وفيما سيعلن عون موقف لبنان النهائي منه اليوم، فإنّ مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغّر سيعلن في الوقت موقف اسرائيل النهائي ايضا وقد استبقه لابيد واصفاً الاتفاق بأنه «تاريخي».
إنصَبّت كل الاتصالات والاهتمامات امس على ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء تسلّم لبنان الصيغة النهائية لمشروع الاتفاق بينه وبين اسرائيل من الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين، وتلاحقت اللقاءات والاتصالات بين المقار الرئاسية وأفضَت الى موافقة على الصيغة الانكليزية للمشروع فيما عكفت رئاسة الجمهورية على مراجعة الصيغة العربية، واعلنت ان الصيغة «مرضية للبنان لا سيما انها تلبّي المطالب اللبنانية»، كما انها «حافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة الى اللبنانيين». آملة في «أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في اقرب وقت ممكن».
وعلمت «الجمهورية» ان البحث بدأ جدياً في سبل تطبيق الآلية المقترحة للمرحلة المقبلة، خصوصا لجهة الترتيبات التي يمكن ان تتخذ لترجمة الإتفاق الذي تم التوصّل اليه وسط وجود أكثر من صيغة مقترحة.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» ان الاتصالات التي جرت أمس، وشارك فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، دخلت في كثير من التفاصيل حول ما يمكن القيام به في هذه المرحلة بعدما تبين ان هناك اكثر من سيناريو للمرحلة المقبلة.
بايدن
وفي هذه الاجواء تلقى عون اتصالاً من بايدن هنّأه خلاله بانتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، مؤكدا «وقوف الولايات المتحدة بجانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية».
وأشاد بايدن في بيان لاحق أمس بالاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، ووصفه بأنه «اختراق تاريخي». وشدّد على «ضرورة وفاء كل الأطراف بتعهّداتهم وعملهم على تطبيق الاتفاق».
وذكر البيت الأبيض في بيان أن بايدن «أكد أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لا يحافظ على مصالح إسرائيل فحسب، بل يخلق فرصا لتكامل إسرائيل الإقليمي».
ولفت البيت الابيض إلى أنّ «بايدن شدّد لرئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، على التزامه الراسخ بأمن إسرائيل». واضاف أن «بايدن أكد لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون أن واشنطن لا تزال ملتزمة تجاه الشعب اللبناني ودعم استقرار وسيادة البلاد، حيث أمل في اتصال مع عون أن يمثّل اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل فصلا جديدا للشعب اللبناني».
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن «اتفاق إسرائيل ولبنان على إنهاء النزاع على الحدود البحرية إنجاز ديبلوماسي رائع، ونحضّ على تنفيذ الاتفاق بسرعة لمصلحة المنطقة والعالم»، معتبرة أن «الاتفاق يدشن حقبة جديدة من التعاون الإقليمي ويعزز الرخاء والأمن والاستقرار». ولافتة إلى أن «اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان لا يُعد تطبيعاً للعلاقات بين البلدين، وبالتالي سيؤدي إلى منطقة أكثر ازدهارا وتكاملا».
شيا
الى ذلك هنّأت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، الشعب اللبناني بإنجاز «الترسيم البحري مع اسرائيل، وكل من لعب دوراً بنّاء في المفاوضات»، وأكدت أن «هذه الاتفاقية ستعزز الاستثمار الخارجي في لبنان وهذا أساسي إزاء الوضع المأساوي في البلد».
ولفتت في كلمة لها من السفارة إلى أنه «يمكن للبنان التعويل على التطور في مجال الطاقة والموارد الطبيعية ستكون مفتوحة للاستيراد والتصدير، ومن المهم التزام الجميع بتعهداتهم»، وأضافت: «حقول الغاز ستُؤمّن موارد طاقة للأسواق والمهم الآن التزام الافرقاء بالتزاماتهم بموجب هذا الاتفاق».
ما رتّبته واشنطن
وقالت مصادر مطللعة لـ»الجمهورية» إن اتصال بايدن بعون ترافَق مع اتصال آخر أجراه الرئيس الاميركي برئيس الحكومة الاسرائيلية للغاية نفسها، ودلّ هذان الاتصالان الى «اهمية ما رتبته الإدارة الأميركية نتيجة هذا الاتفاق وما انجزه مسؤول أمن الطاقة العالمية عاموس هوكشتاين، والذي سيشكل دفعا كبيرا لخطط إدارته في المرحلة المقبلة خصوصا في المواجهة التي خلّفتها العقوبات على روسيا وتقليص حجم توريد الغاز الروسي في أكثر من اتجاه».
وكان عون قد التقى ميقاتي الذي اعلن انّ رئيس الجمهورية «يجري وفريق العمل قراءة نهائية لمذكّرة التفاهم وعلى ضوئها اعتقد انّ فخامة الرئيس سيتوجّه بكلمة الى اللبنانيين في هذا الصدد إيذاناً بمرحلة ستكون بإذن الله مرحلة خير». وشكر «الادارة الاميركية التي بذلت جهدا كبيرا للوصول الى هذا الاتفاق»، كذلك شكر «الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي بالذات لما قاموا به في الساعات الاخيرة، بالنسبة الى ما يتعلق بشركة «توتال» وإنجاح هذه الاتفاقية». واشار الى اجتماعه صباحاً بشركة «توتال» وقال: «اتفقنا على ان تبدأ بعملية التنقيب فور الانتهاء من مذكرة التفاهم».
