أسئلة مصرية ـ عربية قلقة

فلسطين المحتلة : مقتل وجرح 5 جنود صهاينة واستشهاد 3 مقاومين في عملية فدائية بالقدس   
طارق رضوان : الشعب المصري يرفض بيان مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لأنه “كله كذب فى كذب”
المغرب ينتقل إلى “التطبيع الرياضي” مع الكيان الصهيوني

يحتاج العرب إلى استعادة مصر. لا مستقبل لهم إلا بنهوضها. كل تفكر بالوضع العربي الراهن، والقادم، بل والماضي، “يصطدم” بالحالة المصرية. كيف السبيل من دونها : مصر، مركز المراكز العربية الكبرى. وإذا كان للإنشاء السياسي القطري أن يخترع بدائل “مصراوية” على ضفاف النيل، أو نظائر “قبائلية” بين كثبان الصحراء، فإن الفكر السياسي القومي قد جرّب، وتعلَّمَ، وهو يُعلِّمُ تقدير الوزن المصري، ويبحث في كيفية تحويله من عبء على المستقبل العربي إلى قدرة لبلوغه. يأتي مقال وائل عبد الفتاح (1) في هذا الإتجاه، يحمل تفاصيل مؤلمة، وفجة، ومحيرة، تفاصيل يجمعها خيط واحد : استعادة مصر. هنا نص المقال :

هناك أكثر من مصر. واحدة تصلح كرجل المنطقة المريض. وواحدة تبشّر بتغيير قد ينتهي بعقد اجتماعي جديد. والثالثة تحتل المستقبل بقوة اقترابها من السلطة الحالية. أي واحدة تصنع مستقبل الكيان الكبير الذي يبدو أنه في أزمة؟

«صدمة الدوحة»

جمال مبارك وزوجته في شرم الشيخ مطلع الأسبوع الجاري (عمّار عوض ـــ رويترز)ظهر جمال مبارك. خرج من مرحلة الكمون وتحدث ٤ مرات (كلها للتلفزيون) في أسبوع واحد أثناء زيارته الحزبية لباريس وخلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ. الظهور المكثف إعلان للعودة بعد اختفاء عن الواجهات الإعلامية والسياسيّة في أعقاب إضراب نيسان، الذي سببه اندفاع المجموعة المحسوبة على جمال مبارك في تنفيذ سياسات اقتصادية جديدة لا تراعي شعرة التوازن الاجتماعي. هذه السياسات دفعت شرائح واسعة من المجتمع المصري (هي الجيش الاجتماعي للنظام) إلى الخروج عن الصمت وإشعال ثورات عنف لم يواجهها نظام حسني مبارك طوال ٢٧ سنة من الحكم.

اختفى جمال مبارك وقتها. وكان هذا إشارة إلى استعادة حراس الدولة القديمة زمام الأمور بعدما تركوا «السيارة ليلهو بها الصغار… وها هم يدفعونها للسقوط وتدمير الجميع»، كما تخيّل سياسي خبير بحساسية الأجنحة في نظام مبارك.

جمال مبارك عاد قبل منتدى «دافوس» بقليل. وفي جولة إلى فرنسا، بدت كمهمة خاصة رغم طبيعتها الحزبية المعلنة، تردد أن جمال سعى إلى سند أوروبي بعد فتور الأميركيين لمساعدة مبارك ونظامه على تجاوز الأزمة الداخلية (المالية بالأساس)، التي عقّدها هذه المرة انسحاب النظام من ملفات خارجية تشحنه معنويّاً (كما كان يحدث أيام جمال عبد الناصر) أو توفّر له دعماً ماليّاً (كما حدث حين شاركت مصر في حرب الخليج ١٩٩٠).

