بعد 45 عاماً على توقيع النظام المصري السابق “اتفاقية كامب ديفيد”، تفشل “إسرائيل” في اختراق وجدان الشعب المصري ووعيه الجمعي، لكي يقبل بأهم تبعات هذه الإتفاقية المذلة، وهو التطبيع مع الإحتلال “الإسرائيلي”. وقد ظهرت تقارير في الكيان الصهيوني تعبر عن “خيبة الأمل” من اقتصار التطبيع على الحكومة المصري دون “الشعب المصري الذي يكره إسرائيل”.
وقال الخبير السياسي المصري محمد السيسي : “لقد استقر فى الضمير الوطني الجمعي رفض إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، حيث يدرك المصريون على اختلاف توجهاتهم وثقافاتهم أن الصراع العربى الصهيوني صراع وجود وليس صراع حدود، فالأرض واحدة وطالب الأرض اثنان”.
وأضاف السيسي: “ستبقى إسرائيل فى العقل المصري والعربى، كيانا عنصريا استعماريا، يستهدف الدول وثروات الشعوب، ويسعى للهيمنة على الوطن العربي من المحيط إلى الخليج..لن تفرط إسرائيل فى مصالحها التى تتعارض مع المصالح العربية، ولن تتخلى عن خططها وأهدافها وسياساتها، التى صاغتها إداراتها ومراكز أبحاثها عبر سنوات وسنوات، مهما اختلفت الأشكال، وتباينت التصريحات”.
وأكمل: “الأمر ببساطة، وبخبرة 7 آلاف سنة.. فإن التطبيع هدف صهيوني، يسعون إليه سرا وعلانية، منذ مبادرة “روجرز”، وبعدها “كامب ديفيد”، وطرحوه في كافة المفاوضات التالية لذلك، من “مؤتمر مدريد” إلى “اتفاقية أوسلو”، ولا يكفيهم الاعتراف الرسمي، بل يطلبونه تطبيعا شعبيا، يسمح لهم بالاندماج فى المنطقة، فكيف نمنحهم ما يريدون؟! أو بالأحرى، كيف تكون مواجهة المحتل الغاصب بتنفيذ مطالبه ومخططاته وتحقيق أهدافه؟!”
وتابع محمد السيسي: “السؤال: متى توافقت المصالح والأهداف المصرية – الإسرائيلية؟ هل مصالحنا مشتركة فى قضية الصراع العربي الصهيوني؟ هل التقت أهدافنا، مثلا، في العـراق..في سوريا..في ليبيا..في السودان..في اليمن..في الصومال، أو في أي بقعة على وجه الكرة الأرضية؟”
واستطرد السيسي: “القرائن والأدلة، والمقدمات والنتائج تؤكد لكل صاحب عقل، أننا أمام عدو يتربص بنا، وستظل دماء الأطفال والرضع والنساء والشيوخ، والمجازر والمذابح والجرائم ضد الإنسانية فى بحر البقر وأبو زعبل وغيرها، ودماء المصريين التى سالت خلال الصراع العربى الصهيوني، حاجزا ضد التطبيع مع هذا الكيان العنصري”.
أما الباحث والمحلل السياسي محمد سيف الدولة فيقول: “إن شبابنا بعد الثورة لم يحاصر أو يقتحم سوى سفارة واحدة هي سفارة إسرائيل، وكان أول حصار لها يوم 8 أبريل 2011 بعد أول عدوان صهيوني على غزة بعد الثورة المصرية، وكانت مصر عامرة على الدوام باللجان الأهلية للإغاثة ودعم الانتفاضة والمقاومة والقدس والأقصى”.
وأضاف محمد سيف الدولة: “إلى يومنا هذا، تشكل أقصى تهمة أو سبة يمكن أن يتراشق بها الخصوم السياسيين فى مصر، هى الاتهام بالصهيونية، وفي مصر، تمت أكبر عملية تجريس وعزل وطني وسياسي وثقافي واجتماعي لكاتب وأديب مرموق لأنه تجرأ ومارس التطبيع الشعبي وزار الكيان الصهيوني وكتب كتابا بعنوان: رحلتي إلى إسرائيل”.