نصرالله
ولفت الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله إلى أننا «أمام ساعات حاسمة في مسألة ترسيم الحدود واستخراج النفط والغاز». وقال في خطاب خلال الاحتفال بعيد المولد النبوي مساء امس: «ننتظر إعلان الموقف الرسمي من رئيس الجمهورية اللبناني وننتظر الموقف الرسمي من قبل حكومة العدو». وأضاف: «في اللحظة التي تذهب فيها الوفود للتوقيع في الناقورة بالآلية المتّفق عليها نستطيع القول إن هناك اتفاقاً أو تفاهماً». واشار الى أنّه «إلى حين التوقيع علينا أن نَحتاط في ظل المواقف الإسرائيلية المتناقضة، والمفاوضات في الأيام الماضية كانت صعبة». وقال: «بالنسبة إلينا كمقاومة يحقّق هذا التفاهم المطالب الرسمية للدولة اللبنانيّة، «بَدنا ناكل عنب»، مضيفًا «حين يعلن الرئيس اللبناني الموقف المؤيد للاتفاق تكون الأمور بالنسبة للمقاومة قد أنجزت». واكد انه «بعد نشر النص كل شخص يستطيع مقاربة التفاهم ونتائجه بروح المسؤولية المطلوبة ليحكم عليه إيجاباً أو سلباً»، مشيرًا إلى أنّ «مقاربة الاتفاق بعد نشر نصّه يجب أن تتم بروح وطنية والفَرِحون بالاتفاق عليهم مقاربة الإنجاز بروح موضوعية».
من جهته، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر «تويتر» فكتبّ: «اما وقد تم الترسيم من دون مشكلات ومن دون حرب والفضل يعود الى اهمية الديبلوماسية التي اوصيت بها، والتي تستند الى القوة الناعمة للمسيرات، لكن يبقى الأهم لبنانياً ان تشكّل الشركة الوطنية للحفاظ على الثروة الوطنية، بعيدا عن اي وصاية محلية وشركات النفط الوهمية التي شكلت».
الموقف الاسرائيلي
وفي اسرائيل اعلن مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر أنه سيجتمع اليوم لتحديد الموقف النهائي من الاتفاق، فيما أعلن رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي أدلشتين عن «جلسة استثنائية غدا (اليوم) للاطلاع على المسودة النهائية لاتفاق ترسيم الحدود مع لبنان».
واعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، أن «لبنان وإسرائيل توصّلا لاتفاق تاريخي بخصوص ترسيم الحدود البحرية»، لافتاً الى أن «المجلس الوزاري المصغر سيجتمع غداً الأربعاء (اليوم) للتصديق على اتفاق ترسيم الحدود المائية مع لبنان».
وذكر لابيد أن «هذا الإنجاز سيعزز أمن إسرائيل، وسيدخل المليارات إلى الاقتصاد الإسرائيلي، وسيضمن الاستقرار على الحدود الشمالية».
الى ذلك أُعلن في اسرائيل ايضا ان بايدن ولابيد اكدا خلال اتصال هاتفي بينهما ان «اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان سيضمن أمن إسرائيل». وقال لابيد: الاتفاق مع لبنان إنجاز تاريخي سيعزز أمن إسرائيل ويضخّ المليارات في الاقتصاد الإسرائيلي ويضمن استقرار حدودنا الشمالية، وسيتم عقد اجتماع للحكومة الأمنية المصغرة وللحكومة الأربعاء للموافقة على الاتفاق».
وقال لابيد ان بايدن «هنّأه على التوصل إلى الاتفاق مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، الذي سيضمن أمن إسرائيل على حدودها الشمالي، وسيعزز الاقتصادين الإسرائيلي واللبناني»، كاشفًا أن «بايدن قال له: «صنعتَ التاريخ». كما أكّد «التزامه بأمن إسرائيل وبالاستقرار الاقليمي».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تأكيده أن «اسرائيل في طريقها إلى اتفاق تاريخي في شأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان». ونسبت الى مسؤول اسرائيلي قوله انّ «جميع مطالب إسرائيل في شأن مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية تمّت تلبيتها».
من جانبه، قال وزير دفاع إسرائيل بيني غانتس: «لم نتنازل قيد أنملة في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان». اضاف: «سنعرض اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان على الجمهور بشفافية». فيما قال رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا في بيان باللغة العربية في شأن سير المفاوضات: «تمّت تلبية جميع مطالبنا والتعديلات التي طلبناها قُبِلت. حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية».
وفي السياق، ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو، في تصريح على مواقع التواصل الإجتماعي، أن «رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد استسلم لـ»حزب الله»، ولا يمكن أن يكون رئيسا للوزراء».
وكان نتنياهو قد أشار في رسالة وجهها إلى الإسرائيليين إلى أنه «لديّ رسالة مقلقة للغاية لكم»، موضحًا أنّ أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لاببيد. في إشارة إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. واعتبر، في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ «لابيد ينوي تسليم لبنان من دون أي رقابة أو سيطرة من إسرائيل، احتياطيّاتنا من الغاز» في كاريش، «التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، سيستخدمها «حزب الله» لشراء آلاف الصواريخ والصواريخ التي تستهدف المدن الإسرائيلية». واضاف: «سنتعامل مع اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان كما تعاملنا مع الاتفاقات السيئة سابقا».