نظام مبارك مندفع تجاه أزمة مركّبة. وجمال مبارك ومجموعته جزء من الأزمة وبعيدون عن الحل. فهم لم يحدثوا نقلة في النظام على مستويات النظرة إلى الإصلاح أو العلاقة بين النظام والعالم. وبقيت النظرة المسيطرة والوحيدة هي نظرة نظام الأب، الذي يرى أن الإصلاح مجرّد تغيير في الواجهات من أجل الاستمرار على رأس السلطة، وأقصى تنازل هو التحوّل من الاستبداد الشامل إلى الاستبداد بالقطعة، أي فك قبضة النظام قليلاً لتسمح بهامش حريات يتيح النقد الخفيف ولا يسمح بالمشاركة أو استعادة الحريات الأساسية في نظام ديموقراطي.

وفي ما يتعلّق بالعلاقة مع العالم، استمرت سيادة نظرة الأب، الذي استخدم وزن مصر التاريخي مجرد ورقة أو رصيد للاستدانة. بروباغاندا الإعلام تذيع يومياً أغاني عبد الحليم حافظ وأم كلثوم من «والله زمان يا سلاحي» و«أمجاد يا عرب أمجاد»، بينما خطابات الرئيس وتصريحات مساعديه تسير في الاتجاه المعاكس. نظام بلا اتجاه.

المجموعة الجديدة بقيادة ابن الرئيس لم يكن لديها رؤية مختلفة (على مستوى الإصلاح السياسي ولا في العلاقة مع العالم). في حواراته التلفزيونية، لم يخرج الابن عن نص أبيه، سواء وهو يتحدث عن «الإخوان المسلمين» والمعارضة وتداول السلطة في مصر أو حول العلاقة مع إسرائيل وأميركا والعرب.

نسخة عن أبيه، لكن من دون خبرته. تركز دفاعه على سياسات خاصة في مجال الاقتصاد يتخيل أنها ملعب نجاحاته ومنصة انقلابه الكبير. صدمة الإضراب قلصت الشعور بالانتصار. كما أن أميركا لم تمنحه بعد الضوء الأخضر لخلافة أبيه. أي إنه حارب من أجل الاندماج وإحداث تحويل في المجري الاقتصادي ليبدي نوعاً من الالتزام بالنموذج الأميركي. التزام من دون تغيير في بنية النظام بدت معه سياسات الإصلاح الاقتصادي (على طريقة جمال ومجموعته) ربطات عنق للتباهي أمام الأميركيين، لكنها تخنق المصريين.

وهذا أضعف حضور مبارك الابن في قلب نظام الأب، الذي أعاد فرض سيطرته وأجبر الحرس الجديد على إعادة ترديد خطابه. أي إن المجموعة التي كانت تستعد للقفز إلى السلطة مع ابن الرئيس فشلت في نشر وهم أن مشروعها نقيض للنظام القائم أو حتى تصحيح لمساراته. ولم يحدث انتقال مصر من موقعها القديم إلى مواقع تدمجها أكثر في رؤية العالم لمنطقة الشرق الأوسط. ولم تتحرّك رؤية النظام (بحرسه القديم والجديد) لتجدد حضور مصر الكيان الأكبر ومركز المنطقة العربية. بقي الدور القديم في إطار الحنين لزمن أناشيد العروبة. وبقيت البراغماتية السياسية طريقة للهرب من المسؤوليات.

حدث تجاور سلبي بين أفكار قديمة عن مصر، قائدة العروبة، وخطوات الانسحاب من دورها القديم على اعتبار أنه دور حربي ينهكها اقتصادياً ويحرم شعبها ترف الحياة السعيدة. التجاور خلق حالة معقدة: عواطف مهزومة وأداء ضعيف. ومصر لا تزال منهكة رغم أن آخر حروبها كانت في 1973. ولم تكن هي آخر الحروب، فقد أجبرت على خوض حرب «تحرير الكويت»، رغم أنها كانت ضد أمنها القومي. وأجبرت على دور الوسيط بعدما كانت طرفاً وشريكاً. وأجبرت على كسر إرادتها وتحطيم جهاز مناعتها. وللمرة الأولى تصبح في النظام الإقليمي الجديد مجرّد دولة عادية. دولة تعيش تحت الرعاية والسيطرة الأميركية (كما وصفتها خريطة الشرق الأوسط الجديد المنشورة العام الماضي في صحيفة «نيويورك تايمز»).