وأردف: “إن الكثير من الشباب فى مصر يستبدل صورته الشخصية على حسابه فى مواقع التواصل الاجتماعي بصورة القدس أو فلسطين أو أحد الشهداء الفلسطينيين، لأنه يجدها أكثر تعبيرا عن هويته ومبادئه وقيمه..إلى آخر آلاف المواقف والأحداث والفاعليات والمعارك الأخرى الدالة والمؤكدة على الرفض الشعبي الثابت، والقاطع للاحتلال ودولته وللتطبيع معه”.
تقرير “إسرائيلي” : “الشعب المصري يكره إسرائيل”
وكانت صحيفة “معاريف” الصهيونية قد نشرت تقريراً في “يوم التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية”، قال أنه بعد 45 عاما من “الزيارة الصادمة” التي قام بها الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى القدس المحتلة، فإنه “يجب على إسرائيل أن تجد طريقة لاتفاقية سلام مع الشعب المصري”.
وقالت الصحيفة الصادرة في فلسطين المحتلة في تقرير نشرته أمس، إنه “يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تجد وسيلة للتغلغل في للشارع المصري، بسبب حالة البرود الشديدة التي تشهدها العلاقات على مستوى الشعبين”.
وأوضح تقرير الصحيفة أن “45 عاما مرت على زيارة السادات ولا يزال الشعب المصري يكره إسرائيل، ولا يعترف باتفاقيات السلام الموقعة بيننا، وأن هذه الزيارة تركت أفواه الكثيرين في إسرائيل مفتوحة من الصدمة حتى الآن”.
وأشارت الصحيفة المذكورة إلى أن “السادات عقب توليه الحكم بعد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كان عليه أن يثبت أنه سيكون رمزا آخر للبلاد، بعد أن كانت صورته رمادية في ذلك التوقيت، فاتخذ قرارين هزا إسرائيل، القرار الأول كان الحرب ضد إسرائيل وتمكنه من دحر القوات الإسرائيلية من قناة السويس وأطلق عليه لقب بطل العبور، والقرار الثاني عندما اتخذ قرار الذهاب إلى إسرائيل لعقد اتفاق سلام معها، الأمر الذي واجهه الشعب المصري بالرفض التام”.
وتضمن التقرير نبرة احتجاجية ضد مصر، إذ قال : “إن مصر تحتفل سنويا بانتصارها على إسرائيل ولا تحتفل أيضا باتفاقية السلام معنا، أما بخصوص وصول السادات إلى القدس فإسرائيل فقط هي من تحتفل بها، بينما يشعر المصريون بالعار من هذه الاتفاقية، مشيرة إلى أنه بالرغم من إبرام تل أبيب اتفاقيات مماثلة مع المغرب والسودان والأردن والإمارات والبحرين، إلا أنها بعيدة كل البعد من ذكرى زيارة السادات الصادمة”.
وختمت الصحيفة العبرية بالسؤال : “هل سيستمر الوضع في إقامة علاقات مع القادة العرب فقط أم ستسطيع إسرائيل تغيير المعادلة بأن تتغلغل بالعرب أنفسهم؟”.
“مصر دولة معادية”
وكان عضو البرلمان “الإسرائيلي” رئيس حزب “نوعام” آفي ماعوز قد صرح أمس بأن مصر “دولة معادية” لـ”إسرائيل”. وماعوز هو أحد حلفاء رئيس الحكومة الجديدة التي كلف بنيامين نتنياهو بتشكيلها، خلفاً لحكومة يائير لبيد التي تصرف الأعمال في الكيان الصهيوني حالياً. وأضاف ماعوز إن “المصريين جنود أعداء حاولوا تدمير دولة إسرائيل”.
المصدر : موقع تلفزيون روسيا اليوم
الخميس، الأول من كانون الأول/ديسمبر، 2022