بدورها، اعلنت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد، أنها ستصوّت ضد اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان إذا لم يُعرض على الكنيست.
الامارات ترحّب
في غضون ذلك أعلنت وزارة الخارجيّة والتّعاون الدّولي الإماراتيّة، في بيان، أنّ «الإمارات ترحّب بتوصّل الجمهورية اللبنانية ودولة إسرائيل لاتّفاق حول ترسيم الحدود البحرية، وتُثمّن جهود الوساطة الحثيثة التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية بين البلدين»، مُعربةً عن الأمل في أن «تساهم هذه الخطوة في تعزيز استقرار المنطقة». وأثنت على «هذا الاتّفاق والجهود التي مكّنت تحقيقه»، مؤكدّةً أنّه «خطوة إيجابيّة وعمليّة لدفع مسارات الازدهار والتّنمية، وتحقيق المصالح الاقتصاديّة لكلا البلدين». وشدّدت على «أهميّة تعاون البلدين، لِما من شأنه تعزيز المصالح الاقتصاديّة وتوطيد السّلم والأمن الإقليميَّين».
وإيطاليا أيضاً
وبدورها، قالت وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان، انّ «اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل سيكون له انعكاسات مهمة على الاستقرار والازدهار الإقليميين».
وأشارت الى ان «إيطاليا ترحّب بجهود الأطراف المعنيين ووساطة الولايات المتحدة، وتأمل انجاز الاتفاق الذي تم الإعلان عنه لِلتوّ في أقرب وقت».
اللواء
بايدن يشيد بالترسيم: ضبط إسرائيل وتحرير لبنان من الحصار
حزب الله لمواجهة المزايدات بعد التوقيع.. وطلاق بين «أمل» و«التيار» عشية الجلسة غداً
دفعت الولايات المتحدة الاميركية بكل ثقلها من اجل التوصل الى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والأهم التعهد بالمضي قدماً في ضبط السلوك الإسرائيلي لجهة عدم التنصل مما تم بلوغه.
البناء
بيروت وتل أبيب أعلنتا الموافقة على مسودة هوكشتاين… وبايدن يبارك… وتوتال تستعدّ
تأزم سياسي في الكيان والكنيست يفتح باب التصويت على الاتفاق ونتنياهو: لبيد خضع لنصرالله
نصرالله: سننتظر التوقيع في أعلى جهوزية… وجنبلاط: الفضل للدبلوماسية الناعمة للمسيرات
كان يوم النفط والغاز بامتياز مع الإعلان المتزامن في بيروت وتل أبيب عن الموافقة على اعتبار مسودة الاتفاق التي أودعها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين لدى الطرفين، وفيما أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن مسودة الاتفاق تلبي المطالب اللبنانية، أعلن رئيس حكومة الاحتلال موافقة حكومته. ودعا المجلس الوزاري المصغر الى اجتماع يعقد اليوم لإعلان الموقف الرسميّ، بينما رئيس أعلن الكنيست فتح الباب أمام أعضائه للاطلاع على الاتفاق فور تسلم نسخة عنه من الحكومة، وكان مثيراً للانتباه تواصل السجال بين حكومة لبيد وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي عاد لخطابه باتهام لبيد بالتنازل أمام تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وبالتوازي صدرت مواقف دولية وإقليمية تؤيد النهاية الإيجابية للمفاوضات حول حقول النفط والغاز في البحر المتوسط، بين لبنان وكيان الاحتلال. وكانت أبرز المواقف قد صدرت عن الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال أجراه بالرئيس ميشال عون وأجرى مثله برئيس حكومة الكيان معرباً عن تهانيه للنجاح بالتوصل للاتفاق، وكان لافتاً على الصعيد العملي وصول وفد من شركة توتال الى لبنان بصورة تزامنت مع التقدّم في المفاوضات نحو توقيع الاتفاق، وبعد اجتماع للوفد مع الرئيس ميقاتي بحضور وزير الطاقة وليد فياض، خرج فياض يعلن جهوزية الشركة للبدء بالأعمال في البلوك رقم 9 الذي يحتوي على جزء من حقل قانا، فور توقيع الاتفاق.