لا يملك الحرس (القديم أو الجديد) فكراً متطوّراً لمفاهيم الأمن القومي، ولا لموقع مصر من الخطط والخرائط الجديدة. ليس هناك تفكير. النظام يعمل بعقل قديم ليصل إلى نتائج مختلفة. تفكير موظفين تنتصر إرادتهم ومواهبهم في تسيير المركب لا في اختيار طريقها ولا في نتائج رحلتها.

ولم يكن لدى مبارك الابن خطاب مختلف عن موقع مصر. مجرد صدى لخطاب اعتدال أثبت عدم فعاليته، لأنه اعتدال ينحاز إلى طرف (في الأزمة اللبنانية مثلاً) أو ينفذ خططاً لم يشارك في صنعها (وهذا ما دفعه إلى الفشل حتى في اتفاق التهدئة بين «حماس» وإسرائيل). وبدت مصر كياناً كبيراً منهكاً يبحث عن موقع تحتله الكيانات الصغيرة. والنظام بماضيه وحاضره ومستقبله الذي يبشر به وقف حائراً وهو يتلقّى الصدمة من الدوحة.

فاتورة الخروج من تحت الأرض

اشتعلت معركة نقابة المحامين. هكذا فجأة ومن دون مقدمات، صدر حكم قضائي ببطلان انتخاب سامح عاشور نقيب المحامين قبل أربعة أشهر فقط من انتهاء ولايته الثانية، في وقت قفز فيه قانون المحاماة إلى جدول أعمال مجلس الشعب

«خطّة»، هكذا يصف المتابع أحداث نقابة المحامين المصريّة، مشيراً إلى أن هدفها الأوّل وربما الوحيد: استرداد الأرض التي خطفها «الإخوان المسلمون» في ظل انهماك النظام في التسعينيات بحربه مع جماعات العنف الإسلامي المسلح. «الإخوان» يؤلفون مجلس النقابة بالكامل، والنقيب بينهم غريب ووحيد ومحاصر. والانتخابات المقبلة كان يمكن أن تأتي بنقيب «إخواني». الحل هو استمرار سامح عاشور، المرشح المناسب؛ فهو ليس حكوميّاً (ناصري) ومكروه من «الإخوان». لكن القانون لا يسمح للنقيب بالترشح أكثر من دورتين، وهو ما يحتاج أولاً إلى الإقرار ببطلان انتخابه فتصبح الفترة السابقة باطلة ولا تحتسب له. ثم يأتي القانون ليتيح للنقيب عدداً غير محدود من الدورات. كما أنه لا بد من فترة انتقالية يبعد فيها «الإخوان» عن المجلس ليفقدوا أهم أدواتهم الانتخابية، وهي الخدمات.

الخطّة واضحة الآن، والخطوات باتجاه التصعيد بعدما حوصر مجلس «الإخوان» بالحكم والقانون. والحل إما في فرض الحراسة على النقابة، أو في تأليف مجلس يدير النقابة مؤقّتاً. وفي الحالتين الهدف هو إبعاد «الإخوان» عن خدمات النقابة، البوابة السحريّة للفوز بأصوات المحامين.

الحل الأقرب هو المجلس المؤقت (يصدر به قرار من رئيس الجمهورية) والاحتمال الأقوى أن يترأسه سامح عاشور، الرجل المناسب في خطة استرداد النقابة من «الإخوان». الخطة تسير بقوة، ولن توقفها طعون «الإخوان». فالتصميم واضح من جهات لها الكلمة العليا في إدارة الدولة على إعادة السيطرة وإعادة «الإخوان» إلى مربع العمل السري والعمل في المساجد.
الجماعة خطفت مساحات أرض سياسية في التسعينيات، والنظام يريد الآن استعادتها، أولاً عبر ضرب خيرت الشاطر، حامل المفاتيح السياسية والمالية في إدارة التنظيم، ثم إبعاد المرشحين عن المجالس المحليّة بالقوة، والآن الإبعاد عن النقابات، وأخطرها نقابة المحامين (٤٠٠ ألف عضو) بثقلها السياسي والتاريخي.