في المواقف كانت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محطّ الأنظار لمعرفة موقف المقاومة التي بنيت على تهديداتها التحوّلات التي شهدها ملف التفاوض، وفرضت إيقاعها خصوصاً على ربط السماح باستخراج الغاز من حقل كاريش بتمكين لبنان من بدء الاستخراج من حقوله، والجنوبية منها خصوصاً، وقال نصرالله إن المقاومة لم تكن طرفاً في تحديد خطوط الترسيم لأسباب يعرفها الجميع منذ موقفها المبدئي المماثل عند التحرير عام 2000، حيث تركت مسألة تحديد الحدود للدولة ومؤسساتها، وقالت إنها تحمي كل ما تعتبره الدولة أرضاً أو مياه لبنانية، وقال نصرالله إن ما يعنينا هو أن تخرج الدولة برؤسائها ومؤسساتها وتقول إن مطالب لبنان قد تمّت تلبيتها، ولكن هذا ليس كافياً في ضوء ما يجري من نزاعات داخل كيان الاحتلال، لذلك فالمقاومة ستبقى على جهوزيتها حتى يُنجز التوقيع. ووصف نصرالله ما جرى بالإنجاز التاريخي الكبير، إذا سارت الأمور نحو الخواتيم المفترضة، داعياً للتمعن في العبر والدروس التي قدمتها هذه التجربة النموذجية لكيفية تكامل أدوار المسؤولين في الدولة ومؤسساتها، الى جانب دور المقاومة والجيش والحضور الشعبي سواء للبيئة الحاضنة للمقاومة أو للبيئات الأخرى التي لجمت المناخات السلبية، مشيراً بصورة خاصة للمقاومة وجهوزيتها الصامتة ورسائل حضورها واستعدادها التي وصلت لجيش الاحتلال بأكثر من طريقة كانت كافية لإفهامه جدية المقاومة في ترجمة تهديداتها إذا أقدم على بدء الاستخراج من حقل كاريش دون تلبية المطالب اللبنانية.
في المواقف أيضاً جدّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تقديره للإنجاز المحقق في ملف النفط والغاز داعياً إلى الإسراع في تأسيس الصندوق السيادي، الذي يفترض أن تضخ إليه عائدات الثروات البحرية، معتبراً أن الفضل يعود الى الدبلوماسية الناعمة للمسيّرات.
وأعلن السيد نصرالله أننا «أمام ساعات حاسمة في ملف ترسيم الحدود البحرية»، وقال: «الجهة المعنية بالتعبير عن الموقف اللبناني الرسمي هو فخامة الرئيس ميشال عون بالتشاور مع دولة الرئيس (نبيه بري) ودولة الرئيس (نجيب ميقاتي) ونحن كلبنانيين ننتظر إعلان الموقف الرسمي من فخامة الرئيس وننتظر الموقف الرسمي من قبل حكومة العدو، وسننتظر المواقف الرسمية وأكثر من ذلك أقول لكم في اللحظة التي تذهب فيها الوفود للتوقع بالناقورة بالآلية المتفق عليها بعد أن يحصل هذا التوقيع نستطيع القول إن هناك «تفاهماً» حصل… نحن كمقاومة سننتظر».
وشدّد على أننا «كمقاومة ما يعنينا أننا نقف إلى جانب وخلف الدولة اللبنانية في موضوع المطالب اللبنانية، ما يهمّنا أنه عندما يقول المسؤولون اللبنانيون إنّ هذا الاتفاق يحقق مطالب الدولة اللبنانية بالنسبة لنا هذا تمام.. ما يهمّنا استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية».
وأضاف: «عندما يعلن فخامة الرئيس الموقف الرسمي اللبناني الموافق والمؤيّد لهذا «الاتفاق والتفاهم» تكون الأمور قد أنجزت بالنسبة للمقاومة وإلى ذلك الحين يجب أن نبقى يقظين… دعوتي أنه بعد نشر النص النهائي أن تكون مقاربة هذا التفاهم بروح المسؤولية الوطنية المطلوبة ليحكم عليه إيجاباً وسلباً وأن ينطلق من روح وطنية وليس من تصفية حسابات».
وانتقد أولئك الذين يحمّلون حزب الله مسؤولية رسم الخطوط البحرية وقال: «نحن لا علاقة لنا بخطوط، وإذا بتسألني «بحرنا وين؟»، بقلك: «بحرنا يمتدّ إلى غزة، ونحن والشعب الفلسطيني مش قاسمين ويوم تتحرّر فلسطين لن نختلف على الحدود البحرية». موضحاً أننا «أمام تجربة ممتازة جداً في لبنان يتعاون فيها الرؤساء رغم كثرة اختلافاتهم، نحن أمام تجربة تعاون فيها المسؤولون في الدولة على اختلاف مواقعهم وكان هناك احتضان كبير جداً من البيئة الحاضنة للمقاومة بالدرجة الأولى».
وأكد أنه «بالتضامن الرسمي والوطني ووقفة الدولة والمقاومة والشعب والجيش بموقف صعب من هذا النوع في ظلّ ظروف إقليمية ودولية لا أحد في الكرة الأرضية سائل عن لبنان، سيتمكن لبنان من الحصول على هذا الانجاز الكبير».
وكان لبنان تسلّم الصيغة الأميركية النهائية المعدّلة للتفاهم على ترسيم الحدود الاقتصادية بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين من الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين. ثم جال نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب على المقار الرئاسية أمس، وسلم النسخة الجديدة التي وصلته من الوسيط الاميركي الى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي النواب والوزراء.
وأكدت مصادر مطلعة على الملف لـ»البناء» أن «لبنان سجل انتصاراً ديبلوماسياً ووطنياً بإلزام العدو الإسرائيلي بإنجاز ملف ترسيم الحدود الاقتصادية وفق المطالب اللبنانية وإجهاض كل المحاولات الإسرائيلية بهضم وقضم حقوق لبنان من خلال فرض أمر واقع عبر التلاعب بتفسير العبارات والمصطلحات بما يخدم العدو».
وشددت على أن «صمود المفاوض اللبناني المدعوم بموقف سياسي ووطني موحّد عبّر عنه الرؤساء الثلاثة، وتهديدات المقاومة التي تكاملت مع موقف الدولة، تمكنت من إلزام العدو بتنفيذ المطالب والملاحظات اللبنانية وضمان الحقوق الاقتصادية مع احترام السيادة اللبنانية». وكشفت أن «لبنان تمكن في مفاوضات الأيام الأخيرة من تعديل الصيغة الأولى في الاتفاق بأكثر من نقطة أهمها: رفض لبنان لأي حقوق أو امتيازات للعدو بحقل قانا وإبعاد أي علاقة للبنان بالاتفاق بين شركة توتال وحكومة الاحتلال من تعويضات مالية وغيرها».
أما النقطة الثانية وفق المصادر فهي فشل العدو بتكريس خط الطفافات البحري كخط حدود والإبقاء عليه كخطٍ بحري يشبه الخط الأزرق البري، وعدم تجاوز نقطة رأس الناقورة والـ b1 وبالتالي عدم المس بالحقوق اللبنانية وأي تأثير لهذا الخط على الحدود البرية».
وأجمع الموقف اللبناني الرسمي على قبول الصيغة النهائية التي أخذت بكافة الملاحظات اللبنانية ودونت في الوثيقة الأميركية بانتظار موافقة العدو النهائية على التفاهم في الكنيست «الإسرائيلي» والمحكمة. وأعلنت رئاسة الجمهورية أن «الصيغة النهائية لهذا العرض، مرضية للبنان لا سيما وأنها تلبي المطالب اللبنانية التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية وتطلبت جهداً وساعات طويلة من المفاوضات الصعبة والمعقدة، وحافظت على حقوق لبنان في ثروته الطبيعية وذلك في توقيت مهم بالنسبة الى اللبنانيين. وشدّدت رئاسة الجمهورية على أن «عون سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية تمهيداً للإعلان رسمياً عن الموقف الوطني الموحّد».
وأكد بوصعب بعد لقائه عون، أن «الملف أصبح في عهدة فخامة الرئيس، والجو إيجابي جداً وتوصلنا اليوم الى حل يرضي الطرفين وهو أمر صعب للغاية لأنهما لا يقيمان علاقات دبلوماسية، لا بل إن لبنان لا يعترف بالعدو الاسرائيلي، وبالتالي الوصول الى تفاهم من هذا النوع على حدود فيها مصلحة اقتصادية ليس بالأمر السهل».
كما أكد بو صعب من عين التينة على أن «الموقف الموحّد أعطى لبنان قوة والجميع يعرف ان لبنان ليس ضعيفاً خصوصاً في هذه المفاوضات التي تعني سيادتنا والحفاظ على حقوقنا». وقال «سنودع الاتفاق لدى الأمم المتحدة وهو ليس بين لبنان ودولة لا نعترف بها إنما مع الولايات المتحدة الأميركية والمفاوض أخذ بالاعتبار المطالب اللبنانية».
من جهته، لفت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال تسلّمه من بو صعب المسودة النهائيّة للاتفاق في السراي الحكومي الى «ان الموقف اللبناني الموحد في هذا الملف وتشبث لبنان بحقوقه ومطالبه أفضيا الى هذه النتيجة الإيجابية، وكلنا امل ان تبلغ الأمور خواتيمها ومن ثم المباشرة بالخطوات العملانية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية».
وكان ميقاتي، زار بعبدا برفقة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، وكشف عن اتفاق مع شركة توتال على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي.
وأشار ميقاتي، إلى أن «العرض النهائيّ جرت الموافقة عليه باللغة الإنكليزية، وتتم دراسته لدى الرئيس عون باللغة العربية حالياً، على أن يطل الرئيس عون اليوم أو غداً لإطلاعكم على التفاصيل».
وكان ميقاتي اجتمع مع وزير الطاقة وليد فياض، ووفد من شركة «توتال» الفرنسية، وخلال الاجتماع طلب ميقاتي من ممثلي شركة «توتال» المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فوراً.
وفي أول تعليق أميركي رسمي على إنجاز الاتفاق، أعلنت رئاسة الجمهوريّة، أنّ «رئيس الجمهوريّة ميشال عون تلقّى اتّصالًا هاتفيًّا من الرّئيس الأميركي جو بايدن، هنّأه خلاله بانتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ومؤكّدًا وقوف الولايات المتحدة الى جانب لبنان، لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية».
واستمر التخبّط الإسرائيلي حيال تفاهم الترسيم مع لبنان، في ظل حملة مزايدات سياسية وإعلامية بين المعارضة وبين حكومة يائير لابيد الذي زعم أن «الاتفاق مع لبنان إنجاز تاريخيّ سيعزّز أمن «إسرائيل» ويضخ المليارات في الاقتصاد الإسرائيلي ويضمن استقرار حدودنا الشمالية وسيتمّ عقد اجتماع للحكومة الأمنية المصغرة وللحكومة الأربعاء للموافقة على الاتفاق». من جانبه، ادعى وزير جيش الاحتلال بيني غانتس «لم نتنازل قيد أنملة في اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان». وكشفت وكالة «رويترز» أن «»إسرائيل» قد تعلن موافقتها النهائية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان في غضون 3 أسابيع». فيما قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «بالتنسيق مع واشنطن ستصدق «إسرائيل» على اتفاق ترسيم الحدود بعد تصديق لبنان عليه».