خطف النقابات كان عملية سهلة قبل التفات النظام سنة ١٩٩٠ إلى أن القانون القديم كان يتيح اكتمال الجمعيات العمومية بأي نسبة، فتمكن «الإخوان» من السيطرة على كل النقابات المهنية، واضطر النظام إلى فرض الحراسة على ٦ منها (بينها نقابة المحامين) قبل أن يعدل في القانون ليصبح اكتمال الجمعية العمومية بالثلث.

خطة استعادة الأرض المخطوفة ستبدأ بالمحامين، لكنها لن تتوقف. ولا تزال نقابة المهندسين تحت الحراسة منذ أكثر من ١٠ سنوات، رغم صدور أحكام قضائية بفض الحراسة. لكن النظام لم يعثر في المهندسين على رجل بقدرات سامح عاشور.

وقد لا يستخدم النظام أسلوب فرض الحراسة القضائية وسيعتمد على تغيير القانون ليبعد «الإخوان» عن المشاركة في المدى الطويل. وهو ما حدث خلال الفترة الأخيرة حين أُضيفت مواد في الدستور تمنع استخدام شعارات دينية في الانتخابات.

الجماعة فقدت بوصلتها للرد على خطة إبعادها عن المساحات التي احتلتها في السنوات الأخيرة. وتتضارب مواقفها من الإعلان مجدداً عن التحول إلى حزب سياسي مع إبقاء صيغتها الدعوية.

وهذا نقاش عاقل وموضوعي في إطار تصحيح الوضع السياسي، لكن المرشد العام محمد مهدي عاكف يطل بين لحظة وأخرى بفورات صادمة، مثل تصريحه الأخير عن أن أسامة «بن لادن مجاهد يبتغي مرضاة الله»، وهو خطاب غريب في توقيت الأزمة التي قد تكون الأكبر في تاريخ الجماعة. إذ تحاصرها أجهزة النظام في ظل غياب أمراء الإدارة والمال في المعتقلات وانكشاف القوة الحقيقية لأجهزتها في الشارع، بعدما رفضت إضراب نيسان فاشتعل، واشتركت في إضراب أيار ففشل.

المرشد الأول حسن البنا لم يحلم بحكم مصر، لكنه وضع بذرة حلم رومانسي بدولة تعيد مجد الخلفاء الراشدين. دولة تحكم بالقرآن، وتسير على درب سنّة النبي محمد. رومانسية داعبت المشاعر المهزومة من الاحتلال. وأدخلت معها العشرات والمئات في لعبة خطيرة تخلط الدين بالسياسة. لم يكن «الإخوان» رجال مؤسسة دينية يحكمون باسم قداسة السماء ويحملون صكوك الغفران، لكنهم استمدوا جاذبيتهم من كونهم على الهامش، في المعارضة بعيداً عن السلطة.

جاذبية كادت أن تنتهي حين أرادوا اقتسام السلطة مع الضباط الأحرار، لتكون الشرارة الأولى لحرب بين السلطة و»الإخوان» مستمرة حتى الآن. هذه الحرب هي سر جاذبية «الإخوان» بعد ظهور لاعبين أكثر تطرّفاً في الغرام بلعبة الدين والسياسة.

المدهش أن «الإخوان» هم الوجه الآخر للسلطة. رغم أنهم يعيشون أزمة منتصف العمر، فهم يحبون صورتهم الجديدة تنظيماً معتدلاً ينعم بتوازن مع السلطة ومع كل التيارات الأخرى. وفي الوقت نفسه لا يستغنون عن أوهام التنظيم الكبير المكتسح للجميع. وهي خرافة لكن الجميع يصدقها. فالصورة المتخيلة عن «الإخوان» أضخم بكثير من الصورة الواقعية، وهم يعيشون على الخرافة، التي لو صحّت لكانوا قادرين على الوصول إلى السلطة بسهولة الانتقال من حجرة النوم إلى الحمام.
«الإخوان» في هذه اللحظة يدفعون فاتورة الخروج من تحت الأرض.