إلا أن رئيس وزراء العدو السابق، بنيامين نتانياهو، شنّ هجوماً على الاتفاق وعلى حكومة لابيد، واتهم الأخير بأنه «استسلم لحزب الله».
وغاب الملف الحكوميّ عن لقاء عون – ميقاتي في بعبدا أمس والذي اقتصر على صياغة موقف لبنان من ضمّ روسيا الأقاليم إليها.
وعلمت «البناء» أن الأجواء الحكومية كانت إيجابية منذ أيام قليلة وكادت أن تصل الى خواتيم إيجابية، حيث اتفق المعنيون بالتأليف على انتظار انتهاء جلسة انتخاب الرئيس الخميس للعمل على تذليل آخر العقد لإعلان الحكومة من خلال تغيير 5 وزراء فقط، لكن الأجواء عادت وانقلبت الى سلبية أمس».
وأشارت مصادر سياسيّة لـ «البناء» الى أن «ظروف انتخاب الرئيس لم تنضج بعد، وبالتالي لن نشهد رئيساً للجمهورية قبل 31 الشهر الحالي ما يعني التوجه نحو الشغور الرئاسي».
وعلمت «البناء» أن الأميركيين لم يتدخلوا بالملف الرئاسي حتى الساعة ويتركوا الأمر لحلفائهم لتضييع الوقت تمهيداً لإنضاج اتفاق خارجي على الرئيس المقبل، وعلمت أيضاً أن السفير السعودي في لبنان يجري مشاورات وضغوطاً على عدد من الكتل النيابية لمحاولة خلق تكتل نيابي متنوع طائفياً وسياسياً من 40 الى 50 نائباً لكي تتحول السعودية الى ناخب أساسي يحسب له حساب لحظة بدء التفاوض الإقليمي والدولي على الملف اللبناني».
أما القوات اللبنانية فستحضر الجلسة وفق ما أكد مصدر نيابي قواتي مطلع لـ»البناء»، ولفت الى أن نواب الكتلة سيصوتون للمرشح النائب ميشال معوّض وسيصار الى قراءة مجريات جلسة الخميس للبناء على الشيء مقتضاه في الجلسات المقبلة، وشدد المصدر على أن موقف القوات والكتائب والاشتراكي وكتلة تجدد موحد لجهة تأييد معوّض ونحاول إقناع وجذب كتل أخرى لتبني هذا المرشح لتأمين أكثرية نيابية لإيصاله. وفيما يتهم القوات بتنفيذ مناورة لتضييع الوقت بانتظار الضوء الأخضر الخارجي والتسوية نفى المصدر أن تكون مناورة مؤكدة أن القوات تسعى لتأمين أكثرية له.
أما تكتل نواب عكار الـ12 فسيحضرون الجلسة وفق ما تؤكد مصادر نيابية بالتكتل، والتي كشفت لـ»البناء» أن أغلب نواب التكتل سيلتزمون بقرارها، والتوجّه الى التصويت بـ «لبنان» بانتظار نتيجة المتغيرات والمشاورات، ولفتت الى أننا لسنا مع الاصطفافات السياسية بل نؤيد رئيساً توافقياً يحظى بتأييد داخلي وعربي ودولي وإلا فلن يستطيع إخراج البلد من أزماته.
وتشير المصادر الى أن السعودية تحاول تقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية لا سيما تلك التي تربطها علاقة بها، من أجل توحيد الموقف على رئيس توافقي، لكنها لم تتدخل بالأسماء بل تفضل رئيس ينفذ القرارات الدولية ويجمع اللبنانيين ولا يعادي المجتمع الدولي والدول العربية.
وتشير معلومات «البناء» الى أن الاجتماعات بين تكتل الـ12 ورئيس القوات سمير جعجع لم تفض الى أي نتيجة، إذ حاول جعجع إقناع التكتل السير بمعوّض لكونه يلتزم بالطائف ويتمتع بعلاقات خارجية مميزة لا سيما مع دول الخليج، لكنه قوبل بالرفض، وحاول جعجع تقديم ضمانات بأن لا يكون معوّض رئيس تحدّ ومواجهة لحزب الله.
وأعلن تكتل «لبنان القوي»، بعد اجتماعه الدوري برئاسة النّائب جبران باسيل، امتناعه عن المشاركة في جلسة الخميس وذلك بسبب تعيينها في 13 تشرين الأوّل، وهو ما يشكّل استهتارًا بالمشاعر.
شدّد على «ضرورة تشكيل حكومة عملًا بأحكام الدستور»، مكرّرًا التّحذير من «أيّ محاولة قد يفكّر بها البعض لاعتبار الحكومة المستقيلة قادرة على تولّي صلاحيّات رئيس الجمهوريّة في حال حصول فراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وهو ما لا يمكن القبول به، لأنّ أيّ محاولة في هذا الاتّجاه ستولّد نوعًا من الفوضى الدّستوريّة لا يمكن ضبطها».
الأخبار
لبنان يلزم العدو بـ «تفاهم تشرين البحري»
حكومة لابيد تستعجل الإقرار إسرائيلياً والمقاومة مستنفرة في انتظار التوقيع: بايدن يبلغ بيروت وتل أبيب ضمانة أميركا لـ«التفاهم البحري»
دخلت الموافقات الأولية للبنان وكيان الاحتلال على مشروع الاتفاق على ترسيم الحد البحري بين الجانبين مرحلة الخطوات التنفيذية. حيث يفترض الإعلان عن موقف رسمي بالموافقة على الاتفاق قبل الشروع في خطوات تنفيذية تتعلق بالصياغة النهائية للأوراق التي يجب أن يوقعها ممثلون عن الطرفين بمشاركة أميركية وأممية، ومن ثم الإعلان عن سريان الاتفاق.
وبعد وقت قليل من تسلم الرئيس ميشال عون النسخة النهائية من مسودة الاتفاق، وبروز تصريحات رسمية لبنانية تشير إلى أن الاتفاق قد تم، كانت حكومة العدو برئاسة يائير لابيد تعلن عن التوصل إلى «تفاهم تاريخي»، لتشهد ساعات النهار والليل أمس، حفلة صاخبة من التصريحات والمواقف كان البارز فيها مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الاتصال هاتفياً بالرئيس ميشال عون في بيروت وبرئيس حكومة العدو «مهنئاً وداعماً».
أما في لبنان، فكان البارز الموقف الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليل أمس، من أن المقاومة تتعامل بهدوء وإيجابية مع الملف، لكن استنفارها مستمر إلى حين حصول توقيع على التفاهم أو الاتفاق في الناقورة، مكرراً أن المقاومة لم تكن معنية بترسيم الخطوط بل هي مستمرة بالدفاع عن ما يعلنه المسؤولون في الدولة حول حصول لبنان على حقوقه من عدمها.
وقال نصرالله إنه «عندما يعلن رئيس الجمهورية الموقف الرسمي اللبناني الموافق والمؤيد للاتفاق، تكون الأمور قد أُنجزت بالنسبة للمقاومة. وإلى ذلك الحين، يجب أن نبقى يقظين»، ودعا نصرالله في احتفال في ذكرى المولد النبوي في الضاحية الجنوبية أمس، «من يخوّنون ويتّهمون ويعترضون على الاتفاق وتضييع الثروات، إلى انتظار النص النهائي، وحينها يمكنهم الاعتراض، ولكن بروح وطنية وموضوعية وليس بروح تصفية حسابات». وأضاف: «كمقاومة، ما يهمّنا هو استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية». ونبّه إلى أنه «في اللحظة التي يُوقع فيها الاتفاق، حينها يمكننا القول إن اتفاقاً أو تفاهماً حصل، وبعدها يتّم الاتّفاق على التسمية وما إذا كان اتفاقاً أو تفاهماً. المهم المولود وليس الاسم»، واصفاً ما تحقّق بـ«الإنجاز الكبير» الذي تحقّق «بالتضامن الرسمي والوطني». ولفت إلى أنه بعد إرسال المقاومة مسيّرات فوق كاريش قبل أشهر، «لم نكن بحاجة لإرسال مسيّرات ولا قطع بحرية لأن الهدف منذ البداية كان إفهام العدو أن المقاومة جادة في ما قالت. وهناك أمور كثيرة قامت بها المقاومة شاهدها الإسرائيلي وأدركها وسمع بها من خلال بعض الأنشطة التي توصل هذه الرسالة. وقد عمل الإخوة خلال الأشهر الماضية في الليل والنهار لنكون جاهزين لتنفيذ العمل ولردود الفعل الصادرة من قبل العدو ولما هو أبعد وأخطر، وجهود سنوات نُفّذت في أيام». وتوجه إلى قادة المقاومة ومجاهديها: «ستبقون على جاهزيتكم ويقظتكم إلى حين توقيع التفاهم، وبعد التفاهم يوم آخر».
الإجراءات التنفيذية
إجرائياً، أبلغ الوسيط الأميركي المسؤولين اللبنانيين أن رئيس حكومة العدو يضمن موافقة المجلس الوزاري المصغر وكذلك الحكومة الموسعة على الاتفاق، وأن الإعلان عن الموافقة يبقى مجمد التنفيذ إلى حين الانتهاء من إجراء سيتم التفاهم عليه مع الكنيست. وتبين أن سكرتير الحكومة الإسرائيلية أرسل ليل أمس إلى رئيس الكنيست نسخة عن المسودة وطلب عرضها على أعضاء الكنيست في جلسة اليوم. وذكر مكتب رئيس الكنيست ميكي ليفي، أنه «بناء على طلب الحكومة، وفي ضوء أهمية الموضوع، قرر رئيس الكنيست، السماح بطرح اتفاق تحديد الحدود البحرية الشمالية بين إسرائيل ولبنان، غداً (اليوم) في جلسة الكنيست، انسجاماً مع قرار الحكومة. وسيسمح طرح الاتفاق لأعضاء الكنيست بالنظر في تفاصيل الاتفاق في أسرع وقت ممكن مباشرة بعد جلسة النقاش التي ستجري في الحكومة».