راقصة لتغطية الفساد

دينا في أحد عروضها في مصراهتمت الصحافة الحكومية بأزمة رقص دينا في مدرسة ثانوية. الصحافة أقامت الدنيا ولم تقعدها، فالرقص هزّ عروش الأخلاق وجرح مشاعر الشرف الرفيع وهدم جيلاً بالكامل. الحكومة، وعلى لسان وزير الدولة للشؤون القانونية مفيد شهاب، حمدت ربها لأن التعاقد لم يتم عبر الإدارة التعليمية، وأنها براء من جريمة «إفساد الجيل».

هذه الحكومة لم تردّ على فضيحة الرشوة التي تلقّتها جهات رسمية لتمرير صفقة إنشاء مشروع مصنع شركة «أجريوم» الكندية، أو على تفاصيل صفقة الغاز مع إسرائيل. الحكومة لم تعتذر أو توضح موقفها من صفقات يرى أهل السياسة أنّها «نكسة جديدة»، كما يرى المجتمع في صفقة «أجريوم» جريمة لقتل شعب دمياط (المكان المتفق عليه لإقامة المصنع).

والحكومة صامتة. تتفاوض سراً. ولا تصدر بياناً لتوضيح الموقف. لكنها مع دينا كانت سريعة. غسلت يدها وطمأنت الشعب إلى أجياله، وألقت التهمة على اتحاد الطلاب. الحكومة استجابت للدعوى القضائية التي أقامها نبيه الوحش، وهو ظاهرة وحده. محامٍ محترف قضايا ومهووس بالشهرة. يقيم دعاوى تافهة لكنها تربك المجتمع، آخرها تطالب بسحب الجنسية من الكاتبة نوال السعداوي رفضتها المحكمة، لكنها استغرقت في الجدل الاجتماعي واحتلت مساحات لا يستهان بها في الصحف. فالصحافة تتلقّف هذه القضايا باعتبارها مادة مثيرة تجذب الرأي العام وكلها تتشابه في كونها تتعلق بالحرية الشخصية. والمجتمع جاهز للاستفزاز من الحرية الشخصية والخروج عن القطيع، يفرغ فيها كل طاقات الكبت السياسي.

دينا نفسها بطلة معارك كثيرة من هذا النوع. حين أراد كبار في السلطة التخلّص من منافس في التجارة مثل حسام أبو الفتوح، الملياردير صاحب توكيلات سيارة «بي أم دبليو»، أخرجوا من خزانته الشخصية تصويره للقاء جنسي مع دينا حين كانت زوجته. مصر كلها شاهدت الشريط ونسيت عملية الانتقام. ودينا انتُهكت خصوصيتها. نموذج ملابسها وجسدها استُخدم في سبيل أن تنام الحقيقة وتدفن الروؤس في الرمال. ويشعر المجتمع بأنه انتصر على الفساد عندما هاجم دينا التي في كل مرة تكشف التضحية بها جزءاً من عورات المجتمع.

عندما لم تستطع قوات الأمن حماية الفتيات في أحد الأعياد من ثورة الكبت الجنسي، قالت صحف الحكومة إن دينا وراء هياج الشباب. لكن دينا استمرت وانكشفت فكرة الخلل الاجتماعي والأمني من وراء ثورة الجوع الجنسي في قلب العاصمة.

الصحافة الحكومية هنا تؤدي دوراً مهماً في تضخيم القضية وتصويرها بطريقة تجعل الدفاع عن الأخلاق بديل الدفاع عن السياسة. واتخاذ موقف من استضافة دينا في حفل مدرسي يغطي على فساد التعليم بكامله، بدايةً من الفساد الإداري والرشى إلى الفشل في صناعة متكاملة والاعتماد على توكيلات تعليمية من بريطانيا وأميركا وألمانيا وأخيراً كندا، وحتى الاستسلام لمناهج متخلفة ومافيا دروس خصوصية تدير ٦ مليارات جنيه سنوياً رغم أنها غير شرعية.

الصحافة هي منصة إطلاق الصواريخ الملوّنة لإلهاء الجمهور المتعطش لتحطيم دمية عوضاً عن حل الأزمة. وليس هناك دمية أكثر إغراءً من دينا طبعاً.

Please follow and like us:

COMMENTS