أما المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية فقالت ليل أمس إنه «لا مانع قانونياً من الاكتفاء بعرض الاتفاق مع لبنان على طاولة الكنيست وإن كان من المرغوب عرضه على الكنيست والتصويت عليه». ولم يفهم بشكل دقيق ماهية الفكرة من العرض على الكنيست سواء لرغبة بالتصويت عليه سريعاً أو الاكتفاء بعرضه واستهلاك مهلة 14 يوماً (مهلة إيداع) قبل أن يكون للحكومة الحق بالتوقيع والتصرف بالاتفاق. وهذا يعني أنه بحسب الاتصالات الجارية الآن مع الأميركيين، فإن الإعلان الرسمي لتسليم أوراق المسودة موقعة لن يكون قبل السابع والعشرين من هذا الشهر. ما يعني أنه سيكون أمام لبنان وإسرائيل مهلة أربعة أيام فقط لإنجاز الخطوات التنفيذية قبل دخول لبنان في مرحلة الفراغ الدستوري في حال عدم انتخاب رئيس للجمهورية وقبل دخول إسرائيل الانتخابات النيابية التي حددت في الأول من الشهر المقبل.
ووفقاً للاتصالات الجارية، فإن المشاورات التي جرت بين الأميركيين والإسرائيليين تقضي بأن تعلن حكومة لابيد اليوم موافقتها على المسودة، ما يسمح للبنان بالإعلان عن الموافقة من خلال بيان أو رسالة يوجهها الرئيس عون إلى اللبنانيين اليوم أو غداً على أبعد تقدير. وبعدها يصار إلى انتظار الإجراءات الخاصة بمرحلة الإعلان الرسمي. وتشير التفاهمات الأولية إلى أن لبنان وإسرائيل سيوقعان على نسختين منفصلتين عن الاتفاق، ويقومان بإرسالهما إلى الولايات المتحدة. ومن ثم يتم إيداع نسخة من هاتين الرسالتين لدى الأمم المتحدة.
وحتى اللحظة يحق للرئيس عون أن يوقع على الرسالة أو انتداب من يوقع الرسالة عنه، وهناك نقاش مستمر حول طبيعة الوفد الذي سيتوجه إلى الناقورة لحضور الاحتفال، وحيث من المفترض – حتى اللحظة – أن يحضر الوسيط الأميركي بنفسه وأن يكون هناك ممثل رفيع عن الأمم المتحدة. ويقضي التصور الأولي بأن يقوم الوفد اللبناني بتسليم المسودة الموقعة إلى الوسيط الأميركي في غرفة منعزلة عن الغرفة التي يسلم فيها الوفد الإسرائيلي النسخة موقعة إلى الوسيط الأميركي نفسه. وعلى قاعدة أنه لن يكون هناك لقاء مباشر بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي بخلاف رغبة الجانب الإسرائيلي الذي يهتم باستخدام هذه الصورة في حملته الانتخابية.
الضمانة الأميركية
ومساء أمس، حرصت مساعدة رئيس حكومة العدو على تسريب ما اسموه بفحوى الاتصال بينه وبين الرئيس الأميركي. ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر سياسية مشاركة في المفاوضات، أن الولايات المتحدة التزمت بتقديم ضمان لأي احتمال لخرق الاتفاق من قبل الجانب اللبناني، وأن إسرائيل «ستحصل من الإدارة الأميركية على رسالة ضمانات توضح أن الولايات المتحدة ملتزمة بحقوق إسرائيل الأمنية والاقتصادية في سيناريو يقرر فيه حزب الله أو جهة أخرى تحدي الاتفاقية التي تم توقيعها».
وأضافت المصادر أنه «في أساس الرسالة ضمانات لخط الطفافات على أنه دفاع إسرائيلي وحماية الحقوق الاقتصادية لإسرائيل في حقل صيدا وكذلك منع عائدات الحقل من الوصول إلى حزب الله وفقاً للعقوبات الأميركية».
وفي بيروت، علمت «الأخبار» أن الرئيس الأميركي أبلغ الرئيس عون أن واشنطن ملتزمة أن تضمن التزاماً إسرائيلياً كاملاً بالاتفاق وأن الولايات المتحدة ستمنع أحداً في إسرائيل من خرق الاتفاق، وستكون الضامن الأكيد له.
لكن موقع «مكور ريشون» العبري نقل أمس عن مسؤول أميركي «وثيق الاطلاع على المفاوضات» أنه «لا توجد ضمانات بأن يلتزم حزب الله بالاتفاق» مشيراً إلى «أن الإنجاز الذي حققته إسرائيل هو توفر الأمن لمواصلة إنتاج الغاز على طول الساحل فيما إنجاز لبنان القدرة على الازدهار اقتصادياً».
إلى ذلك، فإن الجانب الفرنسي يعمل من جانبه على تقديم ضمانات إضافية للبنان ولإسرائيل، ويفترض أن تحمل وزيرة الخارجية الفرنسية معها إلى بيروت رسالة تؤكد على التزام شركة «توتال» العمل مباشرة بعد إعلان الاتفاق. كما سيجري تضمين اتفاق الشركة مع إسرائيل حول تسوية حقل قانا ضمن الاتفاق نفسه. ويبدو أن الجانب الفرنسي يريد أن يحجز لنفسه موقعاً في الاتفاق بما يسمح له بلعب دور سياسي أكبر في الشأن اللبناني، وهو أمر أثار سخرية جهات معنية لأن باريس كانت طوال فترة المفاوضات ملتزمة بما يطلبه منها الجانب الأميركي ولم تكن لديها أي مبادرة بكل ما يتعلق بالمفاوضات.